14 - 10 - 2014, 05:22 PM | رقم المشاركة : ( 6521 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سيرة و حياة ايليا النبي المراجـــع - الكتـــــــاب المقدس. - ملوك أول للقمص تادرس يعقوب ملطى - شخصيات الكتاب المقدس ( العهد القديم ) للقمص شاروبيم يعقوب - حياة إيليا للكاتب ف . ب . ماير ترجمة القمص مرقس داود - أضواء على حياة إيليا النبى للأنبا ياكوبوس أسقف الزقازيق ومنيا القمح - تفسير انجيل متى للقمص تادرس يعقوب ملطى . مقدمــــــة ظهر إيليا النبى فى فترة ساد فيها الظلام على المملكـــــة العبرية المنقسمة شمالا وجنوبا ، أعقبت العصر الذهبى للدولــــة العبرية أبان فترة حكم داود النبى وسليمان الحكيم .. وقبل أن نتعرض لحياة إيليا نلقى نظرة على الظروف الدينية والسياسية للفترة التى أختاره اللـــه فيها ، ليكون شاهدا له . وتسلسل تاريخ هذه الفترة يوضحه لنا سفر ملوك أول ....الذى حفل بالأشخاص الرئيسيون وهم : 1-داود : اهتمامة بالوصية الإلهيــــــة 2-سليمان : حكيم وعالم ولكنه أنحرف . 3-رحبعام : لا يقبل المشورة . 4-يربعام : يسىء استخدام الحق . 5-إيليا : يقيم اللــــه شهود أمناء له . 6-أخاب : ملك تسيطر عليه زوجته ( يملك ولا يحكم ) . 7-إيزابل : تكرس طاقتها للشر . المــــــــدن الرئيســـيــــــــــــــة : 1-شكيم: اجتمع فيها الأسباط العشرة ، توجوا رحبعام ملكا ، وصارت عاصمة إسرائيل . 2-دان: أحد مركزين للعبادة حيث وضع عجل فى كل منهما ، ليكون المركزان بديلا لأورشليم ، أحدهما فى الشمال والثانى فى الجنوب ( جنوب المملكة الشمالية ) . 3-بيت إيل: بالقرب من أورشليم ، وضع فيه يربعام العجل الثانى . 4-ترصة: أصبح بعشا ملكا على اسرائيل بعد أن اغتال ناداب ، ونقل العاصمة من شكيم إلى ترصة . 5-السامرة: عندما أصبح عمرى ملكا اشترى تلا بنى عليه عاصمة جديدة، وكان أبنه أخاب أشر ملوك إسرائيل ، وكانت زوجته إيزابل تعبد البعل ...وفى فترة حكم أخاب ظهــــر إيليا النبى ( موضـــوع البحث ) . 6-جبل الكرمل: تحدى إيليا النبى أنبياء البعل وعشتاروت على جبل الكرمل ، وهناك أخذهم وقتلهم ... 7-يزرعيل: بعد قتل أنبياء البعل رجع إيليا النبى إلى يزرعيل ، فأقسمت إيزابل أن تقتله ، فهرب لحياته . ولكن الله اعتنى به وشجعه. وفى أثناء رحلاته مسح الملكين القادمين لآرام ( سوريا ) ولإسرائيل ، كما مسح اليشع نبيا ليخلفه . 8-راموت جلعاد: أعلن ملك آرام) سوريا ) لحرب على المملكة الشمالية، لكنه هزم فى موقعتين . احتل الآراميون راموت جلعاد ، فاتحد أخاب ويهوشافاط لأستعادة المدينة . غير أن أخاب قتل فى المعركة ، ثم مات يهوشافاط . +++ المملكــــــة المنقسمـــــة : بموت سليمان أختار ابنه رحبعام المشورة الغبية حيث نادى بزيادة الضرائب بطريقة مملوءة عنفا وكبرياء ، فقاد يربعام حركة تمرد وانشق عن رحبعام عشرة أسباط وأقاموا منه ملكا ، انقسمت المملكة ، كان هذا بداية فترة من الفوضى والصراع بين مملكتين ومجموعتين من الملوك . جذور هذا التمرد كان منذ الأجيال السابقة .. ظهر منذ أيام سليمان عندما فرض ضرائب عالية على الأسباط ما عدا يهوذا لبناء الهيكل وقصره والمنشآت الضخمة فى أرض يهوذا ، مما أحدث ثورة نفسية داخلية فى الأسباط الأخرى ، لم تجد فرصتها سوى فى يربعام للتمرد على السبط الملكى ( يهوذا ) ولم ينضم إلى السبط الملكى سوى سبط بنيامين المجاور له . + + + مملكة الشمال كانت مملكة الشمال أوسع من مملكة الجنوب وأكثر غنى وسكانا من مملكة الجنوب ، حكم مملكة إسرائيل تسعة عشر ملكا ، أشهرهم عمرى ( 886 ? 875 ) وأخاب ابنه ( 875 ? 853 ) ويربعام الثانى ( 787 ? 747 ) ق . م . ولكنها احتاجت إلى عاصمة ، اشترى عمرى هضبة وبنى عليها مدينة محصنة وسماها السامرة . وقعت فى قلب المملكة على ملتقى الطرق ، فأشرفت على ما يحيط بها . ونمت نموا سريعا ، فظلت مركزا هاما بعد زوال مملكة إسرائيل سنة 721 ق . م . ( السبى الأشورى ) . البنية الدينية تستند البنية السياسية إلى البنية الدينية . كانت المملكتان تعبدان ذات الإله الواحد ، ديانة واحدة ، لكن مملكة الشمال شعرت بالحاجة إلى عاصمة وإلى هيكل عام ومذبح عام للشعب . أراد يربعام الأول أن يزاحم هيكل أورشليم الذى بناه سليمان ، فأختار معبدين مشهورين : دان فى الشمال وبيت إيل فى الجنوب ، وجعل فيهما " عجلين ذهبيين " ? لقد صنعوا العجلين الذهبيين ، ولكن للتعبير عن عبادة الله الخفى . لقد خاطر يربعام حين أدخل الصور والتماثيل الكنعانية إلى شعائر عبادة الرب ، فخلط الناس بين الرب والآلهــة ، وجعلوا إله إسرائيل على مستوى الآلهة الوثنية .... بعد خمسين سنة تطور الوضع بصورة أخطر حين تزوج الملك أخاب إيزابيل ، أبنة ملك صور الوثنى ، فشجعت ديانة البعل الشبيهة بالديانات الكنعانية . كانت خطية إسرائيل تميل بالأكثر إلى العبادة الوثنية ، أى الزنا الروحى ... بينما كانت خطية يهوذا هى بالأكثر العصيان للوصية وتجاهل كلمة الرب . دخلت عبادة البعل بواسطة إيزابل زوجة أخاب الملك واستطاع إيليا وإليشع وياهو أن يقتلعوها . كل الملوك الـ 19 للشمال عبدوا العجل ، بعضهم عبد البعل لكن لم يحاول أحد أن يرد الشعب إلى عبادة اللــــــه . بالغم من أن أغلب ملوك الجنوب كانوا يعبدون الأوثان وسلكوا فى طرق ملوك إسرائيل الشريرة لكن بعضهم خدم الله ووجد بينهم مصلحون عظماء ، انحرفت مملكة يهوذا شيئا فشيئا نحو ممارسة عبادة البعل المرعبة ، وبعض الديانات الكنعانية حتى صار الجرح خطيرا والمرض عديم الشفاء . من وحى سفر الملوك الأول ( للقمص تادرس يعقوب ) + هب لى مع سليمان أن اقيم لك بيتا مقدسا روحك القدوس هو الذى يدشنه ... ... يسكنه الآب السماوى ، وحوله السمائيون + هب لى مع سليمان نجاحا فى كل عمل ... فأنت سر حياتى ونجاحى وغناى وفرحى + لتطرد من داخلى غباوة رحبعام وشر يربعام ... فلا يحل فى داخلى انقسام ، ولا أقيم فى داخلى عبادة العجلين + لا تسمح لى أن أتحد مع أخاب بإيزابل الشريرة .. فتتسلل عبادة البعل والعشتاروت إلى + هب لى قلب إيليا النارى .. اتمتع بك وبنار روحك القدوس .. فأصير بالحق ملكا ، موضع سرورك ، يا ملك الملوك . + + + النبى النارى إيليــــــا النبـــــى + + فى وسط هذا الجو الحالك الظلمة بعث الله بنبى عجيب ليشــهد لـه ويعمل لخلاص أخوته وهو إيليا التسبى . بينما أعد عدو الخير أخاب وإيزابل لبث روح الفساد ، أعد الله إيليا النبى ليشهد ويعمل لحساب ملكوته ، لم يكن أحد جريئا بين ملوك إسرائيل فى ارتكاب الخطية مثل أخاب ، ولم يوجد نبى جرىء ونارى مثل إيليا . كان أخاب ضعيف الشخصية أمام ايزابل ، جرى وراء زوجته التى اضطهدت الكهنة وانبياء اللــــه ، فقد قتلت منهم من قتلت ، وهرب البعض إلى الكهوف ، استطاعت الملكة بشرها ، يعاونها كهنة البعل ، أن تحتذب الشعب إلى عبادة البعل بكل رجاساتها . هذا وقد اتسمت بالعنف ؛ حين اشتهى رجلها كرم نابوت اليزرعيلى خططت لقتل نابوت وورثته لقد بدأت سيرة إيليا من اصحاح 17 ( ملوك أول ) مؤيدا من الله بعجائب فائقة . وعندما نتأمل فيما ورد فى سفر ( ملوك أول ) حتى نهاية أصحاح 17 الذى يصور لنا الحالة المحزنة التى وصلت اليها الأسباط العشرة ، وكيف سادتها العبادة الوثنية بشكل عام قد نتخيل بأن هذه هى نهاية الأمر وأن عبادة الاله الحى لن تسترد مكانتها الأولى وقوتها السابقة ، هذا ما اعتقده أخاب وايزابل ، والأنبياء الكذبة بل والبقية من جماعة أولاد الله الأمناء الذين كانوا قد تشتتوا مختبئين . ولكنهم اسقطوا من حسابهم أمرا جوهريا ، انهم نسوا الله نفسه ، ففى أزمة خطيرة كهذه كان ينبغى أن يقول الله كلمته ... عندما يأتى البشر آخر ما عندهم من الشر فحينئذ يحين الوقت للـــه ليبدأ عمله ، وعندما يبدأ الله عمله فانه يستطيع بأبسط الوسائل أن يقلب رأسا على عقب كل ما عمله البشر من دونه ، ويسطر بعض الصحائف فى تاريخ البشرية ، لتكون درسا ثمينا وهدى لكل الأجيال القادمة . ان الأصحاح الـ 17 من سفر ( ملوك اول ) يبدأ بحرف العطف " و " ... " وقال ايليا التشبى من مستوطنى جلعاد ...... " ، ان هذا الحرف مرعب جدا لأعداء اللــــه ، ولكنه ملىء بالرجاء والمواعيد الأكيدة لأولاده الأمناء . ايزابل الشريرة : عندما تركت ايزابل الشابة الجميلة قصور مدينة صور العظيمة لكى تكون زوجة الملك اسرائيل الجديد ، كان يظن أن هذا الزواج توفيق عظيم ، فقد كانت صور ملكة البحار فى أوج عزها ومجدها ، انتشرت مستعمراتها على شواطىء البحر الأبيض المتوسط حتى وصلت الى اسبانيا ، وملأت سفنها كل البحار والمحيطات حتى تجاسرت على الوصول إلى بلاد قارة أوربا . على أن ذلك الزواج مع الأسف الشديد كان سبب بؤس وشقاء ونذير شؤم وخراب كغيره من الزيجات التى تبدو فى أعيننا جميلة وموفقة ، اذا فلا يمكن أن يكسر أحد وصية الله الصريحة التى تقضى بعدم الأقتران بأى شخص لا يعرف الله دون أن يشرب مرارة العلقم فى النهاية . ولعل ايزابل قبل أن تغادر بيت أبيها فى صور قد أوصاها بشدة الكهنة الذين تربت على أيديهم ، لكى تبذل كل ما فى وسعها لتنشر فى اسرائيل ديانة بلادها البغيضة ، لهذا نراها لا تتردد ولا تتباطأ فى تلبية هذا النداء ، فانها فى بداية الأمر يظهر أنها شيدت مذبحا لعشتاروت بجوار يزرعيل مقر القصر الخاص لسكن الملك ، وكانت تعول كهنته القائمين على خدمة عشتاروت من مالها الخاص . بعد ذلك شيدت هى وأخاب مذبحا للبعل فى السامرة ، التى هى عاصمة المملكة ، وكان ذلك المذبح متسعا جدا يكفى للكثيرين من العابدين ( 2 مل 10 : 21 ) ، ثم بدأت الهياكل الوثنية تشيد فى كل أرجاء المملكة ، أما مذابح الأله الحى كمذبح الكرمل ، فكانت قد تهدمت واكتظت الأرض بأنبياء البعل وعشتاروت الذين كانوا يفخرون بما لهم من الحظوى لدى البلاط الملكى ، ويتيهون عجبا بسبب السلطة التى انتقلت اليهم فجأة مع سفالة أخلاقهم وانحطاط مستوى حياتهم الأدبية . وهكذا بدت الأرض كلها مرتدة عن الله ، فمن كل ألوف وربوات اسرائيل لم يبق سوى سبعة الآف ركبة لم تجث لبعل . وحتى هؤلاء كانت حياتهم مشلولة بسبب الخوف ، فانهم كانوا منزوين لدرجة أن ايليا لم يشعر بوجودهم فى ساعة وحدته .... جاءت سيرة إيليا مشرقة بروح البهاء والقوة ، وهو الوحيد من بين الأنبياء نال كرامة الأشتراك مع اخنوخ بانتقاله حيا من العالم ، كما نال مع موسى النبى كرامة اللقاء مع السيد المسيح فى تجليه على جبل تابور . من هو إيليا ؟ " إيليا " كلمة عبرية معناها " إلهى هو يهوه " – يناسب الأسم رسالته ، فقد اتسم بالشجاعة مع الغيرة من أجل اللـــــه ، والصيغة اليونانية لهذا الأسم هى الياس وتستعمل أحيانا فى العربية ، وهو نبى عظيم عاش فى المملكة الشمالية فى النصف الأول من القرن التاسع ق . م . ظهر بطريقة سرية ، لا نعرف شيئا عن أسرته ، نشأ ايليا صبيا فى تلك البلاد كباقى الأولاد فى جيله ، ربما كان فى صباه يشتغل برعاية الأعنام على تلك الجبال الجرداء ، وعندما صار رجلا كان يمتاز عن سكان الأودية والسيول بقوة عضلاته ، وعباءته التى من وبر الأبل ، وطول قامته واستقامتها ، وساعده المفتول ، وقوته البدنية التى مكنته من أن يسبق الخيل فى المركبة الملكية ، .... وبما أنه يدعى التشبى فيرجع أنه ولد فى تشبى . وما هى التشبى - معناه " الغريب "، إنها قرية تقع فى شرق الأردن فى جلعاد ، جلعاد : قطر جبلى شرقى الأردن يمتد إلى بلاد العرب ، وهو يشتمل البلقاء الحديثة ، أرض هىصخرية ، وعرة ، وجاء فى ( يش 13 : 25 ) أن تخم جاد كان يشمل كل مدن جلعاد ، ونصف سبط منسى ، أخذوا كل بشان ونصف جلعاد ( يش 13 : 30 ، 31 ) . وجاء فى ( تث 3 : 12 ، 13 ، 16 ) أن نصف جبل جلعاد أعطى لرأوبين وجاد وبقية جلعاد أعطيت لنصف سبط منسى . فبالقول " التشبى من مستوطنى جلعاد " معناها " من المتغربين المقيمين فى جلعاد " .. تبقى سيرة إيليا النبى تؤكد عبر الأجيال ألا نبحث عن أسرة الأنسان وأسلافه ، بل عن شخصه وحياته وأفكاره وتصرفاته . كان إيليا يعيش زهدا كاملا ، وأحب الله الذى ملك قلبه وملك على كل كيانه ، فأبغض العالم وكل ما فيه ، ملقيا به خلف ظهره لأن هذا العالم سيمضى وكل شهوته . لم يعطى أهمية للجسد الذى يشتهى ضد الروح .. أراد أن يدخل فى دائرة السمائيات منجذبا اليها ليتمتع فى عالم الروح بحياة ملائكية مع السمائيين فى تسبيح دائم . وكان عادة يلبس ثوبا من الشعر ومنطقة من الجلد على حقويه ( 2 مل 1 : 8 ) . وكان يوحنا يشبهه إذ أعد قلب الشعب للإيمان بالمسيح ( مت 3 : 4 ) . والمسوح التى كان إيليا النبى يغطى بها جسده تشير إلى حياة الأنسحاق والتذلل قدام الله ، وهو يحمل فى انسحاقه الداخلى قوة !! انها قوة إلهية تعمل فيه .... إيليا النبى سلم للرب حياته تسليما كاملا ... ليعمل بها حسب قصده المعروف فى علمه السابق ويقول أشعياء النبى : " يعطى المعى قدرة ولعديم القوة يكثر شدة . الغلمان يعيون ويتعبون والفتيان يتعثرون تعثرا ، وأما منتظروا الرب فيجددون قوة ، يرفعون أجنحة كالنسور، يركضون ولا يتعبون يمشون ولا يعيون " ( أش 40 : 9 –31). وكان إيليا يلبس منطقة من جلد على حقويه : علامة الأشتداد بالحق .. الحق يطلب ... وبالحق يسلك ... وللحق يشهد . فايليا النبى .. بحق نبى عظيم مقتدر فى الأيمان مملوء من روح الله يشهد للحق ويحفظ العبادة الطاهرة . + + + يمكن تقسيم حياة ايليا إلى خمس مراحل : 1-ظهوره أمام أخاب المرتد ، وتأديبه له بسنوات الجفاف – ( لقاؤه مع أرملة صرفة صيدا على ساحل البحر الأبيض المتوسط – قتل أنبياء البعل ) ( 1 مل 17 – 18 2-اضطراره إلى الهروب إلى جبل حوريب من وجه ايزابل ( ظهور الله له فى نفس المغارة التى فيها رأى موسى مجد اللـــــه – اختيار إليشع تلميذا له ) ( 1 مل 19 ) 3-تنبؤه عن خراب بيت أخاب بسبب قتل نابوت ( 1 مل 21 ) . 4-انتهاره أخزيا بن أخاب ( احتراق قائدى الخمسين بنار من السماء ) ( 2 مل 1 ) 5-صعود إيليا إلى السماء . نظرة الكتاب المقدس إليه فى ملاخى ( 4 : 5 ، 6 ) وعد الرب أن يرسل إيليا النبى قبل يوم الرب العظيم الرهيب، فيرد قلوب البنين الى ابائهم وقلوب الاباء الى ابنائهم. سيأتى ايليا النبى مع أخنوخ فى آخر الايام ليتحدا معاً لمواجهة المسيح الدجال المُتنبىء عنه، وليسندا الكنيسة ويستشهدا . شخصيته يشبه إيليا ببريق نور يضىء فجأة على تاريخ مظلم ليعلن الحق الإلهى + ظهر فى التاريخ فجأة ، ولا نعرف أسرته . + صعد فى المركبة النارية فجأة + وظهر مع السيد المسيح فجأة فى تجليه . كانت تحركاته جميعا تحمل ذات العنصر : مع الملك لإيقاف المطر ، ولقاؤه مع أرملة صرفة صيدا ، ولقاؤه مع ملاك يطعمه ، ولقاؤه مع الله خلال الصوت المنخفض الخفيف ، ولقاؤه مع إليشع ، ولقاؤه مع أخاب بعد قتله نابوت اليزرعيلى ، ولقاؤه مع رسل أخزيا بن أخاب الذين كانوا ذاهبين إلى بعل زبوب إله عقرون يسألونه شفاء الملك . نبوته عن الجفاف : لماذا بدأ إيليا النبى عمله النبوى بنبوته عن الجفاف والقحط الذى يحل لإسرائيل إذ انحدر الملك وشعبه فى الفساد إلى المنتهى احتاجوا لا إلى تحذير شفوى بل عمل يهز وجودهم وحياتهم ، فالنبوة عن القحط وتحقيقها غايتها مراجعتهم لأنفسهم ليدركوا القحط الداخلى الذى حل بهم بحرمانهم من مياة النعمة الإلهية . "وقال إيليا التشبى من مستوطنى جلعاد لأخاب : حى هو الرب إله إسرائيل الذى وقفت أمامه ، أنه لا يكون طل ولا مطر فى هذه السنين إلا عند قولى " ( 1 مل 17 : 1 ) تحدث إيليا إلى الملك علنا لأن الشر قد بلغ إلى كل الشعب ، صارت الحاجة إلى صرخة قوية لكى يرجع الكل إلى إلهه ، لذا يقول : " حى هو الرب إله إسرائيل " الذى يقاومه الملك ورجاله، ونسيه الشعب وتجاهله . إنه ليس إله جماد كالبعل ، وعلى الملك أن يدرك أن الأوثان غير قادرة أن تعطيه المطر لم يفعل ايليا سوى أمر واحد يعلمه ، وهو ما تلجأ اليه كل النفوس المجربة المثقلة ، كان أمامه أن يصلى ، وهذا ما فعله فانه " صلى صلاة " ( يع 5 : 17 ) ، ويظهر أنه فى صلاته مثل أمامه ذلك التهديد الذى نطق به موسى منذ أجيال مضت مهددا شعبه بأنهم أن ابتعدوا عن اللـــه ، وعبدوا آلهة أخرى ، اشتعل غضب الله عليهم ، واغلق السماء عنهم فلا يكون مطرا ولا تعطى الأرض غلتها ( تث 11 : 17 ) . ويالها من صلاة مرعبة ، ولكن أليس أمرا أشد هولا أن ينسى الشعب إله آبائهم ، ويتجاهلوه ويستسلموا لعبادة البعل وعشتاروت بما فيها من نجاسات وأقذار ؟ تذكر أيضا سلسلة الآراء الخاطئة التى كانت لا بد أن تستخلص فيما لو سكت الرب نهائيا عن حالة كهذه ، فهل هناك أخطر من أن يظن بأن الكتاب المقدس مشحون بشرائع لا يستطيع المشرع أن يتممها أو يتردد فى تنفيذها إن كنا نرزح تحت أعباء جفاف شديد ، إن كنا قد حرمنا أياما طويلة من ندى النعمة ، ومطر البركة ، فانه ليس أمرا وليد الصدفة ، بل هو تدخل إلهى من يد الذى أحبنا إلى المنتهى فلم يسمح بأن نتركه نهائيا ، قبل أن يبذل معنا آخر مجهود ، لعلنا نقف عند حدنا ونرجع إليه، وإن كان الجفاف قد سمح به الرب فلأجل ترميم المذبح على جبل الكرمل ، وابادة الأنبياء الكذبة فى الوادى . مصدر قوة إيليا : لم يكن سر قوة ايليا راجعا الى شخصه أو الى الوسط الذى عاش فيه ، فقد كان من أصل متواضع وقد قيل عنه صراحة أنه " كان انسانا تحت الآلام مثلنا " ( يع 5 : 17 ) ، هنا يذكر لنا ايليا ثلاثة أدلة لمصدر قوته : ( 1 ) " حى هـــــو الرب " .. كان ينظر إلى الله بأنه هو الأله الحى ، ومعطى الحياة ، فإن أردنا أن نكون أقوياء فلنتعلم نحن أيضا بأن تقول " أنا أعلم أن وليى حى ، هو حى فى كل حين ليشفع فينا ، نحن نحيا لأنه هو حى " ( أى 19 : 25 ، عب 7 ، 25 ، يو 14 : 19 ) ، لقد كان موت الصليب قاسيا ولكن يسوع " حى " ( 2 ) " الذى أنا واقف أمامه " .. لقد كان واقفا فى حضرة أخاب ، ولكنه كان واثقا من أنه واقف فى حضرة من هو أعظم من أعظم ملوك العالم ، فى حضرة الرب ، الذى تخر أمامه الملائكة فى رهبة وخشوع لتصغى إلى صوت كلمته .. وجبرائيل نفسه لم يقف موقفا أسمى من هذا " أنا جبرائيل الواقف قدام اللــــه " ( لو 1 : 19 ) ، ليتنا نبنى مخدعنا بحيث تطل منه كل نافذة على جبل حضرة اللــــــه ... ( 3 ) ان لفظة " ايليا " معناها " الرب الهى "... على أنها يمكن أن تحمل معنى آخر " الرب قوتى " .. وهذه توضح لنا سر حياته ، فقد كان الله حصن حياته فممن يرتعب لنكف من هذه اللحظة عن الأتكال على قوتنا التى مهما عظمت فهى ضعف ، ونلجأ الى قوة اللــه فقط كل يوم بل كل ساعة بالأيمان ، وعندئذ يصبح شعار حيلتنا فى المستقبل " انما بالرب البر والقوة ، استطيع كل شىء فى المسيح الذى يقوينى ، الرب قوتى ونشيدى وقد صار خلاصى " إيليا .. هذا النبى النارى ، لم يكن أصلا إلا فتيلــــة مدخنــــة ، ولكنه بالأيمان وصــل الى ما وصـــل إليه . إعالة الغربان له : " انطلق من هنا واتجه نحو المشرق واختبىء عند نهر كريث " ( 1 مل 17 :3 ) طلب الرب من إيليا أن ينسحب من السامرة ومن وسط الشعب ليختفى ثلاث سنوات ونصف .. لم تكن هذه السنوات فترة خمول للنبى ليحيا بلا عمل ، لكنها كانت فترة مع الله للصلاة والتأمل ، تهبانه قوة متزايدة تسنده فى رسالته المقبلة . فى وسط الجفاف ، فى البرية القاحلة قدم له الله ماء من نبع أو مجرى كريث ، وأرسل له طعاما بواسطة الغربان الخاطفة . الغربان التى تحتاج الى من يعولها ! وياله من درس تلقاه ايليا عن قدرة الله على اعالته ، ولا شك فى أن ايليا كان يتأمل مرارا فى هذه الحادثة فى أيامه التالية كبداية لعصر جديد فى حياته ، كان الله يعوله ليأكل خبزا طازجا ولحما مرتين كل يوم ، كان أنبياء البعل والسوارى يأكلون على مائدة إيزابل فجاعوا بسبب الجفاف ، أما إيليا فكان يعوله الله الحى ... أما كيف كان الخبز واللحم يعدان ، فإننا نجيب مع يعقوب : " إن الرب إلهك قد يسر لى " ( تك 27 : 20 ) . بأمر إلهى اعتزل إيليا عن شعب الله المنحرف لكى يتعامل مع الغربان التى تخدمه ، هكذا بالخطية يفقد الأنسان علاقته بالله ورجاله ، بينما الحيوانات والطيور غير العاقلة تمجد الله وتخدم أولاده . البرية فى حياة إيليا النبى : كان يقضى الكثير من وقته فى البرية ( 1 مل 17 : 5 ، 1 مل 19 ) ليست هناك طريقة انجح لأذلال نفس الأنسان أكثر من سحبه فجأة من الدائرة التى كان قد بدأ يظن نفسه أنه لا غنى عنه فيها، لكى يتعلم أنه لا حاجة اليه على الأطلاق لأتمام مقاصد الله ، وحتى يدرك اذا ما عزل فى جهة نائية كنهر كريث ، كيف كانت افكاره مشوشة ، وكيف كانت قوته كلا شىء ... اذا فلا نعجب ان سمعنا أبانا السماوى يهمس فى آذاننا أحيانا : يكفيك يا أبنى ما قد اربكت نفسك فيه هناك من مشاغل واعلانات وارتباكات ، تعال هنا ، واختبىء عند النهر ، اختبىء عند " كريث " فراش المرض ... أو عند " كريث " الآمال الخائبة .... أو عند " كريث " الخسائر .... أو فقد الأعزاء ... أو فى الوحدة التى هجرتها الجموع المزدحمة ، وسعيد هو الأنسان الذى يستطيع أن يقدم هذا الجواب : ارادتك هذه هى ارادتى أيضا ، اننى اطير يا إلهى لكى نختبىء فى ستر خيمتك وفى ظل جناحيك استرنى . ان الأنتصار العظيم على جبل الكرمل يجب أن يسبقه نهـــــر كريث .... ماذا تمثل البرية بالنسبة لحياة إيليا التشبى ؟ 1- الخلوة المقدسة : يوجد مع الله بعيدا عن صخب العالم ، يترك كل شىء ويسير نحو الله بخطى ثابتة ، يوجه نظره نحو الله الحب اللانهائى وينبوع الحب الفياض ، نحو الله المحبوب والحنون الشفوق المتراءف ، الذى يسكب حبه فى القلوب فتتعلق به النفوس وتنجذب اليه الذى يفيض من ينبوع ماء الحياة لتستقى منه كل نفس ظمآى تريد أن تروى عطشها . ويقول أشعياء النبى : " أيها العطاش جميعا هلموا إلى المياة والذى ليس له فضة تعالوا اشتروا وكلوا هلموا اشتروا بلا فضة وبلا ثمن خمرا ولبنا " ( أش 55 : 1 ) . 2- الهدوء والسكينة : حيث الهدوء والسكون تهدأ النفس من الداخل ، ويتلاشى من الذاكرة كل ما علق بها من صور العالم التى كثيرا ما تسبب اضطرابا للنفس من الداخل . واغراءات العالم تهز الأنسان داخليا فيتعلق بالأرضيات ، ويرتبط بالزمنيات فى محدوديتها فى قصور وجمود خارج حرية ارادته وداخل قيود الماديات ، ليظل مرتبطا بها ، مائلا الى الأمور الجسدية ، متمتعا باللذات منزلقا الى الترابيات . فتبعد الروح عن مصدر حياتها وعزاءها وفرحها ، ولكن حين تستقر النفس داخل دائرة السكون والهدوء ، تبدأ الروح فى الأنطلاق خارج دائرة العالم المحسوس والمحدود ، وتعبر المدى والأفق المحدود الى اللامحدود . 3 - حياة التأمل : التأمل فى مجد الخالق .... فى السماء وصفاءها أشارة الى العلو والسمو .... التأمل فى محبة الله الفائقة ..... حب الله للخليقة ... حب الله للأنسان .... والتأمل فى رعاية الله للأنسان .... الذى أحبه ، ليحفظه فى دخوله وخروجه ، وفى كل خطوة يخطوها فلا يخاف شيئا . 4- الصبر والأحتمال وطول الأناة : البرية القاسية تعلم الأنسان الصبر والجلد والأحتمال ، فى زهد ونسك غالبا ومنتصرا على كل القوى التى تحاربه والشرور التى قد تحدق به . 5- مدرسة الصلاة : اتخذ الرب يسوع من البرية موضعا للصلاة فتقدست البرية بالرب معلم الصلاة الذى كان يخرج الى موضع خلاء ليصلى ، ويقضى الليل كله فى الصلاة كان إيليا النبى فى البرية يناجى الله منفردا فى خلوة مقدسة ، منقطعا عن العالم ، انحل عن الكل ليرتبط بالواحد . صلاة ايليا كانت تنطلق من أعماق قلبه وكيانه قوية تصعد الى السماء لتدخل الى حضرةالقدير . دعى إيليا رجل الصلاة ... الذى صلى صلاة بايمان قوى راسخ رسوخ الجبال وثقة كاملة لا يتطرق اليها الشك . صلى إيليا أن لا تمطر السماء كم ورد فى رسالة يعقوب : " صلى صلاة أن لا تمطر فلم تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر ، ثم صلى أيضا فأعطت السماء مطرا وأخرجت الأرض ثمرها " ( يع 5 : 17 – 18 ). 6- حياة الجرأة والشجاعة : وقف فى وجه آخاب الملك ... موبخا إياه شاهدا للحق فى جرأة ليعلن كلمة الله التى ينطقها على فمه منذرا الخطاة والبعيدين عن الله ، والذين جعلوا قلوبهم وراء آلهة الأمم بالهلاك والموت . ++ جفاف النهـــــر : " وكان بعد مدة من الزمان أن النهر يبس " ( 1 مل 17 : 7 ) لا نستطيع أن نكون صورة صحيحة عن حالة أرض الموعد فى شهور الجفاف الأولى ، أننى اتخيلها الآن وقد جفت مراعى الجبال كأن ألسنة النيران قد اندلعت فأفحمتها ، وأما الأنهار فقد نضب ماؤها رويدا رويدا حتى تلاشت منها آخر نقطة . كما لم تكن هنالك أمطار لتعيد الحياة الى المزروعات أو تفيض على ينابيع المياة . والشمس كانت تشرق وتغرب ، لمدة عدة شهور، فى سماء صافية لا أثر للسحاب فيها . لقد قضى على الكثيرون منا أن يجلسوا بجوار أنهار تجف : قد يكون نهر الصيت والشهرة بدأ يجف ... وقد يكون نهر الصحة بدأ يجف وسمح الرب بمرض عضال لا شفاء منه ... وقد يكون نهر الثروة بدأ يجف رويدا رويدا بسبب مطاليب المرض أو الديون أو أى نوع آخر من مظاهر الأسراف .... حقا انه لأختبار مر على النفس أن يجلس المرء بجوار نهر يبس ، وهو حقا أمر أشد صعوبة من الوقوف أمام أنبياء البعل على جبل الكرمل . ولماذا يسمح الرب بأن تيبس كل هذه الأنهار ؟ لأنه يريد أن يعلمنا بأن لا نتكل على نعمه ؛ بل على شخصـــــه .... إنه يريد أن يرفع أبصارنا الى النهر الخارج من عرش اللـــــه الذى لن ييبس الى الأبد اذا فلنتعلم هذه الدروس ، ولنتحول من نهر كريث الذى خيب آمالنا الى مخلصنا الذى لن يخيب لنا رجاء ، فيه نجد كل كفايتنا ، ينابيعه لا تنضب بمرور الدهور ، ولا ينقصها عطش ربوات القديسين الذين يشربون منها فى الأعالى بجوار منبعها كما نشرب نحن منها هنا على الأرض بجوار مصبها " سواقى اللـــــه ملآنه ماء " ( مز 65 : 9 ) ..... " كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضا ، ولكن من يشرب من الماء الذى أعطيه أنا فلن يعطش الى الأبد ، بل الماء الذى أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياة أبدية " ( يو 4 : 13 ، 14 ) . إعالة أرملة صرفة له : يجب أن يتعلم خدام اللــــه أن لا يخطوا إلا خطوة واحدة فى وقت واحد .... لأن اللــــه لا يكشف لنا أكثر من خطوة واحدة فى وقت واحد ، ثم يأمرنا بالسلوك فيها بالأيمان : واذا توجهنا اليه بهذا السؤال " اذا خطوت هذه الخطوة التى لا بد أن تجر على المتاعب فماذا أفعل بعدها ؟ " فلن نتلقى من السماء جوابا غير هذا " اخط هذه الخطوة واتكل على " ، لأنه ليس لنا أن نعلم الأمور التى جعلها اللــــه فى سلطانه ، حالما خطا ايليا تلك الخطوة التى أرشده إليها الله ، وقدم الرسالة لأخاب ، كانت الخطوة الثانية : " وكان له كلام الرب قائلا : قم أذهب إلى صرفة التى لصيدون ، وأقم هناك ، هوذا قد أمرت هناك امرأة أرملة أن تعولك " ( 1 مل 17 : 8 – 9 ) ربما جاءتنا رسائل واعلانات خاصة من الله ، فى ظروف مختلفة عن واجبات معينة نؤديها ، ولكنا تكاسلنا لأننا لم نستطع أن ندرك ما يجب عمله فى الخطوة التالية ، " يارب ماذا تريد أن أفعل ؟ فقال له الرب قم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغى أن تفعل " ( أع 9 : 6 ) . خبزنا كفافنا أعطنا اليوم ، والمن لا يعطى الا كل صباح ، والقوة تعطى حسب حاجة الساعة ، والله لا يعطى كل الأرشادات مرة واحدة لئلا يضطرب العقل ويرتبك الفكر ، ولكنه يأمر بما تستطيع الذاكرة أن تعى وبما يستطيع المرء أن يعمل ، وبعد ذلك نتطلع اليه فى انتظار الخطوة التالية ، وبذا نتعلم طريق الطاعة والثقة بخطوات يسيرة هينة . لا شك فى أن الحياة الهادئة ليست هى الحياة العظيمة ، لأن بعض الأخلاق لا يمكن أن تصل الى الذروة العليا من الروحانية الا عن طريق المتاعب ، وانتزاعنا من بعض الأمكنة ، ونقلنا الى غيرها حسبما ترتبه العناية الألهية . ألا توضح لنا هذه الحقائق شيئا عن معاملة الله لإيليا ؟ فمرة نراه قائما فى اناء " وطنه " .... ثم يفرغ الى اناء " يزرعيل " ... ثم الى اناء " كريث " ... والآن الى الأناء الرابع " صرفة " .. وكل ذلك ليدفعه الى السمو الروحى ... الذى لم يكن ممكنا له الوصول اليه بأية طريقة أخرى ، والذى أهله للوقوف فى الأيام التالية على جبل التجلى ؛ كخل لموسى ورفيق للسيد المسيح . من أسمى الكلمات البناءة للحياة البشرية ، وخصوصا لخدام الله ، هى تلك التى خاطب بها الله موسى قائلا " انظر أن تصنع كل شىء حسب المثال الذى أظهر لك " ( عب 8 : 5 ) كان موسى يلتهب غيرة لكى يتمم عمل الله ، وكان أمهر الصناع تحت أمره ، ولكنه لم يسمح له أن يصنع كبيرة أو صغيرة فى الخيمة " حتى الجرس والرمانة والستائر والأوانى " الا حسب المثال الذى يظهره له الله ، لهذا أخذه الله الى الجبل ، وفتح باب عقله ، وكشف له عن مثال الخيمة المطلوب صنعها ، وسمح لموسى أن يطلع على كل شىء كما كان فى فكر الله ، وبعد أن قضى أربعين يوما فى الدرس والأطلاع على الجبل نزل أخيرا ، ولم يبق عليه الا أن يخرج الى حيز الوجود ما أعلن له على الجبل . مقاصد اللـــــه تتطلب الطاعة الكاملة : " فقام وذهب الى صرفة " ( 1 مل 17 : 10 ) . صرفة : قرية صغيرة تقع على شاطىء البحر الأبيض بين صور وصيدا . معنى كلمة " صرفة " هو " بيت تمحيص " أو " بوتقة تمحيص". أرسل إيليا النبى إلى هذه الأرملة الأممية ليس فقط علامة اهتمام الله بنبيه ، وإنما اهتمامه بالأممية أن تستقبل إيليا فى بيتها ويبارك فيما لديها . لم يكن من الهين على نفسه أن يشعر بأنه ستعوله تلك الأرملة البائسة المسكينة من مواردها الضئيلة ، اذا فقد كانت " صرفة " حقا بوتقة تمحيص لتطهيرها من كل بقية للكبرياء على النفس التى تكون لا تزال باقية جاثمة فى احدى زوايا قلبه . + الرب يسوع مدح إيمان الأرملة : ففى مجمع الناصرة دفعوا إليه سفر أشعياء فقرأ فيه " روح الرب على لأنه مسحنى لأبشر المساكين ، أرسلنى لأشفى المنكسرى القلوب لأنادى للمأسورين بالإطلاق وللعمى بالبصر وأرسل المنسحقين فى الحرية وأكرز بسنة الرب المقبولة " ( لو 4 : 18 ) . اليهود الذين بلا ايمان رفضوا المسيح فوبخ عدم إيمانهم قائلا " وبالحق أقول لكم إن أرامل كثيرة كن فى إسرائيل فى أيام إيليا حين أغلقت السماء مدة 3 سنين ، 6 أشهر .... ولم يرسل إيليا إلى واحدة منها إلا إلى إمرأة أرملة إلى صرفة صيدا " طوبى لها . كان إيليا أول نبى يرسل لخدمة الأمم . أبغضه شعبه فألتجأ إلى الأمم ،، كما شهد بذلك الرسل ( أع 18 : 6 ) – لقد حمل بذلك شهادة عن السيد المسيح الذى جاء إلى خاصته وخاصته لم تقبله ، جاء إلى خراف إسرائيل الضالة وإذ رفضته فتح الباب للأمم كى تقبل عمله الخلاصى ومحبته الفائقة . فى يوحنا 6 : قدم غلام خمسة أرغفة وسمكتان .. . . والرب قبل عطاياه .. وبارك اللــــه فى التقدمــــــة .. وأشبع خمسة الآف رجل ماعدا النساء والأطفال .. لا بد أن البركة قد أستمرت فى بيت الغلام طوال حياتـــــه ... ربما كان عربون البركــــــة أثنا عشر قفـــــة مملوءة خبزا وسمكـــــا ... ولكن الأهم .... أن الغلام نال نصيبا كبيرا فى الحيـــــاة الأبديــــة بعد هذا الأختبار . الطاعة الكاملة لصوت الله : صوت الرب الى ايليا النبى فى رقته وقوته ، وجد له صدى داخل قلبه ، سمع صوت الرب فأطاع دون تفكير أو مناقشة أو تردد . هذه الأرملة فى حاجة الى من يعولها ويهتم بها ، وان كان هناك حاجة الى إمرأة أرملة ، أفلا يوجد بين كل شعب الله أرملة حتى يرسل الى أرملة أممية ! موقف المرأة الأرملة : "هات لى قليل من الماء " ! .... لم ترفض لأن الماء عندها وذلك من واجبات الضيافة . " هات لى كسرة خبز " ! ....... ليس عندى كعكة أى أصغر قطعة من الخبز ، أى انها فى عوز واحتياج ولا تملك شيئا لتعطيه غير كف من الدقيق المتبقى فى الكوار وقليل من الزيت فى الكوز وهذا كل ما تملكه ولا يكفى لإطعام أحد . ما هى إلا أكلة صغيرة تعملها وتأكل هى وابنها ثم يموتا !! وأراد ايليا أن يظهر ايمان المرأة .. " فقال لها ايليا لا تخافى ادخلى واعملى كقولك ولكن اعملى لى منها كعكة صغيرة أولا واخرجى بها الى ثم أعملى لك ولأبنك أخيرا . لأنه هكذا قال الرب إله اسرائيل أن كوار الدقيق لا يفرغ وكوز الزيت لا ينقص الى اليوم الذى فيه يعطى الرب مطرا على وجه الأرض. فذهبت وفعلت حسب قول ايليا وأكلت هى وهو وبيتها أياما . كوار الدقيق لم يفرغ وكوز الزيت لم ينقص حسب قول الرب الذى تكلم به عن يد ايليا " ( 1م 17 : 13 – 16 ) إنه إيمـــــان وثقة وطـــــاعة وعمل + لم تتردد المرأة فى الطاعة ، لقد فعلت ما هو فى نظر الله موضع سروره فقدمت بسرعة وحرية وارتياح ما سئل منها .. + يوجد البعض يريدوا أن يضعوا حدودا للحب ! كم نخطىء عندما نفضل أنفسنا وأولادنا عن المسيح ، ولا نقدم بسخاء للمحتاجين ! . لماذا اختار صيدا ؟ لجأ إلى البلد التى تخرجت منها إيزابل ابنة ملك صيدا ، والتى دفعت بالشعب قهرا نحو عبادة البعل . الموضع الذى تخرج منه الفساد وجد فيه أرملة مؤمنة لتتمتع ببركة الله الحى . لقد نجست ايزابل أرض إسرائيل بعبادة البعل ورجاساته ، بينما تمتعت أرض صيدا بأرملة تنال ما لم تتمتع به أرامل إسرائيل ، صارت رمزا لكنيسة العهد الجديد القادمة من الأمم ، ولا نعجب إن كان السيد المسيح قد خدم فى ساحل صيدا ( مت 15 : 21 ) . + قالت الأرملة : " .... وهانذا أقش عودين لآتى واعمله لى ولأبنى لنأكله ثم نموت " ( 1 مل 17 : 12 ) ... إنها لم تقل ثلاثة عيدان أة أربعة ، كانت تجمع عودين لأنها استقبلت المسيح فى رمزه إيليا ! أرادت أن تجمع قطعتى خشب لأنها أرادت أن تعرف سر الصليب . إقامة ابن الأرملة : من ضمن ما يتميز به أولئك الذين قد امتلأوا بالروح القدس انهم يحملون معهم ، أين حلوا ، روح الحياة ، بل روح الحياة المقامة من الأموات . " وبعد هذه الأمور مرض ابن المرأة صاحبة البيت واشتد مرضه جدا حتى لم تبق فيه نسمة . فقالت لإيليا ما لى ولك يا رجل الله ، هل جئت الى لتذكير اثمى واماتة ابنى " ( 1 مل 17 ) " فتمدد على الولد ثلاث مرات ، وصرخ إلى الرب وقال : يارب إلهى ، لترجع نفس هذا الولد إلى جوفه " ( 1 مل 17 : 21 ) " فسمع الرب لصوت إيليا فرجعت نفس الولد الى جوفه فعاش " ( 1 مل 17 : 22 ) إذ كانت أرملة صرفة صيدا تمثل كنيسة العهد الجديد القادمة من الأمم ، فإن ابنها الذى مات يمثل كل نفس بشرية فى العالم ، عملها هو تقديم هذه النفوس الميتة للسيد المسيح واهب القيامة ، لقد اختبر الحياة الجديدة المقامة ، فلا تطيق أن ترى إنسانا ميتا، لا نفس فيه . كان إيليا النبى فريدا بين الأنبياء ، فمن جهة قدم أول معجزة لمباركة الطعام يكفى ربما لمدة حوالى سنتين ، ومن جانب آخر آمن بالله القادر أن يقيم من الأموات ، لم يجسر داود النبى أن يطلب من الرب أن يقيم ابنه الذى من بثشبع ، أما إيليا النبى فهو أول نبى طلب بجرأة ودالة لدى الله أن ترجع نفس الولد إلى جسده . ولكن لماذا سمح الله بموت ابن الأرملة ؟ سمح الله لها بالتجربة كشوكة فى الجسد تنزع عنها حرب الكبرياء ، كانت فى حاجة إلى ضيقة تثبت حياتها فى الرب فلا تتزعزع . إيليا النبى والوداعة وطول الأناة : نرى هنا أن إيليا النبى لم يغضب من هذه المرأة حين بادرته بهذا القول الذى يبدو منه روح العتاب .. بل أخذ منها الولد فى دعة وصبر وطول أناة عليها ، لأنها حزينة ومرة النفس بسبب موت ابنها . ان إيمان ايليا النبى النارى رجل البرية بأن الله يستجيب له ، تأكد له ذلك من خبرات روحية ايمانية عميقة سابقة . استجاب الرب لصلاة ايليا وأعاد الحياة لأبن الأرملة . ماذا كان موقف المرأة : " هذا الوقت علمت أنك رجل الله وأن كلام الرب فى فمك حق" – هذا يدل على إيمانها بإله اسرائيل أنه الإله الحى الحقيقى وحده القادر على كل شىء الذى يهب الحياة لكل أحد ... " لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد " ( أع 17 : 28 ) . إيليا ودعوة إلهية للظهور أمام أخاب : " وبعد أيام كثيرة كان كلام الرب إلى إيليا فى السنة الثالثة قائلا : أذهب وتراءى لأخاب ، فأعطى مطرا على وجه الأرض " ( 1 مل 18 ) . قضى إيليا النبى سنة عند نهر كريث وسنتين ونصف فى صرفة صيدا ... جاءت الدعوى بالظهور لكى يقدم الله لأخاب فرصة أخرى للتوبة ليس من خلال الكلمات بل من خلال التأديب المر ، بهياج الشعب ضد عبادة البعل وقتل كهنة البعل ، مع تقديم لمسة رجاء قوية حيث يعطى الرب مطرا على وجه الأرض . لقد انقضت ثلاث سنوات ولا تزال السماء لا تعطى مطرا ، وبدأ الجوع يشتد فى أنحاء السامرة ، كما أن الأودية والأنهار قد جفت مما دفع آخاب أن يتفق مع عوبديا بأن يفترقا كل منهما فى طريق للبحث عن عشب للخيل والبغال لئلا يهلكوا ويموتوا جوعا وعطشا . بينما كان الشعب فى جوع شديد ، لم يشغل الملك شيئا سوى حياة حيواناته من خيل وبغال ، لم يكن يشغله جوع شعبه . طلب من المسئول عنها عوبديا أن يشترك معه فى البحث عن ماء فى عيون الماء أو الأودية . هذا عن الملك ، أما الملكة فكان كل ما يشغلها حتى فى فترة المجاعة أن تبيد أنبياء الرب . أما الكهنة واللاويون فهربوا ( 2 أى 11 : 13 – 14 ) إلى يهوذا ليخدموا الهيكل هناك . وربما انحرف البعض فأغوتهم إيزابل أن يخدموا البعل وينالوا أجرة عظيمة . أما أنبياء الرب فغالبا ما كانوا يشهدون للحق على المستوى الفردى أو بين العائلات ، يطلبون الرجوع إلى الله ، لم يكن يوجد لهم موضع لأجتماعات عامة ولا لتقديم ذبائح ، وإنما كانوا يكتفون بالعمل الخفى . شعرت بهم الملكة فسلطت سيفها عليهم لتقتلهم . وسط هذا الجو الكئيب : لا نعجب من أن يقيم أخاب الشرير هذا التقى وكيلا له ، يثق فيه ويأتمنه على قصره ومملكته ، ففى كل جيل يوجد أناس أمناء خائفو الرب يستخدمهم الله حتى فى وسط الجو الحالك الظلمة . لم يجد بعض ملوك بابل من يقيمونه وكيلا على كل الأمبراطورية مثل دانيال المسبى ، ولا وجد فرعون من يأتمنه على كل الأمبراطورية مثل دانيال المسبى ، ولا وجد فرعون من يأتمنه على قصره مثل يوسف ، ولا أخاب وجد من هو مثل عوبديا . النقيضــــــــــان - عوبديا وايليا إيليا وعوبديا...( العبد الذى خشى الرب جدا )1 مل 18 : 3 + كان عوبديا مديرا لبيت آخاب ولاقاه إيليا وقال له " إذهب وقل لسيدك هوذا إيليا " . + تميز عوبديا بصفات روحية جميلة ولعله كان أحد ال7000 ركبة الذين لم يسجدوا لبعل + كان عوبديا يخشى الرب جدا منذ صباه فهو ذكر خالقه فى أيام شبابه وكانت له عشرة حلوة مع الرب . + كان مدققا فى كلامه وسلوكه ، فهو يطلق على نفسه عبد برغم أنه كان فى مركز وزير + تمسك بالرب رغم وجوده بالقصر الملكى لأشر بيت حيث آخاب وإيزابل ، لم يتخل عن مبادئه الروحية متشبها بيوسف فى قصر فرعون ، ودانيال فى قصر نبوخذ نصر ، وأستير فى قصر أحشويروش فى مملكة مادى وفارس . + كان محبا لأخوته أنبياء الرب وكريما معهم وقيل عنه " وكان حينما قطعت إيزابل أنبياء الرب أن عبوديا أخذ مئة نبى وخبأهم خمسين رجلا فى مغارة وعالهم بخبز وماء " . ربما لم يجد كثير من الشعب خبزا يأكلونه وماء يشربونه بسبب المجاعة ، لكن الله عال خائفيه هؤلاء خلال وكيل الملك نفسه عوبديا . وكما يقول المرتل : " ما أعظم جودك الذى ذخرته لخائفيك وفعلته للمتكلين عليك تجاه بنى البشر " ( مز 31 : 19 ) . + لما قابله إيليا طلب منه أن يخبر أخاب ، فخاف عوبديا لئلا روح الرب يحمل إيليا حيث لا يعلم فيتهمه آخاب بالكذب ويقتله فقال " ما هى خطيتى حتى أنك تدفع عبدك ليد آخاب ليميتنى ... وأنا عبدك أخشى الرب منذ صباى .. " . إيليا أعتقد أن عوبديا كان موافقا على أعمال آخاب وإيزابل وأنه لا يملك الشجاعة لمواجهتهم لذلك دافع عوبديا عن نفسه قائلا " ألم يخبر سيدى بما فعلت " . ولكن المدهش فى شخصية عوبديا أنه كان ينقصه الشجاعة الأدبية ، وقوة الشكيمة ، وصلابة العود ، والا لما استطاع أن يلبث فى تلك الوظيفة فى خدمة أخاب وايزابل . لقد كان بطبيعة الحال غير راض عن الحوادث الجارية حوله ، على أنه رأى بأنه لم يكن مطلوبا منه أن يفرض آراءه ومعتقداته الدينية على كل انسان ، كان يرى أنه ليس مسئولا عن تصحيح ما يجرى ! وأنه يجب أن لا يتدخل فيما لا يعنيه ، كان دوره منحصرا فى مساعدة أنبياء اللــــه بطريقة هادئة ، وأن يظل فى مركزه ولو كان فى ذلك بعض الأحيان كسرا لمبادئه . هنالك فرق بين التقوى السلبية الوقائية ، والتقوى الأيجابية الهجومية ... لم يفكر عوبديا الا فى منع الضرر الذى وقع ، فانه حمى الأنبياء من سيف ايزابل ، ومن شدة وطأة المجاعة ، وحسنا فعل ، ان التقوى السلبية التى من هذا القبيل فوائد جمة .. أنها تعول البيوت والملاجىء والمخابىء التى يلجأ اليها المضطهدون والمطاردون ... ولكن العالم يحتاج الى ما هو أكثر من ذلك ، الحاجة ماسة جدا لأمثال ايليا ويوحنا المعمدان ليقفوا فى وجه الأشرار ويوبخوهم على تعدياتهم ويلزمونهم بالخشوع للناموس الذى داسوه . كان إيليا يتوقع أن كل المؤمنين هم فى مستواه الروحى القوى ، وأن عوبديا له نفس القوة لمواجهة شر آخاب وإيزابل ، ولكن القوة الروحية تتفاوت من الأقوياء إلى صغار النفوس ومن يحسب نفسه قويا اليوم عليه أن لا يغتر لأنه ربما يعثر غدا ، وإيليا نفسه فيما بعد لما هددته إيزابل هرب وطلب الموت لنفسه " من يظن أنه قائم فلينظر أن لا يسقط " على الأقوياء روحيا أن لا يدينوا الضعفاء " فمن أنت يا من تدين " . تقابل ايليا النبى مع عوبديا فى الطريق فعرفه عوبديا وخر على وجهه وقال له : أأنت هو سيدى ايليا ؟؟ فقال له : أنا هو ... أذهب وقل لسيدك هوذا ايليا . " فذهب عوبديا للقاء أخاب وأخبره ، فسار أخاب للقاء إيليا " ( 1 مل 18 : 16 ) . لم يذهب الملك لملاقاة إيليا لتقديم توبة عن أعماله الشريرة ، كان هدفه أن يطلب من إيليا إنزال المطر ... ومع أن روح ايليا كانت محصنـــــة ضد الخوف الا أنه لابد أن يكون قلبه قد امتلأ حزنا اذ رأى الخراب الذى حل بالبلاد ، نحن لا نستطيع أن ندرك تمام الأدراك ، مقدار هول الجفاف الذى حل بالبلاد ، من ذبول جميع أنواع العشب والنباتات ، وانعدام المياة الصالحة للشرب .. ومعاناة الناس والحيوانات من الجفاف .... لقاء أخاب وإيليا : عندما تقابل آخاب مع إيليا قال له : أأنت هو مكدر اسرائيل ؟ أجاب ايليا : لم أكدر اسرائيل بل أنت وبيت أبيك بترككم وصايا الرب وبسيرك وراء البعليم . حين وقف ايليا أمام آخاب لم يرتعد .. بل نطق الروح على فمه كلمة الحق ، ان ايليا النبى الشجاع الذى امتلأ قلبه بمحبة الله ، هذه المحبة الكاملة طرحت الخوف الى خارج ، فلم يخاف من الملك آخاب ، بل تكلم فى جرأة وشجاعة موبخا إياه . حينما أعلن يشوع عن عاخان أنه مكدر إسرائيل " رجمه جميع إسرائيل بالحجارة واحرقوهم بالنار ورموهم بالحجارة " ( يش 7 : 25 ) . كان أخاب يود أن يعلن ذلك لكى يكون مصيره من الشعب كمصير عاخان . كان الملك يرتدى ثوبا من الأرجوان أما إيليا فكان ثوبه من جلد الغنم .... أى الثوبين كان أكثر كرامة ؟ الثوب الجلدى لهذا الرجل شق الأردن ..... أحذية الثلاثة فتية وطأت على النار ! عصا موسى شقت البحر الأحمر .... وثياب بولس أبرأت الأمراض ! وما نفع الغنى الخارجى حين يكون الفقر الداخلى عظيما ؟ وماذا يمكن للفقر الخارجى أن يضر إن كان كنز الغنى فى الداخل ؟ قال الرب يسوع لتلاميذه القديسين : " وتساقون أمام ملوك وولاة لأجل أسمى ؛ فيؤول ذلك لكم شهادة ، فضعوا فى قلوبكم أن لا تهتموا من قبل لكى تحتجوا . لأنى أنا أعطيكم فما وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاومها أو يناقضها " ( لو 21 : 12 – 15 ) . " موقعــــــــة جـبــــل الكرمـــــــل " بين الحــــــق ..... والباطــــــــل بين اللــــه ... والآلهـــة الوثنية فى معقــــل دارهـــــــــم " كل نفس تشتهى الحصول على قوة يجب أن تنالها فى خلوة نهر كريت . فان الأنتصار العظيم على جبل الكرمل يجب أن يسبقه نهر كريت ، وأن نهر كريت لا بد أن يعقبه جبل الكرمل ونحن لن نستطيع أن نقدم شيئا للعالم ما لم نكن قد أخذنا من الله . ولن نستطيع أن نطرد الشياطين التى تعذب البشر ، وتقود الناس الى السقوط والى الهلاك ، ما لم ندخل مخادعنا ، ونغلق أبوابها ونحنى ركبنا منسحقين أمام الله ونسكب دموعنا ونصرف الساعات فى شركة عميقة مع الله . " ....... عندما ترك ايليا صرفة لا شك فى أن عقله كان خاليا من كل تفكير فى أى خطة معينة يسلكها ، كان يعرف أنه يجب أن يتراءى لأخاب ، وأن المطر قريب على الأبواب ، ربما يكون قد ارتسمت أمام نظره بعض الصور الغامضة عن تلك الصراع العنيف على جبل الكرمل ، ولكنه لم يعرف شيئا على وجه التحقيق ، فقد كان همه محصورا فى أن يهدىء طبيعته الثائرة كفطيم نحو أمه " أنما للــه انتظرى يا نفسى لأن من قبله رجائى " ( مز 62 : 5 ) . كان ايليا واثقا من أن مذبح البعل سوف لا تقترب منه النار ، وكان واثقا أيضا من أن الرب سوف يحقق ايمانه بانزال نار على مذبحه ، هذا المذبح الذى تهدم ليس بفعل عوامل الجو والطقس ؛ بل بناء على أوامر ايزابل الشريرة ( 1 مل 18 : 22 ) – كيف بذل ايليا كل الجهد للعثور على الأثنى عشر حجرا الأصلية ، التى كانت قد بعثرت فى كل ناحية وتراكمت عليها الرمال ، فقد كان فى شديد الحاجة اليها بعد فترة وجيزة ، كيف كان يسكب نفسه أمام الله . ويقدم الطلبات والتضرعات من أجل الشعب ، ويمنطق ذاته بالصلوات الحارة استعدادا لتلك الموقعة القادمة . ان استدعاء النار كان يحتاج الى نفس الصلوات الحارة القوية التى تستلزمها اعادة المطر اذا فاستجابة النار لم يكن ممكنا أن تتم فى ذلك اليوم ان لم يكن قد صرف الأيام السابقة فى مخدعه فى حضرة الله ، والتلاميذ كان يجب أن يقضوا فترة الأنتظار – طيلة الأيام العشرة – فى الصلاة فى العلية قبل حلول الروح القدس ، معمودية النار فى يوم الخمسين . " فالآن أرسل واجمع إلى كل إسرائيل إلى جبل الكرمل وأنبياء البعل أربع المائة والخمسين ، وأنبياء السوارى أربع المائة الذين يأكلون على مائدة إيزابل " ( 1مل 18 : 19 ) . الكرمل : هو سلسلة من القمم المسطحة على جبل ، وكان بالجبل مذبح للرب قديم ومتهدم ، ربما يرجع إلى عصر البطاركة ، فى أقصى شمال غرب الجبل يوجد دير للكرمليت بأسم إيليا النبى . اختار إيليا النبى هذا الموضع لأن الكنعانيين كانوا يعتقدون بأن جبل الكرمل هو مسكن الآلهة ، كأنه أراد أن يقيم المعركة بين اللـــــه والآلهة الوثنية فى معقل دارهم . من جانب آخر يمكن للملكة المتعجرفة أن تشاهد المعركة وهى فى قصرها فى يزرعيل . من على جبل الكرمل يمكن لمن لا يقدر على الصعود إليه أن يرى النار النازلة من السماء من بعيد ، ويرى الكل السحابة القادمة من البحر ، فلا يمكن لأحد أن يضلل الشعب بإخفائه حقيقة المعركة . الأربعمائة والخمسون نبيا كانوا يعبدون البعل مع أخاب ..... وكانت الملكة تعبد العشتاروت ويخدم معها أربعمائة نبيا ، وقد دعوا أنبياء لأنهم يدعون القدرة على التنبوء ومعرفة المستقبل . وافق الملك على طلب إيليا ، لأن الضرورة كانت ملحة إذ بلغت المجاعة أشدها ، ومن جانب آخر لم يكن الملك متوقعا ما قد يحدث . " فتقدم إيليا إلى جميع الشعب وقال : حتى متى تعرجون بين الفرقتين ؟ إن كان الرب هو الله فاتبعوه ، وان كان البعل فاتبعوه ، فلم يجبه الشعب بكلمة " ( 1 مل 18 : 21 ) كان الشعب يريد أن يعبد الأثنين معا : اللـــــه والبعل ، فقد تلامسوا مع الله فى قوته وحبه وسمعوا ما صنعه مع آبائهم ، ووجدوا فى البعل ملذات ورجاسات . فظنوا أنهم قادرون أن يمزجوا بين العبادتين ، وأن يقسموا القلب بين الإلهين . خطة إيليا النبى : طلب ثورين ، احدهما يختاره أنبياء البعل ويقطعوه ، ويوضع على الحطب ، بدون وضع نار ( إذ يعلم إيليا النبى خداع إبليس واتباعه حرص ألا يضعوا نارا على المذبح ) ..... والثور الثانى يقربه إيليا النبى ، فوق الحطب ولا يضع نارا أيضا ... جاء الأعداد الذى طلبه إيليا النبى لتقديم الذبيحة مطابقا لما ورد فى الشريعة الموسوية ( لا 1 ) . أصبح كل شىء جاهز : المذبح ، والخشب ، والذبيحة ... ولكن أين النار ؟ كان اللــــه يؤكد قبولـه للذبيحة بإرسال نار من السماء تلتهمها ( لا 9 : 24 ، قض 6 : 21 ) . بدأ أنبياء البعل طقوسهم بالدعاء بأسم البعل مع الصياح والرقص .. من الصباح إلى الظهر ؛ فلم يكن من مجيب .. زاد هياجهم وكانوا يقطعون أجسادهم بالسيوف والرماح .. حسب عادة الوثنيين ( وهذه العادة ما زالت موجودة لدى بعض أصحاب ديانات فى العصر الحالى ) .... وعند الظهر سخر بهم إيليا ( لثقته أنه محفوظ بالعناية الألهية ) وقال : " ادعوا بصوت عال ، لأنه إله لعله مستغرق أو فى خلوة أو فى سفر أو لعله نائم فيتنبه " ( 1 مل 18 : 27 ) . ترميم المذبح : " قال إيليا لجميع الشعب : تقدموا إلى ، فتقدم جميع الشعب إليه ، فرمم مذبح الرب المنهدم " ( 1 مل 18 : 30 ) . " ثم أخذ إيليا اثنى عشر حجرا بعدد أسباط بنى يعقوب الذى كان كلام الرب إليه قائلا إسرائيل يكون اسمك " ( 1 مل 18 : 31 ) . رمم إيليا المذبح باثنى عشر حجرا بعدد الأسباط ليعلن رفضه التام لأنقسام المملكة ، مؤكدا أن الله هو إله كل الأسباط ، وأن مسرته أن تقدم ذبيحة واحدة عن الجميع . رقم 12 يشير إلى ملكوت الله على الأرض ، حيث يملك الثالوث ( 3 ) فى كل جهات المسكونة الأربع ، فمحصلة 3 × 4 = 12 يشير إلى كنيسة الله الممتدة من أقاصى المسكونة إلى أقاصيها ، فيما يلى أمثلة لأستخدام هذا الرقم : ·ضم شعب الله القديم 12 سبطا . ·يحمل رئيس الكهنة على صدرته 12 حجرا كريما ، ويثبت فى ثوبه 12 جرسا إشارة إلى التزامه بالشهادة الحية أينما وجد ( خر 28 ) . ·وضع موسى 12 حجرا عند سفح الجبل ( خر 24 : 4 ) . ·اختار السيد المسيح 12 تلميذا . ·مدينة أورشليم العليا لها 12 بابا ، ثلاثة أبواب من كل جانب . رتب إيليا الحطب وقطع الثور ووضعه على الحطب فوق المذبح ، أمر بإلقاء 12 جرة ماء على المحرقة والحطب .... حتى لا يعطى فرصة لأدنى شك فى النار هى من قبل الرب . الدعوة للرجوع الى الله الواحد طلب إيليا من الله أن يتمجد بكونه إله إبراهيم واسحق واسرائيل ، لم يطلب إيليا مجده الذاتى بل مجد الرب : " استجبنى يارب استجبنى ليعلم هذا الشعب انك انت الرب الإله وانك انت حولت قلوبهم رجوعا ، فسقطت نار الرب وأكلت المحرقة والحطب والحجارة والتراب ولحست المياة التى فى القناة " ( 1 مل 18 : 37 – 38 ) . قال داود النبى فى المزمور : " ليستجب لك الرب فى يوم الضيق ، ليرفعك اسم إله يعقوب ، ليرسل لك عونا من قدسه ومن صهيون ليعضدك .. ليذكر كل تقدماتك .. ويستسمن محرقاتك ، ليعطيك حسب قلبك ويتمم كل رأيك .. نترنم بخلاصك وبأسم الهنا نرفع رايتنا ، ليكمل الرب كل سؤالك" ( مز 20 : 1-5 ) كانت تقدمته طاهرة ، على مذبح الرب المقدس ، قدمها بقلب نقى ، وهذه الصعيدة الطاهرة اقتبلها الرب . استجابة الرب كانت بعلامة أكيدة وواضحة ظاهرة أمام الجميع .. لتمجيد اسم الرب القدوس أمام عيون الشعب ... احتراق المحرقة : علامة قبول الله للذبيحة احتراق الحطب : يشير إلى رغبة الله ألا يبقى فينا عمل يحترق بالنار احتراق الحجارة : فإنه يود أن يكون شعبه كله ( 12 حجرا ) ذبيحة حب له ، كما يقدم نفسه ذبيحة حب لفدائهم . احتراق التراب : فإنه يريد أن ينتزع عنا ترابنا ليقيم عوضا عنه سمواته . لحس المياة التى فى القناة : فهو يطلب قلوبا لا تغطيعا مياة العالم بل ملتهبة بنار الروح . كان يمكن للنار التى أكلت التقدمة والحجارة والحطب والتراب ... أن تمتد أيضا لتأكل أنبياء البعل والشعب العاصى .. ولكن رحمة اللــــه واسعة ، فهو يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون .... أراد اللـــه من الشعب أن يتولى أمر أنبيائه الكذبة ، أنبياء البعل ، ليكونوا عبرة للآخرين ، وذكرى لا تنسى للشعب . قوة عمل الصلاة هى سر النصرة ، وهدم حصون الأعداء ، ثم طلب ايليا من الشعب أن يمسكوا الأنبياء الكذبة ولما فعلوا ذلك نزل بهم عند نهر قبشون وذبحهم هناك عقابا لهم على كفرهم وكذبهم ونفاقهم ، ومشورتهم التى كادت أن تتسبب فى هلاك الشعب كله . لقد اصدر ايليا أمرا باعدام أنبياء البعل .. لقد كان عملا مروعا ذلك الذى أتاه ايليا ، ولكن ماذا كان يستطيع أن يفعل ؟ لقد كانوا شديدى الخطر على مصالح شعبه ، ولو كان قد عفا عنهم كان هذا معناه ترخيصا لهم لينفثوا سمومهم وينشروا عوامل الأرتداد ، اذا كان لا بد من قتلهم . لهذا صدر الأمر من بين تلك الشفتين الشديدتى المراس " امسكوا أنبياء البعل ولا يفلت منهم رجل " . أما الشعب فكان فى حالة تلزمهم بالطاعة الكاملة ، لقد ادركوا كيف كانوا مخدوعين بدرجة مزرية لذلك التفوا على الأثر حول أولئك الأنبياء الذين امتلأت قلوبهم ذعرا وخوفا ، والذين رأوا أنهم عبثا يحاولون أن يفلتوا من أيديهم وتأكدوا أن ساعتهم قد جاءت . وعندما مات آخر واحد منهم ، أدرك ايليا أن المطر ليس بعيدا ، ولعله سمع أصوات السحاب وهى مسرعة على البلاد ، لأنه علم – ما يجب أن نتعلمه جميعا – أن اللـــه لا يمكن أن يبارك الأرض أو القلب طالما كان فيه ما ينازعه وينافسه . ليت الله يطهر قلوبنا من كل ما ينافسه ، ويهبنا ايمان ايليا ، لكى نتقوى نحن أيضا ونفعل المعجزات . طلبة البار تقتدر كثيرا فى فعلها رأى ايليا أنه لا داعى للمجاملة لأن الله قد تمجد فى وسط شعبه لذلك طلب من الرب المطر .... وإذ عرف ضعف شخصية آخاب واهتماماته العالمية بالطعام والشراب أكثر من خلاص نفسه ، لذلك قال ايليا لآخاب اصعد كل واشرب لأنه حس دوى مطر . فصعد آخاب ليأكل ويشرب ، وأما إيليا فصعد الى رأس الكرمل وخر الى الأرض وجعل وجهه بين ركبتيه سجد الى الأرض ، علامة الأنسحاق والتذلل . نحن لا نكاد أن نراه لأنه قد نسى شخصيته ، وارتمى على الأرض فى تلك الهيئة العجيبة ، لقد وقف منتصبا كبلوطة باشان قبل ذلك ببضع ساعات ، أما الآن فاننا نراه يحنى كالأسلة رأسه ... حين ننسحق قدام الرب ، الرب ينظر الينا ويستجيب لطلباتنا المقدمة المرفوعة من قلوب منكسرة وأرواح منسحقة . " القلب المنكسر والمنسحق يا اللـــه لا تحتقره " ( مز 51 : 17 ) . انقطع المطر ثلاث سنين وستة أشهر ، وكان ذلك بصلاة ايليا ، ثم صلى أيضا بلجاجة وبالحاح .. فأعطت السماء مطرا وأخرجت الأرض ثمرها . ان استجابة اللـــه لمواعيده لم تعط لنا لكى نكف عن الصلاة ! بل بالعكس لكى تحثنا على زيادة الألحاح فى الصلاة ، انها تبين لنا الأتجاه الذى ينبغى أن تتجه اليه صلواتنا ، والى أى مدى ننتظر الجواب ، هى القالب الذى فيه نصوغ صلواتنا الحارة بلا خوف ولا وجل " وقال لغلامه : اصعد تطلع نحو البحر ، فصعد وتطلع وقال : ليس شىء ، فقال : ارجع سبع مرات ، وفى المرة السابعة قال : هوذا غيمة صغبرة قدر كف إنسان صاعدة من البحر ، فقال : اصعد قل لآخاب اشدد وانزل لئلا يمنعك المطر " ( 1 مل 18 : 43 – 44 ) . الغيمة الصغيرة التى رآها إيليا قادمة من البحر تشير إلى تجسد الله الكلمة الذى صار كغيمة صغيرة تخفى مجد لاهوته ، قادمة إلى عالمنا لتفيض علينا بمياة الروح القدس . إنه يحول قفر قلبنا إلى فردوس مثمر ! + + + كيف سقط الجبـــــــــار؟ ( 1مل 19 ) هروب إيليا إلى بئر سبع الهروب من وجه الشر : اخبر أخاب زوجته ايزابل بما فعله إيليا ، وكيف قتل كهنة البعل ، فثارت جدا وقررت قتله ، اضطر أن يهرب إيليا إلى بيت سبع التى ليهوذا ، حيث عاله ملاك هناك . تهديد ايزابل لإيليا النبى بالقتل : " فأرسلت ايزابل رسولا الى ايليا تقول هكذا تفعل الآلهة وهكذا تزيد إن لم اجعل نفسك كنفس واحد منهم فى نحو هذا الوقت غدا " ( 1 مل 19 : 2 ) هرب ايليا من وجه ايزابل ، ولم يجد من الشعب الذى آزره فى ذبح الأنبياء الكذبة ، ما يشجعه على مواجهة الشريرة الطاغية ، التى ما زالت تمسك بزمام الأمور فى الأمة كلها . لم يكن وجود ايليا ضروريا بقدر ما كان فى ذلك الحين ، لأن التيار انقلب ، وسار فى اتجاه اللــــه ، وكان وجود ايليا ضروريا جدا لكى يتزعم القيادة ، ولكى يحفظ الشعب فى امانتهم لألههم الذى أختاروه لعبادتهم ، ولكى يتمم بسياسته الأنسانية سياسته الأصلاحية . كنا نتوقع أن يستلم رسالة التحذير من ايزابل بفتور ولا مبالاه ، ويجيبها كما أجاب ذهبى الفم – فى فرصة مماثلة – على الأمبراطورة يودوكسيا : " اذهب وقل لها أنى لا أرهب شيئا سوى الخطية " .... يرى البعض أن إيليا النبى لم يهرب خوفا من ايزابل وشرها وإنما لأجل نفسه أو لأجل حياته مع الرب ، فإنه سار فى البرية مسيرة يوم واشتهى الموت ، فقد شعر بالحاجة إلى عون إلهى لأن مقاومة عبادة اللـــــه كانت عنيفة للغاية . " ثم سار فى البرية مسيرة يوم حتى أتى وجلس تحت رتمة ، وطلب الموت لنفسه ، وقال : قد كفى الآن يارب ، خذ نفسى ، لأننى لست خيرا من آبائى" ( 1 مل 19 : 4 ) . كان ايليا تحت الرتمة شيئا يختلف تماما عن ايليا فوق جبل الكرمل ، هى النفس البشرية المتلونة والتى لا تثبت على حال ، فهى تارة فى أعلى جبال الشركة مع الله ، ثم لا تلبث أن تهوى تارة أخرى الى بالوعة اليأس . كان سقوط ايليا محزنا جدا ، وكفى أنه وصم حياته بعار لا يمحى ، وشل نهضة من أقوى النهضات التى رأتها أرض اسرائيل ! والتىكان يرجى منها خير أوفر ، وبعث الرعب واليأس فى قلوب الألوف الذين كانوا قد بدأوا يشحنون عزائمهم من غيرته المتقدة ، ولعل جوقة من الملائكة قد اصطفت حول النبى الشارد ، وهو منطرح على الرمل ، وانشدت مرثاة كتلك التى أنشدها مرنم اسرائيل الحلو لدى موت شاول ويوناثان فى موقعة جلبوع : " كيف سقط الجبابرة فى وسط الحرب ، يا رجل الله قد سقطت على شوامخك ، قد تضايقت عليك جدا ، كيف سقط الجبابرة وبادت الآت الحرب " ( 2 صم 1 : 19 ، 25 – 27 ) . محبــــة اللــــــه فى ثباتها ولكن شكرا لله الذى أرسل ملاكه اليه تحت الرتمة ، دون أن يناقشه فى شىء ، فقد كانت نفسه ممتلئة بالمرارة والأسى واليأس والقنوط ، والتوتر يملأ عواطفه ، والأنفعال لا يعطيه أية فرصة للمناقشة الهادئة الساكنة ، وكان علاج الله لنفسه أن يطعمه ويريحه ، حتى يهدأ ويسكن ، قبل أن يتكلم اليه أو يحاجه أو يسأله . وهى الحكمة الالهية التى ينبغى أن نتعلم منها ، كيف نعالج الثورات النفسية عند الآخرين . الأفضل أن ننتظر ، حتى تستريح أحسادهم ونفوسهم ، قبل أى حديث أو مناقشة .... كان عمل الله الوحيد أن يطعم ايليا ويريحه ، وينتظر أربعين يوما قبل أن يناقشه على جبل الله حوريب . + هددت ايزابل إيليا بقتله ، فهرب إلى بئر سبع وتحت رتمة طلب الموت لنفسه ولكن الرب أرسل له ملاكه بكعكة وماء وسار بقوة تلك الأكلة 40 يوما حتى جاء لجبل الله فى حوريب الذى نزلت عليه شريعة موسى . جاءت ريح عظيمة .... ثم زلزلة ... ثم نار ولم يكن الرب فيها ثم كان صوت خفيف منخفض يقول له " ما لك ههنا يا إيليا " فى ضعف ويأس اشتكى النبى شعب إسرائيل فأمره الرب بالرجوع وأن يمسح حزائيل ملكا على آرام وياهو بن نمشى ملكا على اسرائيل وإليشع بن شافاط نبيا عوضا عنه وقال الرب " وقد أبقيت فى اسرائيل 7000 ركبة لم تجث للبعل وكل فم لم يقبله . + + ما أعظم الفرق بين الرب يسوع المسيح الذى قال على الصليب " يا أبتاه إغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون " ، وبين كل من : إيليا الذى أشتكى شعب إسرائيل إلى الله ،......... وكذلك داود النبى الذى أوصى أبنه سليمان – وهو على فراش الموت - بقتل يوآب بن صروبة ، وشمعى بن جيرا البنيامينى ..... ويونان النبى الذى اغتاظ أن الله رحم شعب نينوى ولم يفنها ... وتلاميذ السيد المسيح – يعقوب ويوحنا ( لو 9 : 54 ) الذين طلبوا من يسوع أن تنزل نار وتأكل المدينة .... يالعظم محبة اللــــــه ولطفه نحو البشر . * على جبل اللــــــه حوريب( 1 مل 19 : 9-21 ) " وكان كلام الرب اليه يقول : مالك ههنا يا ايليا ".( 1 مل 19 : 9 ) . من الغريب أنه فوق جبل الله حوريب فى سيناء أدرك ايليا الحقيقة التى غابت عنه طويلا ، إن الصوت المنخفض الخفيف ، وليس صوت الريح أو الزلزلة أو النار ، هو الأكثر تأثيرا وقوة وفاعلية ، فإن الثلاثة أصوات الأولى ليست فى حقيقتها سوى الممهد للصوت الأقوى والأعمق ، والأبعد أثرا ، صوت الحب والحنان والرحمة والأحسان والجود والغفران . وفى لغة أخرى هو صوت الصليب ، الصوت الذى تحدث به موسى وايليا مع المسيح فوق جبل التجلى : " واذا رجلان يتكلمان معه وهما موسى وايليا ، اللذان ظهرا بمجد وتكلما عن خروجه الذى كان عتيدا أن يكمله فى أورشليم " ( لو 9 : 30 ، 31 ) . لقد اهلك الله العالم بالطوفان أيام نوح ، وأباد الله سدوم وعمورة بالنيران ، وذبح ايليا أنبياء البعل ، ومع ذلك فالخطية لا تزال تفتك بالبشر ، وهى فى حاجة الى أصوات أخرى . عاد ايليا انسانا من حوريب ، يختلف الى حد بعيد ، عما كان عليه أولا . عاش ايليا سنواته الأخيرة أهدأ وأجمل وأقوى ، وأخذ يشرف على مدارس الأنبياء . انها لحقيقة خطيرة : أن خطية واحدة قد تكون سببا فى تعطيل خدمتنا وأيقاف نفعنا فى كل أيام حياتنا ... مسح اليشع نبيا : بلا شك استراح قلب إيليا حين دعاه الرب ليمسح أليشع نبيا عوضا عنه ، فالخادم الحى يفرح ويسر بامتداد الخدمة بعد خروجه من العالم . " فذهب من هناك ، ووجد اليشع بن شافاط يحرث وأثنا عشر فدان بقر قدامه وهو مع الثانى عشر ، فمر إيليا به وطرح رداءه عليه ، فترك البقر وركض وراء إيليا وقال : دعنى أقبل أبى وأمى وأسير وراءك ، فقال له اذهب راجعا ، لأنى ماذا فعلت لك ، ( 1 مل 19 : 20 ). لم يرد ايليا هذا التأجيل إذ قال له : " اذهب راجعا ، ماذا فعلت لك ؟ " كأنه يقول له : " لم أدعك للعمل النبوى ، بل الله هو الذى دعاك فلماذا تؤجل البدء فى العمل ؟ لترجع إن أردت لا لتودع والديك فحسب بل وتبقى مع أصدقائك وأرضك " ولعله قال هذا لكى يؤكد أن الدعوة ليست إلزامية ، فالله لا يكره أحدا على خدمته ، ليرجع ويختار بكامل حرية إرادته الطريق الذى يبتغيه . " فرجع من ورائه وأخذ فدان بقر وذبحهما وسلق اللحم بأدوات البقر ، وأعطى الشعب فأكلوا ، ثم قام ومضى وراء إيليا ، وكان يخدمه " ( 1 مل 19 : 21 ) . كان اليشع غنيا جدا ، وعندما رجع لا ليفكر فى قبول الدعوة أو رفضها ولا فى اختيار الوقت للبدء فى العمل ، بل للحال ذبح كل الثيران التى للمحاريث الخشبية واستخدم المحاريث حطبا وقدم طعاما للشعب . هكذا أراد أن يصفى كل أموره المادية الأرضية ليتفرغ للخدمة. من وحى 1 ملوك للقمص تادرس يعقوب لأراك على جبل حوريب + عند سفح الجبل عسكر الشعب .. فرأوا الجبل يحترق والدخان يملأ السماء . الصخور تزلزلت ، والريح العاصف مملوء رهبة ورعبا .. أما موسى فكان على الجبل يتسلم من يديك شريعتك .. كانت قلوب الشعب تهتز مضطربة جدا .. وكان قلب موسى يهتز طربا ، إذ التقى بخالقه المحبوب ... + على ذات الجبل التقى بك إيليا النبى .. حدث ريح عاصف وزلزلة ونار .. ولكن وسط الصوت الهادىء الخفيف تمتع بالحوار معك ، نسى إيليا مقاومة ايزابل له ، زال اليأس من قلبه ، وأدرك القلة القليلة المقدسة لك ، لقاؤه معك ملأ قلبه رجاء ، فتح أبواب السماء أمام عينيه . + نزلت يا إلهى إلى أرضى ، ولدت فى مزود حتى أتمتع برؤياك ... لا أعود أسمع صوت ريح عاصف .. ولا ارتبك من زلزلة ، ولا أخشى نارا ، فإن إله الطبيعة جاء إلى لا يصيح ولا يسمع أحد صوته .. لأراك فى داخلى وأتمتع برؤياك .. أدخل معك فى حوار حب لا ينقطع .. أنسى وادى الدموع ، ولا أخشى الأحداث ، اتمتع بك ياشهوة قلبى . + + + قتــــــل وورث * لقاء ايليا النبى بأخاب الملك عند نابوت اليزرعيلى " وحدث بعد هذه الأمور أنه كان لنابوت اليزرعيلى كرم فى يزرعيل بجانب قصر أخاب ملك السامرة : " فكلم أخاب نابوت قائلا : اعطنى كرمك فيكون لى بستان بقول ، لأنه قريب بجانب بيتى ، فأعطيك عوضه كرما أحسن منه ، أو إذا حسن فى عينيك أعطيتك ثمنه فضة ، فقال نابوت لأخاب : حاشا لى من قبل الرب أن اعطيك ميراث آبائى " . ( 1 مل 21 : 1 – 3 ) . بعد أربع سنوات أو خمس من القضاء على أنبياء البعل ، عاد الشر الى جولة أخرى فى مواجهة مع الخير ، والظلم والأستبداد أمام الحق الإلهى . كان آخاب الملك يزداد سوءا ومصيره يزداد بشاعة ، ذهب آخاب الى كرم نابوت ليرثه ، بعد المؤامرة التى دبرتها زوجته ايزابل الشريرة للتخلص من نابوت اليزرعيلى الذى رفض اعطاء الكرم لآخاب ميراثه الذى أخذه عن آبائه واجداده بقوله : " لا أعطيك ميراث آبائى " 1 مل 21 والتقى به ايليا هناك ليقول له : " هل قتلت وورثت أيضا " ( 1مل 21 : 19 ) . 1- ميراث رهيب والحقيقة المحزنة هى أن الميراث الرهيب من الجائز أن يصل اليه الأنسان فى أرض الفساد والظلم ، رغم كافة الحواجز التى يمكن تجاوزها أو تجاهلها أو تخطيتها بكل قوة وعنف ... طلب آخاب كرم نابوت لكى يحوله إلى بستان بقول ، وقال له انى مستعد أن أعطيك ثمنه أو كرما أحسن منه ، وكان ممكن لنابوت أن يرضى لولا أن الشريعة تمنع ذلك إذ لا يجوز لإنسان أن يتصرف فى ميراث آبائه . سخرت ايزابل من زوجها آخاب لعدم قدرته على التصرف – حتى ولو بالظلم – وهذا المشهد يتكرر كثيرا فى الحياة ، وهذا المنظر المأساوى يحدث كثيرا بين بنى البشر . قال السيد : " لأنه واسع الباب ورحب الطريق الذى يؤدى الى الهلاك ، وكثيرون هم الذين يدخلون منه " ( مت 7 : 13 ) . قد ينجح الشر فى الجولة الأولى من المعركة ، ولكنه هيهات أن يكسب المعركة . 2- ميرلث مخجل اننا نقيس أمورنا لا على حساب حاجاتنا ، بل على حساب جيراننا ، اذ لا أريد أن يظهر مجد آخر الى جانب مجدى ، أو سلطان آخر بجوار سلطانى أو نفوذ الى جانب نفوذى ، وكل بساتين الدنيا أو كرومها لا تساوى البستان الصغير الذى يملكه جارى .... يا له من طمع مخجل ! .. بل يا له من ميراث قبيح ! ... ذاك الذى لا أستطيع الحصول عليه إلا بالكذب والخداع والغش ، وايزابل الشريرة كتبت رسائل بأسم آخاب وختمتها بخاتمه وأرسلت الرسائل الى الشيوخ والأشراف الذين فى مدينته الساكنين مع نابوت ، ليشهدوا أنه قد جدف على أسم الله وعلى الملك ، ثم أخرجوه ورجموه !! .. نفس التهم تكررت مع السيد له المجد : فقد وقف رئيس الكهنة ليعلن " لقد جدف ، ما حاجتنا بعد إلى شهود " ! والتهمة الثانية أنه يقاوم قيصر ( الملك ) ... وأخرجوا البار خارجا وعلقوه على الصليب !!!! .... الفرق الوحيد أن زوجة بيلاطس الأممية أقرت ببراءة السيد المسيح ... بينما ايزابل الأسرائيلية كانت هى المحرضة على القتل ! . 3- ميراث مقلق ذهب أخاب ليستمتع بالكرم الذى ورثه ، ولعل الكرم كان جميلا ظليلا ، وكانت عناقيده حلوة ولذيذة ، وكان موقعه بديعا ، وأخاب يستطيع أن يمتع نظره ، ويذهب اليه ليستظل به من حر النهار ، بل يستطيع أن يأكل منه ما يشاء دون أن يمنعه أحد ، هل أستراح الملك ؟ لقد أضحت الظلال ظلاما ، والعناقيد علقما ، والكرم سجنا رهيبا ، اذ سمع صوت الله العادل هناك !! " هل قتلت وورثت أيضا " ؟ ! " هل أكلت من الشجرة التى قلت لك أن لا تأكل منها "؟... " أين هابيل أخوك ؟ ...... أنه نفس الصوت يتكرر فى كل جيل ... الرضا على الظلم ، هو بعينه الظلم ، والقتل بأمر أخاب أو بأمر ايزابل أو بأمر الشيوخ ؛ هو الدم الذى يتحمله أخاب أولا وأخيرا !! لم يتمتع الرجل بالكرم كما كان يشتهى ، لأنه فى قلب الكرم سمع عن مصيره المفجع ، ومصير بيته . " هكذا قال الرب : فى المكان الذى لحست فيه الكلاب دم نابوت تلحس الكلاب دمك أنت أيضا " ( 1 مل 21 : 19 ) " من مات لآخاب فى المدينة تأكله الكلاب ومن مات فى الحقل تأكله طيور السماء " . ( 1 مل 21 : 23 – 24 ) . وتكلم الرب عن ايزابل أيضا قائلا : إن الكلاب تأكل ايزابل عند مترسة يزرعيل . وعندما سمع عقاب الله على فم ايليا النبى بسبب قتله نابوت ليرث حقله ، جعل مسحا على جسده وصام واضطجع بالمسح ومشى بسكوت " . غير أن هذا الحزن لم يكن ندما على الخطية ، بقدر ما هو خوف من العقاب الصارم الذى سيلقاه . فماديته جعلت قلبه لا ينشغل بالله ، ومع هذا نجد أن الله يتراءف عليه قائلا للنبى : " هل رأيت كيف اتضع أخاب أمامى ، فمن أجل أنه قد اتضع أمامى لا أجلب الشر فى أيامه بل فى أيام ابنه أجلب الشر على بيته " ( 1 مل 21 : 28 ، 29 ) . الله يطيل أناته على الأنسان لكى يتوب ويرجع فينال الرحمة والغفران من عند الرب ، ولكن حينما يقسى الأنسان قلبه ويتصلت ويصر على عناده ولا يفيق من غفلته ويرجع عن طريق ضلاله بالتوبة والندامة فتكون النتيجة الهلاك . لقد تمت كل التهديدات التى نطق بها ايليا ، صحيح أن أخاب أجل اتمامها بتوبة جزئية دامت ثلاث سنوات ، ولكنه فى نهاية تلك المدة عاد الى طرقه السريرة ، فتمت كل التهديدات بحذافيرها ، اذ أنه جرح بقوس غير متعمد فى راموت جلعاد " وجرى دم الجرح الى حضن المركبة " ولما غسلت المركبة فى بركة سلوام لحست الكلاب دمه . وبعد عشرين عاما عندما أرسل ياهو ليفتقد جثة ايزابل لدفنها " لم يجدوا منها الا الجمجمة والرجلين وكفى اليدين " أما الباقى فقد التهمته الكلاب المفترسة ، اذ كانت الجثة منطرحة فى نفس المكان الذى قتل فيه نابوت ( 2 مل 9 : 35 ) ، لتشهد أن الحسن غش والجمال باطل والشهوة فانية ، وأن الحكمة البشرية تغرق صاحبها فى العطب والهلاك . أما جثة يهورام أبنهما فقد تركت فى نفس المكان دون أن تدفن ، كأمر ياهو الذى لم ينس قط تلك الكلمات الرهيبة . .... وحقا قيل " لأن فوق العالى عاليا يلاحظ والأعلى ( أى الرب ) فوقهما " ( جا 5 : 8 ) وهنالك أيضا – فى الأيام التالية – هزمت جيوش اسرائيل شر هزيمة مرارا ، وتشبعت الأرض بدمائهم يقينا أن اللــه صادق ليس فقط فى مواعيده بل أيضا فى وعيده . لقد تمت حرفيا كل كلمة نطق بها ايليا ، لأن الله صادق على كل كلمات عبده وقد أيدت الأيام المتعاقبة صدقه مرارا . أخزيا يخلف والده أخاب " أخزيا بن أخاب ملك على اسرائيل فى السامرة فى السنة السابعة عشرة ليهوشافاط ملك يهوذا ، ملك على اسرائيل سنتين ، وعمل الشر فى عينى الرب ، وسار فى طريق أبيه وطريق أمه ، وطريق يربعام بن نباط الذى جعل إسرائيل يخطىء ، وعبد البعل وسجد له ، وأغاظ الرب إله إسرائيل حسب كل ما فعل أبوه " ( 1 مل 22 : 51 – 53 ) . مع قصر مدة حكم أخزيا إلا أنها كانت غاية فى الشر ، لم يحتفظ فقط بالوثنية التى أدخلها يربعام ، وإنما بعبادة البعل التى أدخلتها إيزابل . لقد سمع عن الخراب الذى حل ببيت يربعام ورأى والده قد دمره الأنبياء الكذبة ومع ذلك لم يتعظ . لكى نستطيع أن ندرك كل هذه الحوادث التى حدثت فى العهد القديم ، من قتل للأنبياء الكذبة ، أو احراق رسل أخزيا ، أو ..... الخ ، يجب أن ننسى أننا نعيش فى العهد الجديد الذى أهم مايميزه الرحمة الرقيقة ، ونتخيل أنفسنا أننا نعيش فى العصر الذى أنتهى بالجلجثة . هذا الدرس لقنه السيد المسيح لتلاميذه بعناية خاصة ، عندما طلب منه تلاميذه يعقوب ويوحنا أن تنزل نارا من السماء ( كما فعل ايليا ) وتحرق القرية التى رفضت أن تستضيف المخلص وتلاميذه ، فالتفت إليهما يسوع وقال لهما لستما تعلمان من أى روح أنتما ( لو 9 : 54 ، 55 ) . وكأن السيد المسيح قد قال لهما : اذكرا بأنكما وقد تبعتمانى انتقلتما الى عصر جديد ، وأن الأمور فى ملكوت السموات ستسير على مبادىء جديدة تختلف كل الأختلاف عن تلك المبادىء التى عهدتماها ، أننى سوف لا أنقض الناموس ولا الأنبياء ، ولكننى سأدخل عليهما قانونا يكملهما بنظام إلهى جديد ، لقد بدأ عهد الرحمة منذ الآن . + + + إيليا واخزيا بن آخاب ورئيس الخمسين تملك أخزيا بن آخاب ومرض فأرسل ليسأل بعل زبوب الوثن فتراءى إيليا لرسل الملك وطالبهم أن يخبروا ملك إسرائيل " أليس لأنه لا يوجد فى اسرائيل إله أرسلت لتسأل بعل زبوب إله عقرون لذلك السرير الذى صعدت عليه لا تنزل عنه بل موتا تموت " ( 2 مل 1 : 6 ) ... عرف الملك أنه إيليا فأرسل خمسين جنديا وقائدهم الذى نادى إيليا " يا رجل الله .. الملك يقول إنزل " . أجاب إيليا " إن كنت أنا رجل الله فلتنزل نار من السماء وتأكلك أنت والخمسين الذين لك ، فنزلت نار وأكلتهم .... أرسل الملك خمسين آخرين وقائدهم فأكلتهم النار .... فعاد وأرسل خمسين ورئيسهم .... + صعد رئيس الخمسين الثالث إلى الجبل وجثا على ركبتيه وقال : " يا رجل الله لتكرم نفسى وأنفس عبيدك فى عينيك هوذا قد نزلت نار من السماء وأكلت ... " هنا قال ملاك الرب لإيليا : " انزل معه لا تخف منه " نزل إيليا وذهب للملك وأخبره بقضاء الرب عليه بالموت ... + القائد الثالث سلك سكة الأتضاع فنجا من الموت وقيل " تذللت فخلصتنى ... أنا تذللت جدا " ( مز 116 : 6 ) . وهنا تجول فى خاطرنا فكرة عن لطف السيد المسيح ووداعته : كان يستطيع أن ينزل نارا من السماء لتبيد أولئك الجند الذين أتوا اليه فىجثسيمانى لألقاء القبض عليه ، لم ينطق بتلك الكلمة ، كم كان منظرا مدهشا اذ وقفت جنود الملائكة منتصبة فى كبد السماء تنتظر كلمة واحدة منه لأنقاذه ، ولكنها بقيت منذهلة لم تتلق حتى اشارة واحدة . النار الوحيدة التى طلبها فكانت نار الروح القدس " جئت لألقى نارا على الأرض فماذا أريد لو اضطرمت " ( لو 12 : 49 ) . + ما أعظم الفرق بين الناموس والنعمة : هنا 153 جندى هلك منهم 102 بنار إيليا ونجا القائد الثالث وخمسينه . أما بعد قيامة الرب إصطاد الرسل 153 سمكة لم تضع واحدة منها فما بال حال النفوس التى إفتداها الرب بدمه ، قيل عن الفرق بين الناموس والنعمة فى ( عب 12: 18 ) : " لأنكم لم تأتوا إلى جبل ملموس مضطرم بالنار وإلى ضباب وظلام وزوبعة وهتاف بوق وصوت كلمات استعفى الذين سمعوه من أن تزاد لهم كلمة ... وكان المنظر هكذا مخيفا حتى قال موسى أنا مرتعب ومرتعد . بل قد أتيتم إلى جبل صهيون وإلى مدينة الله الحى أورشليم السماوية وإلى ربوات هم محفل ملائكة وكنيسة أبكار مكتوبين فى السموات وإلى الله ديان الجميع وإلى أرواح أبرار مكملين وإلى وسيط العهد الجديد يسوع وإلى دم رش يتكلم أفضل من هابيل " . * ايليا والمركبة السماوية كان اليشع يخدم ايليا وكان معه ، غير أنه ليس مذكورا فى التاريخ من زمان دعوته الى زمان اصعاد ايليا . وقد عرف ايليا زمان انتقاله قد قرب ، وربما عرف اليشع أيضا أن سيده سيفارقه ولكن فى قلبيهما ما لا يقدران أن يعبرا عنه بالكلام . كان ايليا على وشك الوقوف أمام الرب فى السماء وعلى اليشع أن يتسلم منه أثقال الخدمة وأخطارها ، وكانا مزمعين أن يفترقا . وكان الرب قد رسم لأيليا حوادث تلك الساعات الأخيرة فأرسله ليزور الأنبياء فى محلاتهم المختلفة ويكلمهم كلامه الأخير ، وربما طلب ايليا من اليشع أن يمكث فى الجلجال لأنه أراد الأنفراد قبل انتقاله ، أو لأنه أشفق على خادمه ، أو لأنه قصد امتحان محبته وأمانته . واليشع أظهر محبته الشديدة بقوله : " حى هو الرب وحية هى نفسك أنى لا أتركك " ( 2 مل 2 : 5 ) . وبعد زيارة مدارس الأنبياء ذهب الى برية فى عبر الأردن ليكون صعوده فى مكان منفردا كما صعد موسى ليموت فى جبل نبو . وذهب خمسون رجلا من بنى الأنبياء ووقفوا قبالتهما من بعيد ، ووقف كلاهما بجانب الأردن ، وأخذ ايليا رداءه ولفه وضرب الماء فانفلق الى هنا وهناك فعبرا كلاهما فى اليبس . وضرب ايليا النبى الماء كما مد موسى عصاه فانشق البحر وكما انفلق نهر الأردن أمام يشوع . وكان عمل ايليا شهادة لأسرائيل لينتبهوا الى كلامه فيخلصوا من عبودية أشر من عبودية مصر ويدخلوا راحة أعظم من راحة كنعان . وقال ايليا لأليشع اطلب ماذا أفعل لك قبل أن أوخذ منك ؟ وطلب اليشع من أيليا أن يكون له نصيب أثنين من روحه ، وفى ( تث 21 : 17 ) فإن نصيب أثنين من مال الأب هو من حقوق البكر ، كأن الأنبياء أبناء لأبيهم الروحى أى لأيليا ، وطلب اليشع أن يكون أولهم ورئيسهم كالبكر بين الأولاد . ولا ننسب لاليشع الطمع والكبرياء فى هذا الطلب ، لأنه طلب أن يكون الأول فى الخدمة والخطر والتعب . والطمع من هذا النوع هو من الفضائل والواجبات . وقال ايليا لقد صعبت السؤال : كان الأمر صعبا على اليشع لأنه ربما لم يشعر بعظمة الخدمة التى كانت أمامه ، وصعبا على ايليا ، لأن تعيين خليفته ليس له بل للرب . وفيما هما يسيران ويتكلمان اذا مركبة من نار وخيل من نار ففصلت بينهما فصعد ايليا فى العاصفة الى السماء ، وكان اليشع يرى ويصرخ يا أبى يا أبى مركبة اسرائيل وفرسانها .. ولم يره بعد . لا شك أن هذا المنظر بقى فى ذاكرة اليشع كل أيام حياته ، وبه تقوى ايمانه ليقول فى وقت المقاومة : " الذين معنا أكثر من الذين معهم " ( 2 مل 6 : 16 ) . ومن ذلك الوقت فصاعدا لم يكن ايليا سيده بل الرب . ورفع اليشع رداء ايليا الذى سقط عنه ورجع ووقف على شاطىء الأردن ، فأخذ رداء ايليا الذى سقط عنه وضرب الماء وقال أين هو الرب إله ايليا ، ثم ضرب الماء أيضا فانفلق الى هنا وهناك فعبر اليشع . أخذ اليشع رداء ايليا لا ليلبسه بل اشارة الى المقام الذى تسلمه من ايليا ، وضرب الماء فانفلق كما فى الأول حينما ضربه ايليا. أسباب هذا الأنتقال : 1-لا شك فى أن الأسباب الرئيسية هو أن يكون شهادة لجيله ، فقد كان البشر فى عصره غارقين فى شهواتهم ، منغمسين فى ملذاتهم ، لا يفكرون فيما وراء هذه الحياة ، أما اليهود فان أقصى ما استطاعوا الوصول اليه هو تكوين فكرة غامضة عن الحياة الأخرى ، لعل هذه الفكرة زادها غموضا وظلاما انحرافهم فى تيار العبادة الوثنية وانغماسهم فى الخطية . أما انتقال ايليا فقد اعطاهم برهانا مقنعا على وجود عالم روحى دخله الأبرار ، وعلى أن الروح لا تموت بموت الجسد ، بل تنتقل الى حالة أسمى ووطن لائق بها . 2-كان هناك سبب آخر هو رغبة الله فى تدعيم أقوال عبده وخادمه الأمين بطريقة عجيبة ، كان يسيرا على رجال ذلك العصر أن يحدوا من قوة خدمة ايليا باتهامه أنه مجرد انسان متحمس مهيج مثير للقلاقل والفتن ولعله كان من الهين أن يظنوا أن تهديداته وانذاراته بدأت وانتهت بنفسه ، ولو كانت حياته انتهت بمرض الشيخوخة لأذدادوا تقسيا فى طرقهم المعوجة ، وتوغلا فى شرورهم ، فكيف كان ممكنا أن يعرفوا أنه انما نطق بحق الله ؟ ولكن شفاة المجدفين والمتقولين قد ابكمت عندما ختم الرب على خدمة عبده بهذا الختم العجيب . التجـلـى " وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا أخاه وصعد بهم إلى جبل عال منفردين ، وتغيرت هيئته قدامهم وأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور ، واذا موسى وإيليا قد ظهرا لهم يتكلمان معه ، فجعل بطرس يقول ليسوع يارب جيد أن نكون ههنا ، فان شئت نصنع هنا ثلاث مظال ، لك واحدة ولموسى واحدة ولايليا واحدة ، وفيما هو يتكلم اذ سحابة نيرة ظللتهم وصوت من السحابة قائلا : هذا هو ابنى الحبيب الذى به سررت ؛ له اسمعوا " ( متى 17 : 1 – 5 ) . التجلى هو الدخول بالنفس إلى تذوق الحياة الآخروية ، لترى عريسها قادما فى ملكوته ، معلنا لها أمجاده الإلهية بالقدر الذى يمكنها أن تحتمله وهى بعد فى الجسد ، هذا العمل الذى تحقق بطريقة ملموسة على جبل تابور أمام ثلاثة من التلاميذ ؛ ونبيين من العهد القديم هما موسى وإيليا . التجلى هو اعلان " الملكوت السماوى " الممتد فوق كل حدود الزمان ، أرتبط التجلى بأحداث الصليب والقيامة ، فإنه لا يمكن للمؤمن أن يرتفع على جبل التجلى ليرى بهاء السيد ، ما لم يقبل صليبه ، ويدخل معه الآمه ليختبر قوة قيامته . لعل السيد أحضر موسى وإيليا كمثلين للتلاميذ فيغيروا منهما فى الأمور الحسنى ، فتكون لهم وداعة موسى وغيرة إيليا على مجد الله . جاء موسى النبى إلى حضرة الملك المسيا ممثلا الأعضاء الراقدة فى الرب ، النفوس التى رحلت عنا بالجسد لكنها مرتبطة معنا حول المسيح الواحد الذى يملك على الجميع ، وأما إيليا النبى فجاء يمثل الأعضاء المجاهدة إذ لم يمت إيليا ... وكأن الكل يلتقون معا كأحياء فى الرب . أراد السيد أن يخبر تلاميذه أن له سلطان على الموت وعلى الحياة ، إن كان موسى قد تسلم الناموس وإيليا يمثل الأنبياء ، فإن تجلى السيد بينهما إنما يشير إلى أنه هو غاية الناموس ومركز النبوات . موسى وإيليا يمثلان رجال العهد القديم ، وبطرس ويعقوب ويوحنا يمثلون رجال العهد الجديد ، وكأن السيد المسيح هو مركز الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ، أو هو سر خلاص الكل ومشتهى الجميع . موسى النبى جاء شاهدا على أن السيد ليس مجدفا على الناموس كما يدعى اليهود .... وإيليا شاهدا على مجد الله فى شخص أبنه الحبيب يسوع ...... لقد رفض يسوع أن يعطى آية من السماء للكتبة والفريسيين ، وهاهو يعطى علامة من السماء لتلاميذه الأبرار ليزيد إيمانهم ، .... إيليا يمثل البتوليين فى ملكوت السموات .. . . وموسى يمثل المتزوجين ...... " فسأله تلاميذه قائلين : فماذا يقول الكتبة أن إيليا ينبغى أن يأتى أولا ، فأجاب يسوع وقال لهم : إن إيليا يأتى أولا ويرد كل شىء ، ولكنى أقول لكم أن إيليا قد جاء ولم يعرفوه بل عملوا به كل ما أرادوا " ( متى 17 : 10 – 12 ) . كان للكتبة معرفة نظرية ، فقد فهموا من النبوات أن إيليا يسبق مجىء المسيا ، جاء ولكنهم لم يعرفوه أو قبلوه ، إنما عملوا به ما أرادوا ... من هو إيليا إلا يوحنا المعمدان ، إذ " فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان " ( متى 17 : 13 ) – لقد جاء يوحنا بروح إيليا ، لا بمعنى أنه تقمص روحه ، وإنما يحمل فكره النارى وغيرته الملتهبة على مجد الله ، وحياته النسكية فى البرية ، ليمهد الطريق بالتوبة من أجل المسيا المنتظر . دروس مستفادة من حياة إيليا 1-كان ايليا انسان تحت الآلام مثلنا 2-الوقوف أمام الله 3-قيمة الأختباء 4-الطاعة الكاملة لصوت الله 5-إيليا النبى والوداعة وطول الأناة 6-شجاعة إيليا 7-الدعوة للرجوع إلى الله الواحد 8-قوة الأيمان سر استجابة الصلاة 9-طلبة البار تقتدر كثيرا فى فعلها 10-الهروب من وجه الشر إيليا رمـــــز للسيد المسيح + يرمز إيليا الطوباوى إلى ربنا ومخلصنا ، كما اضطهد إيليا بواسطة اليهود هكذا ربنا إيليا الحقيقى الذى دانه اليهود واحتقروه . ترك إيليا شعبه ، وهجر المسيح المجمع ، رحل إيليا إلى البرية ، وجاء المسيح إلى العالم أطعم إيليا فى الصحراء بواسطة الغربان ، بينما انتعش المسيح فى صحراء هذا العالم بإيمان الأمم . + كما قام ربنا وصعد إلى السموات ، هكذا أخذ إيليا إلى السماء فى مركبة نارية . موسى وإيليا كثيرا ما ترتبط شخصيتا موسى وإيليا معا ، خاصة بظهورهما دون سواهما من رجال العهد القديم عند تجلى السيد المسيح ، وتمتعهما دون سواهما من الأنبياء بالصوم لمدة أربعين يوما . موســى النبــى إيليـــا النبــى ·أعلن الله ذاته خلال النار ( خر 3 : 21 ) ·أطعمه المن من السماء ( خر 16 ) ·أكد أن الرب هو الله ( تث 6 : 4 ) ·خلفه يشوع " يهوة مخلص " ·جاء موته سرا ( تث 34 ) ·عند الأردن سلم القيادة ليشوع . ·ظهر مع السيد المسيح فى التجلى ( مت 17 : 3 ) . ·تحقق معه نفس الأمر (1 مل 9: 8 – 11) ·نزول نار الرب على الذبيحة (18 : 38 ) ·أرسل له غربان تطعمه ( 17 : 8 – 16 ) ·فعل نفس الأمر ( 18 : 37 – 39 ·خلفه إليشع " الله خلاص " ·صعد بطريقة سرية ( 2 مل 2 : 11 ، 12 ·عند الأردن سلم القيادة لإليشع ( 2 مل 2 : 13 ، 14 ) ·تمتع بنفس الأمر ( مت 17 : 3 ) . بركــــــة وشفاعـــــــة النبى العظيم إيليا النبـــــى تكون معنا ،، آمين |
||||
14 - 10 - 2014, 05:22 PM | رقم المشاركة : ( 6522 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تساعية ايليا النبي الحيّ تُتلى هذه الصلوات الثلاث في كل يوم من أيّام التساعية : أيها الإله القدير. يا من أقمت لهداية شعبك إسرائيل إيليّا النبي ودرّعته بقوّتك الإلهية، فحارب تحت رايتك الملوك الأشرار وكهنة البعل الأغرار فانتصر عليهم وأرجع شعبك إلى طاعتك، تنازل ودرّعنا بقوّتك الإلهية للظفر بأعدائك وأعدائنا فنمجّدك الآن وإلى الأبد. آمين. (الأبانا والسلام والمجد) . أيها الإله الصبؤوت. يا من اخترت منذ البدء شعباً خاصاً فسهرت على مقدّراته وسحقت أعداءه أمامه. أطعمتَه المنّ والسلوى وأرويته من ينابيع الخلاص، ولمّا شذّ هذا الشعب وعبد البعل والأوثان بعثت إليه بنبيّك إيليّا الذي نفخت به من روحك فالتهب قلبُه غيرة على مجدك وخلاص شعبك وراح ينذره بالكلام والعجائب وتمكّن من إرجاعه إلى عبادتك. تنازل وامنحنا بشفاعته المقبولة لديك مغفرة خطايانا وشفاء أمراضنا لأجل تمجيد اسمك وسعادتنا الزمنيّة والأبديّة معاً آمين. (الأبانا والسلام والمجد) . أيها الإله القدّوس ربّ الجنود أنت الذي خلقت البشر على صورتك ومثالك وخلقت لهم كلّ ما حَسُن لديك أن تخلق في سبيل حياتهم الزمنية وفوق هذا قد أعدَدتَ لهم السعادة الأبدية فتوصّلا إلى هذه الغاية الشريفة قد اخترت أشخاصاً: آباء وأنبياء ووضعت فيهم قدرتك الإلهية وفي مقدّمة هؤلاء الأبطال هو نبيّك الكبير مار الياس الحيّ الذي آتيته قوّة اجتراح العجائب فاجترحها، أقام إبن الأرملة من الموت وكثّر زيتها ودقيقها، وأنزل النار من السماء ثلاثاً والأمطار بغزارة، فعاد الشعب عن غيِّه إلى عبادة ربّه. تنازل الآن واسكب علينا بشفاعته شآبيب النعم الروحية والجسدية فنبلغ إلى السعادة الأبدية. آمين. (الأبانا والسلام والمجد) . يا مار الياس الحيّ : تضرّع لأجلنا اليوم الأول أيها النبي إيليّا، يا من كان رمز الوفاء والإخلاص لله عزّ وجلّ ، فكانت يد الربّ معك تؤازرك في جميع أعمالك، ابتهل إليه ليمدَّ لنا يد المعونة، نحن الخطأة غير المستحقّين، ويسدِّد خُطانا إلى عمل الخير، ويساندنا في ساعة الشِّدة، فنبقى أوفياء له في السّراء والضرّاء، على مثالك. توسّل إليه معنا ليهبنا بشفاعتك ما نطلبه من النِّعم، ويستجيب دعاءنا، إذا كان مطابقاً لمشيئته الإلهية وموافقاً لخلاص نفوسنا. (أبانا، السلام، والمجد) اليوم الثاني أيها النبيّ المجيد إيليّا، لقد ابتهلت إلى الربّ سبع مرّات ليرسل المطر إلى الأرض العطشى، فاستجاب الربّ صلاتك وأنزل المطر غزيراً. نتوسّل إليك الآن أيضاً، ان تبتهل إلى الربّ ليروي الأرض بالخيرات ونفوسَنا الظمأى بوافر نعَمه، فننتعشَ ونفرح ونمجّد اسمه القدّوس. هَبنا أيها الربّ الرؤوف، بشفاعة نبيّك الكريم، ما نسأله من جودتك، واستجب دعاءنا، إذا كان مطابقاً لمشيئتك الإلهية وموافقاً لخلاص نفوسنا. آمين. (أبانا، السلام، والمجد) . اليوم الثالث أيها النبيّ المُجير مار الياس الحيّ، يا مَن لبّى أوامر الربّ بغيرة متّقدة، فرضيَ عنك وأمرَ الغربان بأن تقوتك إبّان المجاعة، نتوسّل إليك نحن غير المستحقّين، أن تبتهل إلى سيّد الخليقة، الذي يدبّر هذا الكون بعنايته الإلهية الساهرة، أن ينظر إلينا بعين الرضا ويقوت نفوسنا وأجسادنا بخيراته الوافرة، ويمنحنا ما نسأله من النِّعم، ويستجيب طلبنا، إذا كان مطابقاً لمشيئته الإلهية وموافقاً لخلاص نفوسنا. آمين. (أبانا، السلام، والمجد) . اليوم الرابع أيها النبيّ العظيم مار الياس الحيّ، يا من بارك بأمر الربّ ملءَ راحة من الدقيق في جرّة وقليلاً من الزيت في قارورة، عند المرأة الأرملة، فأكلت معك هي وابنها من خير الربّ، أيّاماً كثيرة، نتوسّل إليك أن تضرع إلى الربّ المتحنّن ليعُولنا نفساً وجسداً من مواهبه الوافرة ويستجيب سؤلنا، إذا كان مطابقاً لمشيئته الإلهية وموافقاً لخلاص نفوسنا. آمين. (أبانا، السلام، والمجد) . اليوم الخامس أيها النبي المُغيث مار الياس الحيّ، الذي كان بنعمة الربّ مقتدراً على القول والعمل، يا مَن تضرّع إلى الله بحرارة فأقام إبن الأرملة من الموت وردّه حيّاً إلى أمّه فملأ قلبها فرحاً عوَض الحزن، ابتهل إلى الله القدير أن يُحيي إيماننا الفاتر، فنعترف كتلك الأرملة، بأنّك رجل الله وأنّ كلام الربّ في فمك حقّاً. توسّل إليه أن يستجيب طلباتنا، إذا كانت مطابقة لمشيئته الإلهية وموافقة لخلاص نفوسنا، آمين. (أبانا، السلام، والمجد) . اليوم السادس أيها النبيّ الغيور مار الياس الحيّ، يا مَن غَلَب كهنة البعل بصلاته الحارّة، إذ أنزل ناراً من السماء على المحرقة، فأكلت اللحم والحطب والحجارة ولحسَت الماء الذي كان حول المذبح، نتوسّل إليك أن تُضرم قلوبنا بنار المحبّة الإلهيّة، وبالغيرة المتّقدة على مجد الربّ. إشفع فينا لدى مُحبّ البشر ليستجيب ابتهالاتنا إذا كانت مطابقة لمشيئته الإلهيّة وموافقة لخلاص نفوسنا. آمين. (أبانا، السلام، والمجد) . اليوم السابع السلام عليكَ أيها النبيّ المكرّم إيليّا، الملاك الأرضي، الإنسان السماويّ، إنّ الله تراءى لك في جبل حوريب، لا في الريح العاصفة ولا في الزلزلة الرهيبة ولا في النار الآكلة، بل في النسيم اللطيف. نسألك، أنتَ الذي شاهد مجد الربّ يسوع في تجلّيه الإلهيّ على جبل ثابور، أن تضرَع إليه لكي ينير نفوسنا وقلوبنا بسناء لاهوته ويمنحنا بشفاعتك ما نسأله، إذا كان مطابقاً لمشيئته الإلهيّة وموافقاً لخلاص نفوسنا، آمين. (أبانا، السلام، والمجد) . اليوم الثامن أيها النبيّ الباسل مار الياس الحيّ، يا مَن استمات دفاعاً عم المظلومين فجابه الملك الطاغية آحاب وزوجته الشريرة إيزابل، وأنّبهما على ما ارتكباه من مآثم ومظالم، نبتهل إليك أن تضرَع إلى الربّ ليضع في قلوبنا نصيباً من روحك فنعامل جميع الناس بالإستقامة والعدالة. ونسأله تعالى بشفاعتك، أن يستجيب طلباتنا، إذا كانت مطابقة لمشيئته الإلهيّة وموافقة لخلاص نفوسنا. آمين. (أبانا، السلام، والمجد) . اليوم التاسع أيها السيّد الربّ إلهنا، يا مَن رفع نبيّه الكريم مار الياس بمركبة ناريّة إلى المجد السماويّ، فاستحقّ بذلك أن يُسمّى حيّاً، نسألك بشفاعته نحن غير المستحقّين، أن ترسل يدك من عُلوّ مسكنك المقدّس لتكون معنا كما كانت مع إيليّا، وتقودنا إلى مجد قيامة ابنك الحبيب يسوع المسيح، مع أمّه الفائقة القداسة، سيّدتنا مريم العذراء، في دار النّعيم. ونتوسّل إليك أن تستجيب طلباتنا إذا كانت مطابقة لمشيئتك الإلهية وموافقة لخلاص نفوسنا. آمين. (أبانا، السلام، والمجد) . |
||||
14 - 10 - 2014, 05:23 PM | رقم المشاركة : ( 6523 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
النبي إيليا أول رجال الفضاء
الاب اميل اده كما في الليل البهيم تشع النجوم، هكذا في وسط المجتمع اليهودي والوثني المنحط لمعت شخصية دينية رفيعة المستوى في القرن التاسع قبل الميلاد في فلسطين. انه النبي ايليا او مار الياس الحي، وفق التعبير الشعبي اشتهر ايليا النبي بالتنسك والتقشف الصارم والتعبد الخاضع لمشيئة الله الخضوع المطلق، وبالغيرة النارية على "مصالح الله"، وبالجرأة الصارمة حتى القسوة على الاعداء والانتقام وسفك الدماء وذبح كهنة البعل. عاش في عهد آحاب ملك اسرائيل. وكان في صراع دائم معه ومع الملكة ايزابيل العنيدة، المستبدة، ابنة ايتوبعال ملك صور وصيدا. منذ زواجها وانتقالها الى قصر آحاب ملك اسرائيل (874 - 853) نقلت الاميرة معها الى فلسطين عبادتها والاصنام. المتعبدون للاله الواحد كانوا يطاردون ويضطهدون، بينما توطد الملكة ايزابيل عبادة الالهة الغريبة في قلب العاصمة اورشليم. وبعدما شهرته غيرته النارية على عبادة الاله الواحد، احيا ايليا حركة تجدد ديني روحي في الاراضي المقدسة. ولكي يحافظ على نشاطه وقواه وهو الناسك المتقشف فيستطيع مجابهة الملك آحاب والملكة العاتية المتجبرة، ارسل الله له غرابا يأتيه يوميا، صباحا ومساء بخبز ولحم. نبوءة مار الياس الاولى قوامها اعلان رسمي امام الملك آحاب بالجفاف الشامل في بلاده قصاصا وتحذيرا بسبب عبادته للأوثان. ثم اختفى النبي في مسقطه، شرق الاردن، هربا من غضب آحاب. وانتقل الى منسك في صرفت صيدون: حيث كانت امرأة ارملة تقدم له الغذاء. قامت تلك الارملة بواجب الضيافة على اكمل وجه فتحققت لمنفعتها نبوءة له شهيرة: "جردة الدقيق لم تفرغ وقارورة الزيت لم تنقص في بيتها" 3 ملوك، ف 17). وعندما جفت ارض المملكة وبكى الشعب كثيرا متضرعا الى الله طالبا العون والمدد، ودفن عدد كبير من الاموات جوعا وعطشا، قال الله للنبي، في السنة الثالثة للجفاف: "امض وأر نفسك لآحاب فآتي بمطر على وجه الارض"، فمضى ايليا ليري نفسه لآحاب (3 مل، 18/1-2). وعند اللقاء بادر آحاب النبي قائلا: "أأنت ايليا معكر صفو اسرائيل؟" فقال له: "لم اعكر صفو اسرائيل انا، بل انت وبيت ابيك بترككم وصايا الرب وسيركم وراء البعل. والآن ارسل واجمع اسرائيل كله الى جبل الكرمل، وانبياء البعل الاربع مئة والخمسين، وانبياء عشتروت الاربع مئة الذين يأكلون على مائدة ايزابيل". قبِلَ آحاب التحدي وهو يفكر: "ماذا يستطيع هذا المتشرد ضد شعبنا وبعال وعشتروت وانبيائهم؟". دعا آحاب الشعب الى لقاء مع ايليا، على جبل الكرمل. فبادر ايليا المجتمعين هناك قائلا: "ان كان الرب هو الاله فاتبعوه، وان كان البعل اياه فاتبعوه". فلم يجبه الشعب بكلمة. فأكمل قائلا: "انا الآن وحدي بقيت نبيا للرب، وهؤلاء انبياء البعل اربع مئة وخسمون رجلا. فليؤتَ لنا بثورين، فيختاروا لهم ثورا، ثم يعطعوه ويجعلوه على الحطب ولا يضعوا نارا، وانا اعد الثور الآخر واجعله على الحطب ولا اضع نارا. ثم تدعون انتم باسم آلهتكم وانا ادعو باسم الرب، والاله الذي يجيب بنار فهو الاله" (3 مل 18/22-24). لا يقتصر الامر اذا على معرفة اي من الرب الاله او من البعل هو الاقدر، بل اي منهما هو الله على الاطلاق. لم يترك ايليا اي مجال للشك في ان الايمان بالاله الواحد هو رهان هذا التحدي. هيأ انبياء البعل وعشتروت المذبح والذبيحة ودعوا باسم البعل من الصبح الى الظهر وهم ينادون ثم يصرخون "ايها البعل اجبنا" فلم يكن من مجيب ولا مصغ. وكان ايليا يسخر منهم ومن الههم... بعد فشل انبياء البعل، رمم ايليا المذبح، وضع عليه الذبيحة وصب فوقها ماء ودعى باسم الرب قائلا: "استجبني يا رب، استجبني، ليعلم هذا الشعب انك ايها الرب انت الاله...". فهبطت نار "واكلت المحرقة والحطب والحجارة والتراب، حتى لحست الماء الذي كان في القناة". فصرخ الشعب: "الرب هو الاله، الرب هو الاله". فقال لهم ايليا: "اقبضوا على انبياء البعل ولا يفلت منهم احد". فقبضوا عليهم، فانزلهم ايليا الى نهر قيشون وذبحهم هناك (3 مل 18/38 ? 40). كانت ابادة الاعداء العادة المتبعة، وفق الاعراف والممارسات البدائية القاسية، في القرن التاسع ق. م. وكانوا يأمرون بإبادة الآلهة الكذبة مع الانبياء في آن. في ذلك المساء، بعد العودة من جبل الكرمل، اسودت السماء بالغيوم وهبت الرياح وهطل مطر غزير. خضع الملك آحاب، على مضض، للأمر الواقع. اما الملكة ايزابيل فلم تخضع. اضطهادها للنبي تجدد بأكثر حدة. واندفاع من جديد كان على ايليا ان يفتش له في الصحراء على مخبأ. فاتجه الى بئر سبع ودخل بعيدا في صحراء مملكة يهوذا. وبعدما جاع وتعب كثيرا نام تحت شجرة. فأرسل الله له ملاكا ايقظه وقال: "قم فكل، فان الطريق بعيدة امامك" الى جبل الله حوريب (سيناء) فنظر فاذا عند رأسه رغيف مخبوز على الجمر وجرة ماء. فأكل ثم اكمل مسيرته. بعد جهاد طويل "خطف ايليا في مركبة خيل نارية". لذا اعتبر اول رجال الفضاء بل شفيعهم ورائدهم. فطن لهذه الظاهرة الاميركيون، وهم يكثرون من قراءة اسفار العهد القديم، فعمل علماؤهم، المنظمون للرحلة الاولى الى القمر، تذكارا للنبي الشهير. برمجوا وصول المركبة الفضائية "ابولو 11" الى القمر، في 20 تموز، اي عيد مار الياس. وهكذا صار تماما، فهبطت المركبة "ابولو 11" على سطح القمر في اليوم المنتظر سنة 1969. وترجل منها نيل ارمسترونغ وادوين الدرين. فكانا أول من داس اديم القمر من الآدميين. وفي 20 تموز 1976 هبطت المركبة الفضائية "فايكينغ 1" على سطح المريخ. وارسلت صورا رائعة الى الارض. السؤال الاهم هو: الى اين انتقل ايليا النبي؟ وهل هو حي، كما يزعم اليهود وبعض المسيحيين؟ وهل سوف يأتي في آخر الازمنة ليعد طريق المسيح الآتي مرة ثانية الى الارض؟ كثيرون يستندون الى سفر ملاخي حيث نقرأ: هاءنذا ارسل اليكم ايليا النبي قبل ان يأتي الرب العظيم الرهيب... (ملا 3/23). هذه العودة المشار اليها هنا ستبقى من اختصاص النظرية اليهودية للأزمنة الاخيرة. اما يسوع فشرح هذا الموضوع بقوله ان ايليا عاد في شخص يوحنا المعمدان: "فجميع الانبياء تنبّأوا... حتى يوحنا. فان شئتم ان تفهموا، فهو ايليا المنتظر رجوعه. من كان له اذنان فليسمع" (مت 11/13 ? 15). |
||||
14 - 10 - 2014, 05:25 PM | رقم المشاركة : ( 6524 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عيد النبي إيليا
الأرشمندريت توما (بيطار) باسم الآب والابن والروح القدس، يا إخوة، لا شكّ في أنّ الزمن الذي عاش فيه إيليا كان زمناً رديئاً. كانت عبادة الله قد اختلطت بعبادات الآلهة الغريبة. هذا الاختلاط نسمّيه تلفيقاً. إذاً، التلفيق، في ذلك الزمان، كان على أشدّه. عبادة الله كانت في ضمور وعبادة البعل والعشتاروت في ازدياد. وطبيعي أن يميل الشعب، في زمن التلفيق، إلى المزيد من عبادة الآلهة الوثنيّة لأنّ الآلهة الوثنيّة هي من طبيعة أهواء الناس، تجسيدٌ لها. لهذا أخذت عبادة يهوه تموت شيئاً فشيئاً. استحالت، بالأحرى، صوريّة شكليّة لا روح فيها. لم تمت بالكامل، لكنّها بلغت، في زمن إيليا النبي، حدّ الانحطاط الكبير. في ذلك الزمان وفي تلك الأحوال، بالذات، أُرسِل إيليا حاملاً للشعب كلمة الله وقوّته. إيليا الرجل كان وتراً مشدوداً. في أزمنة الاسترخاء يأتي الأنبياء على صرامة تصدم. لذا استبان غريباً في البيئة التي استوطن. آخاب وإيزابيل لجأا إلى كل الأساليب الضاغطة ليتخلّصا من إيليا ومن إزعاج إيليا. وإيليا قاوم. قاوم بكلمة الله. بقي صوتُ النبوّة فيه صدّاحاً في كل مناسبة. كان الله يفعل فيه ومن خلاله بقوّة. إذاً، كان إيليا رجلاً لله كاملاً في غيرته. وقد جرت به آيات عظيمة باسم الله. لكنْ بقي إيليا إنساناً. وقد استبانت إنسانيّته، على وهنها، واضحة في أكثر من مناسبة. لم يكن منزّهاً عن التجربة. كثرة العِشرة الإلهية جعلته يظنّ أنّ ما يفعله كلّه مبرّر. ولم يكن الأمر كذلك عند الربّ الإله. لذا ارتكب إيليا قتلاً، كما باسم الله، حين ذبح أنبياء البعل عند نهر قيشون، ظانّاً أنّ في ذلك صالحةً لله. الخطيئة هي ما كانت بحاجة إلى ذبح لا الخطأة. النبوّة الكاذبة لا تموت بقتل الأنبياء الكذبة بل بالتوبة الصدوق. كل نفس أمّارة بالسوء إلى أن تتوب. والله لا يشاء موت الخاطئ إلى أن يرجع ويحيا. لذا سفّه الربّ الإله ما فعله إيليا حين تجلّى له، بعد حين، لا في الزلزلة، ولا في العاصفة، بل في النسيم العليل. فكأنّ الربّ الإله، بذلك، كان يحدّث عن حَمَل الله الآتي، عن عبد يهوه، عن ابن الإنسان الذي لا يقصف قصبة مرضوضة ولا يطفئ فتيلاً مدخّناً، الذي أحزاننا حملها وأوجاعنا تحمّلها، وهو يبرِّر كثيرين وآثامهم يحملها. وإيليا، أيضاً، من كثرة غيرته على الربّ الإله، ظنّ أنّه الوحيد في الساحة وكأنّ كل اعتماد العليّ عليه. لا شكّ أنّ في ذلك بذار استكبار. فلقد خاطب ربّه قائلاً: "الجميع تركوك وبقيت أنا وحدي". فجاءه الكلام الإلهي: "هناك سبعة آلاف لم يُحنوا ركبة لبعل". الله عارفٌ جيِّداً بمَن هم له وما اللحم والدم بعارف. فلا تستكبرنّ يا إيليا لأنّ الله قادر أن يُخرج من الحجارة أولاداً لإبراهيم. ليس أحدٌ منا ضرورةً لله لا يُستغنى عنها. الله قادر، بيُسر، أن يستبدل إنساناً بإنسان. لكل إنسان أجرُه ولا شكّ، ولكنْ، كلمة الله لا تعود إليه فارغة. الله عارف كيف يتغلغل في ضعفات الناس وفي الظروف مهما اشتدّت حتى تعود إليه كلمته مثمرة وقد أدّت الغاية منها. يعرف الله كيف يُخرج من الغثّ الثمين. لهذا وغيره احتاج إيليا بالإضافة أو، بالأحرى، بإزاء كل الأنعام الإلهية التي حظي بها، إلى بعض من الإعراض الإلهي التدبيري حتى يعرف حدّه ويبقى عنده، حتى يعرف أنّه بشر، أنّه تراب ورماد، أنّه عرضة للشطط ما لم تعصمه نعمة الله. وما الله بعاصمه في كل حال ليبقى هناك تمايز بين ما لله وما للناس. الله يعمل في ضعفنا ولا يلغيه. لذا أسلم الربّ الإله إيليا للخوف من إيزابيل وآخاب، ففرّ من وجههما كما يفرّ العاديون من الناس. وتبقى الرفعة لله وحده دون شريك. يومذاك سلك إيليا كإنسان وكأنّ نعمة الله غادرته ولمّا تغادْره. بل الربّ الإله كان فاعلاً فيه بطريقة سرّية. وقد أتاه طعاماً جميلاً ليتشدّد به ويتعزّى. يشرد الإنسان عن الله وما يتخلّى الله عنه. متى سلَّمَنا الربُّ الإله إلى الصحراء أعطانا من النِعَم ما نحتاج إليه لنواجه ونجاهد وننتصر باسم الله. من دونه لا نستطيع شيئاً. لكنّه يأتينا خَفِراً خفيّاً حتى متى خبرنا عمق أوهاننا اختبرْنا، في آن، عمق تدبير الله وكثافة حضوره وعملَه فينا. الاضطهاد أيضاً نعمة. "ليس أحد ترك بيتاً أو إخوة... لأجلي ولأجل الإنجيل إلاّ ويأخذ مائة ضعف الآن في هذا الزمان بيوتاً وإخوة... مع اضطهادات..." (مر 10). عطايا الله مشروطة بوعي الإنسان، في العمق، لكونه عبداً بطّالاً، على مسافة لا تُردَم مع الله، حتى لا يقع الإنسان في الدالة ويهلك. دائماً ما يحتاج الإنسان، في خطّ سيره الإلهي، لأن يختبر ضعفه مرّة بعد مرّة. لذا مهما بلغ عبدُ الله من القامة الإلهيّة سموّاً فإنّه يبقى في الضيق، مُسلَّماً للجهاد، متروكاً للضعف. فقط في هذه الحال يكون الله إليه أقرب من حبل الوريد. هكذا لقّن الربّ الإله إيليا درساً وبه يلقّننا أنّه لا حقّ لأحد منا في أن يسلك بإزاء الله بدالة. الله يدلّلنا، أما نحن فما نقربه إلاّ بخوف ورعدة. هو سيّد المبادرة. فقط الآمين لنا. على هذا، بات إيليا علامة في وجدان الكنيسة جيلاً بعد جيل. بات إيقونة للذين يقربون الله حسناً. هؤلاء عليهم أن يكونوا على غيرة كغيرة إيليا، وعليهم أيضاً أن يكابدوا المشاق في كل حين، وأن يكونوا وتراً مشدوداً بالنّغم الإلهي. فإذا ما ثبتوا على النحو الذي سلك فيه إيليا، يُعطَون أن يكونوا متكلِّمين بكلام الله، أن يكونوا أنبياء لله في كل جيل. لهذا إيليا، عندنا، معلّم كبير وشيخ كبير وذبيح كبير. صورة تسبق دائماً مجيء المسيح. وقد ورد أنّ المسيح متى حان أوانه، ثانية، لا بدّ لإيليا، أو لروح إيليا، أن تتقدّمه كمِثْل ما تَقدَّمه يوحنّا المعمدان. كلٌّ منا، في الحقيقة، يمهِّد لمجيء الربّ في تعاطيه المسيح، بين إخوته، في هذا الدهر. على هذا أقمنا اليوم احتفالاً بالغيرة الكبرى، بالسيرة التي لا تشوبها شائبة، سيرة مَن يقيمون في ضعف أنفسهم، وهم مستنزلون، في آن، قوّة الله عليهم، وعلى هذا يشهَدون. فليكن اسم الربّ مبارَكاً من الآن وإلى الدهر آمين. |
||||
14 - 10 - 2014, 05:26 PM | رقم المشاركة : ( 6525 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تذكار ايليا النبي
السنكسار الماروني تذكار ايليا النبي كان هذا النبي من سبط لاوي، من عشيرة هارون. وكان نحو سنة 890 قبل مجيءالمسيح، في أيام آسا ملك يهوذا وآخاب ملك اسرائيل. وقد اشتهر بجرأته وغيرتهعلى عبادة الاله الحقيقي وحفظ نواميسه. (انظر سفر الملوك الثالث). وكان آخاب قد تمادى باسخاط الرب، هو وايزابل امرأته اكثر من جميع ملوكاسرائيل. فأرسل الرب ايليا يقول له:" حيٌّ الربُّ الذي انا واقف امامه، انهلا يكون في هذه السنين ندى ولا مطر الا عند قولي". وتمت نبوءته. واقام تجاه الاردن حيث أمر الرب الغربان فكانت تقوته. ولما طال انحباسالمطر وجف ماء النهر ذهب بأمر الرب الى صرفت صيدون، حيث كان ضيفاً علىارملة فقيرة وقاها هي وابنها من الجوع بآية جرة الدقيق فلم تفرغ وقارورةالزيت فلم تنقص واقامته ابنها من الموت. ثم اختبأ من وجه آخاب الذي كان يسعى في طلبه ليميته. وظهر امامه وأنّبه علىتركه وصايا الرب. وكانت يد الرب معه. وحنقت ايزابل وارسلت تهدده بالقتل،فهرب الى بئر سبع ثم الى البرية، وهو يائس جائع، فأتاه ملاكٌ بالقوت والماءمرتين، وبات في مغارة. فناداه ملاك الرب:" ما بالك ها هنا يا ايليا؟" فقال:" اني غرت غيرة للرب اله الجنود، لان بني اسرائيل قد نبذوا عهدكوقوضوا مذابحك وقتلوا انبياءك بالسيف وبقيت انا وحدي وقد طلبوا نفسيليأخذوها". فأمره الرب بالرجوع الى الدفاع عن الحق. فعاد ووبّخ الملك وامرأته واتخذاليشاع تلميذاً له. فغار غيرة عظيمة على شريعة الرب وكان الله يعضده بقوةالمعجزات. وذهب مع اليشاع الى نهر الاردن، فضرب ايليا الماء بردائه فانشقت شطرين،فجاز كلاهما على اليبس، واذا بمركبة نارية صعد بها ايليا واخذ اليشاع رداءهالذي سقط منه. وقد ورد ذكر ايليا مراراً في الانجيل ولا سيما في تجلي الرب على طور طابور. وجاء في التقليد وربما كان ذلك بناء على ما جاء في نبوءة ملاخيا (فصل 4: 5-6) ان ايليا سيظهر مع اخنوخ قبل القيامة العامة فيسبقان المسيح الدجال،ويعظان الناس، ويناديان بقرب مجيء الرب الى الدينونة العامة. وكان صعودهبالمركبة النارية سنة 880 قبل المسيح. صلاته معنا. آمين! |
||||
14 - 10 - 2014, 05:29 PM | رقم المشاركة : ( 6526 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حي هو الرب (2ملوك 2:2) النبيّ ايليّا ظهر النبي العظيم ايليا (معنى إسمه العبري هو إلهي يهوه) التشبيثي (التشبيثي تعني الغريب، إما لأنه كان من مدينة تِشبه الواقعة شرقي الأردن في منطقة جلعاد، او لأنه كان غريباً بمعنى أنه كان مختلفاً عن غيره لأنه كان يقضي الكثير من وقته في الصحراء في حضرة الله، متعبّداً له، إلى اليوم الذي دعاه الله ليكون نبياً) قرابة عام 875 ق. م. فجأة في التاريخ الدينيّ أثناء حكم الملك أخاب. الكتاب المقدّس لا يقدّم لنا الملك أخاب في عظمته الاقتصادية او السياسيّة كما نقرأ في التاريخ، بل ينتقده انتقاداً شديداً باعتباره الرجل الشرير الذي تحوّل من عبادة إله إسرائيل إلى عبادة الأوثان، وانقاد إلى إيزابيل زوجته التي عملت جهدها كلّه لتبيد عبادة الإله الحيّ الحقيقيّ وتقيم عبادة الأوثان فقتلت انبياء الله الأتقياء، ونشرت عبادة الوثنية، برضى زوجها الملك أخاب. المطر يتوقّف وَقَالَ إِيلِيَّا التِّشْبِيُّ مِنْ مُسْتَوْطِنِي جِلْعَادَ لأَخْآبَ: [حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي وَقَفْتُ أَمَامَهُ، إِنَّهُ لاَ يَكُونُ طَلٌّ وَلاَ مَطَرٌ فِي هَذِهِ السِّنِينَ إِلاَّ عِنْدَ قَوْلِي]. Ki 17:1) وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ لَهُ: [انْطَلِقْ مِنْ هُنَا وَاتَّجِهْ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَاخْتَبِئْ عِنْدَ نَهْرِ كَرِيثَ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الأُرْدُنِّ، فَتَشْرَبَ مِنَ النَّهْرِ. وَقَدْ أَمَرْتُ الْغِرْبَانَ أَنْ تَعُولَكَ هُنَاكَ]. فَانْطَلَقَ وَعَمِلَ حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ وَذَهَبَ فَأَقَامَ عِنْدَ نَهْرِ كَرِيثَ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الأُرْدُنِّ. وَكَانَتِ الْغِرْبَانُ تَأْتِي إِلَيْهِ بِخُبْزٍ وَلَحْمٍ صَبَاحاً وَبِخُبْزٍ وَلَحْمٍ مَسَاءً، وَكَانَ يَشْرَبُ مِنَ النَّهْرِ. (1Ki 17: 2-6) السؤال المطروح هنا هو لماذا أمر الله الغربان أن تقوت النبي وليس طيراً أخر؟ نحن نعلم أن الغربان تكره أبناءها كثيراً، وهي لا تقوت صغارها كبقية الطيور الأخرى، ولكنها تدعها في العش وتغادر. وإذ تجوع تلك طالبة القوت، تصرخ إلى الله، فيشفق عليها ويرسل لها الحشرات وتقتات، حتى تتوصل إلى سن تقوى فيها على الطيران. ويؤيد صحة هذا القول، كتاب سفر أيوب، قائلاً: "مَنْ يُهَيِّئُ لِلْغُرَابِ صَيْدَهُ إِذْ تَنْعَبُ فِرَاخُهُ إِلَى اللهِ وَتَتَرَدَّدُ لِعَدَمِ الْقُوتِ؟" (Job 38:41)، وبالمثل قال النبي داود: الْمُعْطِي لِلْبَهَائِمِ طَعَامَهَا لِفِرَاخِ الْغِرْبَانِ الَّتِي تَصْرُخُ. (Psa 147:9) بما أن الغربان، كما سبق فقلنا، تكره أبناءها ولا تقيتها، أرسلها الله لاقاتة النبي كعلامة مميزة وكأن الله يقول للنبي: "وأنت يا إيليا! غير رحوم، ولا تشفق على الحيوانات والناس، بل تطلب إلي ألا أمطر كي يموتوا". النهر يجفّ وَكَانَ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنَ الزَّمَانِ أَنَّ النَّهْرَ يَبِسَ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَطَرٌ فِي الأَرْضِ. (1Ki 17: 7) يريد الله أن يعلّمنا أن نتّكل على شخصه وليس على عطاياه.يريدنا الله أن ندرك ان سواقسه لا تجفّ أبداً ويطلب منّا أن نختبر معنى قول يَسُوعُ: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضاً. وَلَكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ». (Joh 4:13-14) أرملة تعول ايليّا (1Ki 17: 8-24) وَكَانَ لَهُ كَلاَمُ الرَّبِّ: [قُمِ اذْهَبْ إِلَى صِرْفَةَ الَّتِي لِصَيْدُونَ وَأَقِمْ هُنَاكَ. هُوَذَا قَدْ أَمَرْتُ هُنَاكَ أَرْمَلَةً أَنْ تَعُولَكَ]. فَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى صِرْفَةَ. وَجَاءَ إِلَى بَابِ الْمَدِينَةِ، وَإِذَا بِامْرَأَةٍ أَرْمَلَةٍ هُنَاكَ تَقُشُّ عِيدَاناً، فَنَادَاهَا وَقَالَ: [هَاتِي لِي قَلِيلَ مَاءٍ فِي إِنَاءٍ فَأَشْرَبَ]. وَبَعْدَ هَذِهِ الأُمُورِ مَرِضَ ابْنُ الْمَرْأَةِ صَاحِبَةِ الْبَيْتِ وَاشْتَدَّ مَرَضُهُ جِدّاً حَتَّى لَمْ تَبْقَ فِيهِ نَسَمَةٌ. فَقَالَتْ لإِيلِيَّا: [مَا لِي وَلَكَ يَا رَجُلَ اللَّهِ! هَلْ جِئْتَ إِلَيَّ لِتَذْكِيرِ إِثْمِي وَإِمَاتَةِ ابْنِي؟] فَقَالَ لَهَا: [أَعْطِينِي ابْنَكِ]. وَأَخَذَهُ مِنْ حِضْنِهَا وَصَعِدَ بِهِ إِلَى الْعُلِّيَّةِ الَّتِي كَانَ مُقِيماً بِهَا، وَأَضْجَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ. وَصَرَخَ إِلَى الرَّبِّ: [أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهِي، أَأَيْضاً إِلَى الأَرْمَلَةِ الَّتِي أَنَا نَازِلٌ عِنْدَهَا قَدْ أَسَأْتَ بِإِمَاتَتِكَ ابْنَهَا؟] فَتَمَدَّدَ عَلَى الْوَلَدِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَصَرَخَ إِلَى الرَّبِّ: [يَا رَبُّ إِلَهِي، لِتَرْجِعْ نَفْسُ هَذَا الْوَلَدِ إِلَى جَوْفِهِ]. فَسَمِعَ الرَّبُّ لِصَوْتِ إِيلِيَّا، فَرَجَعَتْ نَفْسُ الْوَلَدِ إِلَى جَوْفِهِ . فَعَاشَ فَأَخَذَ إِيلِيَّا الْوَلَدَ وَنَزَلَ بِهِ مِنَ الْعُلِّيَّةِ إِلَى الْبَيْتِ وَدَفَعَهُ لِأُمِّهِ. وَقَالَ إِيلِيَّا: [انْظُرِي. ابْنُكِ حَيٌّ!] فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لإِيلِيَّا: [هَذَا الْوَقْتَ عَلِمْتُ أَنَّكَ رَجُلُ اللَّهِ، وَأَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ فِي فَمِكَ حَقٌّ]. من هو النبيّ الحقيقيّ؟ النبيّ الحقيقيّ هو الذي يستخدمه الله ليقيم به الأموات موتى الخطيئة الى حياة التقوى ومخافة الله. تُرى كيف حقّق ايليا هذه المعجزة؟ ولماذا؟ أليس غريباً أن نرى رجلاً عظيماً يصرف وقتاً ومجهوداً على هذا الجسد الفاني، فيلتصق بذلك الميت، الذي ينجّسه كما تقول شريعة موسى؟ تناسى ايليا هذا كلّه بتواضع حقيقيّ وبدأ يصلّي دون أن يتطرّق اليأس الى قلبه. هذه الصلاة تذكّرنا بقول المسيح: يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ" (Luk 18:1) ويقول التقليد اليهودي ان هذا الولد كبر ليصبح يونان النبي، الذي أرسله الله الى أهل نينوى كارزاً بالخلاص. "لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ." (Joh 3:16) الله يواجه الوثن (1Ki 18: 25-39) فَقَالَ إِيلِيَّا لأَنْبِيَاءِ الْبَعْلِ: [اخْتَارُوا لأَنْفُسِكُمْ ثَوْراً وَاحِداً وَقَرِّبُوا أَوَّلاً، لأَنَّكُمْ أَنْتُمُ الأَكْثَرُ، وَادْعُوا بِاسْمِ آلِهَتِكُمْ، وَلَكِنْ لاَ تَضَعُوا نَاراً]. فَأَخَذُوا الثَّوْرَ الَّذِي أُعْطِيَ لَهُمْ وَقَرَّبُوهُ، وَدَعُوا بِاسْمِ الْبَعْلِ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الظُّهْرِ: [يَا بَعْلُ أَجِبْنَا]. فَلَمْ يَكُنْ صَوْتٌ وَلاَ مُجِيبٌ. وَكَانُوا يَرْقُصُونَ حَوْلَ الْمَذْبَحِ الَّذِي عُمِلَ. وَعِنْدَ الظُّهْرِ سَخِرَ بِهِمْ إِيلِيَّا وَقَالَ: [ادْعُوا بِصَوْتٍ عَالٍ لأَنَّهُ إِلَهٌ! لَعَلَّهُ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ فِي خَلْوَةٍ أَوْ فِي سَفَرٍ، أَوْ لَعَلَّهُ نَائِمٌ فَيَتَنَبَّهَ!] فَصَرَخُوا بِصَوْتٍ عَالٍ، وَتَقَطَّعُوا حَسَبَ عَادَتِهِمْ بِالسُّيُوفِ وَالرِّمَاحِ حَتَّى سَالَ مِنْهُمُ الدَّمُ. وَلَمَّا جَازَ الظُّهْرُ وَتَنَبَّأُوا إِلَى حِينِ إِصْعَادِ التَّقْدِمَةِ، وَلَمْ يَكُنْ صَوْتٌ وَلاَ مُجِيبٌ وَلاَ مُصْغٍ، قَالَ إِيلِيَّا لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: [تَقَدَّمُوا إِلَيَّ]. فَتَقَدَّمَ جَمِيعُ الشَّعْبِ إِلَيْهِ. فَرَمَّمَ مَذْبَحَ الرَّبِّ الْمُنْهَدِمَ. رُجُوعاً]. فَسَقَطَتْ نَارُ الرَّبِّ وَأَكَلَتِ الْمُحْرَقَةَ وَالْحَطَبَ وَالْحِجَارَةَ وَالتُّرَابَ، وَلَحَسَتِ الْمِيَاهَ الَّتِي فِي الْقَنَاةِ. فَلَمَّا رَأَى جَمِيعُ الشَّعْبِ ذَلِكَ سَقَطُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَقَالُوا: [الرَّبُّ هُوَ اللَّهُ! الرَّبُّ هُوَ اللَّهُ!]. "غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي" (Joh 2:17) وكما ورد في المقطع الإنجيلي انه في السنة الثالثة طلب الله من إيليا ان يذهب الى آخاب وعندما إلتقى الاثنان في البستان إتهم آخاب إيليا بانه جلب كل المتاعب بسبب الجفاف الذي حصل. فاجابه إيليا ان الجفاف وانحباس المطر انما هو بسبب مخالفته لوصايا الله. ثم طلب من الملك ان يجمع كهنة امّا التحدي فكان التالي: ان يختار الكهنة ثور ويضعوه على الحطب ويصلوا لالههم. وهو يصنع كذلك والذي تستجاب صلاته بالنار يكون الاله الذي يعبده حقيقي. قبَلَ انبياء البعل التحدي قدموا الذبيحة وصاروا يصلون لالههم مرت ساعات ولم تُستجاب وكان النبي إيليا يقاطعهم قائلاً: اصرخوا أكثر فلعلّ البعل مشغول او مسافر او نائم. عند الظهر تعب الانبياء ولم تُرسل النار عندها بنى إيليا مذبحاً بسيطاً للرب وضع الذبيحة ثم طلب من الرجال ان يصبوا ماء عليها وصلّى إيليا امام الذبيحة "استجبني يا رب استجبني لكي يعرف بنو اسرائيل انك انت وحدك الله" فارسل الله ناراً أحرقت الذبيحة وحجارة المذبح أيضاً والمياه. فلما رأى الشعب ذلك قالوا " الرب هو الله" وكان ان عند المساء نزلت الأمطار. اما الملكة إيزابيل غضبت وارسلت في قتل إيليا لكنه هرب في تلك الليلة. وبعد مسير يوم نام فاذ بملاك الرب يلمس إيليا قائلاً: قم وكل" فتطلع فاذ كعكة وكوز ماء. ثم سار بقوة تلك الأكلة 40 يوم إلى جبل سيناء حيث استلم موسى الوصايا العشرة وكلم الله إيليا " ماذا تفعل هنا ؟" فاجاب إيليا "يا رب ان بني اسرائي يعبدون بعل وقتلوا انبياءك ويريدون قتلي" لكن الله اخبر إيليا بانه يريد منه ان يرجع فاطاع إيليا وعاد. في طريقه اختار اليشع نبي يُكمل رسالته وعادا معا الى الملك آخاب فوجداه في بستان الكرم الذي أخذه بعد ان تسبب هو وزوجته الملكة بقتل صاحب الكرم فتنبأ إيليا لهما بان الملك سيموت قتلاً في احدى المعارك والملكة إيزابيل ستُرمى من النافذة ويأكل الكلاب جسدها. وبعد سنوات تمت نبوءة النبي إيليا . أمّا نهاية إيليّا فكانت كالتالي: طلب من أليشع ان يقول أمنيته الأخيرة من إيليّا فطلب اليشع قوّة روحيّة كالتي يتمتع بها النبيّ ايليّا انما مضاعفة . فقال له إيليّا ان سمح الله ورأيتني كيف أُخذ إعلم انك حصلت على تلك القوة ّواذ بمركبة نارية فصلت بينهما وصعد إيليّا مع العاصفة وأخذ اليشع رداء إيليّا الذي وقع على الارض ورجع الى النهر فضرب به مياه النهر فانفلقت عندها علم اليشع ان الله وهبه القوة. عن ايليّا النبيّ للقدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم أريد أن أتكلم عن ايليّا، هذا الرجل الذي رُفع الى أعالي السماوات بسبب غيرته على الرب. هذا الذي قال له آخاب الملك: "انت مُقْلقُ اسرائيل"، فأجابه ايليا: "لم أُقلق اسرائيل انا، بل انت وبيت ابيك". الا ان هذا لما سمع إيزابيل امرأة آخاب تقول: "كذا تفعل الآلهة بي وكذا إن لم أجعل نفسك في مثل الساعة من غدٍ كنفس واحد من الكهنة الذين قتلتهم"، هرب مبتعداً عن المكان مسافة اربعين يوما مشياً. كلمة سمعها من امرأة فهرب بسببها. تصرّف ايليا في كل أعماله تصرُّف عتوٍَّ وقساوة. فلما كان بمعزل عن الخطيئة ظهر متجبّرا الى أقصى حدود التجبّر. الا ان الله سمح بعثاره وهيأه تلك التهيئة حتى يجعل الرحمة التي أُنعم عليه بها ألطف جانب في معاملته للقريب... بعد اربعين يوما وافاه الله، وأقبل السيد على عبده إذ كان الله مملوءا من الرحمة والعطف. فسأله الله: "ما بالك ههنا يا ايليا؟". فكأن الله يقول له: "انك هربت، فأين الثقة بي؟ تلك حالةٌ تعلمك أن لاتثق بنفسك...". أجابه ايليا وكأنه الآن غيَّر أفكاره السابقة، قال: "ايها الرب انهم قد نبذوا عهدك وقوَّضوا مذابحك وقتلوا أنبياءك بالسيف، وبقيت انا وحدي، وقد طلبوا نفسي ليأخذوها". فقال له الله: "كلا لم يكن هذا سبب هربك، ولستَ وحدك يا ايليا لم تسجد لدى بعل، بل قد أبقيتُ في اسرائيل سبعة آلاف ركبة لم تجثُ للبعل". لامه الله على هربه، وليس على هربه فقط، بل على أن كلمة امرأة أنزلت به مثل ذلك الخوف. لقد اراد الله أن يجرّب ايليا ليُفهمه بأن الاعمال التي قام بها لا يجب أن ينسبها الى نفسه بل الى قدرة الله. ايليا الذي كان يغلق السماء تارةً فلا تمطر، وتارةً يُهبِط النار من السماء على مذبح المحرقة، سمح الله بأن يسقط سقطة صغيرة، لكي يرتدي من بعدها ثوب المحبة... بشفاعة نبيّك ايليّا، يا ربّ، ارحمني انا عبدك الخاطئ |
||||
14 - 10 - 2014, 05:45 PM | رقم المشاركة : ( 6527 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حياة القدّيس نوهرا
إنّ القدّيس نوهرا الشهيد كان سريانيًّا من مدينة ساموزات التابعة لإنطاكية من أسرة عريقة في الفضل والفضيلة ووالدين مسيحيّين صالحين صرفا جلّ العناية في تهذيبه وتثقيفه، فأرضعاه لبان التقوى والعلم والأدب منذ طفولته، فقد والديه وهو في الثانية عشرة من عمره، فكرهت نفسه أباطيل الدنيا وبهجتها وعافت زخارفها وبهجتها وتاقت إلى الحياة الإكليريكيّة أو بالحري نزعت إلى الحياة النسكيّة فباع كلّ مقتناه ووزّعه على المساكين امتثالاً لمشورة سيّدنا يسوع المسيح القائل لذلك الشاب: «إن شئت أن تكون كاملاً امضِ فبعْ مقتناك وأعطه للمساكين فيكون لك كنـز في السماء وتعال اتبعني». (متى 19 ? 21) فلجأ إلى القدّيس مكاريوس وأكبّ على درس الكتب المقدسة عنده فبلغ منها مبلغًا بعيدًا واتخذ لنفسه حياة نسكية بحتة، ولم يكن يتناول من المأكل سوى القليل من الخبز اليابس والأعشاب الخضراء، ولم يقترب من النار مهما كان البرد قارسًا، وكان مزاولاً الصلوات والتأملات وملازمًا الصمت، ولمن يكن يفتح فاه إلاّ لشرح الأسفار المقدّسة، ولمّا نشأ ونما في العمر والعلم والفضائل رسم كاهنًا في إنطاكية، حينئذٍ شمر عن ساعد الجدّ والكدّ بتثقيف الناشئة إذ فتح لها مدرسة أسوة بأستاذه القدّيس مكاريوس، وقد طالما نزعت نفسه إلى الأعمال الخيريّة والتعاليم الروحيّة فصرف همّته إلى تعليق وتفاسير الكتاب المقدّس الضافية ودحض الارتقات وإظهار الحجج البيّنة في الأضاليل. ثمّ أخلى ذراعه لترجمة الكتاب المقدّس من العبريّة إلى اليونانيّة فأصبح نابغة عصره وامام مصره وحجّة دهره يحطّ طلاّب العلوم رحالهم في فنائه ويستصبح جهابذة النظر بباهر ضيائه حتّى إنّ القدّيس إيرونيموس أخذ عنه من مواد تآليفه وتفاسيره للكتب المقدّسة، فأمسى منقطع النظير بعلومه وأشدّ رجال الدين غيرةً وعملاً في حقل الكنيسة وأكبر دعامة للديانة المسيحيّة في عصره. فوُشِيَ به إلى الملك مكسيميان الطاغي الذي أمر بإحضاره. حينئذٍ لجأ إلى البراري عملاً بمشورة سيّدنا يسوع المسيح القائل: إذا اضطهدوكم في هذه المدينة فاهربوا إلى أخرى (متى 10-27). وكان هناك كصوت صارخ في البرية ينير بإرشاداته ومثاله وتعاليمه يهدي ويرشد إلى طريق الخلاص. فأرسل الملك جنودًا فقبضوا عليه واقتادوه إلى السجن، وفي طريقه صادف جنودًا من تلاميذه كانوا قد أنكروا الديانة المسيحيّة خوفًا من الاضطهاد ولكنّهم عند رؤيتهم هذا القدّيس مقتادًا إلى السجن واستماعهم إرشاداته السديدة عادوا واعترفوا علنًا بالدين المسيحيّ وكانوا نحو أربعين جنديًّا فقتلوا منهم بعضًا واقتادوا بعضًا للسجن. وفي مروره أيضًا على مدينة نيقوميديا وجد قسمًا من المسيحيّين قد ضعفوا في إيمانهم فشدّد عزمهم وشجّعهم على الاحتمال وثبّتهم في الدين المسيحيّ، ودعي بحقّ نوهرا أي النور لأنّه كان منارة بعلومه وفضائله ومثله، فزُجَّ في السجن حيث كان يضاعف صلواته وإرشاداته المفيدة. وقد كتب رسالة من السجن لأهل أنطاكية وهو أسير يسوع المسيح يثبّتهم في الدين المسيحيّ. والملك مكسيميان لم يكن يقابله خوفًا من أن يرتشد بأنوار تعاليمه الساطعة لذلك كان يخاطبه بواسطة ترجمان قائلاً: «أبعدوا هذا الرجل من أمامي لأنّني أصبحت بخطر عظيم من أن أصير مسيحيًّا من حججه الراهنة». وقد وعده بأنّه يجعله مساويًا له في العرش إن جحد الدين المسيحيّ وإن أبى فيذيقه أمرّ العذابات، حينئذٍ سخر القدّيس بمواعيده ووعيده ونادى مكرّرًا أنا مسيحيّ. فأعدّوا له خشبة مثقوبة من أربعة مواضع وأدخلوه فيها مضغوطًا فتكسّرت مفاصله وتخلّعت رجلاه وألقوه بهذه الحالة في السجن مع رفقائه مدّة أربعة عشر يومًا، وكانوا يقدّمون له من لحم الخنازير طعام الأوثان فكان يأبى قائلاً: أنا مسيحيّ. وفي ليلة عيد الغطاس زاره بعض تلاميذه فطلب خبزًا وخمرًا ووضعهما على صدره وهو ممدود قائلاً: صدري هو مذبح الربّ! وقدّس الخبز والخمر كما صنع سيّدنا يسوع المسيح في العشاء السرّيّ وناول تلاميذه وسبحان العناية الإلهيّة التي قيضت له ولتلاميذه هُنيهة لم يدخل عليهم أحد من الحرّاس. ولما انتهوا إذا بوزير الملك يدخل على القدّيس ليرى هل هو حيّ أيضًا فابتدره القدّيس هاتفًا أنا مسيحيّ، فدهش الوزير من شجاعته واحتماله وصبره وسأله: من أين أنت؟ أجاب: أنا مسيحي. سأله: ما مهنتك؟ أنا مسيحي. من هم أهلك؟ أنا مسيحيّ. وبعد جوابه الأخير طارت نفسه إلى السماء في اليوم السابع من كانون الثاني سنة ثلاثمئة واثنتي عشرة. وما كان أجمل تأويل الذهبيّ الفمّ لأجوبة القدّيس: فبلاده هي السماء ومهنته من السماء وأنسباؤه في السماء. ولفظة نوهرا سريانيّة تأويلها النور وهو شفيع خاص للبصر. رزقنا لله شفاعته بنعمة سلطانة الشهداء والملائكة والقدّيسين. آمين. (1) (1) وكتب العلماء البولنديست المدقّقون: إنّ الملك مكسيميان أمر بعد موت القدّيس نوهرا أن يعلّق في يمينه حجر ثقيل ويغرّق في عمق البحر ليخفى جثمانه ويمحو ذكره، ولكن قوّة الله التي حفظت يونان النبيّ في بطن الحوت سالمًا قد حفظت جسد هذا القدّيس سالمًا مدّة أربعة عشر يومًا، وفي هذا اليوم الأخير أوحى إلى أحد تلاميذه لأن يذهب مع رفاقه إلى سيف البحر حيث عيّن له المكان وهناك يجد جثّته سالمة من الفساد ويدفنوها، فسار جمهور إلى الشطّ ورأوا حوتًا صاعدًا من البحر يحمل جثّة القدّيس بإكرام طائفًا بها على سطح المياه يشقّ الأمواج آتيًا إليهم، ولمّا بلغ الشطّ وضع جثّة القدّيس ومات فرحًا ، وقد نقل التقليد إلينا أشعارًا كانت تنشدها العامّة نذكر بعضها معرّبًا: <H1>فهـا التنين قد وافـى على ظهـر يقل النـور بتبجيـــل وإكــرام ومن بهج يلاقي الحتـف بشوش الوجه معكافـا فوق المــوج طوّافـا تجــاه الناس آلافــا عنـد الشــطّ مهتافـا[1] </H1> وربّما كان هذا التقليد مصدرًا لاعتقاد العامّة في أسمر جبيل وغيرها من القرى اللبنانيّة حيث يكرّم القدّيس، إنّه يظهر أحيانًا على أمواج المياه البحريّة وفي الآبار. من كتاب : القديس نوهرا الشهيد شفيع البصر |
||||
14 - 10 - 2014, 05:50 PM | رقم المشاركة : ( 6528 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تساعية مار نوهرا الشهيد أيّها الآب الأزلي يا من تتمجّد بكلّ ما تُسأل باسم ابنك الوحيد سيّدنا يسوع المسيح نور العالم، نسألك باسمه المسجود له بإيمان ورجاء ومحبّة وندامة أن تحفظنا في العالم من الشرير وتقدّسنا بحقّك، ثمّ نسألك بحقّ صفيّك مار نوهرا الشهيد أن تنير أعين نفوسنا وأجسادنا لننال الفرح الروحيّ إذ لا فرح لنا ونحن في ظلام هذا العالم ولا نبصر ضوء السماء، نسألك يا إلهنا أن تمنحنا هذا السرور الدائم وتجود علينا بجميع النعم التي نلتمّسها من جودك الإلهيّ بشفاعة ابنتك المحبوبة مريم أمّنا. آمين. أبانا والسلام والمجد. يا ابن الآب الأزليّ إني أؤمن بأنك أنت نور الحق وأرجو هذا النور لأنّني كفيف كأعمى ايريحا أتسوّل في شوارع هذا العالم المظلم هاتفًا يا ابن داود ارحمني، ادعني إليك يا إلهي بواسطة صفيّك مار نوهرا فأنهض وأخلع عنّي ثوب الخطيئة وأدنو منك بثقة وإيمان ورجاء ومحبّة وأراك أيّها النور الحقيقيّ فأنال جميع الفضائل والنّعم التي ألتمسها من جودك الإلهيّ بشفاعة والدتك المحبوبة. آمين. أبانا والسلام والمجد أيّها الروح القدس ينبوع التعزية والسلوان المنبثق من الآب والابن الذي حلّ بشبه حمامة في نهر الأردن وفي العليّة الصهيونيّة بصورة ألسنة ناريّة على التلاميذ فامتلأوا من فيضان روحك القدّوس مواهب سماويّة، وفي البريّة بشبه السحابة حيث ظلّلت الشعب الإسرائيليّ،نسألك بحقّ صفيك ما نوهرا أن تحلّ فينا وتظلّلنا وتصوننا من الشرور وتنير نفوسنا وأجسادنا بأشعة لاهوتك وتملئنا من مواهبك السماويّة وتضرم قلوبنا بنيران محبّتك الإلهيّة وتشفي أمراضنا الروحيّة والجسديّة بشفاعة عروستك المحبوبة. آمين. أبانا والسلام والمجد ثمّ السلام عليك أيّتها الملكة أم لرحمة والرأفة من كتاب : القديس نوهرا الشهيد شفيع البصر |
||||
14 - 10 - 2014, 05:51 PM | رقم المشاركة : ( 6529 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين
طلبة القدّيس: مار نوهرا الشهيد اللازمة: مار نوهرا العظيـــم اشفع بنا على الدوام أيّها الشهيــــــــد الشريف اسمك عاليالمقــــــام بزغت نجمًا من الشــرق نوره لاشى الظـــــلام جئتَ من بلد منهـــــــــور تبشّر أهل القتـــــــــام دعاك يسوع فاقتبلــــــــت من جوده الإلهــــــــام هزمت قوة العـــــــــــــدو ولاشيتَ الأصنـــــــام وهبـــــــــــك فاديــــــــــا من ملو الأنعـــــــــام زارك مـــــــلاك اللـــــــه بنصف الليل للســـلام حاربـــــــت الأضاليـــــل بالإيمان كالسهــــــــام طفــــــت حالاً مبشّــــــرًا باسم فادي الأنـــــــــام يا جنــــــدي المسيــــــــح ضاهيت الرسل الكرام كم احتمـــــلت لأجلــــــــهمن العذابــات والآلام لوجيـــــوس اسمـــكدعي وزينتــــــه بالتمــــــام مبارك هــــذا الاســــــــــم بالبدايـــــة والختــــــام نـــــــــــور تفسيـــــــــــره والنـــور أشهى مــرام ســــــــــــــــلام لك منـــــّا ومنـــك نستمد الســلام علّمتنــــــــــــا بعمــــــــلك وجهــــادك التـــــــــام في نواحــــي البتــــــــرون تكــــلّل منــــك الهــــام صـــــــــــرت حقًّـــا شفيعًا لمـــــن بعينيــــه ظــلام قــــــــــــوى أمانتنـــــــــــا وزيـــــل عنّا الأوهـــام رجـــــــــــانا بك ثابـــــــت فاشفـــع بنـا على الدوام شفـــــــا تسعفنـــــــــــــــــا عنــــد المنـــام والقيـــام تعــــــالوا يا مؤمنيــــــــــن نقـــــدّم لـــــه الإكـــرام |
||||
14 - 10 - 2014, 05:52 PM | رقم المشاركة : ( 6530 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
زياح أيقونة مار نوهرا
(لحن مريم سرورك) يا منار الهدى وعلم الفضائل مار نوهرا الشهيد اهدنا في سراط نور تعاليمك القويم السديد كتبت رسالة لأهل أنطاكية من ضمن السجون يهديكم السلام أخوتي الشهداء بغصّات المنون وهتفت في الجهاد أنا مسيحيّ على رؤوس الملا حياتي لربّي ورغبة قلبي إكليل العلى وفي السجن كرّست صدرك مذبحًا للفادي المسيح فقدّست سرّه وأنت ممدّد كاسحق الذبيح ووزّعتَ الحمل على أترابك أيّها الأمين ونلت الإكليل جزاء شهادتك والنصر المبين (لحن لقد اسرع جبريل) يا موئلاً عظيمًا لكلّ من دعاك، يا ملاذًا حنونًا لمن وافاك، يا شفيعًا شافيًا للبصائر ومنيرًا عجيبًا للضمائر. قد أتينا ضارعين لحماك لاجئين، أغثنا في كلّ حين يا معين البائسين، واشفع بنا قدّام فادينا ليمنحنا بفضلك أمانينا. صلاة يا منار الهدى وعلم الفضائل ومثال القداسة والكمال مار نوهرا الشهيد الباسل، نسأل بواسطتك القلب الإلهيّ أن يغفر لنا خطايانا، ويمنّ علينا بالفضائل المسيحيّة الكاملة، ويحلّ فينا مواهب روحه القدّوس: القوّة والمخافة والتقوى والحكمة والعلم والمشورة والفطنة، وأن ينقذنا من الضربات والآفات، ويمنحنا النعم التي نلتمسها من بحر جوده الإلهيّ بشفاعتك القويّة. نسألك أيّها الملقّب بالنور أن تستمدّ لنا من أبي الأنوار النور الحقيقيّ هاتفين مع ذلك الأعمى: يا ابن داود ارحمنا ليفتح أعين نفوسنا بشفاعتك المقبولة. وبنعمة أمّ النور نحصل على الأنوار السماويّة حيث نمجّد الثالوث الأقدس الآب والابن والروح القدس إلى أبد الآبدين. آمين. - يا ربّ استمع صلاتي. - وصراخي إليك يأتي. - لتسترح أنفس الموتى المؤمنين. - برحمة الله والسلامة آمين. ك: السلام لجميعكم. - ومع روحك أيضًا. (أبانا والسلام) (لحن يا أمّ الله) منارة لبنان، وملاذ الأمان، مار نوهرا الرفيع الشأن، بدّد عنّا القتام، وأكرم بالوئام، بشفاعتك ننال الإنعام ونبلغ أخيرًا دار السلام. (لحن وإن كان جسمك) يا منارة تجلو البصائر يبارك الكاهن بأيقونة القدّيس هاتفًا: بشفاعة القدّيس نوهرا يبارككم الثالوث الأقدس الآب والابن والروح القدس. آمين.أشرق علينا من المنائر نرفع أفئدة للعلاء ناظرين بخشوع للسماء ملتمسين محو المآثم وبشفاعتك يا ذا العظائم إليه نصرخ يا ابن داود وامنحنا سيرًا كالجدود وتنير العقل والضمائر وأنقذنا من المعاثر وعيونا فاضت بالبكاء منتظرين غيوث الآلاء بحقّ مريم بحر المراحم نغتنم النور الدائم ارحمنا بالشفيع الودود ومتّعنا في دار الخلود هو الله أبي ! أبي الذي في السماوات. أشعر على الأخص حين تسود سمائي ويزداد صليبي ثقلاً بحاجتي إلى أن أقول لك: إنّي أؤمن بحبّك لي! نعم أؤمن أنك أبي وإنّي ابنك! أؤمن أنّك تحبّني حبًّا لا حدَّ له! أؤمن أنك ساهر عليَّ ليلاً ونهارًا وأنه بدون إذنك لا تسقط شعرة واحدة من رأسي! أؤمن أن حكمتك لا حدّ لها. فأنت أعلم منّي بما يفيدني!.. أؤمن أنّ قدرتك لا حدَّ لها. فأنت تستحدث الخير من الشرّ! أؤمن أن حنانك لا حدَّ له. فأنت تجعل كلّ شيء يؤدّي إلى منفعة من يحبّونك. ومن وراء الأيدي الجارحة ألثم يدك الشافية... أؤمن ولكن زدني إيمانًا ولا سيّما رجاءً ومحبّة. علّمني أن أرى جليًا محبّتك تهيء كلّ ما يحدث لي. علّمني أن أستسلم إلى إرشادك كالطفل بين ذراعي أمّه. أبتِ. أنت تعلم كلّ شيء أنت ترى كلّ شيء. أنت أعرف منّي بنفسي. أنت قادر على كلّ شيء. وأنت تحبّني!! أبتِ. بما أنك تريد أن نطلب منك كلّ شيء فها أنا أطلب بثقة مع يسوع ومريم أن تمنحني (النعمة الفلانية)... وفي سبيل ذلك أقدّم لك باتحادي مع قلبَي يسوع ومريم الأقدسين صلواتي كلّها وتضحياتي الصغيرة وإماتاتي مقرونة إلى زيادة المثابرة على إتمام واجبي. أعدك بالمثابرة في هذه الأيام التسعة خصوصًا في (الظرف الفلاني)... وفي علاقاتي مع (الشخص الفلاني)... أعطني نور روحك القدّوس وقوّته ونعمته. ثبّتني في هذا الروح بحيث لا أفقده أبدًا ولا أكدره ولا أضعفه فيّ. أبتِ. باسم يسوع المسيح ابنك الوحيد ألتمس منك ذلك. وأنت يا يسوع، خذ قلبك وضع فيه قلبي وقدّمه مع قلب مريم إلى أبينا السماويّ، واحصل لي مقابل هذا على تلك النعمة التي أحتاج إليها أيّما احتياج. أبي الإلهي. إجعل جميع الناس يعرفونك. كن أبانا ولأكن ابنك البار على الدوام. ليعلن الكلّ حنانك ورحمتك وارأف بي. يا قلب يسوع الأقدس، أؤمن بحبّك لي. يا قلب يسوع الأقدس، إني واثق بك. يا أمّ المحبّة والألم والرحمة، صلّي لأجلنا. أيّها الآب الإلهي، يا أمل نفوسنا العذب لتكن معروفًا وممجّدًا ومحبوبًا من البشر. أيّها الآب الإلهيّ، أيّها الحنان الذي لا حدّ له الشامل جميع الشعوب لتكن معروفًا وممجّدًا ومحبوبًا من البشر. أيّها الآب الإلهيّ، يا ندى البشريّة الجالب لها الخير. لتكن معروفًا وممجّدًا من البشر. يا قلب يسوع الأقدس، ليأتِ ملكوتك. يا قلب يسوع الأقدس، ارحمنا. يا سلطانة الرسل، صلّي لأجلنا. من كتاب : القديس نوهرا الشهيد شفيع البصر |
||||