21 - 05 - 2020, 08:46 PM | رقم المشاركة : ( 51 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس
ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم: [لماذا كانت الحاجة إلى ذبائح كثيرة، طالما أن ذبيحة واحدة كانت كافية، لأنه من خلال الذبائح الكثيرة وتقديمها المستمر، يُظهر أن هؤلاء لم يتطهروا أبداً، لأنه تماماً مثل الدواء، عندما يكون قوياً وقادراً على استرداد صحة المريض فأنه يستطيع أن يقضي على المرض كلية ويتمم الشفاء الكامل إذا استُخدم مرة واحدة، وبذلك يكون قد حقق النتيجة المرجوة وأُظهر فاعليته، وبذلك لا يكون هُناك حاجة لتناوله مرة أخرى. أما إذ استُخدم باستمرار، فأن هذا يُعد دليل على ضعفه في أن يمنح الشفاء، لأن سمة الدواء أن يُستخدم مرة واحدة، وليس مرات عديدة، هكذا هُنا أيضاً (فيما يتعلق بالذبيحة). بمعنى أنه لماذا كانوا يحرصون دائماً على تقديم الذبائح (باستمرار). لأنه إذا كانوا قد تخلَّصوا بالفعل من كل الخطايا بالذبائح، ما كانوا ليقدموها كل يوم، كذلك كان هُناك بعض الذبائح التي كانت تُقدم كل يوم عن كل الشعب، في المساء وفي الصباح. إذاً فما كان يحدث، هو بمثابة اعتراف بوجود الخطايا وليس بمحوها، كان اعترافاً بالضعف، وليس دليل قوة. لأن الذبيحة الأولى لم يكن لها حقيقة أي قوة. لهذا قُدمت الذبيحة الثانية (ذبيحة المسيح)، ولأن الذبيحة الأولى لم تنفع مُطلقاً، فقد تبعتها ذبيحة أخرى، إلا أن كثرة هذه الذبائح كان يُعد دليلاً على وجود الخطايا. بينما تقدماتها بشكل مستمر كان دليل ضعفها.. لقد أظهر بالكلام السابق أنالذبائح كانت بلا فائدة من حيث تحقيق النقاوة الكاملة، وأنها ضعيفة جداً. بل أن الواحدة قد أتت ضد الأخرى، فإن كانت هذه الذبائح أمثلة وظلال، فكيف، بعد ما أتت الحقيقة، لم تتوقف ولا تراجعت، بل كانت تُمارس؟ هذا بالضبط ما يظهره هنا، أنها لم تعد تُقدَّم بعد، ولا حتى كمثال، لأن الله لا يقبلها،وهذا أيضاً يبرهن عليه ليس من العهد الجديد، بل من الأنبياء، مُقدماً منذ البداية أقوى شهادة، أن الذبائح القديمة قد أُنقضت وانتهت، وأنه ليس من المقبول القول بأنها تصنع كل شيء، فهي تأتي باستمرار في تعارض مع الروح القدس. ويُظهر بكل وضوح أن هذه الذبائح لم تتوقف اليوم فقط، بل منذ ظهور المسيح، بل الأفضل أن نقول، بل وقبل ظهوره، وأن المسيح لم يُبطلها مؤخراً، بل توقفت قوتها أولاً ثم أتى بعد ذلك، فقد أُبطلت سابقاً وحينئذٍ أتى المسيح. إذاً لكيلا يقولوا إنه بدون هذه الذبيحة (أي المسيح)، كان يُمكن أن نُرضي الله، فقد أنتظر هؤلاء أن يزدروا بأنفسهم، وحينئذٍ يأتي المسيح، لأنه يقول "ذبيحة وقرباناً لم ترد" [18] لقد نقض كل شيء بهذا الكلام، وبعدما تكلم بشكل عام، نجده يتكلم بشكل خاص يقول لم تُسّر بالمحرقات التي كانوا يقدمونها، من أجل غفران الخطايا.. كانت تُقدم (الذبائح) مراراً كثيرة؟ لم يتضح، أنها كانت ضعيفة وأنها لم تفد أبداً، من حيث أنها كانت تُقدم مراراً كثيرة فقط، بل ومن حيث إن الله لا يقبلها، لأنها زائدة، وبلا فائدة.هذا تحديداً هو ما يعلن عنه في موضع آخر فيقول: "لا تُسر بذبيحة وإلا فكنت أقدمها" [19]. إذاً بحسب هذا الكلام هو لا يُريد ذبيحة. فالذبائح ليست هي بحسب إرادة الله، بل هو يُريد إبطالها، وبناء على ذلك، فهي تُقدم بحسب إرادة الذين يقدمونها][20] ======================== |
||||
21 - 05 - 2020, 08:46 PM | رقم المشاركة : ( 52 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس
عموماً فقد تعددت ذبائح العهد القديم – كما سنرى لاحقاً – لأن ذبيحة واحدة لم تكن كافية للتعبير عن الجوانب المختلفة لذبيحة المسيح، ونجد أسفار العهد الجديد (ما عدا يعقوب ويهوذا) تُشير إلى موت المسيح كذبيحة الكاملة عن الخطية، وقد أشار المسيح يسوع نفسه ثم الرسل إلى ذلك، فإليه كانت ترمز وتُشير:
+ وقال لهم هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين.* ذبيحة العهد + لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يُسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا. + هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يُسفك عنكم. + ولأجل هذا هو وسيط عهد جديد لكي يكون المدعوون إذ صار موت لفداء التعديات التي في العهد الأول ينالون وعد الميراث الأبدي. لأنه حيث توجد وصية يلزم بيان موت الموصي. لأن الوصية ثابتة على الموتى إذ لا قوة لها البتة ما دام الموصي حياً. فمن ثم الأول أيضاً لم يكرس بلا دم. لأن موسى بعدما كلم جميع الشعب بكل وصية بحسب الناموس اخذ دم العجول والتيوس مع ماء وصوفاً قرمزياً وزوفا ورش الكتاب نفسه وجميع الشعب. قائلاً هذا هو دم العهد الذي أوصاكم الله به. والمسكن أيضاً وجميع آنية الخدمة رشها كذلك بالدم. وكل شيء تقريباً يتطهر حسب الناموس بالدم وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة. [21] + واسلكوا في المحبة كما أحبنا المسيح أيضاً وأسلم نفسه (للموت) لأجلنا قرباناً وذبيحة لله رائحة طيبة* ذبيحة المحرقة + لأنه لا يُمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا. لذلك عند دخوله إلى العالم يقول ذبيحة وقرباناً لم ترد ولكن هيأت لي جسداً. بمحرقات وذبائح للخطية لم تُسرّ. ثم قلت هانذا أجيء في درج الكتاب مكتوب عني لأفعل مشيئتك يا الله. إذ يقول آنفاً إنك ذبيحة وقرباناً ومحرقات وذبائح للخطية لم ترد ولا سُررت بها التي تقدم حسب الناموس. ثم قال هانذا أجيء لأفعل مشيئتك يا الله، ينزع الاول لكي يثبت الثاني. [22] + لأنه ما كان الناموس عاجزا عنه فيما كان ضعيفاً بالجسد، فالله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية ولأجل الخطية دان الخطية في الجسد، لأنه جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه* ذبيحة الخطية + فأن الحيوانات التي يدخل بدمها عن الخطية إلى الأقداس بيد رئيس الكهنة تحرق أجسامها خارج المحلة. لذلك يسوع أيضاً لكي يُقدس الشعب بدم نفسه تألم خارج الباب. + فأن المسيح أيضاً تألم مرة واحدة من أجل الخطايا البار من أجل الأثمة لكي يقربنا إلى الله مماتاً في الجسد ولكن مُحيى في الروح. [23] + إذاً نقوا منكم الخميرة العتيقة لكي تكونوا عجيناً جديداً كما أنتم فطير، لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذُبح لأجلنا.[24]* خروف الفصح + وفي الغد نظر يوحنا يسوع مقبلاً إليه فقال هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم... فنظر إلى يسوع ماشياً فقال هوذا حمل الله [25] + من ثَمَّ كان ينبغي أن يُشبه إخوته في كل شيء لكي يكون رحيماً ورئيس كهنة أميناً فيما لله حتى يُكفر خطايا الشعب* ذبيحة يوم الكفارة + وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبدياً. لأنه إن كان دم ثيران وتيوس ورماد عجلة مرشوش على المنجسين يُقدس إلى طهارة الجسد. فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح أزلي قدم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي [26] وعلينا أن ننتبه هنا لما قاله الرسول لأنه في منتهى الأهمية القصوى ومن خلاله نفهم التفرد لذبيحة المسيح الرب ومعنى امتداد هذه الذبيحة الحية أبداً وأزلاً: · بدم نفسه دخل مرة واحدة الى الأقداس فوجد فداء أبدياً. · دم المسيح الذي بروح أزلي قدم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي. ====================== [1] (1بطرس 1: 19) [2] (عبرانيين 9: 14) [3] (عبرانيين 8: 10؛ إرميا 31: 33) [4] (يوحنا 15: 3) [5] (يوحنا 6: 63) [6] (يوحنا 1: 17) [7] ישׂר×گל -Israel = ويعني أمير الله، الأمير الذي غلب مع الله، يجاهد مع الله، وهو الاسم الذي أطلقه الرب على يعقوب (تكوين 32: 28)، ثم أُطلق الاسم على كل نسل يعقوب (تكوين 34: 7) [8] (خروج 4: 22) [9] (1بطرس 2: 9) [10] (أفسس 2: 19) [11] (يوحنا 12: 32) [12] (يوحنا11: 47 – 52) [13] (يوحنا 19: 34) [14] (فيلبي 3: 10) [15] (لوقا 9: 23) [16] (غلاطية 3: 21 و24) [17] (أنظر عبرانيين 10: 4 – 14) [18] (مزمور 51: 16) [19] (مزمور51: 16) [20] (القديس يوحنا ذهبي الفم عظة 17على شرح رسالة القديس بولس الرسول إلى العبرانيين مترجم عن اليونانية طبعة 2010 صفحة 255 – 256؛ صفحة262، 263) [21] (مرقس 14: 24؛ متى 26: 28؛ لوقا 22: 20؛ عبرانيين 9: 15 – 22) [22] (أفسس 5: 2؛ عبرانيين 10: 4 – 9) [23] (رومية 8: 3؛ 2كورنثوس 5: 21؛ عبرانيين 13: 11و 12؛ 1بطرس 3: 18) [24](1كورنثوس 5: 7) [25] (1كورنثوس 5: 7؛ يوحنا 1: 29 و36) [26] (عبرانيين 2: 17؛ 9: 12 – 14) |
||||
21 - 05 - 2020, 08:47 PM | رقم المشاركة : ( 53 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس
ذبيحة الصليب في ضوء ذبائح العهد القديم أولاً تمهيــــــــــــــــــــــــــد سنقوم في هذا الجزء بتوضيح عمل ذبيحة المسيح المُتميزة والمتفوقة بما لا يُقاس: فينبغي لنا أن نعلم أنهُ لم يكن ممكناً بأي حال من الأحوال أن يوفي العهد القديم أو يُغطي ويوضح عمل ذبيحة المسيح يسوع بنوعٍ واحد من الذبائح، أو في طقس واحد من الطقوس المتعددة التي نراها فيه، وعلى الأخص في سفر اللاويين الذي اختص بهذه التفاصيل بكل دقة. فذبيحة الصليب، ذبيحة فائقة مُميزة وفريدة جداً من نوعها وفي إمكانيتها، لأنها متسعة جداً، لأن الذبيح هو ابن الله القدوس الحي، فكيف ممكن أن يُحد في ذبيحة أو طقس مهما ما بلغ من دقة الشرح وشدة التفاصيل بكل طولها وعرضها واتساعها!!! عموماً نرى في سفر اللاويين الإصحاح الخامس أنواع مختلفة كثيرة من الذبائح والتقدمات، كل منها يُعلن عن جانب أو جوانب معينة من جوانب الصليب ويشرحها بكل دقة، ومع هذا يُمكننا أن نقول بأن هذه الأنواع جميعها بطقوسها الطويلة والدقيقة والمتباينة، قد عجزت تماماً عن كشف كل أسرار الصليب لنا، مع أنها وضعت ملامح قوية لنغوص فيها وندخل في سرها العظيم. وقد قدَّم لنا العهد القديم – بترتيب مُحكم وتنظيم إلهي فائق – رموزاً وتشبيهات وأحداث كثيرة مُكثفة جداُ عَبّر الأجيال، لعلها تدخل بنا إلى أعماق جديدة لهذا السر العظيم والفائق لمداركنا جداً، وهو سرّ الصليب. ويقول القديس إفرام السرياني: [السرّ الذي كان الخلاص مزمعاً به (أي يدل عليه)، وهو هرق دم الإله المتجسد الذي هو وحده إنسان بلا عيب، بلا خطية، سبق بذلك عليه وأُشار إليه برموز وأمثال، حتى إذا جاء الخلاص الحقيقي بالذبيحة التي تقدر على خلاص الخطاة، يعلم كل من يؤمن أن إليها كانت الإشارة والرموز] [1] ولابد من أن ننتبه لبعض الأشياء أو نضع بعض الملاحظات، قبل أن ندخل في شرح تفصيلي لأنواع الذبيحة ونربطها بصليب ربنا يسوع لنفهم ونستوعب سرّ عمل الله الخلاصي المتسع جداً، أي نستوعب سرّ خلاصنا وندخل إليه لنعيشه ونحياه كخبرة واقعية في حياتنا الشخصية واليومية، لأنه ينبغي أن ننتبه لهذا الموضوع جيداً جداً، لأن حينما شرعت في كتابته لم أقصد قط أن أكتب معلومات لمحبي المعرفة بالشيء أو للدارسين، ولكني كتبت الترتيب الإلهي لإظهار قصد الله المُعلن في كلمته التي تُعلِّمنا طريق الخلاص لنسير فيه، لكي نبدأ السير الفعلي – على المستوى العملي المُعاش – في طريق خلاصنا بمعرفته بدقة حسب التعليم الإلهي الحي، وحينما نعرفه ونفهم قصد الله نبدأ السير فيه ونعي ما صنع ربنا يسوع لنا فنستفيد من ذبيحته ولا تكون لنا معلومة وفكره، إنما قوة حياة نحياها ونتعايش فيها كمسيحيين حقيقيين، فنفرح بالخلاص الثمين العظيم الذي صنعه لنا ليكون لنا شركة معه في حياة أبدية لا تزول، لأن كيف لأي شخص أن يسير في طريق وهو لا يعرف كيفية الوصول إليه، أو أنه رأى الطريق من بعيد وأُعجب به ولم يدخله أو يضع قدمه على أوله ليبدأ أن يدخل فيه ويسير لنهايته!!!عموماً الذبائح والتقدمات المذكورة في سفر اللاويين فهي كالتالي:1 – ذبيحة المحرقة [إصحاح 1] ======================== |
||||
21 - 05 - 2020, 08:47 PM | رقم المشاركة : ( 54 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس
ثانياً بعض الملاحظات الهامة لفهم الشرح عن الذبائحأولاً لا بُد أن ندرك أن الذبيحة هي هبة لا رجعة فيها، وذلك لأنها تُذبح كما قلنا سابقاً [وهذا يتضح لمن قرأ الموضوع بدقة منذ بدايته]، فهي تُقدم لله بكمال الوعي والإدراك، بحرية واختيار، بكمال الإرادة الحرة، بمعنى أن حينما تُقدم الذبيحة فمقدمها له الحرية أن يقدم أو لا يُقدم، إنما بفرح محبة الله يُقدم – بحرية إرادته واختياره – ذبيحة صحيحة، كاملة بلا عيب، كهبة مستحيل أن يفكر أن يردها أو يتراجع عن تقديمها، بل يقدمها مرة واحدة لتُذبح فلا تُرد، وهي فيها إجلال وشكر مع طاعة واضحة، طاعة واعية جداً لمشيئة الله، تعي وتعرف وتدرك مسرته.[أ] - الذبيحة كهبة وهذه الهبة حينما تُقدَّم بهذا المعنى، تُنشئ مسرة خاصة، لذلك كانت ذبيحة المحرقة حينما تقدَّم تُذبح وتحرق بالتمام، فيستنشقها Inhale الله للرضا والمسرة [2] وحينما نبحث عما يَسُرَّ الله، نجد أن كل سروره في سماع صوته أي الطاعة، لذلك تُعتبر أول ذبيحة تُقدم لله هي المحرقة، التي تدل على الطاعة الكاملة لله (كما سوف نرى في شرح ذبيحة المحرقة بكل تفاصيلها وبكل دقة): [بذبيحة وتقدمة لم تسر أذني فتحت، محرقة وذبيحة خطية لم تطلب، حينئذ قلت هانذا جئت بدرج الكتاب مكتوب عني أن أفعل مشيئتك يا إلهي سررت وشريعتك في وسط أحشائي][3] ولننتبه للكلام هنا بكل حرص ودقة شديدة، فآدم سقط بالعصيان، حينما خالف وصية الله ولم يستمع لصوت الرب الذي نبهه لطريق الموت، وطلب منه أن يختار الحياة، فلم يسمع آدم وخالف الوصية، وهكذا ظل الإنسان يعصى الله ولا يتمم مشيئته ولا إرادته، وإلى اليوم – رغم أننا في العهد الجديد – لا زال الإنسان لا يسمع صوت الله ويطيع وصاياه أو حتى على الأقل يعلن احتياجه الروحي إليه، ويطلب مشيئته، ويرجع للرب ويتوب توبة حقيقية: [ألستم تعلمون أن الذي تقدمون ذواتكم له عبيدا للطاعة، أنتم عبيد للذي تطيعونه: إما للخطية للموت أو للطاعة للبر] [4] ولأن الإنسان أصبح غير قادر أن يُرضي الله لأن أذنه لم تُفتح بعد – بسبب قساوة القلب نتيجة العصيان الدائم – فلم يتعرَّف على صوت الله ولا مشيئته، لذلك لم يعد بقادر أن يقدم طاعة؛ لذلك أتى رب المجد يسوع لابساً جسم بشريتنا ليُعطي لنا قوة الطاعة بتقديم ذاته ذبيحة محرقة، فتنسم أبوه الصالح عند المساء [وقت صلبه وموته] رائحة سرور ورضا: [لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد جُعل الكثيرون خطاة هكذا أيضاً بإطاعة الواحد سيجعل الكثيرون أبراراً] [5] ومن هنا نقدر أن نفهم كل كلام الرب يسوع الذي قاله – وتعثر فيه الكثيرين – في جثسيماني، وعن أنه ينبغي أن يتمم مشيئة الآب ويتمم عمله حسب التدبير، وأن يشرب الكأس بالتمام، وبخاصة الكلام الذي يظنه الناس أنه كان صراعاً مع الآب في قبول الكأس أو رفضها، مع أنه يكشف حال البشرية ويفضح قلبها العنيد في عدم طاعتها لله، ويُظهر طاعته الكاملة لمشيئة الآب وتتميم عمله بوضوح بالرغم من التكلفة، وذلك ليكون ظاهراً لنا، ويكون هذا هو لسان حالنا فيه، حينما نستفيد من ذبيحته وندخل في سرّ تجسده باتحادنا به كما وهب لنا فيه وأعطانا، فتُقبل تقدمة أنفسنا فيه وتظهر طاعتنا به لمشيئة الآب، فنصير فيه رائحة مسرة في ذبيحته الخاصة لأجلنا (كما سوف نرى بأكثر دقة ووضوح في شرح ذبيحة المحرقة) ======================== |
||||
21 - 05 - 2020, 08:47 PM | رقم المشاركة : ( 55 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس
جاء ترتيب الذبائح والتقدمات عجيباً ودقيقاً جداً مبهراً في ترتيبه، فقد بدأ بذبيحة المحرقة، وانتهى بذبيحة الإثم، الأمر اللائق من جهة نظرة الآب للذبيحة، وليس من جهة نظرة الإنسان.[ب] ترتيب الذبائح وارتباطها معاً فالمؤمن الحقيقي في لقاءه مع المسيح المصلوب، يراه أولاً كذبيحة أثم وذبيحة خطية، إذ يرى فيه: أنه كلمة الله المتجسد الذي حمل أوجاعه الداخلية ودان الخطية في الجسد وأفرغها من سلطانها، ليطهره ويغسل ضميره ويخلقه – في نفسه – خليقة جديدة ليس للخطية سلطاناً عليها بالموت، ليقدر على أن يدخل (بالتقديس) في شركة مع الله المُحب الذي رُفض وطُرح من أمامه وأصبح خارج محضره بسبب خطاياه التي طعنته بأوجاع الموت ففصلته عن نبع الحب والحياة، وصار له شدة وضيق واحتمال كأس غضب قد امتلأ بسبب آثامه وتعديه على وصية المُحب الذي وهبه الحياة: [شدة وضيق على كل نفس إنسان يفعل الشر اليهودي أولاً ثم اليوناني] [6] ومن خلال هذه النظرة – أي رؤية الصليب الذي فيه غُطيت كل آثامه وخطاياه – يتلمس في الصليب ذبيحة سلامة وشكر، وذلك عوض طبيعته الجاحدة التي صارت بسبب السقوط وحب الشهوة والانحصار في الذات تحت سلطان الموت محفوظة ليوم استعلان الدينونة. كما يرى أيضاً (في الصليب) تقدمة قربان فيه ينعم بحياة الشركة في المسيح يسوع المصلوب، وأخيراً يدرك الصليب كذبيحة محرقة، إذ يكتشف فيه طاعة الابن الوحيد للآب حتى الموت، موت الصليب، فيقدم حياته في المسيح يسوع المصلوب ذبيحة في طاعة الإيمان، طاعة حب كاملة (غير مشروطة) بحياة كلها شكر لله الحي بابنه الوحيد في الروح القدس. وهذا هو ترتيب الذبائح والتقدمات من خلال انتفاعنا كمؤمنين، فنراه أولاً من جهة ذبيحة الخطية والإثم، ثم ذبيحة سلامة وتقدمة قربان وذبيحة محرقة؛ أما الآب فيتطلع إلى الصليب – أن صح التعبير – أولاً: كمحرقة طاعة، يتنسم (breathe) فيه رائحة ابنه الحبيب كرائحة مسرة للراحة (שض·×پבض¸ض¼×ھ - سبت)، إذ قد صار محرقة حب كامل في طاعة منقطعة النظير حتى الموت [وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع ل½‘د€خ®خ؛خ؟خ؟د‚ [صفة تعني: مُطيع – خاضع باستمرار حتى الموت موت الصليب] [7]، وينتهي بالنظر إليه كحامل لخطايانا وآثامنا، ليعبر بنا إلى الآب ويرفع عنا كل شدة وضيق وإحساس الغضب من جزاء خطايانا التي صارت فاصل بيننا وبين الله: [بل آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين إلهكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع [8]& خطاياكم منعت الخير عنكم] [9] بالطبع، ليس معنى الكلام أننا نُميز بين جانب أو آخر في نظر الله الآب للصليب، أو حتى للمؤمنين، أنها في واقعها الإلهي هي جوانب متكاملة غير منفصلة عن بعضها البعض بأي حال من الأحوال، لأن ربنا يسوع قدم ذاته ذبيحة واحدة غير منقسمة ولا منفصلة بأي شكل من الأشكال، ولكن كل ما نريد أن نوضحه هو أن الصليب يُعلن – في نظر الآب – بأكثر بهاء، لا في انتزاع آثامنا وخطايانا، بقدر ما نحمل في أنفسنا طبيعة المصلوب نفسه، فنصير فيه محرقة طاعة وحب، نصير لهيب نار لا ينقطع، بحملنا ما للابن من طاعة حتى الموت، بحب بلا نهاية أي بالتعبير الإنجيلي الصحيح أن [نلبس المسيح ونوجد فيه]، لذلك يقول الرسول: [فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً، الذي إذ كان في صورة الله (أي الصورة الظاهرة التي تكشف وتستعلن الله في كماله، أو كيان الله نفسه) لم يحسب خُلسة أن يكون معادلاً لله، لكنه أخلى نفسه (أفرغ نفسه من مجده، تجرد من مجده البهي) آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس، وإذ وُجِدَ في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع (صار يطيع) حتى الموت، موت الصليب (كذبيحة محرقة للطاعة)] [10] عموماً وباختصار شديد يُمكننا أن نقول بأن الله الآب يستنشق رائحة المسيح فينا خلال الصليب هكذا: · 1 – محرقة الحب الكامل والطاعة له في ابنه الحبيب (ذبيحة محرقة)=================================== [1] (عن تفسير سفر الأحبار (اللاويين) منسوب إلى القديس إفرام السرياني في المخطوطين: الماروني 112 في مكتبة أكسفورد، والسرياني اليعقوبي 7/1 في مكتبة الشرفة) [2] (طبعاً لا يفهم أحد الكلام خطأ فالله ليس مثل الإنسان له أعضاء وأنف يستنشق ويتنفس به، ولكن هذا تعبير خاص بحرق الذبيحة التي تصعد للعلو فيراها الله أمامه صالحة جداً ومرضية لأنها تُعبِّر عن الهبة الكاملة في طاعة المحبة لذلك فتعبير يشم أو يستنشق هو تعبير يدل على الرضا والمسرة) [3] (مزمور 40: 6 – 8) [4] (رومية 6: 16) [5] (رومية 5: 19) [6] (رومية 2: 9) [7] (فيلبي 2: 8) [8] (إشعياء 59: 2) [9] (إرميا 5: 25) [10] (فيلبي 2: 5 – 8) |
||||
21 - 05 - 2020, 08:48 PM | رقم المشاركة : ( 56 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس
لابد أولاً أن نفهم معنى سفك الدم في مفهوم الشعوب وفي الكتاب المقدس، لنقدر أن نستوعب المعنى المقصود ونفرق ما بين فعل الشعوب القديمة وبين عمل الله والفكر الإلهي الصحيح وسط شعبه الخاص إسرائيل:[جـ] الذبائح الدموية والتقدمات الطعامية [1] كقاعدة عامة كانت الذبائح تتمركز حول الدم بكونه يُمثل النفس،ففي الأزمنة المبكرة قد اُستخدمت الكلمة خ±ل¼·خ¼خ± (دم) بشكل فسيولوجي كحامل الحياة، وقوة الحياة. وهو كان يعتبر شرط لكل من الحياة البشرية والحيوانية، حتى أنه دل مجازاً – عند كثير من الشعوب القديمة على النسل، وذلك لكون الدم يُعتبر هو أساس الحياة، وقد أصبح مصطلح (يُريق دماً) مرادفاً لـ (القتل)، وسفك الدم يعني إهدار حياة، وكان يعتبر خطية عظمى جداً في عيني الله، وخطية سفك الدم [القتل] يلزم أن يُكفر عنها بالدم تحت مبدأ [القاتل يُقتل] بكونه سفك دماً بريئاً. تكتسب كلمة [خ±ل¼·خ¼خ± - دم] أهمية خاصة في الاستخدام الديني عند جميع الشعوب قديماً، وبعض الديانات المتخلفة من الشعوب القديمة، لأنه العنصر الأكثر أهمية في القرابين. فالدم القرباني أُعتبر بمثابة امتلاك التقوى وتطهير النفس، فطقوس الدم المتعددة عند شعوب الأمم القديمة، من شرب أو رش الدم، استخدمت خصوصاً في الطقوس السحرية لجلب المطر أو لجلب الرفاهية أو المحبة أو الأذى أو الانتصار على الأعداء في الحروب.. الخ، وقد تتنوع الفكرة حسب فلسفة كل ديانة وثنية قديمة، كما نراها عبر التاريخ الإنساني كله. وكان شرب الدم، وعلى الأخص دم العدو المقتول، كان يُعتقد – قديماً – أنه يجلب القوة ويعطي هبة النبوة، وأيضاً أحياناً يُستخدم عن طريق وضع دم الذبيحة في كأس ويتشارك فيه الذين يريدون أن يقيموا عهداً للتأكيد على عهدهم الذي لن ينحل أو يُنقَضْ أبداً!!! =================== |
||||
21 - 05 - 2020, 08:48 PM | رقم المشاركة : ( 57 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس
[2] يرى العهد القديم أن الدم أساس الحياة:[غير أن لحماً بحياته دمه لا تأكلوه &لأن نفس الجسد هي في الدم، فأنا أعطيتكم إياه على المذبح للتكفير عن نفوسكم، لأن الدم يُكفر عن النفس، لذلك قلت لبني إسرائيل: لا تأكل نَفس منكم دماً، ولا يأكل الغريب النازل في وسطكم دماً.. لأن نفس كل جسد دَمُهُ هو بنفسه. فقلت لبني إسرائيل لا تأكلوا دم جسدٍ ما. لأن نفس كل جسد هي دمه. وكل من أكله يُقطع [1]؛ لكن احترز ألا تأكل الدم لأن الدم هو النفس فلا تأكل النفس مع اللحم] [2] وهذا كله ينبه عليه الله، لكيلا يُشابه شعب إسرائيل الأمم، والذين يعتقدون أن لهم السيادة على كل نفس حيوان أو إنسان، فالله هو الإله الواحد الوحيد وسيد الحياة وواهبها ومُعطيها ومُستلمها، وهو ذو السيادة المطلقة على الدم وحياة البشر: "حي أنا يقول السيد الرب. ها كل النفوس هي لي" [3] لذلك فهو يُجازي لأجل إراقة الدم البريء: [وأطلب أنا دَمَكم لأنفسكم فقط من يد كل حيوان أطلبه. ومن يد الإنسان أطلب نَفس الإنسان. من يد الإنسان أخيه. سافك دم الإنسان بالإنسان يُسفك دمه (من جهة القضاء). لأن الله على صورته عمل الإنسان [4]؛ ظُلمي ولحمي على بابل تقول ساكنة صهيون ودمي على سكان أرض الكلدانيين تقول أورشليم. لذلك هكذا قال الرب: هَأنَذَا أُخاصم خصومتك وأنتقم نقمتك وأُنشف بحرها وأجفف ينبوعها] [5] ويعود أيضاً الدم الحيواني إلى الله، بصفته الخالق العظيم، الذي له كل الخليقة، لذلك كان يأمر في سفر اللاويين عند ذبح أي حيوان يُسفك دمه: يُغطى بالتراب ولا يُداس عليه بالأقدام أو يترك في العراء، كعلامة أن كل الأنفس الحية هي لله، لأنه هو واهب الحياة، وذلك كاحترام للحياة التي أعطاها الله لكل الخليقة بلا استثناء: [وكل إنسان من بني إسرائيل ومن الغرباء النازلين في وسطكم يصطاد صيداً وحشاً أو طائراً يؤكل، يسفك دمه ويغطيه بالتراب] [6] واستهلاك الدم مُحرم مع الشحم أيضاً [فريضة دهرية في أجيالكم في جميع مساكنكم: لا تأكلوا شيئاً من الشحم ولا من الدم & وكل دم لا تأكلوا في جميع مساكنكم من الطير ومن البهائم. كل نفس تأكل شيئاً من الدم تُقطع تلك النفس من شعبها & وكل إنسان من بيت إسرائيل ومن الغرباء النازلين في وسطكم يأكل دماً، أجعل وجهي ضد النفس الآكلة الدم وأقطعها من شعبها & لكن احترز ألا تأكل الدم لأن الدم هو النفس، فلا تأكل النفس مع اللحم] [7]؛ [وثار الشعب على الغنيمة فأخذوا غنماً وبقراً وعجولاً وذبحوا على الأرض وأكل الشعب على الدم. فأخبروا شاول قائلين هوذا الشعب يُخطئ إلى الرب بأكله على الدم. فقال قد غدرتم. دحرجوا إليَّ الآن حجراً كبيراً. وقال شاول تفرقوا بين الشعب وقولوا لهم أن يقدموا إلىَّ كل واحد ثوره وكل واحد شاته واذبحوا ههنا وكلوا ولا تخطئوا إلى الرب بأكلكم مع الدم] [8] =================== |
||||
21 - 05 - 2020, 08:48 PM | رقم المشاركة : ( 58 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس
[3] الدم قوة تطهير وتقديس وتكفير وعهد:يعتبر الدم في العهد القديم قوة مطهرة ويقدم للتكفير عن النفس، لذلك يتم رشه على المذبح وتقديس به كل شيء تقريباً: [فتذبح الكبش وتأخذ دمه وترشه على المذبح من كل ناحية؛ يضع يده على رأس قربانه ويذبحه لدى باب خيمة الاجتماع ويرش بنو هارون الكهنة الدم على المذبح مُستديراً] [9] ويستخدم لتقديس الكهنة وملابسهم: [فتذبح الكبش وتأخذ من دمه وتجعل على شحمه أُذن هرون وعلى شحم آذان بنيه اليُمنى وعلى أَبَاهِم (إبهام) أيديهم اليُمنى وعلى أَبَاهِم أرجلهم اليُمنى. وترش الدم على المذبح من كل ناحية. وتأخذ من الدم الذي على المذبح ومن دهن المسحة وتنضح على هارون وثيابه وعلى بنيه وثياب بنيه معهُ. فيتقدس هو وثيابه وبنوه وثياب بنيه معهُ] [10] ويُستخدم للتكفير وهي أهم نقطة يركز عليها العهد القديم: (ولا ننسى عند خروج شعب إسرائيل من مصر كيف عبر الملاك المهلك ولم يمس بكر كل من وضع الدم على العتبة العليا والقائمتين، إذ رأى الدم فعبر، لأن الدم كفر عن كل بكر وصار علامة خلاص) [11] [ويقرب هارون ثور الخطية الذي لهُ ويُكفرّ عن نفسه وعن بيته.. ثم يأخذ من دم الثور وينضح بإصبعه على وجه الغطاء (غطاء تابوت العهد) إلى الشرق وقُدام الغطاء ينضح سبع مرات من الدم بإصبعه. ثم يذبح تيس الخطية الذي للشعب ويدخل بدمه إلى داخل الحجاب ويفعل بدمه كما فعل بدم الثور: ينضحه على الغطاء وقدم الغطاء فيُكفِرّ عن القدس من نجاسات بني إسرائيل ومن سيئاتهم مع كل خطاياهم. وهكذا يفعل لخيمة الاجتماع القائمة بينهم في وسط نجاساتهم، ولا يكن إنسان في خيمة الاجتماع من دخوله للتكفير في القدس إلى خروجه، فيُكَفَّرُ عن نفسه وعن بيته وعن كل جماعة إسرائيل، ثم يخرج إلى المذبح الذي أمام الرب ويكفر عنه، يأخذ من دم الثور ومن دم التيس ويجعل على قرون المذبح مستديراً. وينضح عليه من الدم بإصبعه سبع مرات ويطهره ويقدسه من نجاسات بني إسرائيل] [12] [ثم تقدموا بتيوس ذبيحة الخطية أمام الملك والجماعة ووضعوا أيديهم عليها، وذبحها الكهنة وكفروا بدمها على المذبح تكفيراً عن جميع إسرائيل لأن الملك قال أن المحرقة وذبيحة الخطية هما عن كل إسرائيل] [13] وطبعاً من أهم استخدام للدم هو الدخول في العهد، ويُسمى (دم العهد) [فأخذ موسى نصف الدم ووضعه في الطسوس، ونصف الدم رشه على المذبح، وأخذ كتاب العهد وقرأ في مسامع الشعب. فقالوا كل ما تكلم به الرب نفعل ونسمع لهُ، وأخذ موسى الدم ورش على الشعب وقال: هوذا دم العهد (דض·ض½× ×”ض·×‘ض°ض¼×¨ض´×™×ھض™) الذي قطعه الرب معكم على جميع هذه الأقوال] [14] عموماً نجد أن هذا المفهوم عن الدم [أي التقديس والتكفير والتطهير والعهد] قد استمر في الفكر اليهودي بلا توقف حتى بعد ظهور ربنا يسوع في ملئ الزمان حسب التدبير، وكان تعبير لحمٍ ودم هو وصف مثالي للبشر في هذه الفترة، واعتقد أن هذا التعبير موجود إلى اليوم في ذهن الكثيرين فمن السهل فهم هذا التعبير بشكل جيد إذ يُعرف الإنسان على إنه [من دمٍ ولحم]. =================== [1] (تكوين 9: 4؛ لاويين 17: 11 – 12 و14) [2] (تثنية 12: 23) [3] (حزقيال 18: 4 وما قبلها وما بعدها) [4] (تكوين 9: 5 – 6) [5] (إرميا 51: 35 – 36) [6] (لاويين 17: 13) [7] (لاويين 3: 17؛ لاويين 7: 26 – 27؛ لاويين 17: 10؛ تثنية 12: 23) [8] (1 صموئيل 14: 32 – 34) [9] (خروج 29: 16؛ لاويين 3: 2) [10] (خروج 29: 20 – 21) [11] (أنظر خروج 12: 21 – 28) [12] (لاويين 16: 6، 14 – 19) [13] (2أخبار أيام 29: 23 – 24؛ وللتطهير وتقديس الشعب أنظر لاويين 14، خروج 29: 20 – 21) [14] (خروج 24: 6 – 8) |
||||
21 - 05 - 2020, 08:49 PM | رقم المشاركة : ( 59 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس
ومن التعبيرات التي تبدو غامضة أحياناً في العهد القديم هوتعبير ولي الدم:تعبير ولي الدم وهو تعبير ظهر في العصور القديمة وهو يعني: أنه إذا قتل إنسان، إنسان آخر، يُصبح الأقرب للقتيل (kinsman) الحق في أن يقتل القاتل ( كمنتقم avenger)، وكان يُطلق على هذا القريب (ولي الدم ×’ض¹ض¼×گضµض£×œ ×”ض·×“ض¸ض¼ض”×). وربما هذا الأمر يعود في الأصل إلى ما أمر به الله نوحاً بعد الطوفان: [من يد الإنسان أطلب نفس الإنسان. من يد الإنسان أخيه. سافك دم الإنسان بالإنسان يُسفك دمه. لأن الله على صورته عمل الإنسان] [1] وكانت هذه قاعدة سائدة بين كثير أو الغالبية العُظمى من الشعوب والقبائل من جهة القضاء والحكم. وبمرور الزمن شملت هذه القاعدة القاتل المتعمد والقاتل سهواً أي الذي قتل عن دون قصد أو دراية، وللأسف تحول الموضوع من قاعدة قانونية لشكل فوضوي ثأري، فكان الأخذ بالثأر سبباً في استمرار النزاع بين الأفراد والقبائل بشكل دموي مستمر عبر الأجيال ولا يتوقف لأن كل واحد يقتل للآخر قتيل فيقوم الآخر برد الثأر وهكذا الموضوع يستمر في حلقات مستمرة لا تنتهي، مع أن أساسه هو حكم القضاء وليس حكم يأخذه الناس بأيديهم، ولنا أن نركز في العهد القديم لأن الله لم يقل لأحد خذ ثأرك بذراعك لأن اتفهم – من كثيرين – العين بالعين والسن بالسن أنه حكم عام يأخذه الإنسان بيده وليس حكماً يخص مجلس القضاء، لكن فكرة الثأر كانت موجودة كثقافة مترسخة عند الأمم وفي وجدان الشعب الإسرائيلي مخطوطة بسبب مخالطتهم بالشعوب الأخرى فجرت عندهم نفس العادة عينها خارج القضاء. وقد نظمت الشريعة في العهد القديم هذا الحق وحدت منه، إذ فرَّقت ما بين القتل العمد والقتل السهو، ووضعت أمام القاتل عن غير عَمد (أي القاتل سهواً) منفذاً للنجاة. فأمر الله بتعيين مدن ملجأ [ليهرب إليها القاتل الذي قتل نفساً سهواً ليهرب إليها حتى يقف أمام الجماعة للقضاء.. فتقضي الجماعة بين القاتل وبين ولي الدم حسب هذه الأحكام.. وتنقذ الجماعة القاتل (سهواً) من يد ولي الدم وترده الجماعة إلى مدينة ملجأه التي هرب إليها، فيُقيم هُناك إلى موت الكاهن العظيم.. وأما بعد موت الكاهن العظيم، فيرجع القاتل (سهواً) إلى أرض مُلكه] [2]، فبموت الكاهن العظيم تعتبر القضية منتهية تماماً ويصبح القاتل سهواً حُراً. [وهذا هو حكم القاتل الذي يهرب إلى هناك (مدن الملجأ) فيحيا، من ضرب صاحبه بغير علم وهو غير مُبغض له منذ أمس وما قبله (أي لا يوجد سوء نية). ومن ذهب مع صاحبه في الوعر ليحتطب حطباً فاندفعت يده بالفأس ليقطع الحطب وأفلت الحديد من الخشب وأصاب صاحبه فمات فهو يهرب إلى إحدى تلك المدن فيحيا لئلا يَسعى ولي الدم وراء القاتل حين يحمى قلبه (تعبير عن الغضب الشديد للانتقام) ويدركه إذا طال الطريق ويقتله وليس عليه حكم الموت لأنه غير مبغض له منذ أمس وما قبله. لأجل ذلك أنا آمرك قائلاً ثلاث مُدن تفرز لنفسك.. فزد لنفسك أيضاً ثلاث مُدن على هذه الثلاث. حتى لا يُسفك دم بريء في وسط أرضك التي يُعطيك الرب إلهك نصيباً فيكون عليك دم]. ويتكلم الله في يشوع على أهمية هذه المدن والتقنين القضائي للقاتل السهو: [فيهرب إلى واحدة من هذه المدن ويقف في مدخل باب المدينة ويتكلم بدعواه في آذان شيوخ تلك المدن فيضمونه إليهم إلى المدينة ويعطونه مكاناً فيسكن معهم. وإذا تبعه ولي الدم فلا يسلموا القاتل (سهواً) بيده لأنه بغير علم ضرب قريبه وهو غير مبغض له من قبل، ويسكن في تلك المدينة حتى يقف أمام الجماعة للقضاء[3] إلى أن يموت الكاهن العظيم الذي يكون في تلك الأيام. حينئذ يرجع القاتل (سهواً) ويأتي إلى مدينته وبيته إلى المدينة التي هرب منها] [4]، طبعاً لو ثبت أن القتل كان عن عمد يتم الحكم عليه بالموت من قِبل القضاء ولا تنفعه مُدن الملجأ. =================== [1] (تكوين 9: 5و6) [2] (عدد 35: 11 – 34) [3]بمعنى أنهم يتحروا ويحكموا عليه وينظروا في دعواه ويتأكدوا انه فعلاً قتل سهواً وليس عن عمد، لأن من قتل عن عمد لا بد من أن يُحكم عليه فكما قتل يُقتل. [4] (أنظر تثنيه 19: 4 – 13؛ يشوع 20: 1 – 9) |
||||
21 - 05 - 2020, 08:49 PM | رقم المشاركة : ( 60 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس
ترد كلمة خ±ل¼·خ¼خ± (دم) حوالي 97 مرة، حيث تُستخدم للدلالة على الدم الإنساني حرفياً ومجازاً: حرفياً: [وامرأة بنزف دم مُنذُ اثنتي عشر سنة] & [وكان حاضراً في ذلك الوقت قوم يخبرونه عن الجليليين الذين خلط بيلاطس دمهم بذبائحهم] & [ولكن واحداً من العَسكَر طعن جنبه بالحربة، وللوقت خرج دَمٍ وماء] [1] ومجازاً من جهة الحكم: [لكي يأتي عليكم كل دمٍ ذكي سُفك على الأرض، من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن بَرَخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح. الحق أقول لكم: إن هذا كله يأتي على هذا الجيل] [2] وتأتي بمعنى قوي من جهة الجهاد ضد الشرّ والخطية [لم تقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية] [3] وكما تأتي الكلمة أيضاً لتُعبَّر عن دم الحيوانات عموماً [بل يُرسَلْ إليهم أن يمتنعوا عن نجاسات الأصنام، والزنا، والمخنوق، والدم.. أن تمتنعوا عما ذُبح للأصنام، وعن الدم، والمخنوق، والزنا، التي إن حَفظتم أنفسكم منها فنِعِمّا تفعلون. كونوا معافين] [4]؛ وتعبر أيضاً عن دم الذبائح بوجه خاص: [وقد ذكرت بهذا المعنى في عبرانيين حوالي 12 مرة] وطبعاً تأتي بشكل أكثر أهمية كتعبير لاهوتي عن دم المسيح، حيث أنها رُبطت مباشرة حوالي 25 مرة تقريباً بأهمية الخلاص بموت ربنا يسوع؛ وأيضاً كإشارة رؤيويه (حوالي 9 مرات). ============================= [4- أ] كلمة خ±ل¼·خ¼خ± (دم) ترد كدم إنساني حامل للحياة ومتصل بالجسد:[الذين ولدوا ليس من دمٍ ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل] [5] والتعبير إراقة الدم يُشير إلى موت عنيف لشخص على يد آخرين [أرجلهم سريعة إلى سفك الدم][6] وبالطريقة نفسها دم يسوع يُمكن أن يُشير إلى موته العنيف وسفك دمٍ بريء، وهذا ظاهر في اعترافات يهوذا وبيلاطس والشعب وكهنة إسرائيل ورؤسائهم: [حينئذٍ لما رأى يهوذا الذي أسلمه أنه قد دينَ، فندم ورد الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ قائلاً: قد أخطأت إذ سلَّمتُ دماً بريئاً [7]؛ فلما رأى بيلاطس أنه لا ينفع شيئاً، بل بالحري يحدث شغب، أخذ ماءً وغسل يديه قُدام الجمع قائلاً: إني بريء من دم هذا البار! أبصروا أنتم! فأجاب جميع الشعب وقالوا: دمه علينا وعلى أولادنا [8]؛ فلما أحضروهم (الرسل) أوقفوهم في المجمع فسألهم رئيس الكهنة قائلاً: "أما أوصيناكم وصية أن لا تُعلِّموا بهذا الاسم؟ وها أنتم ملأتم أورشليم بتعليمكم، وتريدون أن تجلبوا علينا دم هذا الإنسان] [9] وبما إن الله هو وحده رب لكل حياة، لأنه هو الواهب الحياة لكل أحد، فهو الخالق العظيم ولا سلطان لآخر على حياة أحد مهما كان وضعه أو سلطانه الديني أو السياسي أو القضائي (وليس معنى هذا أن القضاء لا يسري كقانون على أي إنسان، بل الكلام هنا يخص السلطان على حياة الناس)، فالله وحده من يهب الحياة ويأخذها، لأنها منه وإليه، حتى لو القضاء حكم بعدل بموت إنسان لأنه قاتل، فهو بذلك لا يضع سلطانه على النفس إطلاقاً لأنه لا يقدر، بل يحكم حكم العدل حسب الأمر الإلهي، من قَتل يُقتل، ولكن عن طريق القضاء فقط بحكم عادل بعد تحري الدقة حتى لو أخذت أيام وشهور، لأن أي حكم مُتسرع أو باطل عن قصد، فأنه كفيل بأن يضع الإنسان في مواجهة مع الله تحت دينونته العادلة، لأنه حكم بالتواء بلا عدل وسفك دماً بريئاً بتسرع دون أن يتأكد تماماً أنه قاتل فعلاً وعن سبق إصرار وترصد. فالله كرب الحياة ومانحها وحده، لذلك فهو من يُسيطر على الدم والحياة الإنسانية، وهو من يقتص للدم الإنساني البريء [10]، وعلى الأخص دم الشهداء من أنبياء ورجال صالحين أتقياء ومُحبين اسمه، أي المؤمنين به المقتولين ظلماً وعدواناً لأن اسمه عليهم [وتقولون لو كنا في أيام آباءنا لما شاركناهم في دم الأنبياء. فأنتم تشهدون على أنفسكم أنكم أبناء قتلة الأنبياء. فاملأوا أنتم مكيال آبائكم.. ها أنا أُرسل إليكم أنبياء وحُكماء وكتبة فمنهم تقتلون وتصلبون ومنهم تجلدون في مجامعكم وتطردون من مدينة إلى مدينة. لكي يأتي عليكم كل دمٍ زكي سُفك على الأرض من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا ابن براخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح. الحق أقول لكم أن هذا كله يأتي على هذا الجيل] [11] وكما نرى في سفر الرؤيا صراخ الأبرار للانتقام لدمهم المراق بسبب بذل حياتهم في سبيل كلمة الله، وطبعاً الانتقام هنا بمعنى الدينونة الأخيرة وانتهاء الأزمنة، وليس معنى الانتقام كتشفي أو دفع ثمن أو أن رغبتهم أن ربنا ينتقم من أعدائهم بالمعنى الانتقامي، فالدينونة تأتي على من سفك دمٍ بريء لأن الدم يصرخ إلى الله، كما قال في العهد القديم لقايين: [ماذا فعلت صوت دم أخيك صارخ إليَّ من الأرض. فالآن ملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك][12] |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
وجه الحديث لهرون وبنيه عن بعض الذبائح والتقدمات |
شرائع الذبائح والتقدمات |
الذبائح الدموية والتقدمات الطعامية |
علماء الكتاب المقدس فيقولون إن تقديم الذبائح أمر وضعه الله |
أن دراسة الكتاب المقدس |