منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26 - 06 - 2014, 01:29 PM   رقم المشاركة : ( 51 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,195

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

قوة العجز
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

من أوائل الأشياء التي عليك إدراكها أنك إنسان تحمل في ذاتك عجز البشر كما تحمل فيها قدرّة الله. أن تدرك عجزك الإنساني هو أن تصل إلى الخيط الأول في خيوط تحرُّرك من كل قيد قد أمسك بك في الماضي. معظم قيودك كانت نتيجة أنك تقول دائمًا: أنا أستطيع، وحينما كنت تواجه بالرفض من الآخر أو عدم مواتاة الظروف أو ضعف إرادتك أو نقص موهبتك أو قلة خبرتك.. إلخ فإنك تسقط فريسة للكآبة الشديدة التي تعطلك عن السير في الحياة بنشاط وحيوية. ذاك هو قيدك الأول أنك تشعر بقدرة زائفة نابعة من ملكاتك الخاصة. وحينما كنت تحاول إشراك الله في معاركك كنت تضعه في موقف الداعم لقرارك فحسب، بل ولعل صلواتك كانت موجّهة وتطلب فقط الآمين الإلهية!!
حينما تدرك أنك عاجز بما تمتلكه من قدرات، أنت تراها في نفسك، فإنك تقر باحتياجك للعون وهذا بدء الشفاء من المرض المركزي في حياتك: مرض الأنا. الجائع هو وحده من يسعى للحصول على الطعام. والعَطِشُ هو من يطلب الارتواء من الماء. والمريض هو من يُكلِّف نفسه مشقّة وتكاليف العلاج مهما كانت. أن تدرك من أنت هذا يضعك مباشرة على طريق الحصول على ما تريد.
أحيانًا تتساءل لماذا عليّ أن أرفض الأنا أو أقر بعجزها.. لماذا يتوجب على الله إهانتي بدفعي إلى تلك المشاعر المُذلّة؟؟ وهل يتلذذ الله بسحقي ليرتفع هو؟؟ أو ترضيه تأوهات الضعف ودموع الانكسار الصاعدة من وادي البشر؟؟!!
دعني أذكرك أولاً بنتائج تمسّكك بذاتك؛ فما حجم النجاحات التي حقّقتها في مسيرتك؟ وكم استمرّت؟ هل أنت راضٍ عن نفسك؟ هل أنت مطمئن لقدراتك أنها قادرة على النجاة من تقلبات الغد؟ هل تشعر بحب الآخرين وتبادلهم الحبّ أم أن قدراتك عزلتك عنهم وكأنك متفوقًا عليهم؟ أم، في المقابل، ترى أنك عاجز عن ملاحقة من سبقوك في نجاحاتهم مما يصب في زيادة حجم الألم والشعور بالضيق والمرارة داخل نفسك؟؟
عليك أن ترى الله بعينٍ أخرى.. أن تراه أبًا يريد أن يدفعك إلى الأمام لا كسيّدٍ يريد أن يشعرك بالمهانة. ولكن هل يمكن أن تتحرك للأمام دون أن تتعرّف على مواطن الضعف ومواطن القوّة داخلك؟ هل يمكن أن تنجح في المسيرة دون أن تقف على المنابع التي تستقي منها قواك الروحية وكذلك تقف على المنزلقات التي تتسبب في انزلاقك إلى الخلف باستمرار؟؟
حينما تعرف ذاتك حقيقة ستدرك الله وعرضه السخي بوضع قدراته الإلهية تحت تصرفك إن قبلت وصدّقت احتياجك له. ستدرك أنه يريد فقط نجاحك وتميُّزك ومسرّتك الحقيقيّة وإن تطلّب ذلك بعض التضحيات في أول الأمر.
  رد مع اقتباس
قديم 26 - 06 - 2014, 01:43 PM   رقم المشاركة : ( 52 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,195

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

الآباء والنصوص الليتورجية
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

لم يكتفِ الآباء بالتعاليم والكتابات الإرشاديّة ولكن امتدّ تأثيرهم إلى الصلوات التعبديّة الليتورجيّة. فقد كان التلامس الآبائي مع الحقّ والذي أفرز لنا تلك النصوص الرائعة هو ما دعا الكنيسة لأخذ بعض تلك النصوص لتصير لها صلاة.
إنّ الصلاة اللّيتورجيّة في مُجملها تحمل بُعديْن لا ينفصلان؛ البُعد التعبُّدي والبُعد العقائدي. فما من نصٍّ ليتورجي تعبدُّي لا يحمل رسالة عقائديّة واضحة. فلم تكن الصلوات الليتورجيّة في أي عصر من العصور تفريغ لشحنات عاطفيّة في قلوب المؤمنين فقط، ولكنها كانت وماتزال انطلاقًا لمعاينة الثالوث، وحينما يتواجه المُصلِّي أمام الثالوث ينسَى ذاته ويتأمَّل في الجمال الإلهي، فتحمل كلماته مفردات ثالوثيّة تبدو للوهلة الأولى أنّها مُعقّدة ولكنّها في الأساس هي نتاج معاينة قلبيّة صادقة لمجد الثالوث. ومَنْ يتأمَّل في الثالوث لا يستطيع إلاّ أن يُدرِك بوعي مُسبِّح قيمة التجسُّد والمساواة الأقنوميّة تلك التي تُعطي للتجسُّد قيمة عُظمَى، فضلاً عن أقنوميّة الروح القدس الذي يُحرِّك الصلاة ويُحرِّك معها قلب الإنسان نحو مدينة الله السرمديّة. هذا فارقٌ بين صلواتنا المُعاصرة وصلوات الآباء والتي صارت صلوات الكنيسة.
كذلك نجد أنّ الصلاة المُعاصرة تُركِّز على الإنسان وآلامه واحتياجاته وأتعابه (الفرديّة) ويأتي الله كمريح لأتعاب الإنسان (الفرد)، وهنا يبقَى الله حلّ للإنسان (الفرد). ولكن الصلوات اللّيتورجيّة / الآبائيّة هي صلوات تتأمَّل في الله، وإن جاز القول، تُحدِّق في نور الثالوث والأقانيم الثلاثة، فتأتي صلاتها تسبيحًا لعمل الله في ذاته، ومن ثمّ العمل المرتبط بالإنسان.
لذا من الضروري أن نفرِّق بين الصلوات الخاصة والصلوات اللّيتورجيّة التي يجتمع عليها المؤمنون معًا. في صلواتنا الخاصة نستخدم تعبيراتنا ونشكو آلامنا ونطلب حلولاً خاصة بنا ونتلمّس الله على قدر قامتنا وطاقتنا.. إلخ وفي المقابل يتفاعل الله مع صلواتنا على خلفيّة معرفته الخاصة بنا. ولكن تبقَى تلك الصلوات في دائرة الخصوصيّة لأنّها تُعبِّر عن شخصٍ مُفرد ولكنّها لا تُعبِّر عن الجماعة. على الجانب الآخر فإنّ الصلاة اللّيتورجيّة هي الصياغة التي هذَّبها الروح لتنمية وعي كتابي خلاصي مُتكامِل لتصِر أساسًا صلبًا لأيّة صلاة خاصة أو شخصيّة فيما بعد. والخلط بين ما هو شخصي وما هو ليتورجي هو أحد الأخطار التي تواجه عبادتنا المسيحيّة.
كذلك نجد أنّ الصلاة المُعاصرة تُفتِّت البشريّة إلى أفراد لكلٍّ حاجته بينما الصلاة اللّيتورجيّة ترى الجرح الإنساني العام والمُسبِّب لتمزُّق الإنسان وآلامه المُعاصرة؛ فالخطاب الأول، الـ“أنا” فيه تعني الشخص المُفرد، بينما الثاني فإن الـ“أنا” فيه تعني البشريّة الساقطة. فالليتورجيّة تُحيل أتعاب الإنسان إلى السقوط وتبعاته، بينما الصلوات المعاصرة يغيب عنها في الكثير من الأحيان تلك النقطة فتبدأ بسرد أتعاب الإنسان الجُزئيّة وتكتفي بأن لله حلاًّ لكلّ تعب إنساني دون أن تستند على الفعل الخلاصي فتُصدِّر وعيًّا مسيحيًّا منقوصًا معني بمعالجة الأعراض الظاهرة دون الولوج إلى أصل المرض وموطن الداء. من هنا نرى أن الخطاب اللّيتورجي مُتكامل الرؤيّة لماهيّة الإنسان وماهيّة الله وكيف تمّ الصُلح بين الله والإنسان بـ“تجسُّد / موت / قيامة” المسيح يسوع، ومن هذا الحدث نبتت شجرة النِعَم الإلهيّة لكلّ البشريّة أينما كانوا وأيّما كانت حالتهم.
كأب حقيقي تعبت معي أنا الذي سقط.
أرسلت لي الأنبياء من أجلي أنا المريض..
ليتورجيّة القديس غريغوريوس اللاّهوتي
في النصّ اللّيتورجي نجد أن المحوّر هو دائمًا الـ“أنت” (الله) وليس الـ“أنا” (الإنسان). إنّ هذا ما يُميِّز التسبيح اللّيتورجي، فالتغنِّي بالله وأعماله هو ملمح ليتورجي أصيل.
أنت الذي خلق السماوات وما في السماوات..
أنت هو الذي خلق الإنسان كصورتك وكشبهك
ليتورجيّة القديس كيرلُّس الكبير
أنت الذي تُسبِّحك الملائكة وتسجد لك رؤساء الملائكة
أنت الذي تُباركك الرؤساء وتصرخُ نحوك الأرباب
أنت الذي، السلاطين، تنطق بمجدك
أنت الذي، الكراسي، تُرسِل لك الكرامة..
أنت الذي يُباركك غير المرئيين
وأنت الذي يسجد لك الظاهرون..
أنت هو القيام حولك الشاروبيم والسارافيم..
أنت يا سيدي حوّلت لي العقوبة خلاصًا..
أنت الذي أرسلت لي الأنبياء من أجلي أنا المريض..
أنت الذي خدمت لي الخلاص..
أنت الكائن في كلّ زمان..
أنت الذي أعطيتني هذه الخدمة المملوءة سِرًّا
ليتورجيّة القديس غريغوريوس اللاّهوتي
من مميزات النصّ اللّيتورجي عن النصوص التعبديّة الحديثة(1) هو ظهور المسحة الخلاصيّة بوضوح؛ أي قصة الفداء الإلهي للإنسان الساقط والجالس في الظلمة وظلّ الموت. داخل هذا الإطار برع الآباء في نصوصهم؛ منهم مَنْ استرسل في شرح المسيرة الخلاصيّة كالقديس غريغوريوس اللاّهوتي، ومنهم مَنْ اكتفَى برسم ملامحها الأساسيّة كالقديس باسيليوس الكبير في “صلاة الصُلح”، وأيضًا في “الأنافورا” anavora بحسب الطقس السكندري.
قدوس قدوس قدوس أيها الربّ إلهنا
الذي جبلنا وخلقنا ووضعنا في فردوس النعيم [الخِلقة]
وعندما خالفنا وصيّتك بغواية الحيّة
سقطنا من الحياة الأبديّة ونفينا من فردوس النعيم [السقوط]
لم تتركنا عنك أيضًا إلى الإنقضاء
بل تعهدتنا دائمًا بأنبيائك القديسين [النبوّات عن المسيّا]
وفي آخر الأيام، ظهرت لنا
نحن الجلوس في الظلمة وظلال الموت
بابنك الوحيد ربنا وإلهنا ومُخلّصنا يسوع المسيح
هذا الذي من الروح القدس
ومن العذراء القديسة مريم تجسّد [التجسُّد]
..
هذا الذي أحبّ خاصته الذين في العالم
واسلم ذاته فداء عنّا إلى الموت الذي تملّك علينا.. [موت المسيح]
نزل إلى الجحيم من قِبَل الصليب
وقام من الأموات.. [القيامة]
وصعد إلى السماوات.. [الصعود]
ورسم يومًا للمجازاة.. [يوم الدينونة]
ليتورجيّة القديس باسيليوس (الأنافورا) بحسب الطقس السكندري
ومن النصوص المباشرة والتي تحوّلت إلى نصّ تعبُّدي ليتورجي؛ جزءٌ من الخطاب الذي ألقاه القديس كيرلُّس السكندري في جلسة المجمع المُنْعَقِد بمدينة أفسس (431م) والذي ورد في “لُبش السبت” من تسبحة نصف الليل:
السلام لك يا ممتلئة نعمة،
العذراء غير الدنسة،
الإناء المختار،
لكلّ المسكونة
المصباح غير المُطفأ،
فخر البتوليّة،
الهيكل غير المُنْقَض،
وقضيب الإيمان.
في بحثٍ للدكتور مجدي رشيدي عن مؤلِّف الثيؤطوكيات القبطيّة السبع، والذي نشره في مجلّة “مدرسة الإسكندريّة” وفي عددها الصادر في مايو 2010 يتحدّث عن النصّ القبطي الذي نشره العالِم أوسكار ليمOscar Lemm والمنسوب للقديس أثناسيوس الرسولي، إذ يحمل بعض التعبيرات والفقرات التي نجدها في ثيؤطوكيّة الأحد في التسبحة السنويّة، إذ جاء النصّ، في بعض فقراته، هكذا:
بالحقيقة أنت مرتفعة، أيتها العذراء المُكرَّمة،
على كلّ العظماء
لأنّه ماذا يشبه عظمتك، يا مسكن الله الكلمة؟
مع مَنْ يجب أن أشبِّهك، أيتها العذراء، بين كل الخليقة؟
سوف لا نجد شيئًا مرتفعًا عنك،
إلاّ سوف تكوني أنت مرتفعة عن الجميع؟
هل ينبغي أن أقارنك مع ثمار الأرض وكلّ مواليدها؟
أنت مرتفعة عن جميعهم
عندما نقول إنّ ملائكة الله ورؤساء الملائكة هم مرتفعون،
لكن أنت مرتفعة أكثر بكثير عنهم جميعًا،
لأنّ الملائكة ورؤساء الملائكة يخدمون بخوفٍ
الذي سكن في بطنك،
لدرجة أنّهم لا يتكلّمون بجسارةٍ قدّام الله ويتحيّرون،
لكن أنت تتكلّمين معه بدالةٍ
عندما نقول: الشاروبيم مرتفعون،
أنت مرتفعة أكثر منهم جميعًا،
لأن الشاروبيم يحملون عرش الله،
ولكن أنت بالمقابل حملت الله على ذراعيك
عندما نقول: السارافيم مرتفعون،
أنت مرتفعة أكثر منهم جميعًا،
لأنّ السارافيم يُغطُّون وجوههم بأجنحتهم،
لأنّهم لا يستطيعون مشاهدة كمال المجد،
لكن أنت، لست فقط تطلّعت إلى وجهه،
وإنما احتضنتيه وأعطيتيه ثدييك في فمه المُقدَّس.
[...]
أيّتها التابوت الذي للعهد الجديد
الذي في وسطه القسط الذهبي
الذي في وسطه المنّ الحقيقي،
الذي هو جسدُ الابن، الذي مُخفَى فيه اللاّهوت.
[...]
لأنك أنت (العذراء) احتملت آلام الولادة لأجل حياة العالم ولكن حواء، في المقابل، هي أم الموتَى،
لأنّه كما يموت الجميع في آدم،
سوف يحيا الجميع في المسيح.
إنّ من الأمور التي يلاحظها مَنْ يرصُد التعبيرات اللاّهوتيّة الواردة في نصوص الثيؤطوكيّات السبع أنّ الروح الآبائيّة قويّة وواضحة ومُميّزة فيها، ممّا يعود بنا مُجدَّدًا إلى التأثير الآبائي في النصّ اللّيتورجي بشكلٍ مباشر أو غير مباشر.
_____
الحواشي والمراجع :

(1) لسنا هنا بصدد تقييم النصوص ولكن فقط تمييز وتوصيف ملامح كلّ منها، ولعلّ هذا الأمر يحتاج إلى دراسة منفردة.
  رد مع اقتباس
قديم 26 - 06 - 2014, 01:45 PM   رقم المشاركة : ( 53 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,195

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

شهادة القديسين كاربوس وبابيلوس وأجاثونيس
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

بينما كان الحاكم في مكان إقامته في برجاموس، جاؤا إليه بالطوباويين كاربوس وبابيلوس وأجاثونيس، شهداء المسيح.
استقام الحاكم في مجلسه قائلاً: ما اسمك؟
أجاب القديس: إنّ اسمي الأوّل بل والمميَّز هو الذي يُدعى به المسيحيين، ولكن إن كنت تريد اسمي في هذا العالم، فهو كاربوس.
هنا وسأله الحاكم قائلاً: إني لعل يقين أنك تعلم أوامر الإمبراطور الخاصة بوجوب الالتزام بتوقير اللآلهة الذين لهم السيادة على الجميع. لذا أقترح عليك أن تتقدّم وتضحِّي للآلهة.
أجابه كاربوس(1): أنا مسيحي، ولا أعبد سوى المسيح، ابن الله، والذي جاء في ملء لزمان من أجل فدائنا، وهو الذي خلَّصنا من خداعات الشياطين، لذا لن أُضحِّي لمثل تلك الأوثان. افعل ما شئت! لأنّه من المستحيل أن أذبح لتلك الأوثان ذات المظاهر الخادعة، فإنّ من يقدّم لها ذبائح هو على شاكلتها.
إنّ عُبّاد الله الحقيقيين، الذين يتبعون وصايا الربّ الإلهيّة، أولئك الذين يعبدون الله بالروح والحقّ(2)، يحصلون على صورة مجد الله ويصيرون غير مائتين معه، مشتركين في الحياة الأبديّة، بواسطة الكلمة. ولذلك أيضًا، فإنّ من يعبد مثل تلك الآلهة يحصل على الصورة الحمقاء التي للشياطين ليفنى معهم في جهنّم. وبالحقّ يجب أن ينالوا العذاب معه، ذاك الذي خدع البشريّة؛ خليقة الله الأعظم، مع ذاك الذي من خلال شرّه وفساده الذاتي (أعني الشيطان) أثار الإنسان من أجل هذا الغرض. لذا اعلم أيها الحاكم، إنّني لن أقدِّم ذبائح لهم.
اهتاج الحاكم من فرط الغضب قائلاً: اذبح للآلهة ولا تكن أحمق.
علت ابتسامة هادئة وجه كاربوس، وأجابه قائلاً: فلتفن تلك الآلهة التي لم تخلق السماء والأرض(3).
قال له الحاكم: يجب عليك أن تذبح للآلهة، إنها أوامر الإمبراطور.
أجابه كاربوس: إنّ الأحياء لا يقدمون ذبائح للأموات.
أو تظن أنّ الآلهة موتى؛ سأله الحاكم.
أجابه كاربوس: أتريد أن تَعْلَم الحقّ؟ إنّ تلك الآلهة لم تحيا يومًا ولم تولد من إنسان حتى يمكنها أن تموت. أتستطيع أن تقبل مثل هذا الحقّ؟ اخلع عنها الكرامة التي تتوهَّم أنك تسبلها عليها، ولسوف تكتشف أنها لاشيء تمامًا. فهي مصنوعة من مادة الأرض، وسوف تتهدّم بمرور الوقت. في حين أن إلهنا، خالق الدهور، غير خاضع للزمن فهو أبديٌّ وغير مائت؛ لذا فهو غير قابل للزيادة أو النقصان. ولكنّ تلك الآلهة هي صنيعة البشر، وكما قلت سوف تتهدَّم بمرور الزمن(4).
لذا لا ترتعب من نبوءاتها الكاذبة وخداعها. لأنّه منذ البدء سقط الشيطان من رتبته المجيدة بسبب شرّه الذاتي ومن ثمّ أشعل نيران الحرب ضدّ الحبّ الإلهيّ للبشريّة،ولأن المسيحيين يمثلون ضغطًا عليه، فهو يحاربهم، ويعد لهم الصدمات مسبقًا، ويخبر بها خاصته، وكأنّها توقُّع مسبق.
وعلى نفس المنوال، ومن خلال معرفته وخبرته بالأحداث المعتادة التي تجري في خضمّ حياتنا، لكونه سابقًا على الزمن، فهو يتنبّأ بشرور المستقبل والذي هو بصدد تأجيج لهيبها. وبسماح من الله، يمتلك الشيطان معرفة الشرور، ليجرِّب الإنسان، محاولاً أن يستميله بعيدًا عن التقوى. لذا صدقني، أيها الحاكم الطيب، أنت رهنٌ لحماقةٍ ليست بالقليلة.
أجاب الحاكم: لقد قادتك سماحتي لك لكي تتحدَّث كثيرًا، لتسقط في التجديف على الآلهة، والأباطرة الأغسطسيين(5)، لا ينبغي أن يستمر هذا الأمر أكثر من هذا. هل ستذبح للآلهة، أم أنّ لك قولٌ آخر؟
قال كاربوس: لن يحدث أبدًا أن أذبح للآلهة، فلم أضحِّي للأوثان من قبل.
في الحال أمر الحاكم أن يُعلَّق ويُمشَّط جلده(6). بينما كان كاربوس لا يزال يصرخ قائلاً: أنا مسيحي. وبعد أن تمّ تمشيطه لفترة طويلة، صار منهك القوى غير قادرٍ على الكلام.
تحوَّل الحاكم من كاربوس إلى بابيلوس قائلاً له: هل أنت من طبقة الشيوخ النبلاء؟
أجابه: أنا فقط مواطن.
من أيّة مدينة؛ سأله الحاكم.
أجابه بابيلوس: من ثياتيرا(7).
هنا وسأله الحاكم: هل لك أطفال؟
أجابه بابيلوس: نعم لديّ العديد من الأولاد، من قِبَل النعمة الإلهيّة.
حينها صاح أحد الحاضرين: إنّه يعني أبناءً في الإيمان الذي يعتنقه المسيحيون.
أجاب الحاكم: لماذا تكذب مدَّعيًّا أن لك أولاد؟
أجابه بابيلوس قائلاً: هلّ لك أن تدرك أنني أقول الصدق ولا أكذب؟ فإنّ لي أولادًا في الرب في كلّ إقليمٍ ومدينة.
هل ستذبح للآلهة، أم أنّ لك قولٌ آخر؛ سأله الحاكم.
أجابه بابيلوس: لقد خدمت الله منذ فجر شبابي، ولم أذبح، يومًا، للأوثان. أنا مسيحي، ولن تسمع مني شيئًا آخر سوى هذا، فليس هناك شيئًا يمكن قوله، يسمو أو يعلو عن تلك الحقيقة.
عُلِّق بابيلوس أيضًا، ومُشِّط جلده، محتملاً ثلاث دورات من العذاب، بينما لم يفتر فمه عن أي صوت. وكأحد الرياضيين النبلاء، احتمل انقضاض خصمه عليه.
وحينما أبصر الحاكم صبرهم الفائق للوصف، أمرَ أن يُحرقوا أحياء. فهَرَعَ كلاهما مُسْرعين إلى أسفل المدرَّج، حتّى يتسنّى لهم مغادرة العالم سريعًا. سُمّر بابيلوس أولاً على خشبة، ورُفع إلى أعلى، وبعد أن أُشعلَت النيران، صلَّى وهو ممتلئ من السلام، مُسلمًا روحه. حينها ابتسم كاربوس الذي كن مسمرًا هو الآخر على خشبةٍ. فدُهش الحاضرون، قائلين له: علامَ تضحك؟
فقال الطوباوي: لقد أسعدتني رؤية مجد الله، فضلاً عن أنني الآن قد تحررت من جميعكم، وليست لي شركة في خطاياكم.
بدأ أحد الجنود يصنع كومة من الأخشاب، مشعلاً إياها، فقال له القديس كاربوس، بينما هو معلَّقًا: إننا أيضًا أبناءٌ لذات الأم الواحد؛ حوّاء(8)، ولنا ذات الجسد الواحد. فلنحتمل كلّ ما نلاقيه ناظرين إلى كرسي العدل الحقيقي. وبعد أن قال هذا، بدأت النيران في الاقتراب منه، فصلَّى بصوتٍ عالٍ قائلاً: مبارك أنت، أيها الربُّ يسوع المسيح، ابن الله، لأنّك فكرت فيَّ أنا الخاطِئ، لأكون أهلاً لنوال تلك الشركة فيك(9)! وبتلك الكلمات أسلم روحه.
كانت واقفة في تلك الأثناء، امرأة تدعى أجثونيس، وحدث أن رأت مجد الله، كما سمعت من كاربوس، موقنة أنّها دعوة سماويّة. فصرخت أجاثونيس حينها قائلة: إنّ هناك مائدة مُعدَّة لي، لذا يتوجَّب عليَّ أن أشترك وآكل من تلك الوجبة.
آنذاك صرخ الحشد قائلاً: اشفقي على ابنك!
فقالت أجاثونيس الطوباويَّة: إنّ له الله، ذلك الذي يشفق عليَّ؛ لأنه يعتني بالجميع. فلأعمل ما جئت لأجله!(10) وألقت بنفسها بفرحٍ على الخشبة، بعد أن خلعت معطفها.
وأولئك الذين شاهدوا هذا ناحوا عليها قائلين: إنها لأحكام قاسية وغير عادلة!
رُفِعَت إلى أعلى، وحالما طالتها النيران، صرخت ثلاث مرَّات قائلة: أيها الربُّ، أيها الربُّ، أيها الربُّ، ساعدني! لأنّك ملجأي. وأسلمت روحها ونالت النياح مع القديسين. وقد جمع المسيحيون، سِرًّا، بقايا الشهداء، حافظين إياها، لمجد المسيح، ولتمجيد الشهداء، لأنّ له المجد والقدرة، للآب والابن والروح القدس، من الآن وإلى أبد الآبدين. أمين.
_____
الحواشي والمراجع :

مترجم عن كتاب:
The Acts of the Christian Martyrs, Early Christian Texts, Herbert Anthony Musurillo, Oxford Univ Pr (Txt) June 1972

(1) إنّ الحديث التالي مفقود في النصّ اللاتيني
(2) يوحنا4: 23
(3) انظر: أر10: 11؛ انظر أيضًا: شهادة كريسبينا 2: 3
(4) انظر: النصّ اللاتيني المختصر، 1: 1-3
(5) المترجم
(6) إنّ الكلمة اليونانيّة ξέω يمكن فهمها بشكل أكثر وضوحًا من خلال الكلمة اللاتينيّة ungulo والتي تعني؛ بقطِّع أو يقشط بمخالب. انظر أيضًا: PGL s.v.
(7) مفقودة في النصّ اللاتيني. كانت ليديا التي من مدينة ثياتيرا أوّل من قبلوا الإيمان على يد القديس بولس في فيلبس (أع 16: 14)، كما كانت ثياتيرا أحد السبع كنائس المذكورة في سفر الرؤيا (1: 11، 2: 18-10)
(8) انظر: تك:3: 20، إنّ تلك العبارة مميِّزة للنصّ اليوناني.
(9) المترجم (النصّ اليوناني)
(10) في الأغلب تمثِّل هذه العبارة أسلوب الحض أو الحث؛ لذا فإنّ هناك إحتمالة ولكن بدرجة أقل أن تكون العبارة هكذا: «أنا (حصلت) على ما قد جئت لأجله». ولمتابعة مثل هذه الصياغة، انظر: مت: 26: 50؛ وأيضًا: الحوار بين ف. بلاس وأ. ديبرونر.
  رد مع اقتباس
قديم 26 - 06 - 2014, 01:46 PM   رقم المشاركة : ( 54 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,195

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

شهادة القديسين: يوستين، وشاريتون، وشاريتو، وإفلبستوس، وهيراكس، وبايون، وليبريان، ومن معهم
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

النص أ

1. إبّان صدور الأحكام القضائيّة الفاسدة والخاصة بالأوثان، أُوقف القديسون السابق ذكرهم، ليمثلوا أمام الوالي المدني في روما؛ رجلٌ يدعى رستيكس(1).
2. وبعد أن تمّ استدعاءهم للمحاكمة، قال الوالي ليوستين: ما نوع الحياة التي تحياها؟
أجابه يوستين: حياة بلا لوم، وبلا عيب في أعين الجميع.
فقال الوالي رستيكس: ما هي العقائد التي تمارسها؟
أجابه يوستين: لقد حاولت الاطلاع على مختلف العقائد. ولكني وهبت نفسي للعقيدة الحقيقيّة التي للمسيحيين،رغمًا أنها لن تروق لمن يعتنقون عقائد خاطئة.
قال الوالي رستيكس: أهي العقائد [المسيحيّة] التي تفضلها، إذًا؟
أجاب يوستين: نعم، وأنا مخلصٌ لها لأنها ما أؤمن به.
قال الوالي رستيكس: أيُّ إيمان تقصد؟
أجابه يوستين: إنّه إيمانٌ بإله المسيحيين، الإيمان الذي نعتنقه بتقوى، إنّه [الإله] صانع العالم بأسره منذ البدء، وأيضًا بيسوع المسيح، ابن الله، والذي أخبر عنه الأنبياء بأنه سينزل للبشريّة كمعلن للخلاص، ومعلِّم للعقائد الحسنة. ما أقوله يبقى بلا قيمة إذا ما قورن بالألوهة؛ ولكنني أقدِّر قوة النبوة، إذ قد أعلنت عنه، ذاك الذي تحدثت عنه الآن بأنه ابن الله. إذ قد سبق وأخبر الأنبياء في الأزمنة القديمة عن مجيئه بين البشر.
3. بادره الوالي رستيكس قائلاً: أين تلتقون معًا؟
أجابه يوستين: أينما سنحت الفرصة. وعلى كلّ حالٍ، أتعتقد أنه بمقدورنا أن نجتمع كلنا في مكانٍ واحد؟
قال له الوالي: قل لي، أين تلتقون؟ في أيِّ مكانٍ؟
قال يوستين: لقد كنت أقطن فوق حمَّامات ميرتينوس (؟)(2) طوال فترة إقامتي في روما، وتلك هي المرّة الثانية [في المدينة]؛ لذا لا أعرف أي مكان آخر للاجتماع سوى هذا. كلُّ من يرغب، يأتي إلى مسكني، وهناك أنقل له كلمات الحقّ.
قال الوالي رستيكس: أتعترف إذًا أنك مسيحي؟
أجابه يوستين: نعم أنا كذلك.
4. انتقل الوالي رستيكس إلى شاريتون، وقال له: هل أنت مسيحيٌّ أيضًا يا شاريتون؟
أجابه شاريتون: نعم، حسب وصيّة الربّ.
التفت الوالي رستيكس إلى شاريتو وسألها قائلاً: وأنتِ، ماذا تقولين يا شاريتو؟
أجابته شاريتو قائلةً: أنا مسيحيّة بنعمة الله.
حينها سأل الوالي رستيكس،إفلبستوس، قائلاً: وأنت؟
أجابه إفلبستوس: وأنا أيضًا مسيحي، وشريك الرجاء نفسه.
تحوَّل الوالي رستيكس إلى هيراكس، وسأله: هل أنت مسيحي؟
أجابه هيراكس: نعم، وأعبد نفس الإله.
فسألهم الوالي قائلاً: هل تحولتم إلى المسيحيَّة على يدّ يوستين؟
أجاب هيراكس: أنا مسيحي منذ زمنٍ طويل.
أفاق بيون وقال: أنا مسيحي أيضًا.
سأله رستيكس: من لقَّنك طُرق الإيمان المسيحي؟
أجابه بيون: لقد تلقيتها من والديَّ.
وقال إفلبستوس: لقد كنت أستمع بابتهاج لتعاليم يوستين، إلاّ أنني تلقيت المسيحيّة من والديَّ.
سأله رستيكس: وأين والديك؟
أجابه إفلبستوس: في كبادوكيا.
تحوَّل الوالي إلى هيراكس وسأله: وأنت، أين والديك؟
أجابه هيراكس قائلاً: لقد تنيحوا. ولقد مرَّ وقت ليس بالقليل منذ أن طُردت من فريجيا(3).
قال الوالي رستيكس إلى ليبريان: هل أنت أيضًا مسيحيٌّ مثلهم؟
أجابه ليبريان: نعم، أنا أيضًا مسيحي مُخلص.
5. التفت الوالي إلى يوستين، وقال له: هل تعتقد حقًّا أنك ستصعد إلى السماء، إن جُلِدت وقُطِعَت رأسك؟
فما كان من يوستين إلاّ أن قال له: إنّي لعلى ثقة من هذا إن احتملت بصبرٍ. إذ أنني أعلم أن كلّ من يحيا حياة التقوى، تنتظره هبةً إلهيَّة(4) حتّى إلى التمام.
قال له الوالي رستيكس: أتعتقد، إذًا، أنك ستصعد إلى السماء؟
فأجابه يوستين قائلاً: أنا لا أعتقد ولكني موقنٌ بهذا(5).
علت نبرة صوت رستيكس وهو يقول: إن لم تطع الأوامر، سوف تُعاقب.
أجابه يوستين: نحن واثقون من كون الألم الذي نحتمله هو بمثابة خلاصٌ لنا.
آنذاك أصدر الوالي أوامره، قائلاً: أولئك الذين يرفضون تقديم الذبائح للآلهة، سيُجلدون ويُعدمون، وفقًا لمقررات القانون.
6. بعد هذا، خرج الشهداء الأطهار إلى المكان المعتاد، مُمجِّدين الله، ومُحقِّقين شهادتهم من قِبَل إيمانهم بمخلصنا، من له المجد والقدرة مع الآب والروح القدس، الآن وكل أوان. أمين.(6)
_____
الحواشي والمراجع :

مترجم عن كتاب:
The Acts of the Christian Martyrs, Early Christian Texts, Herbert Anthony Musurillo, Oxford Univ Pr (Txt) June 1972

(1) ك. أونيوس رستيكس Q. Iunius Rusticus كان أحد الرواقيين الذي لهم تأثير على ماركوس أوريليوس، مُعلِّمًا إياه؛ «ألاّ ينزلق في سفسطة جدليّة.. وأن يبتعد عن الخطابة والشعر واللغة» (Aurelius i. 7; cf. i. 17. 4, 6). شغل عِدّة مناصب منها؛ consul sufectus في يوليو 133، وordinarius في عام 162، وكان واليًا مدنيًّا في روما ما بين عامي 163، 168). انظر: RE 10 (1917), 1083
(2) إنّ مكان سكنى يوستين غير واضح في كافة المخطوطات. لذا فإنّ كلّ الإجابات [التي يردُّ بها يوستين على الوالي] تجدها مقتضبة في النصّ الأوَّل، بينما يبقى ترتيب أحداث الاستجواب واحدًا في كلّ النصوص.
(3) مثل باقي الإجابات، نجد أنّ إفادة هيراكس مقتضبة ومختزلة.
(4) إنّ عبارة «هبةً إلهيَّة» مأخوذة من النصّ (ب).
(5) إنّ طلب الوالي، فضلاً عن رفض يوستين (كما ورد في النصّ ب) محذوفة من هذه النسخة.
(6) إنّ النهاية مُختزَلة، ولا تذكر لنا دفن الأجساد كما نقرأ في النص (ب).
  رد مع اقتباس
قديم 26 - 06 - 2014, 01:47 PM   رقم المشاركة : ( 55 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,195

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

التجدد والعودة للآباء
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

إنّ علم الباترولوجي Patrology هو الدراسة المنهجيّة لما ورد إلينا من نصوص قديمة لآباء الكنيسة والبحث في أصالتها وتاريخها، لإعادة فهمها في السياق اللاّهوتي. لذا فهو علمٌ معني بوضع الضوابط لتحديد “الأب” كنسيًّا، وأصالة النصّ الوارد عنه، والاستخدام الأمثل لكتاباته في فهم اللاّهوت. وهو هنا يختلف عن دراسة تاريخ الأدب المسيحي المُبكِّر الذي يتناول تلك الفترة التي تتّسع لتشمل كلّ الكتابات المسيحيّة على مختلف اتجاهاتها.
يكتب مايكل كاسي Michael Casey فيقول: “لقد كتب الآباء ليساعدوا الآخرين ليقتربوا فيتلامسوا مع تعاليم المسيح. وعلى قدر معرفتي، لم يكن اللاّهوت وظيفة ولا عملاً في الألفيّة الأولى. ولكنه كان مُصاحبًا ومُلازمًا للعمل الرعوي.. انطلاقًا من تلك الرؤية، فإنّ النصوص التي دُوِّنت كانت نابعة من الواقع ولها سمة الاختبار والبُعد التطبيقي”.
أمّا توماس أودِن Thomas Oden رئيس تحرير مجموعة “التفسير المسيحي القديم على النصّ الكتابي”Ancient Christian Commentary on Scripture فقد كتب عن رؤيته الأوليّة للاّهوت قبل أنّ ينضج في الوعي الروحي قائلاً: “كنت قد تعلَّمت أن اللاّهوتي هو مَنْ يجب أن يُصارِع ليُخلِّق ما هو جديد في اللاّهوت.. وأن أرى الأمور من منظور مُغاير لم يَرَ به الناس، الأمور من قبل، وبالتالي تقديم مهارتي الشخصيّة وخبراتي الذاتيّة كلاهوتي، للعالم”.
وبعد أنّ اطلّع أودِن على نصوص الآباء لمدّة خمس سنوات اكتشف أن ما كان يظنّه إسهامًا جديدًا في اللاّهوت قد سبقه إليه الآباء بعدّة قرون!!
وفي موضعٍ آخر قال: “لقد أعادت دراساتي لنصوص الآباء تشكيلي روحيًّا ولاهوتيًّا. حتّى بداية السبعينيات من القرن الماضي، كنت لاهوتيًّا ليبراليًّا، استخلص تعليمي المسيحي من الفرضيات الحديثة. ولكن إبّان ذلك الوقت وجدت أنّ تلك النظريات والفرضيات بدأت تتداعَى، وفي المقابل بدت لي النصوص الكلاسيكيّة والتقليديّة أكثر تماسكًا وحكمة. في تلك الفترة، كان انتمائي السياسي للمذهب الماركسي، وقناعتي السيكولوجيّة مؤسّسة على تعليم فرويد، وكانت مواقفي على الحياد من جهة الأحكام الأخلاقيّة. وبدأت في قراءة النصوص المسيحيّة القديمة، وبالأخص كتابات أثناسيوس وجيروم. وحتّى ذلك الوقت كنت قد نلت حظًا وافرًا من العِلم، ولكن لم يلفت أحد نظري إلى تلك الكتابات قط”.
ويوافقه بوسيُه Boissuet في نفس الرأي، فهو يرى أنّ؛ “مَنْ يريد أن يصير لاهوتيًّا بارعًا، عليه أن يُطالِع آباء الكنيسة أولاً وثانيًا”.
إنّ تلك الرؤية تخالف رؤية مارتن لوثر التي طرحها في كتابه “قيد الإرادة”، إذ رأى أنّ الآباء قد أغفلوا عمدًا كلمات القديس بولس الواضحة (من وجهة نظره)، لذا ليست هناك ضرورة لقراءة الآباء!! بل وذهب إلى أنّ الآباء ليسوا مصدر ثقة!!
في الكلمة التي ألقاها روبرت لويس ولكن Robert Louis Wilken في عام 2009 بمناسبة افتتاح مركز ويتون للدراسات المسيحيّة الأولَىWheaton Center for Early Christian Studies والذي تزاحم فيه مئات الإنجيليين للتسجيل لتلك الدورة، قال ولكِن Wilken إنّ معظم الطلبة الذين درسوا على يديه الآبائيّات في جامعة فرجينيا كانوا من الإنجيليين، ويعزي هذا إلى نهمٍ في العودة إلى النهر الأصيل الخارج من نبع مياه الإنجيل. ويضيف أنّ نصوص الآباء تحتوي كمًّا هائلاً من النصوص الكتابيّة([1]) ممّا أدّى إلى إعادة نظر الإنجيليين في النصوص الآبائيّة.
هل تكون تلك الحركة بداية لتحرير نصوص الآباء ممّا لحقها من تشوُّه وسمعة سيّئة في العقليّة البروتستانتيّة؟ نتمنَّى ذلك. فالذكاء يقتضينا أن نبني على مَنْ سبقنا في كلّ المجالات.
لقد كتب العالِم الشهير إسحق نيوتن إن كلّ ما عمله كان مستندًا على أكتاف مَنْ سبقوه من العمالقة في العِلم.
على نفس القياس، نجد أنّ الخبرة الروحيّة والفهم اللاّهوتي هو عمليّة تراكميّة ومن غير المفهوم أن نبدأ في مناقشة القضايا التي حسمها الآباء بعد سنوات من الحوار والاجتماعات المسكونيّة والصلاة والرجوع إلى السابقين ممّن تتلمذوا عليهم لتقديم اللاّهوت نقيًّا من شوائب الهرطقة. ومن غير المفهوم أن نبدأ في الحياة الروحيّة دون أن نستلم ممّن سبقونا أساسيات تلك الحركة نحو ملكوت الله، وما يعترضها من صعوبات وما يصاحبها من أفراح لازمنيّة.
مَنْ يريد أن يبدأ من الصفر يُصعِّب على نفسه المُهمّة؛ لأن الآباء هم إرشادٌ إلهيٌّ حفظته لنا الكنيسة ليدفعنا إلى المدَى الروحي في انطلاقة يصعب مماثلتها للمدافعين عن الخبرة الفرديّة. وهذا ما يُفسِّر العُمْق الذي تتميَّز به كتابات الآباء والذي نفتقده في الكتابات الليبراليّة المعاصرة؛ فكتابات الآباء كانت نتاج خبرة تراكميّة، بينما كتابات العصر الحالي، في معظمها، هي نتاج خبرة فرديّة أحاديّة، لا تشبع ولا تغني.
كما يجب أن نُدرِك أن ما نستلمه من الآباء ليس حجْرًا على تفاعلنا الشخصي مع روح الله، واستلام دعوتنا الشخصيّة في خضمِّ الصلاة. ويبقَى الآباء ضمانتنا لعدم الانحراف عن المسار الصحيح لئلا تأخذنا النوايا الطيّبة إلى غايات ونهايات مأساويّة لافتقادنا الخبرة اللاّزمة لهذا الطريق المرصود من قوات الظلمة. ولعلّ التاريخ المسيحي يذكر لنا أنّ معظم الهرطقات التي ظهرت في الكنيسة الأولى، إن لم تكن كلّها، كانت نابعة عن غيرة إيمانيّة ونوايا طيّبة، حتّى تجمَّد مُطلقيها في قناعاتهم وحدهم ورفضوا الإنصات للجمع الآبائي. لذا علينا أن نُدْرِك أنّ الآباء ليسوا بديلاً عن الروح وليسوا بديلاً عن المسيح، ولكنهم أداة من أدوات الروح وإرشادًا لنا من المسيح؛ رفيقنا على دروب الملكوت.
[1] ومن الأمور الجديرة بالذكر أنّ الإنجيل كان موضوعًا في مركز القاعة التي كانت تضم الإمبراطور والأساقفة المجتمعين في نيقيه (325م) إذ يبقَى الإنجيل هو المقياس لكلّ قول أو فكر يُطرَح من المجتمعين.
  رد مع اقتباس
قديم 26 - 06 - 2014, 01:48 PM   رقم المشاركة : ( 56 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,195

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

روح الآباء
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

لقد امتدح القديس بولس تلميذه تيموثاوس إذ كان يسير على خُطاه؛ « وأمَّا أنت فقد تبعتَ تعليمي وسيرتي وقصدي وإيماني وأناتي ومحبَّتي وصبري واضطهاداتي وآلامي.. » (2تي3: 10). لم يكن تعليم تيموثاوس بمثابة تطبيق نظري لكلمات ومنطوقات إيمانيّة تعلّمها من القديس بولس، ولكنّه استقَى منه الحياة المسيحيّة بمختلف جوانبها. لذا يكتب وستُن H. G. Weston في كتابه “متّى، تكوين العهد الجديد”Matthew, the Genesis of the New Testament فيقول: “إنّ المسيحي يتشكّل على ثلاث: ماهيّته ومعتقده وفعله، أي على العقيدة والخبرة والممارسة. ولكي ينمو المسيحي هو في حاجة إلى ثلاثة عوامل أُخرى: الحياة والتعلُّم والإرشاد”.
قياسًا على تلك الكلمات، نجد أنّ الآباء هم مصدر رئيسي لمنطوقات العقيدة المستقيمة التي تُشكِّل المسيحي، فضلاً عن كونهم نموذجًا يُحتذَى به نستقي منه الخبرة في أنقَى صورها. لذا كتب القديس غريغوريوس النزينزي في مدحه للقديس أثناسيوس، قائلاً:
حين أمدح أثناسيوس،
أمدح الفضيلة عينها
إنّنا في تناولنا لسِّيَر الآباء لا نروم سوى رؤية الفضيلة مُشخصنَة في عالم البشر، نتلمّس إنجيلاً حيًّا يُلقي بشباك ضيائه، ليصطاد نفوسًا لملكوت الله. لا نبغي الخوض في حديث عقائدي مُفصَّل ليس هنا مقامه، ولكننا نستجمع ومضات حيّة من أقوال الآباء لنضعها بجوار بعضها البعض، لنرى الكنيسة وكيف ينبغي أن تكون؟ ونستشرف دورنا ورسالتنا في الكنيسة بل وفي الحياة، كسفراء عن الله وسط عالمٍ مُتغرِّب عن الأبديّة.
مَنْ يكتشف دوره ورسالته يجب أن يتحرَّك نحو الإعلان.. نحو المجاهرة.. إذ لا يكفي أن نعرف بل علينا أن نُمدِّد رقعة المعرفة الإلهيّة بسعينا الحثيث لخدمة ملكوت الله. لذا كتب بونيفاس رمزي Boniface Ramsey: “لقد أدرك الآباء جيِّدًا أنّه لا يكفي الكلام عن الحقّ؛ فالحقّ يجب أن يكون مشروحًا ومكتوبًا بطريقة بلاغيّة فصيحة، وفي نفس الوقت مقنعة للجميع”. كان هذا الأمر هو همُّهم الأوَّل وشغلُهم الشاغل؛ كيفيّة تقديم الإيمان؟
كان بوسيُه Boisseut يتساءل: “ماذا كان آباء الكنيسة يفعلون في هذا الموقف؟؟” ويضيف: “عِلمًا بأنّ كُتُبهم كانت تملأ غرفتي وكان اسمهم يصادف نظراتي في كلّ لحظة.” فمن الآباء نستلهم مسيرتنا وحركتنا ومن نهايتهم المجيدة نتثبّت بالصبر الذي يؤول إلى مجدٍ في نهاية الأمر.
في قراءتنا للآباء نرى تجسيدًا لمطلب المسيح من تلاميذه بالتشبُّه بوداعة الحمام واستلهام حكمة الحيّات للنجاة من فخاخ العالم المنصوبة لأبناء الله. فلم نَرَ الآباء غارقين في الوداعة، حالمين، على حساب المجاهرة الحاسمة بالإيمان والحقّ، كما لم نَرَهم مجاهرين بالحقّ الأجوف الذي لا يستند على قاعدة الحبّ الإلهي والذي لا يستهدف خلاص الإنسان قبل كلّ شيء. لذا يتوجّب علينا استجماع أنفاس الآباء المُنبعثة من بين سطور كتاباتهم، والتي مازالت تُعطِّر الكنيسة، لنسلك على آثارهم، بعيدًا عن وادي الموت والفناء، نحو مدينة الله.
إنّ العودة إلى فكر الآباء واستقراء حياتهم على ضوء العصر الحالي، ليس نوعًا من الحنين للماضي nostalgia، فالأمس حلمٌ لا يعود ولعلّ هذا هو سِرُّ جاذبيته وألقه، ولكنّنا نترجَّى الاندفاع بقوّة الماضي والحاضر إلى المستقبل. فبقدر قوّة وعمق جذور الماضي الحيّ والفاعل في واقع الكنيسة المعاصر، وبقدر انفتاحها على المعاصرة دون الانحياز للماضي أو التبعثُر في الواقع، بقدر ما تتحرّك نحو المستقبل بقوة وثبات وفاعليّة أكبر.
لذا يجب أن نعي أنّ التعرُّف إلى الآباء لا نعني به استحضار بعض المعلومات الذهنيّة عن هذا أو ذاك، ولكن معايشة التفاصيل الحياتيّة لكلٍّ منهم والتأمُّل في ردود أفعالهم ومناهج حياتهم وقراءة ما بين السطور من عمل روح الله في الكنيسة من خلالهم. إنّها بمثابة دعوة لندعْ الآباء يصيرون لنا مصدر إلهام حياتي وعقائدي وسلوكي؛ فهُم مرآة عكست مجد وبهاء المسيح؛ فالله دائمًا مُسبَّح في قديسيه.
إنّ غير الكاملين والمبتدئين في تعاليم الخلاص،
فليتثقّفوا ممّن سبقوهم في طريق الكمال،
الذين يلدونهم كأمهات،
إلى أن يُبصِروا النور ويولدوا ولادة جديدة،
فيرتفعوا إلى سِعة الفضيلة وتألُّقها.
ميتوديوس الأولمبي
  رد مع اقتباس
قديم 26 - 06 - 2014, 01:49 PM   رقم المشاركة : ( 57 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,195

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

قسمة مقترحة للعذراء والدة الإله مريم

يا الله الآب محبُّ البشرِ الذي أرسل ابنه الوحيد إلى العالمِ، من أجل خلاصنا.
جاء إلى العالمِ مُتجسّدًا من عذراءٍ بتولٍ نقيّةٍ طاهرةٍ من بيت داود.
سقط آدم أبونا الأوّل بمشورة حوّاء أمنّا الأولى.
وأقام المسيح، آدم الجديد، كلَّ البشريّة، من قِبَل تجسُّده من العذراء الدائمة البتوليّة، حواءُ الجديدة وأمُّنا السمائيّة.
يا مَنْ قبلت أن تنزلَ من سماواتِ مجدك، لتسكن في الحشا البتولي، لكيما ترفع عنّا اللّعنة الأولى.
هيّئ قلوبنا لاستقبالِ مجدَ حضورك غير الموصوف، حينما نتناول من جسدك ودمك الأقدسين.
يا مَنْ لا تسعك سماء السماوات، صيَّرت مريم البتول، سماءً جديدةً، لكيما تصيرُ كلُّ نفسٍ بتول سماءً لك.
يا أيّها الجالس على الشاروبيم، صيّرت مريم العفيفة، المركبة الجديدة الحاملة جمر اللاّهوت، لكيما تصير كلُّ نفسٍ عفيفةٍ مركبةً لك.
يا كلمةَ الله الآب، صيّرت مريم النقيّة، تابوتًا جديدًا حاملاً كلمة الله، لكيما تُصيّر كلُّ نفسٍ خاضعةٍ لكلمتك، تابوتَ عهدٍ لك.
يا إله الكونِ والخليقةِ، صيّرت مريم لك أمًّا، إذ استحقّت أن تُدعَى والدة الإله، لذا فإنّ جميع الأجيال تطوّبها ليل نهار.
يا أيّها العنقود العظيم الذي عصرته الأيدي الآثمة من أجل خلاصنا، صيّرت مريم حاملةً لعنقود الحياة، ذاك الذي نرتشف منه دماءً لقيامتنا وخلاصنا.
يا مَنْ افتديتنا من هوّة الموتِ بموتك المُحيي الذي جاز كسيفٍ في نفسِ أمّك العذراء، والتَهَبَت أحشاؤها الطاهرة عند رؤيتك مُعلّقًا على الصليب.
خلِّص نفوسنا بآلامك الشافية المُحييّة إذ نؤمن بصليبك وموتك وقيامتك النورانيّة.
لذا نطلب إليك يا الله محبّ البشر، أن تسكبَ في قلوبنا وأذهاننا وحواسنا طُهرَ العذراءِ، لكي بنفسٍ مستنيرةٍ ووجهٍ غير مخزيٍّ
وإيمانٍ بلا رياءٍ ومحبّةٍ كاملةٍ ورجاءٍ ثابتٍ، نجسر بدالة بغير خوفٍ أن ندعوك يا الله الآب الذي في السماوات، ونقول: أبانا …
  رد مع اقتباس
قديم 26 - 06 - 2014, 01:51 PM   رقم المشاركة : ( 58 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,195

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

التجلي والقلب
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

إنّ حدث التجلّي يحمل من المعاني أكثر بكثير من مجرّد الرؤيّة المعجزيّة لإظهار نور اللاّهوت. التجلي يبعث لنا برسالة لنتبنّى موقف من العالم ومن الله.
في التجلّي أظهر الربّ لاهوته، ما المعجزة في هذا؟؟ فإلهنا نارٌ آكلة.
أمّا في التجسُّد حينما اتّخذ الربّ جسدًا وصار في الهيئة كإنسان هنا تتوالى علامات التعجُّب والحيرة وتكون المعجزة هي الأقرب للحدث. الإشكاليّة أنّ الإنسان لا يدرك الله، يقف منه موقف الإيمان المترنِّح الخامل التبعي دون الإيمان الحي الفاعل المغامر. الإيمان الحي يرى الله في الفعل، بينما الإيمان المترنّح يريد الله المتجلِّي للبصر كلّ يوم!!!
ولكننا في الروح قبلنا السكنى فهل نحتاج من جديد لرؤى من الخارج؟؟ سؤال يفرض نفسه مجددًا..
من يؤمن بالله يرى النور ينبعث منه ليبهر بصيرة القلب ليل نهار. نور الألوهة يشرق بين جنبات القلب الإنساني في سكنى الروح ليجدّد الإنسان كيانيًّا ليصبح إنسان الله. هناك في القلب يقبع تابور وهناك الربّ على استعدادٍ دائم لكشفٍ من قبس النور المُحيي.
التجلي يستوقف المسيحي المعاصر ليطرح عليه السؤال؛ ماذا يقول الناس في الثالوث؟؟ هنا يقف الإنسان متبنيًّا لبعض النصوص الكتابيّة أو لأقوال الأسبقين، ولكن السؤال هنا شخصي للغاية لا يحتمل الاقتباس ولا تبني أفكار الغير. السؤال معني برؤية الإنسان للألوهة؛ هل يؤمن بها حاضرة في قلب العالم، أم أنّ أقنعة الأجساد قد أهالت على نيرانها التراب لتختبئ أسفلها جذوة النّار المتّقدة؟؟؟
وأنت هل تؤمن بحضور الله في العالم؟؟ هل تثق في أشعة الضياء الفاعلة التي تخترق أكثر الأماكن قتامة وظلمة، أم تنتظر تابور الإعلان المرئي حتى تُصدِّق؟؟
هل تؤمن بالعمل الإلهي حينما ترى الخطاة يعودون إلى حضن الآب؟؟ أم تؤمن به فقط حينما يسطع الضياء في معجزة تحدث هنا وهناك؟؟
هل تؤمن لأنّك تختبر فعل الكلمة الفاعل في داخلك؟؟ أم تنتظر إيليا وموسى ليشهدا لك أنّ الكلمة هو الله؟؟!!!
هل تريد أن تبقى في دائرة الاستعلان إلى الأبد؟؟ أم ترى دورك ورسالتك الإنسانيّة هناك وسط الجموع؟؟
هل تريد الاحتفاظ لذاتك بذكرى الضياء أم تقبل أن تطلقه للعالم ليعرفوا أنّ النور جاء إلى العالم لكي لا يكون هناك ظلمة بعد؟؟
التجلّي أساسًا لما سيبصره القلب من بعد قبول الإنسان للمسيح ودخوله في جسده الإلهي، كعضوٍ فاعل ديناميكي نشط.
التجلي موقف يومي يتحقّق بفعل الروح في العمق الإنساني يجدّد حياة الإنسان بضخ المزيد من الثقة في الألوهة الحاضرة في العالم وإن لم يرى ويدرك العالم.
أيّها الكلمة الذي أشرق بضياء الحبّ المنبعث من جوهرك كطبيعة فائقة عن كلّ ما هو مخلوق
دع النور يصدح بتسبيحٍ ليس من هذا العالم.. هناك في قلبي.. في كينونتي الدفينة..
وليطرد ضوء النهار الجديد الإنسان القديم الملتحف بظلمة اللّذّة المحرقة
ولتصر الروح كلّها نورًا كما أنت نور
حينما تدخل دائرتك وتدرك سرّ استعلانك القلبي من وحي تابور
  رد مع اقتباس
قديم 26 - 06 - 2014, 01:53 PM   رقم المشاركة : ( 59 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,195

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

التقاء الآخر
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

أنت تعلم أنّ كلّ المسيحّية معنيّة بما في داخل الإنسان، بقلبه، بكينونته الصغيرة، بقدس الأقداس الإنساني الذي يستلذ الإله أن ينزل في شاكيناه المجد ليحلّ فيه ويصنع مائدة.
إلاّ أنّك تغفل في الكثير من الأحيان أنّ انعكاس النور على الخارج هو من ملامح وجوده في الداخل، فالنور غير المشعّ هو ضياء مائت، بل ذكرى ضياء أقرب إلى الظلمة منه إلى النور.
من هنا تأتي العلاقات الإنسانيّة كتعبير عمّا يجول في تلك الغرفة السريّة العميقة التي يضع فيها الإنسان جلّ ما يملك، أعني قلبك. إنّها أشبه بالصندوق الأسود الذي يحمل سرّ الإنسان ولا يضطلع عليها إلاّ هذا الإنسان.
لهذا لم يقارب المسيح عبثًا بين محبّة الله ومحبّة القريب، حينما قال: “تحب الرب إلهك من كلّ قلبك ومن كلّ نفسك ومن كلّ فكرك. هذه هي الوصية الأولى والعظمى. والثانية مثلها تحب قريبك كنفسك” (مت 22: 37 - 39). الثانية مثلها، بل وتعبير عنها وتأكيدًا لها..
ولكن، العلاقات الإنسانيّة تؤثِّر في نمو الإنسان أيضًا، فقد كتب أحدهم أنّ كلّ نمو وانفتاح واتساع إنساني، وفي المقابل، كلّ انكماش وانحسار وتقوقع إنساني، هو نتيجة من أحبّونا ومن رفضوا أن يقدّموا لنا الحبّ، وأيضًا هو نتيجة من أحببناهم ومن رفضنا أن نقدِّم لهم الحبّ.
كلّ قرار حبّ إنساني هو قرار نمو لي وللآخر، هو قرار بناء، بل ويمكن أن نقول أنّه قرار حياة.
لن تستطيع أنّ تغزو عالم الحبّ المؤثِّر في قامة النمو الخاصّة بك إن لم تفتح عالمك على مصراعيه، تُدخل فيه أشعّة الشمس المطهرِّة.. تشرك الآخر في جزء من ذاتك وتشترك معه في جزء من ذاته.. تعبّر له عن مكنونات قلبك ومشاعرك وأفكارك المتلاطمة.. هذا ما يسمّى باللّقاء بالآخر، وبحسب تعبير جابريل مارسيل، تنصهر في كيان الآخر.. هذا الانفتاح من شأنه بناءك ولكنّها أيضًا مخاطرة تتطلّب شجاعة من نوعٍ خاص..
أن تشرك الآخر في ذاتك يجعلك عرضة للإيذاء النفسي إن لم تكن على درجة من التماسك الوجداني الداخلي. فقد لا يحترم الآخر سرّك ويبوح به، قد لا يُقدِّر قيمة مقدساتك ويطرحها على الأرض، قد لا يدرك إنسانيّتك ومعطوبيّتك فيرمقك بعينٍ تحمل لهب الإدانة وسياطها.. وقتها سوف تغلق مزلاج قلبك من جديد ولكن بأقفالٍ كما من صوان وتحيا عالمك وألمك وحيدًا ويخفت من عالمك دبيب الحياة وثراء التواصل وبهجة اللّقاء..
لذا من الضروري أن تختر جيِّدًا من تطلعه على سرّك الداخلي، فقط لا تغلق عل سرّك وحدك، لئلا يتقيّح ويدمي وينزف وتتسرّب الدماء ومعها الحياة من عالمك الداخلي..
ما بين فكي الرحى تحيا؛ شعورك بأنه يجب عليك الانفتاح على الآخر لتنسُّم هواء الحياة السويّة البهجة، وبين خوفك من الإيذاء النفسي الذي قد تتعرّض له.. هنا تأتي شجاعة المواجهة وتحمّل النتائج؛ فالنمو الإنساني ضرورة قد تحتمل بعض الخسائر والآلام من أجل البلوغ إلى أعتابها..
لذا من المهم أن تدرك مستويات الاتّصال الخمس، لتتحرّك ولو خطوة نحو التقاء الآخر، وهي:
1- العلاقة القشريّة:

إنها العلاقة السطحية التي لا تعبأ بالآخر بأي حال من الأحوال ولكنّها تتواصل معه لتكميل شكل اجتماعي وتأديّة مظهر أخلاقي فقط. كأن تنحصر علاقتك بالبعض في: صباح الخير، عامل إيه؟؟، إيه أخبار الشغل؟؟ نجحت ولا لأ؟؟ أشوفك قريب.. إلخ. مثل هذا التواصل يقدّم تساؤلات ولا يعبأ بالإجابة لأنه فقط مجبر على التواصل لعدّة دقائق مع هذا الشخص، هذا التواصل لا يحقّق اللّقاء ولا النمو لكلا الطرفين.
2- سرد الوقائع ونقل أفكار الغير

في تلك العلاقة تبدأ في حركة حذرة نحو الآخر ولكنّها لا تعبر عنك. تبدأ في سرد الأخبار ونقل أفكار الغير وتقتبس عن هذا وذاك، دون أن تعبّر عن ذاتك الحقيقيّة ومشاعرك. أنت هنا أشبه بمعبر تعبر عليه الأفكار والأحداث إلى الآخر دون أن تلتقي الآخر.
3- الاستكشاف الحذر

هنا تبدأ في التعبير الحذر عن أفكارك ومشاعرك ولكنك تترقّب ردّ الفعل المقابل فإن كان يحمل نغمة الرفض أو السخرية أو التحقير أو إشعارك بالدونية، تتراجع على الفور إلى مرحلة السرد والنقل. هذا النوع من العلاقة حاضر بشدّة بين الأبناء مع آبائهم، إذ يستطلعون ردود أفعال الآباء في موقف صغير فإن كان ردّ الفعل نغمته عالية يغلق الفتى / الفتاة على أسراره ولا يعود يبيح بها للأهل مجدّدًا. وكذلك يوجد هذا النوع من العلاقة بين المعترف والأب المعرِّف إذ يبوح المعترف بإحدى الخطايا الاستكشافيّة فإن وجد ردّة الفعل عنيفة يتراجع ويختم على أخطائه بشمعٍ ولا يعود ليعترف مجدّدًا. وفي الخدمة نجد أيضًا هذا النوع بوفرة، فالمخدوم يستطلع ردود أفعال خادمه صوب قضيّة ما، إن كان متشدِّدًا يلبس أمامه ثياب التقوى بينما في الأروقة المظلمة يفعل ما يحلو له.
4- التعبير عن المشاعر

أنت هنا تخطو خطوة هائلة خارج ذاتك، تعرّيها أمام آخر، تهدم حصون الخوف والشعور بالدونيّة والقلق من عدم القبول. أنت هنا تبدأ في التعبير عن مشاعرك وأفكارك، تلك التي تعبر عنك، غاضًا النظر عن ردّ الفعل المقابل. هذا أنت وإن لم يرق للآخر. تلك بداية خطوات التحرُّر الإنسان من الداخل تجاه مجتمع يريد أن يستنسخ أنماطًا بعينها. هنا يبدأ اللّقاء الحقيقي مع الآخر ويبدأ اتّساع عالم الإنسان ورؤيته للغير. هنا تبدأ الشخصيّة تنضج وتقوى حينما تقبل حالها كما هي بل وتجاهر بها أمام الآخرين دونما قلق. لا تعتقد أن هذا بمثابة تبجّح في التعبير عن الأخطاء، بل على العكس هي إقرار بطبعٍ على طريق التغيُّر، فما لا ندركه عن ذواتنا لا يمكن إصلاحه.
5- الانفتاح الكامل

بقدر أهميّة هذا النوع من الانفتاح، إلاّ أنه لا يجب أن يُمارَس إلاّ بين الزوج وزوجته، الأبناء / البنات مع آبائهم، المعترف مع أبيه الروحي / مرشده الروحي، المخدوم مع خادمه الأمين، الصديق مع صديقه الأقرب. يجب أن يمارس هذا الانفتاح الكامل لأنّ من خلاله يحدث تفريغ لمصدر قلق وحيرة وألم الإنسان الداخلي.
بيد أنّ هناك خمسة نصائح عليك مراعاتها أثناء الانفتاح بدرجاته على الآخر:
1- عدم الحكم على أخطاء الغير: فلا تلبس ثوب القاضي أو المرشد أثناء بوح الآخر لك بمكنونات القلب.
2- عدم الإشارة ولو عرضًا لأخطائه
3- عدم استغلال جروحه
4- عدم تقييد تعبيره عن مشاعره مهما كانت وبأي لُّغة كانت
وأخيرًا حينما يطرح كلّ ما في قلبه أمامك تذكّر أنك إنسان وأن لك غرفة سريّة مليئة بقبائح الفكر والفعل. تذكّر أنّك إنسان ولا تحاول أن تقوم بدور المرشد، فالمهم أن يلقي الآخر بثقله بعيدًا، من المهم أن يتحرّر من مخاوف نظرة الآخر إليه، من المهم أن يشعر أنه محبوب وإن كان أسود من الداخل، من المهم أن يرى في عينيك أنك تحبه “بالرغم من”، وليس “بسبب”. وقتها نتشبّه بالربّ الذي أحبّنا ونحن خطاة ومات لأجلنا.. مات لأجل خطاة وقساة.. نعم فهذا هو الحبّ المجّاني.. الحبّ الشافي والمحرّر..
  رد مع اقتباس
قديم 26 - 06 - 2014, 01:55 PM   رقم المشاركة : ( 60 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,195

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

الصليب والجمال الحقّ
مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي

لا نخاطب الأطفال بما قد يخيفهم وذلك في سنيهم الأولى لأنّ ما قد نزرعه رهبة يرسب في الوجدان ويشكل الوعي والحياة فيما بعد. إلاّ أنّه في الحياة الروحيّة تبدأ قامة الطفولة بإعلان الصليب شعارًا للحياة ولكنّه الصليب المتفجِّر بضياء القيامة.
لا تكرز المسيحيّة بصليب مجرّد، بصليب نهائي، بصليب ختامي للرواية الإلهيّة المدوّنة بأحبار الزمن البشري. الصليب في المسيحيّة في حالة تجلٍّ، لأنّ منه تقطر قطرات دمٍ هي هي واهبة للحياة. ليس موتًا صارمًا يختم العقيدة الفكريّة التي نعتنقها بأختام الألم ولكنّه حياة تجدّد معنى الموت برسمه بأقلام النور والفجر والضياء السرمدي. حينما نعانق الصليب ونُقبِّله، لا نُقبِّل موتنا بل حياتنا، وإن كنّا نَقْبَل مسيرة الموت إلى الحياة. حينما نرشم جباهنا وأجسادنا به لا نعلن خضوعنا للألم بل خضوعنا لله وإن كان عبر الألم. نحن لا نرى الصليب وحده، بقدر ما نتلمّس ببصائرنا الجديدة، المصلوب، كربّ الحياة وسيد الخليقة ومالك مفاتيح البرّ ودافع حركة الوجود إلى البهاء الدهري في مُلْكٍ مزركش بزينة الروح.
لقد دعا المسيح الكنيسة لتتبعه حاملة صليبها. يرى البعض أن ملمح الألم ونغمة الحزن هي السائدة على هذا النمط من التبعيّة، ولكن دعنا نتساءل، إلى أين سيقودنا؟؟ أليس إلى المجد.. إلى القيامة.. لذا فالتبعيّة ليسوع حاملين صليبه تعني أن نسير وراءه نحو المجد المُعدّ لقابلي خلاصه بالروح والحقّ. وهنا يظهر الوجه الآخر لعملة التبعيّة؛ فهي ليست آلام السائرين على الطريق ولكنّها ضمان الوصول إلى المجد طالما نتحرّك على آثار يسوعنا المحبوب. تلك الصورة نحو المجد وإن كان من خلال بعض أنّات الطريق تفسّر أنغام التهلُّل الصادر من الجمع المتحرّك نحو الأبديّة البَهِجَة. من أين يأتي التهلُّل لمن يرزحون تحت وطأة الصليب؟؟؟؟ إنه يأتي من التبعيّة للراعي الحقّ للقطعان الملكيّة. لذا فإن وجدت أن نغمات الحزن تغلف عالمك اعلم أنك لا تدرك وراء من تسير وإلى وجهة تتّجه. انحسارك في قسوة الصليب وطول الطريق يحرمك من تجدُّد قواك كنسرٍ محلِّق بحريّة الروح الداخليّة، في شباب وفتيّة دائمة..
الصليب لنا ليس جهالة ولكنّه يقين الواقع الجديد ووعي بآليات تحقُّه فينا. الصليب لنا شريعة خطّها الربّ يسوع بقبوله المُجدِّد لقبحه وللعنته؛ فخشبّة الصليب تحوّلت بارتفاع المصلوب عليها إلى عرش ملكي، هذا ما نراه؛ السيد مرتفعًا على عرشٍ من خشب يجدّد عليه واقع الإنسان المنهزم بجمالات الحياة زائفة. من هنا ننطلق في تكوين وعي جمالي مسيحي خاص؛ فالجمال في المسيحيّة ليس ذهبٍ وفضة وثياب ملكيّة وبهرجة إمبراطوريّة.. إلخ ولكن التجلِّي الحادث بسكنى الله وإن كان المسكن قبيح بدرجة الصليب ما قبل ارتفاع السيّد. الصليب بيسوع صار جمالاً. لقد استقطب ذاك الأبرع جمالاً من كلّ البشر أفئدة الخليقة لتترنّم للجمال المجروح من أجل حياة العالم.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
نحتفي بك،، أبونا الراهب سارافيم البرموسي
- قام لنقوم.. مقالات أبونا الراهب سارافيم البرموسي
العبث بالعقول ( أبونا الراهب سارافيم البرموسي )
اللاّوعي والإدانة (أبونا الراهب سارافيم البرموسي)
ميلاديات أبونا الراهب سارافيم البرموسي


الساعة الآن 05:44 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025