13 - 09 - 2014, 02:30 PM | رقم المشاركة : ( 6101 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سر الميرون - دير الشيروبيم
في المعمودية ينال المعمَّد هبة مغفرة الخطايا, إلا أنه في سر التثبيت بالميرون المقدَّس تنال النفس عطية الروح القدس للسكنى والإقامة في هيكل الإنسان الجديد لملئ حياة المعمَّد بمواهب الروح القدس. من هنا أتى تعريف هذا السر بأنه يمنح المنتصرين مواهب الروح القدس, أي نعمةً ضرورية لحياتهم, فالمسحة المقدسة ليست جزءاً عضوياً من سر المعمودية فحسب, بل إنها تقام بوصفها تحقيقاً له , وسيتم كمال كل شيء بعد قليل بالإفخارستيا. تاريخية السر: طقس هذا السر, كان يجري برسم إشارة الصليب على الجبهة ثم بوضع يد الأسقف حيث يُعطى الروح القدس بكل مواهبه. وهذا العمل واضح في سفر أعمال الرسل: "ولما سمع الرسل الذين في أورشليم أن السامرة قد قبلت كلمة الله أرسلوا إليهم بطرس و يوحنا. اللذين لما نزلا صلَّيا لأجلهم لكي يقبلوا الروح القدس. لأنه لم يكن قد حلَّ بعد على أحد منهم. غير إنهم كانوا معتمدين باسم الرب يسوع. حينئذ وضعا الأيادي عليهم فقبلوا الروح القدس" (أع 14:8-17). وهناك إشارة ضمنية على أن قبول الروح القدس كان له إجراء خاص بعد المعمودية وذلك من قول بطرس الرسول: "توبوا وليعتمد كل واحد منكم على أسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس" (أع 38:2). عطية الروح القدس هذه, مصدرها الرب يسوع وهذا ما أكده الرسول يوحنا بقوله: "وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس... وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها ثابتة فيكم" (1يو20:2و27). وهذا ما قاله الرب يسوع للجموع العطشى: "من آمن بي كما قال الكتاب, تجري من بطنه أنهار ماء حي. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه" (يو37:7-39). في العهد القديم, قال عنه داود: "مثل الطيب على الرأس النازل على اللحية لحية هارون" (مز2:133), وأيضا سليمان: "لرائحة أدهانك الطيبة اسمك دهنٌ مهراق. لذلك أحبّتك العذارى". وهذا الطيب هو دهن الميرون المقدس الذي يشتمل على الأطياب التي وردت في مركبات مسحة العهد القديم (خر22:30-37) و( نش14:4). المعاني اللاهوتية للسر: الواضح أن "الختم" بالميرون المقدس هو عمل جديد, هيأت له المعمودية, يضفي على ليتورجيا الانتماء للكنيسة بُعداً جديداً ممكناً, لذلك عرفت الكنيسة دائماً أنه موهبة وسر متميزان عن المعمودية, فنحن هنا لا نأخذ فقط مواهب الروح القدس بل الروح القدس نفسه بوصفه موهبة لأن "المواهب على أنواع وأما الروح فواحد" (1كو4:2). فالروح القدس يحل علينا في هذه المسحة, مثل «العنصرة», ويسكن فينا بوصفه الهبة الشخصية للمسيح من أبيه (يو14:16-15). فنحن اعتمدنا بالمسيح فلبسنا المسيح والمسيح هو الممسوح ونحن نحصل على مسحته، وهذا تأكيد لما ذكرنا سابقاً بأن الرب يسوع هو مصدر هذا السر، وبنفس الوقت يهبنا الروح القدس المسيح لأنه روح المسيح. إذاً نحن الآن بهذا السر نستنير ونأخذ قوةً عظيمة لنسير في طريق التأله, فالمعمودية طهرتنا من خطايانا وهيأتنا لتقبل سر الميرون ولنختم بختم المسيح الإلهي الذي يفتح لنا أبواب التأله والاتحاد بالله. كل ما تقدم هو من جهة واحدة فقط هي الله الثالوث لكن هذا لا يكفي لأنه يجب أن تتحقق هذه المعادلة بوجود جهة ثانية تكمل الأولى, أي الإنسان, فنحن يجب أن نُفّعل المواهب الروحية "لا تطفئوا الروح" (1تس 19:5). عبر جهاداتنا اليومية المستمرة من صلوات واعترافات ومحبة وأعمال رحمة... عندها نستنير بالروح القدس ونصبح مؤهلين للتأله والاتحاد الكامل مع الله, وهنا نرى البعد الشفائي للسر أي مغفرة الخطايا, لذلك تذكر الحدث التاريخي, موت وقيامة المسيح, وعيشه بمسيحية صادقة, يجعلنا في كل مرة نشارك بحضور هذا السر في الكنيسة نشعر بموت المسيح عندما يغطس الطفل, وبقيامته عندما يرفع من الماء وبحلول نِعم الروح القدس عندما يُدهن بالميرون بهذا الزيت والطيب ومواد كثيرة أخرى اللذين تقدسوا بفعل حلول النِعم السماوية التي قدست هذا الواقع المادي الفيزيائي. وسنورد الآن ما قاله أحد الأساقفة القدامى المجهولين، الذين بتواضعهم لم يذكروا أسمائهم لكن الكنيسة حفظت كتاباتهم الثمينة، في بداية القرن الخامس عن سر الميرون: نقول إن التثبيت يمنح المعمَّد كمولود جديد بوضع اليد كل ما ناله المؤمن بحلول الروح القدس «في يوم الخمسين». وقد يسأل الإنسان ماذا ينفع التثبيت بعد أن تعمَّدت؟ وإن كنا بعد المعمودية نشعر أننا محتاجون إلى عمل جديد. أهذا يعني أننا لم نأخذ كل شيء نحتاجه في المعمودية؟ ولكن الحقيقة ليست هكذا, فالروح القدس حافظ ومعزِّي ومعلِّم عظيم للذين وُلِدُوا ثانية في المسيح, كما يقول الكتاب: "إن لم يحفظ الرب المدينة فباطلاً يسهر الحارس" (مز1:127), لذلك فالروح القدس الذي يحل ومعه الخلاص على ماء المعمودية يعطينا كل ما يجعلنا أطهاراً وأبرياءَ وأبراراً. ولكن في مسحة التثبيت يعطينا ازدياداً في النعمة, لأنتا طالما نحن في العالم فنحن نعيش بين أعداء غير منظورين ومخاطر. في المعمودية نولد ثانية إلى الحياة الأبدية, ولكن بعد المعمودية ننال تعضيداً للجهاد. في المعمودية نغتسل, ولكن بعد المعمودية نتقوى فالتثبيت ضرورة للحياة, تسليح وتحضير المعمَّد ليدخل العالم قادراً على الصراع ويُحارب حروب الرب في هذا العالم والمسيح يقول: "إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأمَّا متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق" (يو12:16و13). لهذا حينما يُعطَى الإنسان الروح القدس يمتلئ القلب حكمةً وثباتاً. قبل حلول الروح القدس قَفَل الرسل على أنفسهم الأبواب خوفاً من أن ينكروا المسيح, وبعد أن حلَّ الروح القدس انطلقوا يكرزون متسلّحين باحتقار الموت حتى إلى الشهادة بلا حذر من أجل اسمه. فنحن قبلنا الفداء من المسيح ولكن الروح القدس أعطانا الحكمة الروحية والاستنارة والتعليم والنمو حتى إلى منتهى الكمال. وهكذا ينطلق الإنسان المعمد مع مسحة الميرون, بالجديد الإلهي الذي يميزه عما كان عليه قديماً, ليصبح إنسان الروح, وما عليه بعد ذلك إلا أن يعيش وصايا الإنجيل كما يريد الرب يسوع, حياة تقديسية يكون من خلالها هيكلاً لله, فيتقوى ويثبت بالأسلحة الروحية لهذا السر التي تجعله جندياً صالحاً للمسيح |
||||
13 - 09 - 2014, 02:31 PM | رقم المشاركة : ( 6102 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
طقس المعمودية عند الذهبي الفم بحسب كتاب " في المعمودية " لقد تناول القديس سر المعمودية باهتمام كبير كيف لا وهو العرس الروحي والتعبئة العسكرية الرائعة لجنود المسيح . وتجلى اهتمامه هذا من خلال إلقائه ثمان عظات، فريدة من نوعها، وُجهت إلى الموعوظين المتقدمين لنيل سر المعمودية في الليلة الفصحية. كانت هذه العظات مجهولة إلى أن عُثر عليها في مخطوط موجود في دير ستافرونيكيتا في جبل آثوس. المتقدمون إلى هذا السر: يؤكد القديس أن الدعوة لاقتبال هذا السر هي لجميع المكتتبين في مدينة المسيح، للأغنياء والفقراء، للرجال والنساء، للأحداث والشيوخ، للغارقين في المعاصي والخطايا. وما هذا إلا بسبب عطايا الله وغزارة صلاحه ومحبته القصوى للبشر الكفيل: كما في عالمنا الأرضي هناك كفلاء عن المدينين، كذلك هناك كفيل روحي (عراب) لكل متقدم إلى هذا السر، وتقع على عاتق هؤلاء الكفلاء مسؤولية النصح والإرشاد والوعظ. وهذا واجب عظيم يتوقف على نجاحه تقدم الإنسان في طريق الفضيلة، لذلك يصفهم القديس أنهم آباء روحيون فبعطفهم وحنانهم الأبوي يهذبون الأبناء ويقودونهم في الأمور الروحية . وهؤلاء الكفلاء لهم مكافأة إذا قدموا العناية الجيدة، والعقاب إذا أهملوا. مراحل العماد: 1- تهيئة المتقدمون (الوعظ): كانت جموع كبيرة من الموعوظين تتقدم لنيل سر المعمودية في ليلة الفصح، بعد أن تتلقى تعاليم ودروس يومية تجعلها مهيأة لاستقبال الملك السماوي. إذاً هناك وعظ يومي. والمطلوب من هؤلاء الموعوظين أن ينقوا أنفسهم وقلوبهم وأرواحهم، ويطردوا منها كل خبث ومكر ووسخ، لكي تكون جديرة باستقبال سيد الكل . كما أن عليهم أن يؤمنوا بالله سيد الكون أبا ربنا يسوع المسيح، وبربنا يسوع المسيح ابن الله الوحيد المساوي للآب في الجوهر، والمعروف بأقنومه الخاص، المولود من الأب بطريقة تفوق العقل، والذي في آخر الأزمنة أخذ صورة عبد وصار إنساناً لأجل خلاصنا، وصلب ومات وقام في اليوم الثالث، وبالروح القدس الذي هو أيضاً إله وذلك بحسب قول المسيح لتلاميذه: "اذهبوا وتلمذوا كل الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" . 2- طرد الشيطان والاتحاد بالمسيح: يبدأ طقس العماد بطرد الشياطين، حيث تكون أرجل طالبي الاستنارة عارية والأيدي مرفوعة . والغاية من هذا الطرد تنقية الروح لكي تصبح أهلاً لمجيء الملك. وإثر استدعاء سيد الكل يستحيل إلا أن يهرب الشيطان. فبداية يأمر الكاهن الذي يقوم بهذا السر المتقدم بأن يركع ويرفع أيديه نحو السماء ويصلي، وفي هذه المرحلة يتذكر المتقدم حياته الماضية، ويدرك ما هو مقدم عليه وبمن سيرتبط. عندها يبدأ الكاهن بالاستماع إلى اعتراف المتقدم . * ثم يقوم المتقدم برفض الشيطان إذ يتلفظ بكلمات العقد بناء على طلب الكاهن فيقول: "أرفض الشيطان وأعماله ونياته" * وبعد أن يأخذ الكاهن من المتقدم عهداً على طرد الشيطان يطلب منه أن يعترف بقبول المسيح فيقول: "أوافق المسيح وأتحد به" وهكذا تسجل كلمات العقد هذا في الكتب السماوية . 3- مسحة الموعوظين بزيت طرد الشرير: بعد أن يسمع الكاهن إلى تعهد المتقدم، وبعد اتحاد المسيح بكلامه، وإذ يقترب الليل يخلع الكاهن ثياب المتقدم. ثم يقوم بمسح المتقدم بالزيت المقدس فوق الجبهة وفي أماكن أخرى من الجسد راسماً إشارة الصليب الكريم حتى إذا رآها الشيطان يفر هارباً وخلال هذا يقول: "يمسح عبد الله باسم الآب والابن والروح القدس" وهذه المسحة هي بمثابة درع روحي وقوة كبيرة لا يستطيع الشيطان التغلب عليها . 4- التغطيس بالماء: بعد أن ينتهي الكاهن من المسح بالزيت، يُنزِل المتقدم إلى النهر، وإذ يلفظ الكاهن: "يعمد عبد الله باسم الآب والابن والروح القدس" يغطس رأس المتقدم بالماء ثلاث مرات، ثم يرفعه ليحل الروح القدس على المتقدم. وهنا يوضح القديس يوحنا الذهبي نقطة هامة جداً وهي أن الكاهن يعير يديه للروح القدس الذي يحل في الماء بصورة غير منظورة . فما يحدث ليس من صنع الإنسان بل من فعل النعمة الإلهية، التي تقدس الماء . لذلك يقول الكاهن "يُعمَد" وليس "أُعمد". إذاً فالمتمم في هذا السر هو الآب والابن والروح القدس. وبعد أن يخرج الموعوظ من جرن المعمودية (النهر) يستقبله الحاضرون بفرح فيعانقوه ويحتضنوه (القبلة) ويهنئونه ويقاسموه فرحه، لأنه كان مقيداً فتحرر وصار ابناً للمائدة الملوكية . 5- الاشتراك بسر الشكر: بعد خروج المعمد من الماء، يُحمل إلى المائدة المقدسة (هذا يدل أن طقس العماد لم يكن يتم في الكنيسة)، لكي يشترك في جسد ودم المسيح ويصبح مسكناً للروح القدس . فضائل المعمودية: بالمعمودية يحصل الإنسان على البنوة الإلهية، كما تغفر الخطايا ويصبح من ينالها قديس، مبرر، ابن، وارث، أخ للمسيح، أداة للروح القدس. لهذا السبب يتم تعميد الأطفال العادمين الخطيئة، وذلك حتى تزداد فيهم تلك الفضائل، ليكونوا إخوة وأعضاء بالمسيح، وليصيروا مسكناً للروح القدس . يطالب القديس أولئك المعمدين أن يحافظوا على النعمة العظيمة التي اقتبلوها وعلى بريق هذا اللباس الجديد الذي لبسوه بعد أن طرحوا عنهم بالمعمودية ذاك الرداء العتيق. وذلك بالصلاة العميقة والشكر على الإحسانات التي قبلوها والحمد على ما أعطاهم الله من قوة وبالأعمال الصالحة |
||||
13 - 09 - 2014, 02:32 PM | رقم المشاركة : ( 6103 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سر المعمودية
2) تحليل المرأة (إذا ولدت أنثى) 1- تأتى المرأة الى الكنيسة مع طفلتها بعد ثمانين يوما من تاريخ الولادة وذلك لعماد الطفلة، وهذه الثمانون يوما للطفلة الانثى والاربعون يوما للطفل الذكر مأخوذة من سفر اللاويين الاصحاح الثانى عشر. وحتى ان كنا لا نعرف تفسيرا لهذا الفرق فى ضوء العهد الجديد، لكن يجب اطاعة هذه الوصية بلا تذمر ولا مماحكة لان الكنيسة المسيحية اطاعت هذا الامر الالهى عبر كل العصور. ولتذكر طاعة السيدة العذراء لهذا الامر الالهى فانها على الرغم من انها حبلت بالمسيح بالروح القدس بكل طهارة، وولدته ولادة بتولية معجزية، فانها لم تأت الى الهيكل قبل اتمام ايام التطهير المنصوص عليها فى الشريعة وهى اربعون يوما للمولود الذكر (لو 2: 22 – 24). 2- مدة الاربعين يوما للطفل الذكر والثمانين يوما للانثى تكون فى الظروف العادية، اما اذا اصاب المولود مرض وخافوا عليه من الموت يجب بان يطلبوا من الاب الكاهن ان يقوم بعماده ومسحه بالميرون ولو كان عمره يوما واحدا وتحت اى ظروف (كأن يكون الكاهن غير صائم او عدم استطاعته عماده بالتغطيس) وبسرعة لئلا يموت بغير عماد، فيحرم من دخول ومعاينة الملكوت حسب قول مخلصنا (يو 3). والطريقة ان ياخذ الطفل شخص اخر غير امه ويذهب به الى الكنيسة لاتمام العماد فى المعمودية. فاذا مات الطفل إطمأن أهله على مصيره الابدى السعيد. واذا عاش تحسب معموديته صحيحة ولا يعاد عماده. 3- اذا قصر اهل الطفل فى عماده ومات بغير عماد، فمن حق الكنيسة ان تفرض على الوالدين قانون عقوبة مدته سنه كاملة صوم وصلوات استغفار، مصحوبة بمطانيات توبة مع الحرمان من شركة الاسرار المقدسة طيلة هذه السنة. اما طقس – تحليل المراة فيكون كالاتى: 1- بعد ثمانين يوما تاتى المراة بطفلتها الى الكنيسة لعمادها. 2- يصلى الكاهن اليسون ايماس وصلاه الشكر ويضع البخور فى المجمرة خمسة ايادى بالرشومات المعروفة ثم يصلى سر البولس (يا الله العظيم الابدى..... الخ) ، ثم يرفع بخور البولس فوق المعمودية ويبارك الحاضرين. 3- يصلى الشماس البولس (1 كو 7: 12 – 14) وهو يتكلم عن المراة المؤمنة التى تكون سبب بركة لزوجها. 4- تقال اجيوس الثلاثة واوشية الانجيل والمزمور 44: 12 قامت الملكة عن يمين الملك.... لان المولودة طفلة انثى. 5- الانجيل من لو 10: 38 – 42. يتكلم عن مرثا ومريم الاختين المثاليتين فى محبة الله وسماع وصاياه والعمل بها والخدمة الباذلة المضحية، طالبا من الله ان تكون الطفلة المولودة كواحدة منهما وتختار النصيب الصالح الذى لن ينزع منها. 6- تقال الثلاث اواشى الكبار السلام والاباء والاجتماعات ثم قانون الايمان. 7- تقال نفس الطلبة السابق ذكرها والتى يطلب فيها من الله ان يملا هذه السيدة بروحه القدوس ويطهرها من ادناسها وخطاياها واثامها. 8- تقال ابانا الذى فى السموات...... ويصلى الكاهن التحاليل الثلاثة والبركة وهو يضع الصليب على راس المراة. 9- يدهن الكاهن المراة بالزيت الساذج (أى زيت ابو غلمسيس) الموجود بالمعمودية وبذلك تكون جاهزة لدخول الكنيسة وللتناول من الاسرار المقدسة التى لعمانوئيل الهنا لإلهنا كل المجد والكرامة من الآن وإلى الأبد أمين |
||||
13 - 09 - 2014, 02:35 PM | رقم المشاركة : ( 6104 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بركات المعمودية
الجزء الثاني V خامساً: ليفتح لنا باب السماء "فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء وإذا السماوات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة وآتياً عليه" (مت3: 16) معناها أنها كانت مغلقة، لكنها لم تكن مغلقة أمام المسيح بل أمامنا نحن، فهو ذهب ليعتمد ليفتح لنا السماء، وما حدث مع المسيح يحدث مع كل واحد فينا حينما يعتمد الإنسان تنفتح له السماء بمعنى أنها فرصة للدخول.. تكتب أسماؤنا فى سفر الحياة، لذلك نسجل أسماء المعمدين فى دفتر اسمه سفر الحياة ولكن للأسف بعض الناس بعدما يفتح لهم باب السماء يغلقوه بأيديهم بسبب الخطيئة وعدم التوبة وبعدما تكتب أسماؤهم فى سفر الحياة يمسحوها بأيديهم بسبب الخطيئة وعدم التوبة. إذاً المسيح فتح لنا باب السماء الذي كان مغلقاً بالغضب. V سادساً: أعطانا أن نكون أبناء سمعنا صوت الآب "هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا" (مت17: 5) المسيح هو ابنه منذ الأزل ولكننا نحن المحتاجين لسماع هذا الصوت لنصير نحن أبناءه. أنا كنت عبداً مارقاً ومطروداً من وجه سيدى الإله الذى فى السماء، اليوم ... هذا الإله العظيم ينادينى من وسط الناس ويقول لى "انت ابنى أنا اليوم ولدتك." (مز 2: 7)، أقول له: نحن سمعنا أن لك ابن وحيد، الإبن الوحيد الذى فى حضن الآب فكيف يكون لك أبناء كثيرون؟ يقول لنا: هذا الابن الوحيد، ابنى بالجوهر من طبيعتى؛ لذلك نحن متساويان ونحن الاثنان إله واحد لسنا منفصلان عن بعضنا البعض، أما أنتم فتصيرون أبنائى بالتبنى. المسيح فتح لنا باب أن يتبنانا الله الآب بالمعمودية وأصبح لنا الحق أن نقول "يا أبانا الذى فى السموات" ولأننا صرنا أبناء نصير أيضاً ورثة، ورثة الله ووارثون مع المسيح الابن الحقيقى الذى من جوهر الآب. الابن مولود من الآب منذ الأزل بدون زواج، بدون انفصال ... فلايوجد انفصال بين الآب والإبن، ولادة الإبن من الآب مثل خروج النور من المصباح، النور خارج من المصباح لكن غير منفصل عنه، مثل خروج الأفكار من العقل، العقل يُوَلِّد الأفكار ولكنها لازالت باقية فيه. وبدون أسبقية، دائما الآب أكبر من الابن لكن بالنسبة للثالوث، الآب والإبن مع بعضهما البعض منذ الأزل حيث الآب مثل الينبوع والابن خارج منه، تماماً مثل الماء من الينبوع. آب منذ الأزل والإبن خارج منه منذ الأزل لذلك فهو الابن الوحيد الخارج من الآب ويحمل طبيعة الآب. إذاً الآب مساوى للإبن فى الجوهر وفى الأزلية، نفس الكلام ينطبق على الروح القدس مع استخدام لفظ آخر بدلاً من الولادة وهو الإنبثاق. إبن الله الوحيد نزل إلى الأرض وتجسد فأصبح إبن إنسان وبالتالي أصبح بداخله الصفتين: إبن الله وإبن إنسان. ونحن كلنا أبناء الإنسان وأصبح واحد منا المسيح ... الذى هو إبن الإنسان وفى نفس الوقت هو إبن الله، فرفعنا وأصبحنا كلنا أبناء لله، لكنه هو ابن للإنسان بالتجسد وإبن لله بالطبيعة ونحن صرنا أبناء لله بالتبني ... متى نلنا هذا التبني؟ يوم المعمودية العظيمة .. لذلك استقبل السيد المسيح هذا النداء: "هذا هو ابنى الحبيب" ليسكبه علينا لأننا في المسيح صرنا أبناء للآب السماوى. V سابعاً: أعطانا الروح القدس المسيح جاء ليفتح لنا الباب لنصير مسكناً للروح القدس. الروح القدس أتى واستقر على رأس المسيح والمسيح لم يكن محتاجاً لهذا الحلول لأن اسم الروح القدس فى الكتاب المقدس "روح المسيح" أي متحد به منذ الازل قبل ولادته من العذراء. لذلك لم يكن محتاجاً أن يحل الروح القدس عليه بل نحن المحتاجين. الروح القدس هو روح الآب وروح الإبن، روح واحد فى الثالوث. لم يكن من حق البشر أن يحل الروح القدس ويسكن فيهم، ففى العهد القديم كان يمكن أن يمر على أحد الأنبياء ويعطيه نبوة ويمر على الملك وعلى الكاهن حينما يمسحوا بزيت المسحة لكن لم يكن هناك فى العهد القديم من يدعى أنه مسكن للروح القدس. فالمسيح جاء ليفتح لنا الباب لنصير مسكناً للروح القدس، واستقبل الروح القدس فى ناسوته فى المعمودية ليستطيع ناسوتنا أيضاً المشابه لناسوت المسيح أن يستقبل الروح القدس، صار هو سابقاً من أجلنا وفتح لنا الباب. وبالفعل يتم ذلك لنا فى سر المعمودية حينما ندهن بالميرون ونستقبل الروح القدس وأصبح لنا هذه الكلمة "أنتم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم". (1كو3 :16) إذا هيا بنا نتبع المسيح ونكمل معه كل بر .. هيا نثبت في هذا الإيمان إلى النفس الأخير هيا بنا نعبد الثالوث ونتعامل معه بمعرفة ووعي ... هيا بنا نشكر المسيح فى هذا اليوم لأنه أعطانا هذا السر العظيم، ونسارع بمعمودية أطفالنا ولا نغلق باب السماء بل نحافظ عليه مفتوحاً لندخل ونرث الحياة الأبدية. المسيح أعطانا أن نكون أبناء هيا بنا نسلك كما يحق للدعوة التى دعينا إليها كأبناء لله نبارك ونقدس ونمجد اسمه بين الشعوب ولا نكون عار على المسيح ولا يُجَدَّف بسببنا على اسمه القدوس. وأخيراً أعطانا الروح القدس .. هيا بنا نشعله داخلنا ونقول له .. يا روح الله القدوس انهضنا من الكسل والتوانى والخطيئة وامنحنا أن نكون نشطاء فى عملنا الروحى وفى خدمتنا وفى علاقتنا مع المسيح |
||||
13 - 09 - 2014, 02:38 PM | رقم المشاركة : ( 6105 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سر المعموديــة تأ سيس السـر الرب يسوع المسيح نفسه هو الذي أسس المعمودية عندما أرسل تلاميذه بعد قيامته لنقل بشرى الخلاص قائلا : " اذهبوا وتلمذوا كل الأمم معمدين إياهم باسم الآب والابن والروح القدس " (متى19:28) ، لأن " كل من يؤمن ويعتمد يخلص " (مر16:16) . ومنذ ذلك الحين نرى في أعمال الرسل أن المؤمنين بالبشارة الجديدة كانوا ينضمون إلى الكنيسة بالمعمودية . " فقال لهم بطرس توبوا وليعتمد كل واحد منكم ... فقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس " (أع38:2-41) . راجع أيضا أع12:8-13 و 38:8 و 18:9 و 47:10-48و 15:16 و 8:18 و5:19 و 14:1-16) . معاني المعمودية أ. المعمودية هي الباب الذي ندخل إلى الحياة في المسيح يسوع . لقد سقط آدم فتغرب عن الحياة الحقيقية والوجود، أي الله، واندسّ في الإنسان الموت الروحي وكل نتائجه مثل البلى، والفساد، والميل إلى الخطيئة، وموت الجسد ، والمعمودية، ليست محوا لخطيئة جدية ورثناها من آدم، إنها الولادة الجديدة من فوق بعد أن صار الإنسان يولد بطبيعة فاسدة مستعبدة للموت، نعم إنه في المعمودية يولد الإنسان ثانية لا من لحم ودم ولا من مشيئة رجل، بل من الله (يو12:1-13) و 3:3-7) وإنه يعود إلى جماله الأول وكيانه الحقيقي . ب. المعمودية اشتراك في موت المسيح وقيامته " أو تجهلون أن كل من اصطبغ منا في يسوع المسيح إنما اصطبغ في موته ، فدفنا معه في الموت حتى إننا كما أقيم المسيح من بين الأموات بمجد الآب كذلك نسلك نحن أيضا في جدة الحياة ، لأن إذا كنا قد غرسنا معه على شبه موته فنكون معه في قيامته أيضا " (رو3:6-5) . في المعمودية يلبس الإنسان المسيح، ويخلع الإنسان العتيق، يموت عن الخطيئة والإثم، ويتجدد بالبر والقداسة، فلا يعود هو الذي يعيش بل المسيح يحيا فيه (غلا20:2) . ت. المعمودية بداية عرس روحي ، تصير به النفس عروسة للمسيح، يزينها الجمال الإلهي ويحبها العريس حبا كاملا لا حد له، هو الذي أعطى ذاته للموت من أجلها. المعمودية دخول في حياة جديدة يتجدد فيها الإنسان للمسيح ، ويتعهد " إلا يرتبك بأعمال الحياة من أجل أن يرضي من جنده" (2 تيمو4:2) ، كما يتعهد بأن يكمل السعي وينهي طريق استنارته وتألهه وتجليه " على صورة خالقه " (كول10:3) . ث. في المعمودية ينضم الإنسان إلى الكنيسة، شعب الله الجديد، ويصبح غصنا في الكرمة (يو5:15) ، وعضوا في الجسد ، الذي رأسه الرب يسوع . المعمودية بالماء والروح تتم المعمودية بغسل الماء المتقدس بصلاة التقديس ، وتكون على اسم الآب والابن والروح القدس ، " إن لم يولد أحد من الماء والروح فلا يقد أن يدخل ملكوت الله " (يو5:3) المعمودية مدخل لباقي الأسرار بتقبل المعمودية والانضمام إلى شركة القديسين، يصبح الإنسان مؤهلا لأن يتقبل سائر الأسرار الإلهية ويحيا فيها . خادم المعمودية الكاهن هو الذي يتمم سر المعمودية. إلا أنه في حال الضرورة القصوى، كحظر الموت ، يجوز للشماس أن يعمد وكذلك الأب والأم . المعمودية تعطى لكل إنسان يعمد كل إنسان يطلب المعمودية، شرط إلا يكون قد اعتمد سابقا على اسم الثالوث الأقدس، لأن المعمودية واحدة ولا تعاد . معمودية البالغين لكي ينال سر المعمودية، يجب عليه أن يعبّر عن رغبته في قبول المعمودية، وأن يتعلم الإيمان المسيحي ويقبله معمودية الأطفال أ. معمودية الأطفال إحدى المُسَلََّمات الكنسية المقدسة التي تعود إلى أيام الرسل، تشهد على ذلك النصوص القديمة في الشرق والغرب، فإن كورنيليوس وأهل بيته وكذلك ليديا " وأهل بيتها " والسجان في فيليبي " وذويه جميعا " وكريسبس " وأهل بيته جميعا " و " بيت اسطفانوس " قد آمنوا كلهم واعتمدوا (أع47:10-48 و 15:16 و 31:16-33 و8:18 و 1كور16:1) . " فإن المسيح قد أتى ليخلّص الجميع، الرضع والأطفال والأولاد والشباب والشيوخ، الذين كلهم يولدون به ثانية ويصبحون بالحقيقة أبناء الله " (ايريناوس ، ضد الهرطقات 22:2) . ب. يجوز تعمد الطفل إذا : 1. كان هنالك أمل وطيد بأن ينشأ هذا الطفل على الإيمان المسيحي . 2. إن طلب ذلك الوالدان، أو أحدهما فقط، أو الشخص الذي يقوم مقامهما . 3. يعمد الطفل اللقيط ما لم يثبت أنه معمد قبلا . 4. يجوز أن يعمد الطفل عندما يكون معرّضاً في حياته لخطر الموت . العــــرّاب أ. ضرورة العرّاب تراث تقليدي كنسي قديم، ولكل معتمد عرّاب واحد، ذكر للذكر، وأنثى للأنثى . ب. مهمة العرّاب الأصلية أن يلقّن المعتمد المبادئ المسيحية عندما يكبر، وأن يحوطه بالعناية، ويساعده كي ينشأ على الإيمان المسيحي المستقيم، ويصير بسيرته الفاضلة وحياته المسيحية شاهداً أمينا للرب . شــروط العــرّاب أ. لكي يقوم أحد ما قياماً صحيحاً بمهمة العرّاب يجب : 1. أن يكون بالغاً لسن الرشد، ومنتميا إلى نفس كنيسة المُعَمَد. 2. أن يكون عارفاً بالمبادئ الإيمانية الأساسية والسليمة. 3. أن يكون ذا سيرة تليق بالإيمان المسيحي . ب.أثناء إتمام المعمودية المقدسة يجب على العرّاب أن يفصح عن إيمانه المستقيم، بقوله صراحة وبصوت مسموع، دستور الإيمان، والصلاة الربية، بنصهما الصحيحين، وبإعلانه بصوت عال رفضه للشيطان وقبوله للمسيح . ج. المُعَمَد نفسه يختار عرّابه، إذا كان بالغاً، وأما إذا كان طفلاً فيتم اختيار العرّاب من قبل الوالدين، أو الأوصياء عليه، أو الكاهن، ويفضل دائما ألا يكون العرّاب راهباً أو إكليريكياً . د. بالمعمودية تنشأ علاقة بين العرّاب والمُعَمَد، بمثابة علاقة الأب بالابن، لذلك فعند انتقاء العرّاب يجب الأخذ بالحساب أن أولاد العرّاب لا يجوز زواجهم بالمُعَمَدين، أو بأبنائهم صعودا أو نزولا في درجات القرابة . هـ . تقع على الأهل بصورة رئيسية مسؤولية تنشئة طفلهم التنشئة المسيحية الصالحة، ومن المُسَلّم به أن للتعليم الديني مكانة أساسية في هذا المضمار . و. يجوز لسبب صوابي قبول أحد المسيحيين من طائفة أخرى عرّاباً، ولكنه يكون عرّابا شرفياً، يُكرم بالوقوف بجانب العرّاب الأصيل، أي إنه يكون لدى المُعَمَد عندئذ عرّاب أصيل وعرّاب بالكرامة . المعمودية بالتغطيس الثلاثي أ. تتم المعمودية بالتغطيس ثلاثاً. والتغطيس هو العلامة الحسية لما تعنيه المعمودية، لأنه به يدفن المُعَمَد مع المسيح ويموت معهعن إنسانه العتيق، وينتشل رسماَ للحياة والقيامة (رو6). والتغطيس يتم ثلاثاً على اسم الثالوث الأقدس ، الأب والابن والروح القدس . هذا ما تشهد عليه النصوص القديمة كافة في الكنيسة، شرقا وغربا ، فكتاب " التقليد الرسولي " مثلا ، الذي يعتبر من أقدم المؤلفات التي تتحدث عن تشريعات طقسية وقد دوّنه هيبوليتس أسقف روما نفسه في العام 215م. يذكر إن طالب العماد " ينزل في الماء في جرن المعمودية ويضع الكاهن يده على رأسه قائلا : هل تؤمن بالله الآب القدير . فيجيب المعتمد : أومن به. فيغطسه للمرة الأولى ، ثم يسأله ويده فوق رأسه قائلا : هل تؤمن بالمسيح يسوع ابن لله .... فيقول : أومن به. عندئذ يغطسه للمرة الثانية ، ثم يسأله قائلا له من جديد : هل تؤمن بالروح القدس ... فيقول المعتمد : أومن . وعليه يغطسه للمرة الثالثة " (التقليد الرسولي 21). ب. يجوز التعميد بالرش بالماء في حال خطر الموت. وإذا لم يتوفر الماء يكتفي فقط بذكر اسم الثالوث الأقدس . فإذا زال الخطر بعدئذ وعاش المُعَمَد وجب استكمال المعمودية القانونية . طقس المعمودية يجب القيام بالمعمودية وفقا للمراسيم الليتورجية المحددة في كتاب الخدمة، والتقيد بالأداء السليم لطقس المعمودية . زمن المعمودية يجب على الوالدين تعميد طفلهما بعد ولادته بوقت قصير . مكان المعمودية تقام المعمودية أصولا في كنيسة الرعية وليس في المنازل، ويجوز استثناء، ولسبب صوابي أو لعدم وجود كنيسة في الرعية، أن يسمح رئيس الأبرشية بإقامة المعمودية في أحد المنازل الخاصة، وفي كل الأحوال يجب المحافظة على جو المهابة والوقار أثناء إتمام السر، أي المعمودية والميرون والمناولة الشريفة . المعمودية حدث كنسي لا فردي المعمودية نعمة وبهجة للمعتمد ولأسرته وللكنيسة جمعاء، لذا يجب أصولا أن تتم بحضور جماعة المؤمنين . كل معمودية تخص كل المؤمنين، لأنه فيها يولد لهم أخ جديد في المسيح، وهذا هو وجه للمعمودية كنسي حقيقي . المعمودية سر فصحي أ. المعمودية، في جوهرها، سر فصحي. لأنها الولادة الثانية التي فيها يُدفن المعتمد مع المسيح ويقوم معه . والفصح هو القيامة والغلبة على الموت، وحتى عبارة " أنتم الذين بالمسيح اعتمدتم ، المسيح قد لبستم " تبطن معنى القيامة لأن ذاك الذي لبسناه ودفنا معه هو الذي قام وأقامنا معه . ب. يوم المعمودية المخصص لها في الكنيسة هو ليلة الفصح أساسا، أي سبت النور. وقد دعي سبت النور بسبب حصول الاستنارة أي المعمودية فيه. لكن الكنيسة تجيز المعمودية في الأعياد الكبرى وتجيزها في كل يوم . معموديات جماعية يحسن أن يحتفل بالمعمودية بشكل جماعي على مستوى الرعية كاملة. فتخصص الرعية مواسم سنوية للاحتفال بالمعتمدين جماعيا ً،على أساس أنه ولد لها بالماء والروح أبناء جدد. بيوت المعمودية أ. تحسن العودة إلى بناء بيوت المعمودية، على الأقل في الكاتدرائيات والمدن الكبرى، وتكون عندئذ مجهزة بكل ما يلزم لإتمام المعمودية بشكل لائق كريم . ب. ماء المعمودية مقدس ، لذا يجب صبه بعد غسل المعمد في أماكن لا تداس بالأرجل وليس في مصرف صحي . التهيئة قبل المعمودية على كاهن الرعية أن يهيئ الأهل والعراب والمعتمدين، إذا كانوا بالغين، ويشرح لهم بتفصيل معاني الأسرار الحاصلة، أي المعمودية والميرون والمناولة المقدسة، وواجباتهم الملقاة عليهم تجاهها كلها . الخدم السابقة للمعمودية الخدم الحاصلة قبل المعمودية تشكل درجات في إدخال الطفل في حياة الكنيسة. يبارك الطفل في اليوم الأول، ويُعطى اسماً في اليوم الثامن، يُقدم إلى الهيكل في اليوم الأربعين . التعليم بعد المعمودية أ. وجب على الأهل والعراب تعليم المُعَمَد حقائق الإيمان المسيحي، ولا يجوز الظن بأن مسؤوليتهم قد توقفت بانتهاء خدمة المعمودية . ب. من واجبات الأهل والعراب أن يلجئوا إلى الكهنة والى سائر الهيئات الروحية، من أجل أن يساعدهم هؤلاء في تعليم طفلهم في الوقت المناسب وتنشئته تنشئة مسيحية . ج. إن المعمودية لا تنتهي عندما يفرغ الكاهن من إقامتها. المعمودية تشمل حياة الإنسان بكاملها. وحياة المؤمن، كما نعلم، وسعي متواصل إلى التجديد بخلع الإنسان العتيق ولبس المسيح. إنها سعي لكي يتمم الإنسان حياته كلها كابن للنور صائرا " إنسانا كاملا على مقدار قامة ملء المسيح " (أف13:4) |
||||
13 - 09 - 2014, 02:39 PM | رقم المشاركة : ( 6106 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سر المعمودية
1) تحليل المرأة (إذا ولدت ذكراً) وترتيب صلوات تحليل المراة كالاتى: 1- يقول الكاهن اليسون ايماس (ارحمنا يا الله الاب ضابط الكل). 2- الصلاة الربانية. 3- صلاة الشكر بمرداتها وعند الرشومات يرشم على السيدة ويقول "وعن عبدتك (فلانه)". 4- يرفع الكاهن بخور البولس بعد ان يضع فى الشورية خمس ايادى بخور بالرشومات المعروفة ويقول سر البولس "يا الله العظيم الابدى الذى بلا بداية ولا نهاية......" الخ. ويرفع البخور على المعمودية ويبارك الحاضرين. يقرأ أحد الشمامسة البولس (عب 1: 8 ? 12) يتكلم عن الابن الوحيد يسوع المسيح صاحب الملك الابدى، وقضية الاستقامة والعدل الذى أحب البر وأبغض الاثم. وقال متحديا "من منكم يبكتنى على خطية؟" (يو 8: 46) ويتمنى الكاهن ان يكون الطفل المقدم للعماد مشابها لصورة سيده المسيح فى البر وقداسة الحق، فى محبة الصلاح والفضيلة وكراهية الاثم والرذيلة. 5- تقال الثلاثة تقديسات ثم يصلى الكاهن اوشية الانجيل ويتلو احد الشمامسة المزمور (مزمور 31: 1، 2) "وطوباهم الذين تركت لهم اثامهم والذين سترت خطاياهم....". بالمعمودية ننال غفران الخطايا الجدية والفعلية، ولا يحسبها لنا الله بل يطرحها فى بحر النسيان، وتصبح فى طهارة آدم قبل السقوط. ثم الانجيل (لو 2: 21 ? 35). وفيه يذكر ختان الرب يسوع الذى استبدل فى العهد الجديد بالمعمودية. فالمعمودية هى ختان روحى كما يقول معلمنا بولس الرسول "وبه ايضا ختنتم ختانا غير مصنوع بيد، بخلع جسم خطايا البشرية بختان المسيح، مدفونين معه فى المعمودية، التى فيها أقمتم ايضا معه بايمان عمل الله، الذى اقامه من بين الاموات" (كو 2: 11، 12) ففى المعمودية لا يتم خلع او نزع جزء صغير من الجسم كما فى ختان العهد القديم؛ بل خلع ونزع الطبيعة القديمة بجملتها، تلك التى يولد بها الانسان ملوثة بوصمة الخطية الجديدة (خطية ادم). كذلك يذكر طقس التطهير الذى كان يجرى للمراة التى تلد والذى كان يعمل بعد اربعين يوما من الولادة، والذى نفذه الرب يسوع وامه العذراء رغم عدم احتياجة لهذا التطهير لانه قدوس القديسين وولد من العذراء مريم بالروح القدس وليس كسائر بنى البشر، انه واضع الناموس ونراه هنا يتمم الناموس بكل تدقيق. 6- تقال الثلاثة اواشى الكبار. السلام والاباء والاجتماعات ثم قانون الايمان. مصدر البحث: موقع كنيسة الأنبا تكلا. 7- يصلى الكاهن طلبة يسأل فيها الله أن ينظر الى هذه السيدة ويملأها من الروح القدس ويطهرها من خطاياها وأثامها. 8- يصلى الحاضرون ابانا الذى فى السموات..... ويصلى الكاهن التحاليل الثلاثة والبركة وهو يضع الصليب على راس المراة. 9- يدهن الكاهن المراة بالزيت الساذج، ويدهن المراة هنا لشفائها مما قد يكون بها من امراض، كما حدث فى مثل السامرى الصالح (لو 10). بعد ذلك تكون مستعدة للدخول الى الكنيسة والتناول من الاسرار المقدسة بعد ممارسة سر الاعتراف. ملاحظة: نفس طقس تحليل المراة اذا ولدت ذكرا يقام للسيدة التى اجهضت (اسقطت) بدون ارادتها نتيجة حادث او غيره، اما الاجهاض الارادى فهو خطية لانه قتل نفس ويستلزم قانون توبة اولا |
||||
13 - 09 - 2014, 02:48 PM | رقم المشاركة : ( 6107 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سرّ المعموديّة بين التاريخ واللاهوت مقال مترجم عن قاموس العقيدة الصادر باللغة الغرنسية ترجمة الخورية اندريه انطونيوس مقار ابراهيم في التاريخ : 1- في القرون الأربعة الأولى : نرى أن تنّوع التقاليد التي شهدناها في العهد الجديد يُتابع في القرون الميلاديّة الأربعة الأولى، وأن معموديّة المسيحييّن لا تُسند إلى نصٍ بيبلي (كتابي) أصليّ، كما هي الحال مع سرّ الافخارستيّا في العشاء السريّ. نرى أيضاً أنّ العاديات المسيحيّة تشهد ازدياد رتبة العماد ولكنّها، مع ذلك، لاتعرض سوى احتفالٍ واحد للتدرّج المسيحي. ويعود هذا الاحتفال الوحيد أكثر إلى فهمٍ عام للمعموديّة على أنّها احتفال ثالوثي لدخول الكنيسة منها وَحّدةٌ رُتبيّة. لاتكثر شواهد القرن الثاني للميلاد أبداً في هذا المجال (بنوا 1953)، ويقدّم الفصّل السابع من كتاب الديداكيه (الذيذاخة)، سرّ العماد بعد تعليم الفصول 1-6. وهو يذكره باسم الآب والإبن والروح القدس،إنما أيضاً باسم الربّ كما في الفصل (5و9)K ويعطي توضيحات في استخدام الماء، بسكب هذا العنصر فقط عند الاقتضاءK وعن الصوم الذي ينصح به لكلّ من يستطيع ذلك. يضيف يوستينوس على ذلك، في منتصف القرن الثاني، أنّ معنى العماد هو الإستنارة (photismos) ثم يذكر أنّ الاحتفال يؤدّي في النهاية إلى الإفخارستيا (65 و16.1Apol ). من جهته، يشهد القرن الثالث الميلادي تطّوراً رتبيّاً ملحوظاً (طرد الشرير والمسح بالزيت ووضع الأيدي). تتأتى هذه كلهّا بشكلٍ رئيس من الكتاب المقدّس حتّى لو وجد ما يشابهها في عادات العالم القديم. كان ترتليانوس أوّل من عرض مقالة في العماد (بداية القرن الثالث) ويُقدّم "التقليد الرسولي" (روما، حوالي 215) كتاب الرتب الأوّل الذي يستحقّ هذا الاسم. يبدأ الكتاب بمرحلة طلب العماد ( رقم15-20) التي يمكن أن تدوم ثلاث سنوات وهي حقبة تجربةٍ تُمارس فيها حالات طرد الشيطان، ويحتفل بالعماد في نهاية سهرة تكون على الأرجح، سهرة الإستعداد لعيد الفصح. يجحد طالبو العماد الشيطان ويدهنهم الكاهن مرّة أولى بزيت طرد الشرير ثم ينزلون عراة في الماء مع شمّاس. هناك يسألهم الشماس ثلاث مرّات عن إيمانهم فيجيبونه ثلاث مرّات ويعمّدون ثلاث مرات، وعندما يخرج طالبو العماد من الماء يدهنهم الكاهن بالزيت المقدّس، باسم يسوع المسيح. ومن ثم ينشّف المعمَّدون أجسادهم ويرتدون ثيابهم ويدخلون الكنيسة. هنا يتلو الأسقف، مع وضع الأيدي، صلاة موهبة الروح القدس، ويتناول الزيت المقدّس ويسكبه على رأس طالبي العماد باسم الآب والإبن والروح القدس. على أثر المسحة، يقبّلّ كلاًّ منهم قبلة السلام. بعد ذلك يصلّي المعمَّدون مع المؤمنين ويقدّم الشمامسة القرابين التي ستتحوّل بفعل التقديس إلى جسد الرب ودمه. ستترك هذه الرتبة المسهبة أثرها على مجمل التقليد الغربي. ولكن، لابدّ من فهم معناها الكنسي: يصير طالبو العماد مسيحيّين عند دخولهم مرحلة طلب العماد ثم مختارين في نهاية المرحلة المذكورة فمؤمنين بعد نوال سّر الإيمان، عندها ينخرطون حقيقة في الجماعة المسيحيّة. يتمّ الأسقف محاطاً بشمامسة وكهنة الإحتفال الذي تتوّجهه الإفخارستيا. مع ذلك، لا نستطيع أن نعمّم هذه المعلومات ولا سيّما في ما يختصّ بالشرق حيث نشهد تقاليد متعدَّدة. هكذا، مثلاً في سوريا تربط أعمال توما (سريانية، أوائل القرن الثالث) موهبة الروح بمسحة ما قبل العماد (الختم) كما سيكون الحال عليه أيضاً عند يوحنا فمّ الذهب ولا تتضمن أعمال توما لا إعلان الإيمان ولا الجحود بالشيطان. في الإسكندريّة، يجري الاحتفال بسرّ العماد في عيد الظهور الإلهي (عيد الغطاس) أي عماد المسيح وبالتالي عماد المسيحيّين. من جهتها، تعتمد الليتورجيا القبطيّة لاهوتاً عمادياً إزائياً، فعلى مثال يسوع يعتمد المسيحي في بداية حياته وينال الروح القدس تهيئة لرسالته وبعد أربعين يوماً يُقدَّم للهيكل. يحمل منتصف القرن الرابع ولا سيّما الجزء الأخير منه تعاليم مسيحيّة عماديّة ومستاغوجيّة كبيرة تعكس الشأن الذي أولاه أساقفة تلك الفترة وهم كيرلّس أو يوحنا الأورشليمي ويوحنّا فمّ الذهب وثيودورس المصيصي أو امبروسيوس للتدرُّج المسيحي. تعطي هذه التعاليم معلومات وافرة حول لاهوت وطقوس عمادية (كاملو1963) كان يتمّ، في تلك الحقبة، تبادله بين الكنائس. ونلاحظ فيها الأهميّة الأكبر المولاة للاهوت القدّيس بولس حول العماد على أنّه مرور بموت المسيح وقيامته، وسيساهم هذا المفهوم الممثَّل قليلاً إلى الآن في إبرازٍ أوضح لموهبة الروح وذلك أيضاً بعلاقة مع مجمع القسطنطينية سنة 381م كما نشاهد، إضافة إلى ذلك، طقوس ما بعد عماديّة لم تكن موجودة قبلاً. يذكر ترتليانوس للمرّة الأولى عماد الأطفال بوضوح في أوائل القرن الثالث في المقالة حول العماد (18,4) ليعترض على العماد المبكر فيقول " نعم ليأتوا ولكن لمّا يكبرون، لمّا يبلغون سنّ التعلّم....أمّا بالنسبة إلى التقليد الرسولي فهو يشير إلى أنّ عماد الأطفال لا يتمّ، كما سيجري لاحقاً، بمفردهم، إنّما مع أهلهم (وهذا متعلّقٌ، على الأرجح، ب"عماد العائلات" الوارد في أع 16، 15). نلاحظ في ما بعد، في القرن الرابع، تأخيراً في منح سرّ العماد. فالكبادوكيّون، أمثال يوحنّا فم الذهب وإيرونيموس وأوغسطينس وغيرهم، المولودون من أهلٍ مسيحيّين تعمّدوا وهم بالغين، لربّما عاد ذلك إلى أسبابٍ متعلّقة بالتوبة (إرميا 1967)، ولكن، لمّا صاروا أساقفة، أعلنوا تأييدهم لعماد الأطفال. ظهرت الصعوبات اللاهوتيّة مع ظهور النوفاطيّة (بدعة الأطهار)، فلقد عمد أتباع نوفاطيانوس إلى إعادة منح العماد لمن أراد أن ينضمّ إلى حركتهم. حتّى في "الكنيسة الكبرى"نفسها، كان ثمّة تقليدان في هذا الخصوص، فإفريقيا وآسيا الصغرى كانتا هما أيضاً تعيدان منح سرّ العماد، أمّا روما ومصر فاكتفيتا بوضع الأيدي. إشتدّ الجدال في منتصف القرن الثالث بين إفريقيا وروما والتأمت مجامع إفريقيّة عديدة لدرس المسألة وكتب قبريانوس بهذا الموضوع رسالتيه: 69 و 74. لقد اعتمد البابا إسطفانوس مبدأ "لنمتنع عن إدخال أيّ تحديث ولنتّبع فقط التقليد بوضع الأيدي علامةً للتوبة." (رسالة 74، 2، 2-3). أقام قبريانوس من جهته الحجّة أنّ هناك عماداً واحداً لا غير، ذلك الذي تمنحه الكنيسة الكبرى، لأنّ ليس هنالك سوى كنيسةٍ واحدة وروحٍ واحد ولأنّ أحداً لا يستطيع أن يكون الله أباه إن لم تكن الكنيسة أمّه (رسالة 74، 2،7). فضلاً عن ذلك، "ما من خلاصٍ خارج الكنيسة" (رسالة 73، 2،21). وتنقل الكنيسة، في العماد، ما يعود إليها وما عماد الهراطقة إلاّ طقسٍ مائيّ. لن يُقبَل هذا الطرح، وسيأتي مجمع أرل حليفاً للنظرة الرومانيّة مؤكّداً أنّ قيمة العماد تتوقّف على محتوى الإيمان المُعلن (قانون 8). وقد وافق مجمع نيقيا عام 325 على وجهات النظر هذه (قانةون 19،8). تَتابع الجدال ضدّ الدوناتيّة في شكل نزاعٍ تمكّن أوغسطينس من حلّه بالانتقال من مفهوم قبريانوس بحسب علم الكنيسة، إلى فهمٍ مسيحاني للعماد. فهذا الأخير يعود بالدرجة الأولى إلى الله والمسيح وليس إلى الكنيسة ومهما كان الخادم، هو المسيح دائماً الذي يعمّد (يو 33،1). من هنا جاءت العبارة المشهورة: "أبطرس عمّد أم بولس أم يهوذا فالمسيح هو الذي يعمّد" (مقالة حول إنجيل يوحنا VI 5-8،57-56,36,SL.CChr). في هذا الإطار ولد مفهوم خادم السرّ، فأوغسطينس يميّز ما بين قدرة سرّ العماد (التي تعود إلى المسيح وحده) وخدمة الخادم: هذا الأخير لا يعطي ممّا يملكه (قبريانوس)، بل هو خادم المسيح. لهذا، يقبل الغرب، في الحالات الطارئة، أن يتمّ منح سرّ العماد على يد أيٍّ كان، حتّى على يد غير المعمَّد، بشرط أن يكون له نيّة أن يقوم بما تقوم به الكنيسة (خدمة الكهنة الراعويّة وحياتهم،1315، 1617). ويأتي إنتقاد البلاجيّة بفرصٍ لتوضيحاتٍ جديدة. فقد اعتاد البلاجيّون منح العماد للأطفال ولكن بسبب براءة هؤلاء كانوا ينفون قبولهم إيّاه لمغفرة الخطايا. يعترض أوغسطينس هنا قائلاً إنّ عماد الأطفال يشير إلى حاجتهم للخلاص. " ممّا إذاً، إن لم يكن من الموت، من الرذيلة، من القيود، من العبوديّة، من ظلام الخطيئة؟ وبما أنّ سنّهم يحول دون ارتكابهم هذه شخصيّاً، تبقى الخطيئة الأصليّة" (حول قيمة الخطايا ومغفرتها، وحول عماد الأطفال.، سنة 412،I، 26، 39، مجمع آباء الكنيسة اللاتينيّة44, 131). نرى إذاً، عند أوغسطينس، تطوّر عقيدة الخطيئة الأصليّة، إثر مسلّمة مزدوجة قائمة على براءة الأطفال الشخصيّة (المفترضة بحسب العقل) وعلى عماد الأطفال الذي تمّ قبوله ومنحه "لمغفرة الخطايا". ولمّا تطوّرت، عادت العقيدة المذكورة سبباً لمنح العماد للأطفال. وقد طغى الأخير في ما بعد، في الغرب، لدرجة أنّه حجب القيم الإيجابيّة التي أكّد عليها، مثلاً، يوحنّا فم الذهب (التعليم العمادي III, 5-6). سيطوّر أوغسطينس، في الجدال ضدّ الدوناتيّة، الخطوط الأولى لما سيصير لاحقاً عقيدة ميزة الإيمان (خدمة الكهنة الراعويّة وحياتهم1609). ولمّا أراد هذا اللاهوتي أن يشدّد على الشكل النهائي للسرّ، تحدّث عن "السرّ الذي يبقى". ومن بين الصور التي استخدمها ليشرح حقيقة هذا الشكل النهائي، صورة النعجة المختومة بختم صاحبها. تحوّل سواد سكّان منطقة البحر الأبيض المتوسّط إبتداءً من النصف الثاني من القرن الرابع إلى المسيحيّة ممّا أدّى إلى تغيُّرٍ في علم اجتماع الكنيسة (أنظر رسالة إينوشنسيوس الأوّل إلى دوسنسيوس دي غوبيو التي تبيّن نتائج هذا الوضع الجديد على العماد والتثبيت، وعلى الإفخارستيّا والخِدَم. أمّا بالنسبة إلى التدرُّج المسيحي، فقد انتهج كلٌّ من الشرق والغرب طريقين مختلفين، فالشرق خصّ بالأولويّة، وحدة التدرُّج وأعطى الكهنة حقّ منحه كاملاً فيما أبقى الغرب، للتثبيت، رابطاً بالأسقف ممّا أدّى تدريجيّاً إلى الفصل بين العماد والتثبيت. 2. العصور الوسطى الغربيّة السحيقة. ننتقل، في القرن الخامس، من غالبيّة عمادٍ للبالغين، إلى غالبيّة عمادٍ للأطفال. ظلّ الأسقف، في المدن، هو الذي يمنح سرّ العماد في عيد الفصح، وهو الذي يثّبت ويعطي الإفخارستيّا، كلّ ذلك في الاحتفال عينه. أمّا في الريف، فصار الكاهن يعمّد الأطفال أكثر فأكثر عند الولادة ويناولهم بالدم المقدَّس، إلاّ أنّ التثبيت بقي، مُرجأً إلى حين مرور الأسقف في المنطقة. وتضيف الكتب الليتورجيّة ، في القرن الثامن، إلى الأسئلة والأجابات حول الإيمان، صيغةً عماديّةً مأخوذة من إنجيل القدّيس متّى 28، 19 يمكن التقدير أنّها كانت معروفة قبل قرنين (دي كليرك 1990). كما تبدّلت العلاقة بين الإيمان والعماد، فلم يعد هذا الأخير يحصل بإعلان الإيمان وصارت لعبة الأسئلة والأجوبة نوعاً من شرطٍ مسبَقٍ للحصول على السرّ الذي يؤدّيه الخادم بواسطة صيغةٍ تشير إليه على أنّه فاعل الفعل (أُعمّدُك.....") وستتحوّل هذه الصيغة إلى قالب صِيَغ الأسرار الأخرى. 3. العصور الوسطى الغربيّة. باستطاعتنا أن نعتبر أنّ الغرب، وابتداءً من القرن الثاني عشر، عرف العماد quam primum أي الذي يمنح في أسرع وقتٍ ممكن بعد الولادة. إذاً، إبتعد الغرب عن العماد الفصحي كما تغيّر الحال بالنسبة إلى المناولة الأولى التي أُرجئت إلى سنّ التمييز. إستقلّت، هكذا أسرار التدرُّج المسيحي الثلاثة التي كانت سابقاً مجموعةً في احتفالٍ واحد ونرى في لائحة السباعيّة الأسراريّة الموضوعة سنة 1150 أنّ كلاًّ من العماد والتثبيت والإفخارستيّا معدودٌ بمفرده. من جهتهم، ينظّم اللاهوتيّون المدرسيّون التعليم الذي وصلهم ولنا مثالٌ على ذلك في الخلاصة اللاهوتيّة لتوما الأكويني 71-66 . q ,aIII . نتطرّق أيضاً إلى مسألة الأولاد الذين توفّوا من دون الحصول على المعموديّة وهي مسألةٌ دقيقة في مجتمعٍ كثُرت فيه وفيّات الأطفال وطغى فيه إعتبار الخطيئة الأصليّة على لاهوت العماد. من هنا برز مبدأ يمبوس الأطفال ( مكان وسط)، فهؤلاء، وهم بعد غير معمَّدين، لا يمكنهم أن يدخلوا ملكوت الله، بحسب يوحنّا 3،5. هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى، تحول براءتهم دون اعتبارهم هالكين. يقول القدّيس توما الأكويني إنّ هؤلاء الأطفال محرومون من الرؤية السعيدة. ولكن، بما أنّ الطبيعة ليست بحدّ ذاتها موجّهة نحو الفائق الطبيعة، فهم لا يعانون من الأمر:" فما من حزنٍ من أن، نُحرَم من خيرٍ لا يناسبنا" (بواسّار 1974). إنّما، لن يتمّ قبول هذا اللاهوت، اللطيف بالنسبة إلى وجهات النظر الأوغسطينيّة، كعقيدةٍ في الكنيسة. ومع ذلك، كان له التأثير البليغ ولم يمحُ المخاوف كلّها. في هذا الإطار، ظهرت "مزارات الراحة" أي تلك المزارات حيث كانوا يحملون الأطفال المتوفّين من دون الحصول على العماد. لقد جرت العادة أن يوضع الأطفال على المذبح وكان بعضهم يبدو وكأنّه استعاد الحياة لفترةٍ وجيزة فيعمدون إلى منحهم سرّ العماد في خلال هذا الوقت القصير. 4. الإصلاح والحقبة الحديثة. لن ينتقد المصلحون الكبار لا العماد ولا عماد الأطفال، بل سيأتي الانتقاد من جانب تجديديّي العماد الذين يعارضون عماد الأطفال مقدّمين أسباباً كتابيّة (يفرض العهد الجديد الإيمان شرطاً للعماد) وكنسيّة (لا يمكن للكنيسة أن تتألّف سوى من معترفين). هؤلاء التجديديّون هم اسلاف معمدانيّي القرن السابع عشر الذين يعلّمون لاهوت العماد نفسه ويمنحون السرّ بالتغطيس. 5. القرن العشرون. يدمغ هذا القرن حدثان كبيران هما الحركة المسكونيّة والمجمع الفاتيكاني الثاني. أ) يكرّس الدستور في الليتورجيا المقدَّسة، في المجمع الفاتيكاني الثاني، الأرقام 64 إلى 70 للعماد فيقرِّر الرقم 64 إعادة موعوظيّة البالغين على مراحل، ويطلب الرقم 66 إعادة النظر في طقس معموديّة الأطفال بغية "تكييفه وواقع الأطفال الصغار". من جهته، يتحسّب الرقم 69 لحالات منح العماد للأطفال بطريقةٍ طارئة، فيؤلّف طقس استقبالٍ في الجماعة (أنظر فصل VI من كتاب طقوس عماد الأطفال)، كذلك الأمر بالنسبة إلى الأشخاص المعمَّدين في مذهبٍ آخر فيضع لهم طقس قبول في شركة الكنيسة الكاملة (في كتاب رُتب التدرُّج المسيحي للبالغين). لقد وضع المجمع هذه الإرشادات لاستخدام الدستور. وتمّ نشر كتاب رتبة عماد الأطفال باللغة اللاتينيّة في العام 1969 وظهرت في السنة عينها ترجمة موّقتة، أمّا النصّ الفرنسي المصدَّق فيعود إلى سنة 1984. يضمّ هذا الأخير ملاحظات عقائديّة ورعائيّة هامّة تشرح القسم الرتبي. الجدير ذكره هو أنّ التعديلات الرئيسة تأتي على مستويين، فمن جهةٍ أولى، يستعيد العماد ليتورجيا الكلمة، ومن جهةٍ ثانية يصدر للمرّة الأولى في تاريخ الكنيسة كتاب رتبٍ "يتكيّف والوضع الحقيقي للأولاد الصغار" الأمر الذي يؤكّد أنّ النموذج اللاهوتي للعماد هو، في ضمير الكنيسة، نموذج البالغين. ويُحِلُّ هذا التكيُّف أيضاً الأهل محلّ العرّاب والعرّابة في الصدارة "فهم يمارسون خدمةً حقيقيّة" (ملاحظة رقم 40) عندما يطلبون العماد لأولادهم ويجاهرون ن هم أنفسهم، بإيمان الكنيسة. في مرحلةٍ لاحقة، تمّ نشر كتاب رتب التدرج المسيحي للبالغين باللغة اللاتينية عام 1972م ثم كان له طبعة موقّتة باللغة الفرنسيّة عام 1974م وطبعة فرنسيّة مصدقة عام 1997. إعتمد المجمع الفاتيكاني الثاني مفهوم التدرُّج المسيحي الذي اكتشفه مُجدداً ل . دوشان في نهاية القرن التاسع عشر وهو، أي المفهوم، موجودٌ في مقدّمة كتب الرتب جميعها. نعود الآن إلى كتاب رتب التدرُّج المسيحي فهو مؤلّفٌ ضخمٌ يحتوي، إلى جانب الملاحظات العقائديّة والرعائيّة، على رتبة طلب العماد الذي يمكن أن يمتدّ على مدى ثلاث سنوات وعلى رتبة أسرار التدرّج. يُقسم الكتاب موضوعنا إلى أربعة أزمنة ( التبشير الأول، طلب العماد، الصوم الأخير، مستاغوجيّة) وثلاثة إحتفالات (ولوج طلب العماد، نداء قاطع وتسجيل الإسم، الأسرار). يحتفل الأسقف عادةً بالأسرار إبّان السهرة الفصحيّة أو يحتفل به الكاهن الذي يمكنه، في هذه الحالة، أن يُثبتَ هو نفسهُ المعمَّدين الجدد. (رقم228،انظر نور الأمم رقم 26 الذي ينصّ على أنّ الأسقف هو الخادم الأصلي لسرّ التثبيت). تتعارض هذه التعليمات تماماً مع تعليمات القرون الوسطى السحيقة وتُلغي إذاً السبب الرئيس لتفرّق أسرار التدرّج المسيحي. ب) يبدو جليّاً أنّ الحركة المسكونيّة إهتمت بالعماد. فمنذ المؤتمر الأوّل في لوزان عام 1927م أدرجت وثيقة "إيمان ودستور" على جدول الأعمال البحثَ عن نصِّ تلاقٍ عقائدي حول العماد وقد عرف هذا الأخير طبعات عديدة قبل أن يتمّ نشره في ليما عام 1982م تحت عنوان "عماد،إفخارستيا،خدمة" حتى يُعمل على دراسته من قِبل الكنائس المختلفة. أدّت أجوبة الكنائس بعد الدراسة إلى صدور تقريرٍ نُشر عام 1991م. سمحت هذه الخطوات للكنائس بالاعتراف المتبادل بالعماد الذي يُمنح في داخل كلٌ منها. يصحّ هذا خصوصاً في بلجيكا (عام1971م) وفي فرنسا (1972م) والمانيا (وفاق لوينورغ،1973م) (سيكار1991م). يولي الحقّ القانوني اللاتيني (CIC) اليوم الحماية لصلاحيّة عماد غير كاثوليكي فينصّ على ما يلي: " لا يجب على الأشخاص المعمَّدين في إطار جماعةٍ كنسيةٍ غير كاثوليكية أن يُعمّدواُ بشرط، إلّا إذا وجدَ سببٌ وجيه للشك بصلاحية عمادهم، بالنظر إلى الطريقة والصيغة المستعملتين لمنح السرّ وإلى نيّة المعمَّد البالغ والخادم الذي عمّد (قانون 869 &2). III- لاهوت العماد. يشكّل التدرّج المسيحي للبالغين نموذج العماد وهو يُظهر بأفضل طريقة التحقيق الرتبي للسرّ ويقدّم أحسن أساسٍ للتفكير اللاهوتي. في الواقع، يمكننا أن نفهم فرادة عماد الأطفال إنطلاقاً من هذا التدرج. 1- العماد والمصير الشخصي. يشكل العماد أساس الهوية الشخصية للمسيحي أمُنحَ للأطفال أم للبالغين . وتظهر العلامة الأبرز له عند الأطفال في إعطاء الإسم حيث يبدأ الإجراء الرتبي. أمّا البالغون فيكتسبون هذه الهويّة في خضمّ وجودهم، في الخيار الذي يقومون به ليرفضوا الشرّ الذي اختبروه في حياتهم السابقة ( الجحود) وليختاروا الله ومسيحهُ والروح القدس الذي حبهُ أقوى من أي شكلٍ مِن أشكال الموت ( إعلان الإيمان) . 2-معنى عماد البالغين. لا يتحقّق أيّ عماد من دون وساطة جماعة مسيحيّة ولكن ليست هذه هي الغاية القصوى أنّما الغايةُ هي الإيمان بالله الثالوث وهذا الإيمان هو موضوع الأسئلة التي تُطرح مباشرة قبل حركة الماء. الغاية هي تأكيد القيمة الأسرارية للحدث، لفعل الله الذي تؤدّيه كنيسته والذي لا يقتصر على رتبة إنتماء. ويدعو هذا المنطق الأسراري للنظر أوّلاً إلى العلاقات الكنسيّة التي يبنيها العماد للنظر في ما بعد في العلاقات الثالوثية التي فيها تكمن نعمة هذا السرّ. 3-العماد وإقامة علاقات كنسيّة. بحسب سفر أعمال الرسل 2/41 "وانضمّ في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس"، وبما أنّ لا مفعول فيه للفعل، يمكننا أن نفهم أنّ المعمَّدين الجدد انضمّوا إلى المسيح الذي باسمه قبلوا العماد، كما انضمّوا أيضاً إلى الجماعة. وتأتي الآية 47 لترجّح التفسير الأخير، وهناك بعض الطبعات التي تسمّي الكنيسة. يتمّ كلّ عماد عن طريق الكنيسة وأحد خدّامها (الأسقف أو الكاهن أو الشمّاس)، في الكنيسة، لأن، "لا يستطيع أحد أن يكون الله أباه إن لم تكن الكنيسة أمّه" (قبريانوس، رسالة 74، 7)، وذلك بغية تشكيل الكنيسة. بأي كنيسة يلتحق العماد؟ لا يلتحق هذا السرّ فقط بالجماعة المحليّة لأنّنا لا نتعمّد مجدّداً إذا ما تردّدنا إلى جماعةٍ أخرى. يدعو البعد الأسراري للعماد وتدعو الإتّفاقات الأخيرة للاعتراف المتبادل بالعماد بين الكنائس إلى التأكيد على أنّ المعمَّدين ينضمّون إلى كنيسة الله. ولكنّهم ينضمّون إليها بالضرورة عبر وساطة كنيسةٍ محليّة. وبما أنّ الكنائس ليست جميعها في شراكة، يجب الاعتراف بأنّ المعمَّدين هم في آنٍ معاً منضمّين إلى كنيسة الله وأعضاء في كنيسة خاصّة بطائفة معيّنة. حتّى لو، على مثال الكنيسة الكاثوليكيّة، اعتبرت أنّها جامعة. جاء في كتاب العماد والإفخارستيّا والخدمة ما يلي، تحت عنوان "الانضمام إلى جسد المسيح": "يشكّل العماد الذي نحتفل به طاعةً لربّنا، علامةً وختماً لالتزامنا المشترك كتلاميذ." في الواقع، يؤول عماد المسيحيّين إلى اتّحادهم بالمسيح، وبكلّ واحدٍ من المسيحيّين الآخرين وبالكنيسة في كلّ زمانٍ ومكان. هكذا، يشكّل عمادنا المشترك الذي يوحّدنا بالمسيح في الإيمان، رابطَ وحدةٍ أساسيّاً. نحن شعبٌ واحدٌ ومدعوّون للاعتراف بربٍّ واحد ولخدمته في كلّ مكانٍ في العالم أجمع. وتحمل وحدتنا هذه بالمسيح التي نشترك فيها، إرتداداتها على وحدة المسيحيّين، "هناك....عمادٌ واحد وإلهٌ واحد أبٌ للجميع..." (أف 4، 4-6) وعندما تتحقّق وحدة العماد في الكنيسة الواحدة، المقدَّسة الجامعة الرسوليّة، تتحقّق شهادةٌ مسيحيّةٌ حقيقيّة لحبّ الله الذي يشفي ويصالح. لهذا السبب، عمادنا الواحد في المسيح، هو نداءٌ للكنائس حتّى تتعالى على إنقساماتها وتظهر شراكتها بشكلٍ جدّيّ (رقم 6). العماد هو، في الواقع، أساس وحدة المسيحيّين، إن داخل كنيسةٍ نصير أعضاء فيها بفعل المسيح (وليس بفعل اختيار الأعضاء الآخرين)، أو بين الكنائس التي تجد في هذا علّة جهودها المسكونيّة. يقيم العماد علاقةً بالله بواسطة كنيسةٍ ما ولكنّه لا ينفي سبلَ خلاصٍ أخرى بالمسيح "الذي فيه ومن أجله خُلق الكلّ" (كو 1، 16)، والذي "يريد أنّ الناس جميعاً يخلصون" (1 تيم 2,4)، لأن، إن صحّ القول إنّ العماد بالإيمان يخلّص، يصحّ أكثر التأكيد على أنّ الله هو الذي يخلّص بالعماد، أو بطرقٍ أخرى من رحمته. ويحدّد اللاهوت الكلاسيكي ضرورة العماد في أنّه تعليمٌ وليس واسطة، لأنّ "الله لم يربط قدرته بالأسرار" (توما الأكويني الخلاصة اللاهوتيّة، 7 .a, 64 .q, aIII ) وتفرض هذه الضرورة ذاتها على كلّ شخص يرى في العماد تحقيق العهد مع الله. ت) العماد كإقامة علاقات ثالوثيّة. تظهر العلاقة بالمسيح، وهي زمنيّاً الأولى (أع 2، 38/ 1 كور 1، 13) أنّها أيضاً الأبرز وهذا ما يؤيّده الفعل الأوّل في الاحتفال بالسرّ اي الختم على شكل الصليب والتقليد الغربي بمنح العماد في الفصح. يعني العماد، في الواقع، من وجهة نظر المعمَّدين، أوّل ما يعنيه، العبور في موت المسيح للقيام معه و"السير معه في جدّة الحياة" (رو 6، 4). ويعني بالنسبة إلى المسيح، الحركة التي بها يلتزم تجاه من أعطوه إيمانهم وهذا ما تؤكّده بعباراتٍ أخرى عقيدة الطابع العمادي (خدمة الكهنة الراعويّة وحياتهم 1609). هكذا نرى بنية تبادلٍ تتحكّم بمنطق الفعل الأسراري، فنيّة الله في المسيح، يتلقّاها أشخاصٌ يجيبون عليها بالروح بغية بناء الكنيسة. وينال المسيحيّون دعوتهم في العماد كما تشهد على ذلك الصلاة التي ترافق الدهن بالميرون المقدَّس: "من الآن فصاعداً، أنتم من شعبه (الآب)، أنتم أعضاء في جسد المسيح وتشاركون في كرامته ككاهنٍ ونبيٍّ وملك". نجد هذه الدعوة موسَّعةً في نور الأمم 34-36. فإذا ما نظرنا إليها من هذا المنظار، نرى الحياة المسيحيّة بكاملها حياةً عماديّة. من جهته، يؤكّد العهد الجديد العلاقة بالروح القدس، إمّا بخطّ القدّيس لوقا الإنجيلي أي خطّ قوّة الله التي ينالها المعمَّد للقيام بالرسالة، إمّا بخطّ القدّيس بولس أي خطّ التحوّل الداخلي أو التقدُّس. ولا يمكننا أن نستنتج غياب هبةٍ خاصّةٍ للروح، في العماد، بسبب أنّها موجودةٌ في سرّ التثبيت بما أنّنا ننال العماد باسم الآب والإبن والروح القدس علماً أنّ هبة الروح هي مغفرة الخطايا (يو 20، 22s). ينال الإنسان في المعموديّة روحاً غير روحه وهو مدعوٌّ ليحمل ثمار هذا الروح الجديد (غل 5، 22) في حياةٍ "روحيّة" "لأنّ كلّ الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله" (رو 8، 14). تنتهي المسيرة العماديّة عند العلاقة بالله المُعتَرف به أباً وخالقاً بالإضافة إلى الثقة التي تحملها معها لأن "إن كان الله معنا فمن علينا؟" (رو 8، 31-39). 3. المعنى الخاص لمعموديّة الأطفال. أ) تبرير معموديّة الأطفال – بما أنّ العماد هو سرّ الإيمان، كيف يمكننا أن نقبل قيمة عمادٍ حقيقيّ يتمّ في سنٍّ ينفي، بالمبدأ، أيّ جوابٍ شخصيٍّ عن الإيمان؟ تقوم الإجابة على ضرورة الإنابة، أي ضرورة إيمانٍ ينوب عن إيمان الطفل يضعه تقليد الكنيسة على مستويين: أوّلاً هناك إيمان الكنيسة حيث يتمّ الاحتفال بأيٍّ من الأسرار (وليس فقط عماد الأطفال). يلزمنا هذا بقبول أنّ عبارة "العماد سرّ الإيمان" لا تحمل معنىً ذاتيّاً (يُفترَض بالمعمَّدين أن يجيبوا عن إيمانهم) فحسب، إنّما أيضاً معنىً موضوعيّاً، ففي الحقيقة، عندما تعمِّد، ترسم الكنيسة الهيئة الأسراريّة لإيمانها بخلاص الله. يسمح لنا هذا أن نفهم أنّ المُسند إليه الإيمان ليس أوّلاً شخصاً إنّما الكنيسة، أيّ شعب الله. بعبارة أخرى، تلقي معموديّة الأطفال الضوء على بعض أبعاد الإيمان بحدّ ذاته. ثانياً، مطلوبٌ أيضاً إيمان الآخرين بمعنى أنّ إيمان الكنيسة لا بدّ وأن ينتقل عبر أشخاصٍ ملموسين. يرى اللاهوتيّون الذين يقبلون بمعموديّة الأطفال أنّ هذه الأخيرة تجد تبريرها عندما يطلبها مؤمنون (توما الأكويني، الخلاصة اللاهوتيّة، 68 . q, aIII) وليس حكماً الأهل. ب) دواعي معموديّة الأطفال. تتصدّر الدواعي اللاهوتيّة، إرادة الله لخلاصٍ شامل يطال أيضاً الأطفال، بالتالي، وجود معموديّتهم تبيّن قيمتهم في عينيّ الله. وثمّة داعٍ آخر، هو الخطيئة الأصليّة: من الواضح أنّ ما من خطيئة فعليّة تُنسب إلى الأطفال، مع ذلك هم يخلقون في عالمٍ كان الناس فيه دوماً بحاجةٍ إلى خلاص الله (خدمة الكهنة وحياتهم 1514). هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يعكس عماد الأطفال بامتياز مجّانيّة الخلاص لأنّ الله يتقدّم منهم بمبادرته حتّى قبل أن يتمكّنوا من الإجابة عن إيمانهم. هذا هو داعي النعمة السابقة العزيزة على قلب اللوثريّين. باستطاعتنا أن نتوسّع في هذا الداعي بطريقةٍ وجوديّة أكثر إذا ما أظهرنا كيف أنّ معموديّة الأطفال تدرك سرّ الوجود البشريّ. في الواقع، لا يملك الإنسان سوى القسم القليل من التحكّم على حياته، على الأقلّ، هو لا يملك مبادرة ولادته في العالم. معموديّة الأطفال هي إعادة تضعيفٍ رمزيّةٍ لذلك، ممّا يشرح، من دون شكّ، إستمراريّتها على مدى التاريخ بالرغم من الانتقادات المستمرّة لها. كما تقدّم هذه المعموديّة، في النهاية، مثال التضامن الكنسيّ لأنّ الخلاص يتجرّد من أيّ معنىً في ما لو كان فرديّاً، هنا أيضاً تُبرز معموديّة الأطفال أبعاد الإيمان. ث) الاعتراضات ضدّ معموديّة الأطفال– غالباً ما تمّ التعبير عن هذه الاعتراضات وهي ملخَّصة في التعليم حول موضوعنا هذا الذي نشره مجمع عقيدة الإيمان في تشرين الأوّل 1980. ويأتي، إلى جانب عدم إمكانيّة إعلان الإيمان المذكورة أعلاه إعتراضان أساسيّان يتعلّقان بنوع الكنيسة الذي يؤدّي إليه عماد الأطفال وبالحريّة. ج) غالباً ما جرى الاعتراض على الكنيسة المتعدِّدة التي يؤدّي إليها عماد الأطفال في النصف الثاني من القرن العشرين. توسّع هذا الانتقاد أيضاً فاتّخذت كنائس كثيرة إجراءاتٍ ضدّ "معموديّة الأطفال المعمَّمة" (ج. ج فون ألمن 1967) بشكلٍ خاصّ، تحضير الأهل. ويؤدّي التطوّر الإجتماعي-الكنسي في الغرب إلى تحوّل الإشكاليّة، في أيّامنا هذه، نحو موقفٍ أكثر صراحة من معموديّة الأطفال (جيزال 1994). يبقى الاعتراض الأكثر شيوعاً متعلِّقاً بحريّة الأطفال وبموقفٍ طائفيّ لمعموديّتهم. في الواقع، يتوجّه كتاب الرتب الجديد إلى الأهل، وذلك بغضّ النظر عن الماضي، ويدعوهم إلى إعلان إيمانهم الخاص في معموديّة ولدهم. بالطبع، هو هذا الأخير الذي يقبل العماد ولكن لا يُعتبَر تراجعٌ ممكنٌ من قبله، في وقتٍ لاحق، جحوداً، طالما لم ينتم شخصيّاً إلى إيمان عماده. علاوةً على ذلك، يمكن دحض هذا الاعتراض بواسطة تفكيرٍ فلسفيّ حول الحريّة: فهذه، في الواقع، ليست تحكّماً دائماً بل تمثّل قدرة إلقاء الخيارات وإدراجها على مدى الحياة. أخيراً، باستطاعتنا أن نتساءل ما إذا كان الاعتراض المذكور لا يظهر أيضاً عدم تأكُّد الأهل لجهة إستعداداتهم الإيمانيّة الشخصيّة. د) خصائص معموديّتي البالغين والأطفال. يمكننا أن نقدّم التأكيد التقليدي أنّ ليس سوى معموديّةٍ واحدة (أف 4،4) إذا بيّنّا بوضوح المنطق الخاص لكلٍّ من المعموديّتين. تظهر الاختلافات جليّاً بين الشكلين، تتناول أوّلاً الأشخاص (بالغون – أطفال) والخادم (أسقف – كاهن أو شمّاس) والتسلسل الرتبيّ (ثلاث سنوات، إحتفالٌ واحد). إذا تجاوزنا هذه الاختلافات، نحن أمام نموذجين متمايزين، ففي التدرُّج المسيحين تسبق العماد عناصر عديدة للوصول إلى الإيمان ويُحتفل بالسرّ ليلة الفصح مع التثبيت والإفخارستيّا (راجع كتاب رتب التدرُّج المسيحي للبالغين رقم 34) اللذان يبدأ معهما زمن المستاغوجيّة. ينعكس النموذج تماماً بالتسبة إلى معموديّة الأطفال فكلّ ما يسبق عماد البالغين يتبعها عند الأطفال. نحن إذاً أمام منطقين مختلفين للعماد نفسه، منطق الإهتداء للكبار ومنطق التربية التدريجيّة للأطفال |
||||
13 - 09 - 2014, 02:50 PM | رقم المشاركة : ( 6108 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
في معمودية ربنا يسوع المسيح القديس كيرلس الكبير 1. كيف فارق روحُ الله الإنسانَ بسبب السقوط؟ - في شرحه كيف اقتبل الإنسانُ روحَ الله في الخلقة عندما نفخ الله في أنفه نسمة حياة، وكيف فارق روح الله الإنسان بسبب تعدِّي الإنسان لوصية الله، وكيف تجسَّد كلمة الله وصار إنساناً مثلنا واقتبل الروح القدس من الآب بصفته واحداً منا حتى يحتفظ به لنا في داخل طبيعتنا ويهبه لنا بدون أن يُفارقنا مرة أخرى؛ يقول القديس كيرلس الكبير موضِّحا ذلك: + يقول موسى إن الله خلق الإنسان، وإنه «على صورة الله خلقه» (تك 1: 27). ثم يُخبرنا أيضاً أنه طبع وختم عليه الصورة الإلهية بواسطة الروح قائلاً: «ونفخ في أنفه نسمة حياة» (تك 2: 7)، لأن الروح صار ? في وقت واحد ? يبعث الحياة في خليقته، ويطبع عليها صورته الخاصة على مستوى إلهي. وهكذا كان الإنسان في الفردوس محتفظاً بعطية الروح، وعظيماً بصورة خالقه الإلهية المطبوعة عليه بالروح القدس الساكن فيه. ولكن لما أغوته حِيَل الشيطان، وبدأ يستهين بخالقه ويتعدَّى الوصية، ويُقدِّم الإساءة عِوَض الإحسان؛ عاد الله وسحب منه النعمة المُعطاة له، وصار الإنسان المخلوق أصلاً للحياة يسمع لأول مرة: «إنك تراب وإلى التراب تعود» (تك 3: 19). وهكذا انطمست مشابهته لله بسبب الخطية? والروح أيضاً فارق الإنسان، وحينئذ وقع هذا المخلوق العاقل في منتهى الجهل والجنون، جاهلاً حتى خالقه. وهكذا ظهرت أخيراً طبيعة الإنسان عارية تماماً من الروح القدس الذي كان يسكن فيه أصلاً: «فالحكمة (روح حكمة القدوس) لا تدخل نفساً ماكرة ? بحسب المكتوب ? ولا تَحِلُّ في جسدٍ تستعبدُه الخطيئة» (حكمة 1: 4). ولما كان آدم الأول لم يحتفظ بالنعمة المُعطاة له من الله، قَصَدَ الله أن يُرسل لنا من السماء آدم الثاني. فلما صار كلمة الله إنساناً اقتبل بصفته واحداً منا الروح القدس من الآب، فهو لم يقبله بصفته الشخصية (أي بصفته كلمة الله)، إذ أنه هو نفسه مُعطي الروح؛ بل بالحري قَبِله كإنسان حتى يحتفظ به لنا في داخل طبيعتنا، ويجعل النعمة التي فارقتنا تدبُّ بجذورها من جديد فينا. وأعتقد أنه لهذا السبب أضاف المعمدان قائلاً: «إني رأيتُ الروح نازلاً من السماء، فاستقرَّ عليه» (يو 1: 32)، لأن الروح فارقنا أصلاً بسبب الخطية، ولكن ذاك الذي لم يعرف خطية صار كواحدٍٍ منا (أي إنساناً)، حتى يجد الروح فيه فرصة جديدة للاستقرار فينا، إذ لا يجد فيه سبباً للمفارقة. وهكذا نراه يقبل من أجلنا الروح القدس في نفسه ليستعيد لطبيعتنا ذلك الخير القديم (أي حلول الروح فيها). فإنه بهذا المعنى قيل عنه إنه ?افتقر من أجلنا لكي يُغنينا بفقره? (2كو 8: 9)، فكما أنه مع كونه هو الحياة بطبعه قد مات بالجسد من أجلنا لكي يغلب الموت عنا ويُقيم الطبيعة البشرية كلها معه ? لأننا جميعاً كنا فيه بسبب كونه إنساناً - هكذا أيضاً (مع كونه يقتني الروح جوهرياً في نفسه) قد قَبِلَ الروح من أجلنا لكي يُقدِّس به كل الطبيعة البشرية. فإنه لم يكن محتاجاً أن يأتي من أجل نفسه هو، بل قد جاء ليصير لنا جميعاً بدايةً وطريقاً وباباً للخيرات السماوية(1).- وفي موضع آخر يعود القديس كيرلس إلى شرح نفس هذه الأمور مُبيِّناً أن معمودية المسيح كانت بداية تحقيق موعد الآب بإرسال الروح القدس على كلِّ جسد بحسب نبوَّة يوئيل النبي: 2. الوعد بحلول الروح القدس، وتحقيق ذلك أول ما تحقَّق في معمودية المسيح: + إن ذلك الكائن الحي العاقل الأرضي، أعني الإنسان، قد جُبِلَ منذ البدء على غير فساد. وأما سبب عدم فساده وثباته في كل فضيلة، فقد كان بكل تأكيد سُكنى روح الله فيه بحسب المكتوب أنَّ الله «نفخ في أنفه نسمة حياة» (تك 2: 7). ولكن لما تحوَّل الإنسان إلى الخطية منذ الغواية الأولى ثم تقدَّم فيها بالزيادة مع مرور الزمان، فقد فارقه الروح مع سائر الخيرات التي فارقته. وهكذا في النهاية صار الإنسان ليس فقط خاضعاً للفساد، بل ومنجرفاً أيضاً لكل إثم. ولكن لمَّا قصد خالق الجميع بصلاحه الفائق أن ?يُجدِّد كل شيء في المسيح? (أف 1: 10)، وأراد أن يُرجع طبيعة الإنسان إلى جودتها الأصلية؛ وَعَدَ أن يُعطيه من جديد الروح القدس مع سائر الخيرات، لأنه لم يكن مُمكناً بغير ذلك الروح أن يعود الإنسان ويقتني بثبات الخيرات الصالحة. لذلك فقد أشار إلى زمان حلول الروح القدس علينا، ووعد قائلاً: «ويكون في الأيام الأخيرة ? أي أيام المخلِّص ? أني أسكب من روحي على كل جسد» (يوئيل 2: 28 ? حسب السبعينية). ولما جاء زمان ذلك الإحسان الأعظم وأتى إلينا الابن الوحيد على الأرض، أي أنه صار إنساناً مولوداً من امرأة بحسب المكتوب (غل 4: 4)؛ فحينئذ بدأ الله الآب يُعطي الروح من جديد. وكان المسيح أول مَن قَبِلَ الروح بصفته باكورة الطبيعة المتجدِّدة، لأن يوحنا شَهِدَ قائلاً: «إني قد رأيتُ الروحَ نازلاً مثل حمامة من السماء، فاستقرَّ عليه» (يو 1: 32). ولكن كيف قَبِلَه؟ ينبغي أن نفحص جيداً ما قيل: هل قَبِلَهُ كأنه لم يكن يقتنيه من قبل؟ حاشا! لأن الروح هو روح الابن الخاص، وهو لا يأتيه من خارج كما يأتينا نحن من الله من الخارج، ولكنه كائنٌ فيه جوهرياً كما في الآب أيضاً، ومن خلاله ينسكب على القديسين بحسب ما يقسم الآب لكل واحد. ولكن يُقال إنه قد قَبِلَ الروح من حيث إنه قد صار إنساناً، وإنه يليق بالإنسان أن يقبل وينال. فكما إن المسيح مع كونه ابن الله الآب المولود من جوهره من قَبل التجسُّد، بل ومن قبل كل الدهور، لا يستحي الله الآب أن يقول له لما صار إنساناً «أنت ابني، أنا اليوم ولدتك» (مز 2: 7؛ عب 1: 5) (أي أن الذي له الميلاد الأزلي لا يستحي أن يُنسب إليه أيضاً من أجلنا الميلاد الزمني)، لأن ذاك الذي كان إلهاً ومولوداً من الآب قبل كل الدهور، يُقال عنه إنه قد وُلد أيضاً اليوم حتى يقبلنا الآب نحن أيضاً فيه في التبنِّي، لأن الطبيعة البشرية كلها كانت في المسيح من حيث إنه كان إنساناً؛ هكذا أيضاً بنفس الكيفية يُقال عن الابن الذي له روحه الخاص، إن الآب أعطاه الروح القدس حتى نستطيع نحن أيضاً فيه أن نقتني الروح. فإنه لهذه الغاية ?قد أمسك (بمعنى: يُقوِّي، يُعزِّز، يُساعد) نسل إبراهيم? (عب 2: 16)، كما هو مكتوب: «مِن ثمَّ كان ينبغي أن يُشبه إخوته في كل شيء (ما خلا الخطية وحدها)» (عب 2: 17). فالابن الوحيد، إذن، يقبل الروح القدس، ليس لنفسه هو لأن الروح له وفيه وبه ? كما قلنا سابقاً ? ولكن من حيث إنه له في نفسه كل طبيعتنا لكونه إنساناً. لذلك فهو يقبل الروح حتى يستطيع أن يرفع كل طبيعتنا في نفسه ويُشكِّلها من جديد على حالتها الأولى(2). 3. كيف أنه بقبول المسيح للروح القدس في- ويؤكِّد القديس كيرلس الكبير على أن الابن الوحيد قد صار إنساناً مثلنا متقبِّلاً الروح القدس في بشريته، لكي يجعل نعمة الروح القدس متأصِّلة فيه، حتى يتمكن بذلك من أن يحفظها بثبات وبدون افتراق لكل الطبيعة البشرية، وذلك في قوله: المعمودية، تدفَّق الروح القدس علينا جميعاً: + وبالإضافة إلى ما قيل، ينبغي أن نعتبر ما يلي: لأننا سنرى، بناءً على البراهين الحكيمة المؤيَّدة بأقوال الكتب الإلهية، أن المسيح لم يقبل الروح لنفسه هو، بل بالحري لنا نحن فيه، لأن جميع الخيرات إنما بواسطته تتدفَّق نحونا نحن أيضاً.فنظراً لأن آدم أبانا الأول لمَّا تحوَّل بالغواية إلى المعصية والخطية لم يحفظ نعمة الروح، وبذلك فقدت أيضاً الطبيعة كلها فيه عطية الله الصالحة؛ كان لابد أن الله الكلمة الذي لا يعرف التغيير أن يصير إنساناً، لكي إذ يقبل العطية بصفته إنساناً يحتفظ بها بثبات (بدون تغيير) للطبيعة كلها. فإنَّ واضع المزامير الإلهية يشرح لنا هو نفسه هذه الأسرار قائلاً للابن: «أحببتَ البر وأبغضتَ الإثم، فلذلك مسحك الله إلهك بزيت البهجة أفضل من رفقائك» (مز 45: 7)، فهو يقول: حيث إنك تحب دائماً البر لأنك بارٌّ أنت يا الله ولا تستطيع أبداً أن تتحوَّل عن ذلك؛ وحيث تبغض دائماً الإثم، لأن بغضة الشر شيء طبيعي فيك بصفتك الإله محب الصلاح، لذلك فقد مسحك الله الآب لأنك أنت الذي تقتني البر غير المتغيِّر كامتياز لطبيعتك الخاصة، ولا تستطيع أبداً أن تتحوَّل إلى الإثم الذي لا تعرفه. وهكذا فإنك بلا شك تحتفظ في نفسك للطبيعة البشرية بالمسحة المقدسة التي مسحك بها الله الآب التي هي الروح القدس، لما صرتَ إنساناً. فقد صار الابن الوحيد، إذن، إنساناً مثلنا، لكي إذ يستعيد من جديد في نفسه أولاً الخيرات الصالحة، ويجعل نعمة الروح متأصِّلة من جديد ومنغرسة فيه؛ يتمكَّن بذلك أن يحفظها بثبات وبعدم تغيير لكل طبيعتنا. وكأن اللوغوس الوحيد المولود من الله الآب قد أعارنا عدم تغيير طبيعته الخاصة. فإنَّ طبيعة الإنسان قد حُكِمَ عليها في آدم أنها عاجزة عن الثبات ومتحوِّلة بكل سهولة إلى السوء. فكما إنه بتحوُّل الإنسان الأول قد اجتاز فقدان الخيرات الصالحة إلى سائر طبيعتنا؛ هكذا أيضاً أعتقد أنه بواسطة ذاك الذي لا يعرف التغيير سيُعاد اقتناء العطايا الإلهية بثبات لسائر جنسنا. وإن كان يبدو لأحد أننا نتكلَّم ونفكِّر ليس بحسب الصواب، فليقُل لنا: لماذا دُعِيَ مخلِّصنا في الكتب الإلهية ?آدم الثاني?؟ فإن الجنس البشري في آدم الأول خرج من العدم إلى الوجود، وبعد ذلك فسد لأنه تعدَّى الناموس الإلهي؛ ثم في المسيح، آدم الثاني، قد أُقيم الجنس البشري من جديد لبداية ثانية، وأُعيد تشكيله لحياة جديدة يستعيد بها عدم الفساد، لأنه إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة، كما يقول بولس (2كو 5: 17). فقد أُعطِيَ لنا روح التجديد، أي الروح القدس، ينبوع الحياة الأبدية بعد أن تمجَّد المسيح، أي بعد أن قام ونقض أوجاع الموت، وأظهر نفسه فائقاً لكل فساد وعاش من جديد حاملاً في نفسه كل طبيعتنا بسبب كونه إنساناً وواحداً منَّا(3). 4. ثمار تجدُّد نعمة حلول الروح القدس على البشرية، في المسيح:- وفي تفسيره لسفر يوئيل النبي، يشرح معلِّم الكنيسة مرة أخرى كيف تجدَّدت البشرية في المسيح: + إن النعمة (أي الروح القدس) المُعطاة أصلاً للإنسان قد فارقته، ولكنها تجدَّدت مرة أخرى في المسيح الذي هو أيضاً آدم الثاني، فكيف صار هذا التجديد؟ إن الابن، من حيث كونه إلهاً ومولوداً من الله بحسب الطبيعة ? لأنه حقاً مولود من الله الآب ? فإنَّ الروح القدس هو له خاصةً بل فيه ومنه. وأما من حيث إنه صار إنساناً، أي صار مثلنا، فهو يقبله كما من خارج. فقد نزل الروح عليه في هيئة حمامة لما صار مثلنا ولما اعتمد تدبيرياً وكأنه واحدٌ منا. فحينئذ قيل إن روحه الخاص أُعطِيَ له من جديد بسبب بشريته، وهذا بعينه هو الإخلاء. وبهذا المعنى وليس بغيره ينبغي أن نفهم ما قيل: «إنه من أجلنا افتقر وهو غني، لكي نستغني نحن بفقره» (2كو 8: 9). فإن الروح ? كما قلتَ - قد أُعطِيَ لآدم في البدء غير أنه لم يستقر في طبيعة الإنسان، لأن آدم غاص في الضلال وزلَّ في الخطية، ولكن لما افتقر الابن الوحيد، وهو غنيٌّ، وصار إنساناً معنا وقَبِلَ روحه الخاص وكأنه يأتيه من خارج؛ حينئذ استقرَّ الروح عليه، كما يقول ذلك يوحنا الإنجيلي (يو 1: 33،32)، وذلك حتى يسكن الروح فينا نحن أيضاً، من حيث إنه استقرَّ على الباكورة الثانية لجنسنا ? أي على المسيح ? الذي دُعِيَ أيضاً لهذا السبب ?آدم الثاني?. لذلك فقد تجدَّدت أعماقنا إلى حالة أفضل بلا قياس، وربحنا الولادة الجديدة من الروح الفائق الصلاح، إذ لم تَعُد لنا بعد الولادة الأولى الجسدية التي للفساد والخطية - لأن اهتمام الجسد هو موت بحسب الطبيعة ? بل صارت لنا الولادة الثانية الفوقانية التي من الله بالروح، إن كان حقاً ما كُتب: «الذين ليسوا من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل، لكن من الله وُلدوا» (يو 1: 13)(4). فهـو يـريد بكل ذلك أن تتجدَّد طبيعة الإنسان بواسطة شركة الروح القدس، وكأنها تُعجن من جديد على صورتها الأولى (التي هي صورة الله).ورافعين أذهاننا فوق الشهوات الجسدية. وبذلك نحفظ بهاء صورته المغروسة فينا بدون تشويه، لأن هذه هي الحياة الروحية، وهذا هو معنى العبادة بالروح(5).+ وهكذا حينما نلبس من جديد هذه النعمة الأولى، ونتشكَّل من جديد على صورة الله؛ نوجَد قادرين على أن نغلب الخطية السائدة في هذا العالم، ونلتصق بالحب الإلهي وحده، ساعين بكل جهدنا نحو الأشياء الصالحة، |
||||
13 - 09 - 2014, 03:09 PM | رقم المشاركة : ( 6109 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عظة على يوم الأنوار - الحضور إلى الكنيسة للقديس غريغوريوس النيسي عظة على يوم الأنوار للقديس غريغوريوس النيسي الحضور إلى الكنيسة إنني الآن أرى قطيعي! إنني اليوم أرى منظر الكنيسة المعروف، إذ أراكم قد رفضتم الانشغال باهتمامات الجسد وحضرتم معاً إلى الكنيسة بأعدادٍ كبيرة لخدمة الله، فعندما تزدحم الكنيسة بالناس لكي يقتربوا من الهيكل المقدس، تضطر الجماهير التي لا تجد لها مكاًنا بالداخل إلى الوقوف خارجاً فيملأون الفناء كالنحل، فنحن نرى في خلية النحل مجموعة من النحل يعملون بالداخل ومجموعة أخرى يطنُّون بالخارج. فهكذا يفعل أبنائي ولا يتركون عنهم غيرتهم. وأنا أعترف إليكم بأنني أشعر بمشاعر الراعي، إذ عند وقوفي على المنبر أحب رؤية القطيع مُجتمِعاً كما عند سفح الجبل. وعندما يحدث ذلك أمتلئ بكل حماس ونشاط وأتكلَّم بكل سرور في العظة كما ينشِد الرعاة أناشيدهم البسيطة. ولكن فعلتم سابقاً في يوم الرب الماضي (١) فإنني أتضايق كثيراً وأُفضل الصمت. وأَُفكَِّر في الهروب من هنا وأبحث عن جبل الكرمل الذي سكن فيه إيليا النبي أو عن أي مغارة أخرى بلا ساكن. فالذين يشعرون بالإحباط عادًة ما يُفضِّلون الوحدة والعزلة. ولكن الآن عندما أراكم جميعاً محتشِدين هنا مع جميع أُسرِكم أتذكَّر قول إشعياء النبي والذي نادى به متنبئًا منذ زمن بعيد مخاطِباً الكنيسة عن أبنائها الكثيرين الأبرار قائلاً: ? مَنْ هؤلاء الطائرون كسحاب وكالحمام بصغارها إليّ? (إش ٦٠: ٨) (٢). كما يضيف أيضاً قائلاً: ?ضيَّق عليَّ المكان، وسِّعي لي لأسكن? (إش ٤٩: ٢٠ ). هكذا كانت النبوة بقوة الروح القدس عن كنيسة الله الملآنة والتي ملأت الأرض فيما بعد من أقصى المسكونة إلى أقاصيها. عيد الغطاس: ولهذا فلنضع الآن الحديث عن بقية الكتاب المقدس جانباً لمناسبات أخرى ونلتزم بالموضوع المُقرَّر لنا (٣)، مُقدمين على قدر طاقتنا التقدمات التي تناسب وتليق بالعيد، إذ أن لكل عيد معاملة خاصة. فإننا نستقبل أي زيجة بألحان العرس، وفي الجنازة نُقِّدم ما هو مناسب من ألحان الجنازات. وفي وقت العمل يتَّسِم كلامنا بالجدية بينما في أوقات البهجة لا ُنجهِد أفكارنا وُنخفِف من تركيزنا، ففي كل هذه الأحوال نتجنَّب التأثير على المناسبة التي نحن فيها بأمور غريبة عن روح تلك المناسبة. فالمسيح إذن قد ولِد كما لو كان منذ عدة أيام (٤)، في حين أنه هو المولود قبل كل الخليقة المادية والعقلية (٥). واليوم فإنه يعتمد على يد يوحنا ليطهِّر الإنسان الساقط الذي َتدنَّس حتى يأتي بالروح القدس من فوق ويرفع الإنسان إلى السموات، لكي يقيم الذي سقط ويخزِي من أسقطه. ولا تتعجبوا إن كان الله قد أظهر اهتماماً عظيماً بقضيتنا. فبينما دبَّرَ العدو مكيدته لنا لكي يسقِطنا، كان خلاصنا مُعَدّاً من قِبَلْ تدبير الله السابق. فهذا المغوي الشرير الذي نسج سلاحه الجديد ?الخطية- ضد جنسنا سكن في الحية، تلك الصورة التي كانت ملائمة لنيّته الشريرة، فهو بما فيه من دنس دخل إلى تلك التي تشبهه وسكن في ذلك الحيوان الزاحف كمسكن ترابي وأرضي، تماماً مثل إرادته الترابية الأرضية. ولكن المسيح مُصلِح شر الشيطان أخذ ناسوت الإنسان بالكامل وخَلَّص الإنسان، وأصبح صورة ومثالاً لنا جميعاً. لكي يُقدِّس باكورة كل عمل حتى لا يترك لخدامه أي مجال للتعثر عند التزامهم ?بالتسليم? (٦) الذي قدمه المسيح لهم. عمل سر المعمودية: إذن فالمعمودية هي تطهير من الخطايا وإزالة للمعاصي وأصل للتجديد وللميلاد الجديد. ويجب أن نفهم أن الميلاد الجديد هو شيء يُدرك على مستوى الفكر ولا يدرك على مستوى الجسد (7) لأنه لا يمكننا، كما ظَنَّ نيقوديموس بعدم حكمة، أن نحوِّل الشيخ الكبير مرة أخرى إلى طفل، ولا يمكننا إعادة الشيخ الذي قد شاخ وشاب شعره إلى نضارة الشباب إذا أعدناه مرة أخرى إلى رحمِ أمه. ولكن يمكننا من خلال النعمة الإلهية إعادة مَنْ يحمل جراحات الخطية وشاخ في العادات الشريرة إلى براءة الطفل. لأنه كما أن الطفل المولود حديًثا حر من الاتهام ومن العقاب (٨)، هكذا من له ميلاد جديد من المعمودية ليس عليه أي شيء إذ قد تحرر بالنعمة الإلهية من الدينونة. دور المياه في سرّ المعمودية: ولا تَهِب المياه هذه العطية من ذاتها وإلا صارت المياه مادة لها مكانة فوق كل الخليقة، ولكن هذه العطية هي بأمر الله وحلول الروح القدس الذي يحِلَّ بطريقة سرائرية لكي يُحرِّرنا. ولكن المياه تعمل للتعبير عن التطهير لأنه كما اعتدنا على غَسل أجسادنا بالماء عند اتساخها بالتراب أو الطين فإننا نستخدمها أيضاً في هذا العمل السرائري ونُعبِّر عن جمال المعنى الروحي بتلك المادة المحسوسة لدينا. ولكن إذا حَسن لديكم، دعونا نجتهد في الدخول بأكثر عمق وتدقيق فيما يخصّ المعمودية ونبدأ كما من أصل الينبوع أي من الإعلان الكتابي: ?إن كان أحد لا يوَلد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله? (يو ٣:٥). ولكن لماذا ذَكَرَ الاثنين، أي كل من الماء والروح؟ ولماذا لم يعتبِر الروح فقط كافياً لإتمام المعمودية؟ فإننا نعرف جيداً أن الإنسان كائن مركَّب وليس كائناً بسيطاً، ولهذا توصف له الأدوية مركَّبة أيضاً، فلجسده المنظور نُقدِّم الماء، المادة الملموسة، ولنفسه غير المنظورة نُقَدِّم الروح غير المرئي المستدعى بالإيمان، الذي وجوده غير موصوف. لأن ?الريح تهب حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من أين تأتي ولا إلى أين تذهب? (يو ٣:٨). فالروح يبارِك الجسد الذي يعتمد والماء الذي يُعتَمَد به. لهذا يجب ألا نحتقر الجرن الإلهي ولا نستهين به ظانين أنه شيء عادي بسبب استخدام الماء. لأن القوة التي تعمل في الماء هي عظيمة جداً والأشياء التي تحدث في هذا السر باهرة للغاية. استخدام بعض الأمور المادية كواسطة لتتميم أمور روحية: فإن هذا المذبح المقدس أيضاً الذي أنا واقف أمامه مصنوع من الحجارة وهي مادة عادية في طبيعتها، فهي لا تختلف في شيء عن قِطع الحجر التي نبني بها بيوتنا وشوارعنا. ولكن إذ قد كر ست ودشَِّنت لخدمة الله فقد أصبحت مائدة مقدسة، مذبح بلا دنس، لا تقدر أن تمسّه أي يد، إلا أيدي الكهنة فقط الذين يمسونه بكل توقير. والخبز أيضاً يُعتَبر خبزٌ عادي في البداية ولكن بعد أن يتقدَّس بالعمل السرائري يصبح جسد المسيح ويسمّى كذلك. وهكذا أيضاً بالنسبة للزيت السرائري والخمر (9) . فعلى الرغم من أن ليس لكل منهما قيمة كبيرة قبل التقديس، ولكن بعد تقديس الروح القدس يصبح لهما عملهما المختلف. كما أن نفس قوة الكلمة (١٠) هي التي تعطي الكاهن وقاره وكرامته وُتفرِزه عن بقية الناس بالنعمة الجديدة التي أُعطِيت له. فبينما كان من قبل واحداً من العامة، من الشعب، إلا أننا نجده قد أصبح فجأًةً مدبِّراً ورئيساً ومعلِّماً للبِرِّ ومُرشِداً للأسرار الخفية. وهو يقوم بكل هذا دون أن يطرأ عليه أي تغيير في الجسد أو في الشكل، فهو من حيث المظهر الخارجي هو هو نفس الإنسان الذي كان من قبل، إلا أنه وبعمل النعمة والقوة الخفية، قد ارتفعت نفسه غير المرئية إلى المرتبة الأعلى. وهكذا فهناك العديد من الأشياء إذا تأملتها تبدو لك من الخارج كأشياء لا قيمة لها، ولكن الأعمال التي تُتممها عظيمة. أمثلة كتابية: وهذا بالضبط هو الوضع إذا تأملت التاريخ القديم؛ فستجد فيه مواقف مشابهة لذلك. فعصا موسى كانت عصا من ?اللوز?، واللوز هو نوع من الخشب العادي، تستطيع أي يد أن تقطعه وتحمله وُتشكِّله كما تشاء وُتلقي به في النار إذا شاءت. ولكن عندما سر الله أن يعمل بهذه العصا كل تلك العجائب العالية الفائقة لقوة الُنطق، تحوّلت هذه العصا إلى حيّة وفي مرة أخرى ضرب بها موسى المياه وحوّلها إلى دم كما أخرج عدداً لا حصر له من الضفادع ومرة أخرى شقَّ البحر وقسمه من الأعماق موقًِّفا المياه عن الحركة. وهكذا أيضاً جعَلت عباءة أحد الأنبياء (١٢) من إليشع رجلاً معروًفا في كل العالم رغم أنها مصنوعة من مجرد جِلد الماعز، وبالمثل فإن خشبة الصليب لها قوة خلاصية لكل الناس بالرغم من أنها كما أعلم قطعة خشب من شجرة متواضعة أقل قيمة من بقية الأشجار. ومن خلال العليقة أُظهِرَ لموسى إعلان حضور الله، وعظام إليشع أقامت إنسان ميت، والطين وهبَ النظر لأعمى منذ ولادته. وعلى الرغم من أن كل هذه الأشياء هي مادة بلا روح أو إحساس فلقد تحوّلت إلى أدوات لعمل العجائب العظيمة التي صنعت بها عندما قبلت قوة من الله. وبنفس المنطق فالمياه أيضاً بالرغم من كونها مجرد ماء فهي تُجدِد الإنسان للميلاد الروحي عندما تُقدَس بالنعمة التي من فوق. عمل الله غير المُدرك: وهنا إذا جاءني مَنْ يعترض ثانيةً بإثارة المشاكل بأسئلته وشكوكه سائلاً وفاحصاً بإصرار عن كيف يمكن للماء والعمل السرائري الذي فيه أن يعطي الميلاد والتجديد، فإنني لا أملك إجابة أقولها له سوى ?أرِني الطريقة التي يُولَد بها الإنسان حسب الجسد وأنا أشرح لك قوة الميلاد الجديد للنفس?. وقد تقول في سبيل إيضاح هذا الأمر أن ?الإنسان يولَد من زرع البشر?، ولكن يجب أن تعرف أن الماء المقدس يُطهر وينير الإنسان. وإذا عارضتني مرة أخرى سائلاً كيف؟ فستكون إجابتي وبكل شِدة: ?كيف يمكن للمادة السائلة التي لا شكل لها أن تصبح إنساًنا؟? (١٣). وهكذا نستطيع أن نستخدم نفس السؤال عن كل ما في الخليقة إذا ما طال الجدل ?كيف وجِد ت السماء والأرض والبحر وباقي الأشياء؟?. فعندما يعجز فكر الإنسان عن الفهم يلجأ إلى كلمة ?كيف? كما يلجأ من يعجز عن المشي إلى الكرسي ليجلس. وللإيجاز، يجب أن نقول أن سلطان الله وأعماله غير مُدركة ولا يمكن وضعها في إطار القواعد المعروفة، فهو يعمل ما يشاء خافياً عنَّا دقائق الأمور في عمله. لأجل ذلك عندما تأمل داود بفكره روعة الخليقة، وامتلأت نفسه من الاندهاش والإعجاب، تكلَّم بالآية التي يرتلها الجميع: ?ما أعظم أعمالك يا رب كلها بحكمة صَنعت? (مز ١٠٤:٢٤ ) فقد أدرك المرتل عظمة حكمة الله وإن لم يستطع أن يفهمها. لماذا التطهير بالماء؟: ولهذا فلنترك البحث عما هو فوق القدرة البشرية، ولنبحث بالأحرى عما يمكن إدراكه ولو جزئياً: لماذا يتم التطهير بالماء؟ وما هو الغرض من التغطيس ثلاث مرات؟.. فما تعلَّمناه من الآباء وَقبِْلناه بفكرنا هو الآتي: نحن نعرف العناصر الأربعة التي تتكوَن منها الخليقة والتي يعرفها الجميع دون الحاجة لذِكر أسمائها، ولكن نذكرها لِمَنْ لا يعرفها مِنَ البسطاء وهي النار والهواء والماء والتراب (١٤) . فلكي يكمل لنا إلهنا ومخلصنا التدبير دُفِن في العنصر الرابع، أي التراب لكي يقيم الأموات منه. ونحن بالمعمودية نشابه ربنا ومعلِّمنا ومرشدنا لا بدفننا في التراب -الذي نستخدمه لدفن الأجساد الميتة حتى يغطي تحلُّل وضعف طبيعة أجسادنا- ولكننا ُندَفن في العنصر الشبيه بالتراب وهو الماء، فُندَفن فيه مثلما دُفِنَ مخلصنا في التراب. وفي التغطيس ثلاث مرات إشارة إلى نعمة القيامة التي تمت في اليوم الثالث. وهكذا نفعل لا في صمت أثناء أداء السر بل يُقال اسم الثالوث الذي نؤمن به والذي فيه رجاؤنا والذي منه حاضرنا ومستقبلنا. لاهوت الروح القدس: وإذا شعر َ ت أن هناك تجديف بهذا الكلام يا مَنْ تقاوم بجسارة مجد الروح القدس (15) وإذا كنتَ تعارض إعطاء الروح هذه الكرامة التي يعطيها له الأتقياء. فلا تعارضني أنا، بل إذا كنت تستطيع، عارِض كلام الرب الذي أعطى هذا القانون الخاص بالتعميد للناس. فماذا تقول وصية الرب: ?عمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس? (مت ٢٨:١٩ ). فلماذا يكون التعميد باسم الآب؟ لأنه أصل كل الأشياء. ولماذا باسم الابن؟ لأنه صانع الخليقة كلها. ولماذا باسم الروح القدس؟ لأنه هو القوة التي تُكمِّل الكل. ولهذا فنحن نسجد للآب لكي نتقدَّس، وللابن لكي نحصل على نفس التقديس، وللروح القدس لكي نحصل على ما هو له بالطبيعة والاسم (١٦). ولا يوجد تفريق في التقديس، بمعنى أن يكون تقديس الابن أقل من تقديس الآب وتقديس الروح أقل منهما. فلماذا إذن تُقسمون الأقانيم الثلاثة إلى أجزاء بطبائع مختلفة، جاعلين إياهم ثلاثة آلهة مختلفين عن بعضهم البعض بالرغم من أنكم تحصلون على نفس النعمة منهم جميعًا؟! ولكن الأمثال عادةً ما تُعطي للموضوع وضوحاً أكثر لدى السامعين، وأنا أهدف منها إلى تعليم عقول المجدفين من خلال الصور شارحاً باستخدام الأشياء الأرضية البسيطة تلك الأمور العظيمة التي تفوق الحواس. فإذا كنت، على سبيل المثال، قد سقطت في أسر أعدائك وتعاني من الشقاء والعبودية وتئن حنيناً للحرية القديمة التي كانت لك فيما قبل، وفجأة جاء ثلاثة رجال (١٧) ذوي شأن من مواطني هذه المملكة التي أنت في أسرها، وقاموا بتحريرك من قيودك دافعين فِديَتكَ بالتساوي وقاسمين الثمن المدفوع بالتساوي بينهم، فإذا كنتَ تُقدر قيمة المعروف الذي قدَّموه لك، ألن تنظر إليهم الثلاثة بالتساوي كمحسِنين إليك لأجل ذلك المعروف دافعاً الدين الذي عليك لهم بالتساوي لأنهم تساووا في دفع الدين عنك؟ وهكذا نفهم على قدر ما يوضِّح لنا هذا المثال، فليس هدفنا الآن الشرح الوافي للإيمان. والآن فلنعد مرة أخرى للعيد الحالي والموضوع الذي طرحه هذا العيد. العهد القديم ومياه المعمودية: إنني أجد أنه ليس فقط الأناجيل التي كُتِبت بعد الصلب هي التي تتكلَّم عن نعمة المعمودية، ولكن حتى قبل تَجسد ربنا يسوع المسيح أعطَتْ الأسفار القديمة الصور الرمزية لميلادنا الجديد، ولم تُعلِن شكل هذا الميلاد الجديد بجلاء ولكن أوضحت بشكل خفي حب الله للإنسان. وكما تم التنبؤ عن ذبيحة الحمل والصليب مسبقاً كذلك تم التنبؤ بالمثال وبالكلام عن المعمودية (١٨). فلنسترجع معاً الآن أمثلة المعمودية لِمَنْ يبغوا الأفكار الحسنة، فإن المناسبة تستوجب استرجاع هذه الأمثلة. أمثلة إشارات إلى استخدام المياه في المعمودية
كما أن إسحق ذاته عندما كان يرعى قطيعه حفر آباراً في كل مكان في الصحراء، والتي فيما بعد ردمها الغرباء وهم بهذا مثال لهؤلاء الأشرار في الأيام اللاحقة الذين يقفون ضد نعمة العماد ويتكلَّمون بكل جسارة ضد الحق. ولكن الشهداء والكهنة تغلَّبوا عليهم بحفر الآبار وهكذا غَمَرَتْ المعمودية العالم أجمع.
وأعتقِد أن هذا الأمر هو مثال وظل للأمور العتيدة، لأن ما هو الحجر الموضوع إلا المسيح نفسه؟ فإشعياء يقول عنه: ?هأَنذا أُؤَسس في صهيون حجراً. حجر امتحان. حجر زاوية كريماً أساساً مؤسساً? (إش ٢٨:١٦ ) ويقول دانيال أيضاً ?? قد قُطِع حجر من جبل لا بيدين?? (دا ٢:٤٥ )، أي أن المسيح ولِدَ بدون زرع بشر. فكما أنه أمر عجيب وجديد أن يقطَع حجر من صخرة بدون يد إنسان أو أية أداة من أدوات قطع الأحجار، هكذا هو أمر يفوق العجب أن يأتي نسلٌ من عذراء غير متزوجة. فلقد كان الحجر الروحي (أي المسيح) موضوعاً على البئر، وكان يخَتبِئ في العمق وبطريقة سرية جُرن الميلاد الجديد الذي احتاج إلى وقت كثير ليخرج إلى النور، كما لو كان حبل طويل يتم جذبه. ولم يحِّرك أحد الحجر سوى إسرائيل (يعقوب) الذي كان يرى الله بالروح. ولكنه أيضاً أخرج الماء من البئر وسقى غنم راحيل، أي أنه أظهر السر المخفي، وأعطى الماء الحي لقطيع مؤمني الكنيسة. ونضيف على ذلك أيضاً قصة قضبان يعقوب الثلاثة، لأنه عند وضع القضبان الثلاثة عند البئر افتقر لابان الوثني واغتنى يعقوب من الغنم. وهنا يمكن أن يرمز لابان إلى الشيطان ويعقوب إلى المسيح، لأنه بعد تأسيس المعمودية أخذ المسيح كل قطيع الشيطان له وأصبح غنيا بهم.
وكما وضِع موسى بالقرب من الماء، هكذا كان الناموس واغتسالات العبرانيين اليومية ?اللتان يرمز لهما موسى- قريبتين من النعمة إذ قد ظهرَ مغزاهما جليّاً فيما بعد من خلال المعمودية التامة والفائقة. كما أنه بحسب تفسير بولس الملهم، فإن عبور الشعب للبحر الأحمر يرمز إلى خبر الخلاص المفرِح الذي أتى بالماء. فقد عبر الشعب وغمَرتْ المياه ملك مصر وجنوده، فهذا الحدث كان نبوة عن هذا السر. لأنه حينما يدخل الشعب في مياه التجديد، هاربين من مصر، أي من أوزار الخطية، فإنه ينال الحرية والخلاص. ولكن الشيطان وخدَّامه يبتَلعون من الحزن ويهلِكون، معتبِرين أن خلاص الإنسان هو خسارتهم.
نبؤات مباشرة تنبأت عن استخدام المياه في سر المعمودية: فلنفحص الآن النبوات الواردة عن المعمودية التي جاءت في كلمات مباشرة. فإشعياء صرخ قائلاً: ?اغتسلوا. تنّقوا. اعزلوا شر أفعالكم من أمام عيني.? (إش ١:١٦ ) وقال داود أيضاً ?نظروا إليه واستناروا ووجوههم لم تخجل? (مز ٣٤:٥). وحزقيال يكتب بأكثر وضوح وصراحة منهما قائلاً: ?وأَرش عليكم ماء طاهراً فتطهرون من كل نجاساتكم ومن كل أصنامكم أطهركم. وأعطيكم قلباً جديداً وأجعل روحاً جديدة في داخلكم وأنزع قلب الحجر من لحمكم وأعطيكم قلب لحم وأجعل روحي في داخلكم? (حز ٣٦:٢٥-٢٧ ) كما يتنبأ أيضاً زكريا بكل وضوح عن يهوشع الذي كان لابساً ثياباً متسخة، ونُزِعت عنه الثياب القبيحة وأُلبِس ثياباً حسنة ونظيفة، مما يعلِّمنا بالشكل الرمزي أننا بالحقيقة في معمودية يسوع (٢٠) نلبس الثوب المقدَّس والجميل الذي للميلاد الجديد، إذ نخلع عنا خطايانا كالثياب الرثَّة البالية.
وبهذا ينطبق كلام إشعياء النبي عن ?بهاء الكرمل? وعن ?مجد لبنان? (إش ٣٥:٢) على نهر الأردن. و?مجد لبنان? يعود إلى علو أشجار لبنان، لأنه كما أن أشجار لبنان النابتة فيها مثيرة للإعجاب، هكذا أيضاً نهر الأردن نال مجداً بسبب إعطائه الميلاد الجديد للبشر وغرسهم في فردوس الله. وكما تقول كلمات ال مرتِّل: ?أوراقهم لا َتنتثِر? (مز ١:٤) فهم دائماً مزهِرون وحاملون ثمار الفضائل، ويسر الله بهم إذ يقبل منهم ثمارهم في حينه، ويفرح بأعماله كزارع صالح.
فلنعمل ما يليق بهذا السر: ولكنني أطلب منكم، كما تفرحون بها، أن تفعلوا كما يليق بنعمة الميلاد الجديد. وأن تفتخروا كما يفتخر الكثيرون بالميلاد الجديد، وبهذا التجديد الخلاصي، وأروني التغير في طرقكم الذي يجب أن يتبع حصولكم على النعمة السرائرية، وأظهروا في طهارة سلوككم الفرق الذي حدث في تغيركم إلى الأفضل. فبالنسبة لما نراه بعيوننا لم يتغير شيء.. فخصائص الجسد تظل بلا تغيير وكذلك شكل الطبيعة الظاهرة. ولكن لابد من دليل ظاهر نتعرّف من خلاله على الإنسان الذي ولِد من جديد، حتى نستطيع، من خلال البراهين الواضحة، أن ُنفرِّق بين الإنسان العتيق والجديد. وأعتقد أن هذه الأشياء ?البراهين? توجد في ميول النفس، حيث تفصل النفس ذاتها عن حياتها القديمة وتدخل في سلوك جديد وتَظْهر بوضوح لمن يعرفوها أنها قد تغيرت عن شكلها القديم، وأصبحت لا تحمل داخلها أي شيء من سماتها القديمة. إن اقتنعتم بكلامي وحفظتم ما أقوله فهكذا يكون التغير. فالإنسان قبل المعمودية كان شهوانياً، طمَّاعاً ومشتهٍ ما للغير، قبيحاً، كذَّاباً، وشتَّاماً ومتَّصِفاً بكل ما يرتبط بهذه الأمور وبكل ما يتطور منها. ولكنه الآن أصبح مسالِماً، معتدِلا وَقنوعاً ومساعداً للفقراء، صادقاً، بشوشاً ورقيقاً، أي أنه باختِصار أصبح سالكاً في كل سلوك يستحق المديح. فكما أن الظلمة تنقشِع بالنور، وكما يختفي السواد عندما يطغي عليه البياض، هكذا يختفي الإنسان العتيق عندما يتحلَّى بأعمال البر. أمثلة على التغيير: وقد رأيتم كيف أن زكا عندما تغيرت حياته أمات العشار الذي فيه، إذ أعاد أربعة أضعاف لكل من ظلمهم. وقسَّم مع الفقراء ما بقي عنده من الغِنى الذي كان قد جمعه بالظلم مِمَّن كان يقهرهم. كما أن متى الإنجيلي، والذي كان يعمل عشاراً كزكا، بعد دعوته غيّر حياته كما لو كانت مجرد قناع. وبولس كان مضطِهداً ولكنه بعد أن نال النعمة تحوَّل إلى رسول، حاملاً ثقل قيوده من أجل المسيح كتصحيح وتقديم توبة لتلك القيود الظالمة التي تسلَّمها من الناموس واستخدمها ضد الإنجيل. سلوك الأبناء: وهكذا يجب عليكم أنتم أيضاً أن تتجددوا، وأن تتخلَّوا عن عاداتكم التي تميل إلى الخطية، وهكذا يجب أن نسلك كأولاد لله، لأننا بعد أن ننال النعمة نسمى أولاده. ولهذا يجب علينا أن نتعرف بكل دقة على صفات أبينا، لكي ما نتشكَّل على صورة ومثال الآب ونصبح أولاداً حقيقيين له إذ قد دعانا للتبنِّي بحسب النعمة. لأن الابن غير الشرعي الكاذب الذي ينكر كرامة أبيه بأعماله هو مصدر ملامة وحزن. من أجل هذا فالرب نفسه يقول لتلاميذه: ?أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلُّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي فى السموات فإنه يشرِق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار (مت ٥:٤٤) واضعاً لنا في الإنجيل قواعد لحياتنا، فهكذا يقول أن الأبناء هم الذين من جهة الفكر قد اتَّسموا بالمحبة واللطف تجاه إخوتهم على مثال صلاح الآب. كرامة التبنّي: ولهذا أيضاً يجب أن نعَلم أنه بعد نوال كرامة التبنِّي، يتحايل الشيطان بأكثر شراسة ضدنا، ناظراً لنا بحسد، إذ ينظر جمال الإنسان المولود ثانيةً والمتَّجه بِجِدٍّ نحو المدينة السماوية التي سقط منها هو. فيثير ضدنا إغراءات شديدة، ساعياً لإفساد شكلنا الجديد، كما أفسد صورتنا الأولى. ولكن عندما نُدرِك ما هي هجماته، يجب أن نردد في أنفسنا كلمات الرسول: ?كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته? (رو ٦:٣) والآن بما أننا شابهناه في موته، فالخطية بلا شك قد أصبحت مائتة فينا إذ قد قُتَِلت برمح المعمودية كما طَعَنَ فينحاس الغيور الشخص الزاني. إذن اهرب منا أيها الشيطان! لأنك تحاول أن ُتفسِد جثة ميتة، جثة كانت سابًقا ملتصقة بك، ولكن الآن فقدت الإحساس باللذَّات. فجسد الميت لا تستهويه شهوات الجسد ولا يسقط تحت سلطان الغِنى، ولا يقبح ولا يكذب ولا يشتهي ما للغير ولا يشتم الآخرين. فسلوكي ليس من هذه الحياة.. فلقد تعلَّمت أن أبغض ما في العالم، وأترك ما في العالم مسرِعاً لاقتناء السماويات، تماماً كما يشهد بولس بوضوح بأن العالم قد صُلِبَ له وهو للعالم (٢١). هذه هي كلمات نفس قد تمتَّعت حًقا بالميلاد الجديد! هذه هي كلمات الإنسان الذي نال المعمودية، الذي يذكر عهده الذي تعهَّد به أمام الله عندما نال السر: أن يستهين بكل أنواع الألم وكل أنواع اللذَّات (٢٢). المسيح مزُيِّن نفوسنا: وبهذا نكون الآن قد تكلَّمنا بما يكفي عن موضوع هذا العيد المقدس الذي يأتي لنا في وقت محدد كل عام. ونفعل حسناً إذا ما وجّهنا نهاية حديثنا لمانِح هذه النعمة المحِب، مقدمِين له كلمات قليلة كمقابِل للأشياء العظيمة التي منحنا إياها: لأنك بالحقيقة يا رب الينبوع الطاهر والأبدي للصلاح، الذي بعدلٍ تركتنا وبلطف ومحبة رحمتنا. خاصمتنا ثم صالحتنا، لعنت ثم باركتنا. طردتنا من الفردوس وأعدتنا إليه ثانيةً. نزعت عنا ورق التين الذي كان لباساً غير لائق وأعطيتنا حلَّة فاخرة. فتحت أبواب السجن وأعتقت المذنبين. غسلتنا بماء طاهر وطهّرتنا من أقذارنا. فلن يشعر آدم فيما بعد بالخوف عندما تناديه، ولا يعود يختبئ بين أشجار الجنة بسبب إدانة ضميره له. ولن يكون هناك سيفاً نارياً حول الفردوس فيما بعد مانعاً الدخول لِمَنْ يقتربون. ولكن الكل تحوَّل إلى فرح لنا نحن الذين كنا ورثة الخطية. فالإنسان أصبح يستطيع الدخول إلى الفردوس بل وإلى الملكوت نفسه. والخليقة الأرضية والسماوية اللتان كانتا في عداوة، أصبحتا منسجمتين في صلح. وأصبح بإمكاننا نحن البشر أن نشترك في تسبيح الملائكة مَقدمِين العبادة والشكر لله. ولأجل كل هذه الأشياء فلنسبح الله بتسبحة الفرح والتي سبّحتْ بها الشفاه منذ زمن طويل عندما لمسها الروح: ?فرحاً أفرح بالرب. تبتهج نفسي بإلهي لأنه قد ألبسني ثياب الخلاص. كساني رداء البر? (إش ٦١:١٠ ). وبالحقيقة فمزين العروس هو المسيح الكائن، والذي كان، والذي سيكون، المبارك الآن وإلى أبد آمين. (1) يوم الرب هو يوم الأحد، والقديس هنا يوبخ الشعب على تكاس قداس يوم الأحد السابق مباشرةً لعيد الغطاس. (2) حسب الترجمة السبعينية. (3) اعتاد الآباء قديماً تفسير أحد أسفار الكتاب المقدس بشكل منتظم من خلال عظاتهم الدورية، ولا يكسرون تلك القاعدة إلا عند حدوث الأعياد والتذكارات المختلفة، فيركِّزون في عظاتهم على الحديث عن تلك المناسبات، ثم يعودون لدراسة الكتاب المقدس بعد ذلك. (4) يتكلم القديس هنا في يوم عيد الغطاس وبالطبع كان يسبق ذلك بعدة أيام عيد الميلاد. (5) فالسيد المسيح بحسب تعليم الكتاب المقدس والكنيسة له ميلادان: ميلاد أزلي قبل كل الدهور من الآب، وميلاد زمني في ملء الزمان من العذراء مريم. (6) يشرح لنا القديس هنا كيف أن المسيح من خلال تجسده على الأرض قد قدَّمَ لنا نموذجاً مثالياً للحياة يجب أن نحتذي به، وإذ قد اجتاز هو نفسه مراحل حياة الإنسان المختلفة، فلم يدع مجالاً لأحد لكي يتشكك أو يتعثّر في تعاليمه التي قد تمَّمها هو نفسه أولاً. (7) لا يقصد القديس أن المعمودية أمر رمزي فقط، لكنه يقصد أن هذا الميلاد الجديد لا يُفهَم على أنه ميلاد جسداني جديد بل إنه ميلاد يحدث على مستوى الروح إذ يصير الإنسان خليقة جديدة. (8) بالطبع لا يقصد القديس إطلاقاً بهذا المثل أن الأطفال الصغار أحرار من أثار الخطية الجدّية أو من الطبيعة الفاسدة ولكنه يتحدث هنا عن الأمور الأرضية فلا توجد محكمة تتهم طفلاً رضيعاً بأيّة تهمة كالقتل أو السرقة بسبب صغر سنه. (9) يُقصَد بالزيت السرائري هنا زيت الميرون أو زيت مسحة المرضى. (10) المقصود بقوة الكلمة هو نطق الرسامة الذي يتبعه حلول الروح القدس على مَنْ تتم رسامته في درجات الكهنوت. (12) عباءة إيليا النبي. (13) لقد كان في عصر القديس غريغوريوس موضوع كيفية ميلاد الإنسان وكيف يتكوَّن من الأمور غير المعروفة على المستوى العلمي. لذلك يستخدم هنا هذا الأمر كمثال ليوضح به فكرته، فكما يولَد الإنسان طريقة فائقة لمعرفة الناس، كذلك يتم الميلاد الروحي من الماء بطريقة فائقة لمعرفتهم. (14) كان هذا الأمر هو اعتقاد علمي منتشراً قديماً وهو: إن كل الخليقة قد تشكّلت من تلك العناصر الأساسية الأربعة. إثنان منهما عناصر روحية ?النار والهواء? وإثنان منهما عناصر مادية ?الماء والتراب?. والقديس هنا قد استخدم هذا الإعتقاد ليشرح للناس كيف نشارك المسيح موته عندما نُدفَن في المعمودية في عنصر الماء الذي يشابه عنصر التراب الذي دُفِنَ فيه المسي. (15) هنا يوجِّه القديس كلامه لأتباع أنوميوس الذين أنكروا لاهوت الروح القدس، وكانوا منتشرين في عصره. (16) إننا نحصل على ما يخص الروح بالطبيعة: أي نحصل منه على التقديس الذي له طبيعياً. فهو بالطبيعة ينبوع للقداسة والبر وهو في ذلك يماثل الآب والابن. كما نحصل على ما يخصه بالاسم: إذ أن أقنوم الروح هو ?الروح القدس? أي أن القداسة هي في اسمه أيضاً وليس فقط في طبيعته. (17) هذا المثل ليس مثلاً لشرح عقيدة الثالوث بشكلٍ وافٍ في الكنيسة ولكن القديس استخدمه ليوضح مبدأً واحداً واضحاً تماماً وهو التساوي في المجد والكرامة بين الأقانيم الثلاثة. وهو نفسه قال في نهاية شرحه للمثل ?ليس هدفنا الآن الشرح الوافي للإيمان?. (18) قًََسَّم القديس النبوات التي تحدَّثت عن المعمودية إلي قسمين: نبؤات بالأمثال: وهي مجموعة أمثلة من أحداث العهد القديم تشير إلى المعمودية. نبؤات بالكلمات: وهي نبؤات مباشرة ذكرها أنبياء العهد القديم للتحدُّث عن المعمودية (19) ربما قصد القديس من ذلك أن ايزابل أصبح يُستخدَم بعد عصر إيليا للدلالة على الشرّ والخطية كما هو مذكور في سفر الرؤيا (رؤ 2: 20). (20) المقصود هنا المعمودية التي قدَّمها لنا السيد المسيح ونُتمِّمها نحن في الكنيسة وليس المقصود معمودية المسيح الشخصية في نهر الأردن. (21) أنظر ?غلا 6: 14″. (22) يشير القديس هنا إلى طقس جحد الشيطان والاعتراف بالمسيح الذي يتممه المُعمَّد قبل المعمودية إذا كان كبيراً، أو يتممه الاشبين نائباً عنه إذا كان طفلاً صغيراً. |
||||
15 - 09 - 2014, 12:31 PM | رقم المشاركة : ( 6110 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المسحة – القديس كيرلس الأورشليمي “وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شيء حتى إذا أظهر يكون لنا ثقة ولا نخجل منه في مجيئه” (1 يو 2: 20) قبلتم مسحة المسيح 1. إذ قد “اعمدتم في المسيح، ولبستم المسيح” (غل 3: 27)، أصبحتم على مثال صورة المسيح ابن الله، “لأن الله سبق فعيننا للتبني” (أف 1: 5). “جعلنا لنكون على صورة جسد مجده” (في 3: 21)، حيث أننا نصبح “شركاء المسيح” (عب 3: 14). وبحق دُعيتم للمسيح، وعنكم قال الله: “لا تمسوا مسحائي، ولا تسيئوا إلى أنبيائي” (مز 105: 15). جُعلتم مسحاء بقبولكم ختم الروح القدس. وكل الأشياء عُملت فيكم امتثالاً (بالمسيح)، لأنكم صورة المسيح. هو اغتسل في نهر الأردن ونشر معرفة ألوهيته في الماء، وصعد منه وأضاء عليه الروح القدس في تمام وجوده، وحلّ كذلك عليه. ولكم أنتم فشبه ذلك بعد أن صعدتم من بركة المياه المقدسة صار لكم دهن شبه الذي مُسحَ به المسيح. وهذا هو الروح القدس الذي قال عنه المطوّب إشعياء في نبوته عن شخص الرب: “روح السيد الرب عليّ، لأن الرب مسحني” (إش 61: 1). مسحه بالروح القدس 2. لأن المسيح لم يمسحه إنسان بزيتٍ أو دهنٍ مادي، لكن الآب عينه من قبل ليكون مخلصًا للعالم أجمع، مسحه بالروح القدس، كما قال بطرس: “يسوع الذي من الناصرة، كيف مسحة الله بالروح القدس” (أع 10: 8). صرخ داود النبي أيضًا قائلاً: “كرسيك يا الله إلى دهر الدهور، قضيب استقامة قضيب ملكك. أحببت البرّ وأبغضت الإثم، لذلك مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك” (مز 45: 6، 7). وإذ صُلب المسيح ودُفن وقام حقًا، أنتم في العماد حُسبتم جديرين أن تُصلبوا وتُدفنوا وتقوموا معه على مثاله، هكذا في المسحة أيضًا. وكما مُسح بزيت مثالي “زيت الابتهاج”، لأنه منشئ الفرح الروحي، هكذا أنتم مُسحتم بدهن، إذ أصبحتم شركاء للمسيح وأتباعه. بالدهن المنظور تُقدس نفسك بالروح القدس المحيي 3. لكن احذروا أيضًا لئلا تظنوه دهنًا بسيطًا، لأنه كما في خبز الإفخارستيا بعد حلول الروح القدس لا يصير خبزًا عاديًا بعد، بل جسد المسيح، هكذا هذا الدهن لا يكون دهنًا بسيطًا أو عاديًا بعد الصلاة، لكن هي موهبة المسيح بالنعمة وبحلول الروح القدس أصبح لائقًا لمنح طبيعته الإلهية. بهذا الدهن مُسحت رمزيًا على جبهتك وحواسك الأخرى. وإذ يرشم جسدك بالدهن المنظور تُقدس نفسك بالروح القدس واهب الحياة. بالمسحة السرية لبستم كل سلاح الروح القدس 4. رٌشمت على الجبهة كأنك تتخلص من العار الذي حمله الإنسان الأول معه في كل مكان، وأنه بوجه مكشوف كما في مرآة ناظرين مجد الرب” (2 كو 3: 18). ثم على آذانك حتى تتقبل الآذان سريعًا سماع الأسرار الإلهية التي قال عنها إشعياء النبي: “أعطاني الرب أذنًا للسمع” (إش 1: 4). وقال سيدنا الرب يسوع المسيح: “من له أذنان للسمع فليسمع” (مت 11: 15؛ مت 13: 9). ثم على الأنف حيث تتقبل الدهن المقدس، فيمكنك أن تقول: “لأننا رائحة المسيح الذكية لله في الذين يخلصون” (2 كو 2: 15). بعد ذلك على صدرك حيث “قد لبستم درع البرّ” (أف 6: 14)، حتى تقدروا “أن تثبتوا ضد مكايد إبليس” (أف 6: 11). لأن المسيح بعد عماده وحلول الروح القدس ذهب وغلب الشرير، هكذا أنتم أيضًا بعد العماد المقدس والمسحة السرية، إذ لبستم كل سلاح الروح القدس لكي تقفوا ضد قوة الشرير وتقهروه قائلين: “أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني” (في 4: 13). نلتم اللقب الشريف 5. وإذ حُسبتم جديرين لهذه المسحة المقدسة، دُعيتم مسيحيين وبميلادكم الجديد أيد شرعية هذا الاسم، إذ قبل أن تكونوا مستحقين هذه النعمة، لم يكن لكم حق صحيح في هذا اللقب الشريف. لكن كنتم تتقدمون في طريقكم حتى تصيروا مسيحيين. مثال المسحة في العهد القدبم 6. علاوة علي ذلك يجب أن تعلموا أن في الكتاب المقدس يوجد رمز لهذه المسحة. لأن من وقت أن عَرّف موسى أخاه الرب وجعله كاهنًا أعظم، وبعد استحمامه ودُعي هارون مسيحًا بوضوح أو مدهونًا بالزيت الرمزي. هكذا أيضًا صنع رئيس الكهنة في تقديم سليمان للمملكة مسحه بعد استحمامه في نهر جيحون (1 ملوك 1: 39). وهكذا حدثت لهم هذه الأمور في شبه خيال لكن ليست في خيال، لكنها حقيقة. لكن مُسحتم حقًا بالروح القدس وابتدأ خلاصكم المسيح. لأنه باكورة الثمر، وأنتم العجين. فإن كان الثمر مقدسًا فواضح أن قداسته تنتقل إلى العجين كله أيضًا (رو 11: 16). احفظوا هذه المسحة خالية من العيوب 7. احفظوا هذه المسحة خالية من العيوب، إذ ستعلمكم كل الأشياء إذا سكنت فيكم، كما سمعتم بوضوح من المطوّب يوحـنا: “وأعطانا كثيرًا بخصوص هذه المسحة” (1 يو 2: 20). لأن هذه المسحة المقدسة صيانة روحية للجسد، وخلاص للنفس. وعنها يتنبأ إشعياء المبارك منذ قديم الزمان فيقول: “على هذا الجبل” الآن يدعو الكنيسة “الجبل”. وفي موضع آخر يقول: “يكون في آخر الأيام أن جبل بيت الرب يكون ثابتًا” (إش 2: 2). وأيضًا “ويصنع رب الجنود لجميع الشعوب في هذا الجبل وليمة سمائن، وليمة خمرًا، تبشرون فرحًا، يمسحون أنفسهم بدهن” (راجع إش 25: 6). ولكي يؤكد لكم اسمعوا ما يقول عن هذا الدهن في أنه سري “سلموا كل هذه الأمور للشعوب، لأن مشورة الرب هي لكل الشعوب”. وإذ قد دُهنتم بهذا الدهن المقدس احفظوه فيكم غير مدنس لا عيب فيه، متقدمين في الأعمال الحسنة، عالمين كل ما يرضي رئيس خلاصكم يسوع المسيح، الذي له المجد الدائم إلى دهر الدهور. آمين. |
||||