09 - 09 - 2014, 03:51 PM | رقم المشاركة : ( 5951 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بعض الملاحظات حول الاعتراف
المتقدّم في الكهنة ألكسندر شميمن نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي 1. لا شكّ في أنّ الاعتراف هو أحد أوجه الرعاية الأكثر صعوبة وإحباطاً بالنسبة لكل كاهن حي الضمير. فمن جهة، هنا يلتقي القصد الوحيد الحقيقي لرعايته: النفس البشرية، الإنسان، واقفاً في حضرة الله، خاطئاً وبائساً. وهنا أيضاً، من جهة أخرى، يدرك درجة تغلغل المسيحية الإسمية في حياة الكنيسة. المفاهيم المسيحية الأساسية حول الخطيئة والتوبة والمصالحة مع الله وتجديد الحياة لم تعد صلبَ الموضوع. فهذه التعابير، ولو كانت ما زالت قيد الاستعمال، إلا إنّ معناها مختلف كثيراً عن المعنى الذي بُني عليه إيماننا المسيحي برمّته. 2. مصدرٌ آخرٌ للصعوبات هو التشويش النظري، أو حتى اللاهوتي، في طبيعة سرّ الكفارة. في الممارسة، الفهم الشكليّ والشرعي لهذا السر، وهو فهم من أصل غربي "لاتيني" (نسبة إلى لاتين روما)، يتواجد بتناقض ظاهري مع اختزال غير مفهوم للاعتراف إلى علمٍ للنفس. في الحالة الأولى، يأتي الإنسان إلى الكاهن، يعترف بانتهاكاته للناموس المسيحي، ويأخذ الحلّ الذي يؤهّله للسرّ التالي، أي المناولة. الاعتراف الصحيح مخفّض هنا إلى الحدّ الأدنى، وفي بعض الكنائس قد استُبدِل بصيغة عامّة يقرؤها المعترِف. كلّ التركيز هو على سلطة الحلّ عند الكاهن التي تُعتَبَر "شرعية" بغضّ النظر عن حالة نفس المعترِف. في الحالة الأولى، تتكشّف ميول لاتينية ويمكن وصف الحالة الثانية بالبروتستانتية. يتمّ التعاطي مع الاعتراف وكأنّه "مشورة" أو معونة وحلّ للصعوبات والمشاكل وحوار، ليس بين الإنسان والله، بل بين الإنسان ومرشد يُفتَرَض أنّه حكيم وخبير وصاحب إجابات جاهزة لكل المشاكل البشرية. كلا النزعتان، في أي حال، تحجبان وتشوّهان الفهمَ والممارسة الأرثوذكسيين للاعتراف. 3. تعود الحالة القائمة إلى عوامل عديدة. وبالرغم من جلاء استحالة تعداد كل هذه العوامل أو حتى إيجاز التطور التاريخي المعقّد لسرّ التوبة، لا بدّ من بعض الملاحظات الضرورية قبل أن نناقش بعض الحلول الممكنة. أ) بالأصل، فُهِم سرّ التوبة ومورِس كمصالحة للمقطوعين، أي المطرودين من الكنيسة، جماعة شعب الله، التي ملؤها في الاشتراك في جسد المسيح ودمه. المقطوع هو مَن لا يستطيع أن يقدِّم وبالتالي أن يتلقّى. كانت هذه المصالحة عملية طويلة والحلّ ختمَها الأخير، رمز وصورة "التوبة"، أي رفض التائب وإدانته لخطيئته ولتغرّبه عن الله، واعترافه (أي إعلانه وإدراكه) الفعلي بها كخطيئة. فكرة سلطة الحلَ لم تكن قائمة وكأنها "قوة بذاتها"، مستقلّة عملياً عن التوبة. كانت بالحقيقة الرمز الأسراري لتوبة مقبولة أتت إلى ثمارها. لذا، كانت الكنيسة، بشخص الكاهن، تشهد على وجود توبة حقيقية وأن الله قَبِلَها، و"صالح التائب وأتحده" مع الكنيسة. أياً تكن التغيرات في ممارسة السرَ، فهذا المعنى الأوّل والأساسي ما يزال نقطة الانطلاق لفهمه أرثوذكسياً. ب) أيضاً منذ البداية، تضمّنت الرعاية في الكنيسة الاهتمام بالنفوس، أي الإرشاد في الحياة الروحية، مساعدة الإنسان في عراكه مع آدم القديم في داخله. ولكن في البداية لم يكن الإرشاد ضمن سرّ الاعتراف، لكن تحت تأثير الرهبنة ونظريتها وممارستها الشديدتا التطور في هذا المجال، صار الإرشاد جزءً أساسياً من الاعتراف. مع ذلك، ولوقت طويل، بقي هذا الإرشاد، في الرهبنة ذاتها، متميزاً عن الاعتراف الأسراري وغالباً ما أوكِل إلى رهبان غير إكليريكيين. ما جعله وجهاً أساسياً من الخدمة الرعائية، وتقريباً المحتوى الأساسي للاعتراف، كان الدهرنة (secularization) المتدرّجة للمجتمع المسيحي. بعد قسطنطين، لم تعد الكنيسة أقليّة من المؤمنين أصحاب الفكر البطولي، بل نسبت بين ذاتها والعالم وصار عليها أن تتعاطى مع جماهير من المسيحيين الإسميين الذين يحتاجون للمساعدة والإرشاد المستمرّ والاهتمام الشخصي. التغيّر الهامّ في الممارسة الإفخارستية (من شركة وحدة كفعل جوهري للعضوية في جسد المسيح، إلى مناولة فردية مختلفة التواتر) تمّ في الفترة ذاتها وتحت تأثير نفس العوامل، ما عنى تحوّلاً حاسماً في فهم التوبة: من سرّ للمقطوعين من الكنيسة، صار سراً للذين في الكنيسة. تحوّل التركيز اللاهوتي من التوبة إلى الحلّ، وكأنّه عملياً العنصر الأساسي الجوهري الوحيد في السرّ. ج) إن دهرنة المجتمع المسيحي جعلته مفتوحاً ومتلقياً للفلسفات الإنسانوية والواقعية في الحياة التي أظلمَت فكرة المسيحية حول الخطيئة والتوبة بشكل جوهري. مفهوم الخطيئة كانفصال عن الله، عن الحياة الحقيقية الوحيدة فيه ومعه، حلّ محلّها تدريجياً نوع من القانونية الأخلاقية أو الطقسية حيث الخطيئة تعني بالدرجة الأولى انتهاك أحد القوانين القائمة. في مجتمع متمحور حول الإنسان ومكتفٍ بذاته مع أخلاقياته في النجاح واللياقة الظاهرية الصرفة، خضعت هذه القوانين لتحوّل جوهري. لم يعد يُنظَر إلى هذه القوانين كمعايير مطلقة، وتحوّلت إلى مجموعة قواعد أخلاقية مقبولة اجتماعياً. فيما مسيحي القرون الأولى كان يعرف دائماً أنه خاطئ وأن خطاياه تُغفَر، من دون أي أهلية له، وأنّه يَُدخَل إلى خدر العريس ويُعطى حياة جديدة ويُصَيَّر مشاركاً في الملكوت، فإن المسيحي المعاصر، لكونه في عيني المجتمع إنساناً محتَرَماً و"شخصاً لطيفاً"، فإن نظرته لنفسه "إيجابية" وينعم دائماً باحترام الذات بكل معنى الكلمة. إن نظرة الإنسان المعاصر للحياة، وهي التي بدورها تحدّد فهمه للدين، تستثني بالكليّة أي بُعد ذي عمق، سواء بُعد تغرّبه عن الحياة الحقيقية (الخطيئة) أو بُعد الحياة الجديدة في المسيح. بين الحين والآخر هو يقترف بعض الانتهاكات، وهي بالتأكيد عادية جداً وثانوية! ولكن بالنهاية: مَن لا يرتكب مثل هذه؟ لقد عرّفتُ مؤخّراً حوالي الخمسين شخصاً في إحدى الرعايا النموذجية في بنسلفانيا، لم يعترف أيّ منهم بأي خطيئة. ألا تخبرنا وسائل الإعلام يومياً بأننا نعيش في أفضل المجتمعات الممكنة وبين أفضل الموجودين من الناس؟ يبدو أن "المسيحيين" يأخذون هذا التأكيد بجدية. د) في النهاية، نجحت الدهرية في ضمّ الرؤساء والكهنة أنفسهم إلى صفوفها. تقوم حياة كنيستنا ببساطة على نظام من المديح والتزلّف المتبادَلَين. الرعية دائمة السرور بنفسها وتتطلب من الكاهن أن يشكر باستمرار شعبه "الرائع" على مساهماتهم، جهودهم، مساعدتهم وكرمهم، وأن يكون المرآة التي بها يمكنهم أن يكبِروا ذواتهم. هذه الروح ذاتها، روح النجاح، "الجوار الحَسَن"، والنشاطات الخارجية تعمّ حياتنا من فوق إلى أسفل. نجاح الكنيسة يُقاس من خلال الحضور، الثروة المالية وعدد "مشاريع" الرعية من مختلف الأنواع. أين مكان التوبة في كلّ هذا؟ إنّها بالفعل غائبة عن كلّ نسيج تعليم الكنيسة وسلوكها. يمكن للكاهن أن يدعو أبناء رعيته إلى إنجازات مادية "أكبر وأفضل"، ويمكنه بين الحين والآخر أن يعبّر عن عدم رضاه عن "حضورهم" و "تعهدهم"، يمكنه أن يحارب الماسونية ولجنة الكنيسة، لكنه هو نفسه لا يفكّر بعالم "شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ" (1يوحنا 16:2). هو نفسه لا يؤمن بالكنيسة كخلاص من يأس الخطيئة وظلمتها، ولا كمؤسسة لإرضاء "الحاجات الدينية" للأعضاء الملتزمين. في هذه الشروط الروحية، في هذا الوضع المسيحي المنحول، لا يمكن للاعتراف أن يكون إلاّ ما هو عليه بالفعل: إما "فرض ديني" إضافي يُنجَز مرة في السنة تطبيقاً لمعيار قانوني مجرّد، بحدّ ذاته نهاية واقعية لا نتائج روحية لها مطلَقاً، أو من ثمّ، مناقشة لمشاكل المرء (لا خطاياه، لأن الخطيئة لا تعود "مشكلة" ما أن تُدرَك طبيعتها)، هذه المشاكل التي في أغلب الأحيان لا حلّ لها لأنّ الحلّ الوحيد هو التحوّل إلى المسيحية الحقيقية. 4. أيمكن ترميم النظرة والممارسة المسيحيتين بالفعل؟ نعم، إن كنّا نملك الجرأة لمعالجة المسألة من جذورها لا ظاهرها وحسب. نقطة البداية لهذا الترميم هي في الوعظ والتعليم. إلى حدٍ ما، كل الوعظ المسيحي والتعليم يدعوان إلى التوبة، إلى تغيير الفكر وإعادة تثمين القيَم على ضوء المسيح. ما من حاجة للوعظ بشكل ثابت عن الخطيئة، للمحاكمة والإدانة. عندما يُواجَه الإنسان بالمحتويات الفعلية للإنجيل، بعمقه الإلهي وحكمته وجماله ومعناه الغامر، يصير قادراً على التوبة، لأن التوبة الحقيقية هي بالتحديد اكتشاف الإنسان للهاوية التي تفصله عن الله وعن عرضه الحقيقي للإنسان. عندما يرى الإنسان خدر العريس مزيّناً يدرك أنّه بلا لباس للدخول إليه. الكثير من وعظنا شكله فروضٌ مجردة: تقول الكنيسة أن نعمل كذا وكذا؛ لكن سرد الواجبات ليس وعظاً. يتضمّن الوعظ الرغبة بأن يصل إلى الناس المعنى الإلهي الإيجابي، لأن هذا المعنى هو الوحيد الذي يعطي هذه الفروض معنى و يجعلها محيية ومخلِّصة. ينبغي أن يتضمّن الوعظ المسيحي نقداً عميقاً وبنّاءً لفلسفة الحياة الدهرية وتقييماً للحضارة التي نعيش في خضمّها. على المسيحيين أن يحاربوا الأصنام دوماً، وهناك الكثير منها اليوم: "النجاح"، "المادية"، "الأمان"، "محورية المال"، وغيرها... إذ هنا مجدداً، وفقط ضمن هذا الحكم على هذا العالم، الحكم المسيحي الواسع فعلياً، يستعيد مفهوم الخطيئة معناه الحقيقي كانحراف للمحبة والاهتمام، كعبادة لقيَم ومعايير لا قيمة لها. هذا يعني بالتأكيد أن الكاهن المتحرّر من هذا التحديد للعالم قادر أن يضع الحقيقة الأبدية، لا الاعتبارات العملية، محوراً لخدمته. ينبغي أن الوعظ والتعليم يتضمّنان عنصراً نبوياً، أي عنصراً من الحكم الإلهي، دعوةً للتأمّل ملياً بكلّ ما في هذا العالم بعينَي المسيح. 5. إذاً، ينبغي استبدال الاعتراف على ضوء سر التوبة. فكل سرّ يتضمّن على الأقلّ ثلاثة عوامل على نفس الدرجة من الأهمية: التهيئة، الطقس الليتورجي، والإنجاز. إذا كانت حياة الكنيسة بالكامل، والوعظ والتعليم بشكل خاص، على نحو ما رأينا، هي تهيئة للتوبة بالمعنى الواسع فهناك مكان وحاجة للتهيئة الخاصة. لقد خصّصت الكنيسة فترات للتوبة: الصوم الكبير، صوم الميلاد، وغيرها من الأصوام. هنا الليتورجيا نفسها تصير مدرسة للتوبة (على سبيل المثال، الثروات التي لا تنفد في التريودي)، وهنا الوقت المناسب لتركيز الوعظ على سرّ التوبة نفسه. تسلسل القراءات الإنجيلية، المزامير، التسابيح والصلوات تمدّنا بمادة غزيرة، يكون هدف الوعظ تطبيقها على الناس وحياتهم ووضعهم الفعلي. الهدف هو إثارة حالة التوبة فيهم وجعلهم يتفحّصون حياتهم، لا من خلال خطايا وانتهاكات معزولة، بل من خلال دوافعها الأكثر عمقاً. أين هو الكنز الفعلي لقلوبهم؟ ما الذي يقودهم في حياتهم؟ كيف "يشعرون" بالزمن الغالي الذي منحهم إياه الله؟ ما معنى هذا التقدّم السريع نحو النهاية المحتومة؟ الإنسان الذي يفتّش في المحفّزات العميقة لحياته، الذي فهم ولو لمرّة أنّ الحياة بجملتها يمكن ويجب أن تُعزى للمسيح، هو على طريق التوبة التي هي دائماً تحوّلٌ وتغيّرٌ للفكر ورؤية متجددة وقرار بالعودة إلى الله. ينبغي بالضرورة أن تتضمّن التهيئة شرحاً عن الاعتراف: ترتيبه، صلواته ومعناه. 6. يتألّف طقس الاعتراف من أ) صلوات قبل الاعتراف، ب) نصائح للتائبين، ج) الاعتراف ود) الحلّ. يجب عدم إلغاء صلوات ما قبل الاعتراف. فالاعتراف يتجاوز مستوى الحوار الإنساني ومستوى التسليم الفكري المجرّد بالإثم. فقد يقول الإنسان أنه مذنب دون أن يحسّ بأي توبة. كلّ الأسرار هي أفعال تحوّل. التحوّل الأول في سر التوبة هو بالتحديد تحوّل الاعتراف البشري بالانتهاكات إلى توبة مسيحية، أي إلى أزمة مطهِّرَة للنفس البشرية التي تتحوّل نحو الله ومنه تتلقّى رؤية كلٍ من الخطيئة ومحبة الله الغامرة التي "تغطّي" تلك الخطيئة. لكن هذا التحوّل يتطلّب المعونة الإلهية وصلوات قبل الاعتراف تستحضر وتدعو هذه المعونة. إذاً، هذه الصلوات هي جزء أساسي من السرّ. بعد الصلوات تأتي التوجيهات. إنها ذروة الدعوة إلى التوبة الحقيقية "لستَ تعترف لي بل لله الذي أنت ماثل أمامه". لكنّه من الأساسي ألا يكون الكاهن واقفاً تجاه التائبين عند تلك اللحظة المهيبة عندما يشير إلى حضور المسيح. أفضل أشكال النصح هي في مماهاة الكاهن لنفسه مع كل الخطأة. "نحن كلنا نخطأ..." فهو ليس مدّعياً ولا شاهداً صامتاً. إنّه صورة المسيح الذي يحمل خطايا العالم، ومحبته الفاعلة هي التي تحرّك الناس إلى التوبة. الميتروبوليت أنطوني، معلّم الرعاية الروسي، حدّد جوهر الكهنوت بأنه "محبة شفوقة". التوبة هي سر المصالحة، أي سر المحبة، لا الحُكم. للاعتراف نفسه عدة نماذج. لكن، بما أن التائب لا يعرف عادةً أين يبدأ، فإن من مهمة الكاهن أن يساعده. الحوار هو بالتالي الشكل الأكثر عملانية. ومع أن كل الخطايا هي بالجوهر خطايا ضد الله، ضد حقيقته ومحبته، يُنصَح بتقسيم الاعتراف إلى ثلاث أجزاء: أ)العلاقة مع الله: أسئلة حول الإيمان نفسه، حول الشكوك الممكنة أو الانحرافات، الصلاة، الحياة الليتورجية، الصيام وغيره. الكثير من الكهنة يحصرون الاعتراف بالأعمال غير الأخلاقية، ناسين أنّ الجذر العميق لكل الخطايا هو في الإيمان الضعيف أو المشوّه، في نقص محبة الله. ب) العلاقة مع الناس: المواقف المبدئية كالأنانية ومحبة الذات، عدم الاهتمام بالآخرين، نقص الانتباه والاهتمام والمحبة. يجب الإشارة إلى كل أعمال الإساءة الفعلية وإظهار خطئها للتائب: الحسد، النميمة، القسوة وغيرها ج) العلاقة مع النفس: خطايا الجسد، التي تعاكس النظرة المسيحية للطهارة والاحترام "الشامل" للجسد كأيقونة للمسيح، إلخ. نقص الاهتمام الجدي، نقص كل جهد حقيقي لتعميق الحياة؛ الكحول، فكرة "المتعة" الرخيصة، عدم المسؤولية، العلاقات العائلية... يجب ألاّ ننسى أننا بالعادة نتعامل مع إنسان غير معتادٍ أن يفحص نفسه، مواقفه من الحياة شكّلتها المعايير الشائعة، وهو من حيث المبدأ مكتفٍ بذاته. إن وظيفة المعرِّف تقضي بأن يهزّ هذا الموقف "البرجوازي التافه"، ويظهر للتائب الأبعاد المسيحية الحقيقية للكمال، ويتحداه بفكرة الصراع الدائم. ما من أمل بمَسحَنة حياتنا الكنسية الناعمة التي مركزها المجتمع ما لم يدرك الناس أنّ الرؤية المسيحية للحياة مأساوية. نصيحة أخيرة لختم هذا الحوار: على الكاهن أن يدعو التائب إلى التغيير الضروري. الله لا يسامح الإنسان ما لم يرغب الأخير بحياة أفضل ويتخذ القرار بمحاربة خطاياه ويبدأ الصعود نحو الله. ما يبدو مستحيلاً عند الناس، ممكن عند الله. يجب أن يكون هذا الشرح الأخير عمل إيمان: حاول والله يساعدك لأنه وعد بذلك... ومن ثمّ، وفقط بعد هذا، يأتي الحلّ، كتتمة لكل هذا: الاستعداد والمجهود، التعليم والتأمّل، النصح والاعتراف. مرة أخرى، من وجهة نظر أرثوذكسية، لا يمكن أن يكون هناك حلّ ما لم يكن هناك توبة. الله لا يقبل إنساناً لم يأتِ إليه. و"المجيء" هو بالتحديد التوبة، عمل "التحوّل"، التغير الحقيقي الحاسم في مجمل موقف الإنسان. أن نفكّر بالحلّ وكأنّه محض "سلطة"، شرعية وفعّالة ما أن يتلفّظ به الكاهن، هو انحراف عن الأرثوذكسية نحو أسرارية سحرية و"قانونية" مرفوضة من روح الكنيسة الأرثوذكسية وتقليدها بالكامل. 7. إذاً، يجب ألاّ يُعطى الحل للإنسان إذا كان - غير أرثوذكسي، أي إذا كان يرفض علناً وبكامل إرادته تعاليم الكنيسة الأساسية - يرفض أن يتخلّى عن حالة الخطيئة، على سبيل المثال، الزنا أو السرقة أو ممارسة مهنة غير شريفة، وغيرها - يكتم خطاياه أو لا يعترف بأنها خطايا. في أي حال، علينا أن نتذكّر أن رفض إعطاء الحل ليس عقاباً. حتّى القطع في الكنيسة القرون الأولى كان يُعلَن على رجاء شفاء الإنسان. فهدف الكنيسة هو الخلاص وليس الحكم أو الإدانة. على الكاهن أن يتأمّل دوماً في مصير الإنسان بشكل عام، يجاهد لتحويله ولا أن يتبع قاعدة شكلية من العدالة. نحن نعرف أن الراعي الصالح يترك التسعة والتسعين خروفاً لكي يخلّص واحداً فقط. هذا يترك حرية كبيرة للكاهن الذي يُفتَرَض به أن يتبع ضميره الكهنوتي، لذا عليه أن يصلّي قبل أن يقرّر أيّ شيء وعليه ألا يكتفي بالتطابق الخارجي مع القوانين والتوجيهات |
||||
09 - 09 - 2014, 04:02 PM | رقم المشاركة : ( 5952 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
|
||||
09 - 09 - 2014, 04:03 PM | رقم المشاركة : ( 5953 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سر الاعتراف في العهد الجديد
تسليم سلطان الحل والمغفره للتلاميذ والرسل جلي وواضح في العهد الجديد وقال الرب لبطرس الرسول "انت بطرس وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي وابواب الجحيم لن تقوى عليها واعطيك مفاتيح ملكوت السماوات فكل ما تربطه على الارض يكون مربوطا في السماوات وكل ما تحله على الارض يكون محلولا في السماوات" (مت 16: 19). وكرر الرب هذا الوعد للتلاميذ "الحق اقول لكم كل ما تربطونه على الارض يكون مربوطا في السماء وكل ما تحلونه على الارض يكون محلولا في السماء" (مت18: 18). وكرر الرب الوعد ايضا بعد قيامته " ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر له ومن امسكتم خطاياه امسكت" (يو20: 21-23). كان كل الذين يؤمنون بالكلمة كانوا يعترفون بخطاياهم للرسل وليوحنا المعمدان "واعتمدوا منه في الاردن معترفين بخطاياهم" (مت3: 6) وايضا "وكان كثيرون من الذين امنوا ياتون مقرين ومخبرين بافعالهم و كان كثيرون من الذين يستعملون السحر يجمعون الكتب ويحرقونها امام الجميع وحسبوا اثمانها فوجدوها خمسين الفا من الفضة هكذا كانت كلمة الرب تنمو وتقوى بشدة" (اع19:18). وصيه يعقوب الرسول بالاعتراف بالزلات وقال "اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات وصلوا بعضكم لاجل بعض لكي تشفوا طلبة البار تقتدر كثيرا في فعلها" (يع5: 16) ويوحنا الانجيلي قال"ان اعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل اثم" (يوحنا الأولى 1: 9). تسليم السر ليس فقط للحل بل ايضا للربط في الخطية الي الابد وهكذا ربط القديس بطرس الرسول سيمون الساحر وايضا حله من خطيته عندما اعترف بذنبه اليه "فقال له بطرس لتكن فضتك معك للهلاك لانك ظننت ان تقتني موهبة الله بدراهم ليس لك نصيب ولا قرعة في هذا الامر لان قلبك ليس مستقيما امام الله فتب من شرك هذا واطلب الى الله عسى ان يغفر لك فكر قلبك لاني اراك في مرارة المر ورباط الظلم فاجاب سيمون وقال اطلبا انتما الى الرب من اجلي لكي لا ياتي علي شيء مما ذكرتما" (اع 8:21-23). ربط القديس بولس الرسول الزاني الذي في مدينة كورنثوس وعند احساسه بالحسره والاسي غفر له خطيته حتي لايفقد الامل في التوبه ودعا الاخوة ان يقبلوه معهم في شركتهم مرة اخري وقد ذكر الرسول بولس ذلك في رسالته الثانية الي اهل كورنثوس (2: 5) "لكن ان كان احد قد احزن فانه لم يحزني بل احزن جميعكم بعض الحزن لكي لا اثقل مثل هذا يكفيه هذا القصاص الذي من الاكثرين حتى تكونوا بالعكس تسامحونه بالحري وتعزونه لئلا يبتلع مثل هذا من الحزن المفرط لذلك اطلب ان تمكنوا له المحبة لاني لهذا كتبت لكي اعرف تزكيتكم هل انتم طائعون في كل شيء والذي تسامحونه بشيء فانا ايضا لاني انا ما سامحت به ان كنت قد سامحت بشيء فمن اجلكم بحضرة المسيح لئلا يطمع فينا الشيطان لاننا لا نجهل افكاره" لذا فان هذا السر قد اعطاه الرب الي الكهنه وهذا السر الدائم يظل لمغفرة الخطايا "واما هذا فمن اجل انه يبقى الى الابد له كهنوت لا يزول فمن ثم يقدر ان يخلص ايضا الى التمام الذين يتقدمون به الى الله اذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم" (عب7:25) فلا نخف اذا عندما نسقط في خطيه ما فالرب هو الذي يكمل ضعفنا ويعيننا الي ان نصل الي الكمال والقداسه به "يا اولادي اكتب اليكم هذا لكي لا تخطئوا وان اخطا احد فلنا شفيع عند الاب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم ايض" (1يو2:1). هذا المقال منقول من موقع كنيسة الأنبا تكلا. |
||||
09 - 09 - 2014, 04:04 PM | رقم المشاركة : ( 5954 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سر الاعتراف في العهد القديم توبه الاسرائيليين: (قض10: 15و16) "فقال بنو اسرائيل للرب اخطانا فافعل بنا كل ما يحسن في عينيك انما انقذنا هذا اليوم وازالوا الالهة الغريبة من وسطهم وعبدوا الرب فضاقت نفسه بسبب مشقة اسرائيل" وايضا "وانفصل نسل اسرائيل من جميع بني الغرباء ووقفوا واعترفوا بخطاياهم وذنوب ابائهم" (نح9: 2). توبة منسي الملك: (2مل23: 12و13) صورة سر التوبة والاعتراف، كاهن قبطي و رجل يعترف بخطاياه، رسم ت. سوسن في الشريعه امر الرب بالاعتراف بالخطيه وكيفيه تقديم ذبيحه لغفران الخطايا "فان كان يذنب في شيء من هذه يقر بما قد اخطا به وياتي الى الرب بذبيحة لاثمه عن خطيته التي اخطا بها انثى من الاغنام نعجة او عنزا من المعز ذبيحة خطية فيكفر عنه الكاهن من خطيته" (لا5:5-6) وايضا "اذا اخطا احد وعمل واحدة من جميع مناهي الرب التي لا ينبغي عملها ولم يعلم كان مذنبا وحمل ذنبه فياتي بكبش صحيح من الغنم بتقويمك ذبيحة اثم الى الكاهن فيكفر عنه الكاهن من سهوه الذي سها وهو لا يعلم فيصفح عنه انه ذبيحة اثم قد اثم اثما الى الرب" (عد5:17). وايضا "ويضع هرون يديه على راس التيس الحي ويقر عليه بكل ذنوب بني اسرائيل وكل سيئاتهم مع كل خطاياهم ويجعلها على راس التيس ويرسله بيد من يلاقيه الى البرية ليحمل التيس عليه كل ذنوبهم الى ارض مقفرة فيطلق التيس في البرية ثم يدخل هرون الى خيمة الاجتماع ويخلع ثياب الكتان التي لبسها عند دخوله الى القدس ويضعها هناك ويرحض جسده بماء في مكان مقدس ثم يلبس ثيابه ويخرج ويعمل محرقته ومحرقة الشعب ويكفر عن نفسه وعن الشعب" (لا 16: 21). اعترف عاخان بن كرمه بخطيئته "فقال يشوع لعخان يا ابني اعط الان مجدا للرب اله اسرائيل واعترف له واخبرني الان ماذا عملت لا تخف عني فاجاب عخان يشوع وقال حقا اني قد اخطات الى الرب اله اسرائيل وصنعت كذا وكذا". اعتراف شاول الملك لصموئيل النبي قائلا "اخطات لاني تعديت قول الرب وكلامك لاني خفت من الشعب وسمعت لصوتهم والان فاغفر خطيتي وارجع معي فاسجد للرب.... قد اخطات والان فاكرمني امام شيوخ شعبي وامام اسرائيل وارجع معي فاسجد للرب الهك فرجع صموئيل وراء شاول وسجد شاول للرب" (1صم15: 24-31) وكان لصموئيل سلطان الحل من الخطايا. اعتراف داود النبي والملك لناثان النبي واعطي داود الحل من الخطيه "فقال داود لناثان قد اخطات الى الرب فقال ناثان لداود الرب ايضا قد نقل عنك خطيتك لا تموت" (2صم12: 13و15) فمنذ العهد القديم نجد ان الكاهن هو الشخص الوحيد الذي سلطان مغفرة الخطايا "لان شفتي الكاهن تحفظان معرفة ومن فمه يطلبون الشريعة لانه رسول رب الجنود" (ملا2: 7). في الصلوات كانوا الانبياء يعترفوا للرب بخطيتهم فداود اعترف قائلا "اعترف لك بخطيتي ولا اكتم اثمي قلت اعترف للرب بذنبي وانت رفعت اثام خطيتي" (مز32: 5) وفي المزمور (51) قال "ارحمني يا الله حسب رحمتك حسب كثرة رافتك امح معاصي اغسلني كثيرا من اثمي ومن خطيتي طهرني لاني عارف بمعاصي وخطيتي امامي دائما اليك وحدك اخطات والشر قدام عينيك صنعت لكي تتبرر في اقوالك وتغلب في قضائك هانذا بالاثم صورت وبالخطية حبلت بي امي... استر وجهك عن خطاياي وامح كل اثامي" ودانيال في صلواته "وبينما انا اتكلم واصلي واعترف بخطيتي وخطية شعبي اسرائيل واطرح تضرعي امام الرب الهي عن جبل قدس الهي" (دانيال بالتتمة 9: 20) وايضا "وصليت الى الرب الهي واعترفت وقلت ايها الرب الاله العظيم المهوب حافظ العهد والرحمة لمحبيه وحافظي وصاياه اخطانا واثمنا وعملنا الشر وتمردنا وحدنا عن وصاياك وعن احكامك" (دا 9:4 ). صلاه عزرا: "فلما صلى عزرا واعترف وهو باك وساقط امام بيت الله اجتمع اليه من اسرائيل جماعة كثيرة جدا من الرجال والنساء والاولاد لان الشعب بكى بكاء عظيما... فاعترفوا الان للرب اله ابائكم واعملوا مرضاته وانفصلوا عن شعوب الارض وعن النساء الغريبة" (عز10: 1-11). |
||||
09 - 09 - 2014, 04:06 PM | رقم المشاركة : ( 5955 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الاعتراف يقول الكتاب المقدس: "امتحنوا كل شئ تمسكوا بالحسن" (1 تس 5: 21). ولذلك فإنك كشاب مسيحي محب لله وغيور على كنيسته ينبغي عليك أن تتأكد من كل فكر أو رأي يقدم لك بأن تقرأ وتبحث، تسأل وتناقش من أجل أن تبني حياتك على الإيمان المستقيم. وحينما تؤسس حياتك على صخر الإيمان ربنا يسوع المسيح، وتعاليم الكتاب المقدس العظيم، وتعود إلى كتابات الآباء الأولين فإنك ستشعر حتما بالثقة والطمأنينة والفخر حينما ترى كنيستك وهي تعيش الإيمان المسلم من الرب ذاته للرسل الأطهار. وليكن هدفنا من التعلم أن نمارس ما نتعلمه في حياتنا لكي نستفيد بكل حسن من أجل نمو حياتنا في الإيمان، وانتصارنا على الحية القديمة المدعو إبليس، متطلعين إلى الحياة الأبدية حينما نحيا في حضرة إلهنا، نتمتع به ونتذوق حلاوته. وفي هذه الكلمات نجيب على سؤال هام هو: "تمارس الكنيسة سر الاعتراف، فهل توجد أدلة كتابية وتاريخية وآبائية تدل على ضرورة أن يكون الاعتراف أمام الكاهن؟ وهل الاعتراف لله غير كافياً". وللإجابة على هذا السؤال ينبغي أن نعلم حقيقتين هامتين أولهما: أن الوحيد القادر على غفران الخطايا هو الله عن طريق دم المسيح المسفوك على عود الصليب. والثانية: عن حياتنا المسيحية، فكل مسيحي هو عضو في جسد المسيح الحي الذي هو كنيسته المجيدة، ورأس هذا الجسد هو المسيح له كل المجد (أف 1: 22). ومن أجل بنيان هذا الجسد أعطى الله المواهب الروحية المتكاملة فقد "أعطي البعض أن يكونوا رسلا والبعض أنبياء والبعض مبشرين والبعض رعاة ومعلمين لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح" (اف 4: 11 , 12). ولذلك ينبغي عليك أن لا تحزن إذا وجدت نفسك بحاجة إلى آخر لكي يعمل معك ومن أجلك فبالتأكيد أن الله أعطاك موهبة روحية ولكنه لم يعطك كل المواهب والوظائف اللازمة لتسير في طريق الكمال. واعلم أيضاً أنك حينما تخطئ فإنك لا تسئ إلى نفسك فقط وإنما تسئ أيضاً إلى الجسد الذي تنتمي إليه (الكنيسة) , كما أنك تسئ أيضاً إلى الله القدوس البار. ولذا فإن الإنسان حينما يخطئ يطالب بأن يندم على خطيئته ويكرهها، ثم يقر بها أمام الكنيسة وحينها يقوم الله بغفران هذه الخطايا. وهذا ما فهمه المسيحيين الأوائل، وهذا ما نراه في سفر الأعمال حينما يقول: "وكان كثيرون من الذين آمنوا يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم" (أع 19: 18). وقد أعطيت الكنيسة ممثلة في الرسل ومن خلفهم من الأساقفة (اع 20: 28) هذا السلطان من الرب يسوع حينما قال: "كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السموات وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السموات" (مت 16: 19). وقال أيضاً في سلطة الكنيسة: "وإن لم يسمع منهم فقل للكنيسة، وإن لم يسمع من الكنيسة فليكن عندك كالوثني والعشار، الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السموات وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء" (مت 18: 17، 18). وبعد قيامته قال لتلاميذه بعدما نفخ في وجوههم : "اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر لهن ومن أمسكتم خطاياه أمسكت" (يو 20: 22، 23). ولكن، قد يقول قائل أن هذا سلطان عام للجميع وليس للرسل والكهنة فقط فأنا أستطيع أن أحل وأربط كالرسل تماماً!! وللإجابة نقول لا فإن الخطاب الموجه في الآيات السابقة كان موجها لقادة الكنيسة ممثلة في الرسل، كما أن أهل كورنثوس لم يستطيعوا ممارسة هذا السلطان إلا حينما مارسه الرسول بولس مع زاني كورنثوس الشهير (1كو 5: 1- 5). ولا تنسى أن مواهب الروح قد قسمت على الجميع وكما يقول الرسول "فإني أقول بالنعمة المعطاة لي لكل من هو بينكم أن لا يرتئي فوق ما ينبغي آن يرتئي بل يرتئي إلى التعقل كما قسم الله لكل واحد مقدارا من الإيمان" (رو 12: 3). وهذا ما فهمه جميع الآباء في القرون الأولى ومارسوه بكل قوة وتكلموا عنه وكتبوه في كتاباتهم التي مازالت باقية حتى اليوم ولا يستطيع أحد التشكيك فيها، ولا أظن أن شخصاً منصفاً محبا لله ومهتماً بخلاص نفسه ينكر آيات الكتاب وتفاسيرها ومن مارسوها ليقدم بدعة لا سند لها من الكتاب أو التاريخ أو أقوال الآباء. وهل يستطيع أحد أن بخرج لنا آية من العهد الجديد تقول: لا تعترفوا على يد الكهنة ؟!! ولن نورد اليوم أقوال الرسل أو شهادة آباء الكنيسة من الأجيال المختلفة أو شهادة التاريخ أو الكتب الطقسية والتي تحتوي على الكثير عن الاعتراف على يد الكهنة - ويمكن الرجوع إليها في العديد من الكتب والمراجع المتوفرة بمكتبات الكنيسة- ولكننا سنتحدث عن شهادة المحتجين (البروتستانت) أنفسهم لسر الاعتراف. 1. مارتن لوثر (1483 – 1546م): (ألماني، وهو قائد حركة الاحتجاج protests - ويسميها المحتجون بحركة الإصلاح - حينما احتج على بابا روما ليو العاشر سنة 1517 بسبب صكوك الغفران ). |
||||
09 - 09 - 2014, 04:13 PM | رقم المشاركة : ( 5956 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الخطية لهيب نار متقدة! الخطية مرعبة للغاية، والعصيان مرض النفس الوبيل، إذ يشل طاقاتها خفية، ويجعلها مستحقة للنار الأبدية. إن الشر الذي يختاره الإنسان بنفسه هو نتاج الإرادة، وتظهر إرادتنا الحرة في ارتكاب الخطية من قول النبي بوضوح: “وأنا قد غرستك كرمة مثمرة، شجرة كاملة، فكيف تحولتِ إلى شجرةٍ بريةٍ وكرمةٍ غريبةٍ؟!” (راجع إر 2: 21) كان الزرع جيدًا ولكن الثمر جاء رديئا! فالزارع بريء، وأمّا الشجرة فتُحرق بالنار، لأنها زُرعت جيدة وبإرادتها حملت ثمرًا رديئًا. وكما يقول المبشر: “الله صنع الإنسان مستقيمًا، أما هم فطلبوا اختراعات كثيرة” (جا 7: 29). ويقول الرسول: “لأننا نحن عمله، مخلوقين… لأعمال صالحة وقد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها” (أف 2: 1-2). فالخالق صالح، خلقنا لأعمال صالحة، أما الخليقة فانحرفت إلى الشر بإرادتها الحرة. إذن الخطية كما قلنا شر مرعب للغاية، لكنها ليست بالمرض المستعصى شفاءه. هي مرعبة لمن يلتصق بها، لكن من يتركها بالتوبة يُشفى منها بسهولة. تصور إنسانًا يحمل نارًا في يديه، فإنه مادام يحمل الفحم يتأكد احتراقه، وإن ألقاها يلقى اللهيب أيضًا! لكن أن ظن أحد أنه لا يحترق إن أخطأ، فإن الكتاب المقدس يخبره قائلاً: “أيأخذ إنسان نارًا في حضنه ولا تحترق ثيابه؟!” (أم 6: 27) الخطية تحرق طاقات النفس (تكسر عظام الذهن الروحية، وتظلم نور القلب)[1]. |
||||
09 - 09 - 2014, 04:14 PM | رقم المشاركة : ( 5957 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اهتم بحياتك الداخلية! قد يقول قائل: ماذا يمكن أن تكون الخطية؟ هل هي شيء؟ هل هي ملاك؟ هل هي شيطان؟ ما هذه التي تعمل في داخلنا؟ يا إنسان، إنها ليست عدوًا يحاربك من الخارج، بل هي برعم يبزغ في داخلك. (احفظ نفسك)، ولا تنشغل بأمر آخر، فستنتهي أعمال اللصوصية(التي للخطية). تذكر الدينونة، فلا يسيطر عليك الزنا ولا الدعارة ولا القتل ولا عصيان الشريعة، أما إن نسيت الله فالشر يراودك وترتكب المعصية. |
||||
09 - 09 - 2014, 04:15 PM | رقم المشاركة : ( 5958 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الشيطان يخدعنا بأفكاره لست وحدك صانع الشر، بل يوجد من يدفعك إليه بعنف. إنه الشيطان الذي يقترح عليك الشر دون أن تكون له سيادة إلزامية على من يقبله. لذلك يقول المبشر: “إن صعدَت عليك روح المتسلط فلا تترك مكانك” أغلق بابك واطرده بعيدًا عنك، فلا يصنع بك سوءًا، أما إن قبلت فكر الشهوة بغير مبالاة، فستتغلغل جذوره فيك، ويُفتن ذهنك بحيله، ويهوي بك في هاوية الشرور. قد تقول: أنا مؤمن، لا تقدر الشهوة أن تصعد إليّ حتى وإن فكرت فيها كثيرًا! أما تعلم أن جذع الشجرة بالمقاومة المستمرة يستطيع أن يحطم حتى الصخرة؟! فلا تسمح للبذرة أن توجد فيك حتى لا تمزق إيمانك وتحطمه. اقتلع الشر بجذره قبلما يزهر، لئلا بإهمالك في البداية تحتاج بعد ذلك إلى فؤوس ونار. عالج عينيك في الوقت المناسب عندما يلتهبان، لئلا تصير أعمى، وتحتاج إلى طبيب! |
||||
09 - 09 - 2014, 04:15 PM | رقم المشاركة : ( 5959 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الشيطان يجرف معه البشرية الشيطان هو المصدر الأول للخطية وأب الأشرار. هذا القول ليس من عندي، بل هو قول الرب. “لأن إبليس من البدء يخطئ” (1 يو 3: 8، يو 8: 44)، إذًا لم يخطئ أحد من قبله. لكنه لم يخطئ عن إلزام، كأن فيه نزوع طبيعي للخطية، وإلا ارتدت علة الخطيئة إلى خالقه أيضًا، إنما هو خُلق صالحًا، وبإرادته الحرة صار إبليس، متقبلاً هذا الاسم من عمله. كان رئيس ملائكة، لكنه دُعي “إبليس” بسبب أضاليله. كان خادم الله الصالح، وقد صار مدعوًا شيطانًا بحق، لأن كلمة “شيطان” معناها “خصم”. هذا التعليم ليس من عندي، بل هو تعليم حزقيال النبي الموحى به، إذ رفع مرثاة عليه قائلاً: “كنت خاتم صورة الله، وتاج البهاء، وُلدت في الفردوس” (راجع حز 28: 12-17). يعود فيقول بعد قليل: “عشت بلا عيب في طرقك من يوم خُلقت حتى وُجد فيك إثم”. إنه بحق يقول: “حتى وُجد فيك إثم”، إذ لم يُجلب عليه من الخارج، بل هو جلبه لنفسه. وللتوّ أشار إلى السبب قائلاً: “قد ارتفع قلبك لجمالك بسبب كثرة خطاياك، طعنت فطرحت على الأرض”. هذا القول يتفق مع قول الرب في الإنجيل: “رأيت الشيطان ساقطًا مثل البرق من السماء” (لو 10: 18). ها أنت ترى اتفاق العهدين القديم والجديد! عندما طُرد سحب معه كثيرين، إذ يبث الشهوات فيمن ينصتون إليه. منه تنبع الدعارة والزنا وكل أنواع الشر. خلاله طُرد أبونا بسبب العصيان، وتحول عن الفردوس ذي الثمر العجيب إلى الأرض المنبتة شوكًا. |
||||
09 - 09 - 2014, 04:16 PM | رقم المشاركة : ( 5960 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الرب يردنا ويخلصنا ماذا إذن؟ قد يقول قائل: لقد سُلبنا وفُقدنا، أما من خلاص لنا؟! لقد سقطنا، أما يمكن أن نقوم؟! صرنا عُمى، أما يمكن أن نشفي؟ وفى كلمة، نحن أموات ألا يمكن أن نقوم؟! الذي أقام لعازر بعد موته بأربعة أيام ونتنه، ألا يقدر بالأكثر أن يقيمك يا إنسان وأنت حي؟! ليتنا لا نستهين بأنفسنا يا إخوة! ليتنا لا نهجر أنفسنا، فنسلك في اليأس. إذ مخيف هو عدم الإيمان برجاء التوبة. لأن من لا يتطلع إلى (يرجو) الخلاص لا يكف عن أن يزيد الشر شرًا، أما من يترجى الشفاء بسهولة يقدر أن يعتني بنفسه. اللص الذي لا يترجى العفو ييأس، أما من يرجوه فغالبًا ما يأتي إلى التوبة. ماذا إذن؟! هل تنسلخ الأفعى عن جلدها، وأنت لا تخلع خطيتك؟! إن كانت الأرض المملوءة شوكًا متي فُلحِّت جيدًا تصير خصبة، أفلا نترجّى نحن الخلاص؟ حاشا! بل بالأحرى طبيعتنا تربة صالحة للخلاص، إنما نحتاج إلى الإرادة! |
||||