منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20 - 09 - 2014, 04:04 PM   رقم المشاركة : ( 6251 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,046

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سرّ الإفخارستيّا
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


معنى الكلمة
الكلمة يونانيّة معناها: وليمة الشكر والعرفان، وليمة الإقرار بالجميل.
ماهيّة السرّ
هو سرّ الأسرار، حكاية الحُبّ المجنون، سرّ حضور اللـه المتجسّد وامتداده في التاريخ. يجعلنا أصدقاء اللـه ويعطينا إيّاه ويحولنا إليه ويوحّدنا معه ويبني الكنيسة.إنّه ينبوع الحياة المسيحيّة وقمّتها، سرّ حضور اللـه في الجماعة المؤمنة وسرّ حضور الجماعة المؤمنة في المسيح.تجسّد السيّد المسيح ليعطينا ذاته هديّة حُبّ ويعلن للإنسان سرّ الخلاص، وأعلن هذا السرّ بتجسّده وأقواله، بأعماله وبتواضع حياته، بموته وقيامته.بالتجسّد تحقّق لقاء الإنسانيّة باللـه بطريقة محسوسة، ملموسة، تاريخيّة. وقبل الوداع وعودته إلى الآب كان الإختراع، الأعجوبة.
لم يعطنا اللـه أشياءه تذكارًا، لم يترك لنا أثمن ما لديه، بل أعطانا ذاته، وهبنا عهدًا بدمه دلالة على الحُبّ والحضور وعلى أن الحُبّ أقوى من الموت ، لأنّه أقوى من الحياة.
وعى السيّد المسيح أنّ الفراق سيكون مرّاً وسيزرع الذعر والحزن في حياة التلاميذ "فاخترع" لهم الأسرار: علامات حضوره الشخصيّ ليعوّض ويعبّر عن وجوده الحسّيّ بينهم.
جمع تلاميذه في عشاء عائليّ، وداعيّ تذكاريّ، وأعطانا ذاته والوصيّة « بعد أن أخذ خبزًا وبارك وكسر وأعطى تلاميذه قال: خذوا كلوا هذا هو جسدي، ثمّ أخذ كأسًا وشكر وناولهم وقال: اشربوا منها كلّكم، هذا هو دمي، دم العهد الجديد لمغفرة الخطايا وإشباع جوع الناس.وأمرهم: اصنعوا هذا لذكري حتّى مجيئي». هكذا أسّس سرّ الكهنوت.كلمات يسوع: «هذا هو جسدي، هذا هو دمي» ليست كلمات إنسانيّة، هي كلمات إله يخلق ويصنع العجائب.

وعندما قال هذه الكلّمات لم يعد الخبز خبزًا ولا الخمر خمرًا بل تحوّل الخبز إلى جسده والخمر إلى دمه وصارت هذه الوليمة تتضمّن الماضي والحاضر والمستقبل.إنّها سرّ الماضي بوصفها ذبيحة المسيح الوحيدة على الصليب لفداء العالم. هي سرّ الحاضر بكونها وليمة الكلمة والقربان والنعمة، وليمة الشراكة والاتّحاد.وهي سرّ المستقبل لأنّها سبْقَ تذوّق لطعم السماء والنصر على الموت وعربون الحياة الأبديّة. «من أكل جسدي وشرب دمي فله الحياة الأبديّة».

القدّاس ذبيحة
هو ذبيحة روحيّة تجدّد تقدمة السيّد المسيح ذاته على الصليب وتأوّنها على المذابح.مثلما قرّب السيّد المسيح ذاته، على الصليب كفّارة وفدية عن خطايانا، كذلك يقرّب ذاته، على المذابح، ذبيحة روحيّة، غير دمويّة، لفداء العالم، كلّ يوم.ومع المسيح يقدّم الكاهن والجماعة المؤمنة ذواتهم قرابين حبّ وتكريس في العيلة والرسالة، قرابين تضحيات وعطاء وخدمة، قرابين شكر وصلاة. وبقدر ما يتناول المؤمن القربان المقدّس يتّحد بالسيّد المسيح المائت والقائم من الموت ويشاركه في تقدمة ذاته لفداء العالم. تتحوّل عواطفه وافكاره ومعطياته إلى قربانٍ حيّ.

والليتورجيّة هي دخول الكنيسة في زمن الخليقة الجديدة نتذكّر، أيّ نعي ونعترف بما تمّ لأجلنا. نتذكّر معطياتنا: خلق العالم وخلاصه بالمسيح، ملكوت الله الآتي في المجد، نتذكّر الماضي والمستقبل، كأمور أعطيت لنا وتحوّلت إلى حياتنا، لتصيّرها حياة في الله.

القدّاس وليمة
القدّاس وليمة كلمة، وليمة قربان، وليمة أخوّة ولقاء وضيافة، وليمة مقاسمة واتّحاد باللـه والقريب، وليمة الوصيّة والعهد. «أحبّوا بعضكم بعضًا كما أنا أحببتكم»، بالتواضع والخدمة، حتّى بذل الذات والموت والفداء.
الوليمة في المفهوم الشرقيّ ليست ظاهرة أكل وشرب فقط، إنّها فرصة لقاء ومناخ إلفة وحوار وتبادل وتفاعل، احتفال فرح ومصالحة وصداقة، تتضمّن المشاركة والالتزام بالعهود. الخبز يرمز إلى الغذاء اليوميّ والخمر إلى العيد والأمل والانتصار على اليأس.
السيّد المسيح استعمل كلّ رموز الوليمة البشريّة وجعلها علامة لوليمته القربانيّة: الطاولة، الخبز والخمر، الجماعة، الدعوة إلى الأكل والشرب، خذوا كلوا، خذوا اشربوا، هو خبز السماء المجبول بخبز الأرض، و ثمر الأرض وتعب الناس يتحوّل إلى قربان.
القدّاس هو الكون والإنسان يتحوّلان إلى جسد المسيح السّريّ.
الكون بكلّ عناصره المادّية: المطر، الهواء، النور، الحرارة، الأشعّة، والإنسان في عمله ونشاطه ونتاجه الفكريّ والروحيّ والجسديّ، الصناعة، التقنيّة. الخبز والخمر هما كلّ الناس وأتعابهم، الفلاّحون والبيادر، الكرّامون والمعاصر، العمّال والعمل، هو نحن نتحوّل بالمحبّة إلى جسد اللـه.حياتنا، همومنا، مهامنا، أفراحنا، أحزاننا، صراعنا، عراكنا ومسؤولياتنا تتحوّل، بالقدّاس، إلى جسد المسيح شهيد الحُبّ الذّي يحوّلنا إليه. «العيال هي قرابين الكنيسة على مذابح المجتمع».
الخبز والخمر هما البشريّة مجتمعة والكون بعناصره حاضر على طاولة الإِفخارستيّا ليقدّمها السيّد المسيح لأبيه ومعه ذبيحة سلامنا ومصالحتنا.ومن هنا حتميّة الاشتراك في القدّاس والمناولة: فالوليمة لا تُحضر ولا تُسمع فقط، هي مشاركة واحتفال ومقاسمة. وعلينا أن نتوب ونستعدّ بالأعمال الصالحة ونقاوة القلب والضمير، فيسكن اللـه فينا قوّة في الجهاد ومناعة ضدّ قوى الشرّ، ووحدة أخويّة في الإيمان والخدمة والرسالة، في الصراع الجماعيّ ضدّ الكذب والحرب والإجرام وتحدّيات الحياة والجوع والظلم، يساعدنا ويقوّينا على المقاومة والدفاع في صراع الخطيئة والموت والفساد.القدّاس هو سرّ الوحدة والحُبّ، سرّ اتّحادنا باللـه وبعضُنا ببعض. كيف؟
عندما نجتمع حول المذبح الواحد، نعلن إيماننا الواحد، ونتقاسم خبز الحياة والخلاص الواحد، نتقاسم كلمة اللـه الواحدة، نتخطّى انقسامنا العنصريّ والثقافيّ والطبقيّ، توحّدنا المحبّة، يجمعنا الإيمان ويقودنا الرجاء، فتجتمع البشريّة في ضميرنا المصلّي ويتراحب لقاؤنا حتّى المصالحة بين جميع أبناء اللـه، فيصير فينا من الأفكار والأعمال والأقوال والأخلاق ما في الربّ يسوع. وتسقط الغربة والانقسام لأنّ اتّحادنا بالله يجب أن يقودنا إلى الاتحاد بإخوتنا.

الجماعة المُصلّية، باجتماعها الطقسيّ، تستعمل كلّ علامات الإتّصال ووسائل التعبير والتخاطب، أيّ: الكلمة، الحركة، الموسيقى، الفنّ، الغناء، الرمز، القصّة والسرّ. وتنعم بحضور اللـه والحوار معه. الجماعة الكنسيّة الليتورجيّة هي مثال كلّ جماعة لأنّ هدفها الإجتماع للصلاة والعبادة والعمل والخدمة وشراكة الحياة والأسرار وشهادة الحياة والإيمان بيسوع المسيح الواحد.
وعندما نتناول القربان نتحوّل إلى جسد السيّد المسيح القربانيّ، ويتجدّد فينا جسد المسيح. فعندما نتناول الطعام يتحوّل إلينا، وعندما نتناول القربان يحوّلنا إليه ونصير بدورنا قرابين سرّ الربّ القائم من الموت، نتصالح ونتحرّر ونتآخى.

ضرورة القدّاس في الحياة المسيحيّة وأهمّيّتهُ
الإنسان كائن ابعاد، جسديّ، فكريّ وروحيّ. يعيش الإنسان بيولوجيّاً من الأكلّ والشرب، ويعيش إنسانيّاً من الأكلّ والشرب مع الآخرين، في المشاركة العائليّة والأخويّة.
ويعيش روحيًّا وإلهيًّا من الأسرار، من كلمة اللـه ونعمته، من جسده ودمه. وكلّ حرمان من هذه الحقوق- الحاجات، يعرّض الحياة للمرض والموت.

يقول الأب بيّو: «إنّ العالم يمكنه أن يستمرّ حتّى بدون شمس، لكنّه لن يدوم بدون الإفخارستيّا».
الغرابة والعجب أن لا نعطش ولا نجوع إلى خبز الحياة والخلاص ولا نشعر بالفراغ والحاجة إلى هذا الغذاء الروحيّ. والغرابة أن نحتفل بالقدّاس مع خبز وخمر ولا نتغيّر ولا نتحوّل في أقوالنا وأفعالنا ومسؤوليّاتنا ومسلكيّاتنا وفرحنا وسلامنا، لا تمتلئ حياتنا بالنِعم والعطايا والمواهب، ومردّ ذلك قلّة الإيمان. الغريب المستغرب أن لا تتحوّل قلوبنا وجماعاتنا ورعايانا فنصير أشخاصًا وجماعات جسد المسيح.

شروط الاشتراك في المناولة
أشرك يسوع في وليمته الوداعيّة كلّ الحاضرين ما عدا يوضاس، لقد طلب منه ترك الجماعة قبل المناولة لأنّ المناولة تتطلّب أن يكون المشترك فيها نقيًّا، "وكلّ إنسان أكل خبز الربّ وشرب دمه وهو على خلاف الاستحقاق فقد أكل وشرب دينونة لنفسه" (1كو 11/17-29).
وخطيئة الإنسان الكبرى هي " أن ينسى الله " ويتخلّى عنه مكتفيًا بذاته.اليوم، ككلّ يوم، العالم جائع إلى خبز الحُبّ والحياة والخلاص، وحده يسوع القادر أن يُشبع جوع العالم. من معجنه نأخذ الزاد لطريق الحياة.
والمطلوب أن يستعيد المذبح المسيحيّ هالته وقداسته، جاذبيّته ومكانته المميّزة في الجماعة المسيحيّة، فنتصالح مع الأسرار وتتحرّر الكنائسمن نشاف الشرائع والواجب، من الضجر والفتور والتمنين ويتهافت المؤمنون إلى الاشتراك في القدّاس، بلهفة وحماس، كما العطاش إلى مجاري المياه؛ فيصير كلّ فرد من أفراد الجماعة المصلّية هو المحتفل والمعنيّ والمسؤول.

ليس مقبولاً أن يذبح اللـه ذاته لأجلنا ونحن نمنّن اللـه أننأتي إلى الكنيسة لنأكله ونغتذي.

غاية المشاركة في القدّاس:
1.اللقاء بالله وتمجيده, وتذكّر خلاصه " اصنعوا هذا لذكري".
2.التأمّل في حياة السيّد المسيح وأسراره: التجسّد، الميلاد، الآلام، الموت، القيامة والصعود.
3.التأمّل في حياة القديّسين واستلهام فضائلهم، وخصوصًا السّيدة العذراء.
4.تغذية نفوسنا بكلمة الله ونِعمه، بجسده ودمه.
5.لقاؤنا في الجماعة المؤمنة والاشتراك بإعلان إيماننا الجماعيّ، تناول القربان الواحد والصلاة الواحدة، لنتوحّد معه وبه بعضُنا مع بعض. نصرخ معًا:"تعظّم نفسي الربّ ليتقدّس اسمك".
كلّ قدّاس هو الفرصة الذهبيّة لتجديد عهد قربانتنا الأولى، وترجع اللـهفة والشوق لتناول القربان. وإنّ مناسبة تناول القربانة الأولى، في حياة أولادنا، تشكّل الإطار والمناخ الدافع لنعيش معهم هذه اللحظات البكر ونتذوّق من جديد طعم القربانة الأولى.
 
قديم 20 - 09 - 2014, 04:12 PM   رقم المشاركة : ( 6252 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,046

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سر الافخارستيا
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
طقوس أسرار الكنيسة السبعة
سر التناول






فوائد سر التناول

لسر التناول المقدس فوائد كثيرة منها:


1- الثبات فى المسيح حسب وعده الصادق "من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فى وأنا فيه" (يو 6: 56) فبتناولنا من هذا السر نصير أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه (أف 5: 30). كذلك نصير "شركاء الطبيعة الالهية" (2 بط 1: 4).

2- يمنحنا عربون الحياة الابدية كما قال له المجد "من يأكل جسدى ويشرب دمى، فله حياة أبدية وأنا أقيمة فى اليوم الاخير". كما قال "من يأكل هذا الخبز فإنه يحيا الى الابد" (يو 6: 54، 58).

3- النمو فى النعمة والكمال الروحى والحياة فى المسيح يسوع كما قال له المجد "جسدى مأكل حق ودمى مشرب حق. كما أرسلنى الاب الحى وأنا حى بالاب فمن يأكلنى يحيا بى" (يو 6: 55، 57).

فكما أن الطعام الجسدى يجعل الجسد ينمو ويكون صحيحا كذلك الغذاء الروحى وهو التناول من جسد المسيح ودمه الاقدسين يجعل الروح قوية وصحيحة وتنمو فى النعمة باستمرار.

4- منح الشفاء للنفس و الجسد و الروح، كما نقول فى سر التقدمة "وليكونا (الجسد المقدس والدم الكريم) لنا جميعا ارتقاء (نموا) وشفاء وخلاصا لأنفسنا وأجسادنا وأروحنا".

فكما أن التناول بدون استحقاق بسبب الضعف والمرض والموت حسب قول معلمنا بولس "من أجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى وكثيرون يرقدون" (1 كو 11: 30) كذلك التناول باستحقاق واستعداد يسبب الصحة والشفاء والنمو للنفس والجسد والروح. لذلك يسمية الاباء: دواء عدم الموت.

5- الخلاص وغفران الخطايا: كما نقول فى الاعتراف الاخير بالقداس الالهى "يعطى عنا خلاصا وغفرانا للخطايا وحياة ابدية لمن يتناول منه".

فبالتوبة والاعتراف على الاب الكاهن ننال غفران الخطايا التى اعترفنا بها وهى الخطايا التى نعرفها، أما بالتناول فننال غفران الخطايا التى لا نعرفها وخطايا الشهوات التى لا نحس بها. والتناول عموما هو غسيل وتبيض القلب التائب من كل خطاياه كما نقرأ فى سفر الرؤيا عن المفديين والمخلصين الذين قيل عنهم "هؤلاء هم الذين أتوا من الضيقة العظيمة (العالم بكل تجاربه) وقد غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم فى دم الحمل" (رؤ 7: 14).

6- التناول يعطى الانسان حصانة ضد الخطية. .

غذاء الجسد يعطية صحة ومناعة وحصانة ضد الجراثيم والميكروبات التى تهاجمه، كذلك التناول من جسد المسيح ودمه الاقدسين يعطى الروح مناعة وحصانه ضد جراثيم الخطية وحروب الشيطان ولذات الجسد فيحيا الانسان غالبا منتصرا فى جهاده الروحى. والمرنم يقول "ترتب قدامى مائدة تجاة مضايقى" (مز 23: 5) وهى نبوة عن مائدة التناول وفائدتها فى النصرة على الاعداء المضايقين.

7- نقول فى مقدمة الاواشى بعد التقديس "اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نتناول من قدساتك طهارة لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا، لكى نكون جسدا واحدا وروحا واحدا ونجد نصيبا وميراثا مع جميع القديسين الذين أرضوك منذ البدء".

ونجد فى هذه الصلاة عدة فوائد للتناول:

أ‌- يعطى طهارة للنفس والجسد والروح، ونحن مطالبون حسب نصيحة معلمنا بولس الرسول "فلنطهر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح مكملين القداسة فى خوف الله" (1 كو 10: 17).

ب‌- يعطى وحدانية الروح والقلب للذين يتناولون منه، وفى ذلك يقول معلمنا بولس الرسول "فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لأننا جميعنا نشترك فى الخبز الواحد" (1 كو 10: 17). فكما أن القربانة التى تتحول الى جسد المسيح، كانت قبلا حبات قمح كثيرة، وبالطحن والعجين والخبيز صارت قربانه واحدة، وكما أن الاباركة التى تتحول الى دم المسيح كانت قبلا حبات زبيب كثيرة فتحولت بالعصير الى سائل واحد، كذلك كل المتناولين من هذا الجسد والدم يصيرون واحدا فى المسيح، لذلك نصلى فى القداس الغريغورى ونقول "وحدانية القلب التى للمحبة فلتتأصل فينا" وذلك بالتناول من الجسد الواحد ومن الكأس الواحد.

ت‌- يعطينا الميراث الابدى مع كافة القديسين الذين أرضوا الرب بأعمالهم الصالحة، وهذا هو منتهى شوقنا وهدف كل جهادنا، والتناول يسهل لنا الوصول الى هذا الهدف السامى.







واجبات الكاهن تجاه سر التناول المقدس
الكاهن الذى يخدم القداس ويقدس الذبيحة يكون مسئولا مسئولية كاملة عنها أمام الله، انه يشبه الكاروبيم الذى أقامه الله شرقى جنة عدن وبيده سيف لحراسة شجرة الحياة (تك 3: 24). والسيف بيد الكاهن هو السلطان الكهنوتى الممنوح له من الله، فيعطى التناول للنائب المستحق ويمنعه عن الشرير المستبيح غير المستحق.

ان الوصية التى يوصيها الأسقف للكاهن الجديد يوم رسامته فيها كل هذه المعانى، يقول الأسقف مخاطبا الكاهن الجديد:

"والواجب عليك أكثر من كل الوصايا البيعية (الكنسية) وأفضل من كل ما سواه من الاوامر الرسولية، وهو الاحتراس عند توزيع سرائر الرب المحيية، وليكن ذلك منك بجد ونشاط واجتهاد. وتأكد أن الشاروبيم والسيرافيم وقوف بالمخافة والارتعاد. كن عارفا بمقدار من هو ذبيح بين يديك. أنه المسيح عمانوئيل الذى بذل ذاته عنك، واعلم أنك تقسم أعضاءه الناسوتية بلا ريب (بلا شك) وتحمل على يديك الذى حمله سمعان الكاهن بالكرامة والجلالة (لو 2: 28).

"وأن هذه الكأس هى دمه المهرق عن الخطايا الذى به أنقذ من الجحيم جميع السبايا.... فيا لهذا السر الخفى، هذا هو الجسد المقدس والدم الكريم اللذان صار بهما خلاص الخليفة، هذا هو الحمل الله الذى رفع خطايا العالم وجذبهم الى نور الحقيقة، فكن منتبها لنفسك أيها السرائر احترازا يخلصك من الجرائر (المصائب أو النكبات). .

"ولا تناوله الا لحسن السيرة الصالح السمعة الطاهر السريره. ورُد (امنع) من كانت طريقة شريرة لئلا يقتل نفسه وتكون أنت السبب فى الجريرة (أى تشاركه فى الخطية التى ارتكبها بتناوله بدون استحقاق فصار مجرما فى جسد الرب ودمه وله عقابه) بينما الرسول يقول لا تشترك فى خطايا الاخرين (1 تى 5: 22). احذر من الاهمال لئلا تحصل المضرة فإن العالم كله لا يساوى منه مثقالا من ذرة".







قصبة القياس (الاستحقاق)

يقول الرائى "ثم أعطيت قصبة شبه عصا، ووقف الملاك قائلاً لى: قم وقس هيكل الله والمذبح والساجدين فيه" (رؤ 11: 1).


وتفسير ذلك أن القصبة أعطيت ليوحنا للاشارة الى أنه قد أعطى لخدام المسيح حق قياس المؤمنين، يحلون من يستحق الحل ويربطون من يستحق الربط، يقدمون لسر التناول من يرون قياسهم قانونيا، ويمنعون من يرون قياسهم ناقصا. فلا يليق بمن يتقدم للتناول ويمنعه الاب الكاهن أن يغضب ويثور، بل يجب أن يستمع للنصائح ويقبل التوجيهات. والجدير بالذكر من سلطانه أن يمنع ابنه فى الاعتراف من التناول عموما مدة من الزمان كقانون تأديبى عن خطية اعترف بها، ولكن ليس من حق الكاهن أن يمنع أحدا من المؤمنين من التناول فى أى كنيسة أخرى أو من أى كاهن آخر، فهذا من سلطة الاسقف فقط.

للاستحقاق معانى كثيرة منها:

1- الايمان الصحيح بربنا يسوع المسيح، فيجب أن يكون المتقدم للتناول مؤمنا مسيحيا أرثوذكسيا معمدا فى الكنيسة الارثوذكسية، كذلك يكون مؤمنا ايمانا قويا بتحول الخبز الى جسد المسيح والمزيج الى دم المسيح وأنه يتناول جسد الرب يسوع ويشرب دمه لا محالة.

2- التوبة: فيجب أن يكون المتقدم للتناول يمارس التوبة والاعتراف بانتظام على اب اعتراف كاهن شرعى وقانونى، ويمكن للكاهن خادم الذبيحة أن يسأل المتقدم للتناول الذى لا يعرفه جيدا: هل تمارس سر الاعتراف؟ فإن جاوبة بالايجاب ناوله وان جاوبة بالنفى منعه حتى يعترف، وهذا فى صالح الشخص نفسه وفى صالح الكاهن أيضا الذى ينفذ وصية الكهنوت بدقة حتى يكون فى الجانب السليم وفى ذلك يقول معلمنا بولس الرسول "ليمتحن الانسا نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس" (1 كو 11: 28). وامتحان النفس هو محاسبتها عن خطاياها وأخطائها ثم الاعتراف بها بأمانة، فى ذلك يقول القديس يوحنا ذهبى الفم "فلا يتقدم أحد غافلا ولا متراخيا بل فلنبادر جميعا بحماس وحمية ونكون ساهرين (مستعدين) لأن القصاص المعد للمشتركين بدون استحقاق ليس صغيرا". الايمان الصحيح والتوبة النقية هما بداءة الحياة مع المسيح كما يقول معلمنا بولس الرسول "كلام بداءة المسيح التوبة عن الاعمال الميته والايمان بالله" (عب 6: 1).

3- الصلح مع الاخرين: يجب على من يتقدم للتناول أن يكون متصالحا مع الاخرين وليس بينه وبين أحد خصومات، ونصيحة الرب فى هذا المجال واضحة وصريحة "ان قدمت قربانك الى المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئا عليك (خصومة أو ظلم) فاترك هناك قربانك قدام المذبح، واذهب أولا اصطلح مع أخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك" (مت 5: 23، 24). وتقرأ فى قوانين القديس باسيليوس "اذا كان قوم من العلمانيين متعادين (بينهم عداوة) ويعلم الاكليروس ذلك فى تعطى لهم الاسرار ولا يقبل منهم قرابين حتى يتصالحوا" (ق 91).

4- لا يكون متجاسرا على التناول كإنه يتناول طعاما عاديا: او يتناوله لمجرد البركة فقط بل يكون عارفا مقدار وعظمة جسد الرب ودمه الاقدسين. فالتناول يشبة الجمرة التى قدمها السيرافيم لاشعياء النبى بعد أن اعترف بخطيته ونجاسة شفتيه "فقلت ويلى لى انى هلكت لانى انسان نجس الشفتين.... فطار الى واحد من السيرافيم وبيده مجمرة قد أخذها بملقط من على المذبح ومس بها فمى، وقال أن هذه قد مست شفتيك فانتزع اثمك وكفر عن خطيتك" (اش 6: 5 ? 7). السيرافيم يرمز للكاهن خادم الذبيحة والملقط يرمز لاصابع ويد الكاهن التى يأخذ بها الجوهرة (مثال المجمرة) من الصينية التى على المذبح ويضعها بين شفتى المتناول. .

5- الاستحقاق هو الشعور بعدم الاستحقاق وشعور الانسان بانه خاطئ: أن القدسات للقديسين وهو لم يصل بعد الى القداسة، بل يجاهد لبلوغها. مهما كان الانسان تائبا ومعترفا فليعتنق فكر معلمنا بولس الرسول المتضع المنسحق القائل "فانى لست أشعر بشئ فى ذاتى لكننى لست بذلك مبررا" (1 كو 4: 4).

يقول الكاهن: "أجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نتناول من قدساتك". كما يصلى سرا فى صلاة الحجاب قائلا "نسأل ونتضرع الى صلاحك يا محب المبشر أن لا يكون لنا دينونة ولا لشعبك أجمع هذا السر الذى دبرته لخلاصنا بل محوا لخطايانا وغفران لتكاسلنا....".

ويقول الشماس: "صلوا من أجل التناول باستحقاق" لكى يأخذ المتناولون بركة ونعمة وتعمل الاسرار مفاعيلها الروحية فى حياتهم.

وتوجه صيغة قديمة لاعتراف الشماس ما زالت مستعمله فى بعض البلاد، صيغة فيها كلمات قوية ومؤثرة، نكتبها هنا كما هى:

"آمين آمين آمين. أومن أومن أومن. وأعترف أن هذا هو بالحقيقة آمين. شركة جسد ودم يسوع المسيح ابن الله الاتى الى العالم الذى قال أنا هو خبز الحياة، من يقبل الى فلا يجوع ومن يؤمن بى فلن يعطش أبدا. من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فى وأنا فيه، لأن جسدى مأكل حق ودمى مشرب حق. من يأكلنى يحيا بى وأنا أقيمة فى اليوم الخير".

أما من يتقدم الى هذا الجسد المقدس والدم الكريم بغير تمييز يصير مثل يهوذا اللعين مطرودا من وسط التلاميذ.

"من كان طاهرا فليتقدم.. ومن كان عنده أثر البغضة فليهرب لئلا يحترق بنار اللاهوت. من له أذنان للسمع فليسمع".

"رتلوا بنشيد الليلويا.. صلوا من اجل التناول باستحقاق من هذه الاسرار المقدسة الكريمة لمغفرة الخطايا. يا رب ارحم".







الطهارة الجسدية اللازمة للتناول
تكلمنا قبلا عن الشروط الروحية للتناول مثل الايمان الصحيح والتوبة النقية والتصالح مع الاخرين وعدم التجاسر على التناول بدون استعداد، كذلك عن الشعوربالانسحاق وعدم الاستحقاق ساعة التقدم للتناول. ولكن التقدم بشعور المريض الذى يلتمس الدواء الذى به يبرا من جميع امراضه، ويتحصن ضد كل جراثيم الشر والخطية. وهذا هو الاستعداد الروحى للتناول وتوجد أيضا بعض الاستعداد الجسدية اللازمة للتناول مثل:

1- ضبط جميع حواس الجسد حتى لا تدخل الى القلب خطايا غريبة.

2- نظافة الجسد والملابس وحسن الهندم عند الذهاب الى الكنيسة لأننا سنتقابل مع ملك الملوك ورب الارباب.

3- أن يكون الانسان صائما وينبغى أن يخفف من الاكل والشرب ليلة التناول.

4- المتزوج لا يدنو من زوجته ليلة التناول وكذلك نهار التناول.

5- ان عرض للانسان جناية (احتلام) مصحوبا بحلم أو بغير حلم فلا يدنو من التناول لأن الاحتلام، وفى ذلك يقول القديس ساويرس بن المقفع "الجناية فطر، والذى يفطر لا يمنع من الصلاة ولا من دخول الكنيسة ولا عن حضور القداس (بعد اتمام النظافة الجسدية طبعا) بل عن التناول من الاسرار فقط". .

6- فترة الانقطاع عن الطعام بالنسبة للكبار 9 ساعات على عدد الساعات التى تألم فيها السيد المسيح عند صلبه، من الساعة الثالثة (9 صباحا) ساعة الحكم عليه الى الساعة الثانية عشر (6 مساء) ساعة دفنه بعد موته على الصليب.

اما بالنسبة للاطفال فتكون مدة الانقطاع 6 ساعات، وبالنسبة للرضع 3 ساعات، أى من وقت بدء القداس الى نهايته. وهى ايضا المدة الصحية بين كل رضعة وأخرى، ويمكن للكاهن تخفيض هذه المدة حسب صحة الطفل، ويمكن أن يحسب ساعة لكل سنة من سن الطفل.

وهنا ننبه الى خطأ بعض الامهات اللاتى يقمن أطفالهن لتناول من الاسرار المقدسة، بعد أن يكونوا قد أكلوا من القربان أثناء القداس. فالطفل مهما كان صغيرا ينبغى أن ينقطع عن الرضاعة أو الأكل مدة القداس على الاقل.

وياليت الكنائس تقوم بتوزيع القربان بعد انتهاء القداس وليس فى بدايته تلافيا لهذه المشاكل.

فقديما كانت الكنائس تعمل مائدة الاغابى بعد القداس حتى يأكل فيها الفقراء والغرباء والضيوف ويجتمع الكل حولها بمحبة.

ولما بطلت مائدة الاغابى بعد القداس حلت محلها القربانة، يأكلها الانسان بعد خروجه من الكنيسة فنسنده حتى يذهب الى بيته خصوصا اذا كان بيته بعيدا أو فى بلدة اخرى.

7- عدم المضمضة بالماء قبل التناول لئلا يبتلع شيئا. ويقول القديس ساويرس بن المقفع "كثيرون يمضمضون فمهم بالماء، ثم يتناولون وهذا خطأ، فان سر قول الله لعبده موسى عن خروف الفصح الذى كان مثالا لجسد المسيح: كلوه بمراره، يعنى مرارة الفم".

8- فى فترات الدورة الشهرية عند النساء تمتنع عن التناول.

9- فى حالة الولادة تمتنع السيدة عن التناول مدة النفاس وهى أربعون يوما اذا ولدت ذكرا وثمانون يوما اذا ولدت أنثى، وتتناول عند عماد طفلها بعد أن يصلى لها الكاهن تحليل المراة.

10- من غير المستحب أن يمشى الانسان حافى القدمين بعد التناول مباشرة أو أن يحلق الرجل ذقنه بعد التناول مباشرة وذلك خوفا من أن يحدث له جرح وينزل منه دم، وهو قد تناول من دم المسيح حديثا. أما اذا حدث جرح غير ارادى بعد التناول مباشرة، فيمسح الدم النازل بقطعة من القطن أو القماش ويحرق بالنار.

11- من تأخر عن الحضور الى الكنيسة، وجاء بعد تلاوة انجيل القداس، وفوت على نفسه سماع انجيل القداس، فلا يحق له التناول من الاسرار المقدسة. لأن قراءة الكتب المقدسة وصلاة القداس جُعِلَت قبل التناول، لكى تقدس نفس وجسد الانسان، وتمنحة استعدادا ذهنيا وروحيا للتناول وبعد ذلك يتقدم للتناول.

12- يجب على الانسان أن يقف بعد التناول، ويصلى صلاة شكر لله على النعمة العظيمة التى نالها.

13- حبذا لو قضى بقية يومه فى راحة جسدية وبلا احتكاكات مع الاخرين وفى صمت وهدوء وقراءات روحية، فيكون يوم التناول يوما مثاليا بالنسبة له يتحسس فيه وجود الله فى داخله.






طقس تعمير الكأس

اذا عرض للكأس عارض ما افرغ ما فيه من الدم الذكى الكريم، أو أن يكون المرفوع ماء أو خلا أو زيتا أو شئ من الادهان (وضع فى الكأس بطريق الخطأ بدل الأباركة)، فيفرغ ما فيه ويتم تنظيفة جيدا وذلك بعد تغطية الجسد ووضعة على يمين المذبح ويقف بجانبه كاهن أو شماس لحراسته وبيده شمعه.


+ يلف الكاهن الخديم يديه بلفافة فيقدموا له قارورة الخمر بعد اختيارها جيدا، فيمسكها الكاهن بيده اليسرى، ويرشمها كالعادة بالثلاثة رشوم ثم يصبها فى الكأس، ويمزجها بالماء الى الثلث على الأكثر ويقول الشماس: آمين إسباتير.

+ يقول الكاهن صلاة الشكر ثم يغطى الكأس بالابروسفارين ويرفع البخور كالعادة بعد أن يضع فى المجمرة خمسة أيادى بخور ويقول سر البولس الاول "يا الله العظيم الأبدى" يبخر بالشورية على المذبح بدون دورة وبدون أن ينزل من الهيكل.

+ يقول الشعب تاى شورى أو غيرها حسب الطقس، ثم يقول أحد الشمامسة البولس من رسالة بولس الرسول الأولى الى أهل كورنثوس (11: 23 ? 27)، وهو عن التناول.

من جسد ودم الرب الاقدسين.

+ تقال آجيوس الثلاثة ثم أوشية الانجيل.

+ يقول أحد الشمامسة المزمور والانجيل.

(المزمور 22: 5) "هيأت قدامى مائدة أمام الذين يطاردوننى. ودهنت رأسى بالزيت وكأسك أسكرنى كالصرف. هلليلويا".

الانجيل: من متى البشير 26: 26 ? 29. عن تأسيس التناول المقدس.

+ يقول الكاهن أوشية السلام والاباء والاجتماعات الكبيرة ثم قانون الايمان. .

+ يقول الكاهن صلاة الصلح هذه:

"اللهم سيد كل أحد، اجعلنا مستحقين لهذا الخلاص يا محب البشر، وطهرنا من كل دنس ومن كل غش ومن كل خبث ومن تذكار الشر الملبس الموت، واجعلنا كلنا اهلا يا ملكنا أن نقبل بعضنا بعضا بقبلة مقدسة، لكى نصير جسدا واحدا وروحا واحدا، برباط المحبة الكامل والسلام الذى لابنك الوحيد ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح. هذا الذى....".

+ يقول الشماس: "قبلوا بعضكم بعضا".. ثم يقول الشعب أسبسمس.

+ يرفع الكاهن الابروسفارين ثم يقول: "هكذا الكأس بعد العشاء مزجها من خمر وماء: وشكر. وباركه. وقدسه".

فيقول الشمامسة والشعب فى كل مرة: "آمين".

يقول الكاهن: "وذاق، وناوله أيضا لخواصه القديسين ورسله الاطهار قائلا: خذوا أشربوا منه كلكم لأن هذا هو دمى الذى للعهد الجديد يسفك عنكم وعن كثيرين يعطى لمغفرة الخطايا. هذا أصنعوه لذكرى".

ثم يقول الكاهن هذه الصلاة على الكأس بطريقة القسمة: "أيها السيد الرب يسوع المسيح الابن الوحيد كلمة الله الاب الذى تجسد من أجلنا بغير تغير وتألم بارادته بالجسد وهو غير متألم كاله. الذى أعطانا من جنبه الطاهر ينبوع الحياة. نسألك ونطلب من صلاحك يا محب البشر عن هذا المزيج الذى فى هذه الكأس باركه قدسه وأظهره دما مقدسا من جسدك المقدس المحيى. هذا الذى سبق فتطهر وكمل لكى يصير واحدا معه لكى كل من يتناول منه يكون طاهرا فى نفسه وجسده وروحه ليستحق مغفرة خطاياه. مجدا لإسمك القدوس مع ابيك الصالح والروح القدس المحيى اجعلنا كلنا أهلا يا سيدنا أن نجسر بدالة بغير خوف يا الله الاب ضابط الكل الذى فى السموات ونقول: أبانا الذى فى السموات.

+ بعد ذلك يأخذ الكاهن الصينية وفيها الجسد الطاهر ويضعها مكانها على المذبح ويرفع الفافة عنها بعد أن ينفضها داخل الصينية، ثم يقول:

صلوات الخضوع: "نعم نسألك أيها الآب القدوس. كملت نعم احسان ابنك الوحيد".

ثم التحليل: "أيها السيد الرب الاله ضابط الكل شافى نفوسنا وأجسادنا وأرواحنا..." (كما هو مدون فى القداس الباسيلى

 
قديم 20 - 09 - 2014, 04:19 PM   رقم المشاركة : ( 6253 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,046

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سر الافخارستيا
ذبيحة ووليمة


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


الأب منير سقّال


مقدمـة

" من أكل جسدي وشرب دمي ، فله الحياة الأبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير . لأن جسدي طعام حقاً ، ودمي شراب حقاً . من أكل جسدي وشرب دمي أقام فيّ وأقمت فيه " ( يو 6/ 27 – 58 ) .

الافخارستيا في قلب الحياة الكنسية والمسيحية ، بها يحضر المسيح شخصياً لشعبه في السر الفصحي . فلما كان المسيح هو قلب الحياة الكنسية والمسيحية ، أصبحت الافخارستيا هي محور الحياة المسيحية وذروتها المكلّلة ، وهي ينبوع التبشير كله وقمته ، إذ أن المسيح بتجسده وعمله الفدائي ، شفانا ودعانا إلى الاشتراك في حياة جديدة ، تربطنا بعضنا ببعض كأبناء لله معدين للاشتراك في حياة الثالوث . وقد اختصر الدستور المجمعي في الليتورجيا ذبيحة الافخارستيا بقوله : " رسم مخلصنا في العشاء السري ذبيحة الافخارستيا : اعني سر التقوى وعلامة الوحدة ورباط المحبة والوليمة الفصحية التي فيها يؤكل المسيح وتمتلئ النفس نعمة وتعطى عربون المجد الأبدي … إن ذبيحة الافخارستيا هي ينبوع وقمة كل حياة مسيحية . " هذه الحقائق المبنية على أمر السيد المسيح لرسله : " اصنعوا هذا لذكري حتى مجيئي " نفذها الرسل والتلاميذ وواصلت الكنيسة الناشئة هذه الوصية . مطورة طقوس الوليمة الجديدة بحسب ظروف الزمان والمكان والأشخاص واتسعت الوليمة إلى وليمتين : وليمة الكلمة ووليمة الذبيحة . وتنوعت النظرة اللاهوتية والحياتية إلى هذه الوليمة : فهي وليمة محبة ، ميزة مسيحية ، حاجة وجودية ، ممارسة دينية وفريضة كنسية ، وانتظار نهيوي . سر لا بل سر الأسرار ، واحتفال لا بل قمة الاحتفالات كلها ، وينبوع الحياة الروحية المسيحية . لهذا السبب فإن لكل الأسرار والخدم الكنسية وأعمال الرسالة صلة وثيقة بسر الافخارستيا ، فإن النعمة التي وهبت في العماد وتثبتت في الميرون موجهة إلى الاتحاد بالمسيح القربان " من يقبل إليّ … يثبت فيّ وأنا فيه " ، والافخارستيا تكمل مفاعيل الشفاء الكائنة في سرَّي التوبة ومسحة الرضى " هذا هو دمي الذي يسفك لمغفرة الخطايا … وأنا أقيمه في اليوم الأخير " ، أما سر الكهنوت فموّجه إلى تقدمة الذبيحة القربانية " اصنعوا هذا لذكري " ، وأما سر الزواج فمن حيث هو عهد دائم بين الرجل والمرأة ، يرمز إلى الاتحاد القائم بين المسيح والكنيسة بفضل الافخارستيا ، وعلامة للعهد الجديد بين الله والإنسان " هذا هو دمي ، دم العهد الجديد " لذلك يحتل سر الافخارستيا الذروة في الأسرار ، لأن يسوع بهذا القول والفعل الحاسم سلّم الخبز والخمر وجمع فيهما وحطّ كل نعم تجسده واستحقاقات آلامه وقوة قيامته ، فأنجز تقدمة ذاته والخليقة كلها معه لله الآب ، وكرس استمرارها معنا إلى الأبد .

معنى الكلمـة

تعني كلمة " افخارستيا " مبدئياً : عرفان الجميل والامتنان وبالتالي إبداء الشكر ؛ " شكر " هذا المعنى نجده خاصة في مجال العلاقات الإنسانية . أما في العلاقة مع الله ، فإن الشكر ، يأخذ عادة شكل صلاة ، وهو يتصل هكذا بطبيعة الحال بالبركة التي تحتفل بعجائب الله . وبذلك يكون الشكر مصحوباً بـ " تذكار " تستحضر به الذاكرة الماضي . وسادت كلمة " الافخارستيا " في الاستخدام المسيحي للدلالة على العمل الذي أسسه يسوع عشية موته . ولكن يلاحظ أن هذه الكلمة تعبر عن " حمد " لعجائب الله بقدر ما تعبر ، لا بل أكثر ، عن شكر على الخير الذي يحصل عليه البشر . بهذا العمل الحاسم " هذا هو جسدي ، هذا هو دمي …. إن لم تأكلوا جسد ابن البشر وتشربوا دمه فلا حياة لكم في ذاتكم " ، أضفى يسوع على أطعمة بسيطة ، القيمة الأبدية القائمة على موته الفدائي ، وبذلك أكمل يسوع وحدد ، لمدى الأجيال ، تقدمة ذاته وجميع المخلوقات لله ، وهو عمل يعد جوهر تدبيره الخلاصي : ففي تقديم يسوع نفسه على الصليب وفي الافخارستيا ، إنما يتحقق عمل الإنسانية كلها ومعها الكون الذي يحيط بها ، عودتها إلى الآب .

ابرز أسمائه

1 - سر الذبيحة غير الدموية ، القداس الإلهي ( الليتورجيا الإلهية ) الذي فيه يحول الكاهن الخبز والخمر الطبيعيين إلى جسد ودم ربنا يسوع المسيح ، بقوة كلمات المسيح نفسه في العشاء السري وصلاة الكنيسة ، يدعى " الذبيحة الإلهية " أي ذبيحة الصليب غير الدموية .

2 - سر الشكر : ذلك أن المسيح عند رسمه هذا السر في العشاء السري شكر أولاً أباه السماوي ، " أخذ (يسوع) الخبز وشكر وأعطى تلاميذه … وبعد العشاء أخذ الكأس وشكر … " ، واقتداء بالمسيح تفعل الكنيسة ، فقبل التقديس يدعو الكاهن الشعب : " لنرفع قلوبنا إلى العلاء ونشكر الرب " ، ويتلوا سراً أو علناً صلاة الشكر للثالوث الأقدس باسم الإنسانية كلها على نعمة الخلق والفداء والتدبير الخلاصي وما رافقه من نعم معروفة وخفية . ويتلى أيضاً صلاة شكر قبل خروج المؤمنين من الكنيسة .

3 - سر الإيمان : لأن هذا السر لا يمكن للعقل البشري أن يستوعبه أو يفسره . سر الافخارستيا هو فقط في منطق الإيمان الذي يقول لنا : هكذا أحب الله العالم ، الإيمان يفتح بصيرتنا لندرك ما لا تراه العين ، ويعمق الرؤية لنرى أن كل شيء بكلام يسوع وبفعل الروح القدس أصبح لدينا شيئاً جديداً : " قد زال كل شيء قديم ، وهوذا كل شيء جديد " ( 2 كور 5/17 ) .

4 - سر الشركة : إن سر الافخارستيا يشركنا بشخص يسوع نفسه : الإله الكامل والإنسان الكامل . بالمناولة نتحد بالمسيح ، يصبح هو فينا ونحن فيه ، حسب وعده الإلهي " من أكل جسدي وشرب دمي يسكن فيّ وأنا فيه " (يو 6/56) . نتحد به بكامل كيانه الإنساني والإلهي . كما ويشركنا في حياة المسيح نفسها ، الحياة كما عاشها ، ولا سيما الأحداث المهمة المتميزة . قال المسيح " اصنعوا هذا لذكري " ، فنحن نذكر هذه الوصية الخلاصية وكل ما جرى لأجلنا : ميلاده وعماده وتجليه وآلامه وموته ودفنه وقيامته وصعوده إلى السماء ، وتمتد حتى نرى المسيح آتياً من جديد ، فنشترك في شركة تامة وكاملة مع المسيح الممجد : تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملك المعد لكم منذ إنشاء العالم . ( متى 25/34 ) وسر الافخارستيا هو أيضاً سر شركة الجماعة ، إنه يشركنا بجسد المسيح السري ، أي الكنيسة والعالم كله ، الذي أحبه ، وأخذه على عهدته ليخلصه بصليبه الكريم .

وليمة خبز وخمر

لكي يتيح لنا لقاءه في الأسرار ، أصبح المسيح حاضراً وفاعلاً في أعمال بشرية : ماء في العماد وزيت في الميرون ، وخبز وخمر في الافخارستيا . إن ما ندعوه " ذبيحة القداس " رسمه يسوع كوليمة " جسدي مأكل حقاً ودمي مشرب حقاً ( يو 6/55 ) ، وليمة أخوية " خذوا اقتسموا بينكم " ( لو 22/17 ) ، وليمة خبز وخمر . من خلالها يريد المسيح أن يشركنا في حقائق أسمى إلى ما حد له : الاتحاد بالله وباخوتنا في الجسد السري الواحد . ما يقول هذا السر – الوليمة ؟ يقول : حياة ، يقول اتحاد بالكون وبالله . الحقيقة الأولى المفروضة على المرء هي أنه إذا ما توقف عن الأكل فقد الحياة : خذوا كلوا … خذوا اشربوا … أكل الخبز وشرب الخمر يعني إذاً ، قبل كل شيء الحياة ، إنه يربطنا بمن هو خالق الكون وسيد المطر والنمو ، بالذي هو الحياة . الخبز والخمر المكرسان يعنيان فعلياً جسد المسيح ودمه كينبوع حياة إلهية للذي يأكل ويشرب بإيمان ، لأنهما قبل كل شيء مأكل ومشرب .

بالمأكل والمشرب يتحد الإنسان بالكون والكون بالإنسان . والإنسان الذي هو على صورة الله وابن الله ، مدعو دائماً إلى مائدة الكون . عندما يتحول " إلى ما يأكل " يمزج العالم بجسده ودمه . إن هذا الانطلاق صعداً سيحمل الإنسان إلى تجسد الله بين الناس ، وككل إنسان ، الإله الإنسان سيتحد بالكون والكون بالله الذي يأكل ويشرب ، فيصبح هو هذا الشيء الذي أكله وهذا الشيء يصبح جسده ودمه الإلهيين ، والمسيح تجسد لكي يصبح " بكراً بين أخوة عديدين " في التأليه ، لا أكثر ولا أقل . في الافخارستيا : ينتج الكون الخبز والخمر و يحولها الروح القدس إلى جسد الرب ودمه . الإنسان يأكل من هذا الخبز ويشرب من هذا الخمر المكرسين فيتحد واياهما بالمسيح القائم من الموت . فباستطاعة الله أن يقول حقاً فوق هذه العناصر وهذا الشخص الذي يتناول وهذه الجماعة : هذا هو جسدي … هذا الإنسان هو جسدي … هذه الجماعة هي جسدي …

ثمار الأرض

الخبز والخمر هما الغذاءان الأساسيان والرمز لكل غذاء ، نأكل خبزنا ، نكسب خبزنا أي حياتنا ، في الافخارستيا يتوجه المسيح إلى جوع الناس . والخمر ضروري لوجبة كاملة ولوليمة عيد . وإلا حكم علينا بأن نأكل خبزنا يابساً ، والخمر يضفي على الطعام هذا الحبور الذي من دونه لا " حياة " ، وإذ لا يعيش الإنسان من الخبز فحسب ، لكي يهضمه هو بحاجة إلى هذا القليل من الفرح الذي يرمز إليه ويعطيه عصير الكرمة . ولكي يهيئ الحياة والعيد الأبديين: أخذ يسوع خبزاً وكأساً من ثمرة الكرمة . هذا الخبز والخمر هما من ثمار الأرض ، تجذرهما في الأرض يجعلهما يمتصان طاقات الأرض العميقة والخفية لكي يعيشا منها ويقدماها لنا ، وعندما يبلغان سطح الأرض لا ينفكان يمتصان كل قوى الأرض ويحولان إليها كل طاقات السماء ، في نموهما : المطر والهواء والنور والحرارة والأشعة والقوى الكونية ، في القمح كما في العنب ، يلتقي الكون كله . وهكذا يتبادر الكون كله إلى طاولة الإنسان ، الكون كله مدعو إذاً إلى طاولة الله ، الكون بأسره سيحمل يوماً بحضور حب المسيح القائم من الموت وقوته . إن كانت مادة الافخارستيا تتألف من عناصر نباتية فما ذلك إلا لنتخلى بكل وسيلة عن ذبح الحيوانات حيث كان الدم يسيل بغزارة في أحواض الهيكل : هذا هو العهد الجديد .

كان يجب خاصة التشديد على أن هناك ذبيحة قدمت مرة واحدة ، ودماً واحداً اهرق إلى الأبد . وليمة المسيحيين المقدمة لن تهرق إذاً دماً غير هذا الدم . هذه النباتات – الخبز والخمر – بعيدة جداً عن ذبائح الوثنيين واليهود بحيث يزول كل التباس . وهي قريبة بما فيه الكفاية من ذبيحة المسيح لتكوّن العلامات المعبرة عنه يشبه يسوع ذاته بحبة الحنطة ( يو 12/24 ) ، إن لم تمت تبق وحدها وإن ماتت أتت بثمار كثيرة . في الخبز والخمر مأساة موت الوحيد لأجل حياة جميع الآخرين أخذت معناها . واختيار النيات يخضع لضرورة عدم تحويل أنظارنا عن الجسد الوحيد حيث يتم خلاصنا ، وعن الدم الوحيد ، دم الذبيحة الحقيقية – أي عن الجسد والدم الوحيدين المقبولين عند الله – وعن الموت الوحيد حيث تعمد الإنسان والعالم .

ثمرة عمل الإنسان

الخبز والخمر ، ثمار الأرض ، ليست منتوجات خام ، بل هي أيضاً ثمار عمل الإنسان " بعرق جبينك تأكل خبزك" ( تك 3/19 ) . لذلك فالخبز والخمر هما أناس . أناس بأبعادهم الروحية ونشاطهم العقلي . فعلى الإنسان أن يصنعهما وأن يصنعهما جيداً . مما يتطلب سلسلة من العمليات الذكية ، فهي مرتبطة بالإنسان الخالق أكثر مما هي مرتبطة بالإنسان المستهلك . عندما نقدم لله الخبز والخمر لكي يحولهما إلى جسده ودمه ، فنحن نقدم عملنا اليدوي والعقلي ، عملنا وعمل كل عالم العمال . فالخبز والخمر هما أيضاً الناس وأتعابهم . فعلى مائدتنا ومذابحنا عرقهم وتعبهم ، كل عمال العالم حاضرون هنا . ذبيحة الافخارستيا هي ثمرة أعمالهم وحياتهم التي أعطوها هكذا لاخوتهم . على طاولة الافخارستيا ، نرى التضامن البشري رغم تنوع البشر ، نجد سلسلة العمال رغم فروقاتهم وحتى عداواتهم، هذا التقارب بين الناس يستعمله المسيح " سأجتذب كل شيء إليّ " ، يأخذ على عاتقه ، يقدمه لأبيه ذبيحة هي " سلامنا إذ توحد ما كان منقسماً وتدك أسوار التفرقة " ( افسس 2/14 ) .

سر العهد

" هذه كأس دمي ، دم العهد الجديد " ، دم العهد المهراق لأجل كثيرين … " هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي المهراق لأجلكم " ، هكذا تسيطر فكرة العهد وحقيقته على الافخارستيا التي تضرب جذورها في العهد ، وتكمل العهد .

فالافخارستيا هي سر عهود الوعد التي بدونها نصبح " بلا رجاء وبلا إله في العالم " ( افسس 2/12 ) ، أية عهود ؟ العهد بأرض جديدة وبأمة عظيمة . فبفصحه – بموته وقيامته – يسوع " ابن إبراهيم ابن الله " ( لو 3 ) :

1- يدخل شخصياً في السعادة الأبدية ، في أرض الميعاد الحقيقية التي نجهلها ويفتح أبوابها لكل الجنس البشري .

2- " يجتذب إليه جميع الناس " ( يو 12/32 ) ، كل شعب الله أفقياً ، ويجعل منه عائلة أخوة موحّدة . ويجعل منه أكثر من ذلك ، جسداً واحداً لأعضاء عديدين . إذن سلالة واحدة روحية لإبراهيم ، ثمرة إيمانه .

3- ويجتذب إليه ، عامودياً ، إلى الآب حيث صعد هو شعب الله هذا الذي يولد ويسير ويموت من جيل إلى جيل حتى ظهوره الأخير . ذرية شاملة وعد بها إبراهيم . " من يأكل جسدي ويشرب دمي فله الحياة الأبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير " (يو 6/54 ) .

سر الفصح

" شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل آلامي " (لو 22/15 ) كما أن الافخارستيا هي سر العهد فهي أيضاً " سر الفصح " إنه الوجه الثاني للافخارستيا .

فصح ، لا نعرف بالتمام أصل الكلمة التي تعني العيد الأكثر شعبية لدى اليهود والمسيحيين ، يمكننا القول : " يتخلى " عنا الموت ، " فنعبر إلى الحياة الأبدية " .

قبل أن يؤسس الافخارستيا ، ينتظر يسوع الفصح اليهودي تلك السنة ، حيث أصبح البعض ناضجاً لقتله . إنها ساعته ، وهو عين الوقت ، هذا الفصح ، لكي تتم ساعة الفصح ، لا قبل ولا بعد : الدم الذي ينزفه هو " دم العهد " دم الحمل الفصحي " ابن الإنسان سيسلم إلى الصلب . قرر أنه سيكون عشاءه السري . وبينما هم على المائدة أخذ يحدد الفصح الذي يحتفل به – الافخارستيا التي يؤسسها إذاك ، " ثم أخذ خبزاً … والكأس … " ( لو 22/15 ) ، عشاء خميس الأسرار وذبيحة الجمعة هما إذاً معاً الفصح اليهودي … في طريق الكمال نحو " الفصح الآتي " في نهاية الأزمنة . الحمل الفصحي الحقيقي هو المسيح المصلوب . بولس يحتفل " بفصحنا الذبيح " ( 1 كور 5/7 ) ، ويذكرنا بطرس بأننا " افتدينا بالدم الثمين ، دم حمل لا عيب فيه ولا دنس ، دم المسيح " ( - بط 1/19 ) ، ويوحنا المعمدان يشير إليه قائلاً : " هوذا حمل الله الحامل خطايا العالم " ( يو 1/29 ) ، ويوحنا الإنجيلي يخبر أن اليهود عيّدوا الفصح ليلة الجمعة العظيمة . فقد ذبحوا الحمل إذاً بعد الظهر ، ساعة موت المسيح ، بالضبط . ويختم قصته بملاحظة تجعل من ذبح الحمل نبوءة موجهة إلى ذبح المسيح : " هذا كان ليتم الكتاب : لم يكسر له عظم " ( يو 19/36 ) . حمل الله ، في ذبيحته الفصحية ، في وليمته الفصحية ، هذا هو القداس . عند موته على الصليب ، ساعة ذبح الحيوانات في الهيكل ، رفع نحو أبيه وفوق العالم جسد ودم الحمل الوحيد " الفصحي " الحقيقي " أي الذي " يعبر " نحو الله ويجعلنا نعبر معه . الذبيحة الوحيدة التي هي ذبيحته وضعت حداً ، في نظام الحب الذي يدشنه ، لخداع الإنابة ، لم يعد من حق أحد أن يتهرب شخصياً ليبحث عن ضحية خارجاً عنه . " ذبيحة وتقدمة لم تشأ ، لكنك ألبستني جسداً ، ولم ترتض بالمحرقات ولا بذبائح الخطيئة . حينئذٍ قلت : هانذا آت لأصنع مشيئتك " ( عب 10/4 ) .

ذبيحة القداس

" يحسن بنا أولاً أن نذكر بما هي خلاصة وذروة هذا التعليم : في سر الافخارستيا تصبح بشكل رائع ذبيحة الصليب التي تمت مرة واحدة على الجلجلة . ( بولس السادس ) . في الممارسة اليهودية ، كان طقس التكفير الكبير يقام كل سنة . " تقادم وذبائح لم تقد إلى الكمال … لكن المسيح جاء رئيس كهنة الخيور المستقبلة … وبدمه شخصياً لا بدم التيوس والعجول دخل مرة واحدة القبة ونال خلاصاً نهائياً " ( عب 9/ 9 – 12 ) . " هكذا قدم المسيح مرة واحدة ليحمل خطايا الكثيرين " ( 28 ) " ونحن تقدسنا بتقدمة جسد يسوع مرة واحدة " ( 10 /10 ). إذن هذه الذبيحة لا تجددها أية ذبيحة ولا يزيد عليها أي قداس … القداس يجعل ذبيحة المسيح الوحيدة حاضرة .

فذبيحة المسيح هي إذاً في الماضي : لا نذبحه من جديد عندما يحضر تحت شكل الخبز والخمر وعندما نأكله أو نشربه أو عندما نفصله ، نفصل الخبز عن الخمر كما يفصل اللحم عن الدم " مرة واحدة " لا غير . ومع ذلك فالذبيحة الوحيدة حاضرة حقاً في القداس وليست فقط ممثلة في رمز الخبز ، الجسد المعطي ، والخمر ، الدم المهراق ، بل حاضرة وحاضرة من جديد . إذ يجب أن تكون حاضرة ، فخلاص العالم هو في موت المسيح : قيامة البشر هي في جسده .

كيفية هذا التأوين

إن الموت يثبت الإنسان إلى الأبد في الحالة التي يفاجئه فيها . لقد مات المسيح في ذروة حبه المعطاء لأبيه واخوته . فقد قام إذاً إلى الأبد ممجداً في هذه الحالة . فلا يوجد مسيح آخر إلا يسوع في ذروة حياته وموته وحبه : يسوع الممجد في ذروة الصليب – ذبيحته . مذاك ارتفعت ذبيحته فوق العالم . في كل قداس " هذا هو جسدي – هذا هو دمي " ، هو حاضر حقاً على المذبح في الحالة الثابتة أبداً . إنه ممجد في ذروة ذبيحته . كالشمس التي لا تغيب مطلقاً ، بل " تشرق " هذا الصباح هنا من أجلنا .

عندما يدعونا المسيح لكي نأكل جسده المعطى ودمه المهراق ، فهو يدعونا إلى أخذ ذبيحته على عاتقنا . يدعونا لكي نصبح واحداً معه ( أن نأكله ) ، لكي نشترك بذبيحة حياته المقدمة لأبيه واخوته : نحيا مثله ونموت معه . من دون حضور القائم من الموت في كل افخارستيا نحتفل بها ، لا تكون قداساتنا اتحاداً بل حلماً عاطفياً فارغاً . لا تكون " ذكرى " ، " تأوين " ، أي حضوراً حقيقياً لحدث الفصح ، مع كل العهود التي هيأت منذ الخليقة ومع كل قوة الحب والحياة التي تقود إلى الملكوت ، القيامة العامة ، بل محض ذكريات باطلة . قداساتنا اتحاد بالله القريب وبالقريب لأنها حضور حقيقي ليسوع المسيح .

أي حضور حقيقي ؟ حضور المسيح القائم من الموت والحاضر في العالم كله لأن جسده الممجد لم يعد خاضعاً للمكان والزمان : هو في كل مكان يعمل " ينير كل إنسان " حتى الذين لا يعون ذلك . في الافخارستيا المسيح حاضر حقاً ، شخصياً ، بجسده ، وليس فقط بعمله الروحي : " هذا هو جسدي … هذا هو دمي " ، " هذا هو " كلمة قاطعة كالسيف … أما الذين لا يريدون أن يروا هنا سوى تشبيه أو استعارة كما عند قوله " أنا الكرمة الحقيقية " فالجواب لهم يجب أن يكون كلام الرب ذاته في مجمع كفرناحوم ( يو 6/51 … ) : أنا خبز الحياة … من يأكل من هذا الخبز … الخبز الذي أعطيه هو جسدي … جسدي مأكل حقاً ودمي مشرب حقاً … حضور حقيقي ، توكيد يسوع لا يقبل الجدل .

أما شرح هذا التوكيد – كيف هو حاضر – فلم يعطه . هذا برهان على أن الأمر ليس هاماً ، " حقاً ، فعلاً جوهرياً " هذا المهم ، إنه حاضر . إن الجسد الحاضر في الافخارستيا هو جسد القائم من الموت . الخبز والخمر المكرسان هما حقاً وجوهرياً المسيح القائم من الموت لأنه هكذا شاء ، إياه نطلب وإياه نجد ، ليس إلا . بقوة حبه المعطاء وكلمته السرية . حقيقة الخبز والخمر العميقة " تحولت " إلى حقيقة في عالم ثان ، هو عالم القيامة : المسيح الممجد بالذات .

ويذكرنا مجمع ترانت بأن الافخارستيا إنما أسست لكي نأكلها . إرادة يسوع المسيح تكريس الخبز والخمر لأجل الوليمة . فلا يمكننا أن نفصل بين " هذا هو جسدي " وبين " خذوا فكلوا جميعكم " . إن هدف الرب في هذا السر ليس " تحويل الخبز والخمر بل تحويل قلوبنا وجماعاتنا بحيث نصبح ، شخصياً وكجماعة مسيحية ، " جسد المسيح". فالافخارستيا تحول الكنيسة شيئاً فشيئاً ، دائماً وأكثر إلى ما صارت إليه في العماد والإيمان : عروس المسيح وجسده في العالم . أصبح الإنسان بدوره – بعد أخذ السر – مكرساً في الروح القدس ، بعد أن اتحد بربه ، وسر حضور المسيح الفصحي للعالم .

نحتفل معاً بالافخارستيا

القداس هو أعظم عمل في حياتنا ، ففي كل مرة هو حدث لا ينضب . والقائمون بهذا العمل هم أنتم . الافخارستيا هي " اشتراك في احتفال " ، جميع المسيحيين الحاضرين هم محتفلون ، نظراً لعمادهم وتثبيتهم . الكاهن ، الكاهن الوحيد ، هو المسيح . والذبيحة ، الذبيحة الوحيدة ، هي ذبيحة الجلجلة . والقداس هو " تأوين " لها . الافخارستيا هي " ذكرى " وحضور الجلجلة . والكاهن المرسوم يتمتع بنعمة وبرسالة ترؤس تقديس الافخارستيا ، نظراً لسر الدرجة الذي قبله . فهو علامة المسيح – الرأس ، أي سره . فالمسيح إذاً يقدم ذاته ويقدمنا معه . والكاهن يقدم المسيح ويقدم ذاته والجماعة مع المسيح . لكن المؤمن أيضاً ، وإن لم يكرس الخبز والخمر يقدم المسيح ويقدم ذاته معه . المعمدون لا ينفصلون عن الكاهن كما لا ينفصلون عن المسيح ، لذلك يتكلم الكاهن بصيغة الجمع " لنصل … لنرفع … لنشكر … " الشعب الكهنوتي بأجمعه ، مع الكاهن ومع المسيح ، يحتفل بالليتورجيا المقدسة ، ( عمل شعب ) ، ليست الليتورجيا إذاً من اختصاص الاكليروس فقط بل اختصاص الجماعة المسيحية . الكاهن يحتفل بالافخارستيا لأجل جماعة ومعها وهي معه ، بالاتحاد بالكنيسة الجامعة .

" يهمنا إلا ندع المؤمنين يرون هذا السر ، سر الافخارستيا ، وكأنهم مشاهدون بكم وغرباء . بل ، بعد أن يفهموا جيداً طقوسه وصلواته ، يجب أن يشتركوا بوعي وتقوى وحماس في العمل المقدس وإن يتثقفوا بكلمة الله ويقتاتوا من مائدة جسد الرب ويشكروا الله . عندما يقدمون الذبيحة الطاهرة ، ليس فقط بواسطة الكاهن بل بالاشتراك معه ، يجب أن يتعلموا كيف يقدمون ذواتهم وألا يؤلفوا ، يوماً بعد يوم ، وقد جمعهم المسيح الوسيط ، سوى جسد واحد مع الله ومع بعضهم البعض ، ويصبح الله أخيراً كلاّ في الكل . " ( المجمع الفاتيكاني الثاني ، الإصلاح الليتورجي ) .

يوحنا 6/ 27 – 58 : " لا تعملوا للقوت الفاني ، بل اعملوا للقوت الباقي في الحياة الأبدية … أبي يعطيكم خبز السماء الحق ، لأن خبز الله هو الذي ينزل من السماء ويعطي العالم الحياة … سيدي أعطنا من هذا الخبز دائماً أبداً … أنا خبز الحياة من يأتني لا يجع أبداً ، ومن يؤمن بي لا يعطش أبداً … من أكل جسدي وشرب دمي ، فله الحياة الأبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير . لأن جسدي طعام حقاً ودمي شراب حقاً … من يأكل هذا الخبز يحيا إلى الأبد . "

 
قديم 20 - 09 - 2014, 04:22 PM   رقم المشاركة : ( 6254 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,046

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الزيارات الروحيّة ليسوع في القربان المقدس
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


كيف أقوم بالزيارات الروحيّة، المؤلّفة من 15 مرحلة
في زيارة الحجّ، على النفس أن تتّحد بالملائكة اتّحادًا روحيًّا، وأن تدخل مع ملاك تلو الآخر، إلى كلّ كنيسة في العالم حيث يسكن المسيح في قدس الأقداس على المذبح. ويجب أن تجري هذه الزيارات بشكل خاصّ، في فترة بعد الظهر، حينما يكون يسوع أكثر وحدة ووحشة.
تسجد النفس، فكرًا وروحًا، أمام كلّ مذبح، معربة عن عبادتها، وحبّها وشكرها، ومعلية تقدماتها – دائمًا في اتّحاد مع الأرواح السماويّة التي تعبد الله العليّ وتسبّحه وتحبّه في القربان المقدّس.
وفي هذه الزيارات، تتجلّى عبادة يسوع، وتبرز سمات الحبّ وأفعال التعويض عن الإساءة إليه، إذ يجتمع المؤمنون بالروح ويرفعون ليسوع كلّ التضرّعات والصلوات والنوايا، معربين عن حبّهم ليسوع وعبادتهم له وإرادتهم في التعويض عن الإساءة إليه.
بعد زيارة القربان المقدّس، منبع الخير، يستحسن على المؤمن، في كلّ زيارة، أن يخصّ العذراء مريم بالتفاتة صغيرة، فيتوجّه إلى صورة العذراء القدّيسة المكرّمة في هذا الصرح (مستجمعًا كلّ تفكيره على هذه الصورة، أو أيّة صورة لمريم المباركة التي يخصّها بالعبادة والتكريم) ويلقي عليها السلام عند نهاية كلّ زيارة، ويسألها، راكعًا خاشعًا أن تغدق عليه نعمها وبركاتها، قبل أن ينتقل إلى كنيسة أخرى.
I
يا أسير الحبّ، أنا أحبّك. أنا نادم على ضعفي، وأعبدك في كلّ كنائس العالم، لا سيّما في تلك التي هجرتك أكثر من غيرها، وتركتك وحيدًا محتقرًا. أرجوك، إجعل قلبي قنديلاً مضاءً يحرق بحضورك كلّ لحظة من كلّ ساعة من كلّ يوم، إلى أبد الآبدين.
أيّها الآب الأزلي، أشكر لك كلّ النعم التي منحتها إلى مريم الكليّة القداسة بأن جعلتها والدة ابنك البكر. أيّها الابن الأزلي، أشكر لك كلّ النعم التي منحتها إلى مريم الكليّة القداسة بأن جعلتها أمّك البتول. أيّها الروح القدس، أشكر لك وابل النعم التي أغدقتها على مريم الكلّيّة القداسة بأن جعلتها عروسًا لك نقيّة طاهرة. أيّها الثالوث الأقدس، أغمرني برحمتك. وأنت يا ملاكي الحارس، إحفظني. يا مار يوسف ساعدني. يا مار ميخائيل زد عنّي. يا مار روفايل رافقني. آمين.
II
يا أسير الحب، لقد أتعبك لا بل أحزنك ما ألحقناه بك من تدنيس واحتقار في الاحتفال بالذبيحة الإلهيّة، لا سيّما أنّك تضطرّ لأن تحلّ في قلوب مدنّسة كثيرة. يا يسوع، أريد أن أكفّر عن كلّ تدنيس لحق بك في القدّاس، بأعمال وخطوات وتحرّكات وكلام وأفعال كما قمت بنفسك في حياتك على الأرض.
يا مريم الحزينة، أقبّل قدميك. أرجوك أن توجّهي وتنظّمي كلّ كلامي وكلّ خطواتي. آمين.
III
يا أسير الحب، أنت متروك، أنت وحيد، وها أنا أتيت لأمكث معك. أحبّك، وأنوي أن أقوم بأعمال لا تحصى تعبيرًا عن حبّي لك، فلا تغيب عن بالي ذكراك وأكون على أتمّ الاستعداد لأن أعوّض عليك كلّ إساءة تؤذيك وكلّ انتهاك يصيبك. وفيما أمكث معك، أنوي أيضًا أن أحبّك عمّن لا يحبّك، وأسبّحك عمّن استخفّ بك، وأباركك عمّن جدّف عليك، وأسألك المغفرة لمن أساء إليك وأسجد أمام حضورك عمّن يتجاهلك ويمرّ بك غير مبال. أنوي أن أمنحك كلّ ما يجب أن تمنحك إيّاه الخلائق، أن أكرّمك لأنّك أودعتنا ذاتك في القربان المقدّس؛ وإنّي أعاود هذه الأفعال مرارًا وتكرارًا على قدر نقاط الماء، وحبّات الرمل، والسمك في البحار.
يا مريم البتول، سيّدة المسبحة المقدّسة، أقبّل يديك: إجعلي أفعالي دومًا تمجيدًا للآب. وبيديك الأموميّتين ضمّي كلّ الخلائق إلى يسوع في السرّ المقدّس. آمين.
IV
يا أسير الحب، ها أنت فقير مخزي فيما العالم ينعم بالثروات والمسرّات. وقد تجاسر وأنكر عليك، أنت الذي أرضيته وأفدته، نقطة زيت أو شمعة. والأسوأ من ذلك، يدخل العالم إلى مسكنك بالتباهي ولباس الوقار، وكأنّهم الأسياد وأنت الخادم! تعويضًا عن فقرك العظيم، أقدّم لك كنوز السماء؛ وتعويضًا عن كثرة إذلالك، أقدّم لك الفرح الذي تشعر به في قلوب من يستجيب للنعمة التي تغدقها عليه. وأنوي أن أكرّر هذه الأفعال على قدر ما تتحرّك الطبائع الملائكيّة والانسانيّة والشيطانيّة.
يا ملكة الفداء، أطبع على وجهك كلّ قبلات يسوع. إجعليني بجمالك وبهائك أقع في حبّك، واجعلي كلّ الخلائق، تقع في حبّ يسوع. آمين.
V
يا أسير الحب، أراك مهانًا محتقرًا، وأنوي أن أقوم بأفعال تعويض عن كلّ الخطايا المقترفة بحقّ حضورك السرّي المقدّس. وعن كلّ الخطايا التي ترتكبها الخلائق، أنوي أن أقوم بأفعال ندامة على قدر ما يخفق القلب وينبض.
يا مريم البتول، يا سيّدة القربان المقدّس، أقبّل قدمك اليسرى: شدّدي كلّ الخطوات المبعثرة. أقبّل قدمك اليمنى: وجّهي خطواتي نحو الخير. أقبّل قدمك اليسرى: حرّريني من عبوديّة الشيطان. أقبّل قدمك اليمنى: إجعليني في عداد المختارين الأتقياء. أقبّل قلبك الطاهر: فاحفريني في قلبك وفي قلب ابنك يسوع. آمين.
VI
يا أسير الحب، لست أسيرًا فحسب إنّما مكبّل تنتظر بتلهّف جامح أن تمنحك خلائقك قلوبها، فتسكن فيها وتحرّرها، وبسلاسل حبّك تكبّل أرواحها. وبأسى لا يوصف، ترى الخلائق تمرّ بك بكثير من اللامبالاة، غير عابئة بك وبحضورك فيها. البعض يرفضك قطعيًّا في حياته. والبعض الآخر يبقى قلبه، وإن قبلك، مرتبطًا بقلوب أخرى، مغمورًا بالرذائل والعيوب. وأنت، يا حياتي، مضطرّ لأن تبرح هذه القلوب الرافضة لك بعد أن حوّلت تلهّفك إلى بكاء مرير.
دعني أمسح دموعك وأسألك أن تذرف دموع الحبّ. وإنّي أقدّم لك، تعويضًا عليك، توقي ولهفي وأشواقي وكلّ الاطمئنان الذي غمرك به القدّيسون، ماضيًا وحاضرًا ومستقبلاً، وأمّك الحبيبة، وحبّ الآب والروح القدس. وأجعل هذا الحبّ ملكًا لي. أريد أن أضع نفسي عند باب مذبحك، وأن أعوّض عليك عن كلّ من جعلك تبكي. وأنوي أن أكرّر هذه الأفعال على قدر ما سكبت من فرح على كلّ الملائكة في السماء.
يا أمّي وملكتي، المزدانة بكلّ النعم التي أغدقها عليك الثالوث الأقدس: من على العرش الذي تجلسين عليه، أسكبي كلّ النعم لخير الإنسان البائس، ولتصبح هذه النعم سلّمًا يرفع إليك كلّ النفوس. يا أمّي الحبيبة، إعتني بعواطفي وأشواقي ونبضات قلبي وأفكاري؛ وضعيها قنديلاً عند باب المذبح. آمين.
VII
يا أسير الحب، أراك حزينًا كئيبًا، وها أنا أتيت لأواسيك. ولكن كيف لي أن أواسيك وأنا مغمور بالشقاء والخطيئة؟ يا أمّي الحزينة، آتي إليك؛ أعطني قلبك لأواسي به ابنك. يا سيّدي، أترى ما أفعل، آتيك بقلب والدتك لأواسيك، بالدم الذي ذرفه الشهداء وبالحبّ المتبادل الذي شاركت به الأقانيم الإلهيّة الثلاثة.
إليك يا أمّي الحزينة، المتألّمة لخطايانا، أقدّم قلب ابنك يسوع، به أواسيك، وأرفع لك الإكرام الذي أحاطك به كلّ القدّيسين؛ والحبّ الذي خصّك به الثالوث القدّوس بإعلانك ملكة الأرض والسماء. وإنّي أنوي معاودة هذه الأفعال لمواساتكما وتأمين راحتكما على قدر العشب والزهور والنباتات التي تنبثق من الأرض.
VIII
يا أسير الحب، أراك جائعًا وعطشانًا، وجلّ ما تفعله بعض النفوس أن تحضّر لك طعامًا مقرفًا، باردًا، فاترًا لا يؤكل! يا يسوع، أريد أن أقوم بأفعال تعويض على قدر الشرارات المتطايرة من النار، والخيوط المشعّة المنبعثة من الشمس.
يا أمّي الجميلة، لا ترفعي أنظارك عنّي واحفظيني في ظلّ حمايتك. آمين.
IX
يا أسير الحبّ، أنت هنا متواضع مستسلم لإرادة الآب. أنوي أن أقدّم ذاتي في سبيل إرادته المقدّسة على قدر ما قدّمت ذاتك عندما أتيت الأرض مخلّصًا. وتعويضًا عن أعمال الغضب ونفاذ الصبر والتمرّد التي يرتكبها الإنسان، أنوي أن أقوم بأعمال تكفيريّة على قدر مستطاعي.
يا أمّي شريكة الفداء، أقبّل عظمتك، أنت تقودين كلّ أفكاري. من فكرك القدّوس، أسكبي أشعّة النور على عقول كلّ الخلائق، فيعرف كلّ إنسان يسوع. آمين.
X
يا أسير الحب، كم أنت وحيد ومخذول! نعم، أنت تتضوّر جوعًا للحبّ من كلّ خلائقك، فيما نحن نبادلك الجفاء والبرودة! يا حبيببي، أنا عازم على أن أقدّم لك قلوب كلّ الخلائق فاغمسها في حبّك الإلهي وقلبك الأقدس، لتلتهب وتتنقّى في نار حبّك الأبديّة، وتحظى بالحبّ الكامل مقابل كل جحود ونكران للجميل.
يا مريم أمّي النقيّة، قدّمي بنفسك هذه التقدمة وهذا التعويض ليسوع، واهدنا كلّنا في طريق حبّه. آمين.
XI
يا أسير الحبّ، لقد شبعت جحودًا، وجفاء وقلّة وفاء من أبنائك، وأنا عازم على أن أقوم بأعمال تنمّ عن العرفان والتوافق والأمانة. وأنوي أيضًا أن أسبّحك وأمدحك لأنّك خلقتنا على صورتك ومثالك، وأن أشكر لك كلّ الخيرات التي أغدقتها علينا. أودّ أن أتّحد بك وأحزن على كلّ الإهانات التي ألحقناها بك على الصليب، والتي تلحق بك الآن في السرّ المقدّس. وما دمت تتلقّى الإهانات، أودّ أن أودعك كلّ أبناء الكنيسة – الكهنة والخطأة والهراطقة والخونة والمنازعون – فيمتثلون كلّهم لمشروع القلب الأقدس. أخيرًا، أوصيك بكلّ الأنفس المطهريّة، فتحظى نعمة الدخول إلى السماء. أعتزم تكرار هذه الأفعال بقدر ما في البحر من أمواج وما على الأشجار من أغصان.
أمّي الحنون، أملنا وملجأ الخطأة، إحفظينا كلّنا في ظلّ ثوبك، واشفعي فينا. آمين.
XII
يا أسيري في الحب، إنّ لهيب حبّنا المتّقد يخنقك، وذلك لأنّك تتوق لأن تجعل إرادتك معروفة من الجميع. فمن وشاحك السرّيّ الذي يخفيك، بثّ أشعّتك الوضّاءة لتلج كلّ القلوب وتزرع فيها الحياة وفق إرادتك الإلهيّة، فتنعم بالسعادة والنصر وتحكم كلّ العالم.
يا مريم النقيّة، ملكة الإرادة الإلهيّة، إقرعي باب كلّ قلب، وبالسلطان الممنوح لك كملكة، بثّي فيه الحياة وفق الإرادة الإلهيّة. واسكبي علينا كلّنا الراحة والسعادة بنعمة بركتك المقدّسة كأم حاضنة لنا. آمين.
XIII
يا أسير الحب، أنت حاضر هنا، وأنا أعبدك. إنّني أعتزم أن أقوم بأفعال عبادة لك على قدر ما في السماء من نجوم، وما في الكون من ذرّات، وما في أجواء السماء من عصافير محلّقة غنّاء.
يا يسوع الحنون، أريد أن أبرهن لك عن حبّي وامتناني. أريد أن أقدّم لك كلّ شيء ممّا يتوجّب على الخليقة تجاه خالقها لأنّك أعطيتنا أمّنا المباركة وملكتنا النقيّة، وقد فاقت بجمالها كلّ جمال وبقداستها كلّ قداسة، إنّها معجزة النعمة، لأنّك جعلتها غنيّة بكلّ المواهب، وأقمتها لنا أمًّا. وإنّي أفعل ما أفعل باسم كلّ الخلائق: الحاضرة والماضية والمستقبلة. أريد أن أتبنّى كلّ عمل تقوم به إحدى الخلائق: كلّ كلمة، كلّ فكر، كلّ خفقة قلب، كلّ خطوة؛ وفي كلّ منها، أريد أن أقول لك : "أحبّك، أباركك، أعبدك، أشكرك على كلّ ما صنعته لأمّنا السماويّة".
يا أمّي النقيّة، أقبّل قدميك. حرّريني من براثن الشيطان الخادعة، وسدّدي خطى كلّ الخلائق نحو يسوع. آمين.
XIV
يا أسير الحب، أراك تتحرّق شوقًا بالحبّ والألم. لقد ابتعدنا عن حبّك وأنت بالمقابل تبحث عن كلّ خليقة لتشعرها بحبّك لها وبحاجتك لأن تبادلك هذا الحبّ. ها يداك تغمرانها؛ وصوتك يناديها، ونظراتك تعبّر عن حبّك لها؛ وعواطفك، وتنهّداتك الشجيّة ونبضات قلبك لتغمرها بالحب وتجعلها تشعر بمدى حبّك لها.
ولكن للأسف، الإنسان في المقابل، يصدّ خطواتك وذراعيك، ويعير أذنًا صمّاء إلى صوتك المحبّ، ويردّ لك حبّك إهانة تلو الأخرى. حبّك يزداد انفعالاً، وفي حزنك، ما تلبث تكرّر وتعيد مرارًا: "أحبّك، ولكنّني لا ألقى الحبّ بالمقابل".
ولكي أخفّف عنك وأواسيك، ولأبادلك حبّك الدائم لنا، الذي أحرقك بلهيبه، أقدّم لك دفق الحبّ للأقانيم الثلاثة. وإذ يتّحد حبّي بحبّ الأقانيم الثلاثة، أريد أن أقول لك مع كلّ تنهيدة وخفقة قلب وحركة "أحبّك، أحبّك، أحبّك بلا توانٍ".
يا أمّي القدّيسة، ملكة الحبّ، هلاّ جلت بحثًا عن كلّ القلوب فتبثّي فيها مخاوفك وقلقك وأشواقك الجامحة، أنت الحبّ الأمومي، حتّى يتلقّى يسوع من كلّ إنسان الحبّ مع حبّ أمّه. فيشعر عندئذ بالراحة من اللهيب الذي يلتهمه.
XV
يا يسوع، أسير الحبّ في القربان، أنت الأسير حبًّا بي، أريد أن أجعل نفسي أيضًا أسيرة حبّك. فاسمح أن يكون سجني قلبك السرّيّ فأبقى دائمًا في رفقتك، ولا أتركك بعد اليوم. ومعًا نتشارك آلامك وأحزانك ومرارتك، ونتبادل الحبّ ونقوم بكلّ تعويض. أراك تتحرّق حبًّا لترسيخ التواصل بينك وبين كلّ النفوس – وهي بالمقابل تبادلك الجفاء واللامبالاة والجحود والإهانات وحتّى التدنيس، أراك وعيناك مغرورقتان بالدموع، منكسر الفؤاد، متعبًا، مضطهدًا، وفي الوقت نفسه تتحرّق حبًّا وتتشوّق للهناء والراحة. أكفكف دموعك، وأعيد لك حبّي وأمنحك قلبي مهدًا لراحتك. ولسكينة قلبك، أدفع عنك كلّ الإهانات. سأضع نفسي مكانك، في معبدك، حتّى لا يزعجك أحد، حتّى أتألّم وأحبّ وأبذل ذاتي ضحيّة، بدلاً عنك.
أيّها الحبّ الذي لا يخمد، يبدو أنّك تنظر إليّ قائلاً: "تعال إليّ يا بنيّ هلّم لرفقتي؛ ولا تدعني وحيدًا أبدًا. أحتاج إليك بجانبي. عظيمة هي أحزاني، وأتلقّاها من كلّ إنسان، حتّى من أبنائي".
أيّها الحبّ جوهر كلّ كياني، فيما أمكث هنا معك، أريد أن أقول كلمة نيابة عن كلّ إنسان، لا سيّما عن أبنائك. فعندما يمسّون بيت القربان المقدّس، إجعلهم يشعرون بلهيب نارك، واحرق فيهم كلّ ما ليس منك، وحوّلهم إليك. إجعلهم يفهمون عظمة الرسالة التي ائتمنتهم عليها. ومن ثمّ، أدفئ قلبك بكلمة عن لسان كلّ الخطأة، أخوتي: يا حبّي، إمنح الحبّ للجميع وبارك كلّ إنسان.فلتباركنا العذراء مريم أمّنا بمحبّة ابنها الإلهيّ
 
قديم 20 - 09 - 2014, 04:24 PM   رقم المشاركة : ( 6255 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,046

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

طقس أسرار الكنيسة السبعة
هذا البحث كتبه نيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين، ويتم تدريسه في الكلية الإكليريكية.





3- مقدمة عن سر الإفخارستيا



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سر التناول: نسميه سر الأفخارستيا.
لماذا سمى سر الأفخارستيا أو سر الشكر لماذا؟
لأن السيد المسيح أول شيئ عندما مسك الخبز قبل أن يعطيه للتلاميذ شكر.




لماذا شكر ومن الذى شكره؟
شكر لأنه هو الفادى والنائب عن البشرية فكان لابد أن يشكر نيابة عن البشرية.
من وقت ما أقصى الإنسان خارج الفردوس أو خارج حضرة الله وكان ربنا يشتاق أن يرى المنظر الملكوتى الذى حدث أول ما جمع المسيح التلاميذ وبدأ يعطيهم جسده ودمه.
لأن بالجسد يثبت التلاميذ أنهم يمثلون الكنيسة. الكنيسة كانت ممثلة فيهم أن هؤلاء يثبتون فى المسيح.


فلأول مرة ترجع ثانياً الصورة التى كان ربنا يقصدها من خلقة الإنسان، إنه يثبت فيه ويقترب إليه ويعيش معه لكن بفعل المعصية طرد يشكر السيد المسيح الآب السماوى على هذه الصورة الملكوتية. لأن الآب الذى أرسل المسيح، الآب والروح القدس. لولا أنهم أرسلوه ما كان تم الفداء. "هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية"،
فالصورة التى حدثت بالتناول بإعطاء الجسد والدم للتلاميذ هى عودة الإنسان إلى حضرة الله بصورة فائقة لم يكن ممكناً الوصول لها إلا عن طريق الفداء ومنح الجسد والدم لكى تثبت الكنيسة فى المسيح وتتكامل الصورة الموجودة الآن، وستظل إلى الأبد فى الأبدية السعيدة. صورة المسيح الثابته فى الصورة. المسيح الرأس والكنيسة الجسد ولذلك أول شيئ نعمله المسيح أنه شكر.
ونحن أول حاجه نعملها عند رشم الخبز نقول وشكر. لأن شكر المسيح نيابة عنا للآب السماوى على الصورة الملائكية الفائقة التى كان يتمنى الآب أن يراها، حدثت بالفداء الممثل فى إعطاء الجسد والدم للتلاميذ بثبات الكنيسة فى شخص المسيح لذلك أسميناه سر الشكر.
هى عطية الثبات، ثبات الكنيسة فى المسيح لكى تحيا الحياة الملكوتية فى أبهى صورها بطريقة فائقة فالمسيح يملك عليها بثباتها فيه. وهنا عالجنا مشكلة الخطية، غفرت على الصليب والدم شاهد وعالجنا الموت بالقيامة والجسد شاهد. فالمسيح أول ما أمسك الخبز لكى يعطيهم شكر وبارك وكسر. أولاً شكر وهو فعل الكنيسة التى أخذت عطية. أول لإنسان ما يأخذ عطية يشكر لذلك دعى سر الشكر. شكر الكنيسة المشتاقة للملكوت. التى رأت تحقيق الملكوت فى صورة المسيح والتلاميذ وهى صورة المسيح الكاملة الثابته فيه، التى نالت الحياة من خلال الجسد ونالت الغفران من خلال الدم. لذلك الجسد والدم يعطيان بالترتيب كما عمل المسيح لا نعطى الجسد مع الدم أبداً وتمنع الكنيسة هذا حتى لا يكون لدينا إحساس أن يكون هذا الجسد دموي. لكنه جسد القيامة.


السؤال وإجابته:


لماذا شكر السيد المسيح؟ ولماذا نسمى هذا سر الشكر؟

كانت المشكلة هى الخطية التى فصلت الإنسان عن الله وبانفصال الإنسان عن الله سادت الخطية. وظهرت أصوات الأنبياء تنبئ بالخلاص المزمع أن يتم وأنتظرت البشرية فى أنتظار ولهفة لكى تعود إلى الصورة الملكوتية التى طالما حرمت منها وجاء الإبن الكلمة متجسداً لكى يفدى البشرية مقدماً الغفران بدمه كفارة عن الخطية ومقدماً الحياة بجسد القيامة الممنوح فى الكنيسة فى هذا السر المقدس وفى أول لقاء بين المسيح والكنيسة ممثلة فى التلاميذ الإحدى عشر، لكى يمنحهم جسده ودمه الأقدسين. رأى الصورة الملكوتية التى طالما إشتهت الكنيسة أن تراها أن تدخل فى ملكية الله، ملكية كاملة فشكر المسيح الآب نيابة عن الكنيسة عن هذه الحالة أو هذه الصورة التى تحققت من خلال التناول كإعلان عن الفداء.

فى كل مرة نعمل طقس القداس نأخذ نفس الجسد الذى أعطاه المسيح ونفس الدم. أحياناً يسأل البروتستانت سؤالاً خبيثاً: مصدر البحث: موقع الموجة القبطية

إذا كان المسيح وهو فى وسط التلاميذ أعطاهم خبزاً وخمراً وهو بجسده فى وسطهم والخبز على المذبح تقولون عليه جسداً ودماً؟

ربنا عنده حاضر دائم فيه كل الأحداث واحده يراها كلها أمامه ممكن يأخذ أمراً قبل الآخر ليس هناك ماضى أو مستقبل. فالمسيح أعطاهم الدم قبل أن يسفك دمه وأعطاهم جسد القيامة قبل أن يموت فهذا لأنه فوق الزمن.

تعبير فوق الزمن نتيجة عدم محدودية الله فهو يعيش فى حاضر دائم.

الناتج عن عدم محدودية الله الأحداث الممتدة كل هذا فوق الزمن.

أى أن حدث الصليب حدث مرة ولكنه ممتد. ليس حدثاً، حدث فى لحظة معينه وانتهى فى لحظة معينه هو فعلاً حدث فى لحظة معينه لكنه لم ينته فى لحظة معينه. إنتهى كحدث لكن تأثيرة وفاعليته ممتده. ولذلك حدث الصليب ممتد من خلال القداس، وحدث القيامة ممتد من خلال القداس. لذلك نعتبر القداس إمتداداً حقيقياً للأحداث الخلاصية التى تممها السيد المسيح. ولذلك يسمى الذكرى.



التعبير الثالث الذكرى السرائرية موجوده. بمعنى أنها ذكرى ممتده. أى دعوة الشيئ إلى الوجود الدائم. غير الذكرى التاريخية. الذكرى التاريخية صاحبها غائب غير موجود. لكن الذكرى السرائرية موجودة وجوداً دائم.
ما معنى كلمة سرائرية إذا كانت ذكرى تاريخية فهى ذكرى أشياء فاتت "ففيما نحن أيضاً نصنع ذكرى آلامه المقدسة وقيامته من الأموات وصعوده إلى السموات وجلوسه عن يمينك أيها الآب" كل هذا حدث لكن (وظهورك الثانى المخوف) هذا لم يحدث وهذا دليل على أنها ذكرى سرائرية فوق الزمن تجمع الماضى والمستقبل. كل هذا عن طريق الطقس.




نقطتان نختم بهما هذا الفصل.

إن الطقس هو نظام العبادة ودائماً العبادة تتضمن اللحن والكلمة والحركة. هذا مثل الطقس. أى الكلمة الملحنة المصاحبة للكلمة.

ففى صلاة الصلح مثلاً أبونا يقول صلاة الصلح بالكلمة الملحنة. ولكن بالحركة يصلى بيدين عاريتين إنه يعطى صورة ما قبل الصلح العرى الذى أصاب البشرية.
فالكاهن هنا يمثل البشرية العارية نتيجة الخطية. وفيما هو يصلى بالكلمة الملحنه يقدم الحركة الدالة على المعنى المقصود وهنا يكون الطقس كامل المعنى مع اللحن مع الحركة. وهكذا.


فى الجزء الثانى وهو يقول بمسرتك يالله باللحن يمسك اللفافة المثلثة والتى كانت موضوعة على الإبرسفرين والتى تشير إلى الحجاب الذى كان يحجز بين الإنسان والله وشماس واقف ماسك الصليب فى شرق المذبح إشارة إلى أن هذا الحجاب إنشق وأزيل بالصليب. فالطقس هو الكلمة الملحنة المصاحبة للحركة. هذا هو الطقس.
أيضاً كلمة أجيوس كلمة ملحنه يغير اللفائف يعمل يده على شكل صليب.
ويغير اللفافة التى فى اليد اليمنى لليد اليسرى والتى فى اليد اليسرى فى اليمنى ويبدل اللفافة التى فوق الكأس مع اللفافة اليسار. إشارة إلى رفرفة الأجنحة للشاروبيم والسيرافيم وهم يقولون قدوس يسجدون أمام الله. فتجد الكلمة الملحنة المصاحبة للحركة.




الطقس يساعد على تنفيذ الوصية:

لا يصح أن يتناول أحد فى قداس وهو فى خصام مع أحد. تنفيذاً لوصية السيد المسيح (متى 5: 23 24) "فإن قدمت قربانك على المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئ عليك أترك هناك قربانك أمام المذبح وأذهب أولاً أصطلح مع أخيك"، صلاة الصلح والقبلة المقدسة لابد أن تسبق التناول.

أيضاً تعبير (كيرياليسون) أى يارب أرحم (كيري) إختصار (كيريوس) أى الرب أو يارب. (ليسون) أى أرحم. أى يارب أرحم إشارة للجاجة. والسيد المسيح أوصانا أن نصلى بلجاجة وبهذا علمنا الطقس تنفيذ الوصية. هذه مقدمة بسيطة عن الطقس

.




4- الشروط الواجب توافرها لإتمام السر
كلمة سر
كلمة تفيد أخذ نعمة واضحة من عمل سرى أى أن روح الله القدوس يعمل فى السر دون العلن أو دون العيان لذلك فالأسرار يدخل فيها الإيمان.


لذلك يعرفون السر على أنه نعمة غير منظورة ينالها الإنسان نتيجة طقس منظور أو عمل منظور على يد كاهن مشرطن ومن خلال مادة للسر. ليس كل الأسرار لها مادة. المقصود بالمادة الشيئ الذى يحدث فيه التحول. العروسان هما المادة في سر الزواج. فى سر الإعتراف الماده هو المعترف وهكذا.



أى طقس للأسرار لابد أن يتوفر فيه ثلاث عناصر مهمة:

الروح القدس والكهنوت ومادة السر.

فى السر الذى ممكن أن يكون فيه ماده مثل المعمودية الميرون، مسحة المرضى، التناول. العامل فى السر هو الروح القدس، والأداة التى يعمل من خلالها هى الكهنوت. فالروح القدس بالكهنوت فى المادة يتم السر.



الشروط التى يجب أن تتوفر لإتمام السر:

1-الإيمان:

الإيمان كأساس باعتبار أن الأسرار مجال لعمل الروح القدس بطريقة غير معلنة. أى أن الإنسان لا يراها بالعين المجردة. كلها بتكون تحت أعراض معينة الفعل أو النتيجة ليست معلنة. الإيمان أساس عند إتمام الأسرار بحيث أن الذى ليس عنده إيمان لا يستطيع أن يستفيد من السر. وهذه فكرة الإستعداد للسر. الإستعداد للسر هو أن يكون عند الإنسان الإيمان الكافى لممارسة السر. لذلك نتلوا قانون الإيمان فى الأسرار حتى فى الزواج. فى كل الأسرار. مصدر البحث: موقع الموجة القبطية
2-الصوم :


الصوم يعطى الإنسان الإنسحاق. فالإنسحاق يأتى من الصوم. يسمون الصوم الخروج من الكيان المادى والدخول فى الكيان الروحى. والأسرار هى قمة الكيان الروحى فى حياتنا هن. لذلك الصوم يؤهلنا ككيان روحى أن نمارس الأسرار. نصوم تسع ساعات كحد أدنى قبل التناول. لماذا تسع ساعات؟

الآباء قالوا إن التسع ساعات هى فترة آلام السيد المسيح من بداية تعذيبهم للمسيح من الساعة الثالثة إلى ساعة الدفن الساعة الثانية عشر. لذلك فالصوم الإنقطاعى تسع ساعات هو شركة فى آلام المسيح. محصلة إيمان مع الصوم يعطى نقاوة وإستحقاق. (من هو مستحق فليتقدم) مستحق أى له نقاوة لممارسة الأسرار. كلمة نقاوة أى التنقية من شيئ كان موجود. فالنقاوة تعنى المغفرة، وتعنى نظافة الجسد، والاستعداد النفسى. فهى نقاوة على مستوى النفس والجسد والروح.

3-المصالحة:

لابد من وجود علاقة مصالحة ومحبة مع الكل. فيكون الإيمان والسلام والمحبة. والإنسحاق تسمعون كثيراً الشماس يقول "أحنوا رؤوسكم أمام الرب". هذه صورة الإنسحاق. ولماذا "إحنوا رؤوسكم أمام الرب"؟ مثل العشار الذى لم يشأ أن يرفع وجهه إلى السماء. بل أحنى رأسه وقرع صدره وقال "اللهم إرحمنى أنا الخاطئ". فهو تبنى موقف العشار.

4-إتمام الطقس:

فيه رشومات. رشومات باليد، ورشومات بالصليب، ورشومات باللفائف، ورشومات بالزيت، ورشومات بالجسد والدم، الجسد للدم والدم للجسد

 
قديم 20 - 09 - 2014, 04:28 PM   رقم المشاركة : ( 6256 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,046

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ثلاث عشرة زيارة إلى يسوع في القربان المقدس
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


من كتاب : العيش في ملكوت المشيئة الإلهيّة

يسوع يتحدّث إلى لويزا بيكاريتا (1865-1947)
الزيارة الأولى
هلمّي أيّتها المشيئة الإلهيّة واسكني زيارتي إلى يسوع.


يا سجين المحبّة، أحبّك وأتأسّف على تخلّفي عن زيارتك. أعبدك في جميع كنائس العالم، خصوصًا في تلك التي قلّ أن يزورك فيها أحد.

اجعل قلبي أشبه بمصباح مشتعل يشتعل دومًا في حضورك كلّ يوم، كلّ ساعة، كلّ لحظة من الآن وإلى الأبد.

أيّها الآب الأزليّ، أشكرك على جميع النعم التي منحتها للأم القدّيسة والتي جعلتَ منها باكورة مخلوقاتك.

أيّها الابن الأزليّ، أشكرك على جميع النعم التي منحتها للأم القدّيسة وجعلت منها أمًّا لك دائمة البتوليّة.

أيّها الروح القدس الأزليّ، أشكرك على جميع المواهب والنعم التي أغدقتها على الطوباويّة مريم وجعلت منها عروسًا لك بدون دنس.

أيّها الثالوث الأقدس، ارحمني.
يا ملاكي الحارس، ساعدني.
يا رئيس الملائكة ميخائيل، دافع عنّي.
يا رئيس الملائكة روفائيل، رافقني.
يا رئيس الملائكة جبرائيل، احمني.
آمين.

الزيارة الثانية
هلمّي أيّتها المشيئة الإلهيّة واسكني زيارتي إلى يسوع.
يا سجين المحبّة، أنت متعب ومنهك من جراء جميع الانتهاكات التي تُرتكب بحقّ الاحتفال بالأسرار الإلهيّة لذبيحتك المقدّسة حين تضطرّ إلى النـزول في العديد من القلوب غير المؤهّلة لأن تكون مساكن لك.

يا يسوع، أودّ القيام بالكثير من أفعال التعويض عن جميع القدّاسات المطبوعة بطابع دنيوي.

أودّ القيام بأفعال تعويض من أجل جميع خطواتك التي قمت بها هنا على الأرض، وتحرّكاتك، وكلامك والأفعال التي أنجزتها طيلة حياتك الزمنيّة.

أيّتها العذراء المفجوعة، أقبّل قدميك. اسهري على كلامي وعلى خطواتي. آمين.
الزيارة الثالثة
هلّمي، أيّتها المشيئة الإلهيّة واسكني زيارتي إلى يسوع.

يا سجين المحبّة، أنت هنا وأنا أعبدك. أودّ أن أقدّم إليك أفعال سجود على عدد نجوم السماء، وذرّات الكون، وطيور الفضاء. أيّتها العذراء البريئة من الدنس، أقبّل قدميك.

حرّريني من مكائد الشيطان وقودي خطى جميع المخلوقات إلى يسوع. آمين.
الزيارة الرابعة
هلمّي، أيّتها المشيئة الإلهيّة، اسكني زيارتي إلى يسوع.
يا سجين المحبّة، أنت هنا وحدك، متروك، فجئتُ لأكون معك. أحبّك. أودّ أن أقدّم إليك الكثير من أفعال المحبّة. أودّ أن أتذكّرك دائمًا، وأن أكون مستعدّة للقيام بتعويضات عمّا لحق بك من إهانات وشتائم.
أودّ أن أحبّك من أجل الذين لا يحبّونك، وأن أسبّحك من أجل الذين يحتقرونك، وأن أباركك من أجل الذين يجدّفون عليك، وأن أطلب المسامحة من أجل الذين يهنيونك، وأن أركع من أجل الذين يتعذّر عليهم ذلك.

أودّ أن أقوم بما هو مطلوب من المخلوقات القيام به تكريمًا لوجودك في القربان المقدّس ولا تقوم به.

أودّ أن أعيد هذه الأعمال على عدد قطرات الماء في الكون، وحبّات الرمل في العالم والأسماك في المحيطات.
يا سيّدة الورديّة أقبّل قدميك. اجعلي أعمالي لمجد الله، ووجّهي المخلوقات إلى يسوع في القربان المقدّس.

الزيارة الخامسة
هلمّي، أيّتها المشيئة الإلهيّة واسكني زيارتي إلى يسوع.
يا سجين المحبّة، أنت هنا مسكين ومعذّب في حين أنّ العالم يهتمّ وينعم بالملذات والثروات الضخمة. أنت واهب كلّ شيء، وهم لا يتخلّون عن نقطة زيت وعن النـزر اليسير من الشمع، والأسوأ أنّهم يأتون إليك وكلهم تشاوف وعجرفة كما لو أنّهم هم الأسياد، وأنت الخادم.
تعويضًا عن فقرك، أقدّم إليك خيرات الفردوس. تعويضًا عن إماتاتك، أقدّم إليك الطعم الشهيّ للنعم التي وضعتها في قلوب أبنائك. أود أن أعيد أفعال التعويض هذه على عدد حركات الملائكة والناس.
يا أمّ الفادي، أطبع على وجهك جميع قُبَل يسوع. اجعليني أعشق جمالك، واجعلي المخلوقات تعشق جمال يسوع. آمين.
الزيارة السادسة
هلمّي، أيّتها المشيئة الإلهيّة، واسكني زيارتي إلى يسوع.
يا سجين المحبّة، أنت هنا مهان. أودّ أن أقدّم إليك أفعال تعويض على عدد الخطايا المرتكبة أمام القربان المقدّس. أودّ أن أقدّم إليك أيضًا أفعال ندامة على عدد نبضات قلبي عن خطايا الناس.
يا أم القربان المقدّس:
اقبّل قدمك اليسرى: قودي خطاي المتردّدة.
أقبّل قدمك اليمنى: قودي خطاي في الاتجاه الصحيح
أقبّل يدك اليسرى: حرّريني من عبوديّة الشيطان.
أقبّل يدك اليمنى: اجعليني في عداد المتعبّدين الحقيقيّين.
أقبّل قلبك الطاهر: ادفنيني في قلبك وفي قلب ابنك يسوع. آمين.
الزيارة السابعة
هلمّي أيّتها المشيئة الإلهيّة، واسكني زيارتي إلى يسوع.
يا سجين المحبّة، أنت لست سجينًا فقط، أنت مقيّد أيضًا. الطريقة الوحيدة التي بإمكانها أن تحرّرك هي في انتظار قلوب المخلوقات لأن تأتي إليك، بذلك تتحرّر، ويصبح بإمكانك أن تقيّد نفوسهم بسلاسل محبّتك.

بأي ألم تشاهد الناس آتين إليك بدون اكتراث، ولا يبدون أي رغبة في أن يقتبلوك؟ وتشاهد آخرين يرفضون أن يقتبلوك؟ وآخرين يقتبلونك وقلوبهم معلّقة بسواك، كأنّك لا تعني لهم شيئًا.

يا يسوع، اسمح لي أن أجفّف دموعك، وأحتفظ بصراخ محبّتك، وللتعويض، أقدّم إليك ما قدّمه القدّيسون من أشواق وتأوّهات ومشاعر محبّة، كما أقدّم مسرّة أمّك ومحبّة الآب والروح القدس.

أضع ذاتي أمام أبواب بيوت القربان لأدافع عنك وأتصدّى للذين يودّون اقتبالك. لا لشيء إلاّ ليحبّوك، أريد أن أعيد هذه الأفعال على عدد مرّات الفرح التي ينعم بها قدّيسوك في الفردوس.

يا أمّي ومليكتي، المكلّلة بجميع نعم الثالوث الأقدس، ارسلي من عرشك جميع النعم الضروريّة كي يفيد منها الناس، واجعلي هذه النعم تشكّل سلّمًا كي تتمكّن النفوس من الصعود للوصول إلى السماء.

يا أمّي الحنون، اسهري على عواطفي وأمنياتي، ونبضات قلبي وأفكاري، حوّليها إلى مصابيح وضعيها عند أبواب جميع بيوت القربان كي أتمكّن من أن أكون دائمًا مع يسوع. آمين.
الزيارة الثامنة
هلمّي، أيّتها المشيئة الإلهيّة، واسكني زيارتي إلى يسوع.
يا سجين المحبّة، أنت هنا مغتمّ ومرهق وأنا جئت لأونسك. ولكن كيف يكون لي ذلك وأنا مثقلة بالخطايا والشقاء؟ لذا، التفتُ إليك، أيّتها الأم المفجوعة.

هبيني قلبك كي أتمكّن من أن أونس ابنك. وأنت، يا يسوع، ها إنّي آتيك بقلب أمّك، بدم شهدائك وبالمحبّة المتبادلة بين الأقانيم الثلاثة.
وأنت، أيّتها الأم المفجوعة من جراء خطايانا، أقدّم إليك قلب ابنك واستحقاقات القدّيسين كي أونسك، كما أقدّم إليك محبّة الثالوث الأقدس التي غمرك بها الثالوث الأقدس حين كلّلك ملكة السماء والأرض.

أودّ أن أعيد أفعال العزاء هذه على عدد الأزهار والنباتات التي تنبت على الأرض بأسرها. آمين.
الزيارة التاسعة
هلمّي، أيّتها المشيئة الإلهيّة، واسكني زيارتي إلى يسوع.
يا سجين المحبّة، أنت في منتهى الجوع والعطش لأنّ هناك نفوسًا لا تقدّم إليك إلاّ الطعام الذي لا يغذّي، حتّى وإن كانت مكرّسة لك.

يا يسوع، أودّ القيام بأفعال على عدد لهب النار وأشعّة الشمس.
يا أمّي، رافقيني دومًا بنظرك، أحيطيني بردائك واحميني. آمين.
الزيارة العاشرة
هلمّي، أيّتها المشيئة الإلهيّة، واسكني زيارتي إلى يسوع.
يا سجين المحبّة، أنت هنا خاضع كتقدمة دائمة إلى مشيئة الآب. أودّ أنّ أقدّم ذاتي ضحية إلى مشيئتك القدّوسة على عدد المرّات التي قدّمت ذاتك فيها لما كنت على الأرض. أودّ أن أقدّم إليك أفعال تعويض على عدد المرّات التي أتنفّس فيها، وعلى عدد قيام الناس بأفعال الغضب والعصيان.

يا أمّي، الوسيطة، والمحامية، والمشاركة في الفداء، أطلب إليك أن تحكمي أفكاري وترسلي أشعّة نور منبثقة من روحك المقدّسة إلى جميع العقول والمخلوقات كي يتمكّن الجميع من معرفة يسوع.
الزيارة الحادية عشرة
هلمّي، أيّتها المشيئة الإلهيّة، واسكني زيارتي إلى يسوع.

يا سجين المحبّة، كم أنت وحيد ومُهمَل، أنت جائع إلى محبّة مخلوقاتك، ومخلوقاتك لا تبالي بك.
لذا، أودّ يا حبّي، أن آتيك بقلوب المخلوقات وأغمرها بمحبّتك الإلهيّة وقلبك الإلهيّ كي تشتعل وتتطهّر في نيران محبّتك الأبديّة، فتعوّض عن الجحود البشريّ.

يا مريم، أمّي، أطلب إليك أن ترفعي هذه التقدمة وهذه التعويضات إلى يسوع ابنك وأن تحوّليها في محبّتك. آمين.
الزيارة الثانية عشرة
هلمّي، أيّتها المشيئة الإلهيّة، واسكني زيارتي إلى يسوع.
يا سجين المحبّة، كفاك نكرانًا وجحودًا ولامبالاة من قبل أبنائك. لذا، أودّ أن أقدّم إليك الكثير من أفعال العرفان والأمانة والوفاء لأنّك خلقتنا على صورتك ومثالك.

أودّ أن أشكرك على كلّ ما أحسنت به إلينا. كما أودّ أن أتّحد بك وأحسّ بالأوجاع التي قاسيتها. أتّحد أيضًا بجميع الإهانات التي لحقت بك في آلامك ووجودك في بيت القربان.

أودّ أن آتي بجميع أبنائك إلى الكنيسة: كهنتك، النفوس القريبة منّي، الخطأة، الهراطقة، غير المسيحيّين، المنازعين كي يتمكّن الجميع من التآلف مع نوايا قلبك.

إنّي أعهد إليك أيضًا في النفوس المطهريّة كي تتمّكن من أن تطير إلى السماء.
أودّ أن أعيد هذه الأفعال على عدد أمواج المحيطات وأوراق الشجر. آمين.
الزيارة الثالثة عشرة
هلمّي، أيّتها المشيئة الإلهيّة، واسكني زيارتي إلى يسوع.
يا سجين المحبّة، كم أنت مشتاق إلى أن يعرف الناس مشيئتك!
من خلال احتجابك السرّي، أرسل أنوارك البهيّة وزوّد القلوب بمشيئتك لتملك على الأرض.

يا مريم النقيّة، اجمعي القلوب وضعي فيها حياة المشيئة الإلهيّة.

أسعدينا وشدّدي عزائمنا ببركتك الوالديّة. آمين.
 
قديم 20 - 09 - 2014, 04:38 PM   رقم المشاركة : ( 6257 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,046

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سر الإفخارستيا


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


القسم الثانى: أسرار الكنيسة السبعة من 1322 ـ 1419





1322 ـ الافخارستيا المقدسة تختتم مرحلة التنشئة المسيحية فالذين أكرموا بالكهنوت الملكي بالمعمودية وتصوروا بالتثبيت بصورة المسيح بوجه أعمق يشتركون مع كل الجماعة في ذبيحة السيد نفسه بواسطة الافخارستيا

1323 – إن مخلصنا وضع في العشاء الأخير ليلة اسلم ذبيحة جسده ودمه الافخارستيا لكي تستمر بها ذبيحة الصليب علي مر الأجيال إلى أن يجئ ولكي يودع الكنيسة عروسة الحبيب ذكري موته وقيامته انه سر تقوي وعلامة وحدة ورباط محبة ووليمة فصحية فيها نتناول المسيح غذاء وتمتلئ النفس بالنعمة ونعطي عربون المجد الآتي.

1. الافخارستيا منبع الحياة المسيحية وقمتها

1324 – الافخارستيا هي منبع الحياة المسيحية كلها وقمتها فالأسرار وجميع الخدم الكنسية والمهام الرسولية مرتبطة كلها بالافخارستيا ومترتبة عليها ذلك بان الافخارستيا تحتوى علي كنز الكنيسة الروحي بأجمعه أي علي المسيح بالذات فصحنا

1325 – شركة الحياة مع الله ووحدة شعب الله هما قوام الكنيسة واليهما ترمز الافخارستيا وبها تتحققان و الافخارستيا هي قمة العمل الذي يقدس الله العالم في المسيح كما أنها ذروة العبادات التي يرفعها الناس إلى المسيح وبه إلى الآب في الروح القدس

1326 – بالاحتفال الليترجي نتحد أخيرا ومنذ الآن بليترجيا السماء ونستبق الحياة الأبدية حيث يكون الله كلا في الكل (1 كو 15: 18)

1327 – وقصارى القول أن الافخارستيا هي موجز إيماننا وخلاصته فطريقة تفكيرنا تنطبق علي الافخارستيا في المقابل تثبت طريقة تفكيرنا

2ً. تسميات هذا السر


1328 – يملك هذا السر من غزارة المعاني ما يحمل علي تسميته بتعابير متنوعة يوحي كل منها ببعض من وجوهه فهو يسمى:


الإفخارستيا: لأنه أداء شكر لله فلفظتا (لو 22: 19، 1 كو 11: 24) و ( متى 26: 26، مر 14: 12) تذكران بالبركات اليهودية التي كانت تشيد بأعمال الله ولا سيما في أوقات الطعام: الخلق والفداء والتقديس

1329 – مائدة الرب: فالافخارستيا تذكر بالعشاء الذي تناوله الرب بصحبة تلاميذه عشية آلامه وهي أيضاً استباق لمائدة عرس الحمل في أورشليم السماوية

كسر الخبز: هذه العادة المرعية في الموائد اليهودية كان يسوع يعمد إليها عند بركة الخبز وتوزيعه بصفته المتقدم في المائدة وقد عمد إليها خصوصا في العشاء الأخير وبكسر الخبز عرفه التلاميذ بعد القيامة وهي العبارة التي استعملها المسيحيون الأولون للدلالة علي اجتماعاتهم الافخارستية وهم يعبرون بذلك عن أن جميع الذين يتناولون من هذا الخبز الواحد المكسور أي المسيح يدخلون في الشركة معه ولا يعودون يؤلفون سوي جسد واحد معه

المحفل الافخارستي: وذلك بان الافخارستيا يحتفل بها في جماعة المؤمنين وهي التعبير المرئي للكنيسة

1330 – تذكار ألام الرب وقيامته

الذبيحة المقدسة: لأن الافخارستيا تجسد في الحاضر الذبيحة الوحيدة، ذبيحة المسيح المخلص، وتتضمن تقدمة الكنيسة: وتسمى أيضاً ذبيحة القداس المقدسة، " ذبيحة التسبيح " (عب 13: 15، الذبيحة الروحية، الذبيحة الطاهرة المقدسة، لأنها تكمل وتفوق ذبائح العهد القديم كلها .

الليترجيا الإلهية المقدسة، لأن ليترجيا الكنيسة كلها تجد محورها وعبارتها الأبلغ في الاحتفال بهذا السر. وبهذا المعنى أيضاً نسميها الاحتفال بالأسرار المقدسة. وثمة أيضاً عبارة السر الأقدس، لأن الافخارستيا هي سر الأسرار وتسمى بهذا الاسم الأعراض الافخارستية المحفوظة في بيت القربان .

1331 ـ الشركة: لأننا، بهذا السر، نتحد بالمسيح الذي يصيرنا شركاء في جسده وفى دمه لنكون جسدا واحدا ونسميها أيضاً الأقداس ـ وهذا ما تشير إليه أولا عبارة " شركة القديسين " الواردة في قانون الرسل ـ وخبز الملائكة، وخبز السماء، ودواء الخلود، والزاد الأخير...

1332 ـ القداس (missa باللغة اللاتينية) لأن الليترجيا التي يتم فيها سر الخلاص تنتهي (في الطقس اللاتينى) بإرسال المؤمنين (missio)، ليحققوا إرادته تعالى في حياتهم اليومية.

3ً .الإفخارستيا في تدبير الخلاص

علامتا الخبز والخمر

1333 ـ في صلب الاحتفال بالافخارستيا، نجد الخبز والخمر اللذين يتحولان بكلمات المسيح واستدعاء الروح القدس، إلى جسد المسيح ودمه. وتستمر الكنيسة، في طاعتها لأمر الرب، في تجديد ما صنعته آلامه، تذكاراً له، إلى أن يعود في مجده " أخذ خبزا ..." أخذ الكأس المملوء خمراً .." عندما يصير الخبز والخمر سرياً جسد المسيح ودمه، فهما لا ينفكان يرمزان في الوقت نفسه، إلى جودة الخليقة وهكذا في صلاة التقدمة، نشكر للخالق عطية الخبز والخمر، ثمرة " جهد الإنسان "، ولكننا نشكر له أولا " ثمرة الأرض " وثمرة الكرمة"، وهما من عطايا الخالق وترى الكنيسة في قربان مليكصادق، الملك والكاهن، الذي " قدم خبزاً وخمراً " (تك 14: 18) صورة مسبقة لقربانها

1334 ـ في العهد القديم كان الخبز والخمر يقدمان من بواكير الأرض، علامة اعتراف بالخالق ولكنهما اكتسبا في قرائن سفر الخروج، مغزى جديداً: فالخبز الفطير الذي يتناوله بنو إسرائيل كل سنة في عيد الفصح يذكرهم بخروجهم، على عجل، من عبودية أرض مصر. وأما ذكرى المن في البرية فهي تعيد إلى أذهان بني إسرائيل دائما أنهم يحيون من خبز كلام الله هناك أخيرا الخبز اليومي وهو ثمرة ارض الميعاد وعربون صدق الله في مواعيده " كأس البركة " (1 كو 10 16) التي يختتم بها اليهود الوليمة الفصحية تضفى على فرح العيد ونشوة الخمر، معنى أخروياً نابعاً من ذاك الترقب الماسيوى لأورشليم الجديدة. لقد أضفى يسوع، بإقامته الافخارستيا، معنى جديداً وحاسماً على بركة الخبز والكأس .

1335 ـ معجزات تكثير الخبزات، يوم باركهما الرب وكسرها ووزعها بواسطة تلاميذه لإطعام الجمع، تنبىء بتوافر هذا الخبز الافخارستى الوحيد والماء المحول خمراً في قانا يرمز إلى الساعة التي يتمجد ففيها يسوع، ويعلن اكتمال وليمة العرس في ملكوت الآب، حيث يشرب المؤمنون الخمر الجديد صائراً دم المسيح .

1336 ـ أول إنباء بالافخارستيا قسم التلاميذ بعضهم على بعض، كما أن الإنباء بالآم شككهم " هذا كلام عسير من يطبق سماعه ؟" (يو 6 :60) الافخارستيا والصليب كلاهما حجر عثار ولا يزال هذا السر نفسه سبب شقاق أفلا تريدون أن تذهبوا، انتم أيضاً ؟" (يو 6: 67): سؤال الرب هذا يدوى عبر الأجيال نداء حب إلى التثبت من انه هو وحده يملك " كلمات الحياة الأبدية " (يو 6: 68) وأن من يقبل في الإيمان عطية الإفخارستيا إنما يقبله هو نفسه .

تأسيس الافخارستيا

1337 ـ إن الرب، إذ أحب خاصته غاية الحب. وإذا عرف أن ساعته قد حانت ليمضى من هذا العالم ويعود إلى أبيه، قام عن الطعام وغسل أقدام تلاميذه وأعطاهم وصية الحب. ولكي يورثهم عربون هذا الحب، ويظل أبدا معهم، ويشركهم في فصحه، وضع الافخارستيا تذكاراً لموته وقيامته، وأمر رسله بأن يقيموها إلى يوم رجعته " جاعلاً إياهم كهنة العهد الجديد ".

1338 ـ الأناجيل الازائية الثلاثة والقديس بولس نقلوا إلينا خبر إقمة الافخارستيا والقديس يوحنا يسرد لنا، من جهته، أقوال يسوع في مجمع كفر ناحوم ،وهى أقوال تؤذن بإقامة الافخارستيا، وفيها يعلن المسيح نفسه خبز الحياة النازل من السماء .

1339 ـ لقد اختار يسوع زمن الفصح ليحقق ما أنبا به في كفرناحوم: أن يعطى تلاميذه جسده ودمه

"وجاء يوم الفطير وفيه يحب ذبح حمل الفصح فأرسل (يسوع) بطرس ويوحنا وقال لهما: إذهبا فأاعدا لنا الفصح لتأكله " (...) فذهبا (...) فأعدا الفصح. فلما أتت الساعة جلس هو والرسل للطعام، فقال لهم :" اشتهيت شوه شديدة أن أكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم .

فإني أقول لكم :" لا آكله بعد اليوم حتى يتم في ملكوت الله " (...) ثم أخذ خبزا وشكر وكسره وناولهم إياه وقال :" هذا هو جسدي يبذل من أجلكم اصنعوا هذا لذكرى " وصنع مثل ذلك على الكأس بعد العشاء فقال :" هذه الكأس هي العهد الجديد بدمى الذي يراق من أجلكم " (لو 22: 7 ـ 20 ).

1340 ـ عندما احتفل يسوع بالعشاء الأخير مع رسله أثناء الطعام الفصحى، أضفى على الفصح اليهودي معناه النهائي فانتقال يسوع إلى أبيه، بموته وقيامته، وهو الفصح الجديد، قد تم قبل أواته في العشاء، ونحتفل به في الافخارستيا التي تكمل الفصح اليهودي وتستبق فصح الكنيسة الأخير، في مجد الملكوت .

" اصنعوا هذا لذكرى "

1314 ـ وصية يسوع بأن نكرر أفعاله وأقواله " إلى أن يجىء "، لا تقتصر على أن نتذكره ونتذكر ما قام به، بل تهدف إلى أن يتولى الرسل وخلفاؤهم الاحتفال الليترجى بتذكار المسيح: حياته وموته وقيامته وتشفعه إلى الآب .

1342 ـ لقد ظلت الكنيسة، منذ البدء، وفيه لوصية الرب. فقد قيل في كنيسة أورشليم .

" كانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة الأخوية وكسر الخبز والصلوات (..) وكانوا يلازمون الهيكل كل يوم بقلب واحد ويكسرون الخبز في البيوت ويتناولون الطعام بابتهاج وسلامة قلب " (أع 2: 42، 46) .

1343 ـ وكان المسيحيون يجتمعون خصوصاً " وفى أول الأسبوع "، أي يوحد الأحد اليوم الذي قام فيه يسوع، " ليسكروا الخبز (أع 20: 7) ومن ذلك الوقت حتى أيامنا، نواصل الاحتفال بالليترجيا، بحيث نلقاها اليوم، في كل أنحاء الكنيسة، بنفس الهيكلية الأساسية، وتظل هي محور حياة الكنيسة.

1344 ـ وهكذا من احتفال إلى احتفال، يتقدم شعب الله في طريق حجه، مبشراً بسر يسوع الفصحى إلى أن يجىء (1 كو: 26 )، " وداخلا من باب الصليب الضيق " إلى الوليمة السماوية حيث يجلس المختارين إلى مائدة الملكوت .

الاحتفال الليترجى بالافخارستيا

قداس جميع الأجيال

13455 ـ منذ القرن الثاني، نملك شهادة القديسين بوستينوس الشهيد في وصف الخطوط الكبرى للاحتفال الافخارستى وقد ظلت هي هي حتى أيامنا هذه في جميع العائلات الليترجية وهذا ما كتبه القديس بوستيوس، حوالي سنة 155، ليشرح للامبراطور الوثنى انطونيوس الورع (138 ـ 161) ما يقوم به المسيحيون .

" في اليوم المسمى يوم الشمس، يجتمع كل الساكنين في المدينة أو في الريف، في مكان واحد (في هذا الاجتماع) تتلى مذكرات الرسل وكتابات الأنبياء، بقدر ما يتسع الوقت لذلك، عندما ينتهي القارئ م قراءته يتناول المتقدم الكلام ليحث الناس ويشجعهم على التنبيه بهذه الحسنات .

ثم تنهض كلنا معاً، ونرفع صلوات لأجلنا (...) ولأجل جميع الآخرين، أينما كانوا، لنكون في نظر الله أبرارا بسيرتنا وأعمالنا، وأوفياء للوصايا، فننال بذلك الخلاص الابدى .

في نهاية الصلوات، نقبل بعضنا بعضا .

ثم نقدم لرئيس الاخوة خبزا وكأسا من مزيج الخمر والماء .

فيأخذهما ويرفع الحمد والتمجيد إلى الآب خالق المسكونة، باسم ابنه والروح القدس، ويرفع الشكر (باليونانية: إفخارستيا) طويلاً لأننا حسبنا أهلا لهذه المواهب .

في نهاية هذه الصلوات وعبارات الشكر، يهتف الشعب الحاضر كله قائلاً: آمين

في نهاية صلاة الشكر، وبعد هتاف الشعب، يتقدم الذين نسميهم شمامسة ويوزعون على جميع الحاضرين خبزا وخمرا وماء " إفخارستيا " ويجعلون منها للغائبين ".

1346 ـ الليترجيا الافخارستيا تجرى طبقاً لهيكلة أساسية تثبت عبر القرون حتى أيامنا وتنقسم إلى قسمين كبيرين يؤلفان وحدة صميمه :

ـ التجمع، وليترجيا الكلمة مع القراءات والعظة والصلاة الجامعة .

ـ الليترجيا الافخارستيا، مع تقدمة الخبز والخمر، وصلاة الشكر والتقديس والمناولة

ليترجيا الكلمة والليترجيا الافخارستيا تؤلفان معاً " عمل عبادة وحداً " ولا غرو، فالمائدة المهيأة لنا في الافخارستيا هي، في آن واحد، مائدة كلمة الله ومائدة جسد الرب .

1347 ـ أو ليست هذه هي العلاقة نفسها بين الوليمة الفصحية، وليمة يسوع الناهض من بين الأموات، وتلميذي عماوص ؟ فإذ كان معهما في الطريق كان يفسر لهما الكتب، ثم جلس معهما للطعام، " فأخذ الخبز، وبارك، ثم كسره ونولهما " .

سياق الاحتفال

1348 ـ يجتمعون كلهم. فالمسيحيون يتواردون إلى مكان واحد للاجتماع الافخارستى، وعلى رأسهم وهو يؤدى الدور الأول في الافخارستيا. إنه الحبر الأعظم للعهد الجديد، وهو نفسه يرش، بطريقة خفية، كل احتفال افخارستى وعندما يرش الأسقف أو الكاهن الجماعة (باسم المسيح ـ الرأس )، ويتكلم بعد القراءات ويتقبل التقادم، ويتلو الصلاة الافخارستية، فهو إنما يمثل المسيح نفسه. كبلهم يشتركون فعلياً في الاحتفال، وعلى طريقته: القراء، ومقدمو التقادم، وموزعو الافخارستيا، والشعب كله الذي يعرب عن اشتراكه بهتاف: آمين .

1349 ـ ليترجيا الكلمة تتضمن " نصوص الأنبياء " أي العهد القديم، ومذاكرات الرسل، أي الرسائل والأناجيل بعد العظة التي تحض الشعب على أن يقبو هذه الكلمة على ما هي حقاً، أى كلمة الله، ويضعوها موضع التنفيذ، تأتى الطلبات لأجل جميع الناس، على حد قول الرسول :" اسأل قبل كل شىء أن تقام ادعية وصلوات وابتعالات وأفعال شكر من اجل جميع الناس ومن اجل الملوك وسائر ذوى السلطة " (1 تى 2: 1 ـ 2) .

1350 ـ تقديم القرابين (التقدمة): ويؤتى إلى المذبح حينئذ، في موكب احيانا، بالخبز والخمر الذي سيقربهما الكاهن باسم المسيح، في الذبيحة الافخارستيا، فيتحولان إلى جسد المسيح ودمه وهذا بالذات ما صنعه المسيح في العشاء الأخير " آخذ الخبز والكأس " هذه التقدمة تقربها الكنيسة وحدها إلى الخالق، طاهرة وترفع له شاكرة انتاج الخليقة " تقديم القرابين إلى المذبح يحقق ما صنعه مليكصادق، ويضع بين يدى المسيح عطايا الخالق، فهو الذى، في ذبيحته، يكلل كل الذبائح التي يسعى البشر إلى تقريبها .

1315 ـ لقد اعتاد المسيحيون، منذ البدء، أن يقدموا مع الخبز والخمر المعدين للافخارستيا، تقادمهم الاخرى، ويوزعهما على ذوى الفاقة. هذه العادة في جمع التبرعات لا تزال قائمة حتى اليوم، وتستوحى مثال المسيح الذي افتقر ليجعلنا اغنياء .

" الاغنياء الذين يرغبون يعطون كل بمقدار ما فرضه على ذاته، وكل ما يجمع يسلم إلى المتقدم ليغيث اليتامى والايامى والذين جردهم المرضى او على أخرى من الموارد، والسجناء والمهاجرين، وينجد، باختصار، كل ذى حاجة ".

1352 ـ الأنافورة: مع الصلاة الافخارستيا وصلاة الشكر والتكريس نصل إلى قلب الاحتفال وقمته :

في المقدمة تشكر الكنيسة للآب، بالمسيح وفى الروح القدس، كل صنائعه: الخلق والفداء والتقديس وتنضم الجماعة كلها إلى الكنيسة السماوية، الملائكة وجميع القديسين، الذين يرفعون إلى الله المثلث القداسة نشيد حمد متواصل .

1353 ـ في صلاة الاستدعاء تطلب الكنيسة إلى الرب ان يرسل روحه القدوس (أو قوة بركته على الخبز ولخمر ليتحولا، بقدرته إلى جسد يسوع المسيح ودمه، وليصبر المشتركون في الافخارستيا جسدا وروحا واحداى (وهناك تقاليد ليترجية تضع صلاة استدعاء الروح القدس بعد صلاة الاستذكار)

في رواية الحديث التأسيسى للافخارستيا، تتحد قوة كلمات المسيح وعمله وقدرة الروح القدس لتجعلا من جسد المسيح ودمه، ومن الذبيحة التي قرب فيها المسيح ذاته على الصليب دفعة واحدة، حقيقة سرية مماثلة في أشكال الخبز والخمر .

1354 ـ في صلاة الاستذكار التالية تتذكر الكنيسة آلام يسوع المسيح وقيامته ودعوته المجيدة، وتقرب إلى الآب تقدمة ابنه التي بها نتصالح مع الله .

وفى صلوات الاستشفاع، تبين الكنيسة اننا نحتفل بالافخارستيا بالاشتراك مع الكنيسة كلها، كنيسة السماء وكنيسة الارض، كنيسة الاحياء والاموات، وفى الشركة مع الرعاة: البابا وأسقف الابرشية ومصف الكهنة والشمامسة وكل اسقافة العالم وكنائسهم .

1355 ـ في المناولة التي تسبقها صلاة الرب وكسرر الخبز، يتناول المؤمنون " خبز السماء و" كاس الخلاص "، جسد ودم المسيح الذي اسلم ذاته " لأجل حياة العالم " (يو 6: 51) :

نظراً إلى أن هذا الخبز وهذا الخمر قد تحولا إلى افخارستيا، على حد التعبير القديم، " فنحن نسمى هذا الطعام افخارستيا ولا يجوز أن يشترك فيه ما لم يؤمن بحقيقة ما يعلم عندنا، وما لم يحظ بالغسل لمغفرة الخطايا والحياة الجديدة، وما لم يتقيد، في حياته بوصايا المسيح " ،

5ً. الذبيحة السرية: الشكر والذكر والحضور

1356 ـ إذا كان المسيحيون يحتفلون بالافخارستيا منذ العصور الاولى وفي صيغة لم تتبدل جوهريا عبر الاجيال والليترجيات فذلك لاننا نعلم اننا متقيدون بامر الرب الذي زودنا به عشية الامه اصنعوا هذا لذكري (1 كو 11: 24 – 25)

1357 – امر الرب هذا ننفذة باحتفالنا بتذكار ذبيحته وبعملنا هذا نقرب إلى الاب ما من به علينا هو نفسة من عطايا الخلق أي الخبز والخمر المحولين بقدرة الروح القدس وبكلمات المسيح إلى جسد المسيح ودمه بهذه الطريقة يضحي المسيح حاضرا حضورا حقيقيا وسريا

1358 – لابد اذن من ان نعتبر الافخارستيا

- صلاة شكر وحمد لله الاب

- تذكار ذبيحة المسيح وجسدة

- حضور المسيح بقوة كلمته وروحه

شكر الاب وحمده

1359 – الافخارستيا هي سر خلاصنا الذي حققه المسيح علي الصليب وهي أيضاً ذبيحة حمد نشكر فيها عمل الخلق في الذبيحة الافخارستيا كل الخليقة التي يحبها الله تقرب إلى الاب عبر موت المسيح وقيامته بالمسيح تستطيع الكنيسة ان تقرب ذبيحة الحمد وتشكر لله كل ما صنعة من خير وجمال وبر في الخليقة وفي البشرية

1360 – الافخارستيا هي ذبيحة شكر للاب وبركة بها تعرب الكنيسة عن امتنانها لكل افضاله وكل ما حققه لنا بالخلق والفداء والتقديس الافخارستيا في مفهومها الاول هي شكر

1361 – والافخارستيا هي أيضاً ذبيحة حمد بها تشيد الكنيسة بمجد الله باسم الخليقة كلها ذبيحة الحمد هذه لا تسوغ الا من خلال المسيح فهو الذييضم المؤمنين إلى ذاته ويشركهم في حمده وشفاعته فلا تقرب ذبيحة الحمد للاب الا بالمسيح ومع المسيح ولا تقبل الا فيه

تذكار ذبيحة المسيح وجسدة أي الكنيسة

1362 – الافخارستيا هي تذكار فصح المسيح بها تصبح ذبيحته الوحيدة فعلا حاضرا وتقدمة في ليترجيا الكنيسة التي هي جسدة واننا نجد في كل الصلوات الافخارستية بعد كلمات التقديس ما يسمى بصلاة الاستذكار او التذكار

1363 – في مفهوم الكتاب المقدس ليس التذكار مجرد استعادة لاحداث الماضي بل هو اشادة بالعجائب التي صنعها الله للأنام ففي الاحتفال الليترجى بهذه الاحداث تكتسي هذه الاحداث نوعا ما طابع الحالية والواقعية بهذه الطريقة يدرك الشعب الاسرائيلي انعتاقة من ارض مصر فكل مرة يحتفل بالفصح تمثل احداث خروجه من تلك الارض في ذاكرة المؤمنين ليطبقوا حياتهم عليها

1364 – واما في العهد الجديد فالتذكار يكتسب معنى جديدا فعندما تحتفل الكنيسة بالافخارستيا تتذكر فصح المسيح ويصبح الفصح حقيقة ماثلة في الحاضر ولا غرو، فالذبيحة التي قربها المسيح مرة واحدة علي الصليب تظل ابدا ماثلة في الواقع كل مرة تقام علي المذبح ذبيحة الصليب التي ذبح بها المسيح فصحنا (1 كو 5: 7) يتم عمل افتدائنا

1365 – ولان الافخارستيا هي تذكار فصح المسيح فهي ذبيحة أيضاً هذا الطابع القرباني في الافخارستيا يظهر في كلمات التاسيس نفسها هذا هو جسدي يبذل لاجلكم وهذه الكاس هي العهد الجديد بدمي الذي يراق لاجلكم (لو 22: 19 – 20) في الافخارستيا يعطينا المسيح هذا الجسد عينة الذي بذله لاجلنا علي الصليب وهذا الدم عينه الذي اراقه من اجل جماعة الناس لغفران الخطايا (متى 26: 28)

1366 – الافخارستيا هي اذن ذبيحة لانها تمثل ذبيحة الصليب أي تجعلها ماثلة لدينا ولانها تذكارها وتؤتينا ثمرها: { ان المسيح الهنا قرب ذاته لله الاب مرة واحدة ومات شفيعا لنا علي مذبح الصليب ليحقق للناس فداء ابديا ولكن ما دام موته لم يضع حدا لكهنوته (عب 7: 24، 27) فقد اراد في العشاء الأخير في الليلة التي اسلم فيها (1 كو 11: 23) ان يورث كنيسته عروسة الحبيب ذبيحة مرئية كما تتطلبها الطبيعة البشرية حيث تتمثل الدموية التي كان لابد ان تتم مرة واحدة علي الصليب والتي سوف تظل ذكراها مستمرة حتي نهاية الدهور (1 كو 11: 23) ومفعولها الخلاصي جاريا لفداء الخطايا التي نقترفها كل يوم }

1367 – ذبيحة المسيح وذبيحة الافخارستيا هما ذبيحة واحدة انها نفس الضحية والذي يقرب الان ذاته بواسطة الكهنة هو نفسه الذي قرب ذاته يوما علي الصليب طريقة التقريب وحدها تختلف وبما انه في هذه الذبيحة الالهية التي تتم في القداس هذا المسيح نفسه الذي قدم ذاته مرة بطريقة دموية علي مذبح الذبيحة هي حقا ذبيحة تكفير عن الخطايا

1368 – الافخارستيا هي أيضاً ذبيحة الكنيسة فالكنيسة جسد المسيح تشترك في تقدمة هامتها وتقرب ذاتها معه كاملة وتنضم إلى المسيح شفيعا إلى الاب لاجل جميع الناس في الافخارستيا تصبح ذبيحة المسيح ذبيحة اعضاء جسدة حياة المؤمنين وحمدهم وعذابهم وصلاتهم وشغلهم هذا كله ينضم إلى المسيح وإلى تقدمته الكاملة و يكتسب هكذا قيمة جديدة ذبيحة المسيح الماثلة علي الهيكل تمكن جميع الاجيال المسيحية من ان تنضم إلى تقدمته في الدياميس تمثل الكنيسة بشكل امرأة تصلي وذراعاها منبسطتان عريضة وضارعة فكما بسط المسيح ذراعية علي الصليب تقرب الكنيسة ذاتها به ومعه وفيه شافعة في جميع الناس

1369 – الكنيسة كلها تنضم إلى تقدمة المسيح وشفاعته ويشترك البابا الذي وكلت اليه مهمة بطرس في الكنيسة في كل احتفال بالليترجيا حيث يذكر بصفته خادم وحدة الكنيسة الجامعة الاسقف المحلي هو الذي يرعي دائما الافخارستيا حتى وان تراسها كاهن ويذكر فيها اسمه اشارة إلى ترؤسة الكنيسة الخاصة وسط المصف الكهنوتى وبمعاونه الشمامسة وتصلي الجماعة أيضاً من اجل جميع الخدمة الذين يقربون الذبيحة الافخارستيا لاجلها ومعها :

" إن ذبيحة المسيحيين الروحية تتم بعمل الكهنة التي يرئسها الاسقف أو من وكل إليه ذلك " .

وتقرب، سرياً لا دموياً، في الافخارستيا، على يد الكهنة، باسم الكنيسة كلها جمعاء، إلى يوم مجىء الرب " .

1370 ـ ولا ينضم إلى تقدمة المسيح الاعضاء الذين لا يزالون في هذه الدنيا وحسب، بل الذين دخلوا أيضاً مجد السماء: فالكنيسة تقرب الذبيحة الافخارستية متحدة بالعذراء مريم الفائقة القداسة ومنوهة بذكرها، ومنضمة إلى جميع القديسين والقديسات في الافخارستيا، كما عند قدم الصليب، تتحد الكنيسة مع مريم، في تقدمة المسيح وشفاعته .

1371 ـ وتقرب الذبيحة الافخارستية أيضاً من أجل الموتى المؤمنين " الذين رقدوا في المسيح ولم يحظوا بعد بملء الطهارة " ليستطيعوا الولوج في نور المسيح وسلامه .

" ادفنوا هذا الجثمان أينما شئتم ! ولا يعكرنكم، في شانه، أى هم ! وكل ما اسألكم أن تذكرونى عند مذبح الرب، أينما كنتم " .

" ثم إننا نصلى (في الأنافورة) من اجل الآباء والاسقافة القديسين الراقددين، وبعامة من اجل جميع الذين رقدوا قبلنا، معتقدين أن ذلك يعود بجزيل الفائدة على النفوس التي نرفع الابتهال لاجلها، بينما تمثل أمامنا الضحية المقدسة والرهيبة (...) عندما نرفع إلى الله ابتهالاتنا من اجل الذين رقدوا، وإن خطأة، إنما (.. .) نقرب المسيح المذبوح بسبب خطايانا، ونستعطف الله المحب البشر، لأجلهم ولأجلنا ".

1373 ـ لقد لخص القديس أوغسطينوس، بطريقة رائعة، هذه العقيدة التي تحثنا على ان نشترك اشتراكاً أكمل في ذبيحة فادينا التي نحتفل بها في الافخارستيا .

" هذه المدينة المقتداه برمتها، أى جماعة القديسين ومجتمعهم، يقربها إلى الله ذبيحة شاملة الكاهن الاعظم الذي اتخذ صورة عبد وذهب إلى حد تقدمة ذاته في الامه لاجلنا، ليجعلنا جسدا لاعظم رأس (..) تلك هي ذبيحة المسيحين :" أن يكونوا، في كثرتهم، جسداً واحدا في المسيح " (رو 12: 5) وهذه الذبيحة لا تنى الكنيسة تجددها في سر المذبح الذي يعرفه المؤمنون حق المعرفة وحيث يتبين لها انها هي نفسها مقربة في شخص الذي تقربه ".

حضور المسيح بقوة كلمته وبقوة الروح القدس

1373 ـ " المسيح يسوع الذي مات، ثم قام، وهو إلى يمين الله يشفع لنا " (رو 8: 34) لا ينفك حاضراً في كنيسته بوجوه كثيرة: في كلامه، وفى صلاة كنيسته " لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمى، فأنا أكون هناك في وسطهم " (متى 18: 20 )، وفى الفقراء والمرضى والمساجين وفى اسراره التي وضعها، وفى ذبيحة القداس، وفى شخص خادم السر، " وبأعلى درجة، في الاشكال الافخارستية ".

1374 ـ طريقة حضور المسيح في الأشكال الافخارستية طريقة فريدة، ترفع الافخارستيا فوق جميع الأسرار، وتجعل منها " كمال الحياة الروحية والغاية التي تهدف إليها جميع الأسرار " فسر الافخارستيا الأقدس يحتوى حقا وحقيقيا وجوهرياً جسد ربنا يسوع المسيح ودمه مع نفسه وألوهيته، ومن ثم، فهو يحتوى المسيح كله كاملاً " هذا الحضور يسمى " حقيقيا "، لا بمعنى المنافاة، كما لو كانت سائر أشكال حضوره غير " حقيقة "، بل بمعنى التفوق، لأن حضور المسيح في الافخارستيا حضور جوهرى، وبه يكون المسيح الإله والانسان حاضراً كله كاملاً ".

1375 ـ ويكون المسيح حاضراً في هذا السر، يتحول الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه، وقد اكد آباء الكنيسة تاكيداً حازماً إيمان الكنيسة بفعل كلام المسيح وعمل الروح القدس، في عملية التحويل هذه. وقد صرح القديس يوحنا الذهبى الفم بقوله :

" ليس الإنسان هو الذي يحول القرابين إلى جسد المسيح ودمه، بل المسيح نفسه الذي صلب لأجلنا الكاهن، صورة المسيح، ينطق بهذه الكلمات ولكن الفعل والنعمة هما من الله: يقول: " هذا هو جسدى ". وهذه الكلمة تحول القرابين "

ويقول القديس أمبروسيوس في شان هذا التحول :

لنقتنع من أن " هذا ليس من فعل الطبيعة بل من فعل التقديس بالبركة، وأن قوة البركة تتفوق على الطبيعة، لأن الطبيعة نفسها تتحول بالبركة " كلمة المسيح التي خلقت الاشياء من لا شىء ألا تقدر أن تحول الموجودات إلى ما لم تكنه من قبل ؟ ولاشك أن منح الاشياء طبيعتها الاولى ليس بأقل من تحويلها ".

1376 ـ يلخص المجمع التريدنتينى الايمان الكاثوليكيى بقوله :" بما ان المسيح فادينا قال لنا إن ما يقربه تحت شكل الخبز هو حقاً جسده، قد أيقنت الكنيسة دوماً هذه العقيدة التي يعلنها المجمع ثانية: بتكريس الخبز والخمر يتحول كل جوهر الخبز إلى جوهر جسد المسيح ربنا، وكل جوهر الخمر إلى جوهر دمه، هذا التغير، قد أصابت الكنيسة بتسميته التحول الجوهرى " .

1377 ـ حضور المسيح الافخارستى يبدأ في لحظة التكريس ويستمر مادامت الاشكال الافخارستيا صامدة. المسيح حاضر كله في كل من الاشكال وفى كل جزء منها بحيث لا يتجزأ المسيح بتجىء الخبز .

1378 ـ العبادة الافخارستية: في ليترجيا القداس نعبر عن ايماننا بحضور المسيح الحقيقى تحت أشكال الخبز والخمر بطرق مختلفة، منها إحناء الركب أو الانحناء العميق إعراباً عن تعبدنا للرب " إن الكنيسة كانت ولاتزال تؤدى عبادة السجود هذه التي يجب ان تؤديها لسر الافخارستيا، ليس فقط وقت القداس، بل خارج الاحتفال به أيضا: وذلك بحفظ الاجزاء المكرسة بأعظم العناية وعرضها على المؤمنين ليجعلوها باحتفاء ويطوفوا بها "

1379 ـ الذخيرة المقدسة (بيت القربان) كانت معدة قبلاً لحفظ الافخارستيا حفظاً لائقاً لتحمل إلى المرضى والمتعبين عن القداس ومع تعمق الإيمان في حضور المسيح الحقيقى في الافخارستيا، ادركت الكنيسة معنى التعبد الصامت للرب الحاضر تحت الاشكال الافخارستية لابد من ثم، من أن يوضع بيت القربان في مكان من الكنيسة على جانب من اللياقة ويجب أن يصنع بحيث يظهر بوضوح حقيقة حضور المسيح الراهن في السر المقدس .

1380 ـ من المفيد جداً أن المسيح اراد البقاء إلى جانب كنيسته بهذا الشكل الفريد فإذا كان لابد للمسيح من ان يغادر ذويه في شكله الظاهر أراد أن يهب لنا حضوره السرى وإذا كان مزمعا أن يقدم ذاته على الصليب لخلاصنا، أراد ان يترك لنا تذكار الحب الذي به أحبنا " إلى أقصى الحدود " (يو 13: 1) يبذل حياته فهو، بحضوره الافخارستى، يبقى سرياً بيننا، بقاءس من أحبنا وبذل ذاته لأجلنا، وذلك تحت الأشكال التي تعبر عن هذا الحب وثبته .

"إن الكنيسة والعالم بحاجة شديدة إلى العبادة الافخارستية يسوع ينتظرنا في سر المحبة، فلا نبخل عليه بأوقات نذهب فيها للقائه، في جو من السجود والتأمل المفعم بالإيمان والأهبه للتفكير عن معاصى العالم وجرائمه. ولا نكفن أبداً عن عبادته ".

1381 ـ " وجود جسد المسيح الحقيقى ودم المسيح الحقيقى في هذا السر ،ن " لا ندركه البته بالحواس ـ يقول القديس توما ـ بل بالايمان وحده المرتكز على سلطة الله ". من هنا أن القديس كيرلس، عندما يفسر نص القديس لوقا، 22: 19 " " هذا هو جسدى الذي يبذل لأجلكم "، يصرح قائلاً :" لا تتساءل هل هذا صحيح بل تقبل بإيمان كلمات الرب، لأنه هو، الحق، لا يكذب " .

" انى أعبدك عبادة عميقة أيتها الالوهة المستترة

والماثلة حقاً تحت هذه الظواهر ،

لك يذعن قلبى كله

لانه يذعن كله في تأملك

لا البصر يدركك ولا الذوق ولا اللمس

وإنما نثق فقط بما يقال لنا .

أؤمن بما قاله ابن الله

ولا شىء أصح من كلام الحقيقة هذا ".

6َ. الوليمة الفصحية

1382 ـ القداس هو، في آن واحد وبغير انفصال، التذكار القربانى الذي تستمر به ذبيحة الصليب، والوليمة المقدسة التي فيها نشترك في جسد الرب ودمه يبدأ أن الاحتفال بالذبيحة الافخارستية يهدف كله إلى اتحاد المؤمنين بالمسيح اتحادا حميما بواسطة المناولة فالمناولة إنما هي قبول المسيح نفسه الذي قدم ذاته لأجلنا .

1383 ـ المذبح الذي تلتثم الكنيسة حوله في الاحتفال بالافخارستيا يمثل سراً واحدا بوجهيه: مذبح الذبيحة ومائدة الرب. ويصح هذا بمقدار ما يرمز المذبح المسيحى إلى المسيح نفسه، الحاضر وسط جماعة المؤمنين بصفته، في ان واحد، الضحية المقربة لمصالحتنا مع الله، وخبزاً سماويا يقدم لنا: " ما هو مذبح المسيح إلا صورة جسد المسيح ؟"، يقول القديس امبروسيوس. وفى موضع آخر :" المذبح يمثل جسد المسيح، وجسد المسيح موضوع على المذبح " وتعبر الليترجيا عن هذه الوحدةة القائمة بين الذبيحة والمناولة في صلوات كثيرة هكذا، تصلى كنيسة روما في الانافورة .

" إننا نضرع إليك أيها الاله القدير، فليحمل ملاكك (هذه التقدمة )، في ظل مجدك، إإلأى مذبحك السماوى، حتى إذا ما تقبلنا ههنا، بتناولنا من المذبح، جسد ابنك ودمه، نمتلىء من نعمتك وبركاتك".

" خذوا فكلوا منه كلكم ": المناولة

1384 ـ إن الرب يوجه إلينا دعوة ملحة لتناوله في سر الافخارستيا :" الحق الحق أقول لكم: إذا لم تاكلوا جسد ابن الانسان وتشربوا دمه، فلن تكون فيكم الحياة (يو 6: 53) .

1385 ـ لكى تلبى هذه الدعوة، علينا ان نتهيا لهذه اللحظة العظيمة المقدسة ويحثنا القديس بولس على محاسبة ضمير :" من أكل خبز الرب أو شرب كأسه، ولم يكن أهلاً لهما، فقد جنى على جسد الرب ودمه فليحاسب الانسان نفسه، قبل أن يأكل من هذا الخبز ويشرب من هذه الكأس. فمن أكل وشرب، وهو لا يرى فيه جسد الرب، اكل وشرب الحكم على نفسه " (1 كو 11 27 ـ 29). فمن عرف نفسه في خطيئة ثقيلة، عليه أن ينال سر المصالحة قبل ان يقدم على المناولة .

1386 ـ امام عظمة هذا السر، لا يسع المؤمن الا أن يستعيد، بتواضع وإيمان لاهب، كلام قائد المئة :" يارب، لست أهلا لأن تدخل تحت سقفى ولكن يكفى أن تقول كلمة فتبرأ نفسى " وفىى الليترجيا الإلهية، للقديس يوحنا الذهبى الفم، يصلى المؤمنون في نفس هذه النفحة:

" إقبلنى اليوم شريكاً في عشائك السرى يا ابن الله، فإنى لا أقول سرك لأعدائك، ولا اقبلك مثل يهوذا بل كاللص أعترف لك: أذكرنى يارب في ملكوتك ".

1387 ـ على المؤمنين أن يراعوا الصوم المفروض في كنيستهم ليحسنوا الاستعداد لقبول هذا السر ويجب ان يعبر الجسم (بلياقة هندامة وتصرفاته) عما تكنه هذه اللحظة التي يصبح فيها المسيح ضيفنا، من معانى الاحترام والحفاوة والبهجة .

1388 ـ وينطبق على معنى الافخارستيا بالذات أن يتناولوا المؤمنون عندما يشتركون فيها في القداس، بشرط أن يتحلوا بالاستعدادات المطلوبة :" يحرص المؤمنونبشدة على ان يشتركوا في القداس بوجه أكمل، فيتناولوا، بعد تناول الكاهن، من نفس ذبيحة جسد الرب "

1389 ـ ونلزم الكنيسة المؤمنون بأن يشتركوا في الليترجيا الإلهية أيام الآحاد والاعياد " وأن يتناولوا الافخارستيا أقله مرة في السنة، في الزمن الفصحى إذا أمكن ذلك، ويستعدوا لها بسر المصالحة بيد أن الكنيسة تحت المؤمنين بشدة على اأن يتناولوا الافخارستيا المقدسة أيام الآحاد والاعياد، بل أكثر من ذلك ايضا، وحتى كل يوم .

1390 ـ نظراً إلى حضور المسيح السرى في كلا الشكلين، فالتناول تحت شكل الخبز فقط يتيح الإفادة من كل ثمار نعمة الافخارستيا هذه الطريقة في المناولة قد رسخت شرعياً في الطقس اللاتينى، فأضحت، لأسبابا رعائية، هي الطريقة الأكثر شيوعاً :" المناولة المقدسة تحقق، بطريقة أكمل، وجهها الرمزى عندما تتم تحت الشكلين فبهذا الوجه يظهر، بطريقة أكمل، رمز المائدة الافخارستية، وهذه الطريقة المتبعة عادة للمناولة في الطقوس الشرقية .

ثمار المناولة

1391 ـ المناولة تنمى اتحادنا بالمسيح. قبول الافخارستيا في المناولة، ثمرته الاولى الاتحاد الحميم بيسوع المسيح فالرب يقول لنا :" من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت في وأنا فيه " (يو 6: 56) والحياة في المسيح ركيزتها الوليمة الافخارستية :" كما ان الآب الحى أرسلنى وأنى أحيا بالآب، فكذلك الذي يأكلنى سيحيا بى " (يو 6: 57) .

" عندما يتناول المؤمنون جسد الابن، في اعياد الرب، يبشر بعضهم بعضاً بأن عربون الحياة قد أعطى، كما جرى ذلك عندما قال الملاك لمريم المجدلية :" قام المسيح ". هكذا الآن أيضاً يعطى كل من يتناول المسيح الحياة والقيامة "

1392 ـ مفعول الطعام في حياتنا الجسدية، تحققه المناولة بطريقة عجيبة في حياتنا الروحية. الاشتراك في جسد المسيح القائم " الذي يحييه الروح القدس ويفيض فينا الحياة "، يصون حياة النعمة التي تلقيناها في المعمودية، وينميها ويجددها. هذا النمو في الحياة المسيحية يحتاج إلى غذاء المناولة الافخارستية، خبز حجنا (في هذه الحياة) إلى ان تحين ساعة الموت فنعطاه زادا (للحياة الأبدية) .

1393ـ المناولة تفصلنا عن الخطيئة جسد المسيح الذي ناخذه قد " بذل لأجلنا، والدم الذي نشربه قد " سفك عن الكثيرين لمغفرة الخطايا " وبالتالى فالافخارستيا لا تستطيع أن تضمنا إلى المسيح، من دون ان تطهرنا من الخطايا السالفة وتحفظنا من الخطايا الآتية :

" كل مرة نتناولة، نخبر بموت الرب. فعندما نبشر بموت الرب، نبشر بمغفرة الخطايا وإذا كان كل مرة يراق دمه إنما يراق لمغفرة الخطايا، فعلى أن اتناوله دائما لكى يصفح دائما عن خطاياى فأنا الذي يرتكب الخطيئة دائما، احتاج دائما إلى علاج ".1394 ـ كما ان الطعام الجسدى يعيد القوى المفقودة، كذلك الافخارستيا تقوى المحبة التي تنزع إلى التناقص في الحياة اليومية. هذه المحبة، إذا انتعتشت، تمحو الخطايا العرضية، عندما يبذل لنا المسيح ذاته، ينعش محبتنا ويمكننا من أن نصرم ما يفيدنا بالخلائق من علائق مشوشة، ونتأصل فيه .

" لقد مات المسيح حبا بنا، فعندما نتذكر موته وقت الذبيحة، نساله أن توهب لنا المحبة بحلول الروح القدس إننا ندعوه بتواضع أن نتلقى، نحن أيضا، نعمة الروح القدس، بفعل هذه المحبة التي دفعت المسيح إلى ان يموت لأجلنا، ويصبح العالم مصلوباً عندنا ونصبح نحن مصلوبين عند العالم، (...) لقد تلقينا موهبة المحبة فلنمت عن الخطيئة ولنحى لله " .

1395 ـ المحبة التي توقدها الافخارستيا فينا تحررنا من الخطايا المميته الآتيه. فبمقدار ما نشترك في حياة المسيح ونتقدم في صداقته، يمسى أصعب علينا أن ننفصل عنه بالخطيئة المميته الافخارستيا لا تهدف إلى محو الخطايا المميته، فذلك من خصائص سر المصالحة واما الإفخارستيا فتتميز بأنها سر الذين ينعمون بملء الشركة مع الكنيسة .

1396 ـ وحدة الجسد السرى: الإفخارستيا تصنع الكنيسة فالذين ينالون الافخارستيا يتحدون بالمسيح اتحادا أوثق. ومن ثم، فالمسيح يجعلهم متحدين بجميع المؤمنين في جسد واحد: أى الكنيسة. المناولة تجدد وتقوى وتعمق هذا الاندماج في الكنيسة الذي تحقق لنا بالمعمودية. بالمعمودية دعينا إلى أن نكون جسداً واحداً وبالافخارستيا تتحقق هذه الدعوة :" كأس البركة التي نباركها أليست هي شركة في دم المسيح ؟ والخبز الذي نكسره اليس هو شركة في جسد المسيح ؟ فيما أن الخبز واحد، فنحن الكثيرين جسد واحدا، لأنا جميعا نشترك في الخبز الواحد (1 كو 10: 16 ـ 17) :

" إذا كنتم جسد المسيح وأعضاءه، فسركم هو الموضوع على مائدة الرب، وتتناولون سركم تحييون " آمين " (نعم، هذا حق) على ما تتناولون، وتصادقون عليه بجوابكم إنك تسمع هذه الكلمة :" جسد المسيح " وتجيب :" آمين " كن عضوا في المسيح لتكون " الآمين " عندك صحيحة ".

1397 ـ الافخارستيا تجندنا في خدمة الفقراء: لكى نقبل، في الحق، جسد المسيح ودمه المبذولين لجلنا، علينا أن نوتسم المسيح في أخوته الأشد فقراً :

" لقد ذقت دم الرب ونت لا تعترف حتى بأخيك إنك تدنس هذه المائدة ذاتها، عندما تحسب غير أهل لمقاسمة طعامكك ذاك الذي حسب اهلاا ليشترك في هذه المائدة لقد حررك الله من كل ذنوبك ودعاك إلى هذه المائدة، وأنت، حتى في هذه المناسبة، لم تزدد فيك الشفقة ".

1398 ـ الافخارستيا ووحدة المسيحين أمام عظمة هذا السر، يهتف القديس أوغسطينوس: " يا لسر التقوى ! يا لعلامةة الوحدة ! يا لرباط المحبة ! " كلما تقاقم شعورنا بألم الانقسامات التي تفسح الكنيسة وتصدع اشتراكنا في مائدة الرب، ازدادت أدعيتنا إلى الله لجاجة لتعود أيام الوحدة الكاملة بين جميع المؤمنين به .

1399 ـ الكنائس الشرقية التي ليست على ملء الشركة مع الكنيسة الكاثوليكية تحتفل بالافخارستيا احتفالا مفعماً بالحب :" هذه الكنائس، على انفصالها، تملك اسراراً حقيقية، ولا سيما بفعل الخلافة الرسولية: الكهنوت والافخارستيا اللذين يضمانها إلينا ضماً وثيقاً " لذلك " ان بعض الاشتراك في الاقداس، وبالتالى في الافخارستيا، في الاحوال المؤاتيه، وبموافقة السلطة الكنسية، ليس هو فقط في حكم الممكن، بل في حكم المحبذ أيضاً ".

1400 ـ إن الجماعات الكنسية المنبثقة عن حركة الاصلاح والمنفصلة عن الكنيسة الكاثوليكية " لم تحتفظ بجوهر السر الافخارستى كاملا، خصوصاً بسبب فقدان سر الكهنوت عندها ومن ثم، لا يجوز، في نظر الكنيسة الكاثوليكية إقامة الشركة الافخارستية مع هذه الجماعات ولكن هذه الجماعات الكنسية " عندما تحتفل بذكرى موت الرب وقيامته في العشاء المقدس، تشهد بأن الحياة قوامها الاتحاد بالمسيح وتنتظر رجعته المجيدة " .

1401 ـ يستطيع الخدمة الكاثوليك، في حال الضرورة الخطيرة والملحة، وامتثالاً لحكم الرئيس المحلى، ان يمنحوا الأسرار (الافخارستيا والتوبة ومسحة المرضى) للمسيحين الآخرين الذين ليسوا على ملء الشركة مع الكنيسة الكاثوليكية، بشرط أن يطلبوها بملء إرادتهم وعليهم، عندئذ، أن بعلنوا الإيمان الكاثوليكى في شان هذه الأسرار، ويتحلوا بالاستعدادات المطلوبة .

7ً. الافخارستيا ـ " عربون المجد الآتى "

1402 ـ في صلاة قديمة، تهتف الكنيسة مهللة لسر الافخارستيا :" يا أيها الوليمة المقدسة التي تصير المسيح طعامنا، وتحى ذكرى آلامه، وتفعم بالنعمة نفسنا وتعطينا عربون الحياة الآتيه. فالافخارستيا هي، ولاشك، تذكار فصح الرب، وباشتراكنا في المذبح نمتلىء " من كل بركة سماوية ونعمة " ولكن الافخارستيا هي أيضاً استباق للمجد السماوى .

1402 ـ في العشاء الأخير، لقت الرب نفسه تلاميذ إلى اكتمال الفصح في ملكوت الله :" اقول لكم: لن أشرب بعد الآن من عصير الكرمة هذا حتى ذلك اليوم الذي فيه أشربه معكم جديداً في ملكوت أبى " (متى 26: 29 ). كل مرة تحتفل الكنيسة بالافخارستيا، تتذكر هذا الوعد، وترنو بنظرها إلى " من سيأتى " (رؤ 1: 4 ). وفى صلاتها تلتمس مجيئه :" ماراناثا " (1 كو 16: 22 )، " تعال ايها الرب يسوع ،( رؤ 22: 20 )، " لتأت نعمتك وليعبر هذا العالم ! ".

بإيجاز

14066 ـ قال يسوع: " أنا الخبز الحى الذي نزل من السماء من ياكل من ههذا الخبز يجىء إلى الابد (....) من يأكل جسدى ويشرب دمى فله الحياة الأبدية (...) يثبت في وأنا فيه " (يو 6: 51، 54، 56) .

1407 ـ الافخارستيا هي قلب حياة الكنيسة وقمتها، بها يشرك المسيح كنيسته وكل اعضائها في ذبيحة الحمد والشكر التي قربت لابيه مرة واحدة على الصليب. بهذه الذبيحة يفيض المسيح نعم الخلاص على جسده، أى الكنيسة .

1408 ـ الاحتفال الافخارستى هي تذكار فصح المسيح: أى تذكار عمل الخلاص الذي حققه المسيح بحياته وموته وقيامته والذى يغدو ماثلاً في واقع العمل الليترجى .

1410 ـ ان المسيح الكاهن الابدي الاعظم للعهد الجديد هو الذي يقرب اىلذبيح الافخارستية بواسطة الكهنة والمسيح هو نفسة أيضاً المقرب في الذبيحة الليترجية حاضرا حضورا حقيقيا تحت اشكال الخبز والخمر

1411 – الكهنة الذين نالوا سر الكهنوت بطريقة صحيحية هم وحدهم مخولون ان يرئسوا الافخارستيا ويقدسوا الخبز والخمر ليصيروا جسد الرب ودمه

1412 – خبز الحنطة وخمر الكرمة هما الشكلان الجوهريان في سر الافخارستيا عليهما تستدعي بركة الروح القدس ويلفظ الكاهن كلمات التقديس التي نطق بهما يسوع في العشاء الأخير هذا هو جسدي الذي يكسر لاجلكم هذه هي كاس دمي

1413 – بالتقديس يتم تحول الخبز والخمر جوهريا إلى جسد المسيح ودمه وتحت اشكال الخبز والخمر التي جري عليها التقديس يحضر المسيح نفسه حيا وممجدا حضورا حقيقيا وواقعيا وجوهريا بجسدة ودمه ونفسه والوهيته

1414 – ان الافخارستيا بوصفها ذبيحة تقرب أيضاً تكفيرا عن خطايا الاحياء والاموات والتماسا لافضال الله الروحية والزمنية

1415 – من اراد ان يقبل المسيح في المناولة الافخارستيا علية ان يكون في حالة النعمة فاذا تنبة احد إلى انه ارتكب خطا مميتا فعلية الا يتناول الافخارستيا قبل ان ينال الحل من ذنوبه في سر التوبة

1416 – الاشتراك المقدس في جسد المسيح ودمه ينمى اتحاد المؤمن مع الرب ويغفر له ذنوبه العرضية ويحفظة من الخطايا المميتة وبما ان عري المحبة بين المشترك في الافخارستيا والمسيح تزداد متانة فتقبل هذا السر يقوي وحدة الكنيسة جسد المسيح السري

1417 – ان الكنيسة تشجع المؤمنين بشدة علي تقبل المناولة المقدسة عندما يشتركون في الاحتفال بالافخارستيا وتلزمهم بذلك اقلة مرة في السنة

1418 – بما ان المسيح حاضر في سر المذبح فعلينا ان نحوطه بالاكرام والعبادة زيارة القربان الاقدس هي دليل معرفة جميل وعلامة حب وواجب عبادة تجاة المسيح ربنا

1419 – عندما انتقل المسيح من هذا العالم إلى ابية ترك لنا الافخارستيا عربون المجد لدية فالاشتراك في الذبيحة المقدسة يجعلنا في شبه قلبة ويسند قوانا في دروب هذه الحياة ويشوقنا إلى الحياة الابدية ويضمنا منذ الان إلى كنيسة السماء والقديسة العذراء مريم وجميع القديسين





 
قديم 20 - 09 - 2014, 04:45 PM   رقم المشاركة : ( 6258 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,046

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سر الزواج المقدس




طقس الخطبة



1- يكتب محضر الخطبة الرسمى يدون فيه الاسم والسن والشبكة وموعد اتمام الزواج ثم يتم التوقيع عليه من الخطبيين والوكيلين والشهود ثم يعتمده الكاهن.


2- يأتى الشمامسة بالخطبيين فى زفة كنسية بلحن ابوؤره، وتكون الخطيبة على يمين خطيبها الى حيث الكرسيين المعدين لذلك، سواء فى الكنيسة أو فى بيت والد العروس، حسب المزمور القائل "جلست الملكة عن يمين الملك" (مز 45: 9)،. وهذا هو وضعها الطبيعى لأن حواء خلقت من جنب آدم الأيمن.

الرشم الثالث: باسم ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح مشرع شريعة الكمال وواضع ناموس الأفضال نتم فى هذا المحفل الأرثوذكسى خطوبة الابن المبارك الأرثوذكسى (فلان) ثم يرشم على الخطبيين والشبكة قائلا:

مبارك الروح القدس المعزى. آمين.

يرد الشمامسة: آمين.

يصلى الجميع: أبانا الذى فى السموات......

يصلى الكاهن صلاة الشكر.

وتكون الالحان والمردات بالفرايحى.

بعد انتهاء صلاة الشكر يرتل الشمامسة أكيوس (آجيوس) وما يلائم هذه المناسبة من الألحان.

أثناء ذلك يكون تلبيس الدبلتين والشبكة للخطبيين.

وتكون كالاتى:

يسلم الكاهن دبلة الخطيبة للخطيب فتمد الخطيبة يدها اليمنى فيلبسها لها فى أصبعها البنصر الأيمن.

بعد ذلك يقول الكاهن طلبة مكونة من اربع قطع كل قطعة تنتهى بمرد آمين يقوله خورس الشمامسة.

1- فى القطعة الأولى: يطلب الكاهن من الله أن يفيض على الخطبيين برضاه وفضله وأن يبارك مشروع الزواج هذا ويكتب له التوفيق وحسن الختام. .

2- فى القطعة الثانية: يطلب أن تكون هذه الخطبة طاهرة وشرعية ومقدمة لمصاهره فاخرة مرعية وأن يملأ قلب الخطبيين بالتهانى والحبور وأن يبلغهما نيل الأمانى بوافر السرور.

3- وفى القطعة الثالثة: يطلب الكاهن من الله أن يقرن هذه الخطبة بحسن القبول وأن يمنح الخطبيين حياة هنيئة أن يحفظهما ناهجين فى طاعة الله وأن يرتبطا بأصول الايمان والفضائل وأن يحفظهما مصونين من شوائب الخلاف والرزائل وأن يتمم لهما الفرح بحفل الاكليل المبارك.

4- وفى القطعة الرابعة: يطلب الكاهن من الله أن يحفظ رئاسة الكنيسة قداسة البابا وأسقف الايبارشية وأن يبارك الحاضرين فى هذا الاحتفال السعيد المبارك. يصلى الجميع "أبانا الذى" ثم قانون ختام الصلوات الاجتماعية بينما الكاهن يصلى البركة على راس الخطبيين بالصليب وهما خاضعين تحت يديه حتى يكمل صلاة البركة، فيقبل الخطيبان الصليب ويد الكاهن.

يقول الكاهن "بخرستوس بينوتى" وهو يرشم الشعب.

ويقول الجميع "آمين ايس ايشوبى".

يقول الكاهن: "يا ملك السلام أعطنا سلامك".....

وأجعلنا مستحقين أن نقول بشكر: "أبانا الذى".... ثم يعطيهم التسريح: "امضوا بسلام سلام الرب فليكن معكم".

يأخذ الشمامسة الخطبيين بزفة الى باب الكنيسة حيث يقفان ليتقبلا التهانى من الحاضرين.

كمل طقس الخطبة بسلام.






طقس عقد الأملاك





يفتح الكاهن سترة الهيكل وتكون أنوار الهيكل والمذبح موقدة.


يبدأ الكاهن بالرشومات الثلاثة على الدبلتين والعروسين أيضا وهذا يقتضى أن يكون قريبا من العروسين أثناء الصلاة.

الرشم الأول: يقول الكاهن: "باسم ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح، مشروع شريعة الكمال وواضع ناموس الأفضال. وفى هذا المحفل الأرثوذكسى وأمام هيكل رب الصباؤوت نعقد أملاك الابن المبارك الأرثوذكسى البكر (فلان) الى مخطوبته الابنة المباركة الأرثوذكسية البكر (فلانه) ثم يرشم على ذاته بعلامة الصليب بالصليب الذى فى يده ثم يرشم على العروسين ثم الدبلتين قائلا:

"باسم الاب والابن و الروح القدس الاله الواحد آمين. مبارك الله الاب ضابط الكل آمين. ثم يعمل أول عقدة فى الشريط الموجود فيه الدبلتان.

يقول المرتلون آمين باللحن.

ثم يصلى الجميع: "أبانا الذى فى السموات"....

الرشم الثانى: يقول الكاهن:

"باسم ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح مشرع شريعة الكمال وواضع ناموس الأفضال. وفى هذا المحفل الارتوذكسى، وأمام هيكل رب الصباؤوت نعقد املاك الابنة المباركة الأرثوذكسية البكر (فلانة) الى الابن المبارك الأرثوذكسى البكر (فلان)". ثم يرشم على العروسين ثم الدبلتين بالصليب قائلا:

"مبارك ابنه الوحيد يسوع المسيح ربنا آمين".

يقول المرتلون: "آمين" باللحن.

ثم يصلى الجميع: "أبانا الذى".... .

الرشم الثالث: يقول الكاهن:

"باسم ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح مشرع شريعة الكمال وواضع ناموس الأفضال، وفى هذا المحفل الأرثوذكسى، وأمام هيكل رب الصباؤوت نعقد املاك الابن المبارك الرثوذكسى البكر (فلان) على الابنة الأرثوذكسية البكر (فلانه)". ثم يرشم على العروسين والدبلتين بالصليب قائلا:

"مبارك الروح القدس المعزى آمين". ثم يكمل سرا:

"مجدا وأكراما اكراما ومجدا للثالوث القدوس الاب والابن والروح القدس الاله الواحد أمين". يقول ذلك وهو يعقد العقدة الثالثة. "أنه عقد مثلث لا ينقطع سريعا"، "فالذى جمعه الله لا يفرقه انسان" (مت 19: 6). والعامة يقولون على الزواج المسيحى عقدة نصارى، أى عقدة لا يمكن فكها بسهولة، ولا تنفك الزيجة المسيحية الا لأحد الاسباب الثلاثة (الموت، او الزنا، أو ترك الدين).

يرد الشمامسة: "آمين" باللحن.

يصلى الجميع: "أبانا الذى"....

يصلى الكاهن صلاة الشكر وتكون المردات بالفرايحى.

فى نهاية صلاة الشكر يضع الكاهن فى المجمرة خمسة أيادى بخور ثم يرفع البولس بعد أن يقول سر بخور البولس "يا الله العظيم الابدى الذى بلا بداية ولا نهاية....".

ويضع يده بالصليب للبركة على رأس العروسين.

أثناء ذلك يرتل الشمامسة لحن تاى شورى.






طقس صلاة الإكليل





يقول الكاهن: أليسون ايماس... ابانا الذى.... صلاة الشكر. والحانها بالفرايحى فى نهايتها يرتل الشمامسة لحن تى شورى، بينما يضع الكاهن خمس أيادى بخور فى الشورية ويصلى سر بخور البولس ويرفع البخور يده بالصليب على رأس العروسين بالبركة.


ملحوظة:

لحن تى شورى خاص بالسيدة العذراء ويرتل فى هذه المناسبة لتذكير العروس بأن تسلك فى طريق أمها الطاهرة مريم وتلد للكنيسة بنينا وبنات هم أخوة المسيح يسلكون مثله ويتشبهون به.

يقول أحد الشمامسة فصل البولس (أف 5: 2 الخ 6: 1 – 3). "والنساء فليخضعن لرجالهن كما للرب لأن الرجل هو رأس المراة... أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح أيضا الكنيسة.. لكى يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن (تجاعيد) أو شئ من مثل ذلك بل تكون مقدسة وبلا عيب (الى على مثالها يجب أن تكون العروس) هذا السر (سر الزواج) عظيم..... فليحب كل واحد امراته هكذا كنفسه وأما المرأة فلتهب رجلها (تحترمه وتوقره وتطيعه)".

"أيها الأولاد أطيعوا والديكم فى الرب لأن هذا حق. أكرم أباك وأمك التى هى أول وصية بوعد"....

الطلبات
ابتداء من هذه الطلبات يبدأ قداس الاكليل الذى يجب أن يستمع اليه الكل فى وقار وخشوع رافعين أعين قلوبهم الى الله بحشمة وورع وهدوء. ونحن نتساءل: هل يحل الروح القدس ليبارك العروسين وسط معرض للأزياء الخارجة عن الحشمة أو وسط أصوات موزعى الحلوى والذين تطغى أصواتهم على صوت الكاهن المصلى، أو وسط الذين يتهافتون على أخذها، أو وسط هرجلة المصورين الذين يجرون فى كل مكان لالتقاط الصور لكل حركة للعروسين وأربائهم، ويزاحمون الكاهن المصلى فى هذا الحيز الضيق أمام الهيكل؟!


ليتنا نعلم أن "الهنا اله سلام ونظام وليس إله تشويش" (1 كو 14: 32).

يقف الكاهن رافعا الصليب ويصلى هذه الطلبات يطلب فيها البركة والنعمة من الله للعروسين كما بارك فى القديم آدم وزوجته وابراهيم وزوجته واسحاق وزوجته ويعقوب وزوجته ويوسف وزوجته، كما بارك الزواج بحضوره فى عرس قانا الجليل.

عدد هذه الطلبات 12 طلبة، وفى نهاية كل طلبة يرد الشعب مرد "يارب ارحم" القصير فى ميناه العميق فى معناه.

ثم يقول الشمامسة "أيها المسيح كلمة الأب... أعطنا هذا المملوء من كل فرح".

مرد الشمامسة يطلب السلام والفرح للأسرة الجديدة من رب السلام.

+ يصلى الكاهن أوشية السلام والآباء والاجتماعات الكبار. .

يطلب فيها السلام للكنيسة عامة والنعمة والقوة لآباء الكنيسة ومعلميها ومديريها وحراس الايمان بها ثم من أجل الاجتماعات فى الكنيسة والبيت، أن يبدد مشورة العداء عنا ويجعل بيوتنا وهذا البيت الجديد بيوت صلاة بيوت طهارة بيوت بركة، بحلول الله فيها حسب وعده المبارك "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمى فهناك أكون فى وسطهم" (مت 18: 20) ووعده المبارك "أن أحبنى أحد يحفظ كلامى ويحبه أبى واليه نأتى وعنده نصنع منزلا" (يو 14: 23).

يصلى الجميع قانون الايمان حتى يتذكر العروسان أن زواجهما مبنى على الايمان المقدس للكنيسة الجامعة الرسولية الأرثوذكسية فيحفظانه قولا وعملا ويسلمانه لأولادهما كوديعة غالية ثمينة.

الطلبة الأولى:

..... "وليدخلا الى ناموس الفرح وليكونا فى تعاليم صادقة، هب لهما ثمرة صالحة من البطن...... ساعدهما فى كل عمل صالح".

الطلبة الثانية:

...... "بارك اتحاد عبديك اللذين اتصلا ببعضهما بعضا حسب ارادتك باركها كما باركت ابراهيم وسارة ارفعهما مثل اسحاق ورفقة. أكثرهما كما أكثرت يعقوب وزرعه. مجدهما كما مجدت يوسف هب لهما حياة الطهارة... أنعم عليهما بالرخاء والحكمة وبركات الخلاص".

الصلاة الثالثة:

... "اطلع على عبديك.ثبت اتصالهما. أحرس مضجعهما نقيا. استرهما مع بيتهما بيمينك غير المغلوبة. نجهما من كل حسد. احفظهما باتفاق واحد وسلام. هب لهما فرحا وسرورا".... الخ.

يرتل الشمامسة مرد: "لا تنسى عهدك"..

فان كان الله لا ينسى عهوده معنا فيجب علينا وعلى العروسين الا ننسى عهودنا مع ربنا، عهد جحد الشيطان والتمسك بالمسيح فى المعمودية عهد الافخارستيا المختوم بختم دم المسيح، نحافظ على هذه العهود وتنفيذها حتى ننال بركات وعود الله المذخرة لنا فيها.

يقول الكاهن صلاة خضوع، أى يخضع العروسان برأسيهما ويضع من كل شر وليعيشا بوداعة وهدوء واحتمال وخضوع بلا لوم ولا عثرة أنر أعين قلبيهما ليصنعا ارادتك كل حين... الخ. مرد الشمامسة: يطلب لهما البركة من الثالوث القدوس.

مسح العروسين بالزيت:

يصلى الكاهن طلبة على قارورة الزيت، يرشم الزيت بالصليب فى كل مرة.

ويرد الشمامسة: آمين فى كل مرة.

بعد الصلاة يدهن العريس أولا: بالزيت على مثال الصليب ثم يدهن العروس، بينما يرتل الشمامسة بلحن الشعانين قائلين: ليبطل هذا الدهن مقاومة الأرواح النجسة بيسوع المسيح ملك المجد.

ولدهن العروسين بالزيت فوائد كثيرة:

والابتهاج هنا بمناسبة الزواج المقدس، والزيت كان يستخدم فى العهد القديم لمسح الملوك والعروسان هنا ملكين.

صلاة بركة بعد دهن الزيت.

.... "أستر على عبديك. أحرس اتصالهما. احفظ مضجعهما نقيا. حصنهما بملائكتك الأطهار... أنعم علينا أن نكون فى أماكن راحة قديسيك فى ملكوت السموات".

تتويج العروسين:

يمسك الكاهن الأكاليل (أو يمسكها له أحد الشمامسة) ويصلى عليها هذه الطلبة وفى كل مرة يرشم الأكاليل بالصليب ويرد الشمامسة: آمين.

"يا الله القدوس الذى كلل قديسيه بأكاليل لا تذيل وصالح السمائيين مع الأرضيين ووحدهما. أنت أيضا الآن يا سيدنا بارك هذه الأكاليل التى هيأناها لتضعها على عبديك لتكون لهما أكاليل مجد وكرامة. آمين".

أكليل بركة وخلاص. آمين... الخ.

ثم يضع الكاهن الأكاليل على رأس العروسين، العريس أولا ثم العروس، وهو يقول: "ضع يا رب على عبديك أكاليل النعمة غير المغلوبة. آمين".

"أكاليل مجد مرتفع غير فان آمين".

وهو يقصد الأكليل السمائى الذى يعطى للتائبين والغالبين فى جهادهم الروحى، أما أكاليل العروسين التى يضعها على رأسيهما هى مجرد رمز لهذا الأكليل السمائى، اكاليل المجد المرتفع الغير الفانى. يقرب القسيس رأس العروسين الى بعضيهما كرمز للأقتران الجسدى والفكرى ثم يرشم عليهما ثلاثة رشومات بالصليب هكذا:

بهذه الرشومات الثلاثة يحل الروح القدس على العروسين ويبارك زواجهما ويوحدهما فى جسد واحد وقلب واحد.

يتلو الكاهن قطعة طويلة على هيئة عظة للعروسين عن خلقة آدم وحواء، فالله خلقها من ضلعه لكى تكون مساوية له، لم يخلقها من رجله لئلا يدوسها ويحتقرها ولم يخلقها من رأسه لئلا تتعالى عليه، بل خلقها من ضلعه لكى تكون مساوية له، والضلع بجوار القلب لكى يكون هو حنونا عليها.

الدبل:

بعد وضع الاكاليل على العروسين وحلول الروح القدس عليهما ليوحدهما، يضع الكاهن الدبل فى اصبعى العروسين كعلامة ظاهرة على اتحادهما واقترانهما، ويكون ذلك كالاتى:

+ يضع الكاهن دبلة العريس فى بنصر يده اليسرى ويمكن أن تكمل العروس تلبيسها له.

+ ثم يضع دبلة العروس فى بنصر يدها اليسرى ويمكن للعريس أن يكمل تلبيسها لها.

يقول الكاهن:

"والآن قد حضرتما فى هذه الساعة المباركة قدام هيكل رب الصباؤوت ومذبحه المقدس، وجمعتكم هذه الزيجة المباركة... فجب عليكما أن يعرف بعضكما حق بعض، ويخضع كل منكما لصاحبه".

يسلم الكاهن العروس لعريسها بأن يأخذ يدها اليمنى ويسلمها له فى يده اليمنى، ثم يغطى يديها بلفافة بيضاء نظيفة.

"يجب عليك أيها الابن المبارك المؤيد بنعمة الروح القدس أن تتسلم زوجتك فى هذه الساعة المباركة بنية خالصة ونفس طاهرة وقلب سليم، وتجتهد فيما يعود لصالحها وتكون حنون عليها وتسرع الى ما يسر قلبها" ...الخ.

يوصى الكاهن العروس قائلا:

"وانت أيتها الابنة المباركة العروس السعيدة"....

فيجب عليك أن تكرميه وتهابيه ولا تخالفى رأيه، بل زيدى فى طاعته على ما أوصى به اضعافا...



صلاة بركة للاثنين:

يركع العروسان أمام الهيكل ويضعان يديهما اليمنى على الكتاب المقدس الموجود على منضدة صغيرة أمامهما وهما مغطيتان باللفافة البيضاء منذ ساعة التسليم وتكون رأساهما متقاربتين رمز الارتباط والاقتران.

يصلى الجميع "أبانا الذى فى السموات" ثم يقولون قانون ختام الصلوات، بينما الكاهن يصلى التحليل للعروسين ثم البركة.

يختمها بقوله "بخرستوس بينوتى". و"أبانا الذى فى السموات".

يعطى التسريح: "امضوا بسلام. سلام الرب فليكن معكم".

يتقدم الشمامسة العروسين بالزفة ولحن شيرى ماريا الى باب الكنيسة حيث يقفان لتقبل التهانى من المدعوين.

ثم ينصرف الجميع بسلام.

1- فهو زيت للتقديس والبركة حسب قول المزمور "مسحت بالدهن رأسى" (مز 23: 5).

2- هو مسحة الطهارة وعدم الفساد وسلاح قوى ضد كل أفكارك الشهوات الردية. قوة وخلاص وغلبة على كل أفعال الشيطان.

3- صحة وشفاء وتجديد لنفسيهما وجسديهما وروحيهما.

4- هو زيت البهجة والفرح حسب قول المزمور "أحببت البر وأبغضت الاثم من أجل ذلك مسحك الله الهك بدهن الابتهاج" (مز 45: 7).

1- "كللهما بالمجد والكرامة أيها الاب آمين".

2- "باركهما أيها الابن الوحيد آمين"

3- "قدسهما أيها الروح القدس آمين".

 
قديم 20 - 09 - 2014, 04:53 PM   رقم المشاركة : ( 6259 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,046

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

روحانيّة الحب الزوجيّ
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الحبُّ طريقُ الخلاصِ
في هذه المسيرةِ، يُعرض الحبُّ الزَّوجيّ على الإنسانِ كطريقٍ للخلاصِ الذّي صنعه اللهُ مِن أجلِ كلِّ البشريّةِ بواسطةِ ذبيحةِ ابنه. فيتجه هذا الحبُّ نحو إعادةِ اعترافِ الواحدِ بالآخر، اعترافهما بأنفسهما، اعترافهما بأنَّهما حقاً محبوبان. إنَّها مسيرةٌ مُتبادلةٌ بين المحبوبين، تتجسّد فيها الخاصيّةُ المُميِّزةُ للحبِّ الزَّوجيّ، وهي: اعترافهما بأنَّهما محبوبان. وهنا تجد نعمةُ الحبِّ الزَّوجيّ مكانها في الديناميكيّةِ اللاهوتيّةِ، بالعبورِ مِن صورةِ الله إلى مثاله[26]. فيضرم الحبُّ الزَّوجيّ صورةَ الله في الشَّخصِ، حتى تتمكَّنَ هذه الصُّورةُ مِن أنْ تخترقَ وتنفذَ بداخلِ الوجودِ الإنسانيّ كاملةً؛ فيصبح هذا الوجودُ بدوره باستمرارٍ أكثرَ تشبهاً بالله في تعبيراته، تفكيره، شعوره وتصرّفه.
يُعتبرُ الحبُّ مسيرةً يجد الشَّخصُ فيها نفسه مدفوعاً للخروجِ مِن قوقعة الأنانيّةِ، بحيث يُصبح قادراً على أنْ يعيش ويُظهرَ تعبيراً حقيقيّاً للحبِّ. حيث يبدأ الجسدَ الحسيّ، الذّي أصبح بعد الخطيئةِ مغلوباً مِن الأهواء والبُعدِ الكونيّ الحيوانيّ للعالمِ، في استقبال مبدأٌ فعَّالٌ حيّ حيويّ، أي المبدأُ الرُّوحيّ.
ومِن هنا تبدأ عمليةُ النضوجِ والانتقالِ مِن حبٍّ جسديّ حسيّ إلى حبٍّ روحيّ؛ أي إلى حبٍّ يُذكِّرنا باستمرارٍ, من خلال تعبيره وتضحيته، بعالمٍ مُتحوِّلٍ ومُتجدِّدٍ. ولذلك فالطَّريقُ نحو الزواجِ هو أيضاً طريقٌ نحو الجسدِ الرُّوحيّ الرُّوحانيّ؛ إذ يبدأ الشَّخصُ، مِن خلالِ الحبِّ الزَّوجيّ، في الانتقالَ مِن إدراك الذاتِ بطريقةٍ جسديّةٍ حسيّةٍ إلى إدراك هذا الجسدَ الرّوحانيّ؛ وبالتَّالي يتم العبورُ مِن العزلةِ إلى الاتحادِ، ومِن الجسديّ الشَّهوانيّ إلى الرَّوحاني، ومِن الخطيئةِ الأصليّةِ إلى الفداءِ. وفي عمليةِ النضوجِ هذه يستطيع الجنسُ، عند حدٍّ معينٍ، أنْ يُنجزَ مهمته مِن خلالِ الطَّريقةِ التّي يُعاش بها في الحياةِ؛ فيُعرض الجنسُ على الإنسانِ السَّاقطِ المُحبطِ، مِن خلالِ العملِ الخلاصيّ للمسيح، كطريقٍ للخلاصِ. ففي الحقيقةِ، عندما يتمُّ تحطيمُ الوِحدةِ وتأسيسُ عَلاقةَ حبٍّ حقيقةٍ بدلاً منها، لن يُعاش الجنسُ بَعدُ بطريقةٍ عالميّةٍ شهوانيّةٍ، إنَّما يُصبح على العكسِ علامةً ورمزاً للعالمِ الآتي.
الحبُّ وَحدْةٌ مُحققةٌ
يُوحي لنا الفصحُ بالمعنى الرُّوحيّ للجنسِ. وقد رأينا أنَّه يمكن للجنسَ أنْ يُصبحَ حافزاً أو دافعاً بالنسبةِ للإنسانِ يُخرجه مِن قوقعته ويتجِّه به بقوةٍ نحو الآخر، بحيث يبدأ الإنسانُ في هجرِ أحكامِ الأهواءِ والجسدِ، حتى يُكمِّل هذا البُعدَ الجنسَي في رؤيةٍ روحيّةٍ إلهيّةٍ.
تأتي بالتّالي لحظةُ اختيارِ شريكِ الحياةِ بالنسبةِ للشخصين، مِن خلالِ مسيرةِ انجذابهما الواحدِ للآخر، ومِن خلالِ اكتشافهما الواحدِ للآخر. وفي هذه اللحظةِ بالذَّاتِ، يكون الحبُّ، قبل كلِّ شيءٍ، "عملاً عقلياً"؛ لأنَّه إمَّا أنْ تنتهي عَلاقةُ الحبِّ هذه، وإمَّا أنْ تستوجبَ بالعكسِ قراراً جذريّاً في التَّنازلِ عن الإرادةِ الشّخصيّةِ؛ فليس ثَمَّة وسيلةٌ أخرى. فللوصولِ إلى الاتحادِ الكاملِ الحاسمِ، لا مفرٌ مِن التَّضحيّةِ بالأنانيّةِ التّي تقود إلى الفرديّةِ وتأكيدِ الذَّاتِ الأنانيّ. ولكن الواقعِ يقول أن كل ما بداخل الإنسانِ يثور ضد التَّضحيّةَ؛ وحتى السَّيدَ المسيح عندما اقتربٍ من لحظة التَّضحيّةِ تحوَّل عرقه إلى دمٍ، وطلب مِن الآبِ أنْ يعبرَ عنه هذه الكأسَ؛ وذلك لأنَّ التَّضحيّةَ أمرٌ مُخيفٌ مُفزعٌ والإنسانُ لا يملك معها أيَّ يقينٍ في استعادة ما ضحى به، ولكنَّ الحبَّ يضمن مُسبقاً أنْ تعويضَ التَّضحيّةِ سوف يكون عظيماً؛ فضمانَ الحبِّ يعني أنه: عندما يُضحِّى الشَّخصَ بنفسه، فإن الحبُّ يقنعه باطنياً بأنَّه بَعد الموتِ هناك القيامةُ.
يصل الحبَّ الجسديّ إلى ذروته في الفعلِ الجنسيّ، حيث يجد لذته وتنعّمه بشكلٍ حسيّ؛ إنَّها أقصى قدرةٍ للجسدِ البشريّ على الحسَ والتذوّقَ، ومِن المسلّم به أنَّه ليس هناك أيُّ إحساسٍ مفهومٌ أكثرَ مِن هذا. وحيث إنَّ البُعدَ الذّي يثور ضد الحبِّ أكثرَ مِن غيره هو الإرادةُ الخاصةُ التّي تمُارس عملها في الجسدِ، فهي المنطقة التّي تتنكَّر للحبِّ أكثرَ مِن أي منطقةٍ أخرى في الإنسانِ، لذلك وبواسطةِ الجسدِ بالتَّحديدِ يعمل الحبُّ الزَّوجيّ ليقنعَ الإرادة بالقيامةِ التي تنبع عن تضحيةِ. وإنْ لم يكنْ هناك الفعلُ الجنسيّ الذّي يعمل على إظهارِ القيامةِ مِن خلالِ التَّضحيّةِ بالشَّهواتِ والأهواءِ الخاصةِ، وبالإرادةِ الخاصةِ، وبالمزاعمِ الخاصةِ، فلن يتمكَّن الإنسانُ مِن الدِّخولِ في الفصحِ، بل يظل دائماً مُنغلقاً على أنانيته؛ وسوف يتوقَّف هذا الإنسانُ عند عتبةِ الجمعةِ العظيمةِ، لأنَّه لا يمتلك أيَّ يقينٍ بأنَّه بَعد ذلك توجد القيامةُ. يكشف لنا الحبِّ الزَّوجيّ، وهذه اللذةِ -المقدسةِ الطَّاهرةِ- التّي تكلم عنها آباءُ الكنيسةِ، عن لاهوتٍ حقيقيّ لسرّ الزواج؛ وهو بُعد لاهوتي مُتمركزٍ حول تضحيّةِ المسيحِ وموته وقيامته.
ومِن وجهةِ نظرٍ أخرى، وهي مشوقةٌ أيضاً، نجد أنَّ تحليلاتَ المُحللين النفسيين في ما يتعلَّق بالفعلِ الجنسيّ تُظهر أنَّ الفعلَ الجنسيّ في حدِّ ذاته لا يقول شيئاً، ولا يملك أيَّ محتوى أو مضمونٍ خاصٍ؛ فالتَّفكيرُ بأنَّ الفعلَ الجنسيّ قد يملك في حدِّ ذاته وبشكلٍ آلي مضمونَ الاتحادٍ، وأنَّه يحمل بالتَّالي بشكلٍ آليّ إلى الاتحادِ بين الشَّخصين، وأنَّه يُنتج اتحاداً، هو ببساطة خداعٌ ووهمٌ؛ بل بالأحرى قد يكون الفعلُ الجنسيّ هو الخدعةُ أو الكذبةُ العُظمى، أي أنْ يكونَ مجردَ شكلٍ خارجيّ لمضمونٍ ليس له وجودٌ في الواقعِ: فيقول الشَّخصان أحدهما للآخر بأنَّه يحبه، ولا يكون ذلك صحيحاً بالمرةِ.
وبحسبِ بعضِ المحللين النفسيين الأكفاءِ، يمكن أنْ يكونَ الفعلُ الجنسيّ أمراً ذاتيّاً وشخصيّاً تماماً، بدون حتى أدنى مُشاركةٍ لأيِّ مضمونٍ أو محتوى للعَلاقة، وبالتَّالي لا حقيقةٌ له، أي أنَّه مجردُ شكلٍ خارجيّ لا يُعلنعن أيِّ بُعدٍ للعلاقة حقيقيّ. ويحدث أنَّه يمكن ممارسةُ الفعلِ الجنسيّ على مستوى الإشباعِ واللذةِ فقط وبدون أيِّ مضمونٍ للحبِّ، أي بدون أيِّ مضمونٍ للشخصِ. إنَّما الفعلَ الجنسيّ، على العكسِ مِن ذلك، هو فعلٌ أصيلٌ، يُعبِّر عن حقيقته عندما يكون رمزاً، أي عندما يصبح تلك الحقيقةَ الكونيّةَ الملموسةَ ذات الصلةٌ المُوضوعيّةٌ والسرمديّةٌ الغيرُ قابلةٍ للانحلال بالمضمون الذّي تحجبه وتخفيه.
خلافاً لهذا التّصورِ، يصبح الفعلُ الجنسيّ مجردَ "علامةٍ"، أي مجردَ شيء يمكن أنْ نعطيه المعنى الذّي نريده؛ فالعلامةُ في الحقيقةِ، كما هو مُتعارفٌ عليه، مثلُ لافتةِ الطَّريقِ، لأنَّ معناها هو ثمرةٌ لاتفاق ما، ولذلك يمكننا تغييره. إنَّما الرَّمزُ، بالعكسِ، فهو يملك في حدِّ ذاته محتوىً موضوعيّاً لا يمكن تغييره على حسب الاختياراتِ. ويمكننا أنْ نُشبِّه الجنسَ بجبل الجليد، الذّي يمثل فيه الجزءَ المُنغمسَ المخفيّ القسم الأكبرَ بمراحلٍ مِن ذاك الجزءِ الذّي يُرى؛ كذلك أيضاً الفعلِ الجنسيّ: ينبغي أنْ يُظهرَ كلَّ حقيقةِ الواقعِ المُعاشِ كحياةٍ مُتشبِّعةٍ بالحبِّ، يتداخل فيها الكلُّ ويتوحَّد في الحبِّ، وفي الموتِ عن الذات مِن أجلِ الآخر.
ذات مرةٍ، قال لي أحدُ الأزواجِ، وهو متزوج مُنذ 17 عاماً، شيئاً في غايةِ الجمالِ: إنَّه لو كان طُلب منه تحديدُ ماذا يعنى بالنسبة له، كرجلٍ متزوجٍ، لذةُ الاتحادِ الجنسيّ مع زوجته؟ لا يمكنه أنْ يُجيبَ بقوله أنَّ المعنى هو الحياةُ المُمتدةُ على مدارِ 24 ساعة يوميّاً، فهو التَّعبيرُ عن الحبِّ على مدار اليوم كلِّه. وقد حكى لي أنَّه لم يحدثْ أبداً أنَّه اتحد مع زوجته ذات مرةٍ بدون أنَّ يكونا كلاهما مُدركاً تماماً أنَّ حياتهما معاً في هذه الفترةِ تُعبِّر عن موتِ كلٍّ منهما مِن أجلِ الآخر. ويبدو هذا التَّحديدَ تعبيراً فريداً ورائعاً؛ لقد اخترق الحبُّ ونفذ إلى حياةِ الزَّوجين كلها، فهناك الكثيرُ مِن التَّضحيّةِ الواحدٍ مِن أجلِ الآخر، لكنهما عندما يتحدان معاً جنسياً يشعران بلذةٍ وبتحقيقٍ لجسديهمِا، ويُصبح كلُّ هذا حقيقةً مُؤسسةً ومُشخَّصةً في الحبِّ؛ لأنَّ لحظاتَ الموتِ مِن أجل الآخر قد تمَّ تذوّقها في التَّضحيّةِ، فالرجل يُضحِّي مِن أجل المرأة وهي بالمثلِ تُضحِّي مِن أجله. فالاتحادُ إذن هو اتحادٌ مُشبعٌ ومُرضيّ، لأنَّه اتحادٌ في الحقيقةِ، فهو رمزٌ واقعيٌ يُعلن محتوىً حقيقيّاً، محتوى قد تجسَّد في الواقعِ المُعاشِ؛ وأي اتحاد حبي أو جسدي خلافٌ ذلك هو خداعٌ.
في الواقعِ، عندما نعود إلى اللاهوتِ الأدبي[27]، نجد أنَّ الخطيئةَ في المجال الجنسيّ تتمثَّل في ممارسةِ الجنسِ خارج حقيقته الإنسانيّةِ، أي أنَّها تتمثَّل في السَّعي إلى قطف ثِّمارِ القيامة بدون العبورِ بالجمعةِ العظيمِة. وهذا ينطبق أيضاً على الموقف الذّي يبدو ظاهريّاً وكأنَّه خالٍ مِن الضَّررِ مِن الناحيّةِ الجنسيّةِ، أي الاستمناء أو العادة السرية[28]. فيدور الحديثُ هنا عن البحثِ عن إشباعٍ ولذةٍ بدون التَّضحيّةِ بالذَّاتِ مِن أجلِ أحدٍ، ويتمُّ الوصولُ إليهما بطرقٍ كثيرةٍ غيرِ أصيلةٍ. ومِن المُسلَّم به أنَّ اللذةَ الحقيقيّةَ والإشباع الحقيقيّ يأتيان فقط مِن خلالِ العَلاقةِ؛ فاللذَّةُ غيرِ الأصيلةِ هي حقاً إفسادٌ للحبِّ. وتتمثَّل الخطيئةُ المُتعلِّقةُ بالوصيّةِ السَّادسةِ[29] في تقديرِ الجنسِ خارج حقيقته الإنسانيّةِ، وبالتَّالي أيضاً خارج حقيقةِ الجنسِ نفسه؛ أي هي البحثُ عن ثمرِ الجنسِ، الذّي هدفه هو الاتحادُ، بدون العبورِ بواسطةِ طريقِ التَّضحيّةِ. إنَّ الموتَ والقيامةَ هما المسيرةُ التّي تحتجب وراء الحبِّ الزَّوجيّ، حيث يتمركز المعنى الأكثرُ جمالاً وسحراً للجنسِ. فإنْ لم يوجدْ هذا الجبلُ الجليديّ، أي هذا العمقُ الحياتيّ، حيث يلتقي الشَّخصان معاً في الواقعِ المُعاشِ، فعلاقتها هي إذن مجردُ كذبةٍ خادعةٍ للشخصين، بدلاً مِن أنْ تكونَ سراً مُقدَّساً. يحتاج الحبُّ الجنسيّ إلى تجديدٍ لما هو يوميّ أو مألوفٌ، وهذا يقوم بدوره بإنشاءِ هذا التَّحويلِ، لأنَّه يُقنع الشَّخصَ بالمصيرِ الإيجابيّ للتخليّ.
دورُ الجنسِ يبلغُ قمتَه في العذريّةِ
ربما تُثيرَ فينا هذه العبارةَ الحيرةَ والقلقَ؛ ولكنَّها صحيحةٌ تماماً. فإنْ اخترق الحبُّ ونفذ خطوةً خطوةً إلى كلِّ لحظاتِ حياةِ الشَّريكين، عندئذٍ سيبدأ كلٌّ منهما في إدراكَ نفسَ الحقيقةِ المُعبَّرِ عنها بالفعلِ الجنسيّ في مواقف أخرى كثيرةٍ في الحياةِ. إنهَّا مسيرةٌ ، "كلاسيكيّةٌ" لحبِّ حقيقيّ. فإنْ كان معنى الفعلِ الجنسيّ يتمثَّل في اتحادِ الشخصين معاً، عندما يوثِّقان ويدعِّمان واقعيّاً حياتهما المُعاشة، فإنَّ الجنسَ، يبدأ في إنجازِ دوره. ولذلك يقول السيدُ المسيح أنَّه في الحياةِ الأخرى لن يُعاش الجنسُ بالشكلِ الذّي يُعاش به في هذا العالمِ؛ لأنَّه عندما يصل الشَّخصان إلى تحقيقِ وحدتهما، لن يُجدي الجنسُ نفعاً بعد: «فعندما يقوم الناسُ مِن بين الأمواتِ، فلا الرِّجالُ يتزوَّجون ولا النساءُ يُزوَّجن، بل يكونون مثلَ الملائكةِ في السَّمواتِ» (مر12/25)
بهذا المعنى، يتكلَّم آباءُ الكنيسةِ عن عذريّةِ الزَّوجيّن، ولكنهم لا يقصدون المعنى المألوفَ والمعتاد أي عدمَ مُمارسةِ الجنسِ؛ إنَّما العذريّةِ تعني بالنسبةِ لهم نقطةَ الوصولِ، أي عندما يصبح الشَّخصان فعلاً مُتحدان تماماً؛ إنَّ المسيرةَ هي إذن العبورُ مِن الحبِّ الحسيّ "الإيروس" إلى الحبِّ المُضحِّيّ "الأغابي".
إنَّ الرُّؤيةَ الإنسانيّةَ الرُّوحانيّةَ المسيحيّةَ ترى الإنسانَ في بُعده العذريّ؛ بحيث تبلغ مسيرةِ العهدِ القديمِ وصولاً إلى العهدِ الجديدِ قمتها في عذرية والدة الإله مريم[30]. ولذلك فإنَّ العذريّةَ تعني أنَّ الإنسانَ يجد كماله في الحبِّ الإلهيّ، هذا الحبِّ الذّي لا يجعله يشعر بالحاجةِ بَعدُ إلى أيِّ رمزٍ حسيّ إيروس مِن أجلِ اختبارِ الحبِّ والإيمانِ به. فالإنسانُ العذريّ يَعبر مِن الحاجةِ إلى أنْ يكون محبوباً إلى اليقينِ بأنَّه محبوبٌ فعلاً ؛ وبالتَّالي يحيا كمالَ هويته الخاصةَ كشخصٍ يُحب. وتتحقَّق العذريّةُ في ذلك الإنسانِ الذّي يغمس انفتاحه الأساسيّ وقدرته العلائقيّةِ الأساسيّةِ في خبرةِ حبِّ الله ذاته. لذلك فإنَّ العذريّةَ هي حالةٌ تتحقَّق واقعياً وبشكلٍ ملموسٍ إمّا بواسطةِ الحبِّ الزَّوجيّ، وإمَّا بواسطةِ الدعوةِ إلى التَّبتلِ.
الحبُّ الزَّوجيّ يَظهرُ في خصوبةِ العائلةِ
تبلغ مسيرةِ الانتقالِ مِن الحبِّ الإيروس إلى الحبِّ الأغابي قمتها في العائلة.. فماذا يعني هذا؟ إنه ما لم يكن لدى الشخصٌ اليقينٌ بأنَّه محبوبٌ، فهو وبلا شكٌ شخصٌ لا يمكن الاعتمادُ عليه، لأنَّه لا يزال في بحثٍ عمَن يمكنه هو الاستنادُ عليه، فهو في حاجةٍ إلى سندٍ. وعندما يُعاش الحبُّ الجنسيّ في حقيقته، فثمرته الأولى هي يقينُ الشَّريكين- المؤسسُ على منطقِ العَلاقة والثَّقةِ بالآخر- في أنَّ كلَّ منهما بالفعلِ محبوبٌ؛ وبالتَّالي يُصبح الشَّخصُ المحبوبُ قادراً على أنْ يُحبَّ؛ فإنْ لم يشعر الشخَّصُ بأنَّه محبوبٌ، سوف يذهب بعيداً باحثاً عن الحبِّ. أمَّا عندما يبلغ الشخصان إلى اليقينِ بأنَّهما محبوبان، فإنهما سيصبحان بفضلِ هذا اليقينِ قادرين على أنْ يُحبا؛ ويمكنهما عندئذٍ أنْ يُنجبا الأولادَ، الذّين هم ثمارٌ لحبِّهما. وخلافاً لذلك، يصبح هذان الشَّخصان بسهولةٍ موضوعاً للامتلاك، ومجردَ وسائلٍ لإشباعِ الاحتياجِ الخاصِ إلى الحنانِ.
في المجالِ الرَّعويّ العائلي، لا يجدي نفعاً كثرة التَّأكيدُ على الحاجةِ إلى إنجاب أطفالِ؛ إنَّما يلزم أولاً وقبل كلِّ شيءٍ، مساعدةُ الشَّريكين على العودةِ إلى حقيقةِ سرِّ الزواج.
الأساس إذن هو اليقين الثابت بأن كلاهما محبوب لنا وإنَّ إنجابَ الأولادِ ما هو إلا نتيجةٌ لهذا اليقينِ المُتواصلِ، وكذلك الأمر في تأسيسُ عائلةٍ مُنفتحةٍ وإقامةُ شركةٍ في الحبِّ تُصبح قادرةً على استقبال الأصدقاءِ والأقاربِ وحتى الغريبِ الذّي يمرِّ بها، كلُّ هذا نتيجةٌ لليقينِ المُتواصلِ بالحبِّ. فمِن الضَّروريّ إذن توجيهُ الشَّريكين، نحو طريقِ نزعِ جذورِ الأنانيّةِ؛ لأنَّ إنجابَ الأولادِ لن يكون نتيجةَ أو ثَّمرةَ شريكين لا زالا يحييان على مستوى الأنانيّةِ، والحديثُ هنا لا يختلف كثيراً عن وصيةِ الله لهما بأنْ يُخصبا ويُثمرا. فكلَّما عاش الزَّوجان الحبَّ الإيروس كحقيقةٍ يتحوَّلَ هذا الحبٍّ إلى أغابي، ويتضح استعدادُهما الكاملُ للانفتاحِ على الحياةِ ورفضِ الحساباتِ، وبذلك يقبلون أولادهم- إنْ أعطاهما الله إياهم- في إطار قصةٍ مُتجذِّرةٍ في الحبِّ الحقيقيّ. وعلى ضوءِ هذا الحديثِ، يتضح أنَّ خصوبةَ الشَّريكين لن تُحبطها استحالةٌ محتملةٌ في إنجابِ الأولاد؛ فمثلِ هذه المشكلةِ، حتى وإنْ كانت مؤلمةً جداً، ستُقرأ وتُفسَّر في إطارِ النضوجِ النابعِ مِن الحبِّ الأغابي الذّي ينمو فيه الشَّريكان، وينفتحان أكثر فأكثر على الآخرين ويعتنيان بهم.
الجنسُ رمزٌ للموتِ مِن أجلِ الآخرَ
فَقَدَ الإنسانُ بعد الخطيئةِ الأصليّةِ، القدرةَ على الاتصالِ والعَلاقة بالله وبالآخرين وبنفسه وبالكلِّ؛ ومِن ثَمَّ أصبح وحيداً ومُنغلقاً على ذاته. ويمكننا الآن أنْ نضعَ في عبارةٍ واحدةٍ تعريفاً، لا وبل تحديداً كلِّيّاً للإنسانِ، "إنَّه الوجودُ الذّي يبحث عن عَلاقةٍ"، أي الذّي يبحث عن أنْ يكونَ مِن جديدٍ محبوباً، يبحث عمَّا فقده. فما هو يا تُرى البرهانُ الذّي يقنعه بأنَّه محبوب؟ إنَّ البرهانَ يكمن في شخص يُظهر له أنَّه اختاره هو بدلاً مِن ذاته نفسها، وبدلاً مِن الأشخاصِ الآخرين الذّين كان بإمكانه أنْ يختارهم. فبرهانُ العَلاقةِ المُستعادةِ هو اليقينُ بالعَلاقة الذّي يُماثل ويوازي اليقينَ بوجودِ الإنسان ذاته. فيمكن للشخصِ أنْ يتأكَّدَ مِن أنَّه فعلاً في عَلاقةٍ، عندما يصل مِن خلالِ هذه العَلاقةِ إلى خبرةٍ راسخةٍ ومتواصلةٍ أي عندما يحصل على ثقةٍ أكيدةٍ تُعادل اليقينَ بوجودِ الفعلِ نفسه.
يصل الشَّخصُ إذن إلى اليقينِ بوجوده ذاته، عبر الثقة الكاملة بأنَّ هناك آخرُ قد اختاره هو، وبأنَّ هذا الآخر متحدٌ به؛ فبالتَّالي هو واثقٌ مِن وجوده، وواثقٌ بأنَّه لن يهلك ولن يضيع في اللامعنى. إنَّ البرهانَ "الأنثروبولوجي"، يعني أنَّ يتمسَّك الشَّخصَ بالآخر أكثر مِن تمسّكه بنفسه، وأنَّه ينشغل بالآخر أكثر مِن انشغاله بنفسه، وأنَّه يختار الآخرَ بدلاً مِن نفسه؛ وأنه يبقى ثابتاً في هذا الاختيارِ في كلِّ ظروفِ الحياةِ المُحتملةِ، حتى أمام الموتِ؛ فإنَّ البرهانَ الأخيرَ الحاسمَ والقاطعَ هو الموتُ مِن أجلِ الآخر، بُعدُ التَّضحيّةِ مِن أجلِ الآخر، الذي نجده في قلبِ كلِّ الأديانِ، وهو موجودٌ بالأخصّ في المسيحيّةِ.
إنَّ البرهانَ الوحيدَ الذّي يُقنع شَّخصَ بأنَّه حقاً في عَلاقةٍ، هو إدراكه بأنَّه عوضاً عن انشغاله بذاته، ينشغل بآخرُ. فالعَلاقة تتحقَّق بفضلِ الثِّقةِ والولاء؛ فمثلاً إذا ائتمن أحدهما الآخر على بعضِ الأمورِ الشَّخصيّةِ، فما الضمانُ بأنَّ تلك الأمورَ ستظل سراً بينهما؟ فإنْ لم تكن الثِّقةُ المُتبادلةُ هي الضمانَ، فما هو الضمانُ يا تُرى؟! وبقدرِ ما يكون الحبُّ كبيراً، بقدرِ ما يَعظم اليقينُ بالثِّقةِ المُتبادلةِ بينهما. لذلك حتى الله نفسه، يتصرَّف بحسبِ منطقِ العَلاقةِ، فلا يُجبرنا أنْ نحبه وأنْ نُسلِّمَ له أنفسنا؛ ولكنَّه مِن خلالِ ذبيحةِ ابنه يُوحي لنا بحقيقةَ عَلاقته ومصداقيّةَ إخلاصه وعلينا الاختيار؛ ولذلك فالرجاءُ بالله ليس أبداً خداعاً وتضليلاً، فالرجاءُ به لا يخيب أبداً. وتُعتبر المسيرةُ التي يتطلَّبها الحبُّ الزَّوجيّ مسيرةً أصيلةً، ولأجلِ ذلك يمكنها أنْ تُصبح سراً.
وقد يعترض البعضُ: ولكن إذا مات الرَّجلُ ليُبيِّن للمرأةِ أنَّه يحبها ويختارها هي، فسوف ينتهي كلُّ شيءٍ! وللردِ على مثلِ هذا الكلامِ، نقرأ (تك 3/ 7)، حيث يدور الحديثُ عن ورقةِ التِّينِ، فنجد أنَّ الإنسان يكتشف أنَّ أعضاءه الجنسيّةَ خُلقتْ مِن أجل الاتحادِ، فيقوم بتخبئتها؛ وعندما يقوم بهذا الفعلِ، فهو يُقدِّم صورةً رمزيّةً للموتِ مِن أجلِ الآخر. فهو يعترف بأنَّ أعضاءه الجنسيّةَ هي منطقةٌ للمودة والألفة، وينبغي أنْ تُكشفَ فقط أمام هذا المخلوق الوحيد الضروريّ مِن أجلِ بلوغ اليقينِ بالعَلاقةِ. ويعني هذا كلُّه أنَّ الإنسانَ قد اكتشف في الجنسِ تلك الحقيقةَ الرَّمزيّةَ للبرهانِ الأعظمِ للعَلاقةِ المُستعادةِ، مِن حيث إنَّه يكشف لشخصٍ واحدٍ فقط حياته الجنسيَّةَ الخاصةَ؛ وبهذا يُصبح الجنسُ التَّعبيرَ عن الإخلاصِ والثِّقةِ الكاملةِ بالآخر. إنَّ البرهانَ الوحيدَ للعَلاقةِ الرَّاسخةِ هو الثَّقةِ التّي تُخلق مِن خلالِ هذه المودةِ والآلفةِ؛ فإنْ نقصت هذا الثِّقةُ، ستبدأ الغيرةُ وعدمُ الإحساس بالأمانِ في القضاء على كلّ شيءٍ. وإنْ لم يملك شخصٌ ما اليقينَ بأنَّه محبوبٌ، فلن يقدر على أنْ يُحبَّ أحداً؛ وبالطبع لا يجب فهمُ هذه العبارةِ الأخيرةِ بشكلٍ مُطلقٍ وحسابيّ.
يتحدث كثيرون اليومَ عن أزمةِ القيمِ، وعن الانعزاليّةِ والرُّوحِ الفرديّةِ، وعن نقصِ التَّضامنِ؛ ولدينا غالباً نوعٌ مِن التَّخوفِ في أنْ نقولَ أنَّ هذا يرجع، على الأرجحِ، إلى انتهاكِ حقيقةٍ الحبِّ الزَّوجيّ. ويحضرني هنا اجتماعٌ لأولياءِ الأمورِ، كان عددُ الحاضرين فيه يزيد على مائتيّ شخص، وقد طرحتُ عليهم السُّؤالَ التَّالي: مَن منكم واثقٌ ومتيقن بأنَّه فعلاً محبوبٌ؟ فأجابني بنعم شخصان أو ثلاثةٌ فقط مِن كلِّ الحاضرين! وهذا يعني ببساطةٍ، أنَّ المجتمعَ الذّي نعيش فيه يبعث على الفرديّةِ والبحثِ عن ضماناتٍ وعن الاستقلالِ الذَّاتيّ ، لأنَّه يفتقد هذا اليقينُ الجوهريّ، يقينُ بالعَلاقة. وفي هذا السِّياقِ يمكننا أنْ نفهمَ إصرارَ البابا يوحنا بولس الثاني في أحاديثه - وله كلُّ الحقِّ في ذلك- على موضوعِ التَّضامنِ الاجتماعيّ. فإنَّ يقينَ الإنسانِ المُتواصلِ بأنَّه محبوبٌ ومُختارٌ هو قاعدة وأساسٌ للتَّعايشِ الإنسانيّ؛ وانطلاقاً مِن هذا، يُصبح الإنسانُ ذاته قادراً على أنْ يُحبَّ.
المسيحُ ذاتُه رفعَ الحبَّ الزَّوجيّ إلى مرتبةِ السِّرِّ
لقد رفع المسيحُ هذا الحبَّ الزَّوجيّ ليكونَ سراً. والسِّرُّ كما نعرفه هو علامةٌ حسيّة أسّسها السيد المسيح تشير إلى النعمةِ وتمنحها. يدور الحديثُ في هذا المجال عن مُشاركةٍ شخصيّةِ للزوجين في المسيح، وهو سرُّ أساسيّ وأوليّ يعني التَّواصلُ الفعَّالُ لنعمةِ الله. فإنْ كان سرُّ الزواج يتمُّ ويتحقَّق في الفعلِ الزَّوجيّ، فهذا يعني أنَّه سرُّ، وأن مادته السِّريّةِ توجد هناك حيث يوجد الزَّوجان. إنَّ سرَّ الزواجِ هو السرُّ الوحيدُ الذّي لا تُصاحبه مادةٌ، فلا يلتصق به ماءٌ ولا خبزٌ ولا خمرٌ ولا زيتٌ، كما يحدث في الأسرارِ الأخرى؛ فمادة هذا السِّرِّ هي فقط الحبُّ بين الشَّخصين؛ فالزوجان والكنيسةِ المُمثّلةِ في الكاهنِ والشُّهودِ أي جماعة المؤمنين، يؤكّدون "أنَّ الحبَّ بين الشريكين هو حبٌّ مُعترفٌ به مِن قِبْل الله وعلى مثاله، هو مادةُ السِّرِّ". فلا وجود لهذا السرُّ إنْ غاب الحب؛ فما يوجد هذا الحبَّ المُتبادلَ لدى كلا الشّخصين، أو خدع أحدهما الآخر، فإنَّ هذا الزواجَ يصير باطلاً. ولذلك تُصبح الشَّهادةُ لهذا الحبِّ قَبل الزواج أمرٌ هامٌ للغايةِ؛ فالناسُ يجب أنْ تُلاحظَ أنَّ هذين الشَّخصين هما في مرحلةِ انتقالٍ وتغييرٍ، وأنَّهما أصبحا وسيصبحان باستمرارٍ قادرين على الحبِّ، لأنَّ الحبَّ قد زار قلبهما، كما يقول إفدوكيموف[31]؛ فإنْ لم تكن الأمورُ تسير هكذا، فهي إذن مجردُ مراسيمٍ خارجيّةٍ وكاميراتِ تصويرٍ.
إنَّ الاحتفالَ بسرِّ الزواج، هو بالأحرى، لحظةٌ في غايةِ الأهميّةِ بالنسبةِ لكلِّ الجماعةِ الكنسيّةِ، لأنَّ الاستبصارٌ والوعي بالحبِّ مُؤسسٌ فقط على الثِّقةِ في العَلاقةِ، ويمكن التَّحقَّقُ منه وإثباتُ صحته فقط مِن خلالِ العَلاقاتِ، وبالتَّالي مِن خلالِ الجماعةِ. فينبغي أنْ يُعترفَ بهذا الحبِّ كحبٍّ له نفسُ خصائصِ حبِّ الله، فهو حبٍّ أكثرُ مِن الحبِّ الإيروس، بمعنى أنَّه ليس مُوجَّه فقط إلى شخصٍ واحد، الشَّخصِ المحبوبِ، إنَّما يجب أنْ يتحوَّل باستمرارٍ إلى حبِّ أغابي مع الآخرين أيضاً؛ وبالتَّالي فهو حبٍّ يدخل في عَلاقاتِ مع الآخرين ومع العالمِ، وهو بمثابةِ حريةٍ منـزه عن المصلحةِ الشَّخصيّةِ، في سخاءٍ وإخلاصٍ، ورسوخٍ. وإنْ كان حبُّ الله هو حبٌّ مُطلقٌ، بمعنى أنَّه عطاءٌ كاملٌ لذاته، فلذلك ينبغي على الزَّوجين وعلى الكنيسةِ أيضاً أي جماعةِ المؤمنينِ التحقُّقَ، قبل الزواج، ومِن خلالِ العَلاقاتِ، مِن مدى كون حبُّهما له نفسُ خصائصِ الحبّ الإلهي؟ ففي فترةِ الخطوبةِ، عندما كان كلاهما يرى الآخر في شموله، يختبر الشَّريكان أنَّ الحبَّ كان يقنعهما بمعنى التَّضحيّةِ بأنفسهما؛ فقوةُ الحبِّ تُعرف حقاً، مِن خلالِ الاختبار الحياتي الذي يؤدي بالشخص إلى التخلّي عن مبدأِ إثباتِ الذَّات الأنانيِّ في سبيل إسعاد الآخر.
وبهذا المعني، تقدّر الكنيسةُ مُنذ نشأتها الدَّورَ الكبيرَ الذي يحتله الجنسُ، بحيث يستطيع الشَّخصَ أنَّ يتركَ الانجراف وراءِ الإشباعِ الجنسيّ، مِن أجل ثقته الكاملةِ في العَلاقةِ. فإنْ كان هناك حبٌّ بين شخصين، ولم يبلغ هذا الحبُّ إلى قدرته في تقديرِ الآخر والذَّاتِ معاً بشكل شامل، وكذلك تقديرهما أيضاً في كلِّ العَلاقاتِ الأخرى، فالفعلُ الجنسيّ هنا لم ينضج بَعدُ. عندئذٍ يتلاشى المضمونُ الشَّاملُ للعَلاقةِ والذي يُعاش في الثِّقةُ واليقينُ في العَلاقة، كما لو أخذنا كتلةً مِن جبل الثَّلجِ الذّي تحتها دون النظر إلى الجبلَ الذي يحملها.
وعندما يمتنع الشَّريكان عن إتمامِ الفعلِ الجنسيّ خارج الزواج ويؤجلاه إلى لحظةِ الاعترافِ به من كلِّ الجماعةِ، فهذا يعني أنَّ حبهما هو من حبَّ الله، ذاك الحبَّ الذي يُعطي الكمالَ للجنسِ. وبذلك يقبل الجنسُ مبدأَ الحبِّ الفعَّالِ، فيتمَّ الانتقالُ بفضلِ ذلك مِن جنسٍ قائمٍ على الهوى ومقتصر على الجسدِ، إلى جنسٍ بين جسدين يُعبِّران، مِن خلالِ انتظارهما للاتحاد معاً، عن القيمةِ الفريدةِ التي يراها الواحدُ في الآخر. والكنيسةُ في ذلك كلِّه تعمل على المحافظةِ على معنى الفعلِ الجنسيّ عندما تصون الحبِّ. فعندما يتمُّ اختبارُ الحبِّ في أوضاعِ كثيرةٍ في الحياةِ اليوميّةِ، والتَّحقَّقُ منه أيضاً مِن خلالِ الآخرين وبواسطةِ العَلاقة في الجماعة، وعندما يُعترف بقيمةِ التَّضحيّةِ في سبيلِ الحبِّ تفضيلِ الآخر عِن الذَّاتِ -على الأقلِ بدرجةٍ مُعيّنةٍ- فسيتحد الشَّخصان معاً جنسيّاً ويتذوقان ثمرةَ ذلك الحبِّ القادرِ على الاتحاد. بعد ذلك مهما يحدث، فإنَّ الشَّخصين يكونا قد توحدا معاً حقاً ويمكنهما الآن إتمامَ الفعلِ الزَّوجيّ على ضوء القيامةِ كيقينٍ بالثِّقةِ المُستعادةِ من خلال العَلاقةِ.
إنَّ الفعلَ الزَّوجيّ نفسه سينقل الزوجين إلى اختبارِ حبَّ الله، الذي في شخصهما يحبُّ الإنسانيّةَ كلها. لقد جعلتْ الخطيئةُ الأصليّةُ من الجنسَ وسيلةٍ مطبوعةٍ بالأنانيّةِ، ولذلك فإنَّ القدرةَ على التخلّي عن الانجراف وراءِ الأهواءِ هو أحدٌ البراهينِ الأكثرِ قوةٍ للشخصِ المحبوبِ، الذي يدرك بدوره أنَّ الآخرَ يحبه بشكلٍ كاملٍ وأنَّه مُستعدٌ مِن أجله للتَّخلّي عن أي شيء؛ إنَّ هذا البرهانَ هو برهانُ الأمانةِ أو الإخلاصِ، التي هي الخاصيّةُ الأساسيّةُ المُميزة لحبِّ الله.
ينبغي أنْ تكون الأمانةُ الزَّوجيّةُ حقيقةً فريدةً وثمينةً بوفاءِ الشَّريكين لبعضهما؛ إذ يربط القديسُ بولس بين أمانةِ الزَّوجين نحو بعضهما وأمانةُ المسيحِ نحو كنيسته، فيقول إنَّه "سرٌّ عظيمٌ"؛ فالحديثُ هنا يدور حول سرٌّ حقيقيّ: حيث يتشابه حبُّ الرَّجلِ والمرأةِ مع حبِّ المسيحِ لكنيسته[32]. فكما وُلدتْ حواء مِن ضلعِ آدم، هكذا وُلدتْ الكنيسةِ مِن جنبِ المسيحِ المفتوحِ.
المعنى الرَّوحيّ يتحاشى المثاليّةَ في الجنسِ
رأينا أنَّ المعنى الرَّوحيّ يصل إلى الكشفَ عن الحقيقةِ النهائيّةِ للجنسِ، التي هي الحقيقةِ الأسراريّةِ. ومِن المؤكدِ الآن أنَّه بدون الفهمِ الرَّوحيّ لهذه الحقيقةِ، فإن التَّفكيرُ التأملي حول الموضوعِ يمكن أنْ يخدعنا ويضللنا، وقد يقودنا إلى مثاليّةِ مغلوطةِ تقودنا بدورها إلى نوعٍ مِن عبادةِ الأصنامِ، تأليهٍ للجنسِ؛ وبالتَّالي يمكنها أمام عدمِ التَّوافقِ المُستمرِ مع الواقعِ المعاشِ أنْ تنتهي بنا، إلى خيبةِ أملٍ مريرةٍ.
فالمثاليّةٌ، عندما تصطدم مع الحياةِ، تُنشئ ردةَ فعلٍ عكسيّة؛ فبدلاً مِن المثاليّةِ المزعومةِ، تَنشأ رؤيّةٌ طبيعيّةٍ أي رؤيةٌ ماديّةٌ للجنسِ، ومِن ثَمَّ يحمل عدمُ التوافق بين الواقعِ الفعليّ المُعاشِ الناتج من المثاليّةِ، إلى اتهام الأشخاصِ والشَّكوى منهم؛ فيبدأ الشَّريكان في إلقاءِ اللوم على الظروفِ والأحوالِ، أو يعتقدَ أحدهما تحت الإحساس بالذَّنبِ، بعدمِ قدرته على أنْ يحيا الجنسَ بشكلٍ سليمٍ.
عندما ننظر إلى المراحلِ التَّاريخيّةِ المُختلفةِ والثَّقافاتِ المُتنَّوعةِ، يتضح لنا وكأنَّ بعضَ الثَّقافاتِ، كانتْ تُؤلّه الجنسَ، واضعةً إياه في صبغاتٍ تصوفيّةٍ؛ في حين أنَّ المجتمعَ وقتها لم يكن قادراً بَعدُ على أنْ يحيا هذه الصبغاتِ التَّصوفيّةِ بشكلٍ مُتزنٍ. حدث نفسُ الأمرِ أيضاً في البيئاتِ الثَّقافيّةِ التي تمَّ فيها تأسيسُ "مثاليّةٍ أخلاقيّةٍ/ فلسفيّةٍ" كبيرةٍ مُتعلِّقةٍ بالجنسِ، فبالمثلِ لم تكن الناسُ حينئذٍ قادرة أنْ تحيا مثلَ هذه المثاليّاتِ؛ فكانوا مِن ثَمَّ يصطدمون بالواقعِ المُعاشِ المُختلفِ تماماً عن المثاليّةِ؛ وقد انتهى بهم الحالُ لأنْ يبتكروا لأنفسهم مجالات أخرى للهروبِ والتَّنفيسِ.
وعلى عكس ذلك، نجد أنَّ الثَّقافةَ العبرانيّةَ، قد اعتبرتْ دائماً الجنسَ جزءً طبيعيّاً مألوفاً مِن الحياة؛ فكلُّ ما هو إنسانيّ أصيلٌ يتداخل ويرتبط بانسجام مع الواقعِ اليوميّ المُعاشِ. ولقد كشف المسيحُ عن المعنى الحقيقيّ الرُّوحيّ والخلاصيّ للجنس، رافعاً إياه إلى المستوى الأسراريّ. فليس "السرّ" نوع مِن عبادةِ الأصنامِ، "أي تأليهٍ لأمرٍ ما"، ولا هو أيضاً نوعٌ مِن "المثاليّةِ"، إنَّما هو "تحويلٌ وتجديدٌ"؛ بل وأكثر مِن هذا، فالجنس هو تحوُّلٌ للخليقةِ في المسيحِ بواسطةِ طاقاتِ الرُّوحِ القدسِ كتحوُّلِ الخبزِ والخمرِ؛ إنَّه وصولٌ نعمةِ الله إلى الإنسانِ بشكلٍ مُدركٍ وملموسٍ، ولكنَّه ليس نوعاً مِن السَّحر ولا يتعارض مع عمليةِ الخلقِ، بل بالأحرى هو كمالها المُتناغمُ. وعندما نقول "كمالها المُتناغمُ" لا يعني ذلك "رومانسيّةً" مغلوطةً؛ ولكنه يفترض مُسبقاً مسيرةَ الفصحِ، أي مسيرةَ الحبِّ الذي يخلص بفضلِ التَّضحيّةِ بالذِّاتِ.
إنَّ الحبَّ الزَّوجيّ هو مسيرةٌ تمرُّ بكثير من الصُّعوباتِ والاضطراباتِ، تمر بفترات من عدمِ التَّفاهمِ والصَّمتِ بل قد تصل إلى الإهاناتِ؛ ولكنَّ الحبَّ، يُقنع الشَّخصَ بأنَّه عندما يموت بسبب الإصرار على استمرار الشَّركةِ فلن ينتهي في الظِّلامِ وإنَّما يعبر دائماً إلى النورِ. وعندما يحيا الزَّوجان هذه الشَّركةِ الشَّخصيّةِ في حياتهما اليوميّةِ، صداقةٌ روحيّةٌ، يجعل البُعدَ الجنسيّ بمعناه الضِّيقِ يحتل مكانةً دائماً أقلَ في العَلاقةِ بين الزَّوجين.
خطواتُ نضوجِ الحبِّ نحو الرُّؤيةِ الأسراريّةِ
للانتقالِ مِن الحبِّ العاطفيّ العشقِ إلى الحبِّ الزَّوجيّ، هناك بعضُ المراحل الخاصّةِ بمثلِ هذه المسيرةِ، تحتاج إلى التَّقديرِ والأخذِ بعينِ الاعتبار. ومع ذلك، ينبغي أنْ يستدعي انتباهنا أيضاً ما يجب فعله، وما يلزم وضعه في الاعتبارِ دون أن نتجاهل ما لا يجب فعله.
· المُحاورُ الرُّوحيّ "المُرشدُ الرُّوحيّ"
تعاني العائلةُ اليومَ من صعوباتٍ مَلحوظةٍ؛ فالشبابُ المُقبلون على الزواج غالباً ما لا يجدون في عائلاتهم صداقةً روحيّةً توجههم وتقودهم لمواجهة متطلبات الحياة الجديدة، فمن ثَمَّ يبحثون لهم عن مُحاورٍ روحيّ في مكانٍ آخر. وغالباً ما يكون هذا المُحاورُ الرُّوحيّ إمَّا زوجين قد تزوجا مُنذ بضع سنواتٍ، وإمَّا كاهناً أو مُكرَّساً ناضجاً روحيّاً. ويعتبر مِن الحكمةِ أنْ يختارَ الشَّريكان في مرحلةِ العشقِ، فترةِ ما قبل الزواج، محاوراً من النوعيّةِ الجيدة، لأنَّنا نعيش اليومَ في عالمٍ متعارض في ثقافتهٍ مع الكثير من قيمِ الحبِّ الذي يجب أن يقوم بين الرَّجلِ والمرأةِ؛ بل لا نبالغ إذ نقول أن الثقافة المُعاصرة تمثل كثير من العقباتٍ والصعوباتٍ للحبُّ الزَّوجيّ والعائلةُ. ولذلك فقَبل اختيارِ المُحاورِ الرُّوحيّ، ينبغي التَّحقُّقُ أولاً مِن أنَّه ناضجٌ حقاً عاطفياً، ولديه صفاتُ وملامحُ الأُبوةِ/ الأُمومةِ الرُّوحيّةِ، وله قلبٌ صاف خالٍ مِن أيِّ مصالحٍ شخصيّةٍ مُتعلِّقةٍ بأحدِ الشريكين، وهدفه الأوحد أن يساعد الشخصين في تحقيقِ إرادةِ الله في حياتهما، كي يصلا إلى الحبِّ والحريّةِ.
وطالما أنَّ الخطيبين لم يتزوجا بَعدُ، فمِن المهمِ أنْ يفهما ويُقدِّرا أنَّ الأبَ الرُّوحيّ يبغي خيرهما هما الاثنين؛ ومِن المهمِ أيضاً، وعلى قدرِ المُستطاعِ، ألا يُشعرهما الأبُ الرُّوحيّ ذاته بأنَّه راضٍ عن زواجهما، أو أنَّه على العكس رافضٌ له. فغالباً ما تنشأ عواقبِ وخيمةِ عندما يتدخَّل الأبُ الرُّوحيّ في شئونِ الشَّريكين ويوجههما بدلاً مِن أن يرافقهما في مسيرةِ اكتشاف. وينبغي أنْ يكونَ هذا الشَّخصُ ذو خبرةٍ كافيّةٍ، ولديه معرفةٌ جيدةٌ بالعالمِ والواقعِ، ويعرف أيضاً ثقافةَ الشَّبابِ، وعلي وعي جيد بمراحلِ النموِ الرُّوحيّ؛ ومِن الضروري أيضاً ألا يكونَ فضوليّاً أو مُتَطفلاً أو محباً للتَّحريّ والتَّنقيبِ، وألا يتدخِّل بالذَّات في المجالِ الأخلاقيّ المُتعلِّقِ بالألفةِ والمودةِ الجسديّةِ بين الشريكين. ومِن الأفضلِ أنْ يجدَ الشَّريكان شخصاً يمكنهما أنْ يُخبراه بكلِّ شيءٍ بشفافيّةٍ كاملةٍ، حتى الصُّعوباتِ والشُّكوكِ المُرتبطةِ بالمستوى العاطفيّ؛ ولكن مِن الناحيّةِ الأخرى، مِن المهمِ أنْ يُجيدَ هذا الأبُ الرُّوحيّ استقبالَ كلِّ هذه الأمور وتقديمها لله كصلاةٍ، وأنْ يُحاولَ إيضاحَ وإنارةَ الأمور برؤيةٍ لاهوتيّةٍ وروحيّةٍ، دون أنْ يُقحمَ نفسه فيها.
مِن المهمِ أيضاً إيجادُ الوقت المُلائم لإقامِة حوار رُّوحيّ بين الثَّلاثةِ، الشَّريكين والأبُ الرُّوحيّ، ومِن المهمِ تدريبُ الشَّريكين على خصوصية السرِّ المصونِ للضميرِ الشَّخصيّ. ومِن المفيدِ أيضاً ألا يطلب أيٌّ مِن الخطيبين مِن الآخر أنْ يروي كلَّ شيءٍ أمام الأبِ الرُّوحيّ، وإنَّما عليهما التَّحدُّثَ بشكلٍ شخصيّ معه. وينبغي على الأبِ الرُّوحيّ بدوره، أنْ يكونَ مُنتبهاً لكلِّ ما يسمعه مِن كلٍّ منهما، وأنْ يتوخى الحذرَ في استعمالِ ما يسمعه، فأحياناً يجب عليه أنْ يلتزمَ الصَّمتَ تماماً؛ فواجبه الأساسيّ هو أنْ يُقود الشَّخصين باستمرارٍ نحو رؤيةٍ شاملةٍ، وعَلاقة منطقِية واستبصارِ واستنارةِ فصحيّةِ؛ فهو يقوم بشكلٍ مُتواصلٍ بمساعدةِ الشَّريكين على الانفتاحِ نحو الاستبصارِ الحقيقيّ مِن خلالِ فكره الرُّوحي، حتى يتجنبوا البطولاتَ الزائفة والتَّضحيّاتِ الوهمية والأحلامَ الرومانسيّةَ ويتفادوا الانهيارات العصبيّةَ...إلخ
وعليه أنْ يُذكِّرهما أحياناً بأنْ يأخذا أحد الأبعاد بعينِ الاعتبارِ في وقتٍ مُعيَّنٍ، وفي وقتٍ آخرَ يقدّم لهما بُعداً آخرَ، ثُمَّ يعود لربطه مِن جديدٍ بالبُعدِ الأولِ، حتى تكونَ هناك استمراريّةٌ. ولا يجب أنْ تُفهمَ هذه وكأنَّها مراحلٌ زمنيّةٌ إنَّما كأبعادٍ للحبِّ؛ حيث ينتبه الشَّريكان لبُعدٍ معين في فترةٍ محددة، ثُمَّ مِن خلالِ الصِّلةِ الباطنيّةِ، يكتشفان بُعداً آخرَ...
 
قديم 20 - 09 - 2014, 05:02 PM   رقم المشاركة : ( 6260 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,046

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

روحانيّة الحب الزوجيّ


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ترجمة
الإكليريكي/ أشرف ناجح إبراهيم
إهداءٌ
إلى كليةِ العلومِ الإنسانيّةِ واللاهوتيّةِ بالمعادي،
مَن هي قلبُ طائفةِ الأقباطِ الكاثوليكِ.
إلى "مركزِ القديسِ يوسفَ"، "مركزِ إعدادِ المُقبلين على الزواج"، مَن يساعدُ الشَّبابَ ويُعدُّهم إلى زواجٍ ناجحٍ يُمجِّدُ الله ويخدمُ الكنيسةَ.
إلى الأختِ بينا دي أنجليس مديرةٍ الدراسات بمعهدِ السكاكيني بغمرة، مَن علمتني الدِّروسَ الأولى في اللغةِ الإيطاليّةِ.
إلى أبي وأمي العزيزين، مَن عاشا ولا يزالا يعيشان بعمق وبساطة ما يحتوي عليه هذا الكتابُ.
إلى كلِّ هؤلاء أُهدي هذه التَّرجمةِ.
مُقدِّمةُ الناشر
اعتادنا في إصدارات سلسلة "ثقافة الشباب الكاثوليكي" أن نقدّم ما هو جديد في مجال الفكر والإبداع، وها نحن اليوم نقدم إسهاماً جديداً يغطي مساحة هامة من اهتمام الكنيسة في المجال الرعوي والدولة في مجال الأسرة والكثير من الشباب لا سيما المقبلون منهم على بناء عش الزوجية والدخول إلى عالم الزواج والأسرة. ذلك العالم الحافل بكل ما هو مشوق وجميل، ذلك العالم الجديد الذي ينضو كل شخص على أبوابه ثياب الأنانية والنرجسية والانفرادية ليرتدي عقلية جديدة تحتاج إلى كثير من المعرفة والحكمة والفهم.
قد يبدو هذا العالم المجهول مشوقاً، مثيراً لحب الاستطلاع عند البعض، مخيفاً ومرعباً لآخرين مرغوباً ومحبوباً وردياً ومفروشاً بالأحلام السعيدة والإشباع الكامل والتحقيق المطلق لكل أحلام الشباب عند البعض، بينما هو قفص من ذهب أو سجن اختياري مكبّل للحرية ومثقل بالمسئوليات الجسام للبعض الآخر. لكن في كل حال ومنذ فجر الإنسانية ووجود الإنسان على الأرض ظلت الأسرة وإلى يومنا هذا ذلك الحصن المنيع الذي يزود البشرية بكل أبناءها من علماء وفلاسفة وعباقرة ومفكرين وقادة وجنود و...إلخ ولا نستطيع تصور حياة الإنسان بدون الأسرة. فهي الخلية الأولى للمجتمع ولا غنى عنها لتكوين المجتمع السليم... ولقد واجهت هذه الخلية وتواجه الكثير من المشاكل والتحديات ولكنها انتصرت عليها جميعاً. ولقد كان للكنيسة منذ نشأتها على الأرض اهتماماً خاصاً بالأسرة فلقد اختار السيد المسيح مؤسس الكنيسة أن يولد في أسرة فقيرة بسيطة لكنها مترابطة، قليلة الإمكانات لكنها مكتفية في كل شيء. وعاش في بلدة صغيرة وسط عائلة وأسرة، وكانت أول معجزاته لإسعاد الأسرة في عرس قانا الجليل، وعندما أراد أن يقدّم تشريعاً جديداً صحّح مفهوم اليهود عن الأسرة والطلاق والزواج. وعندما تحدّث كان واضحاً دقيقاً محدداً دافع عن وحدة الأسرة وشرعيتها واستقرارها... دافع عن المرأة ودافع عن الرجل وحمى حقوق الطفل بالحب والقبول والرعاية. نادى بالمحبة والمساواة وعاش إلى اللحظة الأخيرة محباً محترماً لهذه البنية الدقيقة حتى أنه سلّم أمه على الصليب إلى تلميذه الحبيب يوحنا لتعيش في أسرة.
ظلت الكنيسة في ممارستها وطقوسها وتعليمها أمينة على تلك الوديعة وكانت مساهمات قداسة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني المتعدّدة والمستمرة دائماً في صالح الأسرة بجميع أفرادها ولقد التقط فناننا المبدع وكاتب هذا الكتاب الأب اليسوعي روبنك هذا الخيط الدقيق وطوّره بطريقة تتناسب مع الفكر اللاهوتي الحديث وتقاليدنا الشرقية الأصلية.
مُقدِّمةُ المترجم
يقولون: "إنَّ كل مترجم خائن"؛ وهي مقولةٌ تُستعمل للإشارةُ إلى أنَّه مهما بذل المُترجمُ مِن جهد فلن يصل أبداً إلى صياغة ما يُترجمه في معناه الكاملِ. ولا نخفي ولا يمكننا أنْ نخفي ما وجدناه مِن صعوبةٍ في السَّعيّ إلى تقديم ترجمةٍ أمينةٍ لهذا الكتابِ وفي نفس الوقتِ سهلةٍ وفي متناولِ الجميعِ.
أمَّا بالنسبةِ لموضوعِ الكتابِ وهو "روحانيّةُ الحبِّ الزَّوجيّ"، فإنه بالحقيقةِ موضوعٌ حيويّ ومُعاصر؛ ونحن في أشدِ الحاجةِ إلى إعادة طرحه والتعمق في أبعاده المُتعددةِ والغنيّةِ. فلا يخفي على أحد ما يواجهه "الزَّواجُ" الآن مِن تَحدِّياتٍ وعَقَّباتٍ مِن كلِّ جانبٍ باتتْ تهدد هذه المؤسسة بالانهيار؛ فيكفي أنْ ننظرَ حولنا، حتى يتضح لنا كم نحن في أمسّ الحاجةِ إلى مَن يُحدِّثنا مِن جديدٍ، ويطرح الموضوع بطريقةٍ جديدةٍ، تختلف عن الأفكار والمفاهيم الخاطئةِ التّي تبثها فينا البيئةُ والثَّقافة المُناهضة لقيمة "سرِّ الزَّواجِ المُقدَّسِ".
ولا يخفى على أحد أننا في عصرٍ غاب عن أبناءه أنَّ الله عندما خلق الإنسانَ خلقه ذكراً وأنثى، وأنَّه خلقهما معاً ليكتشفا مِن خلال حبِّهما المُتبادلِ أنَّ «الله محبةٌ» (1يو4: 8)[1]. ويؤسفنا حقاً ما آل إليه حالُ "سرِّ الزَّواج"! فكم أصبح سهلاً ومُتاحاً استبدالُ شريعةِ الزَّوجةِ الواحدةِ الدَّائمةِ- التّي هي شريعة إلهيّة- بشرائع أخرى لا تتفق بل تتعارض مع المبدأ الذي علَّمه السَّيدُ المسيح: «لذلك يترك الرَّجلُ أباه وأُمه ويلزم امرأته ويصير الاثنان جسداً واحداً. فلا يكونان اثنين بعد ذلك، بل جسدٌ واحد. فما جمعه الله فلا يُفرَّقَّنه الإنسان» (مت 19/ 5- 6).
كما أصبحتْ حقيقةُ الحبِّ مجردَ كلمةٍ يفسدها سوء الاستعمال.
كم مِن شبابٍ هجروا "فكرةَ الزَّاوجِ"- على حدِّ تعبيرهم- وفضّلوا الاستمتاعَ الزَّائفَ مرة ومرات بلقاءاتٍ جنسيّةٍ عابرةٍ؟!
كم مِن بيوتٍ أوشكتْ أنْ تُهدم بسببِ عدمِ اتفاقِ الزَّوجِ والزَّوجةِ معاً أو بسبب الخياناتِ الزَّوجيّةِ المُحزنةِ؟!
تُرى ما ذنبُ أولادنا في ذلك؟!! إنَّ هذا الكتابَ الصَّغيرَ هو بمثابةِ تَذْكرِة بما الحبُّ الزَّوجيّ وكيف يُعاش اليومَ، برغمِ الصُّعوباتِ؟ وإنَّه لتَذْكرة أيضاً بقُدسيّةِ سرِّ الزَّواجِ ومعناه الأسراريّ.
هذا الكتابِ من تأليف كاتبين هما: السلوفينيّ ماركو إيفان روبنيك، والرُّوسيّ سرجي سرجفيك أفيرنشق، حيث يحتوى الكتاب في طبعته الإيطاليّةِ على جزئين، قام كلٌّ منهما بتأليفِ جزء منه؛ وقد قمنا بترجمةِ الجزءِ الأولِ فقط، لأنه يتناسب أكثر مع ثقافتنا الشَّرقيّةِ، كما يميل إلى الجانب العمليّ التطبيقي. وفي هذا الجزءِ يقوم المؤلفُ "روبنيك" باستعراض بعضِ أحاديثِ البابا يوحنا بولس الثَّاني[2] كمُقدمةٍ لتأمله؛ وقد يجد، القارئ، صعوبةً في متابعتها، ولكن ندعوك لأنْ تستكملَ قراءةَ الكتابِ لأنَّ أسلوبه بسيطٌ وشيقٌ.
مع شعورنا التَّامِ بالعرفانِ بالجميلِ، نتقدَّم بالشُّكرِ إلى كلِّ مَن ساعد في إتمامِ هذا العملِ وإخراجه إلى النورِ؛ ونخصُّ بالذِّكرِ مركز "آليَّتي" Aletti المتخصِّص في الدِّراساتِ الثَّقافيّةِ- الإيمانيّةِ حول التَّقليدِ الشَّرقيّ والغربيّ، الذّي دعمَّ هذا العمل ماديّاً؛ كما نشكر أيضاً كليةَ العلومِ الإنسانيّةِ واللاّهوتيّةِ بالمعادي ومديرها الأب/ بولس جرس، التّي تقوم بطبعِ هذا الكتابِ ونشره؛ ونشكر أيضاً الآباء الذين قاموا بمراجعةِ التَّرجمةِ لغوياً؛ وأخيراً نشكر القرّاء، الذين اختاروا هذا الكتاب للقراءة.
مُقدِّمةُ المُؤلفِ
نُورد كمقدمة لكتابنا فقراتٍ مُختارةً ومُختصرةً مِن تعليمِ البابا يوحنا بولس الثاني، يتحدَّث فيها عن الحبِّ الإنسانيّ، كما ورد في التَّعليمِ المسيحيّ الذي كان يقدمه قداسته يومِ الأربعاء من كل أسبوع[3]. وهو يظهر أقصى عمقٌ لاهوتيّ وأنثروبولوجيّ إنسانيّ[4] ورعويّ، على ضوءه نضع أساسَ تأملنا. ولقد أُخذتْ هذه النصوصِ مِن كتاب "رجلٌ وامرأةٌ خلقهما" الذّي أصدرته دارُ النشرِ Città Nuova/ Libreria Editrice Vaticana، في عام 1992بروما، في طبعته الثَّالثةِ؛ وقد وردت هذه النصوصُ بالتَّحديدِ تحت عنوانِ: "تعليمٌ كنسيّ عن الحبِّ الزَّوجيّ". وسنقوم الآن بعرضٍ بعضِ هذه النصوصِ مع أرقامِ الصَّفحاتِ التّي وردت بها.
«كمالُ الحياةِ المسيحيّةِ يُقاس بمقياسِ المحبّةِ». (ص. 309)
المضمون
معنى الأُنوثةِ والذُّكورةِ في الخلقِ
«يصبح الإنسانَ أكثر قرباً إلى صورةَ الله لا في وقتِ وِحدته، إنَّما في لحظةِ الشَّركةِ. فهو، في الواقعِ، "منذ البدءِ" لم يكن مجردَ صورةٍ تعكس فقط وِحدةَ شخصٍ "إلهٍ" يُدبِّر العالمَ؛ إنَّما أيضاً وبشكلٍ أساسيّ، هو صورةٌ لشركةٍ إلهيّةٍ خفيّةٍ بين الأشخاصِ "الأقانيمِ الثَّلاثةِ". وبهذا الشَّكلِ، فإنَّ الرِّوايةَ الثَّانيّةَ لخلقِ الإنسانِ[5]، يمكنها أيضاً أنْ تساعدَ في فهمِ التَّصوّرِ الثَّالوثيّ لتعبيرِ "صورةِ الله"، حتى وإنْ كان هذا الأمرُ يظهر فقط في الرِّوايةِ الأولى[6].
ولهذا الطرح معناه العميق في ما يخص لاهوتَ الجسدِ أي الفكرَ اللاهوتيّ حول الجسدِ؛ فهو يضع الأساس للجانبَ اللاهوتيّ العميقَ عما يُمكن أنْ يُقالَ عن الإنسانِ. وعلى أساسِ "الوِحدةِ" الأصيلةِ والأساسيّةِ لوجود الإنسان فقد زوده الله في سر الخلق بوَحدةِ عميقةِ بين كلِّ ما هو رجولة وأنوثة والذّي يظهر مِن خلالِ إنسانيته وجسده، وعلى ضوءِ التَّحليلِ السَّابقِ "للجسد بصورتيه: ذكر وأنثىِ"، قام قداسة البابا يوحنا بولس الثاني بتحليلٍ للفصلِ الثَّانيّ مِن سفرِ التَّكوين، وقدم تعريفاً مِن خلالِ مستخدم المصطلح "حيوانات"، لذلك فإنَّ تعبيرَ "لحمٌ مِن لحمي" يكتسب بالتَّحديدِ المعنى التَّالي: الجسدُ الذي يُظهر الإنسانَ. إنَّ هذه الصيغةَ البليغةَ تحتوي بداخلها على كلِّ ما يُمثِّل بُنيّةَ الجسدِ العضويّة وقدرته على الحياةِ وأعضائه الجنسيّةَ الخاصةَ...إلخ؛ وهو الأمرُ الذّي لا يمكن أنْ تقوله لنا أبداً العلومُ الإنسانيّةُ. ففي هذا التَّعبيرِ الأول الذّي ينطق به الإنسانُ الرَّجلُ: "لحمٌ مِن لحمي"[7]، هناك إشارةٌ ضمنيّةٌ إلى كلِّ ما يجعل هذا الجسدَ إنسانيّاً بشكلٍ جذريّ، وبالتَّالي فهو يشير إلي كلِّ ما يصف ويحدِّد الإنسانَ كشخصٍ، أيّ ككائنٍ "شبيهٍ" بالله في كلِّ هيئته الجسديّةِ، فهو"صورةُ الله"».(ص59-60)
«ها هو جسدٌ يُعبِّر عن "الشَّخصِ"! ومِن خلالِ عمقِ هذه الوِحدةِ الأصيلةِ، يتجلَّى الإنسانُ في بُعد العطاءِ المُتبادلِ الذّي يجد تعبيره في الجسدِ البشريّ بحقيقته كذَّكر وأنثى- ولذلك فهو تعبيرٌ عن وجوده كشخصٍ. فالجسدُ يُبين ما هي أُنثى "مِن أجلِ" ما هو ذكر، والعكس صحيح ما هو ذكر "مِن أجلِ" ما هو أُنثى، كما أن التَّبادلَ والشَّركةَ بين الأشخاصِ يتمُّ التَّعبيرُ عنهما مِن خلالِ الجسد، الذّي هو بدوره خاصيّةٌ أساسيّةٌ للوجودِ الشَّخصيّ، فالجسدُ هو شاهدٌ للخلقِ كعطيّةٌ أساسيّةٌ، وبالتَّالي هو شاهدٌ أيضاً للحبِّ بأنَّه نبعٌ يُولد منه هذا العطاءُ ذاته.
الرجولة والأُنوثةَ هما إذن علامةُ أصيلةُ لعطاءٍ خلاقٍ ولوعيٍ عميقٍ وعطاءٍ مُعاشٍ بشكلٍ أصيلٍ مِن قِبَلْ الإنسانِ، ذكراً كان أم أُنثى،. وهذا هو بالتَّحديدِ المعنى الذّي يُدخل الجنسُ في لاهوتِ الجسدِ». (ص.75)
«يظهر الإنسانُ في العالمِ المحسوسِ كأرقى تعبيرٍ عن الهبةِ الإلهيّةِ، لأنَّه يحمل في ذاته البُعدَ الدَّاخليّ للعطاءِ؛ وينقل مِن خلال جسده كينونته الخاصةَ الشَّبيهةَ بالله إلى العالمِ وبفضل هذه الكينونة أيضاً يسمو ويتحكَّم في وجوده في العالمِ "المرئيّ" بل وفي هيئته الجسديّة أيضاً، كرجل أو أنثى. والشَّبهِ القائمِ بين الإنسانِ والله في الوعي الأوليّ للمعني الزَّوجيّ للجسدِ يحكي سرِّ البراءةِ الأصليّةِ. وهكذا يتأسسُ السِّرِّ الأساسيّ الأصليّ الذي هو سرِّ الزواج على أساس هذا البُعدِ "التشبُّهِ بالله" كعلامةٍ تنقل إلى العالمِ المنظورِ السِّرَّ غير المنظورِ والمُحتجبُ في الله مُنذ الأزلِ. وهذا هو سرُّ الحقيقةِ وسرُّ الحبِّ، أي سرُّ الحياةِ الإلهيّةِ، التّي يشارك فيها الإنسانُ واقعيّاً. إنَّ البراءةَ الأصليّةَ، المُرتبطةَ باختبارِ معنى الجسدِ في نطاقِ الزواج، هي القداسةُ نفسها التّي تسمح للإنسانِ بأنْ يفصحَ عن نفسه بعمقٍ مِن خلالِ جسده الخاصِ؛ ويحدث كلُّ هذا، بالطبع، مِن خلالِ "العطاءِ الصَّادقِ". فإنَّ الوعي بالعطاءِ يشترط، في هذه الحالةِ، "تقدّيسَ الجسدِ": فيشعر الإنسانُ بأنَّ جسده في صورته الذَّكريّةِ أو الأُنثويّةِ هو موضوعٌ للقداسةِ». (ص. 91)
توابعُ الخطيئةِ
« تشهد هذه الكلماتُ: "سمعت صوتك فخفتُ لأنَّي عريانٌ فاختبأتُ" عن تغييرٍ جذريّ في العَلاقةِ. فهنا يفقد الإنسانُ، بشكلٍ ما، اليقينَ الأصليّ لـ"صورةِ الله"، والمُعبَّرِ عنها في جسده "..." "فخفتُ لأنَّي عريانٌ فاختبأتُ" هي كلماتٌ تؤكِّد سقوطَ هذا القَبولِ الأصيلِ للجسدِ كعلامةٍ للشخصِ في العالمِ المحسوسِ؛ ويظهر مِن خلالها أيضاً تزعزعٌ في قَبولِ العالمِ الماديّ في عَلاقته بالإنسانِ». (ص. 127)
« إنَّ الشَّهوةَ بصفةٍ عامةٍ- وشهوةَ الجسدِ بصفةٍ خاصةٍ- تُصيب هذه "العطيةَ المُخلِصةَ": وتحرم الإنسانَ مِن كرامةِ العطيّةِ المُعبَّرِ عنها بواسطةِ جسدِه، مِن خلالِ الرجل والأنثى؛ فالشَّهوةُ تجعل الإنسانَ "يفقد كرامته الشَّخصيّةَ"، صانعةً منه موضوعاً "مِن أجلِ التلذّذ بالآخرَ"». (ص. 143)
« وهكذا يتشوّه ذاك العطاء المُتبادلُ "مِن أجلِ" إذّ يفقد طابعَ حياةِ الشَّركةِ بين الأشخاصِ بسببِ الاستعمالِ المنفعيّ». (ص. 180)
دعوةٌ إلى الخلاصِ
« يجب أنْ يشعرَ الإنسانُ بأنَّه مدعوٌ لأنْ يُعيدَ اكتشافَ، أو بالأحرى، لأنْ يحققَ المعنى الزَّوجيّ للجسدِ، ولأنْ يُعبِّرَ بهذه الطَّريقةِ عن الحريّةِ الدَّاخليّةِ للعطيّةِ، أيّ عن تلك الحالةِ وتلك القوةِ الرُّوحيتين اللتين تنشأن نتيجةً للتحكُّمِ في شهوةِ الجسدِ». (ص. 192)
«إنْ كانتْ قوى الشَّهوةِ تحاول أنْ تفصلَ "لغةَ الجسدِ" عن حقيقته، أي تزورَ معناه؛ فعلى العكسِ مِن ذلك، فإنَّ قوةَ الحبِّ تُنشِّط باستمرارٍ معنى هذه الحقيقةِ مِن جديدٍ، حتى يتمكَّن سرُّ افتداء الجسدِ مِن أنْ يُنتجَ ثمراً في هذه الحقيقةِ». (ص. 478)
« تشهد كلماتُ السيد المسيح بأنَّ القوةَ الأصليّةَ لسرِّ الخَلقِ (وبالتَّالي أيضاً النعمةَ) تُصبح بالنسبةِ لكلِّ واحدٍ منهما أي الزَّوجين في قوةَ سرِّ الفداءِ. ألا يشعر الإنسانُ المنغمسُ في الشَّهواتِ باحتياجٍ عميقٍ لأنْ يصونَ كرامةَ العَلاقاتِ المُتبادلةِ المُعبَّرَ عنها في الجسدِ، بفضلِ رُجولته وأُنوثته؟ أو ألا يشعر فعلاً بالحاجةِ إلى تجذير هذه العَلاقاتِ وتعميقها في كلِّ ما هو نبيلٌ وجميلٌ؟ أو ألا يشعر حقاً بالحاجةِ إلى أنْ يسندَ إليها القيمةَ القُصوى، أي الحبَّ؟
فليس مِن المهمِ أن يشعر الإنسانُ في "قلبهِ" بأنَّه ليس مُداناً وليس فريسةً لشهوةِ الجسدِ، وإنَّما عليه أيضاً أنْ يشعرَ في "قلبه" ذاته بأنَّه مدعوٌ بشكلٍ قوي. وبالتَّحديدِ إلى هذه القيمةِ العُظمى، قيمة "الحبِّ" فهو مدعوٌ للوصولِ إلى هذه القيمةِ كشخصٍ بكلِّ حقيقته الإنسانيّة، وبالتَّالي أيضاً بكلِّ حقيقةِ كرجل وأنثى، وبكلِّ حقيقةِ جسده».(ص. 193)
« ينبغي أنْ يجدَ الإنسانُ باستمرارٍ في كلِّ ما هو "إيروس" بمعنى الحبِّ الجسديّ[8] المعنى الزَّوجيّ للجسدِ والكرامةَ والسّموَ الأصلين للعطيةِ؛ فإنَّ هذا هو بالتَّحديدِ واجبُ الرُّوحِ الإنسانيّ، فهو واجبٌ أخلاقيّ، وإنْ لم يتمّْ القيامُ بمثل هذا الواجبِ، فإنَّ إغراءات الحواسِ ذاتها وأهواء الجسدِ يمكنها أنْ تتمحوَّرَ حول الشَّهوةِ المُجردةِ مِن القيمةِ الأخلاقيّة؛ وعندئذٍ لن يختبر الإنسانُ، ذكراً وأُنثى، ذلك الملء الذّي للـ"حبِّ الجسديّ"، الذّي يعني اندفاع الرُّوحِ الإنسانيّ نحو كلِّ ما هو حقيقيٌ وصالحٌ وجميلٌ، والذّي بفضله أيضاً يُصبح كلُّ ما هو "حبُّ جسديّ" حقيقيّاً وصالحاً وجميلاً؛ فلا مفرَّ إذن مِن أنْ تُصبحَ القيم الأخلاقية هي القالبَ الذّي يُشكِّل الحبَّ الجسديّ». (ص. 198)
«وعلى كلِّ حالٍ، فإنَّ المعنى الأصيلَ والأساسيّ لكون الإنسانُ جسداً، ولكونه أيضاً، مِن حيث هو جسدٌ، ذكراً و أُنثى- أي بمعنى "زوج" بالتَّحديدِ- يكمن في الاتحادٍ والعَلاقةٍ الوثيقةٍ مع حقيقةِ خَلقِ الإنسانِ كشخصٍ مدعو إلى الحياةِ في "شركةٍ مع الأشخاصِ"». (ص. 274)
الحبُّ لأجلِ قيامةِ الأجسادِ
«عندما نتحدَّث عن قيامةِ الأجسادِ، أيّ عن قيامةِ الإنسانِ في خاصيته الجسديّةِ الأصيلةِ، نقصد بذلك "الجسدِ الرُّوحانيّ" أي الوعي والحسَ الكاملَ للحواسِ، وانسجامها التَّامَ مع نشاطِ الرُّوحِ؛ الذّي هو الرُّوحُ الإنسانيّةُ في الحقِ والحريّةِ». (ص.285)
«إنَّ الجسدَ المُمجَّدَ، الذّي هو ثمرةٌ إسكاتولوجيةٌ[9] ناجمةٌ عن روحانيته المُؤلهةِ، سوف يُظهر القيمةَ النهائيّةَ لكلِّ ما كان يجب أنْ يكونَ مُنذ البدءِ علامةً مُميزةً للشخصِ المخلوقِ في العالمِ المحسوسِ، ووسيلةً للتواصلِ المُتبادلِ بين الأشخاصِ، وتعبيراً أصيلاً عن الحقيقةِ والحبِّ؛ أي كلَّ ما تقوم عليه الشَّركةِ بين الأشخاصِ عبر الجسدِ. هذا المعنى الخالدُ للجسدِ البشريّ، يقوم عليه وجودُ كلِّ إنسانٍ، وعندما يتثقَّل الشخص بميراثِ الشَّهواتِ، تقع بالضرورةٍ سلسلةً مِن القصورِ والصِّراع والألمِ؛ لكن بقيام الأجساد سوف يَظهر الجسد مِن جديدٍ في بساطةِ وإشراقِ، بحيث سيجد كلَّ واحدٍ مِن المُشاركين في "العالمِ الآخرَ" في جسده المُمجَّدِ مصدراً للعطيّةِ الحرةِ». (ص.275)
«إنَّ "لغةَ الجسدِ" المُعادَ قراءتها في ضوءِ الحقيقةِ تتقدَّم في خطواتٍ مُتوازيّةٍ مع اكتشافِ الحصانةِ الدَّاخليّةِ للشخصِ؛ وفي الوقتِ ذاته، يُظهر هذا الاكتشاف العمقَ الأصيلَ للانتماء المُتبادلِ بين الزَّوجين: أي وعيهما الناشئ والمُتزايدَ بانتمائهما الواحدِ للآخرَ، ووعيهما الناشئ والمُتزايد بأنَّهما متميزان الواحدِ عن الآخرَ». (ص. 422)
«إنَّ حقيقةَ الحبِّ تَظهر مِن خلالِ وعيهما بالانتماء المُتبادلِ، الذّي هو ثمرةٌ للتطلعِ والطُّموحِ والبحثِ المُتبادلِ؛ وفي الوقتِ ذاته، تَظهر حقيقةُ الحبِّ هذه في ضرورةِ الطُّموحِ والتَّطلعِ والبحثِ التّي تنشأ بدورها مِن الخبرةِ المُتبادلِة. فالحبُّ يقتضي مِن كلاهما، أنْ يسموا باستمرارٍ لارتقاءِ سُلْمَ الانتماء، باحثين دائماً عن شكلٍ جديدٍ أكثر نضوجاً لانتماءهما الواحدِ للآخرَ». (ص. 431)
الحبُّ كسرِّ مُقدَّسِ
«يُؤكِّد المسيحُ أنَّ الزَّواجَ هو سرٌّ مُقدَّسٌ مُتعلَّقٌ بوجودِ الإنسانِ في العالمِ المحسوسِ الحاضرِ لا ينتمي إلى الحقيقةِ الإسكاتولوجيّةِ "للعالمِ المُقبلِ"[10]؛ ومع ذلك، فإنَّ الإنسانَ المدعوَ أنْ يشارك في هذا الحدثِ الإسكاتولوجيّ مِن خلالِ قيامةِ الجسدِ، هو ذاته الإنسانُ ، ذكراً و أُنثى، المُرتبطٌ بأصلُ وجوده في العالمِ المحسوسِ الحاضرِ بالزواج كسرٌّ مُقدَّسٌ أساسيّ مُتعلَّقٌ بسرِّ الخلقِ نفسه». (ص.391)
«إنَّ هذا الشكلَ الأصيلَ والأساسيّ للزَّواجِ سوف يتجدد، عندما يتقبّل الزَّوجان زواجهما كسرِّ مُقدَّسٍ مِن أسرارِ الكنيسةِ، مُدركين العمقَ الجديدَ الخاصَ برضى الله ومسرته بالإنسانِ، الأمرَ الذّي تمَّ كشفه وافتتاحه بسرِّ الفداءِ، عندما قيل "أيها الأزواج أحبوا زوجاتكم مثلما أحبَّ المسيحُ الكنيسةَ وجاد بنفسه مِن أجلها ليقدِّسها مُطهِّراً إياها بغسلِ الماءِ وبالكلمةٍ" (أف 5/ 25-26).
يتم تجديدُ تلك الصُّورةِ الأصيلةِ والأساسيّةِ للزَّواجِ كسرٍّ مُقدَّسٍ، عندما يتحد الزَّوجان المسيحيان بخضوع متبادل "خاضعين بعضكم لبعض في مخافةِ المسيح" (أف 5/ 21)- واعين بالعمقِ الأصيلِ لـ"افتداءِ الجسدِ" أته بواسطةِ الزواج والنعمةِ المُصاحبةِ له كسرٍّ مُقدَّسٍ، يخترق الحب ببعديه الأساسيين الروحي والخلاصي إلى حياةِ الزَّوجين وكما ظهر المعنى الزَّوجيّ للجسدِ في بُعديه كذَّكر وأُنثى، لأولِ مرةٍ في سرِّ الخَلقِ، على أساسِ حالةِ البراءةِ الأصليّةِ للإنسانِ، حيث يربطه القدِّيسُ بولس في رسالةِ أفسس بالمعنى الفدائيّ، يتم تأكيده وتوثيقه في سر الزواج المسيحي، ويُصبح بمثابةِ "خلقٍ جديدٍ"». (ص. 394)
الحبُّ الزَّوجيّ ليتورجي[11]
«يجب أنْ يكونَ الزَّوجان في لحظةِ زواجهما الواحدِ بالآخرَ، كزوجٍ وزوجةٍ، "جسداً واحداً"؛ وعليهما أنْ يتعهدا معاً بشكلٍ مشتركٍ أنْ يُعيدا قراءةَ "لغةِ الجسدِ" في حالته، مِن خلالِ مصدره الإلهيّ. وبهذا الشَّكلِ، تُصبح "لغةُ الجسدِ" لغةَ الليتورجيا: فيَظهر فيها أقصى عمقٌ ممكنٌ مِن خلالِ اتصالها بسرِّ "أصلِ الخليقةِ" ويمكن القولُ إذن إنَّه مِن خلالِ كلا الزَّوجين تُصبح "لغةُ الجسدِ"، سواء في البُعدِ الذَّاتيّ لحقيقةِ القلوبِ البشريّةِ، أو في "البُعدِ الموضوعيّ" لحقيقةِ حياةِ الشَّركةِ، لغةَ ليتورجيا». (ص. 440-441 )
«في اللحظةِ التّي ينال فيها الزَّوجان سرَّ الزواج المُقدَّسِ، ولكونهما خادمي السِّرِّ[12]، يؤسس كلاهما، كرجلٍ وامرأةٍ، العلامةَ المرئيّةَ الفيّاضةَ والواقعيّةَ للسِّرِّ نفسه». (ص. 398) "انتهى هنا كلامُ البابا"
روحانيّةُ الحبِّ الزَّوجيّ[13]
لقد حملتني رِسالتي الرَّعويّةُ في سنوات كهنوتي الأولى أنْ أتكرَّسَ لخدمةِ الشَّبابِ، وخاصةً في مُرافقةِ المُقبلين منهم على الزواج. وعندما أفكر اليومَ في العدد الكبير من المجموعاتِ التّي رافقتها، وأنظر في الجديّةِ التّي تمَّ بها إعدادهم وفي الطَّريقةِ التّي يحيون بها اليومَ حياتهم الزوجية، وأتأمل في أطفالهم وسخاء أولئك الوالدين تجاه أولادهم ومسئوليتهم الحاضرة، يبدو كأنه لا مثيلٌ لهذا في واقعِ المحيطِ الحاليّ. فمرةً عندما شرحتُ هذه المسيرةَ التّي قطعها ولا يزال يقطعها هؤلاء الأزواجُ، تبيَّن لي أنَّ الكثير منهم يعتقدون أنَّ مسيرتهم هذه تنتمي إلى عالمِ الخيال والأساطيرِ، عالمٍ غيرِ واقعيّ؛ ولكنْ واقع حياةُ هذه العائلاتِ يتكلّم مُعلناً صدقَ المسيرةِ.
والآن، كدارس مهتمٍ بدراسةِ اللاهوتِ والتَّبشيرِ في العالمِ المُعاصرِ، أشعرُ بالضَّرورةِ المُلّحِةِ في أنْ أبدأ بالكتابةِ لطلابي كلِّ ما أمكنني تعلَّمه وفهمه ولكلِّ الشَّبابِ الذين يتأهبون لنوالِ سرِّ الزواج ولكلِّ زوجيّن نلتُ النعمةَ أنْ أكونَ الأبَ الرُّوحيّ لهما. فإني مؤمن أنَّه من الأهمية بمكان أنْ نبين في كلِّ مجالٍ مُتاحٍ، روابطَ التَّواصلِ القائمةَ بين الحياةِ اليوميّةِ والحياةِ الرُّوحيّةِ واللاهوتِ. وقد شجعني على البدايةِ في هذا كتابة التَّأملِ ذي الطابع اللاهوتيّ ما وجدته في التَّعليمِ المسيحيّ لقداسةِ البابا يوحنا بولس الثَّاني مِن نورٍ لاهوتيّ وروحيّ فيما يخص الكثير من الاعتباراتِ التّي كنتُ أُعدُّها حول مثلِ هذه الخبرةِ الحياتيّةِ؛ فمِن خلالِ تعاليم قداسته تمَّ تنظيمُ المحاورِ الأساسيّةِ لهذا التَّأملِ، التّي حاولتُ أنْ أصيغها في قالب اللاَّهوتِ الشَّرقيّ. لقد كنتُ واعياً تماماً بأنَّ الحديثَ عن الحبِّ الزَّوجيّ هو نقطةٌ صعبةٌ وشائكةٌ ومُؤلمةٌ، ولكن شعرتُ أيضاً بأنَّ المخرجَ مِن المأزقِ "الأخلاقيّ" لا يكمن في تغيرِ الخطوطِ الأساسيّةِ لتعليمِ الكنيسةِ المُؤيَّدِ على مرِّ العصورِ. ولذلك فقد بحثتُ باستمرارٍ عن أعماقٍ جديدةٍ وعن طُرقٍ قصيرةٍ كامنةٍ في حكمةِ الحياةِ الحقيقيّةِ التّي تمتلكها الكنيسةُ وتحرسها على مرِّ تاريخها، مُقتنعاً بأنَّ الرُّوحَ القدسَ يَهبُ كنيسته النعمةَ الضَّروريّةَ حتى يوجدَ بها في كلِّ الأوقاتِ أولئك الذين ينتمون لهذه الحكمةِ التّي تنيرُ المؤمنين في مسيرةِ تقديسِ حياتهمِ.
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 03:48 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024