منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
قديم 12 - 06 - 2014, 09:45 PM   رقم المشاركة : ( 51 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,778

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

سكون الجسد

( أ ) ضبط اللسان

+ من أقوال الشيخ الروحاني :

- فم العفيف يتكلم بالطيبات ، ويلذذ صاحبه ، ويفرح سامعيه ، من كل كلامه مرتبا وعفيفا ، وهو طاهر بقلبه ، فهو ابن ميراث المسيح ، ومن كان كلامه بقلق ومعكر بالحرد ، فهو شيطان ثان .

- فم الطاهر النفس يتكلم كل ساعة علي خالقه ، ومن يسمعه يفرح ويقتدي به . فم الجاهل يفيض مرارة ، ويقتل صاحبه ، ويسكر الذين ينصتون له ، وما أوفق ذلك اللقب الذي أعطاه له سليمان ، اذلقبه بالخنزير ، يارب خلصني من لقائه .

- من يكثر كلامه ، ويرفع صوته ، هو ناقص الرأي . الذي يلطف كلامه ويتماكر ليضر هو شيطان ثان . من يصنع صلحا بين الحرودين ابن الله يدعي ، ومن يسجس ويعكر ويوصل كلاما شريرا من واحد الي واحد ، هو رسول الشيطان وهذا تبيده النار .

- من يحذر بلسانه ، فلن يسلب كنزه منه الي الأبد . فم الساكت يترجم أسرار الله ، ومن يتكلم بسرعة ، يبعد عنه خالقه . من يستهين بذاته ويرذلها ، يتحكم من الله ، ومن يحسب نفسه حكيما ترتفع منه حكمة الخالق ، من اعتاد كلام اللعب مفرجا عن جسده ونفسه ، فذاك زان ومن يستأنس به فهو فاسق .

+ سأل أخ الأب بيمن قائلا :

" اريد أن ادخل الي كنونيون وأسكن فيه " .

+فقال له الشيخ :

" أن شئت سكني الكنونيون ، فأن لم تعتق نفسك من هم كل محادثة ، وتبتعد عن سائر الأشياء ، فلا يمكنك سكني كنونيون لأنه لن يكون لك هناك سلطان ال علي عصاك " .

+ قال الأب أنطونيوس :

" أن خطايا الأبرار علي شفاههم ، أما خطايا المنافقين فهي في جميع أجسادهم ، من اجل ذلك يقول النبي : ضع يارب حافظا علي فمي وبابا حصينا لشفتي " .

+ قال الأب أوغاريتوس :

" ليست الحاجة ماسة الي كثرة الكلام ، لأن كثرة الكلام عزيزة في الناس ، أنما الحاجة ماسة الي العمل " .

+ قال قديس :

" اذا حزن انسان ، فاضطرب ولم يتكلم ، فهو مبتديء في الفضيلة . وليس من الكاملين بعد ، اما الكامل فهو ذاك الذي لا يضطرب اصلا ، كالنبي القائل " استعديت ولم أضطرب " . فيا ليتنا نكون من المبتدئين ، لنستمد من الله المعونة "

+ قال أنبا بيمن :

" من يضبط فمه فأن أفكاره تموت ، كالجرة التي يوجد فيها حيات وعقارب وسد فمها ( فوهتها ) فأنها تموت " .

+ قال شيخ :

" أحذر بكل قوتك أن لا تقول شيئا يسهل اللائمة ولا تحب التصنيع " .

+ كذلك قيل :

" اني سألت انبا شيشاي : هل الهروب نافع للراهب ؟ فجعل أصبعه علي فمه وقال : أن حفظت نفسك من هذا يا بني ، فهذا هو الهروب " .





+ قال الأب ايرايس :

" من لا يقدر أن يضبط لسانه وقت الغضب فلن يقدر أن يغلب حتي ولا صغيره من ضغار الآلام " .

+ وقال احد الآباء :

" اذا ذكر الانسان الكلمة المكتوبة : " أنه من كلامك تدان ، ومن كلامك تتزكي " ، فأنه يختار لنفسه السكوت " .

+ قال أنبا يوسف لأنبا بيسير :

" أني ر أقدر ان أضبط لسناني " ، فقال الشيخ : " واذا تكلمت فلن تستريح " .

+ قال شيخ :

" لتصنع مسرته ، اضبط لسانك لئلا تقول كلاما يغضبه الله " .

+ قال مار افرام :

من يكثر أقواله ، يكثر لنفسه الخصومات والبغضاء ، ومن يحفظ فمه يحب .

أن أحببت الصمت ، ستقطع سفينة حياتك مسيرها بسكوت .

مثل الماء للسمك ، هكذا السكوت للراهب ، بتواضع قلب ومحبة .

+ قال شيخ :

ط أن اللسان مملوء نارا ، وهو يدنس جميع الجسد ، فالذي يحب حياته ، فليشفق علي لسانه ، أخرس شفاهك يا رجل الله والجم لسانك كي تنتفع بجميع أتعابك ، فالذي يحفظ لسانه ، له كرامات كثيرة فطوبي لمن يسود علي لسانه ، فأن اهراءه تمتليء من الخيرات " .

+ وقال آخر :

" أن كان لسانك غزيرا بحركاته ، فقد أنطفأت من قلبك الحركات الطاهرة أما أن كان لسانك ساكنا وقلبك يغلي بالحركات الطاهرة ، فطوباك ، لأن حركته بالروح ترفعك الي هدوء الحياة ، سكت لسانك ليسكت قلبك ، وسكت قلبك ليتكلم فيه الروح " .





+ سأل أخ ضيخا :

" يا أبي أني أشتهي أن أحفظ قلبي " فقال له الشيخ : " كيف يمكنك أن تحفظ قلبك ، وفمك الذي هو باب القلب مفتوح سايب " .

+ سأل أخ الأب ماطوس :

" ماذا اصنع فأن لساني يغلبني ، وفي كل وقت أحضر بين الناس لا استطيع أن أضبطه ، وتجدني ادينهم علي كل فعل رديء " .

فأجابه الشيخ قائلا :

" أن كنت لا تستطيع ضبط لسانك فأهرب منفردا لأن هذه الحالة ناتجة عن ضعف ، فالذي يريد أن يجلس مع الأخوة ينبغي الا يكون ذا اربعة قرون بل يكون مجدورا ، حتي يمكنه التدحرج نحو الكل " .

+ سئل القديس باسيليوس :

" ما هي الكلمة التي تعطي عنها جوابا " فقال : هي تلك التي ليست للبنيان ، كقول الرسول : كل كلمة قبيحة لا تخرج من أفكارهكم ، بل الكلمة الصالحة التي تكون للبنيان ، وتعطي نعمة للذين يسمعونها " .

+ سأل أخ الأب لوقيوس :

" أريد أن أتغرب "



" أن لم تضبط لسانك في أي موضع مضيت اليه فلست بغريب ، أما اذا ضبطت لسانك ههما فأنت غريب " .
+ بينما كان بعض الاخوة مجتمعين ، يتكلمون عن الروحيات ، نظروا ملائكة قد أقتربوا منهم ، وكانوا فرحين معهم ، ولكنهم لما تكلموا كلاما غير نافع ابتعدت عنهم الملائكة ، واقتربت منهم الشياطين " .

+ قال أنبا أغاثون :

" أذا كان الانسان الداخلي متيقظا ، فهو يستطيع أن يحرس الانسان الخارجي أيضا ، أما ان لم يكن هكذا ، فلنحرص علي اللسان بكل وسيلة في استطاعتنا " .



( ب ) الصمت

+ قال مار اسحق :

- أن أردت أنتعرف رجل الله ، فاستدل عليه من سكوته ومن بكائه ومن انقباض نفسه علي ذاته ، وأن أردت أن تعرف الرجل السائب القلب ، فاستدل عليه من كثرة كلامه ، ومن تخبط حواسه ومن مقاومته لكل شيء ، يقول ويريد أن يغلب .

قوة الجسد المآكل ، وغذاء النفس الكلام والحكايات ، وكما أن شره كثرة الحكايات هو رغبة النفس ، هكذا السكوت هو ثمرة الحكمة المزمعة .

- ان كنت محبا للحق ، فكن محبا للصمت ، لأنه كمثل الشمس يجعلك الصمت تنير بالله ، ويخلصك من تخاتل المعرفة ، والسكوت يجعلك في عشرة مع الله .

الذي يحب الحديث مع المسيح يجب أن يكون وحده ، والذي يريد أن يكون مع كثيرين فهو محب لهذا العالم .

- أن كنت تحب التوبة ، فأحب السكوت لأنه بدونه لم تكمل التوبة ، ومن يقاومك علي هذا فلا تلاججه ، لأنه لا يعرف ماذا يقول ، لأنه لو كان يعرف ما هي التوبة ، لكان يعرف أيضاً موضعها ، أنها لا تكمل في السجس .

- أن يحس انسان بخطاياه أفضل له من أن ينفع الخليقة بمنظره ، وأن يتنهده علي نفسه كل يوم ، أخير له من أن يقيم الموتي بصلاته ، والذي أهل لأن ينظر خاياه ، أطيب ممن ينظر الملائكة ، والذي بالنوح يطلب كل يوم المسيح بالوحدة ، اخير من الذي يمدحونه في المجامع .

+ قال القديس موسي الاسود :

- من تعود الكلام بالكنيسة فقد دل بذلك علي عدم وجود خوف الله فيه . وذلك لأن خوف الله خو حفظ وصون العقل كما أن الملك هو عون لمن يطيعه " .

- سقطة النفس هي مكابدة وتهديبها السكوت بمعرفة .

- السكوت بمعرفة يهذب الفكر . وكثرة الكلام تولد الضجر والهوس .

+ سئل شيخ : عن الغربة ، فقال :

" هي الصمت ، وترك الالتفات الي المور الدينوية " .



+ قال أنبا أنطونيوس :

" لا تظهر صوتك الا في صلاة الفرائض " .

+ قال القديس مقاريوس الكبير :

" يجب علي الراهب أن يكون في سكون في كل حين ولا يسمع لأفكاره التي توعز اليه بكثرة الكلام الذي يضعف النفس ، بل ليمسك عن الكلام حتي ولو نظر اناسا يضحكون أو يتحدثون بكلام لا منفعة له وذلك لجهلهم . لأن الراهب الحقيقي يجب ان يتحفظ من لسانه والراهب الذي يسلك هكذا لا يعثر ابدا بلسانه ، ولكنه يصبح الها علي الأرض .

+ قال راهب :

" الصمت في جميع الأمور هو الغربة ، والغربة بالحقيقة هي الصمت " .

+ قال شيخ :

" مكتوب أن من أجاب عما لا يسأل عنه فهو جاهل ، فأن لم تسألوا فلا تجيبوا "

+ سئل أنبا بيمن :

" أيهما أصلح ، الكلام أم الصمت ؟ " .

فقال : " أن الصمت من أجل الله جيد ، كما ان الكلام من أجل الله جيد أيضاً " .

+ حدث مرة أن جاء الي القديس تادرس أخ ، طلب اليه مدة ثلاثة أيام ، كي يسمع منه كلمة فلم يجبه بشيء ، فمضي حزينا ، فقال له تلميذه : " يا أبتاه ، لماذا لم تجبه بشيء ، فقد مضي حزيناً ؟ " فأجابه الشيخ قائلا : " يا ابني ، اني ما سكت عن الكلام اليه لكونه بياعا "، يؤثر أن يتمجد بأقوال آخرين " .

+ قال شيخ :

" أن قومت الصمت ، فلا تظن في نفسك أنك قد قومت شيئا ، ولكن اعتبر ذاتك أنك لست أهلا لأن تتكلم " .

+ قال الأنبا أوغريس :

" أختم باب أتعابك بالصمت ، لئلا يقلعه اللسان ، فينتج المجد الفارغ الذي ينزعها"





+ سأل شيخ أنبا شوشاي قائلا :

" أي شيء هو الغربة ؟ " فأجابه : هي الصمت ، في كل موضع يوجد فيه الانسان ، موجها لنفسه القول : " ما شاني في هذا الأمر ؟ " .

+ مرة توجه البابا ثاؤفليس الي الأسقيط ،

فاجتمع الاخوة وقالوا لأنبا بفنوتيوس : " قل البابا كلمة واحدة لكي ينتفع " فقال لهم الشيخ : " أن لم ينتفع بسكوتي ، فحتي ولا بكلمتي ينتفع " ، فسمع البطريرك ذلك وانتفع جدا .

+ كان أحد الرهبان صامتا وقد شاع فضله وعمله ، فزاره في أحد الأيام أثنان من الفلاسفة ، فقام وصلي وسلم عليهما وجلس صامتا يضفر الخوص ولا يرفع نظره اليهما ، فقالا له : يا معلم : " انفعنا ولو بكلمة واحدة لأننا لهذا اتينا اليك " ، فأجابهم الراهب قائلا : " أعلما انكما افنيتما اقوالكما لتتعلما فخر الكلام وتحسينه ، وأما أنا فقد اهملت العالم واتيت الي ههنا لا لأقتني جودة الكلام بل السكوت ، فلما سمعا قوله تعجبا كثيرا وانصرفا " .

( جـ ) عدم الخلطة

+ قال الأب أوغاريتوس :

" أقطع نفسك من مودة الكثيرين لئلا يكون عقلك مناصبا لك فيقلقل عادة السكوت "

+ قال أنبا بيمين :

" مكن يكثر من الأختلاط بالناس ، لا يمكنه أن ينجو من النميمة " .

+ قال شيخ :

" أن من يحب السكوت ينجو من سهام العدو ، أما الذي يحب الجماعات فأنه يصاب بجراحات كثيرة " .

+ قال مار اسحق :

" الاتكال علي البشر ، يمنع كلية الاتكال علي المسيح ، والعزاء الظاهر يمنع العزاء الخفي ، وهكذا بقدر ما يكون الراهب منفردا ،وفي وحشية ، بقدر ما يخدم من العناية الألهية " .



+ وقيل أيضاً :

" متي داخلتك شهوة اهتمام بغيرك بنوع الفضيلة ، حتي يتشتت ما في قلبك من السكون ، فقل : أ، طريق المحبة والرحمة لأجل الله مقبولة ، ولكني من أجل الله كذلك لا أريدها " وقد حدث ان قال راهب : " أن لم تقف لي من اجل الله اجري خلفك : ، فقلت له : وانا من اجل الله كذلك أهرب منك " .

+ قال القديس يوحنا القصير :

" ابتداء التدبير الجيد هو أن يبتعد الانسان من أحبائه ومعارفه ومعارفه وأقاربه فكن محبا لكل أحد وابتعد عن كل أحد " .

كل من أهتم بأن يتكلم مع صبي فهو زان بفكره .

+ قال القديس أنبا أنطونيوس :

- لا تخالط علمانيا بالجملة .

- لا تقرب اليك امرأة .ولا تأكل معها ولا تدعها تدخل منزلك فالغضب يمشي خلفها .

( د ) التجرد

+ قال القديس يوحنا القصير :

- لا يكن بين عينيك شيء مشتهي لكيما تبصر الله . أعلم أنك راهب ولا ينبغي لك أن ترتبط بشيء ما .

- لا تطلب حاجتك في كل أمر لأنك لست لهذه التلمذة تتلمذت ، أن تكون حاجتك مهيأة في كل أمر بل احذر من الشهوات التي يحبها هواك .

- تمسكن بالتخلي عن كل شيء يشغل العقل ، لا عن المقتنيات فقط بل وعن النظر والسمع والكلام كنحو قوتك لأن الحواس هي رباطات الانسان الباطن وبها حياته .

كن عبدا وحرا :

كن عبدا مملوكا لارادة سيده ، وحرا غير متعبد لشيء من المجد الباطل ، حتي ولا لوجع من الأوجاع .. حل نفسك من رباط العبودية ، ولازم العتق الذي عتقك به المسيح . واقتن حرية العالم الجديد – لا تبتكر لنفسك نواميس لئلا تكون متعبد لنواميسك . ولكن كن حرا تصنع ما تريد .. ولا تستبد بأمر لأنك مخلوق ، كائن تحت التغيير . ولا تستعبد لشيء ولا ترتبط بشيء .

كن حرا واعتق نفسك من عبودية الشيطان المحتال ., ان لم تكن حرا لا تسطيع أن تعمل من أجل المسيح .

ليس لك أن تفحص عن كل الأمور . لأنك لم تصر مدبرا أو رئيسا ، ولكنك مأمور وليس لك سلطان حتي ولا علي نفسك . لا تغر من الذين ينظرون الي أصحابهم لئلا يضطرب عقلك بالعبودية ، وتكون خدمتك بلا منفعة بل أذكر في كل لحظة اوجاع الشهداء لتقتني شجاعة النفس .
 
قديم 12 - 06 - 2014, 09:46 PM   رقم المشاركة : ( 52 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,778

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

سكون القلاية

( أ ) الجلوس في القلاية

+ سؤال : اذا سكن الانسان ، فما هي الحال التي ينبغي أن يكون عليها في القلاية ؟

الجواب : الجلوس في القلاية هو أن يتذكر الانسان خطاياه ، ويبكي وينوح من اجلها ويتحرز الا يسبي عقله ، وان سبي فليجاهد ان يرده اليه .

+ سؤال : علمني يا أبي كيف أقطع هو أي وأنا في القلاية ، وكذلك اذا كنت بين الناس وما هي مشيئة الجسد وما هي مشيئة الشيطان وما هي مشيئة الله ؟

الجواب : أما قطع الهوي يكون في القلاية ، فذلك برفض كل النياح الجسداني ، أما مشيئة الجسد فهي أن تعمل نياحة دائما في كل الأمور ، فاذا لم تعمل نياحة ، فاعلم انك قطعت هواك وأنت جالس في القلاية ، وأما قطع الهوي الذي بين الناس فذلك بأن تكون كالمبيت بينهم أو كالغريب عنهم .

أما مشيئة الله فهي ألا يهلك أحد منالناس ، كما قال السيد وأن لا يموت الخاطيء ، كما قال النبي .

وأما مشيئة الله فهي ألا يهلك أحد من الناس ، كما قال السيد وأن لا يموت الخاطيء ، كما قال النبي .

وأما مشيئة الشيطان فهي أن يزكي الصديق نفسه ويطمئن اليها ، عند ذلك يقع في الفخ ، كما ان مشيئة الشيطان كذلك في ألا يتوب الخاطيء عن خطيئته " .

واستطرد الأب قائلا : " أن أردنا أن ننجح بالكمال فلنقطع مشيئتنا قليلا لنبلغ الي عدم الأوجاع ، وذلك بأن لا نتكلم فيما لا تدعو اليه الضرورة ، وأن نرضي بجميع ما يحدث لنا كأنه حسب مشيئته ، وألا يكون لنا ميل الي شيء ، فمن عدم الميل بالكلية عدم الآلام بنعمة الله .

+ قال القديس برصنوفيوس :

الجلوس في القلاية ، انما هو الدخول الي القلب وتفتيشه وضبط الفكر من كل شيء رديء ، وقطع الهوي وترك تزكية الذات ؟،والابتعاد من مرضاة الناس . الخلاص يحتاج الي تعب كثير واجتهاد فلا تسترخ للجسد لئلا يصرعك .

+ قال شيخ :

اذا كنت جالسا في القلاية نشط نفسك . لكتن خدمة القلب عند افضل من خدمة الجسد . لأن الله يريد القلب أن يكون ملازما اسمه القدوس كل حين مقل عبد ملازم سيده وخائف منه .

+ سأل أخ الأنبا بيمن قائلا :

" كيف ينبغي للراهب أن يجلس في قلايته ؟ "

فقال واحد فقط كل يوم ، والهذيذ في المزامير وقراءة الكتب والتعليم .

أما غير الظاهر والسري من الأمور فهي أن تلوم نفسك في كل أمر تصنعه وحينما توجهت ، وفي ساعة صلاتك لا تتوان من جهة أفكارك ، وأن أردت أن تقوم من عمل يديك الي الصلاة ، فقم وأكمل صلاتك بلا سجس ، وتمام هذا كله أن تسكن مع جماعة صالحة ، وتتباعد من جماعة السوء " .

+ وسأله آخر قائلا :

" ماذا أصنع لأن نفسي ، اذا كنت في القلاية ؟ "

وقال له :

: لا تدن أحدا ، ولا تقع بإنسان ، والله يهب لك الهدوء والنياح في القلاية " .



+ قال شيخ :

" اذا كنت جالسا في قلاية بسكوت ، فلا تظن أنك تفعل أمراً كبيراً بل افتكر انك كلب عقور مسجون ، كيلا تبصر الناس فتعقرهم " .

+ عندما كان أحد الأخوة في الاسقيط ذاهبا الي الحصاد مضي الي الأنبا موسي الاسود وقال له :

يا أبي : " قل لي ماذا أعمل ، هل أذهب الي الحصاد ؟ " .

+ فأجاب أنبا موسي :

اذا أجبتك ، هل تقتنع بقولي ؟ أجاب الأخ : نعم : سأنصت اليك .

قال شيخ :

" اذا كان الأمر كذلك ، فقم وحرر نفسك من الذهاب الي الحصاد وهلم أخبرك بما تفعله : حينئذ رحل الخ وحصل علي حل من أخوته وأصحابه كما أخبره الشيخ ، ثم جاء اليه . فقال الشيخ : " أمض الي قلايتك ، واحفظ نعمة الروح التي فيك وكل الخبز الجاف والملح مرة واحدة في اليوم ، وبعد أن تفعل هذا سوف أخبرك عن امر آخر تؤديه بعد ذلك " فمضي الأخ وعمل حسب ما اوصاه الشيخ وعاد اليه مرة أخري . ولما رأي الشيخ أنه كان يقوم بعمل اليدين أطلعه علي الطريقة المثلي للحياة في القلاية ، وذهب الأخ الي قلايته وسقط علي وجهه الي الأرض وظل يبكي أمام الرب ثلاثة أيام كاملة بلباليها .

وحدث بعد هذه الأمور عندما كانت أفكاره تحدثه قائلة : " لقد صرت رجلا مغبوطا عظيما كان يقاطعها واضعا أمام عينيه عيوبه ونقائصه السابعة ويقول :

" وهذه كلها خطاياك . ومرة اخري عندما اعتادت أفكاره أن تقول : " لقد أديت أعمالا كثيرة بتراخ " كان يقول أيضا : ومع ذلك اؤدي أعمالا قليلة جدا لله وهو الذي يسيغ علي رحمته وعندما كان يتغلب علي الأرواح بطرق كثيرة هكذا كانت تظهر له في هيئة مخلوقات جسمانية قائلة له : " لقد قهرتنا : فكان يقول : " لماذا ؟ " فيجيبونه " اذا وضعناك ، فنحن نرتفع بواسطتك الي مكانه عظمي ، واذا رفعناك فنحن نتضع اليك " .



( ب ) الحبس في القلاية

+ جلس راهب من الرهبان في البرية صامتا في قلايته ، فضغط عليه الضجر وأقلقه الفكر وضيق عليه شديدا حاثا اياه علي الخروج منها ، فقال في ذاته " يا نفسي لا تضجري من الجلوس في القلاية ، وان كنت لا تعلمين شيئا ، فيكفيك هخذا ، أنك لا تحزنين أحدا . ولا أحد يحزنك ، فأعرفي كم من الشرور خلصك الله ، لأن في سكوتك وصلاتك لله تكونين بلا هم يشغلك ولا تتكلمين كلاما باطلا . ولا تسمعين ما لا ينفعك ولا تبصرين ما يضرك ، وأنما قتالك واحد ، وهو قتال القلب ، والله قادر أن يبطله ، واذا قتنيت الاتضاع عرفت ضعفي " فعند افتكار الأخ بهذا ، صار له عزاء كثير في صلاته .

+ طلب أخ من الأب باريكوس أن يقول له كلمة : " أجلس في قلايتك وأن جعلت كل ، وأم عطشت أشرب ، ومنها لا تخرج ولا تتكلم بكلمة سوء ، وأنت تخلص "

+ سأل أخ شيخا قائلا :

" ماذا أعمل يا أبي ، فاني لا أمارس أمرا من امور الرهبنة ، وهمي كله هو في أم ىكل وأشرب وأرقد ، وأنا في ذكريات سمجة وسجس كثير ، أخرج من هذا الفعل الي ذاك ، ومن هذا الفكر الي غيره ؟ " .

فقال له الشيخ :

" أجلس في قلايتك وأعمل بقدر استطاعتك بلا سجس ، فأنه يرضيني هذا القدر اليسير الذي تعمله الآن ، مثل تلك الأمور الكبار التي كان أنطونيوس يعملها في البرية . ولي ايمان أن كل راهب يجلس في قلايته من أجل الله مفتشا أفكاره ، تاركا التفتيش عن عيوب الآخرين ، فأن ذلك يؤهله لأن يكون شبيها لأنبا أنطونيوس .

+ قال أخ لشيخ :

أن أفكاري تدور وتحزنني جدا .







فقال له الشيخ :

" أجلس في قلايتك ولا تخرج منها ، والأفكار تعوج اليك كمثل حمارة مربوطة وجحشا يدور ثم يرجع اليها ، فكذا من يصبر في قلايته. من أجل الله ، فأن دارت الأفكار فأنها ترجع اليه .

+ وكان أخ مقاتل بأن يخرج من ديره ، فذهب وأعلم رئيس الدير ، فقال له الرئيس : اذهب وأجلس في قلايتك ، وأرهن جسدك رهينة لحائط القلاية وأترك الفكر يهيم حيثما شاء ، وأنت لا تبرح من القلاية قط .

+ انحبس الأب سيصوي الذي من جبل أنطونيوس مرة في قلايته ، ومنع خادمه من القدوم اليه عشرة شهور ، لم يبصر فيها انسانا ، وفيما هو يمشي في الجبل ذات يوم ، اذا به يجد انسانا اعرابيا يتصيد وحوشا برية ، فقال له الشيخ : أين جئت ، وكم لك من الزمان ههنا ؟ فقال له الرجل : صدقني يا راهب ، أن لي في هذا الجبل أحد عشر شهرا لم أر أحدا قط غيرك . فلما سمع الشيخ ذلك ، دخل الي قلايته وصار يضرب صدره ويقول : يا سيصوي ، لا تظن أنك صنعت شيئا ، لنك لم تصنع مثل ما صنعه هذا الاعرابي .

+ قيل عن أنبا اور وأنبا تادرس .

انهما كانا يطليان قلاية بالطين ، فقال أحدهما للآخر : " لو افتقدنا الرب في هذه الساعة فماذا نصنع ؟ " فبكيا وتركا الطين ، وانصرف كل واحد منهما الي قلايته.

+ سؤال :

" بأي فكر يخرج الراهب ابليس المحتال من قلايته ؟ " .

+ الجواب :

" ان ابليس راق ( ساحر ) او ( حاوي ) فعلي مثال الراقي الذي يخرج الحية من عشها بكلام لطيف ، فاذا أخذها فأنه يطوف بها ويطرحها في شوارع المدينة يلاهي بها الناس ، حتي اذا شاخت معه ، فأما أن يحرقها بالنار ، أو يغرقها في الماء ، وعلي هذا المثال يكون الراهب ، اذا سحبته الأفكار وترك قلايته " .





+ قيل عن أنبا لانجيوس ،

أن أفكاره قاتله بالخروج الي البرية الداخلية لكي يستريح فجاء صوت سمعه سماعا بليغا وهو يقول : " قلايتك أعظم من خروج البرية ، وهي ضخمة أكثر من البرية " .

فنهض بسرعة ، وأخذ بيده عصا ، وبدأ يمشي في القلاية ويقول :

" من هذه الجهة الشرقية ، يمضي الناس الي القدس ، والقدس هذه هي المدينة المقدسة وفيها صلب الرب ، وأيضا قتل فيها الأنبياء ، وذبح فيها زكريا بن براخيا ، بين الهيكل والمذبح ، فما اعظم ما في هذا الشمرق ، الذي منه المجوس أقبلوا كذلك " ، وانتقل الي غرب قلايته ، وهو يقول :

" وأما هذا الغرب ، فهو الجبل المقدس ، وه والمعروف بالأسقيط وأسماه أنبا بلا ماي ، جبل شيهات ، الذي هوميزان القلوب فما أعظمه من جبل ، فالرب وعد بالمغفرة لجميع من يسكنونه ، ويموتون فيه ، وبالراحة لهم يوم الدين " .
وأما الجهة القبلية ، فما أعظمها ، فقد كان يسكن فيها رأس الآباء البطاركة ابراهيم أبو الأمم ، وعلي رأس هذه الجهة القبلية ، تكلم الله مع ابراهيم واستضافه وملائكته " .

وفي هذه الجهة القبلية ، صعد ابراهيم علي رأسها ، وربط ولده اسحق بيديه ورجليه ، فقال له ولده اسحق ، يا أبتاه ، هوذا الرباط ، وها هي النار والحطب والسكين ، فأين هو الحمل ، العلي أنا هو الضحية اليوم ؟ فنادي الرب ابراهيم قائلا : " لا تمد يدك الي الغلام ، قد قبلت ضحيتك " ، ثم صار يمشي في القلاية الي الجهة البحرية ، وفكر قائلا : " هذا شرح يطول ، هذه القلاية اعظم وأوسع من البرية " .

ولما أعيس من الفكر والمشي ، جلس ، ثم أدركه المساء ، وبدأ يقول لأفكاره :" لقد دخلنا في البرية ، ووصلنا الي المشرق والمغرب " ثم قال لنفسه " أن الذين يبتغون سكني البرية ، خبزا لا يأكلون ، وماء لا يشربون ، فافعل أنت هكذا " .

وخرج علي باب قلايته ، وأكل قليلا من نبات الأرض ، ثم قال لنفسه : " والذين في البرية ، لا ينامون تحت سقف ، بل تحت السماء " ، وفعل كذلك ، بأن ألقي بنفسه علي الصخرة ونام متعبا .

وأقام هلي هذه الحال ثلاثة أيام ، يمشي من بكرة الي عشية في جوانب قلايته ، ويأكل البقل الأخضر ، ويضطجع قليلا تحت السماء ، حتي أعيي وضجر ، وبدا يخاصم نفسه بحرج ، ولطم علي خديه قائلا : " أدخل بعد الي قلايتك ،وأبك علي خطاياك ، ولا يطيش عقلك بقولك : البرية : " ، قد دخلت البرية ، أما سمعت داود يقول : " عين الرب علي خائفيه ، وأذناه تنصتان الي تضرعهم ، ولا يخفي عنه شيء من أفكارنا " فلما نظره المجرب هكذا ، خاف منه ، وانصرف عنه .

+ سأل الأخوة شيخا :

لقد قال أنبا أنطونيوس : " كما تموت السمكة اذا أخرجت من الماء هكذا يموت الراهب اذا مكث طويلا خارج قلايته " فنرجو أن تشرح لنا هذا الكلام .

قال الشيخ :

" لأنه في المسيح يسوع يكون تذكر الله حياة الروح ، الأمر الذي يسميه الآباء : " مختزن الحياة " ، " وأساس حياة الروح والعقل " . فاذا بقي الراهب في المدن يري ويخاطب بني الناس فانه يموت من ناحية أساس الحياة في الرب أي أنه ينسي الله وتبرد المحبة التي للمسيح في قلبه ، التي أقتناها بأتعاب كثيرة . ثم ينسي الله وتبرد المحبة التي للمسيح في قلبه ، التي أقتناها بأتعاب كثيرة . ثم ينسي فضائله ، ثم يتهاون في الرغبة في الجهادات ويحب الملذات ويميل الي الشهوات . وحينئذ تتزعزع غيرته القلبية أمام الاضطراب الذي توغل في حواسه عن طريق النظر والكلام والسمع . هذه الأمور التي هي مغذيات الروح . ثم يحدث أنه يهوي في عذابات كثيرة . الرب يسوع ينجينا من جميعها آمين .
+ قال الاخوة لشيخ :

فسر لنا ما قصده القديس أنطونيوس بقوله : " أن قلايتة الراهب هي آتون بابل حيث أبصر الثلاثة ابن الله . كما أنها عمود النار والسحابة التي منها كلم موسي " .

أجاب الشيخ :

هناك أمران يتعبان القلاية : الأول يشعل النفس والثاني يضيئها ويفرحها .

فان حروبها مع المبتدئين تستثيرهم وأما مع الكاملين فأنها تبهجهم وتنير قلوبهم . تخلصهم من الآلام وتكشف الأنوار أمامهم بل هي كذلك مع المبتدئين في حياة السكون الذين تنتابهم الحروب والآلام والشياطين لفترة من الوقت فأن المعونة الألهية لا تتركهم لأن ربنا نفسه يسوع المسيح ابن الله يزورهم سرا ويكون لهم معينا ورفيقا وهكذا بعد أن يتغلبوا علي الأتعاب والشياطين حسب النظام القانوني يجعلهم أهلا للسعادة في حبه الكامل واعلان نور مجده .

+ سأل أخ الأنبا ارسانيوس :

" لأي شيء أضجر اذا ما جلست في قلايتي ؟ "

فأجاب الشيخ قائلا :

" لأنك الآن لم تبصر ولم تتيقن من نياح الآخرة ولا عذابها لأنك لو تيقنت من ذلك حقا وكانت قلايتك مملوءة دودا وأنت غارق فيه الي عنقك لما ضجرت بالمرة " .

+ وأيضاً قال أحد الأخوة للقديس ارسانيوس :

" ماذا أصنع فأن الأفكار .. تحزنني وتقول لي : اذا لم تستطيع الصوم أو العمل فلا أقل من أن تذهب لأفتقاد المرضي فهذه هي المحبة " .

قال له الشيخ :

" أمض كل واشرب وأرقد ولا تخرج من قلايتك " لأن الشيخ عرف أن الصبر في القلاية يرد الراهب الي طقسه ، فذهب الأخ الي قلايته . فلما استمر ثلاثة أيام كما أمره الشيخ ضجر فأخذ قليلا من الخوص وشققه وبدا يضفر . فلما جاع قال لفكره لنفرغ من هذا الخوص القليل الذي معنا ثم ناكل " فلما فرغ من الخوص قال أيضاً : لنقرأ في الانجيل ثم بعد ذلك نأكل " فلما قرأ قال : لأتل مزاميري ثم بعد ذلك آكل بلا هم : وهكذا قليلا قليلا بمعونة الله كان يفعل حتي رجع الي سيرته الاولي وأخذ سلطانا علي الأفكار وكان يغلبها .





+ سأل أخ القديس مقاريوس الكبير قائلا :

ماذا أصنع يا أبي والأفكار توعز الي بأن أمضي وأفتقد المرضي فأن هذه هي الوصية .

أجابه الشيخ قائلا :

أن كلمة النبوة لا تسقط أبداً ، فأنه يقول : " جيد للرجل أن يحمل النير منذ صباه ويجلس وحده صامتاً " أما قول ربنا يسوع المسيح : " كنت مريضا فزرتموني " فقد قاله لعامة الناس . وأني أقول لك يا أخي أن الجلوس في القلاية افضل من افتقاد المرضي لأنه يأتي زمان يضحك فيه علي سكان القلالي فقد تم كلام البار انطونيوس اذ قال : " يجيء زمان يجن فيه جميع الناس . واذا أبصروا واحدا لم يجن يذيعون عنه بأنه مجنون لأنه لا يشبههم " .

واني أقول لك يا ولدي أن موسي النبي العظيم لو لم يبتعد من مخالطة الناس ، ومحادثتهم ودخل في الضباب وحده ؟، لما تسلم لوحي العهد المكتوبين بأصبع الله

+ سأل أخ انبا مقاريوس قائلا :

" قل لي كلمة منفعة ؟ "
قال له : " اجلس في قلايتك ، ولا تكن بينك وبين أحد خطة ، وابك علي خطاياك ، وأنت تخلص " .

+ جاء أخ الي الأنبا موسي الأسود في الأسقيط وطلب منه كلمة :

فقال له الشيخ :

" أمضي واجلس في قلايتك وسوف تعلمك هي كل شيء " .

+ سأل انبا أشعياء

" الأب مقاريوس : قائلا : " قل لي يا أبي كلمة "

فأجاب الشيخ : " اهرب من الناس "

فقال أنبا اشعياء :

" وما هو الهروب من الناس ؟ " .

فأجاب الشيخ :

" هو جلوسك في قلايتك :وبكاؤك علي خطاياك " .

( جـ ) الاستمرار في السكون

+ قال أنبا يوحنا القصير :

كلما استمر السكون ضعفت الأوجاع . وكلما ضعفت الأوجاع قوي العقل قليلا قليلا ، الي أن يصح ويستريح وحينئذ لا يذكر الانسان أوجاعه وأحزانه السالفة وذلك كما قال ربنا عن المرأة التي تلد . واذا أنعتق الانسان من الأوجاع الشريرة التي كان يعانيها دائما فقد انعتق من الأحزان والآلام والأمراض العارضة كلها تلك التي يؤنب بها الخطاة . وبدوام السكوت يعتق من الأوجاع الذميمة ، اما الذين يعوقونا من معرفة الله ويبعدوننا عن عمل الضيلة فأنهم لا يلامون لأنهم لا يعرفون ، أما نحن فإذ قد عرفنا ربحنا وخسارتنا ينبغي لنا أن نبتعد عنهم ونسكت لكي تحيا نفوسنا .

عدم الانتقال من مكان الي مكان آخر :

+ قال شيخ :

" اذا كان راهب مقيما في موضع ، وأراد أن يصنع في ذلك الموضع خيرا ، ولم يستطيع ، فلا يظن أنه اذا ذهب الي موضع آخر ، يستطيع أن يصنع ذلك الخير "

+ كذلك قال شيخ :

" اذا كان وجع يقاتلك في موضع ما ، وتترك ذلك الموضع طنا منك أنه يخف عنك دون أن تقاتله ، فاعلم أنك اذا لم تغلبه حيث قاتلك ، فأنه سوف يسبقك الي كل موضع تمضي اليه ، لأني أعرف أخا كان ساكنا ديرا وكان مداوما علي السكوت ، الا انه كان كل يوم ييترك من وجع الغضب فقال في نفسه : " أمضي وأسكن وحدي في قلاية ، وحيث أنه لن يكون هناك أحد ساكنا ، فسوف أهدأ ويخف عني الوجع " . فخرج وسكن وحده في مغارة ، وفي أحد الأيام ملأ القلة ماء ، ووضعها علي الأرض ولو قتها تدحرجت ، وانسكبت ، وأنسكب ما فيها ، فأخذها وملأها مرة ثانية ، ووضعها فانسكبت كذلك ، فملأها دفعة ثالثة ، فانقلبت أيضاً ، فغضب وأمسكها وضرب بها علي الأرض فكسرها ، فلما خفض قلبه علم أن الشياطين قد سخروا منه ، فقال : هوذا قد انغلبت وأنا فيالوحدة كذلك . فلأذهب الي الدير لأنه في كل موضع يحتاج الأنسان الي جهاد وصبر ومعونة من الله " ، ثم قام ورجع الي موضعه .

+ وقال آخر :

" كما أن الغرس اذا قلع من موضع وغرس في غيره فلا يثمر ما لم يثبت في موضع واحد . كذلك الراهب الذي ينتقل من دير الي دير ، لا يثمر ما دام منتقلا "

سئل شيخ :

" كيف أسكن في دير بغير قلق ؟ " فقال : " ذلك بأن تعد نفسك غريبا ،ولا تطلب لك فيه كلمة مسموعة ، كما تقطع هواك ولا تحسب نفسك شيئا ً " .

+ وقال المغبوطة سفرنيكي :

" اذا كنت في دير فلا تستبدله بآخر ولا الآخر بغيره لئلا تستكمل زمانك بدون ثمرة ، مثل الطائر الذي يقوم عن البيض فيفسده ويصير عديم التوليد كذلك الراهب الكثير التنقل ، تبرد حرارة الرهبنة وتموت من قلبه " .

+ وقال أخ لأنبا أغاثون :

" يا أبي أمرت أن أقيم في مكان ما ، وأنني أجد قتالا هناك ، وأريد أن أرحل ، أنني مستعد أن أنفذ الوصية ولكنني أخشيء القتال " قال له الشيخ : " اذا كان هذا الأمر مع اغاثون فأنه يحفظ الوصية ويغلب القتال " .

+ سؤال :

هل ينبغي لي أن أصنع لنفسي حدا أن أخرج الي موضع آخر ؟

+ الجواب :

لا تربط نفسك تحت أمر ما ، حتي أن اضطررت للخروج خرجت بدون حزن أو أرتباك أفكار ، بل في كل شيء أقتن لك صبراً .
 
قديم 12 - 06 - 2014, 09:46 PM   رقم المشاركة : ( 53 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,778

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

التأمل

( أ ) التأمل والعمل

+ قال أنبا بفنوتيوس :

كثيرون يجعلون نفوسهم وحدهم مؤمنين باللسان لا بالعمل والكلام ، ويتظاهرون بأنهم قائمون ، وليس لهم شيء من الأعمال البتة ، ويفتخرون باطلا بما لم يصلوا اليه " .

+ قال شيخ :

" أن الله يكالب الأنسام بثلاثة : العقل – الكلام الروحاني – والعمل به " .

قال الأب أبيفانوس :

" أن التأمل في الكتب حرز عظيم يحفظ الانسان من الخطية ،ويستميله الي عمل البر " .

+ قال سمعان العمودي :

" كما أن الخبز بقيت الجسد ويحييه ، كذلك الكلام الروحاني يقيت النفس ويحييها ، وهو نور للعينين ومرآة للقديسين ، يشفي من أمراض الخطية ،وكل من لا يعمل بكلام الناموس قد أحتقر واضع الناموس . وليس يكفي سماع الناموس والتكلم به من دون العمل بما قيل فيه ، فكما نؤمن أن الله رحيم ، كذلك نؤمن أنه صادق وأنه عادل ، ويجازي كل واحد كنحو عمله ، له المجد " .

+ قال أنبا بيمن :

" علم قلبك ما تقوله بلسانك من العلم " .

وقال أيضا:

" أن كثيرين من الناس ، يتكلمون بالأشياء الفاضلة ، ولكنهم يفعلون الفعال الدنيئة"

+ قال شيخ :

" ويح لنفسك قد اعتادت أن تسأل عن كلام الله ، وتسمعه ولا تعمل شيئا بما تسم "





+ وقال آخر :

" الأنبياء والرسل دونوا ما في الكتب فعمل يها آباؤنا ومن اتي بعدهم فلما جاءت هذه القبيلة وهذا الجيل كتبوها ووضعوها في الكوي بغير فائدة " .

+ زار أخوة ومعهم علمانيون الأب فلكسيا ، وطلبوا اليه أن يقول لهم كلمة أما الشيخ فبقي صامتا . فلما طلبوا اليه كثيرا قال لهم : " هل تبتغون أن تسمعوا للكلمة ؟ " فأجابوه نعم أيها الأب فقال لهم : " لما كان الأخوة يسألون المشايخ ويفعلون ما يقال لهم ، فأن الله كان يلهم الآباء بما يقولونه ،واما الآن فانهم يسألون ولا يفعلون ما يقال لهم ، لذلك رفع الله موهبة الكلام عن الشيوخ ، اذ لا يجدون ما ينطقون به ، لأنه لا يوجد من عمل ، لأن المزمور يقول : " أن الرب أطلع من السماء علي بني البشر فلم يجد من يفهم .. الخ " فلما سمع الأخوة هذا الكلام تنهدوا قائلين صل علينا أيها الأب " .

+ قيل عن أخ راهب :

كان يسكن القلالي ، هذا أقام عشرين سنة مواظبا علي القراءة ليلا ونهارا ، وذات يوم نهض وباع الكتب والصحف التي كان قد اقتناها ، وأخذ وشارحه وذهب الي البرية الداخلية ، فألقاه أنبا اسحق وقال له : " الي أين تمضي يا ولدي ؟ " فأجابه الأخ قائلا : " يا ابي ، أن لي عشرين سنة أسمع أقاويل الكتب فقط ، والآن أريد أن أبدأ في الابتعاد عملا بما سمعته من الكتب " فقدم الشيخ صلاة من أجله ثم أطلقه .

+ قيل أن ثلاثة من الأخوة زاروا شيخا ،

فقال له الأول : " يا معلم ، لقد كتبت بنفسي العتيقة والحديثة ( العهدين القديم والجديد ) " ، فأجابه الشيخ " لقد ملأت طاقات قلايتك ورقا " .
فقال له الثاني : " أني قد حفظت العتيقة والحديثة في صدري " ، فقال له الشيخ " " لقد ملأت الهواء كلاما " .

أما الثالث فقال له : " لقد نبت الحشيش وملأ موقدتي " ، فقال له الشيخ " لقد طردت عنك محبة الغرباء " .



( ب ) حفظ الوصايا

+ قال شيخ :

" أن حزني لكثير علي راهب ، يكون قد ترك أهله ومقتنياته ، والزم نفسه الغربة من اجل الله ، ثم يرجع يسترخي في وصاياه ، فيذهب بعد ذلك الي العذاب " .

فلنفرح بتكميل وصايا الرب وبنجاح أخوتنا .ولنحفظ انفسنا من فرح العالم بالرب ؟ " قال : اذا فرحنا بإتمام الوصايا فهذا هو فرح بالرب .

" قال الأخوة للديس أنبا أنطونيوس :

" ما معني قول الرسول : " أفرحوا والضحك أن أردنا أن نكون من خواص ربنا . لأنه قال : أن العالم يفرح وأنتم تبكون كما قال الويل للضاحكين والطوبي للباكين – ولم يكتب عنه قط أنه ضحك بل كتب عنه أنه حزن ودمعت عيناه .

+ قال القديس مقاريوس الكبير :

" أن أردت أن يقبل الله دعاءك فاحفظ وصاياه " .

+ قال أنبا أغاثون :

" بدون حفظ الوصايا الهية لا يستطيع احد أن يقترب الي واحدة من الفضائل " .

+ قيل عن مار اسحق :

" أ،ه لما حضرته الوفاة اجتمع اليه الأخوة قائلين :

" ماذا نصنع بعدك يا أبانا ؟ " قال لهم : " كما كنت أسلك قدامك أسلكوا واحفظوا وصايا السيد المسيح ، فيرسل اليكم نعمة روحه القدوس ، ويحفظ هذا الموضع وان لم تحفظا ، فلن تثبتوا ههنا ، لأننا نحنأن تنيح آباؤنا اغتممنا ، ولكن لما حفظنا وصايا الهنا ثبتنا موضعهم " .

( جـ ) القراءة

+ قال القديس أنيا أنطونيوس :

- أتعب نفسك في قراءة الكتب فهي تخلصك من النجاسة .

- أتعب نفسك في قراءة الكتب واتباع الوصايا فتأتي رحمة الله عليك سريعا .

- اذا جلست في خزانتك فلا تفارق هذه الأشياء : القراءة في الكتب ، التضرع الي الله ، شغل اليد والراهب الذي يكون في خزانته غير ذاكر الله تعالي ولا قاريء في الكتب يكون كالبيت الخرب خارج المدينة الذي لا تفارقه الجيف النتنه وكل من احتاج الي تنظيف بيته من جيفة رماها فيه .

+ قال شيخ :

" قراءة الكتب تقوم العقل الطواف " .

+ وقال آخر :

" تعب الجسد بكثرة القراءة ، ينقي العقل " .

+ قال الأب ابيفانيوس :

" أن الجهل بما في الكتب جرف عظيم السقوط ، وهوته عميقة " .

مطالعة الكتاب المقدس

+ سأل أخ أنبا سيصويص الصعيدي :

- " قل لي كلمة " فقال : " أي شيء لي لأقوله لك ؟ اني أقرأ في العتيقة ثم ارجع الي الحديثة ".

+ تقدم أحد الحكماء في ذلك الزمان الي القديس أنطونيوس وقال له كيف أنت ثابت في هذه البرية وليس لديك كتب تتغذي بها ؟ فأجابه قائلا : أيها الحكيم ، أنت ثابت في هذه البرية وليس لديك كتب تتغذي بها ؟ فأجابه قائلا : أيها الحكيم أن كتبي هي شكل الذين كانوا قبلي ، اما ان أردت القراءة ففي كلام الله أقرأ .

+ سئل شيخ :

" ما معني المكتوب : وتبصر بني بنيك ؟ " فقال : " أن ثمرة أتعاب القديسين هي بنو بنيهم " .

- مطالعة سير القديسين

- + قال القديس موسي الأسود :

" كن مداوما لذكر سير القديسين كيما تأكللك غيرة أعمالك " .



+قال الآباء :

" المناظرة في الآراء ، والقراءة في العقائد المختلفة ، والكلام في الايمان ، من شأن هذه أن تطرد من الانسان خشونة ، أقول الآباء وأختبار القديسين من شانها أن تنير النفس وتلينها " .

+ قال شيخ :

" القراءة فلتكن في قصص الشيوخ ، وتعليمهم ، لأن بهذا يستنير العقل نحو الفعل"

+ سؤال :

أني أطلب اليك أيها الأب أن تعطيني قانونا ، أتدبر به في قراءة المزامير ، وفي الصوم وفي الصلاة ، وأخبرني أن كل ينبغي ان تكون الأيام مختلفة متفارتة .

الجواب :

اترك يا ابني قوانين الناس واستمع لقول الرب : " أن الذي يصبر الي التمام يخلص " لأنه ان لم يكن للانسان صبر طويل فلا يدخل الي الحياة ، لأنه " باحزان كثيرة ندخل الملكوت " كقول الرسول . فلا تطلب أن تكون تحت قانون ، لأني لست أريدك أن تكون تحت ناموس بل تحت النعمة لأنه مكتوب : أن الناموس لم يوضع للقديسين. تمسك بالافراز وكمثل نوتي حكيم دبر سفينتك مقابل الرياح وبعد ذلك لا تبال ، لأن الجسد اذا مرض لا يقبل الطعام كعادته ، واذا كان الأمر هكذا فقد بطل القانون .

أما عن الأيام فلتكن عندك كلها متساوية مقدسة ، وكل شيء تفعله فليكن بفهم ، وجاهد لتقطع عنك الغضب ، لأنه يحتاج الي جهاد مع معونة الله .

+ سؤال : كيف ينبغي لي أن اقضي يومي ؟

الجواب : أقرأ في المزامير قليلا واحفظ منها قليلا ، وفتش أفكارك قليلا ولا تجعل ذاتك تحت رباط قانون ، ولكن أعمل بقدر ما قواك الله علي فعله . ولا تترك تلاوة المزامير والقراءة قليلا قليلا هكذا ، وبذلك يمكنك أن تقضي يومك بمرضاة الله ، لأن آباءنا لم يكن قوانين ساعات بل كانوا يجتازون النهار كله في القراءة وقتا وفي تلاوة المزامير وقتا وفي تعليم حاجات طعامهم وقتا آخر وهكذا ..
 
قديم 12 - 06 - 2014, 09:47 PM   رقم المشاركة : ( 54 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,778

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

ضبط الفكر

+ سأل أخ شيخا قائلا :

" أي شيء أصنع ، فأن أفكارا كثيرة تقاتلني ولست أدري كيف أقاتلها ؟ " . فقال له الشيخ : " لا تقاتل مقابل الكل دفعة واحدة ، ولكن قاتل واحدة ، لن أفكار الراهب أنما لها رئيس ، فاجعل بالك الي رئيسها ، ونحوه أجعل قتالك ، فإذا هزمت الفكر ، فقد أنهزمت البقية " .

+ سؤال :

كيف يمكنني أن أجيب أفكاري وليست لدي قوة ؟

+ الجواب :

لأنك تدين أخاك ، لهذا تنقطع قوة الروح القدس ، فتعثر بأخيك وأنت سبب العثرة ، أن كنت متأكدا أن الله حاضر وناظر لكل شيء ، فلم تبغض أخاك . أوضح لله أفكارك ، وقل أن الله يعرف ما فيه الخير ، وبذلك تستريح ، وشيئا فشيئا تأتيك قوة تستطيع بها أن تحتمل كل ما يأتيك ، كل من لا يحتمل الشتيمة فلن يبصر التسبحة ... وكل من لا يترك الغضب فلن ينذوق الحلاوة ، فأحرص بكل قوتك علي أن تكون غريبا عن الغضب ، ولتكن قدوة ومثالا لمنفعة الكل ولا تدن أحدا كما لا تحكم علي أحد .

+ سؤال :

كيف يمكن للانسان أن يفتش أفكاره لينجو من السوء ؟

+ الجواب :

تفتيش الأفكار هو هكذا : اذا أتاك فكر تأمل كنهه ، ولكي أقرب لك المعني أسوق اليك مثلا . اذا أتفق وشتمك انسان ، وأتاك الفكر أن ترد عليه ، قل لفكرك أن انا رددت عليه أحزانته وأعثرته ، فلأصبر أنا قليلا والأمر يجوز بسلام . كذلك أن كنت واحدا علي انسان أو في داخلك فكر بالشر من ناحية انسان فقل ما يأتي : أن الذي يفكر فتشه واقطعه عنك .

أما بخصوص الشهوة فأنها تحتاج انتباها كثيرا ، كما قال الآباء : أن أنت وجدت عقلك محاربا في الزني فتعال به الي القدسية . وأن حورب في الحنجرة فتعال به الي الامساك .وأن حورب في البغضة تعال به الي المحبة . وبذلك تصبح علي الدوام في يقطة وحذر ونجاة .

+ قال الأب برصنوفيوس :

اذا ما حركك فكر من الشيطان علي انسان ، فقل في نفسك بطول روح : أني قد أخضعت ذاتي لله لكيما اخدم آخرين ، فكيف عنك الفكر ، وكن دائما مستقصيا عن أفكارك ، ولتبكتها ، لأن الذي يبكت افكاره ويقول أنه خاطجيء ، وهو في فعله ليسر خاطئا ، فلهذا هو غاية الاتضاع ، ومن كان متضعا ، فأنه لا يغضب ولا يدين أحدا ، ولكنه يري الناس كلهن أخيرا منه ، ومن يعلم أنه خاطيء لا يلوم الانفسه ، ولا يعتل به .

+ قالت القديسة سفرنيكي :

كما أن الوحوش النافثة يطردها حاد الأدوية ، هكذا الأفكار الخبيثة يطردها الصوم مع الصلاة .

+ اخذوا عن شيخ :

أنه كان جالسا في قلايته ، فأتاه أحد الأخوة في الليل ، وأراد الدخول اليه ، فلما بلغ الباب سمع صوته من داخل وهو يقول : يكفي ، يكفي حتي متي ؟ اذهبوا الآن من قدامي . ثم سمعه يقول ،تعال ، تعال ، يا صديقي . فلما دخل اليه قال : لمن كنت تتكلم يا أبي ؟ قال له : لحسياتي الرديئة كنت أطرد للصالحات كنت أدعو .

+ أخ من الاخوة سأل شيخا وقال :

يا أبت أعني فقد أهلكتني أفكار الزني ؟

فقال له الشيخ :

يا بني ، أن كنت تستطيع فلا تترك الفكر يسكن عندك .

قال : وكيف استطيع ذلك يا أبت ؟

قال : كلما بدا لك الفكر ، فلا تدعه يصعد الي دماغك ، بل الحقه بذكر الموت ، وخوف الله ، واذكر نتنك ، وكيف تصير القبر ، لأن هذا الفكر الرديء ، أن غلب الانسان يقوده الي قطع الرجاء واليأس من الخلاص ، وكمثل السفينة التي تصدمها الأمواج والعواصف الشديدة وأهوال البحر ، فأن أنزل عنها قدرا من الرمل أو مما تحمل ليخف حملها ، فأنها لن تعطب سريعا ، بل تسبح ، وأن أنكسرت رقبتها أو شيء منها ، فلا زال لها أمل صالح في السلامة . أما ان أصيبت بثقب من أسفلها ، وأمتلأت ماء ، فقد عطبت ، هكذا تكون حال الراهب ، فأنه أن تواني قليلا في بعض الأشياء قهو يؤمل أن يغلب بالتوبة ، أنما أن سقط مرة واحدة في الزني فقد عطب ويوشك أن يقاد الي اليأس في هذا الغرق .

+ قال قائل من الاخوة الرهبان لشيخ من الشيوخ :

يا أبي ، لست اجد في قلبي قتالا ؟ . فقال له : أنك تشبه القبة المرتفعة في وسط السوق ، فكل من أراد جاز تحتها ، كذلك قلبك ، أما أن أغلقت باب قلبك ، ولم تدخله الأفكار الرديئة لنظرت الأعداء يقاتلونك قتالا شديدا .

الله لا ينسي جهادنا
+ قال شيخ :

" أنه كان اخ قد جرب بأفكار تسع سنين حتي انه يئس من خلاصه ، ومن الخوف كان يقول : هلكت . ولما كاد أن ينقطع رجاؤه بالكلية ، صار اليه صوت قائلا أن الشدائد التي لحقت بك في هذه السنين التسع ، هي أكليل لك . لا تكل من الجهاد . فلما سمع هذا تقوي بالرجاء وخفت عنه الأفكار .

+ أخ حريص :

قامت عليه قتالات صعبة سببت له حزنا شديدا لدرجة أنه كان يخاطب نفسه قائلا : ما دامت هذه الأفكار معي فلن أخلص . وكان يتواضع جدا فذهب الي شيخ كبير وسأله أن يصلي عليه لكي يرفع الرب عنه القتال ، فقال له الشيخ : بل هذا خير لم يابني . ولكنه ألح عليه ، فطلب الشيخ الي الله ، فاستجاب ط

لبته ورفع القتال عن الأخ . وأذا بالأخ قد صار يسبح لوقته في لجة العجب والعظمة ولكنه ندم عليه القتال الذي كان يسبب له الاتضاع .



( ب ) يقظة العقل حراسة الأفكار

سؤال :

أخبرني يبا أبتاه كيف يرصد الانسان قلبه ، وكيف يقاتل تجاه الشيطان ، وأن كان ينبغي له أن يسد مدخل الكلام قدام فكر الزني ، وأن هو دخل علي العقل فماذا يعمل ، وهل ينبغي أن يكون كعامي بوزن ؟

الجواب :

يا ولدي ، اذا حفظ الانسان قلبه فأنه يكون متنبها طاهراً ، وانما يعرض له القتال اذا تهاون يوماً ، فإذا أبصر العدو تهاونه عمل علي قتاله ، لأننا لسنا نقع الا من تهاوننا ، وأن كدنا لا نقاومهم لأنهم يريدون منك المحادثة كيما يشغلونك ولا يكفون ، فتقدم الي الله من أجلهم ، والق ضعفك أمامه وهو يصرفهم عنك ويبطل قوتهم .

وأما من جهة شيطان تالزني فيجد هو أن تسد عليه ولا تدعه يدخل ، لأنه اذا دخل نجسك وسجسك ، لأنه يتخذ له مادة منها وبها يستطيل عليم ، فأن هو خطفك فج
أية ( بغتة ) ودخل فيك ، لا تتوان حتي ولا وقتا قصيرا ، بل قم وجاهد والق ذاتك أمام الله وأقر بضعفك وأسأله أن يلقيه خارجا عنك .

أما من أجل الطعام ووزنه ، فليكن ذلك بالتخفيف والتحفظ .

سؤال :

أخبرني يا أبي كيف يكون الفكر مأكلا للسباع ؟

الجواب :

يصير الفكر مأكلا للسباع اذا لم يسبق الانسان الي لوم نفسه ، فأن هو تغافل

جرحته بأنيابها وأظافرها ، فحسن أن تحتاج الي الالتصاق بالتوبة ، ويجب عليك الا تزكي نفسك ، وألا تقول انك شيء ، فتبرأ أوجاعك ، ولا تدين الآخرين .

+ قال شيخ :

" اذا جلست في قلايتك ، فلا تكن مثل قبر مملوء من التجاسات ، ولكن كن مثل اناء مملوء ذهبا كريما ، ولك حافظك ، حافظ النهار والليل ، التي هي قوة الرب ، التي تحفظ عقلك .

+ وقال أيضاً :

" أذا مدحك الفكر قل له : لماذا تمدحني ؟ أن السائرين في البحر حتي ولو هدأ عنهم هيجانه ، فماداموا بعد في اللجة فأنهم يتوقعون اهو اله وغرقه . كما الا يسرون بالنسبة للهدوء الذي يكون له احيانا ، لأنهم لا يطمئنون جملة ، حتي يصلوا الي الميناء ، نعم ، لأن كثيرين كانوا علي فم الميناء ولكنهم عطبوا .

+ وقيل أيضاً :

ان لم يحفظ الانسان التعليم الروحي ، ولم ينق قلبه من الأفكار القذرة ، فكل تعليم ينساه ويذهب عنه . وعند ذلك يجد العدو فيه مطمعا فيسقطه ، لأن النفس تشبه مصباحا مضيئا ، اذا توانت عنه ولم تتعهده بالزيت أنطفأ .

+ وقال تادرس الاسقيطي :

أن الفكر السوء يأتي فيقلقني فاشغل وما أقدر أن أتمم الفعل لكنه يشغلني ويمنعني من الفضيلة .فأما الرجل المستيقظ فهو يتيقظ وينهض عليه بالصلاة .

+ قال القديس أبيفانيوس عند خروج نفسه :

أيقظوا قلوبكم بذكر الله . فتخف قتالات الأعداء عنكم .

+ قال أحد الآباء :

ليكن فكرك فكراً صالحاً هادئاً في أي موضع سكنت فيه .

+ قيل عن أخ من الرهبان :

انه زار شيخا تعبا في عمل الخير ،كان ساكنا في المغائر التي تقع فوق المكان الملقب باسرائيل ، وكان الشيخ ذا عقله متيقظ لدرجة أنه كان حيثما توجه ، يتوقف عن السير ويستعرض فكره ويسأله : كيف حالك يا أخي ؟ أين نحن ؟ . فاذا وجد عقله يترنم بالمزامير ومتضرعا ، حمده واستدامه ، وأن وجد ذاته متفكرا في أي شيء من الأشياء ، شتم ذاته في الحال قائلا : هلم من هناك . قف عند حدك . والزم عملك . وكان الشيخ يخاطب نفسه . بهذا الكلام دائما : يا اخي . يلوح لي أن الانصراف قريب ، ولست أري مجالا للنوم أو التهاون بعد . ثم ظهر الشيطان في وقت من الأوقات لهذا الفاضل وقال له : لماذا تتعب . أنك لن تخلص .



فقال له الشيخ :

وماذا يهمك أن كنت لا أخلص ؟ لكني سوف أوجد في العذاب فوق رأسك . وتحت كل من فيه .

وقال هذا الشيخ أيضا:

سبيل الراهب اذا وقف مع أخوة رهبان ، أن يطرق برأسه دائما إلي أسفل ولا ينظر بالجملة الي وجه انسان ، وخاصة وجه شاب ، واذا كان منفردا ينظر الي العلو دائما . ذلك لأن الشيطان من شأنه أن يغتم ويرتاع اذا نظرنا الي العلو نحو ربنا .

+ سأل أخ أنبا أمونا مرة قائلا :

يا أبي ثلاثة أفكار تضايقني ، الأول : أن اسكن في البراري وحدي ، والثاني : أ، أمضي الي القرية حيث لا يعرفني أحدا ، والثالث : أن أحبس نفسي في القلاية ولا أجتمع بأحد ، وأصوم يومين يومين .

قال له الشيخ :

ولا واحد من هذه الأفكار تستطيع أن تمارسه كما ينبغي ، بل الأفضل أن تجلس في قلايتك ، وتأكل في كل يوم قليلا ، وتجعل كلمة العشار في فمك دائما قائلا : يا الله أغفر لي فأني خاطيء . وأنت تتنيح .

+ وقيل عن الأب جلاسيوس :

أيضا انه قلق من أفكار تعرض عليه الخروج الي البرية ، فقال لتلميذه : احرص علي عدم مخاطبتي هذا الأسبوع . ونهض وأخذ عصاه بيده وبدأ يمشي خارج القلاية ، وجلس قليلا ، ثم قام ومضي فلما صار العشاء قال لفكره : أن الذين يطوفون البرية ، خبزا لا يأكلون وتحت سقف لا ينامون . كما أن أولئك أيضا يقتاتون بالحشيش ، أما أنت فلكونك ضعيفا كل بقولا . فأكل ورقد تحت السماء ، واستمر علي ذلك ثلاثة أيام وهو يمشي طول النهار ، ويأكل في العشية بقولا يسيا وينام في العراء .

فلما تعب حينئذ بدأ يعاتب نفسه قائلا : بما أنك لا تقدر أن تقوم بأعمال أصحاب البرية ، فأولي بك أن تجلس في قلايتك وتبكي علي خطاياك ، ولا يطيش عقلك قائلا : أدخل الي البرية ، لأن عيني الرب في كل مكان ناظرة الي أعمال جميع الناس ، وهو يعرف جميع فاعلي الخير .

+ أخ من القلالي ،

بل خوصا فلما جلس يعمل قال له فكره : اذهب الي قلاية الشيخ . فقال هو لفكره : أصبر سوف أذهب بعد أيام . فقال له فكره : فأن مت فكيف تذهب ؟ اذهب لتسأله عن الحصاد . فرد علي فكره : لما يأتي زمان الحصاد .. أو علي الأقل لما افرغ من هذا الخوص الملوك سوف أذهب .

عاد فكره وقال له : الهواء طيب اليوم . وأنه من ساعته نهض ليذهب الي الشيخ ، وكان لهذا الأخ جار قديس يري الغيب ، فلما رآه ذاهبا صاح به قائلا : يا مسبي ارجع وتعال . فلما قال له : ارجع الي قلايتك . فحدثه بقتاله كله ، وصنع له مطانية ، ورجع الي قلايته ، فصارت الشياطين بصوت عال غلبتمونا يا رهبان . وصارت الحصير اليت كانت تحته تلتهب كلها نار . ثم بادوا مثل الدخان . وهكذا تعلم ذلك الأخ خبث الشياطين وحيلهم من هذا المر .


معينات لضبط الفكر
سؤال :

ان الآباء قالوا : ينبغي لنا أن ندخل الي القلاية ونتذكر خطايانا ، لكني أجد نفسي أني أتذكرها بدون توجع وأشتهي أن أتخشع فلا يأتيني التخشع فما السبب ؟

الجواب :

لست تسلك في سبيل الحق ، لأنك تحتاج الي تفتيش القلب وضبط الفكر عن كل انسان ، فمن لم يقطع هواه لا يوجعه قلبه ، وقلة الايمان لا تدع الانسان يقطع هواه ، وسبب ذلك هو محبة مجد الناس اكثر من مجد الله كما قال الرب ، فأن أردت بالحقيقة ان تبكي علي خطاياك ، فمت عن كل الناس واقطع هواك وأجتنب تزكيتك لنفسك وارضاءك للناس ، ولا تتلذذ بطعام ولا تشبع ولا تدن أحد ، وكن حسن الطاعة لتبلغ الاتضاع ، والاتضاع يميت الأوجاع .




سؤال :

كيف اعرف الفكر الذي من الله والفكر الذي من الطبيعة والفكر الذي من الشيطان ؟
الجواب :

افراز هذه المسالة أنما يكون قد بلغوا الي التمام لنه ان لم يطهر العين الداخلية بالعرق والعناء الكثير ، فلا تقدر ان تفرز ، فاقطع هواك لله في كل شيء وقال : ليس كما أريد انا ، بل ليكن ما تريده انت ياربي والهي . وهو يعمل معك كهواه . فاسمع الآن فرز هذه الأفكار الثلاثة : اذا تحرك في قلبك فكر في ذات الله ووجدت فرحا ، وحزنا يساوي هذا الفرح ، فأعلم أن ذلك الفكر هو من الله ، فداوم فيه ، فأن جاء عليك فكر طبيعي الذي هو الهوي الجسداني فادفعه ، واتمم القول القائل : أن تكفر بنفسك ، أي أنك تفكر بالمشيئات الطبيعة وهي تجر الي الخلف ، فكل أمر تفكر فيه وتحس في قلبك ببلبلة ولو بمقدار شعرة ، فأعلم أن ذلك من الشيطان واعلم ان ضوء الشياطين آخره ظلمة . .

+ قال مار اسحق :

طريق الحكمة هو ترتيب الأعضاء ، وطموح الجسد هو تخبط . الحكمة الحقيقية هي النظر في الله ، والنظر في الله هو صمت الأفكار ، الاحساس بالله هو عمق الاتضاع ، ثاؤرية تصور الحق ، هي مبتورة القلب ، القلب الذي هو قد مات عن العالم فبالله يتحرك جميعه ، الذييبني نفسه أخير له من أن ينفع المسكونة جميعها . من قد ماتت اعضاؤه الخارجية فقد عاشت أعضاؤه الداخلية الساذج الحكيم بالله ، خيرا من الفهيم الغاش بضميره .

1-الشجاعة الفكرية

+ قال أنبا باخوميوس :
قاتل جميع أفكارك ليعطيم المسيح المواعيد التي أعطاها للقديسين .

اذا جاءك فكر بخصوص حب الاجسام أو بغض أو غضب أو أي رذيلة من الرذائل ، فكن قوي القلب وقاتل كالجبار حتي تهزمها مثل عوج وسيحون وباقي ملوك الكنعانيين ، وحينئذ ترث جميع مدن أعدائك . أطرح عنك ضعف القلب لئلا يتملكك الكسل وقلة الايمان فيطمع فيك أعداؤك .

اجعل قلبك كقلب سبع واصرخ كبولس وقل :

من ذا الذي يستطيع أن يفصلني عن محبة الله ربي ؟ أن كنت في البرية فقاتل بالصلوات والتنهد والصوم وأن كنت في وسط الناس فكن وديعا كالحمام وحكيما كالثعبان .

+ سأل شيخا قائلا :
" ماذا أفعل يا أبي فأن الخوف يتبعني اذا لحقتني أفكار ؟ " ، فقال له الشيخ : " أن جندي الملك اذا خرج للحرب قبالة الأعداء ، فكلما رموه وجرحوه ينهض مسرعا لمقاتلتهم دفعات كثيرة ، فما لم يترك الحرب ويهرب فأن الملك لن يغضب لأجل أنهم جرحوه ، بل بالحري يفرح له بالأكثر ، لكونه قبل الجراح في سبيل مقاتلة أعداء سيده ، هكذا أنت أيضاً ، كما نخستك الأفكار ، انتصب بالأكثر لمقاتلتها " .

2

– لا تلج مع الأفكار

+ قال أحد الآباء :

امساك العقل والقلب هو أن الانسان متيقظا . لا تتهاون بأفكارك ، واذا قاتلك العدو بالفكر فلا تلتفت الي قتاله لأنه يريد بذلك أن يشغلك عن مخاطبة الله .

+ قال شيخ :

بخصوص مساعدتنا للأفكار .

" الشيطان فتال حبال ، فأنت تدفع له الخيوط وهو يفتل " .

+ قال القديس باسيليوس :

" ما لا ينبغي أن تفعله لا تفكر فيه ولا تذكره " .

+ قال أنبا بيمن :

" أذا اخذ الانسان حية ووضعها في قارورة فغطي فمها فأنها تموت ، هكذا الأفكار الردية ، اذا قامت علي الانسان فالصبر والجهاد يهلكانها " .

+ سأل الأنبا آمون الانبا بيمن :

عن الأفكار النجسة التي تتولد في قلب الانسان والحسيات الباطلة فقال له : " هل يقطع الفأس بغير انسات يقطع به ؟ ، فأنت أذن لا تعط هذه الأفكار أهمية ولا المسألة فأجابه :

+ وسأله أيضا أنبا أشعياء عن هذه المسألة فأجابه :

" مثل تابوت مملوء ثيابا ، ان تركتها دون أن تتعاهدها ، سوست وتلفت كذلك الأفكار أن لم تفعلها جسدانيا بطل " .

+ قال أخ لشيخ :
" افكاري لا تتركني أستريح ، ولذلك تجد نفسي مغمومة " ، فقال له الشيخ : " اذا زرع الشياطين فيك الأفكار ، فلا تتحدث معها ، فمن شأنهم أن يطرحوا زرعهم دائما ولكنهم لا يلزمون أحد بقبوله اضرارا ، فلك أن تقبله أو لا تقبله .. ألا تلاي ما عمله أهل مديان ، كيف أنهم زينوا بناتهم وأظهروهم ومنهم من لم يديدوا فلم يدنوا منهن ، كذلك من أغتاظ منهن فشرع في قتلهن . وهكذا تكون حال الرهبان مع الأفكار التي تهجس بها الشياطين اليهم . فأجاب الأخ وقال : " كيف أعمل يا أبي لأني ضعيف والوجع غالب علي وليس لي قدرة علي مقاومة الأفكار " قال : " كيف أعمل يا أبي لأني ضعيف والوجع غالب علي وليس لي قدرة علي مقاومة الأفكار " فقال له الشيخ : " اذا القوا فيك الأفكار فلا تجاوبهم ، بل اهرب الي الله بالصلاة والسجود ، وقل يا الله ارحمني واصرف عني هذه الافكار بقوتك العظيمة ، فاني ضعيف عن مقاومتها " ، فقال له الأخ : " اني اذا وقفت لأصلي ، لا أحس بخشوع لعدم معرفتي بمعني الكلام وقوته " ، فقال له الشيخ : هكذا : أن الراقـي ( الساحر ) لا يعرف قوة الكلام الذي يعزم به ، لكن الحية تحس بقوة القول فتخرج ، كذلك نحن أيضا ، أن كنا لا نعرف ما نقوله ، ولكن الشياطين تعرف قولنا وتنصرف عنا " .
3-شغل العقل

+ قال القديس أوغريس :

" الذي يجمع كلام الكتب المقدسة الي قلبه ، يلقي الأفكار براحة ، لأننا نحتاج الي أتعاب كثيرة لكي نقطع كمال الأفكار " .

+ سؤال :
أخبرني يا أبتاه ماذا أعمل ، لأن الأفكار قد اضطربت في جدا ؟

الجواب :
يا ولدي ، ان كان الإنسان باطلا ، فأنه يتفرغ لقبول الأفكار التي تأتيه ، وأذا كان له عمل . يعمله ، فلا يتفرغ لقبولها ، قم وقت السحر وامسك الطاحون وأطحن قمحك ، فتعمل منه خبزا لغذائك ، وذلك قبل أن يسبقك العدو ويجعل عليها رملا ، وأسرع فاكتب لوحك ، واحفظ الوجه الآخر ، لأن ربنا يقول للرسول : " أنتم ملح الأرض " ، فالأرض يا أبني هي جسدك ، فكن أنت له ملحا تملحه / وجفف ناموسه ودوده ، وأعني أفكارك الرديئة .
 
قديم 12 - 06 - 2014, 09:48 PM   رقم المشاركة : ( 55 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,778

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

عدم الإدانة

+ قال الأب نستاريون :
" لا تحسن لذاتك أن تدين أحداً ، لأن الدينونة ، والكذب ، واللعن ، والشر ، والشتم ، والضحك ، كل هذه غريبة عن الراهب ، وأما الذي يكرم أكثر مما يستحق فأنه يسخر كثيرا " .

+ قال أحد الشيوخ لتلاميذه :
" لا تدينوا أحدا من الأخوة ، وأنتم تقومون علي كل اوجاع الشياطين " .

+ قال شيخ :

" أياك أن تقول في قلبك من جهة أنسان ، أنك أحرص منه ، أو أكثر منه معرفة ، أو أبر منه ، بل أخضع لنعمة الله ، ولروح الحكمة ، والحب الذي ليس فيه غش ، لئلا تنطفيء بالعظمة ، وتضيع تعبك لأنه مكتوب : " يا أيها الذي تظن أنك قائم احذر لئلا تسقط " .

+ قال شيخ لأنبا بيمن :

" أن رأينا أحد الأخوة يخطيء ، فهل ينبغي لنا ان نبكته ؟ " فقال أنبا بيمن : " أني أذا كنت راهبا لقضاء مصلحة ما وعبرت عليه ورأيته يخطيء ، حتي ولو جزت بجانبه ، فما كنت أبكته ، لأنه ، ولو أنه مكتوب : " أشهد بما تراه عيناك " ولكني أقول لكم : " أن لم تجسوا بأيديكم ، فلا تشهدوا ، لأنه حدث مرة أن لعب الشيطان بأحد الأخوة في هذا الأمر ، فنظر واذا أخوة مع أمرأة في خطية . فلما قام عليه القتال جدا ، لم يصبر ، فذهب اليهم وقال لهم : " كفي ، حتي متي ؟ " فبغته نظرهم تلاليس قمح . من أجل ذلك أكرر لكم وأقول : " أن لم تجسوا بأيديكم ، فلا تبكوا احداً " .

خطورة الإدانة
1- تعني عدم محبتنا

+ قال القديس دوروثيؤس :
أن اصل الادانة هو عدم المحبة ، لأن المحبة تغطي كل عيب . أما القديسون فأنهم لا يدينون الأخ ، لكنهم يتألمون معه كعضو منهم ، ويشفقون عليه ويعضدونه ويتحايلون في سبيل خلاصه ، حتي ينشلونه كالصيادين الذين يرخون الحبل للسمكة قليلا حتي لا تخرق الشبكة وتضيع ، فإذا توقفت ثورة حركتها حينئذ يجرونها قليلا قليلا ، هكذا يفعل القديسون ، فانهم يطول الروح والمحبة يجتذبون الأخ الساقط حتي يقيموه – كما فعل الشيخ .. أذ جلس علي الماجور الذي كانت تحت المرأة ، لكي لا يجدها اولئك الذين نموا علي الأخ … بشفقة ومحبة ، لا باستنقاص وتعيير " .

+ أخبر أحد رؤساء الديرة عن شيخ من الشيوخ القديسون :
انه سكن قريبا من الدير ، وكان ذا نفس راجحة في الصلاة ، فجاوره أخ راهب واتفق في غيبة الشيخ أن طغي الأخ وفتح قلايته ، ودخل فأخذ زنابيله وكتبه ، فلما رجع الشيخ وفتح قلايته ، لم يجد زنابيله ولا باقي حاجاته ، فجاء الي الأخ ليخبره بما جري ، وبدخوله قلاية الأخ وجد زنابيبه وكتبه في وسطها ، لأن الأخ لم يكن بعد قد خبأها ، فلمحبة الشيخ ، أي ألا يحرجه ، أو يوبخه أو يخجله ، فتظاهر بوجود ألم في بطنه ، ويحتاج الأمر لزواله الي قضاء الحاجة ، فدخل الي بيت الراحة .. وأبطأ فيه وقتا طويلا ، حتي أذا تأكد ان الأخ خبأها ، خرج الشيخ وبدأ يكلمه في أمور أخري ولم يوبخه ، وبعد أيام قليلة ، عثروا علي زنابيل الشيخ عند الأخ ، فأخذه قوم وطرحوه في الحبس ، قام وجاء الي الرئيس وقال له : أصنع محبة وأعطني بيضاً وخبزاً قليلا . فقال له ذاك : من البين أنه يوجد عندك اليوم ضيوف . فقال : نعم . فأخذ الشيخ ما طلبه ، ومضي اليه في الحبس ليجد الأخ غذاء من الطعام . فلما دخل ليفتقده ، خر الأخ علي رجليه وقال ك يا معلم ، لقد جيء بي الي ههنا لأني أنا هو الذي سرقت زنابيلك ، وكتبك تجدها عند فلان ، وثوبك تجده أيضاً عند فلان . فقال له الشيخ : بالحقيقة يا ولدي أعلم تماما أني لست من اجل هذا الأمر دخلت الحبس ، ولم أعلم – بوجه من الوجوه – أنك جئت من أجلي الي ههنا ، لكني سمعت أنك محبوس فاغتميت وجئت مصلحا لك طعاما تتغذي به فأقبل الخبز والبيض وخذه من أجل محبتي .

ثم أن الشيخ خرج الي أكابر البلد وأعلمهم بأن هذا الأخ بريء ، وسألهم ألا يجلبوا علي أنفسهم خطيئة . ولكونه معروفا بينهم بالفضل والخير سمعوا لكلامه ، وأوقتهم أطلقوه . فهذا الأخ بقي تلميذاً عند الشيخ بقية أيام حياته ، ولم يكمله بكلمة واحدة قط .

+ قال أخ للأب بيمين :

أن أنا رأيت أخا قد سمعت عنه سماعا قبيحا ، فهل من الواجب علي ألا ادخله قلايتي ؟ وأن رأيت أخا صالحا فهل أفرح به ؟

فأجابه الشيخ : أن أنت صنعت مع الأخ الصالح خيراً قليلا ، فاصنع ضعفه مع ذاك ، لأنه أخ مريض .

+ قيل عن القديس أنبا أمونيوس الأسقف :
انه من فرط صلاحه كان يعرف الشر . فبعد ما صار أسقفاً قدموا له عذراء حبلت ، وقالوا له : لقد فعل هذا فلان وفلان دعهم ينالون قصاصهم . أما القديس فرشم علامة الصليب علي أحشائها وأمرهم أن يعطوها ستة أزواج من قطع التيل قائلا : ربما تموت هي أو طفلها عندما تلد . وأت مات كليهما ادفنوهما .

قال له الحاضرون : ما هذا الذي صنعت ؟ مر قداستك أن يأخذوا عقوبتهم .

قال لهم : أنظروا يا أخوتي ها انها قد أوشكت علي الموت ، فماذا استطيع أن أعمل ؟ .

ثم طردها القديس . وهكذا لم يكن يحاكم انساناً ما لأنه كان مملوءا محبة مترفقة وصلاحاً لأبناء البشر جميعا .

2-اغتصابنا حق الله

+ قال شيخ :
اذا كان لا يعرف ما في الانسان الا روحه كقول الرسول ، واذا كنا نعلم أن كثيرين تابوا ولم نعلم بتوبتهم ، واذ قد يتفق أن يتوب أنسان في آخر حياته ويقبل كاللص ، فسبيلنا أذن أن لا ندين أحداً ، فالديان هو الله وحده فكيف يجسر أحد أن يتدخل فيما هو خصيص بالاله ؟

+ حدث أن أتي اسحق القس التبايسي الي الكنونيون ، ودان اخا علي فعل أتاه ، فلما خرج إلي البرية ، أتاه ملاك الرب ، ووقف قدام باب القلاية وقال له : الرب يقول لك أين تشاء أن نطرح نفس ذلك الأخ المخطيء الذي أنت ادنته ؟ . فتاب لوقته قائلا : أخطأت فاغفر لي . فقال له الملاك : لقد غفر لك الله ، ولكن عليك أن تحفظ ذاتك من الآن وألا تدين أحداً من الناس قبل أن يدينه الله .

+ قال يوحنا السينائي :

أنه في حال جلوسي في البرية الجوانية ، جاءني أحد الأخوة متفقداً من بالدير ، فسألته : كيف حال الأخوزة ؟. فأجابني : بخير بصلاتك . فسألته أيضاً عن أخ واحد كانت سمعته قبيحة . فأجابني : صدقني يا أبي ، أنه لم يتب بعد منذ ذاك الوقت الذي أشيعت عنه فيه تلك الأخبار . فلما سمعت ذلك قلت : أف .. فعند قولي أف أخذني سبات وكأن نفسي قد أخذت ز فرأيت أني قائم قدام الجلجثة ، والمسيح مصلوب بين لصين ، فتقدمت لأسجد له ،ولكنه أمر الملائكة الواقفين قدامه بابعادي خارجا قائلا : " أن هذا الانسان قد اغتصب الدينونة مني ودان أخاه قبل أن أدينه أنا " فوليت هاربا ، فتعلق ثوبي بالباب وأغلق عليه ، فتخليت عن ثوبي هناك . فلما استيقظت قلت للأخ الذي جاءني : ما أراد هذا اليوم علي . فأجابني : ولم يا أبي ؟ فأخبرته بما رأيت وقلت : لقد عدمت هذا الثوب الذي هو ستر الله لي .

ومن ذلك اليوم ، أقام القديس هكذا تائها سبع سنين في البراري ، لا يأكل خبزا ولا يأوي سقف ،ولا يبصر انسانا . وأخيرا رأي في منامه كان الرب قد امر أن يعطوه ثوبا ، فلما أنتبه فرح عظيما ،وبعد أن أخبرنا بذلك بثلاثة أيام تنيح . فلما سمعنا ذلك تعجبنا قائلين : أن كان الصديق بالجهد يخلص ، فالمنافق أين يظهر .

3-تمنع عنا نعمة الله

+ قال القديس دوروثيئوس :
أنه لا شيء أردأ من الدينونة للأنسان لأن بسببها يتقدم الي شرور ويسكن في شرور ، فمن دان أخاه في قلبه وتحدث في سيرته بلسانه ن وفحص عنأعماله وتصرفاته وترك النظر فيما يصلح ذاته ، وانشغل عما يلزمه بما لا يلزمه من الأمور التي ينشأ عنها الازدراء والنميمة والملامة والتعيير ، فحينئذ تتخلي المعونة الألهية عنه ، فيسقط فيما دان أخاه عليه .

+ قال أنبا زينون :
أن كنت تريد ان تقطع عروق شيطان الزني ، وتهلكه عنك ، فكيف عن دينونة الناس كلهم ، ولا تقع بواحد من ورائه ،وقر بخطاياك دائما ، فهذا هو عون لك وسلاح قوي ، أما أن أسلمت نفسك لكثرة الكلام ، فأن الملاك الذي معك يتنحي عنك ، ويلتقي بك الشياطين أعداؤك ، ويمرغونك في دنس الخطية .

+ كان أحد الأخوة :

يري نعمة الله علي الهيكل ، فلما قال ، لأخيه : لم تأكل مبكراً ؟ . ارتفعت ولم يرها بعد .

+ وقيل أيضاً :
كان أخوان كنونيون ، واستحق أن ينظر كل واحد منهما نعمة الله علي أخيه . فعرض لأحدهما أن يخرج يوم الجمعة خارج الكنونيون ، فرأي أنساناً يأكل مبكراً ، فقال له ، أفي هذا الوقت تأكل يوم الجمعة ؟ ! .. ولما كان الغد رآه أخوه ولم يبصر عليه النعمة التي كانت تري عليه ، فحزن لذلك ، ولما جاء الي قلايته قال له : ماذا عملت يا أخي ؟ قال : ما عملت شيئا حتي ولا فكرت فكراً رديئاً . قال له : ألم تتكلم بشيء ؟ فقال : نعم بالأمس رأيت أنسانا خارج الكنونيون يأكل مبكراً ، فقلت له : أفي هذا الوقت تأكل يوم الجمعة؟ فقام بالصلاة مدة أسبوعين وسأل الله بتعب ، فظهرت نعمة الله علي الأخ ، فشكرا الله كلاهما .

+ من خبر لتأدرس الرهاوي :
كان بتلك النواحي حبيس قديم فمضي اليه القديس تادرس الأسقف ، وسأله أن يعرفه بسيرته من أجل الرب . فتنفس الحبيس الصعداء وتنهد من صميم قلبه وذرفت دموعه وقال : أما سيرتي فأني أخبرك بها ، أنما لا تشهرها لأحد ألا بعد انتقالي . فاعلم أيها الأب ، أني خدمت بدير ثلاث سنوات مع اخ أكبر مني ، وبعد ذلك جئنا الي البرية في بابل القديمة ، وسكنا مقابر لم يبعد بعضها عن بعض كثيرا ، وكنا نتغذي من الحشائش لغذائنا ، يتراءي مع كل واحد منا ملاك يحفظه ، ولم يكن أحدنا يخاطب طائراً كأنه نجا من فخ ، ومضي هارباً الي قلايته ، فلما عجبت من قفزته ، مضيت الي ذلك الموضع لا تحقق الأمر ، فوجدت هناك ذهبا كثيرا ، فأخذته ثم جئت الي المدينة وابتعت موضعا لضيافة الغرباء ، وأبتعت برسمه مواضع كافية للانفاق عليه ، وأقمت عليه رجلا خبيرا بتدبيره ن أما باقي المال فقد تصدقت به علي المساكين حتي لم أبق لي منه ولا ديناراً واحداً ، ثم عدت طالباً قلايتي ، وفكري يوسوس لي قائلا : أن أخي من فشله ما استطاع تدبير ما وجده من المال ، أما أنا فقد دبرته حسنا . وفي حال تفكري بهذا ، وجدت نفسي وقد وصلت بقرب قلايتي ، ورأيت ذلك الملاك الي كان قبلا يفرحني واذا به ينظر الي نظرة مفزعة قائلا لي : اماذا تتعجرف باطلا ؟ ! أن جميع تعبك الذي اشغلت نفسك فيه كل هذه الأيام ، لا يساوي تلك القفزة الواحدة التي قفزها اخوك ، لأنه ما جاز عن حفرة الذهب فحسب ، بل عبر ايضاً تلك الهوة الفاصلة بين الغني ولعازر ، واستحق لذلك السكني في احضان ابراهيم ، من أجل ذلك فقد أصبح حالك ليس شيئا بالنسبة لحاله بما لا يقاس ، وها هو قد فاتك كثيرا جدا ، لهذا صرت غير أهل لأن تري وجهه ، كما لأن تحفظ برؤياي معك بعد . وأذ قال لي الملاك ذلك غاب عن عيني . ثم أني جئت الي مغارة أخي قلم أجده فيها ، فرفعت صوتي باكيا حتي لم يبق في قوة للبكاء ، وهكذا أقمت سبعة أيام اطوف تلك البرية الي ههنا ، فأقمت في هذا العمود 49 سنة محاربا أفكاراً كثيرة ، وشياطين ليست بقليلة ، وكان غلي قلبي غمام مظلم وحزن لا يمازحه عزاء ، وفي السنة الخمسين ، في صبيحة أحد أشرق قلبي نور حلو ، قشع عني غمام الآلان ، وبقيت مبتهلاً بقلب خاشع متندبا بدموع ذات عزاء ، فلما جازت الساعة الثالثة من النهار ، وأنا ملازم للصلاة قال لي الملاك : السلام لك من الرب والخلاص . فتغزي قلبي .

4-تفقدنا السلام الداخي

+ قال أحد الآباء :
ان شئت أن تجد راحة في هذه الدنيا ، قل في كل أمر تعمله : أنا من أنا . كما لا تدن احداً .

+ كذلك قيل :
أن أخا من الأخوة جاء إلي آخر ، وتحدثا بشأن أخ لا يحفظ العفة ، فأجاب الآخر وقال : وأنا سمعت بهذا أيضاً . فلما مضي ذلك الأخ الي قلايته لم يجد فيها الراحة التي تعودها ، فقام ورجع الي ذلك الأخ وضرب له مطانية قائلا : أغفر لي ، فاني لم أسمع شيئا عن ذلك الأخ . فقال له الاخر كذلك : ولا انا سمعت شيئاً . فلما ندما علي ما قالا وجدا راحة .

5-تشغلنا عن ادانتنا نفسنا

+ سأل أحد الأخوة شيخا قائلا :
" ما السبب في أني أدين الأخوة دائماً ؟ .

فأجابه الشيخ : لأنك ما عرفت ذاتك بعد ، لأن من عرف ذاته ، لا ينظر عيوب أخوته .
+ وحدث مرة أن هفا أخ بالاسقيط ، وانعقد مجلس بسببه ، فقام الأب بيور وأخذ خرجا وملأه رملا وحمله علي ظهره ، كما أخذ كيساً صغيراً ، ووضع فيه قليلاً من الرمل وجعله قدامه . فسألوه : ما هذا الخرج المملوء كثيراً ؟ فقال : أنه خطاياي قد طرختها وراء ظهري حتي أنظرها ولا أتعب لأجلها ز أما هذا الرمل القليل الموجود قدامي فهو خطايا أخي ، وقد جعلتها قدامي لأدينه عليها فلما سمع الأخوة ذلك انتفعوا ن وغفروا للأخ .

6 – توقعتا تحت الدينونة

+ قال القديس دوروثيئوس :
النميمة تصدر من ذاك الذي يخبر بما فعله أخوه من خطايا شخصية فيقول عنه أنه قد فعل كذا كذا .. وأما الدينونة فبأن يخبر بما لأخيه من خلق رديء ، فيقول أنه سارق ، أو كذاب ، أو ما شابه ذلك ، فيحكم عليه بالاستمرار فيها وعدم الاقلاع عنها . وهذا النوع من الدينونة صعب جدا ، ولذلك شبه ربنا خطية الدينونة بالخشبة ، والخطية المدانة بالقذي . من أجل ذلك قبل توبة زكا العشار ، وصفح عما فعله من آثام ، وشجب الفريسي لكونه دان غيره ، مع ما له من صدقة وزصوم وصلاة وشكر لله علي ذلك . فالحكم علي خليقة الله يليق بالله لا بنا ، فدينونة كل واحد وتزكيته هي من قبل الله وحده في كل أمر وعلي كل شخص ، أذ يتفق أن يعمل انسان عملا بسذاجة وبقصد يرضي الله ، وتظن أنت غير ذلك ،، وأن كان قد أخطأ فمن أين كان قد تاب وغفر الله له ، أو أن كان الله قد دانه في العالم أزاء ذنوبه ؟ فالذي يريد الخلاص اذن ، ليس له أن يتأمل غير نقائص نفسه ، ذلك الذي رأي أخاه قد أخطأ فبكي وقال : اليوم أخطاً هذا الأخ وغدا اخطيء أنا ، وربما يفسخ الرب لهذا فيتوب ، وقد لا يفسخ لي أنا . فبالحقيقة ويل لمن يدين أخاه فأنه سيهلك نفسه بكونه صار ديانا ، ولكونه يؤذي الذين يسمعونه ، وعنه يقول النبي : " ويل للذي يسقي أخاه كأساً عكرة " ، وكذلك: ويل للذي من قبله تاتي الشكوك " .

+ قال شيخ :

اذا شتم الراهب أخاه بذكر شيء من الخطأ مثل أن يقول : يا زان يا سارق ويا كذاب ، فأن سكت المشتوم وغفر للشتائم وقال في نفسه . بالحقيقة أني خاطيء . فأن تلك الخطية التي شتم بذكرها والتي أشار اليها بقوله : بالحقيقة أني خاطيء ، تغفر له ، وتصبح علي الشتائم ، لأنه ترك الاعتراف بخطيئته وأظهر خطية اخيه ، ولكن المشتوم احتمل اشهار خطيئته فحسب له عترافا ، ولكونه غفر لأخيه نال المغفرة .

+ وقال آخر :
لا تدن الفاسق أيها الضعيف لئلا تصير مثله مخالفا للناموس ، لآن الذي قال لا تزن ، قال أيضاً لا تدن ، والرسول يعقوب يقول : أن من حفظ الناموس كله ، وزل في واحدة منه ، صار مطالبا بالجميع .

+ وقال شيخ بخصوص لعازر المسكن :

اننا لم نجده قد عمل شيئا من الفضيلة غير أنه لم يدموم قط علي ذلك الغني الذي لم يرحمه ، كما كان شاكرا الله علي ما كان فيه ، فمن أجل هذا فقط رحمة الله .

+ قال أنبا يوسف :

أنا أعرف أنساناً له السيرة الجسدية ، فكان يصوم اما يومين ، وأما أربعة أربعة ، واتفق مرة وهو صائم أربعة أيام أن أصابه الضعف في قواه ، فجءة صوت يقوله له : لا تحتقر أحدا من الاخوة ، ولا تدن احدا من خليقة الله ، وما استنطعت أن تعمله فاعمله ، لكن ضع ذاتك فقط وتحفظ علي قدر قوتك وانت تخلص .

وأنبا يوسف هذا ، هو الذي قاتله الشيطان بالزني وهو صبي ، فأرسله أبوه ليقيم منفردا أربعين يوما ، فأبصر الشيطان بشكل امرأة بشعة الصورة .

+ قال القديس أنسطاسيوس :

لا تكن ديانا لأخيك لتؤهل أنت للغفران ، فربما تراه دائما خاطئا لكنك لا تعلم بأي خاتمة يفارق العالم ، فذلك اللص المصلوب مع يسوع ، كان للناس قتالا وللدماء سفاكا ، ويوداس كان تلمذا للمسيح ومن الاخطاء اذ كان الصندوق عنده ، الا أنهما في زومن يسير تغيرا ، فدخل اللص الفردوس واستحق التلميذ المشنقة وهلك .

+ وقال أيضاً :
ان أخا من الرهبان كان يسير بتوان كثير ، هذا وجد علي فراش الموت وهو في النزع الأخير بدون جزع من الموت ، بل كانت نفسه عمد انتقاله في فرح كامل وسرور شامل ، وكان الآباء وقتئذ جلوسا حوله ، لأنه كانت العادة في الدير أن يجتمع الرهبان كلهم أثناء موت أحدهم ليشاهدوه ، فقال أحد الشيوخ للاخ الذي يموت : يا أخانا ، نحن نعلم أنك أجزت عمرك بكل توان وتفريط ، فمن أين لك هذا الفرح والسرور وعدم الهم في هذه الساعة ؟ ! فأننا بالحقيقة لا نعلم السر ، ولكن بقوة الله ربنا تقو وأجلس وأخبرنا عن أمرك العجيب هذا ، ليعرف كل منا عظائم الله .. وللوقت تقوي وجلس وقال : نعم يا آبائي المكرمين ، فاني أجزت عمري كله بالتواني والنوم ، الا أنه حدث الآن في هذه الساعة ، أن أحضر لي الملائكة كتاب أعمالي التي عملتها منذ أن ترهبنت . وقالوا لي : أتعرف هذا ؟ قلت : نعم، هذا هو عملي ، وأنا أعرفه ؟، ولكن من وقت أن صرت راهبا ما دنت أحداً من الناس قط ، ولا نممت قط ، ولا رقدت وفي قلبي حقد علي أحد ، ولا غضبت البتة ، وأنا أرجو أن يكمل في قول الرب يسوع المسيح القائل : " لا تدينوا لكي لا تدانوا ، أتركوا يترك لكم " ، فلما قلت هذا القول ، تمزق للوقت كتاب خطاياي بسبب أتمام هذه الوصية الصغيرة. واذ فرغ من هذا الكلام أسلم الروح . فانتفع الاخوة بذلك وسبحوا الله .
 
قديم 12 - 06 - 2014, 09:49 PM   رقم المشاركة : ( 56 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,778

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

الافراز

+ قال أحد الشيوخ :
أن الافراز الحقيقي لا يكون من الاتضاع ، والاتضاع هو أن نكشف لآبائنا أفكارنا وأعمالنا ، ولا نثق برأينا ، بل نستشير الشيوخ المجربين الذين نالوا نعمة الأفراز ، ونعمل بكل ما يشيرون به علينا ، فالذي يكشف أفكاره الردية لآبائه فانها تخف عنه ، وكما أن الحية اذا خرجت من موضع مظلم الي ضوء تهرب بسرعة ، كذلك الأفكار الردية اذا كشفت تبطل من أجل فضيلة الاتضاع . واذا كانت الصناعات التي نبصرها بعيوننا أولا من معلميها ، أفليست اذن جهالة وحماقة ممن يريد أن يمارس الصناعة الروحانية الغير المرئية بغير معلم ، علما بأنها أكثر خفاء من جميع الصنائع ، والغلط فيها أعظم خسارة منكل ما عداها ؟ ! .

+ قال مار افرام :

بغير طين لا يبني البرج ، وبغير معرفة لا تقوم فضيلة .

+ عبر راهب براهب فقال له :

ما هو تمام الحكمة ؟ فأجابه : ليس الحكيم التام هو ذاك الذي يفرح بشيء من لذات هذه الدنيا ، أو يحزن بشيء من مصائبها أو يغتم به ، وأنما الحكيم التام هو ذلك الذي لا تفرحه السراء ، ولا تحزنه الضراء بل يكون عارفا بالمبتدأ وما يؤول اليه الانتهاء .

+ اجتمع جماعة من الآباء عند الأنبا أنطونيوس :

وتباحثوا في أي الفضائل أكمل وأقدر علي حفظ الراهب من جميع مصائد العدو . فمنهم من قال أن الصيام والسهر في الصلاة يقومان الفكر ويلطفان العقل . ويسهلان للانسان سبيل التنقرب الي الله . ومنهم من قال أنه بالمسكنة والزهد في الأمور الارضية يمكن للعقل أن يكون هادئاً صافياً خالصاً من هموم العالم فيتيسر له التقرب من الله .. وآخرون قالوا أن فضيلة الرحمة أشرف جميع الفضائل . لأن الرب يقول لأصحابها كما وعد : تعالوا الي يا مباركي أبي رثوا الملك المعد لكم من قبل كون العالم .. فمن بعد انتهائهم من المباحثة والكلام .

+ قال أنبا أنطونيوس :
" حقا أن كل هذه الفضائل التي ذكرتموها نافعة ويحتاج اليها كل الذين يطلبون الله . ويريدون التقرب اليه الا اننا قد رأينا كثيرين يهلكون أجسادهم بكثيرة الصوم والسهر والانفراد في البراري والزهد حتي أنهم كانوا يكتفون بحاجة يوم واحد ويتصدقون بكل ما يمتلكون . ومع كل ذلك رأيناهم وقد حادوا عن المسلك القويم وسقطوا وعدموا الفضائل وصارو مرذوين . وسبب ذلك أنهم لم يستعملوا الأفراز"

( أ ) فاعلية الافراز

الأفراز هو الذي يعلم الانسان كيف يسير في الطريق المستقيم الملوكي وكيف يحيد عن الطريق الوعرة . أن الافراز يعلم الانسان كيف لا يسرق من الضربة اليمينية بالامساك الجائز المقدار وكيف لا يسرق أيضاً من الضربة الشمالية بالتهاون والاسترخاء .

الافقراز هو عين النفس وسراجها كما أن العين سراج الجسد . وبخصوص الافراز حذر الرب قائلا : أحذر لئلا يكون النور الذي فيك ظلاما . فبالافراز يفحص الانسان سيئاته وأقواله وأعماله وبالافراز أيضاً يفهم الانسان الأمور ويميز جيدها من رديئها وتتأكد ذلك من الكتب المقدسة : فشاول الملك لما لم يمتلك الافراز اطلم عقله فلم يفطن به كان يظن الي اهمية ما قاله الله بلسان صموئيل النبي . فأغضب الله بذلك التصرف الذي بهخ كان يظن أنه يرضي الله ونسي أن الطاعة للهخ أفضل من تقريب الذبائح . والرب يسمي الافراز ربانا ومدبرا لسفينة حياتنا . والكتاب يقول : ان الذين ليس لهم مدبر يسقطون مثل الورق من الشجر . وأيضاً يقول الكتاب : أن الانسان الذي يعمل أموره بغير مشورة ولا أفراز يشبه بمدينة غير محصنة وكل من اراد دخولها وأخذ كنوزها لا يجد مانعا له من ذلك .

+ حدث أن أحد الاخوة :

لحقته تجربة من ديره فطردوه من هناك فمضي الي جبل أنطونيوس وسكن عنده مدة . وبعد ذلك أرسله الي ديره فلم يقبلوه وطردوه مرة أخري . فرجع إلأي الأنبا أنطونيوس وقال له : أنهم لم يرضوا ان يقبلوني يا أبي فأرسل اليهم يقول :

مركب غرق في اللجة وتلفت حمولته . وبتعب كثير سلم المركب وجاء الي البر فالذي نجا أتريدون أنتم أن تغرقوه ثانية ! ؟ أما هم فحالما رأوا كتاب الأب قبلوه بفرح .

( ب ) تميز الآلام الجسدانية

+ قال أنبا أنطونيوس :

ان للجسد ثلاث حركات : الحركة الاولي من الطبع تتحرك فيه ولكنها ليست عاملة ما لم توافقها النية والحركة الثانية تتولد من الراحة وتر فيه البدن وتنعيمه بالطعام والشراب . فيسخن الجسد ويهيج الدم ويحرك الي الفعل .. ولذلك قال الكتاب انظروا لئلا تثقل قلوبكم بالشبع والسكر . كما يقول : لا تسكروا بالخمر الذي منه الخلاعة أما الحركة الثالثة فأنها تهيج علي المجاهدين من حسد الشيطان

+ سئل القديس مقاريوس :
ماذا يعمل الانسان المخدوع بأسباب واجبة وباعلانات شيطانية تشبه الحقيقة ؟ .

الجواب :
يحتاج الأنسان في هذا الأمر إلي افراز كثيرة ليميز بين الخير والشر ، ولا يسلم نفسه بسرعة ، فأن أعمال النعمة ظاهرة ، التي وأن تشكلت بها الخطية فلا تقدر علي ذلك ، لأن الشيطان يعرف كيف يتشكل بشكل ملاك نور ليخدع ، ولكن حتي ولو تشكل بأشكال بهية ، فانه لا يمكنه ان يفعل أفعالا جيدة ، ولا أن يأتي بعمل صالح اللهم الا أن يأتي بعمل صالح . اللهم ألا ان يسبب بذلك الكبرياء ، أما فعل النعمة فانما هو فرح وسلام ووداعة ، وغرام بالخيرات السمائية ، ونياح روحاني لوجه الله ، أما فعل المضاد فبخلاف ذلك كله ، فهو لا يسكن الملاذ ، ولا يهديء الآلام .

فأذن من فعل الأفراز أن تعرف النور اللامع في نفسك ، هل هو من الله أو من الشيطان ، والنفس بها أفراز من احساس العقل ، به تعرف الفرق بين الصدق والكذب ، كما يميز الحنك الخمر من الخل ، وأن كانا متشابهين في اللون ، كذلك النفس من الأحساس العقلي تميز المنح الروحانية من التخيلات الشيطانية " .

+ قيل عن أحد الرهبان :
انه كان بليغا جداً في الأفراز والتمييز وأراد السكني في القلالي فلم يجد قلاية منفردة ، وأنه خرج تائها في البرية الي ان لقيه أحد الشيوخ فقأخبره بحاله فأجابه الشيخ : " أن لي قلايتين . فاجلس في واحدة منهما الي أن يسهل المسيح لك بقلاية " فحمد أفضاله . ولما سكن في القلاية قصده قوم من الرهبان لينتفعوا منه لكونه من أهل الفضل ، وكانوا يحملونه اليه ما سهل عليهم حمله .

فلما نظر الشيخ صاحب القلاية ذلك بدأ يحسده بايعاز من الشيطان وقال لتلميذه : " كم من السنين ، ونحن مقيمون في هذا المكان ، ولم يقصدنا واحد من هؤلاء الرهبان . وهذا المحتال في أيام قلائل استحال اليه الكل ، أمض اطرده من القلاية " فمضي التلميذ وقال له : " أ، المعلم يسلم عليك ويسأل عن صحتك ونجاح أحوالك واعتدال مزاجك ويسألك أن تصلي من أجله لأنه مريض ، ويقول لك : أن كان لك احتياج الي شيء أقوم بتأديته لك " فقام الراهب وسجد للتلمذ وقال له بلغه سلامي عني .

وقل له :
" اني بخير ببركة صلواتك وليس لي احتياج لشيء " .

فرجع التلميذ الي الشيخ وقال له : أن الراهب يقبل يديك ويسألك أن تصلي من أجله وتمهله أياما قلائل حتي يجد لنفسه قلاية ، ويرتحل عن قلايتك بسلام . فصبر ثلاثة ايام وبعد ذلك أقلقه الحسد ، فقال لتلمذه : اذهب وقل به " لقد صبرت أكثر من اللازم . فأخرج من القلاية " فأخذ التلميذ بركة مما كان يوجد في القلاية ، ثم جاء الي الراهب وسجد بين يديه وقال له : " أ، المعلم يسلم عليك ويسألك أن تقبل منه هذه البركة لأجل السيد المسيح وتصلي من أجله لأنه متعب جداً . ولولا توجعه لكان اليك " فلما سمع الراهب ذلك أدمعت عيناه وقال : " كنت أشتهي أن أذهب وأبصره " فقال له التلميذ : " لا يا أبتاه ، فأنه لا يحتمل أبا مثلك يرافقني اليه ، لئلا يلحقني من ذلك شر . أبق أنت ههنا وأنا أبلغه سلامك ورسالتك "

ثم ودعه وخرج وأتي الي الشيخ وقال له : يا أبتاه أن الراهب يقول لك : " لا يصعب عليك الأمر ، ولا تغضب ، في الأحد سوف أخرج من قلايتك " فما زال الشيخ يترقب سواعي الليل حتي يوم الأحد فلما لم يخرج الراتهب قام الشيخ واخذ عصا وهو مسبي العقل ، طائر الفكر ، وقال لتلميذه : " تعال معي الي هذا الراهب المحتال ، فأنه اذا لم يخرج باختياره فسوف أطرده بهذه العصا مثل الكلب " . فلما رآه التلميذ هائجا ،وقد سلب العدو فكره ، قال له : " أسألك يا أبتاه أن تستمع الي مشورتي بأن تجلس ههنا ، وأنا أسبقك اليه وأبصر ان كان عنده رهبان ، لئلا اذا أبصروك علي هذه الحال يطردونك عنه فلا تنال بغيتك ، أما اذا وجدته وحده اعلمتك لتمضي اليه وتطرده " ، فاستصوب الشيخ كلام التلمذ وجلس وهو يصر بأسنانه ومضي التلميذ الي الراهب، وسجد له كعادته وزقتال : " ان المعلم يسلم عليك ، ولما أعلمته أن جسمك ضعيف احترق قلبه ولم يستطيع صبرا ، وقد جاء ليبصرك ، ولكنه بسبب ضعفه ما أمكنه المجيء اليك " . فلما سمع الراهب ذلك الكلام خرج لوقته للقائه بلا كساء ولا قلنسوة علي رأسه ولا عصا بيسده . فسبقه التلميذ الي معلمه وقال له : " هوذا الراهب قد ترك قلايتك وها هو حاضر ليودع ويأخذ بركة صلاتك قبل ذهابه وانصرافه بسلام " . فلما سمع الشيخ هذا الكلام تذكر كلامه ومراسلاته له ، وانكشفت عنه غمامة الحسد وبقي حائرا في نفسه ماذا يعمل ، وخجل من لقائه ، ولشدة الحياء لم يقدر ان يرفع عينيه نحوه ، فأخذ يولي الأدبار ، فلما رآه التلميذ علي هذه الحال ، سجد له وقال : " يا أبتاه . التق بأخبك دون خجل فأن جميع الكلام الذي قلته لي لم يصل الي مسامعه قط " ، فلما سمع الشيخ هذا الكلام فرح جدا والتقي بالراهب بفرح وقلب نقي ،ورجع معه الي قلايته . فقال له الراهب : " أغفر لي يا أبتاه لأنه كام الواجب علي أنا أن آتي اليك ، لأنك تعبت في المجيء الي : فلما رجع الشيخ الي قلايته سجد بين يدي تلميذه وقال له : " أنك من الآن أنت الأب وأنا لا أستحق أن اكون تلميذا " لأنك بعقلك وسلامة ضميرك وحسن افرازك ، خلصت نفسي من الفضيحة .

( ج ) كيف يأتينا الافراز

+ قال الأنبا موسي الأسود :
كل الأمور الروحية بختبرها الانسان بالافراز ويميزها ولن يأتينا الافراز ما لم تتقن أسباب مجيئه وهي :

السكوت لأنه كنز الراهب ، والسكوت يولد النسك . والنسك يولد البكاء ، والبكاء يولد الخوف ، والخوف يولد الاتضاع ، والاتضاع مصدر التأمل فيما سيكون . وبعد النظر يولد المحبة . والمحبة تولد للنفس الصحة الخالية من الاسقام والامراض ، وحينئذ يعلم الانسان أنه ليس بعيدا من الله فيعد ذاته للموت .

( د ) نتيجةعدم الافراز في النسك

+ قال القديس أنبا أنطونيوس :
ان قوما عذبوا أجسادهم في النسك ولم يجدوا الافراز . فصاروا بعيدين عن الله .

+ قال أنبا أوغريس :
" ممدوح هو الانسان الذي يربط النسك بالفهم ، لكي تروي النفس من هذين النوعين ، وتظهر النسك بقتل الأعضاء التي علي الأرض ، اعني الزني والنجاسة والأغراض الشريرة " .

+ قال القديس قسيانوس الرومي :
" انه كان شيخ اسمه ايرينيس ، هذا – منذ أيام قلائل – كابد سقطه يرثي لها قدام أعيننا اذ تهزأت به الشياطين ، فهبط من تلك الرفعة الي قاع الجحيم بسبب شظف الطريق الذي سلكه ، اذ سكن البراري منذ 50 سنة مستعملا التقشف والنسك ، طالبا أبداً أطراف البرية والتفرد أكثر من أحد ، فهذا – بعد الأتعاب الكثيرة تلاعب به أبليس وطرحه في ثقيلة ، وسبب به للآباء القدماء الذين في البرية ولكل الاخوة مناحة عظيمة ، ولو أنه استعمل الافراز لما لحقه ، وذلك أنه تبع فكره في الأصوام والانفراد بعيدا عن الناس لدرجة أنه حتي ولا في يوم الفصح المجيد كان يحضر مع باقي الآباء الي الكنيسة كي لا يضطره الحال الي أن يأكل مع الآباء شيئا مما يوضع علي المائدة ، مثل القطانيا او غيره ، لئلا يسقط عن الحد الذي حدده لنفسه من النسك ، فهذا ظهر له الشيطان بشبه ملاك نور فسجد له واقنعه أن يرمي نفسه في بئر عميقة ليتحقق عمليا عناية الله ، وأنه لن يلحقه ضرر لعظيم فضيلته ، ولما لم يميز بفكره من هو هذا المشير عليه بهذه المشورة لظلام عقله ، فطرح نفسه في بئر في منتصف الليل ، وبعد زمان ، عرف الاخوة امره ، وبالكد والتعب الكثير انتشلوه وهو بين الحياة والموت ، ولم يعش بعد ذلك سوي يومين ومات اليوم الثالث ، وخلف للاخوة حزنا ليس بقليل . وأما الأب بفنوتيوس ، فلما حركته محبته للبشر ، أمر بأن يقدم عنه قربان مثل المتنيحيين ، ذاكرا اتعابه الكثيرة وصبره علي شقاء البرية " .

+ وحدث لألبينوس الطوباوي :
أنه في وقت من الأوقات مضينا الي الاسقيط وكان بيننا وبين الاسقيط 40 مرحلة ، أكلنا فيها دفعتين وشربنا ماء ثلاثة أيام وهو لم يذق فيها شيئا ، بل كان يتلو محفوظاته وما كنا نلحقه ماشيا ، وهكذا ضبطه العدو أخيراً لما اقتنع برأية وفي عروض ذلك أمسكته حمي محرقة في أمكنة الجلوس في القلاية ، فمضي الي الاسكندرية ولعل كان بسياسة الهية كما قيل : " دفع مسماراً بمسمار " لأنه أسلم ذاته باختيار لعدم الافراز فوجد فيما بعد خلاصا غير طوعي ، فصار يحضر المشاهد ( المسارح ) وطرد الخيل ، ومن كثرة أكله وغرامه بشرب النبي مال جدا لمحبة النساء ، ولما شارف الوقوع في تلك البئر ، حدث له – ولعله بسياسة الهيئة – أن مرض في أعضائه مدة ستة أشهر حتي أن تلك الاعضاء تهرأت وسقطت منها وبها ، وفيما بعد بريء ، فانتبه وذكر السيرة السمائية واعتراف بجميع ما عرض له للآباء القديسين ، ولم يفسخ له الأجل فتنيح بعد أيام قلائل .
 
قديم 12 - 06 - 2014, 09:50 PM   رقم المشاركة : ( 57 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,778

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

الرؤى

لا تصدقوا كل روح
+ من كلام انسطاسيوس السينائي :
" ليس كل من يعمل آيات قديساً ، بل نجد كثيرين يعملون آيات وتتلاعب بهم الشياطين ، لننا قد فهمنا من حال أسقف هيراطيقي اسمه مقدونيوس محارب الروح القدس ، أنه قد نقل شجرة زيتون من موضعها وغرسها في موضع آخر بشكل الصلاة .

وحدث كذلك أن رجل ظالم قد أزعج أمرأة لأجل دين كان له علي زوجها ، وزاد قيمة الدين عن الحقيقة ، ولم يكن الميت قد دفن بعد ، فما كان من ذلك الأسقف المذكور الا أن جعل الميت يتكلم ويخبر بمقدار الدين ، كذلك لما مات ذلك الأسقف المذكور ألا أن يجعل الميت يتكلم ويخبر بمقدار الدين ، كذلك لما مات ذلك الأسقف الهيراطيقي ، ظهرت علي قبره خيالات كثيرة وعملت آيات ، من أجل ذلك لا يجب أن تقبل كل من يعمل آيات قائلا أنه قديس ، بل يجب أن يمتحنوا ويختبروا علي رأي القائل : " لا تصدقوا كل روح ، بل جربوا أن كان ذلك الروح من الله ، لأن انبياء كثيرين كذابين قد خرجوا الي العالم " والرسول يقول : " أن هؤلاء رسل كذابون وفعلة غاشون ، متشبهون برسل المسيح ، وأن الشيطان يظهر بشكل ملاك النور ، فلا عجب أن كان خدامه يتشكلون بشكل خدام العدل " ، لأن الشياطين الأنجاس بواسطة الأنبياء الكذبة يصنعون آيات واشفية جسدية ليخدعوا من كان سهل الانقياد لخداعهم ، وقد يظهرون أحيانا ميتا قائما بواسطة صلاة بطالة من انسان مضل ، وذلك بأن يدخل ابليس في جسد الميت ويحركه ويخاطب الأحياء من وجه الميت ،ويجيب الانسان المخدوع عما يسأله ، ويخبر عن أشياء مخفية وعما قوم سرا ، جتي اذا وثقوا به أنه صادق ، سهل عليه أدخال الضلالة التي تخصه .

كذلك يتجاسر الشياطين علي أن يحدثوا عن خصب الأرض وجدبها ، واختلافات الأهوية وكثرة الأمطار وقتلها وما شاكل ذلك ، كما يمكنهم فهم آراء الناس من اشارات وأمارات يرونها في الانسان أو يتصيدون ذلك من وجوه أخري ، وليس ذلك فقط ، بل ويسبقون فينذرون بموت قوم من الناس ، لأن العناية الالهية قد وضعت علامات في جسم البشر كما يعرف ذلك أولئك الذين حذفوا صناعة الطب حذقا بليغا ، اذ يستدلون علي موت الناس من علامات تظهر منزيادة الكيموسات ونتقصان الدم ،وتغير المزاجات وغير ذلك ، لا سيما وأن الشياطين لطيفة ولطول مدتهم وكثرة تجاربهم ، فالنساء العرافات والمنجمون يحدثون بما يحكم به الشياطين ، ليس عن سابق علم . بل لزيادة التجربة . وليس ذلك مقبولا ، فقد عرفنا قوما سحرة مشعوذين ، قد صنعوا آيات متنوعة من فعل الشياطين ، مثل هاروت وماروت اللذان كانا علي عهد موسي ، فأنهما جعلا عصيهما حيات ، وقلبا المياه دما ، واصعدا من المياه كثيرة من الضفادع .

كذلك سيمون الساحر في عهد الرسل ، فكم من الآيات صنع ، فلقد حرك أصناما وجعلها تمشي ، وطرح في النار ولم يحترق ، وطار في الهواء ، وحول حجارة الي خبز ، وصار حية ، وتشكل بهيئة حيوانات ، وفتح أبوابا مرتجة ، وفك قيودا ، وحل حديدا ، وعلي المواليد اظهر اشكالا ، وجعل الأوعية التي في البيت تتحرك خادمة منها وبها دون أن يري الذي يحركها ، وجعل ظلا يتقدمه زاعما أنه من أرواح الذين ماتوا ، واذ رام كثيرون من السحرة أن يفضحوه ، غير شكله ، ثم بحجة ما ، دعاهم الي وليمة حيث ذبح ثورا وأطعمهم ، فنزلت بهم اسقام كثيرة ، وصرعتهم شياطين مردة ، وأخيرا لما طلبه الملك ، فزع منهم ، وهرب وطرح شكله علي غيره .

+ ومن كلام الباب اثناسيوس :

سؤال :

كيف يصنع الهراطقة آيات لمرات كثيرة ؟ " .

الجواب :
" سبيلنا الا نستغرب ذلك ، لأننا قد سمعنا الرب قائلا : أن كثيرين يقولون لي في ذلك اليوم يارب يارب ، أليس باسمك تنبأنا ، وأخرجنا شياطين وصنعنا قوات كثيرة ؟ فأقول لهم ، أني لا أعرفكم قط ، انصرفوا عني يا فعلي الاثم " ، فعلي أكثر الحالات يتسبب الشفاء بايمان المتقدم وليس بسيرة المجترح ، لأنه مكتوب : " أن ايمانك خلصك " ، لأنه ليس في الاثوذكسية فقط اجتراح آيات ، بل وقوم أردياء ، مراراً كثيرة تقشفوا وقدموا لله أتعاباً ، فأخذوا أجرتهم في هذا العالم فسحه من الله ، كشفاء الأمراض لكيما يسمعوا ذلك في العالم العتيد : " أنك قد استوفيت خيراتك في حياتك " .

( أ ) هل تعتقد في الأحلام

+ في بعض الأوقات جاء أخوة إلي الأب انطونيوس

يخبرونه عن أحلام يرونها ليعلموا هل هي حقيقة أم من الشياطين ، وكان معهم أتان قد مات في الطريق ، فلما سلموا عليه ابتدرهم قائلا : " كيف كان طريقكم ؟ وكيف مات الأتان الصغير ؟

فأجابوه :

" من أين علمت يا أبانا ؟ " فقال لهم : " أن الشياطين أروني ذلك في الحلم " ، فقالوا له :" ونحن لهذا الأمر بعينه جئنا نسألك ، لئلا نضل ، لأننا نري أحلاماً ونصدقها مراراً كثيرة " ، فأكد لهم الشيخ من حال الزمن الذي أخبرهم به أن هذه التخيلات من الشياطين .

+ من كتاب الدرج :

المصدق المنامات يشبه من ميريد أن يلحق ليمسكه ، فأن شياطين العجرفة ينذرونا في الحلم بما يكون مكرا منهم ، فإذا تمت المنامات نتخشع نحن ماننا قد تقربنا من نعمة النبوة فيتعجرف فكرنا جملة ، طائعين الشيطان ، أن الشيطان هو روح علام بما في سقطس الهواء فاذا عرف أنه قد مات فلان يسرع ويخبو به ويخدع الخفيفي العقول وقد يتشكل مرات بشكل ملاك نور أو شهيد من الشهداء ، ويرينا ذلك في الحلم واذا انتبهنا يملأنا فرحا وابهة .

+ راهب اسمه نونمينوس :

هذا اظهر من ضبط الهوي مقدارا زائداً ومكث سنين كثيرة حابسا نفسه في قلاية ، فهذا تلاهت به الشياطين فيما بعد وهزات به باعلانات ومنامات أظهروها له ، فتهود واختتن ، بعد أتعاب وفضائل جزيلة فاق بها جميع الاخوة ، لأن الشيطان لما رام خديعته أراه مرارا منامات صادقة ليحسن قبول نفاقه ، ويجعله حسن الانصياع لقبول الضلالة التي كان عتيدا أن يميلها عليه أخيراً ، فأراه في بعض الليالي شعب المسيحيين مع الرسل والشهداء مظلمين مكمدين معبسين مغمومين من كل خزي ، ثم أراه شعب اليهود مع موسي والأنبياء ملألئا ، باشا مستبشرا ، وعرض عليه الخداع قائلا :

" أن شئت نوال فرح وضياء هذا الشعب تهود واختتن " .

+ وآخر أيضا :
كان كثير الصلاة والصوم والجهاد ، وكان كل يوم في ازدياد وحرص ، وحدث أنه أن\تكل علي أعماله الصالحة ، فجاءه المجرب في الليل في شبه أمرأة تائهة في البرية ، ووثبت ودخلت قلايته ، ووقعت بين رجليه وكانت تطلب اليه أن تستقر عنده تلك الليلة ، فظن في نفسه حينئذ أن يصنع معها خيراً ، وبدأ يسألها كيف تاهت ؟ فأخبرته بكل ما اصابها .. ثم بدأت تكلمه ، وتزرع في قلبه الأفكار الدنسة ، وترثي لحاله ، وتتظاهر بالاشفاق عليه ، وهكذا أطالت في كلامها حتي أمالته الي الشهوة النجسة ، مريدة جذبه الي نفسها ، وبالضحك السمج أضلته حتي أنه بسط يديه اليها ، فاقترب منها مسبيا بها ، مقدما نفسه ليتم الشهوة ، فصاحت بغتة . وخرجت هاربة مثل الدخان ، وصوت الضحك سمع في الهواء من الأرواح النجسة يصيحون ويقولون : " يا من تعظم ونرفع الي العلا ، أنظر كيف هبطت الي الهاوية " . ومن بعد هذا غدا حزينا ولبث هكذا في حزن أياماً كثيرة حتي قطع رجاؤه ورجع الي العالم . وعلي هذا المنوال يفعل الشيطان ، فانه اذا غلب انسانا يجعله بغير معرفة لئلا يقوم من سقطته . من اجل ذلك يجب علينا الهروب من العالم ،والحذر من ملاقاة أمرأة ، ولا نقطع رجاءنا أبداً من رحمة ربنا .

( ب ) خيالات التنبؤ

+ قل القديس أنطونيوس :
وان تظاهر الشياطين بسابق المعرفة ، فلا تمل اليهم ، لأنهم يخبرون بأشياء كثيرة قبل كونها بأيام ، ليقنعوا الذين يصغون اليهم بصدقهم ، فاذا صدقوهم بعد ذلك ، أهلكوهم . أما هم ( أعني الشياطين ) فليس لهم سابق معرفة لأن علم الغيب لله وحده ، وأنما هم سعاة خفيفيون مسرعون في الهواء ، والذي يرونه يسبقون وينذرون به فأطلبوا من الله ليؤازركم علفي دحضهم ، متي طرقوكم ليلا علي انهم ملائكة ، لا تصدقوهم لأنهم كذبة .

+ وقال أيضاً :
اذا ما بدأ الانسان في المجيء من بلدة بعيدة ، فعندما يراه الشياطين هكذا يسبقون وينذرون بمجيئه قبل أن يجيء وقد يتفق مرارا كمثيرة ان ذلك الانسان يعاق أو يرجع لعارض ما فيظهر كذب الشياطين ، وهكذا ينبئون عن ماء النيل ، لأنهم متي عاينوا الأمطار الكثيرة في بلاد الحبشة ، يعرفون أن ماء النهر يكون كثيرا ، فيسبقون ويخبرون بذلك ، وكما كان ديدبان داود الملك يقف في أعلي موضع فينظر ما لم ينظره من كان تحته فيخبر به ، هكذت هؤلاء الأرجاس أيضاً يفعلون ذلك ليضلوا ..

+ دخل راهب الي البرية وكان يصوم الستة أيام ، وفي اليوم السابع كان يأتي الي الصلاة ويتناول الطعام ، ولا يزيد عن الصلاة كلمة ، فهذا مضي اليه الشياطين وخدعوه في أشياء كثيرة وانذروه بأمور جرت في بلدان مختلفة ، فصدق بما خيل له وظن بالمخيلين له أنهم ( أرواح ) قوات قديسة ، واتفق وقتئذ أن مضي ليفتقد أخا مريضا وتظاهر لقوم كانوا هناك كأنه يحكي عن غيره فقال : هل يمكن لانسان أن يعلم ما يجري في العالم ؟ .. فلما سمعوه فهموا انه هو المخدوع ، فزجروه قائلين : أن اشغلت فكرك بمثل هذا سمعوه فهموا أنه هو المخدوع ، فزجروه قائلين : أن اشغلت فكرك بمثل هذا الخداع فلا تعد الينا وللوقت الي حيوانات مفزعة وتهددوه وانصرفوا عنه .

( ج ) خيالات الرؤي

+ سئل شيخ :

ما رأيك في أناس يقولون انهم يبصرون ملائكة ؟

فأجاب الشيخ :
طوبي لمن أبصر خطاياه كل حين .

+ وقال آخر :
أن الشياطين يخفون شرهم وراءهم ، ونورهم آخره ظلام ، فلا تعمل شيئا بغير مشورة الآباء العارفين بقتالهم .

+ من رسالة للقديس سمعان :
جميع المناظر التي يمكن للناس ابانتها في الاجسام ، انما هي من تخايل أفكار النفس وليست من أفعال النعمة ، لأن من شأن هذا الأمر ان يتبع الرهبان الشديدي البحث ، محبي العجرفة ، الجانحين الي الكبرياء والأبهة ، المتمسكين بالرفيعات ، المرأئين .

انسان سكن طور سيناء ، وكان يظن أنه يسلك سلوكا حسنا ، هذا عجرفته الشياطين في المنامات ، وتخيل أنه قبل شرطونية الأسقفية ، فجلس وأخذ يعمل عمل الأساقفة .

ولقد رأينا أيضاً متواحداً ساكناً مغارة ، لعبت به المنامات فأعيا أهويته وطارد ضلالات فضاع عقله وفسد قلبه وسقط من السيرة الفاضلة ومات مجنونا

+ وراهب آخر اسمه ولاس :

قورنثاني العقل متشامخ ، هذا جاء الي البرية وسكن مع الآباء لعدة سنين ، واتقن التقشف وشظف السيرة الي اقصي غاية فخدع من الأبهة وتناهي في العجرفة كثيرا ، واقنعه ابليس بأن ملائكة تخدمه في كل ما يحتاج اليه ، وكما حكي عنه رفاقه ، انه في وقت من الأوقات وهو يخيط الزنابيل في ليل عميق داج أن رمي بالمسلة علي الأرض فظهرت له شمعة بفعل ابليس ، فتعجرف واستكبر من هذا الحادث المر ، فاتفق ان قوما غرباء أحضروا الي الاخوة فاكهة ، فأرسل الأب مقاريوس الطوباوي لكل واحد نصيبا بمقدار حفنة ، وأنفذ له ضمنا ، فلم يأخذ ما أرسل اليه ، بل شتم وضرب موصله .

وقال له :
" امض وقل لمقاريوس ما أنا دونك لتنفذ لي بركة " ، فعلم الأب أنه قد خدع .
وبعد يوم مضي اليه ليعزيه ،

وقال له :
يا أخي لقد ترهت بك الشياطين ، فكف واطلب من الله أن يرحمك . فلم يصغ الي كلامه ، فمضي من عنده حزينا متحققا انخداعه ، فلما رأي ابليس أنه قد أنخدع له وانقات اليه ، تشكل له بشكل المخلص وأتاه بالليل مع شياطينه كملائكة الرب حاملين أنوارا ، وظهر له في كرة نارية قد تخيل له في وسطها المخلص ، وأن واحدا من الشياطين قال له ان المسيح قد احب سيرتك وقد جاء لينظرك ، فأخرج من قلايتك ولا تعمل شيئا آخر . سوي أنك تقوم من بعيد ، واذا نظرته قائما وسط الكل ، خر له ساجدا ، ثم أرجع أدخل قلايتك .

فلما خرج ولاس وراء المصاف وحاملي الأنوار وقف علي بعد وسجد لضد المسيح ، وهكذا انخدع عقله المفسود لدرجة أنه جاء الي البيعة في اليوم التالي وبمشهد من جماعة الأخوة قال : أني لست في حاجة الي قربان لأني بالأمس قد شاهدت المسيح . وحينئذ ربطه الآباء بالحديد مدة سنة كاملة حتي كسروا عجرفته وكبرياءه بسيرة لا عجبة فيها ، وشفوا الضد بالضد علي ما يقال .

فأن كان مع غروس الفردوس نبت معرفة الخير والشر ، فلا عجب أن نبتت مع المناقب الشريفة أثمار ردية تولد الموت ، فيليق بالمفرز أن يكون كل حين حذرا ، لآنه مرارا كثيرة تصير الفضائل الجلية أسبابا لسقطات عظيمة متي لم يحكمها بنية متضلعة ذات افراز .

وعلي ما كتب :
" {ايت صديقا هالكا ببره : مع أن ألبر لم يكن بسبب الهلاك بل العجرفة .

+ وأيضا انسان اسمه ماليطون :
كان يري آراء غريبة ، ويتجاسر علي العظائم ، هذا تنسك محتملا الأتعاب والمعاطب الكثيرة ، متشبثا بامساك الهوي لأبعد غاية ، وعلي ما قيل تتلمذ لأوليانوس الطوباوي مدة من الزمان ، وصحبة الي طور سيناء والي بلد القبط ، وشاهد انطونيوس الكبير وصحبه ، وصاحب غيره من القديسين الكبار ، وسمع منهم أقولا كثيرة تتعلق بالطهارة وخلاص النفوس ، وأشياء كثيرة من التذكارات التي تهون من احتمال المصاعب ، وما يتعلق بمناظر الروح ، وسمع أيضاً أنه يمكن للنفس اذا ما نظفت كما يجب وبلغت الي عدم الانفعال ، أي انها اذا ألقت عنها – يحفظ الوصايا – لبأس الآلام العتيق ، وثبتت ثيابا قويا بالله علي صحتها الطبيعية التي كانت لها أولا ، فأنها حينئذ تبلغ الي المناظر الألهية .

فهذه الأمور وما شاكلها لما سمعها ماليطون ، التهب بالعجرفة كالملتهب بالنار ، ثم أنه انفرد في موضع وانفصل من الاجتماع بالباقين وانعكف علي نصب وتعب طويل ، وتبتل للصلوات الكثيرة والطلبات ليحظي فقط بما كان يؤمله من المناظر الرفيعة التي سمع بها ، وكان شغوفا بنوالها ، مع أنه لم يكن قد احترف صناعتها ، أي تواضع اللب وتمسكن القلب ، وجعل اعتماده علي مواصلة الأتعاب والتوفير علي الأصوام دون أن يذلل ذاته أو يخضع عقله جملة ، ودون ان يفهم حيل وكمائن ابليس المحارب ، ولم يصغ الي القول القائل : " اكملتم كل شيء فقولوا أنا عبيد بطالون " ، بل تعجرف عقله بالكبرياء والأبهة ، فلما نظر الشيطان أنه لا هم له الا في عدم تمسكن العقل ، ولا تعرض له سوي رغبة نوال المناظر العالية ، أظهر له ذاته محاطا بمجد عظيم ونور كثير وقال له : " أنا هو البارقليط ، أرسلت

الآن من الآب اليك لأهبك شيئا من المناظر الرفيعة جزاء لأتعابك الكثيرة ، هذه المدة الطويلة ، لأنك اكملت زمان العمل ، وقد حان أوان الراحة " . وطلب منه السجود له ، ففرح جدا بما سمع ولم يشعر بالعطب ، وللوقت خر ساجدا له ، فلما نال العدو السجود الذي أراده ، استولي عليه بالكلية ، وأعطاه تخيلا شيطانية عوض المناظر الالهية ، التي كان يشتاق لرؤياها ، وفرغ من الاتعاب والاغراق كأنه ثد بلغ الي عدم الانفعال ، وقال له : " أن كنت قد بلغت الي هذا الحد من عدم الآلام ، فليس هناك حاجة بعد الي تعب وعرق جسدي " . ومن ههنا جعله ابليس مقدما واماما لمقالة ( لبدعة) الساجدين المصلين ، فيما أنكشف أمره للأسقف ، أبعده ورذله ونفاه بعيدا .

+ قيل عن بعض الآباء :

" أن الشيطان تراءي له في شبه ملاك نوراني وقال له " أنا غبريال ؟، قد أرسلت اليك .

أجاب الشيخ :
" لعلك أرسلت الي غيري وأما أنا فخاطيء " .

فلما سمع الشيطان هذا الكلام منه باتضاع ، اختفي ولم يرده .

+ كان أحد الشيوخ جالسا في قلايته مجاهدا .

وكان ينظره الشياطين عيانا ويحتقرهم ، فلما رأي ابليس نفسه مقهورا من الشيخ ، ظهر له قائلا : أنا هو المسيح . فأغمض الشيخ عينيه ، فقال له الشيطان : أنا المسيح ، وتغمض عينيك مني ؟ ز فأجابه الشيخ قائلا : لا أريد أن أبصر المسيح ههما .

فلما سمع ابليس منه ذلك ، غاب عنه .

+ قال أحد الشيوخ :

حتي ولو ظهر لك ملاك حقيقي فلا تقبله بل حقر ذاتك قائلا : أنا عائش بالخطايا فلا استحق أن أنظر ملاكا .

+ قال الشيخ أوغريس :
لا تشتق أن تنظر ملائكة أو قوات ، أو المسيح حسيا ، لئلا يضيع عقلك بالكلية ، وتقبل ذئبا بدلا من خروف ، وتسجد لأعدائك الشياطين ، لأن بدء ضلالة العقل التيه والكبرياء ، اذا ما بدأ العقل يتحرك في العجرفة ، فانه يروم أن يحضر الاله في صور وأشكال ، لذلك يجب الا تجهل هذا الغش ، وهو أنه في وقت ما ، يقسم الشياطين ذواتهم ، فبعض منهم يبدأون بمحاربتك ويحققون عندك أنهم شياطين ، فاذا طلبت المعونة ، تجد البقية يدخلون اليك في شكل ملائكة قديسين – وهم شياطين – ويطردون اولئك الأولين ليخدعوك ، فتظن أنهم ملائكة قديسون ، وهم شياطين ، كذلك توسوس لك الشياطين في وقت ما بأفكار ، ثم يحركونك للصلاة عليهم ومقاومتهم فينصرفون باختيارهم ، كيما اذا انخدعت طننت بنفسك شيئا ، فتتكبر كأنك قد بدأت أن بدأت أن تقهر أفكارك وتفرع الشياطين .

+ جلس أحد الرهبان ناسكا في قلايته .
فأراد الشياطين أن يخدعوه بصورة ملائكة ، وانهم أنهضوه للذهاب الي اجتماع الكنيسة وأروه أنوارا ، فجاء الي شيخ وقال له : يا أبانا ، أن الملائكة تأتيني بصورة وتقيمني لأذهب الي اجتماع الكنيسة .

قال له الشيخ :
لا تقبل منهم ذلك يا ولدي ، أنهم شياطين ، فاذا أتوك قل لهم : أنا متي أردت قمت ، ومنكم لا أسمع .

وفي الليلة التالية جاء الشياطين فنبهوه كعادتهم ، فأجابهم بما قال له الشيخ . فقالوا له : هذا الشيخ السوء الكذاب انما يخدعك . فقد أتاه أخ يستعير منه شيئا مان عنده ، لكنه كذب وقال : ليس عندي ، وصرفه دون ان تعطيه شيئا . فجاء الأخ بكرة الي الشيخ وأخبره بما كان ، فقال له الشيخ : أما ما طلبه الأخ مني وكان عندي ولم أعطيه فذلك لأني عرفت أنه شيء يسبب له خسارة نفسه ، فرأيت أن أتجاوز وصية واحدة ولا أتجاوز عشرة وصايا كي لا ينتهي أمرنا الي الحزن ، فأما أنت فلا تسمع من الشياطين الذين يريدون ان يخدعوك . وبعد أن دعمه بالتعليم صرفه الي قلايته .

+ قال أنبا أور :
أني أبصرت أنسانا في البرية خليت له الشياطين طغمات ملائكة ومراكب حافلة ، ومكلكا في وسطهم ، فقال له : يا أيها الانسان ، لقد اتقنت كل شيء ، اذن خر لي ساجدا وأنا أرفعك كما رفعت ايليا . فقال الراهب في فكره : أنا في كي يوم أسجد لملكي المسيح ، فلو كان هذا هو المسيح حقا ، لما التمس مني السجود الآن . ولما جال هذا في فكره قال : أن ملكي هو المسيح وأنا دائما أسجد له ، وأما أنت فلست بملكي . ولما قال هذا الكلام ، تلاشي ذلك الخيال للوقت . هذا ما شرحه ذلك الأب كأنه عن غيره ، وأما الآباء الذين كانوا معه فقالوا : أنه هو هو الذي رأي ذلك .

+ جلس أخ

" في برية ملآنة من الشياطين مدة من الزمان وكان يظن أنهم ملائكة ، وكان والده يزوره من حين الي حين ، وفي بعض الأيام أخذ منه فأسا ليحطب به ويعيده اليه ، وحدث في عودته اليه أن سبق أحد الشياطين وقال له : أن شيطانا يشبه أباك آت ومعه فأس في زمبيله يريد أن يضربك به ، فلما جاء أبوه حسب عادته ، أخذ الابن الفأس وضربه فقتله ، وللوقت صرعه الروح النجس وخنقه .

+ راهب آخر :
كان ينظر دائماً في قلايته ضوء سراج ، فانقاد لعدم التمييز وقبل في بعض الأوقات شيطاناً علي أنه ملاك ، فأمره ذلك الشيطان ان تقدم لله ولدا له معه في الدير لينال بذلك كرامة أب الآباء ابراهيم ، فانقاد لهذه المشورة لدرجة انه كاد أن يتممها بالفعل ، لولا أن الغلام نظره يسن السكين بخلاف العادة ويجهز ما يربطه به ، فهرب منه ونجا .

+ حكي راهب تقي قائلا :
أني في حال سفري لأسجد في أورشليم جئت إلي موضع حيث كان هناك جرف عال وفيه مغارة ، ومن تحته يوجد دير ، فدخلت اليه ، فقال لي سكانه أن أحد الرهبان أراد أن يسكن تلك المغارة ، وسأل الرئيس في ذلك ، فقال له : يا ولدي ، أنك لا تقدر أن تسكن المغارة ، لنك لم تخضع أسقام نفسك بعد ، ولا آلام جسمك للقوة الناطقة ، كما أنك لا زلت تجهل حيل ابليس المتفننة . فالأجود لك أن تقيم بالدير ، وتخدم آباءك وتربح صلواتهم ولا تبق وحدك مقاتلا شياطين خبثاء .

ولكنه لم يقتنع ، فأفسح له الرئيس في ذلك ، وصعد الي المغارة ورقع السلم . وكان الاخوة يحضر له طعاما ويرفعه في زنبيل . ثم أن ابليس .

الذي لم يزل محاربا للسالكين طريق الفضيلة – دبر له وهقا ليرميه في هوة الكبرياء ويأخذه أسيرا ، فظهر له شكل ملاك نوراني وقال له : أعلم أهيا الأخ أنه لطهر نيتك وشرف سيرتك ، أرسلني الرب خادماً لقدسك .

فأجابه الراهب : وما الذي فعلته حتي تخدمني ملائكة ؟

قال له ذاك : أن جميع اعمالك جليلة وقد أنعزلت عن الرهبان وسكنت وحدك في هذا الموضع ، فكيف لا تخدمك ملائكة ؟

بهذه الأقاويل وأمثالها نفخ التنين في ذلك الراهب ، وصار يأتيه كل يوم ويخاطبه بمثل هذا الكلام .

ثم أنه حدث في بعض الأيام أن رجلا وقع بين اللصوص وسلبوا ماله ، فسعي الي مغارة ، فتقدم ابليس وجاء اليه في صورة ملاك وقال له : أن انساناً يقبل اليك ، سرق اللصوص بيته ووضعوا ما أخذوه منه في مكان كيت وكيت . فأتي الرجل وسجد تحت المغارة فأجابه الراهب من فوق : مرحبا بك يا أخي ، قد عرفت حزنك ، أن لصوصا أخذوا حاجاتك وهي كذا وكذا ، وهي مخبأة في المكان ، امض خذها وصل علي .

فرجع الرجل الي ذلك المكان ولما وجد اشياءه انذهل ، وأشاع الخبر بين الناس ان الراهب ساكن المغارة يعلم الغيب . فأقبل اليه جمع غفير ، رجالا ونساء وأحداثا متسائلين . ودخل فيه الشيطان وصار يخبر كل واحدج بما ناله في زمانه وما يناله ، فلما سمع رهبان ديره عجزوا كيف بلغ هذه المنزلة في زمن يسير . وفي يوم الاثنين ثاني أسبوع القيامة ، ظهر له ابليس وقال له : أعلم أيها الأب ، انه يوم الاثنين ثاني أسبوع القيامة ، ظهر له ابليس وقال له : أعلم ايها الأب ، أنه لحسن سيرتك فان ملائكة كثيرين مرسلون خلفك ليحملوك الي السماء حتي تعاين المجال الذي هناك . وان الاله المتحنن لم يشأ هلاكه ، فألهمه أن يطلع الرئيس علي هذا الأمر ، فرأسله بيد الأخ الذي يأتيه بالطعام ، فلما سمع الرئيس بذلك أسرع بالمضي اليه وقال له : " يا ولدي لماذا استدعيتني ؟ فأجابه قائلا : " بماذا أكافئك يا أبي عن جميع ما عملته مع حقارتي ؟ " فأجابه الرئيس : وماذا عملت معك من الخير ؟ " ، فقال : " خيرك علي كثير لك استحققت لبس هذا الزي ، بك سكنت هذه المغارة ، بك بلغت أن أنظر ملائكة ، بك الهمت بعلم الغيب " .

فلما سمع ذلك قال له : " أأنت يا شقي تنظر ملائكة الغيب ؟ أما قلت لك : لا تصعد الي المغارة لئلا تضلك الشياطين ؟ " .

فقال الراهب :
" لا تقل هكذا يا أبي المكرم ، أني بصلواتك أنظر ملائكة وفي يوم الصعود ها انا عتيد أن أرتفع معهم الي السماء بجسدي هذا ، واذا وصلت الي هناك فأني اسأل ربي يسوع المسيح أن يأمر بأن ترفعك الملائكة أنت أيضاً ، فتكون وتعاين المجد الذي هناك " .

فلما سمع الرئيس هذا لطم علي وجهه وحدثه قائلا : " لقد جننت يا شقي وضاع رشدك ، ولكن علي كل حال ها أنا مقيم معك حتي أعاين آخر أمرك ، فاذا رأيت ملائكتك الارجاس ، أعلمني " ، ثم انه أمر برفع السلم ، وأقام معه مصليا الابصالتس وصائما ، فلما كان اليوم المعين لارتفاعه نظر الشياطين قادمة اليه ، فقال : " لقد جاءوا أيها الأب " حينئذ احتضنه الرئيس وصرخ بصوت جمهوري : " أيها الرب يسوع ابن الله . آزر الخ المخدوع " ، فأرادوا أخذه من يد الرئيس ، فزجرهم باسم الرب ، فما كان منهم الا أن أخذوا وزرة الأخ وغابوا مقدار ساعة ، واذا بالوزرة ساقطة نحو الأرض ، فقال له الرئيس : " أنظرت يا شقي ماذا فعل الشياطين بوزرتك ؟ هكذا أرادوا أن يعملوا بك " ، ثم أنه أحضر السلم وأنزل الأخ معه الي الدير ورسم له أن يخدم في المخبز والمطبخ مدة سنة وبذلك ذلل فكره .

+ قال الأب أوغريس :
" لا تصور بعقلك اللاهوتية أشكالا وأنت تصلي ولا تسمح لعقلك بالجملة أن يتصور الاله بشكل ما ، لأن الله تعالي غير هيولي . فأن علمت ذلك ، فانك سوف تجد فهما يليق بالغير الهيولي أي الاله . احفظ ذاتك من مصائد من مصائد المحابين لأنهم اذا رأوك تصلي بنقاوة يجعلون أشكالا غريبة تظهر قدامك بغية ليجذبوط الي كبرياء القلب ، وذلك بأن يصوروا لك الاله والله ليس له شبه ولا قياس ولا صفة .

+ من قول مار اسحق :
كل الذين يزعمون أن المسيح بعد ارتفاعه الي السماء يظهر انسان تراه عين الجسد ، هم رفاق أولئك القائلين : أن نعم الملكوت أكل وشرب .

+ قال شيخ روحاني :
" في أي وقت تبصر فيه الثاؤريا شبه نار مركبة ، فأعلم أن هذا هو فخ الدغل الذي يريد أ، يعيدك له للهلاك ، وأن كل كا يشبه قرصا يضيء قدامك ، او شبه كوكب أو قوس الذي يري بالسحاب ، أو شبه كراس أو مركبة أ, خيل نار ، فهذه كلها من طغيان الشياطين وباختصار اقول : أن كل شيء تراه حولك بهذه الأشباه ، فهو من طغيان الشياطين ، أن منظر الثاؤريا بسيط وليس بشيء مركب " .
 
قديم 12 - 06 - 2014, 09:51 PM   رقم المشاركة : ( 58 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,778

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

الراهب والله

( أ ) ما هو الحب

+ قال مار أسحق :

النفس المحبة لله سعادتنا في الله وحده . محبة الله هي فردوس كل النعيم الذي فيه شجرة الحياة وما لم يخطر علي قلب بشر . فمن يدركه لا يموت لأنه يتغذي بلا تعب من الخبز الذي من السماء الذي يهب الحياة للعالم . فمن عاش في هوي حب المسيح قد استنشق من ههنا نسيم الأبرار بعد القيامة .
الحب هو هذا الملك المعد الذي وعد به السيد المسيح لمحبيه والحب هو المسيح لأن الرسول يقول : " ان الله محبة " .

+ قال القديس باسيليوس :

ابتداء المحبة حسن الثناء ، وابتداء البغضة الوقيعة .

+ وقال أحد الآباء :

كما أنه لا يستطيع أن تكون الصحة والمرض في جسد واحد ولا يفسد أحدهما من الآخر ، هكذا لا يمكن للحب والبغضة أن يسكنا في أنسان واحد ولا يفسد أحدهما رفيقه .

( ب ) كيف يقتني

+ يقول مار اسحق :
- أن مخافة الله تتقدم محبة الله .

- كما أنه لا يمكن عبور النهر بلا سفينة كذلك لا يمكن لأحد أن يعبر الي حب الله . لأن التوبة هي السفينة والمخافة هي مديرها والمحبة هي ميناء السلامة والكرامة حيث يلقي المتعبون راحتهم والعمالون المجاهدون نياحهم والتجار ربحهم حيث هناك الآب والروح القدس الاله الواحد له المجد …

- المخافة هي عصا الآب التي تسوقنا الي محبة الله .





( ج ) خوف الله

+ قال مار اقليمس :

" من لا يجد في نفسه خوف الله فليعلم أن نفسه ميتة " .

+ قال أنبا مكسيموس :
" الخوف الالهي هو غاية اهتمام الانسان بألا يقع في عقوبة الآخرة بسبب خطاياه "

+ قال مار افرام :

" أن شئت ألا تخطيء ، احفظ مخافة الله " .

+ من قول بعض الشيوخ :

" في كل شيء تصنعه ، اعلم ان الله ينظر دائما ، لتكون مخافته فيك .

+ من أقوال أنبا يعقوب :

" مثل المصباح الذي ينير البيت المظلم ، كذلك خوف الله اذا دخل في قلب الانسان ، فأنه يضيئه ويعلمه جميع الوصايا "

+ قال القديس باسيليوس :

" كما أن الجسديين لا يقدرون أن يغضبوا بحضرة الملك ، كذلك الذين يتدبرون بالروحانية يمنعهم من الغضب الخوف من الله الملك المعقول الناظر اليهم دائما " .

+ قال شيخ لتلميذه :

" ويح لنا يا أبني فاننا لا نخاف من الله حتي ولو مثلما نخاف من كلب " فقال له تلميذه : " لا تقل هكذا يا أبي ، والا فأنت تجدف علي الله " . فقال له الشيخ : " أأجدف ؟ ! " أني سوف أبين لك بهذه الحقيقة وهي : ربما أنا مضيت ليلا الي موضع لأسرق ، فكنت اذا أبين له بهذه الحقيقة وهي : ربما أنا مضيت ليلا الي موضع لأسرق ، فكنت اذا سمعت صوت الكلاب ، أخرج لساعتي فزعا منها ، فالخطأ الذي لا يرذني عنه خوف الله ، ردني عنه خوف الكلاب " .

+ سأل أخ أنبا بيمن :

" ماذا أصنع لأن نفسي قاسية ، ولا تخاف الله ؟ " قال له الشيخ : اذهب وأجلس مع انسان يخاف الله ، وهو يعلمك خوف الله " .



+ سأل الأخوة الأب سلوانس :

عند موته قائلين : " أية سيرة صنعتها أيها الأب حتي أقتنيت هذه الحكمة ؟ " فأجاب : " لم أترك قط في قلبي ذكر يسخط الله " .

+ قال دياراخس :
" لا يقدر انسان أن يقتني خوف الله الا اذا أحب خصالا وأبغض خصالا أخري ، وذلك أن أراد أن يكون راهبا حقا " ، قالوا له : " وما هي الخصال التي تحب ؟ " قال : " هي الشجاعة في غلبة الأهواء المظلمة ، المحبة ، العفة ، العلم ، الاتضاع ، المسكنة ، الرحمة ، حسن الحديث ولينه ، الصبر ، السهر ، التعب ، الطاعة ، وما اشبه ذلك مما يرضي الله ، فمن كانت له هذه الخصال رجوت له الخلاص " فقالوا : " وما هي الخصال التي تبغض ؟ " قال : الشره ، العشق ، الحقد ، اللجاجة ، الرياء ، الكذب ، النميمة ، الحسد ، الشر ، العجز ، الضجر ، التواني ، الغفلة ، البذخ ، التيه ، التعظم ، العجب ، الصلف ، وما أشبه ذلك " .

( د ) متي يقتني حب الله
+ قال مار اسحق :
حل قلبك من الرباطات البرانية أولا حينئذ تقدر أن تربطه بحب الله .

من لم يعظم نفسه من حب الدنيا لا يستطيع أن يتذوق حلاوة محبة الله .

أن أعمال الروحانية تتولد من الأعمال النفسانية والأعمال النفسانية تتولد من الأعمال الجسدانية .

( هـ ) محبة الله لنا
+ قال أحد الأخوة :

سمعت أن القديس أنبا انطونيوس اعتاد أن يقول :

" أن الله لا يسمح للقتالات في هذا الجيل ان تشتد كما اذن لها في الأجيال الغابرة لأنه يعرف أن البشر الآن أكثر ضعفا ولن يستطيعوا أحتمالا .


( و ) محبتنا لله
+ قال أنبا انطونيوس لتلاميذه :

" أنا لا أخاف الله … فدهشوا وقالوا له : ما هذا الكلام الصعب يا أبانا : فقال : نعم يا أولادي لأني أحبه والحب يطرد الخوف .

ومرة ذهب انبا آمون الذي من نيتريا الي أنبا أنطونيوس وقال له : آن الأتعاب التي أقوم بها أعظم من اتعابك فلماذا أري ان اسمك ذو صيت حسن بين الناس دون اسمي . اجابه القديس : لأني أحب الله أكثر منك " .

من كلام القديس سمعان العمودي :

" اذا كانت حمي الجسد تمنعه من ان يعمل أعماله الجسدانية ، كذلك مرض النفس بالخطية يمنعها من ممارسة اعمال الحياة الروحانية ، فالله يريد من النفس أن تحبه وتطلبه بحرص ، فاذا أحبته وطلبته بكل قوتها ، فحينئذ يسكن فيها ويملك علي أفكارها فيهديها الي ما يريده لها " .

+ قال القديس باسيليوس :
" علامة الخلوة مع الله هي الابتعاد من القلق والبغضة لسيرة العالم " .

+ قال شيخ :

يجب علي الراهب في كل بكرة وعشية أن يحاسب نفسه ويقول :

" ماذا عملنا مما يحبه الله ؟ وماذا عملنا مما لا يحبه الله ؟ " ، لأنه يجب علينا أن نفتقد حياتنا بالتوبة هكذا ، وبهذه السيرة عاش أرسانيوس لأن من عمل كثيرا ولم أتلفه ، ومن يعمل قليلا ويحفظه يبقي معه " .

+ وقال أيضاً :
لو أننا نحب الله مثلما نحب أصدقاءنا لكان طوبي لنا ، فقد أبصرت أناسا كثيرين قد أحزنوا أصدقاءهم فلم يهدأوا الليل مع النهار بالشفاعات والهدايا حتي ردوا الحب فيما بينهم ، أما الله ، فحزين منأجل خطايانا ، وما نكترث لذلك ولا نطلب رضاه " .



+ قال أنبا تيموثاوس :
" لا توجد طريق مستقيمة ، سوي طريق ربنا يسوع المسيح ، لأنه هو الطريق والحق والحياة " .

+ قال شيخ :
" اذا أردت أن ترضي الله فنق قلبك من جميع الناس ، ضع ضميرك تحت الخليقة ، ولا تدن أحداً ، واجعل فكرك في الله ، واذا أبصرت أحدا يخطيء صل لله قائلا : " أغفر لي فأني انا الذي فعلت هذه الخطية " ، فتتم فيك الكلمة المكتوبة .

" ما من حب أعظم من هذا أن يضع الانسان نفسه عن رفيقه " .

+ التقي سائح بسائح آخر في برية سيناء ، فسأله : " بماذا يكون الخلاص ؟ " قال له : " أذن فمن لا يعرف لا يخلص ؟ " قال : " لا " فقال : " وما هي المعرفة أذن ؟ " قال : " أن يعرف العبد حقيقة خالقه ، ومم خلقه ، وما يؤول اليه أمره ، فاذا عرف ذلك ، فانه لن يعصياه ، بل سوف يصنع مرضاته طول حياته " ، فقال " صدقت " ثم أنصرف .

+ قال شيخ :
" أهتم بالله ، ولا تتهم بشيء أرضي ، أستند الي الله ، ومن جهة المنافقين لا تفرغ"

+ سئل أحد الشيوخ :
" ما هو الباب الضيق ؟ " قال : أن يضيق الانسان علي نفسه ، ويزيل ارادته كلها لأجل حب الله وطاعته ، بحسب ما قيل : " ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك " ، لأنه لم يكن لهم غني وتركوه . بل تركوا مشيئتهم " .

+ قال شيخ : " الذي يريد الاختصاص بالملك ، فلا تحزن أحداً من الناس ، حتي ولو أكثر الاساءة اليك ، بل أترك الأمر لله . أما اذا صادقت الله فسوف يقوم الكل عليك ، ويرفعون عقبهم عليك ولكنك ان ثبت ففي النهاية يوضع أكليل من ياقوت عليك ، وتاج ملوكي علي رأسك " .
 
قديم 12 - 06 - 2014, 09:52 PM   رقم المشاركة : ( 59 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,778

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

الراهب والمجمع

حياة المجمع

+ قال أحد الشيوخ :
" أن الرهبان المتوحشين بالزي المقدس ، القاطنين في الأديرة ، لا يليق بهم أن يقولوا : لي ولك ، ولهذا ولذاك ، والجماعة المشتركة كذلك ، ليس لهم أن يعتبروا شيئاً ما ملكا لواحد منهم ، ولا يدور فيما بينهم : لي ولك ، ولهذا ولذاك . والا فيما يليق أن تدعي ( كنونيون ) الذي هو ( العيشة المشتركة ) بل مجامع لصوص – مملوءة من كل رذيلة وسلب للأشياء الطاهرة " .

+ قال سمعان العمودي :
" لتكن أسماء الاخوة حلوة في فيك ، ومناظرهم جميلة محبوبة في عينيك وخدمتهم سهلة ميسورة في يديك ، أعمل برغبة واتضاع ، وعلم بلا حسد ولا بخل ) .

+ سأل أخ الأنبا بيمين قائلا :

" كيف ينبغي أن يكون الراهب الساكن في الكينونيون ؟ " فأجابه قائلا : " الذي يسكن في الكنونيون ، ينبغي أن يكون جميع الأخوة عنده واحدا في المحبة ، وأن يحفظ لسانه وعينه ، وحينئذ يكون في راحة " .

+ سأل أخ شيخا قائلا :

" كيف نتعب نحن في النسك ولا ننال المواهب مثل الأولين ؟ " قال له الشيخ : " كان في ذلك الزمان الحب الكثير كان كل واحد يجر رفيقه الي فوق ، أما في هذا الزمان فقد قل الحب ، وصار كل واحد يجر رفيقه الي أسفل ، ومن أجل ذلك لا ننال المواهب " .

+ سئل القديس باسيليوس :

" ماذا ينبغي للانسان كي يحب قريبه ؟ " فقال : " كالمكتوب تحب قريبك مثل نفسك ، وأيضاً ما من حب أعظم من هذا ان يبذل الانسان نفسه عن أحبائه " .





+ وأيضاً من أقوال القديس سمعان العمودي :
" مثل انسان يتكلم عن غني ليس له ، ويحب حال قوم آخرين ، وهو نفسه ليس له شيء ، بل تجده عريانا معوزا فقيرا ، كذلك الذي لم يقتن لنفسه شيئا من غني المسيح ، وهو مرافق لأناس قديسين ، فتجده عريانا من مشاركة الروح ، لا يربح شيئا من غني القديسين ، لأنه مشارك لهم بالسكني ، وليس مشاركا لهم في الفضيلة " .

+ وقال مار اسحق :
" كالنعجة التي تخرج من الدوار ، وتمضي لتقيم في جحر الذئاب ، هكذا الراهب الذي يترك موافقة اخوته ، ويداوم الطياشة والنظر في الخليقة " .

+ قال شيخ :
" أن السيرة اليابسة المقرونة بالمحبة ، تدخل الراهب الي ميناء غلبة الآلام بسرعة" .

+ سئل القديس انبا انطونيوس :
" هل جيد للراهب أن يكتفي بذاته فلا يأخذ من الأخوة ولا يعطيهم " . قال : أن تصرف الراهب هكذا فهو يعيش بلا اتضاع ولا رحمة . ويبعد بذلك من الخيرات المعدة للمتضعين والرحماء .

+ وقال أيضاً :
" أن حياة وموت الانسان من جاره . فاذا ربحنا أخانا فنحن قد ربحنا أنفسنا . أما ان أسأنا اليه فقد أخطأنا الي الله .

وأعمال المحبة تأخذ صورا شتي منها :


1 – المحبة تتأني وترفق

( أ ) طول الأناة

+ جاء أحد الاخوة الي شيخ من الرهبان :

وشكي اخاه قائلا : ماذا أصنع يا ابي فأن أخي يحزنني لأنه دوار ؟ .

قال شيخ :

احتمله يا حبيبي ، فأن الله قادر أن يرده اذا ما رأي تعبك وصبرك ، وأخذك له بالرفق واللين . وأياك والقسوة ، فأن شيطانا لا يطرد شيطانا وبرفقك وصبرك يرجع . لأن الله انما يرد الانسان بطول روحه وطيب قلبه وأحتماله .

+ وقيل أيضاً :
شكا أخ الي شيخ قائلا : أني أضرب المطانية للأخ الغاضب معي ، وهو غير نقي بدون أن تتوب اليه من كل قلبك .

فقال له الأخ :

نعم ، بالصواب حكمت .

قال له الشيخ :
من اجل ذلك لا يقنعه الله ان ينقي ضميره ضميره معك ، لأنك لم تضرب له المطانية وأنت مسلم بخطئك نحوه ، بل لا زال يعلق في ضميرك أنه هو المخطيء . ضع في ضميرك انك أنت المخطيء ، وزك اخاك وبرئه من الخطيئة ، وحينئذ يحقق الله ذلك في فكره ، ويعطفه عليك .

+ سأل أخ شيخاً قائلا :
ماذا اعمل يا أبي ، فاني عاتب لي أخي ، وليس في نيتي سماع بأن أغفر له ؟ . فلما سمع الشيخ هذا الكلام رفع عينيه الي السماء وضرب صدره قائلا له : يا شقي أن كنت تغضب رب السموات والأرض وهو يطيل روحه عليك ويغفر لك اذا ما تبت اليه ، فكيف لا تغفر أنت لأخيك ؟ .

+ سأل أخ شيخا :

" كيف أخب\لص " ؟

فقال له الشيخ :

هوذا أنا مصور لك دين الله ، وأريك أياه : أنت تقول ارحمني فيقول لك أرحم أخاك وأنا أرحمك ، وأن قلت اغفر لي ، يقول لك : اغفر لأخيك وأنا أغفر لك ؟ ألست تري أن العلة هي منا ؟ .

+ قال أنبا أوغريس :

" الوديع ولو صنعوا به الشر ، فلن يتخلي عن المحبة " .

+ أخ أغضبه أخوه :

ولما دخل قلايته ، استحي أن يصلي لله بسبب الوجع المتقد في قلبه ، ولكنه لما تطارح قدام الله قائلا : " يا سيدي ، لقد غفرت لأخي من كل قلبي " . فللوقت جاءه صوت يقول له : " قد أخذت شبهي ، اذن فصل لي بدالة " .

+ كان للأب جلاسيوس .

انجيل يساوي 18 دينارا ، اذ كان محتويا علي العتيقة والحديثة . وكان موضوعا في الكنيسة فكل من جاء من الاخوة قرأ فيه ، فجاء أخ غريب الي الشيخ ، ولما دخل ذلك الأخ الي الكنيسة ، أبصر الكتاب فاشتهاه وسرقه ومضي . فلم يتبعه الشيخ الذي كان قد علم بما فعله الأخ … فمضي به الأخ الي المدينة فأعطاه لانسان وطلب منه 16 دينارا .

فقال المشتري :

اني لا ادفع الثمن دون أن أفحص الكتاب .

فتركه عنده . واذا بالرجل يأتي به الي انبا جلاسيوس ويعرفه بما وافق البائع عليه

فقال الشيخ :

اشتراه فانه جيد ويسواي أكثر من هذا الثمن .

فمضي ذلك الرجل وقال للاخ : أني قد اريته للأب جلاسيوس ، فقال لي أن هذا الثمن كثير .

فسأله الأخ : ألم يقل لك الشيخ شيئا آخر ؟ فقال : لا .

حينئذ قال الاخ :
أني لا أريد أن أبيعه . ثم أن الأخ أخذ الكتاب وجاء به الي الأب جلاسيوس وهو نادم ، فلم يشأ الشيخ أن يأخذه ، فطلب اليه الأخ قائلا : أن لم تأخذه ، فلن يكون لي راحة . فقبله . وبعد ذلك مكث الأخ في خدمة الشيخ الي حين وفاته .

+ كان لرجل شريف دين عند أحد الناس يطالبه مدة عشرة سنين ولم يجبه ، وكان الدائن بطيبه ، وكان له صديق ، فقال له : " اني متعجب منك كيف لم تحنق عليه لأن لك زمانا وأنت تطالبه وهو ر يجيبك " فقال له : " انك تعجب لأني أطلت روحي عليه شعر سنين ، وهو ذا الله اكثر من 50 سنة ، يطلب الي أن أحفظ وصاياه ، وحتي الآن لم اجبه ، ولم أصنع هواه ، وهو بطيبه يصبر علي فأن كنت وأنا الانسان لم أحب الله وهو لا يغضب علي ، فليس بعجيب ان كان انسان مثلي لا لا يجيبني ، وأطيل روحي عليه " .

( ب ) الاحتمال

+ قال شيخ :

لا يليق بالراهب أن شتمه أخوة او أهانة ألا يكون كاملا في محبته له قبل أن يلقاه

+ قال الأنبا أور :
ان وقع بينك وبين أخ حزن ، وجحد ما قاله فيك ، فلا تلاججه ، والا فمصره أن يتوقح ويقول : نعم انا قلت .

+ قيل أحد الشيوخ :

أنه كان ردل وديعا كثير الحب ، ولم يفكر في الشر أصلا ، وحدث مرة ان احد الاخوة سرق زنابيل وحملها واودعها عنده ولم يعلم الشيخ بسرها . فيعد ايام عرفت الزنابيل ، واتهم الشيخ بسرقتها ، فلما أتهم أنه السارق سجد بمطانية وقال :" أغفروا لي يا أخوتي من اجل الله فأتوب من هذه الدفعة الواحدة " . وصار يبكي ، فلما نظر الاخوة بكاءه تركوه . وبعد أيام قلائل جاء الأخ الذي سرق الزنابيل ، وأنشا خصومة مع الشيخ قائلا : انت سارق ، وقد سرقت زنابيل فلان . فسجد الشيخ دائما اذا غلط اخ وانكر عليع ، يسجد هو قائلا : أغفروا لي يا أخوتي هذه الغلطة . وكان كلامه علي الدوام بهدوء واتضاع وسكينة ، ولم يخاصم احدا قط ، ولا سبب وجع قلب لأحد قط في وقت من الوقات حتي ولو بكلمة صغيرة .

+ ذكروا عن أحد الاخوة أنه كان مجاورا لشيخ من المشايخ له فضل ، فكان يدخل في قلايته كل يوم ويسرق ما يجده فيها ، وكان الشيخ يفهم ذلك ولا يوبخه ولا يعاقبه ، بل كان يكد ويزيد علي وظيفته في عمله ، ويقول في نفسه :" لعل الأخ انما يفعل هذا بسبب الحاجة " ، وكان الشيخ شديد التعب الوفاة ، أحاط به الاخوة ، فنظر واذا الأخ الذي كان يسرق متاعه بينهم فقال له : ادن مني يا ابني واندفع يقبل يديه ويقول : يا اخوة أنا أشكر هاتين اليدين اللتين بهما أدخل ملكوت السماء . فلما سمع ا؟لأخ ذلك ، رجع الي نفسه وندم علي فعله ، وكان ذلك سببا في توبته

+ ذكر الطوباوي زوسيما :
جاءني في بعض الأوقات أحد الاخوة الآخذين مني الاسكيم ، وكنت الاطفه لانه كان من الشبان المترفين ، فقال لي : يا معلم اني احبك فقلت له : اني لم أجد بعد من يحبني كما أحبه . انت قلت انك تحبني ، وصدقت في قولك ، ولكنك أ، عرض لك مني أمر لا تريده ، فانك سوف لا تثبت علي ما انت عليه الآن ، أما أنا فلا يغيرني عن المحبة عارض ما .

وحدث ، بعد أن عبر زمان يسير ، أ، انفصل مني ، وصار يسبني كثيرا ويقول علي اقوالا قبيحة ، وكانت تبلغني ، فكنت أقول في ذاتي : أن هذا هو مكوي يسوع ، أرسله ليداوي تكبر نفسي ، وكنت أقول لمن يخبرني بهذا الكلام : انه انما يقول بما رأي من شروري التي كانت ظاهرة له ، أما قبائحي الخفية فلن يحصي عددها .

وبعد زمان ، التقي بي في قيصرية ، وسلم علي كعادته ، أما أنا فقبلته ببشاعة ، كأن أم يبدو لي منه قبيح ، أما هو فسجد لي وقال :" يا معلم ، من أجل الرب اغفر لي ، فقد تقولت عليك يمثالب رديئة كثيرة " ، فقلت له وقتئذ أني ما وجدت من يحبني كما أحبه ، ووليتحقق قلبك انه ما خفي عني ما قتله ، ولمن قلته وفي أي وقت قلته ، وأن اردت قتله لك ، ولم تقل شيئا الا وسمعته كما هو قيل ، ولم يقنعني أي مقنع أن اقول فيك قولا رديئا ، ولم أترك ذكرك في صلواتي ، ,لكي تعلم صحة محبتي لك ، فقد حدث لي في بعض الأوقات ، أن اوجعتني عيناء وجعا شديدا فصليت وأنا منكب علي وجهي وقلت : ياربي يسوع المسيح اشفني بصلوات الأخ فلان . وفي الحال شفيت ، هذا هو جميع ما قتله للأخ .

+ قيل :
مدح الآباء شخصا في وجهه بين يدي الأب انطونيوس فأراد الأب ان يمتحنه أن كان يحتمل الذم فلم يحتمل ، فقال : " هذا الأخ يشبه قرية مزينة من خارج ولكنها من داخل خاوية ، بل ملآنة من اللصوص " .

( ج ) قبول التأديب والتوبيخ

+ قال بعض الآباء :

انه لا يوجد أفضل من هذه الوصية : لا تزدر بأحد من الأخوة . هوذا قد كتب : توبيخا توبخ قريبك ولا تأخذ بسببه خطية ، فأن علمت أن أخاك مخطيء ولم تخبره بغلطته وثبت فيها يموت بخطيته . ما أجود التوبيخ لا سيما اذا كان بمحبة واتضاع ، لا بمعيرة وازدراء .
+ قال أنبا انطونيوس :
- أدب بخوف الله ولا تشفق . لا تأخذ بوجه كبير ولا صغير بل اقطع بكلام الحق باستقامة .

- ادب ابنك بلا شفقة فدينونته عليك .

+ قال أحد الشيوخ :

- أدبوا الأحداث يا أخوة قبل أن يؤدبوكم .

+ سئل القديس باسيليوس :

- كيف ينبغي للانسان أن ينتهر ؟ .

قال :

- كما ينتهر الأب ابنه ، كالطبيب الذي يقصد شفاء المريض .

+ كما سئل :

- كيف يجب أن يقبل الأنتهار ؟ .

+فقال :

- كما يقبل الولد تأديب والده ، والمريض مدأواة طبيبه .

+ قال أخ للأب بوقيوس :

اني اوثره أن أهرب من الناس . فقال له الشيخ : " أن لم تستطيع تقويم نفسك

وانت بين الناس ، فلن يمكنك تقويمها وانت وحدك " .

+ قال أنبا اثناسيوس :

من يعاتبك ويوبخك علي زلاتك ، أحبه مثل نفسك ، واتخذه لك صديقا .



+ قال أيضا :

من يشتم الذي يعلمه خلاصه ، فانه يشتم رجاء الله مخلصه .

+ قال شيخ :
لأي شيء تحزن الذي يعلمك ، وتبغض الذي يحزنك ، فاعلم انه ليس هو الذي ظلمك وأحزنك ، ولكنه هو الشيطان ، فيجب عليك ان تبغض المرض ولا تبغض المريض .

( د ) عدم الغضب

+ قال القديس انبا انطونيوس :

- ارفض الرد علي من يبغضك ولا تفكر في قلبك بشر .

- لا تقاتل أحدا وان استفزك باطلا فلا تغضب .

+ قال القديس يوحنا القصير :
- أحب بفكرك حبا فاضلا ذاك الذي يكلمك بكلام نافع . ولا تحزن من الذي يبكتك لئلا عدوا لكلمة الله .

- لا تغضب من الذي يتعظم عليك لأنه قليل المعرفة ، لأن من قلة المعرفة يتعظم الأخ علي أخيه فكن هادئا لينا . كن منبسطا كي تحل عليك نعمة الله . كن ساكنا بين أخوتك كميت عادم كل غضب لأنه من الغضب تأتي الخطية .

+ سأل اخ الأب بيمن قائلا :

" ما معني قوله : الذي يغضب علي أخيه باطلا ؟ "

قال له :

" أن أخذ منك شيئا ، وظلمك فيه وغضبت عليه بسببه ، فغضبك هذا يكون باطلا ، لنك غضبت لأجل أشياء باطلة ، اما ان اراد ابعادك عن الله خالفك فحينئذ اغضب جدا ، لأن غضبك حينئذ لا يكون باطلا ".

+ وسمع عن أنسان مرة أنه كان يواصل صوم ستة أيام لكنه كان يغضب

فقال :

" ان كان هذا قد تعلم كيف يطوي الأسبوع ، فكيف لا يتعلم كيف يبعد عنه الغضب؟ !" .

+ قال الأب مقاريوس :

" أن كنت في حال ردعك غيرك تحرد وتغضب فأولي بك أن تشفي الملك أولا ، لأنه لا يليق أن تهتك نفسك لتخلص غيرك .

+ سأل أخوة الأب أرمانيوس قائلين :

" ما يجب ان نتدبر ؟ " فأجابهم الشيخ " لا اتذكر اني سالت في وقت من الأوقات انسانا بأن يعمل شيئا ما لم اسبق فأجيل في خطاري اني لا أغضب متي خالفني ، ولم يعمل يما قلته له . وهكذا عشنا عمرنا كله بسكون وسلام " .



( هـ ) عدم الحقد

+ قال أنبا زينون :

" ليس شيء يصيرنا مثل الله سوي عدمن الحقد ، وان نكون بلا شر قبالة الذين يسيئون الينا " .

+ قال شيخ :

" من يحقد علي اخيه ، فقد حزن ذنوبه في ذاته ، وختم عليها " .

+ وقال آخر :

" ليس شيء من الخطايا يستمر وجودهع بالفعل في الانسان سوي الحقد ، فان القاتل مثلا يكون زمان مباشرته بالفعل لخطيئة أقل بكثير من زمان تركه لها ، وكذلك الزاني والسارق وغيرهم ، أما الذي يحقد ، فانه أن كان جالسا أو راقدا أو ماشيا أو متكلما أو ساكنا أو صائما او آكلا أو في سائر حالاته وأوقاته فالحقد لا يزال ملازما لقلبه ، فمثل هذا الأنسان ، صلاته باطلة لأنه يطلب الغفران وهو لا يغفر حتي ولو سفك وجهه كالشهداء ، لأن الرسول قد قال : أن هذه كلها لا تغير شيئا مع عدم الحب ، ولا حب مع الحقد " .

+ قال القديس باخوميوس :
- أجعل لك سلامة بينك وبين اخوتك فيسكن الرب في قلبك .

- لا تحقد علي الناس لئلا تصبح مرذولا من الله بل اجعل لك سلاما مع أخيك لتكون محبوبا من ربك .

- اذا صرت طاهرا في كل شيء ولكن بينك وبين اخوتك عداوة فأنت غريب عن الله ، لأنه مكتوب : " أتبعوا السلامة والقداسة اللتين بدونهما لا يعاين أحد الله " .

وقد قال الرب :
" أغفروا يغفر لكم . فأن لم تغفر لأخيك لا يغفر هو لك " . لنه يقول : هكذا يصنع بكم ابي السماوي أن لم تغفروا لاخوتكم من كل قلوبكم . فأن حقدت علي اخيك فهيء نفسك للعذاب لأنه يقول : " أنه أسلمه للمعذبين " الآن قد صرنا مسكنا للاله الصالح بالعماد . فلا ندعه يتركنا بأعمالنا السيئة . لأن كل الذين جازوا في البحر الأحمر بادوا في القفر لأنهم قاموا ارادة الله ، وتبعوا أغارض قلوبهم .

- اذا اكمل الانسان جميع الحسنات وفي قلبه حقد علي اخيه ، فهو غريب من الله

+ قال شيخ :
" أن الذي يخاصمه أخوه ولا يحزن قلبه ، فقد تشبه بالملائكة ، فان خاصمه هو ايضا ثم رجع وصالحه من ساعته فهذا هوعمل المجاهدين ، فأما الذي يحزن اخوته ويحزن منهم ويمسك الحقد في قلبه ، فهذا مطيع للشيطان مخالف لله ، ولا يغفر له الله ذنوبه اذا لم يغفر هو لاخوته " .

2- المحبة لا تطلب ما لنفسها

+ قال مار افرام :
" من يشاء أن يعيش في كل موضع عيشة سلامية ، فلا يطلب نياحه بل نياح رفيقه بالرب ، فيجد النياح " .

+ قال شيخ :

" أن عملت عملا وسط جماعة ، وعرفت أنه يحدث عثرة وشكا ، فأسرع واستره ، ولا تتوسع فيه ، ليعبر بغير قلق " .

+ قيل عن الأب يوحنا السرياني :

" أنه كان عديم الشر حملة ، فقد حدث في بعض الأيام ان اقترض دينارا من بعض الأخوة ، وابتاع له كتانا ليعمله ، فأتاه أحد الأخوة ، وطلب منه ان يعطيه بعضا من الكتان ، فأعطاه بفرح ، وساله آخر ، فأعطاه بانبساط ., وأخيرا أتاه صاحب الدينار طالبا ديناره .

فقال له الشيخ :
" ها أنا مهتم برده اليك " . وللوقت ، قام منطقة الي أنبا يعقوب – صاحب الدياكونية – ليأخذ منه دينارا ليدفعه للأخ ، وفي طريقه اليه ، وقع بصره علي دينار مطروح علي الأرض فلم يأخذه ، بل صلي صلاة وعاد الي قلايته . فرجع اليه الأخ مطالبا اياه بالدينار ، وألح عليه في الطلب ، فقال له الشيخ : " ها أنا ماض لأحضره لك " وقام ومضي ، فوجد الدينار في نفس المكان مطروحا ، فصلي صلاة وأخذه ، وجاء به الي انبا يعقوب .

وقال له :
" انه في كل مرة مطروحا ، فصلي صلاة وأخذه ، وجاء به الي أنبا يعقوب .

وقال له :
" أنه في كل مرة أجيء فيها اليك ، أجد هذا الدينار مطروحا علي الأرض ، فاصنع محبة ، وناد في جميع الجبل لئلا يكون قد سقط من أحد الخوة " فنادي فيكل ذلك الجبل ، فلم يوجد أحد ضاع منه دينار .

فقال الشيخ لأنبا يعقوب :
" أني مديون لفلاح الأخ بدينار ، فادفعه له ، لأني كنت آتيا اليك لأتصدق منك دينارا لارده له " . فعجب أنبا يعقوب كيف كان مدينا ، ولم يأخذ الدينار الذي وجده ، ليوفي دينه .وكان كل ما ياتيه طالبا شيئا يعطيه ، لكنه لم يكن يعطي بنفسه ، بل كان يقول للسائل : " ادخل انت خذ ما تريد واذا رد له احد شيئا كان يقول له : " ضعفه موضع ما اخذته : . اما الذي لا يرد له ، فما كان يطالبه قط "

+ أخوان ذهبا الي مدينة ليبيعا شغل أيديهما

فلما دخلا المدينة ، افترقا بعضهما عن بعض بحيلة من ابليس ، فوقع احدهما في الخطية ، ولما فرغا من شغلهما ، ألتقيا ، فقال الدي لم يخطيء للأخر : " هيا بنا نمضي الي الدير " فقال ذاك : " لست أريد المضي الآن ؟ " فلما سمع أخوه ذلك انزعج وقال له : " لماذا لا تريد المضي الآن ؟ " فأجابه : " اني لما افترقت عنك وقعت في الخطية : فأراد أخوه أي يريح نفسه ، فقال له : " أما أنت فلم تبق عليم هطية لأنك اعترفت بخطيتك ، وأما انا فأني وقعت في الخطية ، ومن عظم الكبرياء امتنعت عن ان اقول لك ، ولكن أمض بنا الي الدير لنطلب التوبة ، فأتيا الي الدير ومضيا الي الشيوخ ، واعلموهم بما أصابهما ، وطلبا التوبة ، فوضعوا عليهما قانونا متعبا ، وكان الأخ الذي لم يخطيء ، يصنع القانون .

ويقول :
" هذا التعب ليس لي فيه شيء ، بل احسبه يارب بدلا من خطئة أخي ، فلما نظر الله محبته لأخيه ، وما يقاسيه من التعب عنه ، كشف لبعض الشيوخ أمرهما وقيل له في الرؤيا : من اجل محبة الأخ الذي لم يخطيء ، غفر الله للذي أخطأ " .

+ وجاء خبر عن أخوين :

قوتل أحدهما بالزنا .. فقال لأخيه : يا أخي ، اني منطلق الي العالم . فبدأ أخوة يبكي ويقول : " لا أتركك تذهب الي العالم لئلا تتلف تعب رهبانيتك وبتوليتك " . فأبي أن يقبل منه وقال له : " أما أن تتركني أمضي وحدي . وأما أن تجيء معي " . فذهب اخوه وحدث أحد الشيوخ بحاله ، فقال له الشيوخ : " اذهب معه . فان الله من أجل تعبك لا يتركه يقع في الزنا" فلما بلغوا القرية ، رفع الله عنه قتال الزنا من أجل تعب اخيه وعنائه معه . واذ به يخاطب اخاه قائلا : " هب اني وقعت في دنس الخطيئة ، فأي ربح لي من ذلك ؟ " ثم أنهما رجعا الي قلايتهما وحمدا الله علي خلاصه وحسن صنيعه معهما .

( أ ) زيارة المرضي

+ قال القديس انبا أنطونيوس :
اذا قمت باكرا كل يوم أسأل عن المرضي الذين عندك .

( ب ) الخدمة

+ سأل اخوة الأنبا انطونيوس :
ان كان جيدا أن يكتفي الراهب بنفسه اذا فلا هو يخدم أحدا ولا يدع أحدا يخدمه كذلك .

فقال :
أن الرب علمنا ان نخدم اخوتنا كما يخدم العبيد سادتهم . وكما شد هو وسطه وغسل أرجل التلاميذ لا نمتنع من ان نخدم . لأن بطرس لما امتنع من غسيل ردليه قال له السيد أن لم اغسلك فلن يكون لك نصيب معي .

+ اخبروا عن "انبا تاؤدورس :

أنه لما كان شابا وهو يسكن في البرية قام ذات يوم يخبز لنفسه خبزا . فوجد أخا ليس له من يعمل له خبزا اذ لم يكن يجيد صناعة الخبز فترك أنبا تاؤدورس خبزه وعمل خبز ذلك الأخ ، وجاء ايضا أخ آخر فخبز له خبزه . وبعد أن أراحهم ، حينئذ عمل خبزه أيضاً .

+ كان أنبا أبللو :

اذا جاءه أحد الاخوة طالبا معونته في عمله ، فانه يمضي معه بفرح قائلا : " لقد حسبت اليوم مستحقا لأن اعمل مع الملك المسيح ، وذلك أفضل جدا من نفسي " .

+ أخبروا عن اخوين روحانيين ساكنين بعضهما مع بعض وأن بعض وأن احدهما أقتني له عظم محبة في رفيقه جدا في كل شيء وكان ينيح أخاه حتي أنه كان يخرج فراشه في الشمس ويفرشه ويحرص في خدمته . وهو واثق من أجل من أجل حب المسيح ان ك ما يصنعه معه يصنعه مع المسيح فاستحق حسنة عظيمة من الله . لأجل حبه الذي بلا رياء ونظرا لنموه الصالح ، أرسل اليه ملاكا لكي يباركه وأن الأخ لم يحتمل ان يقبل منظر الملاك لأجل بهاه . ثم جعل في نفسه أنه غير مستحق ثم بدأ يقول للملاك لعلك ارسلت الي اخي لأني غير مستحق لهذا وكث الملاك قائما لكي يباركه . فلما بدأ يقاطع علي الملاك ، تعجب من أتضاعه الكثيرو أن الأخ عاد وقال للملاك : أن كان الرب أرسلك بحق لكي تباركني وأنا غير مستحق فبارك علي اخي الذي معي وأنا اؤمن أني قد بوركت .

فلما رأي الملاك عظم محبته تعجب منه . ثم قال له : الناموس امر أن تحب رفيقك أكثر من نفسك من أجل هذا ضابط الكل هو الذي يباركك . ولما قال هذا أذ صوت جاء من السماء من فم الرب وهو يبارك علي الأخ قائلا : " مباركا تكون "

( ج ) الطاعة

+ قال القديس يوحنا القصير :
لا ترد الجواب علي أمر تؤمر بأدائه بل كن مطيعا في كل شيء لكيما تحب من كثيرين .

( د ) الصدقة

+ قال القديس أنبا أنطونيوس :

صدقتك أعطها لفقراء ديرك .

+ قال القديس أنبا موسي الأسود :
الصدقة بمعرفة تولد التأمل فيما سيكون وترشد الي المجد . أما الانسان القاسي القلب فانه يدل علي انعدامه من أي فضيلة .

قساوة القلب تولد الغيظ والوداعة تولد الرحمة .

اعط المحتاجين بسرور ورضي لئلا تخجل بين القديسين وتحرم من أمجادهم .

احب المساكين لتخلص بسببهم في أوان الشدة .

( هـ ) حب قريبك كنفسك

+ قال القديس موسي الأسود :

لنكرم أقرباءنا في كل الأمور لنخلص من الدينونة . لنحب الكل بمحبة خالصة فنخلص من الغيرة والحسد فالمحبة هي مصدر كل صلاح .

+ قال شيخ :

" أن من لا يقبل الاخوة جميعهم بمساواة بل يفرق ، فلن يستطيع أن يكون كاملا "

+ وقال آخر :

" ما تكرهه لنفسك ، لا تقله لآخر ، فأنت تغضب علي من ينم عليك فلا تنم أنت علي احد . أنت تبغض من يكذب عليك ، فلا تكذب علي أحد ، أنت تبغض من يشتمك ، فلا تشتم أنت أحدا ، فمن له أنان تحفظان هذه الأمور فأنها تكفيه " .

+ كذلك قيل :
ان كنت بالمسيح ولدت ، فكذلك اخوك . وعلي ذلك فأكثر من أخيك لا تحب نفسك في شيء ما .

( و ) الافتقاد أو الزيارة

سؤال :

" أخبرني يا أبي كيف أفتقد الأخ ؟ "

الجواب :
افتقاد الأخ جيد ، والكلام البطال رديء ، وهذا الأمر يأتي بك الي التجربة / فافتقد اذن أخاك ، وتحفظ من الكلام البطال ، وليكن حديثكما في أخبار الآباء السالفين ، وفيما كانوا يعملونه ، وتقول له : " كيف أنت ؟ وكيف حالك يا أخي ويا أبي ؟ " ، ولا تلتمس منه سوي كلام الحياة فقط ، وقل له : " صل علي ، فأن لي خطايا كثيرة وما شاكل ذلك ، واعمل للحين مطانية وانصرف من عنده بسلام " .

3-المحبة لا تفرح بالاثم ولا تظن السوء

+ قال أنبا بيمن :
" الشر لا يغلب بالشر ، وان أساء اليك انسان فاحسن أنت اليه . فانك أنت باحسانك اليه ، تسأصل ، لأنه لا ينبغي أن تكافيء شرا بشر " .

+ سأل أخ القديس يوسف قائلا :

" ماذا أعمل فانه لا يمكنني أن أتعب أو أعمل او أتصدق " ؟

فقال له الشيخ :
" ان لم يمكنك العمل فاحفظ قلبك ونيتك من كل ظن سوء بأخيك فتخلص لأن الله ريد النفس ألا تكون خاطئة " .

( 1 ) عدم الادانة

+ قال القديس موسي الأسود :
لا تكن قاسي القلب علي أخيك فاننا جميعنا قد تغلبنا الأفكار الشريرة .

أياك ان تسمع بسقطة احد اخوتك لئلا تكون دنته خفية .

احفظ سمعك لئلا تجمع لك حزنا في ذاتك .

خير للانسان أن يضع نفسه للموت من أن يضع جاره ، ولا يدينه في شيء ما

خير للانسان أن يموت عن كل شر ولا يحزن أحدا قبل رحيله عن الجسد .

+ وقال أيضاً :

مكتوب انه لما قتل الرب ابكار المصريين لم يكن هناك بيت خال من ميت فسأله الأخوة قائلين ما معني هذا ؟

فقال الشيخ :

اذا علمنا أننا كلنا خطأة فلنحذر من أن نترك خطايانا وندين خطايا القريب لنه من الجهل حقا أن يكون لانسان في بيته ميت فيتركه ويذهب ليبكي علي ميت جاره . فانظر خطاياك أولا واقطع اهتمامك بكل انسان ولا تحتك بانسان ولا تفكر بشر علي انسان ولا تمشي مع النمام ولا تصدق ملام النميمة بخصوص انسان .

+ قال القديس انبا أنطونيوس :

لا تفتر علي أخيك ولو رأيته عاجزا عن اتمام جميع الفرائض ، لئلا تقع في أيدي اعدائك وتفعل الخطايا القديمة التي فعلتها .

اياك أن تعيب أحدا من الناس لئلا يبغض الله صلاتك ولا تعير أحدا مهما كانت الأسباب .

+ أدعوا مرة

علي أخ في دير بأنه زني . فخرج من ديره وجاء الي أنبا أنطونيوس . فجاء اخوة ديره ليروه وبدأوا يوبخونه بأنه فعل كذا وكذا اما هو فأجاب بأنه لم يفعل شيئا من هذا ، واتفق أن أنبا بفنوتيوس كان هناك .

فقال لهم مثلا :
رأيت رجلا علي شاطيء النهر وقد رموه في الطين الي ركبه فجاءه قوم ليساعدوه فغطسوه الي كتفيه .. فلما انبيء أنبا أنطونيوس بكلام بفنوتيوس قال : أن الرجل قادر ان يشفي ويخلص النفوس .. فلما سمع الأخوة ندموا علي الكلام الذي قالوه وصنعوا مطانية للخ وحملوه الي ديره .

+ قال اخ لشيخ :

" لماذا لا استطيع مساكنة الأخوة ؟ "

فقال :

" لأنك لا تتق الله ، فلو تذكرت المكتوب : ان لوط تخلص من بين أهل سدوم ، لأنه لم يكن يدين أحداً منهم " فلو تذكرت ذلك ، لا تستطع الاقامة أينما شئت ، حتي ولوبين الوحوش .

+ قال أنبا تيموثاوس :

" المحبة لا تعرف أن تدين رفيقها . ولا تكافيء بالسيئات " .

+ سأل أخ شيخا قائلا :

" أن سكنت مع الأخوة ، ورأيت منهم امرا غير لائق فهل تشاء أن أتكلم ؟ "

قال الشيخ :

" أن كانوا هم أكبر منك أو في مستواك ، فسكوتك خير لك ، لأنك بسكوتك تخلص"

فقال الأخ :
" فماذا اعمل أيها الأب ، لأن الأرواح تقلقني بأن أتكلم ، وهكذا تجدني متعبا " . فقال له الشيخ :

" أن كان ولابد فاذكرهم مرة باتضاع وذلك بأن تؤخر ارادتك وتخضع لله ، محاطا لنفسك ألا فيهم بنميمة وعندي ان السكوت افضل ، لأنه دليل علي الاتضاع" .
( ب ) لنوم أنفسنا

+ قال القديس باسيليوس :

" عاتب نفسك فهذا أفضل من أن نلوم ذواتنا ، ورجعنا باللائمة علي القريب منا ، واصبح كل واحد منا يحرص ويجتهد في أن يرجع السبب علي أخيه في كل امر ويطرح ثقله علي قريبه . كما صار كل واحد منا متهاونا ، وفي نفس الوقت نطالب بحفظ الوصايا ، مع اننا لا نحفظ شيئا منها " .

+ حدث في أحد الأيام :

أن جاء شيخ أخوان غاصبان علي بعضهما وشكا اليه الأكبر منهما قائلا : " أني اذا أمرت أخي بعمل شيء ، فأن أمري هذا يحزنه ، كما أني أحزن كذلك مفتكرا أنه لو كان كاملا في محبته لي لكان يقبل ما أقوله بفرح " . أما الأصغر.

فقال :
" يا ليته يكلمني بحسب مشيئة الله ، لكنه يأمرني بسلطة حسب مشيئته ، ولذلك لا يوافقني قلبي علي طاعته بحسب ما أوصي به الآباء " .

فقال الشيخ :
" يعلم الله اني متحير كيف أن الاثنين يلوم كل منهما الآخر ، كما يحزنان دون أنم يلومهما أحد، فعوض أن يرجع الواحد منهما باللائمة علي نفسه.

ويقول :
" حقا أني بسلطة أكلم أخي ولذلك يحزن " نراه بالعكس يقول : " أنه لم يكن كاملا في محبته لي " . كذلك الاخر فعوض أن يقول : أن أخي يكلمني بحسب مشيئة الله لمنفعتي " نراه بالعكس أيضا يقول : " أنه يأمرني بسلطة حسب مشيئته " وهكذا بقي الاثنان حزينين بدون وجه حق ، وذلك لأننا نستعمل أقوال آبائنا باعوجاج حسب نياتنا الخبيثة ، فكل واحد منا يلقي الذنب علي رفيقه ، ولذلك لا ننجح ولا نفلح " .

+ قصد راهبان أحد الشيوخ .

وكان أحدهما شيخا والآخر شاباً ، فشكي الأكبر من الأصغر ، فنظر الشيخ الي الشاب متأملا .

وقال له :

" أصحيح ما قاله عنك ؟ "

فقال:

" نعم يا أبانا لأني أحزنته ثم فكر الشاب في قلبه وندم علي ما قاله ، وقال : " لست أنا بل هو الذي أحزنني الا اني جعلت اللائمة علي نفسي بكلامي " ، وتوقف ولم يقدر أن يجيب بشيء آخر ، وأن الشيخ صاح بصوته ، فقالوا له :" لماذا صحت يا أبانا ؟ " فأجاب ك " بأنه عند دخول هذهين الراهبين عندي رأيت شيطانا واقفا وبيده قوس ونشاب ،وكان ينشب نحوهما ، وما كانت النشابة تصيب سوي ثيابهما ، فلما تذمر الشاب ، أرسل الشيطان النشاب نحوه فكادت تقتله ، من أجل ذلك كان صراخي هذا عليه كيلا يقتله : ، ثم أن الأخوين سألا من الشيخ شفاء العارض .

فقال لهما الشيخ :
" متي وقعت بينكما خصومة فتذكرا الشيطان ، فكيف تاثير الخطية عنكما " فعاد وفعلا ذلك وشفيا .

( ج ) عدم النميمة والوقيعة

+ قال انبا مرقس :

" كل ما تقوله خلف أخيك ولا تقدر أن تذكره قدامه ، فهو نميمة وسعاية كما أن كل اهتمام لا يفض الي اصلاح العبادة ، هو اهتمام عالمي " .

+ قال شيخ :

ان كل كلمة يتكلم بها الانسان ولا يستطيع أن ينطق بها قدام أخيه ، تعتبر نميمة ووشاية " .

+ من كتاب الدرجي :

" سمعت نمامين ، فلما زجرتهم قالوا لي بأنهم لا يفعلون شرا ، وأنما يفعلون ذلك محبة وشفقة علي اولئك الذين يتكلمون في حقهم ، أما أنا فقلت لهم : ليست هذه محبة لكنك أن كنت تحبه حقا ، فصل من أجله خفية ولا تهج أو تسب أحداً " .

+ قال أنبا مطرا :

" الامساك الذي هو أفضل من امساك البطن ، والذي يجب أن تجذب نفسك اليه هو هذا : أن لا تأكل لحم انسان ولا تشرب دمه بالوقيعة " .

+ قال أنبا شيشاي :
" أن بالنميمة أغوت الحية حواء وأخرجتها من الفردوس ، وآدم معها ، فمن بصاحبه ( ينم ) فأنه يهلك من يسعه ونفسه لا تنجو " .

+ قال الآب ايرايس :
" أنه جيد ان يأكل الانسان لحما ويشرب خمرا ، ولا يأكل لحوم الاخوة ويشرب دماءهم بالوقيعة فيهم " .

+ وقال أيضاً :
" كما أن الحية لما ساررت حواء أخرجتها من الجنة ، كذلك يشبهها ذلك الذي يقع بقريبه ، في انه يهلك نفس سامعيه ، ونفسه كذلك لن تفلت .

سؤال :
ما هي خطية الوقيعة ؟ "
الجواب :
أن خطيئة الوقيعة من انها الا تترك صاحبها يحضر قدام الله " لأنه مكتوب : " أني كنت أطرد من كان يعاتب صديقه سرا " .

4- المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ
+ قال شيخ :
" أن كلمت انسانا كلمة تنجسه بها ، لكنه لم يحس فلا تتب اليه ولا تعطيه مطانية ولا تقلق الأخ " .

+ قال أحد الشيوخ :
" عود نفسك يا أبني عند كلامك عن الرهبان أن تقول : أن هذا اخير مني وهذا أحرص مني في رهبانيته ، وهذا ابر مني " ، علي أن تقول ذلك بنية صادقة من كل قلبك ، لأن ذلك يجعلك تنظر ذاتك تحت الخليقة كلها ، وحينئذ يسكن فيك روح الله، أما أن كنت تزدري باخوتك وتحتقرهم وتعد نفسك شيئا وتستكبر ، فإن نعمة الله تبعد عنك ، وتسلم الي دنس الجسد الذي يقسي قلبك مثل الحجر " .

( أ ) رفض الكرامة واحترام الكل

+ قال القديس يوحنا القصير :

ليكن كل واحد كبيرا في عينيك ، ولا تهن الذين هم أقل منك معرفة .

كن مثل ابن بين اخوتك كي تكون محبوبا عند كل الناس .

هوذا شيء رديء جدا يفسد علينا النقاوة بالكلية وهو حب الرئاسة والكرامة والمدح من الناس ،؟ فان كل هذه الأوجاع عظيمة ورجاء كاذب وقليلون هم الذين يتخلصون منها بالسكوت لأنها أشر من اللذات وشره البطن .

فأما حب الرئاسة والكرامة الحاضرة والسبح الباطل والارتباط به فأنه من العسير الانحلال منها لن هذه اوجاع تلبس الانسان بلا نهاية فلا تطلب نحن رئاسة في هذا العالم الزائل المظلم الأرضي ، فأن رئاستنا نحن وكرامتنا في العالم المضيء السمائي وحب المسيح ربنا وحده هو يخلصنا من هذه الأوجاع .

لا تطلب كرامة من أحد ، لكي تتضع لكل الناس ، كن صغيرا بثين الناس لكيما تكن فاضلا عند ربك ، ولتكن عند نفسك دون الكل .

( ب ) علاقة الأب بإبنه

ليكن الأخ الذي يقيم معك مثل ابن وتلميذ ، وأن هو اخطأ وأفسد شيئاً فعظه واكشف له خطأه لكيما يرجع عنه ، وأن هو – كتجربة – نيح آخر أكثر منك فلا تحزن ، فلعل الله أراد ذلك . فأصبر لكل منحة لأنه بالصبر علي الأحزان نقتني انفسنا ، وبالأحزان نشارك يسوع في أوجاعه واذا شاركناه في أوجاعه ، فأننا نشاركه في مجده .

كذلك عظ ابنك بخوف الله ، صافحا عن خطايا اخيك ، ألا تعلم أن الشيطان يريد أن يبليك بالغضب بسبب الأخ الذي معك قائلا لك : " أن كلمته مرة ومرتين فاتركه يعمل حسب هواه وكن بلا هم كما قال الآباء " ، فاعلم أن هذا الفكر ليس يحسب مشيئة الله ، لأنك قد تجمع وتستزيد النعمة في ايام كثيرة فلا تفرغ الكيس منها في لحظة واحدة فتبقي مفلسا . أما طول الروح الذي بحسب مشيئة الله ، فهو بالصبر الي التمام بدون قلق ، وأما طول الروح الكاذب الذي أصابك من خداع الشيطان ، الذي يولد للأخ سجسا وغضبا ، فأنه يصيب قليلي الرأي . وهذا ما أقوله لك ، فاذا علمت أنك مع تلميذك مثل الأب مع ابنه ، فبدلا من أن تضرب معرفة الأخ دفعة واحدة كل يوم وتعرفه خطأة كما هو واجب عليك ، نراك وقد صيرته بسكوتك لا يعلم غلطه ، وبعد أن تطيل روحك عليه أياما كثيرة ، اذا بك تضربه واحدة في موضع يصيب منه مقتلا ، فتنزع روحه منه ، فأعلم يا أخي أنك مخدوع ، اذ تقول أن خطايا الأخ كائنة حقا .

فقل لي :
" أذا كنت تعلم باستقصاء ان خطاياه حق ، فهل وصفت له العلاج ليصح منها ؟؟ " أليس هذا من الاعجاب والكبرياء ؟ وأيضا بشأن أي الخطايا قال الرب " أن لم تتركوا للناس خطاياهم ، لا يترك لكم أبوكم خطاياكم " اليس بشأن الخطايا الحقانية ؟ فكيف تدين أنت أخاك من أجل ما لا صحة له ، فأنت تلقي نفسك في أشد العذاب . لأنك اذا طالبت أخاك هكذا ، طالبك الله بشأن خطاياك ، فأما المكتوب فهو " لا تدع الشمس تغرب علي غيظكم ، زاحملوا ثقل بعضكم بعضا " ، فأما المكتوب فهو " لا تدع الشمس تغرب علي غيظكم ، واحملوا ثقل بعضكم بعضا " ، وكيف يخدمك الأخ ، أليس ذلك من شأن الله ؟ فاذا قرعت فكره ، فامسك أنت لفكرك ، ولا تحسب نفسك شيئا ، وأنت تتنيح ، وقاتل الأفكار التي تجلب لك السجس وأنت تعان .

سؤال :

اني قد وعظت الأخ بحب الله ، وقد تسجست بسبب كونه لم يقبل مني ، فماذا أعمل ؟ .

الجواب :
أنت لا تفهم ما تقول ، فأن كنت من أجل الله وعظته فكيف تستجست ؟ لأن العظة من أجل محبة الله لا تدع الانسان بستجس ، حتي ولو وقع الموعوظ في الواعظ لا حتمل ثقله ولم يتسجس ، وأنما كل عظة تدع السجس يدخل في قلب فهي ليست في ذات الله ، لكنها شيطانية ، مختلطة بتزكية الذات ، فقد بان اذن أن الأمر تجربة ، ولكن الله يبطلها عنكما ويمنحكما معرفة لتفهما حيل العدو وينجيكما بدمه ، فصليا من اجل " .

سؤال :
يا أبي ، أن الأخ يحتقرني جداً ، وأحب أن أبدله بتلميذ آخر أو أبقي وحدي ، لأن فكري يقول لي : " لو كنت وحدك ما كنت تحزن " .

الجواب :

لا يجب أن تقبل تزكية نفسك ، ولا تقل : لو كنت وحدي ما كنت احزن ، لأنه لا يكون خلاص بدون أحتزن ، لأنك بقولك هذا تبطل الكتاب القائل : " كثيرة هي احزان الصديقين ومن جميعها ينجيهم الرب " وأيضاً " كثيرة هي جلدات الخطأة " فأن كنت صديقا أو كنت خاطئا ، فواجب عليك قبول الأحزان ، وليست هناك أشياء يتساوي الأمر في فائدتها مثل الأحزان ، لأن الأحزان هي مقدمة الخلاص ، لأن الرسول يقول : " أننا بأحزان كثيرة ندخل الي ملكوت السموات : ، فالذي يطلب النياح في كل شيء ليسمع : أنك بأحزان كثيرة تدخل الي ملكوت السموات " ، فالذي يطلب النياح في كل شيء ليسمع " أنك قد أخذت خيراتك في حياتك " فان كان ربنا قد صبر من أجلنا علي الأوجاع ، فواجب علينا أن نصبر علي الأحزان لنكون شركاءه في آلامه المحييه ، أما بخصوص استبدال تلميذك بتلميذ أخر ، فالأمر واحد ، لأنك إذا اتخذت آخر ، وصادفك منه ما يحزنك ، فما عملت شيئا فيجب عليك أذن احتمال التلميذ الذي لك ، وسياسته ، ويلزمه هو القبول منك ، علي أن تحتمل أنت ثقله بخوف الله .
 
قديم 12 - 06 - 2014, 09:52 PM   رقم المشاركة : ( 60 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 42,778

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 متواجد حالياً

افتراضي رد: بستان الرهبان

الراهب والعالم

( 1 ) الراهب والعالم

+ قال شيخ :

جاهل ، ذاك الذي يوجد في ذكره شيء من العالم ، ما خلا الميراث الذي يأخذه أعني القبر فقط ..
+ قال مار اسحق :

كما أنه لا يتمكن من قد حبس رأسه في بئر عميقة مملوءة ماء ، من استنشاق هواء هذا الجو المتدفق في الفضاء ، هكذا من غطس ضميره باهتمامات الأمور الحاضرة ، فأنه لا يمكن أن تقبل نفسه استنشاق حسن العالم الجديد .



+ وقال كذلك :

ان الذي يلتقي بالناس يلزمه أن يكون باشا بوجهه ، وأما بقلبه فليتنهد .

+ من أقوال القديس يوحنا التبايسي :
ان البيت لا يمكن أن يبني من فوق الي أسفل ، بل من الأساس إلي فوق .

فقالوا له : ما معني هذا القول ؟ .

فقال لهم :
أن أساس كل عمل هو المحبة للقريب فيجب علينا أن نربحه قبل كل شيء ، لأن وصايا المسيح الهنا كلها متعلقة بهذا .

+ ومن أقوال القديس يوحنا القصير :
كن حزينا علي الذين هلكوا ، كن رحيما علي الذين طغوا ، كن متألما مع المتألمين ، مصليا من أجل المخطئين .

( ب ) الراهب والرحمة

+ قال الشيخ الروحاني :
- من يترحم علي انسان ، فان باب الرب مفتوح لطلباته في كل ساعة .

- ذو الافراز ، بكسرة خبز يشتري لنفسه الملكوت ، ومن يفرق ماله بغير افراز ، فباطل هو عمله .

- من يفرح بحسنات كل الناس ، تفيض عليه الحسنات من الرب ، ومن يحزن بصلاح حال الآخرين ، فليس بعد ذلك من شر ، وبسرعة يكون انكساره .



+ قال شيخ :
جيد ان يوجد اسمك مكتوبا في بيوت المساكين والأرامل والضعفاء ، ذلك أفضل من أن يوجد مكتوبا في بيوت باعة الخمر .

+ قالت الأم القديسة سارة :
جيد ان يصنع الانسان رحمة ولو من أجل الناس ، فيأتي فيما بعد الي ان يرضي الله .

+ عند وفاة الأب توما لتلاميذه :
لا تكن أياديكم مبسوطة للأخذ ، بل بالحري للعطاء .

+ كان لراهب ثوب جيد ، فتصدق به علي مسكين ، وبعد يوم مر الراهب بالمدينة ، فأبصر ثوبه علي زانية، فحزن جدا ، فتراءي له ملاك الرب وقال له :

لا تحزن لأجل أن ثوبك لبسته زانية، لأنك ساعة دفعته لذلك المسكن لبسه المسيح وأن كان ذاك قد أعطاه للزانية فهو يحمل أثمه علي نفسه .

+ قيل عن شيخ :
أنه كان كثير الرحمة ، فحدث غلاء عظيم ، ولكنه لم يتحول عن فعل الرحمة ، حتي فقد كل شيء له ، ولم يبق عنده سوي ثلاثة خبزات ، فحين أراد أن يأكل أحب الله امتحانه ، وذلك بأن قرع سائل بابه ، فقال لنفسه جيد لي ا، أكون جائعا ، ,لا أرد أخ المسيح خائبا في هذا الغلاء العظيم ، فأخرج خبزتين له ، وأبقي لنفسه خبزة واحدة وقام يصلي وجلس ليأكل ، واذا سائل آخر قد قرع الباب ، فضايقته الأفكار من أجل الجوع الذي كان يكابده داخله ، ولكنه قفز بشهامة ، وأخذ الخبزة وأعطاها للسائل قائلا : " أنا أؤمن بالمسيح ربي ، أني اذا أطعمت عبده في مثل هذا الوقت الصعب ، فأنه يطعمني هو من خيراته التي لم ترها عين ، التي أعدها لصانعي ارادته " .

ورقد جائعا ، وبقي هكذا ثلاثة أيام لم يذق شيئا ،وهو يشكر الله ، وبينما كان يصنع خدمة بالليل ، جاءه صوت من السماء يقول له : لأجل انك أكملت وصيتي ،وغفلت عن نفسك وأطعمت أخاك الجوعان ، لا يكون في أيامك غلاء علي الأرض كلها " فلما أشرق النور وجد علي الباب جمالا محملة خيرات كثيرة ، فمجد الله وشكر الرب يسوع المسيح ، ومن ذلك اليوم عم الرخاء الأرض كلها .

+ كان راهب مسكينا لا يملك شيئا :
لكنه كن رحيما ، فأتاع سائل يطلب صدقه ، ولم يكن عنده سوي خبزة واحدة فدفعها اليه ،ولمت السائل قال له لست محتاجا الي خبزة ، بل الي ثوب . فأراد الأخ اقناعه فأخذه بيده وأدخله الي القلاية ، فلما أبصر السائل أنه ليس له شيء غير الثوب الذي علي جسده رق له وصب تليس خبز كان معه .

+ كان رئيس دير أبا لمائتي راهب .
هذا زاره السيد المسيح بصورة شيخ مسكين ، فسأله البواب أن يقول للمعلم عنه ، فدخل فوجده يخاطب آخرين فصبر ثم عرفه ، فقال له : دعنا في هذا الوقت ، فتأخر البواب .

وعند الساعة الخامسة زارهم رجل موسر ، فتلقاه رئيس الدير بسرعة ، فتقدم ربنا السائل قائلا : أنا اريد يا معلم أن أكلمك . ولكن الرئيس لم يلتفت اليه ودخل مسرعا مع ذلك الغني ليصلح له طعاما ، بمعني لأنه غريب ، وبعد الأكل شيعه الي الباب ، ونسي المسكين الغريب الي المساء ولم يقابله ، ثم انصرف الرب ، بعد أن رأسيله علي لسان البواب قائلا : " قل للمعلن أن كنت تري كرامة وتشريفا فذلك لأجل سالف تعبك ، اني مرسل لك أقواما يزورونك من اربع جهات الدنيا ، وأما خيرات ملكوتي فعلي هذا الوضع لا تذوقها " . فعرف حينئذ أن الشيخ المسكين هو الرب ، وندم .

+ أخبر بعض الشيوخ :

عن رجل يعمل فاعلا في البساتين ، ويتصدق بجميع أجره خلا قوته ، ثم سوس له الشيطان قائلا له : " ها قد قضيت عمرك جميعه وأنت تتصدق بأجرك ، فهل ضمنت لنفسك عوارض الزمان ؟ اجمع أجرك واحفظه ينفعك " ، فجمع ما استطاع جمعه من أجره .

وحدث بعد قليل وهو يعمل في البستان ، أن دخلت شوكة في رجله وسببت له وجعا شديدا ، فأنفق جميع ما كان معه ، ولم ينتفع بشيء منه ، وبعد ذلك أبتدأ يسأل ويتجدي من الذين كان يتصدق عليهم ، وأخيرا انتنت رجله جدا ، فأشار عليه الأطباء بقطعها ، لئلا يتلف الجلد جميعه والقدم تسوس وأوصوا بسرعة قطعها فورا .

وفي تلك الليلة بينما كان يبكي ويتنهد ، رجع الي نفسه وندم ، لأنه أخطأ بجمعه الصدقة التي كان يتصدق بها ، وكان يقول : " أخطأت يارب ، أغفر لي من أجل محبتك لجنس البشر : ، فظهر له ملاك الرب قائلا له : " اين هي الفضة التي ادخرتها وتوكلت عليها لتعينك في مرضك ، لقد راح ما جمعته باطلا ، والصدقة التي كنت تصرفها قد جعت واخذتها ؟ "

فبدأ يبكي ويقول :
" أخطأت اليك ، اغفر لي ، وان رجعت معافي قويا عدت الي ما كنت عليه اولا " ، فمس الملاك رجله ، وشفيت للوقت ، وقام من ساعته ومضي الي البستان الذي كان يعمل فيه .

وباكرا حضر اليه الطبيب ، ومعه المنشار ليقطع رجله ، فقالوا له : لقد مضي الي البستان يعمل فيه . فمضي اليه الطبيب ، فوجده واقفا يحفر في الأرض وهو صحيح ، فتعجب وسبح الله وحينئذ عرفه سبب مرض رجله وشفائها ، فمجد الله وانصرف عنه .

فالواجب علينا أن نفحص السبل التي سلك فيها الرهبان الذين تقدمونا ونستقيم مثلهم ، فنجد أمورا كثيرة جدا قالوها وصنعوها ، لأن واحدا منهم قد قال أن الأكل بضيق ، والحياة بغير تلذذ ، أذا اقترنا بالمحبة يوصلان الراهب بسرعة الي ميناء عدم الأوجاع ، وقد شفيا فعلا أحد الاخوة من خيالات الليل التي كان يقلق منها ، أذ أمر أن يخدم المرضي وهو صائم فخفت عنه ، وحينئذ قال : أن أمثال تلك الأغراض لا يستطيع أحد اجتنابها الا بالرحمة .

+ حدثنا القديس أنبا زوسيما عن خبر سمعه من أنبا تادرس :
أنه في مدينة الاسكندرية في أيام يوحنا الأسقف الذي من نيقية ، كانت صبية وثنية مات والداها وخلفت لها ثروة كثيرة . ومرة أثناء نزهتها في بستانها شاهدت رجلا يريد أن يخنق نفسه . فأسرعت اليه ومنعته وسألته عن سبب ذلك . فعرفها أنه في ضيقة بسبب ديونه الكثيرة وضغطات الدائنين عليه وأن الموت أحسن من هذه الحياة المحزنة . فتعهدت له بتسديد ديونه حتي لو كلفها ذلك كل أملاكها ولا يهلك نفسه هكذا . وقد كان . فسدد الرجل ما عليه من ديون وأنفق في ذلك معظم أموال الفتاة تقريبا وبعد أيام ضاق بها الحال واحتاجت هي الأخري بعد أن بذلت معظم ميراثها وثروة والديها لهذا الرجل . واذ لم يكن لها من يهتم بذلت جسدها للزنا .

ولكن الله رب الرحمة والحنان لم يشأ لها هذه الحياة ، واذ أراد مكافأتها سمح لها بمرض . وبينما هي علي فراش المرض عادت الي ذاتها وندمت علي فعلها وعزمت أن تصير مسيحية . واذ أخذت تتعافي ويتركها المرض قال لجيرانها : اعملوا علي نفسي رحمة وأسألوا البابا أن يجعلني مسيحية ، ولكنهم تهاونوا جميعهم بها . وقالوا من يقبل هذه وهي زانية وقد شاع ذكرها . فحزنت الصبية واغتمت لتهاونها بها . ولكن ملاك الرب وقف بها في صورة الرجل الذي رحمته وقال لها ما حالك عرفيني ، فأنا هو الذي رحمتيني . فقال له اني أشتهي أن أصير مسيحية وليس لي من يتكلم من أمري ويهتم بي . فقال لها هل بالحقيقة تشتهين ذلك من كل قلبك . فقال نعم .. واتضرع اليك أن تعينني ان اساتطعت . فقال لها : لا يحخزنك هذا ابدا ولا يعمك فأنا أحضر من يحكلك الي الكنيسة . ثم احضر ملاكين آخرين حملاها الي الكنيسة وتمثل الثلاثة بصورة اشخاص من ذوي الجاه والعظمة في المدينة المعروفين في حاشة وكيل الملك . فحضر القسوس بسرعة والشماسة المكلفون بالمعمودية . وقالوا اعملوا محبة وعمدوا هذه المرأة .

فأجاب القسوس هل تضمنها محبتكم . فقالوا نعم ، نحن نضمنها . فأخذوها وعمدوها وألبسوها ملابس بيضاء . ثم حملها أولئك أيضا وأعادوها الي بيتها وغابوا عنها سريعا .

ولما رآها جيرانها بملابس سألوها عن الذي عمدها فحدثتهم بكل ما جري لها . فقال لها الجيران ومن هم هؤلاء الناس الذين حملوك وطلبوا تعميدك ؟ فلم فلم تعرف . فذهبوا للبابا وعرفوه بخبرها . فأحضر البابا القسوس وسألتهم : هل أنتم عمدتهم هذه المرأة ؟ فقال : نعم ، فقد سألنا فلان وفلان من أكبر البلد في حاشية وكيل الملك أن نعمدها . ولما دعا البابا أولئك الذين ذكروهم من قصر الولاية وسألهم هل هم الذين ضمنوها فقالوا : ما عرفنا ذلك وما عملناه أصلا .

حينئذ علم البابا أن الأمر الذي جري هو من الله ، ولما دعا المرأة سألها : أخبريني أي صلاح عملت في حياتك يا أبنتي .

فقالت له :
اذ كنت زانية ومسكينة خاطئة فأي صلاح أعمل . فقال لها البابا : تذكري يا ابنتي هل عملت صلاحا واحدا . فقالت له قصة الرجل الذي أنقذته من الديون وخلصت حياته من الموت والشنق .وعندما فرغت من كلامها هذا رقدت لساعتها . فمجد البابا الرب قائلا : عادل أنت يارب وأحكامك عظيمة جدا جدا .

+ قصة عن أهمية عمل الرحمة :
أخبر الآباء عن رجل من أهل دمشق ، وجهه الملك في حاحة ، وفيما هو ماض في طريقه ، وجد انسانا ميتا عريانا علي قاعه الطريق فرحمه ذلك الرجل وخلع ثوبه من عليه والقاه علي ذلك الميت ، ومضي في طريقه . وبعد أيام وجهه الملك في حاجة ، فبينما هو ماض في الطريق راكبا وقع من علي دابته فانكسرت رجله وحمل الي منزله وعولج وبعد أيام فسدت رجله . فتشاور المعالجون فيما بينهم اذا لم تقطع هذه الرجل فجسده يفسد جميعه ويتهرأ . وانصرفوا ووعدوه أنهم يصيرون اليه بالغداه ، فلما فارقوه أمر غلامه أن يتبعهم ويسألهم عما يريدون أن يفعلوه . فقالوا له : رجل سيدك محتاجة الي القطع . اذا صرنا اليه أخرجناه بذلك . فرجع الغلام باكيا وأخبر سيده بقول الأطباء . فحزن ولم يرقد في تلك الليلة ، وكان عنده مسروج فنظر الي انسان وقد دخل اليه نصف الليل من الكوة ، فقال له : ما بالك أيها الانسان حزينا باكيا ، فقال له : وكيف لا أبكي وأحزن وقد أنكسرت رجلي والأطباء يريدون قطعها .

فقال له :
أرني رجلك . فلما أبصرها مسحها بيده وقال له : قم امشي أيضا .

فقال له :
رجل عبد يا سيدي مكسورة وكيف أمشي ؟ ! فقال له : استند علي وامشي . فتقدم يمشي وهولا يعرج ابدا . فقال له ذلك الانسان : يا أخي أن الرب قال في انجيله المقدس : طوبي للرحماء لأنهم يرحمون . وأراد الانصراف فقال له : من أجل خاطر الذي أرسلك أما تعرفني من انت ؟ فأراه ثوبه عليه . وقال له : أتعرف هذا ؟ فقال : نعم يا سيدي كان لي .. فقال له : أنا ذلك الميت الملقي علي الطريق اليذ القيت علي ثوبك ارسلني الله لاشفيك فاشكره وأعمل الرحمة فتخلصك من الآفات وتغفر خطاياك . ولما أتم الكلام انصرف عنه . وقال العليل صحيحا يشكر الله ويسبحه .

( ج ) الراهب والجزية

+ قال الأب زوسيما :
اتفق اني كنت مع آخر سالكين مع علمانيين في طريق نابلي ، فوصلنا الي موضع تجبي فيه ضريبة ، فالعلمانيون لمعرفتهم الأمر أعطوا ما وجب عليهم من الضريبة ، وأما الأخ الذي كان معي فأخذ في المقاومة قائلا : أتتجاسرون علي أن تأخذوا خراجا من رهبان ؟ . فلما سمعته يقول هكذا ، قلت له : ما هذا الكلام الذي تقوله يا أخي . كأنك تريد أن تطالبهم بأكرامك أكرام قديس أن شاءوا وان ابوا ؟ فيتليتهم كانوا قد أبصروا ما توقعوه من حسن أجابتك وتواضعك ، فكانوا يخجلون أغفر لنا ، فأعطهم اذن الجزية كتلميذ وديع للاله الوديع الذي تمسكن ودفع الدرهمين ، ثم اعبر بسلام .

( د ) الراهب والمحاكم

+ من ( الديارنس ) :
الذي قد نال وقارا بمعرفة مقدسة وذاق الحلاوة الالهية ، لا يجب له أن يحاكم قط ولا يقيم دعاوي أو يجذب الي مجلس حكم بالجملة ، حتي ولو سلبه سالب ملابسه ، لأن عدالة السلاطين في هذا الدهر ليست شيئا بالمرة بالنسبة الي عدالة الله ، والا فأي فارق اذن بين أولاد الله هذا الدهر ؟ واليك ما فعله سيدنا المسيح فأنه لما شتموه لم يشتم هو عوضا ، ولما ألموه لم يهدد ، ولما نزعوا ثيابه لم يتكلم ، ويتوجع لأجل خلاصنا ، وما هو اعظم من ذلك كله ، أنه سأل الآب الغفران لفاعلي المكروه به .

( هـ ) الراهب واللصوص

+ قيل عن شيخ :

انه في وقت أتاه اللصوص وقالوا له : جئنا لنأخذ جميع ما في قلايتك .

فقال لهم :
خذوا ما شئتم أيها الأولاد . فلما اخذوا جميع ما وجدوه مضوا ونسيوا مخلاة كانت مستورة بخوص ، فلما نظرها الشيخ أخذها وخرج مسرعا وراءهم وهو يصبح : يا بني ، خذوا ما قد نسيتم . فلما رأوا ذلك منه عجبوا من دعته وسلامة قلبه ، وردوا كل ما أخذوه الي قلايته ، وقال بعضهم لبعض : بحق أن هذا رجل الله . وكان ذلك سبب توبتهم وتركهم ما كانوا عليه من اللصوصية .

+ نهب انسان مال أحد الحكماء فلم يغضب عليه ، فقيل له : لماذا لم تغضب علي الذي نهب مالك ؟ . فقال اني شبهته بالموت لأن الموت ينتزع كل انسان منماله ولا يغضب عليه أحد .



( و ) الراهب والأشرار

+ قصد الأب يوحنا السرياني

اناس اشرار خبثاء ن فأخذ ماء في طست وغسل أقدامهم ، فما كان منهم الا ان احتشموا منأكرامه لهم ، فتابوا .

+ قال شيخ :

ان انت قصدت الاحسان الي الاخييار والاساءة الي الأشرار فمنزلتك منزلة قاضيلا عابد .

+ سأل أخ أنبا سيصوي الصعيدي :
اذا كنت جالسا في البرية وقدم بربري وأراد قتلي ، وقويت عليه ، أفا أقتله ؟

فأجاب الشيخ :
لا ، لكن سلم الأمر لله ، لأن أي محنة تأتي علي الانسان ، ليس له الا أن يقول : أنها من أجل خطاياي .

+ قال الأنبا أثناسيوس :
اهتم بعمل الخير حسب قوتك من أجل الله ، لاسيما مع المسيئين اليك ومبغضيك ، لكي تغلب الشر الذي فيهم من نحوك .

+ قال القديس يوحنا ذهبي الفم :
ان ارت أن لا يتأتي لك حزن فلا تحزن انسانا ما .

+ قال القديس اغريغوريوس :
ان كنت غير مذنب عند الاله ، فلا تغفر للمذنبين اليك ، وان كنت تعلم أنك مذنب ، فسلف الرحمة وقدمها قدامك ، فان الله يضاعف الرحمة للرحماء .



( ز ) الراهب والأعداء

+ مضي أخ الي الأب سلوانس

واخبره بأن عدوا قد كثر شره وقد سأل السحرة في اهلاكه ، وأنه يريد ان يسلمه الي السلطان ليؤدبه وتنتفع نفسه . فقال له الشيخ : اعمل ما شئت . فقال الأخ : اصنع لي صلاة . فقال الشيخ ليصلي ، ولما بلغ الي قوله : " اغفر لنا خطايانا كما نغفر نحن لمن أخطأ الينا "

قال :
" لا تغفر لنا يارب خطايانا ، كما لم نغفر نحن لمن أخطأ الينا " فقال الأخ : لا تقل هكذا يا ابي .
فأجابه الشيخ :
اذا كنت تريد أن تنتقم ممن أساء اليك ، فهذا ما يجب أن يقال يا ولدي وهكذا يكون .

فصنع الأخ مطانية وصفح عن عدوه .

( ح ) الراهب والهراطقة والرؤساء

+ لما دنت وفاة الأب توما قال لتلاميذه :

" لا تكن لكم خلطة مع هيراطقي ولا معرفة برئيس : .

( ط ) الراهب والغرباء

+ قال شيخ بخصوص قبول الغرباء :
" اذا كنت نبيا وصديقا ، ولا تقبل من يأتيم مثل نبي وصديق فليس لك اجر ، وأن تكن نبيا ولا صديقا ، ولكنك قبلت من أتاك مثل نبي وصديق فأجر نبي وصديق تأخذ "
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
بستان في بستان الرهبان
زهور من بستان - كتاب بستان الرهبان
من قصص بستان الرهبان
من بستان الرهبان
جاء في بستان الرهبان


الساعة الآن 10:22 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024