24 - 09 - 2014, 02:29 PM | رقم المشاركة : ( 6331 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التربية الشرقية والمجتمع الغربي بقلم الشماس سلام كريم الشابي يتمنى الوالدين لابنائهم الاعزاء الحياة السعيدة والموفقية على كافة الاصعدة وهم يعيشون في بلد غريب ومجتمع تختلف فيه العادات والتقاليد واساليب التنشئة والقيم الاخرى وخاصة مسالة المعتقدات والايمان بالله. ولكي يكون الاندماج واقول الاندماج وليس الانصهار التام اي ان يصبح الانسان دنماركيا متناسيا ومتجاهلا اصله وفصله، بافضل صورة ومرضيا للوالدين والابناء، على الوالين اولا ان ينموا لدى ابنائهم مسالة الاعتماد على النفس والابتعاد عن الاتكالية التي اعتادوا عليها في مجتمعاتهم الشرقية. لان هذا هو احد العوامل المهمة والاساسية لبناء الشخصية القوية المبنية على الصخر وليس على الرمل كما يذكر الكتاب المقدس. وهنا لجدير بالذكر ان انبه على ان الاتكالية والاعتماد على الذات يجب ان لا تكون مطلقة،اي انه ينبغي على الوالدين الاشراف والمتابعة عن كثب دون ممارسة دور الرقيب او الشرطي او المستبد. من الضروري جدا محاولة فهم الابناء فيما يخص رغباتهم ومتطلباتهم وخاصة ارائهم امر ضروري جدا. لاتستخفوا او تستهزؤا باراء ابنائكم لان ذلك يضعف من شخصيتهم ويزيد لديهم الرغية للوصول الى مبتغاهم سواء شاًتم ام ابيتم لان كل ممنوع مرغوب. وهذا يؤدي كذلك الى النفور والارتياد الدائم الى خارج البيت واللجوء الى شخص اخر او الى الاصدقاء وربما يكونوا اصدقاء سؤ ومن هنا يبدا الانحراف وتنفلت زمام الامور، ولا يستطيع الوالدين احيانا ان يصلحوا ما افسدوه لانه بات متاخرا، حيث لا يفيد البكاء ولا صريف الاسنان كما يقول الكتاب المقدس. وعلى الوالدين مداركة الموقف قبل ان يسؤ مبتعدين عن مسالة اعتادوا ونشاؤا عليها الا وهي مسالة "العيب والفضيحة"، لان الفضيحة التي يخشونها الان ستكون اكبر واعظم فيما بعد، فايهما افضل ان ننقذ ما يمكن انقاذه ام نخسر كل شيء؟ واود ان اشير الى نقطة اخرى مهمة جدا الا وهي الاستعانة بالاشخاص المختصين في الامور التربوية والنفسية والدولة قد وفرت مثل هذه الامكانيات المجانية. وعلى الوالدين ان لا يلعبوا دور المتزمت او المتعند والذكي الذي باستطاعته ان يحل ويتغلب عل كل الازمات والمصائب وانه هو الوحيد الذي لديه السيادة والحكم المطلق فهذا لا يوصل الا الى تفاقم الامور وزيادة الطين بلة وضعف في الاواصر الاسرية وتلاشي المحبة والاحترام المتبادلين وتذكروا المقولة التي تقول " لا تكن قويا فتكسر ولا لَينا فتعصر". والمعونة المجانية الاخرى التي بامكاننا ان نطلبها هي معونة الله عن طريق الصلاة. الصلاة تهديء من حدة الغضب وتزيدكم صبرا وحكمة وتجعلكم اكثر طيبة في التعامل مع الامور التي تزعجكم وتقلق راحتكم. اذن اللجوء الى الله هو الملاذ الاهم في حياتنا المسيحية الحقيقية، فلا تترددوا ان تطلبوا لانه كل من يطلب يستجاب له وكل من يقرع يفتح له كما يقول الرب يسوع (له المجد). لا يااخواتي واخوتي الاعزاء نحن بحاجة ماسة الى بعضنا البعض وخاصة نحن نعيش في الغربة ، في بلد تختلف فيه العادات والتقاليد والاساليب التربوية والقيم الانسانية . لذا علينا ان نكون يدا واحدة وقلبا واحدا مبتعدين عن الحقد والبغض والخصام وخاصة الشماتة اذا ما احد منا صادفت له مشكلة او فضيحة ما. هذه كلها ينبذها الكتاب المقدس ويؤكد على ما هو نقيض لها، الم يقل الرب يسوع (له المجد) احبب قريبك كنفسك ،احبوا اعدائكم، كونوا متحابين غير مبغضين وسامح اخاك الى اخره من هذه القيم المسيحية الساميه. الا نقول في صلاة "ابانا الذي في السموات" " اغفر لنا كما نحن ايضا نغفر لمن اخطاء الينا". لماذا نحب ان نكرر الكلمات والصلوات فقط مبتعدين عن تطبيق ذلك في حياتنا اليومية. هذا هو ما يرجوه ويتمناه الرب ان يفعله كل انسان مع اخيه الانسان. لان الانسان وكل ما في هذا الكون فان ولا تبقى سوى الكلمة الطيبة التي تقال عن وهذا وذاك. اما بالنسبة للابناء فاقول ان رضى الله من رضى الوالدين. اطيعوا والديكم وكنوا لهم الاحترام والمحبة وقدموا لهم العناية لكي يبارككم الرب ويسدد خطاكم لاننا وكما نعلم جيدا ان احدى الوصايا العشر هي ان "تحترم اباك وامك " وهذا لايكلفكم شيئا بل بالعكس يزيد من محبة واحترام وتقدير الله اولا لكم ومن ثم الوالدين وكذلك الناس. لاتستخفوا او تستهزؤا بوالديكم ، فاذا كنتم انتم اكثر ثقافة واذكى فهذا بفضل وبنعمة الله التي وهبها لكم عن طريق والديكم وليس من عندكم انتم وحدكم فقط. كل ما انتم تعاينوه وتعيشونه اليوم هو بفضل والديكما اللذان ضحيا بكل شيء من اجل ان تصلوا الى بر الامان وتعيشوا حياتا افضل فلا تكونوا ناكري الجميل بل ردوا لهم ما استطعتم، واقله هو العناية والمحبة والاحترام لكي لا يشعروا بخيبة امل وان تعبهم قد ذهب ادراج الريح. انتم هي الثمار التي طالما انتظروها طويلا، فدعوهم ان يستذوقوا ويفرحوا بذلك وفرحهم يكون كبيرا لايساويه ولايوازيه اي فرح اخر في هذا الكون. انتم ملح الارض بانسبة لهم وللرب فاذا فسد الملح فبماذا يملح ؟ فلا تضلوا عن الطريق وكونوا حكماء في تصرفاتكم وظرفاء في تعاملكم ومخلصين لوالديكم فان اجركم عند الله يكون كبيرا وضميركم يكون في راحة تامة ولا يمسكم اي سؤ لان عناية الرب هي التي ستحميكم وسترشدكم وستقودكم الى الصواب. واخيرا وليس اخرا اتمنى للجميع حياتا سعيدة والموفقية وليبارك الرب يسوع (له كل المجد) ابنائنا الاعزاء ويفيض عليهم وعلى اولياء امورهم بركاته ونعمه لكيما يهدي الجميع الى الطريق الصحيح والحياة الاسرية المرجوة والمبتغات. هذا ودمتم تحت حماية الرب الذي يحميكم من كل اذية خفية وظاهرة امين |
||||
24 - 09 - 2014, 02:30 PM | رقم المشاركة : ( 6332 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التربية الجنسية للاطفال - ما هو اسلوبها الصحيح ؟ هل يسألك طفلك اسئلة محرجة تشعرك بالارتباك؟؟ ان الاهالي الذين يصيبهم الارتباك من اسئلة اولادهم إما تعلموا الامور الجنسية عن طريق الصدفة ولم يتلقوا التربية الجنسية؟؟ للأسف تربيتنا ومجتمعنا يمنعنا من التكلم بموضوع الجنس..لكن ما هي نتائج ذلك على اطفالنا ؟؟ ان تهربكم من الاسئلة المحرجة سيجعل اولادك يتجهون للمجلات وغيرها من الوسائل وربما للمواقع المخلة لإيجاد الاجابات..ان الاطفال لديهم ميل فطري للمعرفة لذا عليك عدم الهروب من هذه الاسئلة بل على العكس استغلي الفرصة اذا سألك فاشرحي له لانه سيكون متقبل لما ستقوليه وسيستوعبه.. **الاسئلة التى يطرحها في كل مرحلة: - من عمر 3الى6 سنوات: سيستفسر عن كيفية الولادة والحمل والفرق بين الذكر والانثى وكيفية تكوّن الجنين داخل الرحم؟؟ للإجابة على الاسئلة أخبرية ان هناك جزءاً معيناً من الاب يعطيه للأم والله يضع فية الروح ويكبروالله يعلم الاب كيف يعطي هذا الجزء?.أما عن خروج الجنين هناك فتحة اسفل بطن الأم يخرج منها الجنين - من عمر 7 الى المراهقة: الفتاة: عليك التوضيح لابنتك ان الله اعطاها هذا الجسد لتحافظ عليه ولا احد غريب يجب ان يلمسه.. وفي عمر التسع سنوات عليك التوضيح لها عن التغيرات التى ستحدث لجسمها عند البلوغ حتى لا تنصدم و(كذلك الفتى.) لذا عليك ان تخبريها عن الحيض بطريقة ايجابية أي انها ستدخل عالم الكبار وعليها ان تشعر بالفخر وابتعدي عن السلبية كاخبارها انه هم ودونية فكم من فتيات لم يتحدثن مع امهاتهن عن هذة الامور تعذبن عندما جاءهن الحيض فاعتقدن انه مرض اونزيف الفتى: اما بالنسبة لولدك عليك اخباره عن السائل المنوي وانه قد يقذف في نومه وهوشىء طبيعي يدل على الرجولة وايضا حدثيه عن امور الطهارة والغسل..وقد يصبح لديه ميل للجنس الناعم عليك التوضيح ان الله وضع لنا الزواج.. **هل للأب دور في التربية الجنسية : الاب والام لهما دور في التربية الجنسية..لكن للاسف الاب فى مجتمعاتنا بعيد عن التربية وهذا خطأ ..كما يفضل ان يتكلم هو مع ابنه عن الامور الجنسية والام مع ابنتها **الأمور التي يجب اخذها بعين الإعتبار: - عدم الهروب من الأسئلة لان ذلك سيدفعهم ليفتشوا عنها فى المجلات والاقران والتلفاز والانترنت وللاسف هذة الوسائل تصور الجنس بصورة دنيئة وعدوانية - عليك اعطاءهم المعلومات على دفعات وليس مرة واحدة مرة عن طريق كتاب واخرى عن طريق شريط. - الدين المسيحي ينظر لغريزة الجنس كغيرها من الغرائز - عدم اظهار الوالدين جسدهما عاريا ..وستر ما يمكن ستره . - عليك اتخاذ الحيطة والحذر من استيقاظ ابنك بالليل فجأة. - عليك مراقبة لعب اولادك مع بعض وخاصة فى خلوتهم. - الابتعاد عن جعل الاولاد ينامون مع بعض تحت غطاء واحد - عدم عرض الافلام و المناظر الاباحية او الأفلام " الجنسيهsex " - في النهاية عليك الاجابة عن الاسئلة دون عصبية لاتعتقدي ان كثرة الاسئلة نتيجة لشذوذ او قلة ادب وانما للمعرفة استغلى الفرصة بما ان اولادك يلجأون اليك ولا تتركيهم لغيرك لاخذ المعلومات.. |
||||
24 - 09 - 2014, 02:42 PM | رقم المشاركة : ( 6333 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اللغة في لقاء التربية المسيحية الأخت دُنيز الخوري مقدمة ميزات الأطفال في هذا العصر: 1- أطفال اليوم هم أطفال الصوت والصورة. 2- أطفال اليوم هم أطفال وسائل الإعلام: الكمبيوتر, الإنترنت... أي الطفل يرى ويسمع كل شيء. 3- أطفال اليوم هم أطفال يميلون إلى, الكل نوعاً ما, أقل جهد ممكن. يريدون كل شيء جاهز. العقل متجمد. كيف نجذب أولادنا للحضور إلى المركز والمشاركة في اللقاء ما هي اللغة الواجب استعمالها؟ عندما نتكلم عن اللغة لا نعني فقط الكلمة- العبارة. من حيث اللغة بمعناها الحصري: يجب استعمال اللغة البسيطة القريبة من اللغة المحكية ليسهل فهمها على الأطفال أما نص الكتاب المقدس فيقرا من الكتاب المقدس مع شرح الكلمات الصعبة. في صفوف الأول والثاني يروى الحدث كقصة ثم تُقرأ بعض الآيات. الموسيقى هي لغة في لقاء التربية: نخلق جو من الصمت والهدوء يساعد الأطفال على الاستماع وكذلك يمكن استعمال الترتيلة كوسيلة إيضاح, أو كنشاط, أو كصلاة. تعلم التراتيل ضرورة ملحة في مركز التعليم ولو على الأقل اللازمة. وسيلة الإيضاح هي لغة: لا بد من استعمال الصورة بشكل جيد: أسئلة واضحة, تركيز على الحركة إن كانت الصورة فيها حركة, تركيز على اللون في الصورة التي تركز على اللون. وسيلة الإيضاح تساعد الطفل على التركيز والفهم. الجد: إن تعابير وجه المربي تنم عن قناعة بما يقول, تعبر عن قبوله للأطفال وحبه لهم. نظرات المربي هامة جداً: هل ينظر إلى الأطفال أم إلى الكتاب والدفتر, فعندما ينظر إلى الأطفال يساعدهم على الاستماع والفهم, فنظرته إلى الطفل إذا كانت نظرة محبة تشد الطفل إلى المربي ومن خلال المربي إلى اللقاء وإلى الرب. حركة اليدين: يجب أن تكون حركة معتدلة, معبرة, وعفوية قدر الإمكان. انحناء الجسم عند الضرورة. الصوت: نبرة هادئة تساعد الطفل على الهدوء واللقاء بالرب. إشراك الطفل باللقاء: ليس فقط بالحوار بل بجسده: الوقوف, الأيدي المضمومة, تشابك الأيدي, ... كل هذه الحركات تساعد الطفل على التعبير والمشاركة. خاتمة كيف أتوصل إلى ذلك؟ ضرورة الالتزام بإيماني واكتشاف المسيح في حياتي: من هو بالنسبة لي وما هو دوره في حياتي؟ (متى 13:16- 20). يسوع قبل أن يسلم بطرس مسؤولية الكنيسة طرح عليه وعلى الرسل هذا السؤال: من أنا بالنسبة لكم؟ أن ألتزم بالرسالة التي أقوم بها. أولى الأولويات عندي يجب أن يكون لقائي الأسبوعي بالأطفال. هل أضحي بكل شيء في سبيل هذا الواجب؟ ضرورة الصلاة: ما مكانة الصلاة في حياتي؟ القداس, المشاركة في الصلوات الكنسية, الأسرار خاصةً سر التوبة وسر الأفخارستيا, ما هي مكانتهم في حياتي؟ تحضير اللقاء بشكل جيد (التحضير البعيد والمباشر) وفترة الصمت الفردية والتأمل بنص الإنجيل |
||||
24 - 09 - 2014, 02:44 PM | رقم المشاركة : ( 6334 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأسس الأولى لكل تربية صحيحة الأستاذ موريس آكوب إنَّ هدف التربية الصحيحة هو أن تجعل المتربي إنساناً ناضجاً حرّاً مسؤولاً، وأهلاً لاتخاذ القرارات. فللطفل منذ الولادة شخصية مدعوة للنمو؛ فهو ليس كما يدَّعي البعض صفحة بيضاء أكتب عليها ما أشاء، ولا عجينة أشكِّلها كما أشاء. إنّما هو إنسان يمتلك قدرات وطاقات ومواهب على المربّي أن يكتشفها وينمّيها. التربية الجيدة هي التي تخلق الجو والمحيط المؤاتي لينمو الطفل نموّاً جيداً وسليماً. كيف أتعامل مع الطفل ؟ إّنهم يصوّرون السعادة في شراءِ قصر أو منتجع على البحر، أو في شراء سيارة حديثة. كلّ الأبواق والصّور تنصحنا... السعادة هي أن نشتري، ونقتني ونمتلك ونستهلك، السعادة هي أن نستأثر. لا يهمُّنا إذا كان الآخرون لا يملكون ولا يستهلكون، ولا يحصلون على الحاجات الضروريّة لحياتهم. المهم نحن إن جلسنا أمام موائدنا فعليها أن تعمر بكلّ ما لذ وطاب، وإن لبسنا فلكلّ مناسبة ثوباً جديداً. ليس علينا إلاّ أن نقبع في قصرنا المزيّن بالأرائك، واللوحات والتماثيل ومقتنيات العظماء لنحصل على السعادة. ولا ينسون أن ينصحونا أيضاً بإحكام إغلاق أبوابنا ونوافذنا، فعلينا أن نغلق كلّ شيء، لأنّ كلّ الذين حولنا هم أعداء لنا وسارقون طامعون, قد يحاولون النفوذ من أيّة ثغرة فيشاركوننا فيما نملك، لذلك فهناك الأقفال الحديثة التي تستعصي على أمهر السارقين، وهناك الأسلاك الشائكة والأبواب الإلكترونيّة. أولاً : أُربّيه على الثقة بنفسه بعيداً عن الحماية المفرطة. أحياناً إن لم نقل في معظم الأحيان، نلعب، نحن المربّين وخاصة الأمهات، دور الدجاجة التي تحتضن فراخها! فلا نترك مُتنفساً لأولادنا بحجة حمايتهم من المكروه، غافلين إلى أنّنا بذلك نسيء إلى نمو شخصيتهم ولا نفسح في المجال لاستخدام قدراتهم وتفتّح مواهبهم. إنَّ خوفنا عليهم هو في الحقيقة خوفنا على أمر نمتلكه ونخشى أن نفقده. لنتعلَّم من العصفورة الأم التي تدفع بصغارها إلى الطيران بأجنحتهم ليواجهوا الحياة بأنفسهم ... المربي الحقّ هو الذي يلعب دور المشجّع، لأنّ التشجيع يزرع الثقة بالنفس ويبني الشخصية. ثانياً : تحاشي مقارنة الولد بغيره. إنَّ هذه المقارنة قاتلة. لأنّني بها أُظهره على أنّه لا شيء، وبالتالي نقتل ثقته بنفسه. وإذا حدثت هذه المقارنة وكانت قويّة فالنتيجة تكون أحد أمرين: - إمّا يعاقب الولدُ أهلَه ومن يقوم على تربيته بالتمرّد والمشاكسة والشغب ... - وإمّا يضغط على نفسه بالدراسة وينغلق على نفسه ليتفرّغ للدرس كي يثبت لنفسه وللأهل والمربّين أنّه قادر لا كما يقولون له؛ فالنتيجة في كِلا الحالين تتوقف على دينامكية شخصيته؛ وهي في الحالتين مؤذية له. ثالثاً : اعتماد الحوار وخاصة مع أجيال اليوم. أن أتحاور مع الولد معناه أن أُصغي له بالدرجة الأولى، أن أترك له الفرصة الكافية ليعبِّر عن أفكاره ومشاعره وهواجسه ... فإذا كان الولد يُخطئ في تصرفاته، فبالحوار معه أساعده على اكتشاف خطئه والإقرار به من تلقاء نفسه لا إجباره بالاقتناع به تحت التهديد والوعيد. رابعاً : أدرّبه على اتخاذ القرارات. لا أن اتَّخذها عنه إلاّ في المواقف الخطيرة. فحيث لا يكون الموقف خطراً فعليَّ، كمربٍّ، أن أسمح له بالتجريب حتى وإن كلَّف ذلك بعض الخسارة. فالولد يتعلّم بالخبرة ومن يتعلّم لا بدَّ من أن يدفع الثمن المعقول. أمّا عندما يكون اتّخاذ القرار في موضوعات خطرة عندها لا أسمح له بذلك مهما كلَّف الأمر. إنَّ نجاحي كمربٍّ في هذه المسألة يتطلَّب مني أن أعرف أنا أولاً كيف أتَّخذ القرارات الصائبة، ففاقد الشيء لا يُعطيه طبعاً. ينبغي علينا إذاً أن نفسح في المجال لأولادنا في أن يُجرِّبوا فيتَّخِذوا القرارات بأنفسهم؛ فالله إذ سلمنا الكون فلأنه يريد أن نتسلّط عليه وهذا يتطلَّب ويفترض استخدام التجريب. خامساً : أتحاشى عبارات من هذا القبيل: ما عدْتُ أحبك ... يا لها من عبارة خطيرة من شأنها أن تقتل الولد... لا يمكن أن تُبنى التربية على الخوف من القصاص وعلى التهديد والوعيد. إنّما على المحبة. المحبة البصيرة هي وحدها التي تبني وتحرّر. هذه المحبة لا تتناقض مع الحزم. لقد كان يسوع مثالاً في المحبة والحزم في آن واحد. ( الويل لكم أيّها الفريسيون- يطرد الباعة من الهيكل ? يقول لبطرس: أبعد عنّي يا شيطان الخ ... ) ولكنه في العمق كان يحبّهم، لقد كانت محبتة حازمة إن صحَّ التعبير، محبة محرّرة مُنمِّية تدفع المربّي إلى إخراج ما هو صالح فيه ونبذ ما هو طالح منه. ثمّة فرق بين الحزم، والضرب والعقاب علينا أن ندركه ونعيه، الضرب والعقاب عمل ثأري موجّه إلى شخص الولد؛ هو عمل ضد المُخطِئ والخاطئ، في حين أنَّ الحزم هو تأديب بمحبة ضد الخطأ والخطيئة. فالله وهو المربّي الأول ما كان يوماً ضد الخاطئ إنَّما ضد الخطيئة التي فيه. وما مِِن إنسان مثل الولد يدرك فيما إذا كان المربّي الحازم يحبه أم لا. سادساً : أن أربّيه على المجانية. يا لها من تربية خاطئة عندما أقول للولد: " إذا فعلت كذا أُعطيك بونبونة أو مرحى، " أو ... إنّني بذلك أُربّيه على " النفعية " فيما المطلوب أن أُربّيه على " المجانية "؛ المكافأة الصحيحة لا تكون شرطاً معلوماً لأداء عملٍ ما صالح، إنّما نتيجة عفوية للقيام به. إنَّ الروح المجانية التي نربّيها في الولد تنقله من مركزية الأنا إلى مركزية الآخر، تُحرِّرُه من أنانيته تدريجياً وتجعل منه إنساناً غيْرياً. فمسيرة التربية الصحيحة هي انتقال من الأنانية إلى الغيْريّة، وهي نفسها مسيرة النضج لأنّها مسيرة الحرية |
||||
24 - 09 - 2014, 02:45 PM | رقم المشاركة : ( 6335 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أهمية التربية - Gravissimum educationis بيان في "التربية المسيحية" من الأسقف بولس، خادم خدّام الله، مع آباء المجمع المقدس، للذكرى الخالدة. مقدمة إن ما للتربية من أهمية خطيرة في حياة الإنسان، وتأثيرها المتزايد دوماً في تقدم المجتمع المعاصر، إنما هو موضوع ينظر المجمع المسكوني المقدس إليه بجدية وإهتمام (1). وفي الحقيقة، إن أوضاع الوجود اليوم تجعل من تثقيف الشباب، ومن تربية البالغين المستمرة مهمة أكثر سهولة، وأشد الحاحاً على السواء. فالبشر، وقد أصبحوا أشد وعياً لكرامتهم ومسؤوليتهم يتمنون أن يشتركوا بفاعلية أكثر، وكل يوم، في الحياة الإجتماعية، وخاصة في الحياة الإقتصادية والسياسية (2). وإذ يمكنهم تقدم التقنية والبحث العلمي العجيب، ووسائل الإعلام الإجتماعي الجديدة على التنعم بأساليب التسلية المتزايدة، تجعلهم بالوقت عينه يبلغون بسهولة زائدة الى إرث البشرية الثقافي والروحي، ويغنون بعضهم البعض بواسطة العلاقات الوثيقة التي تربط بين الجماعات وبين الشعوب بالذات. إن الجهود تبذل في العالم أجمع، لتشجيع التربية أكثر فأكثر. فالحقوق الأولية للإنسان في التربية، لا سيما تلك التي للأولاد والآباء، إنما هي حقوق معترف بها وتذكرها المستندات الرسمية (3). وتجاه تزايد عدد التلامذة السريع، تتزايد المدارس في كل الجهات، وتتقن في كل ناحية، وتنشأ مؤسسات تربوية أخرى، وتطور إختبارات جديدة أساليب التربية والتعليم. وإن جهوداً نفسية تبذل لتوفر هذه الخيور لكل الناس، مع أن عدداً كبيراً من الأولاد والشباب لا يتلقى بعد حتى ولا تعليماً أبتدائياً، مع أن غيرهم كثيرين لا يزالون محرومين من التربية الصحيحة التي تنمي الحقيقة والمحبة معاً. لهذا على أمنا الكنيسة المقدسة، كي تؤدي الرسالة التي أوكل الرب، مؤسسها، أمرها إليها، وهي أن تحمل الى كل الناس بشارة سر الخلاص، وأن تبني كل شيء في المسيح، أن تهتم بحياة الإنسان بكاملها حتى حياته الدنيوية، على قدر ما هي مرتبطة بدعوته الفائقة الطبيعة (4). إذاً على الكنيسة أن تلعب دوراً في تقدم التربية وتطورها. لهذا يعلن المجمع المقدس المبادىء الأساسية للتربية المسيحية، لا سيما تلك التي تتعلق بالحياة المدرسية. وستغنى لجنة خاصة بنشرها بالتفصيل بعد إنتهاء المجمع. وعلى المجامع الأسقفية أن تضعها موضع التطبيق آخذة بعين الإعتبار الظروف المحلية. حقّ كل إنسان في التربية 1- لجميع الناس، دون أي إعتبار للجنس، والعمر والحال، بما أنهم ينعمون بكرامة الإنسان الشخصية، حق لا ينقض في التربية (5) تتجاوب مع دعوتهم الخاصة (6)، وتوافق طبعهم، وإختلاف أجناسهم، وثقافتهم، وتقاليدهم العريقة، وتنفتح بالوقت نفسه على تبادل أخوي بينهم وبين سائر الشعوب لدعم الوحدة الحقة والسلام في العالم. فالغاية التي تتوخاها التربية الحقة، هي تربية الشخص الإنساني تربية تتجاوب وغايته الأخيرة وخير الجماعات التي هو عضو منها، ويبذل النشاط في سبيلها وقد غدا راشداً. ومن الواجب، أخذاً بعين الإعتبار تطور العلوم النفسية، والتربوية، والتعليمية، مساعدة الأولاد والشبان على أن يطوروا بتناغم مؤهلاتهم الجسدية والدبية والعلمية، وأن يكتسبوا تدريجياً، تحسساً أشد إرهافاً لمسؤولياتهم في إنماء حياتهم الشخصية بالجهد المتواصل المستقيم، وفي السعي وراء حرية صحيحة بتذليلهم بشجاعة متواصلة كل الصعوبات، وأن ينعموا بتربية جنسية إيجابية، فطنة تساير تقدمهم في السن. علاوة على ذلك، ليتنشأوا على المساهمة في حياة المجتمع كي يتداخلوا كما يليق، بعد أن يكونوا قد تدربوا على تقنيات راهنة وضرورية، فيصبحون جديرين أن يندمجوا إندماجاً نشطاً في الجماعات التي تؤلف المجتمع الإنساني، وينفتحون على الحوار مع الغير، ويسهمون من كل قلبهم في تحقيق الخير العام. ويعلن المجمع المقدس أيضاً، أن من حق الأولاد والشبان، أن يحثوا على أن يصدروا باستقامة الضمير حكماً يقدرون فيه القيم حق قدرها، وأن يدينوا بها في سلوكهم الشخصي؛ لا سيما عليهم أن يتعمقوا تعمقاً مضطرداً في معرفة الله ومحبته. ولهذا يلح المجمع أيضاً على جميع الحكام أو الذين يشرفون على شؤون التربية، أن يحذروا ألا يحرموا الشبيبة أبدأ هذا الحق المقدس، ويخص أبناء الكنيسة أن يعملوا بكل سخاء في حقل التربية الشامل، وذلك بغية أن تعم، بسرعة محاسن تربية وثقافة لائقة، جميع الناس في العالم أجمع (7). التربية المسيحية 2- للمسيحيين حق تربية مسيحية وقد غدوا خلائق جديدة بعد أن ولدوا من الماء والروح القدس (8)، فدعوا بالتالي أبناء الله، وأنهم لكذلك في الحقيقة. ولا ترمي هذه التربية أن تؤمن للشخص الإنساني النضوج الذي وصفنا فيما سبق وحسب، بل ترمي خاصة كي يغدو المعمدون في بادىء الأمر وفي كل يوم، وقد دخلوا خطوةً خطوةً الى معرفة سر الخلاص، أشد وعياً لهبة الإيمان التي أقتبلوها. وليتعلموا أن يعبدوا الله الآب بالروح والحق، في العمل الطقسي أولاً فيتحولون بنوع أنهم يقودون حياتهم الشخصية وفقاً للإنسان الجديد في البر والقداسة الحقيقية، وينتهوا هكذا الى حالة الإنسان البالغ، الى ملء إكتمال المسيح مساهمين في نمو الجسد السري. علاوة على ذلك، فليتعود المسيحيون، وقد أصبحوا واعين لدعوتهم، أن يشهدوا للرجاء الذي فيهم، ويساعدوا على تحويل مسيحي للعالم، به تسهم القيم الطبيعية في خير المجتمع (9) بكامله، وقد أخذت وأدمجت في نظرة شاملة للإنسان الذي إفتداه المسيح. لهذا يذكر المجمع المقدس رعاة النفوس بواجبهم الخطير وهو ألا يألوا جهداً في العمل، كي يفيد كل المؤمنين من هذه التربية المسيحية، وخاصة الشبان الذين هم أمل الكنيسة (10). المسؤولون عن التربية 3- يعتبر الوالدون المربين الأولين لأبنائهم وأهمهم، وعليهم يقع الألزام الخطير في تربيتهم لأنهم هم الذين أعطوهم الحياة (11). وهذا الدور التربوي هو من الأهمية بمكان، حتى إذا ما ضلوا فيه، صعب جداً أن يعوض. وعلى الوالدين أن يخلقوا جواً عائلياً تُحييه المحبة والإحترام لله وللبشر، جواً يساعد على تربية أبنائهم الكاملة، الشخصية والإجتماعية. فالعيلة اذاً هي المدرسة الأولى للفضائل الاجتماعية التي لا غنى عنها لأي مجتمع. وبنوع اخص في العائلة المسيحية الغنية بنعمة سر الزواج ومتطلباته، يجب أن يتلقن الأولاد منذ نعومة أظفارهم، تمشياً مع الايمان الذي اقتبلوه بالعماد، على أن يمجدوا الله ويكرموه وأن يحبوا القريب. هناك يختبرون لأول مرة الكنيسة والمجتمع الانساني الصحيح. وأخيراً يدخلون رويداً رويداً بواسطة العائلة في الجماعة البشرية وفي شعب الله (12). ليقدّر الأهلون اذاً اهمية العائلة المسيحية الحقّة في حياة شعب الله وتقدمه بالذات. واجب التربية العائد بالدرجة الأولى للعيلة، يتطلب مساعدة المجتمع كلّه. فعلاوة على حقوق الأهلين وسائر المربين الذين اليهم يوكل الأهلون جزءاً من دورهم التربوي، على المجتمع المدني مسؤوليات وحقوق معيّنة في تنظيم ما هو ضروري للخير العام الزمني. من واجباته أن يحث على تربية الشبيبة بأساليب عديدة، فيضمن واجبات الأهلين وحقوق سائر الاشخاص الذين يمثلون دوراً في التربية، ويوفر لهم مساعدته في هذا الصدد. ويعود للمجتمع المدني، وفقاً لمبدأ الاستطراد، ان يكمّل عمل التربية حيث يقصّر الأهلون، وحيث تنقص مبادرات المؤسسات الاخرى مراعياً في ذلك رغبات الأهلين. علاوة على ذلك، على المجتمع المدني أن يؤسس المدارس والمعاهد التربوية الخاصة على قدر ما يقتضيه الخير العام (13). وأخيراً تتعلق المهمات التربوية بالكنيسة بصفة خاصة. يجب الاعتراف لها بأهليتها في حقل التربية، لا من حيث انها مجتمع بشري فحسب، بل بنوع خاص لأن عليها تقع مهمة تبشير الناس طريق الخلاص، واعطاء المؤمنين حياة المسيح، ومساعدتهم بعناية متواصلة الى بلوغ الانفتاح الكلي على حياة المسيح هذه (14). فالكنيسة ملزمة اذاً بأن تؤمن، كأم لأولادها، التربية التي تنفح حياتهم كلها بروح المسيح. وفي الوقت عينه، تقدّم نفسها للعمل مع كلّ الناس، لتدفع الشخص البشري نحو ملء كماله، وتؤمن خير المجتمع الدنيوي وبنيان عالم دوماً اكثر انسانية (15). الوسائل المتنوعة في خدمة التربية المسيحي 4- ان ما يشغل الكنيسة، كي تكمل رسالتها التربوية، هو ان تستخدم كل الوسائل الصالحة ولا سيما تلك التي تلائمها. واولادها التنشئة الدينية (16) التي تنير الايمان وتقوّيه، وتغذي الحياة حسب روح المسيح، وتقود الى الاشتراك الفعّال والواعي في الأسرار الطقسية (17)، وتحث على العمل الرسولي. انما تعير الكنيسة أهمية قصوى للوسائل التربوية الأخرى، التي تنتمي الى تراث الانسانية المشترك، ولها الشأن العالي في تهذيب النفوس وتثقيف الناس؛ وانها تجهد ذاتها كي تروحنها بروحها وترفعها الى مستوى أعلى، لا سيما وسائل الاعلام الاجتماعية (18). والمنظمات العديدة التي تصبو أن تنمي الجسد والروح، وحركات الشبيبة وخاصة المدارس. أهمية المدرسة 5- تتقلّد المدرسة أهمية خاصة (19) بين كل وسائل التربية. وبقوة رسالتها، انها تنمي القوى العقلية نمواً مضطرداً، وتمكّن من اعطاء الحكم الصائب، وتدخل الى التراث الثقافي الموروث عن الأجيال الماضية، وتشجّع معنى القيم، وتعدّ للحياة المهنية، فتخلق بين الطلاب، وقد اختلفت أخلاقهم وتباين اصلهم الاجتماعي، روحاً من الصداقة تساعد على التفاهم المتبادل. زد على ذلك، انها تؤلّف مركزاً فيه يلتقي العائلات، والمعلمون، والجماعات المختلفة الانواع التي خلقت لتطوّر الحياة الثقافية، والمدنية، والدينية وأخيراً المجتمع المدني بل المجتمع الانساني بكامله، لتتقاسم مسؤوليات سيرها وتقدّمها. انه لعبء ثقيل وجميل معاً، عبء الدعوة التي دعي اليها اولئك الذين تحمّلوا مسؤولية التربية في المدارس كي يساعدوا الأهلين في اتمام واجبهم ويمثلوا المجتمع البشري. انها لدعوة تتطلب مواهب عقلية وقلبية خاصة، واستعداداً بعيد المدى وهمة دائمة للتطور والتكيّف. |
||||
24 - 09 - 2014, 02:50 PM | رقم المشاركة : ( 6336 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قطار التربية السليمة الأب سامي حلاق اليسوعييسير على سكّتيّ المزيد والمحبّة البصيرة بوجه عام، لا يعرف الإنسان عن نفسه إلاّ القليل. ومعرفته الناقصة لذاته تجعله يسعى إلى غاية محدودة. حين يبلغها يكفّ عن التطوّر مدّعياً أنّه لا يستطيع أن يكون غير ذلك. لكنّنا نرفض هذا المبدأ، ونحثّ المتربّين عندنا على "المزيد". ونقصد بكلمة "المزيد" تلك الحركات المستمرّة في انطلاقة مندفعة مستديمة بلا كلل ولا ملل، من أجل تمجيد الله وخدمة البشر بازدياد لا حدّ له. فالمزيد مسيرة نحو الأفق. يتقدّم فيها المرء نحوه باستمرار دون أن يبلغه. وفي أثناء تقدّمه، يكتشف كم لديه من طاقات وإمكانات دفينة كان يجهلها. أمّا "المحبّة البصيرة"، فهي القدرة على حبّ الأشياء باعتدال ومنطقيّة، والتعامل معها بوعي. بالمحبّة البصيرة يستطيع المرء أن يختار ما هو أفضل بالنسبة إليه في هذا الوضع وبموجب هذه الظروف وبمقتضى هذه الأحوال. ويغيّر اختياراته مع تغيّر تلك العناصر أو بعضها. ويفرض اتّباع أسلوب "المحبّة البصيرة" علينا ألاّ نحتمي وراء القانون أو القرار، بل أن نستثني بعض الأشخاص نظراً إلى أوضاعهم وظروفهم، حتّى وإن بدا الأمر للعامّة سلوكاً مستهجناً نفضّل فيه أناساً على آخرين. إنّنا نسعى، في جوّ من "المحبّة البصيرة"، إلى ضبط المندفعين وحثّ البليدين وإثارتهم. وهذا يضفي على عمليّتنا التربويّة ديناميكيّة خاصّة، ويحثّنا على تطبيقها بأسلوب شخصيّ. فـ"المزيد" هدفنا، و "المحبّة البصيرة" وسيلتنا. لأنّ المزيد يجمع بين ما هو مطلق ونسبيّ. مطلقيّة الهدف ونسبيّة تحقيقه. أمّا "المحبّة البصيرة" فتجمع بين ما هو نسبيّ ومطلق. نسبيّة الوسائل المستخدمة ومطلقيّة السعي في سبيل "المزيد". وهكذا، يستمدّ "المزيد" من "المحبّة البصيرة" روح المحبّة الّتي تحرّك العمليّة التربويّة وتلهمها، وتستقي "المحبّة البصيرة" من "المزيد" حيويّته وسعيه الدؤوب نحو ما هو أفضل وأعظم وأثمن. وحقيقة نهجنا التربويّ تكمن في تفاعل هذين القطبين وتضافرهما وتوحيدهما جدليّاً: لا "المزيد" وحده، ولا "المحبّة البصيرة" وحدها، بل كلاهما في آن واحد. يتعلّق "المزيد" بما هو شموليّ ومجرّد. و"المحبّة البصيرة" بما هو خاصّ وواقعيّ. لذلك تتميّز تربيتنا في أنّها شاملة/واقعيّة كما أنّها مطلقة/نسبيّة. ويرتبط "المزيد" بالمثل العليا الّتي تدفع إلى الأمام وتحثّ على التقدّم. إنّه انطلاقة الحرّيّة نحو الآفاق الشاسعة. أمّا "المحبّة البصيرة" فترتبط بالواقع. إنّها الجهد والعناء. فلولا "المزيد" لانغمست التربية في رتابة الواقع. ولولا "المحبّة البصيرة"، لهربت التربية من الواقع. "المزيد" هو الهدف. به يتجاوز الشخص محدوديّته. أمّا "المحبّة البصيرة" فهي الوسيلة، بها تميّز الوسائل والأساليب الملائمة للسعي إلى ذلك الهدف. إنّها تحقّقه بما يتلاءم وظروف الشخص والمكان والزمان. ويرتبط "المزيد" بالتربية في حدّ ذاتها، وبأهدافها العامّة للجميع. أمّا "المحبّة البصيرة" فترتبط بأساليب التربية المكيّفة لتناسب الشخص في بيئته وبحسب كيانه. لهذا السبب، نسعى في عمليّتنا التربويّة إلى إبراز "المزيد" تارة و"المحبّة البصيرة" طوراً، ونسعى إلى الجمع بينهما، مدركين صعوبة الوصول إلى التوازن الكامل بينهما. فقد يدفعنا طبعنا إلى "المزيد" أكثر منه إلى "المحبّة البصيرة" أو العكس. غير أنّ فعلنا التربويّ محاولة مستمرّة لجمعهما في توازن يسعى وإن لن يصل إلى الكمال. قابليّة التقدّم والنموّ إنّ روح "المزيد" تفترض أن نؤمن إيماناً راسخاً بأنّ كلّ شخص قابل للتقدّم والنموّ باستمرار، وقادر على تجاوز ذاته بلا حدود. ويعود ذلك إلى أنّه شخص خاضع للزمان الّذي هو تقدّم ونموّ دائمان. لذلك علينا احترام مراحل تطوّره والوقت اللازم لها. فنتمهّل مع هذا ونسرع مع ذاك، كلّ بحسب ما هو عليه وما هو قادر عليه، في محبّة بصيرة وصبر وطول أناة. ولا يحرّكنا في سلوكنا التربويّ هذا أمل بشريّ بل رجاء روحيّ. ففي كثير من الأحيان، نصاب بخيبة أمل ونيأس أمام أشخاص صعبيّ المراس، عاجزين عن أيّ تغيّر. لكنّ الرجاء المسيحيّ يذكّرنا بأنّ كلّ شخص يحمل في طيّات نفسه قابليّة للتأثّر، واستعداداً للتغيير، ورغبة في التقدّم، واشتياقاً إلى النموّ، حتّى وإن دلّت المظاهر الخارجيّة على عكس ذلك. وأساس رجائنا هو أنّ الله يعمل في الشخص أكثر ممّا نعمل نحن. وكما يقول القدّيس بولُس: "أنا غرستُ وأبُلُّس سقى ولكنّ الله هو الّذي أنمى. فليس الغارس بشيء ولا الساقي، بل ذاك الّذي ينمّي وهو الله" (1كورنثس 3/6-7). خلاصة القول، إنّنا نؤمن بأنّ كلّ شخص هو حرّ/ فريد/ قابل للتقدّم والنموّ. وهذا يجعلنا نثق بالمتربّي ثقة تحرّكها "المحبّة البصيرة". إنّها ثقة لا تتجاهل الصعاب والعراقيل الّتي تعيق حرّيّة المتربّي وفرادته وتقدّمه ونموّه، بل تؤمن بأنّه قادر على تجاوزها بروح المزيد. وعلى أساس تلك الثلاثيّة، نحدّد طبيعة تعاملنا مع المتربّي. فنسعى إلى اكتشاف الإمكانات الكامنة فيه ونساعده على اكتشافها من أجل "المزيد". وكذلك الحدود الّتي تعرقل مسيرته، فنسعى إلى تربيته تربية شاملة "بمحبّة بصيرة". الإمكانات والحدود من أجل تربية شاملة إنّنا نشجّع الّذين يتربّون عندنا ونحثّهم وندفعهم ونحمّسهم كي يكتشف كلّ واحد منهم غناه الشخصيّ وديناميكيّته الداخليّة ورغباته العميقة وتطلّعاته الطموحة. ونعرض على كلّ واحد قيماً ومُثُلاً عليا لتحقيق ذلك. ونسعى إلى أن نكون مثلاً لهم في التضحية والفرح الداخليّ والانشراح والمحبّة وحبّ الاكتشاف والفطنة ... أي بالسعي إلى "المزيد". كما نتمسّك بأهداب "المحبّة البصيرة". وكم مرّة أصابتنا الدهشة حين اكتشفنا الإمكانات الدفينة أو الظاهرة عند المتربّي، فسعينا إلى أن نرافقه في مسيرته بمحبّة أخويّة. إنّنا نساعد الشخص أيضاً على اكتشاف حدوده الّتي تعيق تقدّمه، وعلى الإقرار بها وقبولها إن لم يكن باستطاعته تخطّيها. ومن الحدود الثقيلة الوطأة ماضي الشخص وطباعه وعلاقاته وظروفه ... فالإقرار بها يساعده على التآلف معها لأنّه، كما يقول بعض الفلاسفة الوجوديّين، "ما من حرّيّة مطلقة في العالم، فجميع الحرّيّات مشروطة". علاقة المربّي بالمتربّي تكوين العقل إنَّ سعينا إلى كشف الإمكانات والحدود عند الشخص يصبو إلى تربيته تربية شاملة: الذاكرة والعقل والإرادة والحرّيّة والضمير والأفكار والأقوال والأفعال والمخيّلة والحواس والجسد والوجدان والمحبّة. وأهمّ هذه الأمور ثلاثة نعدّها بالترتيب: العقل/ الإرادة والوجدان/ المحبّة. شعارنا في تكوين العقل هو التالي: "إنّ ما يُرضي النفس ويشبعها ليس العلم بغزارة وإنّما الشعور بالأشياء والتذوّق الباطنيّ لها". لذلك لا نرمي، في عمليّتنا التربويّة، إلى التثقيف بقدر ما نرمي إلى التكوين. فعلى المتربّي ألاّ يتعلّم كثيراً. لأنّ هذا يجعله يحشو المعلومات في رأسه حشواً بأسلوب الحفظ الغيبيّ من دون تفكير. بل عليه أن ينمّي قواه العقليّة، بحيث يسمو في عقله إلى أقصى حدّ من النموّ، وأن يزيد من مستواه الثقافيّ ويُسَرّ بالمعرفة والحكمة في الحياة والرغبة في الله. تكوين العقل حين أدخِلَ المسرح والنشاطات الفنّيّة في أنشطة التعليم. أثيرَت انتقادات كثيرة. فقال الناس إنّ المربّي، بدل أن يدرّب المتربّين على تذوّق الله وإغناء المعارف، لا يسعى إلاّ إلى التدريب على الذوق السليم والعادات الجميلة، شأنه في ذلك شأن أساتذة آداب الحياة الاجتماعيّة. ولازال بعض الأشخاص، حتّى من بين المربّين، يعتبرون النشاطات الفنّيّة والرياضيّة أموراً لا تمسّ للعمليّة التربويّة بصِلة. فهم يفهمون العمليّة التربويّة كعمليّة تعليميّة صرفة، ولا يليق بهيئة تربويّة تعليميّة أن تنظّمها، وهي مضيعة لوقت الأولاد. إنّهم يستهجنون أيضاً كلّ نشاط جسديّ أو ترفيهيّ أو فنّيّ، ويعدّونه مضيعة للوقت، لأنّ الطفل أو الشابّ في رأيهم هو مجرّد "آلة للدرس وتحصيل العلامات". وكلّ ما خرج عن ذلك فهو من الشرّير. إنّ موقفنا واضح لا يحتمل الالتباس. إن أردنا العمل من أجل مجد الله، لا يكفينا أن نعلن البشارة ونمنح الأسرار، بل علينا، تحت طائلة عدم الأمانة، أن نهتمّ بكلّ الإنسان، وبكلّ ما يمتّ إليه في حساسيّته ومخيّلته وعاطفته وطموحه وسعيه ومواهبه ونظرته إلى الجمال والحق. لذا، يجب على المربّي أن يستند إلى جميع إمكانات المتربّي ليساعده على أن يصبح إنساناً بكلّ ما في الكلمة من معنى. فلا يقوم دوره على تعليم الجاهل وتثقيفه ليصبح إنساناً مثقّفاً، بل على مساعدته في التقدّم بحسب مبدأ "المزيد" نحو الحقّ وفي الاكتمال إلى أبعد حد. ويتجلّى هذا الأمر في أسلوبنا التربويّ. فنحن لا نشرح كلّ النصوص حول موضوع معيّن، بل نكتفي بقراءة نصٍّ واحد، وهو ما نسمّيه "القراءة التمهيديّة"، وندرّب المتربّي على فنّ التعمّق في فكرة كاتبه وأسلوب تأمّله واستخراج كنوزه، بحيث يصبح قادراً على التفكير والتأمّل والاستنتاج أمام أيّ نصّ يقع بين يديه، سواء كان دينيّاً أو عاديّاً. وبأسلوبنا هذا نعلن عداءنا لحشو الرؤوس. ثلاثة مبادئ لتكوين العقل تُختصر مبادؤنا لتكوين العقل في نقاط ثلاث: 1) طريقة سقراط في طرح الأسئلة، 2) إثارة الإبداع عند المتربّي، 3) ممارسة المراجعة لتثبيت النتائج. على هذا الأساس، يلتزم المربّي بالأمرين التاليين: آ- لا يجوز له أن يكون حاجزاً بين تفكير المتربّي والحق، ما لم يكن ذلك لتعزيز الاتّحاد بينهما. ففي العمليّة التعليميّة، يعاني المربّون مشقّة كبيرة كي لا يتصوّروا التعليم بأسلوب يخالف أسلوب توزيع المعلومات على مستمعيهم. إنّهم يُملون الدروس عادة أو يقرأونها، فيضعون بذلك حاجزاً بين عقل المتربّي والحقيقة الّتي يجب أن يكتشفها بنفسه بوساطة عمليّة التفكير والاستنتاج. ب- عليه أن يحثّ المتربّي على العمل الشخصيّ، وأخذ موقف خاصّ من الأحداث الّتي يعيشها والعلوم الّتي يكتسبها. وفي الآن نفسه، ينصحه ويشجّعه ويتابعه ويقيّم معه سير الأمور ونتيجتها. لهذا لا نُملِ الدروس إلاّ بعد مناقشتها ثمّ شرحها. ولا يهم إن كتّبنا الطالب كلّ شيء قلناه أم لا. فالإملاء يضيّع على المربّي فرصة عرض التفكير النقديّ (لا الانتقاديّ). وبدل أن يجد المتربّي ماءً لا ينال إلاّ الوحل. فالكتابة عمل كاذب، والوقت الّذي تستغرقه وقت ضائع، لأنّه يمكننا أن نجد ما ندوّنه في كتب تعرضه بأسلوب أفضل من دفاترنا. يقوم المربّي بطرح الأسئلة بحسب طريقة سقراط كي يثير اهتمام المتربّي ونشاطه. فلا تُطرح الأسئلة لمراقبة معلومات المتربّي أو لامتحان ذاكرته، لأنّ هذا لا يتطلّب من المتربّي أيّ مجهود عقليّ ولا يكوّن العقل. فحمل الطالب على التفكير يختلف عن تسميع الدروس. وهناك فرق شاسع بين الفاحص الّذي يحمل الطالب على أن يقول ما يعرفه، والمربّي الّذي يسعى إلى مساعدة عقله، المغشّى بالغوامض، على اكتشاف ما يظنّ أنّه يجهله أو ما يفكّر فيه تفكيراً غامضاً. فعلى سبيل المثال، إذا كان الدرس عن الشر، يسأل المربّي: س. ما هو الشر؟ ج. إنّه كلّ عملٍ سيّء يقوم به الإنسان وكلّ كارثةٍ طبيعيّة تؤذيه. س. ومن خلق الشر؟ إذا كان الجواب "الله"، نسأل مباشرة، إذا كان الله هو الّذي صنع الشرّ فهو شرّير! وإذا كان الجواب "الشيطان"، نسأل، وهل الشيطان خالق ليخلق الشر؟ وهكذا، يبدأ المتربّي بالتفكير. ويرافق التمرين الشفهيّ في طرح الأسئلة تمارين أخرى خطّيّة متنوّعة إلى أقصى حدّ في التأليف، ممّا يفسح المجال لقوّة الإبداع عند المتربّي. ففنّ التأليف يضع المتربّي في صلة حميميّة بالمجهود الإبداعيّ الّذي قام به المؤلِّف، في حين أنّ الإلقاء، ولا سيّما التمثيل، يمكّنانه من الانفتاح على الشعور بالجمال. ففي التمثيل يعبّر المتربّي بصوته وحركاته ومواقفه وحساسيّة جسده عن الأفكار والمشاعر الّتي وجدها في النصّ. لهذا نعير التمثيل اهتماماً بالغاً. أمّا المبدأ الثالث لأسلوبنا التربويّ لتكوين العقل فهو المراجعة. على المربّي أن يخصّص قسماً كبيراً من اللقاء لتثبيت النتائج المكتسبة، والتحقّق ممّا اكتسبه الطلاّب. ولا تكون المراجعة تكراراً يتناول الذاكرة، بل عودة إلى الموضوع نفسه، ولكن من ناحية أكثر تآلفاً من الأولى. فبعد مناقشة نصّ ما، تُعاد قراءته، فيتمتّع المتربّي به، ويتذكّر جميع النقاشات الّتي دارت حوله. وفي المرّة التالية، يُحاول الطلاّب تذكّر ما قيل. والمراجعة تكشف للمربّي جدوى أسلوبه التعليميّ. بها يستطيع أن يدرك إلى أيّ درجة أصغى إليه المتربّي وفهم كلامه وحفظه واستوعبه، وأين يبدأ جهله وقلّة إدراكه. ولا ضير في أن يقضي المربّي في تدريب طلاّبه على التعبير ضعف الوقت الّذي كرّسه للتعليم (الدرس). علاقة المربّي بالمتربّي تكوين الإرادة والوجدان إنّ غاية تكوين الإرادة والوجدان هي تحويل المتربّي إلى إنسان حرّ واعٍ لأعماله. والحرّيّة في نظرنا هي التغلّب على أهواء النفس والطواعيّة الإراديّة لعمل النعمة. وهذا لا يتمّ بطريقة عفويّة، بل بتدريب مستمر على "التغلّب" على النفس، وعلى فرض نظام يُخضع جميع قوى الإنسان لقدرة عُليا. فنحن لا نفرض أنظمتنا من أجل الخير العام، بل من أجل تكوينٍ له هدف روحيّ ألا وهو اكتشاف الحرّيّة وممارستها. تكوين الإرادة والوجدان لا يقتصر هدفنا في التربية على تكوين عقل المتربّي وحسب، بل يشمل تكوين إرادته أيضاً. أو بعبارة أدق، نحن نكوّن الإرادة بتكويننا للعقل. ودور المربّي هو شحذ العزيمة بقدر ما هو إيقاظ العقل. لذلك نسعى في أنشطتنا إلى تدعيم عنصر المغامرة، وعلى المتربّي أن يتعلّم كيف يواجه الصعوبة ويذلّلها من دون يأس. وهذا من شأنه أن يقوّي إرادة المتربّي ويجعله ينتصر على أعدائه الباطنيّين من ميول لا تفيده في بناء شخصيّته. ونعتمد في إثارة الهمم وإشعال روح الحماس على العلاقة بين المربّي والمتربّي. وقوامها الثقة المتبادلة والصراحة والفرح. إنّنا نقوّي الإرادة والوجدان من خلال خلق شعور من الشرف عند المتربّي. ونرفض أسلوب العقاب الشرس. فالتوبيخ الكلاميّ المهذّب، الّذي يتمّ في جوّ من "المحبّة البصيرة"، يأتي بنتائج أفضل بكثير من العقاب. وكثيراً ما يعدّل المتربّي سلوكه بدافع الخجل لا الخوف. والشعور بالخجل يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالشعور بالشرف. أمّا العقاب، فيصطبغ على الدوام بصبغة الخدمة. حين يقوم المتربّي بعمل سيّء، نعاقبه بأن نطلب منه أن يقوم بعملٍ حسن للتكفير عن خطئه. وحين ينفّذ ما طلبناه منه، يشعر براحة التكفير وفخر العمل الصالح في آنٍ واحد. وإذا يئسنا من مذنب، نفصله إلى حين كي يشعر بألم خطيئته من خلال ابتعاده عن المركز وما فيه من نشاطات وجوّ فرح. ومن الوصايا الّتي نراعيها في القصاص نذكر ما يلي: - لا تتجاوز العقوبة أبداً ذنب الولد. - يُنـزَل القصاص عند الضرورة فقط. - لنحرص على أن يكون ردّ فعل المتربّي إيجابيّاً إذ نشرح له ذنبه. - نحافظ على تقدير المتربّي لنا حتّى في القصاص. - الغضب لا يفيدنا في عملنا التربويّ إطلاقاً. وفي حال حدوثه، فلنغضب بمحبّة. - يجب تهذيب المتربّي قبل تأديبه. - يجب تجنّب التهديدات الخالية من الفطنة. - على القصاص أن يكون بنّاءً، ويفيد إتمامه الشخصَ أو الجماعة. لا شكّ في أنّ هذه العمليّة شاقّة. فنحن نسعى إلى الجمع بين الحزم واللين. وهو أمر لا غنى لنا عنه للإيحاء بالثقة، ولكنّه شاقّ. فمن بين المربّين مَن يسعون إلى الكمال ولا يعيرون الضعف البشريّ انتباهاً. ومنهم مَن يميلون بإفراط إلى الشفقة فيشجّعون، بحجّة العطف، التراخي في الالتزام. فلا بدّ إذاً من أن يكون الحزم غير عنيف، واللين غير ضعيف. ندرِّب الإرادة أيضاً بالتشديد على المجهود المبذول. فنطلب من المتربّي أن يقوم بإنجاز أعمالٍ في فترة محدّدة وبدقّة كي يتعلّم الإسراع في توظيف جميع قواه. ونعلّمه أنّ الجهد المبذول يؤدّي إلى نتائج ليست باطلة، لأنّ الإنسان يستطيع، في أيّ سنّ من عمره، أن يؤثّر في مصيره، مُعِدّاً إيّاه ومتكهّناً ببعض منعطفاته وراغباً فيه. ونحيي في المتربّي روح التفاؤل وحبّ العمل، وهما صفتان لا غنى عنهما للنجاح. ولعل التنافس خير مضمار لتقوية روح التفاؤل إن تمّ بأسلوب شريف وجوّ محبّة. بهذا الأسلوب يستطيع المتربّي أن يكون متفائلاً متشبّثاً يؤمن بقدرته وقيمة الجهد الّذي يبذله، وبالتالي، قويّ الإرادة، وشديد التصميم. علاقة المربّي بالمتربّي التكوين على المحبّة وفي التكوين على المحبّة، ننظّم حياة الأولاد على غرار مجتمع صغير. لكلّ واحد فيه حقوق وواجبات تجاه الآخرين. وعلى كلّ واحد أن يكون في مكانه بحسب قدرته وإمكاناته، وأن يكوِّنَ نفسه مجتهداً أن يبقى بمستوى الجماعة. وعلى المربّي المسؤول واجب الجمع بين تقدّم المجموعة وتقدّم كلّ عنصر فيها. تكوين المحبّة يُختصَر شعار تكويننا للناس على المحبّة بالعبارة التالية: Men for others رجال من أجل الآخرين. إنّنا نربّي المتردّدين إلينا ضمن مجموعات. واجتماعنا بهم حوار أكثر منه درس. حوار بين المربّي والمتربّين، وبين المتربّين أنفسهم بإشراف المربّي. فإلى جانب نموّ كلّ واحد بمفرده، نسعى إلى نموّ المجموعة معاً من خلال عمل الفريق أو مشروع الفريق الجماعيّ. يشارك فيه كلّ واحد بحسب ما أعطاه الله من مواهب وإمكانات. فأولاد التعليم ليسوا أرقاماً بل شخصيّات مميّزة تمكّنهم الحياة الجماعيّة من تثبيت شخصيّتهم وإثبات كيانهم أمام الآخرين ومعهم. ويُعدّ التنافس الشريف من الوسائل الّتي نستعملها لتقوية الروح الجماعيّة. ونحرص على ألاّ يتمّ بروح حسد، بل "بمحبّة بصيرة". فالمنافس الحسود يرغب في التغلّب على الخصم ولا يبالي بتحسين نفسه، بل يكفيه أن يُذِلَّ الخصم بأيّة طريقة كانت. وهو لا يتمنّى تقدّم خصمه، بل يشمت بتدهوره. أمّا روح التنافس الشريف الّتي نسعى إلى تنميتها، فهي تقدّر الآخر وتشجّعه على التحدّي وتخطّي محدوديّته. هذه غايتنا من كلّ ما ننظّمه في المباريات بشتّى أنواعها: رياضيّة، ثقافيّة، معلوماتيّة ... وإذا كنّا نضيف إلى كلمة "تنافس" لقب "الشريف" فلأنّنا نريد أن يتنافس أولادنا في الفضائل والروحيّات، كما يقول القدّيس بولس. بذلك نستطيع أن نروّض غريزة من أقوى غرائز الشباب، ألا وهي الصراع، ونطوّعها لنجعلها حليفاً لروح المحبّة لا خصماً. لا شكّ أنّ التدرّب على روح التنافس الشريف صعب. لذا، نعتمد على المراجعة والتقييم بعد كلّ منافسة. ولا يتركّز تقييمنا مع المتربّين حول أسباب النجاح أو الخسارة، بل الروح الّتي خضنا بها المنافسة، وكيف أظهرت وجوه الخطيئة الكامنة في كلّ شخص. ففي المنافسة ينـزع المتربّي عن وجهه قناع التقويّات، ويُظهر كلّ ما فيه من عنف وضعف وأنانيّة وحسد وغضب ... فيسهل على المربّي معرفته معرفة أفضل، ويسهل عليه هو أيضاً، من خلال المراجعة، معرفة نفسه على حقيقتها من دون رياء أو خداع. وبذلك يمكن للعمليّة التربويّة أن تأتي بثمر أفضل، لأنّها تنطلق حينذاك من الواقع وتعتمد على الصراحة. أمّا من جهة "المزيد" و "المحبّة البصيرة" فثمّة مناهج للتكوين على المحبّة وهي: التعاون وتكوين النخبة والحوار والنظام. فمن جهة التعاون، نحن نعلم مدى قوّة الجماعة عندما تعمل معاً، ومدى فاعليّتها الّذي يفوق عمل فرد واحد وحيد، أو عمل مجموعة من الأفراد غير متّحدين في ما بينهم. ويُعتبر هذا المنهج ذا أهمّيّة كبيرة. فكثيراً ما تطغى بين المربّين أو بين المتربّين روح التواجد معاً على روح التعاون معهم والتضامن الحقيقيّ بينهم والخدمة المشتركة. وكثيراً ما تتغلّب الروح الاجتماعيّة على الروح الجماعيّة. أمّا روح التعاون والتضامن والخدمة، فهي في سبيل تمهيد الطريق للالتزام مع الفقراء وخدمتهم. ومن جهة تكوين النخبة، نحن نعي أنّ المتردّدين إلى مراكزنا ينتمون إلى طوائف متنوّعة. ونعي في الآن نفسه معاناة الطوائف الّتي ينتمي هؤلاء إليها وفقرها. لذلك نبذل قصارى جهدنا في تكوينهم كي يفيدوا الآخرين في المستقبل كما استفادوا هم منّا. إنّنا نكوّن رسلاً تكويناً صالحاً كي يكونوا في مجتمعاتهم كالخمير في العجين، ويكونوا أداة للتغيير نحو الأفضل. وفي منهج الحوار، نتبع القاعدة الذهبيّة ونربّي عليها: على الإنسان أن يفترض صحّة رأي الآخر وحسن نيّته. فيجب على المتربّين عندنا أن يبرّروا فكرة الآخر وسلوكه لا الحكم عليه. فإن تعذّر عليهم ذلك، فليسألوه. وإن كان في أفكاره أو سلوكه ما هو غير صحيح، فليُصحّح بمحبّة. إنّه منهجنا للتحاور مع الناس، بحيث يتدرّب المتربّي على بذل قصارى جهده للحوار مع الآخرين، لا في أثناء تكوينه فحسب، بل في حياته المستقبليّة أيضاً، حيث يواجه حتماً أشخاصاً وجماعات، آراء ونظريّات، نظماً ومؤسّسات ... لا يتّفق دوماً معها، وعليه رغم ذلك أن يتحاور معها. أمّا التنظيم، فيعتمد على النمط السلطويّ أكثر منه على الديمقراطيّ. فالمرجعيّة الواحدة ضروريّة لتنسيق العمل وتوحيد التوجّه. إلاّ أنّ هذا لا يلغي الحوار المصغي بين الرئيس والمرؤوس. ونحن نشدّد كثيراً على النظام، لأنّه أسلوبنا الوحيد في تحقيق العدالة بين الأشخاص واحترام حقوقهم وتحرير الحرّيّات. فبالنظام نقوّض ما يعتري النفس من فردانيّة أو طغيان. إنّه السدّ الضروريّ لتنظيم تدفّق الماء بدل أن يكون سيلاً جارفاً تارة، ومستنقعاً عفناً تارة أخرى. غير أنّ المرونة ضروريّة مع الحزم، وذلك بمقتضى "المحبّة البصيرة". فعلى النظام أن يتلاءم مع المتربّين، وعلى المسؤول الّذي يطبّقه أن يجمع بين "الحزم والحلم، والصرامة والوداعة. فلا يعدل عمّا يراه أكثر مرضاةً لله ربّنا، ولا ينقص ما يتوجّب عليه من حنان نحو أبنائه، حتّى يعترف الّذين وبّخهم أو عاقبهم بأنّه تصرّف باستقامة في الربّ وبأنّه عمل بدافع المحبّة، ولو جاء عمله مخالفاً لنـزعاتهم البشريّة". باختصار، يعتمد تطبيق النظام على مقولة القدّيس بولس: "الحرف يميت، والروح يحيي" (2كورنثس 3/6). فبدون الحرف يصبح الروح واهناً، وبدون الروح يصبح الحرف قاتلاً. الخاتمة إنّنا نصبو، من خلال عملنا التربويّ، إلى تكوين شخصيّة متّزنة. فلو كوّنّا التقوى فقط، لوقعنا في فخّ التقويّات، وأنتجنا أناساً حالمين بعيدين عن الواقع. ولو كوّنّا العقل فقط، لوقعنا في فخّ "العقلانيّة"، وأنتجنا شخصيّات متعصّبة متشبّثة بآرائها، واثقة ثقة عمياء بصحّة مواقفها، ولا تأخذ بعين الاعتبار محدوديّة الآخرين أو ضعفهم. ولو كوّنّا الوجدان فقط، لوقعنا في فخّ الإشراق، وأنتجنا شخصيّات لا تهتمّ إلاّ بنفسها. الصورة النموذجيّة للتربية في مراكزنا هي تكوين القوى النفسيّة الثلاث بالتوازي: العقل والوجدان والإرادة. بتكوين العقل، تصبح الشخصيّة قادرة على الفهم والتفكير والتحليل والاستنتاج والمقارنة والحكم والتطبيق، بروح النقد (لا الانتقاد) الّتي لا تسلّم تسليماً أعمى بما تسمعه أو حتّى تراه، بل تجتهد في فهم الأمور والقضايا وفي تكوين رأي شخصيّ، وتكون أمينة فكريّاً في معالجتها. شخصيّة منفتحة على كلّ ما يأتي من الخارج، من أشخاص وأحداث وآراء وتطوّر. ولا يتحقّق هذا إلاّ بالتدرّب على الدقّة والإتقان والكفاءة والإبداع والابتكار والتعلّم أكثر منه التعليم. وبتكوين الوجدان، تستخدم الشخصيّة الوجدان استخداماً متّزناً بدون تطرّف، وتتذوّق الأشياء تذوّقاً باطنيّاً، وتنظر إلى الأمور بالعقل والقلب معاً، وتحرّكها الرغبات المضبوطة. شخصيّة مبنيّة على المحبّة الّتي قوامها العطاء المتبادل بين المحب والمحبوب، فتظهر في الأفعال أكثر منها في الأقوال، فتحب الله في كلّ شيء، وتحبّ كلّ شيء في الله. وبتكوين الإرادة، تستطيع الشخصيّة أن تضبط نفسها وتقاوم ميولها، وتحيا القيم والفضائل بضمير حيّ مستقيم، وتتّخذ القرارات وتنفّذها وتلتزم بها، فتصبح شخصيّة حرّة لا يغريها النجاح ولا يحطّمها الإخفاق أو الشدّة. وفي نهاية المطاف، نهدف من عملنا التربويّ إلى تكوين بشر من أجل الآخرين، فلا يحيا الشخص من أجل ذاته ولتحقيق مآربه الفرديّة، بل ينطلق نحو الخدمة. فالإحساس بالآخرين، والتضامن مع الفقراء، واحترام صغار الناس والمنبوذين، هي صفات الشخصيّة الّتي نريد تكوينها لدى المتربّين، كي يساهموا في بناء مجتمع جديد مبنيّ على قيم إنسانيّة متأصّلة في الإيمان بالله والثقة بالإنسان. مجتمع يتميّز تعامل بعض أفراده مع بعضهم الآخر بروح المزيد والمحبّة البصيرة. فبهذه الروح يستطيع المرء أن يميّز ما هو خير في مجتمعه لتنميته وما هو شرّ لإصلاحه. فيتمّ بذلك ما قاله القدّيس إيريناوس: "مجد الله هو الإنسان الحي. وحياة الإنسان هي رؤية الله". "مثالنا الأعلى هو إنسان مكوّن تكويناً حسناً، كفء فكريّاً، منفتح على التقدّم، روحانيّ، محبّ ملتزم في خدمة العدالة خدمة سخيّة" (الأب بيتر هانس كولفنباخ اليسوعي) |
||||
24 - 09 - 2014, 02:53 PM | رقم المشاركة : ( 6337 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
دور الاطفال في تربية الايمان عند المربي
الاخت امل الباني دور الأطفال في تربية الإيمان عند المربي الأخت أمل الباني إن ممارسة التربية الدينية تقتضي أن تكون الحالة الروحية أو حياة الإيمان عند المربي في وضع بعيد عن الركود, ذلك لأن في ممارسة التربية, يعيش المرء بالضرورة تطوراً مستمراً, فالوضع التربوي الذي يحمله المربي يجعله على اتصال مستمر بمن يتعامل معهم, الأمر الذي يدفعه لأن يحُسّن وضعه أي أن يربي ذاته كي يحُسِن التعامل مع الآخرين, وأن يربي علاقته بالله الذي يتحدّث عنه ويبشّر به. كيف يتم هذا التطور؟ 1- في علاقته مع الأولاد وبواسطة الأولاد. الأولاد هم مصدر حياة روحية, إنهم منفتحون ويستقبلون كل شيء جديد لأن كل شيء فيهم جديد. إنهم يتفاعلون بسرعة مع كل جديد, وأجوبتهم المفاجئة والمُدهِشة وتفاعلاتهم مع كلمة الله تُدهشنا وتحرّك فينا الشعور والإيمان بقدرة الروح العاملة في قلوب الأطفال والبسطاء (أحمدك يا رب لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والعلماء وكشفتها للأطفال). إنّ المربي مدعوّ ليقف أمام دهشة الأطفال وقفة تأمل وإعجاب وصلاة... 2- الأولاد الذين نستقبلهم ونسمعهم ونحترمهم هم مصدر فرح بالنسبة للمربين. إنهم في أغلب الأحيان مصدراً لخيبة الأمل ولكنهم مصدر فرح في أحيان أخرى. فمثلاً عندما يقول الأولاد بأنهم سعداء عندما نصغي إليهم ونتفهّم مشاكلهم, وإنهم سعداء بوجودهم معنا وباكتشافهم محبة الله بواسطتنا, فهذا أمر يولّد لدينا الفرح والتعزية ويحثّنا على المتابعة رغم الصعوبات. وهل أجمل من أن يتمكّن المرء من فتح القلوب على الله؟... ليس من الصعب أن نحرك العقول ونساعدها على فهم الأشياء وأمور الدنيا, لكن البطولة هي في تحريك القلوب. كلنا نعرف أن القلب هو موطن الأسرار والرغائب والرغبات وما أكثر الرغبات التي يسعى إليها المرء في هذا العصر وما أكثر المغريات التي تشدّه إليها, البطولة هي أن يتمكّن المربي من مساعدة الولد عل إسكات هذه الأصوات لوقت كي يفسح المجال لله ليدخل إلى قلبه ويجد فيه زاوية يرتاح فيها. 3- إن أسئلة الأولاد تحشرنا و تقودنا لأن نطرح على أنفسنا أسئلة لم نكن نطرحها من قبل وما كنّا لنطرحها اليوم لولا الأولاد,أسئلة تجبرنا على أن نفهم ونسأل ونبحث ولا ننسى أن في كل سؤال نطرحه على أنفسنا في المجال الديني دعوة للتأمل والتعمق في إيماننا. 4-عندما نعمل على إيقاظ الإيمان عند الأولاد وعلى تنميته فإننا في الوقت نفسه نعمل عل تعميق إيماننا وبالتالي على تغيير حياتنا وتثبيت هُويّتنا المسيحية.هذه التغيرات والتطورات التي تحصل عند المربي في أثناء ممارسته التربية الدينية, لابدّ، إن كان واعياً لها, أن تقوده إلى انفتاح رسولي يعطيه بعدً رسولياً وكنسياً. هذا الانفتاح الرسولي يظهر في حب التعرّف إلى العالم، في الانفتاح على الشمولية وفي التعرّف إلى حياة الكنيسة في العالم, وهذا وبدون شك يساعد الأولاد على أن يوسّعوا آفاقهم في مفهومهم للإيمان, لأن الإيمان ليس مسيرة عمل شخصي منفرد عن الآخرين, إنه مسيرة شعب الله في طريقه نحو الملكوت. المربي المؤمن والملتزم لا يكون سعيداً إن عاش إيمانه بمفرده, وهو لا يرتاح إن كان أولاده في صحة روحية جيدة بينما إخوة له آخرون بعيدون عن الإيمان, وأولاد آخرون يقضون أوقاتهم في الشوارع وليس مَن يشجّعهم على سماع كلمة الله. الانفتاح الرسولي هو أن لا نتخاذل إن طُلب منا أن نمدّ يد المساعدة لأولاد آخرين خارج مراكزنا, أن نذهب إلى الأحياء والقرى المجاورة التي تحتاج إلى حضور كنسي, وأن نضع كل إمكانياتنا في خدمة هذه الرسالة المقدسة, خدمة أبناء العماد في مسيرتهم نحو الملكوت. البعد الكنسي: يقوم البعد الكنسي على إدراك المربي أنه يعمل باسم الكنيسة وليس باسمه,وأنه مرسل من قِبَل الكنيسة انطلاقاً من دعوته التي ورثها من المعمودية إذ أصبح ابن الكنيسة وعضواً فعّالاً ومُرسَلاً إلى إخوته ليُسهِم في نقل الإيمان إليهم. هذه الدعوة تتطلب منه عملياً أن يتحرر من حب المنافسة, أن يتحرر من الطعن بمربين يعملون معه وبمراكز أخرى عندما يحاول إفراغها لإنعاش مركزه. إن المربي,انطلاقاً من هذه الرسالة, مدعو ليبني علاقات قوية ومتنوعة مع الأولاد والعائلات والكهنة والرعية والأسقف, وهذا بالطبع لا يتم بدون صعوبات, فالتأقلم مع هؤلاء الأشخاص والخضوع لإرادة الكاهن المسؤول ليس بالأمر السهل, كما عليه أن يتحاشى الخلافات التي تبلبل جو المركز وتعطلّ عمل الروح وتوّلد الشكوك عند الأولاد والجماعات التي يتعامل معها, وهذا كلّه يتطلّب حياة روحية تغذّيها قوّة الروح الجماعية. الحاجة إلى المطابقة, إلى اللُّحمة بين الأقوال والأفعال: إن كل عمل تربوي وخاصة في مجال الإيمان مبني على التضحية. فعلينا كمربيين أن نضحي بإمكانيات أخرى كي نولي الأولوية لعملنا التربوي, وهذه التضحية تشبه إلى حد كبير تضحية المسيح بنفسه في سبيل إخوته؛ تضحية تحتاج دائماً إلى التأقلم والتوضيح وهذا يظهر أيضاً من خلال الانسجام في كل الحياة. فالتربية تساعد المربي على أن يكون أكثر انتباهاً إلى حياته وحياة غيره, إلى حياة الأولاد في مسيرة إيمانهم كما تجبره على أن يطابق أعماله على أقواله كأن يتساءل: هل هذا يحصل بالفعل؟ هل أنا في وضع حميمي مع المسيح؟ هل يتمكّن الأولاد من رؤية المسيح من خلال حياتي؟ إن الأولاد يحشرون المربي كي يعيش هذا التطابق, هذه اللُّحمة, إنهم يلاحظون هذا الانسجام أو غيابه ويطالبون بأن يكون أكثر مصداقية. التربية الدينية تغير حياة المربي من خلال نظرته إلى الله إن التربية الدينية التي تلقاها المربي في طفولته كانت مؤسسة على تطبيق شرائع تجاه إله متطلِّب. أما عندما يصبح المؤمن مربياً يبدأ باكتشاف إله الحب الذي يريدنا سعداء وأحراراً. وهذا يساعد على أن يمر من إيمان الولد إلى إيمان الرجل البالغ. وفي الوقت نفسه يساعد على تقوية العلاقة مع الله. علاقة تساعده بدورها على أن يشهد في حياته ليسوع المائت والقائم والحي اليوم والحاضر في حياته اليومية. التربية الدينية تساعد المربي على تغيير نظراته إلى ذاته: في بدء ممارسته التربية الدينية يشعر المربي بالخجل والخوف من الكلام أمام الآخرين, وبعد فترة يشعر أنه أصبح أكثر شجاعة وأكثر جرأة وأنه أصبح أكثر سيطرة على تلك المشاعر. ثم إن التربية تُكسِب المربي تواضعاً إذ في البدء يعتقد أن بإمكانه التحدّث بسهولة عن الله وتقديمه للأولاد وكأنه أكلة جاهزة, جهّزها هو بيده, وأنّ مثالية الله سهلة البلوغ وأنه يعيشها كاملة, لكنه يكتشف شيئاً فشيئاً أنّ الله لا يُمتلك وليس هو بمتناول اليد, والوصول إليه لا يتم إلا بالوقوف أمامه, وِقْفة الفقير أمام الغني, فهو مصدر الكمال, والإيمان به والوصول إليه نِعَمٌ تُطلب يومياً بكل تواضع وإلحاح, ونحن بدونه لا نستطيع شيئاً, كما يكتشف أن الكمال هو سعي مستمر, ولا وجود له على هذه الأرض, إذ يدرك من خلال خبرته أن يفشل غالباً وأنّ التقدم الروحي طريق طويل وصعب. إن المربي انطلاقاً من هذه الخبرة يدرك أو يكتشف ضعفه ويعترف به ويصبح أكثر استعداداً لتفهّم الآخرين في ضعفهم ومحدوديتهم, يعرف كيف يحبهم في هذا الضعف لأنه يدرك أن نعمة الله تفيض في ضعف الإنسان. في الممارسة التربوية يكتشف المربي مجدداً اقتناعاته في أثناء تبشيره بها, في قوتها وضعفها ويبدأ بالبحث عن سبب وعن كيفية تلك الاقتناعات وهذا العمل يسمح له أيضاً بأن يشرح للأولاد ويوضّح لهم أن هناك بالضرورة مسيرة داخلية تمتد على مدى الحياة. وأخيراً هناك الأحداث التي يعيشها المربي خارج الإطار التربوي: في العمل وفي العائلة وفي اللقاءات مع الأصدقاء... هذه الأحداث تؤثر عليه وتطبعه وتهزّ حياته الروحية, وهذا كلّه ينعكس على طريقته في ممارسة التعليم وبالتالي في تأثيره على الأولاد ولا سيّما إن هو أغنى لقاءاته بنقل خبراته. أختم بالقول: إن التربية الدينية وبفضل الأولاد هي أفضل وسيلة لمساعدة المؤمن على الدخول في مغامرة الإيمان التي من خلالها يتعرّف على محبة الله في طولها وعرضها وعمقها, مغامرة حب الله للإنسان تلك المحبة المصلوبة والمنتصرة في القلوب المنفتحة على نعمته والواقفة خاشعة عند أبوابه |
||||
24 - 09 - 2014, 02:56 PM | رقم المشاركة : ( 6338 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لاهوت الحياة المُعاشة الأستاذ ميشيل فرنسيس منذ القديم في عرف الإنسان إله يشرف على نظام هذا الكون الفسيح، ويرعى حياة كلّ الخلائق. ومسيرة الديانات هي مسيرة نضج الإنسان على كافة المستويات، فهل هذه المسيرة بعيدة عن إدراك الله؟ ففي زمنٍ تشاركت فيه عناية الله ونمو الإنسان نحو نضجٍ أهّل الإنسان ليدرك أنّ لهذا الكون إله واحدّ وهو الإله الخالق. ففي الديانة اليهوديّة والمسيحيّة والإسلاميّة إقرارٌ بأنّ الله هو الخالق الذي خلق هذا الكون بكلّ ما فيه من عجائب وأمور أرفع أن تُدرك من قبل عقل الإنسان. فالله في الرؤية الدينيّة هو الخالق وحياة كلّ الخلائق. وإذا كان الله هو باري هذا الكون وكلّ ما فيه فهل الحياة التي تسري في الكون الذي خلق الله تُشير إلى هذا الباري؟ إنّ العناصر والنباتات والحيوانات كما هو واضح منذ القديم، هي تحت تصرّف الإنسان وكأنّ الإنسان هو السيد الذي له السلطة المطلقة على هذه الموجودات. لذا كلّ ما هو موجود غير الإنسان لا يُحدّد بذاته وجود الله، ولكن سيّدها ، الإنسان، هو الذي يحكم في هذا الموضوع. فالإنسان هو عقل الموجودات وقلبها، وروحه تسمو على كلّ موجود. والسؤال هنا: هل يقدر الإنسان إدراك الله من خلال عناصر الحياة التي تحيط به؟ للخوض في هذا المضمار لا بدّ أن نرى الإنسان في ينابيع حياته أو في بيئته التي تطبعه بطابعها. فالإنسان وعناصر الحياة يلتقيان معاً في هبة الحياة الكامنة في أعماق كلّ منهما، وهكذا فالحياة ترسم بطريقةٍ مباشرة أو غير مباشرة كمالاً مشخّصاً فهل هو الله الخالق؟ لننظر إلى الفلاّح الذي هو إنسانٌ منفتحٌ على الكون الفسيح، فيرى فيه مؤشرات تُفرحه وأخرى تُحزنه. وهو متحسسٌ لمعنى الحياة والنمو والزمن. فعلاقته بمزروعاته التي يقوم بزراعتها والعناية بها، علاقة تنبض فيها نبضات الحياة. فيرى مع نمو الغراس، وتحوّل البذور إلى نباتات حيّة فتيّة، قدرة محيية تحيّره وبنفس الوقت يقف منذهلاً من ذلك. يتأمل الفصول وتغيّراتها ويرى في نفسه تغيّراتٍ عديدة، فيجد السعادة والفرح أحياناً وعواصف وأزمات أحياناً أخرى، يرى في الزمن ثماراً لحياته وفي وقتٍ آخر لا يجد ثمراً. فعلاقته بمزروعاته علاقة عطاء وأخذ، علاقة رعاية وانتظار الثمر الذي يعود عليه بالخير. فهذا العطاء من الأرض والسماء يشعر به الفلاّح ويشعر بأنّ حياته لا تقف عند ذاته. وبنفس الوقت يعلم أنّ كلّ ما يهتمّ به لا يقدر هو بنفسه أن يشرف على نموّه، فهو مرتبط بشكلٍ أو بآخر بأمور أخرى. لذا استمراريّة الحياة التي يعاينها تهمس في قلبه المتسائل، الذي يتوق إلى التجدد على مثال النباتات والأشجار، وتقول له: تتوق إلى الحياة فانظر إلى حياتك ترى من خلالها أنّ الحياة ، عطيّة وتقبّل، منّة وهديّة، شكرٌ واندهاش، وهل تعتقد أنّ كلّ شيء يسير لوحده دون راعٍ ورقيب؟ إنّ اعتقاد الفلاّح بوجود شخصٍ عظيم هو حقيقي، ولكن ما هي صفات هذا الشخص الذي يشعر به هذا الفلاّح بالذات؟ وإذا تأمّلنا في الفيلسوف فهو شخصٌ علائقي ووحدوي، في كيانه نسيجٌ لوحدة يتوق نسجها، وفي عقله حبّ يرغب أن يُترجمه بأعمالٍ تبني الإنسان وتعطي للمجتمع معنىً أفضل. وهو مشتل للأفكار وهذا الواقع الذي يشعر به يجعله ينفتح أكثر على الكون وعلى بداياته وأسبابها،وعلى نهايته ومعناها. ففكرة المجتمع الماورائي هي فطريٌّة في عقل وقلب الفيلسوف. ولكن ما هي صفات هذا الحاكم والملك والمشرّع الذي يُشرف على هذا المجتمع العلوي، بالنسبة إلى هذا الفيلسوف؟ وإذا تأمّلنا في الراعي فهو شخصٌ يرتزق من رعاية القطيع الذي يؤتمن عليه. ويعيش في عالم الولادة والنمو، وفي علاقة عطاء وأخذ مع كائنات حيّة. فيرى في سرّ الحياة الذي يعاينه أنّ هناك راعٍ في السماء يُشرف على رعاية قطيعه ويمنحها قوّة للإخصاب لتعطي كائنات حيّة جديدة. ولكن ما هي صفات الراعي المطلق الذي يملك القدرة العظيمة، الكامنة في ذهن هذا الراعي؟ وقياساً على ذلك نجد بشكلٍ طبيعي أنّ الأشخاص الذين يحتكّون بكائنات حيّة نباتيّة أم حيوانيّة أو يملكون فكراً ما ورائياً عندهم فكرة المطلق وهي من المُسلّمات بالنسبة إليهم. ويصعب حصر المجالات المختلفة في عالم اليوم لكثرتها، منها من كان في الماضي وتتطور ومنها ما هو وليد الحاضر و ولدت كلمات جديدة تعبّر عن هذه المجالات. ومن هذه المجالات: عالم الاقتصاد، وعالم السياسة، وعالم التكنولوجيا، والطبّ، والقضاء، والفلك، والشعر، واللغة، والكمبيوتر،.... نجدها جميعاً تنمو ويزداد نموّها بقدر ما تولد فيها كلمات جديدة. ومع ظاهرة عدم الإيمان السائدة في عالم اليوم، هل تغيب عن كلمات إنسان اليوم صفات الكائن المطلق |
||||
24 - 09 - 2014, 02:58 PM | رقم المشاركة : ( 6339 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مسألة التشويق في اللقاء الديني الأستاذ موريس آكوب مقدّمة عندما أريد أمراً ما أتشوق له (التشويق) فأفعل شيئاً للحصول عليه (الفاعلية) فأحصل على نتيجة ما وأحاول ترسيخها وتثبيتها والاحتفاظ بها (التعزيز) وعليه فالخطوات الأساسية في عملية التعلم ثلاث: التشويق والفاعلية والتعزيز. الأطراف في مسألة التشويق: التلميذ والمربي أ- دور التلميذ: ثمة عوامل تتعلق بشخصية التلميذ تدفعه إلى التعلّم وتجعله طرفاً مسؤولاً في هذه المسألة أهمها: - العزم والتهيؤ: يتوقف التشوق أساساً على حاجات التلميذ ودوافعه، فهي سبب العزم على التعلم والرغبة فيه بصورة عامة. - الاستعداد: إذا أُريد للجهد الذي يبذله التلميذ أن ينجح، لا بد بالإضافة إلى العزم، أن يكون مستعداً للتعلم، هذا الاستعداد يقتضي منه توفر بعض القابليات والكفاءات فيه، وكلما زاد مقدار هذه زاد الاستعداد للتعلّم عنده. - مستوى الطموح: أي حجم ما يصبو التلميذ إلى الوصول إليه، هذا المستوى يتأثر بصورة خاصة بنجاحه وإخفاقه. - المواقف: إنها مكوِّنات أساسية للتشويق، فحب التلميذ لما يجب أن يتعلمه (الموقف الايجابي) يدفعه إلى القيام بالعمل وتعلّم ما هو ضروري، وعلى العكس فإن كراهيته له الموقف السلبي تدفعه عنه. إن ما ذكرته آنفاً يمكن اعتباره أساساً سيكولوجياً للتشويق على المربي أن يأخذه بعين الاعتبار في مهمته وخاصة في التربية المسيحية. ب- دور المربي: إن تشوّق التلميذ لتعلّم أمرٍ ما يرتبط إذاً بمدى رغبته واهتمامه، فما الذي يقوي هذه الرغبة ويضاعف هذا الاهتمام؟ وما دور المربي في هذه المسألة؟ بداية يجب أن أبيّن أن ما يجري في ساعة اللقاء الديني هو أكثر من مجرد تعلّم معارف، وبالتالي المطلوب من المربي هو أكثر من مجرد تشويق التلميذ لتعلّم هذه المعارف. فاللقاء الديني وهذا أصبح بديهياً لدى المربين، هو لقاء بيسوع هو لقاء شخص (التلميذ) بشخص (يسوع) عبر شخص المربي لا لقاء عقل التلميذ بمعلومات ومعارف عن يسوع وإلا صار درساً وما عاد لقاءً! هل يعني قولي هذا أن نهمل الجانب المعرفي في اللقاء؟ طبعاً لا ولكن المعارف التي نقدمها ونشرحها في اللقاء هي مجرد جسور ووسائل اتصال، مهمتها أن توصل التلميذ في النهاية ، إلى أن يلتقي بيسوع الشخص. عندها يكون اللقاء حميماً وفاعلاً. هذا اللقاء وحده هو الذي ينمي التلميذ، هو الذي يحوله إلى تلميذ حقيقي ليسوع فيتبعه في حياته. التلميذ الحقيقي: هو الذي يعرف معلمه معرفة نظرية واختبارية ويرغب في مزيد من هذه المعرفة. التلميذ الحقيقي: هو الذي يحب معلمه ويرغب في المزيد من هذا الحب. التلميذ الحقيقي: هو الذي يثق ويؤمن بمعلمه ويرغب في مزيد من هذه الثقة والايمان به. التلميذ الحقيقي: هو الذي يدرك مشيئة معلمه ويجسّدها في أفعاله قبل أقواله ويكون هكذا شاهداً حقيقياً له. إن ما يجب أن يكون عليه التلميذ الحقيقي هو الهدف البعيد والغاية القصوى من عملية التشويق الذي نتكلم عليه. إن السؤال: كيف نجعل ساعة اللقاء الديني مشوقة، هو سؤال تربوي تقني يستند أساساً إلى سؤال أعمق هو:كيف نجعل التلميذ يحب يسوع ويتشوق إلى لقائه ويأتي إليه ويقيم معه؟ ماذا يمكنني أن أفعل لأجعل ساعة اللقاء مشوقة؟ 1- أن أكون صديقاً لتلاميذي ، ألتقي بهم قبل ساعة اللقاء، ألعب معهم ، أشاركهم فرح الطفولة ، أظهر على أني واحد منهم . إنها فرصة ذهبية للتعرف إليهم ، ولكسب ودهم وثقتهم وطاعتهم. 2- أن أتفهّم سيكولوجية الطفولة والمراهقة عامة وسيكولوجية السن التي أُعلمها خاصة، وأن أُراعيها في الإعداد والإحياء. 3- أن أربط موضوع اللقاء بحياة تلاميذي، وبالكنيسة وبالليتورجية وخاصة بالأسرار وإلاّ تحول اللقاء إلى مجرد درس جاف في الأخلاق (ما يجب وما لا يجب ما هو مسموح وما هو ممنوع ...الخ) فصار جسداً بلا روح. 4- أن أُشِعر التلميذ بمختلف الطرق والمناسبات، بأنه محبوب على ما هو عليه. 5- أن أُصغي إلى التلميذ، إن كان بمناسبة إجابته على سؤال طرحته، أو بمناسبة سؤال طرحه هو، أو بمناسبة رغبته بالتعبير عن خبرة عاشها. إن الاصغاء ضروري، فهو انفتاح على التلميذ وعبور إلى عالمه ومشاركة في متاعبه وتعاطف مع ظروف حياته، إنه علامة حب وعطاء. هذا الإصغاء يسمح لي كمربي أن أكتشف حاجات التلميذ ونقاط الغموض والضعف لديه والثغرات في حياته الروحية، وهذا الاكتشاف يجعلني أتكلم انطلاقاً منه فأمسّ كل هذه الأمور في حديثي إليه مما يجعل هذا الحديث صدى لحاجاته وردّاً على استفهاماته فيلقى قبولاً لديه ويجعله يتشوق إلى كل ما أقول وينجذب إليه فيصغي بعقله وقلبه وبكيانه كله ويتفاعل مع كل ما يجري في اللقاء. 6- أن أخلق جواً من التعاطف والمشاركة الأخوية (إثارة خبرات شهادة حياة تقسيم التلاميذ إلى فرق عمل وخاصة في مرحلة النشاط التعبيري...) 7- أن أستخدم أنشطة تعبيرية متنوعة (راجع المنهجية في دفتر التحضير، دفتر النشاطات الروحية الخاص بالتلميذ) فالتلاميذ يتعلمون بالعمل والحركة وخاصة في المرحلة الابتدائية، وأن أُبدع في هذا المجال. 8- أن أستخدم (المستثيرات - الحوافز) المعنوية كالمديح والتصفيق حيناً والتقريع التربوي المدروس أحياناً ونادراً، والمستثيرات المادية كالمكافآت والجوائز. وهنا عليّ أن أحذر من أن يصبح المستثير غاية في ذاته بدلاً من أن يكون وسيلة وبذلك يتوه التلميذ عن القصد الحقيقي فيعمل من أجل الجائزة أو العلامة فالمقصود فعلاً بالمستثير ليس هو الحصول على المكافأة ولكن العبور منه إلى العمل، ولا يكون المستثير مفيداً حين يتوقف التلميذ عن العمل بعد الحصول عليه. 9- أن أحترم منهجية اللقاء في الإعداد والإحياء بدون تصلّب، إنها حصيلة خبرات ودراسات كثير من المربين على مر التاريخ. 10- أن أُحسن اختيار واستعمال الوسائل التعليمية وعلى رأسها الكتاب المقدس. 11- أن أُفسح مكاناً للترانيم في اللقاء بعد تحضيرها فهي تُضفي جواً من الحماس والفرح والروحانية ، فالتلاميذ بطبيعتهم يحبونها ويرغبون في إنشادها. 12- أن أكون عفوياً حرّاً من الداخل ، مبتسماً بشوشاً، حيوياً متوازناً، ضابطاً للذات ولتلاميذي بعيداً عن القسوة والإنفعال العصبي. 13- وعلى رأس هذه الإجراءات والكيفيات كلها، أن أكون مربياً صادقاً مع ذاتي، مؤمناً برسالتي، شاهداً حقيقياً للمسيح ومَعبراً أميناً للتلميذ إليه، فالتلميذ سيلتقي بالمسيح من خلال ايماني الشخصي المستنير وحياتي الروحية العميقة والتزامي وثقافتي ومعايشتي له على غرار ما فعله المسيح مع تلاميذه، فإن لم تكن حياتي لقاءً دائماً مع المسيح، وإن لم ألتقِ أنا شخصياً بالمسيح بمناسبة كل لقاء أُعده وأُحييه، فكيف لي أن أساعد التلميذ على اللقاء به؟ وهذا يتطلب مني أن تكون ثقافتي الايمانية جيدة وعلاقتي بالله قوية كما البناء المقام على الصخر، لأنه إن لم يبنِ الرب البيت فعبثاً يعمل البناؤون، وهذا لن يكون لي إلا بالصلاة والتأمل وممارسة سرّيْ التوبة والإفخارستيا، فالكنيسة بحاجة إلى شهود أكثر من حاجتها إلى معلمين. آثار ونتائج التشويق يلمسها كل من يوفِّر التشويق في لقاءاته. فيما يلي أهمها: - يجعل ساعة التعليم محببة لدى التلميذ ، فيواظب عليه بدون انقطاع. - يُحقق المتعة والفائدة والفرح ويُثير دافعية التلميذ وحماسه. - يُثير طاقات (وزنات) التلميذ وينشِّطها ويضعها في الاستخدام فتنمو. - يُبعد الملل ويثير البهجة لدى التلميذ والمربي ويُفعّل اللقاء. - يخلق مراكز اهتمام جوهرية لدى التلميذ والمربي (يجعل المسيح الاختيار الأساسي في حياتهما). - يُحبب التلميذ بشخص يسوع، وبشخص المربي وبشخص الكاهن، ويربطه بالكنيسة. - يخلق بين التلاميذ جواً من التعاطف والمشاركة الأخوية فيشعر كل فرد بخطوات آخر على دربه، وتتجسّد الكلمة ويتحول اللقاء من مجرد درس إلى حياة مشتركة. - يسهم جزئياً في تحقيق الهدف البعيد للتربية المسيحية باعتبارها فعل ايمان وتقود إلى الايمان بالله وبيسوع وبالكنيسة وبالانسان صورة الله |
||||
24 - 09 - 2014, 02:59 PM | رقم المشاركة : ( 6340 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأسرة ودورها في تكوين الطفل القارئ الأستاذ توفيق قيروع مما لا شك فيه أن البيت مؤسسة اجتماعية كاملة متكاملة، وهو يؤثر تأثيراً فعالاً في الطفل، سواء من خلال نمو شخصيته ومداركه العقلية، أو من خلال إكسابه أنماطاً معينة من السلوك لأن البيت نافذة يرى الطفل من خلالها العالم وما فيه، وهو نبعٌ ينهل منه القيم الفاضلة والأخلاق الحميدة.وإذا أردنا معرفة دور البيت في تكوين الطفل القارئ، لابدّ لنا من معرفة أن القراءة بصفتها سلوكاً يكتسبه الطفل من خلال مصادر عدة هي: البيت – أجهزة الإعلام المختلفة والمتنوعة – المدرسة – الأصدقاء – الكتب والمطبوعات والقصص الملائمة لعمره الزمني والعقلي، والبيت يأتي في الطليعة وله مكان الصدارة بين هذه المصادر، ففي البيت تتكون الصلة بين الطفل والكتابة، وتقوم صلة وثيقة بينهما يتحدد على ضوئها مستقبل الطفل القارئ إلى حد كبير. هناك حقائق علمية تثبت وتؤكد أن الطفل الذي يترعرع وينشأ بعيداً عن جو القراءة في صغره، يبقى عازفاً عنها طوال حياته إلا في حالات نادرة جداً. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا وهو ذو شقين: ما هو دور الأسرة في تنمية ميول الأطفال نحو القراءة وتشجيعهم عليها؟ يقول الكاتب العربي الكبير عباس محمود العقاد عن القراءة وحبه لها: " لست أهوى القراءة لأكتب، ولا أهوى القراءة لأزداد عمراً في تقدير الحساب، وإنما أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا، وحياة واحدة لا تكفيني، ولا تحرك ما في ضميري من بواعث الحركة، والقراءة دون غيرها، هي التي تعطي أكثر من حياة في مدى عمر الإنسان الواحد، لأنها تزيد هذه الحياة من ناحية العمق وإن كانت لا تطيلها بمقدار الحساب. أنت كفرد تملك فكرة واحدة، وشعوراً واحداً، وخيالاً واحداً، ولكنك إذا لاقيت بفكرتك فكرة أخرى، ولاقيت بشعورك شعوراً آخر، أو لاقيت بخيالك خيال فرد آخر، فليس قصارى الأمر أن تصبح الفكرة فكرتين، والشعور شعورين، والخيال خيالين – لا – وإنما تصبح الفكرة بهذا التمازج والتلاقي مئات الفكر في القوة والعمق والامتداد." إذاً للقراءة دور بارز في حياة الصغار والكبار على حد سواء، فهي تعمل على كيفية تعليمهم "القيم" وتنمية شخصياتهم، وتوسيع مداركهم، كما تعمل على إشباع حاجات الطفل النفسية وتوثّق الصلة، وتوطد عرى الصداقة بين الطفل والصفحة المطبوعة، إنها ترفد حياته بحياة أخرى، وشعوره بشعور آخر، وتضيف إلى عمره عمراً جديداً، وهذا كله ما كان موجوداً لو لم يكن قارئاً، فأدب الطفل يمكن أن يشبع حاجات نفسية متعددة منها: حاجته إلى الطمأنينة والأمن – حاجته إلى الحب – حاجته إلى تحقيق الذات – وحاجته إلى المعرفة والفهم. فالطفل الذي يقرأ قصة عن أسرة سعيدة، بكل ما في كلمة سعادة من معنى، يولد لديه شعوراً بالحب، هذا الشعور الذي يكون بداية على مستوى الأسرة ثم لا يلبث أن يتبلور ويشمل العالم بمختلف فئاته. والطفل منذ بداية نموه تبدأ حاجته إلى استطلاع العالم الذي فيه، والبحث في الأشياء المحيطة به، لذلك تراه كثير الأسئلة، يطرحها ليحصل على إجابات تفي بحاجته، والقصص الهادفة هي التي يمكن أن تجيبه عن أسئلته هذه، وتشبع هذه الحاجة عنده، وكثيراً ما نجد أن مثل هذه القصص تفيد الأطفال في تعلم اللغة، وتساعد على تحديد المفاهيم، وتنمي لديهم بعض المهارات. في نهاية المطاف نصل إلى العنصر الهام في الموضوع وهو مسؤولية الأسرة والدور الذي تلعبه كي تكون القراءة سلوكاً مكتسباً للطفل منذ صغره. تقع على عاتق الأسرة المسؤولية الكبرى في تعليم الطفل كيف يكون قارئاً منذ نعومة أظفاره، والأهل هم القدوة الحسنة له, فما أجمل الأب الذي يناقش أفراد أسرته بكتاب قرأه! ويترك المجال لكل فرد منهم في إبداء رأيه بمؤلفه، وبما احتوى بين دفتيه، وما أحلى الأهل الذين يصطحبون أولادهم إلى مكتبات الأطفال أو إلى قسم الأطفال في المكتبات العامة! مما يخلق صداقة صادقة بين الطفل والمكتبة ترافقه طيلة حياته، على الأسرة أن تشجع أطفالها في كل مبادرة للقراءة، وتخلق لهم الجو الملائم لذلك، بل عليها أن تدفعهم إليها دفعاً دون إكراه أو إرغام، كما يقع عليها أيضاً مسؤولية زيارة المدرسة من حين لآخر بغية التعرف على عادات أطفالهم المتعلقة بالقراءة وكيفية ميولهم نحوها، والمشكلات التي يحسون بها إزاءها، كما يترتب على الأسرة الإصغاء الجيد للطفل وهو يقوم بقراءة قصة ما، وبذلك يحقق متعة لا يعادلها متعة. وفي نهاية الأمر لا بدّ من الإشارة إلى أن الأسرة تستطيع اجتذاب الطفل للقراءة أو تغيره منها من خلال السلوك الذي تسلكه نحوه، والأسلوب الذي تعامله به، فالميل إلى القراءة لا ينمّى بإجبار الطفل إليها، أو إكراهه على ممارستها، ويجب ألا ترتبط القراءة بنوع من العقوبة والتهديد فهذا يخلق ويولّد في نفس الطفل إحساساً بالعداء نحوها، وشعوراً بأنها كالدواء، لا يقبله الطفل ولا يشربه إلا إذا كوفئ بشيء ما من والديه. وخلاصة القول: إن الأثر الذي يتركه أدب الطفل في نفسه متعلق بظروف معينة يجب توافرها، ومرتبطة بعوامل متعددة، وفي المحصلة إن أدب الأطفال يبني شخصياتهم وينميهم نمواً متوازناً، ويضع لهم اللبنة الأولى في سلم حياتهم |
||||