منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28 - 08 - 2014, 03:03 PM   رقم المشاركة : ( 5581 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,967

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الروح القدس في صلوات الكنيسة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

في مقاربتنا لهذا الموضوع سنكتفي بدراسة اثنين من الصلوات التي تصليهما الكنيسة للروح القدس هما: "أيها الملك السماوي..." و"لما نزل العلي وبلبل الألسن..."

وسنعتمد في هذه الدراسة ثلاثة أنواع من الملاحظات هي:

1. ملاحظات أدبية - بنيوية

2. ملاحظات كتابية - لاهوتية

3. ملاحظات ليتورجية - روحية

الصلاة الأولى

" أيها الملك السماوي، المعزي روح الحق، الحاضر في كل مكان والمالئ الكل، كنزُ الصالحات وواهب الحياة، هُلمَّ واسكن فينا، وطهِّرنا من كُلِّ دنس، وخلِّص أيها الصالح نفوسَنا"

1 - ملاحظات بنيوية أدبية :

استناداً إلى قراءة أولى، باستطاعتنا أن نقسم هذه الصلاة إلى قسمين استناداً إلى الملاحظات البنيوية الأدبية التالية.

آ ? في القسم الأول: لدينا سبع صفات للروح القدس، تذكِّرنا بمواهب الروح القدس السبع. والسبعة دلالة على الكمال: حكمة ? فهم ? مشورة ? قوّة ? علم ? تقوى (المخافة) الملك السماوي ? المعزي ? روح الحق ? الحاضر في كل مكان ? والمالئ الكل ? كنز الصالحات ? وواهب الحياة

ب- في هذه الصفات طابع شمولي: تستعمل الصلاة في هذا القسم وزن الفاعل، والفاعل يعني ديمومة الفعل: المعزي ? الحاضر ? المالئ ? الواهب...

لاحظ في القسم الأول من الصلاة، لا يستعمل المصلي الأفعال ويكتفي باسم الفاعل لكي يصف عمل الروح القدس الدائم والمستمر والذي يطال حياة الإنسان في كل وجوهها.

ج- شمولية المكان وشمولية الزمان: إن الروح حاضر في كل مكان، ولا يخفى عليه شيء. إنه حاضر في كل مكان وكأن في ذلك دلالة على انتشاره على سطح الكون، ولكن في الوقت نفسه إنه مالئ الكل، إنه ينفذ إلى صميم الوجود، والكائنات وبالنهاية إن مكانه في قلب الإنسان. فالروح هو في كل مكان، وهو أيضاً في كل زمان، لأن زمان الروح هو الديمومة والاستمرار كما أشرنا إلى ذلك في استعمال اسم الفاعل.

د- فالقسم الأول من الصلاة هي صلاة تسبيح للروح القدس. وكل صلاة في الكتاب المقدس تبدأ بالتسبيح، وتسبيح الله هو دعوة الإنسان الأساسية، لأن الإنسان خلق من أجل أن يخدم الله ويحبه ويسبحه. تلك هي دعوة الإنسان في البداية والنهاية.

لذلك واستناداً إلى المؤشرات الأدبية التي قدّمناها، نستطيع القول، إنّ القسم الأول من الصلاة هي صلاة تسبيح يرفعها الإنسان للروح القدس، ويسبح الإنسان الله لكي يعترف بمواهبه وعطاياه في حياته.

ﻫ- القسم الثاني من الصلاة: هلّم واسكن فينا ? وطهرنا من كل دنس- وخلص أيها الصالح نفوسنا.

لاحظ أولاً استعمال فعل الأمر بشكل مكثف 1 + 3؛ وفي القسم الثاني تتحول الصلاة إلى توسل، إلى طلب: اسكن، طهّر، خلّص.

فاكتشاف بنية هذه الصلاة القائمة على التسبيح والتوسل هو أمر هام لأنها بنية أساسية في الكتاب المقدس عامة وفي سفر المزامير خاصة.

2 - ملاحظات كتابية لاهوتية

راجع حك 7 / 22 / 30

9 / 10 ? 11

9 / 17

في هذا القسم سوف نتوقف عند معطيات كتابية ? لاهوتية تساعدنا على التعمق أكثر في معاني هذه الصلاة.
إنّ من صفات الله الأساسية في الكتاب المقدس عندنا الله الخالق.

نفتح الكتاب المقدس ونبدأ بقراءة سفر التكوين، في الفصول الأولى فنتعرف إلى الله الذي يخلق العالم ويتوجه بخلق الإنسان الذي فيه ينفخ روحه.

مفهوم الخلق في الكتاب المقدس هو حقيقة أساسية، وصفة الله الخالق هي ما نجده أيضاً في سائر الديانات، والإسلام يشدد عليها كثيراً في حديثه عن الله.

والأهم في الكتاب المقدس هو أن حقيقة الخلق هي في علاقة مع الخلاص. فإن الله الخالق هو في فعل خلقه مُخلِّص للإنسان، ويتم هذا الخلاص في مسيرة التاريخ الطويلة. ولذلك يقول اللاهوتيون: إن الله يخلّص وهو يخلق، ويخلق ثانية عندما يخلّص.

في الكتاب المقدس إذاً، وفي علم اللاهوت، هناك علاقة وثيقة بين الخلق والخلاص، وكأني بالوحي يقول لنا إن هاتين الحقيقتين مترابطتان، ولا تفهم الواحدة من دون الأخرى.

استناداً إلى ما قلنا، لاحظ أن القسم الأول من صلاتنا الموجهة إلى الروح القدس، بعد أن تصف الروح بأشكال مختلفة نختم بمواهب الحياة، وواهب الحياة، هو الله الخالق.

في القسم الثاني من الصلاة، يطلب المصلي من الروح القدس أن يكون فاعلاً في حياته الحاضرة اليوم: فعل الأمر= الحاضر= الآن: اسكن ? طهّر ? خلّص.

وكأنّ فعل خلّص هو القمة التي تحتوي الفعلين السابقين، كما أن صفة واهب الحياة تحتوي على الصفات التي وجدناها في القسم الأول من الصلاة.

قوّة الصلاة تأتي من تأصّلها اللاهوتي الكتابي، ومن اختزالها لمعاني الإيمان العميقة في كلمات قليلة. وهذا ما يجعلنا نكتشف جمالها وفعاليتها في حياتنا.

3 - ملاحظات روحية:

الروح القدس يكمّل خلاص يسوع فينا الآن وهنا في التاريخ؛ إنه بالاتحاد بالآب والروح القدس يخلق خلقاً جديداً ويخلّص.

الصلاة الثانية

"لمّا نزل العلي وبلبل الألسن قسّم الأمم وحين وزّع الألسن النارية، دعا الجميع إلى الوحدة. فنمجد الروح القدس باتفاق الأصوات" تك 11 / 1 ? 9

1 - ملاحظات بنيوية - أدبية :

لدينا ثلاثة أقسام في هذه الطروبارية المخصصة لزمن العنصرة.

القسم الأول: خلاصة قصة برج بابل تك 11 / 1 ? 9 المفردات مأخوذة كلها من سفر التكوين وبكلمات قلائل تلخص قصة بابل، بل كل العهد القديم، وتاريخ الإنسانية.

القسم الثاني: في القسم الثاني ننتقل إلى مشهد العنصرة، حلول الروح القدس على التلاميذ في العلّية في أعمال الرسل2

القسم الثالث: هو دعوة إلى تمجيد الروح القدس باتفاق الأصوات، لأن الروح القدس نفسه الذي يرسله المسيح هو دعوة إلى الوحدة ووحدة الجميع.

2 - ملاحظات لاهوتية - كتابية

- العهد القديم : بابل

- العهد الجديد : أورشليم الجديدة ? الكنيسة

بابل: الكبرياء بناء البرج يقود دائماً إلى الانقسام والتفرّق على وجه الأرض.

يتكلمون اللغة نفسها ولا يتفاهمون.

الروح الذي يهبه يسوع بعد القيامة والذي يحل على كل واحد من التلاميذ تحت شكل ألسن نارية، هو روح وحدة، روح شركة، روح مسامحة، روح تقبل الآخر.

لاحظ أهمية فهم اللغات: التكلم باللغات، إيصال الكلمة، كلمة الخلاص، والناس المختلفون يفهمون لغة المحبة والمصالحة التي أعطانا إياها يسوع بموته وقيامته...

3 - ملاحظات روحية :

إن الروح القدس يعلّمنا أن نتكلم بلغة المحبة والصدق، يعطينا اتضاع يسوع الذي هو قوّة قبول الآخر المختلف، قوّة تحملنا دائماً على البحث عن تمجيد الله في الكنيسة، وندعو الأمم الغريبة أيضاً إلى مشاركتنا التمجيد
 
قديم 28 - 08 - 2014, 03:05 PM   رقم المشاركة : ( 5582 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,967

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

نحن ولاهوت المسيح


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



ثمّة هجمات تتالى، اليوم، على الربّ يسوع ليس آخرها كتاب "دافنتشي كود" الذي وضعه دانْ براون وبيع منه ما يقرب من أربعين مليون نسخة، وهو، الآن، على وشك أن يخرج إلى الملأ كفيلم توسيعاً لدائرة انتشار الأفكار التي يعرضها. ورغم أنّ الدراسات أبانت زيف المعلومات التي انبنت عليها الرواية، وقد صيغت على نحو يوحي بأنّ ما ورد فيها أدنى إلى التاريخ المحقّق، فإنّ ما انبثّ في وجدان الناس قد انبثّ، والإمعان في تشويه صورة الربّ يسوع جار على قدم وساق.





فكرة الكتاب أنّ الربّ يسوع تزوّج مريم المجدلية وأنّ مَن قيل إنّه يوحنا الحبيب، في لوحة ليوناردو دافنتشي للعشاء الأخير، هو، بالأحرى، مريم المجدلية عينها. حتى إلى العربية تُرجم الكتاب لأنّ ثمّة، من اللسان العربي، مَن يطيب لهم أن يشيِّعوا مؤلَّفاً يطعن بالمسيح والمسيحية لا سيما وقد صدر، أساساً، في أوساط غربية يُزعَم، تقليدياً، في ديارنا، أنّها مسيحية صليبية وليست من المسيحية في شيء. في الغرب مسيحيون ولكنْ لم يعد الغرب مسيحياً.





وما يُعتبَر، هناك، حرّية فكر كثيراً ما ينحدر حتى إلى مستوى الابتذال. ما يجري في الغرب، وما يتردّد صداه في كل العالم، اليوم، إنما هو ثمرة بعض الحركات الإنسانويةhumanisms التي تتراوح بين الإلحادية والإيمانية الشكلية مروراً باللاإدريةagnostic غير المبالية بالله، التي كثيراً ما تحسب أنّ التغاضي عمّا ليسوع أو الطعنَ به،


وفق اتجاه هذه الإنسانويات، إنّما يرسِّخ ما للإنسان في العالم. الموضوع في هذه الإنسانويات، ولو تباينت في الشكل، إنّما هو واحد وهو عبادة الإنسان لنفسه. طبعاً هذا يلتقي والهياج اليهودي التاريخي على مسيح الربّ، إن لم يكن ثمرة من ثماره. ليست فكرة هذه الهجمات على الربّ يسوع جديدة.


العرفانيةGnosticism، التي تؤكّد العقل والوحي الخاص بأصحابها، سعت، منذ فجر المسيحية، ولا زالت، في حلل جديدة، إلى التعرّض للربّ يسوع. الفكرة واحدة ولا زالت إيّاها وهي أنّ يسوع هو أحد المخلوقات وليس هو الله بحال.





يوم الثلاثاء الفائت، الثاني من شهر أيار، ذكرت الكنيسة المقدّسة القدّيس أثناسيوس الكبير، رئيس أساقفة الإسكندرية. في زمانه انوجد العالم آريوسياً. الآريوسية هي، تماماً، القول بأنّ يسوع المسيح هو أحد مخلوقات الله وليس هو الله.


أكثر الحكّام دانوا، في أيامه، بالآريوسية وأكثر الأساقفة أذعنوا لها، في شكل أو في آخر، وانغلب معظم الشعب لها. بين الأصوات التي بقيت أمينة كان أحدَّها أثناسيوس الذي نُفي خمس مرّات وبقي مضطهَداً سنين طويلة.


رغم كل شيء قاوم بضراوة حتى سرى القول: "أثناسيوس ضدّ العالم!" قاوم الشياطين وقاوم سلاطين هذا الدهر وقاوم الهراطقة وأخيراً غلب. غلب لأنّ كيانه تلظّى بمحبّة الله ولأنّ روح الله كان قوياً فيه. اسمه أثناسيوس معناه مَن لا يموت، الخالد. وفيه استبانت المسيحية خالدة، لا لأنّه إنسان عظيم بل لأنّ روح الله الضامنَ لثبات المسيحية، هو الذي كان عظيماً فيه. القوّة، في القدّيسين، ليست منهم بل من الله. هم يقتبلون ويتعاونون.





بشرياً، كان عمل أثناسيوس أدنى إلى الجنون. الصليب الذي حمله كان فوق التصوّر. ولا غرو لأنّ معرفة الله تستدعي الصليب أنّى يكن ثقلُه. أحبّة الله، في مقاييس هذا الدهر، زمرة جهلة،


لكنْ، إذا كانت "كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، فهي عندنا، نحن المخلَّصين، قوّة الله" (1 كو 1: 18).





دافع أثناسيوس عن حقيقة واحدة لا تصمد المسيحية من دونها، ولا تعود لها أيّة قيمة، أنّ يسوع المسيح هو إيّاه الإله الكلمة وليس أحدَ المخلوقات، بل "فيه خُلق الكل ما في السماوات وما على الأرض، ما يُرى وما لا يُرى... الكل به وله قد خُلق، الذي هو قبْل كل شيء وفيه يقوم الكل" (كولوسي 1: 16 ? 17).


ألوهية يسوع هي القضيّة. إن لم يكن يسوع هو كلمةَ الله، وهو والآب واحد في الألوهة، رغم كونه مميَّزاً عن شخص الآب، فالتجسّد لا معنى له ولا قيمة. المسيحية، والحال هذه، لون من الوثنية، ولو الراقية، من حيث إن الوثنية هي عبادة الإنسان لنفسه في كل تعابير أهوائه.





آريوس، في المقابل، كان همّه أن يحطّم القول بأنّ يسوع إله غير مخلوق. يسوع لديه مخلوق. قرأه فلسفياً، وقرأ الكتاب المقدّس كمُعطَى عقلاني.





آباؤنا اعتبروا أنّ الشيطان بعدما عمل، في يهوذا الإسخريوطي، على محو المسيح، عمل، أكثر ما عمل، بعده، في آريوس على محو المسيحية. مذ ذاك، بخاصة، من زمن آريوس إلى اليوم، والسعي قائم، على قدم وساق، لإزالة الفكْر من الأذهان أنّ يسوع هو كلمة الله غير المخلوق وابن الله الوحيد.





المسيحية اضطُهدت وتُضطَهَد من الخارج، لكن أشرس اضطهاد عليها كان ولا زال من الداخل، من خلال العمل على إفساد وجدان المؤمنين وحملهم على القبول بأنّ المسيح ليس هو الله. كل الذين اشتركوا ويشتركون في هذه الحملة على مسيح الربّ إنّما فعل ويفعل فيهم الروح عينُه الذي فعل في آريوس، وهم، عن وعي وعن غير وعي، عمّال لضدّ المسيح. أما نحن فلنا أثناسيوس مثال وقدوة.





ما علّمه هو ما نعلِّمه وما ينبغي أن نسلك فيه كل أيام حياتنا. لا يكفي أن نقول بألوهية يسوع. علينا أن نتصرّف باعتبار أنّ يسوع هو، لنا، الألف والياء، هو خالقنا، هو حياتنا، هو نَفَسُنا، هو قوّتنا، هو حبيبنا، هو الحقّ الذي نتشوَّف إليه، هو الطريق الذي يقودنا إلى نفسه ومن ثمّ إلى الآب السماوي، هو الكل في الكل.





كل مَن قال بألوهية الربّ يسوع وسلك، في حياته، بخلاف إيمانه كان آريوسياً لا بالقول، بالضرورة، بل بالفعل. ما هو أخطر من الآريوسية الكلامية هو الآريوسية العملية.


محاولات الشيطان لجعلنا نحيد عن إيماننا، عملياً، في العالم لا تعدّ ولا تُحصى ولها ألف ألف شكل ولون. سعيه، مثلاً، من خلال المؤسّسات العالمية المتنوّعة والمختلطة، سواءٌ منها السياسية أو الاجتماعية أو التربوية، ينصبّ على إقناعنا بأنّ يسوع المسيح إنما هو مبدأ عظيم وفكرة جليلة وإنسان سام ومثال التضحية ومعلّم أخلاق ونبيّ.





قل ما شئت، في شأن يسوع، يُسمحْ لك به في مؤسّسات هذا الدهر، ولكن إذا قلت وتمسّكت بأنّ يسوع هو كلمة الله غير المخلوق، المعادل لله الآب، وابن الله الوحيد فإنّ الدنيا تقوم عليك ولا تقعد.


تُضطَهد فلسفياً وفكرياً ونفسياً وجسدياً. تصير منبوذاً. وأخبث ما يعرضون عليك النسبية في النظرة إلى يسوع. أنت على حقّ وغيرك أيضاً على حقّ.


الميل هو إلى اعتبار الفرق بين الهرطقة واستقامة الرأي، بعامة، فرقاً كلامياً فيما القصد واحد. هذا فيما يحاولون أن يساووا ما بين المسيحية وغيرها من الديانات. يسوع يمسي موضوعاً ثقافياً، له، قليلاً أو كثيراً، ما يقابله في غير ديانات لجهة التعليم أو المزايا الشخصية. الميل هو إلى التعدّدية وإلى اعتبار الجميع في الحقّ، كلاً على طريقته.





المهمّ الحدس، المهمّ المبدأ، المهمّ الفكرة. أما عندنا فليس الحقّ والباطل أخوَين. لا يسوع مبدأ ولا فكرة ولا رسالة. ما لم يخطر ببال إنسان ما أعدّه الله للذين يحبّونه، شخص يسوع المسيح ابن الله! في العالم فكرة اسمها "الحقّ" وناس يسعون لأن يكونوا على حقّ.


في العالم فكرة اسمها الجمال وأقوام فيهم مسحات من الجمال. في العالم فكرة اسمها الحياة وجماعات تتشبّث بالحياة. أما عندنا فلا مسافة، بعد، بين الحيّ والحياة، بين الحقّ والحقّاني. المسيح هو الحيّ والحياة، هو الحقّ والحقّاني، هو المحبّة والمحبوب.





هو إيّاه الطريق والحقّ والحياة. هو الله ولا أحد يأتي إلى الله إلاّ به وحده. ليس فقط أنّه لا حياة لنا إلاّ به، بل لا حياة لنا إلاّ فيه أيضاً. هو لا يأتي بنا إلى ما هو غريب عنه بل إلى نفسه.


بالإيمان به، بالسلوك فيه يقيم فينا روح الربّ القدّوس، وفيه أيضاً نمتدّ إلى الآب السماوي. فيه نعرف الله، ونعرفه ثالوثاً قدّوساً، آباً وابناً وروحاً قدساً.





لكل هذا، علينا، عملياً، أن نطالع وجه الربّ يسوع باعتباره الكل في حياتنا، شخصياً وفي حياة العالم، وهو وحده مقدّمنا إلى الله، إلى الثالوث القدّوس.





يسوع شخص. لذا مَن لا يصلّي، أي مَن لا يدخل في علاقة شخصية مع الربّ يسوع، من حيث هو الإله الكلمة، فإنّه مهما اكتنز من أفكار ومهما اعتنق من عقائد لا يمكنه أن يعرف الله.


كل العقائد، كل الفضائل، كل الأفكار تصبّ في الصلاة، تُعِدّ للصلاة. المسيحي، تحديداً، هو العابد، هو المصلّي.


مَن لا يلتمس وجه يسوع في الصلاة تتحوّل الأفكار التي لديه عن يسوع وعن المسيحية إلى مادة وثنيّات.





غير مقبول أن نظنّ أنّ العمل الصالح يمكن أن يحلّ محل الصلاة. ليس هناك، في حياتنا، بديل عن الصلاة. وحين نقول صلاة لا نقصد فروضاً وطقوساً. هذه بإمكان فلان أن يتابعها فيما تتعذّر على سواه لطبيعة حياته.





الصلاة التي نقصد هي الصلاة الشخصية، أن نكون في صلة فورية مباشرة مع الربّ يسوع. إذا كان الربّ يسوع هو نَفَس أنوفنا فحالنا كحال المريض الذي يحتاج إلى الأوكسيجين، ويجب إيصال الأوكسيجين إليه بصورة متواصلة وإلاّ يختنق ويموت، بغض النظر عما يعمل أو بماذا يفكّر أو أين يكون.





ذلك نصلّي في كل حين لكي نبقى على صلة شخصية بيسوع في كل حين. كل الفكر وكل القلب وكل الجهد، كل ما نفعل وما لا نفعل ينبغي أن يكون له اتجاه واحد:


يسوع! كل شيء نقدّمه إليه، نفعله من أجله، نبذله تقدمة، ذبيحة تسبيح. نمجّده في كل شيء. نكون، بالكلية، مشدودين إليه، في كل حين، وفي كل مكان. هذا ما علينا أن نسعى إليه.


لا الرهبان وحدهم في الدير بل كل مؤمن بيسوع حيثما وُجد ومهما كانت المَهمّات التي يؤدّيها. فإذا كان هذا الأمر واضحاً لدينا إذ ذاك يصير بإمكاننا أن نتمثّل العقيدة التي عبّر عنها ودافع عنها القدّيس أثناسيوس والكنيسة من قبله ومن بعده. ما كان أثناسيوس ولا كانت الكنيسة لتعبِّر وتدافع عن ألوهية المسيح لو لم تكن ألوهية المسيح هي قاعدة الحياة المسيحية منذ البدء وإلى منتهى الدهر.





إذاً، نحن باقتبالنا ودفاعنا عن عقيدة ألوهية الربّ يسوع إنّما نجدّد الولاء للإله الكلمة وبه للثالوث القدّوس برمّته، نسلك فيه، في روحه، في كلامه، في إثره، في تواضعه، في وداعته، في محبّته، في حياته، في كل حركة من حركاته، في كل نأمة من نأماته.


هكذا تكون العقيدة المسيحية الأرثوذكسية قد نشأت من الحياة في المسيح وتصبّ في الحياة في المسيح.


حين نتعاطى عقيدة ألوهية الربّ يسوع، نتعاطى حياتنا الجديدة في المسيح. من دون هذه العقيدة لا تكون لنا حياة. العقيدة، عندنا، دليلنا إلى الحياة في المسيح. أثناسيوس كان خالداً لأنّه قال وسلك في ما كشف له روح الربّ في كنيسة المسيح.


نحن، أيضاً، نُخلَّد متى سلكنا في ما سلك هو فيه لأنّنا نقتني، إذ ذاك، الروح الذي تكلّم وفعل فيه. "الحقّ الحقّ أقول لكم إن كان أحد يحفظ كلامي فلن يرى الموت إلى الأبد" (يوحنا 8: 51).
 
قديم 28 - 08 - 2014, 03:06 PM   رقم المشاركة : ( 5583 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,967

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ما هو الصوم ؟
ميشيل فرنسيس
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هو علاقة إيمان وعلامة إيمان في آن معا. علاقة إيمان لأنها علاقة مع شخص يسوع المسيح الحاضر معنا والذي ننتظر حضوره في فترةليست بعيدة أو لنتذكر حضوره على أرضنا من خلال الاحتفال بتذكارات حضوره معنا علىهذه البسيطة مثل:
الميلاد، والقيامة، والصعود وهو علامة إيمان لأنه يعبّر بشكلٍمحسوسٍ عن أمورٍ غير محسوسة، عن العلاقة مع الله. فالصوم هو علامة انتظار لحضورالله بشكل مكثّف .
ولكن لا يغيب عن ناظريّ المؤمن حضور الله في القريب المحتاج،وبذلك فالصوم هو أيضاً علاقة حبّ وانفتاح القلب على القريب المتألم والمحتاجلأشاركه في خيراتي الروحيّة والماديّة.
فنعبّر في الصوم من خلال انقطاعنا عن بعضالأطعمة، على أنّ الطعام الذي نأكله والذي هو عنصر للحياة ليس هو الذي يعبّر عنرغباتنا العميقة، فحياتنا ترغب في الله الذي هو حياتنا ومعناهاومحييها.
نبتعد عن وجهٍ من وجوه الحياة لنقول أننالا نبغي وجوه الحياة المتعدّدة، وإنما نبغي الحياة بذاتها وهي شخص يسوع المسيح. ومنوجوه الحياة:
الطعام، والعلاقات الجنسيّة، والشراب، والنوم، واللباس و? فالصوم هوعلامة على انتظار المسيح الحاضر والغائب، وهو تعبير عن إيماني بالحياة ما بعدالموت.
والسؤال: ما هو رمز التعلّق بالشرابوالطعام واللباس والعلاقات الجنسيّة،؟
لا يمكن اقتفاء أثر هذه الأمور إلاّ منخلال مسيرتها اليوميّة فهي عناصر ضروريّة للحياة. تعبّر عن رغبة الإنسان في الحياة. ولكن إذا تمادى الإنسان في تعلّقه قي إحدى هذه الوجوه فما ذلك إلاّ لشعوره بأنّحياته مهدّدة وخالية من السلام.
فعدم وجود السعادة في واقع حياة المرءتدفعه ليقطف وجهاً من وجوهها الحاضرة أمامه: مأكل، أو مشرب
ولكن لا يجد الإنسانتغيّراً في واقعه، فقلقه يستمر، لذلك يقف أمام خيارين: إمّا أن يصغي إلى ذاته، إلىحياته بكل ما فيها من آلام وأفراح، ويسعي لمعرفة باطنيّة لهذه الحياة. أو أن يهربنحو وسائل تخدّر ما فيه من قلق واضطراب.
فعندما يعيش الإنسان قلقا تجاه حياتهفما ذلك إلاّ لكونه قد وعى بأنّها ليست منه، ولن تستمر على الأرض بشكلها الراهن. ولذلك قد يغوص الإنسان في وسائل تخدير للهروب من هذه الحقيقة. مع أنّ حياة الإنسانليست فانية لكنها تمرّ بالموت لتصل إلى الحياة التي تفيض بالفرح والسلام حيث يجدالإنسان ذاته العميقة.
وما الصوم إلاّ شكلاً من أشكال الموت الذي يرمي الإنسان منخلاله الوصول الآن وهو على هذه الأرض إلى تذوق نبع الحياة الذي يجري في أعماقهويتجاوزها

 
قديم 28 - 08 - 2014, 03:07 PM   رقم المشاركة : ( 5584 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,967

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

" المسيح افتقر لأجلكم "

(2قور 8، 9)
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



وجّه الأب الأقدس البابا الأبندكتس السادس عشر رسالته لصوم عام 2008، بعنوان "المسيح افتقر لأجلكم" قال فيها:

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،

1. في كل عام، يقدّم الصوم المجيد لنا فرصةً من صنع العناية الإلهية لنتعمّق بمعنى حياتنا المسيحية وقيمتها وحافزاً نكتشف من خلاله مرةً جديدة رحمة الله، فنصير بدورنا أكثر رحمةً تجاه إخوتنا وأخواتنا. وفي زمن الصوم، تأخذ الكنيسة على نفسها مهمة اقتراح بعض الواجبات المحددة الملموسة التي يُفترَض أن ترافق المؤمن في مسيرته نحو التجدد الداخلي وهي: الصلاة والصوم والصدقة. وفي رسالة الصوم لهذا العام، أودّ أن أخصّص بعض الوقت للتأمل في فعل تقديم الصدقة الذي يشكل طريقةً لمساعدة المحتاجين، وفي الوقت ذاته، تمرّساً في الزهد بذاتنا كيما نتحرّر من التعلّق بالخيور الزمنية. كم هي قوية تجربة انجذابنا إلى الثروات المادية وكم من المهمّ أن تكون قراراتنا حازمة لكي لا تتحول أصناماً! هذا ما يؤكده يسوع بلهجة حاسمة حين يقول: "لا تقدرون أن تخدموا الله والمال" (لو 16، 13). إن الصدقة تساعدنا على تجاوز هذه التجربة المستمرة إذ تعلّمنا أن نلبّي حاجات القريب ونتقاسم مع الآخرين ما وهبتنا الطيبة الإلهية. هذا ما تهدف إليه حملات جمع التبرعات الخاصة بالفقراء التي تُنظَّم خلال زمن الصوم في مناطق عديدة من العالم. فبذلك، تترافق عملية التطهر الداخلي مع فعل شراكة كنسية، على مثال ما حصل في الكنيسة الأولى. ويتطرق القديس بولس إلى هذه المسألة في رسائله في حديثه عن حملات جمع الهبات المنظمَة من أجل جماعة أورشليم (راجع 2قور 8-9؛ روم 15، 25-27).

2. بحسب تعليم الإنجيل، لسنا بملاّك للخيور التي بحوزتنا بل نحن وكلاء عليها: وهي بالتالي يجب ألا تُعتبَر ملكاً "خاصاً" بنا، وإنّما وسيلةً يدعو الربّ من خلالها كل واحد منّا ليكون خادماً لعنايته المقدسة بالنسبة إلى قريبه. وكما يذكّرنا التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، فإن الخيور المادية تكتسب قيمةً إجتماعيةً، وفقاً لمبدأ غايتها الكونية (راجع التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية 2404). وتحذير يسوع واضح في الإنجيل إلى من يملكون خيرات دنيوية يسخّرونها لخدمتهم الخاصة. فإزاء الكثيرين الذين لا حول لهم ولا قوة ويعانون الجوع، تدوّي كلمات القديس يوحنا توبيخاً قاسياً حين يقول: "من كانت له خيرات الدنيا ورأى بأخيه حاجة فأغلق أحشاءه دون أخيه فكيف تقيم محبة الله فيه؟" (1يو 3، 17). والنداء إلى المشاركة يتخذ بعداً أكثر إلحاحاً في الدول ذات الأغلبية المسيحية لأن مسؤوليتها أكبر تجاه الكثيرين ممن يعيشون في الفقر والتهميش. إن مساعدة هؤلاء هو واجب تفرضه العدالة قبل أن يكون فعل محبة.

3. إن الإنجيل يلقي الضوء على ما يميز الصدقة المسيحية: عليها أن تؤدّى في الخفية. يقول يسوع: "لا تدع شمالك تعلم ما تفعل يمينك ، لتكون صدقتك في الخفية" (متى 6، 3-4). وقد سبق ذلك مباشرةً قوله أنه ينبغي ألا نعمل الصالحات بمرأى من الناس فلا يكون لنا أجرٌ في السماوات (راجع متى 6، 1-2). بل الأجدى بالتلميذ أن يقوم بكل ما أوتي ليتمجّد إسم الله. وهنا يحذّر يسوع قائلاً: "فليُضئ نوركم هكذا للناس، ليروا أعمالكم الصالحة، فيمجدوا أباكم الذي في السماوات" (متى 5، 16). إذاً كلّ أعمالنا يجب أن تكون موجهةً لتمجيد إسم الله وليس لمجدنا نحن. فلتعوا ذلك، أيها الإخوة والأخوات، في كل فعل تقومون به لمساعدة القريب، ولتحذروا استخدام عملكم وسيلة لاستقطاب الإهتمام من حولكم. فإن كنا في الأعمال الصالحة التي نؤدي لا نتوخى مجد الله وخير إخوتنا وأخواتنا الحقيقي، بل نسعى في المقابل وراء المصالح الشخصية أو استحسان الآخرين، فنحن إذ ذاك خارج روح الإنجيل. وفي مجتمعنا اليوم القائم على الصورة والمظاهر، ينبغي أن نبقى حذرين لأن هذه التجربة كبيرة. فالصدقة الإنجيلية ليست مجرّد إحسان تجاه البشر بل تعبير حسي عن المحبة، وفضيلة إلهية تتطلب ارتداداً داخلياً إلى محبة الله والإخوة، أسوةً بيسوع المسيح الذي بموته على الصليب بذل كل ذاته لأجلنا. فكيف لا نشكر الله على كل الذين، في الخفية وبعيداً عن أضواء عالم الإعلام، يؤدّون بهذه الروحية أعمالاً سخية لدعم أشخاص في العوز؟ ولا نفع من إعطاء ما نملك للآخرين إن كان القلب سيمتلئ مجداً باطلاً: ولهذا السبب، فإن الذي يدرك أن الله الذي "يرى في الخفية" وفي السرّ سيجازيه لا يتوخى استحسان الآخرين وتقديرهم لقاء أعمال الرحمة التي يقوم بها.

4. والكتاب المقدس، من خلال دعوتنا إلى اعتبار الصدقة بنظرة أعمق تتجاوز البعد المادي الصرف، إنما يعلّمنا أن السعادة الكبرى في العطاء لا في الأخذ (راجع أعمال الرسل 20، 35). فعندما تحرّك المحبة أعمالنا، نعبّر عن حقيقة كياننا: فنحن لم نُخلق من أجل ذواتنا بل خُلقنا في سبيل الله والإخوة (راجع 2قور 5، 15). وفي كل مرة نتقاسم فيها خيراتنا مع قريب لنا في العوز، محبةً بالله، نكتشف أن الحياة تكتمل في المحبة وأن كل ما أعطينا يعود علينا بركة سلام ورضى داخلي وفرح. وأبونا الذي في السماوات يجازينا على أعمال الصدقة التي نؤديها بمنحنا فرحه. بل وأكثر: فمن بين ثمار الصدقة الروحية، يذكر القديس بطرس ثمرة غفران الخطايا فيكتب: "المحبة تستر كثيراً من الخطايا" (1 بط 4، 8). وكما تردد ليتورجية الصوم باستمرار، فإن الله يعطينا نحن الخطأة إمكانية أن تُغفر لنا خطايانا. فمقاسمة ما لنا من خيرات مع الفقراء يخوّلنا الحصول على هذه النعمة. ويذهب فكري في هذه اللحظات إلى كل الذين يثقل كاهلهم عبء الشر الذي صَدَرَ عنهم وبسببه بالتحديد أصبحوا يشعرون ببعدهم عن الله، وبالخوف وبعدم القدرة على اللجوء إليه. والصدقة، إذ تقرّبنا من الآخرين، تقرّبنا من الله، حتى إنها تصبح وسيلة ارتداد حقيقي ومصالحة معه ومع الإخوة.

5. الصدقة تعلّمنا ثقافة المحبة السخية. لقد كان القديس يوسف-بندكتس كوتّولنغو يقول موصياً: "إحذروا عدّ النقود التي تعطونها، لأني أقول وأكرر: إن كان عليك ألا تدع شمالك تعلم ما تفعل يمينك إذا تصدّقتَ، فيمينك أيضاً يجب ألا تعلم بما تفعله هي بدورها" (Detti e pensieri، إديليبري، 201). وكم من معانٍ في هذا الصدد تحملها رواية الأرملة في الإنجيل، التي رغم فقرها وعوزها ألقَت في خزانة الهيكل "من حاجتها كل ما تملك، كل رزقها" (مر 12، 44). فيصبح فلسها البخس الذي لا قيمة له رمزاً ولا أبلغ: لأن هذه الأرملة أعطت الله لا من الفاضل عن حاجاتها ولا ما تملك، بل ما هي عليه، قُل ذاتها بكاملها. ويأتي هذا المقطع المؤثر من الإنجيل في وصف الأيام التي تسبق مباشرةً آلام المسيح وموته الذي، وكما يكتب القديس بولس، افتقر لأجلنا وهو الغنيّ لنغتني بفقره (راجع 2قور 8، 9)؛ لقد وهبنا ذاته بكليّتها. وزمن الصوم يحثنا من خلال فعل الصدقة أيضاً على السير على خطاه. ففي مدرسته نتعلّم كيف نجعل حياتنا عطاء كاملاً. فبالإقتداء به نصبح مستعدّين لا لإعطاء جزء مما نملك وحسب، وإنما لبذل ذاتنا بكاملها أيضاً. أوَلا يجوز بحقّ اختصار الإنجيل برمّته في وصية المحبة وحدها؟ إن فعل الصدقة في زمن الصوم يصبح بالتالي وسيلةً للتعمق في رسالتنا المسيحية. فعندما يبذل المسيحي ذاته مجاناً يشهد على أن المحبة ذاتها وليس الخيور المادية ما يحدد قوانين وجوده. فالمحبة إذاً هي ما يعطي الصدقة قيمتها وهي ما يشكل مصدر إلهام لأشكال مختلفة من العطاء، وفق إمكانيات كل واحد منا وظروفه.

6. أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، إن زمن الصوم يدعونا إلى أن "نتمرّس" في الأعمال الروحية، من خلال فعل الصدقة أيضاً، كيما ننمو في المحبة ونرى المسيح في وجوه الفقراء. نقرأ في أعمال الرسل أن الرسول بطرس توجه إلى المقعد منذ مولده المضجع على باب الهيكل يلتمس الصدقة فقال له: "لا فضة عندي ولا ذهب، ولكنّي أعطيكَ ما عندي: بإسم يسوع المسيح الناصريّ امشِ" (رسل 3، 6). فبفعل الصدقة نقدّم شيئاً مادياً كعربون للعطية الأكبر التي يمكننا تقديمها للآخرين من خلال التبشير بالمسيح والشهادة له، هو من بإسمه تكون الحياة الحقيقية. فليحملنا هذا الزمن على بذل مجهود شخصي وجماعي لإتمام مشيئة المسيح لكي نكون شهوداً لمحبته. ونسأل مريم أم الرب وخادمته الأمينة أن تساعد المؤمنين على خوض "معركتهم الروحية" في هذا الصوم المبارك متسلّحين بالصلاة والصوم وفعل الصدقة، كيما يبلغوا احتفالات الفصح المجيد بروح جديدة. وإنّي بهذه الأمنيات، أمنحكم جميعاً بركتي الرسولية
 
قديم 28 - 08 - 2014, 03:09 PM   رقم المشاركة : ( 5585 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,967

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

لماذا‏ ‏المسيح؟‏ (4)‏
‏3- ‏المسيح‏ .. ‏حياتنا‏
‏الأدبية‏ (‏أ‏)‏
لنيافة‏ ‏الأنبا‏ ‏موسي أسقف‏
‏الشباب
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ذكرنا‏ ‏في‏ ‏العدد‏ ‏الماضي‏
‏أن‏ ‏السيد‏ ‏المسيح‏ ‏هو‏:‏
‏1- ‏حياتنا‏ ‏الجسدية‏: ‏لأننا‏ ‏به‏ ‏نحيا‏ ‏ونتحرك‏ ‏ونوجد‏ (‏أع‏17:28).‏
‏2- ‏وحياتنا‏ ‏الروحية‏: ‏حينما‏ ‏ندخل‏ ‏إلي‏ ‏عشرة‏ ‏معه‏, ‏ويسكن‏ ‏فينا‏.‏
‏3- ‏المسيح‏ .. ‏حياتنا‏ ‏الأدبية‏: (‏أقامنا‏ ‏معه‏ ‏وأجلسنا‏ ‏معه‏ ‏في‏
‏السمويات‏ (‏أف‏2:7).‏
‏+ ‏السقوط‏ .. ‏والمهانة‏ ‏الإنسانية‏:‏
لاشك‏ ‏أن‏ ‏سقوط‏ ‏الإنسان‏
‏في‏ ‏الخطيئة‏ ‏أهان‏ ‏الكرامة‏ ‏الإنسانية‏, ‏وأنزل‏ ‏الإنسان‏ ‏من‏ ‏عرش‏ ‏كريم‏
‏إلي‏ ‏مهاوي‏ ‏الانحدار‏, ‏نذكر‏ ‏من‏ ‏ذلك‏ ‏ما‏ ‏يلي‏:‏
‏1- ‏تلوثت‏ ‏الصورة‏ ‏الإلهية‏: ‏التي‏ ‏خلقنا‏ ‏عليها‏, ‏فبعد‏ ‏أن‏ ‏كانا‏ ‏آدم‏ ‏وحواء‏
‏معا‏ ‏بثوب‏ ‏البر‏ ‏والقداسة‏, ‏وبشركة‏ ‏مع‏ ‏الله‏ ‏في‏ ‏جنة‏ ‏عدن‏, ‏إذ‏ ‏بالإنسان‏
‏يفقد‏ ‏هذه‏ ‏البرارة‏, ‏بالسقوط‏.‏
‏2- ‏تسللت‏ ‏الخطيئة‏ ‏إلي‏
‏عمق‏ ‏الإنسان
‏: ‏فبدأ‏ ‏الصراع‏ ‏بين‏
‏البشر‏, ‏وأصبح‏ ‏من‏ ‏الأمور‏ ‏العادية‏ ‏أن‏ ‏يقتل‏ ‏الإنسان‏ ‏أخاه‏, ‏كما‏ ‏قتل‏
‏قابيل‏ ‏هابيل‏, ‏وأن‏ ‏يكون‏ ‏هناك‏ ‏نسلا‏ ‏شريرا‏, ‏وأن‏ ‏يبدأ‏ ‏التداخل‏ ‏بين‏
‏أبناء‏ ‏الله‏ ‏وبنات‏ ‏الناس‏ (‏تك‏2:6). ‏ورأي‏ ‏الرب‏ ‏أن‏ ‏شر‏ ‏الإنسان‏ ‏قد‏
‏كثر‏ ‏في‏ ‏الأرض‏, ‏وأن‏ ‏كل‏ ‏تصور‏ ‏أفكار‏ ‏قلبه‏ ‏إنما‏ ‏هو‏ ‏شرير‏ ‏كل‏ ‏يوم‏
(‏تك‏5:6).‏
‏3- ‏خرج‏ ‏آدم‏ ‏وحواء‏ ‏من‏
‏الجنة
‏: ‏وهاما‏ ‏في‏ ‏الأرض‏,
‏يعيشان‏ ‏الحكم‏ ‏بالتعب‏, ‏إذ‏ ‏قال‏ ‏الله‏ ‏لآدم‏ ‏عن‏ ‏الأرض‏: ‏ملعونة‏ ‏الأرض‏
‏بسببك‏, ‏بالتعب‏ ‏تأكل‏ ‏منها‏ ‏كل‏ ‏أيام‏ ‏حياتك‏, ‏وشوكا‏ ‏وحسكا‏ ‏تنبت‏ ‏لك‏,
‏وتأكل‏ ‏عشب‏ ‏الحقل‏, ‏بعرق‏ ‏وجهك‏ ‏تأكل‏ ‏خبزا‏, ‏حتي‏ ‏تعود‏ ‏إلي‏ ‏الأرض‏
‏التي‏ ‏أخذت‏ ‏منها‏, ‏لأنك‏ ‏تراب‏ ‏وإلي‏ ‏تراب‏ ‏تعود‏ (‏تك‏3:17-19).
‏وقال‏ ‏الرب‏ ‏لحواء‏: ‏تكثيرا‏
‏أكثر‏ ‏أتعاب‏ ‏حبلك‏, ‏بالوجع‏ ‏تلدين‏ ‏أولادا‏, ‏وإلي‏ ‏رجلك‏ ‏يكون‏ ‏اشتياقك‏,
‏وهو‏ ‏يسود‏ ‏عليك‏ (‏تك‏3:16).‏
وهكذا‏, ‏وخشية‏ ‏أن‏ ‏يمد‏
‏يده‏ ‏ويأخذ‏ ‏من‏ ‏شجرة‏ ‏الحياة‏ ‏أيضا‏, ‏ويأكل‏ ‏ويحيا‏ ‏إلي‏ ‏الأبد‏ (‏في‏
‏خطيئته‏), ‏فأخرجه‏ ‏الرب‏ ‏الإله‏ ‏من‏ ‏جنة‏ ‏عدن‏, ‏ليعمل‏ ‏الأرض‏ ‏التي‏ ‏أخذ‏
‏منها‏, ‏فطرد‏ ‏الإنسان‏
‏وأقام‏ ‏شرقي‏ ‏جنة‏ ‏عدن‏
‏الكروبيم‏, ‏ولهيب‏ ‏سيف‏ ‏متقلب‏, ‏لحراسة‏ ‏طريق‏ ‏شجرة‏ ‏الحياة‏ (‏تك‏3:22-24).‏
‏4- ‏تمردت‏ ‏الطبيعة‏ ‏كلها‏
‏علي‏ ‏آدم
‏: ‏فبعد‏ ‏أكانت‏ ‏الخلائق‏
‏الحيوانية‏ ‏والنباتية‏ ‏والكونية‏ ‏تسير‏ ‏جميعها‏ ‏في‏ ‏خضوع‏ ‏لآدم‏ ‏وحواء‏,
‏وبطريقة‏ ‏إيجابية‏ ‏غير‏ ‏ضارة‏, ‏صارت‏ ‏هناك‏ ‏الوحوش‏ ‏المفترسة‏, ‏والحيات‏,
‏والهوام‏, ‏والكوارث‏ ‏الطبيعية‏: ‏كالزلازل‏ ‏والبراكين‏ ‏والسيول‏, ‏والنباتات‏
‏السامة‏
‏والبكتريا‏ ‏والميكروبات‏
‏والفيروسات‏ ‏المؤذية‏ ‏للإنسان‏.. ‏وبعد‏ ‏أن‏ ‏كان‏ ‏آدم‏ ‏تاج‏ ‏الخليقة‏ ‏وكاهنها‏,
‏الذي‏ ‏يرفع‏ ‏صلواتها‏ ‏وتسابيحها‏ ‏إلي‏ ‏الله‏, ‏تمردت‏ ‏عليه‏ ‏هذه‏ ‏الخلائق‏,
‏وصارت‏ ‏رعبا‏ ‏له‏, ‏وموتا‏.‏
‏5- ‏سقط‏ ‏آدم‏ ‏تحت‏ ‏سطوة‏
‏إبليس
‏: ‏فقد‏ ‏نجح‏ ‏إبليس‏ ‏في‏
‏أن‏ ‏يغوي‏ ‏آدم‏ ‏وحواء‏, ‏وبعد‏ ‏أن‏ ‏أكلا‏ ‏من‏ ‏شجرة‏ ‏معرفة‏ ‏الخير‏ ‏والشر‏,
‏وخالفا‏ ‏الوصية‏ ‏الإلهية‏, ‏سلما‏ ‏نفسيهما‏ ‏لإبليس‏, ‏يأخذان‏ ‏المعرفة‏ ‏منه‏,
‏وهي‏ ‏بلا‏ ‏شك‏ ‏معرفة‏ ‏الموت‏ ‏الدهري‏.
‏ولو‏ ‏أن‏ ‏الإنسان‏ ‏استمر‏
‏في‏ ‏شركة‏ ‏الله‏, ‏لما‏ ‏تلوثت‏ ‏طبيعته‏, ‏ولوصل‏ ‏إلي‏ ‏المعرفة‏ ‏الحقيقية‏
‏السليمة‏, ‏والاستنارة‏ ‏الإلهية‏ ‏المقدسة‏.‏
وتسلط‏ ‏إبليس‏ ‏علي‏ ‏البشرية‏,
‏وصار‏ ‏رئيسا‏ ‏لهذا‏ ‏العالم‏, ‏فهو‏ ‏الروح‏ ‏الذي‏ ‏يعمل‏ ‏الأن‏ ‏في‏ ‏أبناء‏
‏المعصية‏ (‏أف‏2:2).‏
‏6- ‏سقط‏ ‏آدم‏ ‏تحت‏ ‏حكم‏
‏الموت
‏: ‏لأن‏ ‏أجرة‏ ‏الخطية‏
‏هي‏ ‏موت‏ (‏رو‏6:23), ‏والموت‏ ‏الذي‏ ‏أصاب‏ ‏البشرية‏ -‏نتيجة‏ ‏السقوط‏- ‏هو‏
‏موت‏ ‏رباعي‏:‏
أ‏. ‏موت‏ ‏جسدي‏:
‏يصيب‏ ‏الجسد‏, ‏إذ‏ ‏نواري‏ ‏الإنسان‏ ‏التراب‏ ‏عند‏ ‏موته‏..‏
ب‏. ‏موت‏ ‏روحي‏:
‏يصيب‏ ‏الروح‏, ‏إذ‏ ‏تنفصل‏ ‏عن‏ ‏الله‏..‏
ج‏. ‏موت‏ ‏أدبي‏:
‏يصيب‏ ‏الكرامة‏ ‏الإنسانية‏, ‏إذ‏ ‏تهينه‏ ‏الخطيئة‏ ‏ويسيطر‏ ‏عليه‏ ‏الشيطان‏..‏
د‏. ‏موت‏ ‏أبدي‏:
‏إذ‏ ‏تنزل‏ ‏روحه‏ ‏إلي‏ ‏الهاوية‏, ‏تمهيدا‏ ‏للهلاك‏ ‏الأبدي‏ ‏في‏ ‏جهنم‏..‏
‏7- ‏انفصال‏ ‏الإنسان‏ ‏عن‏
‏الله
‏: ‏ولم‏ ‏يعد‏ ‏في‏ ‏شركة‏
‏معه‏, ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏كان‏ ‏يري‏ ‏الله‏ ‏ماشيا‏ ‏في‏ ‏الجنة‏ (‏تك‏3:8), ‏وبعد‏ ‏أن‏
‏كان‏ ‏يتمتع‏ ‏بالحديث‏ ‏مع‏ ‏الله‏
‏وهو‏ ‏يوصيه‏ ‏بكل‏ ‏ما‏
‏يبنيه‏, ‏ويحذره‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏ما‏ ‏يدمره‏, ‏ويخلق‏ ‏له‏ ‏حواء‏ ‏معينا‏ ‏نظيره‏
(‏تك‏2:18), ‏ويطلقه‏ ‏في‏ ‏فردوسه‏ ‏يأكل‏ ‏ويشبع‏ ‏ويحيا‏ ‏إلي‏ ‏الأبد‏!!.‏
 
قديم 28 - 08 - 2014, 03:13 PM   رقم المشاركة : ( 5586 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,967

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الله الحي

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


يعلق الكتاب المقدس أهمية على هذا اللقب دلالة على تقديره لقيمة الحياة. فالابتهال إلى الله الحي والمثول لديه كعبد الله الحي والقَسَم بالله الحي، هذا كله ليس فقط إعلاناً بأنه إله قادر و فعّال بل هو اعتراف له بالاسم الذي يعتز به وإشارة إلى قوته الحيوية.

تظهر الحياة في آخر مراحل الخلق وتتوجّه. وأخيراً يخلق الله، على صورته، أكمل المخلوقات الحية ألا وهي الإنسان. ولكي يضمن لهذه الحياة الناشئة الاستمرار والنمو، يمنح الله لها بركته. والأمنية المُثلى هي أن يتمتع الإنسان بالحياة الحاضرة أطول مدة ممكنة، على أرض الأحياء، و لا يموت إلاّ بعد شيبة صالحة، شيخاً وقد شبع من الحياة.

إلا أن هذه الحياة هي شيء سريع الزوال؛ فلا تتوفر الحياة إلا بصفة وقتية، فالمخلوقات الحية، بطبيعتها عرضة للموت، و ترتكز هذه الحياة على التنفس، على نسمة معرضة للزوال، لا تخضع للإرادة، هي نسمة هبة من الله ومتعلقة به باستمرار، هو الذي يميت ويحي، والحياة مجرد دخان وظل و لاشيء. وكل حياة هي من الله تأتي، ولكن نسمة الإنسان تصدر من لدنه تعالى بطريقة خاصة: نفخ الله في أنفه نسمة حياة يسترجعها لحظة الموت. ولهذا يكفل الله بحمايته حياة الإنسان، فيحرّم القتل. والله لا يرتضي بموت من يموت، فقد خلق الإنسان للحياة وللحياة الأبدية، لذا كان خصص له الفردوس الأرضي وشجرة الحياة التي كانت كفيلة بأن تجعله" يحيا إلى الأبد".

وحتى بعد أن حرَّم الله على الإنسان، بسبب معصيته، الاقتراب من شجرة الحياة، لم يعدل عن ضمان الحياة للإنسان التي سيهبه إياها مجدداً بموت و قيامة ابنه. وبمجيء المخلص أصبحت المواعد حقيقة واقعة.

 
قديم 28 - 08 - 2014, 03:14 PM   رقم المشاركة : ( 5587 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,967

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

يسوع المسيح هو الحياة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


يعطي المسيح الحياة قيمة عالية ، فهي أفضل من الطعام. و في نظره، إنقاذ نفس أسمى من الحفاظ على السبت نفسه. فما كان الله إله أموات ، بل إله أحياء؛ وهو نفسه يأتي بمعجزات شفاء و يعيد الحياة :لعازر، ابنة يائيرس ، ابن أرملة نائين . هذه القدرة على منح الحياة دليل على أن له سلطاناً على الخطيئة وعلى أنه يحمل الحياة التي لا تفنى أي الحياة الأبدية. إنها الحياة الحقيقية، لا بل هي " الحياة". ولذا لكي يربحها المرء و يتمتع بها، يجب أن يتخذ الطريق الضيق ويزهد في كل أمواله بل في نفسه ذاتها.

المسيح من حيث أنه هو "الكلمة" الأزلي،حاصل على الحياة منذ البدء. ومن حيث هو "الكلمة" المتجسد، هو كلمة الحياة، له التدبير في الحياة بملك سلطانه، ويفيضها بوفرة على كل الذين وهبهم الآب له؛ يعطي الماء الحي والخبز الحي و"كل من يحيا مؤمناً لا يموت أبداً" وإلا "فلا يرى أبداً الحياة".

يسوع المسيح الذي مات وقام من بين الأموات هو ملك الحياة. وهذا الانتقال من الموت إلى الحياة يتكرّر في كل من يؤمن بالمسيح؛ والمؤمن بعماده في موت يسوع وبقيامته معه إلى الحياة يحيا منذ الآن لله في المسيح يسوع فيعرف معرفة حيّة الآب و الابن الذي أرسله، وهذه هي الحياة الأبدية. وإذا اتحدت روح المؤمن بروح الله بواسطة المسيح أصبحت هي نفسها حياة، ويستطيع مثل هذا الشخص أن يقول "الحياة عندي هي المسيح" (فيليبي1/21).

الحياة مع المسيح التي هي ثمرة قيامته ممكنة بعد الموت مباشرة.غير أنها لن تُحقق كمالها إلاّ يوم يشترك الجسد نفسه فيها، بعد قيامته وتمجيده، في أورشليم السماوية، مسكن الله مع البشر "حيث يتدفق نهر الحياة، وحيث تنبت شجرة الحياة" (رؤ22/14و19).

 
قديم 28 - 08 - 2014, 03:15 PM   رقم المشاركة : ( 5588 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,967

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

"إذا أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا "(متى 19/17)

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

يتكلم الرب يسوع عن الحياة الأبدية، أي عن الاشتراك في حياة الله نفسها،و نبلغ إلى هذه الحياة بحفظ وصايا الرب، ومن ضمنها وصية " لا تقتل"، وهي أولى الوصايا العشر التي يذكر بها يسوع الشاب الذي جاء يسأله ما هي الوصايا التي عليه أن يحفظها. وهذه الوصية لا تُفصل أبداً عن محبة الله، إنها دوماً عطية من الله لنمو الإنسان وفرحه. والحياة عطية جزيلة من عطايا الله، وهو عندما يهب الإنسان الحياة يُلزمه بأن يحترمها ويحبّها ويطورّها وهكذا تصبح العطية وصية والوصية عطية. وهذه الحياة وُهبت للإنسان ويستطيع أن ينقلها بالحب واحترام قصد الله. ولكن سيادته ليست مطلقة بل هي خدمة وانعكاس لسيادة الله الوحيدة والمطلقة؛ لذا على الإنسان أن يمارس هذه الخدمة بالحكمة والمحبة والخضوع لشريعة الله المقدسة، خضوعاً حراً وفرحاً. فليس هو إذن السيد المطلق على الأشياء ،و بأَوْلى حجة على الحياة ،بل هو"في خدمة القصد الذي أقامه الخالق".

الله وحده هو سيد الحياة من بدايتها حتى نهايتها، ولا يسوغ لأحد، أياً كانت الظروف، أن يدّعي لنفسه حق القضاء مباشرة على كائن بشري." لا تقتل " هي أمر إلهي وفي صميم ميثاق الله مع شعبه. وإذ أن الإنسان مخلوق على صورة الله ومثاله، فالحياة البشرية، ومن ثمّ، تملك طابعاً من القدسية. وهذه الوصية "لا تقتل"تبيّن الحد الأقصى الذي لا يمكن أن نتخطّاه، لا بل، وأيضاً، تَحمُل الإنسان على أن يتمسك بموقف إيجابى ومدافع عن الحياة، والاحترام المطلق لها، وما تقتضيه من بذل وانفتاح وخدمة.

وصية "لا تقتل" ذكرّ بها التقليد الحي في الكنيسة، منذ بزوغه،بطريقة قاطعة ، كما تشهد بذلك الذيذاخيا: "ثمة طريقان : طريق الحياة وطريق الموت، بيد أن البون شاسع بين الطريقين[?.] هذه هي الوصية الثانية في عقيدتنا: لا تقتل ?.لا تقتل الطفل بالإجهاض ولا تميته بعد مولده [?..] إليك الآن طريق الموت: الذي لا يشفق على الفقير..." ونعلم أن القتل، في القرون الأولى من تاريخ الكنيسة، كان يُعد في لائحة الكبائر الثلاث ?مع الجحود والزنى- ويستتبع عقاباً علنياً بالغ المشقة والمدة قبل أن يُمنح القاتل التائب الصفح والعودة ثانية إلى حضن الشركة الكنسية.
وعليه

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة فإن كل من يقتل كائناً بشرياً بريئاً قتلاً مباشراً و متعمداً يرتكب خطأ فادحاً.

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة كل نيّة تتعمد الإجهاز على حياة بشرية بريئة هي دوماً عمل سيء من الناحية الأدبية، ولا يمكن قط تسويغها، ولا كهدف ولا كوسيلة لهدف جيد: "ليس ثمة شيء ولا أحد بإمكانه أن يسوّغ قتل كائن بشري بريء، أنطفة كان أم جنيناً، طفلاً أم بالغاً ،مسناً أم مريضاً مزمناً أم مدنفاً. ولا يسوغ لأحد أن يطلب القتل لذاته أو لغيره من الموكولين إليه، بل لا يسوغ له أن يذعن لذلك، بطريقة صريحة أو مضمرة، وليس من سلطة يجوز لها أن تأمر بذلك أو تسوّغه".
 
قديم 28 - 08 - 2014, 03:17 PM   رقم المشاركة : ( 5589 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,967

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

"من يد كل إنسان أطلب نفس أخيه "(تك9/5) -
الحياة البشرية مقدسة.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


تنطلق الكنيسة الكاثوليكية، في مواضيع منع الحمل و الإجهاض و تقنيات الإنجاب الاصطناعي والتشخيص السابق للولادة والقتل الرحيم و المعالجة العنيدة، من مبدأ كرامة الإنسان الإلهية كقاعدة أساسية لتعاليمها الأخلاقية، مستندة إلى الحياة الجديدة التي أسبغها السيد المسيح على العالم. وتندّد الكنيسة الكاثوليكية بكل ما يُرتكب من جرائم وانتهاكات باسم "حقوق الحرية الفردية"، وباسم الطب. فهناك جو ثقافي موجه غايته الإعلاء من شأن الإنسان إلى حد التأليه، جاعلاً منه المرجع الوحيد على الأرض يقرر ما يشاء و كأنه خالق كل شيء. و هذا الشعور يدفع الإنسان إلى الاعتقاد بقدرته على أن ينصّب ذاته سيد الحياة و الموت يقرّرهما كما يريد.

1- وسائل منع الحمل :

إن أهم تعليم رسمي ظهر في تنظيم الولادات ووسائل منع الحمل، هو رسالة البابا بولس السادس، "الحياة البشرية"، التي صدرت في 27 تموز 1968. فمنذ ذلك الحين، تسعى الكنيسة إلى توضيح فكرتها في هذا المجال، محلّلة آراء النقّاد والمختصين، ومستندة إلى خبرتها الطويلة في تفسير الشريعة الأدبية الطبيعيّة.

استناداً ما تُعلّمه الرسالة في هذا الشأن، وحرصاً منها على الحفاظ على بُعدَي الحبّ الجوهر بين "الاتحاد والإنجاب"، تنبّه الكنيسة الكاثوليكية أتباعها على خطر اللجوء إلى الوسائل غير الجائزة في تنظيم الولادات، لاعتقادها بأن التساهل في استعمالها يفسح المجال "للخيانة الزوجية والانحطاط العام في الأخلاق". وتحدّد الرسالة في تنظيم الولادات النهج الذي ينبغي للزوجين اتباعه: "?فمن ثمّ فليسا هما حرّين في مهمة نقل الحياة، وأن يتصرّفا على هواهما كما لو كان بإمكانهما أن يحدّدا، في استقلال تام، الطرق الكريمة التي ينبغي انتهاجها، بل يجب عليهما أن يطابقا بين مسلكهما وإرادة الله الخلاّق". من هذا المفهوم الخاص للزواج، ترفض الكنيسة الكاثوليكية كلّ أنواع وسائل الحمل في تنظيم الولادات، ما خلا الوسائل التي لا تمس "الدورات الطبيعية الملازمة لوظائف الإنجاب"، وتُجيز اللجوء إلى فترات العقم الطبيعية من دون المساس بالدورة الطبيعية "طريقة أوجينو ? مراقبة درجات الحرارة ? دكتور بيلينغنر". وهذه الطرق تحمل الزوجين على التفكير جدياً بأهمية الحمل وقبوله عندما يشعرا بضرورة الأبوّة والأمومة، فيحافظان هكذا على نوع من الرقي والاتزان النفسيين، ويتساويان في التغلب على غرائزهما الجنسية، وتشعر المرأة بأنها ليست أداة تسلية لرجلها فحسب، إنما شريكة فعّالة لها أهميتها ومكانتها في بناء العيلة وتكوينها.

2- الإجهاض :

رأتني عيناك جنيناً (مز138/16) الإجهاض جرم شنيع.

من المآسي التي ما برحت تهز الضمير الإنساني وتشغل باله كل مرة يتطرق إليها، مشكلة الإجهاض. فعلى الرغم من انتشار وسائل منع الحمل في كل مكان، هناك أعداد هائلة من الأجنّة يُقضى عليها كل سنة تقدر بالملايين. فما هي نظرة الكنيسة الكاثوليكية إلى الإجهاض عامة؟

تُذكر الكنيسة كل مرة بأن الله هو سيد الحياة، ومن ثم لا يحق للإنسان أن ينصب نفسه سيد هذا الكون، يفعل ما يشاء وكأنه مصدر كل شيء: "لابد من احترام الحياة البشرية وصيانتها على وجه مطلق منذ وقت الحبل. ولابد من الاعتراف للكائن البشري، منذ أول لحظة من حياته، بحقوق الشخص، ومنها الحق في الحياة الذي لا يمكن تخطيه، والعائد لكل كائن بريء"، "قبل أن أصورك في البطن عرفتك وقبل أن تخرج من الرحم قدستك" (إر1/5). ولقد أكدّت الكنيسة منذ القرن الأول شرّ كل إجهاض مفتعل على الصعيد الأخلاقي. وهذا التعليم لم يتغير. وهو باقٍ دون تعديل. الإجهاض المباشر، أي الذي يريده غاية أو وسيلة يتعارض بوجه خطير مع الشريعة الأخلاقية.

"لا تقتل الجنين بالإجهاض، ولا تُهلك المولود الجديد" (ذيذخيا 2/2)؛ وتؤكد الكنيسة في تعليمها "إن الله سيد الحياة والموت قد عهد إلى البشرية في مهمة الحفاظ على الحياة، وهي مهمة شريفة يجدر بالإنسان أن يقوم بها قياماً يليق به. فالحياة منذ وجودها بالحبل، يجب الحفاظ عليها بكل عناية. الإجهاض وقتل الأجنة هما جريمتان منكرتان". وفي السياق نفسه، يشدّد البابا يوحنا بولس الثاني على ضرورة احترام الطفل البريء الضعيف والأعزل، قائلاً: "الإجهاض المفتعل قتل متعمد ومباشر، أيّا كانت طريقته، يستهدف كائناً بشرياً لا يزال في الطور الأول من وجوده، في الفترة ما بين الحمْل والإنجاب".

وتتوغل الرسالة في تشخيصها للإجهاض ومفاعيله السلبية لتحمل على أولئك الذين يحرّضون المرأة على القيام بمثل هذا العمل. فالمسؤولية تقع خصوصاً على والد الطفل الذي غالباً ما يدفع المرأة إلى الإجهاض لأغراض شخصية رخيصة، منتهكاً كل الأعراف والقيم الأدبية. وتُحمِّل الرسالة أيضاً الأطباء والأجهزة الصحية مسؤولية الإجهاض "عندما يطوّعون للموت الكفاءات التي أحرزوها لدعم الحياة". أما مسؤولية المشرّعين "الذين دعموا الحياة وقرّروا قوانين الإجهاض"، فهي الأكثر جسامة في رأي الرسالة.

من هذا المنظار يبدو موقف الكنيسة من المطالبين بوجوب تشريع الإجهاض حازماً لا يرضى بأيّ تنازل، لأن كرامة الإنسان وقيمته هي أسمى من كل شيء: "حقُ كل فرد بشري بريء في الحياة، الذي لا يمكن التنازل عنه، هو عنصر من العناصر المكوّنة للمجتمع المدني وتشريعه". "وعلى الشريعة بنتيجة الاحترام والحماية الواجب تأمينها للولد منذ الحبل به، أن تُعد عقوبات جزائية مناسبة على كل مخالفة متعمّدة لهذه الحقوق".

3- الفحص الذي يسبق الولادة :

ثمة معضلة أخرى تنصبّ في سياق موضوع الإجهاض، ألا وهي التشخيص السابق للولادة.

إن موقف الكنيسة الكاثوليكية من هذه المسألة واضح للغاية. فالحياة الإنسانيّة، سليمة كانت أمّ مشوّهة، تبقى على صورة الله ومثاله. ولا يُسوّغ لأحد أن يتصرف بها وكأنّه المصدر والغاية، وتضيف: "بما أنه من الواجب معاملة الجنين منذ الحبل به كشخص، فلابد من الدفاع عن سلامته الجسديّة، ورعايته وشفائه قدر المستطاع، مثل أي كائن بشري آخر: "يجب اعتبار الإجراءات على الجنين البشري جائزة، شرط أن تُحترم حياة الجنين وسلامته الجسديّة، وأن لا تسبّب له أخطاراً أكبر، بل أن تهدف إلى شفائه أو إلى تحسّن أوضاعه الصحيّة، أو إلى إبقائه على قيد الحياة". إذاً، من الجائز أخلاقياً إجراء الفحص الذي يسبق الولادة إذا احتُرم حياة الجنين البشري وكماله الطبيعي، وكل "إنتاج أجنةٍ بشريةٍ مهيأةٍ للاستثمار كمادة حيوية جاهزة عمل يتعارض والأخلاق". فإن "بعض محاولات التدخل في الإرث الكروموزميّ أو التناسلي ليست للعلاج، وإنما تسعى إلى استحداث كائنات بشرية مختارة بحسب الجنس أو صفات أخرى مقررة سابقاً. إن هذا التلاعب يتعارض وكرامة الكائن البشري الشخصية، وكماله وهويته الفريدة والتي لايمكن أن تتكرر".

4- الأوتنازيّا أو الميّتة الميّسرة، والانتحار، التعنت العلاجي :

"أنا أميت وأحيي" (تث32/39) ? مأساة القتل الرحيم

آ - الأوتنازيّا : للكنيسة الكاثوليكية في هذه المسألة رأي واضح يعبّر عن عمق قناعاتها وإيمانها بالإنسان وقيمته الروحيّة، فمن تضاءلت حياتهم أو ضعفت يقتضون احتراماً خاصاً، والأشخاص المرضى أو المعاقون يجب مساندتهم ليحيوا حياة طبيعية قدر المستطاع. و"الاوتنازيا" المباشرة، مهما كانت أسبابها ووسائلها، تقوم على وضع حدّ لحياة أشخاص معاقين، أو مرضى، أو على شفير الموت. وهي غير مقبولة من الوجهة الأخلاقية. وهكذا فكل عمل أو إهمال من شأنه أن يسبب بذاته وبنيّة صاحبه الموت للقضاء على الألم، هو قتل يتعارض بوجه خطير وكرامة الشخص البشري، واحترام الله الحيّ، خالقه.

ولعل المسائل الاجتماعية والاقتصادية هي أهم ما يسيء إلى قيمة الإنسان وكرامته إن هي تحكّمت بمصيره وجعلته يشعر بعدم أهميته ومكانته بين أترابه. فإذا ما تغلغلت روح المنفعيّة في مكان ما، يضحي الإنسان مجرد آلة تستخدم في خدمة الآخرين، ثم تُرمى بعيداً حالما تُستنزف طاقتها. نحن هنا أمام مظهر من أرهب مظاهر "حضارة الموت" التي تتسرّب خصوصاً إلى المجتمعات المترفة المطبوعة بطابع الذهنية المنفعية، ومعها تمسي الحياة بلا معنى إذا أصابها عجز لا شفاء منه.

ب - التعنّت العلاجي : في حين ترفض الكنيسة كل شكل من أشكال القتل الرحيم "الاوتنازيا"، تجد في التعنت العلاجي ضرباً من المكابرة وعدم مواجهة الواقع. فهناك حالات مرضيّة مستعصية لا يمكن شفاؤها، كتوقف الدماغ عن العمل، وما الإلحاح في معالجتها سوى محاولات يائسة لا تجدي نفعاً: "التوقف عن الإجراءات الطبيّة المكلفة والخطرة وغير العادية، أو التي لا تتناسب والنتائج المرتقبة، يمكن أن يكون شرعياً. إنه رفض "التعنت العلاجي". فليست النيّة عندئذ التسبب بالموت، وإنما القبول بالعجز عن الحؤول دونه. ويجب أن يتخّذ المريض القرار إذا كانت له الصلاحية والقدرة، وإلا فمن لهم الصلاحية القانونية، على أن تحترم أبداً إرادة المريض المعقولة ومصالحه المشروعة." ولكن ذلك من غير أن توقف العلاجات العادية التي تحق للمريض في مثل هذه الحال: "لا يمكن بوجه شرعي التوقف عن إعطاء المساعدات الواجبة عادة لشخص مريض، وإن حُسب مشرفاً على الموت". واستعمال المسكنّات لتخفيف آلام المُشرف على الموت، يمكن أن يكون متوافقاً مع الكرامة البشرية، إذا لم يكن الموت مقصوداً، وإنما متوقعاً ومحتملاً بكونه لا مهرب منه.

العلاجات المسكنّة هي صيغة مميزة للمحبة النزيهة.ولقد شجعت الكنيسة منذ أمد بعيد الأبحاث العلمية في معظم ميادينها، لكنها، في الوقت عينه، كانت متنبّهة لكل انحراف قد يصدر عن هذا العلم أو ذاك.

ج - الانتحار: كل إنسان مسؤول عن حياته أمام الله الذي منحه إيّاها، ويبقى هو، الله، سيدها الأعظم. يقبل الإنسان الحياة بالشكر، ويصونها إكراماً لله الحي. فهو وكيل ومؤتمن عليها وليس له الحق بالتصرف بها. والانتحار يتعارض وميل الإنسان إلى الحفاظ على حياته والاستمرار فيها؛ فهو يتعارض بوجه خطير ومحبة الذات ويُسيء أيضاً إلى محبة القريب. الانتحار يتعارض مع محبة الله الحيّ.

وتدعونا الكنيسة أن لا نيأس من خلاص الأشخاص الأبدي، إذا ما انتحروا، فالله يستطيع أن يهيء لهم، بالطرق التي يعلمها، الظرف الملائم لندامة تخلصهم. والكنيسة تصلي من أجل الأشخاص الذين اعتدوا على حياتهم الخاصة.

 
قديم 28 - 08 - 2014, 03:18 PM   رقم المشاركة : ( 5590 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,967

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

المجد لله

في الأعالي و على الأرض السلام

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


و في الناس المسره





صلاه حاره نرفعها الي الله لكي
يبارك بلادنا الحبيبه مصر و يعطي للجميع عاما جديدا سعيدا افضل من كل الأعوام
السابقه. و ان يحفظ لكل انسان ايمانه عاملا حيا . ثابتا قويا ليواجه به سلطان
الظلمه .


و قوات الشر و الأنحرافات
الأخلاقيه و السلوكيه التي تطل برأسها علي عالمنا هذا . ضراعه بها أسكب نفسي أمام
الهي أن يعطي كل منا عمرا سعيدا مكملا بالصحه و السعاده و الهدوء و القداسه .
شاهدا لمجد الله و عمل نعمته في كل منا
. ساطعا بنور الفضائل منيرا أمام الجميع السبيل الي
السماء
.


يرتبط بدء العام الميلادي
الجديد بتلك الترنيمه التي اصبحت علي كل لسان يتحدث بها الفم . و علي غرارها و من
معانيها ينشد الكثير من الأناشيد و تلقي العظات العديده .


(المجد
لله في الأعالي و علي الأرض السلام و في الناس المسره) .


و الذين يؤمنون بالسيد المسيح
يرون في هذه الأنشوده ملخصا قويا لما أتي السيد المسيح لأجله . و أختصارا قويا لما
حوته تعاليمه . و الذين لا يؤمنون بالسيد المسيح يرون فيها تبشيرا للعالم بالسلام
.


و أراحه لقلب العالم الواجف و
نداء يذكرونه كلما مرت فتره من التوترات و التهديدات . و يطالبون القاده بأتباع
نورها و السير بوحيها و حل المشكلات علي هديها
. أنها صوره في كلمات منيره جميله لأراده الله و
اراده البشر . أن الله يريد ان يتمجد في خليقته . و ان تمجده خليقته . و يريد
للأرض سلاما لأنه اله السلام . و يريد للناس المسره النابعه من السلام المنبثقه من
الطمأنينه التي يهبها رب السلام
..

ان العالم يبحث الآن عن الطريق
الي السلام .


الطريق الي اصلاح سياسي و
اجتماعي كامل
. الطريق
الي اخاء شامل . الي سعاده تامه و محبه كامله . ولست أدري لماذا يتخبط في البحث عن
الطريق بينما الطريق واضح أمامه مضيء . أن العالم في تخبطه ذاك كمن يحوي بيته كنزا
عظيما و لكنه يجول منقبا و يحفر هنا و هناك لعله يعثر علي هذا الكنز . يقينا انه
لن يجد الكنز الذي تطمح نفسه اليه
. و حتي اذا عثر عليه فسيري فيه كنزا هزيلا لا يشبع
من جوع و لا يروي من عطش و لا يسمن من جسد .


فالعالم يجري وراء الشر . وراء سفك
الدماء و الأغتيالات . أنه يجري وراء السطوه و القوه و القوي يلتهم الضعيف و ليس للسلام
مكانا في داخله . أنه يجري وراء المظاهر الخارجيه حتي أبتعد الأحتفال بميلاد السيد
المسيح عن العمق الي السطحيات . ليت العالم يفيق و يعود الي ماضيه عندما كانت
القلوب تفرح مع دقات اجراس الكنائس في مختلف انحاء العالم لتعلن في ليله الميلاد
ذكري ميلاد السيد المسيح و تسري في القلوب فرحه و تغمر النفوس موجه من البهجه
الصادقه و الأمل الباسم . لأنها ذكري مولد المحبه و السلام .


ولكن للأسف أصبحت
القلوب واجمه و الأحتفالات جافه روحيا و منتعشه عالميا . لقد تعرضت البشرية لضيقات
كثيرة تحطمت معها قلوب العذارى وتقوست منها ظهور الشباب .


فقد تفشت الأنانية وعم
الفساد
. كلت العيون من التطلع إلي
السماء انتظار للمخلص المرتقب و الفادي المنتظر
. لقد ظلت الخليقة كلها تئن وتتمخض ? لقد تعبد
الناس لعشتاروت وبعلزبول و الزهرة آلهة الشر والشهوة ? لقد اتقوا و عبدوا المخلوق
و تركوا الخالق
? لقد
اشتكي العالم من ثقل خطاياه فبلغت مسامع رب الجنود صيحاه (أيها الرب ألهنا خلصنا)
(أش 37: 20) فاستجاب الرب وأعلن استعداده للخلاص" قريب بري قد برز
خلاصي
"(اش 51 : 5
).

لقد ظل البشر طوال أربعة قرون
ينتظرون وحيا من السماء ، و لكن هيهات لهم ذلك .. لقد اعتقدوا أن السماء ناصبتهم
العداء . و صار ظنهم أن السماء لا تهب و لا تعطي بل تطلب و تأخذ العطاء .. و
قديماً اعتقد قدماء المصريين أن إلههم
(النيل) يطلب منهم كل عام أجمل عذراء و كانوا
يقدمونها له .. و أعتقد العمونيين أنهم يسترضون الههم (مولوخ) بتقديم أبناءهم و
فلذات أكبادهم علي ذراعيه المحميتين بالنار .. الخ. و لكن حينما جاء السيد المسيح
فرح البشر بهدية السماء . لقد رأو فيه حب السماء للأرض متجسداً ومتجلياً و أدركوا
ان السماء تعطي وتهب . لقد تعود البشر قديماً أن تجاوبهم السماء و تستجيب لهم و
ترعد بالنار و تبرق بالصواعق ، و لكن بعد الميلاد تغيرت الأحوال فلا بروق ولا رعود
ولا صواعق ولا دخان بل نور مضيء وقاد و أصوات وأفراح وتهليل و غناء
.

لقد لجأت البشرية قديماً إلي
كل الوسائل لتتخلص من الظلام الدامس القائم حولها و الليل الحالك الممسك بزمامها.
ذلك الظلام الذي تختلط فيه دماء آثامها بدموع آلامها . تطلعت إلي الطبيعة بأنهارها
و جبالها لعلها تجد فيها ما يشفيها و لكن هيهات لها أن ترثى المتألم .. أنها حقاً
تسحر الإنسان بجمالها لكنها تسخر منه و لا تشفق عليه .. تطلعت إلي قوة الرومان
لعلها تعوضها عن ضيقاتها وعن سقطاتها فوجدتها وقد تخدرت و سكرت بدماء انتصاراتها المتعددة
فالقوة غادرة بقدرتها كالنار





المتأججة تلتهم كل ما يقابلها . تطلعت إلي الحكمة في أثينا . لعلها ترشدها و
تفيقها فوجدتها غارقة في أوهامها و ضلالاتها . أضف إلي ذلك أن الحكمة تتعالى علي
البشر في ضعفاتهم و جهالاتهم و لا تهديهم في ضلالاتهم . تطلعت إلي عبدة أورشليم و
لكنها وجدتها كالحمامة التي حطم النسر الروماني جناحيها و هيهات لها حينئذ أن تترنم
فالعبادة الصورية تشقى بنورها الخافت و لا تشفي .. لكن ها هي الإنسانية تعود إليها
سعادتها وحريتها المفقودة فتصبح متمتعة بحرية أولاد الله .. لقد شاءت عناية السماء
ان تقدم للبشرية هدية طربت لها قلوب الشباب و الأشياب.


لقد فتحت السماء المغلقة
أبوابها تنفيذاً لأمر الفادي الحبيب الذي أعلن قائلاً (من الآن ترون السماء مفتوحة
و ملائكة الله صاعدة و نازلة). وافتقد الرب شعبه . و تم المكتوب و زال القضيب من
يهوذا و جاء شيلون . لقد انسكبت الرحمة بغنى وفير و فاض حب الله العزيز فها هي حنة
تترنم وسمعان الشيخ يهتف قائلاً " الآن تطلق عبدك يا سيد بسلام
" .

لقد توقع بعض حكماء اليهود
وأتقياءهم أن هدية السماء المرتقبة سوف تأتي في وضح النهار وعلي أجنحة النور و لكن
السماء أرسلت هديتها في جنح الظلام لأن نور العالم وشمس البر ليس في حاجة إلي
أنوار .


و في أورشليم المتعبدة و التي كانت في نظر العالم في مكانة القلب للجسد
توقع رجالها أن تضع السماء هديتها في أحضان مدينتهم . . و في روما المتسلحة مصدر
القوة و الحياة توقع فلاسفتها أن تشرفهم السماء بأن تكون هديتها من بلادهم . لكن
لا ! لقد قدمت السماء هديتها في بيت لحم
.

إن ميلاد السيد المسيح إنما هو
ميلاد النور "كان النور في العام ، و لم يعرفه العالم و النور يضئ
الظلمة" لقد أنار الحياة و الخلود .. نور أشرق علي الجالسين في الظلمة و ظلال
الموت .. استنارت به أفكار المؤمنين فسمت إلي البر و استيقظت ضمائرهم فنأت عن الشر
و ثبتت فيه إرادتهم فدأبت علي الخير، و من يعمل الحير يقبل إلي النور لكي تظهر
أعماله ? أنها بالله معمولة ، و أضاء نور كلماته القدسية في قلوبهم أشد لمعاناً من
كل ضياء
? و لا عجب فهو شمس البر و
الشفاء في أجنحتها و هو القائل : أنا هو نور العالم من يتبعني لا يمشي في الظلام



 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 01:17 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024