|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
20 - 11 - 2022, 10:41 AM | رقم المشاركة : ( 51 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث الله الخالق ما أعجب عملية الخلق! إنها في مستوى فوق العقل. نقترب إليه عن طريق الإيمان والوحي. فالخالق غير الصانع. الصانع يصنع أشياء من مادة موجودة. أما الخالق فيخلق من العدم، ينشئ شيئًا من لا شيء!! والعجيب أن الله أوجد كل شيء من لا شيء. وليست الأمور المادية فقط، وإنما الأرواح أيضًا.. كما أننا نرى في خلقه للكل آيات من القدرة والحكمة والفن والنظام والجمال. بل التواضع أيضًا. لأنه من تواضع الله، أنه لم يشأ أن يكون الوجود له وحده، فأوجد كائنات أخرى، منحها الوجود لتكون معه... أما سبب خلقه لكل الكائنات، فهو جوده وكرمه ومحبته. إنه لم يكن محتاجًا إلى هذا الكون. بل الكون هو المحتاج إليه. كان الله مكتفيًا بذاته، تمجده صفاته، وتمجده طبيعته السامية التي لا تحد. ثم مرت على ذلك ما لا يُعد من السنين، بل لم تكن هناك مقاييس للسنين بعد. ثم في وقت لا نعرفه بدأ الله عملية الخلق، فخلق السموات والأرض. ومع خلقه للطبيعة الجامدة، منح بعض مخلوقاته نعمة الحياة. منح الحياة للنبات والحيوان والإنسان. ومن قبل ذلك للملائكة. ومن محبته منح للإنسان روحًا خالدة، وكذلك الملائكة. ومنح للحيوان نفسًا تنتهي بموته. وهكذا جعل الحياة على درجات ومستويات تتنوع بين النبات والحيوان والإنسان، والملائكة... خلق الله كل مستويات الخليقة، حتى ما يبدو ضئيلًا منها... خلق العاقل وغير العاقل. خلق الحي والجماد. خلق الفيل الضخم، كما خلق النملة الضئيلة، والدودة التي تسعى تحت حجر. خلق الأسود القوى الشجاع، كما خلق الأرنب الضعيف الخائف. خلق القرد كما خلق الغزال. خلق الجبل العالي، والوادي السحيق. خلق الحرّ والبرد، النور والظلام. الكل صنعة يديه. وكانت لله حكمة في خلقه العالم بهذا التنوع... تصوروا لو كان العالم كله طبيعة واحدة وشكلا واحدًا، كيف كان يمكن أن تعيش؟! ومن العجيب في قدرة الله في الخلق، العدد الهائل لمخلوقاته. ملايين الملايين من المخلوقات، تتكرر كل جيل، وبعضها يتكرر كل سنة أو عدة سنوات. وبعضها لا يُحصى مثل رمل البحر، ومثل نجوم السماء، وما في السماء من كواكب ومن مجرات وشهب... ونحن نعرف الظاهر فقط من مخلوقات الله، ولا نعرف الخفي منه. أو نبذل الجهد لكي نعرف ما خفي منها. فنحن مثلًا لا نعرف كل ما في باطن الأرض من أسرار. ولكن نبذل الجهد بحفريات كثيرة، لنعرف منابع الماء التي تحت الأرض، ومصادر البترول التي في جوف الأرض، وما تلفظه البراكين من باطن الأرض. كذلك بالتنقيب يمكن أن نتعرف على ما في جوف الجبال من ذهب وأحجار كريمة ومعادن وغير ذلك... أضف إلى ذلك ما في أعماق البحار، وما يمكن أن تكشفه دراسات علوم الفضاء. فما الذي نعرفه عن هذا الكون الواسع العجيب...؟! والعجيب أيضًا أن الله قد خلق العالم في نظام عجيب... يكفى أن ننظر مثلًا إلى الفلك، والروابط التي تربط الأجرام السمائية بقوانين تحفظها قائمة في مكانها، وتدور حول بعضها البعض في نظام ثابت، يدل على أن الذي نظّم هذه القوانين الفلكية هو -كما يسميه الفلاسفة- مهندس عظيم God the Geometer. إلى جوار هذا ما وضعه من نظام للأجواء من جهة الحر والبرد، والرياح والأمطار، والرطوبة والجفاف، والظلمة والنور... وكالنظام والتناسق في فلك السماء وأجواء الأرض، هكذا أيضًا في جسم الإنسان، حتى يسمون الإنسان العالَم الصغير Micro Kosmos. فالمتأمل في تكوين أجهزة الإنسان وعلم وظائف الأعضاء، يرى عجبًا يدل على قدرة الخالق سواء في المخ ومراكزه وعمله وما يصدر عنه من أوامر لباقي أعضاء الجسد... أو القلب أو الكبد، وعمل كل منهما، وعمل الجهاز الدوري في الجسم، وعمل الأعصاب، وفصائل الدم.. إلخ. بل إن عجب خلق الله يظهر عميقًا في بصمات أصابع الإنسان. هذه التي تدل على كل فرد، وتميزه عن غيره. وهنا نقف في ذهول أمام مئات الملايين من بصمات الأصابع التي لا تتشابه أبدًا. أيّ مهندس أو رسام -مهما كانت براعته- يستطيع أن يرسم أشكالًا متنوعة من بصمات الأصابع مثلما صنع الله الخالق؟! هل نضم إلى هذه بصمات الصوت أيضًا؟ بحيث يكلمك إنسان تليفونيًا من آلاف الأميال، فتميز صوته وتتعرف عليه!! وهل نضيف إلى كل هذا، ما خلقه الله من ملامح عديدة مميزة لملايين وعشرات الملايين من البشر... وماذا نقول عن خلق الله للملائكة وقوتهم وإمكانياتهم العجيبة... بحيث يمكن أن ينزل الملاك من السماء إلى الأرض في لمح البصر، ويفعل ما يعهد به الله إليه من عمل أيًا كان بقدرة عجيبة. وماذا نقول أيضًا عن روح الإنسان، الروح العاقلة الناطقة، ومدى صلتها بالجسد، وكيف تفارقه بالموت، وكيف تعود إليه بالقيامة أليس في هذا كله عجب أي عجب..! ثم لننزل إلى بعض المخلوقات البسيطة كالنحلة والنملة. هنا نرى عجب الخالق العظيم في أن يمنح النحلة حكمة التدبير في نظامها وحكمة الإنتاج للشهد وغذاء الملكات، كل ذلك من رحيق الأزهار. ويمكنها بدقة عجيبة أن تحفظه في خلايا دقيقة أيضًا... هكذا النملة أيضًا في نظام حياتها النشيط الذي لا يهدأ، وفي تعاون أفرادها، ودقة اتصال بعضهم ببعض، وطريقة تخزين طعامهم. إن عجائب الله في خليقته لا تحصى، لا تكفيها مقالة أو مقالات... |
||||
20 - 11 - 2022, 10:44 AM | رقم المشاركة : ( 52 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث صفات الله الذاتية التي يختَصّ بها وحده هناك صفات يشترك فيها الله مع بعض خليقته. وتكون في الله مطلقة وغير محدودة، بينما تكون في المخلوقات نسبية ومحدودة. مثال ذلك: الحكمة فالله يتصف بالحكمة، وكثير من البشر يوصفون بأنهم حكماء. ولكن حكمة الله مطلقة وغير محدودة، بينما حكمة البشر محدودة. وهى حكمة نسبية، نسبة لما وهبهم الله من ذكاء، ومن حسن تصرف... وما نقوله عن الحكمة في هذا المجال، نقوله أيضاً عن القوة والرحمة والجمال والمعرفة، وما شابه ذلك من الصفات... الأزلية غير أن هناك صفات خاصة بالله وحده، لا يشاركه فيها أى مخلوق مهما ارتفع... ومن هذه الصفات الذاتية: الأزلية فالله وحده الأزلى، الذي لا بداية له. ولا يوجد كائن آخر أزلى، لأن كل الكائنات الأخرى لها بداية. وبدايتها هي يوم خُلقت، يوم وُجدت، يوم وُلدت... وقبل ذلك لم يكن أىّ من تلك المخلوقات موجود وهذا الكون كله، بكل ما فيه من قارات وأقطار وبلاد، وما فيه من شموس وأقمار وكواكب... كل هذا الكون مخلوق، وله بداية، ولا شئ فيه يتصف بالأزلية... لذلك من الخطأ أن نقول مثلاً: علاقتنا بالبلد الفلانى هي علاقة ازلية!! لأنه لا هذا البلد ولا نحن يمكن أن يوصف بالأزلية! المقصود طبعاً إنها علاقة قديمة جداً. ولكن مهما كانت درجة قدمها، فلها بداية. اذن هي ليست أزلية.. الخلق من صفات الله الذاتية أيضاً إنه الخالق هو وحده الخالق. وهو وحده قد خلق كل شئ... وعبارة (خلق) تعنى أنه أوجد من العدم، من لا شئ... أما ما ينسب إلى العقل البشرى من أشياء مبهرة، فهو قد صنعها ولم يخلقها، وقد صنعها من المادة التي خلقها الله، كما أنه صنعها بذكاء جبار اتصف به العقل البشرى. ولكن العقل البشرى من خلق الله، وذكاء ذلك العقل من موهبة الله. الله اذن هو الذي خلق المادة، وخلق العقل والذكاء. والعقل استخدم المادة والذكاء، في مجال التكنولوجيا وغيرها، وصنع كل تلك الصناعات المبهرة. ويبقى الله هو الخالق وحده والله لم يخلق فقط المادة وكل ما هو مادى، إنما خلق أيضاً الروح والعقل. وخلق الملائكة وهم أرواح... خلق الحياة... وكخالق يمكنه أيضاً أن يسحب هذه الروح التي منحها للحياة. لذلك فهو المحيى والمميت. بيده الحياة والموت. وهو الذي خلق الطبيعة، وبإمكانه أن يفنيها.. واجب الوجود: أيضاً من صفات الله وحده أنه واجب الوجود. ويقول البعض عن هذه الصفة أنه موجود بالضرورة. أى أن الضرورة تحتم وجوده. ذلك أن كل الموجودات تحتم وجود كائن أعلى كلى القدرة هو الذي أوجدها، وكان سبب وجودها. لذلك يصفه بعض الفلاسفة بأنه (العلة الأولى) أى السبب الأصلى لإيجاد جميع الموجودات... لا يوجد كائن غير الله، يمكن وصفه بأنه واجب الوجود. أو الضرورة تحتم وجوده. لأنه مادامت كل الكائنات الأخرى مخلوقة ولها بداية، ولم تكن موجودة قبل هذه البداية، اذن فهى ليست موجودة بالضرورة. فما دام قد مرّ وقت قبل خلقها، لم تكن موجودة فيه، إذن وجودها لم يكن ضرورياً... غير محدود من صفات الله أيضاً انه غير محدود فهو غير محدود في القدرة، أى أنه قادر على كل شئ.. وهو الوحيد القادر على كل شئ، لا يشاركه في هذه الصفة البشر ولا الملائكة. فالملائكة لهم قدرة عظيمة، لكنهم ليسوا قادرين على كل شئ. والبشر مهما عظمت قدرتهم، ليسوا قادرين على كل شئ. يكفى أن الموت قد غلبهم جميع ومن مظاهر قدرة الله على كل شئ، صنعه المعجزات... الله أيضاً غير محدود من جهة المكان. فهو موجود في كل مكان، ولا يسعه مكان. هو دائم الحضور في كل موضع. وهذه صفة خاصة به وحده. فلا يستطيع أحد أن يكون موجوداً في مكانين في نفس الوقت. والله إذ يوجد في كل مكان، إنما يرقب كل ما يحدث فيه... وبهذا المعنى نقول انه فاحص للقلوب، وقارئ للأفكار). الله أيضاً غير محدود من جهة المعرفة. فهو يعرف كل شئ عن كل شئ. وهذا الموضوع يحتاج وحده إلى مقال خاص صفات أخرى من صفات الله أنه لا يتغير وأنه حىّ دائم الحياة، له في ذاته الخلود |
||||
20 - 11 - 2022, 10:46 AM | رقم المشاركة : ( 53 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث فكرًا جاء متأخرًا إنسان بدلًا من أن يفكر في نتائج عمله قبل أن يقدم على العمل، فإنه يعمل دون تفكير في العواقب، ودون أن يعمل حسابًا لردود الفعل... ثم بعد أن يتم عمله، ويُواجه بنتائجه، يبدأ في أن يفكر في ما حدث... إنه تفكير جاء متأخرًا، بعد فوات الفرصة...! وإنسان آخر ينذر نذرًا، دون أن يفكر قبل النذر هل باستطاعته الوفاء به أم لا؟... ثم بعد أن يتم الأمر، ويجد نفسه مقيدًا بالنذر، مع علمه بأنه من الخير للإنسان أن لا ينذر، من أن ينذر ولا يفي!! حينئذ يبدأ أن يفكر: هل يغيرّ النذر، أو يبدله، أو يعلن عجزه عن الوفاء به...! إنه تفكير جاء متأخرًا بعد أن انتهى الأمر. أو امرأة تعيش مع زوجها في خلاف مستمر، وفي نكد وعناد، بنوع من المعاملة تفقدها محبته، وتطيع أمها وأقرباءها أكثر منه. ولا تأبه بأية نصيحة لتغيير مسلكها. وتغضب أحيانًا وتثير إشكالاته، وترفض مع ذلك كل التدخلات للصلح. ويحاول زوجها أن يرضيها، فلا يستطيع. وأخيرًا بعد أن يصل به الوضع إلى أن يكرهها، ولا يعود يتصور المعيشة معها، ويسعى إلى الانفصال عنها... فهل حينئذ، إذا بدأت الزوجة أن تشعر بسوء حالتها، وأخذت تفكر في أن فقدها لزوجها ليس من صالحها... ألا يكون هذا التفكير قد جاء متأخرًا بعد فوات الأوان!! وأب يهمل تربية أولاده، وينشغل عنهم بكثير من أعماله، حتى يصبح غريبًا عن أسرته. وينشأ أولاده على الانفرادية والاستقلالية واللامبالاة، وعدم الاهتمام بأوامر الأسرة. ويرسخ فيهم كل ذلك كطباع، وتصبح تصرفاتهم مرارة قلب للوالدين والأخوة... وأخيرًا يفكر الأب في أن انشغاله عن أولاده كان من أخطائه... ألا يكون هذا الفكر قد جاء متأخرًا، بعد رسوخ طباع أبنائه!! وتلميذ يستهويه اللعب واللهو طول العام الدراسي، ولا يعطى اهتمامًا لدراسته واستذكار دروسه... ثم يُفاجأ بأن الامتحان على الأبواب. وحينئذ يبدأ أن يفكر كيف يستعد للامتحان. ألا يكون هذا تفكيرًا قد جاء متأخرًا؟! والكاتب الذي تعوّد أن يهاجم المعارضين في الفكر أو في السياسة، بأية ألفاظ أو بأي أسلوب. والمهم عنده أن يحلل شخصية من يعارضه، ويثبت العيوب التي يلصقها به... هل إذا فلت الحرص من هذا الكاتب، واتهم أمام القضاء بتهمة سب وقذف. هل إذا بدأ يفكر في أنه كان يجب عليه أن يحترس في أسلوبه، ألا يكون هذا الفكر قد جاء متأخرًا؟! وأيضًا رجل الأعمال الغنى، الذي كلما كان ينجح في عمله، يزداد رأس ماله، حتى بلغ درجة كبيرة من الثراء. وليس له فكر سوى تنمية عمله، واستثمار أمواله، والدخول في مشروعات جديدة وأعمال اقتصادية عالية المستوى... وهو في كل ذلك لم يهتم بالفقراء والمحتاجين. وفيما تزداد كنوزه على الأرض، لم يكنز له شيئًا في السماء! أو كان عطاؤه للمحتاجين ضئيلًا جدًا لا يتناسب مع ثرواته... هل هذا الإنسان إذا ما فاجأه مرض خطير، ووجد نفسه على فراش الموت، وسيترك كل الأموال التي تعب في جمعها، دون رصيد له في الأبدية. هل إذا فكر انه لم يفعل شيئًا لآخرته. ألا يكون فكرًا قد جاء متأخرًا؟! وذلك الإنسان المتردد بطبعه، الذي لا يستطيع أن يكمل عملًا قد بدأ فيه. هل إذا فاتته فرص كثيرة كان من الخير أن تفيده. فندم على تردده. ألا يكون ندمه متأخرًا؟! وتلك الفتاة التي تهب نفسها لكل شاب يغريها، واثقة من كلامه ووعوده... هل إذا خلا بها الكل بعد أن تكون قد فقدت عفتها... ثم جلست أخيرًا إلى نفسها تندب سوء حالتها. وتقول يا ليتني ما كنت سهلة في تعاملي واستسلامي للغير. ألا يكون هذا الفكر قد جاء متأخرًا؟! ونقول نفس الكلام عن الشاب الذي يجرى وراء اللذة الخاطئة، حتى يقع أخيرًا فريسة لمرض الإيدز بلا شفاء... أو الشاب الذي تجرفه المخدرات إلى مستوى الإدمان، ويجد إرادته عاجزة أمام إدمانه... هل إذا فكر أخيرًا بأنه ما كان يجب عليه سلوك هذا الطريق، ألا يكون تفكيرًا قد جاء متأخرًا؟! تذكرني غالبية هذه الأمور، بتلك القصة الخيالية التي تقول إن شخصًا كانت عنده دجاجة تبيض له كل يوم بيضة من ذهب، فرأى أن يذبحها ويأخذ الكنز الذي في داخلها دفعة واحدة!! فلما فعل ذلك لم يجد شيئًا. فندم على ذلك ندمًا شديدًا. ولكن ندمه جاء متأخرًا، بعد فوات الفرصة... لذلك كله، على الإنسان أن يتنبه لنفسه من أول الطريق. ويعرف أين هو؟ وإلى أين يقوده ما هو فيه؟ سواء كان ذلك طبعًا ثابتًا فيه، أو أسلوبًا في الحياة يتبعه... |
||||
20 - 11 - 2022, 10:49 AM | رقم المشاركة : ( 54 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث دروس من نهر النيل نهر النيل مصدر عطاء لنا. فهو يعطينا الماء الذي نشربه، والماء الذي يروى الأرض والنبات والشجر. ولكنه فوق ذلك كله -بشيء من التأمل في تاريخه ومساره- يعطينا نهر النيل الكثير من الدروس الروحية. فما هي تلك الدروس؟ نحن نعلم أن هذا النهر أصله قطرات من الماء، نزلت مطرًا، وتجمعت فصارت نهرًا، على مدى سنوات طويلة جد. فقطرات الماء، بالتوالي والمدى الزمني، استطاعت أن تكوّن نهرًا. فهذا النهر العظيم أصله شيء بسيط: قطرات من الماء.. ومن هنا نأخذ الدرس الأول: فلا نستهين بالشيء البسيط. إنه بالزمن قد يتحول إلى شيء ضخم. وهذا ما نراه في الحياة: إن أكبر مشروع، أو أكبر اختراع بدأ بفكرة. وكما يقول المثل "إن أطول مشوار أوله خطوة"... ومن الناحية السلبية: إن أبشع جريمة يمكن أن تبدأ بمجرد انفعال! ومستعظم النار تكون من مستصغر الشرر! فلنحترس إذن من الصغار التي تقود إلى الكبائر... الملاحظة الثانية: إن قطرات الماء اللينة الناعمة، لما سقطت بمتابعة واستمرار، استطاعت أن تحفر في الجبل والأرض طريقًا! وبمرور الأيام والأعوام عمقّت هذا المجرى وأطالته واستقرت فيه. وهنا نأخذ درسًا من المثابرة وعدم النكوص أمام العقبات ما دامت نقطة الماء تستطيع أن تشق لها طريقًا وتحفر لها مجرى... ولكنها ليست نقطة ماء وحدها، بل تجمع من هذه النقاط، أعطاها طاقة وقوة. وهذا هو الدرس الثالث الذي نأخذه: إن قطرة الماء وحدها قد لا تستطيع أن تفعل شيئًا. ولكن تجمع هذه القطرات يجعلها طاقة جبارة... ملاحظة أخرى: وهى أن هذا الماء في منبعه من جبال الحبشة، يحمل معه طينًا. ويبدو لأول وهلة معكرًا، بينما كله فائدة. هذا الطين الذي يعكره هو الغرين الذي كان سبب خصوبة أرض مصر، وهو الذي كسا رملها بالطين، وجعلها أرضًا زراعية منتجه. فلا تنظر إلى الماء وقتذاك وتنتقد عدم صفائه، بل العكس -في عمق- تمتدح دسمه. وعلى الرغم مما كان يحمله من الطين، فإن له عذوبة في مذاقه، بعد بعض عمليات من التصفية. وما أعذب ماء النيل. وهذا الأمر يعطينا درسًا آخر في عدم الحكم حسب الظاهر. إنما نحكم في عمق وبعد تحقق. نلاحظ أنه في بادئ الأمر، قبل أن يعمق النيل مجراه، كانت المياه تنسكب على الجانبين مكونة مستنقعات، ما لبثت أن زالت بمرور الزمن... كلما تعمق المجرى شيئًا فشيئًا.. هذا الأمر يعطينا فكرة عن التدرج. ويعطينا درسًا في أننا لا نحكم على أمر إلا بعد أن يستقر ويكمل. فنقطة البدء أحيانا لا تسّر... ولكن يجب أن نعطى الأمور راحتها، في المدى الزمني الذي تستكمل فيه وضعها ورونقها... ونصبر على كل مبتدئ، حتى يصل إلى غايته. إننا نأخذ درسًا آخر من الجنادل الستة التي في مجرى النيل، التي سُميت خطأ بالشلالات... هذه تمثل الصلابة والصمود. آلاف السنين تمر عليها، والمياه والأمواج تصدمها، وهى ثابتة في مكانها لا تتزعزع. إنها أقوى من الماء. وقد احترم النيل وجودها واستبقاها وسط مياهه، أو أن قوة مياهه لم تقدر عليها. فبقيت شاهدًا على أن لكل قوة حدودًا!! درس آخر نأخذه من نهر النيل، وهو : إنه لم يكتف بأن عمّق مجراه، إنما أيضًا صار له شاطئان: هذان الشاطئان ليسا حاجزين يحدان حريته في الجريان، إنما هما يحفظانه في مجرى سليم، بحيث لا ينسكب ماؤه هنا وهناك. إنهما درس لنا أن يمارس الإنسان حريته وسط حاجزين لا يتجاوزهما: الأول هو وصايا الله، والثاني هو النظام العام وقوانين الدولة. وبين هاذين يسير في مجراه كما يشاء. ويقول إن هذين الأمرين لا يحدان حريته، إنما يحفظانه من الضياع... درس آخر نأخذه من (وفاء النيل) الذي كان عيدًا تقيمه مصر للنيل كل عام ذاكرةً وفاءه. فهو في كل عام كان يرتفع منسوب مائه إلى الحد الذي يطمئن به الشعب إلى أنه سيكون كافيًا لهم في الشرب وفي الزراعة... فيقيمون احتفالًا لذلك يفرحون فيه ويبتهجون... وفى الحقيقة إن هذا الوفاء يرجع إلى الله تبارك اسمه، الذي لم يحرمنا من أمطاره التي سببّت امتلاء النيل بالماء. وإن كنا في عيد وفاء النيل، إنما نذكر ضمنا نعمة الله علينا بالماء، فهذا درس آخر ينبغي أن نذكره على الدوام، فنشكر الله الذي ينعم علينا بالماء ملاحظة أخيرة، وهى أن النيل من منبعه إلى مصبه، قد قطع رحلة طويلة حتى وصل إلينا. وكان في أثنائها يوزع من خيره على كل بلد يصادفه: فأعطى أثيوبيا، والنوبة، والسودان، ومصر، وكل الصحراوات المحيطة. إنه درس في كرم العطاء، وفي منح الخير لكل من يصادفه ونحن نشكره على كل ذلك. وهذه البلاد التي منحها من مائه تنطوي كلها تحت عنوان (أبناء النيل). |
||||
20 - 11 - 2022, 10:51 AM | رقم المشاركة : ( 55 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث الحق والباطل منذ بداية الخليقة، وهناك الحق والباطل. الحق في الملائكة الأطهار، والباطل في إبليس وأعوانه من الشياطين. الحق في هابيل البار ابن أبينا آدم، والباطل في أخيه الذي قتله... ومرت العصور والحق والباطل موجودان. والعجيب أن الباطل أنتشر انتشارًا كبيرًا في الوثنية، وتعدد الإلهي، وعبادة الشمس، وعبادة الأرواح. كما أنتشر الباطل في الفساد بألوانه وأنواعه... بينما انزوى الحق بين قلة تعبد الله الحق، وتتمسك بالإيمان والفضيلة والعمل الصالح... وعاش الحق والباطل يتصارعان على مدى العصور. وكثيرا ما كان الباطل ينتصر، لأن وسائله أكثر... الباطل يستطيع أن يكذب ويغش ويخدع، والحق لا يستطيع ذلك. الباطل يمكنه أن يقسو ويبطش ويقتل ويغدر، والحق لا يمكنه أن يفعل ذلك. الباطل يلجأ إلى حبك المؤامرات وتدبير الحيل المهلكة، بينما الحق لا يسمح له ضميره بفعل شيء من هذا كله... الباطل يقدّم لأتباعه المغريات والنجاسات مما يرضى غرائزهم المنحرفة، والحق يرتفع عن هذا المستوى. أيضًا الحق مقيد بقيم ومبادئ ووصايا إلهية، لا يستطيع أن يخرج عن طاعتها، بينما الباطل متسيب يفعل ما يشاء، ويسلك حسب هواه بلا ضابط. لذلك فالوسائل عديدة أمامه، والباب مفتوح له في أي طريق يسلكه..! لذلك فالباطل له أنصاره وأتباعه الكثيرون، لأنه يوصّلهم إلى أغراضهم بشتى الطرق والحيل والأساليب... يوصّلهم بالإدعاء، أو بالرشوة، أو بالتزوير والتزييف، أو بالاتصال بمراكز القوة وأصحاب القرار. فينالون ما يشتهون! أما الحق فطرقه ضيقة ومحدودة. يحاول أن يلجأ إليه البعض، فيقول لهم: هذا ضد الدين، وهذا ضد القانون، وهذا ضد الأخلاق. هذا لا يليق، وهذا لا يجوز... لذلك يبعد الناس عن الحق أحيانًا، ويتهمونه بأنه يعقّد الأمور، بينما الباطل يسهلها..! وبهذا يصبح أصحاب الباطل أكثر، وينتشر الفساد..! ولكن الباطل يسمى الأخطاء بغير أسمائها، وكأنها حق!! يسمى التحايل أو الحيلة، بأنها لون من الذكاء. ويسمى القسوة بأنها شيء من الحزم. ويسمى العلاقات الشبابية الخاطئة باسم الحب. كما يسمى المغريات في وسائل اللهو باسم الفن. وسلوك كل إنسان حسب هواه يسميه الحرية. ويسمى السب والقذف في الجرائد والمجلات باسم حرية النشر والتعبير... وكل خطأ من الأخطاء، له عند الباطل اسم جميل يجذب إليه، أو سبب معقول يبرره... على أن الباطل ينتصر أولًا على الحق، فإن الحق ينتصر أخير. لقد شكا أرميا النبي من انتصار الباطل قائلا "لماذا تنجح طريق الأشرار؟! اطمئن كل الغادرين غدرًا !!" وأجاب القديس أوغسطينوس فقال عن الباطل المنتصر: إنه يشبه الدخان الذي يرتفع إلى فوق وتتسع رقعته، ولكنه في كل ذلك يتبدد..! إن الاستعمار هجم على كثير من البلاد التي هي أضعف منه، وبررّ انتشاره بأسباب سياسية واقتصادية، ثم جاء وقت انتهى فيه الاستعمار وتأسست في مكانه دول مستقلة... في وقت من الأوقات استعمرت انجلترا الهند... ثم حدث أن الناسك الهندي العظيم المهاتما غاندي، استطاع بهدوئه وسلامه أن يحصل على استقلال الهند، فتخلصت من الاستعمار... إن الحق عليه أن يحتمل بعض الوقت حتى ينتصر أخيرًا. السياسة البيضاء حكمت جنوب أفريقيا زمنًا مضطهدة للسود. ثم خرج واحد من السجن، ليكون أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا.. وهتلر دوّخ العالم زمنًا، بقوة عجيبة، واستولى على بلاد عديدة. وصار رعبًا في زمنه. ثم أتى الوقت الذي انتهى فيه هتلر، وانتصر الحلفاء. كذلك الشيوعية سيطرت على روسيا سبعين سنة، ثم بعد ذلك عاد الإيمان إليها، وانقشعت الشيوعية. حقًا، إنه بعد كل ليل دامس، يأتي الفجر، ثم النهار الساطع النور. إن الباطل قد يعتز بأساليبه وبنجاحه الأول، لكن ذلك لا يستمر! بالغش قد ينجح الطالب في الامتحان، ولكنه لا ينجح في حياته العملية. انه نجاح مؤقت، كالبخار يظهر قليلًا ثم يضمحل... والباطل يقول إن الكذب ينجى!! ولكن ذلك ليس في كل حال، كما أن الكذب قد ينكشف، فتكون النتيجة أسوأ... كذلك البطش قد يخضع الضعفاء إلى حين. ومع ذلك فالحال لا يستمر. فما أسهل أن يثور هؤلاء على الطغاة ويتخلصوا من بطشهم... الأب القاسي، قد يصوّر له الباطل انه بالشدة والعنف قد يربى بناته تربية سليمة، ويحبسهم في البيت، ويمنعهم عن كل صلة.. وربما تكون النتيجة عكسية، فيهرب البنات من سطوته إلى أي صدر حنون!! الحق والباطل قد يتصارعان حول المبادئ والقيم. وقد تختلف الموازين. فيحتار الناس: أين الحق؟ وأين الباطل؟! الكل يقول إنه على حق. حتى الباطل نفسه يدعى أنه هو الحق!! والمسألة تدور حول الخلاف في المفاهيم، أو الخلاف في الانتماء. فكل من ينتمي إلى مجموعة معينة، يقول إنها على حق... وأحيانًا يتوقف ميزان الحق على القوة. فدائمًا يرى الفريق الأقوى أنه يمثل الحق، وأن الحق هو مصدر قوته. بينما الزعيم سعد زغلول يقول "الحق فوق القوة"... ولعله لا يقصد كل قوة، بل القوة التي هي ضد الحق... فهذه يكون الحق فوقها... |
||||
20 - 11 - 2022, 10:54 AM | رقم المشاركة : ( 56 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث التجارب والضيقات: حدودها وفوائدها لا تخلو حياة إنسان -أيًا كان- من التجارب والضيقات. فهي للكل، حتى للأنبياء والقديسين، والأمثلة عديدة، نذكر منها ما تعرض له أيوب النبي ويوسف الصديق... فلا يظن أحد أن التجارب والضيقات هي للخطاة فقط بسبب خطاياهم. وإنما هي لجميع الناس. وهناك فرق بين خاطئ يتعرض لضيقة بسبب أخطائه، وبين بار تصيبه ضيقة بسبب شر الآخرين أو حسدهم، أو لأي سبب خارج عن إرادته وجميع الأبرار اجتازوا بوتقة الألم، واختبروا الضيقة والتجربة، ولم يستثنهم الله من ذلك. فكثيرة هي أحزان الصديقين، ومن جميعها ينجيهم الرب. "كَثِيرَةٌ هِيَ بَلاَيَا الصِّدِّيقِ، وَمِنْ جَمِيعِهَا يُنَجِّيهِ الرَّبُّ" (سفر المزامير 34: 19). وحدوث تلك التجارب، لا تعنى مطلقًا تخلى الله عمن أصابتهم تلك المتاعب والضيقات. كما لا تعنى غضبه عليهم أو عدم رضاه..! بل أنه -تبارك اسمه- قد يسمح بالتجربة لمنفعتهم. ويكون معهم في التجربة، يعينهم ويقويهم ويحافظ عليهم، ويسندهم أيضًا... إنه يسمح بالضيقة، ولكنه يقف معنا فيها... وهكذا يغنى المرتل في المزمور ويقول "لولا أن الرب كان معنا، حين قام الناس علينا، لابتلعونا ونحن أحياء، عند سخط غضبهم علينا... نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين. الفخ انكسر ونحن نجونا. عوننا من عند الرب الذي صنع السماء والأرض" (مز124). إنه اختبار جميل: أن نرى معونة الله في خلال ضيقاتنا... وأن نختبر حنو الله ومحبته وعمله من أجلنا. وهذه هي إحدى فوائد التجارب التي فيها نشعر أن بعض القوات السمائية تقف معنا، وتصد عنا. ونختبر أيضًا قول المزمور "ملاك الرب حالّ حول خائفيه وينجيهم". من أجل هذا، فإن المؤمن لا يمكن أن تتعبه الضيقات. ذلك لأنه يؤمن بتدخل الله وعمله وحفظه. ويؤمن بأن الله يهتم به أثناء الضيقة أكثر من اهتمامه هو بنفسه. وكلما حلّت به مشكلة، يؤمن أن الله قادر على حلها، بل أن الله عنده حلول كثيرة. لذلك فالمؤمن لا يفقد سلامه الداخلى أثناء التجارب، ولا يفقد اطمئنانه، وثقته بعمل الله. إن كل تجربة هي بلا شك مجال لخبرة روحية جديدة، تعمّق مفاهيم الإنسان برعاية الله وعمله وإنقاذه... على أن الله -في شفقته وحنانه- قد وضع قواعد معينة للضيقات التي يسمح لها إن تحدث. وفي مقدمتها: + إن الله لا يسمح بتجربة هي فوق طاقتنا البشرية إنه -جلّت قدرته- يعرف مقدار احتمال كل واحد منا، ولا يسمح أن تأتيه التجارب إلا في حدود احتمال طاقته البشرية ولعل أحدهم يسأل: ما أصعب التجربة التي وقعت على أيوب الصديق، في موت أولاده، وضياع ثروته، وفقد صحته، وتخلى أصدقائه... من كان يستطيع أن يحتمل كل هذا؟! ونجيب بأن الله كان يعلم أن الطاقة الروحية لأيوب كانت تقدر أن تحتمل كل هذا، لذلك سمح بما حدث أما أنت فلا تخف. لو كنت في قامة روحية مثل أيوب، لأمكن أن تتعرض لمثل تجاربه. ولكن الله لا يسمح لك أن تُجَرَّب إلا في حدود احتمالك. + الشرط الثاني أن الله لا يسمح بالضيقة إلا ومعها المنفذ... أي تأتى المشكلة ومعها الحل. فلا توجد تجربة وهى حالكة الظلام، دون أية نافذة من نور... فليس هناك مجال لليأس. إن الحل موجود، وربما يحتاج إلى شيء من الوقت، يمنح صاحب التجربة فضيلة الصبر وانتظار الرب. حيث ينظر إلى المشكلة في رجاء، يرى الحل بعين الإيمان قادمًا من خلال محبة الله وقدرته... والله قادر أن يمنح الاحتمال والصبر. + ينبغي أن نعلم أيضًا أن التجارب التي يسمح بها الله، هي للخير. أو تنتهي بالخير فكل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الرب. حتى إن كانت المشكلة تبدو شرًا في ذاتها، فإن الله بصلاحه قادر أن يحوّلها إلى خير. وهكذا فالإنسان المؤمن يؤمن بخيرية التجارب، سواء في وقتها أو فيما بعد... ولهذا فإن التجارب لا تطحنه، ولا تضغط عليه، ولا تفقده سلامه. وكثيرًا ما كنت أقول: "إن الضيقة سُميت ضيقة، لأن القلب قد ضاق عن أن يتسع لها. أما القلب الواسع فلا يتضيّق بشيء". + شرط رابع للتجربة: إن لها زمنًا محددًا تنتهي فيه.. فلا توجد ضيقة دائمة تستمر مدى الحياة... ولهذا ففي كل تجربة تمرّ بك، يمكنك أن تقول "مصيرها أن تنتهي" أي سيأتي وقت تعبر فيه بسلام... إنما عليك – خلال هذا الوقت – أن تحتفظ بهدوئك وبسلامة أعصابك. فلا تضعف ولا تنهار، ولا تصغر نفسك أمام التجربة. ولا تفقد الثقة في تدخل الله ومعونته وحفظه... واعلم أن التجارب نافعة بلا شك. ولولا منفعتها، ما كان الله الشفوق يسمح بها... وما أكثر الفضائل التي يمكن أن نحصل عليها، إن كنا نتعامل مع الضيقات بطريقة روحية. إنها تقوى النفس، وتمنحها ألوانًا من الخبرات، سواء في معالجة المشاكل، أو في الرجاء والإيمان بعمل الله. أو في الحكمة التي يقتنيها المختبرون، أو في التدرب على الصمود وقوة الثبات أمام الضيقة حتى تنتهي، مع التدرب على الاحتمال والصبر... ولولا الدخول في بوتقة التجارب، لأصبحت النفوس هشّة مدلّلة لا تقوى على شيء، ولم تتدرب على الدخول في الصعاب واحتمالها.. |
||||
20 - 11 - 2022, 10:57 AM | رقم المشاركة : ( 57 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث الفكر ومصادره الحواس فكر الإنسان ينبع من مصادر, ويصب في أخرى. وحواس الإنسان هي من منابع فكره. كذالك ما يقرأه أو ما يسمعه يولد له أفكارًا. وما يراه أيضًا ينشغل به العقل والفكر. الحواس إذن توصل إلى العقل أفكارًا. وما يفكر فيه العقل, يوصله إلى القلب كمشاعر وأحاسيس. وما أسهل أن تصل مشاعر القلب إلى الإرادة, وتحولها الإرادة إلى عمل. والحواس لا تؤثر فقط على العقل الواعي, إنما تؤثر على العقل لباطن أيضًا. ما تجمعه العين والأذن من مناظر وسماعات وقراءات, كثيرًا ما تنبع- حسب عمقها في العقل الباطن، وتظهر فيما بعد كأحلام أو ظنون أو أفكار أخرى. لأن الفكر يلد فكرًا, أو أفكارًا كثيرة. والعقل دائم العمل لا يتوقف. وحسب الغذاء الذي تقدمه للعقل, تكون أفكاره! قد تجلب له الحواس أفكارًا خيّرة. وقد تجلب له أفكارًا شريرة. وحسب نوعية الوقود, تكون النار. لذالك كن حريصًا في ضبط حواسك, لكي تضمن سلامة فكرك. واسأل نفسك: أي نوع من الفكر يجول في عقلك؟ أهو فكر روحي, أم فكر خطية, أم فكر تافه من أمور العالم الزائلة؟؟ كذالك ما الذي تقدمه الحواس لعقلك من مناظر وصور, ومن سماعات وأخبار وقصص, ومن موسيقى وأغانٍ وألحان ونغمات, ومن أفلام لكل منها نوعيته وتأثيره؟ القراءات للقراءة تأثير كبير في حياتك وشخصيتك. فيمكن- حسب نوعيتها-أن تغرس فيك مبادئ معينة وقيمًا... فالذي يقرأ كثيرًا عن الحرية, غير الذي يقرأ في عمق عن الالتزام. والذي يقرأ عن الهدوء, غير الذي يقرأ عن الجهاد. والذي يقرأ عن مشاهير العلماء غير الذي يقرأ عن أبطال الحروب... كل من هؤلاء يتأثر بما تتركه القراءة في أثره من دوافع ورغبة في التقليد.. كذلك القراءة توسع الفكر, وتزيد معارفه, وتعمّق فيه مفاهيم معينة. وما أصدق ما قاله الشاعر عن القراءة في التاريخ: ومن وعى التاريخ في صدره أضاف أعمارًا إلى عمرهِ والقراءة تستطيع أن تبعد الفكر عن التوافه: فالمرأة التي لا تقرأ, ربما لا تعرف سوى الحديث عن الموائد والملابس والحفلات وأخبار الناس. بعكس المرأة المثقفة التي تجيد الكلام في موضوعات لها عمق. وبالمثل فالرجل الذي لا يعرف سوى المقهى والنادي ودور اللهو, تكون شخصيته سطحية وأحاديثه بلا نفع أو قد تضر. وعلى عكسه الرجل الذي يقرأ ويدرس ويثقف نفسه, هو قادر أن يزيد غيره علمًا ومعرفة. والقراءة تمنح العقل لونًا من النمو والنضوج: فهي توضح أمورًا ما كان العقل يعرفها. وتدخل معه في حوار من جهة موضوعات تحتاج إلى مناقشة... ونلاحظ حاليًا اتساع نطاق المعلومات بازدياد المطبوعات سواء من الكتب أو الجرائد أو المجلات, وتغير الفكر عن ذي قبل بحسب نوعية الثقافات. وأصبح لابد للإنسان من القراءة لكي يواكب تيار المعرفة, ولا يبقى متخلفًا عن مستوى عصره مستوى المعرفة قد أزداد. ولكن أية معرفة؟ أية معرفة تبغي؟ وأية أنواع من القراءة تشبع رغباتك؟ هل تقرأ للتسلية وللمتعة؟ كمن يقرأ قصصًا وحكايات؟ أم تقرأ للتدريب على الذكاء؟ كمن يقرأ ألغازًا لحلها؟ أم تقرأ للدراسة والبحث عن الحقيقة؟ أم تقرأ في موضوعات تروقك في السياسة أو الاقتصاد أو الرياضة أو الأخبار؟ أم انك تقرأ لمجرد الهروب من الفراغ ولقتل الوقت؟ أم تقرأ كتبًا في العقيدة والإيمان, أو في الفضيلة وسير الأبرار؟ إن خير نوع من القراءة هو ما يبني نفسك: ما يثقفك بطريقة سليمة, وما يشبع روحك وعقلك... لذلك فيما نشجعك على القراءة, ندعوك أن تكون حكيمًا في اختيار مما تقرأه. فليست كل قراءة نافعة ولا بناءة. وهناك قراءات مضلله, وأخرى تثير الشك حتى في المسلّمات. وقراءات أخرى تنشر أخبارا خاطئةً أو معتقدات هدّامة... وللأسف فإن حرية النشر تسمح بكل شيء!! وقد تقرأ فيتغير فكرك دون أن تدرى، ولو عن طريق التدريج, وعلى مدى زمني. لا تقل أنا لا أتأثر! فقد تتأثر دون أن تشعر..! إنني أعرف كثيرين كانوا مؤمنين وقرأوا كثيرًا من كتب الشيوعية فصاروا شيوعيين. والبعض تعمقوا في قراءة كتب عن الإلحاد, فاهتز إيمانهم! لذلك كن حريصًا جدًا من جهة الأفكار الغريبة... لهذا كله, اقرأ بفهم, وبفحص, ولا تعتنق كل ما تقر فكثيرون يقبلون كل ما يقرأون باقتناع تلقائي! دون دراسة, ودون تعمق في التفكير, كما لو كان ذلك مكتوبًا بوحي!! أما أنت فاقرأ بميزان دقيق, وبتحليل أدقّ. ولا تصدق كل ما يُكتب وما ينشر. فكثيرًا ما نجد أشياء يعارض بعضها بعضًا فيما تنشره الجرائد من أخبار ومن أفكار! والعجيب أن البعض لا يكتفون بتصديق كل ما يقرأونه, أنما يحاولون نشر ذلك بين الذين يحيطون بهم. وقد يكون ذلك منافيًا للحقيقة. إذن على الإنسان أن يشغّل عقله في كل ما يقرأ, ويمنح لسانه عطلة حتى يثق بموضوع الحقيقة أين تكون..؟ |
||||
20 - 11 - 2022, 10:59 AM | رقم المشاركة : ( 58 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث ومرةً أخرى رعاية الشباب نسأل أولًا: ما هو نطاق الشباب الذي تلزم رعايته؟ هو كل الشباب: بدءًا من الشباب في التعليم الثانوي، إلى شباب الجامعات المصرية وكل كلياتها، والمعاهد العليا، وشباب الجامعات الأجنبية: الأمريكية والانجليزية والألمانية والفرنسية. وشباب الخريجين سواء في الوظائف أو في البطالة. وشباب العمال في كل الهيئات العمالية، وشباب الريف، وباقي الشباب الحرّ والمستقطب. وكذلك العاملة في محيط الشباب، مثل جمعية الشبان المسلمين، وجمعية الشبان المسيحية YMCA، وأسقفية الشباب في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. وهكذا نرى الدائرة قد اتسعت أمام المجلس الأعلى لرعاية الشباب في مصر. الأمر يحتاج إلى لقاء مع الشباب على أوسع نطاق: لا أن نكلمه وهو يسمع، بل أن يتكلم هو أيضًا ونحن نسمع... وندخل معه في حوار واضح، وأخذ وردّ، قاعدته هي الصراحة الكاملة، ووسيلته هي الاقتناع. نحن نريد أن نعرف ما في داخل الشباب من مشاعر ومن أفكار، ونناقشها معه، ونخرج بحلول يرضى عنها الكل... وكما يلزم اللقاء مع الشباب، يلزم اللقاء مع كل قادة الشباب. أولئك الذين لهم تأثير عليه، والذين يغرسون في نفسه أفكارًا معينة، ويحفّزونه إلى عمل شيء، ويثق الشباب بهم ويخضع لتوجيههم. سواء كانوا قادة في معاهد العلم كمعيدين أو مدرسين أو أساتذة في الكليات، أو كانوا موجهين على المستوى الاجتماعي، في الجمعيات أو الهيئات... فاللقاء مع القياديين أمر هام. لأنه لا يكفى أن نناقش فكر الشباب، دون أن نناقش مصادره! وقد تكون هذه المصادر شخصيات أو كتابات أو مصادر أخرى سمعية. المهم هو معرفة الأجواء التي تحيط بالشباب وتؤثر عليه فكريا وإراديًا، مما لا يجوز تجاهله. وكما يقول الشاعر: متى يبلغ البنيان يومًا تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدمُ؟! هنا ونسأل في صراحة: ما مركز الشباب حاليًا في اهتماماتنا؟ ما مركز الشباب في وسائل الإعلام؟ هل له برنامج خاص يتحدث فيه ويحاور ويناقش؟ ما مركز الشباب في الصحافة؟ وهل له صفحة معينة؟ أو يُعطى مجالًا للتعبير عن نفسه؟ ما مدى اهتمام الكبار به؟ بل أيضًا ما مركز الشباب عمليًا في الأحزاب السياسية؟ هل له لجان فيها وفروع تمثله في كافة المحافظات والمدن؟ أم نقول "لا علاقة للشباب بالسياسة!!" سواء أردنا أو لم نرد، لهم علاقة رضينا عنها أو لم نرضَ. فإن كنا لا نقوم نحن بتوجيههم في هذه الناحية، سيقومون بدون توجيهنا أو بتوجيه غيرنا، ويجتمعون ويتظاهرون ويهتفون. ونحصد النتيجة... هل نترك الشباب بدون توجيه؟ ثم نعهد إلى السلطات الأمنية بضبط الأمور؟ وتصطدم بالشباب، ويصطدم الشباب بها!! ويبدو أنه لا يوجد تنسيق بين كافة الأجهزة، التي من المفروض أن تسير كلها في اتجاه واحد... ليس المفروض فقط الاهتمام بالشباب، بل بالأكثر العمل على إعادة قادة من الشباب لهم فاعلية... فكما يوجد لكل مهنة نقاباتها، وكما يوجد لكل هيئة قادتها، كذلك ينبغي أن توجد قيادات للشباب. ولكي توجد هذه، ينبغي أولًا إنشاء لجان للشباب تحت قيادة من الكبار، وتدريب أعضاء هذه اللجان حتى يتولى أمرها من يقودها من بين أعضائها... ويكون لكل هؤلاء فكر واحد، واتجاه واحد، يسعى كله لخدمة الشباب وحلّ مشاكله، ولخدمة الوطن بوجه عام. نتدرج الآن إلى عمل مراكز الشباب: أولًا، هل توجد مراكز كافية لاستيعاب هذا العدد الكبير من الشباب؟ وهل لها إمكانيات كافية لتشمل كل طاقات الشباب وأنشطته؟ وهل لها الدعم المالي الذي يساهم في حل ولو بعض مشكلات الشباب؟ وهل أمام هذه المراكز خطة معينة عملية في النهوض بالشباب؟ أمامها أولًا تجميع الشباب، ثم تثقيف الشباب وتوجيهه، وإن أمكن استخدام طاقات الشباب وتشغيله في ما يفيد. نريد أن نسمع عن ندوات للشباب ذات فاعلية: ندوات عامة، في قاعات كبيرة، يحضر فيها الآلاف من الشباب، للاشتراك في بحث موضوعات منتقاة تهمهم وتهم الوطن كله. لا يكونون فيها مجرد مستمعين، إنما يتكلمون أيضًا ويناقشون، ويخرجون بتوصيات نافعة قابلة للتنفيذ. ويشترك في هذه الندوات محاضرون لهم جاذبية عند الشباب، ويكون لهم توجيه وتأثير. ونريد أيضًا مناهج تثقيفية للشباب: كان يجب أن تبدأ من المرحلة الدراسية، وتشترك فيها بطريقة عملية وزارة التربية والتعليم، ثم تكمل في مراكز الشباب. وفى هذه المناهج يعرف الشباب حقوقهم وواجباتهم، وتُغرس فيهم مبادئ وقيم يتصرفون بها داخل المجتمع. ويدرسون أيضًا ما يحتاج إليه وطنهم منهم بأسلوب حكيم غير مندفع. والشباب يحتاج أيضًا إلى مجالات لتشغيله. من المجالات الناجحة المفيدة، فرق الكشافة والجوالة، وما تتصف به هذه الفرق من صفات نبيلة، وما تقوم به من خدمات متعددة. هناك من يشتركون في فرق الصليب الأحمر Red Cross والهلال الأحمر Red Crescent، وفي أنواع أخرى من فرق الإنقاذ المتعددة. وبعض المحافظين قاموا بتشغيل الشباب -أثناء العطلة الصيفية- في الاهتمام بنظافة المدينة، وفي الاشتراك في حفظ انضباط حركة المرور... وكانوا يعطونهم مقابل ذلك أجرًا رمزيًا. المهم أنهم شغّلوا طاقاتهم. والبعض شغّلهم في حماية بعض المنشآت، بعد تدريبهم على ذلك.. ويمكن تشغيل الشباب في العمل الاجتماعي أيضًا... وهناك أساليب كثيرة يمكن ابتكارها ليكون ينشغل بها الشباب، فتحميه من الفراغ الذي يدمر نفسه، ويدمر به غيره... والأكثر أهمية هو فكر الشباب وتوجيهاته. وهذا ما ينبغي أن تعنى به مراكز الشباب، وكل الهيئات المهتمة بالشباب، بحيث يكون فكرًا صالحًا بناءً، يبعد عن الانحراف، وعن الانفعال الطائش، ولا يخضع لأي توجيه رديء. وهذا موضوع طويل، لا أظن أن هذا المقال يتسع له. |
||||
20 - 11 - 2022, 11:03 AM | رقم المشاركة : ( 59 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث إمكانية القيامة إن إقامة الأجساد بعد الموت, معجزة تدخل في قدرة الله على كل شيء. ولاشك إن إقامة الأجساد أسهل من خلقها. فالله الذي أعطاها نعمة الوجود, هو قادر بلا شك على إعادتها إلى الوجود. هو خلقها من تراب الأرض, وهو قادر أن يعيدها من تراب الأرض مرة أخرى. بل أعمق من هذا أنه خلق الكل من العدم. خلق الأرض وترابها من العدم, ثم من تراب الأرض خلق الإنسان. أيهما أصعب إذن: الخلق من العدم, أم إقامة الجسد من التراب؟! إنها القدرة غير المحدودة لإلهنا الخالق, الذي يكفى أن يريد, فيكون كل ما يريد, حتى بدون أن يلفظ كلمة واحده أو يصدر أمرًا.. القيامة هي أذن عقيدة للمؤمنين: الذي يؤمن بالله وقدرته, يستطيع أن يؤمن بالقيامة... فهي في جوهرها تعتمد على إرادة الله، ومعرفته وقدرته. + فمن جهة الإرادة, هو يريد للإنسان أن يقوم من الموت, وأن يعود إلى الحياة. وقد وعد الإنسان بالقيامة والخلود. ومادام الله قد وعد, إذن لابد أنه سينفذ ما قد وعد به... + ومن جهة المعرفة والقدرة: فالله يعرف أين توجد عناصر هذه الأجساد التي تحللت, وأين توجد عظامها. ويعرف كيفية إعادة تشكيلها وتركيبها. كما يعرف أيضًا أين توجد أرواح تلك الأجساد. ويسهل عليه أن يأمرها بالعودة إلى أجسادها، ويسهل عليها ذلك. وهو يقدر على هذا كله. جَلّ اسمه العظيم, وتعالت قدرته الإلهية... إن الذي ينكر إمكانية القيامة, هو بالضرورة ينكر المعجزات جملةً. وبالتالي ينكر الخلق من العدم, وينكر قدرة الله, وقد ينكر وجوده أيضًا! يدخل في هذا الجهل, الملحدون, وأنصاف العلماء, وغير المؤمنين. أما المؤمنون الذين يؤمنون بالله, وبقدرته غير المحدودة, فإنهم يؤمنون بالمعجزات, ومنها القيامة. ضرورة القيامة كما أن القيامة ممكنة بالنسبة إلى قدرة الله, كذلك هي أيضًا ضرورية بالنسبة إلى عدل الله وصلاحه وجوده. 1- إنها لازمة من أجل العدل: لازمة من أجل محاسبة كل إنسان على أفعاله التي عملها خلال حياته على الأرض خيرًا كانت أو شرًا. فيثاب على الخير, ويعاقب على الشر. ولو لم تكن قيامة, لتهافت الناس على الحياة الدنيا, وعاشوا في ملاذها وفسادها, غير عابئين بما يحدث فيما بعد! وأيضًا إن لم تكن قيامة, لساد الظلم واستبد القوى بالضعيف, دون خوف من عقوبة أبدية. أما الإيمان بالقيامة وما يعقبها من دينونة وجزاء, فإنه رادع للناس. إذ يشعرون أن العدل لابد سيأخذ مجراه, إن لم يكن في هذا العالم, ففي العالم الآخر.. 2- والقيامة لازمة أيضًا لأجل التوازن: ففي الأرض لا يوجد توازن بين البشر. ففيها الغنى والفقير, السعيد والبائس, المنعّم والمعذب... فإن لم يكن هناك مساواة على الأرض. فمن اللائق أن يوجد توازن في السماء. ومن لم ينل حقه على الأرض، يمكنه أن يناله بعد ذلك في السماء. ويعوّضه الرب عما فاته في هذه الدنيا, إن كانت أعماله مرضية لله. 3- إن الله وعد الإنسان بالحياة الأبدية. ووعده هو للإنسان كله, وليس للروح فقط التي هي جزء من الإنسان... فلو أن الروح فقط أُتيح لها الخلود والنعيم الأبدي, أذن لا يمكن أن نقول إن الإنسان كله قد تنعم بالحياة الدائمة, بينما قد حُرم الجسد من ذالك! فبالضرورة إذن ينبغي أن يقوم الجسد من الموت, وتتحد به الروح. ويكون الجزاء الأبدي للإنسان كله. 4- والقيامة ضرورة. لأنه لولاها لكان مصير الجسد البشرى كمصير أجساد الحيوانات! ما هي إذن الميزة التي لهذا الكائن البشرى العاقل الناطق, الذي وهبه الله موهبة التفكير والاختراع والعلم, والقدرة على صنع مركبات الفضاء التي توصله إلى القمر, وتدور به حول الأرض وترجعه إليها سالمًا..! هذا الإنسان الذي قام بمخترعات أخرى مذهلة كالكمبيوتر والفاكس والـ Mobile Phone (المحمول، أو الموبايل).. هل يُعقل أن هذا الإنسان العجيب الذي سلّطة الله على نواح عديدة من الطبيعة, يؤول جسده إلى مصير كمصير بهيمة أو حشرة أو بعض الهوام؟! إن العقل لا يمكن أن يصدق هذا. إذن لابد من القيامة. 5- إن قيامة الجسد تتمشى عقليًا مع كرامة الإنسان الإنسان الذي يتميز على جميع المخلوقات الأخرى ذوات الأجساد, والذي يستطيع بما وهبه الله أن يسيطر عليها جميعًا, وأن يقوم لها بواجب الرعاية والاهتمام إذا أراد, أو أن يقوم عليها بحق السيطرة والاستخدام... أليست كرامة جسد هذا المخلوق العاقل لابد أن تتميز عن مصير باقي أجساد الكائنات غير العاقلة وغير الناطقة التي هي تحت سلطانه..؟! 6- والقيامة أيضًا لازمة لتقدم لنا الحياة المثالية التي فقدناها هنا: تقدم لنا صورة الحياة الجميلة الرائعة في العالم الآخر, حيث لا حزن ولا بكاء, ولا فساد ولا ظلم, ولا عيب ولا نقص. بل هي حياة النعيم الأبدي والإنسان المثالي الذي بلا خطية.. بالإضافة إلى العشرة الطيبة مع الله وملائكته وقديسيه ما أجمل هذه الحياة التي في العالم الآخر, التي لم ترها عين, ولم تسمع بها إذن, ولم تخطر على قلب بشر. القيامة هي عيد. فتهنئتي للجميع بعيد القيامة. |
||||
20 - 11 - 2022, 11:05 AM | رقم المشاركة : ( 60 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مقالات متفرقة - البابا شنوده الثالث مقالات نُشِرَت في جريدة أخبار اليوم
قداسة البابا شنوده الثالث رعاية الشباب الشباب طاقة جبارة، من قوة وحماسة وحيوية واندفاع... سعيدة هي الدولة التي تستخدم شبابها خير استخدام فيما ينفع.. أما إهمال الشباب فقد يدفعه إلى الانحراف، أو تستغله قوى أخرى وتدفعه إلى طريق لا ندرى نتائجه... والشباب يبدأ من مرحلة التعليم الثانوي، أو قبلها بقليل في أواخر المرحلة الإعدادية. ويشمل طبعًا مرحلة التعليم الجامعي، وما يناسبها في السن خارج كليات العلم... ومسئولية الشباب تقع على عاتق الأسرة أولًا، ثم المدرسة والكلية والجامعة. كما تقع على عاتق الدولة أيضًا في مراكز الشباب. وسؤالنا الأول هنا: ماذا تفعله المدارس في رعاية الشباب؟ كانت في بادئ الأمر تظن أن اختصاصها هو نشر العلم. لذلك كانت وزارتها تسمى "وزارة المعارف". ثم تطور الاسم فأصبح اسم هذه الوزارة "وزارة التربية والتعليم". وبقى أن نعرف كيف تقوم مدارس هذه الوزارة بالتربية، وليس بمجرد التعليم؟ قديمًا كان يوجد ما يُعرف باسم "مدرس الفصل" يجلس مع طلابه خارج نطاق العلم والمقررات، مرة أو أكثر كل أسبوع يتفاهم معهم، وينصحهم بروح الأبوة. وكأنه لهم في مركز المرشد الروحي... وكان هناك أيضًا المشرف الاجتماعي لمجموعة من الفصول. فهل لا تزال هذه الوظيفة قائمة؟ وحينئذ نسأل: ما هي اختصاصات المشرفين الاجتماعيين في كل مدرسة؟ وكيف يقومون بمسئولية رعاية الشباب؟ أعتقد أن المدارس الأجنبية، أو ما تُعرف باسم مدارس اللغات، تقوم بدور أعمق في المسئولية عن رعاية شباب مدارسها... يبقى التعليم الجامعي لغزًا من جهة مسئولية رعاية الشباب! هل الأساتذة مجرد محاضرين، يلقون محاضراتهم في العلم، وينصرفون دون أية علاقة شخصية بينهم وبين الطلاب، إلا علاقة الخوف والمهابة بشعور الطلبة أن مستقبلهم يقع في أيدي هؤلاء الكبار!! ثم ما هو دور رؤساء الأقسام، ودور العمداء في كل كلية علمية من جهة رعاية وتربية هذا الشباب، الذي يحترمهم في تلقى العلم عنهم؟ ولا شك أنه يكون على استعداد لتلقى توجيهاتهم أيضًا... وما دور رؤساء الجامعات: هل وضعوا -في نطاق مسئولياتهم- خطة عملية في رعاية الشباب الذي يدرس في جامعاتهم؟ إن شباب الجامعة، إذ لا يجد توجيهًا روحيًا وتربويًا في دور العلم، سيتجه إلى مصدر آخر يرشده ويعرّفه كيف يسلك!! وإذا لم يلجأ الشباب إلى مصدر أخرى، فإن مصادر أخرى كثيرة سوف تتجه إليه دون أن يطلب، وتقوم بتوجيهه وإرشاده حسبما ترى. وحينئذ تكون الدولة قد تخلت عن مسئوليتها، وتحصد نتيجة ذلك!! أو قد يعيش الشباب في فراغ من جهة التربية ومن جهة الوقت. ويلقيه الفراغ في ميادين خطرة، وفي متاهات، وربما في صحبة سيئة تفسد أخلاقه. أو يجد متعته في اللهو والعبث أو في المخدرات... وهنا نكون قد فقدنا هذا الشباب وكل ما عنده من طاقة!! نصل حاليًا إلى واجب الدولة في رعاية الشباب. ونركز حديثنا عن واجب وسائل الإعلام ومراكز الشباب... هل توجد في وسائل الإعلام برامج هادفة لرعاية الشباب؟ وتكون في نفس الوقت برامج مشوّقة تجذب الشباب إليها، فلا تطغى عليه كل برامج اللهو؟! وهل يوجد متخصصون يشرفون على برامج للشباب سواء كانت ثقافية أو اجتماعية أو تنمية لمداركهم في كل هذه النواحي... بحيث يقبل الشباب على هذه البرامج ويتجاوبون معها ويشتركون فيها... ماذا فعل التلفزيون في هذا المجال؟ وكذلك القنوات الفضائية؟ وهل اشترك بعض رجال الفن -وبخاصة الذين يحبهم الشباب- نعم، هل اشتركوا بأفلامهم وأقلامهم ومثالياتهم في رعاية الشباب... أقول أيضًا: ما هو دور الصحافة في رعاية الشباب؟ ما أكثر ما يكتب في الجرائد والمجلات عن السياسة، وعن الحوادث والأحداث، وعن التجارة والاقتصاد، وعن الملاهي واللهو... ولكن أين ما يكتب لأجل الشباب: أين هي المثل العليا التي توضع أمامهم لكي تجتذبهم؟ وأين القصص المؤثرة الهادفة التي تعمل على تكوين شخصية ناجحة فاضلة ذات شأن. هل يوجد في كل جريدة أو مجلة باب للشباب؟ أم نشكو نحن من الشباب إذا انحرف، بينما لم نقم بواجبنا من نحوه، ولم نبذل الجهد اللازم في رعايته وتوجيهه؟! ننتقل بعد هذا إلى واجب مراكز الشباب في رعاية الشباب: منذ زمان وأنا كنت أنادى بوجود وزارة متخصصة للشباب، لا تستهلك طاقاتها في موضوع كرة القدم، ونظن أن هذا هو جوهر العمل لأجل الشباب. وقد كتبت عن هذا الأمر في مجلة الشباب حينما كان يرأس تحريرها الصحفي القدير الأستاذ رجب البنا... المفروض الاهتمام بالشباب من كل ناحية: ثقافيًا، واجتماعيًا، وخلقيًا، ونفسيًا، واقتصاديًا، وسياسيًا. والنظر إلى مستقبله. وهنا يبدو العمل الأساسي لمراكز الشباب. ويمكن أن تعقد في مراكز الشباب: مؤتمرات، وندوات، ومحاضرات. وتقام مناقشات يشترك الشباب فيها، ويأخذ ويعطى... نفتح قلوبنا للشباب. ويفتح الشباب قلوبهم لنا. ونعرف ماذا يشغلهم؟ وما هي مشاكلهم؟ ونناقش معهم الحلول اللازمة والمقترحات الممكن تنفيذها، وما يعرضونه وما يُعرض عليهم. وما هي الأفكار التي ترد إليهم من كافة الاتجاهات، وما فيها من خير أو ضرر؟! ونثقفهم إيجابيًا بما فيه الصالح لهم ولبلادهم والشباب يحتاج أيضًا إلى من يكتشف مواهبه، ويعطى هذه المواهب فرصة للظهور. ويقوم بتشغيلها لصالحه وللصالح العام وللشباب طاقات صالحة، يسعده أن نتعرف عليها وننمّيها، ولا نتجاهلها... سواء كانت في الأدب أو الفن أو في العلم أو الاختراع. ونعطيه مجالًا لمعرفة نفسه وما فيه من خير، وكيف يعبّر عنه... وهو محتاج لأنشطة يعمل فيها. وكثير من الشباب الذين اشتركوا في فرق الكشافة والجوالة، تركت في أنفسهم أثرًا جميلًا. وعلينا أن ندرّب الشباب فيما ينفعه وينفع وطنه. وأتذكر في بدء سنوات الثورة الأولى في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، أنه قد استخدم الشباب في عمليات التشجير وتعمير الصحارى واستصلاح أراضيها. وأتى ذلك بخير وفير... فلنهتم بالشباب إذن، ونشعره باهتمامنا به، عمليًا لا نظريًا. ولا نغدق عليه بمواعيد، دون تنفيذ..! ولنشعره أيضًا بأن مستقبله أمانة في أعناقنا. وأننا لن نتركه فريسة للبطالة ومشاكلها العديدة. لذلك فإن من الأمور اللازمة للشباب مدارس التدريب المهني، الذي تعطيه إمكانيات للعمل، سواء العمل الخاص أو التوظف تبعًا لقدرات قد تدرب عليها. الموضوع طويل، وميادين التفكير فيه واسعة جدًا. وعلينا أن نساهم فيها جميعًا بكل هيئاتنا. |
||||
|