منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05 - 09 - 2014, 05:10 PM   رقم المشاركة : ( 5821 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

موعظة الجمعة العظيمة
الأب بشار متي وردة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الموعظة الأولـــى
مشيئة الآب: إنسان محبوب
في نشيد لمار أفرام يقول فيه: عندما أراد الله في البدء خلق الإنسان، حمل تُراب آدم في يديه المُقدستين ونظرَ إلى ابنه المولود منذ الأزل وقال: "يا ابني يسوع، هذا هو الإنسان الذي سأصنعه، سيكون سبباً لآلامك: سيهزأ بك ويحكم عليك، وسيجلدك بالسياط القاسية، ويُسمّرك على الصليب كاللصوص والمجرمين، وسيطعن جنبك بحربةٍ فيجري دمُك نبعاً متدفقاً، ويدفنك في القبر. فإذا أردتَ أن أخلقه فسأخلقه، وإلاّ أدعه يسقط مجهولاً في الفراغ"؟.
أجابه الابن الأزلي قائلاً:" لقد شئتُ فاخلقه، لأني بمريم سأعيده في ملء الزمان، وبدمي سأفديه على الصليب، فتكون له الحياة الأبدية". وهكذا صار، "فخلق الله الإنسان على صورته ومثاله".
نُصلّي يومياً: "لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض". ويُصليها ربنا يسوع أيضاً ولكن لا نعنيها مثلما يعنيها ربنا. فنحن غالباًً ما نتساءل في حيرة مُشككة:
يا رب نُريد أن نعمل مشيئتك ولكن الحياة مُتعبة، مؤلمة، قاسية. فهل هذه هي مشيئتك؟
هل ترضى يا رب بأن ترى عذاباتنا وآلامنا وتبقى صامتاً ساكتاً غير مُبالٍ؟
كيف لنا أن نقبل اليوم عذاب وألم يسوع، هذا المُحب الذي راح ينشر البسمة والطيبة بين الناس؟
كيف لك أن تقبل موت شاب في الثالثة والثلاثين من عمره، والحياة مفتوحة أمامه؟
كيف يُمكن أن نتصوّر أنك تقبل بنهاية حياة هذا الإنسان المُتحمس لخلاص العالم، ولم يعمل سوى ثلاث سنوات وما زال أمامه الكثير ليعمله لأجل خلاص الناس؟
كيف يُمكن أن نسكت لموت عنيف كهذا وما يؤلمنا فيه هو أنه موت ظالم ولا عدل فيه البتة؟
ومثله آلاف الأبرياء من الناس يموتون كل يوم بظلم وعنف الآخرين؟
كيف لنا أن نفهم أن هذا الإنسان، يسوع المسيح، الخادم المطيع، بُشرى الله، معرى من ثيابه، ويُضرب بعنف، وقلبه يُنشد مرتاحاً في الله: أنا هنا، لأعمل بمشيئتك يا الله؟
أين الحقيقة الآن يا رب؟ هل هي عند الذين يمتلكون السلطة فيضعون بداية ونهاية لحياة الإنسان؟ أم عند مَن يحني رأسه؟ ويسير حاملاً الصليب؟
آلاف الأبرياء اليوم يدفعون حياتهم ثمن عدم نزاهة وصدق الإنسان مع ذاته ومع الآخرين، وآلاف الأبرياء تُهدر دماؤهم برخص من جراء سوء استخدام القوّة حتى الذين يعملون ذلك باسم الله. هناك رياء وكذب وخداع، وينقصنا الكثير من الشجاعة لفضحها فنقف صامتين أمام جريمة قتل الأبرياء. خداع وكذب ورياء من قبل الأقوياء، ومن قبلنا نحن أيضا إذ نسكت وكأننا لم نرَ ولم نسمع. وكلٌّ منا يُبرّر موقفه قائلاً: هذه العذابات أكبر من أن أواجهها أنا الضعيف. وربنا يسألنا:
لماذا لم تُخفف ألم الجائع، والعطشان، الغريب والمريض والمظلوم؟
أين كنت من ألم هؤلاء؟ كنت مشغولاً بنفسك! كنت نائماً! هذا هو نومنا وهو نوم تلاميذ يسوع في الجتسمانية، فكلٌّ منّا يتراجع مُتخاذلاً مُدَّعياً أنه بريء من عذاب الناس إذ وبكل بساطة: يغسل يديه مثلما نغسل أيدينا عشرات المرات لنُحافظ على سُمعتنا وفرصتنا في الحياة، لئلا ننشغل ونتوسخ ونُهان إذ نصرخ: الإنسان يتعذب. ويأتينا صوت ربنا: قوموا، استيقظوا لئلا تقعوا في التجربة: تجربة الصمت في الدفاع عن حق الإنسان، كل إنسان في الحياة. قوموا وعزوا الإنسان المتألم من جراء خطاياكم وإهمالكم وتجاهلكم. قوموا لتكونوا بجنب مَن أُتهِمَ وأُهمِلَ ظلماً، لتفهموا عمق ألمه.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هذه هي الحقيقة التي أراد ربنا يسوع المسيح أن يعيشها بيننا: الله أحبَّ الإنسان منذ البدء فأراده شريكاً له، فخلقه على صورته ومثاله. فمن حق كل إنسان أن يعيش بكرامة ويعيش حياته للملء. ولهذا سار ربنا يسوع الطُرقات من الجليل مُبشراً أن الله يرغب بأن يعود الإنسان إليه ولا يُبعده عنه شي. لا مرض ولا وجع، لا عوق ولا مهانة، لا شر ولا خطيئة تستعبده وتحرمه حق الحياة. هذا ما عاش لأجله يسوع لأنه آمن أن الله أبٌ ويريد الحياة لأبنائه، وربنا يسوع مُستعد أن يموت لأجل حقيقة الحياة الكريمة لكل إنسان. علّم بأن نستيقظ لنرى القريب، ونستقبله كأخٍ لنا. المُعلمٌ أراد أن يُفهِمَ تلاميذه كيف للإنسان أن يرى الفجر في حياته فسألهم:
"متى يطلع الفجرٌ ويطلُ على الإنسان؟
أجاب أحد التلاميذ: "عندما نتمكن من تمييز الأشياء! فردَّ المعلم: كلاّ.
رفع آخر صوته قائلاً: "عندما نُميز الأبيض من الأسود! فأجاب المعلم: كلاّ.
فقال آخر: "عندما يُشرق النور ويتبدد الظلام! فردّ المعلم: كلاّ.
حينها سأل التلاميذ: متى يا معلم إذن يطلُ علينا الفجر؟
أجاب: "عندما تلمحون من بعيد إنساناً، وتقولون: "هذا أخي". عندها يبزغ الفجر في حياتكم.
ربنا يسوع يرى في الإنسان ما يراه الله: الصديق: أدعوكم أصدقائي. ويدعونا لنسير طريق أورشليم لنتعلم لقاء الإنسان كصديق. وهو مستعد لأن يُضحي بنفسه من أجل هذه البشارة، فما من حب أعظم من هذا أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبائه. فعلى الصليب ثَبّتَ ربنا هذه البُشرى، فلم يتنازل عنها ولم يتراجع عندما بشّرَ بها من الجليل حتى أورشليم. ربنا يسوع مثلنا لم يشأ أن يموت، بل أراد أن يُواصل الطريق ليُعلن لا لأورشليم فحسب، بل لكل العالم أن الآب يُحبنا ويُريدنا في بيته.
ربنا يسوع يركع مُصليا أمام أبيه مندهشا متسائلا عن سبب عذاب الصليب هذا. هو مؤمن تماماً بأن الله أباه الذي تعوّد أن يدعوه: أبا: بابا، لن يتركه ولن يكون سبب دموع الألم هذه. لذا فهو يستسلم بثقة طفل لأبيه: أبّا لتكن مشيئتك. ربنا لم يفهم كيف أنه استخدم يديه ليُبارك الناس ويُعينهم في محنتهم ويقويهم ويرفع الألم عنهم ماسحاً دموع الخطيئة عن عيونهم، فيما تستخدم الناس أيديها لتعذيبه وتعذيب الآخرين وحرمانهم حق الحياة الكريمة. إنَّ الله يُعامل الإنسان بالطيبة والرحمة، بينما يلتفت الإنسان بغضب وحقد وكراهية واستغلال تجاه أخيه فيستعبده ليستملكه. ربنا تعوّد أن يُعانق المُعذّب والخاطئ ويحتضن البعيد، هوذا اليوم يُعانق الصليب الذي جعل الناس مُعذبين وخطاة وبعيدين.
صلى يسوع فماتت فيه كل مشاعر الخوف لاستسلامه الكلي لإرادة الله، وهذا مُؤلم أن نتنازل عن تكبرنا واعتنائنا بأنفسنا. صلاة يسوع هي من أجل أن يموت عن نفسه، والموت مؤلم، وأن يُولد في الله والولادة مؤلمة. في الجتسمانية يثبّت حُبّاً وإيماناً مجانيّاً، فنحن لا نُحب الله لخير نرجوه، أو ليُجنِّبَنا شراً نكرهه، بل حُبنا مجاني، فلا يلومنا أحد من أننا مؤمنون بالله ونخاف على الإنسان طمعاً في نعمة أو هبة. مسيحيتنا سيرٌ متواضع أمام الله من خلال عدالتنا وحبنا للرحمة (ميخا 6: 8). مسيحيتنا تمسُّكٌ بالله رغم كل شيء حتى وإن لم نفهم وفي ذلك مغامرة الإيمان، التي بدأت مع ابراهيم وتثبتت بيسوع لتصل إلينا دعوة للقاء وجه الله في وجه القريب المتألم الذي يُصلي إلى الله طالبا نجدتنا.
في تلك ليلة الجتمسانية وما تبعها من أحداث يبدو لنا أن الإنسان الوحيد الذي احتفظَ بسلامه الداخلي كان يسوع، إذ ترك كل شيء لعناية الله. استسلم وهو ينظر يهوذا المُضطرب وقبلة الخيانة، وشهد حماس رجل رفع السيف ليُدافع عنه، ورأى التلاميذ وهم يهربون. الكل مُضطربٌ وقت الأزمة لا يعرفون أين يتوجهون وكيف يتصرّفون، إلا يسوع الذي احتفظ بهدوء المؤمن بالله العارف أنه ماضٍ ليعمل مشيئة الآب. يُعلن هويته: هو المسيح ابن الله، وابن الإنسان. وهو يعرف أن إعلان هويته هو توقيع مرسوم إعدامه، ومع ذلك، وبكل شجاعة يُعلن أنه المُخلص ولا يحتاج لأن يتكلم، فالله سيسكت من الآن لأنه أعطى كل شيء ولم يُبقِ لنفسه شيئاً، فعلى الصليب قدّم كل ما عنده للإنسان.
نجد أنفسنا ما بين ذات الجماعة التي سلمّت يسوع، تركته وخذلته. ونحن نخذله كلما خذلنا إخوته الفقراء. شوارعنا مزدحمة بأناس يكافحون تحت ثقل يحملونه. الإذلال، اليأس، الجوع، العنف، المعاملة السيئة، الخداع، الخيانة وينقصنا جميعاً الشجاعة لنُوقِف مثل هذه المشاهد ولأسباب عديدة. لقد أوصانا ربنا بالناس: هذه هي وصيتي: أن يُحب بعضكم بعضاً: فحب الناس ليس من اختياري ومزاجي وطبعي، وإنما هو وصية، أمر يُنفذ. ويُنفذ عندما أُقدم يدي وكتفيّ مثل سمعان القيراوني لأحمل عن الآخر جزء من ثقل وعذاب الطريق.
طريق الألم الذي يسيره يسوع اليوم لم يكن طريقاً اختاره هو، بل آخرون فرضوه عليه ليهربوا هم من عدالة رفضهم لله ولكلمته، ولكنه لم يتراجع أمام هول الألم، ولم يُفكر أن يُكمّل مشيئة إله غير مُبالٍ بآلام الناس ومصائبهم، فراح يُصلي: أبّا. فحتى في هذه الساعة المُرعبة يبقى الله: أبا؛ بابا. فإذا ما آمنّا وتمكنّا من أن ندعو الله: بابا في كل وقت، فسيكون ممكناً تحمل كل شيء. بالطبع لن نفهم بين الحين والآخر ما يُريده الله منّا، ولكننا نؤمن بأن يد الله لن تتركنا ولن تكون سببا في دموعنا. هذا ما يعرفه يسوع تماماً وهو مؤمن به، ويُريدنا أن نعرفه أيضاً. فالله حضر بيسوع لجميع الناس ليُعيدهم إليه. الله صالحنا بيسوع المسيح، وربنا يسوع أراد أن يكون طريقا لنا للآب. أطاع مشيئة الآب حتى الموت لكي لا يكون الموت حاجزاً يمنعنا من الوصول إلى الآب. ربنا يسوع مستعد ليحمل الصليب والألم عنّا فيكون بشير التوبة وطريقاً لها.
يشرح لنا معلمونا حب الله للإنسان من خلال قصة عن الفريسي الذي قرأ ما كتبه يسوع على التراب. فقد جاء الكتبة والفريسيون إلى يسوع يوماً ومعهم امرأة أُمسكت بفعل زنى، فأرادوا أن يُجربوه فسأله: بماذا تحكم على امرأة كهذه. لم يقل يسوع شيئاً بل إنحنى، مثلما ينحني اليوم أمام الصليب، وكتب بإصبعه على التراب، ثم نهضَ قائلاً: مَن كان بلا خطيئة فليرمها بأول حجر! فإذا بالحاضرين ينسحبون الواحد تلو الآخر.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ويُحكى أن أحد الفريسيين المتراجعين عاد إلى بيته يُفكّر في قول يسوع وأراد أن يعرف: ماذا كتبَ يسوع على التراب قبل أن يُسكتهم بالسؤال. فقد لمحَ يد يسوع تخطُ جُملتين. ما نام تلك الليلة، فأسرع في الصباح إلى نفس المكان فوجد الكتابة قد انمحت تقريبا بأقدام الناس، ولكنه حاول التركيز فإذا به يتعجب إذ كتبَ يسوع:
في الجملة الأولى: الله يُحب الإنسان فيمحو له خطيئته إذا يكتبها على التراب.
أما الجملة الثانية فكانت: من يرمي المرأة الخاطئة بأول حجر فسيُصيبني.
اليوم يختار يسوع أن يُواصل الطريق من دون تراجع، وأكثر من ذلك يموت بدل إنسان يستحق الموت. فبرأبا القاتل كان مُستحقاً الموت، اليوم يُنقذه حضور يسوع، ليحيا ويشهد للخلاص الذي ناله. برأبا هو كل إنسان أُطلق حُراً بسبب يسوع. فلنسأل ربنا: يا يسوع المسيح: ارحمنا.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قديم 05 - 09 - 2014, 05:11 PM   رقم المشاركة : ( 5822 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

موعظة الجمعة العظيمة
الأب بشار متي وردة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

من الألم إلى معرفة الله

أبا، يا أبتِ ، إنك على كل شيء قدير، فاٌصرف عني هذه الكأس. ولكن لا ما أنا أشاء بل ما أنت تشاء. (مر 14: 36). هذا هو يسوع في لحظة مصيرية: موته. فهو مُنهارٌ تماماً أمام رُعب وعنف الصليب كأي إنسان. يعرف مهانة الألم، يشعر بالعُزلة والتوحش والاضطهاد. ربنا يركع مُصليا وصور الاستهزاء والإذلال أمامه، لأنه يعلم جيداً أن هناك مَن يتربص للحظة كهذا. فنفس الشعب الذي صرخَ: أوشعنا بالأمس، سيرفضه في الغد، أو في أحسن حال سيصمت. ولربما تساءل ربنا: أي ذنب اقترفته حتى أُصابَ بهذا الألم؟ هل محبتي وغيرتي للإنسان تائباً أمام وجه الله تُجازى برفضٍ كهذا؟ هل وصلت قساوة قلب الإنسان إلى حد مُقابلة الطيبة بالمهانة؟ هل قُربي من الإنسان، كل إنسان يُقابله الإنسان بالإهمال؟ أم أن الإنسان يُريد أن يُجرّب أمانة الله مع عبده فيُزيد عذابه وألمه ورفضه حتى الموت؟ ما الداعي لهذا الألم؟

رُغمَ كل هذه التساؤلات والتي تجعل الألم سرّا مُحيِّراً لا يُشرح عقلياً، لا بل هو تناقض وخُبثٌ لا مُبرر له، يبقى ربنا يسوع قادراً على أن يرفع رأسه بثقة لا حد لها لأبيه السماوي مُنادياً: بابا ... لتكن مشيئتك. في يسوع مثلما فينا مشاعر الاحتجاج والنفور: لماذا كأس الألم هذا يا رب؟ لماذا أنا بالذات؟ أي ذنب فعلته ليُجازينا الإنسان بعذاب كهذا؟ ربُنا يشكو ويشكو بمرارة أنه متروك: إلهي إلهي لماذا تركتني؟

ولكنه رُغم ذلك يستسلم لأبيه مُصلياً: أبا لتكن مشيئتك. ومشيئة الآب هي مواصلة طريق التضامن مع الإنسان المتألم والمعذب، فيُوقف في جسده شر الخطيئة، فلا يتألم من بعده إنسان. ربنا يُريد أن يُميت الخطيئة بموته، فلا يسمح للخطيئة أن تُثمِرَ فيه ضغينة أو حقداً أو كُرها حتى على مُعذبيه، فيقوم طالباً لهم المغفرة: يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يدرون ما يفعلون. فلذلك تؤمن الكنيسة بأن الصليب لن يكون لتعذيب وألم الرب بل لتمجيده إذ يشعّ عليه نُور القيامة فيفرح الإنسان. ولن تكون خطيئتنا إلا حافزاً لنا للعودة إلى بيت الآب.

غالباً ما نحاول إيقاف المتألم والمُعذب من التساؤل وكأنه يُجدف، لا نفعل ذلك لنتركه يُصلي إلى الله لأنه يُؤمن أن الله ليس إلا خيراً يفيض حياة ملؤها طيبة ورحمة. كيف للشر وللخطيئة أن تكون والرب هو الخالق والمدّبر؟ كيف يسمح الرب للخطيئة أن تعبث خُبثاً وألماً مفرطاً في حياة الإنسان وهو المحبة التي ترعى الإنسان بكُليته؟ تساؤلات المتألم قد لا تجد لها جواباً سوى أنه سيسمع صوتاً يُناديه: قُم انهض المُجرب والشر آت ليُزيد من شره، فهل ستسعى لأن تُوقفه؟ هل ستقبل بكل هذا الشر الموجود في العالم، أم تنطلق في خدمة الآخر البريء والمُعذّب ظلماً؟ فالرب يطلب مخافته والتي تُترجم عملياً بأن نعتني بالإنسان لاسيما الفقير والمتروك والمُشرد والجائع والعطشان والمريض والغريب. ديانتنا ليست أفكاراً بل أعمال رحمة.

خطيئتنا هي أننا كلما صلينا: "لتكن مشئيتك"، فنحن حالاً نخاف ونُفكّر: ما الذي يُريده الله مني؟ من الممكن أنّ الله يطلب كل ما يُريد شرط ألاّ يُكلفني راحتي؟ أنا مستعد أن أُساعد وأحب وأتضامن وأُعين ولكن وفق مزاجي وراحتي ووقتي. في الاقتراب من الآخر حتى في ألمه، لربما لن نستطيع إزاحة الألم عنه، ولكن بمقدورنا أن نُخفف عنه ثقل الألم إذ نبقى إلى جانبه: إسهروا، ابقوا معي، هذا ما طلبه ربنا من تلاميذه، من أصدقائه، منّا. عوز الثقة هو ما ورثناه من آبائنا الأولين: الخطيئة الأصلية كما يقولون في اللاهوت العقائدي، بدء الشر. ويأتي يسوع ليُعطينا مثالاً حياً عظيماً في ثقة مُطلقة واستسلام تام لمشيئة أبيه، فيعود إلى أصدقائه الكسالى المتعاجزين، ليُوقظهم من جديد ويُواصلوا المسيرة.

الإيمان يُجّرب في ساعة المحنة، لا لأن الرب يُريد أن يُعذبنا، بل لأن الإنسان يعيش وسط بشر كلهم يمتلكون رغبة في الحياة، وكثيراً ما يتناسون الآخرين من أجل إرضاء وراحة أنفسهم، وفي نسيانهم يُعذبون آخرين عن قصد أو بغير قصد. هنا يُجرّبُ إيماننا ونعيش لحظات بستان الزيتون. فلكل واحد منّا جتسمانية لا يفهم فيها سبب الألم الذي يختبره في حياته، ولكن على مثال يسوع علينا أن نتعلّم أن نقول بشجاعة وصدق: أبّا: يا بابا لتكن مشيئتك. لم يتجرأ أحد من قبل يسوع أن يلفظ هذه الكلمة وهو يُنادي الله، ولكننا نسمعها اليوم من يسوع ونفهم كم أن يسوع مازال ثابتا في الله رغم كل شيء.

ربنا يقترب دوماً من أبيه السماوي اقتراب الطفل من أبيه. لا يخافه ولا يرتجف منه، بل تقرّب متواضع يُريد أن يُشارك الله في أن يعمل من أجل عالم وخليقة حسنة لا حزن ولا دموع فيها، لا ألم ولا مرض يُعذبها، لا حقد ولا كراهية تُبعد الناس عن شركة الحياة مع الله. يُعلمنا ربنا أن نثبت واثقين به حتى في ساعات الألم. لا تكن محبتنا مُغرضة، فنشكره لأجل الإحسانات المادية التي قبلناها. وإنما نبارك اسمه ونشكره على الدوام. فالرب هو هو في السراء والضراء.

هذه الثقة التي تُثبته في ساعة التجربة ليقوم وكلّه حماس ويحتضن الطريق كما كان يقبل الخاطئ ليعود في أحضان الآب. الطريق من جتسمانية حتى الجلجلة هو مواصلة لطريق بدأه يسوع من الجليل. إنه يدعو تلاميذه، كنيسته، نحن لنستيقظ من نومنا، من كسلنا، من تراخينا، فنواصل طريق الخدمة لنحمل صليب الخطيئة فيموت فينا وإلى الأبد إذ نغفر. ربنا في صلاته يُعلمنا أن الصلاة ليست لتغيير فكر الله ومشيئته، بل لتقوينا فنقبل منه الشجاعة لنعمل إرادته.

وهذا كلّه بحاجة إلى وقت، وربنا كان يقضي الليل كلّه في الصلاة، فالله بحاجة إلى وقتنا. سنتهرب قائلين: نحن مشغولين بقضايا مهمة في الحياة وليس لدينا وقت لله والله يعرف ذلك! ولكن انظروا إلى عذابات الإنسان:

أو ليست كلها بسبب أُناس بعيدون عن الله؟
أو أبعدوا الله عن حياتهم؟
أفلا تخاف أن تكون أنت واحداً منهم؟
أو لا تظن أن خطيئتي، وخطيئتك وخطايا الآخرين هي سبب آلام الناس اليوم؟
أو تُفكّر أن خطايانا هي التي تُحمل يسوع هذا الصليب؟
هل نسيننا أن نومنا وهربنا من البقاء مع يسوع، مع الإنسان المُعذّب إنما يُسبب ألماً ليسوع أكثر مما يُسببه جلد وضرب الجنود واستهزاء المارة؟

فهل جئنا إلى يسوع اليوم لنفهم ألمه وألمنا، أم جئنا نُجدد فينا العزيمة لنبقى معه في ألمه، ونُعاهده بالسعي للبقاء بأمانة مع المتألمين. لا خير في الألم، ولا وجوه إنساني فيه. لا نحاول تزيين الألم بكلمات مرونقة. الألم شر، وشرٌ خبيث مرير يُصيب الإنسانية ويُجمّدها، ولكن لن يكون له الكلمة الأخيرة. فالألم يُوقظ فينا تحدياً متطلّباً: ما الذي ستفعله للقريب المتألم؟ عذاب القريب يُصحينا لنُرافقه في طريق التحسس لوجع القريب وجرحه، فيُصبح ألمه ألمي وعذابه عذابي، فلا أسكت. فالجائع لن يستطيع أن يُشبع نفسه بنفسه إلا إن قدمنا له رغيفاً بأيدينا، والعطشان لن يرتوي إلا بكأس ماء منّا، والعريان لن يأمن البرد إلا إذا كسوناه بملبس، والمريض لن يطيب إلا إذا رافقنا بالعناية والدواء، والمسجون لن يُحرر نفسه إلا إذا عملنا لتحريره. هكذا تظهر محبتنا من خلال حرصنا على راحة القريب، ومن ثمة هو جوابنا لخُبث الشر. الرب لا يطلب تفلسفاً بل يُريد عملاً، وكلنا جئنا اليوم لنكون مع يسوع ومع كل متألم.

جاء يسوع إلى تلاميذه؛ أصدقائه فوجدهم نياماً ثلاث مراتٍ. أيقظهم: قوموا، اسهروا لئلا تسقطوا في تجربة. جاء يسوع ليُفهم أصدقائه أن الحضور معه في ساعة مصيرية كهذه إنما هو فعل اتباع صادق نزيه، قد لا يتمكنون من درء الشر، لكنهم قادرون على سند القريب فلا يشعر بأنه غريب في الطريق. ناداهم ربنا ثلاث مراتٍ ولم ينفع النداء، ناموا مثلما ننام نحن اليوم، شعبه ورُسله لئلا نكون مع مَن يذرف الدموع ظلماً. فلنتجاوب مع دعوتنا ونتعلم أن نستقبل الإنسان بالرحمة التي صارت لنا بيسوع المسيح، أن نحتضنهم بالرعاية التي قدّمها السامري للغريب المجروح. فلا حقد ولا كراهية ولا ضغينة تُبعدنا عن الإنسان، بل يد تمتد لتُبشّر الجياع والعطشان، الحزانى والمهمومين بمحبة منزهة من كل مصالح شخصية. محبة تظهر عملياً في خوفنا على حياة القريب، لا خوفاً من عقاب إلهي ولا طمعاً في مكافأة، بل حرصاً على حياته. وبذلك يصدق تديننا، إذ ننُصف المسكين والبائس، فهذه هي معرفة الله الحقيقية (إرميا 22: 16).
فيا رب قوِّنا لنفهم:
أن الله محبة ولا يريد عذاب الإنسان، ولن يكون ألمنا وصليبنا مشيئته.
أنت مَن علّمتنا أن مشيئة الآب هي أن يخلص الجميع.
أنت الذي جئت لتكون لنا الحياة والحياة بوفرة.
أنت مَن رافقت المتألم والمجروح والمعذب فأقمته إنساناً مُعافى يعيش بكرامة اسمه، وطيب عيشه الإنساني.
أنت مَن اخترتنا أصدقاء وعلّمتنا وأفهمتنا حب الله.
أنت مَن احتضنتنا بحب الآب، وأطلقتنا للحياة أحراراً، أقوياء واثقين بأن الله راعينا ولن يتركنا حتى في ساعات الشدّة.
أنت مَن علمتنا أن نُصلي: أبّا: بابا. قوِّنا لنُعلنها بثقة لا حد لها، حتى في ساعة الألم، ولا تدخلنا في تجربة أن أبانا بعيد عنا لا يسمع صُراخنا.
قوِّنا يا رب لنستجيب لندائك فنستيقظ من نومنا، ونسير معك في طرقات أورشليم، مُقدمين حياتنا يداً وكتفاً نُُعين ونُُخفف عن الناس همومهم.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قديم 05 - 09 - 2014, 05:13 PM   رقم المشاركة : ( 5823 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

جمعة الصلبوت

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




الأب متى المسكين





كتاب: تأملات في أسبوع الآلام (3)

جمعة الصلبوت

(مقالات وعظات كُتبت وأُلقيت في مناسبات متنوعة، ونُشرت ضمن طبعات كتاب: مع المسيح في آلامه حتى الصليب من سنة 1976 إلى سنة 2000).

*******

المقالة الأولى



عظة يوم الجمعة العظيمة:

أما يسوع فجلدوه وأسلموه ليُصلَب

في هذا اليوم تمَّت جميع النبوَّات والرموز. يوم تكدَّست فيه جميع أنواع المظالم والقسوة ليتم كل المكتوب عنه.

UvVvU



كانت محاكمة يسوع والسعي في سفك دمه أموراً تجري بغاية السرعة لأن حقد رؤساء الكهنة والفرِّيسيين عليه كان شديداً، حتى أن كل لحظة تأخير كانت تزعجهم. وكان كل غرضهم أن يتخلَّصوا منه حتى يتفرَّغوا للتمتُّع بالعيد والاحتفال به.

كان سخطهم عليه شديداً لأنه كشف ما بداخلهم لأنفسهم وللناس، فلم يطيقوا رؤيته أو احتمال بقائه.

كانوا قساة ولكنها قسوة مملوءة بالخوف والرعب منه، فأرادوا أن يتأكَّدوا من موته بأنفسهم، ولما مات ظلوا مرتعبين أيضاً لئلا يعود فيقوم كما سبق وقال لهم. كم من معاندين ليسوع المسيح اتَّصفوا بالجرأة والقحة في أساليب مهاجمتهم له ولأولاده في كل العصور، ولكن كان في قلوبهم دائماً رعب من سطوته أشد من رُعبة اليهود الذين قتلوه.



اصْلِبْهُ، اصْلِبْهُ:

كان الشعب ضحية القيادة العمياء، وكان المال أصل البلاء.

فهؤلاء الذين استقبلوه بأجمل مِمَّا يُستقبل به الملوك، استطاع رؤساء الكهنة بمالهم وسلطان كهنوتهم أن يجعلوهم يصرخون في وجهه: «اصْلِبْهُ، اصْلِبْهُ!» (لو 21:23)

نسوا إحساناته ومواساته. أين معجزاته؟ أين الذين أقامهم من الموت؟ أين الذين شفاهم من البرص والشلل والعَمَى والصَّمَم؟ أين الذين أعتقهم من قيود الشيطان؟ أين الخمسة آلاف الذين أطعمهم في الجبل وأشبعهم من تعاليمه؟ أين تلاميذه؟ أين الشجاع بطرس؟ هربوا، هربوا كلهم! ما أحقر المُثُل والمشاعر التي قدَّمتها البشرية نحو مخلِّصها في يوم آلامه!! ولو كنا نحن في أيامهم لعملنا كما عملوا، وربما أردأ مِمَّا عملوا، لأننا بدونه لا نساوي شيئاً.



ابْكِينَ على أنفسكُنَّ (لو 28:23):

لم يقبل المسيح بكاء النسوة عليه. رفض أن يتقبَّل مشاعر الأسى والحزن نحوه إذ هو «مجروحٌ لأجل معاصينا، مسحوقٌ لأجل آثامنا... أحزاننا حملها وأوجاعنا تحمَّلها، ونحن حسبناه مُصاباً مضروباً من الله ومذلولاً.» (إش 5:53و4)

لم يتألم لأنه كان مُستحقاً للألم، ولم يُصلب من أجل ذنب عمله حتى يتقبَّل تعزية الناس له.

أخشى أن نخطئ في هذا اليوم ونحزن أو نبكي كبكاء النسوة ظانين أنه تألَّم من أجل نفسه، إنه جيدٌ أن نبكي على أنفسنا وعلى أولادنا لئلا تكون كل هذه الآلام التي قاساها السيد عبثاً، إذ نكون بجهالتنا قد ابتعدنا عنه بقلوبنا، فنُحرَم من المجد الذي أعدَّه لنا بآلامه!

إن كل ضربة وكل إهانة وكل ألم عاناه المسيح على الصليب كان من أجل كل فرد من البشرية في ماضيها وحاضرها، ليرفع عن كل واحد منا الحكم الذي كان لابد أن يوفيه.

إنها لم تكن آلام المسيح في الحقيقة، ولكنها آلامي وآلامك المستحقة علينا. نعم، فلنبكِ على أنفسنا.



فخرج وهو حاملٌ صليبه (يو 17:19):

يوحنا الرسول يوضِّح لنا أن سمعان القيرواني لم يحمل الصليب كل المسافة، إذ قام المسيح بحمل صليبه في الأول، ولما سقط تحت الصليب رفعوه عنه وأعطوه لسمعان القيرواني، لا رحمة بالمسيح، وإنما خوفاً من أن يموت في الطريق فلا يُتمِّمون شهوة حقدهم وغيظهم بصلبه!!

أودُّ لو نتأمل: لماذا سقط المسيح تحت الصليب؟

لقد أمضى نصف الليل في جثسيماني في الصلاة، وكان عرقه يتصبَّب كقطرات دم.

ثم جاء يهوذا مع أعوانه وقبضوا عليه وقُدِّم وحوكم أمام مجلس السنهدريم.

ثم ذهبوا به موثقاً لبيلاطس ليُصادِق على الحكم، فاستهزأ به ثم أرسله إلى هيرودس، وبعد فحصه أعاده هيرودس إلى بيلاطس مرة أخرى، حيث ضغط رؤساء الكهنة على بيلاطس بإثارة الشعب وبتهديده بمكر أنه إذا أطلقه يكون عدوًّا لقيصر! فأسلمه لهم ليُصلب بعد أن هزأ به عساكر الرومان غلاظ القلوب وجلدوه ووضعوا على رأسه إكليل الشوك، حينئذ خرج وهو حاملٌ الصليب!!

كم مرة خار في الطريق؟ لا ندري. كم مرة أُغْمِيَ عليه؟ لا ندري. إنها أُخفِيَت عنا ولم تُذكر لأنها أقسى من أن توصف!!



احملوا هذا الشرف:

نعم، احملوا الصليب. لا أقصد هذه الصلبان الذهبية المتلألئة على صدوركم علامة البذخ والترف، وإنما أقصد صليب الموت!! لأن ليس للصليب معنى إلاَّ الموت.

يسوع المسيح حمل الصليب لأنه كان مستعداً أن يموت عليه.

فكل مَن يحمل الصليب ولا يكون مستعدًّا أن يموت عليه فهو كذَّاب منافق، لم يكذب على الناس وإنما على الصليب.

مَن يحمل الصليب، عليه أن يستعد للموت. ومَن استعد للموت، عليه أن يحتمل آلام الصَّلْب وما قبل الصَّلْب. فقبل أن تحمل الصليب أعدد نفسك للآلام!

طوبى للإنسان الذي لا يخشى الموت، وأسعد منه هو الإنسان الذي مات عن العالم وصَلَبَ أهواءه مع شهواته!

شعر بذلك غريغوريوس الكبير فقال: ?وقفت على قمة العالم حينما شعرت في ذاتي أني لا أشتهي شيئاً ولا أخاف شيئاً?.



يا أبتاه اغفر لهم(لو 34:23):

هذا هو تاج الصليب أن نُصلَب نحن، ولا نَصلِب أحداً معنا!!

كان لابد أن يقول المسيح هذا ويطلب المغفرة لصالبيه حتى لا يكون في صلبه صلبٌ لأحد، ولا يكون في موته موتٌ لأحد؛ بل يموت هو ليُعطي الحياة لجميع الناس!!

هذا هو الذي قال لنا: «أحِبُّوا أعداءكم. باركوا لاعِنيكم. أحسِنوا إلى مُبغضيكم، وصلُّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم.» (مت 44:5)

احملوا الصليب، يا أحبائي، ولكن أعود فأقول ليس صليب الذهب ذو السلاسل الجميلة؛ ولكن صليب الموت، الموت عن العالم، الصليب ذو الآلام، وذو الصَّفْح والغفران
 
قديم 05 - 09 - 2014, 05:15 PM   رقم المشاركة : ( 5824 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

شركة في آلامه حوَّلت الخطية إلى توبة وإلى كرازة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

+ «فخرج وهو حاملٌ صليبه إلى الموضع الذي يُقال له ?موضع الجمجمة?، ويُقال له بالعبرانية ?جُلْجُثة?، حيث صلبوه (هناك)!» (يو 17:19و18)

l l l

منظرٌ لا يجوز لنا أن نتصوَّره بمشاعر الحزن خلواً من هيبة ألوهيته ومجد قيامته وفرحة لُقياه! لقد أخطأَتْ بنات أورشليم إذ بَكَيْنَ عليه! فسمعن منه هذا القول: «لا تَبْكِينَ عليَّ بل ابْكِينَ على أنفسِكُنَّ وعلى أولادِكُنَّ.» (لو 28:23)

ولكن لا نستطيع أبداً أن نتصوَّر الصليب بمشاعر الفرح خلواً من حزن شديد! وإلا نكون قد فقدنا معنى الصليب ونسينا تطهير خطايانا الأولى، وصرنا كواحد من أهل العالم الذين شاهدوا صلب يسوع باستهزاء وعدم مبالاة.

«الحق الحق أقول لكم: إنكم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح» (يو 20:16). نحن لا نبكي كإحدى الجاهلات اللاتي كُنَّ ينظرن إلى الرب كإنسان يموت عن نفسه، ولا نفرح مع العالم اللاهي لئلا نكون بشبه الصالبين!!

* * *

نحن تقابلنا مع المسيح في جثسيماني وقلنا إن شركة الآلام هي تقابُل ما بعده تقابُل. وتأكَّدنا أنه منذ تلك الساعة صارت آلامنا تُحسب مع آلام المسيح ذبيحة حب وفرح، وشركة في مجد الأُلوهة. فما بالنا نقول الآن إنه ينبغي أن نتألم ونحزن ونبكي؟

 
قديم 05 - 09 - 2014, 05:16 PM   رقم المشاركة : ( 5825 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ألم الصليب
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نعم، يجب أن نلتقي مع الصليب، ففيه مذَّخر لنا حزن واكتئاب كثير، لأن لنا فيه مصدر تبكيت بسبب خطايانا الحاضرة. مَن ذا يستطيع أن يدنو من الصليب ولا يحس بخطاياه وينظرها أمامه حاضرة؟

نحن لا نبكي المسيح على الصليب؛ بل نبكي أنفسنا التي لم تنتفع بعد من عار الصليب وعذاب المسيح!

نحن لا نتألم لأن المسيح تألم! ولكننا نتألم لأن المسيح تألم ونحن لا زلنا نلهو.

نحن لا نحزن لأن المسيح شرب المُر على الصليب! ولكننا نحزن لأننا لم نَرْعَوِ ولم نعتبر ذلك، ولا زلنا نشرب من ملذَّات الدنيا.

نحن لا نجزع حينما نتصوَّر كيف ضغطوا إكليل الشوك على رأس المسيح، وانغرست أشواكه في رأسه وجبهته وسال الدم من هنا ومن هنا إمعاناً في احتقار ملوكيته! ولكننا نجزع حينما نتصوَّر ذلك ونحن لا نزال نسعى وراء أمجاد الدنيا وتكريم الوظيفة وعلو الدرجات!

نحن لا نرتعب من منظر المسامير وهي تُدَقُّ في اليدين والقدمين على الخشبة! بل نرتعب لما نذكر ذلك ونتذكَّر كيف امتدَّت أيدينا للسرقة والرشوة وإمضاء الزور والإساءة إلى الأبرياء، ولا تزال تمتد!

هذه هي شركة آلامنا في الصليب، حيث يصير الصليب خشبةَ تبكيتٍ وآلام ومصدرَ حزنِ توبةٍ للحياة.

+ «الآن أنا أفرح، لا لأنكم حزنتم، بل لأنكم حزنتم للتوبة... لأن الحزن الذي بحسب مشيئة الله يُنشِئ توبةً لخلاصٍ بلا ندامة.» (2كو 9:7و10)

كذلك نحن مدعوُّون أن نكون شركاء في آلام المسيح، لا بمعنى أن نحمل عنه آلامه أو نشاطره أحزانه ـ إذ هذا تفسير جدَّ خاطئ ـ بل بمعنى أن نكون مستعدِّين أن نقبل مثله ألم الرسالة واضطهاد الحق وضيق الكرازة، في كل ما يأتي علينا؛ حيث تُحسَب لنا هذه كلها كتكميل لآلام المسيح، أو كاشتراك بنصيب متواضع في أحزان الصليب: «وأُكَمِّل نقائص شدائد المسيح في جسمي لأجل جسده، الذي هو الكنيسة.» (كو 24:1)

إذن، ففي ذِكرى آلامه نحن مدعوُّون، لا أن نبكي عليه بل أن نبكي معه، بأن نحمل صليبنا ونتبعه ونضيف آلامنا على آلامه!

وحينما تقرأ الكنيسة أناجيل الصَّلْب بنغمة الحزن، فلنتذكَّر أننا مدعوُّون أن نسير مسيرته ونُهان إهانته ونُطرد مثله ونخرج «حاملين عاره.» (عب 13:13)

هكذا نتألم، وهكذا نعرف آلام المسيح وعار الصليب.

فهي إما تُنشئ فينا حزناً للتوبة والخلاص،

وإما تُنشئ فينا حزناً على الخراف الضائعة.
 
قديم 05 - 09 - 2014, 05:17 PM   رقم المشاركة : ( 5826 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

فرح الصليب



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


هي ليست نقطة ثانية، لأنها كائنة بالأولى. فشركة آلامنا في الصليب قائمة أساساً على الفرح والعزاء.

فنحن إما نحزن ونتألم للتوبة، وأحزان التوبة تُنشئ فرحاً ما بعده فرح، فالكتاب يصفه أنه ?بلا ندامة? لأنه فرح اللُّقيا بوجه المسيح لقيامة وحياة في الخلود. وإما نحزن ونتألم في الخدمة والكرازة، وأحزان الكرازة عزاء ما بعده عزاء لأنه تكميل لرسالة الصليب وبه نؤهَّل أن نكون من التلاميذ أو التابعين: «قد امتلأت تعزية وازددتُ فرحاً جداً في جميع ضيقاتنا. لأننا لما أتينا إلى مكدونية لم يكن لجسدنا شيء من الراحة بل كنا مُكتئبين في كل شيء. مِن خارج خصومات، مِن داخل مخاوف. لكن الله الذي يُعزِّي المتضعين عزَّانا... بسببكم.» (2كو 4:7ـ7)
 
قديم 05 - 09 - 2014, 05:18 PM   رقم المشاركة : ( 5827 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أعماق الصليب


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

نعم، وكما أن آلام الصليب لا يبلغ أعماقها إنسان، مهما كانت توبته قوية أو مهما كانت خدمته دامية؛ هكذا فأفراح الصليب قائمة بهذه النسبة عينها. وكل ما نعرفه أنه كلما ازدادت آلام الصليب في حياتنا، ازدادت التعزية بالضرورة: «لأنه كما تكثر آلام المسيح فينا، كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا أيضاً.» (2كو 5:1)

وليُدرك القارئ أن النسبة مطلقة، إنْ في الألم أو في الفرح، فلا ينزعج من الألم إذا كثُر وتجاوز الحدّ، فليس للألم حدود. ولكن عليه أن يُدرك أن عدم محدودية الألم هي عينها التي تُنشئ فرحاً لا يُنطق به ومجيداً!

فإن كانت آلامنا هي بلا حدود، فلكي تكون أفراحنا بلا حدود، ونحن الرابحون.

وإن كانت الآلام الشديدة تُنشئ إحساساً بالموت، فالإحساس بالموت يُنشئ إحساساً بحياة المجد.

ولكن لينتبه القارئ جداً، لأنه إذا لم يُنشئ الألم فرحاً ملازِماً وعزاءً حاضراً، فليُدرك أنه يتألم خارج آلام المسيح! ويكون متغرِّباً عن شركة آلام الحياة.

احذر، أيها القارئ، أن تقبل ألماً لا تجد فيه عزاءً، لأنه هو هو ألم الخطية الذي يورِّثك الهمّ والقلق والحزن المُفسِد الذي ينتهي بك إلى المرض والهلاك. فإذا أوقدت شمعة الضمير وفتَّشت في أعماق هذا الألم الخبيث تجده ولابد مُتسبباً عن شيء في الذات، إما أنانية، أو بغضة، أو حسد، أو حقد، أو كبرياء، أو خوف من الموت. وهذه الجذور سامة تغذِّي الذات بعصير الآلام المفسدة.

واعلم أنه ليس في المسيح ألم بلا تعزية، ولا عزاءٌ بلا ألم.

فقد زرع المسيح جسده في وسط الآلام، وأخرج لنا منها ثمرة مُبهجة للحياة.

+ «فليحمدوا الرب على رحمته وعجائبه لبني آدم.» (مز 8:107)

يا إخوة لا تتألموا خُلْواً من فرح، كبنات أورشليم الجاهلات؛ ولا تفرحوا خُلْوا من الآلام، كالصالبين أو كأحد المستهزئين.

* * *



السلام للصليب قوة التوبة لخلاص بلا ندامة.


السلام للصليب قوة الكرازة وعزاء الرعاية.
 
قديم 05 - 09 - 2014, 05:20 PM   رقم المشاركة : ( 5828 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

موتٌ على موت

أو سرُّ القيامة الحقيقية

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


(من مذكرات في حياة التوبة)

?¬W¬

منظر المسيح خارجاً من أورشليم حاملاً الصليب وحوله بعض من أقربائه وتلاميذه يشيِّعونه حيث تعيَّن أن يُصلَب، منظر كله عار وفضيحة، ولكن المسيح احتمله من أجل السرور الموضوع أمامه (عب 2:12).


هذه كانت أحرج ساعة في حياة المسيح، ساعة الخروج من أورشليم وعلى أن لا يعود إليها. هذه الساعة الحرجة كانت معروفة مُسْبقاً لدى السماء كلها وكانت موضوع حديث بين أرواح قديسي العهد القديم المنتظرين فداء العالم وخلاصه: «وإذا رجلان يتكلَّمان معه، وهما موسى وإيليا، اللذان ظهرا بمجدٍ، وتكلَّما عن خروجه الذي كان عتيداً أن يُكمِّله في أورشليم.» (لو 30:9و31)

كان خروجه من أورشليم بمثابة خروجه من العالم المنظور، وكان الصليب آلة العبور من العالم إلى خارج العالم. فالخروج من العالم لا يتم طبيعياً بالنسبة للذين أبغضوا العالم وجحدوه، فلابد أن ينتقم العالم من الذين يحتقرونه ويستهزئون به: «إن كان العالم يُبغضكم فاعلموا أنه قد أبغضني قبلكم. لو كنتم من العالم لكان العالم يُحِبُّ خاصته.


ولكن لأنكم لستم من العالم، بل أنا اخترتكم من العالم، لذلك يُبغضكم العالم. اذكروا الكلام الذي قلته لكم: ليس عبدٌ أعظم من سيِّده. إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهِدونكم.» (يو 18:15ــ20)

هذا الكلام قاله يسوع قبل الصليب وقبل المحاكمة وقبل انكشاف خطة القبض عليه وتلفيق التُّهَم واستحضار شهود الزور، وقبل ظهور بوادر الخيانة التي اضطلع بها تلميذه، كصورة للعالم حينما يُسخِّر أقرب المقرَّبين لتعذيب نفوس القديسين.


فالمسيح كان يعلم تماماً ماذا أُعِدَّ له من العالم من بغضة وحقد وخطة مُحكمة لتعذيبه والتنكيل به قبل التخلُّص منه: «وأخذ الاثني عشر وقال لهم: ها نحن صاعدون إلى أورشليم، وسيتمُّ كل ما هو مكتوب بالأنبياء عن ابن الإنسان، لأنه يُسلَّم إلى الأمم، ويُسْتَهْزَأُ به، ويُشتَم ويُتْفَل عليه، ويجلدونه، ويقتلونه...» (لو 31:18ــ33)، «فخرج يسوع وهو عالم بكل ما يأتي عليه.» (يو 4:18)

فالذي يهمنا أن نعلمه تماماً هو أن المسيح لم يكن يستغرب سلوك العالم ضده، بل هو نفسه أعلم تلاميذه أنه لابد أن يصطدم العالم بكل مَن يخرج عليه، ولابد أن يحتقر العالم كل مَن يحتقره، ويستهزئ بكل مَن يستهزئ به. هذا هو عار الخروج الحتمي.

هذا العار حمله المسيح وهو راضٍ عنه كل الرضا، لأنه قد وَضَعَ في نفسه منذ البدء أن يقف ضد العالم ويبغض أعماله الشريرة، وقد عَلِمَ ماذا ينبغي أن يدفع ثمناً لهذا السلوك!

فالعار الذي كان يرمز إليه الصليب الذي حمله المسيح وهو خارج من العالم كان ثمناً حتمياً لخروجه عن العالم. وهكذا صار العار الذي في الصَّلْب، أي الموت العلني مع التعرية الكاملة من كل كرامة، مع الإضافات الجانبية إن أمكن لتكميل الهُزء


والتشفِّي من جَلْد وبُصاق ولطم الوجه والضرب على الرأس، هو ما يمكن أن ينتظره الإنسان الخارج على العالم، الذي نوى أن يطلب المسيح فقط وعزم أن يتبعه!!

وهذه الحقيقة قد جعلها المسيح قاعدة عامة ينبغي أن توضع في الاعتبار الأول عند كل مَن ينوي أن يخرج من العالم ليأتي إليه: «ومَن لا يحمل صليبه ويـأتي ورائي فـلا يقدر أن يكون لي تلميذاً» (لو 27:14)، «اتبعني حاملاً الصليب» (مر 21:10)،


«مَن أراد أن يأتي ورائي، فليُنكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني» (مر 34:8)، «وقال للجميع: إن أراد أحد أن يأتي ورائي، فليُنكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم، ويتبعني.» (لو 23:9)

هذا هو ما يعنيه الرسول بولس بقوله: «لنخرج إذاً إليه... حاملين عاره» (عب 13:13). عار المسيح كان نموذجاً مستوفياً لكل أنواع المهانة والمذلَّة، غير أن لكل إنسان صليباً معيناً.


أي أن لكل إنسان عاره الذي يتفنَّن العالم كيف يُصيغه له من كل صنوف الهوان التي يكرهها.

والذين يريدون أن يتبعوا الرب، لا يستعفون من صليبهم؛ بل يزيدون عليه ويزيِّنونه بأنواع أخرى من الحرمان والتقشُّفات وبالصوم لإذلال النفس الإرادي: «أما أنا... أذللتُ بالصوم نفسي» (مز 13:35).


لأنه معروف من قول الرسول ومن حياة القديسين ومن الاختبار، أنه بقدر ما يُذلَّل الإنسان ويموت بغير إرادته وبإرادته معاً، بقدر ما يحس بالحياة الأبدية تنبعث في أعماقه ويعيشها يوماً فيوماً.

U U U

أتبعك، يا رب، فقط عرِّفني إلى أين أنت ذاهب؟

+ «قال له توما: يا سيد، لسنا نعلم أين تذهب، فكيف نقدر أن نعرف الطريق؟» (يو 5:14)

لم يكن توما يعلم أنه مدعوٌّ للصليب والموت. كان يظن أنه مدعو للملكوت مباشرة، طالما هو يتبع المسيَّا؛ ولكن الحقيقة التي كان ينبغي أن يعرفها توما،


والتي يتحتَّم أن يقبلها كل مَن يتبع المسيح أن الصليب أولاً ثم الملكوت. الموت الاختياري مع المسيح أولاً ثم الحياة معه.

+ «وقال للجميع: إن أراد أحد أن يأتي ورائي، فليُنكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم، ويتبعني.» (لو 23:9)

المسير وراء المسيح لا يُقتحَم اقتحاماً، ولا يُنَال بحياة الليونة والتَّرَف، ولا بمجرد الصلاة وممارسات العبادة الطقسية؛ ولكنه يستلزم أولاً إنكاراً للنفس، أي تجريداً للذات من كل عوامل الظهور والمجد الباطل وحرمانها من تمتعاتها التي تزيدها التصاقاً بالدنيا وباللحم والدم وتراب الأرض.

هذه كلها بمثابة الموت الداخلي الذي هو الموت الإرادي، ثم اللاإرادي، ثم بعد ذلك يتفرغ الإنسان ليحمل الصليب كل يوم، أي يُباشِر احتمال إهانات العالم المحيط ومظالم البيئة


والظروف وعتوّ الأشرار، وخيانة الأقرباء والأصدقاء والتلاميذ، والأمراض المؤلمة واضمحلال الجسد، والمحن، تلك التي يتفنن الشيطان ويسوقها على الإنسان في أحرج ظروفه، جاهداً لعلَّه يطرحه في الشكّ وجحود الإيمان. هذه كلها بمثابة الموت الخارجي، الذي هو الموت غير الإرادي.

ولكن بدون الموت الداخلي، أي الموت الإرادي، أي إنكار النفس، يستحيل على الإنسان أن يقوى على حمل صليبه كل يوم ويتبع الرب، أي يستحيل عليه أن يحتمل الموت الخارجي الذي هو الموت اللاإرادي. لذلك فإن الرب، بحكمة، قدَّم في وصيته إنكار الذات قبل حَمْل الصليب.

فلكي يتبع الإنسانُ الربَّ، عليه أولاً أن يُباشِر الموت الإرادي أي إنكار النفس، حتى يستطيع أن يحمل الصليب الاضطراري.

الموت الداخلي شاقٌّ، أشقَّ من الموت الخارجي. إنكار الذات وجحدها وإماتتها أصعب من احتمال الإهانات والمظالم والمحن. ولهذا فالذي يستطيع أن يُنكر نفسه ويجحد ذاته،


يستطيع أن يحتمل أصعب الإهانات؛ بل ويفرح بالمظالم والمحن! أما الذي يحب نفسه ويُدلِّل ذاته فربما يحتمل الإهانة مرة ومرتين، ولكنه لا يحتمل الإهانة كل يوم!!

الذي يجوز الموت الداخلي وينجح، يسهل عليه أن يحمل الصليب كل يوم مهما ثقل، ويتبع الرب ليس إلى المحاكمة كيوحنا، بل إلى الجلجثة ثم إلى الملكوت، ليكون حيث يكون المسيح. ممارسة الموت الداخلي للنفس هي بالحقيقة ممارسة حياة إنسان ميت!!

لأن المطلوب أن يمارِس الإنسان كل فكر وكل عمل وكل شيء في الحياة كميت بالنسبة لنفسه وبالنسبة للناس، وكحيٍّ فقط بالنسبة للمسيح: «كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم، بل للذي مات لأجلهم وقام.» (2كو 15:5)

أما ممارسة الموت الخارجي اللاإرادي إنما يأتي تأكيداً للموت الداخلي واكتشافاً لصحته، هل قد مات الإنسان فعلاً عن ذاته وعن جسده وعن العالم؟ فإن تطابَق الموت اللاإرادي على الموت الإرادي، كان هذا أعظم برهان للإنسان أنه يعيش مع المسيح!!!

ما أعظم ما يحتاج الإنسان في قبول الموت اللاإرادي، إنه جوهر الحياة المسيحية، إنه القيامة: «اتبعني».

+ «فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً... أخلى نفسه، آخِذاً صورة عبد (الموت الداخلي)... وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب (قبول الموت الأخير الخارجي).» (في 5:2ــ8)

 
قديم 05 - 09 - 2014, 05:22 PM   رقم المشاركة : ( 5829 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أعطيت خائفيكَ رايةً تُرفعُ لأجلِ الحق، لكي ينجو أحباؤك
(مز60: 4)
موعظة الجمعة العظيمة 17 نيسان 2009م.
الأب د. يوسف اسطيفان البناء
في كاتدرائية مار أفرام في الموصل
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
(1)
أيها الأحباء:
على صخرة عند منحدرات الجلجثة جلستُ بالروح قبل أكثر من ألفي عام، أتأمل صليباً مضرجاً بالدماء، وآثار مسامير، ورقعة مكتوبة بلغات ثلاث: يسوع الناصري ملك اليهود (يو19: 19)، ذلك الجليليّ الذي مات بالجسد على الصليب، وأنزل جسده الطاهر ليدفن في قبر جديد بعد أن اهتزت قوى المسكونة لصلبه واعترفت الكائنات الحية وظواهر الطبيعة بألوهته من خلال ما جرى يوم صلبه (لو23: 44 ? 49)، فعادت بي التأملات إلى معطيات الوحي الإلهي في كتاب الحياة:


ها هو المرنم المزاميري داود بالوحي الإلهي يطلق عنان تسابيحه في فضاء السماويات الشاسع، وهو يتأمل البشرية الساقطة المتعبة، تحاول بين الحين والآخر أن تفتح على المجهول جفنيها علّها تمسك ببريق أملٍ مما طرق مسامعها من وعد الله للإنسان الأول بالخلاص، وهي في يأس وقنوط غارقة في متاهات لجة بحرٍ رهيب من حياة البؤس والشقاء والأوجاع والضياع بعيداً عن الله.


داود وقد تنبه لعلامات السماء تتلاحق مشيرة إلى واسطة الفداء، يرى بعين الروح أن المستحيل بنظر البشرية سيتحول إلى عزاء، والعار سيغدو غلبةً وانتماءً، وللمتعبين باب خلاصٍ، وسلما موصلاً إلى السماء :


داود يرى عصا موسى اليابسة تشق طريقا في البحر، لتكون أداة خلاصٍ لشعب عاش أجيالاً مرذولاً مهاناً وقد أتعبه العناء (خر14: 16)؛ ويرى تلك العصا المجردة في رفيديم تروي عطش التائهين في الصحراء، من جداولَ تنساب بأمر الخالق وعطفه وحنانه، إذ تفجّر في الصخرة ينابيع ماء (خر17: 5 و 6

ويرى في برية مارّة شجرة يرميها موسى بأمر الرب في الماء المر فيتحول إلى أعذب ماء (خر15: 25)، ويرى خشبة منتصبة راية ترفع عليها حية من نحاس لتكون لكل ملدوغٍ مشرف على الهلاك شفاء (عد21: 9)؛ ويحس بالعصا التي امسكها بيده وهو يقترب من جوليات العاتي، كيف تبث في نفسه بقدرة رب الجنود إحساساً بالقوة والغلبة على ذلك الجبار، ليصرعه باسم الرب ويخلص شعبه من ذلك البلاء (1صم17: 40 و 50)؛
داود يبتهج بالروح لكل ذلك وهو يرى بعين الروح ابن داود بل رب داود في ملء الزمان معلقاً على خشبة ليفتدي الإنسان، فيتيقن أن واسطة الخلاص ستكون تلك الخشبة ذاتها، التي كانت تاريخاً ووسماً للدماء، إذ ستغدو بالمسيا المصلوب كفّارة وفداء، فيصرخ منتعشاً جذلاً بالروح: أعطيت خائفيك راية ترفعُ لأجل الحق لكي ينجو أحباؤك (مز60: 4).


داود نظر بالروح الخشبة سلم عبور نحو الخلاص، ومصدر ارتواء للعطاش، وبلسما يحول العلقم إلى عذوبة وطيب المذاق، وللمدنفين شفاء، وللمستضعفين قوة وبهاء، فأعلنها بارتفاع الفادي عليها خلاصاً للبشرية من سقطتها وعبورا إلى السماء، ونبع ماء حي من يشرب منه لا يعطش أبداً،

وعلاجاً شافيا لكل مقبل على الموت بلدغة الخطية، ونكهة عذبة لتذوق حلاوة يسوع المسيح؛ إنها شجرة الحياة التي تعطي ثمرها في حينه، وأوراقها لشفاء الأمم، ولا تكون بعدُ لعنةً (رؤ22: 2 و 3)؛ إنها الخشبة المقدسة التي تضرجت وارتوت بدماء الفادي لتكون راية الحق والإيمان في العهد الجديد، وأداة الفداء والخلاص للمؤمنين، ذلك هو الصليب الحي المقدس قبلة المسيحيين.


كم من أعمدةٍ إرتفعت صلبانا، وكم من ألسنةٍ إنطلقت تتحدّثُ إِفكاً وبهتانا،

وكم من مؤرخٍ سطّر ما يشتهي من ضلالاتٍ بالزور إمعانا، صليب الحقّ وحده كان ميزانا، هو وحده حملَ من وافانا، فافتدانا؛ عليه ارتفع الكلمة، إلهاً وإنسانا، إرتفع ليمحوَ الذنوبَ، مقرِّباً ذاته قربانا؛ فعلى الصليب تم الفداءُ وأهرقَ دمٌ مقدَّسٌ لمن تنازلَ من عليائِهِ يرعانا، فافتدانا.


بالأمس بلبل الله ألسنةً تجبّرت فتفرقوا في الأرضِ وحدانا (تك11: 1 ? 9)، وعلى الصليبِ لمَّ الشملَ مصالحاً، و( كونوا واحداً ) بمحبةٍ أوصانا (يو13: 34)، فميزانُ الحقِّ (صليب الفادي) هو الحدُّ الفاصلُ بين يبسِ الروحِ وما بالنعمةِ أغنانا؛

وهكذا، مجداً وعِزاً أضحى ما كانَ عاراً وإذلالاً في عَرفِ دنيانا، وهكذا، الفادي بحنانه ومحبتهِ، فخراً ونصراً وغلبةً أعطانا، إذ افتدانا؛ فلنبتهج مع داود، مفتخرين بالصليب مجدِنا ولمسيرتنا عُنوانا، ولنصرخ معه مهللين ومرددين: أعطيت خائفيك راية ترفع لأجل الحق، لكي ينجو أحباؤك (مز60: 4).


كلمة الصليب عند الهالكين جهالةٌ، وأما عندنا نحن المخلصينَ فهي قوة الله (1كو1: 18)، كلمة الصليب تتألق في سمائنا نوراً يضفي ألواناً فألوانا، وتزهو رهبةً لتفجّر في ضمائرنا بركانا؛

وكلّما ذكرت كلمة الصليبِ سمت لمعاني المحبة والفداء والخلاص عنوانا، بها نلاطم الأمواج جهاداً، ونشقّ الطريق للعُلا إيمانا؛ فالصليب في العهد الجديد فجّر ينابيعَ بالمآثر ملآنة، عزماً واندفاعاً وعطاءً ومحبة وتواضعاً وسهراً وأتعاباً ودماءَ وظفها المؤمنون شهادة لاسم المسيح وللبيعة بنيانا.


والصليب علمنا معاني الصبر على الضيقات وتحمل لسعات النار، فها هو المصلوب منتصبٌ في كل حين أمام الأبصار، فنحن نكرز بالمسيح مصلوباً (1كو1: 23)، ولم نعزم أن نعرف في الحياة إلا يسوع المسيح وإياه مصلوباً (1كو2: 2)، إذ أنه انتصر على الصليب ليرفع جبلتنا التي افتداها بدمه من سقطتها وتمرغها في وحل الدمار، وعلى الصليب دكت أسوار الهاوية وكسرت شوكة الموت

ولحق بالصالبين الخزي والعار، وبذلك نزداد بالإيمان رسوخاً وفي حروبنا الروحية إصراراً، ويزداد عزمنا في الجهاد أضعافاً، لا تقدّر بمقدار، لأن الصليب أصبح باب السماء، والطريق به تشعشعً بالأنوار، وليلنا به خلع ظلمته والدرب أصبحَ في وضح النهار، وصولاً إلى ميناء السلام، إلى الملكوت، وصولاً إلى أقدس دار.


فكيف يا ترى تم ذلك؟ وما الذي قام به يسوع على الصليب كي نتمتع نحن بنِعم الصليب؟
هذا ما نتأمله بعد أن نرتل معاً عند أقدام الصليب: وا حبيبي أي حال أنت فيه؟
---------------------------------
-----------------
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
(2)

ترى ماذا فعل هذا الناصري العجيب يوم ارتفع على الصليب؟، فقد صرخ قائلاً: قد أكمل قبل أن يسلم الروح (يو19: 30)، وكان قد نادى الآب السماوي أن يغفر لصالبيه لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون (لو23: 34)، حقاً لقد كانت عيونهم مفتوحة لكنهم لا يبصرون، وبصيرتهم مظلمة لا يدركون، لا يعرفون ماذا يفعلون!!.
في ناموسهم كانوا يحاولون التقرب إلى الله بطقوس وعبادات رسمت لهم من الله على يد النبي موسى في سيناء، لكنهم كانوا يطبقون المظاهر فقط، غير مدركين المعاني والدلالات الروحية والإيمانية لما كانوا يفعلون؛ حتى وهم ينظرون ما حدث على الصليب يوم ارتفع الفادي الحبيب ،
يوم أتم ما كانت تشير إليه وترمز طقوسهم وعباداتهم، بقيت بصيرتهم عمياء وعقولهم جامدة ولغتهم خرساء، كانوا لا يدركون.
ابن الله المتجسد يسوع المسيح، ارتفع على الصليب، سفك دمه الأقدس على الصليب ، وكما أشار يوحنا المعمدان إلى ذلك بقوله:

هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم (يو1: 29)، ارتفع ذبيحة وتقدمة، مكملاً وبكل إتقان ما كان يحاول الناموس الموسوي أن يشير إليه ويرمز له (أي ذبيحة الصليب) ومن خلال أنواع الذبائح والتقدمات المختلفة التي كانت تمارس في العهد القديم بحسب الشريعة، وهي خمس كما وردت في سفر اللاويين:

ذبيحة المُحرَقة، ذبيحة الخطية، ذبيحة الإثم، تقدِمَة القربان، وذبيحة السَّلامة.
والرب يسوع بارتفاعه على الصليب قدم ذاته ذبيحة حية شملت كل ما كانت تحاول التعبير عنه تلك الأنواع من الذبائح والتقدمات في ناموس العهد القديم، فلنتأمل:
1- ذبيحة المحرقة: كانت أولى الذبائح بحسب الناموس الموسوي التي تقدم لله، وهي تقدمة للرضا أمام الرب (لا1: 3)، ويسميها الكتاب محرقة وقود، رائحة سرور للرب (لا1: 9)، وتعبّر هذه الذبيحة عن الطاعة لله، ليكون الله راضياً ومسروراً بعباده وصنعة يديه، وإذ يرضى الرب على الإنسان من خلال هذه الذبيحة، يصبح من حق الإنسان أن يقدم بقية الذبائح،

فلولا رضا الرب على الإنسان، لما غفرت الخطايا والآثام، ولما كان نصيب للإنسان بالإشتراك مع الذبيحة الحية التي تعبر عنها هذه الذبائح، ولما تمتع الإنسان بالسلام مع الله.


الرب يسوع قرّب ذاته ذبيحة محرقة لله عن البشرية كلها، فقد عمل خلال وجوده على الأرض بالجسد مشيئة الآب السماوي (يو6: 38)، وأطاع الآب وصولاً إلى أنه أطاع حتى الموت، موت الصليب (في2: 8)، وقام بذلك عن رضا وقبول ذاتي قائلاً: (لهذا يحبّني الآب، لأني أضع نفسي لآخذها أيضاً،

ليس أحد يأخذها مني، بل أضعها أنا من ذاتي، يو10: 17 و 18)، وبهذه الطاعة من الإبن للآب، وبهذه المحبة من الآب للإبن، بذبيحة المحرقة على الصليب، يرضى الله عن الإنسان ويسر به، فقد جاء يسوع إلى العالم متجسداً محبةً بالعالم ومن أجل العالم كما قال: (أتيت لتكون لهم حياة، وليكون لهم أفضل، يو10: 10).


هذه الطاعة الرهيبة والعجيبة التي التزم بها الإبن تجاه الآب على الصليب، إذ أكمل مشيئة الآب قائلاً: (يا أبتاه .... لتكن لا إرادتي بل إرادتك، لو22: 42) مع أنه هو والآب واحد (يو10: 30)، كانت موضع رضا ومسرة للآب السماوي تجاه البشرية كلها، وهكذا فتح الباب ليقبل الله بقية التقدمات والذبائح عن البشرية أيضا بشخص يسوع المسيح المصلوب.
2- ذبيحة الخطية: (لا4: 3)، هذه الذبيحة كانت تقدم في الناموس الموسوي للتخلص من الخطايا التي يرتكِبُها الإنسان تجاه أخيه الإنسان، وفيها يضع من يقدم الذبيحة يده عليها ويعترف بخطاياه، فتنتقل خطاياه إلى الذبيحة وتساق الذبيحة للموت عوضا عنه.


وهذا ما قام به الرب يسوع حمل الله الذي حمل خطايا البشرية كلها مرتفعا ذبيحة خطية على الصليب كما أوضح الرسول بطرس بقوله: (الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر، 1بط2: 22)؛ وهكذا البار الذي لا يعرف خطية حمل خطايانا وصار خطية لأجلنا (2كو5: 21)، ومات على الصليب لتغفر خطايانا، مات عنا ليحيينا، راضيا بهذه الكأس المرة التي أرادها أن تعبر عنه لكن بمشيئة الآب (مت26: 39)، لأن الإبن يعرف أن الآب لا يرضى بالخطية بل يحجب وجهه عنها، وهذا ما جعل الإبن على الصليب يصرخ إلى الآب السماوي: إلهي إلهي لماذا تركتني (مت27: 46)؛ وكأني بالإبن القدوس يصرخ إلى الآب القدوس قائلاً: يا ابتاه لقد حملت خطايا الجنس البشري كلها لأموت هذه الميتة على الصليب، كي أكون ذبيحة خطية عن البشرية، لغفران الخطايا.
3- ذبيحة الإثم: (لا5: 15)، ذبيحة الإثم هي الذبيحة التي كانت تقدم بحسب الشريعة الموسوية كفارة عن خطية الإنسان المباشرة تجاه الله، أي الخطية تجاه أقداس الله وخيانة بيت الله

وإهانة اسمه القدوس، ولكونها موجهة ضد الله مباشرة فقد أفرز لها الناموس طقساً خاصاً هو ذبيحة الإثم.


وهذه الذبيحة أيضاً أتمها الرب يسوع على الصليب، إذ صار هو ذبيحة إثم عوضا عن البشرية التي أخطأت بحق الله وأفسدت علاقتها بالله، وقد أشار إلى ذلك الوحي الإلهي على لسان النبي إشعيا قائلاً:

(أما الرب فسرّ أن يسحقه بالحُزن، إن جعل نفسه ذبيحة إثمٍ يرى نسلاً تطول أيامه ومسرّة الربّ بيده تنجح، إش53: 10)، فالسيد المسيح بتقديم نفسه ذبيحة إثم على الصليب، صالح البشرية مع الله، وأعاد العلاقة بين الله والإنسان، ولم يعد يحسب على الإنسان إثم ممّا اقترف ضد أقداس الله.
4- تقدِمَة القربان: (لا2: 1) تتميز هذه التقدمة بحسب الناموس أنها تشير تماماً إلى طبيعة السيد المسيح، الإله المتجسد، فالدقيق يشير إلى جسد المسيح، والزيت يشير إلى الروح القدس الذي جبل منه الجسد في أحشاء العذراء، والذي حل على الرب يوم عماده في نهر الأردن، واللبان يشير إلى الصلاة والخدمة والعمل والجهاد، ما أتمه الرب يسوع على الأرض،

والنار لاختبار الآلام الجسدية حتى الصليب، والملح إشارة لعدم الفساد لجسد المسيح المائت.


وهذه التقدمة كانت ترمز إلى المسؤوليات الجسيمة والخطيرة التي أتمها الرب بالجسد على الأرض حتى ارتفاعه على الصليب، ونراها واضحة في حياة الرب حيث تعب وعانى وجاع وعطش وبكى وجلد،
وصولا إلى ارتفاعه على الصليب، ومعاناته وآلامه الجسدية، وموته وقيامته دون أن يمس جسده فسادٌ (لأنك لن تترك نفسي في الهاوية، لن تدع تقيّك يرى فساداً، مز16: 10)، فقد قرّب بذلك ذاته تقدمة قربان على الصليب، مكملاً وجهاً آخر من أوجه الصليب التي كانت تعبر عنها ذبائح العهد القديم.
5- ذبيحة السلامة: (لا3: 1)، وفي هذه الذبيحة إشارة إلى سفك دم الرب يسوع على الصليب وتقديمه جسده ودمه عربون حياة للمؤمنين كهبة سلام للبشرية، حيث الكاهن يرش دم الذبيحة على المذبح، ومن حق الشعب أن يأكل فقط من هذه الذبيحة وليس من غيرها من الذبائح والتقدمات التي ذكرناها،

إشارة إلى يسوع المسيح الذي قدم ذاته ذبيحة سلامة على الصليب فسفك دمه الأقدس، ليحق للمؤمنين ومن خلال حق تناول جسد ودم الرب يسوع اللذين منحهما للمؤمنين عربون حياة، الإشتراك في نيل السلام الأبدي مع المسيح.
هكذا أيها المؤمنون أكمل الرب يسوع أوجه الصليب الخمسة التي كانت تشير إليها أنواع الذبائح والتقدمات في العهد القديم، إذ صار هو ذبيحة الصليب الحية، وهكذا المؤمن المسيحي في العهد الجديد يشترك مع يسوع في ذبيحة الصليب، لينعم بما أكمله الفادي على الصليب فيصرخ مع الرسول بولس:

(مع المسيح صلبت فأحيا، لا أنا بل المسيح يحيا فيّ، غل2: 20)،إذ أصبح المؤمن يتقدم أولاً إلى الله في طاعة كاملة وإرادة صادقة، واضعاً نصب عينيه طاعة الصليب، ليكون أهلاً أن ينال رضا الرب ومسرته كي يتمتع ومن خلال ما أتمه الرب يسوع من أوجه أخرى للصليب بالنعم الإلهية فينال المؤمن غفران الخطايا والآثام، والشركة في سلام مع الرب.
وهكذا ارتفع الصليب بيسوع المسيح الذي ارتفع عليه، راية لأجل الحق، محققاً كل ما حاولت ذبائح العهد القديم أن تعبر عنه، فكان خلاصاً للبشرية، وهذا ما أعلنه المرنم الإلهي بقوله: (أعطيت خائفيك راية ترفع لأجل الحق، لكي ينجو أحباؤك، مز60: 4).
وقبل أن نتأمل استحقاقات راية الحق في المؤمنين نرتل معا: أقبل الفادي لكيما يفتدينا بالصليب.
---------------------------------
-----------------
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
(3)
أكمل الرب يسوع كل أوجه الصليب وبحسب التدبير الإلهي، ليعيد للإنسان كرامته ومكانته اللائقة في علاقته بالله من جديد؛ وبذلك أعطتنا السماء راية ترفع لأجل الحق بها ننجو، بل أعطتنا سلما حيّاً نستطيع بواسطته أن نصل إلى العلاء، ونعود إلى حظيرة الآب والخلود المجيد.


ترى ما هي استحقاقات الصليب علينا بعد كل ما تم عليه من أجلنا؟ فالطريق والحق والحياة، يسوع، يوم ارتفع على الصليب علمنا أن الإنتماء إليه هو صليب، وان الإنضمام إلى حظيرته هو صليب،

إذ جعل الصليب راية للحق والركن ألأساس في تبعيتنا للنور والحق، قائلاً: من أراد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني (مت16: 24).
صليب ثقيل نحمله بكل محبة وقناعة ورضا، متحملين معه الضيقات ومجتازين المعاناة وغالبين هموم الحياة، للإنطلاق والسمو وراء يسوع نحو السماوات، فقد وُهب لنا لأجل المسيح لا أن نؤمن فقط بل أن نتألم أيضاً لأجله (في1: 29)، وأن لا نعرف في العالم إلا يسوع المسيح وإياه مصلوباً (1كو2: 2)، ليكون الصليب نصب أعيننا دائماً في الحياة،

وخشبة الصليب نقطة التقائنا دائما مع الله، وشجرة حياة تؤتينا ثمار انتمائنا الصادق للمسيح، لا بكلام الحكمة الإنسانية المقنع بل ببرهان الروح والقوة، لكي لا يكون إيماننا بحكمة الناس بل بقوة الله (1كو2: 4 و 5).
والكنيسة المقدسة بأبنائها ومنذ العصور المسيحية الأولى آمنت بهذا المبدأ وطبقته بكل أمانة ورضا ومحبة وسرور، إذ حملت الصليب بكل ثقله وأوجاعه وأتعابه ومعاناته وسارت وراء يسوع بخطوات ثابتة عبرت عنها صرخة رسول الأمم المدوية: مع المسيح صلبت فأحيا، لا أنا بل المسيح يحيا فيّ (غل2: 20)؛ فملحمة الصليب فعلٌ إيماني مصدره الكلمة الحق، فيه يتجسد يسوع المسيح مصلوباً في العالم من جديد كل يوم بهياكلنا ونفوسنا وأجسادنا من خلال المبادئ الإيمانية والفضائل المسيحية التي نمارسها بمحبة باذلة نقية وبكل التزام وقداسة وحكمة إنجيلية، مع نبذ كل ما هو شر وعنف وخطية، رغم كل ما نلاقيه من محن وتحديات، إذ نتحمل ذلك وصولاً إلى حد سفك الدم وتقديم الذات ذبيحة حية لأسم رب السماوات.


فالمؤمن يصلب مع المسيح من خلال حياته التي يعيشها على الأرض، ويصلب نفسه فيها عن كل المغريات والمتاهات والتفاهات وعن كل ما يبعده عن الرب، ليغلب، إذ لا غلبة للمؤمن إلاّ بحمل الصليب، ولا انتصار له إلاّ بملحمة الصليب، والسمو براية الحق من جديد تماما كيسوع الفادي الحبيب.


وهكذا تمتد الكنيسة المقدسة بمؤمنيها في القرن الحادي والعشرين، فالتواصل اليوم أيها الإخوة مع ملحمة الصليب الخالدة التي أتمها الرب يسوع لا يصنعه الكلام المنمق المعسول في الفضائيات، ولا المقابلات التلفزيونية المفبركة وما يحكى في الندوات، ولا بيانات الإحتجاج الرنانة والتصريحات،

ولا تمزيق وحدة الكنيسة وجسد يسوع الطاهر إلى طوائف متفرقة وأحزاب متناحرة وتكتلات، ولا الأجساد العارية المقززة تتمايل كالأفاعي الرقطاء إغراءً وعثرة وتشويهاً للمسيحية في الحفلات، ولا التراكض والتزاحم والتنافس على مراكز توزيع الخزّ من مال لا يغني وتفاهة المقتنيات.
ملحمة الصليب تتجسد اليوم بكلمة الله معلنة في الكتاب المقدس، لكن ليس بحروفه وإنما بروحه، تتجسد في بلوغنا وحدة الكلمة في وجداننا ووحدة الإيمان في حياتنا، تتجسد بوحدة الكنيسة في الجهاد الإيماني لأبنائها الإبرار أبطال الإيمان، مقتدين في ذلك بيسوع المصلوب كي ينالوا الغلبة، يغلبون بروحية وثبات المطران الشهيد مار بولس فرج رحو وقد تضرجت جثته الهامدة بالدماء وتلطخت بتراب العراء، إذ سيق كنعجة وديعة إلى الموت، ضحية تناحر القوى المتسلطة ونزوات التائهين في دروب المغريات والأحقاد؛ يغلبون بملحمة الصمود الإيمانية للأب الشهيد بولس اسكندر بهنام وبقية الشهداء ممن فصلت هاماتهم عن الأجساد؛ يغلبون بدماء طاهرة زكية سفكت للشيخ منذر السقا والأب رغيد كني والأب يوسف عادل عبودي والأخوان هيثم وطارق وبسام وبسمان ووحيد وعزيز ولينا وسنابل وسالم ووعد .. .. و: (ش، هـ، د، أ، ء) .. عشرات من شابات وشبان، حملوا بكل فخر فضائل المحبة والوداعة والتواضع والإيمان، ومزقت أجسادهم بسيل من رصاص الغدر وشظايا التفجيرات التي أفرزتها سياسات الإحتلال والمخططات الشنعاء.
ملحمة الصليب تتجسد بمئات العوائل التي هجّرت قسراً ونهبت ممتلكاتها، ودمّرت بيوتها، واضطرّت أن تتنازل عن أتعاب السنين وعرق الجبين تمسكاً بإيمانها، ومن أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربّها، وهي تصرخ مع الرسول بولس: خسرتُ كل الأشياء، وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح وأوجد فيه ... لأعرفه، وقوة قيامته، وشركة ألامه، متشبهاً بموته، (في3: 7 ? 10).
هكذا يغلب مؤمنو كنيسة الألفية الثالثة للميلاد كبقية إخوتهم الذين سبقوهم إلى الأمجاد، وجل غايتهم الإنتماء لا إلى مملكة أرضية دنيوية زائلة، بل إلى مملكة المسيح في السماوات، المملكة الأبدية التي عرشها مذبح من هامات المعترفين والشهداء فوق جلجثة الحياة، ورايتها صليب الحق المضرج بدماء زكية لفلذات الأكباد، وصولجانها حربة تفتح كل يوم جنب الكنيسة ليستمر تدفق نبع الحياة الذي يلهب قلب كل من يرتوي منه بحب الإنجيل وينير الأذهان لفهم كلمة الحياة، وتاجها إكليل شوك يدمي الجبين وتنبعث منه رائحة المسيح الزكية منتشرة في الأجواء، والدخول إليها من باب ضيقة وطريقها مرصوفة بالأشواك والإهانات، وحمل صليب ثقيل نرحب معه بالجلدات، في معاناة يتحول معها عرق الجبين إلى قطرات دم نازفات، وملهمنا في كل ذلك الروح القدس، روح المعرفة والفهم والمشورة والحكمة ، الذي يرافق كل مؤمن في مسيرته ليبلغ الحياة الخالدة في الملكوت كما يرضاها الله ويشاء.
هكذا يكون ملكوت الله حياة حقة يعيشها المؤمنون في الكنيسة المجاهدة على الأرض (لأن ها ملكوت الله داخلكم، لو17: 21)، وصولاً إلى الكنيسة المنتصرة في السماوات، حيث لا جوع ولا عطش ولا أتعاب ولا ضيقات، يرعاهم الحمل المذبوح الذي في وسط عرش السماء، ويقتادهم إلى ينابيع ماءٍ حية، ويمسح الله كل دمعة من عيونهم (رؤ7: 15 ? 17)، فهنيئا لهم إذ تمسكوا براية الحق، لينجوا من سقطة الممات.
نرفع الأكف إلى الفادي يسوع في هذا اليوم المبارك، ونحن نستذكر يوم الصلبوت العظيم، أن يرحمنا برحمته ومحبته وعطفة وحنانه، وينقذنا من الضيقات والمحن التي نمر بها، ويحل الأمن والسلام في قلوبنا وربوعنا وبلادنا، ويرحم شهدائنا وأمواتنا، بجاه راية الحق التي ارتفع عليها لينقذنا، الصليب المقدس، إنه السميع المجيب، آمين

***********************************
**
**
********
********
**
**
**
**
**

 
قديم 06 - 09 - 2014, 01:04 PM   رقم المشاركة : ( 5830 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

اتحبنى يا رب كل ذلك الحب ؟

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




فمن بدا الخليقة لنهايتها لن نسمع عن حب مثل هذا الملك العظيم الذى تسبحة الملائكة وتنطق بعزتة كل الاجناد السماوية يخلى ذاتة وياخذ شكل العبد ويبارك طبيعتى بتجسدة ويشرفنى بفدائة ليعد لى مكان فى ملكوتة ويؤهلنى بيدة ونعمتة وروحة القدوس لرحلة استعلان ابدية يعرفنى فيها نفسة كما هو .




اة يا اللة ارفع عقلى لك وهبنى ان اتبعك واتتبعك فى رحلة الالام فى اقدس اسبوع تخصصة لى عبقرية ارثوذكسية كنيستك

احد السعف:



تعال يا رب وكن ملكى والهى اجلس يا رب فوق عرش مذود قلبى لن استطيع ان اقدم لك شيىء فانا لا املك اى شيىء كل ما فى هو ملكك يا الهى قد اقطع من اعمالك سعف محبة اقدمة لك قد اخلع عنى بيدك خطايا افرشها تحت قدميك فاى فضل لى ؟

انت لك كل الفضل وكل المجد يا ملكى والهى تعال يا رب وكن ملكى والهى فمهما افعل لا ولن استحقك لكن ماذا اقول فى نعمتك وروحك التى تغطينى وتكمل كل نقائصى لتقدمنى لك وتعطينى استحقاق الوقوف امامك كل شيىء من يدك اعطيناك فقط اشتاق ان تكون ملكى والهى



اثنين شجرة التين:

حتى يا رب لوكنت شجرة مبهجة فانا بلا ثمر بدونك تعال يا رب ولا تتركنى شجرة جرداء املا حياتى بخيراتك واكسفنى بعملك فى

حتى لو ولم استحقة املا حياتى ثمرات لانى لا استطيع حتى ان اعدك بثمرة واحدة لانى جربت ورايت كم قوتى ضعيفة وعقيمة بدونك يا الهى تعال يا رب وعد وانظر وتعهد حياتى بمراحمك وعملك فى



ثلاثاء امثال الملكوت :

تعال يا رب واهدينى لملكوتك اشغلنى بسماءك وقديسيك قرب فكرك لى وفهمنى الهى ما تريد ذوقنى يا رب عربون ملكوتك قرب ملكوتك لى فمن انا لاجسر للنظر اليك او الفحص فيك تعال بنفسك يا رب واهدينى لملكوتك داخلى اجعل يا رب ابديتى تبدا هنا ذوقنى عربون وجودك فى حياتى لن استطيع ان انتظر حتى اراك تعال يا رب واقترب لى فحيثما توجدانت فانت الملكوت والفردوس انت اروع جمالا من كل البشر حتى ومن كل السمائيين انت يا رب من اريد ومن اشتهى تعال يا رب واشبع شوقى لك ولا تدعنى اطلبك اجعل وجودك فى دائم بدون طلب اشعل روحى واشغل قلبى بك فمهما احبك لااستطيع ان اتحرر اليك تعال يا رب وحررنى لملكوتك واقطع عنى كل اغلال الجسد وقيود العالم اطلق روحى لتلتصق بك انت يا رب شهوتى وطلبتى وفرحتى فرحنى بوجودك فى يا رب



اربعاء ايوب:



ان تدخل الشيطان كعادتة وحسد محبتك لى ولكل البشر تعال يا رب ودافع عنى اعطينى الصبر وكن بلسمى ودوائى من كل جروح الشيطان وسهامة المتقدة بالنار تعال يا رب ودافع عنى فمن انا لاستحق حرب الشيطان انت يا رب لك الغلبة وكل القوة بشفاعة ضعفى وذلى ومسكنتى وغربتى تعال يا رب واعمل وحارب عنى فللرب حرب مع عماليق من دور لدور لاتدع احد يشتتنى عنك ابطل يا رب قوة المعاند وكل جنودة الاشرار كن هدفى ووسيلتى اوصلنى بيدك اليك واعطينى الصبر والصمت لتتكلم انت فكثيرا ما تكلمت وندمت اما عن عملك وكلامك فلم اندم قط




خميس العهد:

تعال يا رب واقطع عهدك معى ان لا تتركنى ابدا الا تحجب وجهك عنى ابدا الا تفارقنى نعمتك ابدا ولا تسمح يا اللة لا تسمح ان ابعد عنك ان اخونك باى خطية تفصلنى عنك ان اقبض شهوة فى العالم واترك يدك ان اخرج من دفء حضنك لبرودة وظلام العالم الهى الحى تعال يا رب وامسك يمينى ولا ترخنى ابدا من يدك انقشنى يا رب فى قلبك واغلق على بمحبتك لاتدعنى اشتاق لسواك لاتحوجنى يا رب لاحد غيرك لاتدع روحك تبرد فى اشعلنى دائما بك ولك دعنى اشبع بعهدك كلامك وكنيستك ولا اخرج ابدا من حضنك حاجى على يا رب فى طريقك ولا تسمح ان انحرف عن دربك الضيق اسندنى بنعمتك واشغلنى بوجودك فى يا الهى وعندما اغسل قدم غيرى بالتسامح مقتادة باتضاعك دعنى اراك تجلس بجانبى ترشدنى وتعلمنى



الجمعة العظيمة:

مهما اشعر مهما افعل مهما احبك فهل اجازيك و ارد لك جزيل عملك لى لو وضعت عمرى كلة تحت صليبك لن يكفى عمق محبتك وتنازلك وتواضعك فدائك لى دع يا رب صليبك دائما فى فكرى وقلبى وعلمنى كيف استفاد منك كيف يا رب وان كنت لا استطيع ان اصلب عن غيرى فعلى الاقل احتملهم وسع قلبى بفكر صليبك ودع عملك يبدا فى افتح لى يا رب كنز معرفتك وعلمنى كيف احب مثلك كيف احبك يا رب واحب من حولى اجعل صليبك مركز حياتى واجعلنى ادور فى فكر الصليب كل ايام حياتى صليبك يا رب هو عربون محبتك هو لذتك فى بنى ادم مهما اعمل هل استطيع ان ارد محبتك وصليبك عنى يا الهى
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 07:36 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024