![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 54601 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() المحبة الروحية تظهر عمليًا في مجالات الخدمة تظهر في تعب الرعاية والافتقاد والتعليم في الأسفار والسهر وحل مشاكل الناس والتعب في الإقناع، وفي الصبر، أما الذي لا يحتمل كل هذا، فلا تكون محبته عملية. انظر إلي بولس الرسول ومحبته لملكوت الله، كيف يقول: {بل في كل شيء نظهر أنفسنا كخدام الله، في صبر كثير، في شدائد في ضرورات في ضيقات، في ضربات في سجون في اضطرابات، في أتعاب في أسهار في أصوام.. في محبة بلا رياء.. بمجد وهوان، بصيت دري وصيت حسن..} {2كو6: 4-8}.. وهكذا كانت محبته لله وملكوته عملية.. ولم يكتف بأن يصلي {ليأت ملكوتك}... إننا -كتعليم الكتاب- ننادي بالإيمان والأعمال معًا. فالإيمان بدون أعمال ميت {يع2: 17، 20}. وأما الإيمان المقبول عند الله، فهو الإيمان العامل بالمحبة {غل6:5}. والمحبة شجرة ضخمة، لها ثمارها الشهية، ومن ثمارها تعرفونها {مت20:7}. فما هو ثمر المحبة يظهر في حياتنا العملية، من نحو علاقتنا بالله والناس؟ ما هي محبتنا العملية نحو الخطاة، ونحو المحتاجين؟ هل نحتقر هؤلاء الخطاة ونبعد عنهم، أم نوبخهم وننتهرهم؟ أم نقودهم بوداعة إلى التوبة، حسبما قال الرسول "أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنِ انْسَبَقَ إِنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا، فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ الرُّوحَانِيِّينَ مِثْلَ هذَا بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ، نَاظِرًا إِلَى نَفْسِكَ لِئَلاَّ تُجَرَّبَ أَنْتَ أَيْضًا، اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 6: 1). وهكذا في محبة شفع إبراهيم في سادوم (تك 18) وشفع موسى في الشعب (خر 32). لابد من جهاد لأجل الساقطين، لكي يعودوا إلى الله، كما قال داود النبي في المزمور "لا أدخل إلى مسكن بيتي، ولا أصعد على سرير فراشي، ولا أعطى لعيني نومًا، ولا لأجفاني نعاسًا، ولا راحة لصدغي، إلى أن أجد موضعا للرب ومسكنا لإله يعقوب" (مز 132). لتكن محبتنا أيضًا للفقراء محبة عملية. فلا نكتفي بمجرد مشاعر الإشفاق، أو بإلقاء العظات وكتابة المقالات عن ذلك، وإنما نعطى حتى من أعوازنا (لو 21: 4). ولعل من أبرز الأمثلة القديس سرابيون الذي باع إنجيله وأعطى ثمنه لفقير. ورأى فقيرا آخر عريانا فأعطاه ثوبه. وعاد إلى قلايته بلا إنجيل ولا ثوب. فلما سأله تلميذه أين إنجيله؟ أجابه القديس قائلا: لقد كان الإنجيل يقول لي "بع كل مالك وأعطه للفقراء" (مت 19: 21). ولما لم يكن عندي شيء أملكه سوى الإنجيل، فقد بعته وأعطيت ثمنه للفقير.. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 54602 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() المحبة الروحية تظهر عمليًا في مجالات الخدمة تظهر في تعب الرعاية والافتقاد والتعليم في الأسفار والسهر وحل مشاكل الناس والتعب في الإقناع، وفي الصبر، أما الذي لا يحتمل كل هذا، فلا تكون محبته عملية. انظر إلي بولس الرسول ومحبته لملكوت الله، كيف يقول: {بل في كل شيء نظهر أنفسنا كخدام الله، في صبر كثير، في شدائد في ضرورات في ضيقات، في ضربات في سجون في اضطرابات، في أتعاب في أسهار في أصوام.. في محبة بلا رياء.. بمجد وهوان، بصيت دري وصيت حسن..} {2كو6: 4-8}.. وهكذا كانت محبته لله وملكوته عملية.. ولم يكتف بأن يصلي {ليأت ملكوتك}... إننا -كتعليم الكتاب- ننادي بالإيمان والأعمال معًا. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 54603 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() فالإيمان بدون أعمال ميت {يع2: 17، 20}. وأما الإيمان المقبول عند الله، فهو الإيمان العامل بالمحبة {غل6:5}. والمحبة شجرة ضخمة، لها ثمارها الشهية، ومن ثمارها تعرفونها {مت20:7}. فما هو ثمر المحبة يظهر في حياتنا العملية، من نحو علاقتنا بالله والناس؟ ما هي محبتنا العملية نحو الخطاة، ونحو المحتاجين؟ هل نحتقر هؤلاء الخطاة ونبعد عنهم، أم نوبخهم وننتهرهم؟ أم نقودهم بوداعة إلى التوبة، حسبما قال الرسول "أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنِ انْسَبَقَ إِنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا، فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ الرُّوحَانِيِّينَ مِثْلَ هذَا بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ، نَاظِرًا إِلَى نَفْسِكَ لِئَلاَّ تُجَرَّبَ أَنْتَ أَيْضًا، اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 6: 1). وهكذا في محبة شفع إبراهيم في سادوم (تك 18) وشفع موسى في الشعب (خر 32). لابد من جهاد لأجل الساقطين، لكي يعودوا إلى الله، كما قال داود النبي في المزمور "لا أدخل إلى مسكن بيتي، ولا أصعد على سرير فراشي، ولا أعطى لعيني نومًا، ولا لأجفاني نعاسًا، ولا راحة لصدغي، إلى أن أجد موضعا للرب ومسكنا لإله يعقوب" (مز 132). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 54604 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() لتكن محبتنا أيضًا للفقراء محبة عملية. فلا نكتفي بمجرد مشاعر الإشفاق، أو بإلقاء العظات وكتابة المقالات عن ذلك، وإنما نعطى حتى من أعوازنا (لو 21: 4). ولعل من أبرز الأمثلة القديس سرابيون الذي باع إنجيله وأعطى ثمنه لفقير. ورأى فقيرا آخر عريانا فأعطاه ثوبه. وعاد إلى قلايته بلا إنجيل ولا ثوب. فلما سأله تلميذه أين إنجيله؟ أجابه القديس قائلا: لقد كان الإنجيل يقول لي "بع كل مالك وأعطه للفقراء" (مت 19: 21). ولما لم يكن عندي شيء أملكه سوى الإنجيل، فقد بعته وأعطيت ثمنه للفقير.. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 54605 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يطلب أعمال التوبة لا الإعجاب احتشدت الجماهير حول منبره وأعجب الكثيرون به، أما هو فكان واعيًا في كرازته، يعرف كيف لا تخدعه الذات، فيلهيه إعجاب الكثيرين بشخصه أو بلاغته أو فصاحة لسانه عن حقيقة رسالته فكان إذا ما انطلق الحاضرون بالتصفيق ينتهرهم، طالبًا أعمال التوبة لا تصفيقاتهم: * أنا لست في حاجة إلى مديح أو تصفيق أو صخب أو ضجيج! إني أطلب شيئًا واحدًا، ليتكم تصغون إليه في هدوء وتعقل: افعلوا ما أقوله! هذا هو مديحكم لي، هذا هو ثناؤكم علي... نحن لسنا هنا في مسارح للتمثيل، ولا ترون أمامكم ممثلين تصفقون لهم. هنا مدرسة روحية، نظهر فيها طاعتنا بأعمالنا. * تصفقون لي بحماسٍ شديدٍ، وتهللون... لكنني أتوسل إليكم أن تكونوا رجالًا، فإن كنا لا نزال أطفالًا، كيف نعلم (الوثنيين) الرجولة؟! كيف ننزع عنهم جهالة الطفولة؟! لنكن رجالًا، ونبلغ حد القامة التي وضعها لنا السيد المسيح فنحصل على الخيرات العتيدة(48). * ما حاجتي إلى هذا التصفيق، علامة الفرح والإعجاب؟! المديح الذي أرجوه منكم أن تظهروا أقوالي معلنة في أعمالكم، فأصير إنسانًا سعيدًا(49). لم تقف غيرة القديس عند هذا الحد، بل كان يوبخ شعبه لأنهم مسئولون عن الكارز بإظهار علامات الإعجاب وكلمات المديح والثناء عوض التوبة الصادقة... فقد انتقدهم بأنهم لا يطلبون كارزًا جادًا يدخل معهم طريق التوبة المرّ والجهاد الصعب لكنهم يطلبون "مغنيًا أو موسيقارًا(50)"، يمدحون فيه بلاغته وعذوبة صوته. وبهذا يفقد الكارز أبوته الحقة، إذ يرضخ لطلبات أولاده الضارة، فيصير كأب يستجيب لدموع ابنه المريض، فلا يقدم له العلاج المرّ الشافي. * هذا ما يفعله من يطلب مقالًا جميلًا منمقًا عوض أن يكون المقال نافعًا! فيطلب (الكارز) إعجاب الناس عوض تهذيبهم، يرائي ولا يبكت، يستحسن التصفيق عن إصلاح السلوك(51)". إن مثل هذه الكرازة لا تأتي بثمرٍ حقيقيٍ، ثمر التوبة الحقة، وإن أثمر فذلك يكون بفضل نعمة الله وصلوات الكنيسة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 54606 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() إن أعجب ما في القديس يوحنا ليس هروبه من المجد الباطل طالبًا ثمر التوبة في حياة شعبه، بل حكمته وإيمانه في تحقيق غايته. فقد برع في تحويل كل الأحداث التي عاشتها الكنيسة أو المجتمع كفرص حية للتوبة، مثل أحداث التماثيل(53). أما إيمانه فيظهر في مثابرته في تحقيق الهدف حتى ولو لم يجد استجابة من سامعيه. وله في ذلك قول رائع: * لا أتوقف عن التحذير لمجرد تشبث البعض بأخطائه، فإن الينابيع والأنهار تستمر في فيضها وجريانها وإن لم يشرب منها أحد، هكذا يليق بنا أن نعظ وإن لم يكترث أحد بالوعظ. فقد وضع الله علينا، نحن المكلفين بالوعظ إلا نستسلم صامتين، إلى أن يسمعوا ويسلكوا في الطريق. أما أنا فقد عزمت أن أستمر في عملي حتى أن وجد من يحطم ذراعي، بالقول: ما الداعي لهذه النصائح ما داموا لا يريدون الاستماع؟! ماذا؟ هل أقسمت أن أصطادهم جميعًا في شباكي في يومٍ واحدٍ؟! فإن لم أفز إلا بعشرة أو خمسة أنفس أو حتى بنفس واحدة، أما يكون لي في هذا تعزية كافية؟! ولنفترض المستحيل، وأذهب إلى أبعد من هذا، أني لا أكسب نفسًا واحدة فإني أعتقد أن كلامي لن يضيع هباءً، بل يخجل الخاطئون، وهذه خطوة أولى في طريق التوبة... وهي تزيد الحكماء حكمة. سأقول لنفسي: ألم أهد اليوم أحدًا؟ ربما غدًا، أو بعد غد، أو في يوم آخر. لقد شبه نفسه برجل يضرب شجرة الرذائل بالفأس، فإن لم تسقط من الضربة الأولى، يضرب الثانية والثالثة والعاشرة والمائة، ولا يكف عن ضربها حتى يهتز كيانها وتسقط. كأسقفٍ ملتزم أن يعمل ويعظ وينذر، أما التوبة الداخلية والإقناع ففي حينه من قبل الله، إذ يقول: "الله لم يأمرنا بالإقناع بل بالتعليم فقط". أخيرًا نسجل ما كتبه عن الراعي في مثابرته: "يجب أن يتمتع الراعي بروح عالية. فلا يخور عزمه ولا ييأس من خلاص الضالين، إنما على الدوام يباحث نفسه قائلًا: عسى أن يعطيهم الله توبة لمعرفة الحق فيستفيقوا من فخ إبليس". |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 54607 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() أعجب القديس بمنهج سيده الذي اتسم بإيجابيته في حديثه وأمثاله، يشجع البشر للتوبة بالكشف عن الأبدية والمكافآت العلوية، ونادرًا ما يحدثهم في سلبية عن العقوبات. فإن جاذبية الحب للتوبة أسمى من التوبة بدافع الخوف! يقول: "إننا على وجه الخصوص نعجب من تعليم السيد المسيح إذ يضع في أمثاله مكافآت الجهاد بكمال عظيم مثل أن "نعاين"، "نرث ملكوت السموات"، "نصير أولاد الله"، "نصير مثل الله"، "نرحم"، "نتعزى"، "ننال مكافأة عظيمة" إلخ... وإن استدعى الأمر إلى ضرورة الإشارة إلى أمور محزنة يوضح ذلك في نغم خفيف". بهذا الروح الإنجيلي كرز القديس وسط شعبه بأفكار يظنها بعض علماء التربية أنها حديثة من عندياتهم... لقد عرف أن النفس تحتاج بالأكثر إلى من يشجعها ويسندها ويحبها، وعند الضرورة القصوى تحتاج إلى التخويف والتهديد. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 54608 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ترفقه بالضعفاء كان القديس يوحنا مربيًا حكيمًا، غيورًا غيرة متقدة للدخول بشعبه إلى حياة التوبة، مدركًا مقدار سلطان الشر المحيط بهم. وإذ تعثر كثيرون منهم في الملاهي والملاعب والأندية شعر بضعفهم، فترفق بهم في عظاته إلى أبعد الحدود. أ. فعلى سبيل المثال لا يطالب شعبه في أنطاكية بأمور فائقة بل يتدرج معهم في اعتدال حتى يبلغ بهم إلى هدفه. يقول: "لهذا السبب أطالبكم بأقل الأمور. نعم أنا أعلم أن "الفقر الاختياري" ثقيل عليكم جدًا، فإن السماء ليست ببعيدة عن الأرض كبعد بذل الذات عنكم". ب. ما أن شعر بأن بعض أولاده قد بدأوا ينفذون ما أوصى به، أي يسلكون في طريق التوبة العملي حتى أخذ يشجعهم معلنًا لهم أن ما قدموه له مكافأة عظيمة تستريح بها نفسه وسط كثرة أتعاب الخدمة ومشاق الرعية، قائلًا: * بسبب هذا أنا أحتضنكم في قلبي على الدوام. ولهذا السبب أيضًا لا أعود أشعر بأتعاب التعليم، بل يصير الحمل سهلًا مادام المستمعون ينتفعون! بحق أن هذه المكافأة لكافية لتجديد قوتي، تهبني أجنحة وترفعني، تحثني بالأكثر أن أحتمل الأتعاب القاسية لأجلكم! " مثل هذه العبارات إنما تعلن إقتداءه بسيده الذي قيل عنه: "فتيلة مدخنة لا يطفئ، وقصبة مرضوضة لا يقصف"، يعرف كيف يسند ويترفق بالضعفاء، متقبلًا كل محاولة للتوبة -مهما كانت المحاولة- بروح التشجيع والفرح! ج. أبرز ما شد أنظار معاصريه المحيطين به والغرباء عنه والكُتّاب المحدثين فهو "سمة الرجاء" التي اصطبغت بها عظاته وكتاباته، فجذبت النفوس المحطمة ودفعت بهم بكل ثقة إلى "حياة التوبة". تحدثنا قبلًا عن رسالتيه إلى صديقه الراهب الساقط ثيودور، اللتين تكشف إن عن حنانه على الساقطين واهتمامه بهم حتى يرتفع بهم بجناحي الرجاء والثقة فوق كل تحطيم! عرف كيف يبعث بروح الرجاء وسط شعبه بطريقة فريدة، فسحبهم وهم خائرون تحت مرارة الخطايا وانطلق بهم إلى حيث العشار، وقد جاء -على حد تعبيره- مثقلًا بآلاف الخطايا التي اقترفها، وبرجائه في مراحم الله خرج مبررًا، معلقًا على هذا المشهد بقوله : * ليس كثرة الخطايا هي التي تجلب اليأس للبشر، إنما فساد ضمائرهم... ليس السقوط في ذاته خطيرًا، إنما بالحري يكمن الخطر في البقاء في حالة السقوط! الجرح في ذاته لا يميت، إنما بالأكثر إهمال الجريح للعلاج! لا أقول هذا لكي تهملوا، إنما لكي تكفوا عن اليأس. له أيضًا تعبير رائع في التشجيع على الجهاد في طريق التوبة والفضيلة بغير يأس: * عندما تبدأون في الإصلاح فإنكم وإن كنتم تعصون شريعتكم مرة ومرتين وثلاثًا وعشرين مرة، لا تيأسوا،قوموا من جديد استعيدوا نشاطكم مرة أخرى، فإنكم بالتأكيد منتصرون. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 54609 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() اهتمامه بخلاص الجميع: إذ نتحدث عن منهجه في التوبة إنما نتحدث عن أبوته أيضًا، التي لا تستريح بخلاص الكثيرين بل بخلاص كل ابن. كأبٍ لا يستريح قلبه لو نجح جميع أولاده إلا واحد، فهو يحمل حبًا لأولاده لا كجماعة فحسب بل ويحمل لكل واحدٍ منهم حبًا شخصيًا... هذه هي أحاسيس الأب القديس يوحنا، إذ يخاطب شعبه قائلًا: * جماعتكم هي إكليلي، كل واحد منكم -في عيني- يساوي المدينة كلها! لقد امتثل في ذلك بالرسول بولس، إذ يقول عنه: * إذ وضع العالم بين يديه لم يهتم بالأمم ككل فحسب بل وبالأفراد، فيبعث برسالة لصالح أنسيموس، وأخرى من أجل الشخص الزاني من أهل كورنثوس... ناظرًا إليه كإنسان له تقديره في عيني الله، فمن أجله لم يضن الآب عليه بالابن الوحيد! لا تقل هذا عبد هارب أو ذاك لص أو قاتل أو إنسان مثقل بخطايا غير معدودة، أو متسول أو حقير... بل تأمل أن لأجله مات المسيح! أما يكفي هذا ليكون أساسًا لنعطيه كل اهتمام؟! هذه الأبوة المملوءة غيرة جعلته لا يتوقف عن الجهاد، طالبًا توبة الكل ونموهم الروحي، فبعد رسامته قسًا خاطب شعبه قائلًا: * لا يقل لي أحد إن كثيرين قد نفذوا الوصية، فإنني لا أبتغي هذا، بل أريد الكل أن يفعلوا هكذا. فإني لن أستطيع أن ألتقط أنفاسي حتى أرى ذلك قد تحقق! فإنه إن كان واحدًا قد ارتكب الزنا بين أهل كورنثوس لكن بولس كان يتنهد كما لو أن المدينة كلها قد ضاعت(65). هذه لمحات سريعة للكارز في سماته كخادم يقود النفوس في مراعي الكنيسة بروح كهنوتي أبوي مملوء غيرة وحبًا! |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 54610 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() جاءنا كلمة الله يكرز ويبشر بحياته المبذولة عنا! جاءنا يسكب حبه فينا، لكي نحيا به ومعه... هذه هي الكرازة، أنها حب إلهي عملي لا ينطق به! هذا ما تسلمه الرسل من السيد المسيح، فتقدموا للعالم لا كأصحاب فلسفات أو كرجال كلام وبلاغة، لكن كآباء يحملون "روح الكرازة"، أي روح الأبوة في المسيح يسوع. يحتضنون العالم المجروح بالضعف، ويترفقون بالخطاة والآثمة مقدمين لهم أبوة الله الحانية المخلصة! تلمذ الرسل الأساقفة ليسلكوا بنفس الروح، فكان لهم وحدهم حق الكرازة، مع بعض الكهنة عند الضرورة... فالأسقف أو (الكاهن) إذ "أؤتمن على العالم كله وصار أبًا لجميع الناس(66)" ينجح في كرازته لا بجذبه الجماهير لسماع كلمة الكرازة وإنما بأن يعرف أولًا كيف ينحني بروح الأبوة ليحمل شعبه على كتفه ويدخل بهم -بالروح القدس- إلى أعماق الكلمة، يتفاعلون معها ويتعرفون على أسرارها ويتذوقون عذوبتها! هذا هو مفهوم القديس يوحنا الذهبي الفم للعمل الكهنوتي الرعوي الكرازي، فهو في مجموعه عمل أبوة "الكاهن الراعي والكارز" في حياة أولاده. لم يعتمد القديس يوحنا على فصاحة لسانه أو بلاغته ولا على قوة شخصيته، إنما أولًا وقبل كل شيء مارس في كرازته أبوته الحانية على شعبه انطلق إلى المنبر من خلال مذبح الحب الأبوي... ونطق بعظاته بعدما تسلم روح الأبوة في سر الكهنوت! كأب لا يحتمل إلا أن يضعف لضعفاتهم ويبكي على خطاياهم كأنما قد ارتكبها هو، مقتديًا في ذلك بالأب "القديس بولس" الرسول الذي أعجب به، إذ يقول(67): "لا نعجب من الرسول بولس في إقامته الميت ولا تطهيره الأبرص، إنما نعجب من قوله(68) "من يضعف وأنا لا أضعف، من يعثر وأنا لا ألتهب". لو كان في قدرتك صنع آلاف المعجزات فأنها لن تعادل هذا القول... كلماته هذه أثمن من اللآلئ!". مرة أخرى يعلن الحب الأبوي للكاهن الكارز، قائلًا(69): "إن كان يلزم للإنسان أن يحب أولاده الجسديين(70) حتى يدعى أبًا حسب الطبيعة، فكم بالأكثر يليق بالإنسان أن يحب أولاده حسب النعمة، الروحيين المعمدين، حتى لا يهلكوا في جهنم؟!". لقد كشف أبوته لشعبه في أكثر من موضع معلنًا مرارة نفسه من أجل ضعفاتهم، نذكر منها قوله(71): "أني أب مملوء حنوًا... اسمعوا ما يطلبه بولس "يا أولادي الصغار الذين أتمخض بهم(72). كل أم تصرخ وهي تتمخض في ساعة الولادة، هكذا أفعل أنا أيضًا!". "ليتكم تستطيعون معاينة النيران الملتهبة في قلبي لتعرفوا أني أحترق أكثر من سيدة شابة تئن بسبب ترملها المبكر، فأني لست أظنها تحزن على زوجها ولا يحزن أب على ابنه، كحزني أنا على هذا الجمهور الحاضر هنا!" له أيضًا حديث رائع يكشف عن مدى حبه لخلاص أولاده ونموهم الروحي(73): "ليس شيء أحب إلي أكثر منكم، لا، ولا حتى النور! أني أود أن أقدم بكل سرور عيني ربوات المرات وأكثر -إن أمكن- من أجل توبة(74) نفوسكم! عزيز علي جدًا خلاصكم، أكثر من النور نفسه...! لأنه ماذا تفيدني أشعة الشمس أن أظلم الحزن عيني بسببكم؟!... أي رجاء يكون لي أن كنتم لا تتقدمون؟! وعلى العكس أي يأس يقدر أن دخل إلى ما دمتم نامين؟! إذ أسمع عنكم أخبارًا مفرحة أبدو كمن قد صار له أجنحة... تمموا فرحي(75)! هذا هو كل ثقل صلواتي، إني مشتاق إلى نموكم... إني أحبكم، حتى أذوب فيكم، وتكونون لي كل شيء، أبي وأمي وأخوتي وأولادي!". وفي موقف آخر إذ يدرك ثمر أبوته المملوءة حنانًا معلنًا في بنوتهم وحبهم العميق له، طلب إليهم أن يترفقوا بأبوته، قائلًا(76): "أتوسل إليكم وأرجوكم: أخبروني أن طلبت منكم مالًا أما تعطوني؟! إلا يقدم لي كل واحد منكم ما في قدرته؟! أن رأيتموني في خطر أما تنقذوني، حتى ولو أمكنكم لبترتم أعضاءكم من أجلي؟! أني في خطر، بل خطر عظيم! أني كمن هو في سجن مظلم، كمن حكم عليه بعشرة آلاف جلدة، أو كمن حبس في هوة عميقة، ولم أعد بعد أحتمل أكثر من هذا؟! ابسطوا أياديكم نحوي وأنقذوني...! أخبروني، ماذا أجيب عندما يطالبني الله بالحساب، قائلًا: لماذا لم تحتج عليهم، لماذا لم توصهم؟ لماذا لم تطرح الشريعة قدامهم؟ لماذا لم تكبح عصيانهم...؟ لست أطلب هذا لمجدي، إنما من أجل خلاصكم!". أخيرًا نذكر تعليقه على قول معلمنا بولس الرسول(77) "اسهروا متذكرين أني ثلاث سنين ليلًا ونهارًا لم أفتر عن أن أنذر بدموع كل أحد"، قائلًا(78): أنه وإن كان لا ينذر بدموع خشية اتهامه بحب المجد الباطل، لكن دموعه الداخلية عليهم أكثر مرارة، لأنها لا تعطي نوعًا من التنفيس... إنما تجعل حزنه يتفاقم ولا ينصرف... تصوروا ماذا تكون آلام إنسان يجد علة للحزن دون أن ينفس عن ذلك؟ لو أمكننا لفتحنا قلوبنا وأريناكم إياها لتنظروا مدى اتساعها لحملكم فيها: نساء وأطفالًا ورجالًا، لأن هذا هو قوة الحب، يجعل النفس أكثر اتساعًا من السماء!". خلال الإنجيل أيضًا تعرف القديس على مفهوم آخر للكرازة، ليس هو فصاحة اللسان ولا بلاغة بيان، إنما هي بالأكثر أبوة حانية. يتألم الأب الكارز لآلام أولاده ويضعف لضعفاتهم مترفقًا بهم، مقتديًا في ذلك بالسيد المسيح الذي كرز خلال الصليب من منبر سماوي نحو العالم كله بدمه معلنًا أن الذي لم يعرف خطية صار خطية من أجل الخطاة ليحمل خطاياهم ويتألم عنهم. خلال الإنجيل أيضًا تعرف القديس على مفهوم آخر للكرازة، ليس هو آخر بل واحد مع المفهوم السابق، إلا وهو "معية الكارز مع أولاده"، "وجود الراعي وسط الرعية"... هذا ما أكده الكارز الأعظم، أن كرازته لم تتوقف عند أحدا الصليب لكنه لا يزال حالًا وسط كنيسته يحمل الخطاة بالحب إلى جنبه المطعون، يجدون فيه راحتهم. لقد أعلن الراعي الصالح لرعيته "ها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر". بهذا الروح كرز معلمنا بولس الرسول، إذ كان يفرح بوجوده بين شعبه، إن لم يكن بالجسد فبروحه وقلبه وفكره... وقد عبر القديس يوحنا عن ذلك بقوله أن العالم كله كان بالنسبة لبولس كبيت واحد يتنقل فيه ويخدمه ويهتم به، معلنًا انه حامل مخدوميه دومًا في قلبه أينما وجد! بهذا الروح كرز أيضًا القديس يوحنا نفسه لا كأن شعبه محتاج إليه إلى كرازته، بل هو متعلق بشعبه، يحبهم ويسر بالوجود معهم. لقد أعلن ذلك في أكثر من موضع، قائلًا: "يا لفرحتي أن أرى وجوهكم المحببة لي!(79). لكنه ليس لقاءًا غير هادف، إنما لقاء حب فيه يتمجد الله والكنيسة والكارز، لقاء فعال في حياة الكنيسة والكارز. "إن اهتمامي لعظيم أن تجتمعوا كلكم ههنا كأنكم أعضائي الشخصية! أتطلع إلى نموكم كشرف خاص بي! أشتهي أن أراكم ملتهبين من أجل مجد الله، والكنيسة ومجدي!(80). "أستطيع أن أكون معكم على الدوام، بلى، أني بالحري معكم دائمًا، فأني وإن كنت لست حاضرًا بالجسد، لكنني حاضرة بقوة الروح! ليس لي "حياة" أخرى سواكم، سوى الاهتمام بخلاصكم! أني أحملكم جميعًا في ذهني، ليس فقط أثناء وجودي هنا، لكن وأنا في داري أيضًا. أن كان الجمع عظيمًا وقياس قلبي ضيقًا، فأن الحب متسع: "أنتم لستم متضيقين فينا"(81)... لقد انعكس هذا الحب الكرازي على شعبه، فليس هو وحده يشتهي أن يراهم من أجل بنيانهم إنما أيضًا يتوقون إلى وجوده وسطهم ينعمون بكرازته ورعايته... إذ يقول(82): "أنا إنسان بائس ومسكين وبلا خبرة في التعليم، لكنني إذ أتطلع إلى هذا الجمع أنسى ضعفي وفقري وعدم كفايتي. حبكم طغى علي! أرى غيرتكم للاستماع فأتشجع في غير تردد. أنكم تشبهون صغار العصافير التي ترى أمها تطير نحوها فتقترب من حافة العش وتمد أعناقها لتلتقط الحبوب منها. هكذا أنتم تستقبلون التعليم الذي أقدمه لكم، ونلتقط أفكاركم أفكاري حتى قبلما أعبر عنها". ميز رب المجد الراعي عن الأجير، الأول يسكب حياته بالحب لشعبه بغير مقابل ولا تمييز، أما الآخر فيخدم من أجل الأجرة، يحب بقدر ما يمتدح ويحب وينغلق قلبه بقدر ما يذم أو يبغض! لا يعطي إلا لكي يأخذ. فالراعي أو الكارز الحقيقي إنما يسلك بروح سيده الذي ارتفع على الصليب ليكرز بالحب العملي للجميع، مقدمًا حياته مبذولة حتى من أجل المقاومين والمعادين له لكي يهبهم حياة ومجدًا! الكارز يحب شعبه دون أن يطلب مدحهم أو يخاف ذمهم... هذا ما ابتغاه القديس في كرازته إذ يقول(83): "يليق بالكاهن في سلوكه مع من هم تحت رعاية أن يكون كأب مع أبنائه الصغار، فلا يضطرب بشتائمهم أو ضرباتهم أو نحيبهم، بل وأن ضحكوا عليه وسخروا منه فلا يعطي ذلك بالًا. يليق بنا إلا ننتفخ بمديحهم، ولا ينكسر خاطرنا بسبب لومهم، ما دام قد صدر هذا عن غير حق. لكن هذا صعب يا صديقي الصالح، بل ربما يبدو لي كما لو كان مستحيلًا. فأنني لا أعرف ما إذا كان هناك أحد قد نجح تمامًا في إلا يفرح عندما يمدح". كشف لنا القديس يوحنا عن مفهوم أبوة الكارز الراعي، أنها ليست ترفقًا أو حنانًا بلا هدف، إنما هو اختفاء في "روح الفادي" الذي يسعى بحبه وترفقه لخلاص البشرية يحبهم لكن في غير رخاوة، ويترفق بهم في غير تساهل، يهبهم رجاءًا في غير استهتار، يعلن الحق ويظهر الباطل ويسحقه. فالأب الكارز إنما يسلك بروح الرب في حزم ينبع عن حب حقيقي لتمكين أولاده من التمتع بربنا يسوع المسيح،في حزمه لا يغضب عليهم بل من أجلهم، يثور ضد الخطية دون أن يخرج عن وداعته وحلمه. هذا هو مفهوم الأبوة الحانية التي تفتح قلب الأب بكماله لكي يرعى فيه أولاده لكنه عند الضرورة يحزم ويؤدب! لقد طالبنا القديس بالاعتدال في كل أعمال الرعاية(84)، معلنًا أن اللين الزائد المستمر أو التساهل من أجل إرضاء الرعية يفسد خلاص الراعي ورعيته. فمن أقواله(85): "الاهتمام الخاطئ في استرضاء الغير فحسب إنما هو خيانة ضد خلاص الرعي وخلاصهم". فهو يلوم الكارز الذي من أجل إرضاء أولاده - يتوقف عن الانتهار والتأديب محتجًا بأنه يصلي عنهم إذ يقول(86): "اترك صلواتك وانتهره، فأنك تصلح من أمره وأنت أيضًا تنتفع. هكذا نحن نسند الكل لكي يخلصوا ويبلغوا ملكوت السموات بنعمة ومحبة ربنا يسوع المسيح...". ويحدث أولاده الروحيين قائلا(87): "إني أفضل أن أكون في أعينكم إنسانًا متكبرًا لا يمكن التفاهم معه عن أن أترككم تفعلون ما لا يرضي الله". "هذا الأمر (التأديب) نصيحة لا حكم، دواء لا قصاص، تقويم لا تعذيب... علاج روحي لشفاء الخطاة وحفظهم من السقوط في خطايا جديدة(88)". أما عن وسائل التأديب فأنه يستخدم التوبيخ والانتهار حتى يبلغ إلى الطرد من الكنيسة أيضًا. فعن التوبيخ يقول(89): "أني ملتزم بوعظكم، وعلى وجه الخصوص استخدم التوبيخ معكم. فكما تذيب النار الشمع هكذا يلين الخوف من العقوبات قلوب الخطاة، ويحرق خطاياكم بتوبتكم، ويغني عقولكم، ويزيد دالتكم وجهادكم". أما عن الطرد فقد ظهر بوضوح في موقفه مع الإمبراطورة أفدوكسيا حين أصرت على خطيتها، فأغلق باب الكنيسة في وجهها، ليس انتقامًا منها بل ترفقًا بها لأجل توبتها وخلاصها. هذا الهدف أعلنه بكل وضوح عندما تحدث عن رغبته في طرد بعض الأخوة، إذ قال(90): "كنت أتمنى أن أرى الذين تركونا ومضوا إلى المشاهد واللعب الخارج عن الشريعة وقد عادوا اليوم إلينا، حتى أطردهم خارج باب الكنيسة، لا ليلبثوا خارجًا إلى الأبد، بل لكي يتقدموا ويرجعوا تائبين،... ذلك مثل الآباء، متى أذنب أولادهم، يطرحونهم خارج المنزل ويحرمونهم من الخبز، لكن ليس على الدوام، إنما لكي يتقدموا ويصيروا إلى حال أفضل، فيعودون بمجد وكرامة إلى ميراث أبدي. هكذا أيضًا يفعل الرعاة بأغنامهم الجرباء، إذ يفرزونها عن بقية الأغنام السليمة كي لا تعديها بمرضها. فإذا ما شفيت الأغنام المريضة بعد التجربة والاختيار تعود إلى الأغنام الصحيحة". أ. يليق بالراعي أن يعرف أن التأديب ليس عقوبة جامدة يلتزم بفرضها على أولاده في صرامة وعنف، لكنه علاج يقدمه الطبيب الروحي بالقدر الذي يحتمله ابنه المريض، ويدخل به إلى طريق التوبة، فلا يفرض التأديب حسب طبيعة الخطية بقدر ما هو حسب طبيعة الشخص ونفسيته وظروفه وإمكانياته الداخلية. "فالشيطان يقدر أن يهلك الإنسان لا عن طريق خطية الزنا(91) فحسب، بل ويهلكه أيضًا بما يضاد ذلك، خلال الحزن المفرط في التوبة. إذ أحيانًا تزداد جراحاتنا بنفس الأدوية التي نستخدمها"، لذلك يقول الرسول(92): "لأننا لا نجهل أفكاره(93)". "أستطيع أن أخبر عن كثيرين اندفعوا إلى شرور أفدح عندما سقطوا تحت عقوبة صارمة على خطاياهم. لذلك يليق بنا عند توقيع العقوبة أن نقدرها لا حسب طبيعة الخطية فحسب بل وبحسب ظروف مرتكبي الخطية أيضًا، لئلا وأنت ترغب في إصلاح ما تمزق تجعل الخرق أردأ، وفي غيرتك على إقامة الساقط تدمره أكثر...(94)". ب. يرى القديس أيضًا أن التأديب يزداد شدة كلما نال الإنسان مواهب أكثر وأعطيت له إمكانيات أعظم... فيقول مثلًا "الذين يخطئون بعد العماد يؤدبون بقسوة أكثر من الموعوظين، بمعنى آخر الذين عرفوا أدوية التوبة ولم يستخدموها يخضعون لتأديبات أكثر صرامة!، فبقدر ما تتسع مراحم الله يزداد تأديب من لا ينتفع منها(95) ". ج. أما المبدأ الثالث الذي يجب أن يراعيه الخادم في رعايته الكارزة، فهو إظهار الحنو والترفق جنبًا إلى جنب مع الحزم، فيتقبل المؤدب ذلك برضى من أبيه. وقد قدم لنا القديس نفسه مثالًا كما في قوله(96): "إن كانت كلمتي مملوءة غضبًا، فهذا نابع عن حبي الشديد لكم وحزني عليكم. إني مثل أب متى تأثر بعفونة جراحات ابنه اضطر أن يستخدم أداة حادة وهو متألم، أولًا بسبب مرض ابنه، ثانيًا لاضطراره استخدام الأداة الحادة". |
||||