منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22 - 10 - 2021, 12:51 PM   رقم المشاركة : ( 55211 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,948

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






هذه صورة الإمساك عندنا، وقد أظهره القديسون وسيلة. وأما الغاية فهي حريّة النفس وتطهيرها من جهة، والمشاركة من جهة اخرى: “وكنتُ أُواضعُ بالصوم نفسي” (مزمور ظ£ظ¤: ظ،ظ£). وأما صوم المسيح فيقول عنه داود مسبقًا: “صرتُ منفيًا من إخوتي وغريبًا عن بني أمّي… وغطيت بالصوم نفسي فصار ذلك عارًا عليّ” (مزمور ظ¦ظ¨: ظ©-ظ،ظ،). وقد صام الرب حقا من بعد معموديته. اما فكرة المشاركة فقد أوضحها إشعياء: “الصوم الدي أُريده (يقول الرب) أن تحلّ قيود الظلم… ويُطلق المنسحقون أحرارا… أن تفرُش للجائع خبزك وتُدخل المسكين الطريد بيتك، أن ترى العريان فتكسوه ولا تتهرّب من مساعدة قريبك” (إشعياء ظ¥ظ¨: ظ¦-ظ§).
تُوَفّر ثمنَ الطعام لتُعطيه للمحتاج. انت تُمسك عن الطعام ليأكل الذين لا طعام لهم: “يا نفس قد وافى زمان التوبة، فلا تتوانَي بل امنحي الجياع خبزًا وابتهلي مصلّية كل يوم وليلة وساعة إلى الرب لكي يُخلصك. كما غادرنا اللحوم وبقية الأطعمة فسبيلنا ايضًا أن نطرح عنا معاداة القريب والزنا والكذب” (من كتاب التريودي، صلاة السَحر، الاثنين من اسبوع مرفع الجبن). الكثيرون ممن لا يصومون يقولون: “المهمّ ان نكفّ عن الخطيئة”. هذه هي الغاية طبعا، ولكن الصوم وسيلة وفترة جهاد لهذه الغاية. لماذا يريدون ان نُبطل وسيلة نختبرها ناجحة سنة بعد سنة ونذوق بها أن الرب طيّب؟



جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
 
قديم 22 - 10 - 2021, 12:54 PM   رقم المشاركة : ( 55212 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,948

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


الفِصْحُ





وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





الفصحُ عبورٌ من الكذبِ إلى الصِّدق، من الإنحراف إلى الإستقامة، من الظُّلمة إلى النُّور، من الإحباط إلى الرَّجاء، من الحزن إلى الفرح، من الموت إلى الحياة.



بالتَّوبة نحن ننتقل إلى وجه المسيح. وما التَّوبة إلّا تَحَوُّل القلب إلى الله. يقول القدّيس اسحق السّريانيّ: “الَّذي يعترف بخطيئته أفضل مِمَّن يُقيمُ الموتى… هو كَمَنِ انْتَقَلَ من الموتِ إلى الحياة”.



الفصحُ عيدُ الأعيادِ وموسمُ المواسم، فرحٌ ما بعده فرح، فيه نَنْشِدُ “المسيح قام!”، وباستمرار نُجِيبُ “حقًّا قام!”. كان القدّيس سيرافيم ساروفسكي عندما يلتقي بإنسان يقول له: “يا فرحي المسيح قام!”. نعيِّد للفصح كلّ أَحَد. فيه حياة جديدة، ولادة جديدة. المعموديَّة ما هي إلَّا مشارَكَة في موت المسيح وقيامته. الذَّبيحة الإلهيَّة، في القدّاس الإلهيّ، تحقيق لموت المسيح، على الصَّليب، وقيامته.

في كلّ لحظة ننتصر على الخطيئة أو، حتَّى، على الفكر الشّرّير، نحقّق القيامة. المسيحيّة ليست محصورة بأوقات وأيّام، هي الحياة السِّرِّيَّة في المسيح القائم على الدّوام، نغذّيها بمطالعة الكلمة (الإنجيل) وعيشها (اِتِّبَاع الوصايا)، والاِشتراك الحَيّ بالأسرار الإلهيّة.

* * *

في حديثِ القدّيس سمعان اللّاهوتيّ الحديث (1) عن القيامة، يتكلّم عن عمل الرُّوح القدس فينا اليوم ويقول: “قيامة المسيح هي قيامتنا نحن الواقِعِين في الخطيئة، هي قيامتنا من قبر التّواضع والتّوبة”. النّفس تحيا باتِّحادها بالله، الّذي هو الحياة الأبديّة، تعرفه بالرُّؤيا والحِسّ، لأنَّ المعرفة لا تكون بدون رؤيا ولا الرُّؤيا بدون تحسُّس. لذلك، في كلّ أحد لا نقول: “إذ قد آمَنَّا بقيامة المسيح…” بل “إذ قد رَأَيْنَا قيامة المسيح…”. الرُّؤيا تأتي أوَّلًا، وبالرُّؤيا المعرفة والحسّ. الأعمى عندما تصدم رجلُه حجرًا يتحسّس للصّدمة لكن بدون رؤيا. بالنّسبة للأمور الرّوحيّة، إن لم يرتفع العقل إلى مستوى الرّؤيا، رؤية الأمور الّتي تتخطّى المعاني، لا يتحسّس فعل النّعمة الإلهيّة.

أيُّها الأحبّاء!، نحن نحيا المسيح القائم بنعمة الرُّوح القدس الّذي فينا. يظهر لنا قائمًا عندما نراه بأعيننا الرُّوحيّة وبقلوبنا النّقيّة. فنصرخ “اللهُ الرَّبُّ ظَهَرَ لنا مُبَارَكٌ الآتي باسمِ الرَّبّ”.

—————-

(1) عاش في النّصف الأوّل من القرن الحادي عشر.

أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
قديم 22 - 10 - 2021, 12:55 PM   رقم المشاركة : ( 55213 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,948

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






الفصحُ عبورٌ من الكذبِ إلى الصِّدق، من الإنحراف إلى الإستقامة، من الظُّلمة إلى النُّور، من الإحباط إلى الرَّجاء، من الحزن إلى الفرح، من الموت إلى الحياة.



بالتَّوبة نحن ننتقل إلى وجه المسيح. وما التَّوبة إلّا تَحَوُّل القلب إلى الله. يقول القدّيس اسحق السّريانيّ: “الَّذي يعترف بخطيئته أفضل مِمَّن يُقيمُ الموتى… هو كَمَنِ انْتَقَلَ من الموتِ إلى الحياة”.



الفصحُ عيدُ الأعيادِ وموسمُ المواسم، فرحٌ ما بعده فرح، فيه نَنْشِدُ “المسيح قام!”، وباستمرار نُجِيبُ “حقًّا قام!”. كان القدّيس سيرافيم ساروفسكي عندما يلتقي بإنسان يقول له: “يا فرحي المسيح قام!”. نعيِّد للفصح كلّ أَحَد. فيه حياة جديدة، ولادة جديدة. المعموديَّة ما هي إلَّا مشارَكَة في موت المسيح وقيامته. الذَّبيحة الإلهيَّة، في القدّاس الإلهيّ، تحقيق لموت المسيح، على الصَّليب، وقيامته.

في كلّ لحظة ننتصر على الخطيئة أو، حتَّى، على الفكر الشّرّير، نحقّق القيامة. المسيحيّة ليست محصورة بأوقات وأيّام، هي الحياة السِّرِّيَّة في المسيح القائم على الدّوام، نغذّيها بمطالعة الكلمة (الإنجيل) وعيشها (اِتِّبَاع الوصايا)، والاِشتراك الحَيّ بالأسرار الإلهيّة.


أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
قديم 22 - 10 - 2021, 12:56 PM   رقم المشاركة : ( 55214 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,948

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





في حديثِ القدّيس سمعان اللّاهوتيّ الحديث (1) عن القيامة، يتكلّم عن عمل الرُّوح القدس فينا اليوم ويقول: “قيامة المسيح هي قيامتنا نحن الواقِعِين في الخطيئة، هي قيامتنا من قبر التّواضع والتّوبة”. النّفس تحيا باتِّحادها بالله، الّذي هو الحياة الأبديّة، تعرفه بالرُّؤيا والحِسّ، لأنَّ المعرفة لا تكون بدون رؤيا ولا الرُّؤيا بدون تحسُّس. لذلك، في كلّ أحد لا نقول: “إذ قد آمَنَّا بقيامة المسيح…” بل “إذ قد رَأَيْنَا قيامة المسيح…”. الرُّؤيا تأتي أوَّلًا، وبالرُّؤيا المعرفة والحسّ. الأعمى عندما تصدم رجلُه حجرًا يتحسّس للصّدمة لكن بدون رؤيا. بالنّسبة للأمور الرّوحيّة، إن لم يرتفع العقل إلى مستوى الرّؤيا، رؤية الأمور الّتي تتخطّى المعاني، لا يتحسّس فعل النّعمة الإلهيّة.

أيُّها الأحبّاء!، نحن نحيا المسيح القائم بنعمة الرُّوح القدس الّذي فينا. يظهر لنا قائمًا عندما نراه بأعيننا الرُّوحيّة وبقلوبنا النّقيّة. فنصرخ “اللهُ الرَّبُّ ظَهَرَ لنا مُبَارَكٌ الآتي باسمِ الرَّبّ”.

—————-

(1) عاش في النّصف الأوّل من القرن الحادي عشر.

أفرام، مطران طرابلس والكورة وتوابعهما
 
قديم 22 - 10 - 2021, 12:59 PM   رقم المشاركة : ( 55215 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,948

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


أي إنسان هذا حتى استحق أن يموت من أجله ابن الله؟






وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




أي إنسان هذا حتى استحق أن يموت من أجله ابن الله؟ إنه صورة الله وآيته، صورته التي تشوهت، وآيته التي ادلهمت، وإرادته الخيرة التي هزمت أمام أعدائها: الكبرياء والطمع، وحب المجد والغرور، فانزلقت إلى منحدرات الموت، وصارت ممن جاز عليهم حكم الموت.

إن هذا الإنسان الذي رسمته ريشة المحبة، ليكون ترجيعاً لها في الخلق والإبداع سقط في محبة ذاته، وجعل منها معبوداً نحت تمثاله عقل كسيح، وبصيرة حولاء، وخيال مبتور الجناح، وروح أظلمت بانقطاعها عن مجاري القوة الكبرى التي تغذي الصورة والآية بعصير الإشراق والانفتاح، وترويها بمياه الأزل وتوجه الإرادة في الطريق المستقيم وتجعل من الظلمات خادمة لإرادة أشعلت الليل بعزمها، وتركت الضعف هشيماً يحترق في أتون القوة الظافرة، في أتون الإنسان الصاعد نحو عالم الإشراق.
إن هذا الإنسان الذي غطاه الغبار، ورعت فيه ديدان الشكوك والوساوس، وانفتحت في أعماقه أثلام، وعلقت بإرادته أصداف، وحفرت أخاديد، وتكسرت عظام، وصفرت ريح الموت، وولولت زوابع الفناء، هذا الإنسان الذي ترك الله ليعيش مستقلاً، ليكون إلهاً على الأرض كما يريد هو، لا كما يريد الله، وكما يجب أن يكون، راح يتخبط في ظلمات إرادته، ويدب في عالم بناه من حجارة شكوكه، وطين غروره، وفولاذ طمعه، فصار كلما ازداد ابتعاداً عن الله، زاد شقوة، وكلما طالت غربته، عمق أنينه وحنينه المغمور بلهيب الشوق الكاوي، وكلما حسب أنه قد وثب بفكره وثبة أوصلته إلى المعرفة، كلما أحس بلهيب الشوق الظامي إلى المعرفة يضطرم فيه، وكلما اعتقد أنه أمسك بناصية الحقيقة، كلما وجد أن السراب يتضاعف في الصحراء الواسعة الممتدة أمام باصرتيه، ويتضاعف الوجوم في عقله، ولكن الله الذي يحب صورته، ويحترم مشيئتها، ويقدس حريتها، لا يقبل أن تبقى صورته في هذه الحالة من العذاب الوجودي، إنه يريد أن يخلصها من سقطتها، ويفك عنها أغلالها، ويحررها من ظلماتها ليعيدها إلى مكانتها الأولى مزدانة بثوب الخلاص النير المعجون بدم المحبة الخلاقة المبدعة.


لقد سقط الإنسان بإرادته، ولكي يعود إلى الأحضان الأبوية، إلى الفردوس الملوكي، يحتاج إلى عمل بطولي إلى انقلاب يحدث في أعماقه، في قلبه وإرادته وروحه، إلى انقلاب تتغير فيه الموازين والمقاييس ويصبح الهدف المنشود الاتصال مع الله عن طريق الإعطاء الذاتي الكامل والتجلي الروحي والفكري تجلياً يعيد إلى الصورة صفاءها وإشراقها الأولين، ولكي تتحقق هذه العودة ، لكي يتحقق هذا الانقلاب كان لا بد من يد تعمل مع الإنسان فتمسح الصدأ العالق بالنفس، وتزيح أكداس الظلمات الجاثمة في قرارة الروح، فكانت محبة الله هي هذه اليد المحركة لعالم الإنسان بما تحملته من امتهانات، واضطهادات، وتعييرات وبصاق، وما قامت به من عجائب، وما اجترحته من معجزات، وما سفكت من دم حبها حتى تغسل خطاياه المزمنة السوداء، فانتهت بالصليب، وجعلته قاعدة أساسية لكل خلاص روحي، ورحماً يولد القديسين وأبطال الروح في التاريخ.

لقد غرق الإنسان في الخطيئة وتهشم من سقطته، وانسحق تحت ثقل ما تراكم فوقه من أثقال، فلم يكن بإمكانه أن يخلص نفسه بل كان بحاجة إلى من يخلصه، بحاجة إلى من يعطيه الدواء إلى من يعيد النور إلى بصيرته والتوازن إلى إرادته، والنعمة إلى عقله والإتضاع إلى فكره، وكان ابن الله الوحيد الذي يستطيع أن يعيد لخليقته وخليقة أبيه مكانتها ومنزلتها في الملكوت السماوي بالقضاء على التهشيم والتشويه الحاصلين في الإنسان، المسببين لكل ما في الحياة من مآس إنسانية، والفاتحين باب القبر كنتيجة لعالم الفناء الذي أراد الإنسان أن يناطح به عالم الخلود الذي فقده، وأن يجعل منه عالماً مستقلاً ، يديره عقله الضعيف ويزينه خياله القائم.

كان على الإنسان أن يمر في بوتقة العذاب ليتغلب على قوة الموت الحاصل بالخطيئة، لا لأنه مجبر، بل لأنه معلم وهاد، والمعلم مثال يحتذى وقدوة حية، ولأنه يعرف أن الموت الحاصل بالخطيئة لا يمكن أن يقضى عليه إلا بموت المسببات للموت: حب الذات، المجد، الكبرياء، الطمع، الغرور، الشهوة القتالة، ولكي يقضي على هذه القوى الفنائية، يجب أن تعود للحرية حركتها، وللعقل اتجاهه النير، وللإرادة فعلها المنسجم مع حقيقة وجودها، والغاية من هذا الوجود، وعودة هذه القوى هي قيامة من القبور المفتوحة في اعماق الذات الإنسانية وكان لابد أن يصلب وجود هذه المسببات حتى يتحقق البعث، ويشع النور من المسامير التي دقت جسد الخطيئة، ويطوف نشيد الإنسان المخلص فوق أرجاء الدنيا أملاً ورجاء، وحباً وحرية وانعتاقاً.

ويعلق العنقود البالغ، عنقود الكرمة الحقيقية فوق الصليب الذي نصبته قساوة الإنسان فوق جلجلة خطاياه، ويعصر في دنان الكبرياء حقداً وكراهية ويسحق تحت أقدام الغطرسة تشفياً وانتقاماً لصلف مجروح، فتختنق الكبرياء، وتموت الكراهية، وتنور جماجم المجرمين، وتخضوضر الجلجلة، وتتخمر الأرواح بالرحيق النابع من جنب الإله، ليعمد الكون بالطيب ، ويوحد الإنسان بالإنسان، والإنسان بالله بدمه الكريم الذي تفجر من جنب المحبة قوة للتجديد والانبعاث، قوة حق يسخر الموت بالموت لأنه فوق الموت، ويتضاحك من العذابات لأنه عبر فيها من الموت إلى الحياة، فكانت نشيداً خالداً لحق عبر ظافراً إلى الخلود، والذين يعبرون رحم الموت هم الخالدون وهم القابضون على الحقيقة القائلة للموت لن تكون بعد ما دامت لي محبتي وحريتي، وإرادتي، وقوتي على كسر عودك، وسحق سلطانك تحت أقدام صليب هزأ بالموت فركع الموت صاغراً، وأخفى وجهه خجلاً واستحياء، لا لن تكون لك غلبة، ولن يكون لك سلطان فقوة الحياة فيّ أشد بكثير وأقوى من قوتك وسلطانك، ونوري المنبلج من صليبي أقوى مما تكدسه من ظلمات، لقد غمرنا النور فعبرنا الطريق، وقد تفتحت قبور على الآمال، وتشققت صخور على الرجاء، ولاح أفق جديد لعالم جديد يبتدئ بالغلبة على الموت، وينتهي بالوحدة الكاملة مع الحياة الكاملة الخالدة، عالم بعثته الإرادة ووطدته المحبة، ونشره إيمان هو فوق الموت إيمان يغير وجه الموت، إن التغلب على الموت هو الغاية المقصودة من حياة الإنسان، ولن يكون الإنسان إنساناً إلا بهذا التغلب، ولن تكون الحياة حياة إلا بهذا الانتقال من الموت إلى الحياة، وهكذا تتحقق رسالة الإنسان في الوجود.
المطران الياس (معوّض)
 
قديم 22 - 10 - 2021, 12:59 PM   رقم المشاركة : ( 55216 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,948

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




أي إنسان هذا حتى استحق أن يموت من أجله ابن الله؟ إنه صورة الله وآيته، صورته التي تشوهت، وآيته التي ادلهمت، وإرادته الخيرة التي هزمت أمام أعدائها: الكبرياء والطمع، وحب المجد والغرور، فانزلقت إلى منحدرات الموت، وصارت ممن جاز عليهم حكم الموت.

إن هذا الإنسان الذي رسمته ريشة المحبة، ليكون ترجيعاً لها في الخلق والإبداع سقط في محبة ذاته، وجعل منها معبوداً نحت تمثاله عقل كسيح، وبصيرة حولاء، وخيال مبتور الجناح، وروح أظلمت بانقطاعها عن مجاري القوة الكبرى التي تغذي الصورة والآية بعصير الإشراق والانفتاح، وترويها بمياه الأزل وتوجه الإرادة في الطريق المستقيم وتجعل من الظلمات خادمة لإرادة أشعلت الليل بعزمها، وتركت الضعف هشيماً يحترق في أتون القوة الظافرة، في أتون الإنسان الصاعد نحو عالم الإشراق.
 
قديم 22 - 10 - 2021, 01:01 PM   رقم المشاركة : ( 55217 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,948

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



إن هذا الإنسان الذي غطاه الغبار، ورعت فيه ديدان الشكوك والوساوس، وانفتحت في أعماقه أثلام، وعلقت بإرادته أصداف، وحفرت أخاديد، وتكسرت عظام، وصفرت ريح الموت، وولولت زوابع الفناء، هذا الإنسان الذي ترك الله ليعيش مستقلاً، ليكون إلهاً على الأرض كما يريد هو، لا كما يريد الله، وكما يجب أن يكون، راح يتخبط في ظلمات إرادته، ويدب في عالم بناه من حجارة شكوكه، وطين غروره، وفولاذ طمعه، فصار كلما ازداد ابتعاداً عن الله، زاد شقوة، وكلما طالت غربته، عمق أنينه وحنينه المغمور بلهيب الشوق الكاوي، وكلما حسب أنه قد وثب بفكره وثبة أوصلته إلى المعرفة، كلما أحس بلهيب الشوق الظامي إلى المعرفة يضطرم فيه، وكلما اعتقد أنه أمسك بناصية الحقيقة، كلما وجد أن السراب يتضاعف في الصحراء الواسعة الممتدة أمام باصرتيه، ويتضاعف الوجوم في عقله، ولكن الله الذي يحب صورته، ويحترم مشيئتها، ويقدس حريتها، لا يقبل أن تبقى صورته في هذه الحالة من العذاب الوجودي، إنه يريد أن يخلصها من سقطتها، ويفك عنها أغلالها، ويحررها من ظلماتها ليعيدها إلى مكانتها الأولى مزدانة بثوب الخلاص النير المعجون بدم المحبة الخلاقة المبدعة.



المطران الياس (معوّض)
 
قديم 22 - 10 - 2021, 01:01 PM   رقم المشاركة : ( 55218 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,948

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



لقد سقط الإنسان بإرادته، ولكي يعود إلى الأحضان الأبوية، إلى الفردوس الملوكي، يحتاج إلى عمل بطولي إلى انقلاب يحدث في أعماقه، في قلبه وإرادته وروحه، إلى انقلاب تتغير فيه الموازين والمقاييس ويصبح الهدف المنشود الاتصال مع الله عن طريق الإعطاء الذاتي الكامل والتجلي الروحي والفكري تجلياً يعيد إلى الصورة صفاءها وإشراقها الأولين، ولكي تتحقق هذه العودة ، لكي يتحقق هذا الانقلاب كان لا بد من يد تعمل مع الإنسان فتمسح الصدأ العالق بالنفس، وتزيح أكداس الظلمات الجاثمة في قرارة الروح، فكانت محبة الله هي هذه اليد المحركة لعالم الإنسان بما تحملته من امتهانات، واضطهادات، وتعييرات وبصاق، وما قامت به من عجائب، وما اجترحته من معجزات، وما سفكت من دم حبها حتى تغسل خطاياه المزمنة السوداء، فانتهت بالصليب، وجعلته قاعدة أساسية لكل خلاص روحي، ورحماً يولد القديسين وأبطال الروح في التاريخ.




المطران الياس (معوّض)
 
قديم 22 - 10 - 2021, 01:02 PM   رقم المشاركة : ( 55219 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,948

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



لقد غرق الإنسان في الخطيئة وتهشم من سقطته، وانسحق تحت ثقل ما تراكم فوقه من أثقال، فلم يكن بإمكانه أن يخلص نفسه بل كان بحاجة إلى من يخلصه، بحاجة إلى من يعطيه الدواء إلى من يعيد النور إلى بصيرته والتوازن إلى إرادته، والنعمة إلى عقله والإتضاع إلى فكره، وكان ابن الله الوحيد الذي يستطيع أن يعيد لخليقته وخليقة أبيه مكانتها ومنزلتها في الملكوت السماوي بالقضاء على التهشيم والتشويه الحاصلين في الإنسان، المسببين لكل ما في الحياة من مآس إنسانية، والفاتحين باب القبر كنتيجة لعالم الفناء الذي أراد الإنسان أن يناطح به عالم الخلود الذي فقده، وأن يجعل منه عالماً مستقلاً ، يديره عقله الضعيف ويزينه خياله القائم.

المطران الياس (معوّض)
 
قديم 22 - 10 - 2021, 01:02 PM   رقم المشاركة : ( 55220 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,300,948

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



كان على الإنسان أن يمر في بوتقة العذاب ليتغلب على قوة الموت الحاصل بالخطيئة، لا لأنه مجبر، بل لأنه معلم وهاد، والمعلم مثال يحتذى وقدوة حية، ولأنه يعرف أن الموت الحاصل بالخطيئة لا يمكن أن يقضى عليه إلا بموت المسببات للموت: حب الذات، المجد، الكبرياء، الطمع، الغرور، الشهوة القتالة، ولكي يقضي على هذه القوى الفنائية، يجب أن تعود للحرية حركتها، وللعقل اتجاهه النير، وللإرادة فعلها المنسجم مع حقيقة وجودها، والغاية من هذا الوجود، وعودة هذه القوى هي قيامة من القبور المفتوحة في اعماق الذات الإنسانية وكان لابد أن يصلب وجود هذه المسببات حتى يتحقق البعث، ويشع النور من المسامير التي دقت جسد الخطيئة، ويطوف نشيد الإنسان المخلص فوق أرجاء الدنيا أملاً ورجاء، وحباً وحرية وانعتاقاً.


المطران الياس (معوّض)
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 01:00 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025