05 - 03 - 2021, 03:01 PM | رقم المشاركة : ( 51 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: + تفسير سفر أستير +
رضى الملك على أستير
إذ دخل الملك إلى الوليمة وشرب من محبة أستير له، قال لها: "ما هو سؤلك يا أستير الملكة فيعطى لك؟ وما هي طلبتك؟ ولو إلى نصف المملكة تُقضى" [2]. إنه يناديها باسمها، ويسألها أن تطلب ولو إلى نصف مملكته، إذ حسبها له، شريكه معه في مجده. وفي نفس الوقت يدعوها "الملكة" ليذكرها بمركزها الملوكي فمن حقها أن تطلب بدالة وجرأة لتنال قلب الملك ومجده أيضًا. إنها مشاعر الله وكلماته لكل نفس، يُناديها بإسمها كعروسه الخاص به وحده، ويدعوها ملكة حتى تدخل إلى عرش نعمته بثقة (عب 4: 16)، ويسألها أن تفرح قلبه بسؤالها إياه أن تأخذ ولو إلى نصف مملكته. لهذا يحث السيد تلاميذه: "إلى الآن لم تطلبوا شيئًا بإسمي، أطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملاً" (يو 16: 24). الله يشتاق أن تسأله كل نفس لتنال، فإنه يود أن يهبها حتى ذاته ويجعلها وارثة تنعم بشركة أمجاده. أمام هذا الحب الإلهي الفائق ماذا تطلب الكنيسة أو النفس البشرية كعضوة في الكنيسة؟ إنها كأستير لا تطلب مالاً ولا كرامة ولا بركة أرضية، إنما طلبت من أجل خلاص نفسها وخلاص إخوتها، إذ قالت: "إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك أيها الملك وإذا حسن عند الملك فلتعط ليّ نفسي بسؤلي وشعبي بطلبتي، لأننا قد بعنا أنا وشعبي للهلاك والقتل والابادة، ولو بعنا عبيدًا أو إماء لكنت سكت مع أن العدو لا يعوض عن خسارة الملك" [3-5]. |
||||
05 - 03 - 2021, 03:01 PM | رقم المشاركة : ( 52 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: + تفسير سفر أستير +
ماذا تطلب أستير وقد تعرضت حياتها وحياة شعبها للهلاك والقتل والإبادة؟! هنا تبرز أستير كأم حقيقية تحتضن بالحب كل إخوتها، تعمل وتطلب من أجل خلاص الجميع. لم تقف في سلبية أمام إخوتها، وإنما تذللت وصلت وجاهدت حتى النهاية من أجل خلاصهم. فالحياة الإيمانية تنطق بالإنسان خارج الأنا ليعيش بفم مفتوح وقلب متسع للجميع (2 كو 6: 11). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). هذا ما أعلنه الرسول حين قال: "فمنا مفتوح إليكم أيها الكورنثيون، قلبنا متسع... لذلك أقول كما لأولادي كونوا أنتم أيضًا متسعون" (2 كو 6: 11، 13). وبنفس الروح يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [ليس شيء يجعل الإنسان مثل المسيح كاهتمامه بقريبه[37]]، [لا أقدر أن أصدق خلاص إنسان لا يعمل من أجل خلاص أخيه[38]]، [ليس شيء تافهًا مثل مسيحي لا يهتم بخلاص الآخرين... كل أحد يقدر أن يعين أخاه حتى ولو بالإرادة الصالحة إن لم يكن له في قدرته أن يفعل شيئًا... إن قلت أنك مسيحي ولا تقدر أن تفعل شيئًا للآخرين يكون في قولك هذا تناقضًا، وذلك كالقول أن الشمس لا تقدر أن تهب ضوءًا[39]]. |
||||
05 - 03 - 2021, 03:01 PM | رقم المشاركة : ( 53 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: + تفسير سفر أستير +
كشف هامان الرديء
إذ سأل الملك عن العدو الذي باع أستير وشعبها للهلاك والقتل والابادة، قالت: "هو رجل خصم وعدو هذا هامان الردي، فإرتاع أمام الملك والملكة" [6]. إن كان عمل وليمة الصليب الأول هو خلاص أستير (الكنيسة) وشعبها، فهذا لن يتحقق إلاَّ بفضيحة هامان الردي وفقدانه كل سلطان ليقف مرتاعًا أمام الله والكنيسة المقدسة. وكما يقول القديس بولس: "إذ جرد الرياسات والسلاطين أشهرهم جبارًا ظافرًا بهم فيّه (في الصليب)" (كو 2: 15). يتحدث القديس يوحنا الذهبي الفم عن الصليب، قائلاً: [به لم تعد الشياطين مرعبة بل تافهة ومزدرى بها. به لم يعد الموت موتًا بل رقادًا، فقد إنطرح الذي يُحاربنا تحت أقدامنا[40]]. |
||||
05 - 03 - 2021, 03:01 PM | رقم المشاركة : ( 54 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: + تفسير سفر أستير +
مذلة هامان أمام أستير
إن كان الصليب قد فضح الشيطان وكسر شوكته وأفسد الموت الذي جلبه على الإنسان، وصار منطرحًا تحت قدمي المخلص، فقد دخل في مذلة أمام الإنسان الذي يملك بدونه. هذا المفهوم إنكشف في سقوط هامان عند قدمي أستير الجالسة على السرير كعادة الشرق قديمًا في الولائم... وإذ كان الملك قد خرج إلى جنة القصر ربما ليفكر ماذا يعمل، عاد ليجد هامان هكذا في مذلة يتوسل وهو متواقع على السرير فقال: "هل أيضًا يكبس الملكة معي في البيت؟!" [8]. إنه لم يشك في شيء إذ يعرف مرارة نفس هامان في تلك اللحظة، لكن كلماته هذه إنما جاءت لتعبر عن ثورته الداخلية... كانت مؤشرًا للواقفين عن غضب الملك ووضع نهاية لحياة هامان. ما قاله الملك: "هل أيضًا يكبس الملكة معي في البيت؟!" إنما تعلن عن نظرة الله إلى هامان الحقيقي أي إبليس الذي يدخل إلى قلب المؤمن ليغتصب النفس من يد الله وحضنه، وكأنه بهامان الذي يود أن يسحب أستير من حضن الملك ويغتصبها! الله إله غيور، لا يطيق أن يدخل العدو إلى بيته، ويغتصب عروسه من بين يديه! |
||||
05 - 03 - 2021, 03:01 PM | رقم المشاركة : ( 55 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: + تفسير سفر أستير +
صلب هامان
إذ أعلن غضبه على هامان، "غطوا وجه هامان. فقال حربونا واحد من الخصيان الذين بين يدي الملك: هوذا الخشبة أيضًا التي عملها هامان لمردخاي الذي تكلم بالخير نحو الملك قائمة في بيت هامان ارتفاعها خمسون ذراعًا، فقال الملك: أصلبوه عليها" [8-10]. هكذا بعدل صُلب هامان على ذات الخشبة التي عدها ظلمًا لمردخاي، وكما قيل: "الصديق ينجو من الضيق، ويأتي الشرير مكانه" (أم 11: 8)، "الشرير فدية الصديق ومكان المستقيمين الغادر" (أم 21: 18)، "الشرير يعلق بعمل يديه؛ في الشبكة التي أخفوها انتشبت أرجلهم" (مز 9: 15-16). "كما فعلت يفعل بك، عملك يرتد على رأسك" (عو 15)، "بالكيل الذي به تكيلون يكال لكم" (مت 7: 2). لقد تهلل الشيطان بالصليب وأثار أعوانه لتحقيقه، ولم يدرك أن ما يفعله إنما يرتد عليه. وكما يقول القديس جيروم: [على الصليب خزى الشيطان وكل جيشه، بالتأكيد صلب المسيح جسديًا وإذا به يصلب الشياطين على الصليب[41]]. |
||||
05 - 03 - 2021, 03:01 PM | رقم المشاركة : ( 56 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: + تفسير سفر أستير +
وليمة الفوريمُ
مقدمة في عيد الفوريم كلمة "فوريم" هي جمع "فور" وتعني (قرعة). وقد اُقيم عيد الفوريم تذكارًا لعمل الله الفائق مع شعبه، إذ انقذه من المذبحة العامة التي أعدها هامان ضد اليهود في الإمبراطورية الفارسية بعد أن ألقى السحرة (الحكماء) القرعة وحددوا لهامان اليوم المناسب لتنفيذ المذبحة وهو اليوم الثالث عشر من الشهر الثاني عشر أي آذار (فبراير - مارس). إذ خلص الله شعبه على يد مردخاي وأستير تحول يوم المذبحة إلى يوم لهلاك أعدائهم، وعوض الخزي تمتعوا بالمجد، فعيد اليهود بهذا العيد في يومي الرابع عشر والخامس عشر من هذا الشهر. وكان هذا العيد يمارس في أيام المكابيين في القرن الثاني ق.م بإسم "يوم مردخاي" (2 مك 15: 37). وذكر يوسيفوس المؤرخ أنه في أيامه كان اليهود يحفظون هذا العيد في العالم كله[42]. ويتلخص طقس هذا العيد في الآتي[43]: 1. يصوم اليهود في اليوم الثالث عشر من شهر آزار، فإن كان سبتًا يبدأون بيوم 11 من الشهر. 2. في المساء حيث يبدأ اليوم الجديد حسب الطقس اليهودي، يجتمع اليهود في مجامعهم في العالم، وبعد تقديم الصلاة المسائية يقرأون سفر أستير. عند ذكرهم إسم هامان أثناء قراءة السفر، يصرخ كل المصلين، قائلين: "ليُمح إسمه"، أو "سيُبيد إسم الشرير"! كانت أسماء أبناء هامان تتلى بسرعة في نفس واحد إشارة إلى صلبهم معًا. 3. يعود الشعب إلى المجمع في اليوم التالي لإتمام فرائض العيد الدينية ثم يصرفون النهار بابتهاج وفرح أمام الرب، وكان الأغنياء يقدمون عطايا للفقراء. |
||||
05 - 03 - 2021, 03:01 PM | رقم المشاركة : ( 57 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: + تفسير سفر أستير +
الإستعداد للعيد
تحوّلت المذبحة العامة لليهود إلى عيد مفرح يمتد في حياتهم إلى أجيال وقد هيأ الله لهذا العيد الأحداث التي تمت بعد وليمة أستير، جميعها تكشف عن مفهوم العيد الحقيقي للفوريم. [أستير وبيت هامان [1. [مردخاي وخاتم الملك [2. [امتثال أستير أمام الملك [3-4. [إصدار المرسوم الملكي الجديد [5-14. [مردخاي الممجد وشعبه [15-17. |
||||
05 - 03 - 2021, 03:01 PM | رقم المشاركة : ( 58 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: + تفسير سفر أستير +
أستير وبيت هامان
"في ذلك اليوم أعطى الملك أحشويروش لأستير الملكة بيت هامان عدو اليهود" [1]. لقد طلب هامان من أعوانه أن يلقوا قرعة ليحددوا يومًا يرث فيه هامان كل ما لليهود بعد أن يقتلهم، فإذا بهامان يُسلم للموت ويعطى الملك بيته في يدي أستير اليهودية. إن كان هامان الحقيقي، إبليس، قد وضع في قلبه أن يغتصب قلب الإنسان ويرثه بعد أن يحطمه ويهلكه، فخلال وليمة الصليب استولى الإنسان على مركز الشيطان قبل السقوط، وصار كمن قد دخل إلى الطغمات السماوية كواحد منها. ويرى بعض الآباء أن الطغمات السماوية سبع بجانب الشاروبيم والسيرافيم، وقد صار الإنسان أشبه بالطغمة العاشرة عوض إبليس الذي كان كوكب الصبح القائم في حضرة الله. سقط العدو إلى الهاوية ليقوم الإنسان ويرتفع إلى السماء ويملك عوض العدو الساقط! |
||||
05 - 03 - 2021, 03:02 PM | رقم المشاركة : ( 59 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: + تفسير سفر أستير +
إن كان الشيطان قد أقام نفسه رئيسًا لهذا العالم باغراءات الخطية (يو 12: 31)، مغتصبًا بيت الإنسان الذي وهبه لنا الله لنسكن فيه بسلطان، فخلال وليمة الصليب لم يسترد الإنسان بيته فحسب إنما إرتفع بالرب إلى الفردوس. في هذا يحدث القديس غريغوريوس النيسي طالبي العماد، قائلاً: [إنكم خارج الفردوس أيها الموعوظون. إنكم تشاركون آدم أباكم الأول في نفيه. والآن يُفتح الباب وتعودون من حيث خرجتم[44]]. إن كان عيد الفوريم هو عيد إبطال قرعة هامان لإبادة المؤمنين، ليعلن الرب أنهم نصيبه، وارثو بيت العدو الساقط، ومتمتعون بالدخول إلى السماء عينها. |
||||
05 - 03 - 2021, 03:02 PM | رقم المشاركة : ( 60 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: + تفسير سفر أستير +
مردخاي وخاتم الملك
"ونزع الملك خاتمه الذي أخذه من هامان وأعطاه لمردخاي" [2]. عندما عاد الإبن الضال إلى أبيه قال الأب: "إجعلوا خاتمًا في يده" (لو 15: 22)، علامة البنوة الحقة وتأكيد لسلطانه البنوي. هكذا يتمتع المؤمن – مردخاي – بخاتم الملك كقول الإنجيلي: "كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون بإسمه، الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله" (يو 1: 13). هذا هو الخاتم الملكي "السلطان البنوي" الذي نناله بالروح القدس في مياه المعمودية. لهذا تحدث آباء كثيرون عن المعمودية كختم للنفس، مثل القديس أكليمندس الروماني[45]، وهرماس[46]، والعلامة ترتليان[47]، والقديس يوحنا الذهبي الفم[48]. يقول القديس أغسطينوس عن هذا الختم: [تمسك بما نلته فإنه لن يتغير، إنه وسم ملكي[49]]. بهذا الختم ندخل في ملكية الله كقول الأب ثيؤدور المصيصي: [العلامة التي تتسمون بها الآن إنما هي علامة أنكم قد صرتم قطيع المسيح[50]]. بهذا الختم أيضًا ندخل في الجندية الروحية، وكما يقول القديس كيرلس الأورشليمي: [يأتي كل واحد منكم ويقدم نفسه أمام الله في حضرة جيوش الملائكة غير المحصية، فيضع الروح القدس علامة على نفوسكم. بهذا تُسجل أنفسكم في جيش الملك العظيم[51]]. بهذا الختم إذ ننعم بسلطان البنوة فنحيا في ملكية الله كأولاد له، ونعيش مجاهدين روحيًا كجنود له ننعم بالعيد الأبدي، إذ نرث المجد الذي لا يفنى. وكما يقول الرسول: "الروح نفسه أيضًا يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله، فإن كنا أولادًا فإننا ورثة الله، ووارثون مع المسيح" (رو 8: 16-17). |
||||
|