28 - 12 - 2013, 05:41 PM | رقم المشاركة : ( 51 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة الإيمان
لا يعلم إلى أين يذهب هكذا سار أبونا إبراهيم وراء الله، إلى المجهول.. لم يكن يعلم إلى أين الطريق، إنما كان واثقًا أن الله يصحبه في الطريق، ويرشد خطاه.. وهكذا حدث مع آبائنا الرسل الأطهار، لما دعاهم الرب فتبعوه. وهم لا يعلمون إلى أين.. إذ لم يكن للمسيح مقر معروف، بل لم يكن له أين يسند رأسه ( لو9:58). كان يطوف المدن والقرى يعلم ويشفى، مع أنه لم تكن له وظيفة رسمية في المجتمع اليهودي.. ولم يكن له دخل مالي معروف. وحتى لما دعا تلاميذه، قال لهم "لا تحملوا ذهبًا ولا فضة ولا نحاس في مناطقكم.. ولا تحملوا معكم شيئًا للطريق" (متى 10:9، مر 6: 8). ولو سألت أحد تلاميذه وقتذاك: ما هو عملك؟ وما هو مستقبلك مع المسيح؟ لوقف وأوقفك معه، أمام علامة استفهام كبيرة لا يعرف لها جوابًا، سوى حياة التسليم.. يكفيه أنه سائر مع المسيح، مع أنه معه وفي وجوده لا يعمل شيئًا.. المسيح يعمل كل شيء، وتلاميذه مجرد متفرجين. <!--[endif]-->3-خذوا مثالًا لذلك القديس مار مر قس الرسول حينما دخل الإسكندرية: دخلها وهو لا يعلم إلى أين يذهب، إذ لم تكن هناك كنيسة يستقر فيها، ولم يكن له هناك شعب، ولا مسكن.. بل على العكس كانت الوثنية في كل مكان، وكانت اليهودية تقاوم الإيمان جاء مارمرقس إلى مصر، وأرشد الله خطاه إلى إنيانوس، وما كان في فكره هذا الأمر وما حدث لمارمرقس، حدث تقريبًا لباقي الرسل. تتنوع الأمكنة والأسماء، ولكن قلب الموضوع واحد. وكأن كل رسول كان يقول: لو كانت الخدمة عملًا بشريًا، لكان يهمني أن أعرف خطية مسيري. أما والخدمة عمل إلهي، فلا يهمني إلى أين أذهب. أنا مع الله. حيث قادني أسير. 4- يوحنا المعمدان كان يرى أن واجبه هو أن يشهد للحق. فشهد للحق وقال لهيرودس الملك "لا يحل لك" ولم يهتم بعد ذلك إلى أين يذهب: إلى السجن، إلى الموت.. ليكن ما يكون. رسالة الله تتم في طاعة إيمانية كاملة. أما الحياة، وأما المصير، فهما مسلمان الله.. إلى التمام. وهكذا كان بولس الرسول يشهد للرب.. وبعد ذلك لا يهمه إلى أين يذهب: "أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عرى أم خطر أم سيف"، يقول في ثقة بحياة التسليم "لكنن في هذه جميعها، يعظم انتصارنا بالذي أحبنا" (رو8: 35،37). بهذا الأسلوب، سار أولاد الله جميعهم في طريق الحياة في حياة التسليم. كل ما يهمهم هو أن الله يقودهم. ولكن لا يعنيهم إلى أين.. ولكنهم واثقون بالإيمان، أنه سيقودهم إلى المراعى الخضراء، وإلى ينابيع الماء الحي. خبرتهم مع الله تجعلهم مسرورين بقيادته، واثقين بمحبته. 5- إسحق بن إبراهيم حمل الحطب وراء أبيه، ولم يعلم إلى أين يذهب. كل ما تعلمه في حياته، هو التسليم والطاعة، وبهما سار حتى إلى المذبح. وربطه إبراهيم أبوه ووضعه على المذبح فوق الحطب (تك22)، ورفع عليه السكين. كل هذا وإسحق في تسليم كامل. لم يشك في محبة الله.. وانتصر على طول الخط. بتسليمه هذا، كسب طاعة الإيمان، وكسب حياته، وكسب وعود الله.. 6- لعازر الدمشقي لما سافر ليختار زوجة لإسحق، ما كان يعلم إلى أين يذهب. ولكنه سلم خطاه لله ليرشده. ودبر الله له كل شيء بطريقة عجيبة وقف أمامها مذهولًا. وتم كل شيء حسبما طلب منه سيده إبراهيم. ولهذا قال "الرب أنجح طريقى" (تك 24: 56). ولعل لعازر الدمشقي كان يقول "لم أكن أعلم إلى أين أنا أذهب. لكنى كنت أعلم تمامًا أن الله ذاهب معي". ونفس الوضع تقريبًا حدث ليعقوب في رحلته إلى خاله لا بان. وما أجمل قول الرب له "هاأنا معك. أحفظك حيثما تذهب" (تك28:15). 7- الشعب في البرية، أتراه كان يعلم إلى أين يذهب؟! ما كان يعلم شيئًا. كان الله يقوده يومًا بيوم. وكان يرتحل بإرشاد إلهي، ويقف بإرشاد إلهي، ويقف بإرشاد إلهي. وكان هذا الإرشاد يتمثل في السحابة تظلله نهارًا، وعمود النار يهديه ليلًا.. والشعب في تسليم كامل لقيادة الله، لا يسأله إلى أين..؟ وما كانت أمام موسى النبي خطة لمسيرة، وكأنه يقول: يكفينا يا رب أن تكون سحابتك فوق رؤوسنا، وعمود النار أمامنا. نحن لا نحدد مسارنا، إنما تحدده مشيئتك الصالحة. أما نحن فيسعدنا أننا تحت قيادتك. حيثما سارت سحابتك نسير . وحيثما حلت نستظل تحتها.. يفرحنا أننا نرى فوق تابوت العهد الضباب الذي يمثل وجودك. فلتتحرك خيمة الاجتماع في البرية نحو المجهول. إنه مجهول بالنسبة إلينا. ولكنه في علمك ومعرفتك منذ الأزل. وهذا يكفينا، لكي نسلم خطانا لهذا المجهول، ونحن في ملء الثقة بأننا في طريق كنعان. 8- القديس الأنبا أنطونيوس أب جميع الرهبان، حينما دخل إلى الجبل، أتراه كان يعلم إلى أين يذهب؟! وكذلك القديس الأنبا بولا أول السواح.. وأيضًا كل السواح والمتوحدين حينما توغلوا في البرية الجوانية، ما كان أمامهم هدف مكاني معين يقصدونه. كل ما كان أمامهم هو الهدف الروحي وهو أن ينفردوا بالله في حياة السكون والهدوء، مسلمين حياتهم بالكلية له "تائهين في البراري والجبال وشقوق الأرض".. تسأل كل واحد من التائهين في البراري: أتعلم أين أنت؟ فيجيبك: على خريطة المكان، لست أعلم أين أنا.. ولكن على خريطة الحب، أعلم أنني في حضن الآب. 9- ولعل البعض يسأل: أما ينبغي أن يحسب كل إنسان حساب النفقة، حسب وصية الرب نفسه (لو14:28)؟ إن حياة الإيمان، هي أبعد ما تكون عن علم الحساب الذي يقصدونه. إذن ما الذي يقصده الرب بأن يجلس الإنسان أولًا ويحسب النفقة؟ حساب النفقة هو: هل عندك من الإيمان ما يكفى؟ هل عندك من الإيمان ما تسلم به الأمر كله لله لكي يدبره؟ إنك تفعل ما تستطيعه. ولكن هذا هو أقل المطلوب. أما العنصر الأساسي فهو إيمانك بما يفعله الله، وتسليمك له كل الأمر.. وهذا كان منهجنا، حينما كنا نريد أن نبنى كنيسة أو أي مشروع للخدمة والرعاية. لم يكن السؤال الأساسي هو "من أين التكاليف؟"، إنما كان السؤال الأساسي هو: هل الله موافق على هذا البناء أم لا؟ فإن كان موافقًا فهو الذي سيقوم بكل تكاليفه. وما علينا إلا أن نبدأ، ويد الله تكمل العمل معنا "وإن لم يبن الرب البيت، فباطلًا يتعب البناءون" (مز127: 1). الإيمان هو أن تغمض عينيك، وتبصر الله. طالما أنت تفتح عينيك، فأنت تسير بالحواس الجسدية. أما إن أغمضت هذه العين الجسدانية، حينئذ سوف تسلك بالقلب والروح. إن تأكدت بحواسك الروحية أن الله سيذهب معك في طريق سر فيه ولو كان في وادي ظل الموت. يقينًا هناك سوف لا تخاف شرًا لأن الرب معك (مز23). 10- هذه هي حياة التسليم، التي فيها يختار الرب لنا ما نشاء، دون أن نختار نحن لأنفسنا. آخذين درسًا من قصة لوط وإبراهيم. لوط اختار لنفسه السكنى في سادوم، الأرض المعشبة (تك14:10،11). وكان يعلم إلى أين يذهب. أما إبراهيم فلم يختر لنفسه شيئًا. إنما قال له الرب "ارفع عينيك وانظر.. جميع الأرض التي أنت ترى، لك أعطيها" (تك 10: 14،15).. وماذا كانت النتيجة؟ لوط سبى وهو في سادوم وأنقذه إبراهيم (تك 14). ثم احترق كل ماله في سدوم وخسر الكل.. وهكذا كانت حياة التسليم التي لإبراهيم ذات نتيجة أفضل. |
||||
28 - 12 - 2013, 05:42 PM | رقم المشاركة : ( 52 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة الإيمان
ما يقوي الإيمان الإيمان فضيلة كسائر الفضائل، يمكن أن تقوى أن تضعف. وعلينا نحن، ليس فقط أن تحفظ إيماننا، وإنما أيضًا أن نسلك في كل الوسائل التي تجعله ينمو ويزداد (2 تس 1: 3، 2كو 8: 7). فما هي الوسائل التي تقوى إيماننا؟ إنها:
|
||||
28 - 12 - 2013, 05:43 PM | رقم المشاركة : ( 53 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة الإيمان
الثقة بصفات الله أ – ضع في قلبك باستمرار، أن الله صانع الخيرات، وذلك لكي تقوي إيمانك برعايته وحفظه. قل لنفسك باستمرار (كل الأشياء تعمل معًا للخير، للذين يحبون الله) (رو 28:8). وثق أن كل ما يصنعه الله هو خير، وأن كل ما يسمح به لابد يؤول إلي خير، مهما بدا الأمر غير هذا. لقد كان الله يصنع خيرا مع يوسف، حينما سمح أن يباع كعبد، وأن يلقي في السجن ظلمًا. وكانت كل تلك الضيقات ضمن الخطة الإلهية لخير يوسف، ولخير المنطقة كلها. وهكذا قال يوسف لأخوته الذين باعوه (لستم أنتم أرسلتموني إلي هنا، بل الله) (تك 8:45)، (أنتم قصدتم لي شرًا. أما الله فقصد به خيرًا (تك 20:50) ب- ثق أيضًا أن الله أب، وأنه محب، وأنه في محبته، لابد أن يعامل أولاده بحنان، ويعطيهم عطايا صالحة. وقد قال في أبوته الحانية أنه نقشنا على كفه (أش 16:49) و في أبوته يعطينا كل ما نحتاجه، دون أن نطلب. ج – مما يقوي إيمانك أيضًا ، أن تثق بأن الله قادر على كل شيء. هو يحبك. وهو يريد لك الخير، وهو قادر على صنع هذا كله، مهما كان الأمر صعبًا.. إن أبانا إبراهيم، حينما رفع يده بالسكين ليذبح ابنه وحيده إسحق، كان مؤمنًا بأن الله محب، وأنه لابد من وراء ذلك خيرًا. وكان مؤمنًا كل الإيمان بأنه سيكون له نسل من أسحق كنجوم السماء حسب وعد الله له.. نعم كان مؤمنًا أنه حتى لو مات أسحق، فإن الله قادر أن يقيمه من الأموات، ويحقق به وعده (إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من الأموات أيضًا) (عب 19:11). هذا هو الله الذي آمن به، الذي يحيي الموتى، ويدعو الأشياء غير بالإيمان كأنها موجودة) (رو 17:4). بالإيمان بقدرة الله على كل شيء، دخل موسى في البحر الأحمر وعبره. ودخل يشوع في نهر الأردن وعبره، كل منهما مع شعبه.. يحدد بمقدار حرف- كذلك ينبغي أن تثق بحكمة الله، وبأن كل تدابيره صالحة، حتى لو كنت لم تفهم بعد أعماق هذه الحكمة إن أمنت بحكمة الله، تعيش في سلام، وتقبل كل شيء برضى. أما إن كانت (حكمتك) البشرية لا تثق بحكمة الله، ستعيش في تذمر وشكوى وتعب نفسي.. لذلك في كل ما يحدث لك ، قل له: أنا واثق يا رب بحكمتك وحسن تدبيرك. وإن كان فهمي الآن عاجزًا، لأبد أنني سأعرف بعد حين ما قصدته بي، كما عرف يوسف الصديق. إن ثقتك بأن الله صانع الخيرات، وأنه أب محب، وحكيم في تدابيره، ويريد لك الخير وقادر على ذلك.. كل هذا يعمق إيمانك، ويمنحك سلامًا في قلبك.. |
||||
28 - 12 - 2013, 05:44 PM | رقم المشاركة : ( 54 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة الإيمان
الثقة في صدق مواعيد الله لقد وعد الله أبانا ابرام بأنه سوف يعطيه نسلا، وأعطاه ولو بعد زمن. ووعده بأن نسله سيكون كنجوم السماء في الكثرة، وقد كان.. مع أن زوجته كانت عاقرًا، وكان هو قد تقدم في الأيام وشاخ. ووعد الله شعبه بأنه سيرده من السبي. ورده كما وعد. ووعد إيليا وقت المجاعة، بأنه سيعوله. وعاله بأعجوبة (1 مل 3:17-6). ووعد الله أمنا حواء بأن نسلها سيسحق رأس الحية (تك 15:3). وقد حقق هذا الوعد على الصليب في ملء الزمان. ووعد الله بأنه سيسكب روحه على كل بشر (يؤئيل 28:2). وفعل ذلك في يوم الخمسين، وما زلنا هياكل لروحه القدوس (1كو 16:3).. وعود الله كلها صادقة. ويعوزنا أن نتتبع وعود الله منذ القديم. ولكن هناك وعودًا دائمة، يريحنا أن نحيا فيها بالإيمان. وذلك كقوله (ها أنا معكم كل الأيام وإلي انقضاء الدهر) (متى 20:28)، حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم (متى 20:18)، (أعطيكم فمًا وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها) (لو 15:21) (لا تهتموا كيف أو بما يتكلمون، لأنكم تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به لأنكم لستم أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم" (متى 10: 19، 20). وكذلك قوله عن الكنيسة إن أبواب الجحيم لن تقوى عليها (متى 16: 18). ليتنا نعيش في هذه الوعود بكل قلوبنا، لكي تقوى إيماننا. وليتك : أيها القارئ المحبوب تجمع كل وعود الله وتقرأها باستمرار. وتقول لنفسك: لابد أن يكون الله صادق في وعوده. وبالتالي لابد أن أعيش سعيدًا بهذه الوعود الإلهية.. إن دوام التذكار لوعود الله، يطمئن النفس، ويقوى الإيمان.. |
||||
28 - 12 - 2013, 05:54 PM | رقم المشاركة : ( 55 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة الإيمان
النظر إلى الله، وليس إلى الظروف المحيطة قبيل عبور البحر الأحمر، كل الظروف المحيطة كانت تدعو إلى اليأس. أما موسى النبي فإنه دعا الناس أن ينظروا إلى الله، وقال لهم "قفوا وانظروا خلاص الرب.. الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون" (خر 14: 13، 14). كذلك في حرب داود وجليات. لو نظر إلى الجبار القوى المتحدى، ليئس. لكنه بالإيمان نظر إلى الله الذي سيحبسه في يده (1صم 17) . نفس الوضع في معجزة الخمس خبزات والسمكتين. لما نظر التلاميذ إلى الطعام الموجود، والآلاف المنتظرة، قالوا "ما هذا لمثل هؤلاء؟!". ولكن المسيح نظر إلى فوق وبارك ولو نظر التلاميذ هكذا بالإيمان إلى فوق، لا طمأنوا ورأوا قوة الله. مرثا نظرت إلى قبر أخيها الميت منذ أربعة أيام، فقال قد أنتن. أما الرب فقال لها: ألم أقل لك إن آمنت ترين مجد الله (يو11:39، 40). إذن علينا أن ننظر دائمًا إلى فوق، فيدخل الإيمان إلى قلوبنا. ننظر إلى الله المحب القادر على كل شيء، ولا نركز أفكارنا في الظروف المحيطة. لا تنظر إلى قوة أعدائك، إنما أنظر إلى الله الذي ينقذك منهم. لا تنظر إلى الخطية التي "طرحت كثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء" (أم 7: 26)، إنما أنظر إلى الرب يسوع الذي "يخلص شعبه من خطاياهم" ( متى 1:21). |
||||
28 - 12 - 2013, 05:55 PM | رقم المشاركة : ( 56 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة الإيمان
قصص الإيمان، و معاشرة رجال الإيمان وهكذا عندما أراد الله أن يعطى دروس في الإيمان، قال "تأملوا زنابق الحقل.. ولا سليمان في مجده كان يلبس كواحدة منها" (متى 6: 28، 29). فإن كان عشب الحقل.. "يلبسه الله هكذا "" أفليس بالحري يلبسكم أنتم يا قليلي الإيمان". وقال أيضًا "أنظروا إلى طيور السماء". وفي إحدى المرات، فعلت كما أمر الرب، ونظرت إلى عصفورة في حقل الدير.. أمامها الكثير من الحبوب. ولكنها التقطت اثنتين أو ثلاثًا، وتركت الباقي كله وطارت "لم تجمع إلى مخازن "كما قال الرب، كانت واثقة أنه في كل مكان تحل فيه، سيرزقها الله قوتها، فلماذا تخزن إذن؟ أو لماذا تترك الجو العالي الفسيح، وتقبع إلى جوار الحبوب لتخزن كما تفعل زميلتها النملة (القليلة الإيمان!) التي لا ترتفع إلى فوق.. وقد أعطانا الرب مثالًا شبيه في قصة (المن) وجمعه. كانوا يجمعونه، على قدر حاجتهم، يومًا بيوم، دون أن يحزنوا.. والذين خالفوا هذه القاعدة وخزنوا منًا "تولد فيه الدود وأنتن" (خر 16: 20). كلما يقرأ الإنسان قصصًا عن الإيمان، والثقة بالله، والأعاجيب التي تحدث مع قديسيه، يمتلئ قلبه إيمانًا، ويحب هذه الحياة المملوءة إيمانًا.. كذلك كلما يعاشر رجال الإيمان، يتعلم منهم، وتثيره حياتهم وعمل الله معهم، لكي يتمثل بإيمانهم"(عب 11: 7). لذلك قال أحد الآباء "شهية هي أخبار القديسين".. من أجل هذا سجل لنا الكتاب سيرًا من الإيمان، لنتأثر بها ونتعلم. ولكي تقوى إيماننا، إذ نرى أمامنا أمثلة عملية لحياة الإيمان التي نشتهيها. ونرى أمامنا الطريق الذي سلكه رجال الإيمان. وكيف عاملهم الله، وكيف تعاملوا هم معه.. وماذا أيضًا؟ إن كانت القراءة، فإن المعاشرة تأثيرها أعمق بلا شك لذلك عاشروا الذين يتصفون بالإيمان، وامتصوا الإيمان منهم. فإن الإيمان يناله الإنسان بالتسليم، أكثر مما يناله بالتعليم. أنظروا كيف يعيشون، وكيف يظهر الإيمان في حياتهم، وكيف يتعاملون مع الله، وكيف يتصرفون إزاء الأحداث.. |
||||
28 - 12 - 2013, 05:56 PM | رقم المشاركة : ( 57 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة الإيمان
اتضاع القلب والفكر الإنسان المتضع يقبل كل ما ياتى من الله برضى. أما الفكر المعتد بذاته فإن يناقش ويجادل، ويرفض ما لا يعجبه، فلا يصل إلى الإيمان الذي يصل إليه المتضع. الإنسان المتضع يعترف أن عقله محدود، وكل قدراته محدودة، ولا يمكنه أن يستوعب الله غير المحدود، ولا يدرك أعماق حكمته وصفاته. لذلك يقبل في إيمان ولا يشك. وإن ضغط عله الفكر، ينسكب أمام الله ويقول "أحكامك يا رب فوق فهمي، وأعمالك فوق معرفتى. من أنا قدامك؟ وكل معرفتي هي جهالة أمامك. أنا آخذ منك عن طريق التسليم، وليس عن طريق الفحص .. أعطيني يا رب إيمان الأطفال، وليس إيمان الفلاسفة والحكماء (لو 10: 21). حادثة مثل إلقاء الثلاثة فتية في أتون النار، دون أن يحترقوا (دا 3: 25). هذه، هل نخضعها لفهمنا المحدود، أم نتقبلها بالإيمان في اتضاع الفكر الذي ينحني أمام المعجزة؟! والمعجزة هي عمل الله القادر على كل شيء.. الإيمان يحتاج إلى اتضاع الفكر وبساطة القلب، وأيضًا إلى: الخبرة مع الله. |
||||
28 - 12 - 2013, 05:57 PM | رقم المشاركة : ( 58 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة الإيمان
الخبرة مع الله الق نفسك في دائرة الله. عش معه واختبره. جرب الاتكال عليه. حينئذ سترى عجائب من عمله معك. أما إن كنت طول حياتك تحصر نفسك في دائرة إمكانيات الفكر، والذكاء البشرى، وخبرات المجتمع، ومشورات الناس، بعيدًا عن الله، تأكل كل يوم من شجرة معرفة الخير والشر، فكيف تصل إذن إلى الإيمان؟! إذن اختبر عمليًا وجود الله في حياتك. عاشره لتعرف من هو. وكما قال داود النبي "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب" (مز 34: 8). ولعل سائلًا يسأل: وكيف ندخل في الخبرة مع الله؟ |
||||
28 - 12 - 2013, 05:58 PM | رقم المشاركة : ( 59 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة الإيمان
إبصر الله في كل أمر الناس لا يقوى إيمانهم، لأنهم يعيشون في عالم، فصلوه عن الله. كل ما يحدث في هذا العالم، يرجعونه إلى أسباب عديدة ولا يذكرون اسم الله كأنما الكون يدور.. بدون الله. أ- مثال: العالم يستطيع أن يحطم الذرة، ويستخدم القوة النووية، ويصنع سفن الفضاء، ويصل إلى القمر، ويدور حول الكون، ويتعامل مع الإلكترونات.. ويصرخ الناس ويقولون: ما أعظم العقل البشرى! أو ما أعظم الشعب الذي اخترع كل هذه المخترعات..! ولا يذكرون اسم الله إطلاقًا.. أما المؤمن فيقول: مبارك أنت يا رب الذي خلقت هذا العقل البشرى، ووهبته كل هذه الإمكانيات، وكشفت له ما وضعته في الطبيعة من قوى.. إن كان عبيدك الترابيون يعرفون كل هذا، فكم وكم تكون أنت يا غير المحدود، القادر على كل شيء؟! وهكذا يقوى إيمان المؤمن بإرجاعه كل قوة وكل عجيبة إلى الله.. ب- مثال آخر: يمرض إنسان بمرض خطير. ويستطيع طبيب أن ينقذه من الموت فيشفى. وينذهل المريض وأقرباؤه من مهارة الطبيب، ويشكرونه في الجرائد ويمدحونه سبب الشفاء. أما الله فلا يتردد اسمه مطلقًا على أفواههم. ولكن المؤمن يقول: نشكر الله الذي شفى المريض، وكانت يده مع يد الطبيب. ج- مثال ثالث: إنسان يتعرض لحادث تصادم يكاد يودى بحياته، لولا أن سائق العربة يوقفها بمهارة على بعد سنتيمترات من الرجل. ويصرخ الناس: يا لمهارة السائق! بينما المؤمن يقول: لقد منح الله هذا الإنسان عمرًا جديدًا.. ليتك في كل حادث، تبحث عن أصبح الله فيه، ليقوى إيمانك. ابحث عن حكمة الله وعمل الله في كل ما يمر بك من الأحداث اليومية ن حينئذ ستجد الله كائنًا أمامك كل يوم، تلمسه وتتعامل معه، وتشعر بوجوده في كل ما يمر بك من صغيرة وكبيرة وبهذا يزداد إيمانك يومًا بعد يوم. د- مثال رابع: المؤمن إذا مر على حديقة ورأى زهرة من الزهور، لا يكتفي بالتمتع بشكلها ورائحتها كما يفعل العلمانيون.. إنما يقف أمامها منذ هلًا ويقول: ما هذا الجمال الذي خلقته يا رب؟! وما الألوان العجيبة التي يعجز أمهر الفنانين عن أن يصنعوا مثلها.. لاشك أن الزهور الصناعية جميلة ومتقنة، ولكنها ليست في هذا التناسق، كما أنها لا حياة فيها، ولا نضارة، ولا رائحة لها. إنها جمال ميت..! حقًا ، إن التأمل في البيعة بهذا الأسلوب، يقوى الإيمان.. أهل العالم يتأملون البيعة منفردة، قائمة بذاتها، وقد فصلوها عن الله. أما الذي يريد أن يقوى إيمانه فإنه يرى الله في الطبيعة.. أليست هي صنعة يديه؟.. وهكذا كان داود النبي يقول "السموات تحدث بمجد الله، والفلك يخبر بعمل يديه (مز19: 1). أتراك تعجب بليلة قمرية جميلة، دون أن تمجد الله خالق القمر؟! تذكر الله هكذا، ليكون الله بالنسبة إليك حقيقة عملية، وليس مجرد حقيقة عقلية تثبتها البراهين.. بهذا تحيا مع الله كل يوم. إن أردت أن يقوى إيمانك، لا يفضل مخلوقات الله على الله. لا تبهرك الطبيعة، ولا تنسى الله خالقها. لا يبهرك العقل البشرى وتصرفه في المادة. وإنما قل: عجيب أنت يا رب! كيف خلقت المادة هكذا، بهذا الخاصية وبهذا المفعول، بحيث يمكن للعقل أن يستخدمه في كل هذه الأغراض..! أترانا نعجب بطبيب يستخلص دواء من مادة معينة، بينما ننسى الله الذي وضع هذه الخاصية في تلك المادة، حتى يمكنها أن تخدم غرض الطبيب..! |
||||
28 - 12 - 2013, 05:59 PM | رقم المشاركة : ( 60 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب حياة الإيمان
إتخذ الرب صديقًا لك لو فعلت هذا، لأمكن أن يقوى إيمانك، لأنك ستكون علاقة مع الله وتتحدث معه بدالة بلا خوف، فتتوطد صلتك به. كثيرون ينظرون إلى الرب كمجرد إله أو سيد. ولكن هل نظرت إليه أيضًا كصديق ومحب، تثق به وبمحبته وبإخلاصه لك. إنه يقرع على بابك، ويطلب إليك أن تفتح له كصديق، فيدخل ويتعشى معك وأنت معه (رؤ3: 20). إن قيلت صداقة الله ومحبته، ستدخل في الإيمان الحقيقي.. تشتاق إلى رؤياه كصديق، وتحكى له أسرارك، وتتمتع بعشرته ومحبته.. وتحرص كصدق له ألا خدش شعوره أو تغضبه. وهو نفسه سيكشف لك أسراره، كما كشف لإبراهيم (تك 18: 17). إن الله يريدك هكذا، لأنه قال "لا أعود أسميكم عبيدًا.. بل أحباء" (يو 15: 15).. اتخذه إذن كصديق أو كأب، تؤمن بأبوته ومحبته، كما تؤمن بسلطانه وقدرته. تحدثه عن أسرارك، ويحدثك عن أسراره. من قصص الصداقة والصراحة مع الله، مسح إيليا لأليشع نبيًا. قال الرب يومًا لإيليا النبي العظيم اذهب "مسح ياهو بن نمشى ملكًا على إسرائيل.. وامسح أليشع بن شافات، نبيًا عوضًا عنك" (1مل 19: 16). لم يقل إيليا: حسنًا يا رب أن أمسح ياهو ملكًا. ولكن كيف أمسح نبيًا عوضًا عنى؟ وهل استغنيت عن خدماتي؟ هل يحدث هذا بعد تعنى الكثير من أجلك، وبعد وقوفي ضد آخاب الملك وزوجته إيزابل، وبعد تخليصي البلاد من كل أنبياء ألعل وأنبياء السواري؟.. هل تغيرت محبتك لي ؟! لم يقل شيًا من هذا ، ولم يشك في محبة الله، بل فعل كما أمره، واثقًا من محبة الله ومن حكمته. بل اعتبرها دالة وصداقة بينه وبين الله، بها يشركه الله معه في تنفيذ الخطة الإلهية، حتى لو كان منها مسح نبي عوضًا عنه. فهذا لا يدل على أن الصداقة بينه وبين الله قد انتهت أو نقصت. بدليل أن الله رفعه إليه إلى السماء في مجد (2مل 2: 11). وبدليل أنه ظهر معه بعد زمن على جبل التجلي يتحدث إليه (9:4). إنها المحبة التي يصارحه بها الله، حتى في الأمور التي تمسه. وكان مسح نبي عوضًا عنه، مقدمة لترقيته إلى حالة أفضل، هي أعظم من نبي |
||||
|