منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25 - 09 - 2014, 02:56 PM   رقم المشاركة : ( 6371 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

عذاب المسامير

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عندئذٍ غضب أنطيوخس غضبًا شديدًا وأمر بأن يوضع في رجلَي سركيس حذاء، غُرزت في داخله مسامير من حديد طويلة وحادّة.


وأمر جنودَه، أن يسيروا به بسرعة أمام مَرْكَبته وهو منتعل هذا الحذاء. فساروا بالشهيد مسافة تسعة أميال من بلدة شورا إلى بلدة مجدل ميَّا.


أمّا سركيس فبالرغم من الدم الذي كان يسيل من رجليه كان يرتّل ويقول:

«وكلتُ أمري إلى الله،

فمال إليّ وسمع صلاتي.

واصعدني من جبّ الضلال الفاسد،

ومن قذارة عبادة الأصنام الوثنيّة.

ثبَّتَ رجليّ على صخرة الإيمان،

وهدى خطواتي إلى المعتقد الصحيح»

وعندما دخل إلى بلدة مجدل ميّا قال له أنطيوخس:

«إنّي أعجب منك يا سركيس،

كيف قدرتَ أن تتحمّل هذه الآلام والتجارب الصعبة،

بعد أن كنتَ تنعم بتلك العظمة والملذّات!»

فأجابه سركيس بفرح:

«يا صاحبي أنطيوخس،

إنّ هذه الآلام والعذابات في سبيل المسيح ليست مرّة عليّ،

بل إنّها أحلى وأعذب من شهد العسل»

بعد ذلك طُرح سركيس في السجن. وفي السجن لم ينقطع عن الصلاة وترتيل المزامير. وعند منتصف الليل، ظهر له ملاك الربّ وشجّعه واقترب منه ولمس رجليه وشفاه من جراحاته.


وعند الصباح أمر أنطيوخس بإخراج سركيس من السجن وإحضاره إليه. فلمّا مثل أمامه تعجّب كيف أنه استطاع الوصول إليه ماشيًا على قدميه بدون وجع وقال مندهشًا:

«إنّ هذا الرجل لساحر».

ولمّا رآه متصلّبًا في رأيه ورافضًا عبادة الأصنام أمر أنطيوخس أن يوضع في رجلَي سركيس حذاءُ العذاب الذي انتعله من شورا إلى مجدل ميّا ويُساق بسرعة أمام مركبته من مجدل ميّا حتّى الرصالة مسافة تسعة أميال أيضًا.


وعند الوصول إلى الرصافة قال أنطيوخس لسركيس:

«هل استفقت من جنونك يا شقي،

وتخلّيتَ عن معتقدك الصلب؟

هل تقدّم الآن الذبيحة للآلهة؟

فأجابه سركيس:

«لن أسجد للأبالسة والشياطين،

ولن أقدّم الذبيحة للأصنام،

بل للربّ إلهي أذبح نفسي،

وإليه أتضرّع ليرتضي بي»
 
قديم 25 - 09 - 2014, 02:57 PM   رقم المشاركة : ( 6372 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

استشهاد سركيس بحدّ السيف

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حينئذٍ أصدر الحكم عليه بقطع رأسه.

ولمّا أخذه الجلاّدون ليقطعوا رأسه، كان جمع غفير من الرجال والنساء والفتيان يتبعون الشهيد وكانوا يتأملون في وجهه الجميل الذي كان يتلألأ بالنور كأنّه الشمس وكانوا يتحسّرون ويبكون على قتله. فسركيس كان في الثلاثين من عمره، وكان فتًى جميلاً وفارسًا جبّارًا.


وعندما وصلوا إلى المكان الذي سيُقطع فيه رأسه، طلب سركيس من السيّاف أن يسمح له بقليل من الوقت حتّى يصلّي. حينئذٍ رفع عينيه إلى السماء وبسط يديه إلى العلى ورفع صوته وقال:

«يا رب. لا تحسَب على الذين يقتلونني هذه بخطيئة.

بل اهدهم إلى إيمانك الحقيقيّ،

وافتح بصائرهم،

ليعلموا ويعرفوا أنّهم سالكون في ظلام الضلال.

يا ربّ بين يديك أستودع روحي،

ولأجل اسمك أُذبح قدّامك»

وعندما قال هذا رسم إشارة الصليب على جبهته وصدره وجثا على الأرض وحنى عنقه قدّام السيف وقبل حكم الموت، فرحًا، حبًّا بالمسيح. وكان ذلك في السابع من تشرين الأوّل سنة 312 للمسيح
 
قديم 25 - 09 - 2014, 02:58 PM   رقم المشاركة : ( 6373 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

استشهاد مار سركيس في شعر مار يعقوب

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هذ الموت الشجاع الذي ماته مار سركيس في الرصافة على الفرات سنة 312، خلّد ذكره، بعد مئتي سنة، مار يعقوب السروجي الذي عاش في تلك الناحية بالذات وجسّد في شعره إيمان بني قومه، فصوّر في قصيدة من عيون الشعر استشهاد مار سركيس، في أهمّ مراحله. فجاءت قصيدته شهادة حيّة في إثبات حقيقة هذا الاستشهاد، وبيّنت بالبديع من المعاني، حبّ مار سركيس العظيم للمسيح، وأثبتت حقيقة عذابه بالمسامير وحقيقة موته بحدّ السيف ورسمت بعض الخطوط الكبرى لطريق عذابه خارجًا عن وطنه، وعظّمت أخيرًا القوّة الإلهيّة التي حلّت في عظامه.

وإليكم بعض الأبيات من هذه القصيدة معرَّبة عن السريانية. قال ما يعقوب السروجي، في حبّ مار سركيس مخاطبًا المسيح:

«حبّك سانده ودفعه إلى السيف»

وإذ هو فَرِح مدّ عنقه للسيف لأجلك»

ويحلّل مار يعقوب الحبّ الإلهيّ في النفس ويصوّر ما يحدّثه في قلب الإنسان من قوّة وفرح فيقول:

«عندما يدخل الحبّ إلى النفس وتصطبغ النفس به»

«يهون لديها السيف وألف موت وموت»

«فهي تُسَرُّ بالأوجاع ولا ترهب الأهوال»

«تغطس بالدم وتعتبر القتل وليمة»

ويعود السروجي فيكلّمك عن هذا الحبّ الشديد في نفس سركيس نفسه ويدعوك إلى التأمّل في مفاعيل هذا الحبّ فيقول:

«تعال وانظر هذا الشهيد الذي امتلأت نفسه حبًّا»،

«فقد أصبحت كلّ الآلام هيّنة لديه لأجل حبيبه».

«بحبّه الداخليّ داس المسامير الحادّة»،

«وبينما جسمه يتمزّق بالحجارة لم يكن يتذمّر».

«تمزّق جسده بالحجارة ولم يتحسّر على جسده الممزّق»،

«لأنّ الإنسان لأجل حبيبه يتحمّل كلّ الآلام».

«أشواك الحديد لم تؤذه وهو يسير»،

«ليذهب إلى حبيبه إلى وطن الحياة ويحيا معه»

والفرح ميزة خاصّة في استشهاد مار سركيس. عند هذا الفرح في العذاب يتوقّف السروجي وينشد:

«القيود والسلاسل والاضطهادات حملها وهو فارح»،

«لأنّ نير يسوع خفيف لديه وهو لأجله يتألّم»

والدافع إلى كلّ ذلك مثال المسيح. وفي هذا يقول السروجي مخاطبًا يسوع:

«بينما كان يتألّم نظر إلى جراحاتك فنسي آلامه»،

وتذكّر عارك وهو يُهان فقبل الهوان بفرح»

ومثال المسيح مسمّرًا على الصليب هو الذي دفع مار سركيس ليدوس المسامير. وفي هذا يقول السروجي مخاطبًا يسوع:

«لأجل المسايمر التي رآها في يديك داس المسامير»،

«واحتمل الأوجاع بلا تذمّر لأجل آلامك»

وتلك الحربة التي طعنت جنب المسيح هي التي حملت مار سركيس ليموت بحدّ السيف. وفي هذا أيضًا يقول السروجي مخاطبًا يسوع:

«نظر في سَنان الحربة التي تسلّطت عليك»،

ولم يخَفْ من حدّ السيف ليموت نظيرك»

وفي موت مار سركيس خارجًا عن وطنه قال مار يعقوب السروجي:

«وقعت عليه القرعة ليحاكَم خارجًا عن وطنه»،

«فشابه المسيح الذي خرج ليتألّم خارجًا عن المدينة»

«خرج من وطنه ولم يحزن لدى خروجه»،

«لأنّ الربّ هو الوطن والأبرار يسيرون فيه»

وتلك الطريق التي قطعها مار سركيس في آلامه رسم السروجي بعض خطوطها في كلامه فقال:

«في الطريق التي سلكها لاقى المسامير والسيف والموت».

ومع هذا لم يتراجع لأنّه كان ممتلئًا حبًّا فاحتمل كلّ شيء».

«مشى على المضايق وهو سائر نحو الله»،

«فلم يعتبرها مضايق في سبيل الله»

«نظر إلى الصليب فامتلأت نفسه نورًا من الصليب»،

«وبهذا النور كان يسير بشجاعة إلى وطن النور»

وعظام مار سركيس التي حفظها المؤمنون كذخيرة مقدّسة في الرصافة وبنوا لإكرامها كنيسة عظيمة لا تزال آثارها باقية إلى اليوم. هذه العظام المقدّسة فجّرت العجائب في تلك المنطقة، وبقيت إلى زمان طويل حارسة تلك البلاد من الأضرار. وفي هذا يشهد السروجي ويقول:

«ذخيرة عظامه مثل فرقة من الأبطال»،

«تحرس البلاد من الأضرار بقوّة الله»

وقد حلّت قوّة الله في تلك العظام وصنعت من ترابها العظائم. وفي هذا يقول مار يعقوب:

«في تراب عظام الأبرار يحلّ الله»

«وقوّته تلتصق بتراب عبيده وتستريح هناك».

«على ترابهم تخيّم ألوهيّته بقداسة»

«وفوّته تتفجّر من عظامهم ببسالة»
 
قديم 25 - 09 - 2014, 02:59 PM   رقم المشاركة : ( 6374 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

زياح القدّيسَين سركيس وباخوس

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الطلبــــة

مار سركيس وباخوس



اشفعا بنا على الدوام

يا أيّها الشيهدان

يا بيرقان خافقان

يا جنديَّا الحقّ

يا درعان واقيان

يا هلالان منيران

يا وردتان قد فاح

يا زارعان في القلوب

يا حاويان الكمال

يا طائران يرفرفان

يا ينبوعا خير

يا كارزان بالكتاب

يا لُجَّتان حَوَتا

يا مانحان الروح

يا نابذان أمجاد

يا سراجان مضيئان

يا عمادان للدين

يا فارسان جابَها

يا صابران في الضيق

يا قائدان رفضا

يا رجاءَ المؤمنين

يا شريكَي المسيح

يا تائقان لعوننا


يحقّ لكما الاحترام

في سما الحبّ التام

حزتما أعلى مقام

من الشيطان والسقام

في دياجير الظلام

عَرفُهما كالخزام

الرجا والإقدام

والحبّ والاحتشام

حول العرش في الغمام

منهما يفيضُ الهيام

لم ترهبا الحكّام

كنوز الحبّ الهام

حبًّا بربِّ الأنام

ملوك الأرضِ العظام

في ليل الأوهام

وموئِلان للأيتام

الأعذبة الجسام

لنيل إكليل السلام

السجودَ للأصنام

في الدنيا وفي الحمام

بالصبر والآلام

عند القيام والمنام

(لحن: قُنومْ فَولوسْ)

<H1 class=rtecenter>أيّها الشجاع العظيم المقدام
أيّها الشهيد العجيب بين الأنام



مار سركيس الوقور ذو الاحترام
مار باخوس الجدير بالإكرام


جئناكما خاشعين
كُونا حصنا حصين



شفاعتكما طالبين
يقينًا فخاخ اللعين


واحفظانا من شرّ الآثام


لنشكركما على ممرّ الأيّام

</H1> (لحن: مريم سرورك)

فُقتما شرفًا
سركيس وباخوس



كلِّ الأفاضل
للتقى والبرِّ



أيّها الشهيدان
أفضل عنوان




*



تركتما الألقاب
وكلّ الكرامات



ومجدَ العالم
أبدلتموها



وأهلَ التيجان
بحبِّ الرحمان




*



يا من نلتما
اشفعا فينا



إكليل غارٍ
كي نكون يومًا



بعدَ الامتحان
حيث أنتما الآن




*



يا مَن حَظيتما
واقتبلتما العار



بالحظّ الفريد
والعذابَ المرير



بين الأقران
لأجل الإيمان


(لحن: قوم فولوس)

عليكما السلام يا أيها المجاهدان
يا داحضَي مزاعمَ الطغيان



والحصنان المنيعان للإنسان
مار سركيس وباخوس العظيمان


جئناكما بخشوعْ
طالبين عطفَ يسوعْ



وتذلّلٍ وخضوعْ
للمراحم ينبوعْ


ليمنحنا النعمة والغفران


ويحرسنا ويحمي جبل لبنان

صلاة إلى مار سركيس وباخوس

أيّها القدّيسان الشهيدان، مار سركيس وباخوس، يا من عرفتما الديانة المسيحيّة، بنعمة من الله، فآمنتما بالمسيح. وكنتما وأنتما القائدان في الجيش الروماني، تصلّيان إلى المسيح، بينما رفاقكما يعبدون الأصنام. ولمّا وُشي بكما بأنكما مسيحيّان، وطُلب منكما أن تُنكرا المسيح وتقدّما السجود والذبيحة للأصنام، رفضّتما وأعلنتما أنكما للمسيح وحده تسجدان، فمتّما من أجله شهيدَين.

أيّها القدّيسان الشهيدان، كما عشتما رفيقين متحابّين ومتّما معًا شهيدَين. نسألكما أن تشفعا لنا إلى الربّ فيُنعم علينا بأن نعيش في هذه الحياة محافظين على الأخوّة والصداقة، بإخلاص وطهارة، ثابتين على الأمانة حتّى الموت.


كونا لنا مثالاً في الطاعة والشجاعة، وعلّمانا أن نتوق إلى السماء نظيركما. وكما أحببتما المسيح وشهدتما له بجرأة أمام الملوك والحكّام، وبذلتما حياتكما حبًّا به، هكذا التمسا لنا أن نحبّ المسيح ونشهد له بكلامنا وأعمالنا أمام الجميع.

وإذا أعطي لنا أن نموت شهداء في سبيل المسيح، فاعضدانا في تلك الساعة لنستحقّ الشهادة.


كانت ذخائركما، على تعاقب الأجيال، منبتًا للمعجزات، في الشرق، فجدّدا المعجزات، في هذا الجيل، لنشعر بقوّة الشهداء ونعمة المسيح. جدّدا أيّها الشهيدان الخالدان، شعبنا المسيحيّ، في هذا الشرق، وازرعا في قلبه بذور الإيمان.

وكما كان دمكما المسفوك على الفرات عربون عهد جديد وسلام جديد للكنيسة كلّها، كذلك فليكن دمّكما، للكنيسة اليوم، بذارًا جديدًا، لشعب جديد، بإيمان جديد، وسلام جديد. آمين.
 
قديم 25 - 09 - 2014, 03:02 PM   رقم المشاركة : ( 6375 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس حننيا الرسول
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هو احد المبشرين الاثنين والسبعين واسقف دمشق. وهو الذي عمَّد، بأمر الله، شاول المضطهد، كما جاء في اعمال الرسل:" وكان بدمشق تلميذٌ اسمه حننيا، فقال له الرب في الرؤيا: قم فانطلق الى الزقاق الذي يسمى القويم والتمس في بيت يهوذا رجلاً من طرطوس، اسمه شاول، فهوذا يُصلِّي. فاجاب حننيا:" يا رب، اني قد سمعتُ من كثيرين عن هذا الرجل، كم من الشر صنع بقديسيك في اورشليم وله ههنا ايضاً سلطان، من قبل رؤساء الكهنة، أن يوثق كلَّ من يدعو باسمك". فقال له الرب:" انطلق، فان هذا لي إناءٌ مختار ليحمل اسمي أمام الامم والملوك وبني اسرائيل".
فمضى حننيا ودخل البيت ووضع يديه عليه قائلاً:" يا شاول أخي، ان الرب يسوع الذي ترآءى لك في الطريق، وانت آتٍ فيها، ارسلني لكي تُبصر وتمتلىء من الروح القدس". وللوقت وقع من عينيه شيء كأنه قشر، فعاد بصره فقام واعتمد ( اعمال 9: 10 -19).
وقد رافق حننيا بولس، مدة اقامته في دمشق. وكان دليلاً له في دخوله وخروجه مع التلاميذ. وتسامى هذا القديس بالفضائل، ولا سيما الوداعة والغيرة على التبشير بالمسيح في دمشق التي اقيم عليها اسقفاً، وفي غيرها من المدن.
 
قديم 26 - 09 - 2014, 02:22 PM   رقم المشاركة : ( 6376 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

حياة القديسة تريزا الطفل يسوع

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ولدت القديسة تيريزيا الطفل يسوع، في بلدة إلنسون سنة 1873، من أسرة مسيحية هي التاسعة بين أبنائها، وحين بلغت الخامسة عشرة من عمرها، انتسبت إلى دير سيدة الكرمل في ليزيو.

حيث كانت قد سبقتها إليه ثلاثة من أخواتها . توفيت في 30 أيلول سنة 1897 ، شغوفة بحب يسوع، مبتلاة بداء السل الرئوي .

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

في مستهل حياتها، كانت تعتبر بحماس بأن سبيل القداسة يستوجب "قهر الذات"، إلا أنها حين بلغت الثانية والعشرين من عمرها، بدَّلت من تفكيرها وأيقنت بأن القداسة ترتكز على إتقان ممارسة الأعمال اليومية الوضيعة التي يوجبها علينا واقع حياتنا الراهنة.

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

عاشت بطولة "طريق البساطة الروحية"، فارتقت في غضون سنوات قليلة إلى قمم مدهشة من الإيمان والرجاء.


وفي غياهب الظلمات التي اجتازتها، عرفت كيف تظل أمينة ليسوع، بالرغم من المحن الروحية والأدبية والصحية، وثابرت عل الامتثال لتوجيهات أخواتها الراهبات، فيما يتعلَّق بالمتطلبات الرسولية للكنيسة.



هذا هو "طريق البساطة" إلى القداسة المرتجاة، أعادتها إلى الأذهان تيريزيا الطفل يسوع فَتَكنَّتْ بحق "تيريزيا الصغيرة".



لقد كان شعارها الدائم قول الربّ يسوع:

"إن لمتعودوا كالأطفال لن تدخلوا ملكوت السماوات" (متى18/3 ).


فعاشت الطفولة الروحية وشهدت لها، لذلك كانت تقول:


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

"سوف أبقى أبداً طفلةً ابنة سنتين أمامه تعالى كي يضاعف اهتمامه بي ..

فالطفل يرتضي بصغره وضعفه ويقبل أن يكون بحاجة إلى المعونة ..


سأتوكَّل على الله أبي في كلِّ شيء وأطلب إليه كلَّ شيء وأرجو منه كلَّ شيء . سأترك له الماضي مع ما فيه من المتاعب والمآثم ليغفرها..


وسأقبل الحاضر والمستقبل منه مسبقاً كما تشاء يده الحنون أن تنسجها لي..


إنَّ كلَّ شيء يؤول في النهاية إلى خلاصي وسعادتي ومجده تعالى.. الله يعلم كلَّ شيء، وهو قادرٌ على كلِّ شيء..


ويُحبني..


سوف أبقى أبداً طفلةً أمامه وأحاول دوماً أن أرتفع إليه بالرغم من ضعفي ووهني.. الطفل الصغير يستطيع المرور بكلِّ مكان لصغره..


كم أتوق إلى السماء، حيث نحبُّ يسوع دون تحفظ أو حدود.. في قلب يسوع سأكون دوماً سعيدة..

الشيء الوحيد الذي أرغب في أن تطلبه نفسي هو نعمة حبِّ يسوع وأن أجعل، قدر إمكاني، كلَّ إنسان يحبه..


إن أصغر لحظة حب خالص، لأكثر فائدة لها، من جميع ما عداها من نشاطات مجتمعة"


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

إن ما يميِّز دعوة تيريزيا إلى القداسة هو رغبتها السريعة في تحقيقها، رغم إدراكها لحقيقة الضعف المتأصلة في الإنسان، تقول:


"لابدَّ لي من أن أقبل واقعي كما هو، بكلِّ ما فيه من نواقص.


إني أريد أن أذهب إلى السماء، سالكةً طريقاً مستقيمة وقصيرة المدى، طريقاً صغيرة وجديدة. فنحن في عصر الاختراعات، ولم يَعُد ضرورياً أن نتسلَّق الدَرَج درجة درجة..


هناك المِصعَد!.. أنا أريد أن أجد مصعداً يرفعني إلى يسوع،


فأنا أصغر من أن أتسلَّق سلّم الكمال، وهي سلّم شاقة".

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ولكن، ما هو المِصعَد في نظر صغيرتنا القديسة؟!.. الطبيعة؟.. أم الكتب المقدَّسة؟.. أم كلاهما معاً؟..



لقد وجدت تيريزيا في تأملها الكتب المقدسة "ما كانت تسعى إليه".


فكانت تعتبر أن كلمة الله هي دائماً واقعية، بشكل أن تكون موّجهة إلينا مباشرة، وشخصيّاً، ولقد كانت باستمرار "موضوع أشواقها". ولَكَم كانت الطبيعة أيضاً مصدر إطلالة حبِّ الله عليها، حتى أكثرت من الاستعارات والتشابيه المستمّدة من الطبيعة كالورود والطيور والشمس والعاصفة والمطر والضباب.



لم تتردَّد تيريزيا مطلقاً أن تظهر في سيرتها نقائصها التي كان يسوع ساهراً على تجاوزها،


لذلك "لا تجد صعوبةً في النهوض عندما تكبو"، على حدِّ قولها. فحين يكتشف الإنسان ضعفه، تقول تيريزيا: "يتحمَّل نقائص الغير، ولا تصدمه مواطن الضعف فيه". فلا يكفي أن نقول أننا نحبُّ الآخرين، "بل علينا أن نقيم الدليل على هذا الحب".


لم تتأخر تيريزيا في إظهار عفويتها، ومواقفها المرحة، كأن تذكر مثلاً أن أمها كانت تنعتها بالـ"عفريته"..


وأنها حين كانت تمازح أباها تتمنى له أن يموت لكي يذهب إلى السماء.


وعندما تهددها الوالدة بأنها ستذهب إلى جهنم حين لا تكون "عاقلة"، تردُّ عليها أنها سوف تتعلّق بها لتذهب معها إلى السماء، "إذ كيف يمكن للرب، تقول تيريزيا لها، أن يُبعدني؟ ألا تضميني إلى ذراعيكِ بشدة". كأنها كانت على قناعة أن الله "لن يستطيع حيالها شيئاً" طالما هي بين ذراعي الأم!


التي هي بدورها، تصف صغيرتها، أنها، رغم صراحتها وشفافيتها و"قلبها الذهبي"، "طائشة"، "عنادها لا يقهر.. عندما تقول "لا"، لا يمكن لأي شيءٍ أن يُزعزعها". وتحتار الأم حول مستقبلها وتتساءل عنها "ماذا ستكون"؟.. ليتكِ علمتِ أيتها الأم الفاضلة التي قدَّمَتْ للكرمل أربع زهرات من بناتها، أن الصغيرة منهن ستكون قديسة!!



سنة 1886 ، بلغت تيريزيا الرابعة عشرة من عمرها وعلمت، من الصحف، الحكم بالإعدام على المجرم برانزيني، الذي كان يرفض رفضاً باتاً أن يلتقي الكاهن، قبل تنفيذ الحكم عليه،

فدأبت تيريزيا، بكلِّ ضراعة على الصلاة ليلَ نهار، لتلتمس خلاص نفس هذا المجرم.


وفي أول أيلول عَلِمتْ من صحيفة "لاكروا" La Croix بأن هذا المجرم، قبل أن يُنفَّذ حكم الإعدام به ، أخذ الصليب من يد الكاهن وقبَّله، وتبيَّنَتْ بذلك إشارةً من الله الذي لا يُخيِّب ملتمس من يعتمد عليه تعالى،


كما ترسَّختْ في نفسها الدعوة إلى تكريس الذات للتفرغ والصلاة، التي أحست بها ليلة عيد الميلاد سنة 1886.



لقد فهَّم جيداً البابا بيوس الحاديعشر أهمية طريق تيريزيا الطفل يسوع المبسطة إلى القداسة، فأعلنها منذ عام 1925 قديسة، ثم جعلها شفيعة للمرسلين في العالم.


وفي اليوبيل المئوي لوفاتها سنة 1997 وضعها قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في مصف معلمي المسكونة بإعلانها "معلمةالكنيسة الجامعة" رافعاً إياها إلى مرتبة أعاظم القديسين، هي التي كانت تعتز بصغرها وضِعة شأنها.



هذه القديسة الصغيرة، الكبيرة، التي تزين أيقونتها المقدّسة عدداً وافراً من كنائسنا، تستقطب في أيامنا جماعات المؤمنين، يلتمسون شفاعتها في الحالات اليائسة المستعصية،


الشفاء من الأمراض الخطيرة التي استعصت على الطب، عودة الخطأة المدمنين إلى التوبة، تهدئة أذهان أناس معرضين للشك واليأس،


حماية المسيحيين المضطهدين الذين تحيط بهم الأخطار، راحة لأنفس الذين رقدوا محرومين من إسعافات الكنيسة. فالنعم التي ننالها بشفاعتها كثيرة لا عدَّ لها ومثبتة.


فلنبادر إليها نحن أيضاً بطلباتنا وهي تعرف كيف تشفع لنا لدى الرب الذي أخلصت له في كلِّ شيء وفي كلَّ لحظة من حياتها.



المراحل الكبيرة في تطويب القديسة تيريزيا



1898


30أيلول
نشر أول نسخة من "قصة نفس" (2000نسخة
( Histoire d'une Ame


1899-1900

أول حجاج إلى قبر الأخت تريز: أولى العجائب.

1908

26 أيار
عند قبرها، تشفى رين فوكيه، وهي فتاة عمياء من ليزيو عمرها 4 سنوات
.


1910

بداية دعوى تطويبها بإدارة المطران لومونييه، أسقف بايو Bayeux.

1915

بداية الدعوى الثانية المسماة الدعوى الرسولية، حيث أنها تتم بطلب من الكرسي الرسولي.

1921

يصدر البابا بونوا Benoît الخامس عشر مرسوماً عن بطولة فضائل خادمة الله.


1923


29نيسان
تطويب الأخت تريز للطفل يسوع من قبل البابا بيوس الحادي عشر Pie XI ونقل خائر من مقبرة ليزيو إلى الكرمل
.


1925

17 أيار
إعلان القداسة بحفل علني من قبل البابا بيوس الحادي عشر )بحضور 5000

حاج
(.



1927


14 كانون الأول
يعلن بيوس الحادي عشر تريز كشفيعة للرسالات، بالمساواة مع القديس فرانسوا كزافييه
François-Xavier.



1929


30 أيلول
وضع حجر الأساس لكنيسة ليزيو
.


1937

11 تموز
تدشين ومباركة الكنيسة من قبل الكردينال باشيلي Pacelli، ممثلاً البابا بيوس الحادي عشر
.


24

تموز
تأسيس الدعوة الفرنسية Mission de France والتي مقرها في ليزيو.



1944


3 أيار
يعلن البابا بيوس الثاني عشر تريز شفيعة ثانوية لفرنسا، بالمساواة مع جان دارك
.


1947

الذكرى الخمسون لوفاة تريز. يتم نقل ذخائرها إلى معظم أديرة فرنسا.

1954

11 تموز
تكريس كنيسة ليزيو
.


1956

ظهور النسخة المصورة للمخطوطات الذاتية (النسخ الأصلية لقصة نفس(.

1973

الاحتفال بالذكرى المئوية لولادتها.

1980

2 حزيران



يأتي البابا يوحنا بولس الثاني للحج في ليزيو.

1988

ظهور نسخة المئوية (الأعمال الكاملة لتريز بنشرة نقدية(.

1992

ظهور النسخة الجديدة للمئوية المهداة إلى البابا يوحنا بولس الثاني في 18 شباط 1993.

1997

الذكرى المئوية لوفاة القديسة تريزيا.

19

تشرين الأول



يعلن البابا يوحنا بولس الثاني القديسة تريز كدكتورة للكنيسةDocteur de.l'Eglise



 
قديم 26 - 09 - 2014, 02:24 PM   رقم المشاركة : ( 6377 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديسة تريز من ليزيو
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
1873 - 1897
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

يوم عيدها : 1 تشرين الأول/ أكتوبر ، شفيعة الإرساليات.
تعرف أيضا باسم : تريز الطفل يسوع ، الوردة الصغيرة ، وردة يسوع الصغيرة.
القديسة تريز هي واحدة من أكثر القديسين المحبوبين في الكنيسة ، والابنة الأغلى لأمنا القديسة، إنّ حبها وتعبدها للسيد المسيح هو قصة تلمس قلوب الملايين.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ولدت القديسة تريز- واسمها ماري فرانسواز تريزمارتان- في ألونسون - النورماندي - في 2 كانون الثاني /يناير 1873 وهي الابنة المدلّلة لكلّ من لويس مارتان، ساعاتي وصانع مجوهرات، وزيلي غيران وهي تعمل في التطريز. كان الأب يرغب في أن يصبح راهبا وكانت الأم تريد أن تكون قديسة.
تزوج الاثنان لكنَهما قررا أن يعيشا عازبين (كأخ وأخت) حتى أخبرهما قسيس بأنّ الله لا يريد أن يكون الزواج بهذه الطريقة ، ولابدّ أنّهما اتبعا نصيحته جيدا لأنّهما رزقا بتسعة أطفال تخطت خمس بنات منهم مرحلة الطفولة المبكرة التي توفي أربعة أطفال خلالها.
عندما قررت زيلي إنجاب الأطفال أرادت أن يسلكوا جميعا درب الحياة الرهبانية وقد أصبحت بناتها الخمسة راهبات.
مع ولادة تريز، أصيبت زيلي بسرطان الثدي ، وقد نصحها الطبيب بأن حليب ثدييها سيصيب الطفلة بالتسمم ، لذلك تم ّ تسليم تريز إلى مرضعة في الريف. وأعيدت إلى منزل عائلة مارتان وعمرها خمسة عشر شهرا.
وعندما بلغت تريز الرابعة والنصف من عمرها، توفيت زيلي تاركة إياها في رعاية والدها وأخواتها الأكبر سنّا : ماري ، بولين ، ليوني ، و سيلين.
و أصبحت بولين الأم البديلة لتريز و لكّن جرح فقدانها لأمها زيلي أثّر على كامل فترة طفولتها فأصبحت شديدة الحساسية والتأثر، فكانت تبكي لأصغر الأشياء ثم تبكي من جديد لكونها بكت.
بعد وفاة زيلي ، انتقل لويس مارتان مع أسرته إلى ليزيو ليكون قرب عائلة زوجته المتوفاة .
وعندما بلغت تريز الثامنة من عمرها التحقت بمدرسة دير راهبات البنديكتان ( راهبات القديس مبارك) كطالبة أثناء النهار ولكنّها لم تسعد أبدا في تلك المدرسة بل كانت شديدة الحزن
وقد وصفت تلك السنوات لاحقا بأنّها " الأكثر حزنا في حياتها ". وخلال هذه السنوات أيضا فقدت تريز أمها البديلة عندما دخلت بولين دير الكرمل في ليزيو عام 1882 وكانت هذه صدمة نفسية كبيرة لتريز جعلتها مريضة جسديا لمدة من الزمن.
أخيرا في عام 1886 تركت تريز المدرسة و بدأت تأخذ دروسا خاصة.
كذلك في عام 1886 غادرت أختان لتريز المنزل إلى الدير، ليوني إلى دير الزيارة ، وماري إلى كرمل ليزيو حيث كانت أختها بولين قد قبلت كراهبة فيه.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
في سن الرابعة عشرة قررت تريز أنها تريد دخول دير كرمل ليزيوحيث كانت أختاها قد سبقتاها إلى الدير ذاته وقد وافقت الراهبات الكرمليات في الدير على قبولها.
لكنّ العقبة الأولى أمام دعوة تريز أصبحت واضحة ، فقد قرر الرئيس الكنسي المسؤول عن الدير أنّه من الأفضل لتريز أن تنتظر حتى تبلغ 21 سنة لتدخل الدير.
لكنّ تريز كانت مصممة على دخول الدير ، وبعد التشاور مع الأسقف المحلي دون الوصول إلى نتيجة قررت عرض المسألة على الأب الأقدس ، لذلك ذهبت مع والدها وأختها سيلين إلى روما في رحلة ستغيّر حياتها لاحقا.
أثناء مقابلة مع البابا، والتي ?طلب من تريز ألاّ تتكلم خلالها ، توجهت تريز إلى البابا وطلبت منه أن يسمح لها بدخول الكرمل.
أجابها البابا ليو الثالث عشر،" سوف تدخلين إذا أراد الله ذلك." وبعد ذلك بفترة وجيزة ، دخلت تريز الكرمل بعد أن ذللت كل العقبات ، وعاشت فيه حياة التواضع ، البساطة ، والثقة الطفولية بالله ،
و قد شاركت هذه " الطريقة الصغيرة للطفولة الروحية" مع المبتدئات في ديرها.
في 9 حزيران/ يونيو 1895 وهو عيد الثالوث الأقدس ، قدمت ذاتها ذبيحة محرقة لحب الله الرحيم ، في ذلك الوقت وهي في الثالثة والعشرين من عمرها وبطلب من رئيستها ، بدأت تريز بكتابة سيرتها الذاتية " تاريخ نفس " ويعدّ هذا الكتاب الفريد برهانا على عمق روحانيتها ،
حيث تصف فيه صلواتها الخاصة التي تخبرنا من خلالها الكثير عن ذاتها :
" الصلاة بالنسبة لي هي ارتفاع القلب ، نظرة نحو السماء ، صرخة عرفان وحب تنطلق بالتساوي في الحزن و في الفرح، هي بكلمة، شيء نبيل و خارق يوسّع نفسي و يوحّدها مع الله ... باستثناء الفرض الإلهي - وهو فرح يوميٌ لي بالرغم من عدم استحقاقي- أنا لا أملك الشجاعة للبحث في الكتب عن صلوات جميلة ... أنا أتصرّف كطفل لم يتعلّم القراءة ، أنا فقط أخبر الله كلّ ما أريد و هو يفهم."
في الليلة الفاصلة بين الخميس المقدس و الجمعة العظيمة عام 1896 ، اختبرت تريز السعال المدمّى الناجم عن مرض السلّ الرئوي لأول مرة ، و خلال الأشهر الثماني عشر اللاحقة أخذت حالتها الصحية تتدهور باستمرار.
وفي الشهور التي سبقت وفاتها صلّت لتنال نعمة " أن أقضي أبديتي في عمل الخير على الأرض" ووعدت أنّها سترسل من السماء غيثا من الزهور.
مقدمة آلامها لأجل خلاص النفوس، توفيت تريز في 30 أيلول/ سبتمبر 1897 وهي في الرابعة والعشرين من عمرها ، وقد كانت قبيل وفاتها تنظر إلى المصلوب و تصلّي قائلة: " آه ، أحبه! إلهي أحبك!"
نشرت سيرتها ( قصة نفس ) بعد سنتين من وفاتها ، وفي وقت إعلان قداستها عام 1925 كان قد تم ّ بيع أكثر من مليون نسخة باللغة الفرنسية و توجد في وقتنا الحاضر ترجمات بكل اللغات العالمية الكبرى.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تمّ إخراج جسد تريز في المقبرة في السادس من أيلول/ سبتمبر 1910 بحضور الأسقف وحوالي مئة شخص آخرين، ووضعت رفاتها في كفن خاص و نقلت إلى قبر آخر.
ثم فتح القبر مرة أخرى في التاسع أو العاشر من شهر آب / أغسطس سنة 1917 ، وفي السادس والعشرين من آذار/ مارس 1923 تمّ نقل الكفن بصورة احتفالية من المقبرة إلى كنيسة دير الكرمل.
تمّ تطويب تريز من قبل البابا بيوس الحادي عشر في 29 نيسان / أبريل 1923 ، ثمّ أعلنها هو أيضا قديسة في 17 أيار/ مايو 1925 في روما بحضور 500,000 حاج.
قام البابا ذاته بإعلانها شفيعة للإرساليات في العالم إلى جانب القديس فرنسيس كسافير في 14 كانون الأول/ ديسمبر عام 1927.
وفي 17 تشرين الأول/أكتوبرعام 1997 ، أعلنها البابا يوحنا بولس الثاني معلّمة في الكنيسة.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إنّ معظم التماثيل واللوحات والصور التي تمثل القديسة تريز تصورها مع باقة من الزهور أو مع زهور عند قدميها أو مع زهرة في يدها ،
وهذه دلالة على اهتمامها و حبها لجماعتها ولكلّ البشر في العالم أجمع ولكن بالأخص لكونها شعرت بأنّها ستستمر في حبنا و السير معنا والوصول إلينا بعد وفاتها وهي التي قالت:
" سأرسل من السماء زهورا." وقالت أيضا: " أنوي أن أقضي كلّ حياتي في السماء مستمرة في عمل الخير على الأرض."
صلاة الصباح كتبتها القديسة تريز:
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يا إلهي! إنّي أقّدم لك كلّ أفعالي في هذا اليوم من أجل نيّات ومجد قلب يسوع الأقدس، أرغب أن أقدّس كل نبضة من نبضات قلبي ، كلّ فكرة لديّ ، وأبسط اعمالي ،

بتوحيدها مع استحقاقاته اللامتناهية ، وأرغب أن أعوّض عن خطاياي بإلقائها في أتون حبه الرحيم.

يا إلهي! أسألك لأجلي و لأجل أعزائي نعمة تتميم إرادتك المقدسة بشكل كامل ، وقبول أفراح وأحزان هذه الحياة الفانية حبا بك ، حتى نتحد معا في السماء يوما ما إلى الأبد.
آمين.
 
قديم 26 - 09 - 2014, 02:25 PM   رقم المشاركة : ( 6378 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الحب الذي دعيت اليه القديسة تريز الطفل يسوع

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

تريز مارتان
عمرها خمسة عشر عاماً تقريباً. شابة صغيرة تضجّ حياة، وذكية بشكل خاص أيضاً،
تحب كل ما هو جميل، وتحب كل ما فيه حياة.
منفتحة على الصداقة، وتشعر بنفسها مندفعة إلى أن تكون أمينة على مثال اختارته بحريّة.
تحمل على التفكير في برعم زهرة على سطح الماء، يأسر بنضارته وبالوعد الذي يحمله.
أكثر من ذلك، مالياً، تستطيع تريز أن تسمح لنفسها بأشياء كثيرة.
عائلتها غنيّة، الأعمال ازدهرت! إنّها تسكن منزلاً جميلاً، ويمكنها أن تسافر، وهي لم تمر من غير أن تلفت النظر حين دخولها عالم مدينتها الصغيرة: ليزيو!
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
" كنّا نتمتع بالحياة الأعذب التي يمكن لشابات أن يحلمن بها؛ كل شيء حولنا، كان يلبّي أذواقنا، وكانت أكبر حريّة قد أعطيت لنا، وأخيرا كنت أقول إن حياتنا على الأرض كانت مثال السعادة".
الفجر
تتمتع تريز بطبع متساهل، لكن طبعها لم يكن هكذا دائم. كانت والدتها قد ماتت بداء السرطان،
في حين لم تكد تريز تبلغ أربع سنوات وثمانية أشهر. إذا في وقت دقيق جداً بالنسبة إلى نموّ الولد النفسي.
كانت هناك علاقة عاطفية سعيدة بين تريز ووالدتها. وحين وضع الموت حداً فجائياً لها،
فقدت الطفلة هذا الحنوّ الحار الذي كانت لا تزال في حاجة ماسّة إليه. ولم يستطع أحد أن يعالج
ذلك حقا. أصبحت خجولة ومفرطة الحساسيّة وسريعة التأثر. وفقط في عش "البويسونه"
المحميّ كانت تشعر بالأمان.
كانت تريز كبتت بشدة وهي لا تزال طفلة. ومن دون وعي، بدأت تنتزع الشفقة بفيض من الدموع. لكم بكت...
وتكتب بقسوة،
" كنت حقاً لا أطاق بحساسيتي الشديدة التي تفوق كل حدّ".
" وعندما كنت أبدأ بتعزية نفسي عن الأمر بحد ذاته، كنت أبكي لأنني بكيت".
كانت تريز منطوية على نفسها بشكل ميؤوس منه. وكانت تتألم من ذلك كثيراً. تتألم لأنّها
تتمتع بهذا القدر من الإمكانات الغنيّة بحد ذاتها، ولا تملك الوسيلة الكافية لاستغلالها...
وثابرت تريز على بذل جهود، وإن كانت غير مجدية أحياناً: لتمحو هذه العيوب من طبعها،
وبفضل ذلك اكتسبت خفية إرادة متينة: وفيما بعد، لن تكون تريز أبداً ميالة إلى أن تعدل عاجلاً عماّ كانت ستباشره.
يوم الميلاد، سنة 1886، يتغير كلّ شيء. العائلة تعود من قداس منتصف الليل. أبوها، اللطيف للغاية دائما، تعب. في لحظة مزاجية، أبدى ملاحظة أن تريز لا تزال تشعر بفرح طفولي شديد حين تضع حذاءها في المدفأة." لحسن الحظ، إنها السنة الأخيرة... " يقول، وهو متوتر الأعصاب.
لم يكن هذا قد حصل لتريز أبداً حتى الآن، في علاقاتها مع والدها.
كان دائماً رقيقاً وملاطفاً: مرآة لامعة كانت تستطيع بأمانة أن تجد نفسها ثانية فيها.
وفجأة ترى تريز وجهها مشوهاً: " لم يعد أبي يعكس الصبر، بل المقاومة الشرسة".
فورا تفهم تريز، بمشقة أكبر وبوضوح أكثر من السابق، أنه آن الآوان لترك " أقمطة الطفولة". لقد سبق وحاولت ذلك. لكنها نجحت هذه المرّة! كما الأمر دائما. كانت الدموع قد صعدت إلى عينيها عندئذ، لكنها، وللمرة الأولى في حياتها، تتجاوز وضعاً صعباً وتكبح دموعها. تختبر كيف أنها " كبرت في لحظة واحدة"، كيف أصبحت فجأة "قوية وشجاعة".
تنسب تريز هذه الأعجوبة النفسية الصغيرة إلى طفل المغارة، إلى يسوع هذا الذي استقبلته للتو عند المناولة.
"يسوع بذّل ليل نفسي إلى سيول من نور... ومنذ تلك الليلة المباركة، لم انهزم في أيّ معركة، بل على العكس سرت من انتصارات إلى انتصارات".
اجتاحت قوة الله نفسيتها. وتبلورت الآن جميع الجهود، بحالة من القوة.
وتسميّ تريز حدث ميلاد 1886 "نعمة إهتدائها الكامل".
انتهى هذا الإنشغال بنفسها، المرضي تقريباً: انتهت" الحلقة الضيقة حيث منت أدور ولا أعرف كيف أخرج منها"! وبسرعة تستدرك تريز تأخرها. الآن تبدأ "المرحلة الثالثة من حياتي، الأجمل من مراحل الكرمل".
وبقسوة تقريبا، ينفتح باب الحياة أمام الشابة الصغيرة، ابنة الرابعة عشرة، وتكتشف عالماً ينتظر استكشافه. ومتحررة من حساسيتها المفرطة، تتولّه بما هو خارجي: دراسة وسفر وصداقة، كل هذه الإمكانات الواسعة!.
ماذا حدث في قلب هذه المراهقة، التي هي نفسياً أكثر نضجاً بكثير من رفيقات عمرها؟
ما يجري هنا ليس عاديا كثيرا. حتّى إنّه يعاكس ردات الفعل الأولى عند من يكتشف الحياة.
عادة، نحن مأسورون بكل شيء وبلا شيء. فكل شيء يبدو مهماً. عند تريز، أشياء عديدة هي نسبية. إن انفتاح كيانها الأكثر عمقاً لم يعد مبهما لفترة طويلة. كل شيء هو الآن متمحور حول نقطة اكتسبت قيمة مطلقة. لقد وجدت مركزها؛ قلبها مأسور بحب وحيد ثابت. بالمقارنة مع شبيبة أخرى، فإن نضج حبها المبكر ذاك يتمتع بخصوصيّة: إنه الآن حب نهائي. لكنّها تملك شيئاً مشتركاً معها، وهو أن تغذي حلماً من دون حدود.
المثال الذي استخلصته صغرى بنات السيّد مارتان الخمس ليس إيديولوجية على الإطلاق كما أنه ليس شيئاً. إنه كائن بشري، لكنّه ليس كالآخرين. ترغب في أن تحب يسوع بشدة. الحياة هبة من يسوع، ولا بدّ من تكون مكرّسة له. تريز تعرف أنّها مجتذبة بحبّ خلاقّ وتريد تلبيته
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هبة كاملة لذاتها.
بالنسبة إلى تريز، ليس شخصاً تاريخياً فحسب، وبعيدا من زمن غامض. إنّه الآن حاضر، إنّه يحب الآن، وهو قريب كلياً. فيما بعد، أبدا لن تكتب كثيراً عن موضوع قيامة يسوع: بالنسبة إليها هذا بديهي أن يسوع حي، وأن يسوع حاضر؛ نحن لا نتكلم على الهواء الذي نتنفسه في كل لحظة، فهو "محيطها الإلهي". في كل مكان، تجد أثره من جديد. بالنسبة إلى تريز، الأرض شفافة وصافية: هي كون " الحبيب".
متكلمة على هذه الحقبة الربيعية، تستشهد بقصيدة القديس يوحنا الصليب" بليل مظلم" يظهر كيف أن الحب يجانب كل المسيرة:
"لم يكن عندي لا مرشد ولا نور
ما عدا الذي كان يلمع في قلبي
هذا النور كان يقودني بأمان أكثر
من نور الظهر، في المكان حيث كان ينتظرني
الذي يعرفني تماماً".
"كان الطريق الذي فيه مشيت مستقيماً جداً، ومنوّراً جداً، لم يكن يلزمني مرشد آخر سوى يسوع... كان يريد أن يفجّر فيّ رحمته؛ لأنني كنت صغيرة وضعيفة، كان ينحدر نحوي ويعلمني سرّاً أشياء من حبّه".
تفهم تريز أن "الله" يعلمها أن تحب ويملأها بهبة حبّه.ويصبح الكتاب المقدس، العهد القديم،
تجربة جديدة، حيوية وشخصية. تطبق على نفسها كلام النبي حزقيال:
"بمروره بالقرب مني، رأى يسوع أن الوقت كان قد حان بالنسبة إلي لأكون محبوبة، فعقد العهد معي وأصبحت خاصته ... بسط عليّ رداءه" .
لا تزال تريز تستطيع بعد اختبار مستقبلها، وفي الوقت نفسه لم تعد حرة.
لقد فهمت أن حياتها ستمضي برعاية يسوع. كل شيء سيكون مستغرقاً فيه.
لا يمكننا وضع نمو تريز الداخلي على الخط نفسه كنمو شباب مسيحيين آخرين. في قصد الله، كان على تريز أن تكون شخصية بارزة لكثيرين آخرين. لقد بدأت تعيش بشغف كمسيحية، باكراً جدّا. كانت في التاسعة تقريباً حين اختارت القداسة كمثال. بعد ذلك بقليل، وعت أنّه لبلوغ ذلك لا بدّ من أن تتألم كثيراً. وتقبل. كونها راديكالية، " تختار الكل" ، ولا"تريد أن تكون نصف قديسة".
أثناء مناولتها الأولى تختبر اللقاء بالرب مثل:
"انصهار، فلم يعودا اثنين، كانت تريز قد اختفت، كما نقطة الماء في قلب المحيط. بقي يسوع وحده، كان السيّد والملك".
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تحت تأثير نعم إفخارستية غزيرة، كبر حبها للألم.
الألم، لا أحد بحاجة للبحث عنه. إنه واقع في حياتها. في الثانية عشرة والثالثة عشرة من عمرها، وخلال السنة ونصف السنة، تكابد تريز من شكوك مضنية بشأن قيمة أعمالها الأخلاقية. تفكر من دون توقف في أنها تسقط في الخطيئة.
في المدرسة، لعب تعليم ديني متشدد دوراً سيئاً. هكذا تدّون تريز ملاحظات عن مواعظ أربع ألقاها الأب" دومان" على الأولاد، خلال الرياضة التحضيرية للمناولة الأولى: يتعلق الأمر بحسابات سيطالبنا الله بها: عن الموت،
والجحيم، والمناولة الأولى النفاقية... لحسن الحظ، تموت رئيسة المدرسة في هذا الوقت، ولا يستطيع الكاهن متابعة تعليمه.
وباستمرار، هناك العجز المذلّ لحساسيتها المفرطة! وحتى ميلاد 1886، كما قلنا.
أولا خبرة فقرها الذاتي، ثم خبرة رحمة الله المحررة وكلاهما عميق جدا.
وتلمس تريز أن ليس هناك أي تناسب بين جهودها وبين النتيجة غير المنتظرة.
"في لحظة واحدة، حقق يسوع العمل الذي لم أستطع تحقيقه في عشر سنوات، مكتفياً بإرادتي الحسنة التي لم تخذلني أبداً".
"كان عليّ تقريباً أن أشتري برغباتي هذه النعمة التي لا تثمّن".
أخيراً وقد تخلصت الآن من ضغط شكوكها ومن حساسيتها المفرطة، تصبح تريز قادرة نفسياً على أن تعير انتباهاً كبيراً إلى الآخر. وتلخّص اكتشافها هذا:
" شعرت بالمحبة تدخل قلبي، وبالحاجة إلى نسيان نفسي لأرضي الآخرين، ومنذ
ذلك الحين صرت سعيدة".
بعد ستة أشهر من ذلك، وقع كتاب "لأرمنجون" تحت يدها، فتلتهمه وتنخطف به.
"كانت هذه القراءة لا تزال إحدى أكبر نعم في حياتي، لقد حققتها عند نافذة غرفة دراستي،
والانطباع الذي أحسه عن ذلك هو حميمي جدا وعذب جدا حتى أنني لا أستطيع استرجاعه...
كانت جميع حقائق الدين وأسرار الأبدية تغدق نفسي في سعادة لم تكن من الأرض... كنت أستشعر عندئذ ما كان يدّخره الله للذين يحبهم ( ليس بعين الإنسان بل بعين القلب )، وبرؤية
أن المكافآت الأبدية لم يكن لها من تناسب على الإطلاق مع تضحيات الحياة الضئيلة، كنت أريد أن أحب يسوع بشغف، وأن أعطيه ألف علامة حب ما دمت كنت أقدر على ذلك".
أي سعادة بالنسبة إلى تريز أن تستطيع الكلام بحرية عن هذه الأشياء! بحوارها، تنجلي أحاسيسها الجديدة وتوقظ في قلبها أيضاً حماسة أعمق.
محاورتها هي أختها سيلين، الأكبر منها بأربع سنوات. سيلين هي أكثر من أخت، وتريز تسميها"أناي الأخرى"، بالقرب منها تصبح تريز ذاتها تماماً، وتماماً كما في الصلاة.
"كانت سيلين قد أصبحت المؤتمنة الحميمة على أفكاري... لقد جعلنا يسوع نصبح شقيقتين بالروح... وكانت شرارات الحب التي يبذرها بملء يديه في نفسينا، والخمر القوي واللذيذ الذي كان يناولنا لنشربه، يجعل الأشياء العابرة تختفي تحت عيوننا، ومن شفاهنا كانت تخرج زفرات حب ملهمة منه. لكم كانت عذبة الأحاديث التي كنا نتبادلها كل مساء في المنظرة!...
يبدو لي أننا كنا نتلقى نعما من رتبة سامية كالنعم الممنوحة للقديسين الكبار ... لكم كان شفافاً ورقيقاً الحجاب الذي كان يحجب يسوع عن أنظارنا ... لم يكن الشك ممكناً، ولم يكن الإيمان والرجاء عندئذ ضرورياً بعد، لقد جعلنا الحب نجد على الأرض ما كنا نبحث عنه". إذ وجدناه وحده، قبّلنا، كي لايستطيع أحد في المستقبل أن يحتقرنا". ( راجع نشيد الأناشيد 8/1)".
نقلاً عن كتاب: "اليدان الفارغتان"، رسالة تيريز ليزيو، الفصل الأول، منشورات الرهبانيّة الكرمليّة، بيروت 2001
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قديم 26 - 09 - 2014, 02:35 PM   رقم المشاركة : ( 6379 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديسة تريزة الطفل يسوع
(1873- 1897)

عيدها في 1 تشرين الأول

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

اعداد الأب: ألبير أبونا

انها الراهبة الكرملية الشابة التي تمكنت في وقت قصير من البلوغ الى ذرى القداسة،
لأنها اعتمدت في ذلك على قوة الله التي استقتها من ايمانها وثقتها الكلية بمحبته الأبوية اللامتناهية. فهي سارت في درب القداسة واقتفت آثار امها الكبيرة القديسة تريزة الأفيلية واستلهمت تعاليم ابيها الروحي القديس يوحنا الصليبي حتى صارت قديسة مثلهما.
فهؤلاء الثلاثة ليسوا قديسين كبارا في نظر رهبنتهم فحسب، بل هم عمالقة الروح والتصوف في نظر الكنيسة كلها.
اما تريزة الصغيرة، فقد جسدت حياة التصوف في صيغة بسيطة، وجعلتها في متناول النفوس الصغيرة التي تعجز عن اتباع الطرق الروحية المعقدة.


انها القديسة التي عرفت ان تبتسم دوما، بالرغم مما تخفيه هذه الابتسامة من الصلبان والصعوبات. وعرفت ان تكون سعيدة حتى في وسط الظلمات الدامسة التي اجتازتها. ذلك لأنها استسلمت بكليتها الى الله ابيها وهي راضية بكل ما يريده لها، لأن كل ما يريده يؤول الى خيرها، حسب خطة المحبة التي رسمها لها هذا الاب الكلي الحنان والرحمة...

ليتنا نتعلم منها هذه الثقة الهادئة برحمة الله ومحبته، ونسير مثلها على درب القداسة معتمدين مساعدة الله في كل حين...

حداثتها

في رواية حياة تريز الطفل يسوع نعتمد خصوصا ما كتبته هي نفسها في كتابها "تاريخ نفس"، وهي قصة حياتها وضعتها نزولاً عند رغبة رئيساتها وأنهت فصولها الاخيرة قبيل موتها.

ولدت تريزة في 2 كانون الثاني سنة 1873 في بلدة "النسون" الفرنسية، في حضن عائلة ضمت العديد من البنات والبنين.
وكانت هي الاخيرة بين الجميع، وقد رجا والدها لويس ووالدتها زيلي غيران ان يرزقهما الله بصبي. الا انهما تقبلا عطية الله بامتنان ومحبة.
كان الوالد يصلح الساعات ويتاجر بها. اما الوالدة فكانت بارعة في الاعمال اليدوية، لا سيما بصنع "الدنتيلة". فكانت العائلة تعيش في رخاء مادي ويسودها جو من التفاهم والمحبة العميقة. ولم يعش للعائلة سوى خمس بنات، اما الآخرون فقد رحلوا الى الابدية في سنهم المبكرة.
وعكف الوالدان على تربية بناتهما تربية مسيحية اصيلة.


اضفت تريزة الصغيرة طابعاً لطيفا على الجوّ العائلي بحضورها وجمالها، وكانت موضع فرح والديها وأخواتها الاربع اللواتي كن يتهافتن عليها كلما استيقظت من نومها.

الا ان صحة الصغيرة الواهية اصبحت مصدر هموم للعائلة. فاستنجدت والدتها بفلاحة لكي تحتضنها وترضعها وتهتم بها، الى ان تحسنت صحتها واشتد جسمها الصغير، واخذت صيحاتها وضحكاتها ترن في ارجاء المنزل والحديقة.
وكانت الطفلة رقيقة حلوة بجدائل شعرها الاصفر الجميل، وهي لا تفتأ تغرد كالعصفور طيلة النهار وتسعد اهل الدار كلهم بتصرفاتها وكلماتها. واذا كان الوالد يحب بناته الاربع الكبيرات وهن:
ماري وبولين وسيلين وليوني، فإنه كان يخص الصغيرة تريزة بمحبة اعمق ويدعوها "ملكته الصغيرة".


نشأت تريزة في جو عائلي متدين الى الغاية، وتعرفت الى المسيح في سن مبكرة وأحبته من كل قلبها. ولم تكن السنون الا لتزيدها تعلقا وهياما به.

باكورة الآلام:

كانت زيلي والدة تريزة تشعر منذ عدة اعوام بمرض خبيث في صدرها، وقد اشتدت وطأته عليها وهي تتحمل الآلام بصبر وشجاعة، الى ان انهارت صحتها وتمكن منها السرطان، فقضى عليها في 28 آب سنة 1877.
وكان اول احتكاك تريزة بالألم حينما قبلت جبهة والدتها الباردة التي لن تجيبها مذ ذاك بحنانها وعطفها الوالدي...


سبّب هذا الموت صدمة لنفس تريزة الرقيقة، وفارقها مرحها وزالت سعادتها وأصبحت سريعة التأثر لأتفه الاسباب. واضطر الاب الى ترك منزله ونقل العائلة كلها الى بلدة "ليزيو" ليضع بناته في رعاية خالهن وزوجته وبناته،
ولكي يزيل عنهن جو الكآبة المهيمن على المنزل في "النسون". وقد شق الامر على الوالد المسكين الذي كان قد الف النسون ومنزله وأصدقاءه فيها. ومع ذلك فقد فضل سعادة بناته وخصّص حياته لله ولتربيتهن، وكف عن كل عمل آخر.
وفي ليزيو ، سكنت العائلة في بيت اطلقوا عليه اسم "بويسونيه" وهو اشبه بفيلا رائعة المنظر تحيط بها الادغال والاشجار.


قامت البنت الكبيرة ماري بإدارة المنزل، بينما اهتمت بولين بتريزة الصغيرة المحرومة عطف الأم وأصبحت لها بمثابة تلك الام تقود خطاها في طريق الفضيلة وتعلمها القراءة والكتابة.
اما والدها فكان كثيراً ما يأخذها معه الى النزهة، فيزوران في طريقهما الكنيسة، ثم يعودان معا الى البيت، فينصرف الوالد الى قراءاته التقوية.
بينما تتلهى تريزة باللعب في الحديقة. اما في المساء، فكانت العائلة تجتمع كلها في غرفة الاستقبال حول مصباح كبير وينصرف كل منهم الى هوايته وأشغاله. وتريزة لا تفارق حضن والدها الحنون.
ثم يختمون النهار بصلاة جماعية يرفعونها الى الله شاكرين له أفضاله ونعمه، وبعد ذلك يأوي كل منهم الى فراشه. وكانت تريزة تهوى الثلج وغروب الشمس بألوانها الجميلة، وجمال الزهور وتألق النجوم. وقد تبيّنت يوما في احدى مجموعات النجوم الحرف الأول من إسمها (T). وحينما رأت البحر لأول مرة سنة 1878، أثر فيها منظره وذكّرها بعظمة الله اللامتناهية وبقدرته الفائقة،
وقالت بعد ذلك: "... وعندما مالت شمس ذلك اليوم الى المغيب وراء المحيط الجبار، جلست مع بولين على صخرة منفردة فشبهتْ لي اختي تلك الخيوط الذهبية بنور النعمة الذي يضيء القلوب المحبة لله. فتخيلت قلبي كقارب صغير يمخر بشراعه الابيض على هدى ذلك الضوء السماوي، وقررت الا ابتعد عن انظار يسوع حتى اصل الى سر الخلاص".
وكم كان سرورها عميقا باشتراكها في الاحتفالات الدينية وبزياح القربان ونثر الورود نحو الشعاع.


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مرضها:

حين بلغت تريزة الثامنة من سنيها، قرر والدها ان يضعها في مدرسة للراهبات لكي تتلقى العلوم والتربية الدينية.

الا ان المسافة بين المنزل ودير الراهبات البندكتيات كانت طويلة لمثل هذه الطفلة الصغيرة. ومع ذلك فقد ترددت مع اخواتها على المدرسة منذ تشرين الاول سنة 1881.
وما كان اعظم الفرق بين ما ألفته تريزة في المنزل الوالدي وبين ما تعيشه الآن في هذه المدرسة ذات الطابع الصارم.
وكان لهذا التغيير وقع قاس في نفس تريزة، بما فيه من القوانين والطباع والطعام المختلف. وبالنظر الى الفتها للمدرسة بميلها الى الدرس والمطالعة، فقد حققت تقدما سريعا وتجلت عندها مواهب الشعر والرسم وتفوقت على زميلاتها في ميادين كثيرة.
الا ان نجاحها في الالعاب كان اقل شأنا منه في الدرس. وهذا ما خلق فيها جوا من الإنطواء على الذات وعدم مشاركة زميلاتها في اللعب.
وكانت كثيراً ما تتلهى في اوقات الفرص بالتحدث الى بعض زميلاتها او بالإنزواء في معبد المدرسة للعكوف على الصلاة والتأمل.


في 2 تشرين الأول سنة 1882، دخلت اختها بولين دير الكرمليات في ليزيو. وقد شق على تريزة الصغيرة ان تفارق "امها" بولين. وكم تمنت ان ترافقها الى الدير، ولكن صغر سنها لم يُمكّنها من ذلك.
فباتت تتألم صامتة، واعتراها صداع اليم لازمها مدة طويلة، وأخذت صحتها تزداد سوءا، حتى اضطرت الى ملازمة الفراش . ولنترك هنا لها الحديث لتروي لنا ما جرى لها في هذا المرض.
فقد كتبت: "
اذ رأيتُني محرومة من كل الوسائل البشرية ومشرفة على الموت ألماً، وجهت نظري الى امي السماوية. وسألتها من كل قلبي ان ترأف بي.
فتحرك تمثالها فجأة، وأشرقت العذراء مريم جمالا، وتلألأت بهاءً أعجز عن وصفهما، وكان محياها يتدفق دعة ولطفاً وحنانا لا يوصف.
على ان ما نفذ إلى أعماق نفسي، هي ابتسامتها الفتانة. ومنذ ذلك الحين اضمحلت آلامي.
فانحدرت من عيني دمعتان كبيرتان، سالتا هادئتين...اجل، ان هما الا دمعتا فرح سماوي خالص. ان العذراء المجيدة اقتربت منى وابتسمت لي...فقلت في نفسي: ما اسعدني . ولكني لا ابوح بذلك، لئلا تزول سعادتي.
ثم، بدون اقل عناء، خفضت عينيّ فعرفت عزيزتي ماري، وهي تنظر إليّ بحب، وعليها ملامح التأثر الشديد كأنها في ريب من نيلي منذ برهة هذه النعمة العظيمة
".


المناولة الأولى:

كانت المناولة الاولى، وما زالت، مسبوقة باستعدادات كبيرة ومحاطة بعناية خاصة يبذلها المربون لتهيئة الصغار للقاء مع يسوع للمرة الاولى. وقد استعدت تريزة لهذا الحدث العظيم وساعدتها اختها ماري على ذلك. فتبعت دروس التعليم المسيحي في الدير بتعطش شديد.
وأفادت من كل ما القي على الطالبات من الارشادات الروحية، واجتازت الامتحان بتفوق ، حتى قال عنها المرشد: "اني حاولت ان اربك تريزة في اجوبتها فلم استطع".
وكان يلقبها "دكتورته الصغيرة في اللاهوت". وجاء يوم المناولة الاولى، واقتبلت تريزة يسوع لأول مرة.
انها تظهر عجزها عن التعبير عن عذوبة هذا اللقاء اذ تقول:
"
ان من هذه الأشياء ما يفقد رائحته العطرة حالما يتعرض للهواء...
ومن الأفكار الباطنية ما لا يمكن التعبير عنه باللغة الأرضية بدون ان يفقد حالا معناه السماوي الرفيع...آه، ما اطيب قبلة يسوع الأولى على نفسي.
نعم هي قبلة حب. شعرت اني موضوع حب، فقلت: اني أحبك وأهبك نفسي الى الأبد. لم يطلب يسوع الي شيئا، ولم يفرض اية تضحية.
منذ زمن طويل يتبادل هو وتريزة الصغيرة النظرات ويتفاهمان:::
اما في ذلك اليوم، فلا يليق ان تسمى نظرة بسيطة، بل اتحادا. فلسنا اثنين: لقد توارت تريزة كما تتوارى قطرة ماء تذوب في قلب المحيط.
ولم يبق الا يسوع. فهو السيد والملك. الم تطلب اليه تريزة ان ينزع عنها حريتها، هذه الحرية التي كانت تخيفها.
فقد شعرت انها ضعيفة، سريعة العطب، فأرادت ان تتحد بالقوة الالهية الى الأبد...وبغتة فرحت فرحا كبيرا وعميقا لا تستطيع ان تستوعبه، ولم تلبث ان ذرفت دموع الغبطة
...".


وكان ذلك في 8 ايار سنة 1884. وفي هذا اليوم ذاته ابرزت اختها بولين نذورها الرهبانية. وقد زارتها تريزة في دير الكرمليات عصر ذلك النهار السعيد وأفعم ذلك قلبها الصغير فرحا وغبطة وشوقا الى الالتحاق بها.

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الدعوة المبكرة:

حينما بلغت تريزة الثالثة عشرة من سنيها، تركت مدرسة الراهبات وأخذت تتلقى دروسا خاصة على سيدة محترمة. وهناك اختبرت العيش في المجتمعات الراقية، وأخذت ايضا تتردد على منزل خالها وتتعرف الى الشخصيات التي تزور المنزل.
وفي تلك الغضون لحقت أختها ماري ايضا ببولين الى الكرمل. وقد جلب لها عيد ميلاد سنة 1886، مع الهدايا التقليدية، هدية اخرى انفس وهي ان تريزة استردت قوة روحها المعنوية التي فقدتها يوم وفاة والدتها، وتخلت عن كل ما يتعلق بالطفولة من الامور التافهة،
وهي تقول: "لقد سعدت بعدئذ ودخلت المحبة الحقيقية الى قلبي، فقررت ان انسى نفسي الى الأبد". وشرعت تتفتح على الآخرين لكي ترى احتياجاتهم وتحسن اليهم.
وكانت فكرة الدخول الى الكرمل قد نمت في قلبها وأخذت تشتد رغبتها يوما بعد يوم.
واذا بها تفاجىء يوما والدها بهذه الرغبة. وكانت تلك ضربة اليمة على قلب الوالد المسكين. ولكنه مسيحي صادق، ولا يريد ان يعيق عمل الله في ابنته المحبوبة.
انما حدثها بلطف واستمع اليها بهدوء وهي تعرض امامه تاريخ دعوتها وكيف انها نشأت منذ دخول بولين الى الرهبنة. واذ بهذا الشيخ الجليل يحني رأسه راضيا بهذه التضحية التي يطلبها الرب منه. ولكن موقف الاقارب كان مختلفا جدا.
قد قال خالها: "لعل هذه اول مرة في تاريخ فرنسا تدخل فيها فتاة ذات خمسة عشر عاما الى دير الكرمل. اني سأقاوم هذه المهزلة بكل ما لي من القوة ولا بد من اعجوبة حتى ارجع عن تصميمي هذا". وبعد ايام كانت صلاة تريزة قد غيرت موقف خالها، فوافق على رغبتها. الا ان الصعوبات لم تزل من طريق تريزة. وجاءها الرفض البات من قبل الرئيس الكنسي للدير.
ودارت مداولات بينه وبين المطران. والتقت تريزة بالمطران في بلدة "بايو" فنصحها بالبقاء مع والدها مدة اخرى.


وبعد ذلك أتيح لتريزة ان تسافر الى روما مع والدها وحجاج فرنسيين آخرين. وادهشها جمال المدينة والآثار المسيحية فيها. وحينما حظي الحجاج بمقابلة البابا لاون الثالث عشر،
انتهزت تريزة هذه الفرصة لكي تطلب منه ان يسمح لها الانتماء الى الرهبنة الكرملية في سنها الخامسة عشرة،
متحدية بذلك جميع البروتوكولات المرعية في مقابلة البابوات.
فقال لها البابا: "افعلي يا ابنتي ما يقرره الرؤساء". وعند إلحاحها في الطلب ثانية، قال لها: "انك ستدخلين ان شاء الله".
وأصيبت تريزة هنا ايضا بخيبة الامل، وكانت تنتظر كلمة من رئيس الكنيسة لتزيل عن طريقها كل العقبات. وأصبحت الرحلة الباقية تافهة في نظرها.
وعادت الى ليزيو في 2 ايلول، وأخذت تنتظر بفارغ الصبر جواب مطرانها على طلبها. وطال انتظارها. وكانت تشتاق ان تكون في الدير في عيد الميلاد.
ولكن الميلاد جاء وعبر. وفاجأها العام الجديد بجواب الام ماري غنزاغا رئيسة دير الكرمل وهي تخبرها بأن المطران كتب اليها يقول انه بعد فحص الموضوع من كل نواحيه، فهو يسمح لتريزة بالدخول حالا الى دير الكرمل.
وأضافت الأم غنزاغا انها ترتئي ان تدخل تريزة الدير بعد الصوم الكبير، بالنظر الى صعوبة هذه الفترة لشابة مثلها.
وقد تقبلت تريزة هذا القرار بارتياح وشكرت لله هذه النعمة الكبيرة.
وأخذت منذئذ تستعد بهدوء وسلام للحياة التي اختارتها تجاوباً مع ارادة الله. وبعد ان عبر عيد القيامة، جاء اليوم الأخير الذي تقضيه بين ذويها. فأقيمت مأدبة فخمة على شرفها ووداعها، اجتمع حولها الاهل والاقارب. وكانت هذه الحفلة هي الوداعية للعالم ومباهجه.


في دير الكرمل

دخلت تريزة دير الكرمل في صبيحة التاسع من نيسان سنة 1888. وهي ترتدي ثوبا من الصوف الازرق. وركعت عند باب الدير امام والدها ليباركها وقبلت اختيها ليوني وسيلين وخالها وعائلته. ثم انفتح امامها باب الدير وتوارت وراءه...وكانت هناك بانتظارها اختاها: ماري للقلب الأقدس وبولين (انييس ليسوع) مع الام الرئيسة وسائر افراد الجماعة الرهبانية. فغمر السلام والفرح قلب تريزة. اذ شعرت بأنها بلغت امانيها ومحطة آمالها في تلك العائلة الجديدة.
كان كل شيء يبدو في الدير جميلا في نظرها. فقد أحبت صومعتها الصغيرة الفقيرة التي لا اثاث فيها سوى فراش من القش واناء للماء ومقعد خشبي ومصباح وسلة خياطة وساعة رملية.
ان فرحها لن يستطيع احد ان ينزعه منها، مهما كانت الظروف ومهما اختلفت الأطباع.


وكانت الآلام على موعد مع تريزة. فما ان مرت الايام الاولى، حتى تراكمت الصعوبات على المبتدئة الجديدة: مصاعب من الرئيسة التي تعاملها بقساوة وخشونة ولا تدع فرصة دون ان توجه اليها بعض التوبيخات. ومتاعب من رئيسة الابتداء التي كانت منشغلة عنها ولم تفهمها على حقيقتها. وطالما نسيت ما كانت تحتاج اليه صحة تريزة من الاعتناء. صعوبات من نائبة رئيستها التي كانت تزعجها بأحاديثها الطويلة المملة ولا تدع لها المجال للصمت الداخلي ومناجاة الله في اعماق النفس.
ناهيك بالحسد الذي دب في قلوب بعضهن اذ رأين هذه الفتاة الصغيرة الجميلة رصينة في سعيها الى القداسة وفي المحافظة على القوانين بدقة وبساطة...
ولكن تريزة كانت تقابل الجميع ببشاشتها العذبة وبسخائها الدائم في تأدية الواجبات وفي خدمة اخواتها. انها لم تجد تعزية روحية حتى عند مرشد الجمعية نفسه. وعندما عرضت رغبتها في القداسة لأحد واعظي الرياضة السنوية وقالت له: "ابت، اني اريد ان اصبح قديسة وان احب الله تعالى كما احبته القديسة تريزة الأفيلية"، اجابها الكاهن: "يا لك من متعجرفة. ابدأي بإصلاح نقائصك وتجنبي الخطيئة وحاولي ان تتقدمي قليلاً كل يوم. واياك والتهور". فقالت له تريزة: "لكني لست متهورة يا ابت، الم يعلمنا الرب في انجيله الطاهر ان نكون كاملين اسوة بأبينا السماوي؟".


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اما قراءاتها فكانت تنحصر في التأمل في الانجيل الذي كانت تحمله دوما معها، ومطالعة كتابات القديسة تريزة الافيلية وتآليف القديس يوحنا الصليبي، وهي تحاول التشبع من روحهما.
كما انها كانت تميل الى قراءة "الاقتداء بالمسيح". الا انها كانت تفضل على كل شيء قراءة الكتاب المقدس،
وهي تقول: "
عندما اطالع كتابا في السعي الى الكمال وأرى فيه ما يصادف المؤمن من آلاف الصعوبات. سرعان ما يستحوذ التعب على ذهني الضعيف، فأبادر الى ترك الكتاب الفلسفي جانبا والعودة الى الكتاب المقدس،
واذ ذاك تشع الاضواء امام بصيرتي. وقد تفتح كلمة واحدة امام ناظريّ آفاقا غير محدودة،
ثم يبدو لي الكمال في متناول يدي متى اقررت بضعفي وارتميت كطفل بين ذراعي الله
".


الراهبة

طالت فترة الابتداء، وتريزة صابرة على ذلك وعاكفة على تكميل واجباتها بأمانة، بالرغم مما تتعرض له من الصعوبات في الشغل والطعام واللباس، وبالرغم مما يحز في قلبها من الاخبار التي تردها بشأن صحة والدها المتدهورة.
فكانت تقوم بالأعمال التي تأباها الاخوات الاخريات. كالغسل بالماء الساخن صيفا والشطف بالماء البارد شتاء.
وكم احتملت من لا مبالاة اخواتها وعدم تفهمهن لطبيعتها الرقيقة وتربيتها اللطيفة.
وتعلمت ان تقبل بهدوء الملاحظات التي توجَّه اليها عن اخطاء لم ترتكبها، واعتادت ان تتحمل الخيبة والتقريع الاليم والاكتفاء بما يعطى لها من القليل الضروري... وهكذا هيأت نفسها ليوم النذور الاولى الذي كان في 8 ايلول سنة 1890.


مارست تريزة في الدير اعمالا كثيرة ومختلفة . فهي تارة مسؤولة عن تحضير اللوازم للقداس في السكرستيّا، وكان هذا العمل عذبا جدا على قلبها.
هي طورا خادمة للأخوات المريضات حينما ألمَّ بالدير وباء الانفلونذا وأودى بحياة بعضهن. وحيناً تعطي المجال لاظهار موهبتها في الرسم، وآخر موهبتها في نظم الشعر. وفي جميع هذه المجالات اظهرت هذه الراهبة الشابة جدارتها وانتزعت من الجميع الاعجاب والتقدير. وفي وسط كل هذا النجاح، عرفت تريزة ان تبقى بسيطة وتلقائية. وان تكون فوق كل مديح او ذم. دون ان تتأثر بهما البتة.


مع المبتدئات

في شهر شباط سنة 1893، انتُخبت بولين (الأم انييس) رئيسة للدير وهي بدورها عينت الرئيسة السابقة، الام ماري غنزاغا، مسؤولة عن المبتدئات، مع تريزة كمعاونة لها، وهي ما تزال في ربيعها العشرين. فبذلت تريزة نفسها بسخاء في خدمة المبتدئات، وعلمتهن الالتزام بالقوانين، وأصبحت في الواقع هي المسؤولة عن المبتدئات ورئيستهن الفعلية. وكانت تقول لمبتدئاتها: "اني احب القلوب المرحة". وعرفت كيف تحبهن وكيف توبخهن، وتكون في كل ذلك في منتهى العدالة وطبيعية في كل تصرفاتها.
وبهذا علمتهن الابتعاد عن التصنع والرياء والازدواجية. انها كانت تفكر في تلك النفوس التي تكفلت بها، وكان شعورها بالمسؤولية كبيرا وراسخا في قلبها. وطالما صلت الى الله وقالت:
"ها انك ترى يا رب كم اني صغيرة وعاجزة عن تغذية بناتك. فأعطِ كُلاً منهن ما يوافقها. املأ يدي الصغيرة، فأوزع من كنوزك على من تطلبها، دون ان اترك ذراعك او ان احوّل نظري عنك".


تأريخ نفس

جاءت يوما الام انييس والاخت ماري وجلستا الى جانب تريزة، في احدى فترات الراحة. وراحت الأخوات الثلاث يتحدثن عن ذكريات الماضي وعن ايام الطفولة في النسون ثم في البويسونيه في ليزيو. وكانت تلك الذكريات ماثلة بتفاصيلها في ذاكرة تريزة. واذا بالاخت ماري تقترح بان تأمر الام انييس اختها الصغيرة بتدوين هذه الذكريات العائلية. واقتنعت الام الرئيسة وأصدرت امر الطاعة الى تريزة بأن تخصص لتسجيل هذه المذكرات ما يتوفر لديها من وقت الفراغ. وحددت لها اجلا لتسليم المخطوط...

ارتبكت تريزة قليلا امام هذا الطلب. فهي لا تدري كيف تكتب وبماذا تبدأ. ومن اين لها الوقت لتحرير المذكرات وهي منشغلة بأمور عديدة وبمسؤوليات هامة، فأنى لها ان تجمع افكارها وتنسقها حسب مقتضيات التأليف والكتابة؟ ومع ذلك فقد تجاوبت مع رغبة رئيستها. فكانت تلي قبل ان تمسك اليراع، لكي يبارك الرب الكلمات التي ستدونها، ثم تذهب الى غرفتها، فتجلس على المقعد الخشبي الصغير، فتملأ الصحيفة تلو الأخرى من صفحات الدفاتر المدرسية الصغيرة بخطها الجميل المنسق ...

وجاء الجزء الاول نزولا عند امر شقيقتها بولين

(الام انييس)، والكلام فيه متسم بالبساطة والرقة. اما الجزء الثاني فكتبته تريزة اجابة لرغبة الام ماري غنزاغا التي اعيد انتخابها رئيسة بعد الام انييس، وجاء اسلوبها فيه متينا وواضحا ومتسما بحرارة واقتناع وصراحة بنوية. ومن الجدير بالملاحظة ان تريزة، في هذه الفترة كلها، لم تتخل عن اي من واجباتها، من توجيه المبتدئات ومن الأعمال والخدم في الدير. الا ان هذه الاتعاب المتراكمة ارهقتها واثرت على صحتها تأثيراً بالغا لم تلاحظه الرئيسة او انها تغافلت عنه معتبرة اياه تعبا طارئا ولم تخفف عنها اية من مسؤولياتها الكثيرة...

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بوادر المرض

جاء الصوم الكبير لسنة 1896، وكان الصوم آنئذ صارما في الاديرة. والتزمت به تريزة بالرغم من تداعي صحتها. وواصلت السير نحو الفصح بخطى جبارة وهي ترغم نفسها على تنفيذ كل الالتزامات بدقة وأمانة. وكان خميس الأسرار، فسهرت تريزة طويلاً في المعبد الى نحو منتصف الليل. ولما عادت الى غرفتها الباردة وأوت الى فراشها الوضيع الخشن اذا بسيل ساخن يتدفق من حنجرتها ويملأ فمها. وإذ كانت قد أطفأت قنديلها، مسحت فمها في الظلام وانتظرت حتى الصباح فوجدت ان المنديل مملوء دما. ورأت في ذلك نعمة كبيرة ونداء واضحا الى الالتحاق بعريسها قريبا.
وحضرت الصلاة مع اخواتها الراهبات كالمعتاد، وطلبت الى الرئيسة السماح لها بعد ان اطلعتها على هذا الحادث بأن تستمر في الصوم والممارسات الاخرى. وبعد الظهر رأتها احدى المبتدئات وهي تنظف النوافذ وقد شحب لونها وبدت خائرة القوى، فذرفت المبتدئة دموعاً غزيرة وناشدتها ان تسمح لها بأن تطلب شيئا من الراحة. الا ان معلمتها منعتها من ذلك وقالت ان باستطاعتها ان تتحمل تعبا خفيفا في اليوم الذي فيه تألم يسوع كثيراً لأجلها. وجدير بالملاحظة ان اخواتها لم يعلمن بما جرى لها الا في ايار سنة 1897.


وبعد هذا الحادث لزمها سعال شديد اقلق الام الرئيسة، ففرضت على تريزة تناول الادوية التي ازالت عنها هذا السعال او خففت من شدته لمدة بضعة اشهر. وزاولت تريزة اعمالها الاعتيادية دون اي تلطيف او تخفيف . وكانت هذه الابنة الحبيبة تخفي آلامها لئلا تثقل على اخواتها الراهبات. وكثيرا ما كانت في المساء، عندما تعود الى غرفتها، تضطر الى التوقف عند كل درجة من درجات السلم المؤدي الى الطابق الاعلى لكي تستعيد قواها الخائرة، فتصل بعد مدة الى غرفتها منهوكة القوى فتمضي ساعة بكاملها في نزع ثيابها عنها. وبعد هذا التعب الشديد كان عليها ان تقضي الليل على ذلك الفراش الخشن وفي ذلك البرد القارس.

في غمرة الآلام

اشتدت وطأة المرض على تريزة، فاستدعي لها طبيب الجمعية، ثم أحد الاطباء من اقاربها فعالجاها. ولكن بدون جدوى. فإنها مصابة بالسل الرئوي، وقد استفحل الداء حتى تعذرت معالجه بنوع ناجع. وكانت مع ذلك تشتاق الى الالتحاق بدير جديد لرهبنة الكرمل في مدينة هانوي في الهند الصينية (فييتنام). وكتبت عن ذلك في مذكراتها: "اني استمتع هنا في كرمل ليزيو بمحبة الجميع. وانا احلم بدير لا اكون معروفة فيه حيث يتعذب قلبي بألم العزلة. لذلك أرغب في السفر الى هانوي ، حتى اقاسي الكثير من اجل الهي واكون بمفردي دون تعزية ودون اية مسرة ارضية". الا ان تدهور صحتها المستمر جعلها تشعر بعدم امكانية ارسالها الى هانوي. وحينما جاء الشتاء، إشتد عليها الضعف والمرض، وأقر طبيبها بعجزه قائلا:" اني اعتقد بان هذه النفس لم تُخلق لتعيش طويلا على الارض". وقد سمعت تريزة يوما احدى الراهبات تقول: "ستموت قريبا اختي تريزة الطفل يسوع. واني اتساءل الان ما عسى ان تقوله عنها امنا بعد موتها، انها ستكون في حيرة من امرها. لان هذه الابنة الصغيرة، مع ما هي عليه من لطف، لم تقم بشيء يستحق الذكر". وسمعت ممرضتها ايضا هذا الحديث. فقالت لتريزة: "لو اعتمدت على رأي المخلوقات، لخاب الكثير من آمالك اليوم". فأجابتها تريزة: "يسعدني ان الله الكلي الصلاح منحني عدم المبالاة برأي المخلوقات". ثم روت لها قصة من واقع حياتها لقنتها درسا بليغا.

استنفد الاطباء كل تجاربهم العلمية المؤلمة على تريزة المسكينة، بما في ذلك الكيّ بالنار ومحاولة تحويل المرض من عضو الى آخر. وكانت تريزة صابرة على ذلك بصمت واستسلام. ولم تكن تلزم الفراش بصورة دائمة، بل كانت تقضي ساعات من النهار في الحديقة حيث تسند دفترها الى ركبتيها وتواصل كتابة (تأريخ النفس)، مع ما تسببه لها الاخوات من الازعاج... الا ان خطها بدأ يدل على ضعف اناملها التي اصبحت عاجزة عن التحكم في القلم.

وحينما قالت لها المبتدئات يوما: "يشق علينا كثيرا ان نراك تتألمين الى هذا الحد. ونظن انك ستزدادين الما في ما بعد". فأجابتهن تريزة: "لا تغتممن بسببي، فإني قد بلغت الى حد لا استطيع فيه ان اتألم. لأن الألم عندي كله عذب. فضلا عن انكن اخطأتن اذ فكرتن فيما قد يحصل من الم في المستقبل. وهذا تدخل في امر الخلق. فنحن اللواتي نسرع في سبيل الحب. ليس علينا ان نقلق من شيء. فلو لم اتألم بين دقيقة وأخرى، لتعذر عليّ ان الازم الصبر. انا لا ارى الا الحاضر، وانسى الماضي، واحذر من ان افكر في المستقبل...".

وفي الفترة الاخيرة من مرضها، نقلت الى غرفة المرضى، وانتابتها آلام هائلة. وبلغت من الضعف ان لم تعد تستطيع ان تمسك القلم ولا ان تتحرك، وكثيرا ما عجزت حتى عن ابتلاع الطعام...

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ليلة الايمان

كان الم آخر من الالم المادي يحز في قلبها. انها في ظلام دامس. انها في ليلة الايمان. وأراد المعلم الالهي بهذه المحنة الأخيرة ان يتم تطهيرها وان يجعلها قادرة على ان تطير في سبيلها الصغير، سبيل الثقة والاستسلام. وقد قالت آنذاك :" اني لا أتمنى الموت اكثر من الحياة. لو مكنني الرب من ان اختار، لما اخترت شيئا. انا لا اريد الا ما يريده هو. وهذا ما يجعلني احب".
وطوال شهر آب سنة 1897، ظلت مضطربة تلتمس الصلاة من اخواتها الراهبات ومنذ التاسع عشر من آب حتى الثلاثين من ايلول لم تستطع ان تتناول القربان بسبب نزيف الدم المتواصل. وحينما منحت المسحة الأخيرة في مطلع آب قالت:
"لقد فتح باب سجني القاتم. فأنا مرحة، خاصة منذ ان اكد لي ابونا الرئيس ان نفسي تشبه اليوم نفس طفل صغير بعد معموديته".


ان تريزة تشعر بدنو رحيلها، وهي لا تتمالك نفسها من شدة الفرح باللقاء القريب مع الحبيب: "لم اهب الله الكلي الصلاح الا حبا. وسيقابل حبي بحب بعد موتي، سأفيض على الأرض وابل ورود". فما يجذبها هو الحب: "الحب. ان أُحِبَّ وأُحَبَّ، وأعود الى العالم لأجعل الناس يحبون الحب". وقد استعارت عبارات الطوباوي تيوفان فينار وقالت: "لا اجد على الارض شيئا اسعد به. قلبي كبير جدا، لا يقوى شيء مما يدعي السعادة في هذا العالم ان يشبعه. يطير فكري نحو الأزل. لا يلبث الزمن ان ينقضي. وقلبي هادىء مثل بحيرة ساكنة او سماء صافية. انا لا آسف على حياة هذا العالم. اني عطشى الى مياه حياة لا تزول...بعد قليل تغادر نفسي هذه الارض. وينتهي منفاها وينقضع نضالها. فاصعد الى السماء. اصل الى الوطن واحرز الظفر. بعد قليل، ادخل مقر المختارين وانعم بحبور لم تره عين انسان قط، واسمع ايقاعا لم تسمعه اذن انسان، واتمتع بأفراح لم يذقها قط قلب انسان... ها قد وصلت الى الساعة التي يتوق اليها كل منا توقا عظيما.
صحيح ان الرب يختار الصغار ليخزي كبار هذا العالم. انا لا اعتمد على اقوالي الخاصة. بل على قوة من غلب، على الصليب، قدرة الجحيم...انا زهرة ربيع يقطفها صاحب الجنينة. ليسر بها. نحن كلنا زهور غُرست على هذه الأرض، ويجنيها الله متى شاء، عاجلا ام آجلا...اما انا الزهرة الذابلة، فإني امضي اولا. سنتلاقى يوما في الفردوس. وننعم بالسعادة الحقيقية".


ومع ذلك فقد كانت تخيم على نفسها ليلة حالكة ومحنة ايمان عسرة. ان نفسها في نفق طويل مظلم، وكأنها لم تر الشمس قط. والظلمات تصيح ساخرة منها: "انك تحلمين بالنور، تحلمين بامتلاك ابدي لخالق جميع هذه المدهشات، وتعتقدين انك ستخرجين من هذا الضباب الذي يكتنفك. تقدمي، تقدمي، وابتهجي بالموت الذي سيعطيك ليس ما ترجينه، بل ليلة ظلمة. ليلة العدم..." آه! ما أقسى هذه الآلام!

النزاع والموت

اشتدت عليها الآلام شيئا فشيئا. وبلغ منها الضعف حتى انها لم تعد تستطيع ان تأتي بأية حركة بدون مساعدة. كل شيء يؤلمها، حتى الحديث الخافت الذي تسمعه.
ومع ان الحمى باتت لا تفارقها، فالابتسامة كانت لا تفارق ثغرها. وفي احدى الليالي، زارتها الاخت الممرضة، فألفتها ضامة يديها ورافعة عينيها نحو السماء، وقالت لها تريزة:
"نعم يبدو لي اني لم ابحث قط الا عن الحقيقة ...نعم فهمت اتضاع القلب".


وجاء يوم 30 ايلول سنة 1897، وهو اليوم الأخير لمنفاها على هذه الأرض. وبلغت فيه آلامها اقصى ذروتها.
وبدت عليها اعراض النزاع في نحو الساعة الرابعة مساء، وأخذ العرق يتصبب من جبينها، وهي تضم المصلوب بيديها الضعيفتين لكي تخوض المعركة الحاسمة. وحينما رن جرس الدير معلنا صلاة التبشير، حدقت تريزة بصورة العذراء تحديقا يتعذر الاعراب عنه، وكأني بها تستعيد في ذاكرتها ما كتبته يوما:


انتِ التي ابتسمتِ لي في فجر الحياة،

ابتسمي لي مرة اخرى، يا أماه، فقد أقبلَ المساء...

وبعد الساعة السابعة، التفتت الى الام الرئيسة وقالت: "اليس هذا هو النزاع، يا أمي؟ الا يأتي الموت بعد قليل؟" فأجابتها الرئيسة: "نعم يا ابنتي، هذا هو النزاع، على ان يسوع يريد، على ما يبدو، ان يطيله بضع ساعات". فقالت تريزة بشجاعتها المألوفة : " وأنا لا اود ان اتألم آلاما اقصر". وفي نحو الساعة السابعة والربع، نظرت تريزة الى الصليب بحنان وقالت: "احبه...يا ...الهي...اني احبك".

هذه كانت كلماتها الاخيرة. ثم أحنت راسها الى الجهة اليمنى وظنت الاخوات انها لفظت انفاسها الأخيرة.
الا انها نهضت بغتة وكأن صوتا سريا يناديها، وفتحت عينيها وشخصت بهما الى ما فوق صورة العذراء: والسعادة تملأهما. واستمرت النظرة نحو دقيقة، ثم طارت نفسها والتحقت بالحبيب. وتم فيها ما قاله القديس يوحنا الصليبي عن النفوس التي تذوب في الحب الإلهي:"انهن يمتن في فرح عجيب، وهجمات عذبة يشنها عليهن الحب، على مثال طائر ينشد انشادا عذبا عندما يوشك ان يمت. وهذا ما جعل داود يقول: ان موت الابرار ثمين في عيني الرب. عندئذ تتدفق من النفس انهار الحب، وتسير فتتلاشى في محيط الحب الإلهي".


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بعد الموت

اننا نضرب صفحا عن الامور الخارقة التي جرت بعد موتها راسا، والأشفية التي تحققت لأناس عديدين بلمس نعشها او بالاقتراب من جثمانها الطاهر.
فإن ما يجلب الانتباه هو هذه العبارة التي كتبتها تريزة في حياتها، وقد كُتبت ايضا على الصيب الذي يعلو ضريحها:
"سأقضي سمائي في عمل الخير على الارض". وما ان مرت فترة وجيزة، حتى شرع الناس يتحدثون عن هذه الراهبة التي توفيت في ريعان شبابها.
وسرعان ما نشر كتاب "تاريخ نفس" الذي كتبته تريزة عن حياتها وذكرياتها، ثم وُزّع على الاديرة الكرملية في العالم، ومنها انتشر الى العلمانيين الذين تلقوه بلهفة وشوق، واكتشفوا ما فيه من الكنوز الروحية النفيسة ومن الخبرة العميقة المعروضة بصورة بسيطة وجذابة تحبب القداسة الى الجميع. وتُرجم الكتاب الى معظم لغات العالم، الشرقية منها والغربية، لتعميم فائدته. وما اكثر الذين اشرق نور الله في حياتهم لدى قراءتهم هذا الكتاب، وما اكثر الفتيات الذين اقبلن الى دير الكرمل للاقتداء بهذه الراهبة التي قلما احب الناس قديسا او قديسة مثلما احبوها.
ولدى تكاثر العجائب. اوعزت روما الى اسقف بايو وليزيو بالبدء في التحريات ودراسة قضية امة الله الأخت تريزة الطفل يسوع. وجاءت الحرب الكونية الاولى وأخرت القضية قليلا. ولكنها استؤنفت بعد الحرب وانتهت بأن اعلنها البابا بيوس الحادي عشر طوباوية في 29 نيسان سنة 1923. ولم تمضِ سنتان على ذلك،حتى أعلنت الكنيسة قداستها على الملأ، ثم أعلنتها شفيعة الرسالات سنة 1927، هي الراهبة الحبيسة التي لم تتخطَّ عتبة ديرها منذ دخولها اياه في الخامسة عشرة من سنيها.
ولكن لهذا الاعلان مغزاه البعيد. فإن تريزة قد أحبت النفوس الى الغاية، وصلّت كثيرا من اجل خلاصها، لأنها كلفت الفادي كثيرا. وقد رضيت في حياتها ان تكون اختا روحية لمرسَلين تسند عملهما الرسولي بصلواتها المتواضعة وبأماتاتها ومحبتتها. انما الرسول الحقيقي هو ذلك الذي يندمج كليا مع المخلص ويتبنى جميع الذين من اجلهم جاء المسيح الى العالم. وكم احبت تريزة ان تكون رسولة، فتذيع اسم المسيح بين الامم! وكم تاقت الى الذهاب الى الرسالة في هانوي ! وكم اشتاقت ان تكون كاهنا ورسولا وواعظا لكي تتحدث للعالم اجمع عن محبة الله اللامتناهية ورحمته الفائقة.
فلنسمعها تقول في فرط شوقها: "يكفيني يا يسوع ان اكون عروستك وأن اكون كرملية، وأصير بفضل اتحادي بك ام النفوس. على اني اشعر بدعوات اخرى: اشعر فيّ بدعوة محارب وكاهن ورسول وملفان وشهيد...اريد ان اتم الأعمال البطولية. اشعر ان لي شجاعة محارب وأريد ان اموت في ساحة الوغى...دعوة الكاهن! ما اعظم حبي يا يسوع، اذ اهبك للنفوس!...اريد يا حبيبي يسوع ان انير النفوس، شأن الأنبياء والملافنة.
اود ان اطوف الارض مبشرة باسمك، غارسة صليبك في ارض غير مؤمنة. ان رسالة واحدة لا تكفيني، فأود في الوقت نفسه ان ابشر بالانجيل في انحاء العالم كله حتى في الجزر السحيقة. اود ان اكون مرسلة، ليس لفترة قصيرة من الزمن حسب، بل اود لو اني كنته منذ خلق العالم وأواصل ان اكونه حتى انقضاء الاجيال". ولكنها بعد التفكير والتأمل العميق في الجسد السري، اذ بها تهتف متهللة: "يا يسوع، لقد وجدت حبي ودعوتي. دعوتي هي المحبة. لقد وجدت مكاني في حضن الكنيسة. انت يا الهي اعطيتني هذا المكان. سأكون في قلب الكنيسة امي المحبة...وهكذا اكون كل شيء ويتحقق حلمي".


كتاباتها

يأتي في مقدمة هذه الكتابات "تاريخ نفس" الذي ورد ذكره آنفا وهو كتاب تروي فيه تريزة ذكرياتها منذ عهد الطفولة حتى قبيل موتها، وهو بمثابة نشيد ترفعه الى مراحم الرب الابدية، وتكتب فيه كل ما يدور في فكرها بدون تردد او تصنع.
انه سفر يأخذ بمجامع القلوب اذا قرأه المرء بانتباه وبروح متفتحة لله. فكله نداء الى الاعالي وشكر على هذا الحب الذي يشمل كل انسان. فما اعظم قدرة الله. انه يستطيع ان ينجز اعاجيب حبه حتى في ابسط النفوس اذا استسلمت لعمله بثقة وسخاء.


اما كتاباتها الاخرى، فهي مجموعة من الرسائل الموجهة الى ذويها او الى اخويها بالروح او الى بعض المعارف. وجاءت في مجلدين كبيرين. وهناك ايضا مجموعة من النصائح والذكريات ضُمّت في كتاب آخر.
وكانت الذكرى المئوية لميلاد تريزة حافزا على جمع المزيد من اقوالها المحفوظة في مواضع شتى او المستقاة من الاخوات اللواتي عايشوها وسمعوها. واطلق على هذه الذكريات اسم (الاحاديث الأخيرة)، وجاءت ايضاً في مجلدين. وهناك كتيب ضم أقوالها الأخيرة، وقد ترجم الى العربية باسم "الكلم الأخيرة". ومن الجدير بالملاحظة ان الكثير من كتاباتها ما زالت محفوظة بخط يدها، وقد صُوِّرت ونشرت لتعميم فائدتها.


رسالتها

عرفت تريزة الصغيرة ان لها رسالة بعد موتها، وان هذه الرسالة تتوقف في جوهرها على ان "تجعل الله محبوبا"، وان تساعد النفوس الكثيرة على البلوغ الى هذه المحبة. فان اعلان قداسة كرملية ليزيو الشابة لهو حدث ذو اهمية كبرى في تأريخ القداسة، وهو حدث له الان ايضا تأثيره في جميع النفوس المدعوة الى الكمال والتواقة الى القداسة والسائرة نحو هذا الهدف السامي. فان تريزة الصغيرة تقدم لهذه النفوس العائشة في زماننا النور الذي تحتاج اليه. وايا كانت هذه النفوس، نفوس المؤمنين البسطاء ام نفوس رهبان وراهبات، ام نفوس كهنة،
فان القديسة تريزة تظهر في فكرة الله كمعلمة للقداسة التي يحتاجونها، وتكلمهم كلاماً يلائمهم وتريهم الطريق الفضلى التي يجب عليهم السير فيها، وتزودهم بالتعليم المناسب لاحتياجاتهم الروحية الحاضرة تجاوبا مع تصميم الله فيهم.


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

طريق الطفولة الروحية

تشرح لنا تريزة الصغيرة كيف نشأت عندها فكرة طريق الطفولة الروحية: "تعلمين يا امي اني كثيرا ما رغبت في ان اصير قديسة . ومن دواعي اسفي اني كلما قست ذاتي بالقديسات اتبين ان بيني وبينهن الفرق الذي نراه في الطبيعة بين جبل تناطح قمته السحاب وحبة رمل وضيعة تدوسها ارجل المارة. وبدلا من ان اقنط وتفتر عزيمتي، قلت في نفسي: ليس لله الكلي الصلاح ان يوحي برغبات لا تتحقق.
فباستطاعتي اذن ان اتوق الى القداسة، رغم حقارتي. يتعذر علي ان اكبر. فعلي ان احتمل ذاتي على ما فيّ من العيوب الكثيرة.
وأود ان ابحث عن وسيلة تؤدي بي الى السماء، بطريق قصير ومستقيم، طريق كل ما فيه جديد. نحن في عصر اختراعات متواصلة. فليس من الضروري الان ان نرتقي درجات السلم. ففي دور الاغنياء مصاعد تقوم مقام السلالم قياما مريحا، وأود انا أن اعثر على مصعد يرفعني حتى يسوع، لأني أصغر من ان ارقى سلم الكمال المضني...وبحثت في الكتب المقدسة عن اشارة الى المصعد الذي اتوق اليه.
فوقع نظري على هذه الكلمات الخارجية من فم الحكمة الازلية: من كان صغيرا، فليأت الي (امثال 9: 4)...ورأيت في موضع آخر هذه العبارة : ألاطفك كما تلاطف الام ولدها، وأضمك الى صدري، وأهزك على ركبتي (اشعيا 66: 12، 13)...فذراعاك يا يسوع هما المصعد الذي يرفعني الى السماء. ولهذا فلست بحاجة الى ان اطول، بل عليّ بالعكس ان اظل صغيرة، بل ان اصبح صغية اكثر فأكثر". وقد توضحت لتريزة هذه الطريق شيئا فشيئا. فهي ليست الغاية، انما هي وسيلة للبلوغ الى القداسة التي تشتاق اليها كثيرا، هذه القداسة التي هي التفتح الكامل لجميع طاقات المحبة عند الانسان. ولكن تريزة تلاحظ ضعفها وعجزها الشخصي. وهذه الملاحظة هي التي تدفعها الى استنباط وسيلة جديدة للسير الى القداسة. فتعليمها ليس درسا نظريا. بل هو جواب وجودي على معضلة ملحّة من الحياة. ولأن القضية حيوية. لذا فبوسع الكثيرين من الناس ان يجدوا فيها خبرتهم الشخصية، وجواب الكرملية من شأنه ان يلقى صدى شاملا في الكنيسة.


ثم يأتي رد فعل منطقي عند كل من عاش في نور الله. فإن الله يلهم رغبات لا يمكن تحقيقها . اذن بوسع تريزة ان تتوق الى القداسة بالرغم من ضعفها وصغرها. واذا بوسيلة تخطر ببالها، وهي قمينة بإيصالها الى الله بسهولة، كما يوصل المصعد الى فوق دون عناء فليأت الي". وذراعا يسوع هما المصعد الذي يرفعها الى السماء.
اي ان الله ذاته هو الذي يجعل الانسان قديسا، ولا يحقق الانسان ذلك بقوته الشخصية وبجهوده الخاصة، وذلك بشرط ان يعرف الانسان ان يبقى صغيرا، بل ان يصبح صغيرا اكثر فأكثر.


وإذا أمعنا الفكر في هذه الطريق، نرى ان الله هو ذاك الذي يحب الصغيرة ويدعوه الى الدنو منه، وهو الذي، اذا ما تجاوب الانسان معه، يجتذبه اليه ويغمره بحنان محبته. وهذا ما يظهر لنا رحمة الله التي تعطف على الصغير، على الانسان الضعيف العاجز.

اما الإنسان فعليه ان يتقبل فقره، وهذا يقتضي منه تواضعا، اذ عليه ان يعرف انه "صغير"، وان يُقبل الى الرب. وهذا يعني انه يعترف بعوزه وبأن الله هو الذي برحمته يأتي الى لقائنا ومساعدتنا . وهذا يقتضي ان يؤمن الانسان ويثق به ويستسلم اليه استسلاما كليا.

اجل، هذه هي طريقة تريزة، وهذه هي طريق كل نفس تصبو الى القداسة. فاذا هي تبعتها بصورة منطقية، فانها ستنتهي حيث يريدها الله، اي في المشاركة الكاملة لحياة الله في المحبة، كما صممها لكل انسان بفيض حبه اللامتناهي. والله سيعطي النفس المحبة التي لم يكن بوسعها البلوغ اليها بذاتها، وسيولي هذه المحبة لغتها وعلاماتها المميزة في الحياة الواقعية.

يروي لنا الانجيل انه في احد الايام "جيء الى يسوع بأطفال ليضع يديه عليهم، فانتهرهم التلاميذ. ورأى يسوع ذلك فاستاء وقال: دعوا الاطفال يأتون الي، لا تمنعوهم، فلأمثال هؤلاء ملكوت الله. الحق اقول لكم: من لم يقبل ملكوت الله كأنه طفل، لا يدخله" (مرقس. 1: 13-15). وهذا ما شجع تريزة على البقاء صغيرة، لكي يتسنى لها قبول الملكوت.



فعسانا ان نبقى دوما كالصغار بين يدي الله ابينا واثقين، مثل تريزة الصغيرة، بأن صغرنا وضعفنا وعجزنا سيكون صراخا ينادي رحمة الله ومحبته. وإذا ما التقت هذه الرحمة بتواضعنا، فهي قادرة ان تحقق فينا العظائم وان توصلنا الى ملء الكمال الروحي في المسيح الرب.





 
قديم 26 - 09 - 2014, 02:39 PM   رقم المشاركة : ( 6380 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

دعوتي هي الحبّ

القديسة تريزيا الطفل يسوع

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

حياة القـديـسة تـريـزيـا الطفـل يــسوع

ولدت القديسة تريزيا الطفل يسوع ، في بلدة إلنسون سنة 1873، من أسرة مسيحية هي التاسعة بين أبنائها، وحين بلغت الخامسة عشرة من عمرها ، انتسبت الى دير سيدة الكرمل في ليزيو، حيث كانت قد سبقتها اليه ثلاثة من أخواتها. توفيت في 30 أيلول سنة 1897 شغوفة بحب يسوع ، مبتلاة بداء السل الرئوي.

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



في مستهل حياتها ، كانت تعتبر بحماس بأن سبيل القداسة يستوجب قهر الذات ، إلا أنها حين بلغت الثانية والعشرين من عمرها ، بدلت من تفكيرها وأيقنت بأن القداسة ترتكز على إتقان ممارسة الأعمال اليومية الوضيعة التي يوجبها علينا واقع حياتنا الراهنة .

عاشت بطولة الفضائل الإنجيلية عن طريق " البساطة الروحية " ، فإرتقت في غضون سنوات قليلة الى قمم مدهشة من الإيمان والرجاء . وفي غياهب الظلمات التي اجتازتها ، عرفت كيف تظل أمينة ليسوع بالرغم من المحن ، الروحية والأدبية والصحية ، وثابرت على الامتثال لتوجيهات أخواتها الراهبات فيما يتعلق بالمتطلبات الرسولية للكنيسة .

هذا هو " طريق البساطة " الى القداسة المرتجاة ، أعادتها الى الأذهان تريزيا الطفل يسوع فتكنّت بحق "تريزيا الصغيرة" .

لقد كان شعارها الدائم قول الرب يسوع : أن لم تعودوا كالأطفال لن تدخلوا ملكوت السماوات". (متى 18/3)

إن ما يميز دعوة تريزيا الى القداسة هو رغبتها السريعة في تحقيقها ، رغم إدراكها لحقيقة الضعف المتأصلة في الإنسان ، تقول : لا بُدَّ لي من أن أقبل واقعي كما هو ، بكل مافيه من نواقص.

إني أريد أن أذهب الى السماء ، سالكة طريقاً مستقيمة وقصيرة المدى، طريقاً صغيرة وجديدة .

فنحن في عصر الاختراعات ، ولم يعد ضرورياً أن نتسلق الدرج درجة درجة .. هناك مصعد ..!

فأنا أصغر من أن أتسلق سلم الكمال، وهي سلم شاقة .

ولكن ماهو المصعد في نظر صغيرتنا القديسة ؟ ، الطبيعة؟.. أم الكتب المقدسة؟.. أم كلاهما؟...

لقد وجدت تريزيا في تأملها الكتب المقدسة ، ما كانت تسعى اليه فكانت تعتبر إن كلمة الله هي دائماً واقعية ، بشكل أن تكون موجهة إلينا مباشرة ، وشخصياً، ولقد كانت باستمرار موضوع أشواقها ، ولكم كانت الطبيعة أيضاً مصدر إطلالة حب الله عليها ، حتى أكثرت من الاستعارات والتشابيه المستمدة من الطبيعة كالورود والطيور والشمس والعاصفة والمطر والضباب.

لم تتردد تريزيا مطلقاً أن تُظهر في سيرتها نقائصها التي كان يسوع ساهراً على تجاوزها، لذلك لا تجد صعوبة في النهوض عندما تكبو، على حدّ قولها . فحين يكتشف الإنسان ضعفه ، تقول تريزيا : "يتحمل نقائص الغير، ولا تصدمه مواطن الضعف فيه " . فلا يكفي أن نقول إننا نحب الآخرين ، بل علينا أن نقيم الدليل على هذا الحب.

لم تتأخر تريزيا في إظهارعفويتها ومواقفها المرحة ، كأن تذكر مثلاً أن أمها كانت تنعتها بالـ "عفريتة".. وإتها حين كانت تمازح أباها تتمنى له أن يموت لكي يذهب الى السماء. وعندما تهددها الوالدة بأنها ستذهب الى جهنم حين لا تكون عاقلة ،تَردُّ عليها أنها سوف تتعلق بها لتذهب معها الى السماء، "إذ كيف يمكن للرب ، تقول تريزيا لها، أن يبعدني ؟ ألا تضميني إلى ذراعيك بشدة ". كأنها كانت على قناعة أن الله لن يستطيع حيالها شيئاً" طالما هي بين ذراعي الأم! التي هي بدورها ، تصف صغيرتها ، أنها رغم صراحتها وشفافيتها وقلبها الذهبي ، "طائشة" عنادها لا يُقهر ، عندما تقول " لا " لا يمكن لأي شيء أن يزعزعها . وتحتار الأم حول مستقبلها وتتساءل عنها " ماذا ستكون " ؟ ...

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





ليتك علمت أيتها الأم الفاضلة التي قدمت للكرمل أربع زهرات من بناتها ، أن الصغيرة منهنَّ ستكون قديسة ! .

سنة 1886 ، بلغت تريزيا الرابعة عشرة من عمرها وعلمت ، من الصحف ، الحكم بالإعدام على المجرم برانزيني ، الذي كان يرفض رفضاً باتاً أن يلتقي الكاهن ، قبل تنفيذ الحكم عليه ، فدأبت تريزيا تتضرع لله على الصلاة ليلَ نهار ، لتلتمس خلاص نفس هذا المجرم . وفي اول أيلول علمت من صحيفة "لاكرو La Croix " بأن هذا المجرم . قبل أن ينَّفَذ حكم الإعدام به ، أخذ الصليب من يد الكاهن وقبَّلَهُ، وتبيّنَت بذلك إشارة من الله الذي لا يخيّب ملتمس من يعتمد عليه تعالى ، كما ترسخت في نفسها الدعوة الى تكريس الذات للتفرغ والصلاة ، التي أحست بها ليلة عيد الميلاد سنة 1886.

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

لقد فهم جيداً البابا بيوس الحادي عشر أهمية طريق تريزيا الطفل يسوع المبسطة إلى القداسة ، فاعلنها منذ عام 1925 قديسة ، ثم جعلها شفيهة للمرسلين في العالم .

وفي اليوبيل المئوي لوفاتها سنة 1997 وضعها قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في مصف معلمي المسكونة بإعلانها " معلمة الكنيسة الجامعة " رافعاً إياها الى مرتبة أعاظم القديسين ، هي التي كانت تعتز بصغرها وضِعة شأنها .

هذه القديسة الصغيرة ، الكبيرة ، التي تزين أيقونتها المقدسة عدداً وافراً من كنائسنا ، تستقطب في أيامنا جماعات المؤمنين ، يلتمسون شفاعتها في الحلات اليائسة المستعصية ، الشفاء من الأمراض الخطيرة التي استعصت على الطب ، عودة الخطأة المدمنين الى التوبة، تهدئة أذهان أناس معرضين للشك واليأس حماية المسيحيين المضطهدين الذين تحيط بهم الأخطار ، راحةً لأنفس الذين رقدوا محرومين من إسعافات الكنيسة . فالنعم التي ننالها بشفاعتها كثيرة لا عدّ لها ومثبتة . فلنبادر إليها نحن أيضاً بطلباتنا وهي تعرف كيف تشفع لنا لدى الرب الذي أخلصت له في كل شيء وفي كل لحظة من حياتها.

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

فرض أخوية القديسة تريزيا الطفل يسوع

في كنيسة الكلدان بدمشق

المحتفل (الأب المرشد أو رئيسة الأخوية): المجد للآب والابن والروح القدس من الآن والى الأبد .

الجماعة: آمين .

المحتفل: أهِّلنْا ، يا ربّ ،أن نُكرِّمَ في هذه الصلاة القديسة تريزيا ، التي حلَّ فيها حُبُّك منذ طفولتها ونمى

فما كانت سماؤها إلاّ حُبُّك، وعاشت لا تعرف إلا شيئاً واحداً ، أن تحبَّك حُباً أقوى من الموت. علمنا، ربِّ

أن نحيا ونموت نظيرها في حبك ، ونبلغ المجدَ معها في السماء ، حيث نُسبحكَ ، وأباكَ وروحك القدوس

إلى الأبد.

الجماعة: آمين.

القارئ الأول: أيها الآب الأزلي الذي تكلل في السماوات استحقاقات من خدمك بأمانة على الأرض . بحق الحب الطاهر الذي أبدته نحوك إبنتك الصغيرة تريزيا الطفل يسوع ، ذلك الحب الذي جعلها ترجو بثقة بنوية ، أن تصنعْ إرادتها في السماء كما تممت إرادتك على الأرض . نسألك أن تستمع تضرعاتنا وتستجيب صلواتنا بشفاعتها .

الجماعة: آمين.
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 08:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024