28 - 08 - 2014, 02:43 PM | رقم المشاركة : ( 5571 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أول وعد كان السقوط في الجنة الأولى مأساة.. أفقدت الإنسان كل الامتيازات التي خصّه بها الله.. وصار الإنسان عريانًا مهانًا مخذولاً.. مطرودًا من وجه الله.. ولم يكن هناك بصيص أمل في استرداد المجد الأول والنعمة العظيمة التي تمتع بها آدم وحواء. وفي وسط هذا الظلام الحالك.. أشرق نور عظيم بوعد مقدس: أن نسل المرأة يسحق رأس الحية: "وأضع عداوة بينكِ وبين المرأة، وبين نسلِكِ ونسلها. هو يسحق رأسكِ، وأنتِ تسحقين عَقبه" (تك3: 15). من هو هذا النسل القادر أن يسحق رأس الشيطان؟ ظنت حواء أنه أول وُلد لها، فسمته قايين "وقالت: اقتنيت رجلاً من عند الرب" (تك4: 1). فرحت حواء بأول قنية، حاسبة أنه سيخلصها وزوجها من سم الحية.. ولكن للأسف كان قد لُدغ هو أيضًا وصار أول مجرم على وجه الأرض. عندما اكتشفت حواء مبكرًا أن قايين ليس هو المخلص، أسمت ابنها الثاني هابيل أي (بسيط، نجار، زائل) لأنها أدركت أنه ليس هو أيضًا المخلص. وكان على البشرية أن تنتظر أجيالاً كثيرة ليأتي "مخلِّص هو المسيح الرب" (لو2: 11)، متجسدًا ليس من حواء الأولى التي أخطأت.. بل من حواء الثانية الحقيقية القديسة الطاهرة مريم العذراء. وكان هدف الله خلال هذه الأجيال الطويلة أن يرتقي بالبشرية ويهيئها ويُعدها للإيمان بتجسده.. ومع ذلك لم يؤمن الكثيرون.. وللآن أيضًا كثيرون لا يستطيعون أن يصدقوا أن الله تجسد. |
||||
28 - 08 - 2014, 02:44 PM | رقم المشاركة : ( 5572 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أول ذبيحة "وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما" (تك3: 21). هذا الجلد الذي استخدمه الله في عمل أقمصة يستر بها عري آدم وحواء.. هو جلد حيوان ذبحه الله ليُعرّف الإنسان أن في ملء الزمان سيأتي الذبيح الأعظم ليموت عوضًا عن الإنسان.. وعرف آدم حينئذٍ أن طريقة التقدم إلى الله لابد أن يكون فيها ذبيحة دموية. وعرف كذلك أن هذه الذبيحة هي مجرد رمز وإشارة إلى المخلص الحقيقي ربنا يسوع المسيح.. ونتيجة هذه الذبيحة يصير للإنسان فداء وستر على خطيته كمثلما ستر الله عريهما بالجلد.. وهذا تحقق لنا بالحقيقة في شخص ربنا يسوع المسيح الذي تجسد ومات لأجل فدائنا "الذي فيه لنا الفداء بدمه، غفران الخطايا" (أف1: 7)، "وليس بدم تيوس وعجول، بل بدم نفسه، دخل مرة واحدة إلى الأقداس، فوجد فداءً أبديًا" (عب9: 12). هذا الفداء الذي تبررنا به أمام الله.. "متبررين مجانًا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح" (رو3: 24). |
||||
28 - 08 - 2014, 02:49 PM | رقم المشاركة : ( 5573 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
«لتكن لا إرادتي بل إرادتك» وتسليمه الجسد لحَمْل خطايا البشرية على الخشبة ثم قبول(لو 42:22)، الموت: «في يديك أستودع روحي» (لو 46:23) كآخر صورة لإخلاء الذات. والآن بعودتنا إلى صوم الأربعين المقدسة نجدها أهم وأخطر فترة في حياة المسيح وحياتنا في المسيح، التي أعدَّته وتعدُّنا لقبول الآلام والموت، والتي أَهَّلته وتؤهِّلنا لقيامة النصرة بالروح، وخلقة الإنسان الجديد غالب العالم والآلام والموت ووريث الحياة الأبدية مع الآب والابن والرسل القديسين؛ كدعوة القديس يوحنا الرسول (1يو 1:1-4). هكذا يقف الصوم الأربعيني المقدس في ترتيب الكنيسة وتقويم الإنسان المؤمن لطريق الحياة الأبدية وتأهيل الإنسان للخلقة الجديدة والبنوَّة لله. ما معنى هذا في مفهوم الطقس الكنسي والتدبير الإلهي؟ معناه أن إتقان الصوم الأربعيني المقدس هو أول خطوة للمؤمن المسيحي للتأهيل لميراث البنوَّة لله وشركة الحياة الأبدية. وعلى أيِّ أساس؟ على أساس البدء بتدريب الإنسان على إنكار شهوات الجسد وبذل الذات؛ لأن غلبة العالم تقوم على هاتين الفضيلتين: إنكار شهوة العالم، وبذل الجسد الذي يُمثـِّل الذات البشرية في أقوى صِلاتها بالعالم: «ثقوا، أنا قد غلبت العالم» (يو 33:16)، «ليسوا من العالم كما أني أنا لستُ من العالم» (يو 16:17). وهذا قمة الاستنارة في اللاهوت الخلاصي: «هذه هي الغلبة التي تغلب العالم: إيماننا» (1يو 4:5)، لأن غلبة العالم هي: "إيماننا المسيحي". ولكن ... ولكن الجسد وشهوات الجسد في العالم لا يمثـِّل كل الذات البشرية. فـ «المولود من الجسد جسدٌ هو، والمولود من الروح (القدس) هو روح» (يو 6:3). ونحن وُلدنا بالجسد في الخطية: «بالخطية ولدتني (حبلت بي) أُمي» (مز 5:51)، ووُلدنا في الروح في المسيح بإيماننا بالمسيح أنه ابن الله وأن الله الآب أرسله إلى العالم لمحو خطايانا بموته وفدائنا من الموت بقيامته: «وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله» (يو 12:1). فــ «الروح (القدس) نفسه أيضاً يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله» (رو 16:8). بهذا الميلاد الروحي الجديد وتجديد الخلقة لميراث الحياة الأبدية، نكون قد خلعنا الإنسان العتيق بكل أعماله الميتة، واغتسل ضميرنا بدم المسيح، ودخلنا في صميم شركة الروح بالآب والابن. ما معنى هذا؟ معناه أننا أكملنا إنكار الذات وبذلها، وأكملنا عمل الصوم الأربعيني والموت مع المسيح واستحققنا شركة الحياة الأبدية؛ لأن بذل الجسد وإنكار شهواته لا يؤهِّل وحده لشركة الحياة الأبدية التي إليها دُعينا، إذ لابد من شركة جسد المسيح بالروح لقبول شركة البنوَّة للآب. وشركة البنوَّة هي شركة ليست فردية، أي لا تُعطَى لأي فرد مهما كانت قداسته، إذ هي شركة الابن الوحيد وتُعطَى للجميع في المسيح: «كأس البركة التي نُباركها، أليست هي شركة دم المسيح؟ الخبز الذي نكسره، أليس هو شركة جسد المسيح؟ فإننا نحن الكثيرين خبزٌ واحد، جسدٌ واحد، لأننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد» (1كو 10: 17،16). كيف يكون هذا؟ هذا يكشف سرَّه القديس بولس الرسول في قوله عن عدم نفع أعمال الجسد من صوم ووعظ ونبوَّة وإيمان - حتى لو كان الإنسان قادراً أن ينقل الجبال - بدون محبة، فإنه يكون لا قيمة له ولا يصلح لميراث الحياة الأبدية: «إن كنت أتكلَّم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة، فقد صرتُ نحاساً يَطِنُّ أو صَنْجاً يرنُّ. وإن كانت لي نبوَّة، وأعلم جميع الأسرار وكل علم، وإن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال، ولكن ليس لي محبة، فلستُ شيئاً. وإن أطعمتُ كل أموالي، وإن سلَّمتُ جسدي حتى أَحتَرِق، ولكن ليس لي محبة، فلا أنتفع شيئاً» (1كو 1:13-3). وبدأ بولس الرسول الموهوب بالنعمة الفائقة يشرح ما هي المحبة حتى لا يكون لدينا عذر أو مماحكة: + «المحبة تتأنَّى وترفق. المحبة لا تحسد. المحبة لا تتفاخر، ولا تنتفخ، ولا تُقبِّح (النزول بالمحبة إلى مستوى الشهوة القبيحة)، ولا تطلب ما لنفسها (محبة من أجل المنفعة الذاتية)، ولا تحتدُّ (أي لا تظلم وتضطهد وتُسيء بدعوى التأديب)، ولا تظنُّ السوء (كل بغضة وكراهية سببها الظن بالسوء)، ولا تفرح بالإثم (الشماتة) بل تفرح بالحق (= فرح إلهي)، وتحتمل كل شيء (الصبر الطويل)، وتُصدِّق كل شيء (في بساطة إلهية)، وترجو كل شيء (في المسيح)، وتصبر على كل شيء. (وأخيراً) المحبة لا تسقط أبداً (عن مستوى الصليب)»(1كو 4:13-8). ويزيد بولس الرسول في تأكيد قدرة المحبة على غلبة العالم والزوال والفناء! |
||||
28 - 08 - 2014, 02:50 PM | رقم المشاركة : ( 5574 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
«فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس» (يو 4:1). وابتدأ رسالته الأولى: «الله نورٌ وليس فيه ظلمة البتة» (1يو 5:1). والنور عند القديس يوحنا هو الله وهو الحق وهو المحبة. ثم يقيس حياة الإنسان وعمله على ضوء هذه الحقائق: «إن قلنا إن لنا شركة معه وسلكنا في الظلمة، نكذب ولسنا نعمل الحق»(1يو 6:1)، حيث الظلمة هي الشيطان وكل أعماله وأخطرها بالنسبة لله هي العداوة والبغضة والكذب. فأيُّ ميل في ضمير الإنسان نحو العداوة والبغضة (حتى ولو كانت ضد الأعداء) تفصلنا مباشرة عن الشركة مع الله |
||||
28 - 08 - 2014, 02:51 PM | رقم المشاركة : ( 5575 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
«إن سلكنا في النور كما هو في النور، فلنا شركة بعضنا مع بعض، ودم يسوع المسيح ابنه يُطهِّرنا من كل خطية» (1يو 7:1)، «مَن قال إنه في النور وهو يُبغض أخاه، فهو إلى الآن في الظلمة... مَن يُبغض أخاه فهو في الظلمة، وفي الظلمة يسلك، ولا يعلم أين يمضي (يختفي طريق الله من قلبه ومن أمام عينيه)، لأن الظلمة (الشيطان) أعمت عينيه» (1يو 2: 11،9). وهكذا يرى القديس يوحنا أن طريق الحياة الأبدية في المسيح منير ويضيء للسالكين فيه بالمحبة الأخوية الصادقة عديمة الغش والرياء (1بط 22:1)، وكأن محبة الجماعة المسيحية بعضها لبعض كمصباح يضيء أمامهم الطريق ويرفع من قلوبهم محبة الذات ومن طريقهم العثرات المؤدية للهلاك وأخطرها بغضة الأخ لأخيه. والقديس يوحنا الرسول يُعرِّف المحبة أنها الحياة الأبدية التي كانت مخفية في الآب وأُظهِرَت لنا بظهور المسيح |
||||
28 - 08 - 2014, 02:53 PM | رقم المشاركة : ( 5576 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
«فإنَّ الحياة أُظهِرَت،وقد رأينا ونشهد ونُخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآبوأُظهِرَت لنا» وأن البغضة هي الشيطان وهي الموت وهي(1يو 2:1)، القتل، وقد ظهرت في قايين لما قام على أخيه وذبحه لأنه حسده وأبغضه لأن الله قَبـِلَه وقَبـِل قرابينه. لذلك عبَّر القديس يوحنا الرسول عن البغضة بأنها هي القتل: «مَن يبغض أخاه فهو قاتل نفس» (1يو 15:3)، وهو تعبير مخيف ومُرعب لكل إنسان يعيش في حياة الحسد والبغضة، وقد أوضحها الرب يسوع في عظته على الجبل: «سمعتم أنه قيل للقدماء: لا تقتل، ومَن قتل يكون مُستوجب الحُكْم. وأما أنا فأقول لكم: إنَّ كل مَن يغضب على أخيه باطلاً (أي من أجل أمور العالم الباطلة) يكون مستوجب الحُكْم (بالقتل)» (مت 5: 22،21). هنا كَشفٌ خطير لعمل الشيطان بإزكاء روح الحسد والبغضة بين الإخوة من أجل أمور العالم الباطلة، وهو أيضاً كَشفٌ خطير للذات المريضة التي أفسدتها القدوة الرديئة والتعاليم الباطلة ومشورة الشيطان المؤدية إلى الهلاك. وهكذا إن كان الصوم الأربعيني المقدس هو الفرصة الذهبية لقمع الجسد وضبط الشهوات وإخماد الانحراف نحو ملذَّات العالم؛ فهو، بآنٍ واحد، فرصة إلهية لكشف أية ميول ذاتية نحو الحسد والغيرة والبغضة، وفي المقابل إزكاء روح المحبة والمودة الإلهيتين بالصدق والتضحية وبذل الذات من أجل حب القريب بكل تضحية مهما كانت غالية. فنهاية العالم وكل شيء هو المسيح أمامكم مصلوباً ممزَّق الجسد من أجل طاعته لأبيه ومحبته للبشر «هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل مَن يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» (يو 16:3). |
||||
28 - 08 - 2014, 02:58 PM | رقم المشاركة : ( 5577 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وجوه من صفحات الإنجيل تحت نور معرفة الذات والآخر, نقرأ في صفحات الإنجيل المقدس/ العهد الجديد شخصيات: عرفت ذاتها: يوحنا المعمدان.....يسوع المسيح. عرفت الآخر ودلّت عليه: يوحنا / يسوع ? يسوع/ نتنائيل. وجِّهت إليها الدعوة لمعرفته:"من تقول الجموع إني أنا؟" تساءلت عن "الشخص- الآخر- يسوع": من أنت؟ أأنت ابن الله"... عرّف يوحنا المعمدان ذاته بأنه الصوت الصارخ في البرية ليُهيّئ طريق الرب (متى3/3ب)هو يُعمِّد بالماء والذي يجيء بعده هو أقوى منه وليس بأهلٍ لأن يحمل حذاءه (متى3/11)، هو من يحتاج لأن يتعمّد على يد يسوع (متى3/14). شهد يوحنا وقال: "ما أنا المسيح، بل رسول قُدّامه. مَن له العروس فهو العريس. وأمّا صديق العريس, فيقف بجانبه يصغي فرحاً لهتاف العريس. ومثل هذا الفرح فرحي, وهو الآن كامل. له هو أن يزيد, ولي أن أنقُص" (يو3/27-30). شهد يوحنا بأنه لم يكن هو النور بل شاهداً للنور (يو1/8), اعترف يوحنا وما أنكر بأنه ليس "المسيح" ولا" إيليا" ولا"النبي",وعندما سألوه من أنت ... ماذا تقول عن نفسك؟ قال:"أنا صوت صارخ في البرية...أنا أُعمِّد بالماء...أنا رأيت وشهدت". (يو1/20-30). عرف يوحنا المعمدان الآخر ? يسوع وقال فيه: هو حَمَل الله الذي يرفع خطيئة العالم, هذا هو الذي قلت فيه: يجيء بعدي رجل صار أعظم مني, لأنه كان قبلي وما كنت أعرفه... ولكن الذي أرسلني لأعمد بالماء قال لي: الذي ترى الروح ينزل ويستقر عليه هو الذي سيعمّد بالروح القدس (يو1/19-34). أرسل يوحنا تلاميذه إلى يسوع لأنه هو حَمَل الله, هو العروس, هو مَنْ جاء من فوق, هو من أرسله الله يتكلّم بكلام الله, لأنّ الله يَهَب الروح بغير حساب. وبالتبادل أيضاً عرف يسوع الآخر- يوحنا: "تحدّث يسوع إلى الجموع عن يوحنا فقال: "ماذا خرجتم إلى البرية تنظرون؟ أقصبةً تهزّها الريح؟...أنبياً؟ أقول لكم: نعم, بل أفضل من نبي... رسولي قدامي... الحق أقول لكم: ما ظهر في الناس أعظم من يوحنا المعمدان." (متى11/7-11). يوحنا هذا ,لمّا سمع يسوع خبر قطع رأسه في السجن بأمر من الملك وعلى طلب ابنة هيرودية التي رقصت في ذكرى مولده, خرج (يسوع) من هناك في قارب إلى مكان قفرٍ يعتزل فيه" (متى14/13). يسوع عرف نتنائيل: إنه إسرائيلي صميم لا شكّ فيه (يو1/47), عرف نيقوديموس (يو3) والمرأة السامرية (يو4) ويسوع عرف البشر:" لكنّ يسوع ما اطمأنّ إليهم, لأنّه كان يعرفهم كلّهم ولا يحتاج إلى مَن يخبره عن أحد, لأنه كان يعلم ما في قلب الإنسان" (يو2/34-35). ولكن قبل هذا وذاك عرّف يسوع ذاته: رجل فِعْلٍ وسلطة، ابن الإنسان الذي جاء ليبذل نفسه فدية عن خطايا الناس، هو رجل الله المختار (متى 12/15-21) عرّف علاقته بالآب وعلاقة الآب به (يوحنا 5/19-30) عرف أنه الحق (يوحنا 18) وأنّه الخبز النازل من السماء، الراعي الصالح، الماء الحي، الكرمة الحقيقة، الباب، الطريق والحق والحياة عرف أنّه "أنا هو" "يهوه". في كتابه "دعى الله يكمل شخصيتك" يقول الدكتور دان مونتغمري: "أظهر يسوع اتزاناً نَشِطاً في التعبير عما في نفسه. فقد أحب حباً كافياً للتغيير والتجديد، كان أيضاً جازماً وضعيفاً وقوياً في تتميم مشيئة الآب... لذا نجد في شخصية يسوع العناصر التي تقوم عليها الشخصية السليمة: فيسوع قد دُعي زهرة الشارون (الحب) / أسد يهوذا (الجزم) / حَمَل الله (الضعف) / إله السلام (القوة)... ففي المسيح نجد تصميم الله للشخصية، للذات المتزنة. من جهة أخرى، دفع يسوع الرسل لمعرفته، أولاً من خلال سؤاله: "من أنا في رأي الناس؟" ثم من سؤاله: "ومن أنا في رأيكم أنتم؟" (لوقا9/18-21). ولكنه كان يعلم أنّه "ما كشف لك هذه الحقيقة أحد من البشر، بل أبي الذي في السموات" (متى16/17). وانقسمت آراء الناس حول يسوع: ولمّا أقاما عنده... عرفاه (يو1/35-42) / هو رجل صالح... لا هو يُضلّل الشعب (يو5/10) / بالحقيقة هذا هو النبي (يو7/40) / يا معلم نحن نعلم أنّك صادق في كلامك وتعليمك، لا تُحابي أحداً، بل بالحق تعلّم طريق الله (لو20/21) / وتساءلوا: أأنت ابن الله؟؟ (لو22/70) أأنت ملك اليهود؟ (لو23/3) / والبعض أكّد: في الحقيقة أنت ابن الله" ولكن البعض الآخر رفضوا يسوع (مر6/1) إذْ لاّ نَبي بلا كرامة إلاّ في وطنه (متى13/53-58)؛ ومنهم مَنْ طلب إليه أن يرحل عن ديارهم (متى8/34)؛ وآخرون اتهموا يسوع بأنه بعلزبول رئيس الشياطين (متى12/24). ويبقى سؤال يسوع- الآخر لي أنا ? ذات- جسد": وأنت مَنْ تقول إني أنا؟ هل أعرف يسوع؟ هل أعرفه معرفة فكرية, دراسية, علمية, أم معرفة اختبارية؟ هل "ذاتي" منفتحة على "ذات ? الآخر- يسوع"؟ وعلى ضوء المسيح هل أعرف "ذاتي"؟ هل عدت وقرأت حياتي مُجدَّداً لأعرف ذاتي؟ قراءة جديدة لتاريخي على واقع كلمة الله ? يسوع اليوم؟ هل أعرف أنّ نوعية حياتي هي نوعية علاقتي مع "الآخر ? يسوع" و"الآخر- كل إنسان"؟ |
||||
28 - 08 - 2014, 02:59 PM | رقم المشاركة : ( 5578 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
من أنا ؟ تفهّم ذاتك والآخر في كتابه "دع الله يكمّل شخصيتك" يضع الكاتب الدكتور دان مونتغمري بوصلةً للذات, تساعد على فهم الـ"أنا" و"الآخر". ويسوع بالنسبة إليه, يوجِّه دعوة إلى كل رجل وامرأة وطفل لكي يشتركوا في ثورة لا قِبَل لها, ألا وهي تحويل كلٍّ منهم شخصيتَه الخاصة وتطويرها, وذلك بقوة وفعل الروح القدس الذي هو محوّر الشخصية السليمة. فَفَهْمُ شخصيتِنا الداخلية ومواقفنا الذاتية يُقرّر ويشرح تصرفاتنا الخارجية. وأقتبس هنا بإيجاز ما ورد في كتاب "دع الله يكمّل شخصيتك" حول "بوصلة الذات" التي تساعد على الاتزان على مثال ما سبق ووجدنا في المسيح تصميم الله للشخصية. يقول د.دان مونتغمري: إنّ بوصلة الذات, تتضمّن نواحي تصرّفاتنا السلبية والإيجابية على السواء. في المحور هناك الصميم وهو الدائرة الأعمق في الذات, تحيط بها وسائل التلاعب الأساسية التي نلجأ إليها عندما نَعْلَق في قطب معين [والأقطاب هي: قطبا القوة/ الضعف وقطبا الجزم/ الحب]. وتحيط بالصميم" دائرة الخوف" التي قد تقبض على الصميم وتجمِّد تدفق الروح القدس. ويضيف المؤلف: "يعبِّر قطبا الحب والجزم عن طريقة شعورنا الأولية بالآخرين ,ويبيّن قطبا الضعف والقوة كيف نشعر, على نحو متواصل, بأنفسنا". قال هنري نوين, المتخصص باللاهوت الرعائي: "إن الحياة الروحية تقتضي أولاً أن نعي تلك الأقطاب الداخلية التي نعيش في إطارها حالة توتر وتجاذب. لذلك يقود تفهُّمُنا هذه الأقطاب/المفاتيح وضَبْطُنا إياها إلى اتزان شخصيتنا/ذاتنا". |
||||
28 - 08 - 2014, 03:00 PM | رقم المشاركة : ( 5579 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نظرتي إلى " ذاتي" من خلال الأقطاب / بوصلة الذات 1 - قطب الحب: فضيلة العناية: الحب هو أكثر من مجرد شعور , هو التزام من أجل خير الآخرين وخير أنفسنا الأسمى؛ فعلى ذلك النحو يرتبط الله بالبشرية ولا ينفكُّ يُلهمنا لكي نرتبط بعضنا ببعض بالطريقة نفسها. "إذا أحب بعضكم بعضاً عرف الناس جميعاً أنكم تلاميذي" (يو13/35) أحبب الرب إلهك ...أحبب قريبك حبّك لنفسك (متى22/37-39) 2. قطب الجزم: يقابل قطب الحب قطب الجزم أوالغضب الذي لا تقل أهميته العاطفية عن سابقه. فالجزم يساعدنا على أن ندافع عن أنفسنا من دون أن يعترينا قلق غير مبرر .كما يساعدنا على أن نعبر عن أنفسنا بارتياح، ونفاوض في شأن الأمور التي نحتاج إليها. ونمارس حقوقنا المعقولة من دون أن ننكر حقوق الآخرين, وعلى أن نقول "لا" من دون أن نشعر بالذنب. إن نموّنا في قطب الجزم يعني قدرة كل واحد على أن يقول: "أنا أعبّر عن نفسي" أنا أقدر على أن أعترض," أنا أستطيع أن أواجه", "ويمكنني أن أميّز بين الأشياء". فكما تنبع الشفقة والحنو من قطب الحب, كذلك تأتي فضيلة الشجاعة ثمرة استخدامنا قطب الجزم استخداماً سليماً. 3. قطب الضعف: فضيلة التواضع: لا يعني الضعف أن نقلل من اعتبار أنفسنا, ولا أن نخفق دائماً في مساعينا, بل يعني أن نقبل الأوهان التي نشعر بها. فما من أحد يبقى سيد الأوضاع إلى ما لا نهاية. لذا يترتب علينا أن نقبل الضعف العَرَضي من غير أن نبجّله. علينا أن نقبل حدودنا لكي نتمكن من تحسينها. ولا شك أن الضعف هو الطريق الرئيسي المؤدي إلى الإتكال على الله؛ لأننا ندعو الله عندئذٍ, والله يخلصنا. إن فصول الضعف التي تتخلّل حياتنا هي أزمنة مباركة لأنها تسمح لنا بأن نحلّل ذواتنا ونفحص ضمائرنا . هي أزمة تذكرنا بأنه لا يجوز لنا أن نجعل أنفسنا في مقام أرفع من مقام الآخرين , ولا ان نتمتع باكتفاء ذاتي , بل أن ننزع عنا كل تكبّر وغطرسة . فنتذكر أن حياتنا لا معنى لها بعيداً عن مشيئة الله. 4. قطب القوة: تعبر القوة عن الجدارة واحترام الذات, وهي في أبسط الأحوال ذلك الدليل الباطن عن أن الحياة جديرة بأن تعاش, فالشعور بجدارتنا ليس هو خطيئة ولا تكبراً, واحترام ذواتنا إنّما هو شرط لكي نعرف كيف نحترم الآخرين, ومساهمتنا في الحياة لا تتم من دون تحلّينا بالقوة التي تجعلنا مبدعين مجدّدين, وقادرين على استثمار مواهبنا الفريدة. يحتاج كل إنسان إلى أن يختبر أنه ذو قيمة وكرامة وثقة. كما أنه يحتاج إلى التعبير عن كل ذلك . وأبسطها تحديد الذات: أنا كائن بشري ذو شأن؛ لا أحتاج إلى أن أظهر أعظم قيمة من الآخرين. بل أقدر أن أكون نفسي وأقبل الآخرين كما هم. إن فضيلة التقدير أو التثمين تنشأ من قطب القوة. نلخّص بالقول أن: الحب هو النسمة التي تأتي باللطف والاهتمام في العلاقات, والمبالغة في الحب تنقلب تبعية الجزم يمكننا من الدفاع عن أنفسنا والتعبير عن آرائنا بشجاعة, والجزم الخارج عن السيطرة ؛ يتحول إلى عدوانية. القوة تعكس احترام أنفسنا, وواجبنا قدرتنا على المساهمة, والقوة المضخّمة تترجم سيطرة مُكرِهة . الضعف يعبّر عن عدم كمالنا ويُسبغ على حياتنا التواضع والتعاطف, والضعف المفرط يتبدّل انسحاباً. ولمّا كان الروح القدس يُسدّد خُطانا في طريق الكمال: يتغلّب الحب فينا على الخوف, والجزم على العجز, ويطرد احترام الذات الخجل خارجاً عنّا, وتحرّرنا الشجاعة من عدم الثقة بذواتنا , فنسترد عافيتنا ونتقدم في بلوغ ذلك الاتزان الذي عرفه المسيح في الحب والجزم والضعف والقوة. |
||||
28 - 08 - 2014, 03:01 PM | رقم المشاركة : ( 5580 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
" أنا- ذات " و "الآخر- ذات " يعاني الإنسان من مشكلة في فهمه لذاته وفهمه للآخرين, وفهم الآخرين لذاته. وهذا الفهم- التواصل لا يتحقق بين "ذاتين: الأنا والآخر" إلا بعد أن يُقرّر شخصان أن يعملا معاً وبِجِدٍّ في سبيل تحقيقه, وأن يتبصّرا بعمق في سبيل التمرّس على إتقانه. يقول شكسبير في روائية هَامْلت: "قبل كل شيء, كن صادقاً مع ذاتك ? فيتعذر عليك آنذاك أن تكذب على أحد". فإن أول عقبة تحول دون التواصل مع ذات- الآخر ليست تلك القائمة بيني وبينه بل بيني وبين نفسي؛ أنا, ما دمت أُخفي الحقيقة عن ذاتي فلن أتمكن من التعامل بكل صدق مع سواي، فعليّ إذاً أن أعمل بجد على التعرّف بصدق إلى حقيقة ذاتي من أن أفكر: "كيف يجب أن أكون". هل أؤمن حقاً بضرورة صدقي مع ذاتي إذا ما أردت أن أكون صادقاً معك؟ هل أنا على استعداد أن أكون صادقاً مع نفسي؟ وهل أريد حقاً أن أكون صادقاً معك؟ أم أنني أرفض المجازفة فأقدم لك صورة مجمّلة عن ذاتي أخفي وراء ألوانها البرّاقة الزاهية المزيّفة ما أخشى أن أبوح لك به ؟ هذا الدور هو الثمن الذي أدفعه لحماية نفسي ولكنه الحاجز في نفسي الذي يعوق مسيرة نموّي ويحول دون معرفتك لي على حقيقتي, ودون معرفتك على حقيقتك. يقول الأب جان باول اليسوعي ولوريتا برادي في كتاب "فن التواصل, أنت وأنا والذات الحقيقية: "إن أطول رحلة في الحياة هي تلك التي تؤدي بنا إلى داخل الذات". ويضيفان: "عندما أتحدث إليك عليّ أن أعي أنّ ما أقوله هو "حقيقتي ? أنا" وليس " الحقيقة- المطلقة". ما من إنسان على وجه الأرض يملك الحقيقة كلها. ولكن إذا ما كنّا على استعداد لأن نشارك الآخر في بعض الحقيقة التي لدينا, آنذاك يصبح كل منا على بيّنة أكبر من الحقيقة كلّها". عندما أكون صادقاً في علاقاتي وأقبل مواقف الآخر بإخلاص, آنذاك, أخلع أقنعتي وأُحجِم عن التمثيل فأظهر للآخر على حقيقتي ويتعامل معي هو بشفافية وصدق. النتيجة الحتمية لهذا النهج في التعامل إنّما هي النضج الإنساني. ويوضح الأب جان باول اليسوعي: كل منّا شخص فريد ولغز قد يصعب فهمه. والسر الذي فيك كذاك الذي فيّ ما سبق له أن وُجد. وهو لن يكون في المستقبل أيضاً. فمجموعة الفضائل والمواهب التي فيك ما سبق أن وُجدت من قبل ,إنها فريدة ويعود إليك وحدك قرار إشراك الآخرين فيها... إذا ما قررت أن تحبس هذا الكنز الذي فيك فأنت تحرمني من الشراكة في سرّك الفريد وخبرتك.ويمكنني أن أخفي عنك بدوري الخبرة الفريدة التي نعمت بها. ولكن العكس صحيح. يمكن لكلّ منّا أن يُغني الآخر من خلال الشراكة في ذاته... الإفصاح عن "الذات الحقيقية" للآخر, لا يمكن أن يكون عبئاً على أحد, إنّما هو هدية ثمينة (هدية الحب الحقيقية هي هبة من الذات). إن كل لقاء بين الأشخاص هو تبادل الهدية: هد يتي لك هي " ذاتي-أنا " وهديتك لي هي "ذاتك-أنت", هذا الجزء - الهدية, أصبح في عهدتك فاحْتضنْه بلطف وامتنان, هديتي لك هي أثمن ما لدي, إنها الهبة الحقيقية المجانية الوحيدة التي أملك وأَهَبُك إياها. |
||||