30 - 08 - 2014, 03:43 PM | رقم المشاركة : ( 5661 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الإيمان الصحيح بربنا يسوع المسيح «فأجاب سمعان بطرس وقال: أنت هو المسيح ابن اللّـه الحي» (مت 16: 16) قال المهاتما غاندي المفكّر الهندي الشهير لمبشرين غربيين: «أريد مسيحكم لا مسيحيتكم» وطُلب إليه مرة ليلقي خطاباً في جمهور من الناس من مختلف الأديان والمذاهب، ففتح الإنجيل المقدس وقرأ موعظة الرب يسوع على الجبل، وصرّح بأنه يقرأها باستمرار. إن المهاتما غاندي ومن شابهه من قادة الفكر والشعوب، والفلاسفة والعلماء، غير المسيحيين الذين تعرّفوا على الرب يسوع عبر الأجيال، من خلال تعاليمه الإلهية الأدبية، وسيرته الطاهرة النقية، رأوا فيه نبياً عظيماً، ومصلحاً اجتماعياً كبيراً، ليس إلاّ، وبتبني هذه الآراء تورّط بعض المبتدعين المعاصرين والقدامى فحوّلوا بشارة الخلاص إلى إنجيل اجتماعي وانحطوا إلى درك الهرطقة، وضلوا طريق الحق، وتستّروا تحت الاسم المسيحي في نشر بدعهم الشنيعة، ومسيحيتهم زائفة والمسيح براء منهم وهم المعنيون بقوله: «كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم (يوم الدين) يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين، وباسمك صنعنا قوات كثيرة، فحينئذ أصرّح لهم إني لم أعرفكم قط، اذهبوا عني يا فاعلي الإثم»(مت7: 22و23) ويحذرنا الرب يسوع أيضاً من الضالين والمضلين قائلاً: «احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة، من ثمارهم تعرفونهم»(مت7: 15و16). أما الرسول بولس ففي هذا الصدد يكتب إلى أهل الإيمان في غلاطية قائلاً: «غير أنه يوجد قوم يزعجونكم ويريدون أن يحوّلوا إنجيل المسيح، ولكن إن بشّرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشّرناكم، فليكن أناثيما، كما سبقنا فقلنا أقول الآن أيضاً إن كان أحد يبشّركم في غير ما قبلتم فليكن أناثيما»(غلا1: 7 ـ 9). أجل لقد سما الرب يسوع بالإنسان إلى المُثل العليا، فأعطى الطوبى للمساكين بالروح ولأنقياء القلب، والودعاء وغيرهم من الأتقياء، وأبغض الخطية ودانها، ولكنه أحب الخاطئ ودعاه إلى التوبة، فلم يكتفِ بإدانة خطية الزنى مثلاً بل دان النظرة الشهوانية الشنيعة التي هي أصل هذه الخطية وبدؤها بقوله: «قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تزن، وأما أنا فأقول لكم أن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه. فإن كانت عينك اليمنى تعثرك فاقلعها وألقها عنك لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يُلقى جسدك كله في جهنم»(مت5: 27 ـ 29) ووضع الرب يسوع القاعدة الذهبية في كيفية معاملة الإنسان أخاه الإنسان بقوله: «فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم بهم. لأنه هذا هو الناموس والأنبياء»(مت7: 12). وكانت حياة الرب يسوع على الأرض وفقاً لتعاليمه المقدسة، ولم يرَ العالم شخصاً تاريخياً أو حتى خيالياً تمثّلت فيه صفات الرب يسوع المسيح العجيبة وأخلاقه السامية ولن يرى. وقد أقام له المجد، من ذاته مثالاً صالحاً للبشر بسيرته الطاهرة وسريرته النقية مبرهناً بذلك على إمكانية تطبيق وصاياه الإلهية وتعاليمه السماوية التي تؤدي بحافظها إلى الكمال الإنجيلي، فليس ناموس الرب يسوع خيالياً لا يمكن العمل به، ولا هو عبء ثقيل يستحيل حمله، فنير الرب هيّن وحمله خفيف والرب يسوع يدعونا للاقتداء به قائلاً: «تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم، احملوا نيري عليكم وتعلّموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم، لأن نيري هيّن، وحملي خفيف» (مت11: 28 ـ 30). أجل إنه لأمر خطير جداً، وبعيد عن روح الإنجيل المقدس، أن نعتقد أن الرب يسوع مساو لموسى وإيليا وسائر الأنبياء، فهو ليس مجرد إنسان بار ونبي عظيم، بل هو معصوم من الخطأ حتى أنه تحدّى مرة أعداءه وأعلن أمامهم وأمام أتباعه قائلاً: «من منكم يبكّتني على خطية»(يو8: 46) وإن عصمة المسيح من الخطية تدل دلالة واضحة على أنه أسمى من إنسان وقد قال له المجد مرة: «ليس أحد صالحاً إلا واحد وهو الله»(مت19: 17)، والرسول بولس يكشف النقاب عن ألوهته بقوله: «وبالإجماع عظيم هو سر التقوى، اللّه ظهر في الجسد، تبرّر في الروح، تراءى لملائكة، كُرز به بين الأمم، أُومِن به في العالم، رُفع في المجد»(1تي3: 16)، وآية الرسول بولس هذه هي خلاصة عقيدة التجسّد الإلهي. ويوضّح لنا الرسول يوحنا الغاية القصوى من كتابة الإنجيل المقدس بقوله: «وأما هذه فقد كُتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن اللّه ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه»(يو20: 31). وقد وجّه الرب يسوع أنظار أتباعه بكل وضوح للتأمّل بشخصه الإلهي، فهو ابن اللّـه الوحيد، وقد جاء من السماء لخلاص البشرية قائلاً: «لأنه هكذا أحبّ اللّه العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية»(يو3: 16) كما أعلن الرب للملأ أنه هو نور العالم (يو8: 12 و9: 5) وأنه «الطريق والحق والحياة»(يو14: 6) وأنه «القيامة والحياة»(يو11: 25) «ومن آمن به ولو مات فسيحيا»(يو11: 25). وفي ضواحي قيصرية فيلبس لم يسأل يسوع تلاميذه عن رأيهم في تعاليمه السامية، ولا عن رأيهم في معجزاته الباهرات، ولكنه سألهم عمّا يقوله الناس عنه، ثم عمّا يقولون هم عن شخصه الإلهي قائلاً: «من تقول الناس عني أني أنا ابن الإنسان، فقالوا: قوم يوحنا المعمدان وآخرون إيليا وآخرون إرميا أو واحد من الأنبياء. فقال لهم: وأنتم من تقولون إني أنا. فأجاب سمعان بطرس وقال: أنت هو المسيح ابن اللّـه الحي، فأجاب يسوع وقال له: طوبى لك يا سمعان بن يُونا. إن لحماً ودماً لم يعلن لك لكن أبي الذي في السموات. وأنا أقول لك أيضاً أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها» (مت 16: 13 ـ 18) وقد أعطى الطوبى لسمعان بطرس لأن لحماً ودماً لم يعلنا له تلك الحقيقة الإلهية، والعقيدة الإيمانية السمحة بل السماء التي شهدت ليسوع على أثر عماده من يوحنا، إذ انشقّت السموات وهبط الروح القدس على هامة يسوع مثل حمامة ليميّزه عن الجمهور، وجاء صوت الآب من السموات قائلاً: «أنت ابني الحبيب الذي به سررت»(مت3: 17 ومر 1: 11 ولو3: 22). كما أعلن الآب السماوي شهادته عن ابنه ثانية يوم تجلّي الرب يسوع على الجبل أمام ثلاثة من تلاميذه وظهر معه موسى وإيليا قائلاً: «هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت له اسمعوا»(مت17: 5). فالمسيح يسوع ربنا أسس دينه المبين على العقيدة السمحة القائلة إنّه ابن اللّـه الوحيد. فقد جاء إلى العالم ليملأ قلوب الناس وأفكارهم بشخصه الإلهي فكل شخص لا يؤمن بأن يسوع المسيح هو ابن اللّـه الحي يعدّ غريباً عن المسيح، وكذلك فإن كل مؤسسة تدّعي بأنها في عداد كنائس المسيح ولا تؤمن بأن يسوع المسيح هو«اللّه ظهر في الجسد»(1تي3: 16) على حد تعبير الرسول بولس، وهو مساو للآب في الجوهر، على حد تعبير قانون الإيمان النيقاوي، فتلك المؤسسة لا تمتّ إلى المسيح بصلة. والمسيح أزلي أبدي وقد صرّح بذلك بقوله: «قبل أن يكون ابراهيم أنا كائن»(يو8: 58) وكلمة أنا كائن هي ذات الكلمة (اهيه) التي أطلقها اللّه تعالى على ذاته قائلاً لموسى: «هكذا تقول لبني اسرائيل أهْيهْ أرسلني إليكم»(خر3: 14). كما أن الرب يسوع صرّح بمساواته للّه الآب بقوله: «من رآني فقد رأى الآب»(يو14: 9) «كل ما للآب هولي»(يو16: 15) «ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي»(يو14: 6). وقال أيضاً: «وإن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حقّ لأني أعلم من أين أتيت وإلى أين أذهب»(يو8: 14) ولما نهج سرّ المعمودية المقدس وجعله باباً للدخول إلى حظيرته أي كنيسته المقدسة أظهر مساواته للآب والروح القدس، وبيّن عقيدة الثالوث الأقدس الإله الواحد بقوله لتلاميذه: «فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس»(مت 28: 19). حقاً إن الإيمان الصحيح بربنا يسوع المسيح لخّصه مجمع نيقية المسكوني الأول (325م) في قانون الإيمان الذي وضعه مستنداً بذلك على قوانين الإيمان المختصرة الموضوعة من الرسل الأطهار وتلاميذهم الآباء القديسين، والتي كان يتلوها كل من يتقدّم لنيل سر المعمودية المقدس في بدء طقس هذا السر وقانون الإيمان النيقاوي هذا يتلوه المؤمنون صباح مساء وفي كل مرة يرفعون فيها الصلاة للّه وبه يعلنون إيمانهم بالرب يسوع المسيح المولود من الآب قبل كل الدهور، فهو ابن اللّـه الوحيد وقد وُلد بالجسد من الروح القدس ومن العذراء مريم، وخلّص العالم بآلامه وموته وقيامته وصعوده إلى السماء، وسيأتي في اليوم الأخير ليدين الأحياء والأموات ذلك الذي ليس لملكه انقضاء. أجل إن التبشير بسيرة الرب يسوع الصالحة ومُثله الأدبية السامية دون إعلان حقيقة الإيمان بألوهته وبنوته الأزلية للآب السماوي هو انتقاص من قدره، وابتعاد عن ينابيع تعاليمه الإلهية وأوامره السماوية، بل نكرانه وهو القائل: «وأقول لكم كل من اعترف بي قدام الناس يعترف به ابن الإنسان قدّام ملائكة الله، ومن أنكرني قدام الناس يُنكَرُ قدام ملائكة اللّه»(لو12: 8 و9). فنحن في حال مواجهة مع ضمائرنا، وقلوبنا، وأفكارنا، فعلينا أن نسأل أنفسنا سؤالاً مهمّاً جداً يقرر الجواب عليه مصيرنا الأبدي، فهل نحن نؤمن إيماناً صحيحاً بالمسيح يسوع ابن اللّـه الوحيد؟ وهل نقبله مخلّصاً لنا وللعالم؟ لقد شكّ الرسول توما مرة بقيامة الرب يسوع من بين الأموات، ولكنه لازم إخوته التلاميذ فتحنن عليه الرب يسوع وظهر له في اليوم الثامن من قيامته، وخاطبه بحنان وعاتبه عتاباً لطيفاً، فسجد توما أمامه «وقال له: ربّي وإلهي، قال له يسوع: لأنك رأيتني يا توما آمنت، طوبى للذين آمنوا ولم يروا»(يو20: 28 و29). أيها الأحباء: نحن لم نرَ الرب يسوع بعيوننا المجردة، ولكننا نراه بعيون الإيمان ونؤمن به بأنه ابن اللّه الوحيد ومخلّص العالم، كما علّمنا له المجد بإنجيله المقدّس، وكما تسلّمنا من الرسل الأطهار والآباء الأبرار. فلنسأله ليزيد إيماننا ويؤهّلنا كي نقرن الإيمان بالأعمال الصالحة فإن يعقوب الرسول يقول: «هكذا الإيمان أيضا إن لم يكن له أعمال ميت في ذاته، لكن يقول قائل أنت لك إيمان وأنا لي أعمال، أرني إيمانك بدون أعمالك وأنا أريك بأعمالي إيماني، أنت تؤمن أن اللّـه واحد حسنا تفعل والشياطين يؤمنون ويقشعرون ولكن هل تريد أن تعلم أيها الإنسان الباطل إن الإيمان بدون أعمال ميت»(يع2: 17 ـ 20). ألم تعترف الشياطين به قائلةً: «ما لنا ولك يا يسوع ابن اللّـه أجئت إلى هنا قبل الوقت لتعذّبنا»(مت8: 29 ). أي قبل يوم الدينونة،???؟ ولكنه كان ينتهرها ويأمرها لتخرج من الناس. لننتهز أيها الأحباء فرصة قدوم الصوم الأربعيني المقدس فنجدّد عهدنا مع الرب يسوع ابن اللّـه الوحيد، ونحمل صليبه المقدس ونتبعه، كما فعل آباؤنا الذين ولدونا بالجسد، والذين ولدونا بالروح وقد كانوا جميعاً أبراراً عاملين بوصايا الرب ومتمسكين بفرائضه من صوم وصلاة وتوزيع الصدقات، وأن نبتعد عن الضالين والمضلّين المعاصرين الذين انحرفوا عن جادة الحق، وجددوا البدع والهرطقات القديمة التي حرمتها الكنيسة المقدسة منذ فجر وجودها، وعبر الدهور والأجيال، وأن نطلب إلى اللّـه ليزيدنا إيماناً، ويرسل إلينا روحه القدوس الذي قال الرب يسوع عنه: «وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم»(يو14: 26) ويقول الرسول بولس: «لذلك أعرفكم أن ليس أحد وهو يتكلّم بروح اللّـه يقول يسوع أناثيما. وليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب إلاّ بالروح القدس»(1كو 12: 3). وأخيراً علينا أن نقرن إيماننا الصحيح بربنا يسوع المسيح بقداسة السيرة لتكون مسيحيتنا نقيّة وحقيقية، غير مزيّفة، بل مرضية عنها لدى مسيحنا الذي أوصانا قائلاً: «فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات»(مت 5: 16) |
||||
30 - 08 - 2014, 03:47 PM | رقم المشاركة : ( 5662 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"متى جاء ابن الإنسان ألعلّه يجد الإيمان على الأرض". هذا قول للسيّد الربّ من إنجيل لوقا، الإصحاح 18، الآية 8. حركة الإيمان، في التاريخ، إذاً، هي إلى شبه زوال! وطالما الإيمان موقف كياني لدى الإنسان حيال ربّه، فالسؤال مطروح ما إذا كانت هناك علامات خارجيّة واضحة تدلّ عليه بامتياز. هناك علامات كثيرة، في هذا الشأن، ولكنْ ملتبسة. ازدهار الحركة العمرانيّة في الكنيسة، الاهتمام بإنشاء الجوقات، امتلاء الكنائس بالناس في بعض الأحيان، النشاطات الكنسيّة، التنظيم الكنسي، المؤسّسات الإنسانيّة في الكنيسة، التعليم الديني... هل هذه المسائل وسواها من وجوه الحياة في الكنيسة مؤشِّرات إيمانيّة أم لا هل معنى النهضة، على هذه الصعد، أنّ ثمّة حالة إيمانيّة منتعشة عندنا؟ ليس بالضرورة! الشجرة تُعرف من ثمارها. وثمار الإيمان الفضائل. كلّ هذه الوجوه التي ذكرناها قد يكون بعض من وراءها ناسٌ أصحابُ فضيلة وقد لا يكون. ليس المهم أن تكون عندنا مؤسّسات ذات طابع إنساني، مثلاً، في الكنيسة. المهم كيف تُدار؟ ما الذي يجري فيها؟ كيف يُعامَل الإنسان المحتاج فيها؟... المؤسّسات ذات الوجه الإنساني في الكنيسة قد يطغى عليها، بيسر، الطابع التجاري وطابع المحسوبيّة. ولا التعليم الديني دليل سلامة وعافية، فقد يقف عند حدود المعلومات والتلقين. ولكن أتتحوّل المعرفة النظريّة، تلقاء، إلى فضيلة؟ الشيء نفسه يقال، مع فارق في طبيعة الموضوع، عن الاهتمامات الخرى. ولا واحدة من هذه الاهتمامات لها قيمة إيمانيّة في ذاتها، لا الحركة العمرانيّة ولا ازدحام الكنائس بالناس في المواسم ولا الأنشطة الكنسيّة ولا التنظيم. كلّها قد يطغى عليها بسهولة الطابع الاجتماعي الطائفي الورقي. المضمون الروحي لهذه الأبعاد، لا ظاهرها، هو المعيار. هنا، إذا لم يكن إحساسُك خَرباً، تلاحظ، بوضوح، أنّ الناس، في الكنيسة عادوا لا يختلفون كثيراً، في الواقع، عن الناس خارج الكنيسة. لا محبّة مسيحيّة، بالمعنى الصارم للكلمة، تميِّزهم، بالأحرى أنانيّات جماعيّة في أكثر الحالات، ولا تقوى ولا وداعة ولا تواضع ولا تمسّك بالحقّ ولا معرفة للذات ولا ميل إلى الصفح الكبير... تلقى الكثيرين بينهم أصحاب أهواء وأنانيّات واستكبار وتسلّط... وأصحاب الفضائل المسيحيّة، في الحقيقة، بينهم قلّة عزيزة. اسمع لهم، بعامة، تفرح، انظر إلى ما يفعلون وكيف يعيشون تحزن! "يقولون ولا يفعلون". مسيحهم في مكان وميسحيّتهم في مكان آخر. وهذا يرافقه، بعامة، حالٌ من عدم الحسّ بالتقوى والقداسة والتوبة. هناك، بالأحرى، وضع أدنى إلى الموات الداخلي طاغ فيهم. هذا يبعث على الشعور بأنّ الإيمان، بالأحرى، يُتعاطى بينهم إسميّاً وشكليّاً. شعارات! الإيمان الحيّ الفاعل قلّما تجده، واقعاً، بين الناس. الشكل موجود ولكن ليس المضمون بعدُ واضحاً. إذا كان الذهبيّ الفم في زمانه قد قال عندما ترى كيف يعيش المسيحيّون تقول هؤلاء ليسوا أتباع المسيح، بل أعداؤه، فهذا يصحّ علينا اليوم أكثر بكثير من ذلك الزمان. أكثر الناس يغارون على الإيمان، إذا غاروا، كشعار طائفي قَبلي فيما سعيهم العميق دهري أهوائي. إذاً هناك تدهور وسريع! هناك تراجع كبير! زمن الآباء ولّى! والأمور، فيما يبدو، سائرة باطّراد إلى الأسوأ. العطب، في النفوس، أشدّ وأقسى من أن يواجَه بتدابير البشر العاديّة، كأن تزيد الكهنة وتُحسِن إعدادَهم لأنشطة أوفر وأكثر تنظيماً وتضع برامج تعليميّة وتنظيميّة جديدة وعصريّة. الخلل الأساس في النفوس لا في النصوص والتقارير. والنفوس واهية. لا قوّة شكيمة داخليّة فيها بعد. لم تعد في الأجنّة قوّة على الولادة الروحيّة. أَيُداوَى السرطان في النفس بالمسكِّنات؟ ما قيمة الإنجازيّة إذا لم يكن القلب إلى الملكوت؟ الشغف بالدهريّات أطاح الميل إلى الإلهيّات! إذا كان هذا هو ما نشعر، بعامة، أنّه يعتور السعي في كنيسة المسيح عندنا، فإنّ ثمّة مؤشّراً بيِّناً يدلّ على أنّنا في أزمة إيمانيّة عميقة. لم يعد الإيمان بيسوع، بيننا، قوّة روحيّة لحياة جديدة إلهيّة بشريّة بقدر ما أضحى جملة قناعات ذات طبيعة فكريّة نفسانيّة يلتزمها الناس، استنسابيّاً، حين تكون موافقة لمراميهم ويستبعدونها حين تكون مخالفة لأهوائهم. ولا نبالغ إذا استخلصنا، في هذا السياق، إلى ذلك، أنّ ميزة هذا الزمن هي أنّ الناس، المسمَّين على الإيمان، يتعاطونه تلفيقيّاً وفردانيّاً. كلٌّ يجعل مقاييس خاصةً لذاته فيه وله تبريراته في شأنه. الكذب والجشع والبخل والنميمة والشراهة وظنّ السوء والغيرة والحسد والوقيعة قلّما تجد مَن يخلو منها أو لا يبتدع أسباباً تخفيفيّة لها متى تعاطاها. الكذب لونه أبيض والجشع أداة عيش والبخل اقتصاد والنميمة غيرة على الأخلاق والشراهة حفظ للصحّة وظنّ السوء تنبُّه من المفسدين والغيرة حركة طبيعيّة في النفس والحسد فضح لأسواء الآخرين والوقيعة تنبيه للناس من تآمر الآخرين عليهم. هذه وغيرها تسير يداً بيد ومعايير التقى بين الناس. مَن يتعاطون تلك الأمور هم أنفسهم، بكلّ ضمير مرتاح، مَن يتردّد على الكنيسة ويساهم القدسات ويصوم ويصلِّي... هذه، في وجدانه، لا تتعارض، في العمق، وتلك. وماذا تقول عن الزّنى والفسق والفجور؟ هذه طُبِّعت إلى حدّ بعيد حتى لا تجد، بعدُ، إلاّ ما ندر، مَن تعني له العفّةُ شيئاً. وفي ظنّي ويقيني أن تغييب العفّة من هاجس الإنسان هي، بالضبط، أعظم مؤشّر على أنّ الإيمان بيسوع يموت. مستحيل على الإنسان أن يكون مسترسلاً في روح الزّنى وأن يكون مؤمناً في آن. قل لي ماذا تظنّ في جسدك وكيف تتعاطاه أقل لك ما إذا كنتَ مؤمناً أم لا. الجسد هو منصّة الشهادة للإيمان، والعفّة هي الشهادة |
||||
30 - 08 - 2014, 03:48 PM | رقم المشاركة : ( 5663 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"إن أراد أحد أن يأتي ورائي فليُنكر نفسه ويحمل صليبه كلّ يوم ويتبعني" (لو 9: 23). وراء كلّ شغف بأمور الجسد روح زنى! ما دمت تنظر إلى الجسد باعتباره لحماً ومُعطًى بلاستيكيّاً فلا يمكنك أن تسلك كمؤمن أصيل. وما دمت تعتبر أنّ الجسد جسدك وأنت تتصرّف به كما يحلو لك فأنت أبعد ما تكون عن ربّك. إذا لم يرسخ في وجدانك أنّ الجسد هو هيكل الروح القدس وأنّك أنت لست لنفسك بل للذي افتداك بدمه فأنت، في أعماقك، إنسان شرود مهما بدوت مستقيماً. إذا كان لنا أن نتحدّث عن فضيلة محوريّة تعبِّر عن التزام حيّ حقيقيّ بالإيمان بالربّ يسوع فهذه الفضيلة هي، بلا أدنى شكّ، العفّة! كلّ الفضائل، في سعي الإنسان المؤمن، تتمحور في هذه الفضيلة. ما لم تصبّ كلّها في العفّة وما لم تنطلق كلّها منها فتلك الفضائل إما أن تكون أوهاماً أو يصرعها روح الزّنى ويفسدها برمّتها. لا شكّ، اليوم، أن تفشّي روح الزّنى، على النحو الذي نشهد، يطيح الإيمان بالربّ يسوع ويضرب المؤمنين في الصميم. لقد بات روح الزّنى مطبّعاً في حياتنا لدرجة أنّ الناس اعتادوه بل لدرجة أنّ الناس باتوا يعتبرونه من مستلزمات الصحّة النفسيّة وقلّما يحسّون، في أعماقهم، بأنّهم يُفسدون أنفسهم ويطعنون إيمانهم بربّهم. الإيمان وروح الزّنى، أخيراً، تعايشا ! لا فقط في وجدان العامة بل حتى في وجدان الرعاة ! الكنيسة، في الواقع، تُفرَغ من مضمونها ! الباقي قطيعٌ صغير ومتحف! |
||||
30 - 08 - 2014, 03:50 PM | رقم المشاركة : ( 5664 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وجهان للإيمان بيسوع
للإيمان بالربّ يسوع وجهان. الوجه الأوّل هو وجه العناية الإلهيّة. الله يعتني بأخصّائه عناية كاملة. لا يكفّ عن الاهتمام بهم في كل تفصيل. لا يتخلّى عنهم ولا للحظة. نعمة الله تشملنا من كل جهّة. الله لا يغيب عن أحبّائه البتّة. يعزّيهم. يشدّدهم. يقوّيهم. يعطيهم روحه القدّوس. مستحيل على المؤمن بالربّ يسوع، على السالك بأمانة معه، أن لا يشعر بدفء الحضرة الإلهيّة، بعناية يسوع، بمحبّته الرقيقة العميقة. ولكن هناك وجه آخر للإيمان بالربّ يسوع. يسوع وإن لم يتخلّ عن أحد منا ولا للحظة، فإنّه يعطينا أن نختبر الضعف البشري، كما هو، في كل مناسبة. نختبر لاشيئيّتنا، عجزنا. يعطينا أن نختبر واقعنا كبشر. لا يلغي هذا الواقع. هو حاضر دائماً ولكن في ضعفنا، في آلامنا، في ضيقاتنا. نعرفه فيها. الإنسانُ يُتعبُه هذا الواقع. يُقلقه. يعرِّضه للشكّ. يتوهّم، في قرارة نفسه، أنّ عناية الله تلغي الضعف. ثمّة شيء فيه، في كل حال، يشتهي هذا الأمر. وقد يعثر آخرون ويسقطون لأنّهم يجدون أنفسهم، بعقلهم وحسّهم، غير قادرين على التسليم بهذا التضاد. كيف يختبر الإنسان عظمة الله في ما هو منتهى الضعف، في المرض والموت؟! أليست العظمة والشقاء نقيضين؟! أليست الحياة والموت ضدّين؟! يوحنّا المعمدان كان مثالاً لهذا التقابل بين ما لله وما للإنسان، بين اليقين والشكّ. هو الذي قال فيه الربّ يسوع إنّه ليس في مواليد النساء أعظم من يوحنّا المعمدان. وهو المرسَل من الله ليهيِّئ طريق الربّ. وقد أُعطي من فوق أن يميِّز مسيح الربّ. ومع ذلك، لما كان في السجن، أرسل اثنين من تلاميذه إلى يسوع يسأله: "أأنت هو الآتي أم ننتظر آخَر؟" بإزاء هذا الواقع التناقضي الذي يتولّد عن الإيمان بيسوع فينا يحاول إبليس أن يستغلّ الظرف. يعرف حدودنا كبشر ويعرف ضعفنا. لذا حين يملأنا يسوع من تعزياته، يحاول إبليس أن يوقعنا في الاستكبار. "لقد صرتَ قدّيساً!". وحين يعطينا الربّ الإله أن نختبر ضعفنا، يحاول إبليس أن يلقي الشكّ في نفوسنا. يحاول أن يوقعنا في اليأس. ولكنْ، إذا كان الربّ الإله قد ارتضى أن يُظهر قوّته في ضعفنا وأن يُظهر نوره في ظلمتنا وأن يُظهر عافيته في سقمنا، فإنما هذا من أجل خلاصنا. من دون هذين الوجهَين المتكاملَين، من دون هذين البُعدَين الخلاصيَّين، لا طاقة للإنسان على أن يحيا في الإيمان بالربّ يسوع. إنما العمر معطى لنا لننمو، في آن، في نعمة الله وفي الوعي العميق لحقيقة وجودنا كبشر. هكذا كلّما ازداد وعي الإنسان لهشاشته ولم ييأس، كلّما تجلّت فيه عظمة الله. العالم يرى في المؤمنين بشراً عاديّين. غيرُ المنظور، من جهة الإيمان، لا يراه إلاّ المؤمنون. يتألّمون كما يتألّم سواهم. يعانون كما يعاني غيرهم. يموتون كما يموت الآخَرون. لذا لا يصدِّق العالم أنّ الله فيهم. أما المؤمن فله وربّه غير حكاية. كلّما كان إحساس الإنسان العميق أنّه مفرَغ من الوجود الذاتي كلّما كان ربّه مالئاً له بصورة سرّية تفوق مدارك البشر. الشعور الكياني بأنّنا لا شيء هو منتهى الواقعية. فلا نعجبنّ إذا كان أخصّاء الله محسوبين كلا شيء في العالم. على أنّ وجع أحبّة الله الأكبر ليس اعتبار العالم لهم نكرة. وجعهم، بخاصة، آت من المعاناة الدهرية للكنيسة. هذا أعظم الخطر عليهم. في الكنيسة الدهرية يختبرون أفظع العداوة. الكنيسة الدهرية شبه كنيسة المسيح ولكنْ في الشكل. تُعتبر بيت أحبّة الله، والحقيقة غير ذلك. حقيقتها أنّها مضطهِدة المؤمنين وممرمرتهم. هذه كامنة في النفوس أولاً. لها مظاهرها في مؤسّسة الكنيسة ولكنّها واقع روحي كياني. روح الكنيسة الدهرية غير روح كنيسة المسيح. الكنيسة الدهرية روحُها روح العالم، فيما كنيسة المسيح روحُها روح الربّ القدّوس. الكنيسة الدهرية تتكلّم باسم الله ولكنّها دائماً ما تعمل على قتل الله في نفوس عباد الله. من هنا القول "تأتي ساعة يظنّ فيها كلّ مَن يقتلكم أنّه يقدِّم عبادة لله". صورةٌ عن الكنيسة الدهرية كانت أمّةَ إسرائل في زمن يسوع. ولكنْ هذه صورة من صور في تاريخ علاقة الله بالإنسان، خصوصاً في تاريخ علاقة يسوع بالمؤمنين. الشجرة تُعرف من ثمارها. الكنيسة التي لا ترون فيها محبّة أصيلة هي كنيسة دهرية. لذا أوصى يسوع تلاميذه: "أحبّوا بعضكم بعضاً كما أنا أحببتكم". هذه ركيزة الإيمان، ركيزة كنيسة المسيح. الكنيسة التي ترى فيها الناس يبذلون أنفسهم بعضهم من أجل البعض الآخَر، هذه تكون كنيسة المسيح. أما الكنيسة التي تسود فيها الأنانية والفردية والحسد، الكنيسة التي همّ الناس فيها أمجاد العالم، ويستغل البعضُ فيها البعضَ الآخَر، والكبارُ الصغار، وتُهمَل فيها تعاليمُ الآباء القدّيسين، ويصير فيها مامون (أي حبّ المال) سيِّداً، هذه تكون الكنيسة الدهرية. ما حصل ليسوع مع اليهود إنما حصل على امتداد تاريخ الكنيسة ولا يزال إلى اليوم. الأشخاص تغيّروا أما الروحيّة فواحدة. الكنيسة الدهرية تُفرِغُ كنيسة المسيح من مضمونها. التمييز، طبعاً، غير ممكن إلاّ بروح الربّ. تتطلّع فيها، في الكنيسة الدهرية، بحثاً عن إيقونة حيّة للمسيح فلا تجد، مع أنّ الشكل الخارجي يوحي بحضور كنيسة المسيح فيها. تلقاها باردة، نفسانية، ميتة، بلا روح. حين دخل يسوع الهيكل وصنع سوطاً من حبال وطرد الصيارفة وباعة الحمام وتجّار الهيكل إنما أراد أن ينقّي كنيسته من الدهرية. الذين قتلوا يسوع، في نهاية المطاف، كانوا أهل بيته. في الكنيسة الدهرية قُتل المسيح ويُقتل المؤمنون بالربّ يسوع كلَّ يوم. هذا علينا أن نعيه جيّداً. هذا علينا أن نتوقّعه في كل حين. الصراع مستمر مع الدهرية في كنيسة المسيح. ليس الذين في العالم هم أعداء المسيح بل الذين فيهم روح العالم. الأنبياء الكذبة والمعلِّمون الكذبة والرؤساء الكذبة والمؤمنون الكذبة هم الذين يُفسدون كل ما هو أصيل في كنيسة المسيح. الصراع مستمر ليس بين قوم وقوم وحسب بل في كل نفس أيضاً. لذا على كل واحد أن يحذر أولاً في نفسه روح الدهرية، منحى الشكلية. إذا لم يتغيّر القلب، إذا لم يتطهّر، إذا لم يكن الهاجس كلُّ الهاجس، المسيح وكلمة المسيح وإرادة المسيح فما المنفعة؟! وعلينا، أيضاً، أن ننتبه وننبّه من سريان روح الدهرية بين المؤمنين. هذا بحاجة إلى يقظة، إلى صحو، إلى جهاد، إلى تضحية. هذا بحاجة إلى بذل دم. المؤمن يبذل نفسه من أجل أن يتنقّى ومن أجل أن يساعد الآخَرين على التنقية. هذا عمله. يبقى أنّ مَن يسيرون في هذا الطريق يختبرون ما اختبره يسوع. "تتركوني وحيداً، لكني لست وحدي لأنّ الآب معي". كثيراً ما يجد المؤمن الحقّاني نفسه وحيداً. طبعاً لله شهود. هؤلاء نتعزّى بهم. لكنّهم جميعاً يختبرون رفض العالم لهم وحرب الكنيسة الدهرية عليهم. يختبرون الغربة، غربة يسوع في خاصّته. وإلى ذلك يختبرون هشاشتهم. المهم ألاّ تخور عزائمنا، أن نثبت إلى المنتهى، أن نعرف أنّه ليست لنا ههنا مدينة باقية، أن لنا هذا الكنز في آنية خزفية، عن قصد، ليكون فضل القوّة لله لا منّا، حاملين في الجسد كل حين إماتة الربّ يسوع لكي تُظهَر حياة يسوع في جسدنا المائت (2 كو 4) |
||||
30 - 08 - 2014, 03:51 PM | رقم المشاركة : ( 5665 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تقليد الايمان الرسولي القديس ايريناؤس رغم أن الكنيسة منتشرة فى كل العالم، منتشرة فى كل المسكونة من أقاصيها إلى أقاصيها، فقد استلمت من الرسل وتلاميذهم الإيمان بإله واحد، الآب ضابط الكل، خالق السماء والأرض والبحار وكل ما فيها؛ والإيمان بالمسيح يسوع الواحد، الذى هو ابن الله، الذى تجسد لأجل خلاصنا؛ والإيمان بالروح القدس الذى أعلن التدبير بواسطة الأنبياء، أى بمجيء المسيح وميلاده العذراوى وآلامه وقيامته من بين الأموات، وصعود ربنا المحبوب المسيح يسوع إلى السماء جسديًا، وظهوره ثانيةً من السماء فى مجد الآب لكى يجمع كل الأشياء فى نفسه ولكى يقيم أجساد كل البشر إلى الحياة، لكى تجثو للمسيح يسوع ربنا وإلهنا ومخلصنا وملكنا كل ركبة، بحسب مشيئة الآب غير المنظور، ولكى يعترف كل لسان له، ولكى يجرى دينونة عادلة للجميع ولكى يطرد أرواح الشر والملائكة الذين تعدوا وصاروا مضادين وكذلك الأثمة والأشرار ومخالفى الناموس والدنسين، ويطرح الجميع فى النار الأبدية؛ ولكن فى نعمته سوف يهب الحياة ومكافأة عدم الفساد والمجد الأبدى لأولئك الذين حفظوا وصاياه وثبتوا فى محبته سواء منذ بداية حياتهم أو منذ وقت توبتهم. لأن نفس الإيمان تتمسك به وتسلّمه الكنائس المؤسسة فى ألمانيا، وأسبانيا، وقبائل قوط، وفى الشرق، وفى ليبيا، وفى مصر، وفى المناطق الوسطى من العالم. ولكن كما أن الشمس وهى مخلوقة من الله، هى واحدة، وهى هى نفسها فى كل المسكونة، هكذا أيضًا نور كرازة الحق، الذى يضيء على كل الذين يرغبون أن يحصلوا على معرفة الحق. ولن يستطيع أى واحد من القادة فى الكنائس، مهما كان له موهبة فائقة فى الفصاحة أن يعلّم تعاليم مختلفة عن هذه (لأنه ليس أحد أعظم من الرب والسيد)؛ ومن الجهة الأخرى، فإن مَنْ عنده نقص فى قوة التعبير لن يسبب ضررًا للتقليد. لأن الإيمان هو نفسه على الدوام واحد لا يتغيّر بل يظل هو نفسه كما هو، فلا يستطيع ذلك الشخص الذي يمكنه أن يتحدث عن التقليد حديثًا طويلاً أن يعمل أية إضافة عليه، كما أن الشخص الذى لا يستطيع أن يتكلّم سوى القليل، لا يمكن أن يُنقض منه شيئًا. استودع الرسل فى يدى الكنيسة بفيض كبير جدًا كل الأمور المتصلة بالحق، حتى يستطيع كل من يرغب أن يستقى منهاماء الحياة . فالكنيسة هى الباب المؤدى إلى الحياة لذلك ينبغى أن نمسك بكل ما يتصل بالكنيسة بكل اجتهاد، وهكذا نمسك بتقليد الحق. فلو افترضنا أنه أُثير جدال بخصوص مسألة هامة عندنا، ألا ينبغى أن نلجأ إلى أقدم الكنائس التى أسسها الرسل، ونعرف منهم، ما هو يقينى وواضح من جهة هذه المسألة التى أمامنا؟ لأنه كيف كان ينبغى أن يكون الحال لو أن الرسل أنفسهم لم يتركوا لنا كتابات. ألا يكون ضروريًا ـ فى هذه الحالة ـ أن نتبع التقليد الذى سلّموه لأولئك الذين ائتمنوهم على الكنائس؟ وهذا هو المنهج الذى قبلته شعوب كثيرة من بين البرابرة الذين يؤمنون بالمسيح، فهؤلاء إذ كانوا حاصلين على الخلاص مكتوبًا فى قلوبهم بواسطة الروح بدون ورق أو حبر، وهم يحتفظون بالتقليد القديم مؤمنين بالإله الواحد خالق السماء والأرض وكل ما فيها، بالمسيح يسوع، ابن الله، الذى بسبب محبته الفائقة جدًا نحو الخليقة، تنازل ليُولد من العذراء. وبعد أن وحّد الإنسان بالله من خلال نفسه، وبعد أن صُلِب على عهد بيلاطس البنطى، فإنه قام ثانية ورُفع فى المجد، وسوف يأتى ثانيةً بمجد عظيم. وهو مخلِّص الذين خَلِصوا، كما أنه هو ديَّان الذين يُدانون؛ والذين يغيّرون الحق ويحتقرون الاب ومجيء المخلص هؤلاء سيرسلهم إلى النار الأبدية. والذين آمنوا بهذا الإيمان دون أن يقرأوا أية وثائق مكتوبة، هؤلاء من جهة لغتنا هم برابرة، ولكن من جهة العقيدة، والأخلاق، ومعنى الحياة، هم حكماء جدًا فى الحقيقة . وذلك بسبب الإيمان؛ وهم يُرضون الله مدبرين كل سلوكهم بكل بر، وتعفف وحكمة. فلو أن أحدًا حاول أن يكرز لهؤلاء الناس بمبتدعات الهراطقة، مستعملاً لغتهم الخاصة، فإنهم يصمّون آذانهم فى الحال، ويهربون بعيدًا، غير محتملين حتى أن ينصتوا إلى حديث المجدّفين. وهكذا بواسطة تقليد الرسل القديم هذا، فإنه ذهنهم لا يحتمل أن يتصور أى تعليم من التعاليم التى ينادى بها هؤلاء الهراطقة الذين لم تنشأ فى وسطهم لا كنيسة ولا تعليم عقيدى فى أى وقت أبدًا. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ + عن كتاب ضد الهرطقات للقديس إيرينيوس أسقف ليون + ترجمة د. نصحى عبد الشهيد المصدر : مدونة كتابات الآباء القديسين |
||||
30 - 08 - 2014, 03:52 PM | رقم المشاركة : ( 5666 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القلق و الإيمان
هذا زمان القلق بامتياز! لا عندنا فقط، في الوقت الحاضر، بسبب الأزمة السياسيّة الراهنة، بل في كل العالم. كل شيء موفور بوفرة ومع ذلك القلق متفشّ على أحدّ ما يكون القلق. لِمَ ذلك؟ لأنّ إنسان اليوم، بعدما حقّق إنجازات هائلة، لا سيّما على صعيد العلوم، استبانت طاقاته لعينيه كبيرة فزاد اتكاؤه على نفسه وانتفى أو صار اتكاؤه على ربّه صورياً، أو اقتصر على الحالات القصوى أو ما بعد الحياة الدنيا. شعوره بالقوّة تعاظم. جانب أساسي في علاقة الإنسان بربّه شعوره بالضعف والقصور وهو، في الحقيقة العميقة، ضعيف ترابي مهما حقّق من إنجازات أو حَسِب نفسه قويّاً. فاجأني صديق لي طبيب لما قال إن نسبة معرفة الطبّ الحديث بالجسد لا تتعدّى الخمسة في المائة. تعاطي الإنسان الدنيا كان دافعاً طبيعياً قويّاً لاتّكاله، بشكل متزايد، حتى في أقل التفاصيل، على الله ليحيا ولا يموت قلَقاً وهلعاً. الله، لعينيه، كان المُمسك بكل شيء، المُطْلِقَ له بمقادير، كما يرغب وكما يشاء. لذا حَسِب رِضَى الله عنه ضرورةً لضبط العناصر وتيسير أمور الدنيا إليه. لكن لمّا أَخذ الإنسان يفكّ أحاجي الطبيعة، بما أُوتي من مواهب، تفتّحت لديه، أخذ يغترّ ويتعثّر. انتفخ. أخذت تشتمله تجربة الغنى عن الله. والمتفلسفون، بين الناس، أسكرتهم أعمال أيديهم فشرعوا يطلقون النظريات كأنّها اكتشافات داعين إلى التحرّر من إله حسبوه ابتداعاً بشرياً لا يُطْلِقُ منه، في فهمهم، إلاّ تعزيزُ النزعة العلمية في الناس. ولكنْ عرف الإنسان شيئاً وغابت عنه أشياء. غروره مال به إلى تأليه نفسه، إلى الإقفال على نفسه. "نقطة التحوّل الكبرى أن يصير الإلهُ الوحيد هو الإنسانَ نفسَه Homo homini dues" كما عبّر الألماني فيورباخ. ثقته المفرطة بنفسه زكّت إيمانه بذاته من دون الله. تسلّل الشكّ إلى قلبه. هان إلهه في عينيه. والغرور يوهم الكِبَر فيُمسي صاحبُه ضِفدعاً انتفخ وظنّ نفسه كبيراً حتى انفجر. والشكّ، متى انبعث في الكيان، نفث قلقاً، أدخله حلقة مفرغة. جعل الإنسانَ مُسْتَأسَراً لذاته. الشكّ، هنا، ليس شكَّ تسآل بل شكُّ وجود. إذا أحببت الحقّ ساءلت. هذه بديهية. شكُّك، والحال هذه، تلقائي ومآله اليقين. أما إذا كان الحقّ فيك غرورَك وانتِشاءَك بنفسك فشكُّك مآله الاستبعاد ?استبعاد الله عن أفقك? لتبقى أنت وحدك سيّد موقفك. هكذا انفتح الإنسان على أزمة وجود في التاريخ. ركَن إلى نفسه، لكنَّ نفسَه لم تبثّه الأمان. استرسل في ما لنفسه طمعاً في سكون القلب والسلام على سجيّته وكما تسوِّل له أهواؤه، فألفى القلقَ فيه عميقاً حتى إلى لجج مضنية فلجأ إلى المسكّنات. تغرّب عن نفسه وعن حقيقة نفسه. فقط مَن يحسب نفسه غير موجود هذا يعرف نفسه خير معرفة (القدّيس نيلوس السينائي). استكبارُك، أي اعتبارك ذاتك كبيراً في ذاتك، يقزّمك وجودياً ويلقيك في وحشة. حتى مَن يُفتَرَضُ بهم أن يكونوا أعزّة لديك تجدهم، كيانياً، غرباء عنك لأنّك، في اغترارك، لا تأنس إلاّ بذاتك والآخرون لك امتداد. كيانياً، تصير منقطعاً عن سواك. في المقابل، يقضّك القلق حتى إلى أعماقك. السبب أنّك مفطور على الآخر. الغربة والعزلة قلق لا محالة. في امتدادك صوب الآخر تتعافى وتَكمُل وتجد الأمان. فقط حين تستقرّ في حشا أخيك ويستقرّ أخوك في حشاك يبثّ كل منكما الآخر، في العمق، الدفء والسكون والأمان. كلٌ، إذاً، فقير، في المبدأ، إلى أخيه، متّجهاً، فطرياً، صوبه. به يستغني ويتملأ كيانُه بهجة. يكون في الراحة. أما الاستكبار فإفقار للذات حتى إلى العدم. كيانياً، فقاقيع صابون. الاستكبار وجود عدمي مغلق! الأمان، إذاً، في الوداد كائن. ولكنْ، لكي تَأْمن عليك أن تؤمن. لا علاقة ممكنة بين الكائن والكائن إلاّ بالإيمان. طبعاً هناك إيمان يَلزم العلاقة بين الإنسان والله، وإيمان للعلاقة بين الإنسان والإنسان. حتى تعاطي الإنسان الخليقة، بعامة، يحتاج إلى بعض الإيمان. فإذا كنتَ لا تؤمن بالكرسي، بمعنى، أي لا تأمن له فإنّك لا تجلس عليه. وإذا كنت لا تأمن للدرب فإنّك لا تسير عليه. هذا مستوى من الإيمان يتمثّل في الشعور، وأحياناً غير القابل للتفسير، بالأمان. هناك مستوى آخر يطال العلاقة بين الإنسان والإنسان. هنا أنت بحاجة، في أقل اعتبار، إلى عنصرَي التصديق والثقة وإلاّ لا تأمن لمَن هو بإزائك. فأنت لا تذهب، مثلاً، إلى الطبيب إن لم تصدِّق ما قاله لك جارك في شأنه بناء على ثقتك به. ولا أنت تسلك في إرشادات الطبيب وتتابع زياراتك إليه إن لم تكن لك ثقة به. ثمّ هناك علاقات أعمق مع مَن تحب. هذا لا تُسلمه نفسك وتحسب ذاتك وإياه واحداً إن لم تؤمن أنّه صنو نفسك، أنّه محبّ لك أصيل وأنّه يبادلك الموقف عينه. حبّ من دون إيمان، بهذا المعنى، مستحيل. لا محبّة حيث لا إيمان. وهناك مستوى يطال العلاقة بين الإنسان والله. إن لم يصدّق الإنسان الله، إن لم تكن له ثقة به، إن لم يكن مستعداً لأن يُسلمه أمره، إن لم يكن راغباً في السلوك في كلمته، بكلام آخر، إن لم يكن مؤمناً بالله، لأنّ هذا هو معنى الإيمان بالله، فلا يمكن أن تكون له علاقة به. كذلك إن لم تُسلم الله نفسك لا يمكنك أن تحبّ أيّاً كان، حتى عدوّك. إذاً بغير الإيمان لا محبّة وبغير المحبّة لا أمان وبغير الأمان أنت مرميّ في القلق ولو ملكت العالم كلّه وحقّقت تقدّماً علمياً مرموقاً. القلق، في التشخيص، مرض في الكيان لا يُشفى منه إلاّ مَن سلك في الإيمان بالمسيح يسوع. في القلق خوف على ما لديك والتماسٌ قَلِقٌ لِما ليس لديك. في القلق رائحة موت ولا رجاء قيامة فيه. سَأَم يتأتّى من كونك لا تذوق الجدّة، بل كل ما يأتيك جديداً متى اقتنيتَه صيّرتَه عتيقاً بما فيك. يهمّك أن تضع يدك على كل شيء وما تضع يدك عليه تقتله في نفسك. نفسك لجّة موت تمسي. القلق لا يعرفك شَبِعاً. إما جائعاً وإما متخماً هكذا يلقاك. أما جوعك فلا ما يملأه لأنّه جوع إلى ما اسقطّه من حسابك. القلق غربة عن الذات بالتملؤ من الذات. القلق أنك تشكّ في كل الخلق ولا صديق لك ولا واحد، فقط معارف ورفاق طريق. القلق تمسّك بالعقل في موقف خال من التعقّل. والجواب هو الإيمان. أريدكم أن تكونوا بلا همّ. تعالوا إليّ... وأنا أُريحكم. لا تخافوا! مَن منكم إذا اهتمّ يقدر أن يزيد على قامته ذراعاً واحدة. لا تهتمّوا للغد. سلامي أُعطيكم لا كما يعطيكم العالم. مَن أَهلك نفسه يجدها. كأن لا شيء لنا ونحن نملك كل شيء. حين أرسلتكم بلا كيس ولا مزود ولا أحذية هل أعوزكم شيء؟ اطلبوا أولاً ملكوت الله وبرّه وهذه كلّها تزاد لكم. فقراء ونُغني كثيرين. ملقين كل همّكم عليه. الربّ يرعاني فلا شيء يعوزني. اهتمام الجسد موت. اهتمّوا بما فوق لا بما على الأرض. المؤمن الحقّ لا يقلق لأنّه يعرف أنّ شعرة من رؤوسكم لا تسقط من دون إذن أبيكم الذي في السماء. يعرف أنّ كل شيء، بلا استثناء، يعمل معاً للخير للذين يحبّون الله. يعرف أنّه لا شيء يفصله عن الحبيب، لا موت ولا حياة. ليحدث ما يحدث. ما همّ! طالما أنّي ولو سلكت وسط ظلال الموت لست أخشى شرّاً لأنّك أنت معي... المؤمن الحقّ يسلك في الحبّ كل يوم، لذلك لا يخاف ولو خاف. إذا خاف فمن فعل الطبيعة لأنّه ضعف البَشرة. مثل هذا الخوف يدفعه إلى ربّه لا عنه، لذا يستدعي الخوفُ الأمانَ بيسوع. كل ما هو ضعف البَشَرة يأتيه، بتواتر، مستدعياً قوّة القائل: "قوّتي في الضعف تُكمَل". أما خوف الغرور وضعف المستكبر فلجّة لا قرار لها، صرخة تتبدّد في الهواء، نداء استغاثة تُسَدُّ الأذن عنه. إنما السيرة أن نُفرغ ذواتنا ونلتمس السيّد، بالإيمان، في كل شيء. فيه نجد ذواتنا كل يوم ونجدها بوفرة. هذه حكمة الأطفال دون حكماء هذا الدهر. حكمة الصغار أنهم يصدّقون كلمة الخلاص... يؤمنون فيأمنون. "فليكن الله صادقاً وكل إنسان كاذباً" (رو 3: 4) |
||||
30 - 08 - 2014, 03:53 PM | رقم المشاركة : ( 5667 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الإيمان والأدوية للأرشمندريت توما بيطار هذا جاء إلى الشيخ فقال له الشيخ إنه سيستعيد عافيته للحال لو كان ليؤمن، فقط، بأن الله قادر على شفائه. واجه الشيخ صعوبات ولمّا يتمكّن من إقناع الرجل. لم يشأ المريض لا أن يغادر الشيخ ولا أن يؤمن إلى أن تدخّل الله وسمع الرجلُ صوتاً يقول له بوضوح: "لماذا لا تسمع وتُشفى؟" إذ ذاك أذعن. قال له الشيخ أن يترك معرفته جانباً وأن يتناول من الطعام عكس ما قيل له. قال إنه سيموت. لن تموت بإذن الله. كُلْ مرة في اليوم بدل عشر مرّات، كما كان يفعل. امتحنه الله ثلاثة أيام. بعد ذلك جاء إلى الشيخ وقال له: "لقد تعافيت بالكامل وعدتُ كما وُلدت!" "لا تظنّ أني أنا فعلت ذلك...الإيمان هو الذي له قوة على صنع ذلك". ألم يقل الإنجيل عن يسوع في وطنه إنه لم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة لعدم إيمانهم (مر 5:6 - 6)؟ صلاة قديس لإنسان لا يؤمن لا تفعل شيئاً وصلاة إنسان عادي لإنسان مؤمن تفعل الكثير من حيث إن كل شيء مستطاع للمؤمن (مر 23:9). هذا موقف أول عبَّر عنه الشيخ يوسف. وله موقف ثان عبّر عنه في الرسالة التاسعة والأربعين. قال: "أناس عديدون أتوا إليّ، وبالصلاة والصوم برئوا." ثم أردف: "أما الآن فالرب لا يسمع لي لكي أتكلّم عن الأودية والأطبّاء وأرفق بالآخرين". ثم ختم كلامه بالملاحظة: "أما الآن فأنا، أيضاً، أتعلّم أن كلا الأدوية والنعمة ضروريان". هذا الكلام بحاجة إلى توضيح. لا أريد أن أتكلّم على غير المؤمنين. لهؤلاء مع ربّهم جدليّة أخرى. أكتفي بالكلام على أبناء الإيمان. هؤلاء متى استعانوا بالأدوية والأطبّاء فإنهم يفعلون ذلك بإيمان أن يسوع قادر أن يشفيهم بوساطتها. للأدوية والأطبّاء، في هذا الإطار، وجه إلهي بلا شك. لذا ننظر إليها كفعل رحمة من فوق، كتعزية، كرفق بالناس. هذا يجعل الشافي ربَّنا في كل حال، حتى لغير المؤمن، إذ هو المشرق شمسَه على الأشرار والصالحين والممطر على الأبرار والظالمين (متى 45:5). على أن للإيمان، في فعل الأدوية والأطبّاء، تأثيراً نلقاه في سيرة المؤمن ولا نلقاه في سيرة غير المؤمن. غيرُ المؤمن قد يُشفى بالأدوية ولكن عن رأفة لله به. أما المؤمن فيُشفى عن إيمان، بالأدوية ومن دون أدوية. الشفاء، لهذا، هو بالإيمان بيسوع. لا يَنسب الشفاء للدواء بل ليسوع. لذا إذا تناول حبّة دواء فإنه يرسم عليها إشارة الصليب لأنه يعرف أن ما ليس من الإيمان فهو خطيئة (رو 23:14). التجربة دائماً هي أن يصير الطبيب والدواء، عملياً، المتّكأ، ولا يعود للإيمان محل من الإعراب. يصير واقع المؤمن كواقع غير المؤمن. يموت الإيمان لديه كاتِّكالٍ على الله، كتسليمٍ له. كلّ الهمّ ينصبّ، إذ ذاك، على الطبيب والدواء. هذا يُفضي إلى فك ارتباط بين الإيمان بيسوع والإعتماد على الأطباء والعلاجات. لا يعود المرء، عملياً، متكّلاً على ربه ولا يعود، تالياً، مستعداً لأن يقبل من يده كل شيء. يعرف أن الطبيب عالجه والدواء شفاه، دون ان يكون لديه مانع أن يقول إن الله أعانه، لكن إن لم ينجح الطبيب ولم تفعل الأدوية فإنه يحزن وييأس. الإيمان، في هذه الحال، لا يمدّ صاحبه بالقوة الداخلية ولا يجعله يقبل لأنه، عملياً، إيمان نفسانيّ، وتالياً غير موجود كحقيقة كيانية. هو مجرّد شعور مبهم لديه. والتجربة، أيضاً، أن يدمن، من يظنّ نفسه مؤمناً، الأطباء والأدوية. ينتقل من طبيب إلى طبيب، ومن دواء إلى دواء ولا يتوقّف عند حدّ. هنا كلما زاد اتكاؤه على العلاجات كلما وهنت نفسه. تحترق أعصابه ويتعرّض للإنهيار ولا يجد في الإيمان بيسوع حِفظاً لتماسك نفسه. ويروح يبحث عن العلاج الأنجع فلا يجده، ولا يجد في الإيمان جواباً ولا شفاء. عملياً يفقد ثقته التي ظنّها لديه بالله ومسيحه. المؤمن، بالفعل لا بالإسم، هو من يعرف أن يستعين بالإدوية وأن يستغني عنها أيضاً. الأدوية، أحياناً، لا تنفع، لا فقط لأن المرء لا يصيب الطبيب المناسب والدواء الناجع، هذا يمكن أن يحدث، ولكن لأن الرب الإله يريدنا أحياناً، أن نُشفى بالإيمان لا بالأدوية. هو يتركنا، إلى حين، نجرِّب الأدوية على غير طائل حتى تحتدّ نفسنا في علاقتنا به إلى أن نبلغ حداً نكون معه مستعدين لأن نسلمه أنفسنا بالكامل. المرأة النازفة الدم التي أنفقت كل معيشتها على الأطباء ولم تستفد شيئاً، ما كانت لتأتي إلى يسوع بحرقة وحدّة نفس وإيمان، لتمسّ ثوبه وتشفى، لو لم تيأس من الأطبّاء والعلاجات. الرجل الراهب السويسراني الذي جاء إلى الشيخ يوسف الهدوئي لم تخرجه الأدوية من معاناته. هناك قوم يشفيهم الرب الإله بالأدوية والأطباء لأن هذا يناسبهم وهناك قوم يشفيهم الرب الإله بالإيمان البحت من دون أدوية ومن دون أطباء. هذا ما يناسبهم وهذا ما عليهم أن يدركوه، بعد حين، وإلا وُجدوا يخبطون خبط عشواء في ما هم يفعلون. ليس للإنسان أن يختار ما هو نافع له من تلقاء نفسه. عليه أن يتعلّم كيف يقرأ في كتاب الله، من خلال ما جريات أموره وسير حياته. الله يعرف ما الموافق للإنسان، الإنسان لا يعرف. الإنسان قصير النظر، الله بعيد النظر. الإنسان يهتم بشفاء جسده، إذا كان مريضاً، الله يهتم له بشفاء النفس والجسد معاً. الإنسان غالباً ما يهتم بأمور هذا الدهر، الله يهتم بخلاص الإنسان، يريده أن يُشفى كيانُه، يريد أن تكون له الحياة الأبدية. حكمة الله غير حكمتنا وطرقه، تالياً، غير طرقنا. فقط بالإيمان يقتني الإنسان حكمة الله، ويُخضع مشيئته لمشيئة الله. فإن لم يفعل فليس لأن الله يود أن يحرمه الحياة على الأرض. لا يشاء الرب الإله أن يأخذ أحداً من ههنا إلا بعد أن يكون قد عاين، في قلبه، كسمعان الشيخ، مسيح الرب. أما الذين يموتون قصراً وقهراً فليس موتهم من الله بل من عنادهم وإصرارهم على أن تسري الأمور كما يرومون وإلا يحزنون وييأسون ويرتحلون ولمّا يطالعوا وجه السيّد في حياتهم. الحاجة إلى واحد. والواحد نبلغه بالإيمان، بالثقة بالله، بالتسليم. بغير ذلك نعيش في الظلمة ونموت في الظلمة! أو لعلّ السيد يخلّصنا، أو بعضاً منا، بالمعاناة...في الساعة الأخيرة! |
||||
30 - 08 - 2014, 03:53 PM | رقم المشاركة : ( 5668 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الإيمان يهذّب الإنسان بقلم الأرشمندريت/ سلوان أونر - اليونان الإيمان لا نرثه بالولادة بل هو خبرة العيش مع الله، يكبر أو يقلّ بقدر حفظنا لوصاياه وبقائنا بقربه، وله تأثير على حياة الإنسان وتصرفاته اليومية فيهذبها في: 1. تصرفاته الكنسية: عندما يكون الإنسان مؤمناً حقيقةً فهو يصون كل ما يختص بالله، محاولاً، أن يساعد في بناء وتنظيم وصيانة الكنيسة إن كانت مساعدة جسدية أو مادية، أن يعمل على نشر تعليم الكنيسة والحفاظ عليها لأنه بذلك يحفظ جسد المسيح من الأمراض أو من هجوم الأشرار، أن يتعامل مع المقدسات باحترام ووقار لأنها تخص الله، أن يتعامل مع الأساقفة والكهنة باحترام لأنهم خدام الهيكل فلا يتطاول بالحديث على شخصهم لأن عندهم سر الكهنوت المعطى من الله بواسطة كنيسته ونعمة الروح القدس، وبقدر احترامه للسر فهو يحترم خدامه، فيحاول عدم التفكير بضعفاتهم الشخصية لأنهم مازالوا بشر تحت نير الخطيئة، فيحمي نفسه من خطيئة الإدانة، أن يفكر بتصرفاته في الكنيسة، كيف يدخلها، كيف يقبّل الأيقونات، كيف يتابع الخدمة بصمت وصلاة لا بثرثرة ومراقبة للناس؟؟!! 2. بعلاقته مع الآخر: عندما يكون الإنسان مؤمناً فهو يعمل على أن يتواضع فلا ينظر للآخرين نظرة تعالي وكبرياء بل كلها احترام ووقار للشخص الآخر، وهذا يظهر في طريقة حديثه وأسلوب تعامله مع كل من حوله، أن يبادل المحبة بكل مقابل يقدمه الآخر لأنه بذلك يكسب ذاته والآخر، أن يخدم كل محتاج لأن إيمانه يقول له: أنت، بذلك، تتعلم المحبة، أن يحمي عينه ولسانه من التطاول على الآخر فلا يقع في خطيئة الإدانة. يكسب الإنسان الوقار والأخلاق الحسنة عندما يسعى أن يحسّن درجة إيمانه، وإن كان إيمانه حقيقياً فحتماً سينعكس على كل تصرفاته وكلامه وحياته فالإيمان يهذّب الإنسان، ولهذا نقول أن الإيمان يصنع العجائب. الإيمان يتقوى بالممارسة الكنسية والعكس صحيح فلكي نقوي إيماننا علينا بقدر ما نستطيع أن نعيش في الكنيسة ونمارس أسرارها شغفاً وحباً بالله لا لشيء آخر وهذا يقوي إيماننا وبالتالي يهذّبنا، لنأخذ مثلاً بعضاً من أبناء مدارس الأحد، والأخص المرشدين، ولنراقب ممارستهم الكنسية، لا لكي ندينهم بلا لنطالبهم بالأفضل، وطريقة تعاملهم مع كل ما يخص الكنيسة ومحبة الآخر، عندها سنعرف أي إيمان يملكون للرب ولكنيسته، وأيضاً سنعرف حقيقة هدف خدمتهم، هل ليعيشوا مع الحبيب الرب يسوع ويخدموه، أم ليمضوا وقتاً فارغاً، أو لهدف آخر لا تعرفه الكنيسة؟. نحن لا نحتاج الإيمان، من جهة ثانية، لنصبح خلوقين بل لنحب المسيح وكنيسته، وليس كل إنسان خلوق هو مؤمن، ولكن الأخلاق العالية هي دلالة على عمق وحقيقة هذا الإيمان، هكذا نجد أن الإيمان يؤثر على المؤمن فيجعله إنساناً مسيحياً مهذّباً خلوقاً يليق بأن يسمّى ابن الله. |
||||
01 - 09 - 2014, 03:14 PM | رقم المشاركة : ( 5669 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
شجرة عقيمة ما ورد في الكتاب المقدس ومن ضمنه العهد الجديد لماذا لعن الــرب يسوع شجرة التين لأنه لم يجد فيها ثمراً مـــــع أنه لم يكن وقت التين (مر 11 : 13 ،14). المقصود بالقول ( لم يكن وقت التين) هو أنه لم يكن وقت جمع أو جني التين وليس المقصود وقت الإثمار ، فكان يجب أن يكون فيها تين لم يقطف بعد. يظهر ثمر التين قبل أوراقه – بعكس معظم الأشجار – فإذا ظهرت الأوراق بدون الثمار فلا يرجي من الشجرة ثمر. ( لم يجد شيئاً إلا ورقاً). ينضج التين على مرحلتين : في الربيع ينضج ثمر مبكر ُيسمي في فلسطين ( ديفور) أما المحصول الرئيسي فينضج في الصيف . وهذه الشجرة لم تكن تحمل ثمراً ناضجاً أو غير ناضج ، أي أنها شجرة عقيمة فكان يجب أن تقلع إذ (لماذا تبطل الأرض). معلومة : هذه هي الآية الوحيدة من آيات الرب يسوع التي تحمل صفة القضاء الدينونة فبعدما كان يسوع جائعا يلتمس شيئا ياكله فراى التينة التي كانت بلا ثمر فالتينة تشير الى اليهود الذين رفضوا الرب يسوع وسيصلبوه بعد هذه الحادثة لذلك الرب لعنهم لانهم سيصلبوه لاحقا ويقتلوه وهكذا عندما نقرا الكتاب المقدس يجب ان نعرف ماهي الرموز والى ما تشير ولا نحاول تفسيرها حرفيا كما وردت بالكلمات بل الى ما ترمز اليه من معاني |
||||
01 - 09 - 2014, 03:17 PM | رقم المشاركة : ( 5670 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مقال الأنبا إرميا “فهمت وسأحاول”
? . يقولون: “لا يوجد أقوى من التواضع، لأنه لا شىء يمكن أن يقهره” ففى طريق الحياة نلتقى كثيرين، ولٰكن أعظم من نلقاهم هم المتواضعون! فهم يتعاملون ببساطة لا تخلو من العمق، ومحبة تحمل إيمانًا عميقًا بأن جميع البشر هم خليقة الله، وأنه لا فارق بين إنسان وآخر، بل الإنسانية تربطها جميعًا حياة واحدة، تسعى فيها نحو النمو والنجاح والبناء. والمتواضع ليس شخصًا ضعيفًا كما يعتقد البعض. كذٰلك هو يُدرك إمكاناته ومواهبه حقيقةً، ويؤمن بأنها هبات من الله له يستخدمها بكل أمانة لخدمة الآخرين ومجتمعه ونفسه، فلا تجده متباهيًا بها أو بأعماله طالبًا المديح، وإنما شاكرًا لله، مقدمًا لكل إنسان حقه. والإنسان المتواضع يحتمل أتعاب الآخرين، وربما طريقتهم الفظة، بكل لطف ووداعة وطول روح.. كان الشاب يشعر بحزن شديد وأسى مصحوبين بغضب عارم بسبب تصرفات والده العصبى، وأفعاله التى تسبب له وللأسرة كثيرًا من الحرج فى أوقات ثورته؛ حتى صار البيت جحيمًا بسبب المشكلات ولم يكُن صديقنا هو من يعانى فقط، بل كانت الأسرة بكاملها لا تستطيع التفاهم معه، يئنون من كلماته القاسية التى تشعرهم بالألم والخجل أمام جيرانهم وأصدقائهم الذين أصبحوا يتجنبون زيارتهم! وفى ذات يوم، غادر الشاب منزله حاملًا همومه، لا يعرف إلى أين يتجه، حتى وصل إلى إحدى الحدائق العامة، التى اتسمت بالهدوء بعد مغادرة الزائرين إذ كان الوقت يقترب من المغيب.. كان الهدوء يكتنف المكان، وكانت أفكار صديقنا تجول حائرة تبحث عن سلام وسْط الصمت من حوله.. فإذا الفتى ينفجر باكيًا، وتخرج منه كلمات لا يُفهم منها إلا: “يا رب”! وإذا رجل تجاوز الخمسين من عمره يقترب إلى الشاب الباكى، ويجلس إلى جواره حتى هدَأ قليلًا، ثم بادره قائلًا: الحياة لا تستحق أن نحياها بكل هٰذا الألم. لم يَدرِ الشاب هل يتحدث بمشاعره وآلامه إلى ذٰلك الغريب، أو يصمت! ولٰكنه لم يستطِع أن يوقف سَيل كلماته التى اندفعت منه معبرة عن آلامه الشديدة لتصرفات والده نحو أسرته بكاملها. استمع الرجل إليه وما إن انتهى سأله: أتريد مساعدة والدك وأسرتك؟ أجاب: بكل تأكيد، قال: إذًن.. قُم بمسؤوليتك تجاهه! أجاب الشاب وعلامات التعجب تعلو وجهه: مسؤوليتى؟ لا أفهم ما تعنيه!! بدأ يوضح الرجل للشاب أن له دورًا ومسؤوليةً نحو أسرته ووالده، وأن استخدام بعض الوسائل البسيطة قادر على التأثير فى البشر ليسعَوا نحو تغيير ما فى ذواتهم من عيوب. لم يفهم الشاب ما يقصده الرجل، الذى أدرك ما يفكر فيه فاستمر فى كلماته وقال: إن الغضب والعصبية التى نراها فى إنسان ما قد لا يحتاجان إلا إلى كلمات طيبة تتخطاهما. دعنى أسألك: هل التقيتَ والدك وأنت تبتسم؟ أتحدثتَ إليه وأنت تشعره بأنك تحبه؟ أتمُد إليه يد المعاونة دون أن يسألك؟ يا بُنى، إن المحبة الحقيقية الصادقة التى يحملها قلب الإنسان المتواضع تستطيع أن تغيِّر؛ لأنها تحمل فى داخلها محبة الله، كما أن اللطف والكلمات اللينة الرقيقة تستطيع أن تحطم صخور الغضب. كُن فى الحياة: متواضعًا، محبًا، تُسرع بالكلمات اللطيفة نحو كل أحد؛ وحينئذ ستختفى كثير من صخور تعرقل خطواتك فى طريق الحياة. أجاب الشاب: فهِمتُ وسأحاول. وعاد إلى المنزل وإلى الحياة يحمل فى أعماقه كلمات ذاك الحكيم الذى التقاه فى الحياة، ليبدأ هو بها مرحلة جديدة من طريقه. ربما ستبحث، قارئى العزيز، عن نهاية القصة: تُرى، ماذا تتوقع أن تكون نهاية أو بالأحرى بداية رحلة من التواضع والمحبة واللطف. إن طريق الحياة يمتد بنا نحو أنواع متعددة من البشر، كلٌّ يحمل على كاهله أحمالًا ثقيلة. فامدُدْ لهم جسور الأمل والسعادة بكلمات لطيفة لينة وقت أعاصير غضبهم، وانشُر شراع المحبة لتصل السفن إلى المَرفأ الحقيقى؛ فالمحبة بلطف ووداعة من قلب متواضع هى طريق ممتد نحو السعادة! * الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى. |
||||