![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 6501 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() سيرة حياة القديس اغسطينوس ![]() من تاجست إلى قرطاجنة في 13 نوفمبر 354م بمدينة تاجست من أعمال نوميديا بأفريقيا الشمالية وُلدأغسطينوس وكان والده باتريكبوس وثنيًا فظ الأخلاق، أما والدته مونيكا فكانت مسيحية تحتمل شرور زوجها وحماتها بصبر عجيب، وبطول أناتها كسبت الاثنين حتى أن رجلها قبل الإيمان واعتمد قبيل نياحته كان كل همّ والده أن يرى ابنه رجلاً غنيًا ومثقفًا، وكان معلموه الوثنيين لا يهتمون بسلوك التلاميذ، فنشأ أغسطينوس مستهترًا في حياته ميالاً للكسل. إذ بلغ السادسة عشرة من عمره أرسله أبوه إلى قرطاجنة ليتمهر في البيان، هناك التقى بأصدقاء أشرار، وصار قائدًا لهم يفتخر بالشر، فتحولت حياته إلى المسارح والفساد. أما عن دراسته فقد عكف على دراسة الفقه والقوانين مشتاقًا أن يرتقي إلى المحاماة والقضاء، وقد تضلع في اللاتينية حتى افتتح مدرسة لتعليم البيان وهو في التاسعة عشرة من عمره. أعجب أغسطينوس بمذهب شيشرون، فقرأ كتابه "هورطانسيوس" الذي أثار فيه الشوق إلى العفة والبحث عن الحق. قرأ أيضًا الكتاب المقدس لكن ليس بروح الإيمان والتواضع وإنما في كبرياء، فأغلق على نفسه وسقط في "المانوية". إذ رأت مونيكا ابنها قد انحرف سلوكيًا وعقيديًا، وصار عثرة لكثيرين طردته من بيتها، لكن بمحبتها ردته ثانية، وكانت دموعها لا تجف طالبة خلاص نفسه. رأت القديسة مونيكا في حلم أنها واقفة على قطعة خشبية (ترمز للإيمان) والكآبة تشملها، وإذ بفتى يلمع بهاؤه أمامها ويشع الفرح من محياه ينظر إليها ويسألها عن سبب حزنها، وإذ أجابت، قال لها: "تعزي ولا تخافي، فها ولدك هنا وهو معك". التفتت مونيكا لتجد ابنها واقفًا معها على الخشبة، فتأكدت أن الله استجاب طلبتها. ![]() في روما في عام 382م أوعز إليه أصدقاءه بالسفر إلى روما لينال مجدًا وغنى أعظم، فحاولت والدته صده وإذ لم تفلح عزمت على السفر معه. احتال عليها بقوله أنه ذاهب ليودع صديقًا له على السفينة، فسافر تاركًا إياها غارقة في دموعها. ![]() في ميلانو أرسل حاكم ميلان إلى حاكم روما يطلب أستاذًا في البيان، فبعث إليه أغسطينوس، وقد دبرت له العناية الإلهية الالتقاء بالقديس أمبروسيوس أسقف ميلان، الذي شمله بحبه وحنانه فأحبه أغسطينوس وأعجب بعظاته، وكان مداومًا على سماعها لما فيها من قوة البيان دون اهتمام بالغذاء الروح الدسم. سمع من القديس أمبروسيوس تفاسيره الروحية للعهد القديم الذي كان المانيون يتجاهلونه، كما سمعه في رده على أتباع ماني وغيرهم من الهراطقة، فبدأ نور الحق ينكشف أمامه. هنا أدرك أغسطينوس ما للكنيسة من علامات أنها من الله: فيها تتحقق نبوات العهد القديم، وفيها يتجلى الكمال الروحي، وتظهر المعجزات، وأخيرًا انتشارها بالرغم مما تعانيه من ضيق. أبحرت مونيكا إلى ميلان ليلتقي بها ابنها ويبشرها بترك المانوية، لكن دون قبوله الإيمان الحق، إذ كان منهمكًا في الشهوات، حاسبًا حفظ العفة أمرًا مستحيلاً. بدأ أغسطينوس يقرأ بعض كتب الأفلاطونيين التي نقلت عن اليونانية بواسطة فيكتريانوس، التي انتفع بها لكنها لم تقده للإيمان. عاد يقرأ الكتاب المقدس خاصة رسائل معلمنا بولس الرسول فأعجب بها، خاصة في ربطها العهد القديم بالعهد الجديد... دبرت العناية الإلهية أن يزور سمبليانس حيث بدأ يخبره عن قراءته في كتب الفلسفة الأفلاطونية التي عني بنشرها فيكتريانوس، فأظهر سمبليانس سروره بذلك، ثم عرف أغسطينوس منه عن اعتناق فيكتريانوس للإيمان المسيحي بروح تقوي، فشبت فيه الغيرة للاقتداء به، لكنه كان لا يزال أسير العادات الشريرة. ![]() توبته زاره مؤمن حقيقي من كبار رجال الدولة يدعى بنسيانس، فوجده مع صديقه أليبوس وبجوارهما بعض رسائل معلمنا بولس الرسول، فظنها أحد الكتب الفلسفية، لكن أغسطينوس أخبره بأن له زمانًا لا يشغله سوى مطالعة هذه الأسفار، فدار الحديث بينهما حتى تطرق بنسيانس لسيرة القديس أنبا أنطونيوس وكيف تأثر بها اثنان من أشراف البلاط فتركا كل شيء ليسيرا على منواله، وهنا التهب قلب أغسطينوس بالغيرة، كيف يغتصب البسطاء الأميون الملكوت ويبقى هو رغم علمه يتمرغ في الرجاسات. وإذ مضى بنسيانوس، قام أغسطينوس إلى البستان المجاور لمنزله وارتمى على جذع شجرة تين، وتمثلت أمامه كل شروره، فصار يصرخ: "عاصفة شديدة... دافع عني... وأنت فحتى متى؟ إلى متى يارب؟ أتغضب إلى الأبد؟ لا تذكر علينا ذنوب الأولين. فإنني أشعر بأنني قد اُستعبدت لها. إلى متى؟ إلى متى؟ أ إلى الغد؟ ولما لا يكون الآن؟! لما لا تكن هذه الساعة حدًا فاصلاً لنجاستي؟" وبكى بمرارة... كان ذلك في عام 386م، بالغًا من العمر 32 عامًا حين تغيرت حياته وتجددت بنعمة الله، فتحولت القوة المحترقة شرًا إلى قوة ملتهبة حبًا... عاد أغسطينوس إلى أليبوس ليذهبا معًا إلى مونيكا يبشرانها أن صلواتها التي دامت قرابة 30 عامًا قد استجيبت، ونبوة القديس إمبروسيوس قد تحققت، هذا الذي سبق فرآها تبكي فقال لها: "ثقي يا امرأة أنه من المستحيل أن يهلك ابن هذه الدموع". عزم أغسطينوس بنعمة الله على ترك تدريس البيان وتكريس حياته للتأمل في كلمة الله والخدمة، فاعتزل ومعه والدته وصديقه أليبوس وابنه أدياتس (غير الشرعي) وبعض أبناء عمه وأصدقاءه في كاسيكاسيوم Cassiciacum بجوار ميلان حيث أقام ستة شهور يتأهب لنوال سرّ العماد، وفي ابتداء صوم الأربعين عام 387م ذهب إلى ميلان واعتمد على يدي الأسقف إمبروسيوس. ![]() نياحة مونيكا سافر القديس أغسطينوس مع ابنه ووالدته وأخيه وأليبوس إلى أوستيا منتظرين السفينة للعودة إلى وطنهم، وكانت الأم تتحدث مع أغسطينوس معلنة بأن رسالتها قد تحققت برؤيتها له كخادم أمين للرب. بعد خمسة أيام مرضت مونيكا بحمى شديدة، وإذ أُغمى عليها وأفاقت قالت لابنيها: "أين كنت أنا؟... هنا تدفنان والدتكم"... قالت هذا ثم سلمت روحها في يدي الله. ![]() في روما وأفريقيا بعد نياحة القديسة مونيكا قرروا العودة إلى روما، حيث جاهد أغسطينوس هناك لدحض بدعة المانويين. ومن هناك انطلق إلى أفريقيا حيث ذهب إلى قرطاجنة ثم إلى تاجست، فوزع كل ممتلكاته واختلى للعبادة والتأمل في كلمة الله ثلاث سنوات، ووضع كتبًا كثيرة. ![]() سيامته كاهنًا إذ كان أغسطينوس يزور رجل شريف بمدينة هيبو (تدعى حاليًا إيبونا من أعمال نوميديا) سامه الأسقف كاهنًا بالرغم من محاولته رفض السيامة بدموع، بل وجعله يعظ أكثر أيام الأسبوع. سكن في بستان ملك الكنيسة وجعله ديرًا حيث امتلأ بالرهبان الأتقياء، كما أنشأ ديرًا للراهبات تحت تدبير أخته. ![]() سيامته أسقفًا أقيم أسقفًا مساعدًا لفاليروس عام 395م الأمر الذي أفرح قلوب المؤمنين، وإن كان الهراطقة قد حزنوا وأثاروا شغبًا ضد الشعب وحاولوا قتله. امتاز هذا الأسقف القديس بحبه الشديد للفقراء حتى كان يبيع أحيانًا ما للكنيسة ويوزعه على الفقراء ويحرر به المسجونين. واهتم بدحض أصحاب البدع. وحضر مجمعًا بأمر الملك أونريوس عام 421م ضم 275 أسقفًا مؤمنًا و279 من الدوناتيين... فقام يجادلهم ويردهم إلى الإيمان المستقيم. ![]() نياحته إذ بلغ من العمر 72 عامًا استعان بأحد الكهنة في تدبير أمور الكنيسة راغبًا أن يكون خليفته، وبقى 4 أعوام يستعد للرحيل، وفي عام 430 م تنيح وهو في سن السادسة والسبعين، وكانت دموعه لا تتوقف. ![]() كتاباته بلغت حوالي 232 كتابًا، منها كتبه التاريخية مثل "اعترافاته" و"الاستدراكات"، ومقالاته الفلسفية مثل "الرد على الأكاديميين" و"الحياة السعيدة"، "خلود النفس"، "في الموسيقى"... وأيضًا أعماله الجدلية ضد اليهود والوثنيين، وضد أتباع ماني وضد الدوناتيين وضد البيلاجيين وضد الأوريجانيين، كما قدم كتبًا في تفسير التكوين والمزامير والرسالة الأولى إلى يوحنا، والموعظة على الجبل، وعن اتفاق الإنجيليين، وتعليقات على الرسالة إلى أهل غلاطية والرسالة إلى أهل رومية وإنجيل يوحنا. كما كتب كُتب في النسكيات والأخلاقيات |
||||
|
|||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 6502 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() القديسة ماريا غورتي ولدت ماريا غوريتّي في إيطاليا، بالقرب من مدينة كورينالدو في السادس عشر من أكتوبر من عام 1890 . وتعمّدت في السابع عشر من أكتوبر من العام نفسه وكُرّست للعذراء مريم الطاهرة . وكانت من بين الأطفال الستة الذين رزق بهم ليغي غوريتّي وأسونتا كارليني . وبسبب الجوع انتقلت عائلة غوريتّي الى فييريير دي كونكا بالقرب من نيتونو حيث استأجروا مزرعة في منطقة مستنقعيّة ملوّثة بالبعوض . وقد شاركت عائلة غوريتّي المزرعة مع عائلة سيرينيلّي التي سكنت في الطابق العلويّ . تألّفت تلك العائلة من أرمل يدعى جون وابنه ألِكسندر . وقد تلقّى ألكسندر تربيةً سيّئة تقوم على التجديف بالله وعدم الصلاة وخالية من الأخلاقية . فكان يومه مليئاً بالشرب والأوامر وتوجيه الشتائم . وفي السادس من مايو من عام 1900 توفّي والد ماري. ساندت ماري أمها كثيراً، ولم تشتكِ بتاتاً من الأعمال المكلّفة بها وكانت تردّد في أحيانٍ كثيرة الجملة التالية : "سوف يساعدنا يسوع" . وكلما كانت تكبر كان توقها لتناول المسيح من خلال القربان المقدّس يزداد معها . وقد قالت : "إنّني أشتاق ليسوع” . ومع ذلك لم تكن تعرف القراءة أو الكتابة، فكيف كان لها أن تكون قادرة على تعلّم الإنجيل ؟ لقد ساعدها الكاهن وسيدة من القرية في ذلك وتعلّمت بسرعة كبيرة وبعد أشهر قليلة استطاعت النجاح في الإمتحانات . وفي السادس من يونيو عام 1901، أتى اليوم المبارك الذي تناولت فيه أوّل قربان مقدّس وكان ذلك اليوم يوم عيد القربان . كانت تتّسم ماري بالمحبة وتعكس ملامحها براءة عظيمة ونقاوة وتقوى . وقد أحاط بها جدار من المحبة لله فكانت تقيّة لكن بالتأكيد لم تكن بسيطة . كانت تذهب ماري كلّما استطاعت لتناول القربان المقدّس . ومع ذلك، قَرُبَ حدوث النكبة . لقد كانت عائلة سيرينيلّي تستخدم المطبخ ذاته لتحضير وجباتها وكان ألكسندر يضايق ماري باستمرار بطلباته الشرّيرة والبغيضة . وغريزياً كانت ماري تمقت الخطيّة والشيطان والضعف وكانت الفضيلة التي تشع منها هي الطهارة؛ فبدت كالزنبقة الهابطة من السماء . وصلّت : "خذني يا يسوع، إنّي أقدّم نفسي لك" . وعندما كبرت ماري وأصبحت فتاةً يافعة بدت أكبر من عمرها فعند بلوغها الثانية عشرة بدت وكأنها في الخامس عشرة . اتّصف ألكسندر بالاستبداد في المنزل وكان يوزّع الأعمال كما يراه ملائماً . ولتحافظ أسونتا، والدة ماري، على السلام في المنزل كانت تتحمّل تصرّفاته . وأصبح بعد ذلك يعامل ماري بلطف ويدلّلها لتحقيق مآربه، أما الأطفال فكانوا يخافونه لكنّ ماري فهمت سبب تصرّفاته معها وكانت متيقّنة من كذبه ونفاقه وخلوّه من الطهارة . إن هذا الصبي الكبير الذي لم يجرؤ أحد على الوقوف في وجهه قد طعنته أجوبة ماريّا حينما أظهر بوضوح مبتغاه منها . فحزنت ماريا وصرخت : "لا، أبداً، إنها خطيّة ! لقد حرّم الله ذلك وسنذهب الى الجحيم بسببه" . ![]() في اليوم التالي، يوم الجمعة الموافق الخامس من يوليو عام 1902، أمر ألكسندر الجميع بالذهاب لدَرس الفاصوليا، وطلب من ماري البقاء لإصلاح قميصه . فارتعش الأطفال وقالوا في أنفسهم هل هي مكيدة ؟ لم تجرؤ ماري على عصيان ألكسندر ولحق بها الى المنزل . وهناك أمسك بها بشدّة بقبضته وصرخ بوجهها قائلاً : "لا توقفيني وإلا قتلتك" . فصرخت ماري طالبةً النجدة وصارعت بشراسة . لم يتمالك ألكسندر نفسه فطعنها بسكين، مرةً تلو الأخرى الى أن وصل عدد الطعنات الى 14 طعنة زاحت إحداها عن قلبها مليمترات قليلة . انهارت ماري إثر ذلك في بركة من الدماء ونادت : "أمي، أنا أموت، أمي ! " إلا أنّ ذلك لم يؤثر في الوحش الذي تركها ورحل . بعد ذلك بقليل عاد ليتأكّد من موتها فطعنها مرّةً أخرى . ثم ذهب الى غرفته لينام على سريره، وكأنّ شيئاً لم يكن . بعد فترة استطاعت ماري استجماع قواها وسحب نفسها الى الباب لطلب المساعدة . "ساعدوني… ساعدوني ! ألكسندر… . حاول… . يحاول قتلي ! " ثم فقدت الوعي . وحينما وجدوها أخذوها الى المستشفى وخضعت لعملية دامت ساعتين . لم تعطى خلالها أي مخدّر وتملّكهم الخوف من أنّها لن تنجو . لقد عانت معاناةً مريعة، إلا أنّ شفتاها ردّدت الصلاة التالية : "يسوع لقد عانيت كثيراً لأجلي، أرجوك ساعدني في معاناتي لأجلك" . وقال الطبيب للكاهن الذي تمّ استدعاؤه : "أبتي لقد وجدتَ ملاكاً، لكنّني خائف من أن نترك وراءنا جثّة" . أُلقي القبض على ألكسندر بعد ساعة من ارتكابه لهذه الجريمة وكبّلت يداه بالأصفاد وأُخذ بعيداً . وكان على الشرطة أن تمنع الحشود الغاضبة من إعدامه . كما ولم يُسمح لوالدتها بقاء الليل الى جانبها . وفي منتصف الليل زارها الكاهن وقال لها أنه يودّ منها أن تلتحق بجماعة أطفال مريم . ووضع ميداليّة المعجزة بشريط أزرق حول عنقها وباركها . فقبّلت ماري صورة العذراء المقدّسة التي على الميداليّة وصلّت الكلمات التي أعطتها السيّدة العذراء لكاثرين لابوري : صلّي لأجلنا نحن الملتجئين إليك وفي صباح اليوم التالي، يوم الأحد الموافق السادس من يوليو عام 1902، تناولت ماري القربان المقدّس . وقد بدا وكأنّ القربان قد أُعطِيَ لملاك، فقد كان يشعّ من وجهها ضوء طبيعيّ . وقالت : ”إنّي أسامح من حاول قتلي لمحبّتي ليسوع المسيح . وسينضمّ ألكسندر إليّ في السماء، لأني سامحته وصلّيت أن يسامحه الله أيضاً . قريباً سأقابله وجهاً لوجه ! " وكانت أسونتا الى جانب ابنتها في ذلك الوقت . ونظرت ماري بمحبّة الى صورة العذراء مريم المعلّقة على الجدار في غرفتها وهمست : "إن العذراء بانتظاري" . وتبع ذلك نزاع مرير مع الموت . ![]() في السابع والعشرين من أبريل عام 1947، طوّبت العذراء المضحّية بحياتها ماري غوريتّي من قبل البابا بيوس الثاني عشر . وحضر الكثيرون من جميع أنحاء العالم لتقديم الإجلال لها . وقد مُنحت المقدّسة جديداً رمز الطهارة ألا وهو : الزنبقة وسعف النخل . وكانت أمها أسونتا حاضرة في ذلك اليوم واجتمعت مع البابا بعد الظهر . وحُكم على ألكسندر بالسجن 30 عاماً مع الأشغال الشاقة . وحينما سمع عن تطويب ماري وهو في زنزانته ضحك مستهزئاً : "إن كانت قدّيسة، فدعها تقم من الموت" . لكن طرق الله غامضة . لقد ظهرت ماري لألكسندر في الحلم وأعطته زنبقة . وحينما قبل الوردة تحوّلت ماري الى لهب وامض . وكان ذلك بداية خلاصه . وعندما زاره المطران علم أن ماري غوريتّي قد سامحت ألكسندر فقد سمعه يتمتم : "لقد سامحتني ؟ " وانفجر بعد ذلك باكياً والدموع تنهمر من عينيه . إن للوحش قلب في نهاية المطاف . وقد ذهب للاعتراف عند الكاهن بجريمته كاملةً . وفي عيد الميلاد في سنة 1937 أقدم على أصعب خطوة في حياته ألا وهي سفره لزيارة أسونتا والدموع تنهمر من عينيه طالباً وراجياً منها أن تسامحه . فقالت له بكل بساطة : "إن سامحتك ماري، لما عليّ أن لا أسامحك ؟ " . وفي ليلة الميلاد، شوهدت أسونتا راكعةً عند حاجز المذبح الى جانب قاتل ابنتها العزيزة . ودخل بعد ذلك الى دير بطلبٍ من الراهب البينيديكتيّ وأوكلت له مهام الحديقة وعُرف بالأخ ستيفانو . وبذلك تحقّقت أمنية ماري غوريتّي التي تمنّتها وهي على فراش الموت . في الرابع والعشرين من يونيو عام 1950، أعلن البابا بيوس الثاني عشر عن قداسة ماري غوريتّي، بحضور ألكسندر قاتِلِها وأمّها . وقد شهد على ذلك المطارنة والدبلوماسيين وأعضاء من النبلاء الرومان في كاتدرائية سان بطرس في روما . لقد سامحت ماري غوريتّي قاتِلها قبل موتها . وكانت في نظر الكنيسة مثالاً لكل العذارى . كما أنها قديسة راعية لجميع الشابات . ويوافق عيدها السادس من يوليو . إنّ ماري غوريتّي الفتاة الصغيرة، ما هي إلا مصدر لكل ما هو صالح . وقد جُسّدت قصّة حياتها في فيلم إيطاليّ يدعى "سييلو سولا بالود" ( السماء فوق المستنقع ) . إنّها الفتاة التي اختارت الموت بدلاً من الخطيئة . ومن خلال تلك النقاوة قابلت الرب . كما واختارتها وحدة النساء الكاثوليكيّة الإيطالية كقديسة شفيعة لهم وكمثال لجميع الشابّات . وُضع جسدها في كنيسة سيدتنا سيدة الرحمة في نيتونو . إن ماري غوريتّي تخدم الشابات اليوم، في وقت الفساد الأخلاقيّ، وعدم الإخلاص، وتدنّي الأخلاق، وتمثّل النقاوة والاستقامة الروحيّة . وقد أبرز الأب الكاهن بيو فان بيتريلسينا الذي طوّب مؤخراً هذا المشهد التأملي من الحياة . إن قداسة ماري غوريتّي لم تكن بسبب اختيارها للموت بدلاً من الخطيّة فقط، بل أيضاً بسبب شجاعتها وقوّتها في المواجهة والاستشهاد بشجاعة؛ بالإضافة الى الفضائل التي تتمتّع بها وسط عائلتها، وروح الصلاة والكفّارة، وولائها التام للقديسة مريم والقربان المقدّس وتناولها إيّاه . وقد عزّز رسالتها ثلاثة قدّيسين عظماء من بينهم البابا بيوس الرابع عشر والقديسة تريز قديسة ليزيو والقديسة جيمّا غالجاني . إن بياناتها ومفاهيمها قد بانت بعد خمس عشرة سنة من وفاتها ومرة أخرى كُرّرت من قبل القديسة مريم في 1917 في فاطيما . وصلاتها القصيرة كالتالي : "يا ماري غوريتّي المقدّسة احرسي شبيبة العالم" ![]() عندما يسكن الرب في قلوبنا نستطيع بذلك عمل أشياء عظيمة . لا يهم كم عمرنا أو حجم قوّتنا أو وضعنا . فحينما نسلّم أنفسها بالكامل الى الرب حينها يستخدمنا بطرق لم نكن لنحلم بها أو نتصوّرها . فأحياناً كما فعل مع جان دارك يرسلنا الى معارك لم نكن مستعدّين لها- بأسلحة لم نستعملها من أجل إظهار القوّة أو الشجاعة بل من أجل الإيمان البسيط . لقد كانت ماريا غوريتّي في الثانية عشر من عمرها حينما خضعت للامتحان وقد كانت تعلم في صميمها أن الله في نظرها هو العليّ الصالح فقط . لم يكن هناك أي شيء قد قرّرته ماريا كان ليبعدها عن بصر الرب . لكن هذا تطلّب تضحية كبيرة بحياتها . إن قصّتها قصّة مفيدة-يستوحي منها كلّ من يقرؤها وتغنيه بفحواها . |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 6503 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() القدّيسة فيرونيكا جولياني تلميذة مريم ورسولة حقيقيّة لها ![]() القدّيسة فيرونيكا جولياني تلميذة مريم ورسولة حقيقيّة لها الأخ عمانوئيل خادم قلب مريم المتألّم والطاهر شيتا دي كاستلّو تُعنى بطبعه ونشره جمعيّة «جنود مريم» علم وخبر 167/أ د - لبنان يُوزَّع مجّانًا في هذه الأزمنة المدعوّة بحقّ "الأزمنة المريميّة" تبرز حاجة ماسّة للقدّيسة فيرونيكا، لا تقل أهميّة عن حاجتنا للعذراء مريم. إنّها دعوة قويّة وجديدة، استنبطتها خبرات إيمانيّة آتية من الشرق المسيحيّ المعذّب، من سوريا ومن لبنان، لتشجيع مساعي أكثر تركيزًا وجديّة، تهدف إلى البحث عن الله وعن القيم الروحيّة. هذه الأجواء التقويّة المتجدّدة والمفعمة بروح الانتعاش المسيحيّ، أوحى بها راهب سوريّ شاب، هو الأخ جلمود عطا الله، عطيّة حقيقيّة من الله. هذا الراهب، وإثر شفائه الجسديّ والروحيّ الذي عزاه إلى القدّيسة فيرونيكا، تلقّى من خلال إشارات إلهيّة، رسالة تدعوه إلى التعريف بالقدّيسة جولياني الكبوشيّة، متصوّفة شيتا دي كاستلو، وإشاعة التعبّد لها كوسيلة لتجديد الشعب المسيحيّ. لكن ما كادت تتفجّر طاقته الرسوليّة حتّى لبّى نداء ربّه غزيرًا محبوبًا. أجل! لقد بلغ الكمال بسرعة (الحكمة 4/ 15، 13). غير أنّ ما يوحي بالإطمئنان إلى مسيرة هذه الدعوة النيّرة، استكمالها من قبل رفيق دربه التوأم اللبنانيّ، الأخ عمانوئيل خادم قلب مريم المتألّم والطاهر. هذا الأخ شعر باندفاع لا يُقاوم، لمتابعة هذه الرسالة الداعية إلى إصلاح الإيمان والعادات، وتعميق التقوى في الحياة المسيحيّة من خلال تعاليم القدّيسة فيرونيكا جولياني وروحانيّتها. لقد حفظ تعاليمها، وجعل من سيرة حياتها مثالاً يُحتذى، فنجح في تحويله إلى كتيّب مليء بالخواصّ والحقائق العمليّة التي يمكن تلمّسها لأنسنة هذا العصر، وعلى رأسها، الدعوة لتأجيج الغيرة للتكرّس لقلب مريم الطاهر بشعلة المحبّة والألم، على غرار المتصوّفين الكبّوشيّين السبّاقين في حقل التكرّس الفرديّ والجماعيّ لمريم. إنّه إذًا، تذكير جديد. فبعد حوالي ثلاثة قرون، تعود شعلة الحبّ التي ألهبت قلب وروح القدّيسة فيرونيكا لتظهر من جديد كنار من فُوّهة بركان، كان بإمكانه أن يبدو جامدًا، لكونه غير معروف وغير مقصود. لذا أراد، وبحقّ، أن يدفعنا من جديد لتأمّل الاختبار الحياتيّ لدى هذه القدّيسة التي تتصدّى بوضوح للعقلنة المتفشيّة في عصرنا. إلاّ أنّه شعر، بالأكثر، بضرورة أن يعلن للعالم النقاطَ الأربع الأساسيّة التي تشكّل مضمون "الرسالة الفيرونيكيّة": "الأولويّة المطلقة لمحبّة الله، حقيقة جهنّم والشياطين المُرْعبة التي لا يعتقد العديد اليوم بوجودها. مدرسة التفكير، ودور العذراء مريم الذي لا غنى ولا بديل عنه. وقد استوحى كلّ ذلك بدقّة ومهارة، وبإلهام عميق، من "قصيدة الألم والحبّ" الواردة في "اليوميّات"، والتي كتبتها القدّيسة بروح الطاعة بدءًا من سنة 1693 وحتّى 25 آذار 1727، سنة وفاتها. وهنا نستشعر تلك "الإلهيّات" بطريقة بطريقة فريدة غير قابلة للتكرار، لم تُلحَظ حتّى عند المتصوّفين المسيحيّين. إنّ الذوبان في مريم، أمّ يسوع، يغدو ذا بُعْدٍ سحيق وعُمْق مُتهاوٍ، خاصّة في السنوات الأخيرة من حياة القدّيسة، بعدما أخذت تكتب بإملاء من والدة الله، إثر فقدها، نوعًا ما، لوعيها لذاتها، ولما تكتبه، مُضحِيةً شِبْه "مريم أخرى" تمامًا كما لُقّبت القدّيسة كلارا الأسيزيّة. إنّها حقًّا نهار متأجّجة، تدفع بكلّ وضوح، إلى التعلّق بقلب المسيح الإله. بيد أنّ ما كتبته يبدو معاكسًا للتيّار، وهي بذلك تلتقي والبابا بندكتس السادس عشر في ندائه في لقاء الشبيبة: "أن نكون، في هذا العالم المعاصر، معاكسين للتيار"، وقد أضاف موضحًا: "أسألكم أيّها الشبّان، ويا جميع المتواجدين هنا، إخوة وأخوات أعزّاء، وأسأل الكنيسة جمعاء، بشكل خاصّ الأنفس المكرّسة، وبالأخصّ في أديرة المحصّنين والمحصّنات، على أن نكون مواظبين على الصلاة، مقتدين روحيًّا بمريم أمّنا، عابدين المسيح الحيّ في القربان الأقدس، مُغرَمين دومًا أكثر به. هو أخونا وصديقنا الحقيقيّ، عريس الكنيسة، الإله الأمين والروح الذي أحبّنا أوّلاً". كان لهذه الكلمات أفضل وَقْعٍ لدى "أصدقاء القدّيسة فيرونيكا" الذين تلقّوا بمحبّة وعُرْفان جميل هذه الرسالة، آملين أن يصبحوا شهوًا لها، وناشرين شغوفين لتعاليمها، مشكّلين قوّة صلاة وتشفّع وتقدمة، غالبًا ما كانت الكنيسة بأمسّ الحاجة إليها. لقد وضعتُ بسرعة هذه الأفكار، بإيعاز من سيادة الأسقف المشرف على المعهد التاريخيّ للكبّوشيّين – روما (إيطاليا) الأخ عمانوئيل، لأنّي أؤمن بأنّ هذا الكتيّب المدوّن بشغف وحبّ من أجل خلاص النفوس، سوف يُنتج ثمارًا جزيلة، ثمار تجدّد وعودة إلى المسيح المصلوب، إلى الصليب المنسيّ غالبًا في أيّامنا هذه، إلى الكنيسة، وإلى العذراء "وسيطة كلّ النعم، على حدّ ما أفصحت به العذراء عن نفسها للقدّيسة فيرونيكا. الأخ كوستنـزو كارونيوني المعهد التاريخي للكبّوشيّين – روما (إيطاليا) |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 6504 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() أقوال مأثورة عن القدّيسة فيرونيكا ![]() * "إنّها ليست قدّيسة وحسب، إنّها عمقة في القداسة" الطوباوي البابا بيوس التاسع *"هذه اليوميّات ستعود بالفائدة الكبرى، لا لمجد القدّيسة فيرونيكا وحسب، بل لخير الأنفس الرهبانيّة، بل كلّ الذين يهتمّون بصدق بالبحث عن الكمال، رغم كونهم في العالم" (البابا لاوون الثالث عشر). *"إنّ المواضيع التي عالجتها البتول في فيرونيكا، وبمساعدة أكيدة من الله، ستكون ذات منفعة كبيرة للذين يجتهدون لتحصيل الكمال المسيحيّ" (القدّيس البابا بيوس العاشر). *"هي منارة تشعّ قداسة، وقداستها كفيلة وحدها بأن تحصّن الكنيسة، بوجه سخرية واتهامات أكثر فلسفات الملحدين كبرياءً وشراسة" (البابا بيوس السابع). *"تستطيع هذه المرأة أن تدير أمبراطوريّة بأسرها" (المونسنيور أوستاكي، أسقف شيتا دي كاستلّو). * "إنّ الإنعامات الفائقة الطبيعة الممنوحة من الله لفيرونيكا، قد شرحتها بمقدار كبير من الوضوح والدقّة في التعبير، بحيث جعلت من اليوميّات إحدى الكتابات الصوفيّة المقدّسة الأكثر كلاسيكيّة" (الكاردينال لوشيدو م. باروكي، أمين سرّ محكمة التفتيش – 1896)باروكي، أمين سرّ محكمة التفتيش – 1896). *"على رسالة القدّيسة فيرونيكا أن تؤتي ثمارها في الكنيسة... يجب التوقّف عند ناحية التكفير، التي تملأ قسمًا كبيرًا من يوميّات القدّيسة وتمنحنا حقّ اعتبارها المعلّمة بامتياز لعلم التكفير" (الكاردينال بيترو بالاتسيني). *"إنّ اليوميّات هي بمثابة تعليم وشهادة، ورسالة مستمرّة لا تستطيع كنيسة المجمع الفكاتيكاني الثاني تجاهلها، إن أرادت استخدام كلّ طاقاتها لانطلاقة جديدة. إنّ موقفًا حازمًا علنيًّا واحتفاليًّا من قِبَل الكنيسة يمكن أن يعطي من جديد لرسالة القدّيسة الخلاصيّة الزخم الذي تستحقّه" (الكاردينال بيترو بلاتسيني). *"أعبّر عن تمنيّاتي الحارّة لكيما تضحى رسالة فيرونيكا المكرّسة لخير البشريّة بأسرها، أكثر انتشارًا وفعاليّة، من خلال رَفْعِها إلى مصاف معلّمة الكنيسة الجامعة، إن رأى الآب الأقدس ذلك مناسبًا" (الكاردينال لويجي شابي، لاهوتي لدى الكرسي الرسولي). *"من غير المُجدي أن أكتب فقط عن جمالات وسُموّ الأمور التي تحتويها ’اليوميّات’... ويطيب لي الرجاء بأنّها ستلاقي تأييد الكثيرين، وستستطيع أن تفيد العديدين في تقدّمهم الروحيّ، وأن تكون أيضًا سبب تعزية وتشجيع، في زمننا هذا العامر بالفساد، بقلّة الإيمان والجحود" (الأب بيتور بيزيكاريا). * "تُصنّف اليوميّات من بين أسمى الآداب الصوفيّة في كافّة الأزمنة" (الأب ميتوديو دا نبمرو الكبوشي). * "إنّ تصوّف القدّيسة فيرونيكا يفرض ذاته كلّ يوم أكثر على انتباه الدارسين. فهذا الفيض من اختباراتها الحياتيّة المدوّنة بعفويّة فور حدوثها، وبوصف دقيق لظواهر فائقة الطبيعة وغير مألوفة، وببساطة الأسلوب الذي يبتعد عن كلّ عناية بالشكل، مقدّمًا الأحداث على حقيقتها وبدون التباس، إضافةً إلى المستوى الرفيع للغاية للمخاطبات الإلهيّة التي لا نجد لبعضها أثرًا في كتب أخرى، كلّ ذلك، سمح للباحثين المعاصرين أن يصفوا القدّيسة فيرونيكا جولياني في مصاف الأنفس المتصوّفة عبر كلّ العصور" (الأب جوكوندو باليارا الكبّوشيّ) . * "إنّ ما هو لافت للنظر لدى القدّيسة فيرونيكا، ليس الإماتات الكثيرة، ولا حتّى الظواهر الصوفيّة: بل فيض، من النور الصوفيّ، وقّة في الشرح، فاقت شروحات المتصوّفة، بمن فيهم القدّيس يوحنّا الصليب، بفضل المخاطبات الإلهيّة التي تلقّتها" (لازارو أيريارتي الكبوشي). * كنتُ أقرأ فيرونيكا، تريزيا الأفيليّة وكاترينا السيانيّة: وكان هذا يغذّي صلاتي. لكن فيرونيكا هي مَن منحني حبًّا حيًّا للصليب، وإدراكًا لدور الألم الخلاصيّ" (جان- جواكيم بوفليه، كاتب). *"إنّ الصفحات التي دوّنَتْها الكبّوشيّة العملاقة تُعتبر من أروع وأسمى ما كُتب في الأدب الصوفيّ. فحينما سيتمّ، كما نأمل، إعلان ’تلميذة الروح القدس’ ملفانة، فإنّ سيرة حياة القدّيسة فيرونيكا تكون قد اكتملت" (بيارو بارجيلّيني، كاتب). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 6505 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() حياة القديسة فيرونيكا جولياني ![]() نقرأ في "يوميّات" قدّيستنا العظيمة أنّ الربّ يسوع جعلها ترى، ذات يوم، في لحظة انخطاف، نفوسًا ترتاح في قلبه الأقدس؛ وفهمت أنّها أنفس الذين سوف يجتهدون في المستقبل لتعريف العالم إلى سيرتها وكتاباتها. فطوبى، إذًا، لكلّ الذين سيتعبون في نشر التعبّد والإكرام لهذه النفس المختارة، لأنّهم لن يذيعوا مجدها فحسب، بل مجد ذاك الذي طابَ له أن يُظهر بواسطتها عظته، وكم هو قديرٌ وسخيّ في عطاياه، إلى حدّ التميّز والفرادة. فالطوبى لك يا ربّ لأجل قدّيسيك! وكم أنت أنت عظيمٌ يا الله في ابنتك المختارة فيرونيكا جولياني! لقد ردّدت لها مرارًا أنّك ترغب في أن "يعرفها العالم بأسره لمجد اسمك، لتثبيت الإيمان ولانتصار المحبّة". فسعيدٌ من له نصيب في تحقيق رغبتك المقدّسة هذه، فهو يُقدِم على ذلك بنعمةٍ واختيار منك؛ لأنّ الأزمنة أزمنتك يا ربّ، "وألف سنة في عينيك كيوم أمس الذي عبر" (مز 90/4) لكيما "ترفع المتواضعين" (لو 1/52) وتجعل "العاقر أم بنين كثيرين" (مز 113/9). كان الكاردينال بيترو بالاتسيني، أحد أكبر المتعمّقين في دراسة القدّيسة، يقول: "ليس ثمّة مبالغة في الإقرار بأنّ القدّيسة فيرونيكا لا تزال غير معروفة تقريبًا. فعلى رسالة القدّيسة أن تؤتي ثمارها في الكنيسة. وإنّ الأب ديزيره دي بلانش، أحد أشدّ الكتّاب شغفًا بالقدّيسة فيرونيكا، كان يردّد في مقدّمة كتابه اللاهب "الآلام المتجدّدة": "قيل أنّكِ لستِ قدّيسة فحسب، بل أنتِ عملاقة في القداسة (البابا بيوس التاسع)، مع أنّك غير معروفة. "قيل عنك إنّه ما من خليقة بشريّة، ما عدا أم الله، ازدانت بمواهب فائقة الطبيعة مثلكِ (البابا لاوون الثالث عشر)، حتّى أنّكِ جمعتِ في ذاتكِ النِّعَم العظمى الموزّعة على أكثر القدّيسين شهرة. ومع ذلك فأنتِ غير معروفة. "قيل، بأصواتٍ علويّة (اليوميّات)، أنّكِ قاهرة الجحيم ومُحرّرة المطهر وموزّعة ثروات السماء. ومع ذلك فأنتِ غير معروفة. "وقيل، في "أصوات إلهيّة": إنّ اليوميّات سيرة حياتكِ يجب أن تشتهر في العالم كلّه لتثبيت الإيمان، لانتصار المحبّة. ولا تزالين غير معروفة. "بأمر الطاعة كَتبتِ عشرة مجلّدات ضخمة، حتى ليمكن أن يحّسُدكِ عليها كبار المعلّمين. ومع ذلك لا تزالين غير معروفة. "لقد حان إذًا الوقت..." لقد حان فعلاً الوقت! فمنذ هذه الصرخة العميقة، بدأت دراسات جديّة حول "اليوميّات" والرسائل التي بقيت طيّ الكتمان لأكثر من مئتي سنة تقريبًا، ثمّ ظهرت على شكل سيرة حياة جميلة، وافية، وبطبعات أجدّ وأكمل. "مركز للدراسات الفيرونيكيّة"، وقد دفعت كتابات القدّيسة، بما فيها من مضامين سامية، أساقفة إيطاليا الوسطى، ورهبنة الأخوة الكبّوشيّين، كذلك مؤسّسات وشخصيّات رفيعة أخرى، إلى التوسّل الحارّ لقداسة الحبر الأعظم ليعلن القدّيسة فيرونيكا "معلّمة الكنيسة". ولا شكّ أنّ هذه الكتابات تملك في داخلها إمكانيّة تحقيق ذلك. إنّما، الواجب يقضي بإلقاء المزيد من الضوء على هذه القدّيسة. فهذا ما يهدف إليه فعلاً هذا الكتيّب: التعريف بالقدّيسة فيرونيكا (القسم الأوّل)، إظهار أهميّتها الكبيرة في عالم اليوم (القسم الثاني)، التضرّع إليها وتوسّل شفاعتها (القسم الثالث). لذا، فالقسم الأوّل سيقدّم نبذة سريعة من حياتها، على أمل التوسّع فيها في كتب أخرى، وترجمتها إلى لغات أخرى. وقد ساعدنا في ذلك، إضافةً إلى "اليوميّات" وكتاب "الآلام المتجدّدة" المذكور آنفًا، مجلّد الأب "لازارو أيريارتي" حول "اختبارات القدّيسة فيرونيكا وتعاليمها الصوفيّة"، وهو أحد الكتّاب الأكثر تعمّقًا في روحانيّة القدّيسة. وقد جزأنا القسم الأول إلى أربعة فصول: 1. 1660-1677: الطفولة (من الولادة إلى ارتداء الثوب). 2. 1677-1697: التطهّر (حتّى نيلها السمات). 3. 1697-1717: الاستنارة (حتّى انتخابها أمًّا مسؤولة). 4. 1717-1727: تحت قيادة مريم الكليّة القداسة (حتّى وفاتها). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 6506 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() القدّيسة فيرونيكا في محطات تاريخيّة
![]() 1667 : نالت سرّ التثبيت في "ميركاتلّو". 1670، 2 شباط : المناولة الأولى في "بياتشنـزا" 1674-1676 : عانت صِراعات مصيريّة بخصوص دعوتها الرهبانيّة 1677، 28 ت1 : ارتداؤها الثوب الرهبانيّ وحمل اسم فيرونيكا 1688 : انتخابها معلّمة في السابعة والعشرين من عمرها 1697، 5 نيسان : نَيْلها السِمات بعمر السابعة والثلاثين، والمصادف يوم الجمعة العظيمة. 1702، 24 ك1 : حملت إسم "فيرونيكا ليسوع ومريم" 1705، 2 تمّوز : قلوب يسوع، مريم وفيرونيكا الثلاثة تتّحد في واحد 1710 : السيوف السبعة لآلام مريم الكليّة القداسة في قلبها. 1712، 6 ك2 : كأسان، أحدهما لدم يسوع والآخر لدموع مريم. 1712، 15 ك2 : مريم تمنحها ملاكًا حارسًا آخر. 1715 : اتحاد صوفيّ بمريم. 1716، 5 نيسان : انتخابها رئيسة للدير بالإجماع. 1720، 14 آب : بدأت تكتب بإملاء من مريم الكليّة القداسة. 1727، 6 حزيران : اليوم الأول من مرضها الأخير الذي دام ثلاثةً وثلاثين يومًا. 1727، 9 تمّوز : وفاتها في الساعة الثالثة والنصف صباحًا لوها من العمر سبع وستون سنة، خمسون منها في الحياة الرهبانيّة. 1773، 22 أيار : تحوّل البيت الذي ولدت فيه إلى دير للكبّوشيّات. 1804، 17 حزيران : "البابا بيوس السابع" يعلنها طوباويّة. 1839، 26 أيار : "البابا غريغوريوس السادس عشر" يعلنها قدّيسة. 1882، 27-31 ت1 : مؤتمر دراسات دوليّ في روما: "شهادة ورسالة القدّيسة فيرونيكا". 1993، 16 أيار : تطويب نائبتها الأخت فلوريدا شيفولي. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 6507 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الإخوة الشهداء الثلاثة فرنسيس وعبد المعطي ورفائيل مسابكي إستشهد الإخوة الثلاثة فرنسيس وعبد المعطي ورفائيل مسابكي الموارنة مع ثمانية فرنسيسكانيين، لأجل إيمانهِم المسيحي في 10 تموز 1860 في دير الآباء الفرنسيسكانيين في دمشق، وطوَّبَهم قداسة البابا بيوس الحادي عشر، في 10 تشرين الأول 1926.فرنسيس: أبٌ لثمانية أولاد وصاحب ثروة واسعة وشخصية قويّة، نجح في عملِه. أحبَّهُ وقدَّرهُ الجميع، مسيحيون ومسلمون،لإستقامته وسخائه ونقاوة قلبه. تَعلق بصلاةِ الوردية واشترك في ثوب الكرمل إكراماً للعذراء مريم. جاوز السبعين من العمر. من أقواله: الصلاة أهم من كسب المال. عبد المعطي: أبٌ لخمسة أولاد. رجلُ إيمان، إمتاز بالتزامِه المسيحي وتقواه ودماثة الأخلاق.صرف حياته في تدريس الأولاد في مدرسة الفرنسيين. كام يزور القربان المقدس يومياً ويصوم الأصوام المطلوبة.شدَّدَ في تعاليمِه على عبادة الله وتجنب الخطيئة وعيش التضحية. قبل استشهاده بساعاتٍ معدودة، جمعَ تلاميذه وشرح لهم أهمية نِعمة الإستشهاد وقوّى عزمَهم عليه. ناهز عمره السبعين. رفائيل: لم يتزوج واغتنى بالله وبحبه له وللقريب. ثابر على غرار شقيقه على الصلاة والعبادة طوال حياته. أَحبَّ مريم أم الله محبة بنوية. ناهز عمره الخمسين. إستشهادهم لما شعر المسيحيون الموارنة في دمشق أن بعض المتطرفين أرادوا قتلهم، إلتجأ عدد منهم إلى دير الفرنسيسكان وإجتمعوا في الكنيسة يُصلّون. فدخل عليهم قومٌ من اللذين يُلاحقونهم وقتلوا ثمانية رهبان فرنسيسكان. ثم قالوا لفرنسيس الذي كان جاثياً زمام تمثال العذراء مريم: "أرسلنا الوالي لنخلصك أنت وإخوتك وعيالك وكل مَن يَلوذُ بك شرط أن تنكر إيمانك". أجابهم: "يستطيع الوالي أخذ مالي، أما إيماني فلا يقدر أحد أن ينزعه مني". وعاد إلى صلاتِه فقتلوه. ونال شقيقاه النصيب نفسه لأنهما رفضا، هما أيضاً، أن يُنكرا إيمانهم. ولم يصيروا قديسين عند ساعة الاستشهاد المؤلمة فقط بل كانوا متصفين بالقداسة طيلة حياتهم كلها. ![]() فرنسيس وعبد المعطي ورفائيل مسابكي ولطلب تثبيت قداستهم أيُّها الرب يسوع، إبن الله الحيّ، أنت الذي وعدت بتمجيد الذين يُمجدونك، وبالإعتراف بمن يعترف بك، أنظر إلينا بعين رأفتك، واستجب صلاتنا هذه التي نرفعها إليك، بواسطة شهدائك ومختاريك الطوباويين الثلاثة، فرنسيس وعبد المعطي ورفائيل، الذين اعترفوا بك أمام النّاس، ومجّدوك في الأمم، وضحوا بكل شيء حتى بحياتهم لأجلك، واقتبلوا الموت بكلِّ شجاعة حبّاً لك. اقتبل دُعاءنا هذا الذي نرفعه إلى عظمتك، لأجل تثبيت قداستهم عاجلاً إذا شاءت رحمتك الواسعة، وامنحنا النعم اللاّزمة بشفاعتهم، وخاصة (نذكر النعمة المطلوبة...) فيتمجّد بذلك اسمك القدوس. آمين. يُرجى من الذين يَحصلون على نعم بشفاعة الطوباويين المسابكيين أن يبادروا إلى إعلام أسقف أبرشيتهم. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 6508 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() تذكار الشهداء الموارنة المسابكيين فرنسيس وعبد المعطي ورفائيل الذين جادوا بحياتهم لاجل ايمانهم بالمسيح في دمشق سنة 1860 كانوا معروفين بتقواهم ووفرة غناهم وكرم اخلاقهم وحسن معاملتهم وعطفهم على الفقراء والمحتاجين. وهذه خلاصة استشهادهم. ![]() عام 1860، لجأ شهداؤنا، مع عدد كبير من المسيحيين، الى دير الرهبان الفرنسيسكان في دمشق، عندما اضرم النار في حيّ المسيحيين فدخل اللاجئون مع الرهبان الى الكنيسة يصلون واعترفوا وتناولوا. وظل فرنسيس وحده في الكنيسة، جاثياً امام تمثال الام الحزينة، يصلي، رابط الجأش. وبعد نصف الليل دخل الدير عنوة، جمهور من الرعاع (ارهابيين)، مدججين بالسلاح. فذعر اللاجئون ولاذ بعضهم بالفرار واختبأ البعض. وهرع الباقون الى الكنيسة ليحتموا بها. فأخذ اولئك الرعاع يصرخون:" اين فرنسيس مسابكي؟ اننا نطلب فرنسيس". فدنا فرنسيس منهم، غير هياب، قائلاً لهم:" انا فرنسيس مسابكي ماذا تطلبون؟" فأجابوه: جئنا ننقذك وذويك بشرط ان تجحدوا الدين المسيحي والا فانكم تهلكون جميعكم. فأجابهم فرنسيس:" اننا مسيحيون وعلى دين المسيح نموت. اننا نحن معشر المسيحيين لا نخاف الذين يقتلون الجسد، كما قال الرب يسوع". ثم التفت الى أخوَيه وقال لهما:" تشجعا واثبتا في الايمان، لان اكليل الظفر معد في السماء لمن يثبت الى المنتهى". فأعلَنا، فوراً، ايمانهما بالرب يسوع بهذه الكلمات:" اننا مسيحيون ونريد ان نحيا ونموت مسيحيين". فانهال المضطهدون، اذ ذاك عليهم، بالضرب بعصيهم وخناجرهم وفؤوسهم، فأسلموا ارواحهم الطاهرة بيد الله، مؤثرين الموت على الكفر فنالوا اكليل الشهادة. وكان ذلك في اليوم العاشر من تموز من السنة المذكورة آنفاً ومعهم ثمانية رهبان. وقد اعلن السعيد الذكر البابا بيوس الحادي عشر تطويبهم في اليوم العاشر من ت1 سنة 1926 بمسعى الطيب الاثر المطران بشاره الشمالي رئيس اساقفة دمشق الماروني. صلاتهم تكون معنا. آمين ملاحظة : رفاتهم في كاتدرائية مار انطونيوس في دمشق |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 6509 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الطوباويّون المسابكيّون بين حرير الأرض ونعيم السماء حَدِقَ واحد من الإخوة الطوباويين المسابكيين الثلاثة فن تجارة الحرير. فجلبت له ثروة هائلة في عصر دمشقيّ ذهبيّ شهد فيه اليومان التاسع والعاشر من تموز 1860 إنقلاب الإنسان على الإنسان مما حذا بالأمير المغفور له عبد القادر الجزائري أن يقف وقفة انسانية تاريخية في وجه كل من كان بنيته العمل ضد التعاليم السماوية التي تحرّم القتل والتهجير. أعطى هذا الامير أمثولة لا تُمحى من سجل دمشق أول مدينة في التاريخ، عاصمة سوريا، مهد المسيحية. عرفت هذه المدينة ما عرفته من أمجاد تشهد لوقائعها حقبات التاريخ. ومع هؤلاء الإخوة، عرفت وجهاً روحيا مميزاً ونمط عيش جديد دفع بالكنيسة أن ترفعهم على مذابحها. هؤلاء هم الطوباويون المسابكيون بين حرير الارض ونعيم السماء. إنهم شخصٌ واحدٌ بالإيمان والروح والفكر. أكبرهم الطوباوي فرنسيس الذي أتقن فن تجارة الحرير فاكسبه ثروة وشهرة، ربى أولاده الثمانية التربية المسيحية الصادقة، كان أميناً ومخلصاً عملاً بقول ربه: "من كان أميناً على القليل أقيمه على الكثير..." (متى 25: 21)، وسخياً يحب الفقراء. ألم يقل الرّب: "من سقى كأس ماء لإخوتي هؤلاء ......."(متى 10 : 42). عاش حياته تقياً، يخاف الله، ويكرّم العذراء. أما عبد المعطي، التقي الورع الذي قيل عنه أنه في مساء يوم خميس الأسرار كان يجثو على ركبتيه الى صباح الجمعة العظيمة، وقيل أيضاً أنه كان يردد على مسامع تلاميذه في مدرسة دير الرهبان الفرنسيسكان أن على كل مسيحيّ أن يكون مستعداً، مُحضِّراً نفسه للشهادة. ولا شك أنه كان يذكر هذا كله على مسامع أولاده الخمسة يوم كان يرفع الصلاة يومياً معهم بروح التقوى والإيمان. ومما ينبغي الإشارة إليه أن شقيقه فرنسيس فتح له "محلاً صغيراً" ما لبث أن أُقفل لتسامحه مع زبائنه لكثرة ما كان يتساهل معهم في الوزن والسعر حفاظاً منه على سلامة ضميره. أما الأخ الأصغر روفائيل الذي لم يتزوج، لازم الكنيسة وشارك شقيقيه وعائلتهما الصلاة كل مساء. جاهر هؤلاء الإخوة بإيمانهم فكان نصيبهم الشهادة معاً في يوم واحد مؤمنين بقول ربّهم: "لا تخافوا الذين يقتلون الجسد، بل خافوا الذي يُمكنه أن يهلك النفس والجسد في جهنم" (متى 10 : 28). فرشوا طريق حياتهم حريراً أبيض اللون علامة السلام. ترجموه رحمةً بالفقراء، ومحبة للأعداء، وحياة صلاة وإيمان بالرّب يسوع القائم من الموت. أعطوا شهادة صادقة لقلب المسيح والمسيحية، ولكنيسة دمشق المثل الصالح، والذكر الطيب، ولفقرائها المساعدات والهبات، ولأغنيائها وهم أولهم أطيب العلاقات الصادقة التي تُبنى من خلالها المجتمعات الصالحة، الغنية بالروحانية المسيحية، والفكر النيّر، والقلب الصافي. إنهم مع غيرهم من الإخوة الطوباويين في الرهبنة الفرنسيسكانية، شهداء الإيمان بالمسيح. إنهم شخصٌ واحدٌ في إخوة ثلاث يتمتعون معاً بين حرير الأرض ونعيم السماء. كرّمتهم الكنيسة لأنهم لم يُنكروا إيمانهم بالمسيح معتبرين أن خيرات الدنيا التي بين أيديهم لا توازي لحظة من المجد الذي سيتجلى فيهم في يوم الرّب. اعتبروا غناهم كما اعتبره بولس الرسول كاللاشيء، ليربحوا المسيح، وقد ربحوه. آمن هؤلاء الإخوة أن ما يملكونه على الأرض لا يوازي ثمن حرف واحد من الإنجيل الذي آمنوا به. حَملوا ثِقلَ الأيام الأخيرة الصعبة من حياتهم بإيمان وفرح ورجاء، وأسقطوا من أذهانهم هول الشهادة، وتحمّلوا مسؤولية كلمتهم وموقفهم دون أن يُحمّلوا ضميرهم بشيء. وهذا كله ما كان يُسعدهم، لا لأنهم أعطوا للمجد الدنيوي مساحة محدودة، وللمجد الباقي الحدود المفتوحة على الزمن والأبدية، بل لأنهم أحبوا الآخرين والفقراء عن كامل المعرفة والحكمة، وآمنوا أن الرّب المُخلص هو وحده دون سواه يسوع المسيح، فصحّ فيهم قولنا: "إنهم بين حرير الأرض ونعيم السماء". يبقى الإستشهاد من أفعال الكمال الأسمى، لأن المستشهد يمارس كل الفضائل وأهمها الإيمان والصبر والرجاء والمحبة. وقد أثار القديس بولس هذا كله يوم تحدّث عن "رباط الكمال" أي ربط الفضائل في وحدة كاملة. هذا ما نستطيع أن نصف به الطوباويين الإخوة المسابكيين الذين آمنوا بأقوال الرّب، وعملوا بها فاظهروا منذ نعومة أظافرهم شفقة على الفقراء، وكانوا تواقين عطشاً إلى الشهادة، إذ كان كل واحد منهم يحّث أخيه على وجوب تقديم ذاته شهيداً يوم تأتي الساعة. وخلاصة الكلام، كان إيمانهم بالرّب يسوع المسيح السبب المباشر لاستشهادهم، فطوبتهم كنيسة الرّب في روما مع رهبان فرنسيسكان في صلاة خاشعة تحت عنوان "شهداء دمشق" في العاشر من تشرين الاول 1926. وقد ركّز الرّب يسوع على ضرورة الإيمان من أجل الخلاص، مؤكدا أن من يملك إيماناً كحبة الخردل يقول لهذا الجبل إنتقل فينتقل (متى 17 : 20). وهو الذي، قبل قيامه بأية إعجوبة كان يقول: "إيمانك خلصك" (لوقا 17 : 19). وقد وصلتنا كلمته أن من آمن به وإن مات فسيحيا (يو 11 : 25). وها بولس الرسول في حديثه عن الشريعة يقول بما معناه أن أعمالها تأتي لاحقاً، بعد أن يكون الإنسان قد آمن بالمسيح واختبره وعايشه فتكون أعماله أعمالا مسيحية كما هو واقع الإخوة المسابكيين. وهنا، تجدر الإشارة إلى أن الأعمال المسيحية لا يمكن لها أن تكون صادرة إلا عن إيمان راسخ بالمسيح المبرّر والمخلّص. فالعمل بموجب الشريعة ونصوصها يبقى ناقصاً من دون الإيمان بالمسيح الذي كمّلها. فالذين آمنو بالمسيح وعملوا الصالحات يكونون معه في الملكوت. فالإيمان بالمسيح وعيش تعاليمه يتوّجان حياة الإنسان المؤمن بالخلاص، ويجعلانه باراً ويوحِدانه في مجد الله. وها هم الطوباويون الإخوة المسابكيون ينطلقون من حرير الأرض إلى رحاب نعيم السماء بمجد ما بعده مجد. إنهم العائلة المتماسكة في الإيمان والرجاء والمحبة. وقد عملت بموجب كلمة الله إذ يصح فيها قول القديس يعقوب في رسالته الثانية: "... أرني كيف يكون إيمانك من غير الأعمال وأنا أريك كيف يكون إيماني بأعمالي" (يع 2 / 18). فالله الذي برّر إبراهيم بالأعمال حين قدّم إبنه اسحق على المذبح، برّر الإخوة المسابكيين لان إيمانهم رافق أعمالهم فصار إيمانهم كاملاً بالأعمال، وأهمها الشهادة، قمة المحبة وفق قوله: "ما من حب أعظم من هذا وهو أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبائه" (يو 15 :13). وبعد، طوّبَ الإخوة المسابكيين الثلاثة، فخبا حرير الأرض وطُمر في مدافن الأموات الواسعة وتربّعوا طوباويين على مذابح الهياكل المقدّسة وبخورها، ومجّدهم الله في ملكوته، كما مجّد اسطفانس أول شهيد في الكنيسة، وبولس الشاهد بالإيمان على موت المسيح وقيامته، وبطرس وباقي القديسين، خاصة في كنيستنا المارونية التي أعطت قدّيسين أمثال شربل ورفقا ونعمة الله الحرديني ويعقوب الكبوشي والطوباوي الجديد الأخ اسطفان نعمه وغيرهم من اللذين استشهدوا في جبل لبنان خاصة في اليوم الذي فيه استشهد الإخوة الطوباويون المسابكيون. ولا يسعنا أن نذكر ما حلَّ بكنيسة العراق وما قدمته من شهداء. هؤلاء، هم جميعاً هكذا بين حرير الأرض ونعيم السماء. ونحن اليوم في أبرشية دمشق المارونية، المُحبة للمسيح، الشاهدة الأولى لما حدث على أرضها، نضرع خاشعين بعد مرور مئة وخمسين عاماً على وفاتهم طالبين شفاعتهم كي يَمُنَّ الرّب الإله علينا بأمثالهم فنعيش كما عاشوا بين حرير الأرض ونعيم السماء. آمين. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 6510 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() تدشين الصورة والقبر الجديد
للإخوة الشهداء الطوباويّون فرنسيس وعبد المعطي ورفائيل مسابكي ![]() 10 تموز 1860 - 2010 150 سنة على استشهادهم رفعوا طوباويين في 10 تشرين الاول 1926 على عهد البابا بيوس الحادي عشر مع ثمانية رهبان فرنسيسكان عمانوئيل، كارمبلو، انجيلير، نيكانوري، بيترو، نيقولاوس، فرنسيس، جان تم تدشين الصورة الجديدة والقبر الجديد للطوباويين في عهد سيادة المطران سمير نصار رئيس اساقفة أبرشية دمشق الماونية مكان رفاة الطوباويين 10 تموز 2010 اكبرهم سناً - 70 سنة - متزوج - رزق اولاداً - تاجر حرير لم يكن يسافر في تجارته قبل ان يزور الكنسية بيته مفتوح للجميع وخاصة للوافدين الى المدينة يقوم بواجباته العائلية بدقة ان اهل القرى في لبنان يستقبلونه بقرع الجرس ![]() عبد المعطي الثاني بين اخوته - 68 سنة - متزوج - رزق اولاداً استاذاً في مدرسة الاباء الفرنسيسكان الاصغر بين اخوته - 65 سنة - اعزب يرتاح الى العزلة ويساعد اخوته يساعد الرهبان كل يوم متفرغ الى الصلاة وعمل التقشف ![]() "يمكن ان يحبس المال عني اما النفس فلا تعطى لأحد" فرنسيس ![]() هــلــلــويــا السلام معكم يا شهداء كم شابهتم فاديكم طاب الفداء أقوى سلاح عود الصليب برّ، صلاح وسط التعذيب تاجرتم بالوزنات الدمّ في أخدار الحياة والمجد نلتم هــلــلــويـا إكليل الأفراح ![]() هــلــلــويــا عبد المعطي، فرنسيس ورفائيل الإخوة المسابكيّون نعم الإكليل قد أعلنتم إيمان الفادي واستسلمتم للإستشهاد شابهتم بالغفران الفادي المصلوبا حزتم ملء الرضوان المجد والطوبى هــلــلــويــا إكليل الأفراح ![]() "تشجعا واثبتا في الايمان لأن الاكليل معدٌُّ للثابتين" (فرنسيس) ![]() نسجد لك، أيّها المسيح، يا معظّم ذكر أحبائه، ونشكرك يا مكلل عيد أبطاله الأنبياء والرسل والشهداء والمعترفين. أهلنا أن نحيي ذكرى شهدائنا المسابكيين الثلاثة فرنسيس وعبد المعطي ورفائيل الذين جادوا بحياتهم لأجل إيمانهم بك، واجعل لهم ذكراً طيباً أبدياً أمامك، وامنحنا المراحم والغفران بصلواتهم المقدّسة، فنرفع المجد والشكر إليك وإلى أبيك وروحك القدّوس الآن وإلى الأبد. لنرفعن التسبيح والمجد والإكرام إلى الشهيد الذي أفاض دمه فأروى الشهداء القديسين، إلى مقوّي المؤمنين ومكلّل الصابرين الذي يفرح بعيدهم. ألصالح الذي له المجد والإكرام في هذا العيد وكل أيام حياتنا إلى الأبد. آمين ![]() أيها المسيح إلهنا، يا من لأجل حبّك، والاتكال على رحمتك احتمل الشهداء أقسى العذابات وأمرّ الاضطهادات وفازوا بإكليل الظفر فصارت لنا ذخائرهم ينابيع نعم وشفاءات وبركات. لذلك نذكر اليوم أمامك شهداءنا المسابكيين الثلاثة، الذين عرفوا بالتقوى وسمو الخلق وحسن معاملة الفقراء والمحتاجين. ونعيّد ذكرهم بتسابيح الروح وأعمال البرّ. والآن، نسألك ربّ، أن تقويّنا في جهادنا اليوميّ بصلوات محبّيك الشهداء الثلاثة، وتغفر خطايانا وتمنحنا نعمتك بشفاعتك. إرحم شعبك المؤمن بك، واهد إليك الشعوب كافّة. هب لنا أن نسير في وصاياك ونور إنجيلك على خطى شهدائنا القديسين فننال إكليلهم في ديارك الخالدة. ومعهم نرفع المجد والشكر إليك وإلى أبيك وروحك القدّوس إلى الأبد. آمين على صرخة الحقّ فوق الصليب شهيد الفداء رأوك. فصاحوا: لأعناقنا القطع حبّ الدماء يرصع تاجك يا ابن المليك إله السماء! هناك بقلب الكنيسة في ظل مذبح قدس فرنسيس عبد المعطي رفائيل جادوا بنفس بضرب عصيٍّ وطعن خناجر تقطيع فأس بفيض رجاء وغفران حبّ وإيمان بأس نرنّم للآب بالمجد مكبر أجر الجهاد و بالشكر للابن شدّدهم في الليالي الشداد نهلل للروح غلغل فيهم معينا وهاد صلاتهم ربّ عندك كانت لنا خير زاد الطيب اللذيذ والعطر المختار العابق أمامك ربّ من ذخائر الشهداء ليكن ضارعاً إليك من أجل الخطأة والضالين والمرضى والمتضايقين ومن أجل السلام والوئام في بيعتك المقدّسة وفي العالم. يا ربّنا وإلهنا لك المجد إلى الأبد. كالأشجار النديّةشهدائنا الأبطال بالأثمار الشهية طيّبوا قلب الأجيال أثرتم حبّ اللهفوق دنيا الأشباه اسألوا الفادي الحنّان ملء البيعة الرضوان ربّ يا من تقبّلقدماً خدمة الأبرار يا حنون تقبّل واستجبنا كالأبرار ![]() "امنحنا يا رب النعمة لنموت من اجلك ..." (عبد المعطي) هلّلويا وهلّلويا هؤلاء هم الآتون من الضيق الشديد وقد غسلوا حللهم وبيّضوها بدم الحمل هللويــــــــا "اننا نريد ان نموت من اجل المسيح. فالوداع ايتها الحياة ولتكن السماء مقرّ جميعنا" (عبد المعطي) فلتكن صلاتهم معنا |
||||