منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29 - 09 - 2014, 04:24 PM   رقم المشاركة : ( 6431 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

لقطات من الأبدية
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المشهد الأول :
فى خلال الساعات الثلاث على الصليب تكلّم السيد المسيح كلمات كثيرة منها أنه قال للص اليمين "اليوم تكون معى فى الفردوس" (لو23: 43). فى بداية الأمر كان اللص اليمين غاضباً جداً ومتفقاً مع اللص الآخر فى تعيير السيد المسيح. ولكن بمرور الوقت بدأ يتحول من التذمر إلى التوبة.
وكان لابد أن تكتمل هذه الصورة الجميلة التى رسمها السيد المسيح على الجلجثة. اللص اليمين كان خاطئاً تائباً ذهب إلى الفردوس، وأما اللص الشمال فكان خاطئاً لم يتب وذهب إلى الجحيم. كان المشهد كأنه لوحة فنية متكاملة على الجلجثة : فنرى يسوع -ملك البر مخلّص العالم الذى اشترك معنا وحُسِبَ بين البشر وهو الله الكلمة- يقف عن يمينه كل الذين طلبوا الغفران ونالوه،
وعن يساره كل الذين رفضوا التوبة أبدياً. فى يوم استعلان ملكوت الله سنرى نفس مشهد الجلجثة عندما قال إنه "متى جاء إبن الإنسان فى مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسى مجده. ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميّز بعضهم من بعض كما يميّز الراعى الخراف من الجداء . فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار" (مت25: 31-33). هذا المشهد كان مجرد لقطة من الأبدية فنرى منظر المجيء الثانى أثناء إتمام الفداء على الصليب.
يقول القداس الإلهى }فيما نحن نصنع ذكر آلامه المقدسة وقيامته من الأموات وصعوده إلى السماوات وظهوره الثانى المخوف المملوء مجداً..{ من هذه العبارة نعرف أن الكنيسة لا تفصل بين أحداث الخلاص وأحداث المجيء الثانى والأبدية لأن كل هذا هو عمل الله الفادى.

مثلما قيل عن مجيء إيليا النبى قبل مجيء السيد المسيح وهكذا نرى ما دونته الأسفار المقدسة وهى تشرح ارتباط نبوات المجيء الأول بنبوات المجيء الثانى وهكذا كتب القديس متى "سأله تلاميذه قائلين فلماذا يقول الكتبة إن إيليا ينبغى أن يأتى أولاً. فأجاب يسوع وقال لهم إن إيليا يأتى أولاً ويرد كل شئ. ولكنى أقول لكم إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه بل عملوا به كل ما أرادوا" (مت17: 10-12). وفى سفر ملاخى يقول "هأنذا أرسل إليكم إيليا النبى قبل مجيئ يوم الرب اليوم العظيم والمخوف" (مل4: 5). لذلك كلما قابل الكتبة والفريسيون التلاميذ كانوا يقولون لهم إن إيليا لم يأت فليس هذا إذاً هو المسيح. فعندما رأى التلاميذ إيليا على جبل التجلى تذكروا كلام الكتبة والفريسيين وسألوا السيد المسيح لماذا يقول الكتبة والفريسيين "ينبغى لإيليا أن يأتى أولاً" فأجابهم يجب أن تفهموا الكتب.

فالنبوة مزدوجة فحينما قال "يتقدّم أمامه بروح إيليا وقوته ليرد قلوب الآباء إلى الأبناء والعصاة إلى فكر الأبرار لكى يُهيئ للرب شعباً مستعداً" (لو1: 17) كان المقصود بها يوحنا المعمدان، وقد قال السيد المسيح بفمه الطاهر "أن إيليا قد جاء... حينئذ فهم التلاميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان" (مت17: 12، 13)، إذن النبوة عن مجيئه الأول ولكنها سوف تتحقق أيضاً حرفياً فى مجيئه الثانى. وفى سفر ملاخى ربط أيضاً المجيء الأول بالمجيء الثانى إذ قال "فهوذا يأتى اليوم المتقِّد كالتنور وكل المستكبرين وكل فاعلى الشر يكونون قشاً ويحرقهم اليوم الآتى قال رب الجنود فلا يُبقى لهم أصلاً ولا فرعاً" (مل4: 1).
المشهد الثانى :
وهو لوحة أخرى جميلة رسمتها العناية الإلهية أثناء أحداث الصلب : عندما خرج بيلاطس البنطى الحاكم الرومانى ليقف فى المنتصف والسيد المسيح من جهة وباراباس من الجهة الأخرى. وراء هذا المشهد معنى رهيب، فهو ليس وليد الصدفة. فبيلاطس يعتبر مجرد رمز للعدل لإنه يمثّل الحكم فى الإمبراطورية الرومانية وهو يقف فى المنتصف، وملك البر - السيد المسيح آدم الثانى- يقف من ناحية، وباراباس -المجرم والعاتى فى الشر الذى يمثل آدم العتيق- يقف من الناحية الأخرى.

فى قصة الخلاص لابد أن يموت أحدهما، إذ كان لابد من الإختيار بين الإثنين. طلب الشعب أن يطلق باراباس ولكن ما وراء الأحداث فى قصة الخلاص هو أنه كان لابد أن يُحكم على الرب بالموت لكى يفلت الأثيم الفاجر (الذى يمثل الإنسان الخاطىء) من الهلاك الأبدى.
جلسة محاكمة السيد المسيح كانت عجيبة جداً، فهى أعجب محاكمة فى تاريخ البشرية كلها. هل حدث فى التاريخ كله أن القاضى يحكم فى نفس الجلسة على الشخص بالبراءة والإعدام فى نفس الوقت؟

وبعدما حكم بالإعدام "غسل يديه قدام الجمع قائلاً إنى برئ من دم هذا البار" (مت27 :24). لو قُدّر لأحد أن تنكشف عن عينيه ورأى الذين فى الجحيم أو جهنم الأبدية، سيجد بيلاطس مازال يغسل يديه، ويداه ملآنة دماء ولن تُغسل إلى الأبد لأن هذه الجريمة لا يغسلها ماء بل كانت تغسلها التوبة أو التراجع عن الشر. وكأن القاضى نطق الحكم ]حكمت المحكمة ببراءة فلان وإعدامه صلباً[. فالسيد المسيح برئ من جهة بره الشخصى، ويحسب خاطئاً لأن الآب وضع عليه إثم جميعنا حسبما هو مكتوب "جَعَلَ الذى لم يعرف خطية، خطية لأجلنا، لنصير نحن بر الله فيه" (2كو5: 21).
المشهد الثالث :
فى سفر الأعمال عندما يتكلَّم عن حلول الروح القدس فى يوم الخمسين يقول على فم يوئيل النبى : "أسكب روحى على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلاماً ويرى شبابكم رؤى. وعلى العبيد أيضاً وعلى الإماء أسكب روحى فى تلك الأيام . وأُعطى عجائب فى السماء والأرض دماً وناراً وأعمدة دُخان. تتحوَّل الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم قبل أن يجئ يوم الرب العظيم المخوف" (يؤ2: 28-31). وهنا يربط بين أحداث يوم الخمسين وأحداث نهاية العالم. ف
تحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم قبل أن يجيء يوم الرب العظيم والشهير، المقصود بها هنا هو المجيء الثانى. لكن على الصليب اظلمّت الشمس أيضاً... إذن ارتبط مشهد الجلجثة بمشهد نهاية العالم. فلولا مراحم الله لإنتهى العالم يوم صلب المسيح لأنه كيف تتجاسر البشرية بأن تصلب ابن الله الوحيد. لكننا نقول فى المزمور "هذا هو اليوم الذى صنعه الرب فلنبتهج ونفرح فيه" (مز118: 24) وهو يوم الرب العظيم المخوف.
عندما تكلَّم السيد المسيح عن نهاية العالم قال "تظلم الشمس والقمر لا يعطى ضوءه والنجوم تسقط من السماء" (مت24: 29) فموضوع "تتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم قبل أن يجيء يوم الرب العظيم المخوف ويكون كل من يدعو بإسم الرب ينجو" (يؤ2 :31-32) إشارة إلى المجيء الثانى أيضاً.
كل هذا الربط بين الأحداث والنبوات لا يمكن حدوثه إلا بصلب السيد المسيح ثلاث ساعات، لكى تتم كل هذه الأحداث وهو مُعلَّق على الصليب.
 
قديم 29 - 09 - 2014, 04:25 PM   رقم المشاركة : ( 6432 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الصليب شجرة الحياة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

يقول القديس مار إفرام السريانى:} مبارك هو ذلك النجار الذى صنع بصليبه قنطرة لعبور المفديين{. السيد المسيح إختار عدداً كبيراً من تلاميذه من الصيادين، لكن مهنته هولم تكن صيد السمك، بل كانت له وظيفتان (وهذا تعبير مجازى):

وظيفة مارسها قبل الفداء (نجار)، والثانية ظهر بهيئته فيها وكأنه هو العامل فى هذا المجال بعد القيامة (بستانى).
الوظيفة الأولى التى مارسها هى وظيفته كنجار. فهو النجار الذى عمل من الشجرة صليباً لكى يفدى بها البشرية. كانت الشجرة هى سبب سقوط البشرية فكان لابد أن يستخدم نفس الأداة التى سقطت بها البشرية ليُتمم بها الفداء فيكون الصليب هو شجرة الحياة التى لا يموت الآكلين منها من المؤمنين. وكأنه لا يوجد شئ فى الطبيعة يستطيع أن يقف أمام حكمة الله وتدبيره؛

فالحية أيضاً التى كانت السبب فى سقوط البشرية علّقها موسى فى البرية لتكون وسيلة لبعد الناس عن الشر والتخلّص من الخطية. ويقول القديس مار إفرام السريانى:}كما أخفى الشيطان نفسه داخل الحية لكى يُسقط الإنسان هكذا أخفى السيد المسيح لاهوته عن الشيطان بالناسوت{ لأنه حجب مجده بالناسوتية "ركب على كاروب وطار... وجعل الظلمة له حجاباً" (مز18: 10).
عندما عُلِّق السيد المسيح على الصليب كان مثل الشجرة والثمرة معلقة فيها. فإذ نظر إبليس إلى الشجرة ووجد أن الثمرة شهية للأكل وجيدة للنظر، إلتهم تلك الثمرة وإذ إبتلع الموت ما هو ضده إبتُلِعَ الموت من الحياة كما كتب بولس الرسول "لكى يبيد بالموت ذاك الذى له سلطان الموت أى إبليس" (عب2 :14). أراد الرب يسوع أن يذكّر إبليس بما فعله فى الإنسان وأراد أن يسقيه من نفس الكأس الذى ملأه وجرعه لغيره. لذلك يقول بولس الرسول عن نعمة الخلاص "التى أجزلها لنا بكل حكمة وفطنة" (أف1: 8). لم يؤذ أحداً إنما كان يأتى عليه كل الأذى، وهو يحرر البشر من سلطان الموت والخطية.
وهذه هى حكمة الله العجيبة، فالشيطان ليست له حجة لأنه هو المعتدِى فعندما قُبض عليه متلبساً بجريمته كان لابد أن يدان. لذلك كان موت السيد المسيح على الصليب هو أحد مراحل دينونة الشر والخطية. "لأنه ما كان الناموس عاجزاً عنه فى ما كان ضعيفاً بالجسد فالله إذ أرسل إبنه فى شبه جسد الخطية ولأجل الخطية دان الخطية فى الجسد" (رو 8 : 3). فأدين الشيطان على الصليب .
والخلاصة أنه كان لابد للسيد المسيح أن يعمل نجاراً لكى نعرف أنه صانع الفداء على الصليب ولهذا كان لابد أن يموت على خشبة .
الصليب فتح باب الفردوس :
إختار السيد المسيح أن يكون قبره فى بستان، وإختار أن يظهر لمريم المجدلية فى البستان. وحينما رأته مريم المجدلية التى تمثّل البشرية "ظنت تلك أنه البستانى" (يو20: 15). وإذ ظهر لها فى هذه الهيئة أراد بذلك أن يذكّرها بالجنة وحادثة سقوط البشرية ليفهمها أن الصليب فتح الفردوس، لذلك قصد أن يكون لقاؤه معها فى بستان. فى البستان الأول ظهر إبليس لحواء فى صورة الحية ولكن الذى قابل المجدلية هو السيد المسيح المخلِّص آدم الجديد لكى يقول لها "إنى أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهى وإلهكم" (يو20: 17) وليبشرها أنه كما أن الله هو أباه بالطبيعة فسوف يصير لنا أباً بالتبنى. فالذى يكلِّمها ليس هو إبليس الذى كلّم حواء فى الجنة لكنه كلمة الله الآب الذى يبشرها بالحياة الجديدة التى "كانت عند الآب وأظهرت لنا" (1يو1: 2).
 
قديم 29 - 09 - 2014, 04:26 PM   رقم المشاركة : ( 6433 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الصليب محا اللعنة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ورد فى سفر التثنية " المعلّق ملعون من الله" (تث21: 23) لذلك أصّر اليهود على أن يموت السيد المسيح صلباً، لكى يثبتوا عليه اللعنة بحسب الناموس ولا يجرؤ أحد أن يقول إنه بار أو قديس لأن الناموس يقول "إن المعلّق ملعون من الله". مع أن الله وضع هذه الآية فى الناموس لكى يُعلّق الله الكلمة على الصليب ويرفع لعنة الخطية، لذلك أكمل أشعياء النبى المعنى قائلاً "لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مُصاباً مضروباً من الله ومذلولاً. وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل أثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شُفينا" (أش53: 4-5). قد يعتقدون أنه ملعون لكنه حمل لعنة خطايا آخرين وحمل خطايا كثيرين وشفع فى المذنبين حاملاً آثامهم. لذلك لا ينبغى أن تؤخذ آية واحدة بدون النظر إلى ما يُكمل المعنى من آيات أخرى فى الكتاب.
محا السيد المسيح لعنة الخطية بقيامته من بين الأموات كما قال معلمنا بولس الرسول "وتعين إبن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات" (رو1: 4). لذلك يقول أيضاً "الذى أسلِمَ من أجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا" (رو4: 25). وأكد أهمية الصليب كوسيلة لرفع اللعنة عن المفديين فقال أن "المسيح إفتدانا من لعنة الناموس، إذ صار لعنة لأجلنا. لأنه مكتوب: "ملعون كل من علّق على خشبة". لتصير بركة إبراهيم للأمم فى المسيح يسوع، لننال بالإيمان موعد الروح" (غل3: 13، 14).
 
قديم 29 - 09 - 2014, 04:27 PM   رقم المشاركة : ( 6434 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الصليب والعرش الإلهى
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الصليب كعلامة له أربعة أفرع أو أجنحة ويرمز للعرش الإلهى الذى حوله الأربعة الأحياء غير المتجسدين. والعرش السماوى ليس عرشاً مادياً لكنه عرش روحى وهو يتصل بالصليب بالرقم أربعة. فالرقم أربعة واضح فى العرش السماوى وفى الصليب جداً. الصليب يرمز إلى إنتشار الخلاص فى العالم كله. لأن به كان الخلاص من مشارق الأرض إلى مغاربها ومن الشمال إلى الجنوب. كما أن الأربعة الأحياء التى حول العرش ترمز للخلاص. فصورة الإنسان ترمز للتجسد وصورة العجل ترمز للذبيحة أو الصلب وصورة الأسد ترمز للقيامة والقوة لأن المسيح بقيامته من بين الأموات أعلن سلطانه الإلهى على الموت. لأنه هو ملك الملوك ورب الأرباب. وصورة النسر ترمز للصعود لأن النسر يحلِّق فى السماء. فالأحياء الأربعة ترمز لتجسد الكلمة وصلبه وقيامته وصعوده.
ولكى ينتشر الإنجيل فى العالم كله إنتشر من خلال أربع بشاير: متى ولوقا ومرقس ويوحنا. وهذا الترتيب هو ترتيب الأربعة الأحياء الحاملين للعرش الإلهى. فهذا هو الترتيب اللاهوتى للبشاير الأربعة. لم يكن عدد الأناجيل ثلاثة أو خمسة ولكنها كانت أربعة ولم يكن هذا بمحض الصدفة إنما كان نتيجة لإرتباط الأناجيل بفكرة الصليب و بفكرة العرش أيضاً الذى حوله الأحياء الأربعة.
يتكلم إنجيل متى عن السيد المسيح ابن داود أو ابن الإنسان وذُكِرَ لقب إبن الإنسان 33 مرة فى إنجيل متى، لذلك يرمز إليه بالإنسان. أما إنجيل لوقا فيتكلم عن السيد المسيح الخادم وعن عمله فى تقديم نفسه كذبيحة لذلك اهتم جداً بأحداث الختان فى اليوم الثامن والذهاب للهيكل لتقديم الذبيحة (فرخى الحمام) وذهابهم للهيكل أيضاً فى اليوم الأربعين. ففى إنجيل لوقا نجد معانى كثيرة تشير إلى الذبيحة لذلك يرمز إليه بالعجل. وإنجيل مرقس من بدايته يتكلم عن الصوت الصارخ فى البرية ثم عن معجزاته وقوته لذلك يرمز إليه بالأسد.

أما إنجيل يوحنا فيتكلم عن لاهوت السيد المسيح والإلهيات لذلك يرمز إليه بالنسر المحلق فى السماويات. لذلك فإن الأربع بشاير تشير إلى عمل الله فى خلاص البشرية وخبر انتشاره فى العالم كله.
فلكى تتحقق كل الرموز الخاصة بالفداء وكل المعانى الروحية؛ كان لابد للسيد المسيح أن يموت مصلوباً وليس بأى ميتة. حتى أن السيد المسيح تكفن بالطيب قبل موته لكى يكون ميتاً وهو حى، وحياً وهو ميت. وهكذا مات قائماً لكى نرى القيامة فى الصليب ونرى الصليب فى القيامة.
الأحياء الأربعة ومراحل الفداء :
رأى حزقيال النبى مركبة الشاروبيم ورأى كل من الأحياء الأربعة له أربع وجوه. ونحن أيضاً ينبغى أن نرى فى كل حدث من أحداث الخلاص باقى الأحداث. فعندما ننظر للتجسد نرى فيه الفداء :

فقد ولد السيد المسيح فى مزود فى وسط الغنم والبقر والعجول لكى نعرف أنه منذ ميلاده هو ذبيحة وقد جاء ليذبح. كما لا يمكن فصل التجسد عن الصليب أو القيامة. التركيز على الصليب وحده ربما يقود إلى الشك لذلك قال السيد المسيح لتلاميذه "كلكم تشكُّون فىّ فى هذه الليلة" (مر14: 27). فالذى ينظر إلى الصليب بدون القيامة يتشكك. لذلك قال لهم إن إبن الإنسان "يُسلّم إلى الأمم... يجلدونه ويقتلونه وفى اليوم الثالث يقوم" (لو33:18). كان لابد أن يؤكد لهم القيامة لكى كما قال لبطرس "طلبت من أجلك لكى لا يفنى إيمانك" (لو22: 32). لذلك كل واحد من الأحياء الأربعة له أربع وجوه فعندما ننظر بروح الرؤيا النبوية نرى مع حزقيال الثلاثة وجوه الأخرى (الأسد والعجل والنسر) أى أننا عندما نتأمل فى ميلاده نتأمل ضمناً فى صلبه وقيامته وصعوده للسماء.
كانت مريم المجدلية تريد القيامة بدون الصعود فرفض السيد المسيح هذه الرغبة لتتذكر قوله للتلاميذ "خير لكم أن أنطلق. لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى" (يو16: 7).. وكأنه يقول كيف تولدوا ولادة جديدة وتصيروا أولاداً لله وتغتسلوا من خطاياكم؟
كيف تصيروا أعضاءً فى جسدى وتتناولوا من جسدى ودمى؟ وكيف تكونوا هياكل لله؟
هذا عمل الروح القدس فى الكنيسة، والروح القدس لن يأت إلا بعد الصعود. كان لابد أن يصعد السيد المسيح إلى السماء بعد أن تمم الفداء لأن بركات الفداء لن تصل إليهم إلا بالصعود للسماء.
كان لابد أن يذهب إلى المقادس العلوية لكى يخدم كرئيس كهنة، وهناك أمام الله الآب يشفع فينا من أجل غفران خطايانا. ومنذ القديم كان صعود الذبيحة يعنى أنها قُبلت، لذلك كان ينبغى للصعيدة أن تصعد. إذا رفضنا صعوده نكون مثل من يقدّم الصعيدة للآب السماوى وعندما يمد الآب يده ليقبلها يريد أن يستردها ثانية..‍‍‍!!
مريم المجدلية كانت تفكر بهذه الطريقة : فرحتها بالقيامة جعلتها تريد أن تمسك بالسيد المسيح. فقال لها "لا تلمسينى لأنى لم أصعد بعد إلى أبى. ولكن إذهبى إلى إخوتى وقولى لهم إنى أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهى وإلهكم" (يو20 :17) وهذا شرط إستمرار العلاقات بيننا. بالطبع كان قوله لها "لا تلمسينى" بمثابة صفعة على وجهها. ففى أول لقاء عندما ظهر لها فى البستان بعد قيامته من بين الأموات مسكت قدميه وسجدت له لكن قوله لها "لا تلمسينى" هنا معناه أنه لا يريدها أن تمسك به. وعند الرجوع إلى المعنى اليونانى للفظة "لا تلمسينى" نجد أنها تعنى بداية اللمس للإمساك بالشىء وليس مجرد اللمس فقط.
رؤيا حزقيال ورؤيا يوحنا :
رأى حزقيال النبى الأحياء الأربعة بأربعة وجوه وأما يوحنا فقد رآها بوجه واحد. وليس معنى هذا أن رؤيا حزقيال النبى كانت أوضح من رؤيا يوحنا لأن يوحنا رأى أكثر مما رآه حزقيال مع أن المنظر الذى رآه حزقيال كان منظراً رهيباً جداً: البكرات والنار والمركبة النارية الشاروبيمية. لكن عندما رأى يوحنا الرؤيا كان قد تم التجسد والصلب والقيامة والصعود فدخلت هذه الأمور فى مجال الزمن وأصبح التجسد فى وقت والصلب فى وقت ثانٍ والقيامة فى وقت ثالث والصعود فى وقت رابع وأصبحت أحداثاً متتالية كل حدث منها له معالمه البارزة التى تحدده.

فلم تحدث القيامة فى يوم الصلب ولم يحدث الصلب فى يوم الميلاد ولم يحدث الصعود فى يوم القيامة. لذلك كان لابد أن يكون بين الصعود والقيامة أربعين يوماً لأنه إذا حدث الصعود فى يوم القيامة لن نفهم ما معنى القيامة ومعنى الصعود. وكان يمكن أن يحدث مزج بين المعنيين. القيامة حدث مستقل بذاته دون أن ينفصل عن الصعود والصلب والميلاد، أى أنه لم يمتزج ويذوب فى أحداث أخرى، لكن بدون إنفصال، أى أن له ملامحه المحددة القائمة بذاتها. ولهذا رآى يوحنا وجه واحد لكل من الأحياء الأربعة. أما حزقيال النبى فقد رأى أربعة وجوه للواحد منهم: لأن الأحداث لم تكن قد تمت بعد فيراها حزقيال بروح النبوة كأحداث متلازمة يُكمل بها الأربعة معاً عملية الفداء.
رأى حزقيال النبى الأحياء الأربعة من بعيد، لذلك رأى أربعة وجوه، لكل منها، لكن يوحنا عندما نظر عن قرب، رأى وجهاً واحداً فقط. فعندما وصف يوحنا العرش الإلهى أبرز تمايز أحداث التجسد والصلب والقيامة والصعود وهى أحداث عايشها يوحنا الإنجيلى فى مراحلها المتمايزة، لكن حزقيال الذى رأى من بعيد كانت الأحداث تتراكم مع بعضها فى نظره وتلاشت الفوارق الزمنية بينها لأنه يراها بروح النبوة وليس كأحداث حدثت فعلاً. ولتقريب المعنى نورد المثال التالى: إذا نظرنا إلى أى شىء من بعيد نرى له وجوهاً كثيرة، لكن إذا وضعناه أمام أعيننا لن نرى سوى الوجه المقابل لنا فقط
 
قديم 29 - 09 - 2014, 04:30 PM   رقم المشاركة : ( 6435 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بالصليب صار هو الكاهن والذبيحة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

لم يكن السيد المسيح هو مجرد ذبيحة قُدِّمت عن حياة العالم لكنه كان هو الكاهن وهو الذبيحة فى آنٍ واحد. فإذا كان قد تم ذبحه على الأرض مثلاً؛ سيكون فى هذا الوضع ذبيحة وليس كاهناً. ولكن على الصليب هو يرفع يديه ككاهن وهو فى نفس الوقت الذبيح المعلّق.

فالناظر إليه يراه ككاهن يصلى وفى نفس الوقت يراه ذبيحاً ويقول "فصحنا أيضاً المسيح قد ذبح لأجلنا" (1كو 5 : 7). هو يشفع فى البشرية أثناء تقديمه لذاته كذبيحة. لذلك رآه يوحنا الحبيب فى سفر الرؤيا مثل

"خروف قائم كأنه مذبوح" (رؤ5: 6).
الجرح الداخلى أعمق:
كان لابد أن يكون السيد المسيح قائماً؛ فلا يمكنه أن يكون ملقى أثناء ممارسته لعمله كرئيس للكهنة. لذلك فإن عملية الذبح كانت داخلية (بالرغم من وجود جراحات مثل آثار المسامير وإكليل الشوك) لكن الجرح الأساسىكان داخلياً.

وهنا تظهر نقطة عميقة فى محبة الله، وهى تتمثل فى شخص السيد المسيح أنه مذبوح فى داخله كما يقول بولس الرسول "فى أحشاء ربنا يسوع المسيح" (فى1 :8) فالذبح الداخلى أصعب بكثير من الذبح الخارجى وفى هذا يقول الشاعر:
وظُلم ذوى القُربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحُسام المُهندِ
فوقع السيف الحاد أخف من ظلم ذوى القرابة. ويقول الكتاب فى هذا المعنى "ما هذه الجروح فى يديك؟! فيقول هى التى جُرحت بها فى بيت أحبائى" (زك13: 6).
النزيف الداخلى :
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
السياط التى جُلد بها السيد المسيح كانت مصنوعة من سيور البقر وفى أطرافها عظم أو معدن، لذلك فقد مزّقت الشرايين المحيطة بالقفص الصدرى وأحدثت نزيفاً داخلياً.

فلما ضربه الجندى بالحربة كان الدم عندئذ يملأ القفص الصدرى فسال الهيموجلوبين الأحمر بلون الدم ثم البلازما الشفافة ثم السوائل الخاصة بالأوديما (أى الإرتشاح المائى).

هذه التى عبّر عنها ببساطة القديس يوحنا أنه بعدما طعن فى جنبه بالحربة "خرج دم وماء" (يو19: 34).

وقد رأى القديس يوحنا مركبات الدم مفصولة لأن السيد المسيح كان قد أسلم الروح فى الساعة التاسعة وعندما طعنه الجندى قرب الغروب كان قد مضى حوالى ساعتين.
مات ذبيحاً :
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إهتم القديـس يوحنـا أن يـذكر واقعة خروج الـدم والماء
لكى يؤكّد أن السيد المسيح مات ذبيحاً. ويقول و"الذى عاين شَهِد وشهادته حق" (يو19 :35). كانت رقبة السيد المسيح سليمة نسبياً والصدر سليم نسبياً بحسب الظاهر خارجه بينما كان النزيف حاد من الداخل.

فى الخارج كانت تظهر آثار ضربات السياط، بالإضافة إلى الجروح التى كانت فى اليدين والقدمين، وقد أحدثت نزيفاً خارجياً لكنه محدود.

فالمصلوب كان يمكن أن يبقى معلقاً على الصليب ويتعذب وقد لا يموت إلا بعد ثلاثة أيام. ولكن كان يهّم القديس يوحنا الإنجيلى جداً أن يؤكّد أن السيد المسيح هو خروف الفصح الذى ذُبح لأجلنا، لذلك أكَّد نزول الدم والماء من جنبه لكى نعرف أنه ذُبح.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سبب الهبوط فى القلب :
النزيف الداخلى الحاد الذى تعرَّض له السيد المسيح نتج عنه أن كمية الدم الباقية فى الدورة الدموية كانت بسيطة جداً. لذلك إحتاج القلب أن يعمل بسرعة لتعويض الدم المفقود.

ولكى يعمل بسرعة، كان القلب نفسه كعضلة، يحتاج لكمية أكبر من الدم. ولكن الشرايين التاجيّة التى تغذّى القلب لم يكن فى إمكانها أن تقوم بهذا الدور لقلة كمية الدم الواصل إليها نتيجة للنزيف.

وإذا كانت سرعة ضربات القلب فى الإنسان الطبيعى هى سبعين نبضة فى الدقيقة ففى حالات النزيف ترتفع إلى 140 نبضة. وكل هذا يجهد عضلة القلب فتصل إلى مرحلة الهبوط الحاد جداً فى الجزء الأيمن منها ويؤدى ذلك إلى الوفاة.
 
قديم 29 - 09 - 2014, 04:42 PM   رقم المشاركة : ( 6436 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

تكريم و رشم الصليب المقدس
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يعتقد البعض من مخالفي العقيدة الأرثوذكسية أنَّ الصليب هـو علامة مجرَّدة أو إشارة رمزيـة لحادثـة صلب المسيح؛ لذلك لا يجدون باعتقادهم هذا أي داعٍ لاحترام الصليب أو السجود أمامه، بل إنهم يتمادون في تحرُّرهم إلى إنكار لزومية رسمه أو الإشارة به(1).

سرُّ الصليب:
ولكن الصليب ليس مجرد علامة أو إشارة، بل هو أعمق من هذا بكثير، فهو يحمل صفة شخصية مُلازمة للمسيح، كما يُعرِّفه الملاك لمريم المجدلية (بعد قيامة المسيح):


«إني أعلم أنكما تطلبان يسوع المصلوب» (مت 28: 5).
فعملية الصلب لم تكن حادثاً حدث وانتهى، بل هي حادثة استعدت لها كل الأزمنة السابقة لها، وحملتها كل الأجيال اللاحقة، كبابٍ حي مفتوح للخلاص والعبور إلى الملكوت المعدِّ.
+ فمن قبل أن يُبيد المسيح قوة الموت بالصليب، وُجد أتقياء الله الذين لهم دالة وجراءة أمام الله، ما تجاوزت وتخطَّت طاعة العبيد، مثل:
إلحاح إبراهيم على الله أن يصفح عـن أهل سدوم وعمورة (تك 18: 23-33)؛


وملاججة موسى النبي لله بسبب التهديـد الإلهي بـإبـادة الشعب (خر 32: 7-14)؛
وكما رفع موسى النبي الحيَّة النحاسية في البرية على راية حتى كل مَـن نظر إليها (مجرد النظر) وقـد لدغته الحية المُحرقة يبرأ، وصارت هــذه رمزاً لحقيقة الصليب في العهد الجديد (عد 21: 9،8؛ يو 3: 15،14).
وهكذا يقول القديس كليمندس أسقف روما في القرن الأول:
[وقال موسى لله: «والآن إن غفرتَ خطيتهم، وإلاَّ فامْحني من كتاب الأحياء» (خر 32: 33 الترجمة السبعينية). فما أعظم المحبة، ويا لروعة الكمال! خادم يتكلَّم بجرأة أمام الرب، يسأله المغفرة للشعب، وإلاَّ فلْيُمحَ هو أيضاً معهم من كتاب الأحياء](2).
+ ومن هنا صار الصليب يُسمَّى سر الصليب، الذي يُكنى به عن ذبيحة المسيح على الصليب عند الجلجثة، هذه الذبيحة التي قال عنها بطرس الرسول:


«افتُديتم ... بدم كريم، كما من حَمَل بلا عيب ولا دنس، دم المسيح، معروفاً سابقاً قبل تأسيس العالم، ولكن قد أُظهِر في الأزمنة الأخيرة لأجلكم» (1بط 1: 18-20).
فسرُّ الصليب قائمٌ منذ ما قبل التجسُّد، بل وما قبل ناموس موسى، صانعاً المصالحة الإلهية مع شعب الله في القديم كلما أخطأوا؛ لكنه أُظهر في العهد الجديد لمصالحة العالم مع الله في ابنه يسوع المسيح: «... الله كان في المسيح مُصالِحاً العالم لنفسه» (2كو 5: 19).
+ وهكذا لا يزال المصلوب يحمل في يديه ورجليه جروح الصليب حتى هذه الساعة، كما رآه القديس يوحنا الرائي وسط عرش الله: «خروف قائم كأنه مذبوح»!


بل إن «ربوات ربوات وألوف ألوف (يصرخون في السماء) قائلين بصوت عظيم: مستحق هو الخروف المذبوح»
(رؤ 5: 12،11،6).
+ فإذا كانت ذبيحة الصليب تخطَّت الزمن منذ ما قبل تأسيس العالم (1بط 1: 20،19). فالصليب لا يزال قائماً يعمل بقوة الدم المسفوك عليه: «عاملاً الصُّلح بدم صليبه» (كو 1: 20). والقديس بولس وصف مجرد كلمة الصليب بأنها:


«عندنا نحن المُخلَّصين هي قوة الله» (1كو 1: 18).
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عقيدة الصليب مرتبطة بالحياة المسيحية:
إن عقيدة الكنيسة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بكل الحياة الروحية المسيحية، وتُعطيها اتجاهها الصحيح. وأيُّ انحراف عن الحقائق العقائدية يؤدِّي إلى فهم غير صحيح للواجبات الروحية للمؤمن المسيحي.
وقد حدَّد ربنا يسوع المسيح الواجبات السلوكية للإنسان المسيحي في وصيتين اثنتين:
1. وصية محبة الله من كل القلب والنفس والفكر والقدرة.
2. وصية محبة القريب كالنفس.
ولكن مخلِّصنا الصالح علَّمنا أن تنفيذ هاتين الوصيتين تنفيذاً كاملاً، لا يمكن تحقيقه إلاَّ بجحد الذات، أي بذل الذات. وهذا ما يتطلَّبه الجهاد الروحي.
+ ومن أين يحصل المؤمن المسيحي على القوة للجهاد الروحي؟
إنه ينال هذه القوة من خلال شركته مع المسيح، من خلال محبته للمسيح التي تُلهمه أن يتبع المسيح.
ويُسمِّي المسيح هذا الجهاد لتبعية المسيح أنه نير (والنير هو لوح الخشب الثقيل الذي يُركَّب في عُنق ثوريـن يجرَّان محراثاً ثقيلاً)، حيث يقول المسيح:


«احملوا نيري عليكم وتعلَّموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب. فتجدوا راحة لنفوسكم، لأن نيري هيِّن (خفيف الوزن)، وحِمْلي خفيف» (مت 11: 30،29).


وسرُّ خفة الوزن والحِمْل لهذا النير، هو أنَّ المسيح اشترك معنا قبلاً في حمله، وهكذا يقع معظم الثقل على المسيح!
+ لذلك فالطريق الروحي للمسيحي، هو طريق الصليب والجهاد الروحي.


وبكلمات أخرى، إنه طريق الصبر واحتمال الأحزان والاضطهادات من أجل المسيح، وقبول الأخطار والمظالم من أعداء صليب المسيح، ورفض قبول مُتع وشهوات العالم والجسد من أجل المسيح؛


حيث يُجاهد الإنسان ضد الأهواء والشهوات المضادة لحياة الطهارة والنقاوة والقداسة.
+ واختبار السير في هذا الطريق في اتِّباع المسيح، يُسمِّيه رسول المسيح القديس بولس:


«مع المسيح صُلِبتُ» (غل 2: 20)،


و«حاشا لي أن أفتخر إلاَّ بصليب ربنا يسوع المسيح، الذي به قد صُلِبَ العالمُ لي وأنا للعالم» (غل 6: 14).


وقد اكتمل جهاد القديس بولس في آخر حياته بموت الاستشهاد، وذلك باتِّباعه طريق صليب المسيح.
+ وكل المؤمنين مدعوُّون لأن يُجاهدوا كل واحد بقدر طاقته:
«الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات» (غل 5: 24)
والحياة المسيحية لا يمكن أن يكون لها وجود بدون هذه المعركة، أي جَحْد الذات. لذلك يقول الرسول بولس عن الذين لم يسلكوا هذا الطريق، طريق صَلْب الجسد مع الأهواء والشهوات بأنهم:


«أعداء صليب المسيح» (غل 3: 18).

+ وكل تاريخ الكنيسة قائم على هذا الجهاد:
+ فأولاً آلام وتعاذيب الشهداء في القرون الأولى للمسيحية، وحتى عصرنا الحاضر (وآخرهم شهداء ليلة عيد الميلاد هذا العام 2010 في نجع حمادي).
+ أتعاب وآلام أعمدة الكنيسة المدافعين عن الإيمان.
+ ثم جهادات القديسين في جهادهم ضد الجسد، بالنسك والصوم والصلاة، في البراري والقفار؛ ومعهم أيضاً الأتقياء العائشون في العالم، وأولئك وهؤلاء يُسمون ملائكة أرضيون وبشر سمائيون.
+ وحتى اليوم، تتزَّين الكنيسة بالمعترفين (الذين يتعذَّبون من أجل إيمانهم بدون استشهاد)، والشهداء من أجل الإيمان بالمسيح.
+ وكل هؤلاء تسندهم الكنيسة المقدسة بالتعليم والوعظ وعرض الأمثلة المقدسة من الكتاب المقدس وسِيَر القديسين والقديسات، الذين عاشوا في سهر، وفي دموع، وفي أصوام، وفي طلبات وصلوات ليلاً ونهاراً، بحياة التوبة الدائمة.
+ هذا هو الطريق الذي يسلك فيه أتباع المسيح، كأعضاء في جسده الذي هو الكنيسة. وقد اعتبر الإنجيل أن التألُّم من أجل المسيح موهبة:


«وُهِبَ لكم لأجل المسيح، لا أن تؤمنوا به فقط،


بل أيضاً أن تتألموا لأجله» (في 1: 29).
وهذه هي الرؤيا التي رآها في رؤياه للسماء القديس يوحنا اللاهوتي (رؤ 7: 9-17)، رؤيا الذين أتوا من الضيقة العظيمة؛ فالحَمَل المذبوح الواقف أمام عرش الله (كأنه مذبوح) يرعاهم ويقتادهم إلى ينابيع ماء حية، ويمسح الله كل دمعة من عيونهم.
+ والكنيسة في كافة مراحل حياتها عانت من الأحزان والاضطهادات واستشهاد أفخر وأقدس خُدَّامها، وكأنهم هم حصاد الله .
+ بينما في مراحل أخرى من حياتها عانت من الأحزان والمضايقات، وأحياناً الاستشهاد أيضاً من أعداء صليب المسيح؛
وفي أحيان أخرى، من داخل الكنيسة أيضاً، مِمَّن لم يكونوا أعضاء حقيقيين في جسد المسيح، بل كان بعضهم حتى مُعتَبَرين أنهم كانوا خدام صليب المسيح.
+ وهكذا نكون قد حدَّدنا أولاً عقيدة الصليب، الصليب الذي هو الطريق المعدُّ للمسيحي وللكنيسة لبلوغ القيامة وأمجاد السماء.
الصليب هو قوة المؤمن والكنيسة:
إذ حينما نرزح تحت كل ثِقل والخطية المحيطة بنا، يدعونا القديس بولس إلى أن نُثبِّت أنظارنا: «ناظرين إلى رئيس الإيمان ومُكمِّله، يسوع، الذي من أجل السرور الموضوع أمامه، احتمل الصليب مُستهيناً بالخزي، فجلس في يمين عرش الله» (عب 12: 2،1).
ومن مثال المسيح المصلوب، يستمد المؤمن المسيحي والكنيسة كلها، القوة والرجاء؛ إذ كما أنه بعد موت المسيح على الصليب أتت القيامة، وبالصليب انهزم الموت؛ كذلك فإن كنا نتألم نحن مع المسيح، فسوف نتمجَّد أيضاً معه (رو 8: 17). وإن كنا قد متنا معه، فسنحيا أيضاً معه (2تي 2: 11)، وسنفرح في استعلان مجده أيضاً مبتهجين(2بط 4: 13).
وأخيراً، الصليب هو آية وعلامة
وراية المسيحية:
منذ اليوم الذي حمل فيه مخلِّصنا الصالح صليبه الخشبي على كتفه إلى الجلجثة، وصُلِبَ عليه؛ أصبح الصليب هو الآية والعلامة والراية المنظورة للمسيحية والكنيسة وكل مؤمن يؤمن بالمسيح.
وللأسف، ليس كل واحد ينتمي للمسيح له مثل هذا الفهم السابق للإنجيل؛ بل إن هناك طوائف مسيحية تُنكر أن الصليب هو علامة منظورة للمسيحية، معتبرة ? خطأ ? أن الصليب ما زال أداة اللعنة.
ويُحذِّرنا القديس بولس ضد ما أسماه: عثرة الصليب
(غل 5: 11) التي هي اللعنة، لئلا تتعطَّل فاعلية الصليب من حياتنا؛ بل هو يحثُّ المؤمنين ألاَّ يخجلوا من الصليب كأنه علامة عار أو ضعف أو استضعاف:


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
«حاشا لي أن أفتخر


إلاَّ بصليب ربنا يسوع المسيح».



بل إنه يُخاطب اليهود الذين آمنوا وكانوا ينظرون إلى الصليب أنه علامة العار واللعنة قائلاً: «فلنخرج إذاً إليه خارج المحلة، حاملين عاره» (عب 13: 13)،
إذ أنَّ عارالصليب قد أتى بنا إلى القيامة في المجد، وأصبح الصليب هـو علامة الانتصار، وأداة الخلاص، والطريق إلى المجد.
علامة وإشارة الصليب:
+ وهكذا حينما نرسم أمام أعيننا دائماً صورة الصليب، أو نرسم على أنفسنا علامة الصليب؛ فإن المؤمن:
أولاً: يتذكَّر أنه مدعوٌّ لاتِّباع خطوات المسيح، حاملاً باسم المسيح الأحزان والآلام من أجل إيمانه بالمسيح.
وثانياً: هو يتقوَّى بقوة صليب المسيح في جهاده ضد الشر الذي في العالم، والأهواء والشهوات التي في جسده.
وثالثاً: هو يعترف بأنه ينتظر استعلان مجد المسيح في مجيئه الثاني الذي سيسبقه ظهور ?علامة ابن الإنسان? في السماء، بحسب كلمات الرب نفسه في إنجيل متى (24: 30). هذه العلامة سوف تكون بحسب فهم آباء الكنيسة الأبرار استعلاناً واضحاً للصليب في السماء.
+ أما رشم علامة الصليب على أنفسنا، فإنه(3):
- يطرد كل خداعات الشياطين وكل أعمال إبليس؛
- يتقوَّى به العقل والضمير والإيمان؛
- هو دواء الغضب والشهوة النجسة؛
- منذ أيام آبائنا القديسين، أبطلت علامة الصليب مفعول السُّم، وشفت عضة الوحوش السامة.
+ حينما ترفع نظرك وأنت في الكنيسة إلى خشبة الصليب المُعلَّقة فوق الهيكل، اذكر مقدار الحب الذي أحبنا به الله حتى بذل ابنه حبيبه، لكي لا يهلك كل مَن يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية (يو 3: 16).
فأينما وُجِدَ الصليب، وُجِدت المحبة؛ لأنه هو علامة الحب الذي غلب الموت وقهر الهاوية واستهان بالخزي والعار والألم. +
**** المسيح هو المتألم وهو الغالب فينا ****
[فلنُقدِّم الشكر للرب، لأنه إذا كان قد تبنَّى قضيتنا، فذلك لكي يكتسب لنا النصرة.
وحسب الكلمة المكتوبة: إنه هو الذي يغلب فينا، وإذ يتخذ شكل العبد، يظفر بنعمة الحرية لعبيده؛ ولكي يُكمل سرَّ تدبير تعطُّفه، يتخذ حالة العبودية هذه،


ويرتضي بأن يضع نفسه عنا حتى موت الصليب. بهذا التواضع المنظور، حقَّق لنا الرفعة الداخلية وغير المنظورة، إلى السماء...
ذاك الذي لا يُقهر سيدخل المعركة لأجلنا وسيغلب فينا؛ والشيطان رئيس عالم الظلمة سيُطرح خارجاً، لأنه وإن لم يكن قد طُرد بعد من العالم... إلاَّ أنه أمكن طرده من قلب الإنسان...
الحكمة عندنا هي جهالة الإنجيل،


والقوة لدينا هي ضعف الجسد،


والمجد هو في عار الصليب.
بالصليب، العالم هو مائت بالنسبة لي وأنا مائت عن العالم
(غل 6: 14)


حتى أحيا لله؛


ولكن لا أحيا بعد أنا، ولكن المسيح هو الذي يحيا فيَّ


(غل 2: 20،19).
 
قديم 29 - 09 - 2014, 04:43 PM   رقم المشاركة : ( 6437 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

لمحة تاريخية عن احتفالات عيد الصليب
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لماذا تحتفل معلولا بعيد الصليب وتشتهر به ؟...

في عام 325 م تولى الملك قسطنطين عرش المملكة في القسطنطينية بعد سنين مديدة من الاضطهاد الروماني الوثني للمسيحية وكانت أمه الملكة هيلانة قد ربته التربية المسيحية الحقة القائمة على خوف الله تعالى
وقد اتصف حكم هذا الإمبراطور بالعدل والإنصاف والحرية العامة كما هو معلوم تاريخيا لدينا جميعا
وكان أشهر وابرز مراسيمه الملكية هو انه جعل المسيحية دين الدولة وهكذا شرع المسيحيون في بناء الكنائس لممارسة العبادة فيها علنا
وقد قرعت النواقيس دونما حذر وخوف من أعداء المسيحية وصارت المعابد تغص بالمؤمنين الساجدين لله بالروح والحق وحدث أن ألهمت روح التقوى الصادقة القديسة هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين القيام بمهمة تاريخية مقدسة خدمة للعقيدة المسيحية والكنيسة على مر الأجيال فيما بعد وتتلخص هذه المهمة في أن هذه القديسة أرادت أن تنقب عن خشبة الصليب التي رفه عليها السيد المسيح لبذل دمه حبا بالإنسان على مر الأجيال


ففي ذات يوم تحدثت الملكة الأم إلى ابنها الإمبراطور قائلة : يا بني ها انك قد أعطيت الشعب حريته في العبادة وممارسة الصلاة ولكننا لم نعرف أين هو الصليب المقدس الذي رفع عليه المسيح لنرفعه على الكنائس فما كان من الإمبراطور إلا أن أمر حاشيته بتجهيز المال والعتاد والرجال وتسيير قافلة إلى الأراضي المقدسة في فلسطين للبحث عن مكان وجود الصليب وكانت الأم على رأس هذه القافلة التي قصدت الأراضي المقدسة متخذة من قمم الجبال محطات لعا وعينت في كل منها زمرة من العسكر قائلة لهم : إن شاهدتم النار على قمة الجبل الذي أمامكم يعني هذا أن صليب المسيح قد وجد فما عليكم إلا أن تشعلوا انتم النار أيضا لإعلام ذلك إلى من يليكم باتجاه القسطنطينية


وكان للملكة خادمة يهودية من القدس الشريف اصطحبتها معها لتلتقي أبويها هناك ولعل ذلك كان محاولة من الملكة لتستفيد منها في مهمتاه المقدسة ووصلت الملكة وصحبها ومن معها إلى القدس



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
والتقت الخادمة اليهودية بابيها وسألته عما يعرف عن المكان الذي صلب فيه المسيح بناء على ما عرفه من السلف عن هذا الأمر فأجابها أبوها قائلا :انظري يا ابنتي إلى تلك التلة التي تدعى بستان الريحان وفي احد زواياه وضعت الصلبان وبأمر من الجنود الرومان آنذاك طمرت بركام من النفايات لطمس المعالم فنقلت الخادمة كلام أبيها إلى الملكة بالسر فنادت الملكة على السكان المقيمين في ذلك المكان قائلة : من كان منكم بحاجة إلى المال فليأت إلى هنا وبدأت تنثر الدراهم الذهبية على الأرض لتشجيعهم على التنقيب والحفر وبدأ الأهالي يتزاحمون في عمليات الحفر والتنقيب والتقاط الدراهم وكلما توقف الأهالي عن التنقيب تعود الملكة وترمي من جديد بالدراهم مستحثة إياهم على متابعة الحفر والتنقيب وهكذا دواليك حتى ظهرت لهم خشبات الصلبان الثلاث أي صليب المسيح وصليبا اللصين الذين صلبا معه
فحاروا في أمرهم متسائلين : ترى أي صليب هو صليب السيد المسيح ... فتذكرت الملكة أعظم أعجوبة للسيد المسيح وهي إقامة الموتى فطلبت ثلاث أموات كانوا قد دفنوا حديثا ووضعت كل منهم على خشبة من الصلبان الثلاثة فإذا بأحدهم يفتح عينيه ويرفع يده اليمنى للشهادة وللحال صرخ جميع الحاضرين هذا هو صليب المسيح
فأمرت الملكة بإشعال النار على قمة جبل الجلجلة إعلانا لذلك فلما رأى النار المتواجدون على قمة جبل الشيخ سارعوا بدورهم لإشعال النار وتبعهم في ذلك على التوالي جميع الزمر المتواجدة على قمم الجبال وصولا الى مشارف القسطنطينية وعندئذ عرف الإمبراطور قسطنطين بان والدته بلغت ما ارادت ومن ثم احتفل برفع الصليب المقدس في القسطنطينية وبعد نقله الى هناك بتاريخ 14 ايلول من ذلك العام


لاجل هذا ما زالت بلدة معلولا تحتفل بذكرى هذا الحدث العظيم من كل عام وتمتاز عن سائر الاماكن الاخرى التي تحتفل به لاعتقاد اهلها بان قمة جبل معلولا كانت احدى القمم التي اشعلت عليها نار الاعلان عن العثور على خشبة الصليب المقدس



خلص يارب شعبك وبارك ميراثك وامنح عبيدك المؤمنين الغلبة على الاعداء واحفظ بقودة صليبك جميع المختصين بك امين


دير القديسة تقلا في معلولا
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قديم 29 - 09 - 2014, 04:46 PM   رقم المشاركة : ( 6438 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

تأملات في الصليب

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

المتنيح القمص بيشوي كامل

* ربى يسوع... هبني فهما و إدراكا لقوة صليبك، و أشعرني عندما أكون في شدة العالم و ضد مبادئ العالم أنى لست مهزوما بل منتصرا بقوة صليبك ....

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

* ربى يسوع... إن عطشك لا يرويه الماء و لا الخل بل ترويه توبتي و رجوعي لك تحت أقدام الصليب حيث تبقى هناك عطشانـــا......

* أتأمل كيف بصقوا على وجهك و أرى إني أنا الذي أستحق هذه البصقات لأن عيني الشاردة هي المتسببة فى هذه البصقات....

* أيها الرب يسوع أن الصليب كان الوسيلة الوحيدة للقاء اللص معك. ما أسعدها ساعة و ما أمتعه صليب .....

* ربى يسوع.. أعطني روحك المملوء حبا الذي قال لصالبيه: يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون. لأن هذه الصلاة هي التي أوقعت اللص القاتل أسيرا في أحضان محبتك ....

* ربى يسوع.. جبيني المملوء بالأفكار هو الذي يستحق إكليل الشوك، فأربط فكري بأشواكك المقدسة، و أعطني فكر المسيح....

* إلهي.. عرفت جيدا معنى قولك لي أن أحمل صليبي كل يوم كما حملت صليبك أنت.. صليبي هو جهادي ضد الخطية، و صليبك هو خطيتي التي فشلت أنا في مقاومتهــــــــا........

* ربي يسوع أنا لا أطلب صليبا معينا.. و لكن الذي تختاره مشيئتك لي،
و أنا لا أريد أن أعرض عليك خدماتي.. بل أن تستخدمني أنت فيهــــا .....



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

* ربى يسوع.. إني أتأملك مصلوبا و قلبي كالصخر، ما هذا الجفاف الروحي؟ يارب أفض فيّ ينبوع دموع.. يا ربي يسوع اضرب الصخرة فتفيض دموعــــا....

* ربى يسوع ... أعنى أن احمل صليبي بقوة و شجاعة و حب للحق و تمثلا بك و بفرح و سعادة للشهادة لك في عالم مخــادع......

* ربى يسوع أنت الذي تعطى الماء الحي الذي يشرب منه لا يعطش إلى الأبد، ثم بعد ذلك تعطش إلىّ.. سبحانك ربى.!!!!!. يا لمحبتك لي أنا الساقط!!!!!!!!

* ليس هناك قوة في الوجود تربط يسوع إلا خطيتي... لأنه صنع هذا محبة لي. إذا لم تكن هذه الرباطات إلا رباطات خطيتي

* يا أبتاه.. الآن أعطني أن أقرأ في كل حركة طول يومي، ما هي مشيئتك، و أتممها بأسرع ما يكون، و بفرح عظيم. عندئذ سأرى من حيث لا أدري إني في حضن أبي ...

* يا أبتاه.. أعطني أن أكون سريع الاستجابة لإلهامات روحك القدوس فيّ عن طريق الصلاة....

* إن حياتي ستظل بلا معنى و لا طعم و لا فائدة إن لم تعلن مشيئتك فيّ لأتممها

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
* إن أخطر لحظة فى حياتى هى التى أنسى فيها التفكير في المسيح ... انها لحظة الانحلال و الضعف، و التعرض للسقوط فى أبسط خطية

* ما أقواك أيتها التوبة و ما أروعك، انك أروع أيقونة للقيامة

* ربنا يسوع غلب العالم لأنه لم يكن للعالم شئ فيه. إذا كان للعدو جواسيس داخل بلدي كيف أستطيع مواجهته؟

* نحن نحمل قوة لا نهائية أمام عالم مادي مغلوب رغم مظهره القوي، هذا هو إيماننا

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
* يارب.. أنت ترشدنا، و لكننا نتركك و نبحث عن إرشاد العالم و تعزيته، ثم نفشل فنجدك كما كنت. عندئذ نحس بخطئنا نحوك

* أنت يا الهى أب... كلك حبك للبشرية و سكبت روح حبك فىّ ، و هذا هو الطريق الوحيد لمعرفتك و الحياة معك

* الخادم هو إنسان غسل يسوع قدميه القذرتين، و يغسلها كل يوم... من أجل ذلك هو يجول مع يسوع من كل قلبه ليغسل أقذار كل الناس

* ربي.. أعطني أن أبكي على خطية أخي مثلما أبكي على خطيتي لأن كلاهما جرحاك يا حبيبي يسوع ......

* إن النفس الساقطة عندما تقوم تشع منها قوة هائلة من قوة قيامة الرب يسوع

* يا نفسي اهتمي بداخلك لتعجبي يسوع، العريس السماوي لا يهمه نوع الموضة بل يهمه الجمال الداخلي للنفس .

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

* ربى يسوع... هبني فهما و إدراكا لقوة صليبك، و أشعرني عندما أكون في شدة العالم و ضد مبادئ العالم أنى لست مهزوما بل منتصرا بقوة صليبك ....

* ربى يسوع... إن عطشك لا يرويه الماء و لا الخل بل ترويه توبتي و رجوعي لك تحت أقدام الصليب حيث تبقى هناك عطشانـــا......

* أتأمل كيف بصقوا على وجهك و أرى إني أنا الذي أستحق هذه البصقات لأن عيني الشاردة هي المتسببة فى هذه البصقات....

* أيها الرب يسوع أن الصليب كان الوسيلة الوحيدة للقاء اللص معك. ما أسعدها ساعة و ما أمتعه صليب .....

* ربى يسوع.. أعطني روحك المملوء حبا الذي قال لصالبيه: يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون. لأن هذه الصلاة هي التي أوقعت اللص القاتل أسيرا في أحضان محبتك ....

* ربى يسوع.. جبيني المملوء بالأفكار هو الذي يستحق إكليل الشوك، فأربط فكري بأشواكك المقدسة، و أعطني فكر المسيح....

* إلهي.. عرفت جيدا معنى قولك لي أن أحمل صليبي كل يوم كما حملت صليبك أنت.. صليبي هو جهادي ضد الخطية، و صليبك هو خطيتي التي فشلت أنا في مقاومتهــــــــا........

* ربي يسوع أنا لا أطلب صليبا معينا.. و لكن الذي تختاره مشيئتك لي، و أنا لا أريد أن أعرض عليك خدماتي.. بل أن تستخدمني أنت فيهــــا .....

* ربى يسوع.. إني أتأملك مصلوبا و قلبي كالصخر، ما هذا الجفاف الروحي؟ يارب أفض فيّ ينبوع دموع.. يا ربي يسوع اضرب الصخرة فتفيض دموعــــا....

* ربى يسوع ... أعنى أن احمل صليبي بقوة و شجاعة و حب للحق و تمثلا بك و بفرح و سعادة للشهادة لك في عالم مخــادع......


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

* ربى يسوع أنت الذي تعطى الماء الحي الذي يشرب منه لا يعطش إلى الأبد، ثم بعد ذلك تعطش إلىّ.. سبحانك ربى.!!!!!. يا لمحبتك لي أنا الساقط!!!!!!!!

* ليس هناك قوة في الوجود تربط يسوع إلا خطيتي... لأنه صنع هذا محبة لي. إذا لم تكن هذه الرباطات إلا رباطات خطيتي

* يا أبتاه.. الآن أعطني أن أقرأ في كل حركة طول يومي، ما هي مشيئتك، و أتممها بأسرع ما يكون، و بفرح عظيم. عندئذ سأرى من حيث لا أدري إني في حضن أبي ...

* يا أبتاه.. أعطني أن أكون سريع الاستجابة لإلهامات روحك القدوس فيّ عن طريق الصلاة....

* إن حياتي ستظل بلا معنى و لا طعم و لا فائدة إن لم تعلن مشيئتك فيّ لأتممها

* إن أخطر لحظة فى حياتى هى التى أنسى فيها التفكير في المسيح ... انها لحظة الانحلال و الضعف، و التعرض للسقوط فى أبسط خطية

* ما أقواك أيتها التوبة و ما أروعك، انك أروع أيقونة للقيامة

* ربنا يسوع غلب العالم لأنه لم يكن للعالم شئ فيه. إذا كان للعدو جواسيس داخل بلدي كيف أستطيع مواجهته؟

* نحن نحمل قوة لا نهائية أمام عالم مادي مغلوب رغم مظهره القوي، هذا هو إيماننا

* يارب.. أنت ترشدنا، و لكننا نتركك و نبحث عن إرشاد العالم و تعزيته، ثم نفشل فنجدك كما كنت. عندئذ نحس بخطئنا نحوك

* أنت يا الهى أب... كلك حبك للبشرية و سكبت روح حبك فىّ ، و هذا هو الطريق الوحيد لمعرفتك و الحياة معك

* الخادم هو إنسان غسل يسوع قدميه القذرتين، و يغسلها كل يوم... من أجل ذلك هو يجول مع يسوع من كل قلبه ليغسل أقذار كل الناس

* ربي.. أعطني أن أبكي على خطية أخي مثلما أبكي على خطيتي لأن كلاهما جرحاك يا حبيبي يسوع ......

* إن النفس الساقطة عندما تقوم تشع منها قوة هائلة من قوة قيامة الرب يسوع

* يا نفسي اهتمي بداخلك لتعجبي يسوع، العريس السماوي لا يهمه نوع الموضة بل يهمه الجمال الداخلي للنفس

 
قديم 29 - 09 - 2014, 04:48 PM   رقم المشاركة : ( 6439 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ميمر على الصلبوت
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ميمر على صلبوت ربنا يسوع المسيح للأنبا بولس البوشي أسقف مصر في القرن الثالث عشر الميلادي،
نقلاً عن المخطوطة م 18 (ورقة 83 وجه إلى 107 ظهر) - مكتبة دير القديس أنبا مقار ببرية شيهيت.

هذه الأشياء وأمثالها (أي صلاة موسى وهو مبسوط اليدين على هيئة صليب) صنعها موسى وكانت نبوَّة على المسيح الرب، كما قال الرب لليهود: «ذاك كُتب من أجلي».

وشهد لتلاميذه في طريق عمواس لما بدأ يُفسِّر لهم ما في ناموس موسى والأنبياء وجميع الكتب على آلامه وقيامته، لكي نفهم نحن هذا من بعد أولئك،

ونعلم أنه بإرادته قَبِلَ هذه الآلام بأسرها، وكذلك أَذِنَ للأنبياء بالروح أن يتكلَّموا بها. كما شاء وتجسَّد، لأنه حيث هو غير منظور ولا متألم في جوهر لاهوته،

اتحد بجسد ليقبل به الآلام عنا، ولم يتحد به خلواً من النفس العقلية، بل بنفس ناطقة عاقلة، وهذه التي لها قبول الآلام ومذاقة الموت، التي أعلنها قائلاً: «إني أضع نفسي لآخذها، وليس أحدٌ يأخذها من يدي، بل لي سلطان أن أضعها، ولي سلطان أن آخذها» (يو 10: 18).

فيا للعجب، أن الذي يعلو كل فهم، غير المتألم بلاهوته، قَبِلَ الآلام بالجسد لأجلنا. (أما) الجسد فهو له بالاتحاد، فلهذا حُسبت له الآلام.
ملك الملوك وديان كل الأرض اجتمعت عليه رؤساء الشعوب بمؤامرة سوء،

ليتم المكتوب في داود القائل:

«قامت ملوك الأرض ورؤساؤها واجتمعوا جميعاً على الرب وعلى مسيحه»

(مز 2: 2).
المتكلِّم في الناموس والأنبياء والرسل، واهب النطق للبشر، كان صامتاً في الحكم، ليتم المكتوب في إشعياء القائل: «الذي تخشاه كل السلاطين ويسود كل الممالك»، من أجل تواضعه احتقره هيرودس وعبيده،
ليتم المكتوب في إشعياء القائل: «رأيناه لا منظر له ولا بهاء، لأن منظره كان حقيراً وهو متواضع كأبناء البشر، وهو ذو أوجاع وعارف بالآلام،
فرددنا وجهنا عنه ولم نعده شيئاً،

وهو الذي حمل خطايانا وصبر على آثامنا، وحسبناه مجاهداً ومضروباً،

وهو يُقبل إلى القتل من أجل خطايانا،

وصبر على آثامنا، وأدب سلامتنا عليه، وبجراحاته نبرأ» (إش 53: 2-5).
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الملتحف بالنور كالرداء ألبسوه ثوباً أحمر، ليتم المكتوب في إشعياء أيضاً القائل: «مَن هو هذا الجاي من أدوم وثيابه حُمر من بوصار، بهياً هكذا في ثيابه عزيزاً بقوته».

وذلك لما سبق النبي وأبصر بالروح كيفية آلام المسيح صرخ هكذا قائلاً: «مَن هو هذا الجاي من أدوم»، لأن أدوم تُفسر على أنها السماء،

كما يقول داود: «مَن يبلغني إلى القرية العزيزة، ومَن يرشدني إلى أدوم» (مز 60: 9)، هذه التي منها جاء الرب لخلاصنا. قال: «وثيابه حُمر من بوصار» وقد فُسرت بوصار بموضع الحُكْم، هذا الذي منه خرج الرب لابساً ثياباً حمراً أرجوان.
فأجابه الرب للوقت بالروح قائلاً: «أنا المتكلِّم بالبر وبكثرة الخلاص»، أعني أنه البار وحده ولأجل خلاصنا الكثير الأنواع أتى.
فسأله النبي وهو مذهول قائلاً: «فما بال ثيابك حُمر، ولباسك كمثل من عصر بالمعصرة». أجابه الرب أيضاً قائلاً:

«أنا دُستُ ومليت ولم يكن إنسان من الأمم معي، فدستهم بغضبي ووطئتهم برجزي».

وهذا شبيه قول الرب لتلاميذه: «إنكم تتفرقون وتتركونني وحدي، ولست أنا وحدي بل الآب معي».

وقوله: «وطئتهم برجزي» ليدل أنه الحاكم المنتقم. قال: «وأنزلت دماءهم على الأرض» ، أعني بدمائهم نفوسهم التي نزلت إلى أسافل الأرض الذي هو الجحيم.

قال: «لأن يوم المجازاة أتى عليهم»، أعني الدينونة العتيدة.
قال: «وسنة الخلاص قد حضرت» ، أعني كل سنة يعملون مثال الفصح ولم يكن به الخلاص ولا الغاية، بل إنما هو مثال لما هو مزمع لا غير.

فأما هذه السنة خاصة فقد حضر فيها الخلاص بفصح الكمال الخروف الذي بلا عيب المسيح. قال: «فإذ ليس معين لي ولم يكن مَن يسندني، فخلَّصني ذراعي» (إش 63: 1-5)،

أعني أن كلهم لا شيء. فلما رأيت اتفاقهم عليَّ في الشر، خلَّصني حينئذ الذراع القوي، لاهوتي الذي لا يُقهر.
اليوم، يا أحبائي، راعي الرعاة الأعظم كمثل خروف سيق إلى الذبح، كنبوَّة إشعياء النبي. الذي يعلو كل الآلام تألم بالجسد لأجلنا لكي يُخلِّصنا من قِبَله، ويروي كل عطشان، أعطوه الخل على عود الصليب ليشرب، ليتم المكتوب في الزبور:

«أن عند عطشي سقوني خلاً» (مز 69: 21). الذي يُعطي تاجات مجد وكرامة للمجاهدين، كُلِّل بإكليل الشوك، الذي يهب البشر إكليل مجد في ملكوته الأبدية.
الذي جلَّل السماء بالغمام وزيَّن الأرض بالأزهار، اقترعوا على لباسه، ليتم المكتوب في داود القائل: «اقتسموا ثيابي بينهم وعلى لباسي اقترعوا» (مز 22: 18).
الشمس أظلمت لأجل شمس البر، ليتم المكتوب في عاموص النبي القائل:

«في ذلك اليوم، يقول الربُّ، تغيب الشمس نصف النهار وقت الظهيرة، وتظلم الأرض ونور النهار» (عا 8: 9). العناصر تغيرت لأجل رب العناصر وكل الخليقة لأنه على عود الصليب. الأرض تزلزلت وقوات السماء اضطربت. الصخور تشقَّقت، والقبور تفتحت، والأموات نهضت.
فأما رؤساء الكهنة (فقد) مكثوا على ضلالتهم، وأضلوا الشعب معهم، كالمكتوب عنهم في إشعياء النبي القائل:
«يا شعبي الذين يزعمون أنهم يحسنون إليك أضلوك، وطريق رجلك أفسدوها» (إش 3: 12). ليتم عليهم قول الرب:

«إنهم لم يدخلوا ولا تركوا الداخلين أن يدخلوا» (لو 11: 52). ولما عاينوا اضطراب وجه السماء والأرض لم يرهبوا، حتى أن الصخور لانت وقلوبهم لم تلن، ومن شدة حسدهم لم يتأملوا ذلك، بل كانوا محبين في قتله لئلا يعلو ذِكْرُهُ عليهم.
فأما اللص اليمين، وإن كان قاتولاً عاتياً، فإنه تأمل ذلك الذي كان وحقَّقه وفكَّر في نفسه قائلاً: بحق إن هذا هو المسيح الرب، ولأجله صار هذا بأسره.
فلم يتهاون ولا التفت لِمَا هو فيه من ألم الصليب والقتل، ولكنه صرخ بصوتٍ عالٍ قائلاً: «اذكرني يا رب إذا جئتَ في ملكوتك».
يا لهذا الاعتراف الحسن الذي كان لهذا اللص، هذا الذي كان أولاً متعدِّياً للوصية، ولم يَطُف معه حتى يشاهد أيامه، ولم يُعطَ سلطان الشفاء كمثل يهوذا الاسخريوطي المُسلِّم لسيده،
ولم يقرأ كتب الأنبياء كمثل أحبار اليهود؛ بل لما رأى تغيير وجه السماء والأرض فقط وهو مصلوب، صرخ قائلاً: «اذكرني يا رب إذا جئتَ في ملكوتك».
انظروا حُسن يقينه وكيف بدأ أولاً يرد اللوم على نفسه عندما انتهر رفيقه أن يسكت قائلاً: «إنَّا بحق وعدل جوزينا كما فعلنا، فأما هذا لم يصنع شيئاً من الشر». ثم صرخ إليه باعتراف حسن مملوء إيماناً قائلاً:

«اذكرني يا رب إذا جئتَ في ملكوتك».
يخزون الآن أحبار اليهود الذين يقرأون الناموس، وهم مُعلِّمون لقوم آخرين، لأنهم إنما يقرأون المداد ويُقبِّلون الورق فقط، فأما الروح الذي في الكتاب لم يفهموه.
ولأجل شرهم وخبثهم لم يكن فيهم روح الله، لأن روح الأنبياء انخضع للأنبياء كما هو مكتوب (1كو 14: 32). وبحق أنهم يشبهون شجرة التين التي لم يوجد فيها إلا الورق فقط،
شبه ورق الناموس الذي كانوا يقرأونه، ولم يوجد فيهم الثمرة التي هي العمل بالناموس، لأنه يؤول إلى المسيح. ولهذا وجب عليهم اللعنة،
ولم يعودوا يُثمرون إلى الأبد، لأنه قد بطل منهم الكهنوت والنبوَّة والمُلْك مع بقية العمل بالشريعة الأولى، لأن غايتها المسيح، وبدَّدهم في كل الأمم.
فيخزون ويُرذلون إذا سمعوا لصاً لم يقرأ الكتب لمَّا نظر ما قد حدث بغتة أظهر العمل بالشريعة من يقينه الصالح وهتف معلناً قائلاً: «اذكرني يا رب إذا جئتَ في ملكوتك».
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ولأن الربَّ من أجل تحننه لم يَدَعْهم بغير إظهار عجائب في وقت الصلبوت، بل عجائب شتَّى أحدثها بغتة في السماء وعلى الأرض لكي يجذب عقولهم، فلما تمادوا على شرهم صارت الحجة عليهم.
ثم (بدأ) اللص يتأمل ذلك، ويصرخ في وسط الجمهور مُبكِّتاً لهم مُظهِراً عِظَم ربوبيته (ربوبية الرب يسوع)، قائلاً: «اذكرني يا رب إذا جئتَ في ملكوتك».
انظروا الآن إلى قوة هذه الكلمة، سأل تذكاره وليس من إنسان، بل مُقِرٌّ ومعترفٌ أنه ربُّ المجد. وفي أي وقت يذكرك، قال: عند إتيانه في استعلانه الثاني في مجد ملكوته. وبحق أنه لما شاهد هذه العلامات بتمييز صحيح، زاده الربُّ ضياءً حتى حقَّق معرفته جيداً، لأن مَن له يُعطى ويزداد.
ولم ينذر بمجيئه الأول فقط، بل والعتيد أيضاً، الذي سيكون في مجده المرهوب مع قواته المقدسة. ومن حرارة الإيمان لم يُخفِ ذلك بل صرخ: «اذكرني يا رب إذا جئتَ في ملكوتك».
فيا للعجب أن التلاميذ اختفوا، والأعلاَّء (المرضى) الذين أبرأهم الربُّ من سائر الأوجاع المختلفة لم تعترف به في ذلك الوقت، بل لصٌّ صارخٌ في وسط ذلك الجمع المحتفل،

كمثل كاروز مبشر قائلاً:

«اذكرني يا رب إذا جئتَ في ملكوتك».
وأن الربَّ ذا الرحمة والتحنُّن أعطاه أفضل مما سأل وتمنَّى، وأجابه بصوت مملوء عزاءً قائلاً:

«الحق أقول لك: إنك اليوم تكون معي في فردوسي».
فالمسيح اليوم، يا أحبائي، ميَّز ذاته كمثل خروف رُفع ذبيحة مع أجل خطايانا، كما كُتب من أجله، وهو رئيس الكهنة الأعظم رَفَعَ الذبيحة لا غيره،
كما قد سمَّاه الرسول لأجل هذا اليوم خاصة، ورفعه ذاته ذبيحة قائلاً: «إنه قرَّب نفسه مرة واحدة ليُبطل الخطية» (عب 9: 25؛26).

وهو الإله بالحقيقة الذي إليه رفع الذبيحة وقابل الطلبة وغافر الخطية، إذ تسمعه يقول للص: «الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس».
وذلك لأن الثالوث القدوس فعلٌ واحد في اللاهوت، فهو الآن الذبيحة، وهو الكاهن مُقرِّب الذبيحة عن الخطايا، وهو الإله غافر الخطايا، كما قد أخبرنا الرسول بهذه الأشياء قائلاً:

«إن المسيح قرَّب نفسه مرةً واحدةً، وبأقنومه غسل خطايا كثيرين، وسيظهر مرة ثانية للذين يرجونه بلا ذنب ولا خطية لحياة الأبد» (عب 9: 28).

فلهذا لمَّا رفع ذاته ذبيحةً على الصليب، كمثل رئيس كهنة، أظهر مع ذلك فعل اللاهوت، وقَبِلَ طلبة اللص قائلاً: «الحق أقول لك: إنك اليوم تكون معي في الفردوس». فهذه الثلاثة أكملها الرب على عود الصليب.
(فلمَّا) سأله اللص بتواضع أن يذكره في ملكوته، وهب له الدخول إلى الفردوس قبل كل أحد. فيا للعجب أن أنفس كل الأنبياء والصدِّيقين من آدم إلى مجيء المسيح (كانت) معتقلة،
وهم منتظرون هذا اليوم، وقد تحمَّلوا ثقل النهار وحرَّه بطول مكثهم، استحق هذا اللص الدخول إلى الفردوس قبلهم، وذلك لأنه كان مع السيد الملك حاضراً، قال له الرب: الحق أقول لك قولاً بتحقيق، كمثل مَن يقسم بيمين، أنك اليوم الحاضر هذا، لا بعد أزمنة كثيرة، تكون معي أنا خاصة لا غيري في فردوس النعيم.
فعندما أَسلم اللصُ الروحَ، اختطفه قوة اللاهوت الضابط الكل، الحال في كل مكان، الكائن مع كل مَن يصرخ إليه، وأدخله للوقت الفردوس.
فإن كان ملوكُ الأرض الذين هم بشرٌ مثلنا تجد أمرهم نافذاً في جميع تخوم مملكتهم، فبكم أحرى يكون (ملكُ) المملكة التي تسود الكل، وتضبط السموات والأرض وجميع ما فيها ببساطة (أي بغير محدودية) اللاهوتية، أن يفعل ما يشاء وينفذ الأمر بغير مانع، إذ الكلُّ خاضعٌ تحت سلطان ربوبيته.
طوباك أيها اللص الذي صار في ساعة واحدة باراً صدِّيقاً، لأنك بُشِّرتَ من فم الرب بدخولك الفردوس قبل أبيك آدم والذين معه منذ زمان طويل.
فليخزوا الآن الذين يدينون إخوتهم في ظاهر أمرهم لوقتهم الحاضر، لأنهم ما يعلمون آخرة ما يكون لنا ولهم، ولا كيف ملاقاة الرب بعد الوفاة،

وينظرون إلى يهوذا الذي كان معدوداً مع جملة التلاميذ وإلى اللص الذي كان محسوباً مع القاتولين (القتلة)، وكيف في ليلة واحدة ويوم واحد ابتدلا كلاهما:

يهوذا سقط من مجد التلمذة وخنق نفسه ومضى إلى الهلاك المؤبد، واللص دخل قبل كل الصديقين إلى الفردوس وظفر بحياة مؤبدة لا تنقضي.
ولما قَبِلَ ربنا يسوع، يا أحبائي، هذه الآلام بأسرها على عود الصليب من أجلنا، علم أنه قد دنا الوقت الذي فيه يُسلم الروح ويُخلِّص النفوس المحبوسة؛

سلَّم والدته القديسة الطوباوية مريم لتلميذه يوحنا الإنجيلي، لأنه خاصة كان قائماً عند صليبه دون بقية التلاميذ، لكون رئيس الكهنة يعرفه.

فمضى بها (يوحنا) إلى بيته لكي لا تُشاهده (أي الرب) عند إسلام الروح فتقلق، لأن الربَّ إلهٌ متحنِّن في كل شيء.
ثم بعد هذا كله لمَّا علم أن كلَّ شيء قد كمل، ليتم المكتوب قال: «أنا عطشان». عطش ينبوع الحياة ليروينا نحن من امتلائه الذي لا يُحدُّ،

وهو القائل: «مَن كان عطشاناً فليأتِ إليَّ ويشرب».

وقال للسامرية: «مَن يشرب من الماء الذي أنا أُعطيه لا يعطش إلى الأبد، لأن الماء الذي أنا أُعطيه فيه ماء ينبوع الحياة المؤبدة».
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وإنَّ واحداً من القيام أخذ اسفنجةً ملأها وأدناها إلى فيه، فلما شرب الخل قال: «قد تمَّ الكتاب»، أعني الذي تقدَّم ذِكره القائل: «عند عطشي سقوني خلاً».

وإنما قال أنا عطشان لا لأن الخل يروي من العطش، بل ليتم المكتوب، ويظهر أيضاً مكيدة اليهود الأشرار، وأن كلما صنعوا به كان بضد الناموس الذي يزعمون أنهم به متمسكون؛ لأنه جرت العادة بأن يسقوا مَن يريدون قتله الماء، فأما هذا لما طلب الماء سقوه خلاً،

قال الكتاب: «فأمال رأسه وأسلم الروح»، أعني أنه موت اختياري لا مقهور.
فأما متَّى ومرقس فذكروا الصوت الذي ناداه بالعبراني، وهو أول المزمور الحادي والعشرين: «إلهي إلهي لماذا تركتني». قال هذا ليجذب عقول ذوي الفهم إلى بقية المزمور، لأن فيه ذكر داود آلام الرب واجتماعهم عليه، واستهزائهم به، والمسامير واقتسام ثيابه بالقرعة، قائلاً:
«أحاط بي كلابٌ كثيرة، جماعة الأشرار اكتنفتني. ثقبوا يديَّ ورجليَّ واقتسموا ثيابي بينهم، وعلى لباسي اقترعوا. وقالوا إن كان متوكِّلاً على الله فيُنجيه ويُخلِّصه إن كان يحبه».

فلهذا ذكر الربُّ أول هذا المزمور على عود الصليب، ولم يذكره بلغة أخرى سوى العبرانية التي هو بها مكتوب، لكي يفهموا إذا قرأوا.
وقد ذكر متَّى ومرقس الخل أيضاً، وأنَّ الرب صرخ بصوت عظيم وأَسلم الروح، لنعلم أنه بإرادته أسلم الروح بقوةٍ لا بضعف.

وأما لوقا فإنه بيَّن لنا ما هو الصوت، فقال: «وصرخ يسوع بصوتٍ عالٍ قائلاً: يا أبتاه في يديك أضع روحي. ولما قال هذا أسلم الروح».
ومعلوم أن الذي يضعف ويخرس منطقه، فبجهد يسلم الروح، فأما هذا فإنه صرخ بصوت عظيم ليُعلن أنه ابن الله، وهو القائل:

«إني أضع نفسي لآخذها أيضاً، ولي سلطان (أن) أضعها ولي سلطان أن آخذها، وليس أحدٌ يأخذها من يدي».

وقال ها هنا: يا أبتاه في يديك (أضع) روحي، وذلك لأنه (المسيح) يدُ الآب وقوته، كما قال الرسول، وأن الثالوث القدوس فعلٌ واحد.
 
قديم 29 - 09 - 2014, 04:50 PM   رقم المشاركة : ( 6440 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

في طريق الصليب المقدس الملكية
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
1 - إنه لصعبٌ على الكثيرين هذا الكلام: انكر نفسك، واحمل صليبك واتبع يسوع.
ولكنه سيكون أصعب جداً سماع هذه الكلمات الأخيرة:
إليكم عني يا ملاعين إلى النار الأبدية.
فالذين يرتاحون الآن إلى سماع وصية الصليب واتباعها،
لن يخافوا حينئذٍ أن يسمعوا حكم الهلاك الأبدي.
(1) لوقا 9: 23 (2) متى 25: 41
وإن علامة الصليب هذه ستكون في السماء حينما يأتي الرب للدينونة.
حينئذٍ جميع عبيد الصليب، الذين تشبهوا في حياتهم بالمصلوب، يدنون إلى المسيح الديان، بثقةٍ عظيمة.
2- فلم تخاف إذن من حمل الصليب، االذي به يذهب إلى الملكوت؟
في الصليب الخلاص، في الصليب الحياة، في الصليب الحماية من الأعداء
في الصليب فيضان العذوبة العلوية، في الصليب قوة النفس،
في الصليب فرح الروح، في الصليب تمام الفضيلة، في الصليب كمال القداسة.
لا خلاص للنفس، ولا أمل في الحياة الأبدية، إلاَّ في الصليب.
(1) متى 24: 30
فاحمل إذن صليبك واتبع يسوع، تبلغ إلى الحياة الأبدية.
لقد سبقك هو حاملاً صليبه،
ومات لأجلك على الصليب، لكي تحمل أنت أيضاً صليبك، وتتوق إلى الموت على الصليب.
فإنك إن مت معه، فستحيا أيضاً معه،
وإن شاركته في العذاب، فستشاركه في المجد أيضاً.
(1) يوحنا 19: 17 (2) رومانيين 6: 8
3- ها في الصليب قوام كل شيء، وفي الموت أساس كل شيء،
وليس من طريقٍ آخر إلى الحياة والسلام الداخلي الحق سوى طريق الصليب المقدس، والإماتة اليومية.
إذهب حيثما شئت، واطلب كل ما أردت، فإنك لن تجد في العلو طريقاً أسمى
ولا في الانخفاض طريقاً آمن من طريق الصليب المقدس.
دبر ورتب كل شيءٍ وفق إرادتك ورأيك،
ولكنك لن تجد أبداً شيئاً آخر، سوى أنه لا بد لك من التألم في شيءٍ ما، شئت أم أبيت.
وهكذا ستجد الصليب على الدوام.
فإما أن تشعر بالأوجاع في جسدك، وإما أن تعاني ضيق الروح في نفسك.
4- تارةً يجذلك الله، وطوراً يزعجك القريب، وما هو أعظم من كليهما، أنك كثيراً ما تكون، أنت نفسك، ثقلاً على نفسك.
ومع ذلك، فما من دواءٍ ولا تعزيةٍ لتخلصك أو التفريج عنك، بل عليك أن تصبر إلى ما شاء الله.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فإن الله يريد تدريبك على احتمال الضيق بدون تعزية، لتخضع له خضوعاً تاماً، وتعود من الضيق أكثر تواضعاً.
ما من أحدٍ يشعر حتى صميم قلبه، بآلام المسيح، مثل من أُوتي أن يحتمل آلاماً تشبهها.
فالصليب مهيأٌ أبداً، وهو ينتظرك في كل مكان.
لا تستطيع التملص منه أينما هربت، لأنك حيثما ذهبت فأنت تحمل معك نفسك، وتجد دائماً نفسك.
أُنظر إلى ما فوق وانظر إلى ما أسفل، أُنظر إلى ما هو خارج عنك وانظر إلى ما في داخلك، تجد الصليب فيها كلها.
فعليك بالصبر في كل مكان، إن شئت الحصول على السلام الداخلي، واستحقاق الإكليل الخالد.
5- إن حملت الصليب طوعاً، حملك هو، وسار بك إلى الغاية المشتهاة،
حيث انتهاء الألم وإن لم يكن ذلك في هذه الحياة؛
وإن حملته على كراهية، فقد حملت حملاً يزيد في أثقالك، ومع ذلك فلا بد لك من حمله.
وإن اطرحت صليباً، وجدت بلا شك صليباً آخر، وقد يكون أثقل منه.
6 - أتظن، أنت، أنك تتملص مما لم يستطع قط بشرٌ أن يفلت منه؟
من من القديسين خلا، في حياته، من صليبٍ ومضايق؟
فإنه ولا ربنا يسوع المسيح، قد خلا ساعةً واحدة في حياته كلها من معاناة الآلام.
فلقد قال: كان ينبغي للمسيح أن يتألم ويقوم من بين الأموات، ثم يدخل هكذا إلى مجده.
فكيف تطلب أنت طريقاً أُخرى، غير هذه الطريق الملكية طريق الصليب المقدس؟
(1) لوقا 24: 26، 46
7 - حياة المسيح كانت كلها صليباً واستشهاداً،
وأنت تطلب لنفسك الراحة والفرح؟
إنك لفي ضلالٍ لفي ضلال، إن طلبت شيئاً آخر سوى مقاساة المضايق،
لأن هذه الحياة المائتة، مفعمةٌ كلها بالشقاء ومكتفة بالصلبان؟
وبمقدار ما يسمو الإنسان في التقدم الروحي، يجد في الغالب صلباناً أثقل، لأن عذاب منفاه يتزايد بسبب حبه.
8 - غير أن الرجل المبتلى بمثل هذه المحن الكثيرة
لا يكون بغير تعزيةٍ تخففها، لأنه يشعر بتزايد الثمار العظيمة، الناتجة من احتمال الصليب.
فإنه عندما يخضع للصليب طوعاً، ينقلب كل ثقل الشدائد ثقةً بالتعزية الإلهية.
وبمقدار ما يسحق جسده بالبلوى، تزداد روحه قوةً بالنعمة الداخلية.
ولقد يشدده أحياناً حبُّ المضايق والشدائد، لرغبته في التشبه بالمسيح المصلوب، بحيث لا يريد البقاء بلا أوجاع ومضايق
لتيقنه أنه يضحي أكثر قبولاً لدى الله، بمقدار ما تكثر وتشتد المحن التي يستطيع احتمالها لأجله.
على أن ذلك لا يتم بقدرة الإنسان، بل بنعمة المسيح، التي لها من القوة والفعل في الجسد الضعيف، ما يجعله يقبل، بحرارة الروح، على ما كان يتجنب دائماً، فيحبه بعد إذ كان يكرهه من طبعه.
9- ليس من طبع الإنسان حمل الصليب وحب الصليب، وقمع الجسد واستعباده، والهرب من الكرامات، واحتمال الإهانات برضى
واحتقار الذات، وتمني الاحتقار من الآخرين، واحتمال الشدائد والمضار، وعدم ابتغاء شيءٍ من النجاح في هذه الدنيا.
فإن نظرت إلى نفسك، فأنت لا تستطيع بذاتك شيئاً من ذلك، لكنك إن اتكلت على الرب، تعطى القوة من السماء، فيخضع لسلطانك العالم والجسد.
بل إنك لا تخاف حتى عدوك إبليس، إن كنت متسلحاً بالإيمان، ومتسماً بصليب المسيح.
10- فمثل عبدٍ للمسيح صالحٍ أمين، أعدد نفسك لأن تحمل ببسالةٍ صليب ربك، الذي صلب حباً لك.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أعدد نفسك لاحتمال شدائد كثيرة، وضيقاتٍ شتى، في هذه الحياة الشقية، فذلك نصيبك أينما اختبأت.
ذلك ما لا بد منه، ولا دواء للنجاة من المضايق والشرور والأوجاع، إلاَّ اعتصامك بالصبر.
إشرب بشوقٍ كأس الرب، إن اشتهيت أن تكون صديقاً له، وأن يكون لك نصيب معه.
فوض إلى الله أمر التعزيات، وليتصرف فيها بما يكون أكثر مرضاة له.
أما أنت، فأعدد نفسك لاحتمال المضايق، وعدها كأعظم التعزيات، لأن آلام هذا الدهر، لا تتناسب والمجد الآتي1? فتستحقه لك، ولو استطعت أن تحتملها كلها أنت وحدك.
11- فإذا أصبحت، من الكمال، بحيث تضحي المضايق لديك عذبةً مستطابةً لأجل المسيح، حينئذٍ، إحسب نفسك سعيداً، إذ قد وجدت النعيم على الأرض.
ما دمت تستثقل الآلام وتطلب التملص منها، فأنت في شقاء، وأينما ذهبت، تبعتك المضايق التي تهرب منها.
12- إن أعددت نفسك لما لا بد منه أعني التألم والموت فسرعان ما تطيب نفساً وتجد السلام.
فإنك، ولو اختطفت مع بولس إلى السماء الثالثة، لست لذلك في مأمن من كل بلية، فإني سأريه يقول يسوع كم ينبغي له أن يتألم من أجل اسمي.
فما لك إذن سوى التألم، إن شئت أن تحب يسوع وتخدمه على الدوام.
(1) رومانيين 8: 18 (2) 2كورنثيين 12: 2 (3) أعمال 9: 16
13- يا ليتك كنت أهلاً لأن تحتمل بعض الشدَّة، لأجل اسم يسوع! إذن فما أعظم ما كنت تذخر لنفسك من المجد! وما أعظم ما كان ينشأ عن ذلك، من الفرح لجميع قديسي الله، ومن البنيان للقريب!
الجميع يوصون بالصبر، فيما الذين يرضون بالاحتمال قليلون.
إنه ليحق لك بصواب، أن تحتمل، عن نفسٍ طيبة، يسيراً من الآلام لأجل المسيح، فيما الكثيرون يحتملون أعظم من ذلك لأجل العالم.
14- إعلم يقيناً أن حياتك كلها ينبغي أن تكون موتاً، وأنه بمقدار ما يموت الإنسان عن نفسه يبتدئ يحيا لله أكثر فأكثر.
ما من أحدٍ أهلٌ لإدراك السماويات
إن لم يخضع نفسه لاحتمال الشدائد من أجل المسيح.
لا شيء، في هذا العالم، أكثر مرضاة لله، ولا أعظم فائدة لخلاصك، من التألم بطيبة نفس لأجل المسيح.
ولو خيرت، لوجب عليك أن تؤثر احتمال الشدائد حباً للمسيح، على التمتع بوفرة التعزيات، إذ تكون بذلك أكثر مشابهةً للمسيح، وأشدَّ مماثلةً لجميع القديسين.
فإن استحقاقنا وتقدمنا لا يقومان بكثرة العذوبات والتعزيات، بل بالأولى، باحتمال الشدائد والمضايق العظيمة.
15- لو كان ثمة شيءٌ أفضل وأنفع لخلاص البشر، من التألم لكان المسيح، بلا شك، أرشدنا إليه بالقول والمثال.
لكنه يحرض صريحاً على حمل الصليب، التلاميذ الذين تبعوه، وجميع الراغبين في اتباعه قائلاً: من أراد أن يتبعني، فلينكر ذاته، ويحمل صليبه ويتبعني.
فبعد استقصائنا في المطالعة والبحث، لنستنتج، أخيراً،
أنه بمضايق كثيرة، ينبغي لنا أن ندخل ملكوت الله.
(1) متى 16: 24 (2) أعمال 14: 21
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 12:21 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024