منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26 - 08 - 2014, 02:54 PM   رقم المشاركة : ( 5481 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

يسوع والخوف

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


قد نتفاجأ من هذه الطريقة لشرح نصّ الأرملة الفقيرة. لكنّ نظرة يسوع إلى الخوف أكيدة. ففي الأناجيل، يدعو يسوع الناس أكثر من عشرين مرّةٍ إلى عدم الخوف، بينما لا يدعو أكثر من ثلاث مرّاتٍ إلى عدم ارتكاب الخطيئة. هذا يعني أنّ يسوع كان يرى في العمق ما يقضّ مضاجع البشر. وقد أتى ليحرّرنا من الخوف المستولي على الجنس البشريّ. الغريب في الأمر هو قلّة عدد المؤمنين الّذين لاحظوا ذلك. ما الّذي كان يقصده من كلمة "لا تخف" أو "لا تخافوا"؟ وكيف يساعدنا يسوع لنتغلّب على مخاوفنا؟ هناك نقطتان تجدر الإشارة إليهما:

أوّلاً: استعمل يسوع أسلوباً تربويّاً خاصّاً ليجعل تلاميذه شجعاناً. إنّه أسلوب مدهش. في البداية، يجعل الخوف يظهر. ينقله من ضبابيّة الغمّ إلى وضوح الخوف. وحين يصل الخوف إلى ذروته، يقول كلمته الّتي تجعل الإنسان يتخطّى خوفه. لقد فعل هذا مراراً، وكأنّ كلمته لا مفعول لها إلاّ بعد ظهور كلّ ما يرعِدُ ويخيف: خوف معيّن، غمّ، اكتئاب، اضطراب ... لا يهم. على هذه المخاوف أن تصل الذروة كي يتدخّل. لماذا، ليقتلع الخوف من جذوره. لولا ذلك، لعاد ونما كما ينمو العشب الضارّ إن لم يُقتلع من الجذر. فلنفكّر بأزمة التلاميذ أمام الجموع الجائعة "أعطوهم أنتم ليأكلوا". ولنفكّر في المركب وسط العاصفة، ويسوع نائمٌ على وسادة. "أما تبالي أنّنا نهلك؟" ولنفكّر بأمّه المرتبكة لنفاد الخمر في عرس قانا الجليل: "لم يعد لديهم خمر ... ما لي ولكِ أيّتها المرأة، لم تحِن ساعتي بعدُ".

ولعلّ أشهر قصّةٍ تعكس هذا الأسلوب هي حين مشى على الماء ليلاً ليلحق بتلاميذه في المركب (متّى 14/22-33). كان التلاميذ حينها في قمّة الحماس، خصوصاً بعد تخطّيهم أزمة (خوف) إطعام الآلاف من البشر. وأراد يسوع أن يعيدهم إلى الخوف، كي لا يصبحوا مثل أغنياء الهيكل، الّذين يفضل لديهم مال، أرسلهم إلى البحر الهائج. كانوا في نشوة الانتصار، فعميت عيونهم عن رؤية الواقع وما يحمله من خوف: المسيح ليس معهم، واحتمال الغرق في البحيرة وارد. وعندما هبّت الأمواج، استفاقوا من غفوتهم وخافوا. وبلغ خوفهم ذروته حين رأوا خيالاً أبيض يقترب منهم ماشياً على الماء. "واستولى عليهم الخوف وصرخوا". إنّه ذعر يندلع من الخواء. وحاول بطرس أن يتغلّب على خوفه بزيادة المغامرة، ورضي يسوع بدون تردّد. إنّه لم يقل له: "ألا تصدّقني أنّي أنا هو؟ يا لك من شكوك!" بل دعاه إلى أن يمضي بشجاعته حتّى حدودها، حتّى زوالها، حتّى الشك، البذرة الّتي تعطي الخوف.
من المهم أن نعرف هذا الأمر كي نحسن التصرّف في الليالي الحالكة، والأيّام السوداء. فحين نعيش أيّاماً صعبة، لا تكون بالضرورة كذلك لأنّ العدوّ يغزونا، بل هي على كلّ حال علامات على اقتراب موعد قدوم الكلمة الأزليّ إلينا. هذا ما اختبره الآباء الروحيّون في حيواتهم. فالربّ في وسط الإعصار.

ثانياً: العناية الإلهيّة. ففي العشاء الأخير، ظنّ التلاميذ أنّهم فهموا كلّ شيء. "الآن تؤمنون؟ ها هي ذي الساعة آتية، وإنّها قد أتت، تتفرّقون فيها، فيذهب كلّ واحدٍ في سبيله وتتركوني وحدي" (يو 16/32). فلنحاول الإحساس بثقل كلمة "وحدي". الشعور بالعزلة القاسية. عزلة يسوع في بستان الزيتون، حيث لم تجدِه توسّلاته لتلاميذه كي يبقوا معه ساعة. ويتابع يسوع كلامه ويقول: كلاّ، لستُ وحدي، إنّ الآب معي." فقوّتنا في تجاوز الخوف هي من الآب. هذا هو سرّ شجاعة الشهداء المدهشة. كانوا ينالون من ذكر الله واسم يسوع قوّةً عجيبة. "قلتُ لكم هذه الأشياء ليكون لكم بي السلام. ستعانون الشدّة في العالم، فاصبروا لها، لقد غلبتُ العالم" (يو 16/33).

لقد استمدّ يسوع شجاعته من الآب، ونحن نريد أن نستمدّها من ذواتنا. أليس هذا أمراً عجيباً؟ فالمجرّب يخدعنا حين يوحي لنا بصور البطولة الفرديّة: "بإمكانكَ أن تكون قويّاً وحدكَ ... شخصيّتكَ قويّة ... لديك خبرة، إمكانيّات ..." وقد اختبرت القدّيسة تريزا الطفل يسوع هذا فكتبت في يوميّاتها: "أظنّ أنّني قمتُ بأفعال إيمانٍ في أثناء هذه السنة أكثر ممّا قمتُ به طوال حياتي. ففي كلّ صراع، حين يهدّدني العدو، أسلك سلوك الشجعان. ولمّا عرفتُ أنّ الصراع بين اثنين جبن، أدير ظهري لعدوّي وأركض نحو يسوع".

استراتيجيّة مدهشة لا تقوم على الاختيار بين المواجهة أو الانسحاب، بل على التحالف. علينا ألاّ نخطئ في اختيار الحليف. فالمسألة ليست تفضيل الإيمان على البطولة أو العكس، بل الشجاعة في الالتجاء إلى يسوع. هذا هو الإيمان الّذي يغلب العالم. إنّه ثقة في الذات، تأتيني من آخر، لأعيش وأموت وأعود إلى الحياة. فكلّ استمرارٍ في الوجود هو هبة من القائم من بين الأموات
 
قديم 26 - 08 - 2014, 02:57 PM   رقم المشاركة : ( 5482 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الشريعة الأخلاقية


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الشريعة الأخلاقية هي من عمل الحكمة الإلهية، هي تعليم أبوي وتربية من الله، ترسم للإنسان سبل السلوك وقواعده التي تقوده إلى السعادة الموعودة؛ وتحظر سبل الشر التي تصرف عن الله ومحبته. وهي قاعدة سلوك تضعها السلطة الصالحة لأجل الخير العام؛ وتفترض نظاماً عقلياً قائماً بين الخلائق لأجل خيرهم.‎ وفي سبيل غايتهم، بقدرة الخالق وحكمته وجودته. وكل شريعة تجد في الشريعة الأزلية حقيقتها الأولى والقصوى؛ وهذه الشريعة الأزلية هي، في الله، مصدر جميع الشرائع: الطبيعة والمنزلة (الشريعة القديمة والشريعة الإنجيلية) والمدنّية والكنسية. وتجد الشريعة الأخلاقية في المسيح كمالها ووحدتها، ويسوع المسيح هو بشخصه طريق الكمال. هو غاية الشريعة، لأنه وحده يعلم ويعطي برّ الله: "لأن غاية الناموس هي المسيح الذي يُبرّر كل من يؤمن" (رو10/4).

1 - الشريعة الطبيعيّة:

يشارك الإنسانُ الخالقَ في حكمته وجودته، وتُعبّر الشريعة الطبيعية عن الحسّ الأخلاقي الأصلي، الذي يسمح للإنسان أن يميّز بالعقل ما هو الخير والشر والحقيقة والكذب. وتبين للإنسان السبيل الذي عليه أن يسلكه لممارسة الخير وبلوغ غايته، وتعلن الوصايا الأولى والأساسية التي تهيمن على الحياة الأخلاقية ومحورها التوق إلى الله والخضوع له وكذلك الإحساس بالآخر مساوياً للذات. وتدعى هذه الشريعة طبيعيّة لا بالنسبة إلى الكائنات غير العاقلة، وإنما لأن العقل الذي يأمر بها هو من خصائص الطبيعة البشرية.

وهذه الشريعة الطبيعية موجودة في قلب كل إنسان، وقد أقامها العقل، فهي شاملة في رسومها، وتمتد سلطتها إلى كل إنسان. إنها تعبّر عن كرامة الشخص وتحدد القاعدة التي تقوم عليها حقوقه وواجباته الأساسية. وهي لا تتغيّر وتستمر في تقلبات التاريخ، إنها تبقى تحت مدّ الأفكار والأخلاق وتساند تقدمها. والقواعد التي تعبّر عنها تبقى قائمة في جوهرها، حتى وإن أنكر الإنسان مبادئها ذاتها، فلا يمكن إزالتها من قلب الإنسان. وهي توفر للإنسان الأساس الصلب الذي يستطيع أن يقيم عليه بناء القواعد الأخلاقية التي ترشد اختياراته.

2 - الشريعة القديمة:

اختار الله لنفسه شعباً خاصاً وأوصى بشريعته مهيئاً هكذا مجيء المسيح. وتعبّر شريعة موسى عن حقائق عدة يكن العقل أن يبلغها بوجه طبيعي، وهي معلنة ومُثبتة داخل عهد الخلاص. والشريعة القديمة هي الشريعة الموحى بها في حالتها الأولى. وفرائضها الأخلاقية تختصرها الوصايا العشر، أساس دعوة الإنسان، فتنهى عمّا هو مخالف لمحبة الله والقريب، وتأمر بما هو أساسي لها. الوصايا العشر نور ملقى على ضمير كل إنسان ليكشف له دعوة الله وطرقه، وليصونه من الشر. إن الشريعة القديمة، وفاقاً للتقليد المسيحي، مقدسة وروحية وصالحة ولكنها ما تزال ناقصة. إنها كالمُرّبي تظهر ما يجب عمله ولكنها لا تعطي بذاتها القوة ولا نعمة الروح القدس لفعله، وهي تبقى بسبب الخطيئة شريعة عبودية ومهمتها أن تعلن وتظهر الخطيئة التي هي "شريعة شهوة" في قلب الإنسان. وهي تُهيّئ وتعد الشعب للتوبة وللإيمان بالله المخلص، هي تهيئة للإنجيل، إنباء بعمل التحرير من الخطيئة الذي سُيتمه المسيح وإيماء إليه؛ تعطي العهد الجديد الصور والمُثُل والرموز للتعبير عن الحياة بحسب الروح.

3 - الشريعة الجديدة أو الشريعة الإنجيلية:

هي كمال الشريعة الإلهية، الطبيعيّة والموصى بها. إنها من عمل المسيح وتتبيّن على الخصوص في العظة على الجبل، وهي أيضاً عمل الروح القدس، وبه تصبح شريعة المحبة في الداخل. هي نعمة الروح القدس المعطاة للمؤمنين، بالإيمان بالمسيح وهي فاعلة بالمحبة تستخدم عظة الرب لتعلمنا ما يجب عمله، والأسرار لتمنحنا النعمة لفعل ذلك.

الشريعة الإنجيليّة تتمّم وتشحذ وتتجاوز وتقود إلى الكمال الشريعةَ القديمة. هي في التطويبات تُتمم المواعيد الإلهية وتسمو بها وتوجهها نحو "ملكوت السموات"؛ كما تتمم وصايا الشريعة، وتُظهِر كل حقيقتها الإلهية والإنسانية. يقود الإنجيلُ الشريعة هكذا إلى كمالها بالإقتداء بكمال الآب السماوي، والمغفرة للأعداء، والصلاة لأجل المضطهدين. على مثال كرم الله.

الشريعة الجديدة تمارس أفعال الديانة: الإحسان والصلاة والصوم، وتقتضي الاختيار الحاسم بين "الطريقين"، وتختصر "بالقاعدة الذهبية"، وهي كلها موجودة في وصية يسوع الجديدة: "أن نحب بعضنا بعضاً كما أحبنا. وتدعى هذه الشريعة شريعة محبة لأنها تحمل على تفضيل التصرّف بفعل المحبة التي يبثها الروح القدس على التصرّف بالخوف، وتدعى شريعة نعمة لأنها تمنح قوة النعمة للتصرف بوساطة الإيمان والأسرار، وتدعى شريعة حرية لأنها تحررنا مما في الشريعة القديمة من رسوم طقوسية وقانونية، وتميل بنا إلى التصرف تلقائياً بدافع المحبة، وتجعلنا أخيراً ننتقل من حالة العبد إلى حالة صديق المسيح أو إلى حالة الابن الوارث أيضاً.
 
قديم 26 - 08 - 2014, 02:58 PM   رقم المشاركة : ( 5483 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

النعمة
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


النعمة هي جميل وعون مجاني يعطينا الله إياهما لتلبية ندائه بأن نصير أبناء الله: "أما الذين قبلوه? فقد مكنّهم أن يصيروا أبناء الله? فمن ملئه نلنا بأجمعنا، وقد نلنا نعمة على نعمة? وأما النعمة والحق، فقد أتيا عن يد يسوع المسيح." (يو1/2-18)، نصير أبناء بالتبني مشاركين في الطبيعة الإلهية وفي الحياة الأبدية. النعمة إذاً مشاركة في حياة الله، تُدخِلنا في صميم الحياة الثالوثية: فبالمعمودية يشترك المسيحي في نعمة المسيح رأس جسده. وبكونه "ابناً بالتبني" يستطيع أن يدعو الله "أبــاً" بالاتحاد مع الابن الوحيد، وهو يتقّبل حياة الـروح الذي ينفخ فيه المحبة والذي يكوّن الكنيسة. هذه الدعوة إلى الحياة الأبدية تفوق الطبيعة. وهي خاضعة تماماً لمبادرة الله المجانية، لأنه وحده يستطيع إظهار ذاته وإعطاءها. وهي تستمر على ما عند البشر، بل كل خليقة، من إمكانات الإدراك وقوى الإرادة.
نعمة المسيح هي الموهبة المجّانية التي يمنحنا بها الله حياته، فيسكبها الروح القدس في نفسنا لشفائها من الخطيئة، ولتقديسها: إنها النعمة المبّررة أو المؤلّهة، المقبولة في المعمودية. إنها فينا ينبوع عمل التقديس: "إذاً إن كان أحد في المسيح. فإنه خلق جديد. قد زالت الأشياء القديمة وها قد جاءت أشياء جديدة. وهذا كله من الله الذي صالحنا بالمسيح وأعطانا خدمة المصالحة" (2كور5/17-18).وهذه النعمة المبررة هي موهبة عادية، استعداد ثابت وفائق الطبيعة يكمل النفس ذاتها ليجعلها أهلاً لتعيش مع الله وتعمل بمحبته. وتتميّز النعمة العادية، أي الاستعداد الدائم للعيش والعمل وفاقاً لنداء الله، من النعم الحاليّة التي تُطلق على المداخلات الإلهية إمّا في أساس التوبة وإما في مجرى عمل التقديس. كما وأن إعداد الإنسان لتقبّل النعمة هو أيضاً من عمل النعمة. فهذه ضرورّية لكي تُثير وتساند مساهمتنا في التبرير بالإيمان والتقديس بالمحبة: "أجل نحن نعمل أيضاً، ولكنّنا لا نقوم إلا بالعمل مع الله الذي يعمل. لأن رحمته قد سبقتنا حتى نبرأ، ولأنها تتبعنا أيضاً حتى إذا ما شفينا تنتعش فينا الحياة، لنكون ممجّدين، إنها تسبقنا لنكون مدعوّين، وهي تتبعنا لنحيا حياة التقوى، وتتبعنا لنحيا أبداً مع الله لأننا بدونه لا نستطيع شيئاً" (القديس اوغسطينوس، في الطبيعة والنعمة،31،35).

مبادرة الله الحرة هذه تستدعي جواب الإنسان الحر، لأن الله خلق الإنسان على صورته، إذ منحه مع الحرية القدرة على معرفته ومحبته. والنفس لا تدخل إلا بحريتها في وحدة المحبة. فالله يلمس مباشرة ويحّرك مباشرة قلبَ الإنسان. لقد جعل في الإنسان توقاً إلى الحق والخير لا يشبعه سواه.

والنعمة هي أولاً وأساساً موهبة الروح القدس الذي يبرّرنا ويقدسنا. ولكن النعمة تحتوي أيضاً على المواهب التي يمنحنا إياها الروح ليشركنا في عمله، ويجعلنا قادرين على المساهمة في خلاص الآخرين، وعلى إنماء جسد المسيح أي الكنيسة. إنها النعم الأسرارية، أي المواهب الخاصة بمختلف الأسرار. إنها، فضلاً عن ذلك، النعم الخصوصية المسّماة "مواهب"، العطية المجانية، الإنعام. والمواهب هذه معّدة للنعمة المبرّرة، وغايتها خير الكنيسة العام. إنها في خدمة المحبة التي تبني الكنيسة.

وبما أن النعمة هي فوق الطبيعة، فلا تقع تحت الاختبار ولا نستطيع معرفتها إلاّ بالإيمان. فلا نستطيع إذن الاعتماد على عواطفنا أو أعمالنا لنستنتج أننا مبرّرون أو مخلَّصون. ومع ذلك، فبحسب كلام الرب: "من ثمارهم تعرفونهم" (متى7/20)، يعطينا تبصُّرُ إحسانات الله في حياتنا وحياة القديسين كفالةً بأن النعمة تعمل فينا، ويحفزنا على إيمان يعظم دوماً وموقف مَسْكنة واثقة.
 
قديم 26 - 08 - 2014, 02:59 PM   رقم المشاركة : ( 5484 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القداسة المسيحية
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


"وإننا نعلم أن جميع الأشياء تعمل لخير الذين يحبون الله، أولئك الذين دعوا بسابق تدبيره. ذلك بأنه عرفهم بسابق علمه وسبق أن قضى بأن يكونوا على مثال صورة ابنه ليكون هذا بِكراً لإخوة كثيرين. فالذين سبق أن قضى لهم بذلك دعاهم أيضاً. والذين دعاهم برّرهم أيضاً، والذين برَّرهم مجّدهم أيضاً" (رو8/28-30). إن الدعوة إلى ملء الحياة المسيحية وكمال المحبة موجَّهة إلى جميع المؤمنين بالمسيح أيا كانت رتبتهم وحالتهم. كلهم مدعوَّون إلى القداسة: "كونوا كاملين كما أن أباكم السماوي هو كامل" (متى5/48).

يسعى التقدم الروحي إلى اتحاد بالمسيح يزداد أبداً أُلفة. هذا الاتحاد يُدعى "سرياً"، لأنه يشارك في سر المسيح بوساطة الأسرار، وفي المسيح يشارك في سر الثالوث الأقدس، فالله يدعونا جميعاً إلى هذه الوحدة الأليفة معه، وإن لم تُمنح نِعمٌ خاصة بهذه الحياة السرية، أو علامات خارقة لها، إلاّ لبعض الناس لإظهار العطية المجانية الممنوحة للكل. وطريق القداسة يمر عبر الصليب، وليس من قداسة تخلو من التجرد ومن الجهاد الروحي. والتقدم الروحي يتضمن الجهاد والاماتة اللذين يؤديان تدريجياً إلى العيش في سلام التطويبات وفرحها.

"من أراد أن يتبعني، فليكفر بنفسه، وليحمل صليبه، ويتبعني"

(متى16/24)
 
قديم 26 - 08 - 2014, 03:00 PM   رقم المشاركة : ( 5485 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الثالوث القدّوس وجوديّاً


معنا وفيما بيننا

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



"الله محبّة". إذاً الله شخصاني. هناك فرق بين الشخص والفرد. الفرد يتميّز بفرادته فيما يتحقّق الشخص بامتداده، باجتماعه إلى غيره، باتحاده بسواه. الشخص يمتدّ صوب الشخص فيكون. العلاقة تكون بين أشخاص. الشخص هو مَن يحبّ أو لا يكون شخصاً. يكون فرداً. يبقى في مستوى الفرادة. لذلك الله شخصاني، لأنّه يُحِبُّ ويُحَبّ.


هذا، كما يظهر فيما بيننا، هو إسّ الله، حقيقتُه الكيانية العميقة. مقاربتنا لله كثالوث هي، بالضبط، من منطلق كونه محبّة. الله لا يُعَدَّ. الله واحد لأنّه تمام المحبّة وملؤها. المحبّة تكون إلى واحد. الله، في ذاته، واحد لأنّه محبّة. كل ما في الله واحد لأن كل ما في الله محبّة.


والمحبّة، أيضاً، شخصانية، أنا وأنت وهو. المحبّة هي آب وابن وروح قدس، الآب كشخص والإبن كشخص والروح القدس كشخص وإلاّ لا تكون. لا تكون هناك محبّة إذا ما أحبّ الواحد أو الفرد نفسه. المحبّة هي في الحركة باتجاه الآخر.


"في البدء كان الكلمة والكلمة كان نحو الله" (يو 1: 1).


"نحو الله"، في اليونانية، أدق من "عند الله".


هذا كان في البدء. الواحد يتجلّى في الآخر. الآخر يكون مرآة للواحد. لا يُعرف الواحد، في المحبّة، في ذاته بل في الآخر. في المحبّة كلٌّ إيقونة للآخر. يا أنا أنت! "مَن رآني فقد رأى الآب".


وكلّ، أيضاً، يخبِّر عن الآخر. يشهد للآخر. "الذي يشهد لي هو آخر وأنا أعلم أنّ شهادته التي يشهدها لي هي حقّ" (يو 5: 32).


"الآب نفسه الذي أرسلني هو يشهد لي" (يو 5: 37). "لو عرفتموني لعرفتم أبي أيضاً" (يو 8: 19). "المعزّي... روح الحقّ... هو يشهد لي. وتشهدون أنتم أيضاً" (يو 15: 26 ? 27).


"المحبّة لا تطلب ما لنفسها" (1 كو 13: 5).


المحبّة لا تقدر أن تفعل من نفسها شيئاً. لذا قولة يسوع كانت: "أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً" (يو 5: 30).


ليس بمعنى أنّه عاجز عن شيء ولكنْ لأنّ طبيعته محبّية يشهد للآب ويتجلّى في الروح القدس وتلاميذِه، كما يشهد له الآب والروح. "لهذا يحبّني الآب لأنّي أفعل في كل حين ما يرضيه".


في المحبّة يغيِّب الشخصُ نفسَه إرادياً في الآخر. "لست أطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي أرسلني".


هذا قاله يسوع رغم أنّ مشيئة الآب هي إيّاها مشيئة الابن طالما محبّة الآب والابن، كلّ للآخر، واحدة. لكل هذا تمام المحبّة وحدة في ثالوث. المحبّة لا تكتفي بالـ "أنا" والـ "أنت" لئلا تنغلق وتمسي أنانية مزدوجة.


حين يحبّ الرجل والمرأة كلٌّ الآخر دون الناس تستحيل محبّتهما أنانية ثنائية. محبّتهما لثالث تكون دليلاً على سلامة المحبّة بينهما. والثالث هو كلُّ آخر وإلاّ يكون الآخر امتداداً لأنانية اثنين.


ملء الاستقرار في المحبّة هو للثالوث لأنّ الله في الثالوث ينفتح ويسكب ذاته بلا حدود. لذا محبّة الله بيننا انسكاب ثالوثي. الثالوث، في ذاته، محبّة ونحن في الامتداد، في النعمة، بالتبنّي.


هكذا أظهر الله ذاته لنا وهكذا عرفناه ونشهد له بمحبّة من المحبّة التي هو إيّاها والتي أحبّنا بها. "نحن نحبّه لأنّه هو أحبّنا أولاً" (1 يو 4: 19). "ونحن قد عرفنا وصدّقنا المحبّة التي لله فينا" (1 يو 4: 16).


والمحبّة التي من الله فينا والتي بها نحبّه هي أيضاً المحبّة التي نتعاطاها فيما بيننا.


فإن فعلنا نتكمّل، أي نصير واحداً على مثال الثالوث، لأنّ محبّته تكون قد تكمّلت فينا في خطّ القول العظيم: "إن أحبّ بعضنا بعضاً فالله يثبت فينا ومحبّته قد تكمّلت فينا" (1 يو 4: 12).


هذه بالذات هي معرفة الله، هذه هي الحياة الأبدية، أن تكون فينا محبّتُه محبّتَنا له ولأحدنا الآخر. "وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يو 17: 3).


كل الكلام عن كون الآبِ في الابن والابنِ في الروح القدس، وعن كونِنا في المسيح وكونِ المسيح فينا، وعن إقامة الآب والابن فينا كلُّه كلامُ محبّة.


في نهاية المطاف الآب يعطينا الكلَّ لأنّه يعطينا ذاته في الابن بالمحبّة التي هي من جوف الله. نحن لا نتكلّم عن كون الإنسان مدعواً للتألّه إلاّ في نطاق الكلام عن محبّة الله التي تجعله مقيماً فينا من حيث كونه محبّة. الله فينا لأنّه أحبّنا. بعد ذلك كل حديث عن جوهر الله يتخطّى أفهامَنا لأنّنا نحن لا نعرف جوهر الله.


فقط نعرف أنّ جوهر الله يُشعّ فينا وبيننا محبّةً واحدة، مشيئةً واحدة، قوّةً واحدة، حضوراً واحداً.


كما أنّه لا يمكننا أن نتكلّم عن الله إلاّ باعتبار كونه محبّة، لا يمكننا أن نتكلّم عن الله إلاّ باعتبار كونه ثالوثاً.


في الله كما عرفناه ونعرفه يأتينا اللهُ المحبّةُ آباً بالابن في الروح القدس، محبّةً واحدة. لا الآبُ نعرفه وحيداً ولا الإبنُ وحيداً ولا الروحُ القدس وحيداً بل نعرف كلاً متوارياً في الآخر. متى قلتَ اللهَ قلتَ واحداً في ثالوث. كلُّ ما للآب هو للابن وكلُّ ما للابن هو للروح القدس وكل ما للروح القدس هو للآب. ليس للآب ما ليس في الابن والروح القدس.


ليس ما للواحد ما ليس في الآخر. لا يفرق الآب عن الابن، عن الروح القدس، في شيء إلاّ في كون الآب آباً مميَّزاً عن الابن، مميَّزاً عن الروح القدس. المحبّة واحدة. المشيئة واحدة. القوّة واحدة. النور واحد ثالوثي أبداً. لكنْ فقط ابنُ الله تجسّد.


لا الآب تجسّد ولا الروح القدس تجسّد. لذا كلمة الله، من جهة الآب والروح القدس، واحد مع الله في اللاهوتِ والمشيئة والقوّةِ. وكلمة الله المتجسّد، من جهة الناس، واحد، مع الناس، في الناسوتِ والمشيئةِ والقوّةِ. هذا يجعل يسوع ذا مشيئتَين وقوّتَين، واحدة من جهة الله والأخرى من جهتنا. لكنّه، في كل شيء، أَخْضَع ما للبشرة للآب السماوي حتى نُخْضِعَ نحن، أيضاً، في الروح القدس، وإرادياً، ما لمشيئتنا وما لقوّتنا للآب السماوي، لكيما بإخضاعِنا ذواتِنا لله، عن إرادة، تنساب محبّته فينا وتقيم بيننا ليصير الآبُ الكلَّ في الكلّ ويَصيرَ فينا كل ما في الآب لأنّ الروح يُعطى بلا قياس.





آباؤنا تكلّموا عن جوهر الثالوث الواحد. هذا، وجودياً، تأكيد لأزليّة المحبّة، أنّه لم يكن وقت لم يكن فيه الله محبّة، أي لم يكن هناك وقت لم يكن فيه الله واحداً في ثالوث.


الآب أزلي والابن أزلي والروح القدس أزلي. فلأنّه واحد أزلي، آباً وابناً وروحاً قدساً، لأنّ محبّته واحدة ومشيئتَه واحدة وقوّتَه واحدة، لذلك لا بدّ أن يكون جوهرُه واحداً. الجوهر، لغةً، مفردة فلسفية نعبّر بها عن تلك الظلمة النورانية التي تفوق ما أُعطي لنا أن نعرفه والتي تكمن وراء كل ما أُظهِرَ لنا ومنها ينبثق.





هذا هو الإله الذي نعبد. الله تكلّم، بدءاً، بالكلمة ليُعِدَّنا، في التاريخ، لخطاب من نوع جديد. والخطاب الجديد الذي كشف لنا فيه سرّ تدبيره للبشريّة كان كلمة الله.


الله، في ملء الزمان، كلّمنا بابنه. "الله بعدما كلّم الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة، كلّمنا، في هذه الأيّام الأخيرة، في ابنه الذي جعله وارثاً لكل شيء..." (عب 1: 1 ? 2).


الوارث هو مَن قيل كل ما سبق أن قيل عنه. فإن لم يأت الكلام الذي كلّم به الله كل الشعوب، منذ البدء، وهو الذي لم يترك نفسه بلا شاهد في كل أمّة (أع 14: 17)، إن لم يأت هذا الكلام بالشعوب إلى مسيح الربّ تكون قد ضلّت سواء السبيل.


خطاب الله للأقدمين لم يكن إلاّ علامات طريق تفضي إلى المدينة السماوية. ما سبق أن كلّم به الله الأمم كلّها لم يكن غاية في ذاته بل مؤشّرات إلى المسيح. كل العهد القديم، وكل كلام صدر عن الله للعالمين، رَسَمَ الملامح الروحية لمسيح الربّ الآتي قليلاً أو كثيراً. لا بديل عن المسيح. "ليس أحد يأتي إلى الآب إلاّ بي".


المسيح أو الضلال! ولا ملامح إلاّ التي حدّدتها كنيسة المسيح وآباؤها وقدّيسوها وهي ملامح في الروح لا يتبيّنها إلاّ السالكون في نقاوة القلب. "طوبى لأنقياء القلوب فإنّهم يعاينون الله".


المسألة ليست لا مسألة علم ولا ثقافة ولا حضارات. هذه تعابير لما هو في الكيان وليست الكيان عينه. لذلك الكنيسة متى تكلّمت تتكلّم لأنّها تعرف وتخاطب الكيان. ومتى كرزت بالحقّ ?والكرازة أقدس الوصايا من جهة محبّتنا للسالكين في الظلمة وظلال الموت? أقول متى كرزت الكنيسة بالحقّ تشهد


"أنّ الحياة أُظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهِرت لنا. الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضاً شركة معنا وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح. نكتب إليكم هذا لكي يكون فرحكم كاملاً" (1 يو 1: 2 ? 4).





كل هذا ما كان ليكونَ لنا فيه نصيب لو لم تكن العقيدة نصيبَنا، لو لم نتمسّك بها بأمانة ما بعدها أمانة. عقيدتنا هي نور عيوننا. لولاها لغططنا في الظلمة والجهل. لولاها لما كنّا نعرف الله ومحبّة الله ولما كان لنا نصيب في سكنى الله فينا. نحن رائحة الثالوث.


"نحن رائحة المسيح الزكيّة لله في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون. لهؤلاء رائحة موت لموت ولأولئك رائحة حياة لحياة" (2 كو 2: 15 ? 16).





إذاً عقيدتنا وجودُنا لأنّها إيقونة ملء محبّة الله لنا ومصوَّر خلاصنا
 
قديم 26 - 08 - 2014, 04:10 PM   رقم المشاركة : ( 5486 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

هكذا احب الله العالم


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سلام ونعمة احبائي وحشتوني ... نعم هكذا احب الله العالم
"لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يوحنا 16:3).
وهذه الآية مخيفة للواعظ لأنها مشهورة... وشهرتها تجعل من العسير على الواعظ أن يقدِّم عنها شيئاً جديداً. ولكن من قال أننا بحاجة إلى جديد؟ نحتاج أن نستفيد من القديم الذي سمعناه مراراً لكي نعيش بموجبه.
ثم هي آية عظيمة، وهذا يخيف أيضاً، لأنك لا تستطيع أن تقول عنها ما يمكن أن يكون جديراً بها.
ثم هي آية شاملة، وهذا يخيف أيضاً، لأنك لا تستطيع أن تقول عنها ما يمكن أن يكون كاملاً.
لنتأمل في هذه الآية بالرغم شهرتها، لكي نسمع مرة أخرى ما يكلّمنا به الروح القدس من خلالها.
قال مودي أنه دعا مرة واعظاً ليعظ مكانه في شيكاغو. وفي أول ليلة، اختار الواعظ هذه الآية أساساً لعظته. ثم طُلب منه أن يعظ ليلة تالية، فإذا به يختار ذات الآية، وفي ليلة ثالثة اختار نفس النصّ، وهكذا ظل يعظ لمدة أسبوعين كاملين حول هذا النص وحده. لم يكرر المواعظ التي قالها، إذ كان يقدّم في كل ليلة عظة جديدة.
لا يمكن أن نُعطي هذه الآية حقّها في عظة واحدة. ولو أننا راجعنا كل العظات التي استمعنا إليها، لاكتشفنا هذه الحقيقة، وهي أن كل العظات تدور حول هذه الآية، حتى ولو اخترنا لعظاتنا آيات أخر، تبقى هذه الآية محور كل عظة، لأنها هي الإنجيل المسيحي.

1- علاقة الآب بالابن

في هذه الآية، نرى بوضوح علاقة الآب بالابن. يقول: "هكَذَا أَحَبَّاللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ".
الله الآب بذل الابن!
لو لم يكن المسيح على هذه العلاقة الفريدة مع الآب لما استطعنا أن نقول إن موت المسيح دليل على محبة الله للعالم.
لو لم يكن المسيح هو الله الذي ظهر في الجسد لما كان موته علامة على محبة الله لنا. ولكن، لأن المسيح هو الابن الوحيد – هو الله الذي ظهر في الجسد – فموته دليل على محبة الآب.
في مكان آخر نقرأ ما قاله بولس الرسول: "وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَمَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا".
كيف يبيّن الله محبته لنا؟
بأن يموت المسيح لأجلنا. إن لم يكن المسيح هو الله الذي ظهر في الجسد، فما علاقة موت المسيح لأجلنا بمحبة الله لنا؟ "إِنَّ اللهَكَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ".
وموت المسيح ليس دليلاً على محبة الله الابن فقط، لكنه دليل على محبة الله الآب والله الروح القدس. وفي خطاب بولس الرسول لكنيسة أفسس - وهو يستودع هذه الكنيسة بين يدَي الله ويحذّر من ذئاب خاطفة قد تدخل فيها - يتحدّث عن الكنيسة فيقول: "كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ". لا يقولهنا: كنيسة الله التي اقتناها بدم المسيح، لكنه يقول: التي اقتناها الله بدمه - أي إن دم المسيح هو دم الله - أي أن المسيح هو الله الذي ظهر في الجسد. إن هذه الآية ترينا العلاقة الوطيدة بين الآب والابن، ولولا هذه العلاقة لما كان موت المسيح دليلاً على محبة الله لنا.

2- قداسة الله

وهذه الآية ترينا قداسة الله الذي لا يستطيع أن يرى الخطية، والذي لا بد أن يطالبنا بأجرة الخطية، وهي الموت. وهي ترينا شر الخطية وشر الإنسان الخاطئ. الخطية خاطئة جداً،وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة فهي التي صلبت رب المجد.

3- محبة الله

وهي ترينا قيمة الإنسان في نظر الله الذي بذل ابنه الوحيد لأجل الإنسان الخاطئ، لأنها ترينا قبل كل شيء محبة الله. وسنتأمل معاً حول هذه المحبة من خلال هذه الآية.
في هذه الآية نرى دليل هذه المحبة: "هكَذَا أَحَبَّ اللهُالْعَالَمَ". وما الدليل على ذلك؟ إنه بذل ابنه الوحيد. الدليل على أن الله أحبّني وأحبّ العالم كله أنه بذل ابنه الوحيد.
إن وُجدت المحبة فلا بدّ أنها تبذل. قد يوجد عطاء بغير محبة، ولكن لا توجد محبة بغير عطاء. قد نجد إنساناً يعطي لينال المدح، أو لكي يفتخر، لكنك لا تجد إنساناً يحبّ ولا يعطي. لا يمكن أن الله يحب ولا يعطي. لا يمكن أن الله لا يحب، ويبذل!!! "هكَذَا أَحَبَّ... حَتَّىبَذَلَفالدليل لمحبة الله لنا أنه بذل ابنه الوحيد.
في هذه الحياة، نتعرّض لعلوم كثيرة ومعلومات شتى في مختلف المواضيع. فالعلماء يبحثون في الذرّة ومحتوياتها ومكوّناتها، لكن أهم علم ينبغي أن يعرفه الإنسان ليس عن الأجرام والذرّة – فبغير هذه العلوم يمكن أن يحيا الإنسان سعيداً – لكن العلم الحقيقي الذي يحتاج إليه الإنسان هو أن يعرف الله، وطبيعته، وموقفه من الإنسان.
وهذه لا نعرفها إلا في صليب المسيح – لأن الله محبة – هذه المحبة التي لا نستطيع أن نجد لها دليلاً واضحاً إلا في صليب المسيح. لأننا لو رجعنا إلى الطبيعة – الطبيعة الجامدة من حولنا.. إلى البحار.. إلى الجبال.. سنرى في الطبيعة أشياء قد لا ترينا محبة الله. نرى فيضانات تُغرق، وزلازل تدمّر، ونرى أشياء كثيرة في الطبيعة لا يمكن أن تتحدّث بوضوح عن محبة الله. ولو راجعنا تاريخ البشرية، لا نجد دليلاً واضحاً على محبة الله. فالحروب والانقسامات والخصومات.. هذا التاريخ الملوّث للإنسان لا يمكن أن يحدّثنا عن محبة الله! "لكن الله بيّن محبّته لنا" – وبرهن على محبّته لنا – إذ "وَنَحْنُ بَعْدُخُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا".
"هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ".
بذل من؟ بذل ابنه الوحيد!
نعم، نحن نتحدّث عن أننا أبناء الله، وهذا حق. لكن بنوّتنا لله هي بالتبنّي، أعطانا إياها في المسيح، لكن بنوّة المسيح لله بالطبيعة، هو في حضن الآب من قبل أن يوجد في العالم، بذله الله لأجلنا أجمعين.

أبعاد المحبة

ثم نتأمل في أبعاد هذه المحبة. يقول: "هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ". العالم كله... كان اليهود يعتقدون أن الله أحبّهم هم وحدهم، اختارهم من بين جميع الأجناس كجنس مختار لم يحب الله سواه. لكن هذه الكلمات المقدسة من فم المسيح ترينا أن الله أحب العالم كله، أحبّ الذين عرفوه والذين لم يعرفوه... أحب الذين آمنوا به والذين عادوه... أحب الذين يخدمونه ويعبدونه، وهو يحب الذين لم يعرفوه بعد ولا يزالون يتحدونه ويعارضونه – أحب العالم كله – كل الأجناس،وكل الأسباط، وكل إنسان مهما كانت خطيته. قال أحدهم وهو ريتشارد باكستر: لو أن هذه الآية قالت: "هكَذَا أَحَبَّ اللهُ ريتشارد باكستر حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ" لقلت في نفسي: إن هناك إنساناً آخر يحمل هذا الاسم غيري، لأني وصلت إلى أعماق الشر والإثم، ولا يمكن أن يكون الله قد أحبني أنا. أما وأن يقول الله: "هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ" كله فأنا من ضمن هذا العالم. ثم عاد فقال: "لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ"، وهذا يشمل كل إنسان في كل مكان.. مهما كانت آثامه وخطاياه، فالله قد أحبه وهو لا يريد له أن يهلك، ويمكن أن يعطيه الحياة.
"هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمََ" كله، ويمكنك أن تضع اسمك بثقة في هذه الآية بدل كلمة العالم.
لماذا أحب؟
ثم لنتأمل في هذه المحبة وأهدافها.
لماذا أحب الله العالم؟
نحن لا يمكننا أن نعرف لماذا أحبنا؟
"هكذا"... أحبنا بغير سبب..
لكن ما هو الهدف الذي من أجله أحبنا؟
ماذا تفعل فينا هذه المحبة؟
يقول: "لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ".
هنا نرى هدف المحبة في جانب سلبي "لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ"، وفي جانب إيجابي "بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ". الخلاص يشمل جانبين: جانباً سلبياً وجانباً إيجابياً. الجانب السلبي هو أننا بالمسيح وبالإيمان به نخلص من أجرة الخطية، من موت الخطية... تُرفع عنا الدينونة، "لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ". يعطينا – بعد أن كنا أمواتاً في الخطية – أن لا نهلك... ألا نموت، أن نصبح أحياء، فلا تقع علينا دينونة الخطية لأنها وقعت على المسيح. "وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ". أمانته وعدله لا يمكن أن تجعلا الله يوقع دينونته على خطيتي مرة أخرى بعد أن أوقعها على المسيح. هذا هو الجانب السلبي في الخلاص، وكثيراً ما نبقى في هذا الجانب السلبي ولا نتأمل في غيره. نعم، جميل أن نعرف أن خلاص المسيح ينجينا من الموت والدينونة والعقاب.
لكن هناك ما هو أعظم: "لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ".
وهذا هو الجانب الإيجابي، أنه ليس فقط يمنع عنا الهلاك، لكنه يعطينا أن ندخل في العائلة الإلهية، وأن نصبح أعضاء في جسد المسيح. هذا هو الخلاص من جانبه الإيجابي. نحن الآن أولاد الله، لكننا سنكون مثله لأننا سنراه كما هو. ليس فقط يرفع عنا الموت الأبدي، لكنه يعطينا حياة الله، الحياة الأبدية.
لكن، لا يمكننا أن ننتفع بهذه المحبة إلا إذا آمنا بالمسيح. يقول: "لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ". وسيلتنا لأن نتمتع بهذه المحبة هي أن نؤمن بالمسيح الذي جاء لكي يشترينا بدمه. لقد بذل الله ابنه. إنه لم يرسل ابنه – فكلمة "يرسل" تعني أنه يمكن أن يستردّ من أرسله - لكنه بذل ابنه، وبذله إلى النهاية حتى الموت. فإذا نحن آمنا أن هذا الذي بُذل على الصليب هو الله الذي ظهر في الجسد، الذي أخذ عاري وعارك، وخطيتي وخطيتك، وأعطانا بره، فإننا لا نهلك، بل تكون لنا الحياة الأبدية.
الرب يبارك حياتكم لانه احب الخطاه والعشارين فهل تبادله حب بحب ارجو من رب المحبة ان ترفع قلبك وتطلبه لكي يمنحك توبة وغفران وسلام ومحبة
 
قديم 26 - 08 - 2014, 04:18 PM   رقم المشاركة : ( 5487 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

لو كنت تعبان وحزين
إليك هذا الوعد


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


وَعِنْدَ خُرُوجِ ٱلرَّجُلِ نَحْوَ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْخَيْطُ بِيَدِهِ، قَاسَ أَلْفَ ذِرَاعٍ وَعَبَّرَنِي فِي ٱلْمِيَاهِ، وَٱلْمِيَاهُ إِلَى ٱلْكَعْبَيْنِ. ثُمَّ قَاسَ أَلْفًا وَعَبَّرَنِي فِي ٱلْمِيَاهِ، وَٱلْمِيَاهُ إِلَى ٱلرُّكْبَتَيْنِ. ثُمَّ قَاسَ أَلْفًا وَعَبَّرَنِي، وَٱلْمِيَاهُ إِلَى ٱلْحَقْوَيْنِ. ثُمَّ قَاسَ أَلْفًا، وَإِذَا بِنَهْرٍ لَمْ أَسْتَطِعْ عُبُورَهُ، لِأَنَّ ٱلْمِيَاهَ طَمَتْ، مِيَاهَ سِبَاحَةٍ، نَهْرٍ لَا يُعْبَرُ. (47 حِزْ...قِيَال:3-5 AVD)

في كل مرة اقرأ هذة الآيات تنتابني غيرة و رغبة عارمة أن يقيس الروح القدس و يأخذ بيدي و يدخلني الي دهاليز أعماق المسيح.
فيأخذ مما لة و يخبرني ويرشدني الي جميع الحق ، بل و بأمور آتية .
الدخول الي العمق ......

هل تعبت من أمواج الشاطئ و ضحالة المياة ؟؟
حلك هو ....الدخول الي العمق

" لان هذة المياة تأتي الي هناك فتشفي و يحيا كل ما يأتي النهر الية ."
أن كنت تعبان و مهموم و حزين ، أن كانت حياتك صعبة و نفسك مكسورة و محبط و جسدك ليس فية صحة ،أن كانت الأمواج قد أنهكت قواك و ضعفت مقاومتك ،
فأطلب من الروح القدس أن يقيس و يعبر بك .
فأن هذة المياة شافية و محيية .

سيجدد الروح مثل النسر شبابك و يعطيك يا معيي قوة و يكثر الشدة ، فتركض و لا تتعب و تمشي دون أي أعياء .
امين

 
قديم 26 - 08 - 2014, 04:19 PM   رقم المشاركة : ( 5488 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

المسيحي و الإضطهاد
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


طوبى لكم إذا عيَّروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة. من أجلي، كاذبين. افرحوا وتهللوا. لأن أجركم عظيم في السماوات ( مت 5: 11 ، 12)

تُرى كيف يتصرف المسيحي إزاء الاضطهاد. إن وجه الاختلاف بين الشخص المسيحي وغيره، يظهر بالأكثر من تفاعله مع الظروف الصعبة. ذلك التفاعل الذي تلخصه النقاط الآتية:
...

1ـ المسيحي لا يأخذ بثأره: فالانتقام ليس من شيم المسيحي.

2ـ المسيحي لا يشعر بالحقد على أحد: فليس هو فقط لا يقابل الإساءة بمثلها، بل هو أيضًا لا يشعر بالغيظ في نفسه من أحد.

3ـ المسيحي لا يشعر بالإحباط نتيجة الاضطهاد: فلا هو يشعر بالغيظ من شخص معين، ولا حتى بالتذمر على وضع معين.

ولكن ليس هذا فقط ما يميز المسيحي، بل هناك شيء إيجابي يميزه، كقول المسيح هنا: «افرحوا وتهللوا». فنحن لا نفرح فقط رغم الآلام، بل إننا نفرح بسبب هذه الآلام التي هي لأجل المسيح ( 1بط 4: 12 ، 13؛ أع5: 41) وذلك لأسباب ثلاثة:

1ـ هذه الآلام هي لأجل المسيح «طوبى لكم إذا عيروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة، من أجلي، كاذبين». تفكر أيها الأخ المتألم في التعيير والافتراءات التي احتملها رب المجد لأجلك ( عب 12: 2 ، 3). لقد احتمل المسيح كل هذا لأجلنا، والآن جاء دورنا أن نحتمل نحن لأجله.

2ـ يدعونا المسيح لكي نفرح ونتهلل لأن أجرنا عظيم في السماوات. ليس أن الأجر العظيم هو الباعث أو الحافز على محبة المسيح أو حياة الشهادة له، بل هو فقط مُشجع أمام مفشلات العدو وعثرات الطريق.

ولم يُخبرنا المسيح عن هذا الأجر العظيم الذي ينتظرنا في السماوات. فيبدو أن لغتنا البشرية لا تحوي المفردات المناسبة لوصفه، لكنه باليقين أعظم من كنوز الأرض كلها.

3ـ إن آلامنا لأجل المسيح تجعلنا ننضم إلى موكب عظيم من الشهود والشهداء الذين سبقونا. فكم هناك من ربوات على مرّ العصور احتملوا لأجل المسيح رفض العالم واضطهاده. ونحن بأخذنا نصيبنا في ذلك، ننضم إلى هذا الموكب العظيم، كقول المسيح هنا: «فإنهم هكذا طردوا الأنبياء الذين قبلكم» ( مت 5: 12 ).
 
قديم 26 - 08 - 2014, 04:20 PM   رقم المشاركة : ( 5489 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الكلام المستقيم

في زمن لا يحتمل فيه الناس التعليم الصحيح،
بل ويصرفون مسامعهم عن الحق،
وينحرفون إلى الخرافات،
و«الَّذِينَ يَقُولُونَ لِلرَّائِينَ: «لاَ تَرَوْا»، وَلِلنَّاظِرِينَ: «لاَ تَنْظُرُوا لَنَا مُسْتَقِيمَاتٍ. كَلِّمُونَا بِالنَّاعِمَاتِ. انْظُرُوا مُخَادِعَاتٍ. حِيدُوا عَنِ الطَّرِيقِ. مِيلُوا عَنِ السَّبِيلِ. اعْزِلُوا مِنْ أَمَامِنَا قُدُّوسَ إِسْرَائِيلَ»
(إشعياء30: 10-11).

لذلك ما أشد الحاجة إلى:
الكلام المستقيم
«تُقَبَّلُ شَفَتَا مَنْ يُجَاوِبُ بِكَلاَمٍ مُسْتَقِيمٍ.»
(أمثال 24: 26).
يأتي هذا القول بعد القول
«مَنْ يَقُولُ لِلشِّرِّيرِ: «أَنْتَ صِدِّيقٌ» تَسُبُّهُ الْعَامَّةُ. تَلْعَنُهُ الشُّعُوبُ.»
(أمثال 24: 24)

في إحدى الجنازات دُبِّرت مكيدة لأحد المؤمنين المعروفين باستقامتهم قولاً وعملاً؛ فنصبوا له الشبكة لعلّهم يصطادونه ويسقطونه في الكلام فسألوه، على مسمع ومرآى من المُعزّين، وأهل المتوفي بالطبع حاضرين:
أين ذهب المرحوم فلان؟
وقد كانت حياة فلان الميت لها وجهان:
وجه مليح وآخر قبيح، وجه مضيء و كريم، حسنٌ وشهٌم في المناسبات والاحتفالات، أمام وجهاء القوم؛ ووجه آخر مظلم وفاسق، طماع ومخادع. أمثال هؤلاء الذين وصفهم الرب يسوع المسيح بأنهم:
تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ (أمام الناس) وَيَبْلَعُونَ الْجَمَلَ. (بعيدًا عنهم)
(متى23: 23 ،24).

فأجاب المؤمن المجرَّب قائلاً:
«يَعْلَمُ الرَّبُّ الَّذِينَ هُمْ لَهُ». وَ«لْيَتَجَنَّبِ الإِثْمَ كُلُّ مَنْ يُسَمِّي اسْمَ الْمَسِيحِ».
(2تيموثاوس2: 19).
ثم عادوا يسألون:
لكن أين هو الآن؟
فأجاب:
إن المرحوم الآن مع حبيبه. فالذي أحبه هنا وعبده وخدمه وعاش له وضحى لأجله هو الآن معه، بل وسيظل معه إلى أبد الآبدين.
فكانت إجابته حكيمة مستقيمة لأنه إن جاملهم وقال:
في النعيم ربما يُغضب الله،
وإن قال:
في الجحيم، أغضب الناس.
سفر الملوك الأول 22 نقرأ عن نبي يدعى ميخا بن يملة، عندما ذهب إليه رسول قائلاً له:
«هُوَذَا كَلاَمُ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ (400 نبي) بِفَمٍ وَاحِدٍ خَيْرٌ لِلْمَلِكِ، فَلْيَكُنْ كَلاَمُكَ مِثْلَ كَلاَمِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍفَقَالَ مِيخَا: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنَّ مَا يَقُولُهُ لِيَ الرَّبُّ بِهِ أَتَكَلَّمُ».

وهكذا تكلم ميخا بكلام الرب مخالفًا بذلك كلام الأنبياء الـ400. ليتنا نحن أيضًا لا نقول إلا ما يقوله لنا الرب مهما كانت التكلفة.

جاء إلى المسيح ليلاً رجل شيخ اسمه نيقوديموس، وهو معلم ورئيس لليهود ومن الفريسيين، فجامل المسيح وحيّاه تحية رقيقة إذ قال له:
«يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللهِ مُعَلِّمًا، لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللهُ مَعَهُ».
(يوحنا3: 2).
أما المسيح فلم يتأثّر بالمجاملة أو يعلّق على التحية بل قال له:
«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ».
(يوحنا 3: 3).
فما أحوجنا فى هذه الأيام، التي امتلأت بالمجاملات والمداهنات، إلى كلام مستقيم وفي الصميم!

لكن مِمَن نتعلم الكلام المستقيم وكيف نتعلمه؟

نتعلم الكلام المستقيم من:
*
الرب يسوع المسيح:
إن الإتيان للمسيح، والإيمان به، هو السبيل الوحيد لتعلم الكلام المستقيم. فما أعجب ما صنع المسيح لإنسان أصم أعقد اذ شفاه
«وَلِلْوَقْتِ انْفَتَحَتْ أُذْنَاهُ، وَانْحَلَّ رِبَاطُ لِسَانِهِ، وَتَكَلَّمَ مُسْتَقِيمًا. »
(مرقس7: 35).
*
الكتاب المقدس:
« وَصَايَا الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. »
(مزمور19: 8).
*
الحكماء:
«اَلْمُسَايِرُ الْحُكَمَاءَ يَصِيرُ حَكِيمًا، وَرَفِيقُ الْجُهَّالِ يُضَرُّ.»
(أمثال13: 20).
والحكمة هنا هي الحكمة التي من فوق، الإلهية وليست الأرضية.

أما بركات الكلام المستقيم فهي كالآتي:
*
الاحترام والتوقير:
« تُقَبَّلُ شَفَتَا مَنْ يُجَاوِبُ بِكَلاَمٍ مُسْتَقِيمٍ. »
(أمثال24: 26).
*
الفرح الغزير:
«يَا ابْنِي، إِنْ كَانَ قَلْبُكَ حَكِيمًا يَفْرَحُ قَلْبِي أَنَا أَيْضًا، وَتَبْتَهِجُ كِلْيَتَايَ إِذَا تَكَلَّمَتْ شَفَتَاكَ بِالْمُسْتَقِيمَاتِ.»
(أمثال23: 15-16).
*
النجاة من الشرير:
« كَلاَمُ الأَشْرَارِ كُمُونٌ لِلدَّمِ، (يتربص لسفك الدم) أَمَّا فَمُ الْمُسْتَقِيمِينَ فَيُنَجِّيهِمْ.»
(أمثال12: 6).

حب القدير:
«وَالْمُتَكَلِّمُ بِالْمُسْتَقِيمَاتِ يُحَبُّ.»
(أمثال16: 13).

فالكلام المستقيم هو:
كلام
«بِالْحَقِّ. لَيْسَ فِيهَا عِوَجٌ وَلاَ الْتِوَاءٌ.»
(أمثال8: 8)،
كلام لا نفاق فيه
(هوشع14: 9)،
ولا عسل يحلّيه (والعسل صورة للمجاملات الإنسانية) . هو كلام ينبه الغافلين، ويوقظ النائمين
«عَسَى أَنْ يُعْطِيَهُمُ اللهُ تَوْبَةً لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ، فَيَسْتَفِيقُوا مِنْ فَخِّ إِبْلِيسَ إِذْ قَدِ اقْتَنَصَهُمْ لإِرَادَتِهِ.»
(2تيموثاوس2: 25-26).
 
قديم 26 - 08 - 2014, 04:23 PM   رقم المشاركة : ( 5490 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

لا تواجه العدو بل أهرب منه

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

كثيرين باندفاع وحماسة زائدة في عدم خبرة روحية سليمة ووعي تعليمي، بسبب تذوق حلاوة التوبة والشعور بقوة الله في بداية علاقتهم مع الله، فأنهم يظنوا أنهم يملكون قوة فائقة تأصلت فيهم وهم قادرون على كل شيء ويستطيعوا أن يواجهوا بتحدي عدو كل خير: الشيطان، فيتحدونه بالقول الشهير الذي نسمعه من كثيرين: أتحداك يا شيطان.. الخ، وهذا نتاج التعليم الحماسي الذي نسمعه من البعض حينما يقولون [ اقف قدام الشيطان وقول اتحداك يا شيطان واتحدى مملكتك.. الخ ]، ويظنوا بذلك أنهم يهزون مملكته وينتصرون عليه ويزرعون الرجاء في أولاد الله ويحفزوا فيهم القوة، وبذلك دون أن يدروا يسقطون في حبائله ويبقى ذكره على أفواههم وينسون ذكر الرب مخلصهم، وبسبب عدم التمرس في قراءة كلمة الله حسب إعلان الحق بالروح، فهم لا يدرون كيف ينتصرون بقوة الله التي نالوها، لأن ليس هم الذين ينتصرون أو يحاربون بقوتهم، بل الرب بنفسه فيهم:
  • [ ولكن متى جاء من هو أقوى منه فأنه يغلبه وينزع سلاحه الكامل الذي اتكل عليه ويوزع غنائمه ] (لوقا 11: 22)
  • [ الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون؛ الرب إلهكم السائر أمامكم هو يُحارب عنكم حسب كل ما فعل معكم في مصر أمام أعينكم؛ لأن الرب إلهكم سائر معكم لكي يحارب عنكم أعداءكم ليخلصكم ] (خروج 14: 14؛ تثنية 1: 30؛ 20: 4)
لذلك يا إخوتي علينا أن نفهم ونستوعب كيف نغلب لا حسب حكمتنا ومعرفتنا الشخصية، بل حسب الإنجيل إعلان الحق: [ فلا تقولوا قد وجدنا حكمة، الله يغلبه لا الإنسان ] (أيوب 32: 13)، فالطريق وضحه لنا الرب ولا يحتاج منا لحكمة أو فكره جديدة أو وعظة حسب حماستنا واعتقاداتنا الشخصية، لأن كثيرين يقولون دلنا على الطريق الصحيح، وهذا هو طريق الغلبة الصحيح لمن يحب أن يصغي لله لا للناس:
  • فاخضعوا لله، قاوموا إبليس فيهرب منكم (يعقوب 4: 7)
  • فقاوموه راسخين في الايمان (1بطرس 5: 9)
  • لأن كل من ولد من الله يغلب العالم، وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم إيماننا (1يوحنا 5: 4)
  • وهم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتى الموت (رؤيا 12: 11)
لذلك يا إخوتي ينبغي الآن أن [ يتعظم المسيح في جسدي سواء كان بحياة أم بموت، لأن لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح ] (فيلبي 1: 20 و21)، ونحن [ نعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق، ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح، هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية ] (1يوحنا 5: 20)، وهو الرب الذي [ خرج غالباً ولكي يغلب ] (رؤيا 6: 2)، فكل من يمسك به ينال حياه ويصير محفوظاً في يده [ أنا أعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد ولا يخطفها أحد من يدي ] (يوحنا 10: 28):
  • "وأما المسيح فكابن على بيته، وبيته نحن، أن تمسكنا بثقة الرجاء وافتخاره ثابتة إلى النهاية" (عبرانيين 3: 6)، فـ "تمسك بصورة الكلام الصحيح الذي سمعته مني في الإيمان والمحبة التي في المسيح يسوع" (2تيموثاوس 1: 13)، "فاثبتوا إذاً أيها الإخوة وتمسكوا بالتعاليم التي تعلمتموها سواء كان بالكلام أم برسالتنا" (2تسالونيكي 2: 15)، و "احفظوا أنفسكم في محبة الله منتظرين رحمة ربنا يسوع المسيح للحياة الأبدية" (يهوذا 1: 21)، وانتظروا إعلان مجيئه حسب وعده: [ ها أنا آتي سريعاً، تمسك بما عندك لئلا يأخذ أحد إكليلك ] (رؤيا 3: 11)
يقول القديس كيرلس الأورشليمي: [ لست انت وحدك صانع الشرّ، بل يوجد من يُحرضك عليه، أنه الشيطان الذي يقترحه عليك، ولكنه لا يستطيع شيئاً ضد الذين لا يقبلونه، ولذلك يقول سفر الحكمة "إذا ثار عليك روح المتسلط فلا تترك مكانك" (جامعة 10: 4)، اغلق بابك واطرده بعيداً، فلا يَمُسك بسوء، ولكن ان قبلت بقلِّة اكتراث شهوة سيئة، فهو سيتوغل فيك ويثبت فيك أفكاره ويربط ذهنك، ويدفعك إلى هاوية الشرور. ولكن لعلك تقول: "أنا أؤمن، ولن تقهرني الشهوة الرديئة (حتى) لو جُربت مرات عديدة!"، فهل تجهل أن جذر الشجرة الذي يظل زماناً طويلاً ملتصقاً بالصخرة، ينتهي بشقائها؟ فلا تقبل هذه البذرة، لأنها ستحطم إيمانك. أقلع الشرّ من جذره قبل أن يُزهر. لا تكن كسلاناً في البداية حتى لا (تُقاد) في النهاية إلى الفأس (متى 3: 10)، وإلى النار. ابدأ بمعالجة عينيك في الوقت المناسب، لكي لا تصبح أعمى وتسعى فيما بعد إلى الطبيب ]
[ أهرب من كل مناورة شيطانية، ولا تثق بالتنين الجاحد الذي غيَّر طبيعته الصالحة بملء إرادته، والذي يستطيع أن يُغري إرادتك دون أن يُكرهها على شيء. لا تسمع إلى أقوال الفلكيين والمنجمين وكل من يُدعون بهذه الأسماء، ولا تثق بتكهنات الوثنيين الخرافية (الخزعبلات والأفكار المشوشة حسب أفكار الناس وتقاليدهم ونبواتهم الكاذبة)، ولا تهتم بالمشروبات السحرية ولا بالسحر ولا باستحضار الأرواح.
ابتعد عن الشراهة ولا تسعَ وراء الملذات (الشهوة والراحة والتنعم). اقتلع من نفسك البخل والربا الفاحش... ولا تستخدم الأحجبة في مرضك. إياك وقذارة الملاهي (يقصد الملاهي الوثنية التي يقام فيها الحفلات الصاخبة بالرقص وعري الجسد والممارسات التي تدعم الشهوة والخطية وتسبب عثرة كبيرة للنفس وتخرجها خارج التقوى والقداسة)، ولا تُميز بين الأطعمة بحجة أنها ملوثة وغير طاهرة، ولا تشترك في اجتماعات الهراطقة.
واحفظ نفسك في كل وقت بالصوم والحسنات ومطالعة أقوال الله، (حتى) إذا قضيت البقية الباقية من زمان حياتك (1بطرس 4: 2) في ممارسة العفة والعقائد المقدسة، يُمكنك أن تتمتع بالعماد الخلاصي (الكلام موجه للموعوظين الذين لم يتقبلوا بعد نعمة المعمودية)، وهكذا يُسجل الله الآب اسمك في السماوات، وتُصبح جديراً بالأكاليل السماوية في المسيح يسوع ربنا الذي له المجد إلى أبد الدهور آمين ] (عظات القديس كيرلس الأورشليمي لطابي العماد)
__________________

  • 2 - خطيئتي أمامي في كل حين
على مستوى العهد القديم قبل مجيئ المُخلِّص الإنسان كان واقع تحت سلطان الموت وعدم المقدرة على تتميم الوصايا، شاعراً أن الخطية حاجز حجر صخر يمنعه من رؤية الله والاقتراب منه، وضميره يأن في داخله بسبب الخطية التي أمام عينيه تثقل كاهله وتجعله منحني شاعراً دائماً بملامة في قلبه: [ أنفسنا منحنية إلى التراب، لصقت في الأرض بطوننا؛ لماذا انت منحنية يا نفسي ولماذا تئنين فيَّ، ارتجي الله لأني بعد احمده لأجل خلاص وجهه ] (مزمور 44: 25، مزمور 42: 5)
لكن بمجيئ المخلص، رُفع ضمير الخطايا (عبرانيين 10: 2) ولم يعد هناك شعور بالمرارة بعد التوبة، لأن للموت مرارة خاصة، تزول فقط بالدخول في سرّ الإيمان الحي، والإقامة في النعمة: [ الذي به أيضاً قد صار لنا الدخول بالإيمان إلى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون ونفتخر على رجاء مجد الله ] (رومية 5: 2)
ولذلك لا نجد إنسان تائب ويدخل في حالة من تذكار الخطية في ذاتها، لأن كثيرين يفهمون آية داود النبي خطأ، ويظنوا أن عليهم ان يتذكروا الخطية ويضعوها أمامهم في كل حين، ويبكون وينحون عليها بلا رجاء حي بشخص ربنا يسوع المسيح، وهذه ليست توبة حقيقية، بل ضمير مثقل بالخطية لم يدخل بعد في سرّ عمل النعمة المُخلِّصة، لأن التوبة هي تذوق سرّ التجديد المستمر، لأن أساس قاعدتها روح قيامة يسوع، لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع أعتقنا من ناموس الخطية والموت (أنظر رومية 8)، لأن كل من دخل في سرّ التجديد أصبح خليقة جديدة، ولا ينفع أن نأخذ من الخليقة القديمة مثال أو ندخل جزء منها على الخليقة الجديدة، لأن كيف لشخص حي أن يذهب لقبر ويرتدي ثوب الميت الذي أنتن، كيف يحتمل هذا و كيف يعيش !!!

فما معنى أن أذكر خطيئتي حسب مفهوم العهد الجديد: [ عندي عليك أنك تركت محبتك الأولى، فأذكر من أين سقطت وتب وأعمل الأعمال الأولى وإلا فإني آتيك عن قريب وأُزحزح منارتك من مكانها إن لم تتب ] (رؤيا 2: 5)، إذن المعنى هو أن نذكر من أين سقطنا لكي نتب ونعود بقوة أعظم، ولذلك يقال في القداس الإلهي: [ ونجنا من تذكار الشرّ الملبس الموت ]، لأن الخطية تحمل في ذاتها الموت، وحين نذكر تفاصيلها لا بُدَّ من أن نُصاب بشيء ما من الموت، فننعزل عن الله وندخل في ضيق عميق ونفقد فرح الرجاء الحي، فلا يصح أبداً أن يلهج مؤمن حي بالله في تذكار خطيئته، بل عليه أن ينظر من أين سقط ويتوب ويرجع لله الحي سريعاً ولا يُبطئ كما شرحنا سابقاً...

عموماً، في الحقيقة والواقع الاختباري من جهة معرفة الله وإعلانه عن نفسه لنا، فهو إله كل نعمة، إله صالح يُريد خلاص الكل بلا استثناء، قدرته الالهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى (2بطرس 1: 3)، فخلصنا ودعانا دعوة مقدسة لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التي أُعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية (2تيموثاوس 1: 9)، وقد أعلن بروح النبوة عن نفسه قائلاً: [ أنا أنا هو الماحي ذنوبك لأجل نفسي وخطاياك لا أذكرها ] (إشعياء 43: 25)
فالله الذي غفر الخطايا، لم يغفرها بمجرد كلمة، بل محاها بدمٍ كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح (1بطرس 1: 19)، الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله (رومية 3: 25)، وهو كفارة لخطايانا، ليس لخطايانا فقط، بل لخطايا كل العالم أيضاً (1يوحنا 2: 2)، فالذي أحبنا وأرسل ابنه كفارة لخطايانا (1يوحنا 4: 10)، لم يعد أمامه تذكاراً لخطايانا قط لأنه يرانا الآن بعدما آمنا ودخلنا في سرّ التوبة: "في ابنه" خليقة جديدة، لذلك يرانا في بره، لأن المسيح الرب بنفسه صار لنا براً وقداسة وفداء (1كورنثوس 1: 30):
  • [ وأما الآن فقد ظهر برّ الله بدون (أعمال) الناموس، مشهوداً له من الناموس والأنبياء. برّ الله بالإيمان بيسوع المسيح إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون، لأنه لا فرق (بين أي إنسان وآخر في الوجود كله). إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله. متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح. الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله. لإظهار بره في الزمان الحاضر ليكون باراً ويُبرر من هو من الإيمان بيسوع ] (رومية 3: 21 – 26)
لذلك يا إخوتي فقد تم خلاصنا وتبررنا فعلاً، ولم يعد لشوكة الموت قوة (1كورنثوس 15: 56)، لأنها بصليب ربنا يسوع انكسرت، فانفلتت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين، الفخ انكسر ونحن انفلتنا (مزمور 124: 7)، وأصبحت مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير ومغتسلة أجسادنا بماء نقي (عبرانيين 10: 22)، فكيف ونحن نحيا في الإيمان نذكر الخطية بعد خبرة الغفران، نتذكرها ونضعها أمام أعيننا ليلاً ونهاراً، إلا لو لازلنا نحيا في نظرية الغفران، لأن كل الخطاة الذين التقوا بالرب في الإنجيل، خرجوا مبررين فرحين وقد تغيروا وتبعوه، ولم يعد لهم سواه رب وسيد ومُعلم ونسوا حياتهم القديمة برمتها وتبعوه في التجديد، ولم يعودوا يذكروا حياتهم القديمة من جهة وسخها وما فيها من آثار مدمرة، بل كل ما يدركونه أنهم انتقلوا من الظلمة للنور، لأن الذي كان زانياً بعد لقاء الرب يسوع لم يعد يُسمى بهذا الاسم، بل صار له اسماً جديداً "مسيحي"، أي دُعيَّ عليه اسم المسيح البار، لأن لو واحد زاني وتقدم وتاب وآمن بالله مثل ما هو مكتوب: [ الرب قوتي ونشيدي وقد صار خلاصي، هذا إلهي فأُمجده، إله أبي فأرفعه ] (خروج 15: 2)، فهل بعد ذلك يقول انا زاني ويتذكر زناه وأفعاله المُشينة، أليس هذا يُسمى ارتداد لحياة الشر البغيضة !!!
فمثلاً إذا كان هناك ملك عظيم للغاية التقى على قارعة الطريق بإنسانة فقيرة مملوءة بالقروح والجروح المُدمرة لكل قوى الجسد، وليس لها ما تقتات به إلا من مخلفات القمامة، ولا ترتدي إلا الرداء الرث التي تفوح منه روائح أموات القبور، فنظر إليها وتحنن فأشفق عليها وأخذها لنفسه ابنه، فغسلها وطهرها وعالجها، ثم ألبسها زي الملكات المُطرَّز وزينها بكل زينة ثمينة باهظة الثمن، ثم علمها وقومها، وأجلسها على مائدته وأعطاها خاتمه وأعلنها ابنته، وهي بدورها سطرت في فكرها ما فعله بها بشرف ومحبة عظيمة، فحفظت كل ما فعله في قلبها وأخذت تتذكر كل حين أنها في أصلها وذاتها لم يكن لها شرف ولا كرامة ولا أي شيء تستطيع أن تفتخر به، أو حتى أن لها فضل فيما نالت، فشرفها في محبة سيدها الذي صار لها أباً، والآن تقف أمامه في خضوع المحبة الهادئ بتقوى ووداعة في حياء تواضع، فخرها كله بعمله معها، وهكذا النفس التي شَرَّفها الله بسكناه وأعطاها نعمة ودخلت معه بالتوبة والإيمان الحي في شركة، فأنها تضع عمله تذكاراً لها أمام أعينها ليلاً ونهاراً، ولو تعثرت أو سقطت فأنها تقوم فوراً وتركض إليه بمحبة وثقة شديدة بسبب وضعها الجديد، وضع التبني في المسيح، فهي لا تذكر الخطية في ذاتها، بل تذكر جزيل رحمته عليها وتتكل على نعمته، لأن كل نفس دخلت في شركة مع الله تدرك تماماً أننا طالما في الجسد فمازال هناك بعض الشوائب التي نحتاج أن نتطهر منها، ولكننا لا نذكر حياة الخطية بل نهرب منها ونحتمي في دم حمل الله الذي يطهرنا من كل شوائب تتعلق بنا:
[ أن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية. أن قلنا أنه ليس لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا. ان اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم. أن قلنا اننا لم نخطئ نجعله كاذباً وكلمته ليست فينا ] (1يوحنا 1: 7 – 10)

فمن المُمكن أن نضعف ونقع لأن من منا لا يعثر !!!، ولكننا لا نعيش في الخطية ونضعها أمام أعيُننا تذكار ونتكلم عنها وفيها، لأن لو فعلاً آمنا بالله أبانا الذي خلصنا فأننا لا نذكر أمامنا سوى عمله معنا فنكرمه ونعيش لمدح مجد نعمته التي أنعم بها علينا في المحبوب (أفسس 1: 6)
فنحن إذن لا نتذكر خطايانا كأنها تحتاج منا جهد لكي نتخلص منها ونتبرر، لأن برّ الله مجاني بربنا يسوع المسيح، ولا يحتاج منا لشيء ما قط، بل توبة وإيمان حي فقط، أما كل ما ينبغي أن ننظر إليه هو من أين سقطتنا لكي نتوب ولا نعود نقع في نفس ذات الفخ، بمعنى اننا نتعلم ونعرف من أين تأتي الضربة لنتجنبها، طبعاً مع طلب مستمر للمعونة الإلهية، التي بدونها لن ينفعنا أي تعليم أو معرفة، لأنه ماذا ننتفع ان تعملنا مسك السلاح والدفاع به عن أنفسنا، وهو ليس بين أيدينا ولا نعرف من أين نحصل عليه...

يقول القديس أمبروسيوس: [ اعترفوا بها (الخطية) تتبررون، لأن الاعتراف بخطاياكم في خجل يفك رباطها. هل رأيتم ماذا يطلب الله منكم؟! أن تتذكروا نعمته عليكم، ولا تنتفخوا كأبرار بذواتكم (أو من أنفسكم أو بسبب عملكم أو مجهودكم أو توبتكم).
إنكم ترون كيف جذبكم (الله) إلى الاعتراف بالخطية بوعده لكم بالغفران الكامل، فاحذروا لئلا تقاوموا وصاياه فتسقطوا فيما سقط فيه اليهود العُصاة، الذي قال لهم: "زمرنا لكم فلم ترقصوا، نُحنا لكم فلم تبكوا" (لوقا 7: 32). هذا القول يحمل كلمات عادية، لكنه يحوي سراً غريباً، لهذا فلنحذر لئلا نأخذ بالتفسير العامي. فقد يظن البعض أنهُ يقصد بالرقص تلك الرقصات التي للعابثين أو الخاصة بجنون المسارح، لأن مثل هذه مملوءة بشرور الصبا. لكن الرقص هُنا إنما كرقصات داود أمام تابوت العهد، فكل شيء إنما وُجِدَ لأجل العبادة... فهنا لا يتحدث الرب عن الرقص المصاحب للملذات والترف، بل الرقص الروحي الذي فيه يسمو الإنسان بالجسد الشهواني، ولا يسمح لأعضائه أن تتنعم بالأرضيات، بولس رقص روحياً، إذ... امتد إلى قدام ناسياً ما هو وراء، ساعياً نحو ما هو أمامه: جعالة المسيح (فيلبي 2: 13 و14)
هذا هو السرّ إذاً، إننا "زمرنا لكم" بأغنية العهد الجديد فلم ترقصوا، اي لم تسمعوا بعد بأرواحكم بواسطة النعمة الإلهية. "نُحنا لكم فلم تبكوا" أي لم تندموا عندما جاءكم يوحنا (المعمدان) مُنادياً بالتوبة بنعمة المسيح. فالرب مُعطي النعمة وإن كان يوحنا قد أعلنها كخادم لهُ، أما الكنيسة فتحتفظ بالأثنين، حتى تُدرك النعمة دون أن تطرد عنها التوبة. فالنعمة هي عطية الرب الذي وحده يهبها (مجاناً) والتوبة (أيضاً عطيته مبنية على النعمة) وهي علاج الخاطئ ]
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 03:58 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024