منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12 - 12 - 2013, 03:15 PM   رقم المشاركة : ( 51 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,402

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

النظرة الآبائية للجنس الآخر

في الوقت الذي يعمل فيه العالم على تكريم المرأة ومساواتها بالرجل والاهتمام بكل حقوقها، إذا بنا نجده أحيانًا يجردها من إسانيتها أو من كيانها البشرى (dehumanizes her)، وذلك باستخدامها كوسيلة للإعلانات والتجارة وفي الأدب الإباحي pornograghy صار استخدام الجنس(7)، خاصة ابراز جسم المرأة بصورة مثيرة، يعتبر جزءًا حيويًا في فن الإعلان والدعاية، الأمر الذي يرسب في أذهان المراهقين أن المرأة جنسًا بحتًا، مركّزًا على جمالها الجسدي لا على كيانها الإنساني وشخصيتها من كل جوانبها المتعددة.

كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
في المسيحية -كما سبق فرأينا- الجنس أمر قدسي أوجده الله صانع الخيرات لنمو شخصية الإنسان ولبنيان الأسرة والجماعة... فالتمايز بين الرجل والمرأة أساسه التكامل، كل يحتاج إلى آخر، لا لإشباع لذة ذاتية وإنما لتكامل لعمل في كل جوانبه، سواء من الجانب الجسدي أو العاطفي أو النفسي أو الاجتماعي أو الأسري الخ... دون مفاضلة بينهما. لذا يقول الرسول بولس: "في المسيح... ليس رجل ولا امرأة" (غلا 28:3).
عندما تحدث القديس إكليمندس الاسكندرى (8) عن التمييز بين الحب والشهوة مظهرًا أنه حيث يوجد الحب الحقيقي تُطرد الشهوة، طلب منا حين نتطلع إلى سيدة جميلة أن ترتفع أنظارنا إلى اللًّه الخالق لنرى الجمال الأسمى الذي أوجد النفس البشرية الجميلة...
ولقد نادى القديس يوحنا الدرجي بذات المبدأ فقال: "إنه يعرف إنسانًا حين يرى امرأة جميلة يرفع أنظاره إلى الله يمجده ويشكره من أجل حسن خلقته... وبهذا يرتفع ذهنه عن الملموسات والماديات ويسمو قلبه تجاه الخالق. وبهذا يصير المصدر الذي يسبب هلاكًا للبعض بركة لآخرين.
فإن كان الرب قد وهب المرأة جمالًا... فهذا لا يعنى أنه قدمها للإنسان كأداة لتحقيق شهوته وإشباعها.... تلك النظرة التي تعرفها النفس البشرية ويستنكفها النساء أنفسهن! فالمرأة أو الفتاة لا تقبل إلا أن تكون إنسانًا موضع حب حقيقي وتقدير حقيقي تعين زوجها في خلاص نفسه وتدبير بيته وتربية أولادهما كإنسانين يربطهما الروح القدس برباط الحب الحقيقي في شخص المسيح ليعيشا بروح واحد وفكر واحد وغاية واحدة وإرادة متفقة.... خلال هذه الروح يعيشان في حياة زوجية مباركة ويكون لهما أولادًا مباركين...
لقد اهتم الآباء بتأكيد عضوية الجنس النسائي في جسد السيد المسيح، ودورهن الفعال في الكنيسة لكي يرفعوا من قيمتهن في نظر الرجال والشباب ليروا فيهن الخليقة الكاملة المستحقة لكل تقدير كأشخاص وليس كأجساد جميلة مجردة،يحدثنا القديس اكليمندس الإسكندري (10) وغيره من الآباء عن نساء كاملات فقن الرجال وقمن بأدوار قيادية حية، مثل يهوديت التي أنقذت مدينتها وإستير التي خلصت شعبها، وسوسنة التي غلبت القاضيين الشيخين بعفتها، ومريم أخت موسى التي قادت حركة التسبيح.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 12 - 2013, 03:16 PM   رقم المشاركة : ( 52 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,402

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

التربية الروحية والجنس

يمكننا أن نضع بعض الخطوط الرئيسية في التربية الروحية الخاصة بالجنس من واقع أحاديثنا السابقة:
1- تقوم النظرة التربوية المسيحية السليمة للجنس على أساس كتابي (إنجيلي)، إذ يقدم لنا الكتاب المقدس البشرية "ذكرًا وأنثى" في وحدة متكاملة عجيبة. لقد أخذت المرأة من جنب الرجل الأول وهو نائم في الفردوس، وكأنه بدونها كان عاجزًا عن العمل، يحتاج إلى من يعينه ويسنده، ليحقق الاثنان غاية الله في البشرية. يقول Otto Piper (خلال الزواج يستطيع الزوجان أن يحققا عملًا مشتركًا لخدمة الله. هذا ما يجعلهما عزيزين في نظر بعضهما البعض بطريقة مستمرة وعميقة (11)).
هذه نظرة الكتاب المقدس للجنس، سُجلت في وقت كان العالم يغط في انحرافات جنسية متطرفة وخطيرة كعبادة الأعضاء التناسلية وممارسة الدعارة كعمل خاص بقدسية المعابد.
كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
2- الجنس ليس خطية في ذاته إنما إساءة استخدامه والانحراف به عن غايته أو فساد الإرادة الإنسانية هو الخطية. الجنس عطية إلهية قدمها الخالق الصالح لحفظ الجنس البشري ونمو شخصية الإنسان، لذا يلزم تقديم مفاهيم سليمة له لأبنائنا خلال البيت حتى لا يلجأ إلى الشارع ويتفهمه بطريق خاطىء.

كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
يولد الطفل مشتاقًا إلى المعرفة، أقصد معرفة كل شيء، ويبقى هذا الاشتياق يتزايد باستمرار ما دام الإنسان يحمل أسرارًا خاصة به لم يدركها بعد، وأيضًا يطلب أن يتعرف على العالم المحيط به وما وراء هذا العالم. يحتك الطفل بكيانه، فيسأل والديه أحيانًا عن طريقة ميلاده وعن الفارق بين الولد والبنت وعن أسماء بعض أعضاء جسمه وعن الزواج الخ... أمور تبدو محرجة للغاية لكن الطفل يسأل عنها لهدف المعرفة وحب الاستطلاع. كثير من هذه الأسئلة يجد الطفل الإجابة عليها تلقائيًا في المجتمعات الريفية الشرقية خلال الطبيعة إذ في بساطة الطفولة يرى لقاء الذكور والإناث بين الحيوانات والطيور كما يشاهد ولادة الحيوانات، الأمور التي قد لا يراها أطفال المدن.
كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
3- لا يُحصر الجنس في الممارسات الجسدية، لكنه يحمل معنى أعمق ألا وهو "العلاقات" و"الاتصالات". هذا لا يعني أن العلاقات الجسدية بين الزوجين ليست بذي قيمة، إنما يعني أن الاتحاد خلال الجسد يقدم معنى لوجود اتحاد داخلي بتقديم الإنسان نفسه his self للآخر، تقديم كل كيانه وشخصه. وكما يقول كوستي بندلي أن الجنس "يتأنس" ويتعالى من صعيد "الشيء" المستخدم إلى "الشخص". فلا يستخدم الإنسان الطرف الآخر تحت ستار الحب بذات الفهم كما يحب ليستهلكها سعيًا وراء اللذة الذاتية، وإنما ليتقبل الآخر شخصًا يتبادل الواحد مع الآخر الحب والتفاهم والتقدير المتبادل للفكر والرأي حتى وإن اختلفا في بعض وجهات النظر.
كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
4- المفهوم السابق للجنس يجعل منه مصدرًا لنمو الشخصية الإنسانية وتكاملها. هذا ما يؤكده كل المهتمين بشئون الشباب -خاصة في مرحلة المراهقة- نذكر على سبيل المثال ما جاء في كتاب "Young adult living":
(نأتي لنتعَلم كيف نستخدم طاقاتنا في الحب بطرق تسمح لنا نحن والذين نكونّ معهم علاقات أن ننمو ونخاطر ونقوّي قدراتنا الأخلاقية وجهدنا الإنساني ونطورها...
غاية النشاط الجنسي ليس الممارسات بل علاقات الحب والاهتمام (المتبادل) (12)).
(كل رحلة تنتهي ببلوغ الإنسان إلى بيته. أين هو البيت في رحلة الحياة التي للنمو الشخصي؟ البيت بالحقيقة: "نفسي"، أنا بكليتي، لا ما أنا عليه الآن بل وما أحلم أن أكون عليه مستقبًلا... النمو يمس كل جوانبي: أي بدني وعقلي وادراكي وتقديري الذاتي وتقييمي لشخصي وقدرتي على بلوغ مراكز معينة وأخذ قرارات واحتمالي للمثيرات والألم وموهبتي في خلق علاقات مع الغير،هذه السمات وغيرها هي التي تكوّن شخصي الفريد الذي هو "أنا"... بهذا لا نتطلع إلى الجنس كمشكلة تحتاج إلى حلّ بل كقوة خلاّقة لنا (13)).
إذن، للجنس معنى واسع يعني اتساع القلب بالحب ليمارس الإنسان بروح الله العطاء ببذل نفسه عن الغير في المسيح يسوع، في انفتاح قلب واتساع فكر وليس مجرد ممارسات جسدية بين الزوجين.
هذه النظرة المتسعة والداخلية للجنس أوضحها السيد المسيح، إذ لم يحصره في العلاقات الجسدية بل فيما هو عميق داخل النفس، موصيًا إيانا ألا ننظر إلى امرأة لنشتهيها (مت28:5).
كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
5- لسنا نتجاهل واقعنا الإنساني كأشخاص لهم أجسادهم، فإن كانت الممارسات الجنسية الجسدية دون بذل الإنسان وعطائه لن تدم بل وتشوه الحياة في عيني الطرف الآخر، ففي نفس الوقت يعبر الإنسان عن حبه وبذله بعطاء نفسه للغير بكل وسيلة دون تجاهل التعبير الجسدي. فالحب لا يقف عند النية والفكر والكلمات لكنه أيضًا يمس الجسد. حب السيد المسيح لنا أُعلن خلال نزوله إلينا بالجسد ليقدمه ذبيحة حب لتقديسنا، وحب الوالدين لأبنائهما يُعبر عنه بالقبلات والاحتضان ولمسات الحنان... هكذا لكل حب ما يُعبِّر عنه بالجسد، حتى في عبادتنا لله فإننا نعبده بالروح والحق دون تجاهل مشاركة الجسد في العبادة. بهذا نفهم أن العلاقات الجسدية بين الزوجين هي تعبير مقدس عن الوحدانية الداخلية في الرب.
كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
6- تحدثنا عن المعرفة كأمر ضروري بالنسبة لأبنائنا يلزم أن يقدمها البيت حتى لا تشّوه نظرتهم للجنس بالتعرف عليه من الشارع. لكن المعرفة وحدها عاجزة عن أن تقدّس الحياة الإنسانية وأن تمنع كل انحراف جنسي، وإلا لكان طلبة كليات الطب أكثر الناس صحة بسبب معرفتهم الطبية. يحتاج الإنسان مع المعرفة مساندة إلهية داخلية تشبع الأعماق حتى لا يطلب الإنسان شبعه خلال الانحرافات، مع ما للحياة الأسرية من دور فعّال في تعميق معاني الجنس الصحيحة في حياة الأبناء.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 12 - 2013, 03:17 PM   رقم المشاركة : ( 53 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,402

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

الزهد في العلاقات الجسدية

ربما يتساءل البعض: ما دام للجنس قدسيته فلماذا طلب الله الامتناع عن العلاقات الجسدية الزوجية في بعض المناسبات مثل الاستعداد لإعلان الشريعة (خر15:19)، والاغتسال بعد الممارسة واعتبار الإنسان غير طاهر حتى المساء (لا16:15)؟
لماذا يطلب الرسول امتناع الزوجين (بموافقتهما) للتفرغ للعبادة (1كو5:7)؟
لماذا جاء في قوانين الكنيسة أن يمتنعا في الأيام الثلاثة الأولى من زواجهما (14)؟
لماذا تمارس الكنيسة طقس تطهير المرأة Churching of women (15) بعد الولادة؟
لماذا يُطلب الامتناع عن العلاقات الزوجية الجسدية قبل التناول بيوم أو يومين (16)؟

كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
نجيب على ذلك بالآتي:
1- بالنسبة لما ورد في العهد القديم فإن الكثير من الشرائع جاءت لتحمل معنى رمزي كما أيضًا جاءت لتحقيق أهداف صحية Hygienic aspect، فالاغتسال بعد ممارسة العلاقات الجسدية الزوجية حملت معنى صحي، ذلك كما قيل عن بعض الحيوانات والطيور أنها طاهرة والبعض أنها نجسة مع أن الكتاب يؤكد أن كل الخليقة صالحة، وأن الله رأى كل شيء حسنًا (تك1)، فهنا النجاسة يقصد بها الامتناع لأسباب صحية. كما قصد الرب منها منعهم عن الاشتراك مع الأمم في تقديم ذبائح للآلهة الوثنية.
2- منعهم من العلاقات في الثلاثة الأيام الأولى من الزواج يحمل هدفين: الأولى تهيئة نفسية الطرفين للقاء بعد فترة مودة ولطف خاصة وأن العروسين غالبًا ما يكونا مرهقين جسديًا ونفسيًا في الفترة السابقة للزواج، هذا ولتأكيد أن الزواج علاقة حب وليس متعة جسدية.
3- الامتناع لأجل الصوم والعبادة، ليس لأن العلاقات الزوجية دنسة، وإنما تُحسب كنوع من الافطار. الامتناع عنها تأكيد للإرادة القوية في الرب لضبط النفس مثله مثل الامتناع عن الأطعمة المحللة لأجل الصوم.
ما يجب تأكيده أن هذه العلاقات -متى تمت في وضعها الطبيعي- ليست نجاسة ولا خطية، إنما تحسب نوعًا من الفطر، لهذا كل امتناع عنها برضى الطرفين للتفرغ للعبادة، إنما يمثل جهادًا روحيًا من أجل نمو الإنسان. أما إذا تم الامتناع عنها بكونها دنسًا فيحسب ذلك انحرافًا في الفكر بل وفي الإيمان، عودة إلى الغنوسية التي تدنس النظرة إلى الجسد والجنس، وقد قام آباء الكنيسة في الشرق والغرب بمقاومة مثل هذه الأفكار وتفنيدها.
هنا نؤكد أيضًا أن الكنيسة في اعتزازها بالحياة البتوليّة والرهبانية لا تحط من شأن الزواج، وإلا ما كانت تقيمه سرًا مقدسًا، وما كان الرسول يشبه علاقتنا بالسيد المسيح بالحياة الزوجية،.البتوليّة والرهبنة هما تفرغ الإنسان لممارسة العبادة أو الخدمة دون انشغال بالحياة الزوجية والتزاماتها.
4- طقس تطهير المرأة لا يمكن أن تعني به الكنيسة أن عملية الولادة دنس، فإنه حتى في العهد القديم، كان مفسرو اليهود يرون أنه ربما تكون المرأة قد تحولت إلى فرح وتعييد، إذ قيل "وقالت سارة قد صنع إليّ الله ضحكًا... وصنع إبراهيم وليمة عظيمة يوم فطام إسحق" (تك6:21،8).
في الطقس القبطي تعلن الكنيسة فرحها بميلاد كل طفل إذ تقيم صلاة خاصة في اليوم الثامن من ميلاده، تسمى "صلاة الحميم" فيه تشكر الله وتسبحه وتطلب نمو الطفل ومباركته بالرب.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 12 - 2013, 03:21 PM   رقم المشاركة : ( 54 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,402

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

المربي والتربية الجنسية

1- التربية الجنسية ليست معلومات وحقائق مجردة يقدمها الوالدان أو المدرسون أو غيرهم من المربين للمراهقين لكنها خبرة يتلمسها المراهق منذ طفولته خلال احتكاكه بوالديه. فالأسرة هي المدرسة الأولى التي تضع الأساس لكل المفاهيم الروحية والاجتماعية والإنسانية والجنسية في حياة الطفل. يستطيع الطفل أن يدرك ما في قلبي الوالدين، إن كانا يتبادلا الحب الحقيقي والتقدير المتبادل والاهتمام الداخلي نحو بعضهما البعض، أم أن حياتهما الزوجية تتوقف عند حدود حجرتهما الخاصة. إن دفء الحب الزوجي هو المعلم الأول الفعّال في تقديم حقائق التربية الجنسية السليمة فيدرك المراهقون معنى الحياة الزوجية المقدسة وامكانية تحقيقها عمليًا. بدون هذا الحب يبحث المراهق خارج أسرته عن الحب فيخلط بينه وبين الشهوة واللهو الجنسي.
إن ديمومة الحب الزوجي بين الوالدين بالرغم مما تجابهه الأسرة من متاعب وصعوبات هو السند الحقيقي للمراهقين.
فيما يلي بعض تعليقات لمراهقين أوردها Josh McDowell (18):
(ماما، بابا. أشكركما على بقائكما معًا في السِّراء والضرَّاء "thick & thin"... لقد علمتماني الحب ما هو؟ إنه تعهد! أشكركما معًا).
(شكرًا، إذ غرستما فيّ صورة صحية للنفس بحبكما لبعضكما البعض وحبكما لي كثيرًا... الأمر الذي أعانني بالحقيقة أن أحب الغير وأن أتطلع إلى الزواج. أشكركما على حفظكما للحب متجددًا وعامًلا كل يوم. بملاحظتي لزواجكما عبر كل هذه السنوات عانيت حقيقة حب الله).
(بابا، أشكرك من أجل بقائك معنا خلال الجحيم الذي كان في بيتنا، خلال مرض ماما وانهيارها وثورتنا نحن. إنني لم أعرف أحدًا مثلك).
(أشعر أنني مبارك بالله الذي جعلكما والديّ. إنكما أفضل مثلين للوالدية، وللحياة الزوجية وفوق الكل للحياة المسيحية. ليتني أستطيع أن أتمم ما علمتاني إياه).

كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
(أشكركما، لأن حبكما لبعضكما البعض هو نموذج رائع لأخوتي ولي في علاقاتنا المستقبلية).
(أقدّر على وجه الخصوص حب والدي لوالدتي ولنا نحن الأبناء - فإن هذا يجعلني أتحقق بأن الله لا بد أن يكون بالحقيقة أبًا عظيمًا).
من هذه التعليقات وأمثالها يتضح دور العلاقات المتبادلة بين الوالدين في حياة المراهقين. إن قامت هذه العلاقات في المسيح يسوع تحمل الحب الحقيقي والاحترام المتبادل، يكتشف المراهقون "الحياة الجديدة في المسيح" معلنة في حياة والديهم لا خلال العبادة فحسب أو داخل الكنيسة، أو أمام الزائرين، لكنها حياة مُعاشة ليلًا ونهارًا، لها انعكاساتها المفرحة في كل تصرف،بهذا يخدم الوالدان المراهق ويجتذبانه إلى السيد المسيح، متجاوبًا مع روحه القدوس، فينشأ عضوًا حيًا يقدس الحياة بكل جوانبها بما فيها الجنس والحياة الزوجية.
كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
2- يليق بالمربي -الأب أو الأم أو المدرس- أن يقدم الحقائق الجنسية بأمانة وإخلاص وحق، وفي نفس الوقت تُقدم بحكمة بما يناسب عمر الشخص وظروفه الخاصة وبيئته الخ... فالإجابة التي تقدم لطفل في السادسة من عمره عن سؤال معين تختلف عن تلك التي تقدم لمراق عن ذات السؤال؛ ولكن كلا الإجابتين يجب أن تمثلا الحقيقة دون خداع.
بمعنى آخر يلزم على المربي أن يعرف كيف يبسط ذات الحقائق ويقدما لكل سن بما يناسبه، وفي نفس الوقت يعرف ما هي حدود المعرفة التي يقدمها دون أن تثير فيه حب استطلاع نحو أمور تفوق ادراكه. هذا مع مراعاة ضرورة استخدام تعبيرات بطريقة قدسية تحفظ فكر المستمع نقيًا وطاهرًا وبسيطًا.
كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
3- لما كانت هذه الحقائق تمس الحياة الإنسانية ذاتها لذا فإن عنصر الثقة في المربي له فاعليته الكبرى وأثره على حياة أبنائنا. فإن اكتشف المراهق في بدء حياته أن والديه قد خدعاه في تقديم بعض معلومات خاطئة أثناء طفولته. فلكي ينشأ المراهق في تربية جنسية سليمة يلزم أن يكسب الوالدان ثقته وصداقته منذ طفولته، يتدربا كيف يحاورانه بروح الحب والاعتزاز دون استخفاف بآرائه.
كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
4- التربية الجنسية هي جانب من جوانب الحياة الإنسانية المتكاملة، ترتبط هذه التربية بحياة المربي الروحية. فكل مربٍ لا يحمل فكرًا روحيًا بنًاء يعجز عن تحقيق هدفه، لأنه يقدم معلومات مجردة قد تكون حقائق صادقة لكنها بلا روح ولا حياة. إن كان المراهق يحتاج إلى نعمة إلهية لمساندته على الحياة المقدسة، فدور المربي هو تقديم هذه النعمة المجانية متجلية في حياته، هذه التي يتحسسها المراهق ويتلامس معها ليعيشها هو أيضًا. المربي هو المثل العملي يراه المراهق ليتمثّل به عمليًا.
كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
5- يليق بالمربي أن يدرك حقيقة رسالته، ألا وهو التوجيه والمساندة بالحب والصداقة، لا السيطرة وإصدار الأوامر. (علينا أن نعاون الفتى (أو الفتاة) في قيادة زورقه قيادة حكيمة، فليس لنا أن نأخذ عنه الدِفة والمجداف... علينا أن نساعده في استيضاح وجهته ونعهد إليه بالخرائط والبوصلة، ونلفت نظره إلى المعابر الخطرة ومواطن التهلكة (19)).
إذ قام (20) J. McDowell بتبويب بعض إجابات المراهقين قدم لنا عدة فصول رائعة من كلمات المراهقين أنفسهم تكشف عن حاجتهم لتوجه والديهم بالحب والحكمة، جاء بعضها تحت عنواين:
+ "لتحبانني!" (ماما، بابا، إني محتاج أن أعرف أنكما تحبانني وتقبلاني).
+ "إصغيا لي!" (فقط تلما معي... إصغيا إليّ... حاولا أن تفهماني).
+ "لتثقا فيّ!" (محتاج أن أعرف أنكما تثقان فيّ وتصدقانني).
+ "تحدثا معي مبكرًا!" (تحدثا معي مبكرًا وبكثرة، إخبراني ما أنا محتاج أن أعرفه).
_____
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 12 - 2013, 03:22 PM   رقم المشاركة : ( 55 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,402

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

العلاقات الأسرية

كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
إذ نتحدث مع المراهقين عن قدسية الجنس وجب علينا الإشارة إلى مفهوم الحياة الزوجية وما تشمله من علاقات متبادلة بين الزوجين على مستوى الجسد والفكر والروح. فبالنسبة للعلاقات الجسدية (الجنسية) يختلف الإنسان عن الحيوانات جميعها بكونه الكائن الوحيد الذي يعرف الحياة الزوجية وقدسيتها.
الحيوانات -خاصة الدنيئة- تمارس العلاقات الجنسية كعمل غريزي يحكمه الطبيعي، ففي فصل معين من السنة أو أكثر يحدث في الحيوان تغيُّر بيولوجي خلاله يلتقي الجنسان معًا، حيث تستجيب الأنثى للذكر تلقائيًا دون حاجة إلى تفكير. أما بالنسبة للإنسان فلا تتم العلاقات طبيعيًا إنما خلال علاقات الحب والعاطفة، تحكمها مفاهيم الزوجين الروحية والثقافية والاجتماعية. الجنس بالنسبة للزوجين أعمق من أن يكون مجرد تلاقٍ لجسدين، هو حب وككل حب هو مرآة للحب الإلهي، إن فُسّر بتعبيرات اللذة والشهوة فسد كيانه. في الحياة الزوجية لا تتم العلاقة في أوقات معينة من السنة غريزيًا، إنما يشتاق الزوج لزوجته خلال الفكر والعاطفة وتستجيب الزوجة ليس تلقائيًا إنما خلال دلالات الحب والعاطفة.
لا تحتاج الحيوانات إلى أسرة تمارس علاقات المحبة المتبادلة، لذا يُلد الحيوان خلال علاقة جسدية غريزية، نراه في دقائق من ولادته وربما في ثوانٍ قام يمشي وبدأ يرضع دون أن يُعلمّه أحد،أما بالنسبة للإنسان فيبقى الرضيع قرابة عالم وربما أكثر ليتعلم المشي، فهو يحتاج إلى تعلم كل شيء، خلاله يتذوق اهتمام الأسرة وحبها فتنمو شخصيته سوية (1). الطفل يولد ثمرة علاقة حب وعاطفة ويبقى محتاجًا للحب حتى ينضج ويصل إلى البلوغ، بل أقول يبقى كل حياته متعطشًا إلى الحب.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 12 - 2013, 03:23 PM   رقم المشاركة : ( 56 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,402

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

جماعة حب

كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
يقدم لنا الكتاب المقدس صورة حية لأول زواج تمّ بعد خلقة الإنسان مباشرة، زواج رجل واحد من امرأة واحدة، لينعما بوحدة الجسد والروح معًا. كان هذا الزواج يمثل جانبًا مقدسًا من الحياة الفردوسية الإنسانية، يحمل فكر الحب الصادق القائم على المساندة والتعاون والوحدة وليس على أنانية الاستمتاع بلذة وقتية ذاتية.
خلق اللَّ الإنسان على صورته ومثاله (تك26:1،27)، لينعم بشركة الحب الإلهي، ينجذب كصورة نحو الأصل ليمارس دالة الحب مع الله، يلتقي به ويناجيه، يسمع صوته ويتحدث معه في صداقة فائقة وعجيبة. وأعطاه الله حواء ليعيش الاثنان في جماعة حب community of love، يتذوقا شركة الحب الإلهي، لا على مستوى العلاقة الشخصية مع الله فحسب، وإنما على مستوى العلاقة الجماعية أي شركة الحبي بينهما في الله، ليمارسا حركة حب غير منقطع، كُل يحب الآخر في الله. لهذا نجد الكتاب المقدس يربط بين خلقة الإنسان على صورة الله وبين وجود تمايز وتكامل بين الجنسين، إذ قيل: "خلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه، ذكرًا وأنثى خلقهم" (تك27:1).
حتى بعد السقوط، إذ أراد الله الكشف عن حبه لشعبه وطلب اتحادهم معه قدم الحياة الزوجية كظل لعلاق الله بهم، إذ حسبهم عروسًا له (إش1:5-7؛ 4:54-8؛ إر2:2؛ 32:2؛ خر22:16)، حاسبًا ترك الإنسان له طلاقًا (هو2:1-8)،بهذا رفع الله نظرة الإنسان إلى الحياة الزوجية.
تحدث السيد المسيح -مخلص العالم- عن الزواج وقدسيته كعودة للحياة الفردوسية قبل السقوط (مت4:19-16)، مقدمًا نفسه عريسًا لشعبه (مر18:2-21). وقد أعلن عن الحب كناموسه أو شريعته الخاصة (غلا2:6)، الحب الذي فيه عطاء كامل للنفس complete self-giving، إذ يقول في ليلة صلبه: "ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو13:15).
هكذا يكشف لنا الرب أن الحب الباذل للنفس يتحقق في صورة رائعة خلال الزواج، حينما يقدم كل طرف حياته للغير (أف21:5-32).
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 12 - 2013, 03:25 PM   رقم المشاركة : ( 57 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,402

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

قدسية العلاقات الزوجية في الفردوس


كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
St-Takla.org Image: Adam and Eve, from Saint Takla's Website Journey to Ethiopia 2008 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April-June 2008
صورة في موقع الأنبا تكلا: آدم وحواء، من صور رحلتنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت لإثيوبيا عام 2008 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا، إبريل - يونيو 2008
يفسر البعض الخطية التي ارتكبها آدم وحواء في الفردوس -أي الأكل من شجرة معرفة الخير والشر- أنها إتمام العلاقة الجسدية بينهما، إذ عرف كل منهما الآخر جسديًا. هذا التفسير لن نجده لدى كبار الكتاب المسيحيين الأوائل باستثناء القديس اكليمنضس الإسكندري وحده. هذا وقد أكد هذا القديس أن الشر لا يكمن في العمل الجنسي ذاته إنما في ممارسته قبل النضوج (2)، فإن الأبوين الأولين اجتمعا قبل الأوان، قبل نوالهما نعمة الزواج (3). هذا وعند أخذه بالتفسير لم يقبله كأمر قاطع أكيد، إنما كأمر محتمل، إذ قال "ربما" (4).
لقد أكد أيضًا القديس إكليمندس بأن التوالد البشري أمر مخلوق، من صنع القدير، الذي بالتأكيد لن ينزل بالنفس من حال أفضل إلى ما هو أسوأ (5)، لقد كان حريصًا كل الحرص أن يصون قانونية العمل الزوجي نفسه (6).
كانت الوصية هي أن يثمروا ويكثروا ويملأوا الأرض، وقد حاول بعض الآباء مثل القديس أغسطينوس أن يميز بين العلاقات الجسدية بينهما قبل وبعد السقوط،إذ رأى أنه قبل السقوط وجدت بهجة كبهجة الإنسان المعتدل بطعامه أو العفيف بعفته، هذه البهجة لا تفقد الإنسان ضبطه لإرادته ولا تسبب انحرافًا أو فسادًا له. أما بعد السقوط فوجد الإنسان فيها شهوة يصعب ضبطها بالفعل، لذا فالخطية -في نظر القديس أغسطينوس- لا في ممارسة الجنس، وإنما في فساد الإرادة التي تُحدر الإنسان لممارسته بطريقة غير سليمة.
يعلل البعض شعور الأبوين بالخجل بعد السقوط بوجود خبرة ثورة للشهوة الجنسية تناقض العقل، لا يمكن ضبطها، إذ فقدا عطاياهما الفائقة preternatural gifts، خاصة الحصانة immunity ضد الشهوة أو الرغبة غير المضبوطة (7).
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 12 - 2013, 03:27 PM   رقم المشاركة : ( 58 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,402

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

الحب في الزواج أو البتولية

لا تحصر العلاقات الزوجية في الممارسات الجسدية وحدها، بل تبقى هذه الأخيرة جزءًا متكاملًا مع بقية جوانب الحياة، فهي تحمل معنى الوحدة بين الزوجين لا على مستوى الجسد وحده، وإنما على مستوى الفكر والعاطفة وبذل الذات، أي تقديم الإنسان نفسه his self للآخر. بهذا يُعلن الحب في العلاقات الجسدية الزوجية لا كتقديم خدمة للآخر أو إرضاء له ولا كاشباع لذة ذاتية للإنسان (يتقوقع حول الأنا) وإنما كاتساع قلب خلاله يمارس الإنسان عطاء النفس self-giving ببهجة قلب. بهذا المفهوم المشترك لدى الطرفين يقوم الزواج كسّر حب صادق وإلا تحطم.
بهذه النظرة الحية نتفهم العلاقات الزوجية بما تتضمنه من علاقات جسدية، إنها ليست تحطيمًا لعذراوية النفس وطهارتها. لهذا يرى القديس أغسطينوس أن الزوجين لا يفقدان بتوليتهما (الروحية) وعفتهما ما دامت الشهوات المنحرفة لا تسيطر عليهما، إنما يسلكان بطريقة طبيعية ليحقق الزواج هدفه (الإنجاب)، حتى إن تم الجماع أو الإنجاب (8).
لسنا ننكر ما لبتولية الجسد من أثر على بتولية النفس، وذلك كما للصوم الروحي الحيّ من أثر على انسحاق النفس، إن قدمت هذه الممارسات (بتولية الجسد والصوم الخ...) بفكر روحي متفتح وحياة حكيمة جادة مع اتساع القلب بالحب لله والناس.
ما يلزم تأكيده هنا أن العلاقات الزوجية ليست فقدانًا لفضيلة البتوليّة الداخلية، ما دام الإنسان لا يعيشها خلال لذة الجسد وتأكيد الأنا وإنما خلال الحب العملي والبذل وعطاء النفس. هذه الحياة التي لن يتفهمها الإنسان كما ينبغي أو يمارسها إلا بمساندة النعمة الإلهية المجانية، ليعيشا معًا بروح الله القدوس في المسيح يسوع رأس الكل، يصيرا واحدًا معه، مختبرين أبوة الله المحتضنة للبيت ككنيسة صغيرة، لذا يدعى الزواج سرًا Sacramental.
الزواج هو "وحدة القلب" على صعيد الإنسان بكليته، يسند بتولية النفس ويؤكدها، لأن المتزوج (والمتزوجة) يحتاج إلى الاتحاد مع الله "الحب الحقيقي" لكي يملك في داخله الحب ويتفهمه ويعيشه ويقتنع به وينمو فيه ويقدمه،بمعنى آخر نمو علاقتنا مع الله يهبنا الحب لنعيشه سواء في الحياة البتوليّة أو الزوجية نعيشه في قدسية، فلا ننظر إلى العلاقات الزوجية كأمور معيبة أو دنسة كما يتصورها البعض، لأنها في الواقع تحمل أعماقًا داخلية ترتفع فوق حدود الجسد.
كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
هنا أود أن أوضح أن انغماس بعض المراهقين في الجنس خلال لذة الجسد، في انحراف وإباحية، يفسد نظرتهم حتى للحياة الزوجية، فيرونها في كليتها جنسًا بالمعنى الجسدي الضيق. مثل هؤلاء غالبًا ما يفشلون حتى في حياتهم الزوجية، إذ يركزون على "الجنس" عند اختيارهم لشريك (أو شريكة) الحياة. عوض أن ينفتح القلب بالحب ويستنير بروح الله ليتعرف الإنسان على جوهر نفسه core self حتى يقدمها للغير، ويدرك أيضًا ما للآخر ليلتقيا معًا على صعيد عطاء النفس الباذل ووحدة الروح والفكر مع الجسد، يعطي الإنسان أيضًا ما يناسب الآخر وما يليق به؛ نجده منشغلًا بإشباع لذاته الذاتية.
كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
نظرة الكنيسة الأولى للحياة الزوجية في علاقتها بالحياة البتوليّة

نستطيع أن نلخص نظرة الكنيسة الأولى للحياة الزوجية في علاقتها بالحياة البتوليّة في الآتي:
1- امتاز آباء الكنيسة بروح الاعتدال متى امتدحوا الحياة البتوليّة إذ لم يتجاهلوا قدسية الزواج وكرامته؛ ومتى تحدثوا عن قدسية الزواج أبرزوا بهاء، البتوليّة أيضًا. ففي القرن الثالث إذ كتب الأب ميثوديوس أسقف أولمبيا "وليمة العشرة عذارى" في مدح البتولية كان حريصًا أن يستنكر كل إدانة للزواج. فمن كلماته: (يبدو لي واضحًا من الكتب المقدسة أن كلمة الله عندما أدخل البتولية إلى العالم لم يُلغِ الزواج تمامًا... ما دام الله لا يزال يخلق كل يوم الإنسان حتى يومنا هذا خلال الاتحاد الزوجي، أفلا يُحسب هذا تهورًا أن ندين التوالد البشري الذي لا يتردد الخالق القدير نفسه عن أن يشترك فيه بيديه اللتين بلا دنس؟! مرة أخرى، أي غباء هذا أن نمنع الاتحادات الزوجية ما دمنا ننظر إلى وجود شهداء وقديسين وقديسات في المستقبل بعدنا؟! (9)).
قدسية الكنيسة للزواج وللأعضاء التناسلية تبرز في منع من يخصي نفسه عن قبول أية درجة كهنوتية، حتى إن كان قد نذر البتولية. وقد بدأ الخلاف بين البابا الإسكندري ديمتريوس والعلامة أوريجانوس يدب بسبب قبول الأخير الكهنوت بعدما خصى نفسه (10).
2- وجد أيضًا تطرف آخر لدى الهراطقة وذلك بجحدهم البتولية عند مديحهم للحياة الزوجية، كما حدث في مقالات اكليمندس المزورة (11). لذا أكّد الآباء سمو الحياة البتولية حتى أثناء حديثهم عن قدسية الزواج.
نحتم حديثنا هنا عن قدسية الزواج بالكلمات التي كتبها القديس يوحنا ذهبي الفم الراهب والبتول:
(كيف يصيران جسدًا واحدًا؟ كأن قطعة من أنقى جزء من الذهب تمتزج بذهب آخر، هكذا بالحقيقة تتقبل المرأة أغنى جزء لتلتحم كما في بهجة فيحدث انتعاش وتدليل، وتقوم بالمشاركة معه لإنجاب كائن بشري. هكذا يكون الطفل جسرًا خلاله يصير الثلاثة واحدًا... أنا أعرف أن البعض يخجلون مما أقوله، ذلك بسبب نجاستهم ودنسهم... لماذا نخجل مما هو مكرَّم... إنكم تدينون الله الذي سِنَّ هذه الأمور (12)).
(بالتأكيد لو كان الزواج مُدانًا لما كان القديس بولس يدعو المسيح والكنيسة عريسًا وعروسًا (13)).
ما دمت أكتب للمراهقين الأحباء وليس للمتزوجين فإنني لا أود الدخول في تفاصيل خاصة بالحياة الزوجية إنما أكتفي بعد الحديث عن قدسية الزواج أن أشير إلى مفهوم الرجولة والأنوثة في الحياة الزوجية، حتى يُبنى الفكر الخاص بالزواج على أساس سليم.
_____
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 12 - 2013, 03:28 PM   رقم المشاركة : ( 59 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,402

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

بين الرجولة والأنوثة

في الوقت الذي فيه تزايد الإحساس العام بأن ما يمارسه الإنسان من علاقات جنسية قبل الزواج هو حق طبيعي له، فانحرف كثير من المراهقين إلى نوع من الإباحية والاستهتار في ممارسة الجنس تحت ستار "الحب"، نجد إتجاهًا متزايدًا نحو تجاهل التباين الجنسي تحت ستار "المساواة بين الرجل والمرأة". هذان الاتجاهان يسيران معًا كثمرة طبيعية لفقدان الجنس قدسيته.

كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
إن كان الله قد رفع من شأن الإنسان بكل وسيلة، فخلقه على صورته ومثاله، وحينما جدد طبيعته أقامه ابنًا له كي ينعم بشركة الحياة الإلهية والمجد الأبدي، فإن الله أعطى الجنسين حق المساواة في الطبية كما في الكرامة، مع بقاء التمايز بينهما لتحقيق تكامل الحياة الإنسانية، حتى نعتز بالكيان الإنساني بكل جوانبه منها الجنس كسرّ عجيب في الحياة الإنسانية. يعتز الرجل برجولته وتعتز المرأة بأنوثتها، ويدرك الإثنان تقديرهما المتبادل.
الاختلاف بين الجنسين هو عطية إلهية صالحة، إذ يقول الكتاب: "ذكرًا وأنثى خلقهم... ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جدًا" (تك27:1،31). هذا الاختلاف لا يقوم على المستوى البيولوجي البحت لكنه أيضًا يقوم على مستوى سيكولوجي واجتماعي وروحي، فيكمل أحدهما الآخر في كل الجوانب (1).
هذا ما دفع البعض إلى رفض تعبير "الجنس المضاد the opposite sex" عند التعبير عن الجنس الثاني أثناء الحديث عن جنس ما، حاسبين ذلك تعبيرًا مغلوطًا misnomer. إنهم يفضلون تعبير "الجنس الآخر the other sex" أو "الجنس المكمل complementry sex"، كل منهما يجد في الآخر ما يملأ احتياجاته ما داما في الرب، فيصيرا جسدًا متكاملًا. لذا "يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته" (مت4:19، 5؛ أف31:5).
لكي يعتز الإنسان بجنسه وفي نفس الوقت يقدَّر الجنس الآخر ويحترمه، يليق به أن يتعرف على مفهوم الرجولة والأنوثة، فالمراهقون الذكور يلزمهم أن يدركوا ما هي الرجولة وأيضًا ما هي الأنوثة وهكذا بالنسبة للإناث، حتى ينمو الكل في طريق النضوج دون انحراف، مدركًا الجنس الآخر في نضوجه السليم،يرى البعض أن سرّ الانحرافات الجنسية بكل صورها وسر فشل الحياة الزوجية أن كثيرًا من الأزواج ليسوا رجالًا (ليس بالمفهوم البيولوجي) ولا الزوجات نساءً، إذ لا يعرف الأزواج ما تعنيه الرجولة في الحياة الزوجية ولا النساء ما تعنيه الأنوثة، كما لا يعرف كل جنس ما يطلبه الجنس الآخر منه.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 12 - 2013, 03:29 PM   رقم المشاركة : ( 60 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,301,402

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي

الرجولة في الحياة الزوجية

1- غالبًا ما تعني "الرجولة" في ذهن الرجال "القيادة" بمفهومها الدكتاتوري العنيف، أي اعطاء أوامر واصدار قرارات نهائية.
يؤكد الكتاب المقدس أن "الرجل رأس المرأة" (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 5: 23)، فماذا تعني الرأس؟
الرجل هو الرأس الذي يكرِّس كل طاقاته وامكانياته لخدمة الجسد، لأجل سلامته وبنيانه ونموه المستمر. الرجولة هي القيادة الحكيمة الملتزمة التي تنحني لتحمل المسئولية لا لنتشامخ بروح العجرفة والسيطرة. الرأس الذي في واقعه لا يوجد بدون الجسد، يحمل مسئولية الجسد، لا لتقديم الاحتياجات المادية للأسرة فحسب، ولا لتقديم العاطفة المُشبعة لقلب الأسرة حنانًا، وإنما أولًا هي عطاء النفس self-giving، فيهب الإنسان نفسه للغير في الرب بفرح وبهجة قلب. بهذا تتحول الرجولة أو قل القيادة إلى حب باذل مِعطاء لا إلى تقديم خدمات أو منح مادية أو عاطفية.

كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
الرأس لا يعني السلطة والحق في إصدار قرارات نهائية (3)، بل بالحري قبول مسئوليات، قيادة حب وبذل كالرأس السيد المسيح الذي أعطانا ذاته، باذلًا حياته من أجل عروسه.
الرجل رأس الأسرة، الذي يجاهد من أجلها لا ليكون طاغية ودكتاتورًا، وإنما باذلًا حياته بفرح.
القيادة الحكيمة في الرب، هي التي تحمل نظرة مستقبلية مملوءة رجاء (4)، تعكس على الأسرة كلها روح الفرح والبهجة. كثيرون يظنون أن الأم. بما وُهبت من عاطفة أمومة ورقة الأنوثة. هي المسئولة الأولى عن سعادة الأسرة وبهجتها. هذا حق، لكن الرجل كقائد حقيقي له دوره الفعّال أن يبث روح الرجاء والثقة والطمأنينة في حياة الزوجة، والتي بدورها تترجم هذا كله إلى حنان ورقة تملأ البيت فرحًا.
هذا المفهوم للقيادة الملتزمة واهبة الفرح تؤكده الوصية، في الطقس القبطي الموجهة للعريس، إذ جاء فيها: (يجب عليك أيها الابن المبارك... المؤيد بنعمة الروح القدس أن تتسلم زوجتك في هذه الساعة المباركة بنية خاصة ونفس طاهرة وقلب سليم، وأن تجتهد فيما يعود لصالحها، وتكون حنونًا عليها، وتسرع إلى ما يسر قلبها (5)).
كتاب دعوني أنمو  القمص تادرس يعقوب ملطي
2- يعزو بعض الأزواج بؤس الحياة الزوجية إلى عدم تجاوب الزوجات معهن جسديًا، بالرغم مما يقدمونه من حب مترجم خلال التعب والجهاد لتحقيق حياة متيسرة لهن، هؤلاء لا يدركون أن الزوجة لن تسلم جسدها بالحب لزوجها إلا إذا شعرت أنه يحميه ويحمي كل حياتها بالبذل والحب (6)، إنا تريده قائدًا مملوءًا حبًا، ملتزمًا وعاملًا.
تنصب شكوى الكثيرات من النساء اللواتي يطلبن الانفصال أو الطلاق في شعورهن أنهن بلا أزواج، ليس لهن رجالًا يثقن فيهم ويعتمدون عليهم،.فالزوجة تطلب الشعور بالطمأنينة والثقة، تستمد قوتها منه كعمود حيّ تتكئ عليه في الرب.
لسنا نجهل أن بعض الزوجات يشتكين من ذلك، لكنهن في نفس الوقت لا يرون ذلك، إذ يصارعن مع أزواجهن على انتزاع المسئولية والقيادة بروح الغطرسة، دون ترك الفرصة للأزواج للقيادة بروح البذل. الزوجة قادرة أن تقيم هذه الثقة الكاملة في زوجها عندما تمارس دورها بحق كامرأة، تعطيه فرصة تحمل المسئولية (7).
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كتاب القديسة مريم في المفهوم الأرثوذكسي - القمص تادرس يعقوب ملطي
كتاب القديس كيرلس الأورشليمي - القمص تادرس يعقوب ملطي
كتاب مصر في تاريخ خلاصنا - القمص تادرس يعقوب ملطي
كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
كتاب الطهارة: أحاديث، أسئلة وإجابات القمص تادرس يعقوب ملطي


الساعة الآن 03:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025