25 - 10 - 2014, 04:49 PM | رقم المشاركة : ( 6691 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
صنع يسوع المعجزات الكثيرة
التي تنبّأ عنها أَشَعيا النَّبي نصّ الإنجيل وأخبَرَ يوحنَّا تلاميذُهُ بهَذِهِ الأمورِ كلِّها، فدعا اثنَيْنِ مِنْ تلاميذِهِ وأوفَدَهُما إلى الربِّ ليَقولا لَهُ : " أأنتَ الآتي ؟ أم نَنتَظرُ آخَرَ ؟ " فلَمَّا مَثَلَ الرجُلانِ بينَ يدَيْهِ قالا لَـهُ : " إنّ يوحنَّا المَعْمَدان أوفَدَنا إليكَ لنقولَ : أأنتَ الآتي ؟ أمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ ؟ ". فشَفى يسوع في ذَلِكَ الحينِ أُناساً كثيرينَ مِنَ الأمْراضِ والعِلَلِ والأرواحِ الخَبيثَةِ، ورَدَّ البَصَرَ لكثيرٍ مِنَ العُميان، ثُمَّ أجابَهُما : " اذهَبا فأخْبِرا يوحنَّا بِما سَمِعْتُما ورأيْتُما : فإنَّ العُميَ يُبصِرون، والكُسْحانَ يَمْشون، والبُرْصَ يَبْرأَون، والصُمَّ يَسْمَعون، والمَوتى يَقومون، والفُقَراءَ يُبَشَّرون. وطوبى لِمَنْ لا يَشُكُّ فيَّ ". (لوقا 7/18-23) انعزال يوحنَّا المعمدان في السجن كان يوحنَّا المعمدان سجيناً في مغارةٍ حُفِرت تحت قصر هيرودس الملك. وكان سجنه قاسياً جدّاً فقطعه عن العالم الخارجي. ومع ذلك كان تلاميذه يأتون إليه في بعض الأوقات وينقلون إليه الأخبار عن يسوع وعن معجزاته ومواعظه، وعن إقبال الناس إلى الاستماع إليه. إنّ الانعزال الشديد الذي فُرِض على يوحنَّا وهو مقيّدٌ في المغارة المُظلِمة قد أثّر في ذهنه تأثيراً سيّئاً. لقد عمَّد يسوع، ورأى روح الله ينزل عليه، وسمع صوت الله الآب يشهد لـه بأنّه ابنه الحبيب، وأعلن أمام الجميع، وهو يعظ على ضفّة نهر الأردن، أنّ يسوع حملُ الله، وأنّه المسيحُ عريسُ الكنيسة. كان إيمانه آنذاك كالصّخر لا يتزعزع. ومع ذلك، فإنّ الوحدة الموحِشة التي كان يعيشها أنشأت في قلبه الاضطراب، وزرعت في عقله الشكَّ برسالة يسوع. وأراد أن يتخلّص من وخز هذا الشكّ المؤلم، فاختار اثنين من تلاميذه وأرسلهما إلى يسوع ليطرحا عليه هذا السؤال الخطير: " أأنتَ الآتي أم ننتظرُ آخرَ ؟ " أيْ، هل أنتَ المسيحُ الذي تنبَّأَ عنه الأنبياء، أم ننتظر رجلاً آخر يكون هو المسيح ؟ رسولا يوحنَّا شاهدا معجزات يسوع وانطلق الرسولان من السجن وجاءا إلى يسوع ليطرحا عليه سؤال يوحنَّا المعمدان. فلمّا وصلا إليه رأيا جمهوراً غفيراً يحيط به ويزحمُهُ، وبينهم كثيرون من المرضى وذوي العاهات والممسوسين، وهم يسترحمونه ويسألونه الشفاء من أمراضهم وعاهاتهم وأوضاعهم البائسة. فلم يتمكّنا من التحدّث إليه بسبب الازدحام، فوقفا يشاهدان المعجزات التي كانت تتدفّق من يدَيْه الإلهيتَيْن وتشفي جميع المعذَّبين. ولمّا انتهى يسوع من صنع مئات المعجزات، وخفّ الضغط عليه من قِبَلِ الجمع، أقبلا إليه وقالا له : " أرسلَنا إليك يوحنَّا المعمدان السجين، وهو يطرح عليك هذا السؤال : أأنتَ الآتي أم ننتظر آخر ؟ " جواب يسوع استند إلى معجزاته لم يُجب يسوع عن سؤال يوحنَّا مباشرةً بقوله : " بلى ! أنا الآتي، أنا المسيحُ الموعود، وقد جئتُ إلى العالم "، بل أشار إلى نبوءة أشعيا النَّبي التي ذكرت معجزات المسيح الكثيرة. إنّ هذه المعجزات تقول لِمَنْ يريد أن يفهم معناها : " إنّ من يصنعها هو المسيح الموعود ". لذلك قال يسوع للرَسولَيْن : اذهبا واخبرا يوحنَّا بما سمعتما ورأيتما. فإنّ العميَ يبصرون، والكسحانَ يمشون، والبُرْصَ يبرأُون، والصُمَّ يسمعون، والموتى يقومون، والفقراء يُبَشَّرون. وطوبى لمن لا يشكُّ فيَّ " . إنَّ المُعجزات الكثيرة التي صنعها يسوع، كما تنبّأَ عنها أشعيا النّبي، أزالت عن قلب يوحنَّا المعمدان كلَّ شك، وأعادت إليه الإيمان الوطيد الذي كان يتأجّج فيه يومَ عمَّدَهُ في الأردن. طوبى لمن لا يشكُّ في يسوع المسيح إنّ الشكَّ يهدم الإيمان، ويُدمّر المحبَّة، ويُبعد المسيحي عن يسوع. لقد شكَّ يوحنَّا بيسوع لا لأنّه تخلّى عن الإيمان به والمحبَّة لـه، بل لأنّه ابتعد عنه بُعداً ماديّاً في سجنه العميق، فلم يعد يشعر في نفسه، بسبب هذا الانعزال الرهيب، بحرارة القرابة الروحيّة التي كانت تشدّه إلى يسوع، وتُنعش إيمانه ومحبّته. هكذا كلُّ من ابتعد عن يسوع بُعداً روحيّاً، غزا الشكّ قلبه فتزعزعَ إيمانُهُ وانطفأَ فيه لهيب المحبَّة. إنّ المسيحي يبتعد عن يسوع متى أهمل الصلاة اليوميّة، والقيام بواجباته الدينيّة، وأعرض عن سلوك حياة التقشّف، والخدمة، وتقديم المثل الصالح والمحافظة على وصايا الله، ولا سيّما وصايا العدل والمحبّة والأخلاق السليمة. وهنأَ يسوع كلّ مسيحي لا يشكّ فيه، بل يتمسّك بإيمانه وإخلاصه لـه. فمن تغلّب على الشكّ كان من أخصّاء يسوع وأحبّاءه : "وطوبى لِمَن لا يشكُّّ فيَّ ". التطبيق العملي 1- إنّ أسباباً كثيرة تُنشئ الشكّ في قلبك، أيّها المسيحي، أهمُّها القراءاتُ التي تحارب الإيمان المسيحي، والابتعادُ عن سماع كلام الله، وعدمُ التأمّل في أقوال الإنجيل، ومعاشرةُ الرفاق المُلحدين واللاَّمبالين بشؤون الدين. فأحذرْ هذه الأخطار التي تهدّ أركان إيمانكَ بيسوع، وتُبعدكَ عنه بُعداً روحيّاً، وتُزيل عن قلبك المحبّة له. 2- إنّ بعض المسيحيّين يشكّون في معتقدات الدين المسيحي لأنّهم لا يفهمونها. إنّ هذه المعتقدات تعبّر عن حياة الله الداخليّة، وعن مخطّطه الإلهي في سبيل خلاص الإنسان، وعن شخصيّة يسوع الفائقة الوصف، وهي حقائق روحيّة أسمى من أن يستوعبها عقل الإنسان المحدود. إن الموقف الديني الصحيح هو أن نؤمن بها وإنْ كانت تفوق إدراك عقولنا لأنّها تعبّر عن الوحي السماوي الذي أطلعنا عليه يسوع المسيح. فهو الإله الصادق الذي لا يغشّ ولا يتسرّب إليه الغشّ. فنحن نؤمن بالوحي الإلهي الذي جاءَ به يسوع، لا لأنّه على مستوى عقولِنا الضعيفة، بل لأنّه كلامُ الله والحقيقة الكامِلة النازلة من السماء. |
||||
25 - 10 - 2014, 04:50 PM | رقم المشاركة : ( 6692 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مشى يسوع على الماء وشفى المرضى الكثيرين نصّ الإنجيل واضطرَّ يسوع التلاميذَ عندئذٍ أن يركَبوا السَفينَةَ ويتَقَدَّموهُ إلى الشاطئِ المُقابِلِ حتّى يصرِفَ الجَمع. ولَمَّا صَرَفَهُم صَعِدَ الجَبَلَ ليُصَليَّ في العُزْلَة. وكان في المساءِ وحْدَهُ هُناكَ. وأمَّا السفينةُ فقد بَلَغَتْ عُرْضَ البَحْرِ وطَغَتْ الأمواجُ عليها، لأنَّ الريحَ كانت مخالِفَةً لها. فعِندَ الهَزيعِ الرابِعِ مِنَ الليلِ، جاءَ إليهم ماشياً على البَحر. فلمّا رآهُ التلاميذُ ماشياً على البَحْرِ اضطَرَبوا وقالوا : " هذا خيال ! ". واستولَى علَيْهم الخَوفُ وصَرَخوا. فبادَرَهُم يسوعُ بقَولِهِ: " سكِّنوا رَوعَكُم. أنا هو، لا تخافوا ". فأجَابَهُ بطرس: " رَبِّ، إنْ كُنتَ إيّاه، فمُرْني أنْ آتيَ إليكَ على الماء ". فقالَ لَهُ : " تعالَ ". فنَزَلَ بطرُسُ مِنَ السَفينَةِ يمشي على الماءِ آتياً نحوَ يسوع. ولَكِنَّهُ خافَ عِندَما رأى شِدَّةَ الريحِ فأخَذَ يَغْرَق، فصَرَخَ : " رَبِّ، نَجِّني ". فمَدَّ يسوعُ يدَهُ مِنْ ساعَتِهِ وأمسَكَهُ وهوَ يقولُ لهُ : " يا قليلَ الإيمان، لماذا شكَكْتَ ؟ " ولَمَّا ركِبا السفينةَ، سَكَنتِ الريحُ . فسَجَدَ لهُ الذينَ كانوا في السفينةِ وقالوا : " أنتَ ابنُ اللهِ حقّاً ". وعَبَروا حتّى بَلَغوا البَرَّ عِندَ جَنِسارِت. فَعَرَفَهُ أهلُ تِلكَ البَلْدَة، فأرسَلوا بالخَبَرِ إلى تِلكَ الناحيَةِ كلِّها، فأتَوْهُ بجَميعِ المرضى، وأخَذوا يسأَلونَهُ أنْ يَدَعَهُم يلمِسون هُدْبَ رِدائِهِ، فكانَ الذي يَلمِسُهُ يبرأ. (متّى 14/22-26) نشر ملكوت الله يتطلّب الجَهد والتعب كثَّرَ يسوع الخُبز والسمك في البَّرّية ثمّ أمَرَ تلاميذه بأن يركَبوا السفينة ويسبقوه إلى الشاطئ المقابل القريب من قرية بيت صيدا، وصرف الجموع، وصَعِد الجبلَ وحدَه، واستسلم إلى الصلاة حتّى بعد منتصف الليل. كان يسوع يعرف أنّ الريح كانت معاكسة، وانّ ركوب البحر في هذا الظرف أمرٌ شاقّ. فلمّا أقبل الظلام واشتدّت الريح قضى التلاميذ قسماً كبيراً من الليل وهم يجذّفون سفينتهم، فلم تتقدّم إلاّ مسافةً قصيرة. لقد أراد يسوع أن يقوموا بهذا الجَهد المُضني ليطبع في قلوبهم منذ ذلك الحين عادة قبول المصاعب في سبيل نشر ملكوت الله. فإنّ هذا الملكوت لا ينتشر في العالم إلاّ بالكدِّ والتعبِ وتحمّل الآلام، وذلك بسبب المقاومة العنيفة التي يُبديها العالم الشرير وأعوان إبليس. لقد تعِبَ الرسل تعباً شديداً عندما أخذوا يبشّرون بالإنجيل في العالم الروماني الغائص في عبادة الأصنام والمتمسّك بالعادات السيِّئة والمستسلم إلى الأخلاق الفاسدة. وقد وصف لنا بولس الرسول وصفاً دقيقاً ما قاساه الرسل من أتعابٍ وآلام في سبيل نشر البشارة الإنجيليّة. ونحن عندما نقرأ هذا الوصف في رسالته الثانيّة إلى أهل قورنتوس نُعجَبَ بثباتهم وقوّة إيمانهم وسموِّ محبّتهم ليسوع والكنيسة (الرسالة الثانيّة إلى أهل قورنتوس 4/8-11 و 6/3-5 و 11/22-29) يسوع حقيقة لا خيال لمّا رأى التلاميذ يسوع يمشي على البحيرة ارتاعوا جدّاً وصرخوا لأنّهم ظنّوا أنّ خيالاً غريباً قد خرج من الماء. أمّا هو فقال لهم : " ثِقوا. أنا هوَ لا تَخافوا ". يسوع ليس خيالاً، بل هو الحقيقةُ عينُها، وهو ليس حقيقةً إنسانيّةً فحسبُ، بل حقيقة إلهيّة أيضاً، وهذا ما عبّر عنه التلاميذ عندما قالوا له : " حقّاً أنت ابنُ الله ". فيسوع هو إلهٌ وإنسانٌ معاً، إلهٌ قد خلق البحار وضبطها بسلطته الإلهيّة وأخضعها لإرادته. وهو إنسان مثلنا لـه جسدٌ كجسدنا، وعاطفةٌ كعاطفتنا، وصداقةٌ كصداقتنا. ولا يفترق عنّا إلاّ بأنّه لم يرتكب الخطيئة قط. يا قليل الإيمان لماذا شككت ؟ 1- لمّا رأى بطرسُ يسوعَ يمشي على الماء ويقترب من السفينة قال له : " إن كنتَ إيَّاه فمرني بأن آتيَ إليك ". لقد كان في تلك اللحظات، بعد منتصف الليل، وهو تَعِبٌ جدّاً، وأمامَ مشهدٍ غريب للغاية، في حالةٍ نفسيّة مضطّربةٍ كلَّ الاضطّراب جعلته يشكّ في هوّية الشخص الذي رآه يمشي على البحيرة. وازداد اضطراب قلبه بعدما خطا على الماء بضع خطواتٍ وشعر بشدّة الريح، فَفَقَدَ صوابه وتزعزع إيمانه فأخذ يغرق، فخاف خوفاً شديداً. 2- إلاّ أنّ الخوف من الخطر كان في الواقع لطمةً نفسيّة هزّته هزّاً عميقاً، وأعادت إليه صوابه ونور الإيمان، فعرف أنّ من كان واقفاً أمامه ليس شخصاً غريباً عنه، بل هو يسوع نفسه. فانتعشت فيه الثقة وصرخ : " ربِّ نجّني ". إنّ هذا الاضطراب الداخلي لم يستغرق أكثر من بضع دقائق. وهذا ما حمل يسوع على أن يوجّه إليه هذا العتاب، وهو عتاب الصديق لصديقه : " يا قليلَ الإيمانِ لماذا شككت؟ " ألا نشكّ نحن أحياناً في هويّة يسوع ؟ إنّ الموقف الذي وقفَهُ بطرسُ من يسوع، وهو الشكّ في هوّيته، نَقِفُهُ نحن أيضاً في بعض ظروف حياتنا. نَقِفُهُ في أثناء المرض الثقيل المستعصي، وفي أوقات الضائقة الماليّة الخانقة، وعند فقدان قريبٍ حبيبٍ إلينا خطفه الموت بسرعة، وفي ضَياع السلام والمودّة في بيوتنا، وبعد فشل مشاريعنا المستقبليّة، ولدى رسوبنا في الامتحانات الدراسيّة على الرَّغم من جهودنا المبذولة، وأمام كلّ عقبةٍ كأداء تنتصب في وجوهنا وتحول دون تحقيق أمنياتنا الحلوة. إننا نقول ليسوع : " إن كنت إيّاه فأبعدْ عنّا هذه المحنة التي تحِلّ بنا ". فما لنا إلاّ أن نراقب أنفسنا بتأنٍّ فنشعر بهذه " الهزّات النفسيّة" التي تنتابنا أمام صعوبات الحياة، فنشكّ في هوّية يسوع، ونأخذ في الغرق، ونسمع منه ما قاله لبطرس : " يا قليلَ الإيمانِ لماذا شككت ؟ ". فعلينا نحن أيضاً أن نلتجئ إلى يسوع ونصرخ بلهفةٍ وإيمان كما صرخ بطرس : " ربِّ نجّني ". النجاة تأتينا من يسوع إنّ النجاة من الضيق والمحنة ومتاعب الحياة تأتينا من يسوع، ولكن بالطريقة التي يُريدُها هو، لا بالطريقة التي نُريدُها نحن، أيْ وَفْقَ مخطّطه الإلهي الذي رسمه لخلاصنا الأبدي. فقد تكون المحنة التي تنتابنا طريقاً أميناً يؤدّي بنا إلى الخلاص، وقد يكون زوال المحنة الذي نتوق إليه " الطريقَ الواسعَ الذي يؤدّي بِنا إلى الهلاك " (متّى 7/13) فالمسيحي المؤمن بقدرة يسوع وحبّه المُخْلِص يسلّم نفسه إلى تدبيره الإلهي، ويكون على يقين أنّ الصرخة التي يرفعها إليه عندما يقول " ربِّ نجّني " يسمعها يسوع ويسرع إلى نجدته. وهذا ما قاله لمستمعيه : " اسألوا تُعطَوا، اطلُبوا تجدوا، اقرَعوا يُفتحْ لكم. فمَنْ يسألْ يَنَلْ، ومَنْ يَطلبْ يَجدْ، ومَنْ يقرَعْ يُفتَحْ لهُ " (متى 7/7) لا يُهمل يسوع كنيسته مَنْ اطّلع على تاريخ الكنيسة هنا وهناك في بلاد العالم عرف أنّها واجهت أخطاراً كثيرة، وفي بعض الأحيان رهيبة جداً. ومع ذلك فإنّها لا تزال باقية، تعمل بصمت وهدوء، وتُعنى بأبنائها، وحتّى بالغرباء عنها. فكما أنّ يسوع لم يترك تلاميذه وحدهم على البحيرة في الضيق والاضطّراب ، بل جاء إليهم ليبعث في قلوبهم الطمأنينة والسلام، هكذا يأتي يسوع إلى كنيسته، ويحيا معها، ولا يتركها معرّضةً لأخطار العالم الشرير ومؤامراته واضطهاداته، بل يساندها، ويشدّد إيمان أبنائها، ويزرع في قلوبهم الثقة بحضوره معهم ، ويؤازرهم على خدمة إخوتهم البشر. عَطَفَ يسوع على المرضى وشدَّدَ إيمان تلاميذه ولمَّا نزل يسوع من السفينة صنع المعجزات الكثيرة رأفةً بالشعب البائس الذي كان يسكن في الناحية المحيطة بمدينة جنِسارِت الصغيرة. وهذه المعجزات مظهر من مظاهر عطفه على المرضى والمتألّمين. ولكنّه كان لـه هدفٌ آخر أعمق، وهو أن يشدّد إيمان تلاميذه عندما سيُطلِع الناس في صباح الغد على أنّه سيعطيهم جسده ليأكلوه ودمه ليشربوه، ليَبقَوا معه ويلازموه، ويؤلّفوا نواة الكنيسة التي أسّسها. التطبيق العملي 1- شعر بطرس بشدّة الريح. إنّ شدائد الحياة كثيرةٌ لا تُحصى. فالتجئْ إلى يسوع في الأوقات العصيبة واسأله أن يؤازركَ كما وعدَنا بذلك. (متّى 7/7-11) 2- لا تَظُنَّنَّ أنّ يسوع فكرةٌ خياليّة كما يدّعي مَنْ يفشلون في الحياة. يسوع حقيقةٌ تاريخيّةٌ راسخة عاش قديماً بين الناس، وهو حقيقةٌ واقعيّة يعيش اليومَ بينَنا، ويُرافقنا. قال لنا ذلك بصراحة : " هاءَنذا معَكُم طَوال الأيام إلى انقضاء الدهر ". (متّى 28/30) هذا هو إيمان الكنيسة، وإيمان كلِّ مسيحيٍّ صادق. |
||||
25 - 10 - 2014, 04:51 PM | رقم المشاركة : ( 6693 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
شفى يسوع رجلاً مقعداً في كفرناحوم
نصّ الإنجيل وعادَ يسوع بعدَ بِضعَةِ أيامٍ إلى كفرناحوم، فسَمِعَ الناسُ أنهُ في الدّار. فاجتمعَ منهُم عددٌ كبير، ولم يبقَ موضِعٌ خالياً حتّى عِندَ الباب، فألقى إليهم كلامَ الله. فجيءَ إليهِ بمُقعَدٍ يحمِلُهُ أربعَةُ رجال. فلم يستطيعوا الوصولَ إليهِ لِكَثْرَةِ الزِّحام. فنَبَشوا عن السقفِ فوقَ الموضِعِ الذي هوَ فيهِ، ونَقَبُوهُ. ثمَّ دَلَّوا الفِراشَ الذي كان عليهِ المُقعَدُ. فلمّا رأى يسوعُ إيمانَهُم قالَ للمُقعَدِ: " يابُنَيَّ، غُفِرَتْ لك خطاياك ". وكان بينَ الحضورِ هناكَ بعضُ الكتبة، فقالوا في أنفُسِهِمْ : " ما بالُ هذا الرَجُلِ يتكلَّمُ بذلكَ ؟ إنَّهُ يُجَدِّف. فمَنْ يقْدِرُ أن يَغْفِرَ الخطايا إلاَّ اللهُ وحدَهُ ؟ " فعَلِمَ يسوعُ في سِرِّهِ ما جالَ في صدورِهِمْ، فسأَلَهُمْ : " لماذا تجولُ هذهِ الأفكارُ في صدورِكُم ؟ أّيُما أيسَر أن يُقالَ للمُقعَدِ " غُفِرَتْ لكَ خطاياك "، أم أن يُقال " قُمْ فاحمِلْ فِراشَكَ وامشِ ؟ " فاعلَموا أنَّ ابنَ الإنسانِ لـهُ سُلطانٌ يَغفِرُ بهِ الخطايا في الأرض ". ثُمَّ قالَ للمُقعَدِ : " أقولُ لكَ : قُمْ فاحمِلْ فِراشَكَ واذهبْ إلى بيتِكَ ". فقامَ فحَمَلَ فِراشَهُ، وخَرَجَ بمَِرأى مِنْ جميعِ الناس، حتى دهِشوا جميعاً ومجَّدوا اللهََ وقالوا: " ما رَأينا مِثْلَ هذا قط ! " (مرقس 2/1-12) المحبّة الحقّة نشيطة وفعّالة كلّ من قرأ في الإنجيل بإمعان قصّة هذه المعجزة تبادرت إلى ذهنه هذه الفكرة، وهي أنّ المحبّة الحقّةَ نشيطةٌ وفعّالة، ولا تيأس أمام الصعوبات. كان البيت مملوءاً من الناس، وكانوا كلّهم يستمعون بصمتٍ عميق إلى كلام يسوع الذي كان يحدّثهم عن ملكوت الله. وجاء إذْ ذاك أربعة رجالٍ يحملونَ مُقعداً على فراشه، وفي نيّتهم أن يضعوه أمام يسوع . ولمّا لم يكن من المُمْكن أن يدخلوا البيت لشدّة الازدحام، لم ييأسوا، ولم يتركوا المريض مُمَدّداً خارجاً عند الباب، بل ارتقوا سطح البيت، ونبشوا التراب، ونقبوا السطح، ودلّوا الفراش الذي كان المريض ممدّداً عليه ووضعوه أمام يسوع. هذه هي المحبّة الحقّة. إنها نشيطة وفعّالة لا تيأس. شفاء النفس قبل شفاء الجسد عرَف يسوع أنّ هذا المُقعد، المُمَدّد أمامه، كان هو نفسُهُ سَبَبَ استيلاء المرض عليه. لقد سلك في حياته طريق الخطيئة. وأغلب الظن أنّه استسلم إلى السُكْر والشراهة والفجور والسهر الطويل. كلّ هذا قد أثّر في صحّته تأثيراً سيِّئاً، فأصابه الفالج، وأضحى مُقعداً لا يقوى على الحركة. أمّا الآن، وقد ذاق طعم مرارة الخطيئة، فهو نادمٌ على ما فعل، وتائبٌ إلى الله، وهو يسأل الصفح ومغفِرة ذنوبه. وقرأ يسوع ما كان يجول في قلبه من عواطف التوبة والاسترحام، فقرّر أن يشفي نفسَهُ المريضة أوّلاً ويعيدَ إليها صحّتها، لأن شفاء النفس يأتي قبل شفاء الجسد. فقال له بلهجة صاحب السُلْطة العليا : " يا بُنيَّ ! غُفرتْ لكَ خطاياك ". هذا يجدّف ! سمع الكتبة الذين كانوا جالسين في البيت قول يسوع للمريض " غُفِرتْ لكَ خطاياك " فاستغربوه جداً، وقالوا في أنفسهم : " هذا يجدّف ! مَنْ يغفِرُ الخطايا إلاَ اللهُ وحدَهُ ؟ " ذلك لأنَّ الإهانة توجَّه بالخطيئة إلى الله، فهو وحدَهُ ينساها ويصفح عن الخاطئ التائب، ولا ينوب عنه إنسان، حتّى وإنْ كان من كبار الأنبياء. لو كان يسوع إنساناً فحسب لكان تفكير الكتبة صائباً، ولكان كلام يسوع تجديفاً. ولكنّ يسوع ليس إنساناً فحسبُ. إنّه كلمةُ الله الازليّة. إنّه إلهٌ أيضاً، يتمتّع بسلطان أبيه السماوي. فالخطيئة التي يرتكبها الخاطئ ويوجّهها إلى الله، يوجّهها في الواقع إلى الله الآب، وإلى ابنه الأوحد يسوع المسيح، وإلى روحه القدّوس. فالابن الأوحد، كلمة الله المتجسّد، لا يجدّف عندما يغفِر الخطيئة لأن الخطيئة قد وُجّهت إليه، وهو يستطيع أن ينسى الإهانة ويغفِر للخاطئ التائب خطيئته. يسوع كلمة الله له سلطانٌ على مغفرة الخطايا وقرأ يسوع الإله ما كان يجول في أذهان الكتبة فطرح عليهم السؤال التالي: " أيُّما أيسَر أنْ يُقالَ للمُقعد " غُفِرتْ لكَ خطاياك "، أم أنْ يُقالَ لـهُ " قُمْ فاحمِلْ فِراشَكَ وامشِ ؟ " ما معنى هذا السؤال الذي طرحه يسوع ؟ معناه، إنّه من السهل عليَّ أن أقول للمقعد " غُفرتْ لكَ خطاياك " حتى وإنْ لم يكن لديَّ سلطانٌ على مغفِرة الخطايا. فإنّ المغفرِة تبقى سِرَّاً مَخفيّاً. ولكن من الصعب أن أقول لـه " قُمْ فاحمِلْ فراشَكَ وامشِ ". فإنْ لم يمشِ وبقيَ مُمَدّداً على فراشه ظهر خداعي أمام الجميع وشََمِلَني الخزي والعار. ولذلك فإن شفاء المريض دليلٌ قاطع على أن لديَّ سلطان الله، وأنّي بهذا السلطان قد غفرتُ للمُقعد خطاياه. ولم يكتفِ يسوع بطرح السؤال على الكتبة، بل فسّره تفسيراً عمليّاً واضحاً أمام أبصارهم. قال للكتبة : " لكي تعلموا أنّ ابنَ الإنسان له سلطانٌ يغفِرُ به الخطايا، أقولُ لك أيُّها المُقعد " قُمْ فاحمِلْ فراشَك واذهبْ إلى بيتك ". فقام المُقعد وحمل فراشه ومشى أمام جميع الناس. فالشفاء بكلمة واحدة كان برهاناً قاطعاً على قدرته الإلهيّة وتمتّعه بسلطانٍ على مغفِرة الخطايا. وهذا السلطان دلالةٌ واضحة على ألوهيّته. فيسوع كلمة الله، إلهٌ كأبيه السماوي. إنّ مغفرة الخطايا وشفاء الأمراض لديه سِيّان. إعجاب الناس وصمت الكتبة رأى الحاضرون شفاء المقعد، فأُعجبوا بما جرى، وأخذوا يمجّدون الله ويقولون : " ما رأينا مثلَ هذا قط ". لقد كان إعجابهم ممزوجاً بشكر المُقعد الذي استعاد صحّته بقدرة يسوع الإلهيّة. إنّ موقف الشعب المُعجَب بسلطان الربّ يسوع يحملنا نحن أيضاً على الإعجاب بمراحم الله، وإبداء شكرنا لِما ينعم علينا باستمرار من مواهب لا تُحصى. أمَّا الكتبة الذين رفضوا أن يروا الحقيقة فهم أجداد الملحدين العصريّين الذين يرفضون أن يروا حقيقة الإيمان المسيحي ويتمسّكون بضلال أفكارهم المظلمة. منح يسوع رسله وخلفاءهم سلطانه الإلهي كان هذا المُقعد إنساناً خاطئاً، فغفر لـه يسوع خطاياه. ونحن أيضاً خطأة ، ففكّر فينا ورسم سرّ التوبة ليغفر لنا خطايانا. ولذلك منح رسله وخلفاءهم، الأساقفة والكهنة، سلطانه الإلهي على مغفرة خطايانا قال لهم : " خذوا الروحَ القُدُس. مَنْ غَفَرتُمْ له خطاياه تُغفَرُ لهُ. ومَنْ أمسَكتُمْ عليهِ الغُفران يُمسَكُ عليه ". (يوحنَّا 20/22-23) إنّ هذا السلطان لم يُعطَ للملائكة المقتدرين، بل للبشر المساكين. فمتى رفع الكاهن يمينه وقال للمؤمن المُعترف التائب من ذنوبه: " أنا أحلُّكَ من كلِّ خطاياك التي اعترفتَ بها أمامَ اللهِ وحقارتي، باسمِ الآبِ والابنِ والروحِ القدس " رفع الله آنذاك يمينه في السماء وغفر للخاطئ خطاياه التي اعترف بها وندم عليها ندامة حقّة. التطبيق العملي كثيرون من المسيحيّين يرفضون أن يعترفوا بخطاياهم للكاهن بحجّة أنّه إنسانٌ خاطئ مثلهم. فيعترفون لله اعترافاً مباشراً. لا شكّ في أن الاعتراف بالخطايا يجب أن يوجّه إلى الله تعالى لأن الخطيئة قد أهانت جلاله الإلهي الذي لا حدَّ له. يسوع لم يكتفِ بهذا الاعتراف الباطني الخفيّ، بل أراد أن يكون اعترافاً خارجيّاً يُقرُّ فيه فمُ الخاطئ للكاهن بالخطايا التي ارتكبها. وسبب ذلك أنّه أراد أن يشعر الخاطئ شعوراً واضحاً بأن خطاياه كانت أعمال تمرّد وكبرياء وانفصال. فالاعتراف للكاهن يعبّر عن خضوع الخاطئ لله وعن تواضعه أمام عزّته تعالى، وعن انضمامه إلى إخوته أبناء الكنيسة، وينشئ في نفسه بمؤازرة الكاهن عاطفة الندامة الصادقة والرغبة الحقّة في العودة إلى سلوك حياةٍ جديدة تمجّد الله. هذا وإنّ الاعتراف يَلِدُ في ضمير الخاطئ المعترف الاطمئنان إلى أنّ الله قد غفر لـه خطاياه بوساطة الكاهن الذي يمثّله على الأرض، فأصبح إنساناً بارّاً. |
||||
25 - 10 - 2014, 04:52 PM | رقم المشاركة : ( 6694 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أحيا يسوع ابنة رئيس المجمع
نصّ الإنجيل ولمَّا رَجَعَ يسوع ( إلى كفرناحوم) تلَقَّاهُ الجَمْعُ لأنَّهُمْ كانوا كُلُّهُمْ ينتَظِرونَهُ. وإذا برَجُلٍ اسمُهُ يائير، وهو رئيسُ المَجمَع، قد جاءَ فارتَمى على قَدَمَيْ يسوع، وسأَلَهُ أنْ يأتيَ دارَهُ، لأنَّ لهُ ابنَةً واِحِدَةً في نحوِ الثانيَةَ عشْرَةَ مِنْ عُمرِها، قد أشرَفَتْ على الموت. وبينَما يسوعُ يتَكَلَّمُ، جاءَ رَجلٌ مِنْ عِندِ رئيسِ المَجمَعِ فقال : " ماتتِ ابنَتُكَ، فلا تُكَلِّفِ المُعَلِّم ". فسَمِعَ يسوع فأجابَهُ: " لا تَخَفْ، حَسْبُكَ أن تؤمِنَ فتَخلُصَ ابنَتُكَ ". ولَمّا وصَلَ إلى الدار لم يدَعْ أحَداً يدخُلُ معهُ إلاّ بُطرُسَ ويوحنَّا ويعقوبَ وأبا الصَبيَّةِ وأُمَّها. وكانَ جميعُ الناسِ يبكونَ وينوحونَ عليها. فقالَ لهم : " لا تبكوا، لم تَمُتْ، إنَّما هي نائمة ". فضَحِكوا مِنهُ، لعِلْمِهِمْ بموتِها. أمّا هَو، فأخَذَ بيدِها، وصاحَ بِها : " يا صَبيَّةُ قومي ! " فَرُدَّتْ الروحُ عليها وقامَتْ مِنْ ساعَتِها، فأَمَرَ بأن تُطْعَمَ. فدَهِشَ أبواها، فأوصاهُما ألاّ يُخبِرا أحَداً بما حَدَث. (لوقا 8/40-41 ، 49-56) إيمان رئيس المجمع إيمان ذو حدود ضيّقة 1- كان رئيس المجمع يؤمن بأنّ يسوع يستطيع أن يشفي المرضى، وهذا ما حمله على أن يلتجئ إليه ويطلب منه أن يشفي ابنته المريضة المشرفة على الموت. إلاّ أنَّ إيمانه بيسوع كان إيماناً ذا حدودٍ ضيّقة. كان يؤمن بأنّه نبيٌّ كسائر الأنبياء، يتمتّع بسُلطانٍ يَشفي به المرضى، ولكنّه لا يستطيع أن يحييَ الموتى. إنَّ إحياء الموتى من سلطان الله وحده. فإذا ماتت ابنتُهُ قَبْلَ أن يصِلَ إليها كان عاجِزاً عن إحيائها. وهذا ما يُفَسِّر إلحاحَهُ على أن يُسرِعَ يسوع في الوصولِ إلى بيته. 2- وعرف يسوع ، بعلمه الإلهي، أنَّ إيمان رئيس المجمع ذو حدود ضيّقة، فأراد أن يُحطِّمَ هذه الحدود، ويجعل إيمانه يشمل لا شفاء المرضى فحسبُ، بل إعادة الحياة إلى الموتى. لذلك قال له : " حسبُكَ أنْ تؤمِنَ فتخلُصَ ابنَتُكَ ". فالإيمان بيسوع لا ينقل الجبال الشامخة ويلقيها في البحر فقط، بل يُعيد الحياة إلى الموتى، ويجعلهم يحيون على الأرض حياةً جديدة مزدهرة. يسوع سيّد الحياة والموت لمّا وصل يسوع مع رئيس المجمع إلى البيت، رأى باحة الدار تغصّ بالناس. فقد كانوا أقارِبَ الرئيس وأصدقاءَه ومعارِفَهُ مع الزمّارين والنوّاحات. وكان الضجيج عظيماً، مصحوباً بالصراخ والعويل والبكاء والأصوات العالية. سمعَ يسوع هذا الضجيج، فنهى الناس عن البكاء : " لا تَبْكوا ? إنّها لم تمُتْ بلْ هيَ نائمة ". لمّا نهى الناس عن البكاء لم يستنكر الحزن ولم يستخفَّ به . فالحزن عاطفة جديرة بالاحترام. وسيأتي يوم يشعر هو نفسُهُ بالحزن العميق عندما ينازع في بستان الجتسمانيّة، وسيعبّر عن عاطفة حزنه بقوله لتلاميذه : " نفسي حزينةٌ حتى الموت ". (متى 26/38) ولكنّه لم يرضَ بأن يستسلم الناس إلى مظاهر الحزن المصطنعة وغير النابعة من عاطفةٍ صادقة، كبكاء النوّاحات وضجيج آلات الزمّارين. ودخل يسوع غرفة الميتة، ومعه تلاميذه الثلاثة المفضّلون، وأبو الفتاة وأمّها. ووقف أمام سريرها وقال لها وهو سيّد الحياة والموت : " يا صبيّة قومي ". ففتحت عينَيْها وقامت على الفور. وأمرَ بان تُعطى طعاماً ليؤكّد لأبويها عودة الحياة إليها. لقد صنع يسوع هذه المعجزة العظيمة بقدرته الإلهيّة وبأمره الشخصي، ولم يكن كسائر الأنبياء الذين كانوا يتضرّعون إلى الله أن يُجريَ المعجزة بوساطتهم. موت النفس أشدّ رهبةً من موت الجسد أعاد يسوع الحياة إلى الفتاة الميتة. ومع ذلك فإن هدف يسوع من مجيئه إلى العالم لم يكن إحياء الأجساد الميتة وإعادة الحياة الأرضيّة إليها، بل إحياء النفوس الميتة بالخطيئة وإعادة الحياة الإلهيّة المفقودة. إنّ الخطيئة التي يرتكبها المسيحيّون تنزع عن نفوسهم الحياة الإلهيّة التي حصلوا عليها بالمعموديّة المقدّسة. فالخطيئة موتٌ روحي، أيْ موتُ النفس الخاطئة، وهُو موتٌ رهيب، بل أشدُّ رهبةً من موت الجسد، لأنّه يغلق في وجه المسيحيّين الخطأة باب السعادة الدائمة ويلقيهم في هوّة الهلاك الأبدي. إنّ الحياة الإلهيّة هي الكنز العظيم واللؤلؤة النادرة التي يجب عليهم أن يتخلّوا في سبيل الحفاظ عليها عن كلّ شيء في الدنيا، ليتمتّعوا بنور الله الخالد الساطع. أوصى يسوع والدَيْ الفتاة ألاّ يخبرا أحداً إنّنا نستغرب كلّ الاستغراب أن يسوع قد أوصى والِدَيْ الفتاة بأَلاّ يُعلما أحداً أنه قد أعاد الحياة إلى ابنتهما. ولماذا أراد كتمان هذه المعجزة العظيمة؟ كان يسوع يعلم أن كلَّ عمل صالح يقوم به لخير الشعب كان يثير حقد رؤساء اليهود وحسدهم، ويدفعهم إلى تشديد عزمهم على مقاومته وتدمير رسالته الخلاصيّة. لقد كان آنذاك في مطلع سنوات تبشيره بملكوت الله. فلم يشأ أن يعرقلَ عملَهُ الديني بمعارضة خبيثة تشلّ نشاطه الروحي. ولذلك فإنّه قرّر أن تبقى معجزاته في طيّ الكتمان، أو على الأقل في إطار ضيّق، ليتمكّن من مواصلة رسالته بهدوء وسكينة، بعيداً عن كلّ مقاومة يقوم بها الرؤساء الحاقدون. ولكنّه لم ينجح في إخفاء معجزاته. فإن خبر إحياء الفتاة انتشر انتشاراً واسعاً في مقاطعة الجليل كلّه. التطبيق العملي 1- يحيا المسيحي حياتين، حياة طبيعيّة وحياة إلهيّة. فكما أنّه يحرص على العناية بحياته الطبيعيّة، فكذلك يجب عليه أن يُعنى كلّ العناية بحياته الإلهيّة، وذلك بممارسة الفضائل المسيحيّة، وتتميم واجباته الدينيّة، والقيام بأعمال البرّ. 2- ماتت الفتاة وهي لا تزال صغيرة. فالموت لا يحترم أحداً، لا الصغير ولا الكبير. فلا يحقّ للمسيحي الفتى أن يقول في ذاته : " أنا في مطلع حياتي وأمامي سنوات طويلة ". إنّ هذا القول يُنشئ فيه الفتور الديني، ويدفعه إلى إهمال واجباته الدينيّة. فهل يضمن لنفسه عمراً يصل به إلى الشيخوخة ؟ كلا ! فليطع الله إذاً. |
||||
25 - 10 - 2014, 04:53 PM | رقم المشاركة : ( 6695 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أحيا يسوع ابن أرملة نائين نصّ الإنجيل وذهَبَ يسوعُ مِنْ بعدُ إلى مدينةٍ تُدعى نائين، وتلاميذُهُ وجَمعٌ كبيرٌ يسيرونَ معَهُ. فلمَّا اقتَرَبَ مِنْ بابِ المدينةِ، إذا مَيْتٌ محمول، وهو واحِدُ أُمِّهِ وهي أرمَلَة. وكانَ يَصْحَبُها جَمعٌ كبيرٌ مِنَ المدينَةِ. فلمَّا رآها الرّبُّ أخَذَتْهُ الشَفَقَةُ عليها. فقالَ لها : " لا تبكي ". ثمَّ دنا مِنَ النَعشِ فلَمَسَهُ فوقَفَ حامِلوهُ. فقال: " يا فتى، أقولُ لك : قُمْ ". فجَلَسَ الميْتُ وأخَذَ يتَكَلَّم، فسَلَّمَهُ إلى أُمِّه. فاستولى الخوفُ عليهم جميعاً، فقالوا وهُمْ يُمَجِّدونَ اللهَ : " قد ظَهَرَ فينا نبيٌّ عظيم، وافتَقَدَ اللهُ شعبَهُ ". وانتَشَرَ هذا الحديثُ عنهُ في اليهوديّةِ كلِّها وجميعِ النواحي المجاورةِ لها. (لوقا 7/11-17) يسوع إنسان مثلنا لمّا وصل إلى باب مدينة نائين - وهي مدينةٌ صغيرة تقع على بُعْدِ أربعين كيلومتراً جنوبيَّ كفرناحوم رأى جنازة فتى واحدِ أُمِّهِ، وكانت أرملة. لقد أثّر موت هذا الفتى في نفوس سكّان نائين تأثيراً بليغاً فخرجوا جميعهم في الجنازة ليُعَزّوها. وكان مع يسوع جمعٌ كبير، فتلاقى الجمعان عند باب المدينة. وعرف من الناس السائرين في الجنازة وضْعَ هذه الأرملة المسكينة فأشفق عليها. إنَّ شعور يسوع بالشفقة دليلٌ على أنه كان إنساناً مثلنا، لـه في نفسه شعورنا الإنساني أمام مصائب الناس وأحزانهم. فقَد بيّن هو نفسُهُ بأساليب مختلفة أنّه إنسان مثلنا بكلِّ ما في هذه الكلمة من قوّة ? ما عدا ارتكاب الخطيئة ? فقد جاع وأكل ونام وتألّم ومات. وكان يفضّل لشخصه لقب "ابن الإنسان" على غيره من الألقاب. إنّ إنسانيّة يسوع عقيدة من كبار عقائد الدين المسيحي عبّر عنها يوحنَّا الإنجيلي بصراحة في مطلع إنجيله فقال : " والكلمةُ صارَ بَشَراً وسَكَنَ بيننا". (يوحنَّا 1/14) فكلّ من شهد ليسوع بأنّه قد جاء بالجسد كان من الله، وكلّ من رفض أن يؤدّي هذه الشهادة لم يكن من الله، هذا ما قاله يوحنَّا الإنجيلي في رسالته الأولى الجامعة : " كلُّ روحٍ يشهَدُ ليسوعَ المسيح الذي جاءَ في الجَسَدِ كان مِنَ الله. وكلُّ روحٍ لا يَشهَدُ ليسوع لم يكُنْ مِنْ الله ". ( 1 يوحنَّا 4/2 ) لماذا صار ابنُ الله إنساناً ؟ طرح بولس الرسول هذا السؤال في رسالته إلى العبرانيّين، وأجاب عنه بإسهابٍ وتفصيل (2/9-18) . وإليكم ملخّص جوابه، فقال : لقد صار ابنُ الله إنساناً مثلنا ليصيب أهدافاً ثلاثة، وهي : 1- أن يتمكّنَ من تحمُّل العذابات وآلام الموت، ويستطيعَ أن يحقّق إرادة الله الآب، ويخلّصَ البشريّة الخاطئة من الهلاك الأبدي، ويبلغَ بها إلى المجد السماوي الذي أعدّه الله لها منذ الأزل. 2- وأن يجعلَ الناس الذين افتداهم بدمه على الصليب إخوةً لـه، ويُشركَهم معه في الآلام والمجد، ويرفعَهم إلى مقام أبناء الله، ويقودَهم إلى أبيه السماوي. 3- وأن يقضيَ على سلطة إبليس في العالم، ويكونَ في السماء وسيطاً دائماً بين الله والبشر، وكاهناً أعظمَ وحبراً أميناً، مَهَمَّتُهُ أن يؤازر البشر المعذّبين كما تعذّب هو في سبيل التكفير عن الخطايا. ولذلك نقول بإيجاز : إنّ ابنُ الله صارَ إنساناً حبّاً للبشر، ورغبةً منه في أن يموت لأجلهم، ويفتح لهم أبواب السعادة الأبدية. يسوع إله كأبيه السماوي ليس يسوع إنساناً فحسبُ ، بل إلهٌ أيضاً. إنّ الشفقة التي شعر بها على الأرملة المسكينة لم تكن عاطفةً إنسانيّةً عاجزةً كلَّ العجز، كما هيَ عاجزةٌ فينا نحن البشر الضعفاء، بل كانت مصحوبةً بقوّةٍ إلهيّةٍ قادرةٍ على صنع المعجزة العظيمة. لم يطلب أحدٌ من يسوع أن يصنع معجزةً يعيد بها الحياة إلى الفتى الميت، بل أخذ المبادرة من تلقاء نفسه، فأوقف الحاملين، وأمره قائلاً له : " يا فتى، لكَ أقولُ : قُمْ". فانتعش الميت فوراً وجلس وأخذ يتكلَّم. فاستولى على الجميع خوفٌ عظيم. نحن نؤمن بأنّ يسوع إلهٌ كأبيه السماوي إن هذه المعجزة تحملنا على أن نطرح على أنفسنا السؤال التالي : لماذا نؤمِنُ نحنُ المسيحيّين بأنَّ يسوع إلهٌ كأبيهِ السماوي ؟ نحن نؤمن بأن يسوع إلهٌ لأنّه صرّح بذلك تصريحاً واضحاً ، وبرهن ببراهين قاطعة على ألوهيّته. وإليكم إيضاح هذا الجواب : 1- صرّح يسوع بأنّه إله : قال يسوع عن نفسه، في مناسبات كثيرة، وبأساليب مختلفة إِنّه إله. ونحن نكتفي هنا بإيراد تصريحٍ واحد من تصريحاته الكثيرة، المذكورة بنوعٍ خاص في الإنجيل بحسب القدّيس يوحنَّا. قال يوماً لليهود : " أنا والآبُ واحد ". ففهموا أنّه يؤكّد ألوهيّته بهذا القول الواضح. فأتوا بحجارةٍ ليرجموه. فقال لهم : " أرَيْتُكُمْ عِدَّةَ أعمالٍ صالحةٍ من لَدُنِ الآب. فلأَيِّ عملٍ مِنها ترجُموني ؟ " قال اليهود: " لا نرجُمُكَ للعَمَلِ الصالِح، بَل للكُفْرِ، لأنَّكَ ما أنتَ إلاّ إنسانٌ فجعلتَ نفسَكَ الله ". (يوحنَّا 10/30-32) 2- وبرهن على أنّه إله : ولم يكتفِ يسوع بأن يعلن على الملأ أنّه إله، بل برهن على ألوهيّته ببراهين قويّة. ومِن أبرز البراهين التي قدّمها، المعجزاتُ الكثيرة التي صنعها، ونبؤاتُ الأنبياء التي تحقّقت فيه. وإليكم عرضاً موجزاً للبرهان الناجم عن المعجزات والنبؤات. 1) المعجزات التي صنعها : لقد صنع يسوع عدداً لا يُحصى من المعجزات، وقد صنعها كلَّها بقدرته الذاتيّة، كما رأينا ذلك في المعجزة التي أحيا بها أبن أرملة نائين. قال للفتى المَيْت : " يا فتى، لكَ أقولُ: قُمْ ". فقامَ الفتى على الفور حيّاً بأمره الخاصّ. إنّ المعجزة عملٌ يفوقُ قوى الإنسان، ولا يقومُ به إلاّ الله. فلمّا صنع يسوع المعجزات الكثيرة والمتنوّعة بأمره وسلطته برهن على أنهُ إلهٌ كأبيه السماوي. 2) النبؤات التي تحقّقت فيه : لقد تنبَّأ الأنبياء عن يسوع نبؤاتٍ كثيرة تحقّقت كلّها فيه. ومن أشهر هذه النبؤات وأهمّها : - إنّه ابنُ الله : قال له الله الآب يومَ وَلَدَهُ : " أنتَ ابني. وأنا اليومَ ولَدْتُكَ " (مزمور 2/7). إنّ يوم الله يومٌ أزلي، لا بدءَ له ولا نهاية. فيسوع هو ابن الله قد وُلِدَ منذ الأزل من الله الآب ولادةً روحيّة فائقةَ الوصف، لا يُدركها العقل البشري المحدود. - وإنّه إلهٌ جبّار : تنبّأ أشعيا عن يسوع المولود فقال: " لأنَّهُ قد وُلِدَ لنا ولدٌ، وأُعطيَ لنا ابنٌ، فصارتْ الرئاسةُ على كَتِفِهِ، ودُعيَ اسمُهُ عجيباً، مُشيراً، إلهاً جبّاراً، أبا الأبَد، رئيسَ السلام ". (أشعيا 9/6) إنّ ما قاله أشعيا عن يسوع الإله قد ثبّته الله الآب عندما قال لأبنه يسوع : " إنَّ عَرشَكَ يا الله ثابتٌ أبَدَ الدهور ". (مزمور 44/7) - وإنّه سيولد من أُمٍّ عذراء وسيحمل اسماً إلهيّاً. قال أشعيا النبي : " ها إنَّ العذراء تَحَبلُ وتَلِدُ ابناً، وتدعو اسمَهُ عمّانوئيل " أيْ، "الله معنا" (أشعيا 7/14) - وإِنَّهُ سيُضيء الشعبَ الجاهِل بنورِهِ العظيم. رأى أشعيا النّبي بالرؤيةِ النبويّة الشعبَ قابِعاً في ظلامِ الجهل وبُقعةِ موتِ الخطيئة، ورأى يسوع يأتي إليه فيُضيئُهُ بنورِ تعاليمِهِ وفضائلِهِ فقال : " الشعبُ السالِكُ في الظُلمَةِ أبصَرَ نوراً عظيماً. والجالِسونَ في بُقْعَةِ الموتِ وظِلالِهِ أشرَقَ عليهم نور ". (أشعيا 9/1-2) - وإنّه سيُعلَّق على الصليب وتُثقب يداه ورجلاه. رآه داود النبي بالرؤية النبويّة مصلوباً فقال بفم يسوع : " ثقبوا يدَيَّ ورجلّيَّ وأحصَوا كلَّ عِظامي"(مزمور 21/16) - وإنّه سيتألّم ويموت بسبب خطايانا ولأجل خلاصنا : "جُرِحَ لأجلِ معاصينا، وسُحِقَ لأجلِ آثامِنا، عقابُ سلامِنا عليهِ ، وبجروحاتِهِ شُفينا " (أشعيا 53/5) . لقد صُلِب يسوع وتعذَّبَ ومات لينقذنا من خطايانا ويشفينا مِن أمراض آثامِنا. - وإنّه سيُدفَنُ في القبر، ولكنّه لن يبقى فيه، ولن يرى جسده فساد الموت، بل سيقوم حيّاً من بين الأموات. قال أشعيا النبي : " وكانَ قبرُهُ معَ المنافقين " (أشعيا 53/9) وتنبَّأَ داود النّبي عمّا سيقولُهُ يسوع لأبيهِ السماوي بعدَ دَفنِهِ: " لذلِكَ فَرِحَ قلبي، وابتَهَجَ مَجدي، وجسَدي أيضاً سيَسْكُنُ على الرجاء. لأَنَّكَ لا تَتْرُكُ نفسي في الجَحيم، ولا تَدَعُ قدّوسَكَ يرى فساداً ". (مزمور 15/9). فيسوع حقَّقَ نبوءة داود وقامَ من بينِ الأموات وظهرَ لتلاميذه مدّة أربعين يوماً، وكان يكلّمهم على ملكوت الله. إنّ المعجزات الكثيرة التي صنعها يسوع، والنبؤات التي تحقّقت فيه تبرهن بكلّ وضوح على أنّه إلهٌ قد نَزَلَ من السماء لينشُرَ ملكوت الله على الأرض، ويُحرِّر البشريّة الخاطئة من عبوديّة الخطيئة وسيطرة إبليس ويُنقذَها من الهلاك الأبدي. قال الشعب : قامَ فينا نبيٌّ عظيم إنّ الشعب الذي رأى مُعجزة إحياء ابن الأرملة لم يستنتج أنّه إله، ولم يفكّر في أنّه المسيح، بل اكتفى بان يقول عنه إنّه نبيٌّ عظيم. كان هذا الشعب المسكين يعيش في ظلام الإيمان وفساد الأخلاق لأنّ الرؤساء الدينيّين قد أهملوا تعليمه، ولم يقوّموا أخلاقهُ وفسَّروا لـه الكتب المقدّسة تفسيراً خاطئاً، واهتمّوا بمصالحهم الخاصّة وحدَها، وتركوا الشعبَ مشَتّتاً مُتعَباً يعيشُ كالخرِاف التي لا راعي لها. وانتشر خبر المعجزة في اليهوديّة كلّها وانتقل خبر المعجزة إلى اليهوديّة، إلى هيكل سليمان، إلى مقرّ رؤساء الكهنة والكتبة وعلماء الشريعة والفريسيّين، فلم يطمئنّوا إليه. إنّ الحسد الأسود المتغلغل في قلوبهم قد دفعهم إلى الاعتقاد أنَّ يسوعَ أخَذَ يُنافسهم لينتَزِع منهُم سلطتَهُم الدينيّة. فجعَلوا يتآمرون عليه ويتداولون في الطريقة الملائمة للتخلّص منه. التطبيق العملي 1- عندما تتأمّلُ في هذه المعجزة يبدو لك بوضوح أنّ يسوع إنسانٌ صديقٌ لنا، وإلهٌ ينقذُنا مِن أحزاننا وشدائدنا. فاتّخذْ يسوع صديقاً لك، وافتحْ لـه قلبكَ، وعبّرْ له عمّا تشعرُ به من عواطف الفرح أو الحزن أو الأمل، فهو يُشاطِرُكَ أفراحَكَ وأحزانَكَ وآمالَكَ لأنّه صديقُك الوفيّ الذي لا يخونك ولا يهملك. 2- ومتى دخلتَ الكنيسة عبّرْ له أيضاً عن إيمانك بألوهيّته، واسجدْ له سجوداً عميقاً ، واسألْه أن يحفظَك دوماً في حال النعمة، ويُقيمَ النفوسَ الميتة بالخطيئة، ويُعيدَ إليها الحياة الإلهيّة التي فقدتها، كما أعاد الحياة الطبيعيّة إلى الفتى ابن أرملة نائين. |
||||
25 - 10 - 2014, 04:55 PM | رقم المشاركة : ( 6696 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
شفى يسوع رجلاً يدُه شلاّء
نصّ الإنجيل ومضى يسوع مِن هناك إلى مَجمَعِهم. فإذا رَجُلٌ يَدُهُ شلاّء، فسأَلوه: " أيَحِلُّ الشِفاءُ في السبت ؟ " ومُرادُهُم أن يَتَّهِموهُ. فقالَ لهُم: "مَنْ مِنكُم إذا لم يكُنْ لـهُ إلاّ خَروفٌ واحِدٌ ووقَعَ في حُفرَةٍ يَومَ السَبت، لا يُمسِكُهُ فَيُخرِجُهُ؟ وكَم يَفوقُ الإنسانُ الخَروف؟ لِذَلِك يَحِلُّ فِعلُ الخَيرِ في السبت ". ثُمَّ قالَ للرجل: " أُمدُدْ يَدَكَ ". فمَدَّها فعادتْ صَحيحَةً كالأُخرى. فَخَرَجَ الفرِّيسيّون َ يأتَمرونَ بهِ ليُهلكوه. (متى 12/9-14) رجلٌ عاطل عن العمل دخل يسوع المجمع للصلاة في يوم السبت، فرأى بين المصلّين رجلاً يدُهُ يابسة. لقد أصابه الشلَل ومنعه عن العمل وجعله عالةً على أسرته. ولمَّا كانت الشريعة اليهوديّة القاسية تتمسَّك براحة يوم السبت تمسّكاً شديداً طرح الكتبة والفرّيسيّون وعلماء الشريعة السؤال على يسوع ما إذا كان شفاء المريض في يوم السبت أمراً حلالاً ترضى عنه الشريعة. لقد طرحوا عليه هذا السؤال لا ليطَّلِعوا على رأيه، بل ليشكوه إلى الرؤساء. فقد كانوا قساة القلوب كالشريعة اليهوديّة القاسية. الإنسان أفضل من الحيوان كان جواب يسوع لهم جواباً مُحْكماً عندما أقام مقابلةً بين الإنسان والحيوان. قال لهم: " إذا وقع خروفٌ في حفرةٍ يومَ السبت، فالشريعة تسمح لصاحبه بأن ينتشله منها بالوسائل المُتاحة له، ولا تعتبر أنَّ عمله هذا عملٌ محرَّم، وذلك خشيةَ أن يموت الحيوان في الحفرة من الجوع أو العطش أو البرْد أو الحرّ الشديد. " واستند يسوع إلى ما تسمح به الشريعة في سبيل إنقاذ حياة الحيوان، فأكّد أنّه يجوز بالأحرى عملُهُ في سبيل إنقاذ حياة الإنسان. واكتفى يسوع بهذه المقابلة التي تُبيِّن أنّ الإنسان أفضل من الحيوان، فأجرى المعجزة يوم السبت وشفى المريض من الشلَل، وأعاد إليه الصّحة الكاملة، وفسح لـه إمكانيَّة العمل كسائر الناس، ليرُدَّ عنه وعن أسرته ألمَ الجوع ومهانةَ التسوّل. الإنسان أحطّ قليلاً من الملائكة إن المجال في المجمع لم يسمح ليسوع بأن يتحدّث عن مقام الإنسان حديثاً طويلاً ومفصّلاً. فلم يُشرْ إلى ما ذكره الكتاب المقدّس عن سموّ الإنسان الذي خلقَهُ الله على صورته كمثاله (سفر التكوين 1/26) ، وجعلَهُ أحطّ قليلاً من الملائكة، فكلَّلَهُ بالمجد والكرامة، وأخضع تحت قدَمَيْه كلّ ما في الكون من مخلوقات أرضيّة ( مزمور 8/5-7) . فالإنسان كائنٌ سامٍ بعقله وذكائه وقدرته على التفكير، واقتباس العلم والمعرفة، وبلوغ الاكتشافات العجيبة، وتحقيق الاختراعات المدهشة. وهو كائنٌ سامٍ أيضاً بما حباه الله من عاطفةٍ نبيلة وحنان على الآخرين، وهذا ما جعله يُنشئ المبرّات الخيريّة والإنسانيّة الكثيرة والمتنوِّعة في بلاد العالم كلّه. وهو كائنٌ سامٍ خصوصاً بالحياة الإلهيّة التي يتمتَّع بها بفضل إيمانه بيسوع المسيح وبالمعموديّة التي رفعته إلى مقام ابنٍ لله وأخٍ للسيّد المسيح . إنّ هذا السموّ يطبع الإنسان بطابع المجد والعظمة، وينصّبُهُ في الواقع ملكاً على الخليقة الأرضيّة وسيّداً على الكون القريب والفضاء البعيد. الإنسان أحطّ من الحيوان إنّ هذه الصورة الجميلة للإنسان التي رسمَها الكتابُ المقدّس نراها في كثيرٍ من الأحيان صورةً مشوّهة للغاية بسبب أعماله القذرة التي يقوم بها. فإنّه يشنّ الحروب الظالمة، ويفتك بإخوته البشر من دون رحمة، ويكدّس لنفسه الأموال بأساليب الغشّ والكَذِب، وينشر البؤس والجوع والمرض والجَهل، ويزرع في قلوبهم الهَلَع والإرهاب، ويحرم مواطنيه أبسط حقوقهم الإنسانيّة، فيحطّم شخصيَّتَهم، ويكبّل حرّيتهم، ويستعبدهم لمصالحه الخاصَّة. إنّ هذا الانحطاط الخلقي يجعله أحطّ من الحيوان الذي لا يتعدّى على رفيقه الحيوان بمثل هذا العنف وهذه الشراسة اللاأخلاقيّة عمل يسوع الفادي في سبيل الإنسان الخاطئ 1-عندما نتأمل في وضع الإنسان نميل إلى القول إنّ الله قد خلقه مجموعةً من المتناقضات وكتلةً مجبولةً بالخير والشرّ على السواء. إنّ هذا القول مخطئ. فالله قد خلق الإنسان صالحاً وبارّاً، وزرع فيه مبادئ الخير الصافي، وما أراد لـه إلاّ أن يكون صالحاً ويبقى صالحاً، كلّه خير وبركة ، بعقله وإرادته وقدراته البشريّة. ولكنَّ الإنسان عارض مخطّط الله، واستسلم بإرادته وحرّيته إلى الخطيئة، فتسرّب الشرّ إلى قلبه وتغلغل فيه، ونزَع عنه هذا الصلاح الرائع الذي حباه الله إيّاه لمّا أبدعه على صورته ومثاله. والخطيئة هذه قد دخلت في العالم منذ عهد الإنسان الأول وانتشرت بين الناس، ولا تزال تنتشر حتى اليوم في المجتمعات البشريّة كلّها. 2- ونحن عندما نرى صورة الإنسان قد تشوّهت بالخطيئة، نتساءل ماذا يعمل يسوع لهذا الإنسان الخاطئ ؟ هل يتركه مشوّهاً ومقيّداً بسلاسل الخطيئة ؟ أم يؤازره على التخلّص من خطيئته ومن مرضه الروحي ؟ إنّ يسوع يعمل لـه اليومَ ما عمله في الماضي للرجل الأشلّ اليد. لقد كان هذا الرجل المشلول عاجزاً عن العمل، لا دخلَ لـه ولا كرامة. فدعاه يسوع إليه ليشفيه ويقدّم لـه إمكانيّة العمل فيُعيل أسرته، ويعيش في المجتمع الإنساني عيشةً كريمة. ولكنّ يسوع لم يضغط على حرّيته، ولم يفرض عليه أن يقوم بالعمل اليومي، بل تركه حرّاً يقرّر ما يريد ويتصرّف كما يريد. 3- يسوع يعمل اليومَ للإنسان الخاطئ عملاً مشابهاً. إنّه يدعوه إليه ليقدّم لـه إمكانيّة التوبة التي تشفي نفسه المريضة وتجعله يعيش بكرامة في مجتمع أبناء الله الأبرار. ولكنّه لا يضغط على حرّيته، ولا يجبره على القيام بالأعمال الصالحة، بل يتركه حرّاً يختار ما يشاء، ويقرّر ما يشاء، ويتصرّف كما يشاء. 4- فإذا تجاوب مع مخطّط يسوع الخلاصي واختار أن يستفيد من الفداء الذي حقّقه لـه بعذاباته وموته وقيامته شُفيَ من شَلل الخطيئة، وتمتّع بالصحّة الكاملة، وحافظ على الصورة الجميلة التي منحه الله إيّاها لمّا خلقته يداه الإلهيّتان. وأمّا إذا رفض أن يتجاوب مع هذا المخطّط الإلهي، واستسلم إلى الخطيئة بملء حرّيته تشوّهت فيه صورة الله، وبقيت نفسه مقيّدة بمرض الشلَل الروحي، وآلت حالته البائسة في نهاية الأمر إلى الموت والهلاك الأبدي. فالإنسان المشلول بالخطيئة يدعوه يسوع إليه ليشفيَه من شلَله. ولكنه لا يقسِره على قبول الشفاء، بل يترك لـه أن يختار بحرّية كاملة أحد الطريقين، طريق الخلاص أو طريق الهلاك. فالعاقل هو من يقبل مخطّط يسوع ويسير في طريق الحياة. والجاهل من يرفض هذا المخطَّط ويسلك طريق الموت. فيسوع يعمل للإنسان ما يؤول إلى خلاصه، وعلى الإنسان أن يكون حكيماً فيلبّي دعوة يسوع إلى الخلاص التطبيق العملي 1- لقد منحك الله الحرّية الشخصيّة وهي من أجمل مواهبه لك لا لتختار الشرّ وتعمله، فالشرّ يؤدّي بك إلى الهلاك، بل لتختار الخير دوماً وتقوم به. وأفضلُ اختيار لك وللآخرين هو اختيارُ فضيلة المحبّة وممارستُها في كلّ مجالاتها الدينيّة والاجتماعيّة والفرديّة. فإنها تحفظ جمال نفسك، وتُرضي قلبَ الله المُحبّ، وتجعلك سعيداً في الدنيا والآخرة، وتزرع السعادة في قلوب الآخرين. 2- يسوع يريد لك صحّة النفس، فلا تقاوم إرادته بموقفٍ ينزع عنك صحّة الحياة فيك، فتكون إنساناً مشلولاً بائساً ، وتفقد كرامتك ومكانتك بين جماعة أبناء الله الأبرار. وأبشعُ مرض من أمراض النفس، الأنانيّةُ المنطويةُ على نفسها. إنها مرض قتّال، تقتل صاحبها وتقتل الآخرين. 3- وإذا ما شعرت بشلَل الخطيئة في نفسك، فتطلّعْ إلى يسوع. إنّه الطبيب الشافي الذي يعيد إليك الصحّةَ الروحيّة الكاملة، وصورةَ الله الجميلة التي طبعها الله في نفسك لمّا أبدعك من والدَيْن مسيحيَيْن. |
||||
25 - 10 - 2014, 04:56 PM | رقم المشاركة : ( 6697 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
طَرَدَ يسوع الشياطين من رجل ممسوس
نصّ الإنجيل ووصَلَ يسوع والتلاميذُ إلى الشاطئ الآخَرِ مِنَ البحرِ في ناحيةِ الجَراسيِّين. ولمَّا نَزَلَ من السفينةِ، إذا رجُلٌ فيهِ روحٌ نجِسٌ قد خَرَجَ مِنَ القبورِ إلى لِقائِهِ. وكانَ يُقيمُ في القبورِ، ولا يَقْدِرُ أحَدٌ أن يوثِقَهُ حتَّى بسِلسِلَة. فكثيراً ما كُبِّلَ بالقيودِ والسلاسِل فقَطَّعَ السلاسلَ وكَسَّرَ القيود. ولم يكنْ أحدٌ يقوى على كَبْحِهِ. وكان طَوالَ الليلِ والنهارِ في القبورِ والجبال، يَصيحُ ويرضِّضُ جِسمَهُ بالحِجارة. فلمَّا رأى يسوعَ عن بُعدٍ أسرَعَ إليهِ وسَجَدَ له وصاحَ بأعلى صَوتِهِ : " ما لي ولكَ يا يسوعَ ابنَ اللهِ العليّ ؟ استحلِفُكَ باللهِ لا تُعَذِّبْني ". لأنَّ يسوعَ قالَ لـهُ : " أيُّها الروحُ النجِس، أُخرُجْ مِنَ الرجُل ". فسألَهُ : " ما اسمُكَ ؟ " فقالَ لـهُ : " اسمي جيش، لأنَّنا كثيرون ". ثمَّ ألَحَّ عليهِ في السؤال ألاّ يطرُدَهُم من الناحية. وكانَ يَرعى هُناكَ في سَفْحِ الجبل قطيعٌ كبيرٌ من الخنازير. فتوَسَّلَتْ إليهِ الأرواحُ النَجِسَةُ بقولِها : " أرسِلْنا إلى الخنازير فنَدْخُلَ فيها ". فأُذُنَ لها. فخَرَجَتِ الأرواحُ النَجِسَة ودَخَلَتْ في الخنازير، فوَثَبَ القطيعُ مِنَ الجُرُفِ إلى البحرِ، وعدَدُهُ نحوُ ألفَيْن، فغَرِقَ في البحر. فهَرَبَ الرُعاةُ ونقلُوا الخَبَرَ إلى المدينَةِ والمزارِع. فجاءَ الناسُ ليَرَوا ما جرى. فلمّا وصَلوا إلى يسوع، شاهَدوا الرَجُلَ الذي كانَ ممسوساً قاعِداً لابِساً صحيحَ العقل، ذاكَ الذي كانَ فيهِ جيشٌ مِنَ الشياطين. فاستَولى عليهِم الخوف. فأخبَرَهُم الشهودُ بما جرى لِلَّذي كانَ مَمسوساً وبِما أصابَ الخنازير. فأخَذوا يسألونَ يسوع أن ينصَرِفَ عن بَلَدِهم. وبينما هو يركَبُ السفينةَ، سألَهُ الذي كان ممسوساً أن يصْحَبَهُ. فلَم يأُذُنَ له،ُ بلْ قالَ لـهُ : " اذهَبْ إلى بيتِكَ، وحدِّثْ ذَويكَ بما آتاكَ الربُّ مِنَ رَحمَتِهِ ". فمضى وأخَذَ ينادي في المُدُنِ العَشرِ بما آتاهُ يسوع. وكانَ جميعُ الناسِ يتعَجَّبون. (مرقس 5/1-20) بؤس هذا الرجل الممسوس وصف لنا الإنجيل بؤس هذا الرجل الذي كان يرزح تحت نير عبوديّ?ة الشياطين. لقد سكنوا فيه وأخذوا يعذّبونه في هذه الحياة قبل أن يواصلوا تعذيبه في نار جهنم. إنَّ هذه العبوديّة المرّة هي نتيجة من يستسلم كلّياً إلى الخطيئة. لقد تمّت في هذا الرجل الممسوس كلمةُ يسوع القائلة :" كلُّ مَنْ يرتكبُ الخطيئةَ يكونُ عَبْداً للخطيئة ".(يوحنَّا 8/34) مقرُّ الشياطين الحيواناتُ لا الإنسان طَلَبَ الشياطين من يسوع ألاّ يأمرهم بالذهاب إلى الهاوية، بل أن يأُذُنَ لهم في الدخول إلى الخنازير التي كانت ترعى على سَفْح الجبل. فأُذُنَ لهم، لا رحمة لهم، بل إشارةً إلى أنَّ مقرَّ الشياطين الحيواناتُ القذرة، لا الإنسانُ المخلوق على صورة الله ومثاله. لقد خلق الله الإنسان ليكون مقرّاً لسكناه تعالى على الأرض. فَمَنْ أحبَّ يسوع ابنَ الله، وحفظ كلامه، كان قلبه مقرّاً لسكنى الله فيه. قال يسوع : " إذا أحبَّني أحدٌ حفِظَ كلامي، فأحَبَّهُ أبي، ونأتي إليه، فنجعلُ لَنا عندَه مُقاماً ". (يوحنَّا 14/23) هل المال أفضل من نعمة يسوع السماويّة ؟ شاهد الرعاة وثبة الخنازير الجهنّميّة نحو البحر، فدبَّ فيهم الفزع، ولم يفهموا أنَّهم أمام سيّد الكون الذي يسيطر على الأرواح الخبيثة ويقهرها بقوّته التي لا تُقهر. ولمّا علم أصحاب الخنازير أنَّ حيواناتِهِم قد اختنقت في البحر تأسّفوا على فقدان أموالهم الأرضيّة، ولم يطلبوا من يسوع الغنى الروحي بديلاً منها ، بل جاءوا إليه وسألوه، والكمدُ والحسرةُ في قلوبهم، أن يرحل عن أراضيهم. فالمالُ في رأيهم أفضلُ من أيّة نعمةٍ سماويّة يأتيهم بها يسوعُ حامِلُ النعمة والسعادة للبشر. إنَّ التعلّق بالمال يقلب مفاهيم الإنسان ويبعده عن الله وعن هدفه السماوي الذي خُلق لأجله. شاهِدٌ لنعمة يسوع وحنانه 1- سأل الرجلُ الممسوس يسوعَ أن يكون من عِداد تلاميذه، فلم يشأ يسوع ذلك، بل أرسله إلى المدن والقرى المجاورة ليشهد أمام الناس لنعمة الله وحنانه. لقد طلب منه يسوع أن يقوم بهذه الشهادة لأنها شهادةٌ واقعيّة شخصيّة مؤثّرة، تطلع الناس على سموِّ شخصيّته وحنانه وسلطته الفائقة على القوَّات الشيطانيّة. وقد اختار الشهادة لأنه يعرف قيمتها وتأثيرها العميق في نفوس السامعين. ولذلك فإنّه طلب من تلاميذه قبل أن يفارقهم ويصعد إلى السماء، أن يكونوا شهوداً لِما رأوه وسمعوه، أيْ أن يكونوا شهوداً لتعاليمه ومعجزاته وقيامته. قال لهم : " إنَّ الروحَ القُدُس ينْزِلُ عليكُم، فتنالونَ قوَّةً وتكونونَ لي شهوداً في أورشليم، وكلِّ اليهوديّة والسامرة، حتَّى أقاصي الأرض". (أعمال الرسل 1/8) وأدّى التلاميذ هذه الشهادة أمام الملوك والحكّام والرؤساء والشعب، وماتوا في سبيل الدفاع عن شهادتهم الحقّة. 2- ولا يكتفي يسوع بأن يكون التلاميذ وحدَهم شهوداً لـه، بل يريد أن يكون كلُّ مسيحيٍّ شاهداً لـه في حياته اليوميّة، أيْ شاهداً للنِعَم السماويّة الكثيرة التي ينالها من رحمة يسوع وقدرته وحبّه للبشر غير المحدود. يسوع مخلّص البشريّة كلّها 1- إنّ الحالة البائسة التي كان الرجلُ الممسوس يحياها قبل أن ينقذه يسوع منها تذكّرنا بحالة البشريّة قبل مجيئه إلى العالم. كان البشر مُستَعبَدين لشريعة الظلام، أيْ للحقد والضغينة والفجور والكبرياء وسحق الضعفاء وقهر المغلوبين. فأتى يسوع إلى العالم وحمل معه إلى الناس شريعةَ النور والحرّية، أيْ السلام والتسامح والعفاف والتواضع ومحبّة المساكين ومؤازرة المحتاجين وحرّية المُكبّلين. فاتّخذت الشريعة بمجيئه إلى العالم طابعاً نورانيّاً مشرقاً. 2- لا شكّ في أنّ الشرّ لم يختفِ من العالم، بل ما يزال منتشراً فيه انتشاراً واسعاً. إنّ انتشاره لا يعود إلى عجز يسوع أمام قوّة الشرّ، بل إلى استسلام الكثيرين من الناس إلى عبادة الشرّ، أيْ إلى أطماعهم وشهواتهم الفاسدة، وإلى ارتياحهم للعيش في عبوديّة إبليس. ولذلك فإنّهم يقاومون عمل يسوع الخلاصي ودعوته إلى الخير، ويناصرون الشرّ في جميع مجالات الحياة الفرديّة والاجتماعيّة. 3- إلاّ أنّ صوت يسوع قد أيقظ ضمائر الكثيرين وأصبح للخير أنصارٌ نشيطون يعملون في سبيل نشر دعوته إلى الخير والمحبّة والعفاف والتضحية. والصراع قائمٌ اليوم بين أنصار الخير وأنصار الشرّ. وسيبقى هذا الصراع قائماً حتى منتهى العالم، وعندئذٍ سينتصر الخير نهائياً وأبديّاً على الشرّ. ويعود الفضل في انتصار الخير إلى عمل يسوع الذي بذل حياته في سبيل دعم مبادئ الخير وإنقاذ البشريّة بآلامه وموته وقيامته من براثن الشرّ وعبوديّة إبليس. التطبيق العملي 1- لاحظْ أنَّ أصحاب الخنازير رفضوا أن يبقى يسوع عندهم ويهديهم إلى الخلاص، وفضّلوا غناهم الأرضي على مواهبه الروحيّة. هل ترفض أنت أن يقيم يسوع في قلبك لأسبابٍ أرضيّة وشهواتٍ بشريّة ؟ حاسبْ نفسكَ وأجبْ بصراحة : - كم مرّةً استسلمت إلى شهوات قلبك من حقد وطمع وتصرّف لا أخلاقي؟ - كم مرّةً أهملت صلواتك في أيام الأحد رغبةً في الراحة أو عملٍ خاص؟ - كم مرّةً كنت عثرةً للآخرين بسوء سلوكك وعجرفتك وكَذِبك؟ 2- إنّ الشرّ الذي يكبّل حرّيتك، في كثيرٍ من الأحيان، يوهمك أنك لا تستطيع أن تتغلّب عليه. في الحقيقة إنّك بمفردك لا تقوى عليه، ولكنّك تتغلَّبُ عليه إذا التجأتَ إلى قدرة يسوع الذي قال : ثقوا أَنا غلبتُ العالم (يوحنَّا 16/33) 3- لقد طلب أصحاب الخنازير من يسوع أن يبتعد عنهم.إن هذا الطلب يذكّرنا بواقعنا. لقد ظَهرت اليومَ بدعة شيطانية في أمريكا، وامتدّت إلى الغرب، وأخذت تدخل إلى بلادنا العربية رويداً رويداً، وبطريقة خفيّة. لقد تأسّست في بادئ أمرها على فلسفات ومعتقدات ومذاهب متناقضة، ثمّ تطوّرت كثيراً ووصلت إلى " عبادة الشيطان ". ومن المؤْسف أنّ كثيرين من روّاد الكنائس في أمريكا والغرب يعبدونه ويتظاهرون بالتقوى، لأنّهم يقدّمون عبادةً كاذبة للمسيح، ولا علاقة حقيقيّة لهم بالمسيح. فهم لا يزالون في خطاياهم عبيداً لإبليس، وذهابُهم إلى الكنائس ما هو إلاّ "روتين" شكلي يقومون به لتسكيت ضمائرهم وإرضاء مجتمعهم، ولكنّهم في الحقيقة أمواتٌ روحيّاً. فعلينا أن نحذر هذه البدعة الشيطانيّة، ونتمسّك بتعاليم ديننا المقدّس، ونحيا حياةً روحيّة سليمة مع يسوع مخلّصنا. |
||||
25 - 10 - 2014, 04:57 PM | رقم المشاركة : ( 6698 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هدَّأ يسوع العاصفة نصّ الإنجيل ورَكِبَ يسوع السفينَةَ فتَبِعَهُ تلاميذُهُ إليها. وإذا البحرُ قد اضطَرَبَ اضطراباً شديداً حتى غَمَرَتِ الأمواجُ السفينة. وأمّا هو فكان نائماً . فدَنَوْا منه وأيقظوهُ، وقالوا لـه : " ربَّنا نجِّنا، لقد هَلَكْنَا ". فقال لهم: " ما لكُم خائفين، يا قليلي الإيمان ؟ " ثمّ قامَ فزَجَرَ الرياحَ والبحر، فعادَ هُدوءٌ تام. فتعجَّبوا وقالوا: " مَنْ هذا حتى تُطيعَهُ الرياحُ والبحر؟ " (متى 8/23-27) خوف التلاميذ لمّا تعرّضوا لخطر الغرق تعرّض التلاميذ لخطر الغرق فخافوا وأيقظوا يسوع وطلبوا إليه بلهفة أن ينقذهم من الخطر، فوبّخهم يسوع. ولكن لماذا وبّخهم ألإنّهم خافوا هيجان البحر كلاّ ! فالخوف شعورٌ عفوي أمام ثورة الطبيعة الهائجة. لقد وبّخهم لأنهم خافوا وهو معهم، وما كان يحقّ لهم أن يخافوا، ويسوع يرافقهم ويعيش معهم. يسوع ابن الله القدير في الحقيقة خاف التلاميذ هيجان البحر لأن إيمانهم بيسوع كان لا يزال هزيلاً، ولم يكونوا يعرفونه آنذاك حقّ المعرفة. وهذا ما حملهم على أن يتساءلوا عندما هدّأ العاصفة: " مَنْ هذا حتى تُطيعَه الرياحُ والبحر ؟ " من هذا ؟ إنّه ابنُ الله القدير الذي خرج من الله وأتى إلى العالم. قال يسوع: " لقد خرجتُ من الله وأتيتُ إلى العالم ". (يوحنَّا 8/42) فهو خالقُ الكون: " بِهِ كانَ كلُّ شيء، وبِدونِهِ ما كانَ شيءٌ مِمَّا كان " (يوحنَّا 1/3) وهو مبدعُ البحار والرياح وقوى الطبيعة وسيّدُها، يسيطر عليها كما يريد ومتى يريد، فتخضع له صاغرة، وتعترف بسلطانه عليها، وترفع إليه التسبيح. وهذا ما حمل صاحب المزمور على أن يقول لها: " سبّ?حي الربَّ أيتُها الشمسُ والقمر، ويا جميعَ الكواكِبِ والنور، وجميعَ اللُّجَجِ والنارِ والبرَدِ، والثلجِ والجليد، والرياحِ العاصفةِ والجبالِ والشجر ". (من مزمور 148) نحن أيضاً نتعرّض للأخطار كما تعرّض التلاميذ للخطر، فكذلك نحن أيضاً نتعرّض للخطر، بل لأخطار كثيرة، وهي أخطار جسديّة وروحيّة. فما هو موقفنا عندما نتعرّض لهذه الأخطار ؟ 1- إنّ الأخطار الجسديّة كثيرة، وهي تحيط بنا من كلّ جانب، وتدهمنا في الوقت الذي لا ننتظر فيه وقوعَها. وهذا ما يوجِبُ علينا : - أن نطلبَ حماية الله بالصلاة الحارَّة،ونسألَه أن يبسط علينا عطفه وسلامه. - وأن نتصرّف في الظروف الصعبة التي نحياها بصبرٍ وحكمةٍ وإيمان. - وأن نعيش في حال النعمة خشيةَ أن يفاجئنا الموت ونحن في حال الخطيئة - وأن نعبّر عن شكرنا لله متى زال الخطر، بالتسبيح لحبّه الذي أنقذنا منه 2- أمّا الأخطار الروحيّة التي نتعرّض لها فهي الظروف والأسباب الخارجيّة والداخليّة التي تدفعنا إلى ارتكاب الخطيئة وفقدان نعمة الله. فهي على سبيل المثال : - إقامة العلاقات اللاأخلاقيّة والمستمرّة بأشخاص فاسدين. - قراءة الكتب ومطالعة المجلاّت الإباحيّة التي تتوخّى انحلال الأخلاق في نفوس الناس، ولا سيّما في نفوس الشبيبة. - مشاهدة صور الفجور والفسق التي تعرضها أشرطة بعض محطّات التلفزيون والأنترنيت، وهدفُها هدمُ الدين والأخلاق. - مزاولة بعض أنواع الرقص التي تثير الغرائز الجنسيّة لدى الراقصين. 3- كيف يجب على المسيحي أن يتصرَّف في مثل هذه الظروف الخطرة ؟ يجب عليه أن يطبّق في سلوكه القواعد الخلقيّة الثلاث التاليّة : القاعدة الأولى : لا يجوز لـه أن يعرّض نفسه لهذه الأخطار. فلا يحقّ لـه - على سبيل المثال أن يجلس أمام شاشة التلفزيون ويتطلّع إلى مشاهد الفجور التي تعرضها، وذلك لان لهذه المشاهد جاذبيّة قويّة وتأثيراً عميقاً في النفس، فلا يستطيع في مثل هذه الحال أن يتغلّب على ما يشعر به من انفعالات عاطفيّة وخياليّة وجسديّة، ولا يقوى على أن يتفادى الخطيئة. فمن عرّض نفسه لهذه الأخطار القبيحة وقع فيها وارتكب الخطيئة، وأهان الله، ودنّس نفسه، ونزَع عنها النعمة المقدّسة. القاعدة الثانيّة: ويحدث للمسيحي أن يُفاجأ ويرى نفسه معرّضاً لأحد أخطار ارتكاب الخطيئة. فيجب عليه آنذاك أن يهرب من الخطر بسرعة وشجاعة. ويكون ذلك بأن يمتنع مثلاً - عن متابعة الحديث القبيح، أو أن يُبعد عن مخيّلته الخيالات الدنسة التي تراوده، أو أن يُغلق الكتاب الفاسد الذي يقرأه. فإذا لم يهرب من الخطر الذي يتعرّض لـه سيطرت عليه الشهوة الداخليّة وارتكب الخطيئة. القاعدة الثالثة:ويحدث لـه أيضاً أن يضعف بعض الشيء أمام قوّة التجربة. فالقاعدة الخلقيَّة الثالثة تدعوه إلى أن يعود إلى رشده بسرعة، ويرفض التجربة بعزيمةٍ ثابتة، ويتواضع أمام الله، ويطلب إليه تعالى أن يغفِر لـه تهاونه وتراخيه، ويشكر له مساندته الفعّالة التي جعلته يصحو ليتلافى ارتكاب الخطيئة. التطبيق العملي 1- لا تقوم البطولة، وأنت أمام خطر الخطيئة، بأن تُجابهَ الخطر، بل أن تهربَ منه. فأنت ضعيف أمام خداع الشيطان، وإغراء العالم الشرير، وثورة الميول الفاسدة في الإنسان. فلا تفتخرْ بقوّة إرادتك. فأنت لست أقوى من بطرس الذي جابه الخطر ولم يهرب منه، فأنكر معلّمه الربّ يسوع . 2- وإن حدَثَ لك أن تضعُفَ أمام التجربة وتسقط في الخطيئة، فتذكّر ما فعله بطرس بعد أن أنكر الربّ يسوع. " خرجَ مِن الدارِ وبكى بكاءً مرّاً ". فهذا ما يفعلُهُ المسيحي الذي يحبّ يسوع حبّاً صادقاً والذي دفعَهُ ضَعفُه البشري إلى نكران يسوع بارتكاب الخطيئة. إنه يعود إلى نفسه ويرى قباحة ما عمله فيخرج من جوّ الخطيئة، ويعبّر عن ندامته ببكاء القلب المتأسّف على الإهانة التي وجّهها إلى الرب يسوع. |
||||
25 - 10 - 2014, 04:59 PM | رقم المشاركة : ( 6699 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
شفى يسوع المرضى والممسوسين الكثيرين
في كفرناحوم نصّ الإنجيل ولمّا كانَ المساءُ، جاءوا يسوع بكثيرٍ مِنَ المَمْسوسين، فكانَ يَطرُدُ الأرواحَ بِكَلِمَةٍ مِنهُ، ويَشفي جميعَ المَرضى. فتَمَّ ما أُوحيَ إلى النبيِّ أشَعيا فقال: " أَخَذَ أسْقامَنا وحَمَلَ أَمراضَنا ". (متى 8/16-17) شفى يسوع حماة بطرس التي كانت الحمَّى الشديدة قد استولت عليها. وكان ذلك اليوم سبتاً. وانتظر الناس مغيب الشمس، وفيه نهايةُ السبت وبدءُ الأحد، فأتَوا إلى يسوع بمرضاهم. وكانوا كثيرين. فشفاهم جميعاً. كثرة الممسوسين في كفرناحوم نحن لا نستغرب عندما نطّلع على أنه كان في مدينة كفرناحوم مرضى كثيرون. فالشوارع كانت ضيِّقة، والنظافة قليلة، والطبّ أقرب إلى الشعوذة منه إلى الطبّ الصحيح، ووسائل العناية الصحيّة كادت أن تكون مفقودة. ولذلك كانت الأمراض المتنوّعة منتشرة بكثرة، والمرضى كانوا أعداداً وافرة. أمّا ما يثير دَهَشَنا فهو كثرة الممسوسين، أيْ كثرة الذين دخلت فيهم الشياطين واستولت على أجسامهم وجعلتها مقرّاً لها تنعم بالراحة والاطمئنان. ولماذا دَخَلَت الشياطين في أجسام الكثيرين من أبناء هذه المدينة ؟ إنَ الشياطين لا تدخل إلاّ أجسامَ الكفرة والفاسدين، وأجسامَ الذين استسلموا كلّياً إلى خطايا الإلحاد والزنى والنجاسة وسؤ الأخلاق. لقد كانت مدينة كفرناحوم مدينةً تجاريّة، وخليطاً من اليهود والوثنيّين. وقد تأثّر كثيرٌ من اليهود بعادات الوثنيّين وكفرهم وسوء أخلاقهم، فأهملوا الصلاة وعبادة الله وحفظ الوصايا، فأضحوا شرّاً من الوثنيّين أنفسهم. ورأت الشياطين أنّهم مهيّأون نفسيّاً وجسديّاً لاستقبال الأرواح النجسة فدخلت فيهم واستقرّت، وأخذت تعذّبهم وهم لا يزالون على الأرض. رسالة يسوع رسالة سلام وتعزية وخلاص شعر يسوع بما كان يتحمَّلُ هؤلاء المرضى والممسوسون من آلامٍ جسديّة ونفسيّة، فرضيَ أن يتحمَّلَ هو نفسه هذه الآلام. فأزال عنهم المرض، وأبعَدَ عنهم سيطرة الأبالسة، وأعاد إليهم الراحة والمكانة الاجتماعيّة، فكانت رسالته لديهم رسالةَ سلام وتعزية وخلاص، حقّقتْ نبوءة أشعيا الذي قال : " أخذَ أسقامَنا وحمَلَ أوجاعَنا ". إلاّ أنَّ أبناء هذه المدينة الكافرة لم يستفيدوا من عمل يسوع الخلاصي، فبَقَوا على كفرهم وسوء أخلاقهم. ولذلك وبَّخهم يسوع توبيخاً شديداً وأنذرهم بالدمار والهلاك. قال لكفرناحوم : " وأنتِ يا كفرناحوم أتحسَبينَ أنَّكِ ترتفعينَ إلى السماء (بغناكِ وثرواتكِ) ستهبِطينَ إلى الجحيم (بسبب كفرك وخطاياك). فلو جرى في سَدوم ما جرى فيكِ من المعجزات، لَبَقيتْ إلى اليوم. على أنّي أقول لكم: إنَّ أرضَ سَدوم سيكونُ مصيرُها يومَ الدِّين أَخَفَّ وطأةً من مصيرِكِ ". (متى 11/23-24) التطبيق العملي 1- لاحظْ عناد أهل كفرناحوم وتمسّكهم بالشرّ . كان موقفُهم هذا شبيهاً بموقف الشيطان الذي بقيَ على عِناده وشرِّه فَفَقَدَ سعادة السماء وهبط إلى جهنم، وهو لا يزال متمسِّكاً بعناده وشرّه. فلا تكنْ عنيداً في الشرّ، بل عُدْ إلى الله بالتوبة. 2- إنَّ سِرّ التوبة سِرٌ يغفر لك خطاياك، ويُريح ضميرك، ويجعلك صديق الربّ يسوع. فاقبِلْ على هذا السرّ كلّما شعرت بتوبيخ ِضميرك. 3- واذكر أنّ رسالة يسوع رسالة تعزية للنفس المتألمة. فالتجئْ إليه بالصلاة كلّما شعرت بألَمٍ أو كآبة. فإنّه يساندك في أوان الضيق ويعزّيك في وقت الحزن. |
||||
25 - 10 - 2014, 05:00 PM | رقم المشاركة : ( 6700 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
شفى يسوع خادم قائد المئة في كفرناحوم
نصّ الإنجيل دَخَلَ يسوع كفرناحوم. وكان لقائدِ مئةٍ عبدٌ مريضٌ قد أشرَفَ على الموت، وكانَ عزيزاً عليه. فلمَّا سَمِعَ بيسوع، أَوْفَدَ إليهِ بَعْضَ أعيانِ اليهود يَسْأَلُهُ أنْ يأتيَ فيُنقِذَ عبدَهُ. ولمَّا مَثَلوا بينَ يدَيْ يسوع، ألَحُّوا عليهِ في السؤالِ فقالوا: " إنَّهُ يستَحِقُّ أن تُحسِنَ إليهِ هذا الإِحسان، لأنَّهُ يُحِبُّ أمَّتَنا، وهو الذي بَنَى لنا المجمَعَ ". فمضى يسوعُ معَهُم. وما إنْ صارَ غيْرَ بعيدٍ مِنَ البيتِ، حتى أرسَلَ إليهِ قائدُ المئة بعضَ أصدِقائِهِ يقولُ لهُ : " سيِّدي، لا تُكَلِّفْ نفسَكَ فإنّي لسْتُ أهلاً لأنْ تَدْخُلَ بَيتي فتَقِفَ تحتَ سَقفي، ولِذَلِكَ لم أرَني أهلاً لأن أجيءَ إليك، ولَكِنْ قُلْ كَلِمَةً يَبرأْ غُلامي. فأنا مَرؤوسٌ ولي جُندٌ بإِمرتي، أقولُ لهذا: اذهبْ فيَذهب، وللآخَر: تَعالَ فيأتي، ولعَبدي: إِفعلْ هذا فيفعَلُهُ ". فلمّا سَمِعَ يسوع ذلك، تعَجَّبَ منهُ، والتَفَتَ إلى الجَمْعِ الذي يتبَعُهُ فقال: " أقولُ لكُمْ : لم أجِدْ مِثلَ هذا الإيمان حتى في إسرائيل. وأقولُ لكم :سوف يأتي أُناسٌ كثيرون مِنَ المشرِقِ والمغرِب، فيجالسونَ إبراهيمَ وإسحقَ ويعقوبَ على المائدةِ في ملكوتِ السماوات. وأمّا بَنُو الملكوت فيُلْقَونَ في الظُلمَةِ البرَّانية، وهناك البُكاءُ وصريفُ الأسنان ". ورجَعَ الموفدونَ إلى البيت فوجدوا العبدَ قد رُدَّت إليهِ العافية. (لوقا 7/1-11 ومتى 8/11-12) كان هذا القائد يحبّ خادمه. وقد أظهر محبّته له عندما سعى بما كان لديه من الوسائل البشريَّة للحصول من يسوع على معجزة تشفيه من مرضه الخطير. هذا القائد الوثني قدوة للأسياد وأرباب العمل 1- إن تصرّف هذا القائد الوثني أنموذجٌ حيّ لجميع الأسياد وأرباب العمل. فيجب عليهم أن يعلموا أنّ خدَّامهم وعمَّالهم بشرٌ على مثالهم، مخلوقون على صورة الله، لهم حقوقهم وكرامتهم ومقامهم في المجتمع. فلا يجوز للأسياد وأرباب العمل أن يهدروا حقوق عمّالهم وخدّامهم، ويعاملوهم باحتقار، ويحرموهم كرامتهم، ويمنعوهم من تحقيق حاجاتهم الأساسيّة في مجالات الحياة، كالصحّة، والراتب العادل، والاستراحة الضروريّة، والكرامة الشخصيّة. 2- إنّ الكتاب المقدّس يوبّخ الأغنياء على عجرفتِهم وهدْرِ حقوق مستخدميهم. قال القديس يعقوب للمزارعين الظالمين: " ها إنّ الأجرةَ التي حرمتموها العَمَلَةَ الذين حصَدُوا حقولَكُم قد ارتفَعَ صياحُها. وإنَّ صُراخَ الحصّادين قد بَلَغَ أُذُنَيْ ربِّ الجنود". (رسالة يعقوب 5/4) . فعلى الأسياد وأرباب العمل المسيحيّين أن يُصغوا إلى أقوال الكتاب المقدّس، ويُعاملوا خدّامهم وعمّالهم بما تقتضيه العدالة والاستقامة والمحبّة المسيحيّة. تواضع قائد المئة وإيمانه سَمِعَ القائد الوثني المقيم في كفرناحوم أن يسوع يشفي المرضى، فعزَمَ على أن يسأله شفاء خادمه المريض. ولمّا لم يكن يعرفه معرفة شخصيّة أرسل إليه وفداً من أعيان اليهود يسألونه شفاء الخادم. فمشى يسوع معهم إلى بيت القائد. 1- تواضع قائد المئة : كان هذا القائد متواضعاً فعدَّ نفسَهُ غيرَ أهلٍ لأن يستقبل يسوع في بيته، فأرسل إليه أصدقاءه، ويسوعُ في الطريق، يقولون لـه نيابةً عنه: " إنّي لستُ مستحقّاً أن تدخُلَ تحتَ سقف بيتي، كما إنّي لستُ أهلاٌ لأن آتيَ إليك لأنّي من الأُمّة الوثنيّة ". إنَّ هذا التواضع العميق قد أثّر في قلب يسوع تأثيراً بالغاً. 2- وإيمان قائد المئة: لم يكتفِ هذا القائد بأن يعبّر عن تواضعه، بل أبدى إيمانه الوطيد بقدرة يسوع على شفاء خادمه المريض. واستعمل للتعبير عن إيمانه لغة الجنود في ثُكَنِهم، فقال ليسوع: كما إنّي أُطيعُ أوامر رؤسائي الضبّاط لأنهم أرفع منّي مقاماً، وكما إنَّ مَرؤوسيَّ الجنود يُطيعون أوامري لأني أعلى منهم مرتبةً، فكذلك المرضُ بالنسبة إليك. فهو يُطيعُك لأنك أسمى مرتبةً من جميع أمراض الطبيعة ومصائبها، وقادرٌ على كلِّ شيء. يكفي أن تأمرَ المرضَ بالزوال فيزولُ ويَبرأَ خادمي إعجاب يسوع بتواضع قائد المئة و إيمانه سمع يسوع قول قائد المئة فأُعجب بتواضعه. إنّ الكلمة التي عبّر بها عن تواضعه قد حفظتها الكنيسة باهتمام ووضعتها على شفاه المؤمنين ليقولوها ليسوع بكلّ تواضع قبل أن يتناولوا القربان الأقدس: " إلهي ! لستُ أهلاً لأن تدخُلَ تحتَ سقفِ بيتي، ولكن قُلْ كلمةً واحدة فتحيا نفسي ". وأُعجب يسوع بإيمانه أيضاً، فأقام مقابلةً بين إيمان الوثنيّين القويّ وإيمان اليهود الضعيف. فاليهود كانوا يرون معجزاته الكثيرة، ويسمعون أقواله وتعاليمه السامية، ومع ذلك لم يكن لديهم إيمانٌ على قدْر إيمان الوثنيّين. ولذلك أوضح يسوع ما في قلبه من إعجاب فقال : " إني لم أَجدْ مِثْلَ هذا الإيمان حتى في إسرائيل ". ثمَّ تنبَّأ عن مستقبل الوثنيّين واليهود، فبيَّن أنّ الوثنيّين الذين يأتون إليه من مشارق الأرض ومغاربها سوف يؤمنون به وينالون مكافأة إيمانهم، مع إبراهيم وإسحق ويعقوب، في ملكوت الله. أمَّا اليهود الذين دعاهم الله إلى أن يكونوا أبناء الملكوت، فإنّهم سيرفضون الإيمان بالمسيح، وينالون عقاب رفضهم العنيد في مقرّ العذاب الأبدي حيثُ البكاءُ وصريفُ الأسنان. التطبيق العملي 1- لاحظْ إيمان الوثنيّين. إن أجدادنا آمنوا بقدرة يسوع وحافظوا على إيمانهم بها على الرَّغم من الاضطهادات.فكانوا قدوةً في الإيمان لأحفادهم المسيحيّين. فاقتدِ بإيمانهم لتكون بدورك قدوةً صالحة للآخرين. 2- إن قائد المئة مثلٌ لكَ في التواضع. فمهما كنت غنيّاً أو ذكيَّاً أو صاحبَ سلطة ونفوذ، فأنتَ لا شيء أمام عظمة يسوع الإلهيّة، فتواضعْ أمامه. 3- كما التجأ قائد المئة إلى وساطة الأعيان، فكذلك لا تخشَ أنت أن تلتجئ إلى وساطة أمّنا مريم العذراء والقدّيسين لتطلب من يسوع النِعَمَ التي تحتاجُ إليها. إنّ هذه الوساطة محبّبة إلى قلبه لأنّها تمجّد القديسين الذين أحبّوه إلى حدّ البطولة. |
||||