منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23 - 10 - 2014, 04:09 PM   رقم المشاركة : ( 6631 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

صلاة لنيل فضيلة الطهارة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ايها القديس يوسف أبو الأبكار وحاميهم، يا من إئتمنك الله على حراسة يسوع الطهارة بالذات، وعلى مريم أمه عذراء العذارى، إني أتوسل اليك واناشدك بيسوع ومريم الوديعتين العزيزتين على قلبك، أن تصونني من كل دنس. حتى اذا آتيتَني طهارة القلب وعفاف الجسد، أخدم دائما يسوع ومريم خدمة صادقة. آمين.
 
قديم 23 - 10 - 2014, 04:11 PM   رقم المشاركة : ( 6632 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

طلبة القدّيس يوسف

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
طلبة القدّيس يوسف


يا ربنا يسوع المسيح
يا ربنا يسوع المسيح
أيها الآب السماوي الله
أيا ابن الله مخلص العالم
أيها الروح القدس الله إرحمنا
أيها الثالوث القدوس الإله الواحد
يا قديسة مريم
يا مار يوسف
يا فرع داود الشريف
يا نور الأباء
يا عروساً لوالدة الإله
يا مربياً لإبن الله
يا واقي المسيح المتفاني
يا أباً للعائلة المقدّسة
يا مار يوسف الكلّي الإستقامة
يا مار يوسف الكلّي النقاوة
يا مار يوسف الكلّي الفطنة
يا مار يوسف الكلّي الشجاعة
يا مار يوسف الكلّي الطاعة
يا مار يوسف الكلّي الأمانة
يا مرآة الصبر
يا محبّاً للفقراء
يا مثال العملة
يا زينة الحياة العائلية
يا حارس العذارى
يا سند العائلات
يا تعزية البؤساء
يا رجاء المرضى
يا شفيع المنازعين
يا مخيف الشياطين
يا محامي الكنيسة المقدسة
يا حمل الله الحامل خطايا العالم
يا حمل الله الحامل خطايا العالم


يا حمل الله الحامل خطايا العالم
إستجبنا
أنصت إلينا
إرحمنا
إرحمنا
إرحمنا
إرحمنا
تضرعي لأجلنا
لنصلِ:
أيها الإله، الذي تنازل بعناية لا توصف واختار القديس يوسف عروساً لأمه الكلية القداسة، نسألك نحن الذين نكرم على الأرض شفيعنا هذا، أن نستحقه شفيعاً لنا في السماء. يا من تحيا وتملك إلى دهر الداهرين. آمين
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قدتُفضّل هذه الصلاة الأخرى
يا قديس يوسف، أنا إبنك الغير مستحق، أحيّيك. أنت الحامي الأمين وشفيع كل الذين يحبّوك ويكرموك. أنت تعرف أن لديّ ثقة خاصّ فيك لأنني, كما مع يسوع ومريم, أضع كلّ أمل خلاصي فيك، لأنك قادر بطريقة خاصّة مع اللّه ولن تترك خدمك المخلصين أبدًا. لذلك أتضرّع إليك بتواضع وأئتمن نفسي, مع جميع من هو عزيز عليّ و كلّ ما يخصّني, إلى شفاعتك. أترجّى منك, من أجل حبّك ليسوع و مريم, ألاّ تتخلّى عنّي أثناء الحياة وأن تساعدني في ساعة موتي
يا قدّيس يوسف المجيد، عروس العذراء الدائمة البتولية، إحصل لي على قلب نقيّ، متواضع، فكر خيِّر ورزوح كامل للإرادة الإلهية. كنّ مرشدي، والدي، ومثالي خلال حياتي لكي أستحق الموت مثلك، بين ذراعي يسوع ومريم
أيها القديس الحبيب، التابع المخلص ليسوع المسيح، أرفع قلبي إليك طالباً قوّة شفاعتك لتحصل لي من قلب يسوع الإلهي كل النِعَم الضرورية من أجل راحتي الروحية والزمنية، خاصّة نعمة الميتة الصالحة، والنعمة التي أطلبها منك الآن: (أذكر النيّة). أيها الحارس للكلمة المتجسّدة، أشعر بثقة أن صلاتك من أجلي سوف تُسمَع أمام العرش الالهي. آمين
 
قديم 23 - 10 - 2014, 04:32 PM   رقم المشاركة : ( 6633 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القدّيسة رفقا الراهبة اللبنانيّة
(1832- 1914)
أبصرت رفقا النورَ في حملايا، إِحدى قرى المتن الشمالي في لبنان، سنة 1832، وكانت وحيدة لواليدَيها التقيين: مراد صابر الشُّبُق (الريس)، ورفقا الجميّل. ودعيت "بطرسيّة". توفيت والدتها وهي بعمر سبع سنوات.
في سنّ المراهقة، بدت بطرسيّة فتاةً جميلةَ الطلعة، حلوة المعشر، خفيفة الروح، رخيمة الصوت، تقيّة وديعة، فأمالت اليها الانظار. ثمّ حزمت أمرها على قرارِ أن تعتنق الحالة الرهبانية.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وذهبت الى دير سيدة النجاة في بكفيا لجمعية المريمات، حيث دخلت دير الابتداء في اول كانون الثاني 1853، وهي في ربيع العمر، ثمّ لبست ثوب الابتداء يوم عيد مار مارون 1855. فبدت مبتدئة رصينة وناضجة، فوثق بها معلّموها، وأَرسلوها تسهر على فتيات موظّفات في معمل حياكة في الشبانية، وتُؤمّن لهنّ، في الوقت عينه، التعليمَ الديني. فقامت بمَهمّتها خير قيام. ثم نقلتها السلطة إلى دير غزير حيث نذرت النذور الرهبانية المؤقتة في 10 شباط 1856. ومكثت الاخت بطرسية في دير غزير سبع سنوات حيث عُهدت اليها خدمةُ المطبخ وقد تعبت فيها كثيراً.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حوالي سنة 1860، قام بعض آباء الرهبانية اليسوعية بأعمال رسالة روحيّة في دير القمر، وكانت الاخت بطرسيّة، مع راهبة أخرى، تَصحبانِهم وتقزمان بتعليم الأَحداث التعليم الديني. وفي تلك الاثناء، حدثت مَذابح دير القمر الشهيرة. وفي احد الايام، بينما كانت الاخت بطرسيّة مارّة في البلدة، شاهدت بعض الجنود البرابرة يطاردون بخناجرهم المُسنّنة ولداً صغيراً ليذبحوه. فلما رآها هرع إِليها مُلتجئاً، فخبّأَته على الفور بردائها الرهباني، وخلصته من وحشيتهم البربرية. وبسبب ذلك الاضطهاد، لم تَطُل إِقامة الأخت بطرسيّة في دير القمر، فأَرسلها رؤساؤها الى مدرسة جبيل فأقامت فيها سنة؛ فاكتشف أَهل جبيل مواهبها وانتشرت شهرتها في المدينة، فعلم بها السيّد انطوان عيسى فطلبها من رؤساؤها مع راهبة معاونة لتعلّما الاحداث في قريته معاد. أِجابت الجمعية طلبَه وأرسلت اليه الاخت بطرسية مع رفقية لها، ففتحتا مدرسة في القرية المذكورة ضمّت ستّين بنتاً. ومكثت الراهبتان تُمارسان التعليم سبع سنوات، وكانت رسالتهما ناجحة جداً.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وَحَدَثَ أَن حُلّت جمعية المريمات، فأَلهمها تعالى أَن تدخل في الرهبانية البنانية المارونية، في دير مار سمعان القرن، قرب أيطو، وهو دير مخصّص للرهبات اللبنانيات المحصنات. فقُبلت الاخت بطرسيّة على الفور في الدير ولبست ثوب الابتداء في 12 تموز 1871؛ ثم نذرت نذورها المؤبدة في 25 آب 1872، وأخذت لها اسم الاخت رفقا في الرهبانية الجديدة تيمّناً باسم والدتها المتوفاة.
وبعد أن عاشت الاخت رفقا أربع عشرة سنة في دير مار سمعان القرن، وهي تتمتّع بصحّة جيّدة، وكانت مثالاً حيّاً لأَخواتها الراهبات في حفظ القوانين والصلاة المتواترة والعمل الصامت، شعرت في قرارة نفسها وبإِلهام من الروح القدس أَن العناية الالهية تدعوها الى المزيد من التضحية وبذل الذات، فدخلت كنيسة الدير في يوم أحد الوردية الكبير، وهو الاحد الاول من تشرين الاول 1885، وجثت أمام القربان الاقدس وأَخذت تصلّي وتقول:" إلهي، لماذا تركتني؟ إلهي، لماذا أنت بعيد عني؟ لماذ لا تزورني وتفتقدني بمرض أُظهر لك به كامل محبتي، وبه أكفر ذنوبي وخطاياي وخطايا الآخرين؟" والله الغنّي بكلّ رحمة (أفسس 2/4) استجاب سؤالها للحال. فمنذ ليل الاحد الاول من تشرين الاول 1885، شعرت الاخت رفقا بوجع أليم في رأسها أَخذ يمتدّ فوق عينيها كشهب نار ويستقرّ في مُحجَريهِمَا، ورافقها وجع العينين أكثر من اثنتي عشرة سنة، وانتهى بها إلى عمى لازمها ست عشرة سنة اخرى. ولمّا أرسلتها رئيستُها الى بيروت للمعالجة برُفقة المرحوم صالح ضومط من معاد، عرّجت على انطوش الرهبانية في جبيل، فالتقت هناك طبيباً أميركياً، عرضت عليه عينها اليمنى. فحكم باجراء عملية جراحيّة لها. وفي أثناء العملية، كان حاضراً الاب اسطفان من بنتاعل، فطلب ان يُبنّج لها الطبيبُ عينَها تخفيفاً للالم، أَما هي فلم تَرضَ، وحدث انه خلال العملية، اقتلعَ عينها برمّتها، ووقعت أمامها على الارض وهي تختلج. فقالت الاخت رفقا:" مع آلام المسيح. سَلُمَت يداك أيها الطبيب. آجرك الله". ولمّا انتهت العملية، سألت الاب اسطفان: هل أعطيتَ الطبيب أُجرتَه؟ فأجابها:" أَتريدين أَن تدفعي له أُجرته لقاء قلع عينكِ؟".
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ومكثت الاخت رفقا في دير مار سمعان القرن ستا وعشرين سنة متواصلة. وعندما قررت السلطة العليا في الرهبانية تأسيس دير مار يوسف جربتا – البترون، سنة 1897، فَصَلت ستَّ راهبات من جمهور دير مار سمعان، وأرسلَتهن الى الدير الجديد، وكانت الاخت رفقا إِحدهنّ، وكانت عينها اليسرى في آخر عهدها بالنور. وبعد سنتين من وصولها، انطفأ هذا النور نهائياً، فأمست الاخت رفقا عمياء، وبدأت، على عماها، مرحلة اخرى جديدة من مراحل جلجلة آلامها الفادحة.
وفي ذات يوم، قالت الاخت رفقا لرئيستها الام ارسلا ضومط:" اني اشعر بوجع مؤلم في جنبيّ، كأَنَّ رؤوسَ حراب تُغرز فيهما، وبوجع أيضاً في أصابع رجلي أُحسّ كأنها تتقطع". وبدأ جسمُها، من جّراء هذا الالم، يضعف ويهزل رويداً رويداً ما عدا لون وجهها، فقد بقي مشرقاً وضّاحاً. ومنذ ذلك الحين، عجزت عن الوقوف ولازمت الفراش. وانفكّ وركها الأيمن وحاد عن مركزه، فأمست لا تستطيع تحريك رجلها اليمنى، ولا طيّها. وانفكّ عظم رجلها الأخرى. وشهدت احدى الراهبات، قالت:" لم تكن تتحرّك في فراشها دون ان تحرّكها الرهبات. وأَذكر اني ساعدت يوماً رفيقاتي في إنهاضها لتفيير ثيابها، فانفكّ جنبها. فقالت بلطف ودون تذمر: يا أُختي، وجعني جنبي. فنظرنا فإِذا بجنبها مخلوع عند زرّ الورك، وقد نفر من محّله، وعظم كتفها شكّ في رقبتها وخرج من موضعه. وكانت تشعر من هذا الكتفكّك بألم شديد. وكانت خرزات ظهرها منظورة، ويمكن عدّها واحدة فواحدة. ولم يَبقَ عضو صحيح في جسمها غير مخلَعي يديها اللتين كانت تحوك بهما جوارب وملبوسات بالصنارة، وهي تشكر الله لإِبقائه يديها سليمتين لتشتغل بهما هرباً من البطالة".
وسألتها يوماً الرئيسة:" ماذا يوجعك؟ فأجابت: وجعي في كلّ جسمي، وهو داخل عظامي وفي نخاعها. وقد صارت عظامي نخرة كاسفنجة؛ وبعد موتي ترون صدق ما اقول".
رقدَتْ رفقا برائحة القداسة في 23 آذار 1914، ودُفنت ببساطة في مقبرة الراهبات بين أشجار السنديان؛ وعلى عكس ما حدث لجثمان القدّيس شربل الذي حُفِظ سليماً، فإِنّ جثمانَها ذابَ وهي لا تزال حيّة. لذا وُجِدَ حين كُشِفَ عليه عظاماً نخرةً كالإشفنجة. فقوّة الله التي حفظَتْ جثمانَ شربل بعد وفاته خِلافاً لسُنّة الطبيعة، هي نفسُها سمحَتْ بأن يَتَلفَ جسمُ رفقا في حياتها، فيما أبقَتهُ صالحاً لاّتحاد النفس به. وكانت حياتُهُ فيه على خلاف نظام الطبيعة.
إِنّ صيتً القداسة الساطع، الذائع، الذي شُرِّفَت به رفقا في حياتها، زاد انتشاراً بعد وفاتها، أَثبتتهُ مع الأيام، الآياتُ العٌلويّةُ المتعدّدة والمتنوّعة. لذلك، فُتحت دعوى تطويبها، وبوشرت التحقيقات بإشراف السلطة الكنسية، سنة 1926، ووقّع البابا بولس السادس بيده افتتاح الدعوى، في 1 حزيران سنة 1968.
ولّما انتهت مراسيم المرحلة الثانية من الدعوى، أمرَ البابا يوحنا بولس الثاني بإصدار قرار حول بطولية فضائلها، في 11 شباط سنة 1982.وفي نهاية المرحلة الثالثة، أصدر قداستُه، قراراً بتعيين يوم 17 تشرين الثاني سنة 1985 لإعلانها طوباوية، وفي 10 حزيران سنة 2001 أعلنها قدّيسةً للكنيسة الجامعة.
صلاتها معنا. آمين.
 
قديم 23 - 10 - 2014, 04:33 PM   رقم المشاركة : ( 6634 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

تساعية القّديسة رفقا
الراهبة اللبنانّية المارونّية
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مقدّمة:
قال الربّ يسوع:" صلّوا ولا تملّوا " (لوقا)
لا يخفى على المؤمن المدرك ما للصلاة من دور في حياته، لأننا بالصلاة نكمل وصيّة المسيح هذه.
التساعية هي صلاة تقويّة يتلوها المؤمن منفرداً مدّة تسعة أيام متتالية طلباً لنعمة شخصيّة أو على نيّة شخص آخر.
التساعية صلاة فرديّة لا تغني عن صلاة الجماعة، بل هي تحضير وتكملة لها.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اليوم الأول
باسم الآب واﻹبن والّروح القدس. آمين.
المجد لك يا الله الآب، يا من دعوت القدّيسة رفقا إلى الحياة الرهبانيّة المقدسّة، وكنت لها الآب والأم. السجود لك أيها اﻹبن، يا من جعلتها رسولة الألم والفداء والفرح. والشكر لك أيّها الرّوح القدس يا من قوّيتها على الصبر والجهاد.
بشفاعتها، ربّ، إستجب سؤلي، وامنحني النّعمة التي أطلبها من جودك اﻹلهي (أذكرها)، فأمجدّك معها أيّها الآب واﻹبن والرّوح القدس كلّ أيام حياتي، إلى الأبد. آمين.
(هنا يتلوا المؤمن الأبانا والسلام والمجد مرّة واحدة)
صلاة
سألناك أيتها القديّسة رفقا: أسكبي في قلب عالمنا المتألم الفرح الحقيقيّ. عزيّ المحزونين، إزرعي فيهم السعادة والدفء والنّور والحياة. علّمينا أن نحيا في الصلاة حياة أبناء الأيمان، لتبقى حياتنا ملأى بالحضارة اﻹلهّية لقد عجز الطّب عن شفائك فشفيتي المرضى بالأبم والحبّ.كفكفي الدموع، بلسمي الجراح، أرجعي صفاء الحبّ والترنيم، وابقي لنا المثال الحيّ في كلّ شيء، حتى نؤهّل معك ومع العذراء مريم لتمجيد الثالوث القدّوس، الآب واﻹبن والرّوح القدس، إلى الأبد. آمين.
(تعاد هذه الصلاة كلّ يوم)
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اليوم الثاني
باسم الآب واﻹبن والّروح القدس. آمين.
أيّها الرب يسوع، يا منّ غمرت القدّيسة رفقا بالحنان، وغذّيت حياتها بالقربان، وملأتها فرحاً وسلاماً، وجعلت جسدها وروحها هيكلاً روحياً مقدسّاً، فجمعت في حياتها الرّهبانيّة طريقة الرّسالة والعمل، طريقة النّسك والصلاة.
بشفاعة القديّسة رفقا أرسل ربّي، إلى كنيستك عمّالاً وعاملات مخلصين، وامنحني النعمة التي أطلبها (...)، فأمجّدك معها ومع الآب والّروح القدس إلى الأبد. آمين.
(هنا يتلوا المؤمن الأبانا والسلام والمجد مرّة واحدة، وسألناك أيتها القدّيسة رفقا...).
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اليوم الثالث
باسم الآب واﻹبن والّروح القدس. آمين.
أيّها الروّح القدس، يا من أقمت لنا القدّيسة رفقا مثالاً في حمل الصليب،تردّد مع القديّس بولس: " لا أعرف إلاّ يسوع مصلوباً "، حتى صارت رسولة جديدة، رسولة الألم وشفيعة ومثالاً للبشريّة المتألّمة، قدّرنا، على أن نحمل الصليب نظيرها، بإيمان ورجاء ومحبّة.
هبني، يا روح الحكمة بشفاعة القدّيسة رفقا التي أطلبها في هذه التساعيّة(...) إذا كان ذلك موافقاً لإرادتك المقدّسة، فارفع المجد إليك وإلى الآب والإبن إلى الأبد. آمين.
(هنا يتلوا المؤمن الأبانا والسلام والمجد مرّة واحدة، وسألناك أيتها القدّيسة رفقا...).
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اليوم الرابع
باسم الآب واﻹبن والّروح القدس. آمين.
أيّها المسيح إلهي، لقد افتقدت الصغيرة رفقا بفقد أمّها الحنون، وأعطيتها أمّك البتول أمّاً لها.
أبق ربّ القديّسة رفقا خميرة قداسة للعائلات المسيحيّة، ومثلا ًحيّاً لكلّ متألّم ومعاقٍ وعاجز، لكلّ ضريرٍ ومريضٍ وحزين، لكلّ طفل ويتيم، ليحملوا صليبك بحبّ وفرح.
إستجب يا ربّ وامنحني النّعمة (...) التي أطلبها بشفاعة القدّيسة رفقا فأسبّحك معها إلى الأبد. آمين.
(هنا يتلوا المؤمن الأبانا والسلام والمجد مرّة واحدة، وسألناك أيتها القدّيسة رفقا...).
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اليوم الخامس
باسم الآب واﻹبن والّروح القدس. آمين.
أيّها العروس السماوي، يا من سلبت قلب النقيّة رفقا وهي في ربيع حياتها، فباتت لا ترى جمالاً أو سعادة أو راحة إلاّ بك وفيك ومعك. دعوتها إلى الرسالة الإنجيليّة، فكانت تعمل وتعلّم بغير ملل، زارعة في قلوب الكبار والصغار أقوالك وتعاليمك الإنجيلّية، وأمثال قدّيسيك من خلال اختبارها الرّوحيّ.
بشفاعة القدّيسة رفقا هبني، ربّي، النعمة التي أطلبها (...)، فأعيش المحبّة الصادقة والسلام الحقيقيّ، الذي أنت منبعه، وأمجّدك معها إلى الأبد. آمين.
(هنا يتلوا المؤمن الأبانا والسلام والمجد مرّة واحدة، وسألناك أيتها القدّيسة رفقا...).
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اليوم السادس
باسم الآب واﻹبن والّروح القدس. آمين.
أيّها الربّ يسوع، يا من كنت للأخت رفقا مرشداً وحافظاً حين الشدّة. فصلّت لك وشعرت في قرارة نفسها أنك تدعوها إلى المزيد من التضحية وبذل الذات. فدخلت الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة وكانت مثالاً حيّاً لأخواتها الراهبات في حفظ القوانين والصلاة المتواترة والعمل الصامت. أعطنا ربّ بشفاعتها: عوناً واستنارة مسيحيّة للآباء والأمّهات فقهاً علمّياً وروحيّاً للمعلّمين والمعلّمات، قداسة سيرةٍ للرهبان والراهبات.
إمنحني ربّ بشفاعة القدّيسة رفقا هذه النعمة (...) حسب مشيئتك، فألبّي ندائك في حياتي، وأمجّدك معها إلى الأبد. آمين.
(هنا يتلوا المؤمن الأبانا والسلام والمجد مرّة واحدة، وسألناك أيتها القدّيسة رفقا...).
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اليوم السابع
باسم الآب واﻹبن والّروح القدس. آمين.
أيتّها القدّيسة رفقا، يا من سألت الربّ يسوع نعمة المشاركة في آلامه المحيية فاستجابك في الحال: فقدت النظر، وأقعدك داء المفاصل العمر كلّه، وتسمّرت على الصليب الألم والوجع تسعاً وعشرين سنة، وكنت صابرة شاكرة لله ترددّين: " مع آلام يسوع، مع إكليل الشوك المغروز في رأسك سيّدي". ولن تكن الابتسامة تفارق وجهك البهيّ، فكنت فرحة مسرورة في آلامك.
أسألك أيتّها القدّيسة رفقا أن تستمدّي لي من عروسك الإلهيّ النعمة التي أطلبها (...) ، لكي أشيد معك بمجده كلّ أيّام حياتي إلى الأبد. آمين.
(هنا يتلوا المؤمن الأبانا والسلام والمجد مرّة واحدة، وسألناك أيتها القدّيسة رفقا...).
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اليوم الثامن
باسم الآب واﻹبن والّروح القدس. آمين.
أيتّها القديّسة رفقا، يا صديقة الصليب، وشريكة المصلوب في عمل الفداء، إبقي معنا، في عصرنا وفي الأجيال الطالعة، رسولة الألم والفرح، الخير والمحبّة. صلّي ليقبل المرضى والمتألّمون بشجاعةٍ نصيبهم، خشبة خلاص لهم وللعالم أجمع، فيكلّموا في أجسادهم وأرواحهم آلام الفادي الإلهيّ ويتقدّسوا ويقدّسوا العالم. ضمّي صلتك إلى صلاتنا واسألي الله لنا المغفرة والرضوان واطلبي لنا نعمة الثبات إلى النفس الأخير.
إستمدّي لي من الرّب يسوع النعمة التّي أطلبها(...)، لأمجّده معك إلى الأبد. آمين.
(هنا يتلوا المؤمن الأبانا والسلام والمجد مرّة واحدة، وسألناك أيتها القدّيسة رفقا...).
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اليوم التاسع
باسم الآب واﻹبن والّروح القدس. آمين.
أيتّها القديّسة رفقا، يا تلميذة المسيح الحقيقيّة، وشريكة الفادي في آلامه الخلاصّية، يا من أقبلت إلى خدمة الربّ، فصرت كلّك له، قربانة طاهرة كاملة. أسأل الربّ يسوع بشفاعتك أن يبارك حياتي وعائلتي ووطني ويساعدني لكي أسهم في تحقيق ملكوته.
إستمدّي لي النعمة التي أطلبها (...)، فأسبّح معك الثالوث القدّوس الذي كلّلك بالمجد الأبديّ. آمين.
(هنا يتلوا المؤمن الأبانا والسلام والمجد مرّة واحدة، وسألناك أيتها القدّيسة رفقا...).
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قديم 23 - 10 - 2014, 04:38 PM   رقم المشاركة : ( 6635 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
البشارة لمريم (لوقا 2: 26 – 48)
البشارة لمريم بداية تحقيق تصميم الله الخلاصي، وقد بلغ ملء الزمن لتحقيقه بعد أن هيّأه الله بابراهيم وموسى والأنبياء والمزامير. وأعدّ مريم إبنة يواكيم وحنّة من الناصرة، لتكون أم ابنه الازلي فتعطيه جسداً بشرياً ليتمم عمل الفداء والخلاص. ما يعني أنّ الله هو سيّد التاريخ ، وأن الإنسان، كل إنسان معاون له في صنعه. هذا ما يولي كل شخص بشري كرامة وقدسية، ومريم العذراء هو المثال بامتياز.
أولاً، شرح نص الإنجيل
من إنجيل القديس لوقا 1 : 26-38
26 وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة* 27 إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف و اسم العذراء مريم* 28 فدخل إليها الملاك و قال سلام لك أيتها المنعم عليها الرب معك مباركة انت في النساء* 29 فلما رأته اضطربت من كلامه و فكرت ما عسى أن تكون هذه التحية* 30 فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله* 31 و ها أنت ستحبلين و تلدين ابناً و تسمينه يسوع* 32 هذا يكون عظيماً وابن العلي يدعى و يعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه* 33 و يملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية* 34 فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً* 35 فأجاب الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله* 36 وهوذا أليصابات نسيبتك هي أيضاً حبلى بابن في شيخوختها و هذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقراً* 37 لأنه ليس شيء غير ممكن لدى الله* 38 فقالت مريم هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك فمضى من عندها الملاك*
إنّ مضمون بشارة الملاك لمريم نعلنه في قانون الإيمان: " ونؤمن بربّ واحد يسوع المسيح، إبن الله الذي من أجلنا ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسّد من الروح القدس ومن مريم العذراء، وصار انساناً". انه لسرّ عظيم: ملء الالوهة تسكن في جسد بشري! يا لمحبة الله الفائقة للبشر، ولتواضعه العجيب! ويا لقيمة الجسد البشري!
1- لقد هيّأ الله مريم، نفساً وجسداً، لتكون مسكن القدوس. فحيّاها الملاك مهنّئاً، لأنها "مملوءة نعمة" (لو28:1) ذلك أنها افتُديت منذ اللحظة الأولى للحبل بها، فعُصمت من الخطيئة الأصلية، الموروثة من آدم وحواء، التي يولد فيها كل كائن بشري، وذلك بإنعام من الله القادر على كل شيء، واستباقاً لاستحقاقات يسوع المسيح مخلص الجنس البشري. وهي عقيدة إيمانية أعلنها البابا الطوباوي بيّوس التاسع في 8 كانون الاول سنة 1854.
ان قداسة مريم الكاملة أتتها من المسيح، الذي منه كل بركة روحية في السماء، والذي به ومن أجله اختارها الله، في سرّه المكتوم منذ الدهور، لتكون مقدسة وبدون عيب أمامه، بحبّ كبير. في الواقع، بفضل انتصار المسيح على الخطيئة، وعصمتها من دنس الخطيئة الأصلية، لم ترتكب، بنعمة خاصة من الله، أي خطيئة شخصية طيلة حياتها على الأرض، كما علّم المجمع التريدنتيني. فكانت "حواء الجديدة" التي صارت سبب خلاص، فيما حواء الأولى كانت سبب هلاك، كما ردد آباء الكنيسة: "الموت على يد حواء، والحياة على يد مريم" (كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 494). لقد أبدعها الروح القدس، وجعلها خليقة جديدة. ولذلك، لم تعرف فساد القبر والانحلال بالموت، بل رفعها الله بنفسها وجسدها إلى مجد السماء. هذه عقيدة إيمانية أعلنها البابا بيوس الثاني عشر في أول تشرين الثاني 1950.
حيّاها وهنأها الملاك جبرائيل بالقول: "يا ممتلئة نعمة الرب معك" ، للدلالة أنّ الله ساكن فيها، أنها ممتلئة نعمة تأتيها من حضور مَن هو ينبوع كل نعمة. ولذلك تسمّيها الكنيسة "تابوت العهد"، المكان حيث مجد الله يسكن. إنّها "مسكن الله مع البشر" (رؤيا 3:21). هذا الإله الساكن فيها سيأخذ منها جسداً، وبالتالي هي بالتمام والكمال "ممتلئة نعمة والرب معها" (كتاب التعليم المسيحي، 490 و 2676).
2- بقوة الروح القدس تحبل مريم بابن الله وكلمته (لو34:1– 35). إنّ رسالة الروح القدس مرتبطة دائماً ومرتّبة لرسالة الإبن، كما يقول الرب يسوع نفسه: "جميع ما هو للآب هو لي، ولذلك إنّه يأخذ مما لي ويخبركم به" (يو 15:16). وبما أنّ الروح القدس هو الرب معطي الحياة، فقد أرسل ليقدّس حشا العذراء مريم، ويخصبه إلهياً، ويجعلها تحبل بابن الآب الأزلي في بشرية معطاة منها. وابن الآب هذا هو "المسيح" أي الذي مُسح بالروح القدس، منذ بداية وجوده البشري. وقد أعلن ذلك تباعاً للرعاة والمجوس ويوحنا المعمدان والتلاميذ، كما نقرأ في الأناجيل (كتاب التعليم المسيحي، 485-486).
هكذا ظهر مضمون تحية الملاك "ممتلئة نعمة، الرب معك" وهو أنّ الآب وجد في مريم "مكان سكناه" حيث يسكن ابنه وروحه القدوس بين البشر.
لقد رأى تقليد الكنيسة في سرّ مريم – سكنى الله، تجسيداً لما جاء في الكتب المقدسة عن حكمة الله: "أنا الحكمة أحبّ الذين يحبونني، والمبتكرون إليّ يجدونني، معي الغنى والمجد والبرّ. الحكمة بنت بيتها ونحتت أعمدته السبعة" (امثال 1:8 و17و18؛1:9)؛ "ارتفعت كالارز في لبنان، وكالسرو في جبل حرمون، وكغراس الورد في أريحا، وكالزيتون النضير في السهل، وكالدّلب ارتفعت" (سيراخ:13:24-14).
بهذا المعنى، نسمّي مريم في الليتورجيا "كرسي الحكمة" :
ففيها تمّم الروح "عظائم الله": "تعظّم نفسي الرب، لأنّ القدير صنع بيَ العظائم"، كما سيتممها في المسيح وفي الكنيسة، هيّأها لتكون أم القدوس، فعصمها بالقدرة الإلهية من الخطيئة الأصلية؛ بقوة الروح القدس العذراء تحبل وتلد إبن الله؛ وبقوة هذا الروح وبإيمانها أصبحت العذراء أماً وظلت عذراء؛ إبن الله يصبح الآن إبن العذراء، ولذا تسمّى مريم "العليقة المتقدة" التي لا تحترق؛ بقوة الروح القدس الذي ملأها جعلت الكلمة منظوراً في تواضع جسدها، وأظهرته للرعاة الفقراء وللمجوس ممثلي الأمم، ثم لسواهم. وهكذا بواسطة مريم راح الروح القدس يُدخل البشر في شركة مع المسيح. هو الروح القدوس جعل مريم "المرأة"، حواء الجديدة، أمّ الحياة؛ وبالتالي أمّ المسيح الكلي، أي الكنيسة بكل مؤمنيها ومؤمناتها، المتمثلين بشخص يوحنا: "يا أمرأة، هذا ابنك! ويا يوحنا هذه أمك" (يو26:19و27). وبهذه الصفة، كانت حاضرة مع الإثني عشر في الصلاة عند حلول الروح القدس، يوم العنصرة، وهو يوم ظهور الكنيسة (كتاب التعليم المسيحي، 721-726).
3- أمام إرادة الله وتصميمه، الذي كشفه لها الملاك جبرائيل، أعطت جواب طاعة الإيمان: "أنا أمة الرب، فليكن لي حسب قولك" (لو38:2) وأدركت حقاً أن "ليس عند الله امر مستحيل"(لو37:2). على هذا الإيمان طوّبتها اليصابات، وستطوبها جميع الاجيال (لو45:1 و48). وهو إيمان ثبتت عليه من البشارة حتى الصليب حيث رأت ابنها مائتاً فوق خشبة العار. إيمان لم يتزعزع. وهي لم تنقطع أبداً عن الرجاء بأن كلام الله سيتم. ولهذا، تكرّم الكنيسة فيها أنقى تحقيق للإيمان والرجاء (كتاب التعليم المسيحي، 148-149).
في كل هذه الأمور، مريم هي مثال الكنيسة والمؤمنين بإيمانها ورجائها ومحبتها. مثال بتجاوبها مع النعمة الإلهية، وبجعل نفسها مسكن الله بين البشر، وبقبول إرادة الله كيفما تجلّت، وبالجهوزية للتعاون مع الله في تحقيق تصميمه الخلاصي.
ثانياً، الأخويات والمنظمات الرسولية – عمل الروح ومثالية مريم العذراء وشفاعتها
1. علّم المجمع البطريركي الماروني أنّ الأخويات والمنظمات الرسولية في الرعية هي ثمر من ثمار الروح القدس لأنها تستقبل المنضوين إليها بحسب الموهبة التي تتميز بها. وهي كنز ثمين للكنيسة وأحد مظاهر وجهها المواهبي. أعضاؤها مدعوون ليعيشوا خبرة حياة أخوية، وحياة مسيحية صافية. من الضروري مساعدتها لتكون خلايا حيّة في الكنيسة المحلية، وتنميتها لكي تعطي زخماً للحياة المسيحية وللبشارة، ولا سيما عند الشباب والعائلات، فيما غالباً ما تسيطر في المجتمعات ثقافة ماديّة تؤدي إلى نمط حياة بعيدة عن الله، وتقود إلى فقدان الإيمان. ولذلك لا بدّ من توفير تنشئة روحية وإنسانية واجتماعية، تنمّي لدى الجماعات المحبة للمسيح وللكنيسة، وتجعل من هذه الجماعات مدارس إيمان. هذا واجب كاهن الرعية الذي عليه تأمين الإرشاد والتنشئة، مستعيناً بكهنة ورهبان وراهبات من داخل الرعية ومن خارجها (النص المجمعي 13: الرعية والعمل الرعوي، 44-46).
نقرأ من الإرشاد الرسولي "العلمانيون المؤمنون بالمسيح" كلاماً مهماً للبابا بيوس الثاني عشر: "إن المؤمنين العلمانين هم اكثر من غيرهم في الخطّ الأمامي من حياة الكنيسة. والكنيسة من خلالهم هي العنصر الحيوي في بنية المجتمع البشري. وعليهم أن يدركوا أنهم لا ينتسبون فقط إلى الكنيسة، بل هم الكنيسة" (فقرة 9).
2. إنّ الإخويات والمنظمات الرسولية تنبثق من دعوة كل مسيحي إلى القداسة، وهي ثمار النعمة التي يحدثها الروح القدس في المؤمنين، وترتقي بهم إلى سمو الحياة المسيحية وكمال المحبة. وبالتالي إن كل أخوية ومنظمة رسولية مدعوة لتكون أكثر من فأكثر وسيلة للتقديس في إطار الكنيسة.
من أجل هذه الغاية وإبرازها، ينبغي على الأخويات والمنظمات:
‌أ- الإلتزام بالمجاهرة بالإيمان الصحيح المرتكز على الحقيقة المتعلّقة بالمسيح والكنيسة والانسان، وإعلانها وفقاً لتعليم الكنيسة.
‌ب- عيش الشركة الكنسية مع الاسقف وكاهن الرعية وقبول تعاليمهما العقائدية وتوجيهاتهما الراعوية، وقبول التعدّدية في الكنيسة والتعاون معها.
‌ج- بثّ روح الإنجيل وقيمه ومبادئه في الأوساط التي تعيش بينها، بروح رسولي.
‌د- تعزيز كرامة الشخص البشري، واحترام كل إنسان ايأ كان انتماؤه أو وضعه أو حالته (العلمانيون المؤمنون بالمسيح، فقرة 30).
3. في ضوء بشارة العذراء مريم، نتذكّر أنّنا كلّنا أبناء وبنات لمريم أم يسوع، وقد اصبحت أم الكنيسة بعد آلام المخاض على أقدام صليب ابنها: "يا امرأة، هذا ابنك! يا يوحنا، هذه أمك" ( يو19: 26-27). إنّ أمومتها الروحية الجديدة للمسيح الكلي، بعد أن كانت آلام بالجسد للمسيح التاريخي، قد نشأت في أعمق ما لسرّ فادي العالم الفصحي من غور. هي أمومة على صعيد النعمة، لأنها ترتكز إلى موهبة الروح القدس الذي يبعث أبناء الله الجدد، أولئك الذين فداهم دم المسيح، هذا الروح الذي حلّ على الكنيسة وعلى مريم معاً يوم العنصرة. تنشأ بين كل واحد منا ومريم علاقة الإبن مع أمه، وعلاقة آلام مع ابنها وابنتها، علاقة شخصية. وكما "يوحنا أخذ مريم إلى بيته الخاص" (يو27:19)، نحن أيضاً فلنأخذها إلى بيت قلبنا وفكرنا، إلى عائلتنا، إلى مجتمعنا، ولنقدّم لها ذواتنا. وبما أن أمومة مريم لنا وبنوتنا لها تمّت على أقدام صليب ابنها، فإننا مدعوون لنجدد بنوتنا هذه بكل أبعادها عند صليب حياتنا، صليب المرض والفقر والموت والفشل... مدركين أنّنا إذا ضمّينا آلام صليبنا إلى آلامها وآلام ابنها الفادي الإلهي، نالت آلامنا قوّة خلاصية، وأعطت ثماراً جديدة في حياتنا وعائلتنا والكنيسة.
صلاة
أيها الرب يسوع، لقد اتخذت، أنت والآب والروح القدس، مسكناً في قلب مريم العذراء الكلية القداسة، وبتجسّدك أخذت مسكناً في حشاها. إجعلنا ربِّ بنعمة روحك القدوس مسكناً لك، لكي تواصل حضورك في كل مكان نحن فيه. ويا مريم امنا ومثالنا، أعطنا أفراداً وجماعات، أخويات ومنظّمات، أن نقتدي بإيمانك ورجائك ومحبتك في الجهوزية لتحقيق إرادة الله وتصميمه الخلاصي، وأن نعيش جمال بنوتنا لك، وننعم بحنان أمومتك. فنرفع معك نشيد التسبيح والتعظيم للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.
 
قديم 23 - 10 - 2014, 04:40 PM   رقم المشاركة : ( 6636 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

البشارة بيسوع المسيح

لوقا 1 / 26 - 35
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الآيات (26-27): "وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة. إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف واسم العذراء مريم."
(في الشهر السادس= في اليوم السادس سقط الإنسان وفي الشهر السادس البشري بميلاده وهو يوافق شهر نيسان أول شهور العام، فالمسيح بدء خليقة جديدة. وفيه يعمل الفصح والمسيح فصحنا)
البشارة الأولى تمت في الهيكل أثناء العبادة الجماعية وكانت بشارة عن أعظم مواليد النساء. أما البشارة بالمسيح الله المتجسد الذي أخلى ذاته فكانت في بيت فقير مجهول، في قرية فقيرة مجهولة، بطريقة سرية، لم يلمسها حتى يوسف النجار صاحب البيت نفسه، مع فتاة فقيرة بسيطة عذراء. ولاحظ تكرار لقب العذراء كتأكيد لعذراويتها (خر1:44-3). ومدينة الناصرة= مدينة في الجليل شمال فلسطين تبعد 88ميلاً شمال أورشليم، 15 ميلاً جنوب غربي طبرية. عاش فيها يوسف النجار والعذراء مريم، وقضى فيها المسيح عمره حتى وصل للثلاثين من عمره بعد عودته من مصر لذلك سمى بالناصري (مر9:1+24:1). وحين بدأ رسالته رفضه أهلها (لو28:4-31). والمدينة مبنية على جبل (لو29:4) وكانت مدينة عديمة الأهمية لم تذكر في العهد القديم ولا وثائق الدول العظمى.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
آية (28): "فدخل إليها الملاك وقال سلام لك أيتها المنعم عليها الرب معك مباركة أنت في النساء."
سلام لك أيتها المنعم عليها= الترجمة الصحيحة أيتها الممتلئة نعمة. فالرب اختارها لأنها كانت مملوءة نعمة، وأطهر وأشرف إنسانة في الوجود، ثم ملأها بالأكثر، وأعطاها نعمة فوق نعمة. وهيأها لتصير أماً له. وكلمة سلام= تشير للفرح. والله ملأها من كل نعمة وما أعظم هذه النعمة أن يتحد في بطنها لاهوت المسيح مع ناسوته، إتحاد الإنسان بالله، والجسد بالكلمة. الرب معك= ذاقت معية الرب على مستوى فريد، إذ حملت كلمة الله في أحشائها، وقدمت له من جسدها ودمها.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الآيات (29-31): "فلما رأته اضطربت من كلامه وفكرت ما عسى أن تكون هذه التحية. فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله. وها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع."
لقد اضطربت ولم تستطع أن تجاوبه فهي لم يسبق لها الكلام مع ملائكة ولكنها صارت الآن تتحدث مع ملاك. يسوع= أي مخلص.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
آية (32): "هذا يكون عظيماً وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه."
إن كان ابن الله قد صار إبناً لداود، فهذا كان لنصير نحن أبناء الله.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
آية (33): "ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية."
الملك هو ملك روحي وليس ملك أرضي كما يفهمه اليهود لذلك هو أبدي.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الآيات (34-35): "فقالت مريم للملاك كيف يكون هذا وأنا لست اعرف رجلاً. فأجاب الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله."
سؤال العذراء لا يدل على شك، بل هي لا تدري كيف يتم هذا الأمر وهي عذراء ولقد نذرت نفسها لتخدم الهيكل دون زواج. وكانت هذه هي المرة الأولى والأخيرة في التاريخ أن تحبل عذراء بدون زرع بشر. أما في حالة زكريا فلم يكن له العذر وهو الكاهن وحالته سبقت وحدثت. وكانت إجابة الملاك على سؤالها كيف يتم هذا الأمر؟ بقوله أن الروح القدس يحل عليها لتقديسها، روحاً وجسداً، فتتهيأ لعمل الآب الذي يرسل ابنه في أحشائها يتجسد منها. حقاً هذا سر إلهي فائق فيه يعلن الله حبه العجيب للإنسان وتكريمه له.


 
قديم 23 - 10 - 2014, 04:41 PM   رقم المشاركة : ( 6637 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

البشارة بالتجسّد الإلهي

لوقا 1 / 26 - 35
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"وفي الشهر السادس أٌرسل جبرائيل الملاك من الله
إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة،
إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف
واسم العذراء مريم..."[26-27].
أولاً: منذ خمسة أشهر سبق فبشَّر الملاك زكريَّا الكاهن، والآن مع بداية الشهر السادس جاء يبشِّر القدّيسة مريم، لكن شتَّان بين البشارتين. حقًا إن البشارة الأولىتمَّت داخل الهيكل أثناء العبادة الجماعيّة، رافقها زكريَّا أمام الجميع وتحدَّث عنها الكهنة، إذ تمَّت مع زميلهم الكاهن، لكن كانت بشارة بميلاد أعظم مواليد النساء يوحنا السابق خادم الكلمة؛ أما البشارة الثانية فتمَّت في بيت مجهول في قريّة فقيرة بطريقة سريّة لم يلمسها حتى صاحب البيت نفسه "يوسف النجار"، وقد كانت بشارة بتجسّد الكلمة ذاته! لقد أخلى الابن ذاته، حتى في البشارة به لم تتم به بين كهنة، ولا في داخل الهيكل، ولا على مستوى الجماعة، إنما تمَّت مع فتاة فقيرة في مكان بسيط.

ثانيًا: أٌرسل الملاك إلى "عذراء مخطوبة لرجل"، لماذا لم يُرسل إلى عذراء غير مخطوبة؟

أ. يجيب العلامة أوريجينوس بأن وجود الخاطب أو رجل مريم ينزع كل شكٍ من جهتها عندما تظهر علامات الحمل عليها[47]، ويقول القدّيس أمبروسيوس:[ربَّما لكي لا يُظن أنها زانية. ولقد وصفها الكتاب بصفتين في آن واحد، أنها زوجة وعذراء. فهي عذراءلأنها لم تعرف رجلاً، وزوجة حتى تُحفظ ممَّا قد يشوب سمعتها، فانتفاخ بطنها يشير إلى فقدان البتوليّة (في نظر الناس). هذا وقد اِختار الرب أن يشك البعض في نسبه الحقيقي عن أن يشكُّوا في طهارة والدته... لم يجد داعيًا للكشف عن شخصه على حساب سمعة والدته.]

سبق لنا دراسة الخطبة والزواج حسب التقليد اليهودي، وكيف كانت الخطبة تعادل الزواج حاليًا في كل شيء ماخلا العلاقات الجسديّة، لهذا دعيت القدّيسة مريم "امرأة يوسف[48]".

ب. يرى العلامة أوريجينوس[49] نقلاً عن القدّيس أغناطيوس[50] أن وجود يوسف يشكِّك الشيطان في أمر المولود ويُربكه من جهة التجسّد الإلهي. وقد قدَّم لنا القدّيس أمبروسيوس ذات الفكر حين قال: [هناك سبب آخر لا يمكن إغفاله وهو أن رئيس هذا العالم لم يكتشف بتوليّة العذراء، فهو إذ رآها مع رجلها لم يشك في المولود منها، وقد شاء الرب أن ينزع عن رئيس هذا العالم معرفته. هذا ظهر عندما أوصى السيِّد تلاميذه ألا يقولوا لأحد أنه المسيح (مت16: 22)، كما منع الذين شفاهم منإظهاراسمه (مت5: 4) وأمر الشيَّاطين ألا تتكلَّم عن ابن الله (لو 4: 35). يؤيِّد ما ذكره الرسول أيضًا: "بل نتكلَّم بحكمة الله في سّر، الحكمة المكتومة التي سبق الله فعيَّنها قبل الدهور لمجدنا، التي لم يعملها أحد من عظماء هذا الدهر، لأن لو عرفوالما صلبوا رب المجد"(1 كو 2: 7-8)... إذن لقد توارى الرب عن إبليس لأجل خلاصنا. توارى لكي ينتصر عليه، توارى عنه في التجربة، وحين كان يصرخ إليه ويلقبِّه "ابن الله" لم يؤكِّد له حقيقة لاهوته. توارى الرب أيضًا عن رؤساء البشر. وبالرغم من تردّد إبليس حين قال: "إن كنتابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل"(مت 4: 6) إلا أن الأمر قد انتهى بمعرفته إيَّاه، فقد عرفتْهُ الشيَّاطين حين صرخت: "ما لنا ولك يا يسوع ابن الله أجئت إلى هنا قبل الوقت لتعذِّبنا؟!" (مت 8: 29).لقد عرفتْه الشيَّاطين إذ كانت تترقَّب مجيئه، أما رؤساء العالم فلم يعرفوه... استطاع الشيطان بمكر أن يكشف الأمور المكتوبة أما الذين اقتنصتهم كرامات هذا العالم فلم يستطيعوا أن يعرفوا أعمال الله.]

ثالثًا: كرَّر الإنجيلي كلمة "عذراء" وكأنه أراد تأكيد عذراويَّتها ليعلن أن السيِّد المسيح ليس من زرع بشر. هذا ما أعلنه حزقيال النبي بقوله عن الباب الشرقي: "هذا الباب يكون مغلقًا لايُفتح، ولا يدخل منهإنسان، لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقًا، الرئيس، الرئيس هو يجلس فيه"(حز 44:2-3). ولذلك جاء في الطقس البيزنطي عن السيِّدة العذراء: [السلام لكَ، أيها الباب الفريد الذي عبر منه الكلمة وحده[51].]

إنها عذراء وزوجة (عروس) في نفس الوقت، إذ تمثِّل العضو الأول في الكنيسة العذراء عروس المسيح، وكما يقول القدّيس أمبروسيوس: [كانت مريم الزوجة العذراء تمثِّل في آن واحد الكنيسة العروس التي بلا عيب. فالكنيسة عروس المسيح البتول، حبلت بنا بالروح القدس وولدتنا بغير ألم، ومريم حبلت بالروح لا بالزواج، وهكذا صارت تمثِّل كل الكنائس التي تثمر بالروح والنعمة، وإن كانت تتَّحد ظاهريًا تحت لواء راعٍ بشري.]

يقول القدّيس أغسطينوس: [كما ولدت مريم ذاك الذي هو رأسكم، هكذا ولدتكم الكنيسة، لأن الكنيسة هي أيضًا أم وعذارء، أم في أحشاء حبنا، وعذراء في إيمانها غير المزعزع. هي أم لأمم كثيرة الذين يمثِّلون جسدًا واحدًا، وذلك على مثال العذراء أُم الكثيرين وفي نفس الوقت هي أُم للواحد[52].]

يقول القدّيس كيرلس الكبير: [لنُطوِّب مريم دائمة البتوليّة بتسابيح الفرح، التي هي نفسها الكنيسة المقدَّسة[53].]

رابعًا: يحدّد الإنجيل اسم المدينة التي جاء إليها الملاك ليلتقي بالقدّيسة العذراء مريم، وهى"ناصرة". مدينة في الجليل بشمال فلسطين، تبعد 88 ميلاً شمال أورشليم، و15 ميلاً جنوب غربي طبريّة[54]. عاش فيها القدّيس يوسف والقدّيسة العذراءمريم، وقد قضى السيِّد المسيح القسط الأوفر من الثلاثين عامًا الأولى في حياته فيها (لو 3: 23؛ مر1: 9)، فدُعيَ بالناصري (مت12: 11؛ مر 1: 24). إذ بَدَأ رسالته رفضَهُ أهلها مرّّتيْن (لو 4: 28-31؛ مت 4: 13؛ 13: 54-58؛ مر 6: 1?6). تقع على تل (لو4: 29)، ولم يكن لها أهميّة تُذكر، فلم ترد في العهد القديم، ولا في وثائق الدول العظمى قبل مجيء المسيح، ولا في كتابات المؤرِّخ اليهودي يوسيفوس. لعلَّ كلمة "ناصرة" تعني "قضيب" أو"غصن"... ولهذا السبب كثيرًا ما دُعي السيِّد المسيح بالغُصن[55].

خامسًا: جاءت تحيّة الملاك: "سلامٌ لكِ أيَّتها الممتلئة نعمة، الرب معك، مباركة أنت في النساء" [28].لم تكن بالتحيّة العاديّة وإنما جاءت تحيَّة فريدة، حملت كل معنىالفرح، فالكلمة اليُّونانيّة "شيريه" التي تُرجمت هنا "سلام" ورد فعلها حوالي 80 مرة في الترجمة السبعينيّة للعهد القديم، تُرجم نصفها "يفرح" والنصف الآخر استخدم للتعبير عن فرح شعب الله بعمل مثير يمس خلاصهم[56].وكأن القدّيسة مريم قد نالت باسم الكنيسة كلها التي هي عضو فيها فرحًا فائقًا خلال تجسّد الله الكلمة وحلوله فيها.

فيما يلي بعض التعليقات للآباء على هذه التحيّة الفريدة:

vانفردت بدعوتها "الممتلئة نعمة"، إذ وحدها نالت النعمة التي لم يقتنيها أحد آخر غيرها، إذ امتلأت بمواهبالنعمة.

القدّيس أمبروسيوس
vهذا الميلاد مطلقًا هو نعمة، فيه تمَّ الاتِّحاد، اتِّحاد الإنسان بالله، والجسد بالكلمة... لم تكن الأعمال الصالحة هي الاستحقاق لتحقيقه[57]

القدّيس أغسطينوس
vالتحفت بالنعمة الإلهيّة كثوب،

امتلأت نفسها بالحكمة الإلهيّة،

في القلب تنعَّمت بالزيجة مع الله،

وتسلَّمت الله في أحشائها[58]!

الأب ثيؤدسيوس أسقف أنقرة
سمعت القدّيسة مريم الملاك يقول لها: "الرب معكِ"، وكانلهذا التعبير مفهومه الخاص بالنسبة لها، فقد ذاقت معيّة الله على مستوى فريد، إذ حملت كلمة الله في أحشائها، وقدَّمت له من جسدها ودمها!

"مباركة أنت في النساء"... وكما يقول العلامة أوريجينوس: [الفرح الذي بوَّق به جبرائيل لمريم نزع حكم الحزن الصادر من الله ضد حواء[59]]، [كما بدأت الخطيّة بالمرأة وبعد ذلك عبرت إلى الرجل، هكذا بدأت البشارة بالنسوة (مريم واليصابات[60]).]

سادسًا: "فلما رأتهُ اضطربت من كلامه وفكَّرت ما عسى أن تكون هذه التحيّة. فقال لها الملاك: لاتخافي يامريم، لأنك قد وجدت نعمة عند الله"[29-30].

يقول القدّيس جيروم: [لقد اضطربت ولم تستطع أن تجاوبه، إذ لم يسبق لها أن قدَمت تحيّة لرجلٍ من قبل، لكنها إذ عرفته من هو أجابته، هذه هي التي كانت تخاف الحديث مع رجل، صارت تتحدَّث مع ملاك بلا خوف[61].]

هكذا يرى كثير من الآباء أن السيِّدة العذراء كنموذج حيّ للعذارى اللواتي تكرَّسن للعبادة يسلُكن بحياءٍ شديدٍ، ولا يلتقين برجالٍ، بل يقضين حياتهنَّ في بيوتهنَّ أو في بيوت العذارى، لا يتعاملْن مع الرجال. لكننا لا نستطيع أن ننكر أن مع ما اتَّسَمت به العذراء من حياء شديد وتكريس كامل لحساب الرب، وعدم رغبتها في الزواج، كما يظهر من قولها للملاك: "كيف يكون لي هذا وأنا لست أعرف رجلاً" لكنها كانت الإنسانة الفعّالة في الجماعة المقدَّسة. فعّالة بصلواتها وتقواها، وفعّالة أيضًا بقبولها عطيّة الله الفائقة (تجسّد الكلمة في أحشائها)، وفعّالة في الخدمة، ففي أول معجزةللسيِّد المسيح طلبت منه "ليس لهم خمر"(يو 2: 3)، ورافقت السيِّد حتى الصليب، وبعد الصعود كانت مع التلاميذ تسندهم.فالبتوليّة لا تعني السلبيّة، إنما إيجابيّة الحّب الباذل المُعلن خلال العبادة والعمل، في حدود مواهب الإنسان التي يتسلّمها من الرب نفسه. لذلك يقول القدّيس أغسطينوس: [لا تكرم البتوليّة من أجل ذاتها، وإنما لانتسابها لله[62].]

سابعًا: جاء الوعد الإلهي للقدّيسة مريم على لسان الملاك:

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"وها أنت ستحبلين وتلدين ابنًا وتسمِّينه يسوع.
هذا يكون عظيمًا وابن العلي يُدعى،
ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه،
ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد،
ولايكون لمُلكه نهاية"[31-33].
تمتَّعت القدّيسة مريم بهذا الحبل الإلهي، إذ تجسّد ابن العلي فيها، هذا الذي ترقبه رجال العهد القديم كملكٍ يجلس على كرسي داود ويملكأبديًا، وكمخلِّصٍ لذا يدعى "يسوع" الذييعني "يهوه خلاصي".

vليس من يشبه والدة الإله، فإنَّك وأنت تسكنين الأرض صرِت أُمًا للخالق.

(بارالكس) لحن البركة
vإن كان ابن الله قد صار ابنًا لداود، فلا تشك ياابن آدم أنك تصير ابنًا لله.

إن كان الله قد نزل أعماقًا كهذه، فإنَّه لم يفعل هذا باطلاً، إنماليرفعنا للأعالي!

وُلد بالجسد، لكي تولد أنت ثانية حسب الروح.
وُلد من امرأة، لكي تصير أنت ابنًا لله[63].

القدّيس يوحنا ذهبي الفم
ثامنًا: إذ سمعت القدّيسة مريم الوعد الإلهي بروح التواضع وفي إيمان، دُهشت إذ كان الوعد فريدًا لم يُسمع في الكتب المقدَّسة إنسانًا ناله، لهذا تساءلت:

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً؟!.
فأجاب الملاك، وقال لها:
الروح القدس يحلُّ عليكِ، وقوّة العليّ تظلِّلك،
فلذلك أيضًا القدِّوس المولود منك يُدعى ابن الله"[34-35].
أ. يظهر من حديث العذراء أنها قد نذرت البتوليّة، فلو أنهاكانت تود الزواج لما قالت هكذا، بل تقول: "متى يكون هذا؟!" منتظرة تحقيق الوعد خلال الزواج. لقد وضعت في قلبها أن تكون بتولاً للرب، فحلّ البتول فيها، ليُقدِّس فيها بتوليّة الكنيسة الروحيّة. وكما يقول القدّيس أغسطينوس: [اليوم تحتفل الكنيسة البتول بالميلاد البتولي... فقد أكّد السيِّد المسيح بتوليّة القلب التي يريدها للكنيسة أولاً خلال بتوليّة جسد مريم. فالكنيسة وحدها هي التي تستطيع أن تكون بتولاً فقط حين ترتبط بعريس، ألا وهو ابن البتول، إذ تقدِّم له ذاتها تمامًا[64].]

ب. يقول القدّيس أمبروسيوس: [لم ترفض مريم الإيمان بكلام الملاك، ولااعتذرت عن قبوله، بل أبدت استعدادها له، أما عبارة: "كيف يكون هذا؟"فلن تنم عن الشك في الأمر قط، إنما هو تساؤل عن كيفيّة إتمام الأمر... إنها تحاول أن تجد حلاً للقضيّة... فمن حقِّها أن تعرف كيف تتم الولادة الإعجازيّة العجيبة.] لذلك جاءت إجابة الملاك لها تكشف عن سرّ عمل الله فيها لتحقيق هذه الولادة:"الروح القدس يحلُّ عليك، وقوّة العليِّ تظلِّلك،فلذلك أيضًا القدِّوس المولود منك يُدعى ابن الله".

الروح القدس يحلُّ عليها لتقديسها، روحًا وجسدًا، فتتهيَّأ لعمل الآب الذي يُرسل ابنه في أحشائها يتجسّد منها. حقًا يا له من سرّ إلهي فائق فيه يًعلن الله حبُّه العجيب للإنسان وتكريمه له!

أما هذا الإعلان أحنت رأسها بالطاعة لتقول: "هوذا أنا أَمَة الرب ليكن لي كقولك"[38]. شك زكريَّا الكاهن في إنجاب زوجته، والبتول آمنت، وفي طاعتها قبِلت عمل الله، وكما يقول القدّيس أمبروسيوس: [لقد سَمت بإيمانها على الكاهن؛ فالكاهن أخطأ وتوارى، والعذراء قامت بإصلاح الخطأ.] هكذا صمت زكريَّا بسبب شكِّه وحملت العذراء بالكلمة المتجسّد أو النطق الإلهي الذي لن يصمت.

يرى القدّيس إيريناؤس أن طاعة القدّيسة مريم قد حلَّت موضع عِصيان أُمِّها حواء؛ الأخيرة بعِصيانها عقَّدت الأمر، وجاءت ابنتها تحِل العقدة بالطاعة.

ويرى اللاهوتيون أنه في هذه اللحظات التي قدَّمت الطاعة لله والخضوع قبلت التجسُّد، إذ لم يكن ممكنًا أن يتم التجسّد بغير إرادتها وقبولها للعمل، إذ يقدِّس الله الحريّة الإنسانيّة.

يقول القدّيس أمبروسيوس: [إنها تصف نفسها أَمََة للرب مع أنها اُختيرت أُمًا له، فإنَّ الوعد الذي تحقّق لم يُسقطها في الكبرياء.] ويقول القدّيس أغسطينوس أن السيِّد المسيح المتواضع لا يُعلِّم أُمة في الحبل به- الكبرياء بل التواضع!

 
قديم 23 - 10 - 2014, 04:52 PM   رقم المشاركة : ( 6638 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ملء الزمن وبدء عهد جديد
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
من انجيل القديس لوقا 1/26-38
قال لوقا البشير: في الشهر السادس، أرسل جبرائيل من عند الله الى مدينة في الجليل اسمها الناصرة، الى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف، واسم العذراء مريم. ولما دخل الملاك اليها قال: " السلام عليك، يا ممتلئة نعمة، الرب معك". فاضطربت مريم لكلامه، وأخذت تفكر ما عسى أن يكون هذا السلام ّ! فقال لها الملاك: " لا تخافي، يا مريم، لانك وجدت نعمة عند الله. وها انت تحملين، وتلدين ابناً، وتسمينه يسوع. وهو يكون عظيماً، وابن العلي يدعى، ويعطيه الرب الإله عرش داود أبيه، فيملك على بيت يعقوب الى الابد، ولا يكون لملكه نهاية!".

فقالت مريم للملاك: " كيف يكون هذا، وأنا لا اعرف رجلاً؟". فأجاب الملاك وقال لها: " الروح القدس يحل عليك، وقدرة العلي تظللك، ولذلك فالقدوس المولود منك يدعى ابن الله! وها إن اليصابات، نسيبتك، قد حملت هي ايضاً بأبن في شيخوختها. وهذا هو الشهر السادس لتلك التي تدعى عاقراً، لانه ليس على الله أمر مستحيل!". ففالت مريم: " ها أنا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك!". وانصرف من عندها الملاك.

انجيل بشارة مريم العذراء يشكل نقطة وصول وانطلاق. فالبشارة الخلاصية للمرأة الاولى Protevangile ( تك 3/15) تتحقق في البشارة لمريم بمولد مخلص العالم. فيسميها بولس الرسول " ملء الزمن".

***
اولاً، شرح نص الانجيل
1. ملء الزمن

"ولما بلغ الزمن، ارسل الله ابنه، مولوداً لامرأة في حكم الشريعة، ليفتدي الذين هم في حكم الشريعة، فننال نحن منزلة البنين" ( غلاطية 4/4).
ملء الزمن" هو ان البشارة لمريم تحقيق للوعد الذي قطعه الله في البشارة الاولى، وهو الانتصار على الشر وعلى الخطيئة. كان ذلك عندما خاطب الحية: " اجعل عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها، فهو يسحق رأسك، وانت ترصدين عقبه" ( تكوين3/15). المرأة هي مريم عذراء الناصرة، ونسلها هو فادي الانسان والمفتدون به. الحية هي الشيطان، ابو الكذب (يو8/44) والمسبب الاول للخطيئة في تاريخ الانسان. يُسمى في اللغة اليونانية " diabolos" اي الذي " يفتري ويفرق". الاشرار الذين ينهجون نهجه هم ايضاً من نسله.

ملء الزمن " يتحقق في مريم وبواسطتها.
يتحقق في مريم هذا الانتصار على الشر والخطيئة. انها " الممتلئة نعمة"، بكر المفتدين بابن الله، الذين نالوا منزلة البنين، فاصبحوا ابناء الله بالابن الوحيد. تعلن الكنيسة، بهدي الروح القدس الذي يقودها الى كل الحقيقة (يو16/3)، عقيدة الحبل بلا دنس، اي ان مريم، بنعمة خاصة وباستحقاق لعملية الفداء، تكونت في حشا امها، حنة زوجة يواكيم، معصومة من الخطيئة الاصلية، التي يولد فيها كل انسان، بالوراثة من آدم وحواء، ابوينا الاولين، وانها لم تعرف الشر ولم ترتكب خطيئة شخصية. هذه العقيدة اعلنها الطوباوي البابا بيوس التاسع في 8 كانون الاول 1854. واكدتها سيدتنا مريم العذراء بعد اربع سنوات عام 1858في ظهوراتها لبرناديت في مغارة Massabielle في لورد، عندما سألتها هذه عن اسمها، فاجابت: " انا الحبل بلا دنس" " Je suis l'Immaculée Conception".
ويتحقق بواسطتها هذا الانتصار على الخطيئة والشر. بجوابها " انا امة الرب" بالنسبة الى المولود منها " ابن العلي"، الذي تنبأ عنه اشعيا انه " خادم الرب" ( مر 421/1؛ 49/3 و6؛ 52/13) وقال عن نفسه: " ان ابن الانسان لم يأت ليُخدم بال ليَخدم، ويبذل نفسه فدى عن الكثيرين" ( مر10/45)، واعلنت مشاركتها في رسالة ابنها مخلص العالم وفادي الانسان. في الواقع شاركت مريم في خدمة الفداء، كما يعلّم المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني: " مريم، ابنة آدم، اذ تقبلت بكل قلبها ارادة الله الخلاصية، سلّمت نفسها بكليتها، كأمة الرب، لشخص ابنها وعمله، لتكون، بالانقياد له ومعه وبنعمة الله القدير، اداة الفداء وشريكة في الفداء. يقول القديس ايريناوس: انها بطاعتها قد صارت، لنفسها وللجنس البشري كله، علة خلاص. ويصرخ الآباء القديسون: بحواء كان الموت وبمريم كانت الحياة. سلكت العذراء الطوباوية سبيل الايمان محافظة على الاتحاد مع ابنها حتى الصليب، حيث وقفت منتصبة لا لغير تدبير الهي، متألمة مع ابنها الوحيد ألاماً مبرحة، مشتركة في ذبيحته بقلب والدي. حتى سلمها، وهو يموت على الصليب، اما لتلميذه: " يا امرأة هوذا ابنك" ( الدستور العقائدي في الكنيسة" 56 و58). وهكذا اتضح سر االآلم البشري، ويبقى على كل واحد منا ان يكتب صفحة خاصة به في انجيل الألم الخلاصي (البابا يوحنا بولس الثاني).
في ملء الزمن العذراء مريم تحبل وتلد ابناً يسمونه عمانوئيل اي " الله معنا" ( اشعيا 7/14).
نبؤة اشعيا التي قيلت قبل سبع مئة سنة من الميلاد، تحققت مع البشارة لمريم. " كيف يكون هذا وانا لا اعرف رجلاً؟" بكلام آخر " انا عذراء وليست لي علاقات زوجية مع رجل". وكان جواب الملاك: " الروح القدس ينزل عليك، وقدرة العلي تظللك، لذلك فالمولود منك قدوس وابن الله يدعى".
البتول ام: البتولية والامومة تلتقيان في هذه الكرامة والدعوة للمرأة وللرجل. الامومة الطبيعية في الزواج من جهة، والامومة الروحية في البتولية المكرسة من جهة اخرى هما دعوة الى الحب بهبة الذات بدون مقابل، واستعداد فريد للاهتمام بالآخر في الزواج والحب الزوجي العائلي كما في البتولية بحب المسيح عريس المكرسات وعروس المكرسين. الزواج هو لخدمة المجتمع بنقل الحياة وتربيتها وخير الانسان، اما البتولية المكرسة فهي من اجل الملكوت تخدم الكلمة والنعمة والمحبة، وتستبق ملكوت السماء حيث الانسان مدعو للاتحاد بالله، وتسطع كعلامة لمجىء الملكوت. لهذا الملكوت يتكرس بنعمة خاصة، رجال ونساء، بكل قوى النفس والجسد، في الحياة الزمنية. هذا النهج سلكه الرب يسوع والرسل الاثنا عشر، وما زال يتواصل الى يومنا في الجمعيات الرهبانية المتفرغة للتأمل او الرسالة، وفي جماعات المكرسين العلمانيين، وفي الحركات الرسولية والجمعيات والرابطات.

2. بداية العهد الجديد

حدث البشارة لمريم هو بد العهد الجديد والنهائي، عهد الخلاص المعقود بين الله والبشرية، والممهور بدم السيح الفادي. مريم، عذراء الناصرة، هي مثال لكل رجل وامرأة. في البشارة تجلت حقيقة الله الواحد والثالوث، حصلت امومة مريم الالهية، وتحقق الاتحاد العميق بالله، واصبحت مريم مثال المؤمنين وصورة الكنيسة.

1) في البشارة اول اعلان للثالوث
من بعد ان اعلن الله ذاته، بانواع شتى في العهد القديم، ها هو في البشارة يكشف عن حقيقته الثالوثية. يُنشد القديس غريغوريوس العجائبي: " انك تشعّين بالنور، يا مريم. فيك يُمجد الآب، الذي لا بدء له والذي ظللك بقدرته. وبك يُعبد الابن الذي حملته بالجسد. وبك يعظم الروح القدس، الذي أنجز في احشائك ميلاد الملك العظيم. انه بفضلك، يا ممتلئة نعمة، عُرف في العالم الثالوث الاقدس والواحد في الجوهر" ( كرامة المرأة، 3، حاشية 16).
لو لم يكن الله ثالوثاً لما كان التجسّد الالهي ممكناً، ولما تحقق الفداء، ولما كان باستطاعة مريم ان تتحد بالثالوث، كابنة للآب وامّ للابن وعروس للروح القدس، ولما كانت الافخارستيا والاسرار. وحدانية الله لا تستطيع لوحدها ان تحقق كل ذلك. ولهذا يستحيل على غير المسيحيين فهم التجسد والفداء والتبرير، اذا لم يقبلوا اولاً هذه الحقيقة بالايمان قائلين مع القديس انسليموس: "اؤمن لأفهم".

2) مريم والدة الاله
اعلان الملاك: " المولود منك قدوس وابن العلي يدعى"، اصبح عقيدة ايمانية اقرّها مجمع افسس عام 431 بصفة رسمية، هي ان مريم " والدة الاله" ( Theotokos). ثم حددها من جديد مجمع خلقيدونية (451)، واستعرضها باسهاب المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني (الدستور العقائدي في الكنيسة، 52-69). يسوع المسيح كشخص له طبيعتان كاملتان، طبيعة الهية وطبيعة بشرية. حبلت مريم، بقوة الروح القدس، وهي عذراء، بانسان هو ابن الله، الذي هو واحد مع الآب في الجوهر. ان لقب " والدة الاله" اصبح اسم العلم للاتحاد بالله الذي حظيت به العذراء مريم، والذي يشكل التحقيق الاسمى للدعوة الفائقة الطبيعة الموجهة الى كل انسان، لكي يتحد بالآب، بفضل نعمة الروح، ويكون ابناً في الابن. هذا الاتحاد معروض للانسان، كنعمة وهبة مجانية من الروح، ويفترض قبولاً حراً من كل انسان. لقد اعربت مريم عن ارادتها الحرة بالقبول، فكان تجسد الكلمة الالهي. ان كل عمل يقوم به الله، في علاقته مع البشر، يحترم دائماً الارادة الحرة " للآنا" البشري، وقد احترمها في البشارة لعذراء الناصرة ( كرامة المرأة، 4).
نتيجة هذه الامومة الالهية والاتحاد العميق العضوي بالله والانتصار على الخطيئة الاصلية والشخصية، كانت انتقال مريم الكلية القداسة بنفسها وجسدها الى السماء. وهي عقيدة رافقت كل اجيال الكنيسة والتقليد الرسولي، وفي العام 1950 اعلنها البابا بيوس الثاني عشر عقيدة ايمانية.

3) مريم مثال الكنيسة العذراء والام
يعلم الدستور العقائدي في الكنيسة: ان مريم هي مثال الكنيسة، الملقبة، هي ايضاً وبحق، اماً وعذراء، وتبدو مثالاً للبتول والام معاً بطريقة سامية وفريدة. لقد ولدت مريم ابنها الذي جعله الله البكر بين اخوة كثيرين ( روم 8/29) اي بين المؤمنين الذين تشارك في ولادتهم وتربيتهم بحبها كأم. والكنيسة، اذ تتأمل في قداسة العذراء العجيبة، وتقتدي بمحبتها، وتصنع مشيئة الآب بامانة، تصبح بدورها اما، بفضل كلمة الله التي تتلقاها عن طريق الايمان. انها بالكرازة والمعمودية، تلد لحياة جديدة ودائمة ابناء حبل بهم من الروح القدس، ومن الله ولدوا. والكنيسة هي ايضاً عذراء، لانها قدمت لعريسها ايمانها، وتحفظه بامانة كاملاً، لا يشوبه عيب (فقرة 63 و64). وهكذا لا مجال لفهم سرّ الكنيسة وحقيقتها وحيويتها، بدون الاستعانة بأن الله.

****
ثانياً، الاسرة والقضايا الاخلاقية والحياة
في ضوء تجسّد ابن الله، الشخص الثاني من الثالوث الاقدس، الذي ولج حشا مريم الطاهر، من دون زرع رجل، بل بقوة الروح القدس، فاصبح نطفة او لاقحة ( Zygote) اي بيوضة مُخصبة، آخذاً منها طبيعة بشرية، نختار موضوع الحالة القانونية للجنين البشري،الذي كتبه البروفوسور Rodolfo Barra، من " المعجم بالتعابير الملتبسة والمتنازع عليها حول الاسرة والقضايا الاخلاقية والحياة".
خلافاً لما يدّعي البعض ان اللاقحة التي تسبق الجنين، وتسمى "pre-embryon" في الاسبوعين الاولين للحبَل، ليست كائناً بشرياً بل " كتلة من الخلايا". ولهذا تجري اختبارات طبية عليها، ويتم انتاج خلايا ملقّحة في الانبوب في اطار الاخصاب الاصطناعي، فيجمّد بعضها للاستعمال والاختبارات العلمية، ويوضع بعضها في رحم الام، ويتلف بعضها الآخر الزائد.
لكن يسوع، هذا الكائن البشري منذ اللحظة الاولى لتكوينه لاقحة في حشا مريم، لم يكن "كتلة من الخلايا" فقط، ولم يكن شيئاً للاستعمال، بل كان كائناً بشرياً معداً ليصبح مخلص العالم وفادي الانسان. اللاقحة- Zygote هي اذن شخص قانوني ينعم، مثل اي شخص قانوني آخر، بالحق في الحياة وبالعناية والكرامة والقدسية. هذه الحقوق مطلقة ويجب ان تُضمن في كل الظروف.
تؤكد المادة 6 من الشرعة العالمية لحقوق الانسان ان " لكل كائن بشري الحق، في كل مكان، في الاعتراف بشخصيته القانونية". هذا يعني ان لفظتي " بشري" و " شخص" تعنيان حقيقة واحدة هي الشخص القانوني صاحب حقوق. وتعنيان ان كل كائن بشري شخص ينعم بالحماية القانونية من الشرع.
لكن تاريخ القانون عرف حقبات من الزمن لم تنعم فيها كل الكائنات البشرية بكرامة الشخص البشري. بل كثيراً ما استخدمت سلعاً للبيع والشراء، وسلعاً سياسية واقتصادية وصناعية.
المفهوم القانوني للشخص هو من صنع القانون بتأثير كبير من الحضارة المسيحية. ان يكون كل كائن بشري شخصاً يعني ان كل الكائنات البشرية اشخاصاً متساوين أكانوا اجّنة في بطون امهاتهم ام مولودين، صغاراً او كباراً. وبالنتيجة، الاجهاض، اياً كان وصفه ونوعه، جريمة قتل كقتل اي انسان، والموت الرحيم جريمة قتل كقتل اي انسان.
لا يوجد درجات على صعيد الشخص البشري ليكون صاحب حقوق اساسية. ولا يوجد، في المسيحية، كائنات بشرية من درجة ثانية. حق التنعم بالحقوق الاساسية لا يقتضي عمراً معيناً او وضعاً اجتماعياً او اقتصادياً، او انتماءً سياسياً، او ديناً معيناً، او عرقاً او جنساً او لوناً او حالة صحية. كل كائن بشري، في اي حالة كان، شخص بشري كامل الحقوق.


***
ثالثاً، الخطة الراعوية لتطبيق المجمع البطريركي الماروني
تعرض الخطة الراعوية من النص المجمعي: " البطريركية والابرشية والرعية" موضوع الرعية بواقعها الراهن وتطلعاتها المستقبلية (الفقرات 30-45).
الرعية جزء من شعب الله وخلية اساسية في الجسم الكنسي، تضمّ في حضنها فئات بشرية متعددة، وتمثّل نوعاً ما الكنيسة المرئية القائمة على الكرة الارضية. تحتاج الى كهنة مؤهلين للخدمة في رعايا القرى وفي رعايا المدينة مع الاهتمام بمن هم من كنائس اخرى واديان اخرى، والتعاون مع الاديار والمدارس والمؤسسات المتواجدة على ارضها (الفقرات 30-36).
من اجل هذه الغاية يدعو النص المجمعي كل رعية الى تفعيل لجنة الوقف والمجلس الرعوي فيها.
1. تشكل لجنة الوقف عنصراً اساسياً في ادارة شؤون الرعية. فكاهن الرعية يسعى بالتعاون معها الى بناء جماعة رعوية تنعش الايمان لدى المؤمنين والالتزام الروحي والكنسي. فالرعية مشروع بناء متواصل بشراً وحجراً، ما يقتضي تشكيل لجنة لادارة الوقف منتجة، ووضع مخطط راعوي وبرنامج عمل من اجل بلوغ الاهداف الاربعة من اقتناء الاموال الزمنية، هي: العبادة الالهية، الرسالة، اعمال المحبة، ومعيشة الكاهن ومعاونيه.
لكي تقوم لجنة الوقف بمسؤولياتها ينبغي: توعية اعضائها على ابعاد خدمتهم الكنسية، والتدقيق العلمي في حساباتها من خلال دائرة المالية في المطرانية، وتطبيق القوانين والاسس العلمية في تلزيم المشاريع، واختيار شباب ملتزمين وذوي كفاءة وخبرة يكونون اعضاء اللجنة، واشراك نساء كفوءات فيها (الفقرات 37-40).
2. المجلس الرعوي هو الهيئة الحاضنة لعمل الرعية الذي يطول مختلف المجالات ويتعاون فيه ابناء الرعية ويتكاملون. تضم هذه الهيئة كل العاملين في القطاع الروحي والاجتماعي والاداري والمالي. وتحمل مع الكاهن هموم الرعية وتعمل معه من اجل بنيان الجسم الكنسي.
اهمية المجلس الرعوي انه يفعّل دور العلمانيين بحكم معموديتهم الى جانب العمل الكهنوتي بحكم الدرجة المقدسة، ويشدد الانتماء الكنسي، ويبيّن المعنى اللاهوتي للجسم الكنسي، ويوزّع الادوار في الرعية بين اللجان والمنظمات الرسولية.
اما مهمته الاساسية فهي الاشراف على العمل الرعوي، وتنظيم البرامج الراعوية، والمحافظة على التوازن الحيوي بين مختلف القطاعات، وانعاش حياة الرعية، وتمكين ابنائها من التعاون في تأدية الرسالة.
ويعنى المجلس الرعوي بانشاء امانة سر في الرعية تعمل على ارشفة موجوداتها ووثائقها وتنظيم امورها؛ وباختضان الحركات الرسولية وتشجيع حياتها وتوظيف جهودها في العمل الرعوي المشترك؛ وباجراء احصاء دقيق لسكان الرعية؛ وباحياء الاعياد والاحتفالات الموسمية؛ وبابتكار اساليب تواصل مع ابنائها المقيمين والمنتشرين؛ وبايجاد وسائل دعم مالي لمشاريع الرعية (الفقرات 41-46).

***
صلاة
ايها الرب يسوع، لقد شرّفت، بتجسدك من البتول مريم الكلية القداسة، كرامة الامومة والبتولية المكرسة. اعضد بنعمتك كل الازواج الذين اشركهم الآب بسرّ الابوة والامومة، لكي يعيشوا مسؤولية الانجاب والتربية. قدّس بنعمتك المكرسين والمكرسات، لكي يجعلوا من بتوليتهم المكرسة ابوّة وامومة روحية خصبة بالنعمة والمحبة. وبتجسدك أظهرت كرامة الجنين وشخصيته القانونية وحقه في الوجود. أنر بهذه الحقيقة المشترعين البرلمانيين لكي تتأمن لكل كائن بشري ما للشخص، اياً كان، من حقوق اساسية. اعضد الكنيسة الحاضرة في كل رعية لتعزز دائماً ثقافة الحياة وتحميها من جميع المخاطر. لك وللآب وللروح القدس كل مجد واكرام الآن والى الابد. آمين.
 
قديم 23 - 10 - 2014, 05:03 PM   رقم المشاركة : ( 6639 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

البشارة بداية عهد المسيح والكنيسة للسلام في العالم
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


من انجيل القديس لوقا 1/26-38
قال لوقا البشير: في الشهر السادس، أرسل جبرائيل من عند الله الى مدينة في الجليل اسمها الناصرة، الى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف، واسم العذراء مريم. ولما دخل الملاك اليها قال: " السلام عليك، يا ممتلئة نعمة، الرب معك". فاضطربت مريم لكلامه، وأخذت تفكر ما عسى أن يكون هذا السلام ّ! فقال لها الملاك: " لا تخافي، يا مريم، لانك وجدت نعمة عند الله. وها انت تحملين، وتلدين ابناً، وتسمينه يسوع. وهو يكون عظيماً، وابن العلي يدعى، ويعطيه الرب الإله عرش داود أبيه، فيملك على بيت يعقوب الى الابد، ولا يكون لملكه نهاية!".

فقالت مريم للملاك: " كيف يكون هذا، وأنا لا اعرف رجلاً؟". فأجاب الملاك وقال لها: " الروح القدس يحل عليك، وقدرة العلي تظللك، ولذلك فالقدوس المولود منك يدعى ابن الله! وها إن اليصابات، نسيبتك، قد حملت هي ايضاً بأبن في شيخوختها. وهذا هو الشهر السادس لتلك التي تدعى عاقراً، لانه ليس على الله أمر مستحيل!". ففالت مريم: " ها أنا أمة الرب، فليكن لي بحسب قولك!". وانصرف من عندها الملاك.


البشارة لمريم هي ايضاً للعالم أجمع: منها سيولد المخلص المسيح المنتظر، وهي المخطوبة لرجل اسمه يوسف من سلالة داود الملك، لكن الله ارادها اماً بتولاً للكلمة ابن الله المتجسد، يسوع المسيح، بقوة الروح القدس، واماً روحية بالنعمة للجنس البشري المفتدى بدم ابنها الالهي، واماً للكنيسة التي هي المسيح الكلي: المسيح الرأس وجسده المؤلف من جماعة المفتدين.
في هذه البشارة تحقق وعد الله بالخلاص الذي قطعه مخاطباً الشيطان المتمثّل في الحية: " اضع عداوة بينك وبين المرأة هي العذراء مريم حواء الجديدة - بين نسلك ونسلها - اي بين الشيطان والمسيح- هو يسحق رأسك وانت تترصدين عقبه" ( تك 3/ 15) هذا الوعد أبرمه الله فيما بعد عهداً مع ابراهيم ونسله. وفي البشارة تتجلى كرامة العائلة وقدسيتها ودعوتها.
1. البشارة: بداية عهد المسيح والكنيسة
مع البشارة لمريم يبدأ عهد جديد هو دخول كلمة الله في صميم العائلة البشرية، متخذاً طبيعة انسانية من مريم العذراء، وفي تاريخ الجنس البشري مفتدياً اياه من عبودية الخطيئة والشر، وفي كل ثقافة بشرية موجهاً اياها الى كل حق وخير وجمال.
في البشارة يتجلى سرّ يسوع المسيح: انه ابن الله، الذي " اصوله منذ القديم منذ ايام الازل" ( ميخا 5/1)، وهو "كلمة الآب" (يو1/1-2)، وابن مريم بالجسد في الزمن. حقيقة مزدوجة اعلنها يوحنا الرسول: " والكلمة صار بشراً، وسكن بيننا، ورأينا مجده، مجد ابن وحيد آت من الآب، ملآن نعمة وحقاً" (يو1/14)، وكتب عنها بولس الرسول: " لما بلغ ملء الزمان، ارسل الله ابنه مولوداً من امرأة، مولوداً في حكم الشريعة، لكي يفتدي الذين هم في حكم الشريعة، حتى ننال البنوة" ( غلاطية 4/4-5). هذه اللوحة الانجيلية هي اساس اعلان يوحنا وبولس: فالملاك جبرائيل يؤكد لمريم انها " تحمل وتلد ابناً وتسميه يسوع، هو ابن الله المولود منها بحلول الروح القدس" (لو1/31و35)، وانه " من سلالة داود الملك ويملك على الجنس البشري الى الابد" (لو1/33). ملوكيته ملوكية خلاص وفداء، ملوكية " النعمة والحق".
ومع البشارة يبدأ شعب جديد هو الكنيسة المؤلفة من جماعة الذين قبلوا الكلمة الالهي، يسوع المسيح، النور الحقيقي الذي ينير كل انسان آت الى العالم، وآمنوا باسمه، فاعطاهم سلطاناً ان يصيروا ابناء الله، هم الذين، لا من دم ولا من رغبة جسد، ولا من مشيئة رجل، بل من الله ولدوا" (يو1/9،12،13).
هذه الكنيسة هي " مملكة داود" الجديدة التي وعده بها الله على لسان ناتان: " اقيم من يخلفك من نسلك الذي يخرج من صلبك. وانا أثبّت عرش ملكه للابد. انا اكون له اباً وهو يكون لي ابناً" (2 صموئيل7/12-14)، وعلى لسان اشعيا النبي: " الشعب السالك في الظلمة أبصر نوراً عظيماً...لانه ولد لنا ولد واُعطي لنا ابن، فصارت الرئاسة على كتفه...لسلام لا انقضاء له على عرش داود ومملكته، ليقرّها ويوطدها بالحق والبر من الآن وللابد"( اشعيا9/1و5و6). يسوع المسيح ابن الله المتجسد هو الملك الجديد الابدي، والكنيسة مملكته الثابتة الى الابد التي " لن تقوى عليها ابواب الجحيم" ( متى16/18)، قوى الشر والموت. والكنيسة هي " بيت يعقوب" الجديد اي شعب الله الجديد، بالنسبة الى القديم الذي كان يسمى " اسرائيل". انها ذات عنصرين: عنصر الهي هو يسوع المسيح ابن الله منذ الازل وابن مريم في الزمن، وهو رأسها، وعنصر بشري هو جماعة المفتدين الذين يؤلفون جسد المسيح. هذه الكنيسة هي زرع ملكوت الله وبدايته الذي يكتمل في مجد السماء، في نهاية الازمنة عندما يأتي المسيح بالمجد (الدستور العقائدي في الكنيسة 5 و48؛ التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 768).
البشارة لمريم هي للكنيسة وللبشرية جمعاء، لان هذه ستكون ام الاله المتجسد، المسيح التاريخي، وستكون ايضاً ام اعضاء جسده السري، المسيح الكلي، الذين ستساهم بحبها في ولادتهم الجديدة (الدستور العقائدي في الكنيسة، 53). ام المسيح الكلي هي " ام الكنيسة" (البابا بولس السادس، 21/11/1964). لهذا السبب حياها جبرائيل بسلام الفرح والتغبيط: " السلام عليك! افرحي! ولا تخافي! لانك نلتِ حظوة عند الله" ( لو1/28و30). هذه الحظوة هي للبشرية باسرها التي يشملها عهد الفداء. فمن مريم، التي حظيت بشرف الامومة للاله وللكنيسة، تفيض بواسطتها النعمة الالهية على البشرية جمعاء، بوصفها الشريكة في التجسّد والفداء. ولهذا السبب ما ناداها الملاك باسمها عندما حياها، بل سماها " ممتلئة نعمة". هذه التسمية تكشف سرّ مريم الغني بالاوصاف.
انها بريئة من دنس الخطيئة الاصلية، لان النعمة الالهية ملأتها منذ اللحظة الاولى لوجودها، فلم تعرف الخطيئة، لا الاصلية ولا الفعلية.
وهي البتول والام، وقد ظلت بتولاً قبل الميلاد وفيه وبعده، بقدرة الله الفاعلة فيها بحلول الروح القدس، هذا معنى قول الملاك: " الرب معك"، لتأكيد واقع حاضر فيها، لا مجرد دعاء. وبذلك هي مثال الامومة والابوة الروحية للذين يكرسون بتوليتهم لله وللكنيسة بنذر العفة، سواء في الحياة الرهبانية ام في الحياة المكرسة وسط العالم.
وهي مثال الكنيسة، الام والبتول ( الدستور العقائدي في الكنيسة،63)، وقدوة لها في الايمان والرجاء والمحبة، بفضل اتحادها الكامل بارادة الآب، ومشاركة ابنها في عمل الفداء، وقبول الهامات الروح القدس (التعليم المسيحي، 967).
وهي ايقونة الكنيسة النهيوية، اذ تكشف ما ستصير الكنيسة في الوطن السماوي، في نهاية رحلتها على وجه الارض، ومصير كل مؤمن (المرجع نفسه،976).
وهي مثال لكل مسؤول يحمل سلطة كنسية ام عائلية ام مدنية، فيدرك ان " لا سلطة الا من الله" (روم13/1)، وان صاحب السلطة هو خادم الله لدى الجماعة، ويلتزم العمل بموجب ما يوحيه الله له للخير العام. موقفه موقف مريم: " انا امة الرب، فليكن لي حسب قولك" ( لو1/38).
2. العائلة المسيحية


البشارة لمريم التي تعلن دخول ابن الله وفادي الانسان عائلة يوسف ومريم، مولوداً بالجسد بقوة الروح القدس، انما تكشف كرامة العائلة المسيحية وطهارة الحب الزوجي وقدسية الحياة بفضل حضور الله الثالوث فيها: " محبة الآب القديرة تظللك، والروح القدس يحل عليك، والمولود منك قدوس وابن الله يدعى" ( لو1/35). العائلة النابعة من سرّ الزواج هي حقاً "كنيسة بيتية".
العائلة حَرَم الحياة البشرية: التي هي هبة من الله، وتحمل طابعاً مقدساً. وهي من اللحظة الاولى لتكوينها في احشاء الام كائن بشري كامل الحقوق وصاحب فرادة في شخصيته ودعوته ورسالته، اذا لم يوضع حدّ لتطوره الطبيعي البيولوجي، واذا حظي بتربية بيتية وكنسية واجتماعية سليمة. لوحة البشارة خير دليل لهذا الواقع. العائلة هي مدرسة ثقافة الحياة التي تشجب وتدين كل تعدٍ على الحياة البشرية سواء بوسائل منع الحمل او بالحبوب المجهضة ام بالاجهاض، وكل تعدٍ عليها وعلى كرامتها وحقوقها وسلامتها الروحية والجسدية والمعنوية، بعد ولادتها.
والعائلة هي المربي الاول للانسان في ضميره الخلقي المسؤول، بحيث يربى على حسن التمييز بين الخير والشر، الحق والباطل. الضمير كالغرسة، اذا استقامت تربيته كانت اخلاقه سليمة في كبره، لان من شبّ على امر شاب عليه. هكذا الغرسة اذا زرعت مستقيمة نمت كذلك، وإلا ظللت على انحرافها.
والعائلة مصدر النمو الروحي والاجتماعي والرعوي والوطني، لان فيها يحاك اول نسيج لعلاقات الانسان بالله والمجتمع والكنيسة والوطن، وفيها يعاش اول اختبار لتقاسم الخيرات معهم. هذا النمو مرتبط بالطاعة للوالدين اللذين يربيان على " النمو بالقامة والنعمة والحكمة قدام الله والناس"، كما جرى ليسوع في عائلة الناصرة (لو2/51-52).
العائلة مكان التنشئة الروحية والايمانية، لانها المدرسة الاولى للايمان، حيث تُقبل بشرى الانجيل وتُعلن، ولانها المعبد الاول للصلاة، والكنيسة، الاولى حيث يدخل الانسان في شركة مع الله ومع الناس. ان الكنيسة الرعائية تبدأ في البيت، حيث تلتئم الاسرة للصلاة، وتبلغ اليه لتجسّد تعليمها ونعمتها في افراد الاسرة، ومن خلالهم في المجتمع.
3. البشارة لمريم اعلان لثقافة السلام
السلام هو ثمرة بركة الله، ولذلك هو باعث الفرح والابتهاج. ان تحية الملاك لمريم " بالسلام عليك" تعني في مفهومها اللفظي الآرامي: " افرحي يا مريم، تهللي، ابتهجي"، لانك نلت " حظوة" عند الله و"بركة منه" اذ ملأك نعمة ودعاك لتكوني ام ابنه مخلص العالم الذي سيأخذ جسداً بشرياً منك. ولهذا انت " مباركة بين النساء". ولان السلام عطية الهية عظيمة مقدَّمة لكل الناس، فانه يقتضي طاعة لتصميم الله. هذا ما فعلته مريم عندما اجابت: " انا أمة الرب، فليكن لي حسب قولك".
أمر الرب الاله ان يصلي الكاهن على الشعب هكذا: " يباركك الرب ويحفظك، يضىء الرب بوجهه عليك ويرحمك، يوجّه الرب نظره نحوك ويمنحك السلام" (العدد6/24-26). السلام هو مجموعة الخيرات الالهية: البركة والعناية والرحمة والرضى والاختيار والدعوة. هذه الخيرات افيضت على مريم، فباتت الكنيسة تهتف اليها بلقب " يا سلطانة السلام".
ان ثقافة السلام تقتضي التماس الخيرات السماوية وادراكها والشهادة لها بين الناس، بتقاسمها وتجسيدها في الاعمال والمواقف والمسلك. هذه الثقافة تنطلق من حق كل انسان وشعب ان ينعم بالسلام الذي لا يعني فقط انعدام الحرب، بل هو اعطاء كل انسان حقوقه الاساسية ولاسيما منها حقه في النمو وتحقيق الذات، وخروجه من حالة الفقر والجهل والحرمان. السلام الحقيقي والدائم هو ثمرة العدالة والمحبة والانماء والترقي. عنه قال المسيح: " سلامي اعطيكم، لا كما يعطيه العالم اعطيكم انا" ( يو14/27)؟
ما اجمل ان يكون الانسان لاخيه ولشعبه "بشارة سلام" يحمل اليهم خيور السلام الآتي من الله!
**
ثانياً، اعياد الاسبوع
اجمل عيدين تحتفل بهما الكنيسة عيد تقدمة العذراء مريم الى الهيكل وعيد والديها يواكيم وحنه.
تقدمة العذراء مريم للهيكل ( 21 تشرين الثاني)
عندما بلغت الطفلة مريم ثلاث سنوات من عمرها قدّمها ابواها الى الهيكل لتتربى فيه وتخدم، حسب التقليد الرسولي والكنسي، وذلك وفاء لنذر قطعته امها حنة، التي كانت عاقراً. فطلبت من الله ان يعطيها ولداً لتكرسه لخدمته، فرزقها ابنة " ممتلئة نعمة". فقدمها ابواها للرب عن يد الكاهن زكريا. هذه التي قدمت الى الهيكل اصبحت هيكل الثالوث القدوس" الآب الذي ملأها بحبه، والابن الذي استقر في حشاها، والروح القدس الذي حلّ عليها وفيها.
تفرّغت مريم في الهيكل للصلاة والتأمل والخدمة، وتعلمت مطالعة الكتب المقدسة. واقامت فيه حتى بلغت الخامسة عشرة من عمرها. ثم عادت الى الناصرة، حيث بلغتها البشارة الملاك، وكانت مخطوبة ليوسف. وبعد ثلاثة اشهر اخذها يوسف الى بيته بعد بيان الملاك له، فانتقلت الى البيت الزوجي حسب العادة اليهودية، وكرّس الزوجان بتولتهما لله من اجل خدمة ابن الله المتجسد وملكوت الله البادىء مع الكنيسة الناشئة في بيتهما.
مريم المكرّسة هي شفيعة المكرسين والمكرسات سواء في الحياة الرهبانية المنظمة ام في العالم واقفين ذواتهم على خدمة الله والكنيسة على خطى المسيح وامه مريم.
عيد القديسين يواكيم وحنه ( 22 تشرين الثاني)
هما والدا امنا مريم العذراء وجدّا سيدنا يسوع المسيح. يواكيم من الناصرة من ذرية داود الملك، وحنه من بيت لحم من عشيرة يهوذا. كانا بارّين وسائرين في شريعة الرب، متحدين قلباً واحداً، مضطرمين بمحبة الله والناس، عائشين بالصلاة والتأمل، منتظرين مجيء مخلص العالم.
لم يطعما ثمرة البنين، وظلاّ برجاء وطيد يلتمسان ولداً من الله مع الوعد الصادق بتكريسه لله. فكانت مريم التي عصمها الله، منذ اللحظة الاولى لتكوبنها في حشى امها، من الخطيئة الاصلية الموروثة من ابوينا الاولين، وملأها نعمة القداسة، وارادها اماً لابنه مخلص العالم.
يتضح جلياً ان الازواج هم معاونو الله في صنع تاريخ الخلاص، وان كل ولد يولد لامرأة يريده الله ويحبه لذاته ويقسم له دوراً خاصاً في التصميم الخلاصي، وان الجنين كائن بشري منذ اللحظة الاولى لتكوينه، وان الزواج والابوة والامومة دعوة الى القداسة.
***
ثالثا، الخطة الراعوية
تواصل الجماعات المنظمة: الاسرة، الرعية، الاديار، المنظمات الرسولية، المجالس الراعوية، اللجان، النوادي الثقافية والرياضية، التفكير معاً في النص الاول من نصوص المجمع البطريركي الماروني: كنيسة الرجاء.
في القسم الثاني من النص نفكّر معاً في علامتين من علامات الرجاء (فقرة 18 و19).
1. انتشار الكنيسة
انتشرت الكنيسة عامة، والمارونية خاصة، في العالم، بالرغم من النكبات والمحن والاضطهادات، لتكون خميرة في عجين هذا العالم. هذا الانتشار هو الدليل لعناية الله ولوجود العنصر الالهي في الكنيسة الى جانب العنصر البشري. فلا خوف على الكنيسة ومستقبلها، شرط ان يحمل ابناؤها وبناتها رسالة الاصالة لتراثها الانطاكي السرياني، وان يتفاعلوا مع مجتمعاتهم بالانثقاف الروحي والخلقي والثقافي، ويتعاونوا مع الكنائس الاخرى بروح الوحدة في المحبة، ويدخلوا في حوار مع الاديان الاخرى. ومن علامات الرجاء ما لعبته الكنيسة المارونية من دور في الانفتاح الثقافي وفي النهضة العربية في محيطها الشرق اوسطي، فضلاً عما حملت الى الغرب من ثقافة الشرق منذ القرن السادس عشر، انطلاقاً من المدرسة المارونية في روما التي تأسست سنة 1584، فقرة 18).
2. التمسك بالمركزية البطريركية
شكلّ دوما شخص البطريرك الضامن لوحدة الموارنة، والبطريركية رمز هذه الوحدة. تمسّك الموارنة بالمركزية البطريركية بوجهيها المتلازمين.
أ- الوقاية من التشرذم الكنسي ومن اي حركة انفصالية. فعلى مدى التاريخ، فيما جُرحت الكنائس كلها بجرح الانقسام، ظلت الكنيسة المارونية، بعون الله وحسن الارادة، متماسكة في الوحدة حول شخص البطريرك، وحول خليفة القديس بطرس، بابا روما. وهذه علامة رجاء كبيرة.
ب- دعم الوحدة وتفعيلها في داخل الكنيسة المارونية، من اجل الشهادة للمسيح، مبدأ كل وحدة واساسها، ومن اجل خدمة اوفر، ورسالة أشمل في اي مجتمع تواجد فيه ابناء هذه الكنيسة. ما تحقق الى الآن يشكل علامة رجاء ناطقة ومشجعة ( فقرة 19).
بعد التفكير معاً، لا بدّ للجماعات المذكورة من ان ترسم خطة عمل لمواصلة علامتي الرجاء هاتين، ولتدعيمهما بمبادرات عملية.
***
صلاة:
زر يا رب بحبك عائلتنا المجتمعة امامك، واجعلها كنيسة مصغّرة بيتية، تشهد لك. أبعد عنها كل خلاف. رسخّها في الايمان والرجاء والمحبة. احمها من المصائب. قوّها في الشدائد. وحدّها برباط المحبة والسلام. واعطها قوة روحك، فنكون حجارة حية في بناء كنيستك. لك المجد الى الابد. آمين ( من كتاب صلاة العائلة).
 
قديم 23 - 10 - 2014, 05:04 PM   رقم المشاركة : ( 6640 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بشارة الملاك لمريم
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إنجيل القدّيس لوقا 1/26-38
حضارة الحوار والتجسّد

إنجيل «بشارة مريم» هو بداية سرّ الكنيسة؛ بل الله يصير إنسانًا لابسًا الطبيعة البشريّة، ويعرف بيسوع المسيح التاريخيّ. ويصبح رأسالبشريّة الجديدة التي لا عيب فيها، وتعرف بجسد المسيح السريّ، ويصيران معًا المسيح الكليّ (القدّيس أغسطينوس). في شخص مريم، عذراء الناصرة، وبواسطتها، تحقّق كلّ ذلك.

أوّلاً، اللوحة الانجيليّة

1. مضمون البشارة

في الشهر السادس، بعد ستة أشهر من البشارة لزكريّا بمولد يوحنّا الذي «يسير أمام الربّ، كالسراج، ويمهّد له الطريق»، كانت البشارة لمريم بولادة المخلّص. الله هو سيّد تاريخ الخلاص، والانسان معاونه في تحقيق هذا التاريخ. من لوحة البشارتين يظهر الانسان في شخص كلّ من زكريّا وإليصابات ويوحنّا ومريم ويوسف ويسوع.
«عذراء مخطوبة لرجل». هي مريم ابنة حنّه ويواكيم، والرجل هو يوسف من سلالة داود. الخطبة اليهوديّة هي عقد زواج شرعيّ، ينقصه فقط انتقال العروس إلى بيت عريسها للمساكنة. تنصّ العادة اليهوديّة على مهلة لا تتجاوز السنة بين عقد الزواج الشرعيّ وزفّ العروس إلى بيت عريسها. الاحتفال بالزفاف عندنا يقوم بتسليم العروس إلى عريسها أمام باب الكنيسة، فيكشف العريس الطرحة عن وجهها، للدلالة على انتهاء المدّة الفاصلة بين الخطبة والمساكنة. الطرحة رمز لهذه المدّة، مع كلّ ما تعني من مسلك أخلاقيّ واحترام متبادل.
حيّاها الملاك بـ«السلام عليك، يا ممتلئة نعمة، الربّ معك» ليس السلاممجرّد تحيّة، بل يعني حسب اللفظة الأصليّة «افرحي، تهلّلي، ابتهجي»، ونجدها في كتب أنبياء العهد القديم مقرونة ببشرى حدث خلاصيّ من عند الربّ (أنظر صفنيا 3/14 وزكريّا 9/9). افرحي يا مريم «لأنّك ممتلئة نعمة»، لأنّ «الربّ معك». اضطربت مريم لهذا الكلام اضطرابًا شديدًا، هو خوف الانسان أمام ما يدعوه الله إليه. المسؤوليّة، كلّ مسؤوليّة زمنيّة أو روحيّة، هي اختيار من الله ينبغي أن يولّد خوفًا شديدًا لدى المدعو، بسبب ما يتطلب الاختيار من التزام ومسؤوليّة. نحن لا نسعى إلى المسؤوليّة، المعروفة اليوم بالوظيفة أو المنصب، بل تُعطى لنا. الحياة تقتضي إعداد الذات الكامل لكلّ مل يُطلب منّا.
«يا ممتلئة نعمة» تعني يا من نلت حظوة عند الله. فالنّعمة هي نوال حظوة عند الله، أي عطيّة من الله المحسن (سيراخ 18/17) ينعم علينا بها في ابنه الحبيب (أفسس1/6). علامة هذه الحظوة أنّ «الرب معك». هذه اللفظة ردّدها الله لكثيرين: لموسى عند دعوته إيّاه لإخراج شعبه من عبوديّة فرعون «أنا اكون معك وأنا أرسلك» (خروج 3/12)؛ لجدعون «الربّ معك أيّها المحارب الباسل» (قضاة 6/16)؛ لإرميا «إنّي معك لأنقذك.. هاءنذا قد جعلت كلامي في فمك» (إرميا1 /8-9)، لإسحق «أنا إله ابراهيم أبيك. لا تخف فإنّي معك أباركك وأكثر نسلك» (تكوين 26/24)، ليعقوب «أنا معك، أحفظك حيثما اتّجهت» (تكوين 28/15). وفي رسائل العهد الجديد أصبحت هذه الحقيقة دعاء: «النعمة والسلام من لدن الله معكم» أو في الليتورجيّا: «محبّة الله الآب ونعمة الابن الوحيد وشركة وحلول الروح القدس مع جميعكم»، و«السلام لجميعكم» أو في الطقس اللاتينيّ «الربّ معكم». ثمّ أصبحت عند المؤمنين دعاء لمن يغادر، وتحيّة الشخص الذي يصل أو يتّصل: «الله معك، الله معكم». إنّها ذات مضمون لاهوتيّ. ويفسّر الملاك لمريم مضمون «النعمة- الحظوة- العطيّة» بما يشكّل موضوع البشارة: «فستحبلين وتلدين ابنًا، فسميه يسوع?..».
اسم «يسوع» يعني «الله يخلّص» . إنّه «عظيم» للدلالة على سموّه: فهو «ابن العليّ» أي ابن الملك الذي من نسل داود، والذي سيكون الله أباه، وهو ابنه (أنظر صموئيل 7/12-13)؛ إنّه «قدّوس»، أي هو الله، لأنّ لفظة قدّوس اسم يطلق على الله وحده (لوقا 4/34، رسل 3/14)؛ وهو «ابن الله» الذي مسحه الآب وأرسله إلى العالم، كما سيقول بطرس: «أنت المسيح ابن الله الحيّ». في جواب الملاك هذا كلّ لاهوت يسوع المسيح.
«كيف يكون هذا وأنا لا أعرف رجلاً». آمنت مريم بكلام الملاك، واستفسرت عن كيفيّة الحبل، ولا علاقة زوجيّة لها مع يوسف. فيجيبها أنّه الحبل البتوليّ كما سبق وتنبّأ أشعيا: «العذراء تحبل وتلد ابنًا، اسمه عمّانوئيل أي إلهنا معنا» (أشعيا 7/14). وأكّد لها الملاك أنّ «الروح القدس ينزل، وقدرة العليّ تظلّلك»: يتمّ الحبل بقدرة الله، التي يمارسها الروح القدس، خلافًا للشريعة الطبيعيّة، لأن «ليس عند الله أمر عسير». وهكذا يتجلّى للمرّة الأولى الله الواحد المثلّث الأقانيم: الآب الذي أرسل الملاك جبرائيل إلى مريم، الابن الذي ستحبل به ويولد منها، الروح القدس الذي يُتِمّ فيها الحبل بحلوله عليها قدرة إلهيّة خالقة.
«أنا أمة الربّ، فليكن لي حسب قولك». جواب مريم هو طاعة الايمان، كما ستتنبأ إليصابات: «طوبى لتلك التي آمنت أنّ ما قيل لها من الله سيتمّ» (لو 1/45). جواب «نعم» على تصميم الله، وتحقيق الحبل الالهيّ ومجيء الربّ: «الكلمة صار بشرًا وسكن بيننا» (يو 1/14). في العهد القديم، كان مجيء الربّ بمخاطبة الأنبياء، وبالحضور وسط الغمامة. أمّا اليوم فيأتي بشخصه متجسّدًا: فالشخص الثاني من الثالوث القدوس، ابن الله، يتّحد بالطبيعة البشريّة اتّحادًا شخصيًّا، ويصبح يسوع المسيح الاله الحقّ والانسان الحقّ، في شخص واحد، كامل في الألوهة، وكامل في البشريّة، من نفس وجسد، مساوٍ للآب في الألوهة، ومساوٍ لنا في البشريّة كما يعلنها حقيقة إيمانيّة مجمع خلقيدونية (سنة 451). المولود من مريم في الطبيعة البشريّة هو إيّاه ابن الله، الأقنوم الثاني من الثالوث. هذا اللقاء بين الألوهيّة والانسانيّة يؤلّف وحدة لا يمكن فصلها إلى اثنين، كما لا يمكن فصل مياه نهرين يلتقيان ويصبحان نهرًا واحدًا. يسوع الانسان لن يقول، كالأنبياء، «الربّ يقول»، بل «أنا اقول لكم». بهذا المعنى أعلنت الكنيسة في مجمع أفسس (سنة 431) أنّ مريم هي «والدة الاله».في ضوء هذه الحقائق الايمانيّة، أعلن الطوباويّ البابا بيّوس التاسع في 8 كانون الأوّل 1854 عقيدة الحبل بلا دنس، أي «إنّ الكليّة الطوبى العذراء مريم، والدة الاله، بنعمة فريدة وإنعام من الله القدير، وبفضل استحقاقات يسوع المسيح، مخلّص الجنس البشريّ، حُفظت، منذ الدقيقة الأولى للحبل بها، معصومة من دنس الخطيئة الأصليّة»، التي يولد فيها كلّ انسان.

2. مريم وبداية الكنيسة

ما تحقّق في مريم يوم البشارة يجعلها بداية الكنيسة، عروسة المسيح السنيّة التي لا دنس فيها، المقدّسة وبلا عيب (أفسس 5/27)؛ ويجعلها لشعب الله قدوة في القداسة ومحامية النعمة الالهيّة. إنّها وراءنا كبداية للكنيسة، وأمامنا كقدوة للقداسة تقودنا بيدنا لنرسم ملامح وجه يسوع المسيح الذي جعل نفسه قدوة لنا لنسير على خطاه (1 بطرس 2/12)، فنكون على صورته، وهو ابن الله، البكر لإخوة كثيرين (روم 8/29).
بهذا المعنى يسمّي البابا بولس السادس مريم «أمّ الكنيسة»، ويسميّها المجمع الفاتيكانيّ الثاني «قدوة الكنيسة وصورة بتولّيتها وأمومتها، وأمّنا جميعًا على صعيد النعمة» (الدستور العقائديّ في الكنيسة 61-65)، نحن الذين أصبحنا بالمعموديّة أعضاء في جسد المسيح السريّ الذي هو الكنيسة. وهكذا هي أمّ يسوع التاريخيّ الكلمة المتجسّد، وأمّ المسيح السريّ أو الكلّي.
***
ثانيًا، الخطّة الراعويّة

بعد التعمّق في لوحة البشارة بمعناها الحرفيّ ومعناها اللاهوتيّ، وبعد أن وقفنا على الحقائق التي نؤمن بها، لا بدّ من كشف معناها الخلقيّ لكي نلتزم بما يجب أن نعمل.
أ) بتجسّد الكلمة ابن الله من مريم، قام حوار ثابت بين الله والانسان. نحن مدعوّون لندخل في هذا الحوار. فيسوع الكلمة يكلّم كلّ إنسان: «هو النور الحقّ الذي ينير كلّ إنسان آتٍ إلى العالم» (يو 1/9). عندما نقرأ كتاب الله ونتأمّل فيه، هو يخاطبنا. وعندما نصلّي، نحن نكلمه (القدّيس أمبروسيوس). يحاورناالله لكي نحاور بعضنا بعضًا. بالرّغم من تكاثر وسائل الاتصال، الحوار يتعثّر والاتّصال ينقطع في قلب العائلة: بين الأزواج وبين الأهل وأولادهم وبين الاخوة والاخوات؛ في الحيّ: بين الجيران؛ في المجتمع؛ في الكنيسة؛ في الجماعة الرعويّة والرهبانيّة؛ في المؤسّسة والمنظّمة. مسيرتنا نحو الميلاد دعوة إلى الحوار مع الله وبعضنا مع بعض. وبالرّغم من العولمة، تعثّر الحوار أيضًا بين الثقافات والأديان والشعوب والدول، وكثرت الاعتداءات وعمليّات العنف الحسيّ والمعنويّ.
المجمع البطريركيّ المارونيّ يوصي في النصّ 3: «حضور الكنيسة المارونيّة في النطاق البطريركيّ» بالالتزام في الحوار بمختلف أشكاله: حوار الحياة اليوميّة، وحوار العمل، وحوار الحياة الوطنيّة (رجاء جديد للبنان، 91). إنّه «حضارة الوجه»، كما يسمّيه مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك، أي حضارة اللقاء المحبّ، والحوار الحقيقيّ، والتخاطب المباشر. تقتضي الخطّة الراعويّة التعريف بالآخر على قاعدة الحقيقة والمحبّة، وتنقية الذاكرة من الرواسب السلبيّة، والمبادرة إلى المغفرة والاستغفار.
ب) بالتجسّد، تشبّه المسيح الاله بالانسان: «صار على مثال البشر» (فيليبّي 2/7) وشابهنا في كلّ شيء ما عدا الخطيئة» (عبرانيين 4/15). شابه الانسان في ولادته وآلامه وعمله وموته. تشبّه الله بالانسان حبًّا به، فعلى الانسان أن يصير مثل الله (القدّيس مكسيموس المعترف). الكلمة الالهيّ صار لابسًا الجسد، لكي نصير نحن لابسي الروح (القدّيس أثناسيوس الاسكندريّ). فكما اتّحد بنا الله وصار معنا جسدًا واحدًا، علينا نحن ان نتّحد به ونصير وإيّاه روحًا واحدًا (1كور 6/17)، بالمسلك الخلقيّ. إيماننا بالمسيح التزام في خدمة المتألّمين والفقراء. فالتّجسد التزام في سبيل الانسان والعالم.
يذكّرنا المجمع البطريركيّ المارونيّ أنّ كنيستنا المارونيّة خلقدونيّة بالنسبة إلى مجمع خلقيدونيا (451) الذي أعلن عقيدة تجسّد ابن الله جامعًا في شخصه الطبيعة الالهيّة كاملة والطبيعة البشريّة كاملة. حول هذه العقيدة نشأت المارونيّة. فدعيت لتعيش روحانيّة التجسّد وحضارته. ويوصي المجمع بأن تكون من خلال أبنائها ومؤسّساتها حاضرة وفاعلة في محيطها على المستوى الثقافيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ والسياسيّ، من أجل نموّ الانسان، كلّ إنسان، نموًّا شاملاً، فيستعيد كرامته وصورة الله فيه (النصّ 3، عدد 17؛ وتفصيل الحضور في النصوص 21-23).
تقتضي الخطّة الراعويّة أن تتعمّق العائلة والمدرسة والرعيّة والجماعة الرهبانيّة والمؤسّسة والمنظّمة الرسوليّة بروحانيّة التجسّد وثقافة الحضور، وتتّخذ مبادرات عمليّة على المستويات المذكورة.
ج) مريم في البشارة هي صورة شعب، نحن منه: «تبارك الله أبو ربّنا يسوع المسيح، فقد باركنا بكلّ بركة روحيّة في السماوات في المسيح، إذ اختارنا فيه قبل إنشاء العالم، لنكون أمامه قدّيسين، بلا عيب في المحبّة، وتبنّانا بيسوع المسيح للتسبيح بمجد نعمته، فكان لنا الفداء بدمه والصفح عن الزلاّت على مقدار نعمته التي أفاضها علينا» (أفسس 1/3-8). على مثال مريم نحن مدعو ون لنقول «نعم» بإيمان وحبّ على تصميم الله الخلاصيّ لنا وللعالم. الخطّة الراعويّة تقوم على أن يسعى الأفراد شخصيًَّا والجماعة معًا، بالاصغاء إلى كلام الله والتأمّل فيه وسماع نداءات البيئة والمجتمع وقراءة أحداث الحياة اليوميّة والصلاة، إلى اكتشاف ارادة الله وتصميمه علينا، ونلتزم في الطاعة لارادة الله، وفي تحقيق تصاميمه، وشعاررنا كلمة ابن الله: «هاءنذا آت لأعمل مشيئتك يا الله» (عبرانيين 10/7).

صلاة
أيّها الابن الأزليّ، يسوع المسيح الاله الكلمة، يا من أتيت من حضن الآب إلى العالم، وحللت في حشا بنت داود البتوليّ، ببشارة جبرائيل رئيس الملائكة. إقبلْ يا محبّ البشر صلاتنا برحمتك، واستجب طلبتنا بنعمتك. أسكن في نفوسنا كما في البتول التي حملت بك. وليَلذّ لك عطر إيماننا كما لذّت نقاوة والدتك. أبهجنا بغفران خطايانا، كما أبهجت أمّك ببشارة مجيئك، فنشكرك على جميع عظائمك بنا، ونشكر أباك المبارك وروحك الحيّ القدّوس، الآن وإلى الأبد. آمين.

 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 07:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024