527 - كان صديقا ً عزيزا ً مرحا ً ، دائما ً بشوش الوجه فرح القلب ، كان قويا ً شابا ً فتيا ً نشطا ً مملوء ً بالحيوية . داهمه المرض ، وهن الجسد ، ذبل العود ، لازم الفراش . تتابعت الايام وتباعد الشفاء ، ووهن الجسد وضعف . امتلأ بالجروح وتغطى بالقروح . هجره الاصحاب ولازمه الالم . في وسط الليل كان يعلو صراخه وتسيل دموعه . وفي النهار كان يغلق بابه ، يلوك حزنه وآلامه . رفع صوته بالدعاء وقلبه بالرجاء وانتظر الاستجابة . وصرخ مع ايوب : " يَا لَيْتَ طِلْبَتِي تَأْتِي وَيُعْطِينِيَ اللهُ رَجَائِي " ( ايوب 6 : 8 ) ولم تأتي طلبته ، ولم يعطه الله رجائه . وطال المرض وثقل الالم ، ودوى السؤال داخله : لماذا ، لماذا يا رب ؟ ومع كل وخزة الم صرخ لماذا ؟ ومع كل طعنة مشرط بكى : لماذا ؟ ولم يجد سؤاله جوابا ً . وخلق ذلك بداخله ِ سؤالا ً آخر : لماذا لا تجيب ؟ حاول ان يفهم فلم يفهم . وزاد عدم فهمه من المه . وحسب ان الله قد فارقه وتركه ونسيه . والتف حوله المعزون وكانوا متعبين . زاد كلامهم آلامه ، وسقط تبريرهم في بئر عدم فهمه . صارع ، جاهد ، ضعف ، اهتز ، شك . وصرخ طالبا ً من الله ان يعين ضعف ايمانه . لم يعد يطلب الشفاء ، بل اخذ يطلب استرجاع الايمان . وامتدت يد الله تقدم له النعمة لا الشفاء . قال له الله : " تَكْفِيكَ نِعْمَتِي ، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ " ( 2 كورنثوس 12 : 9 ) وحلت عليه نعمة الله ، ملئت غرفته ، احتوت روحه . ولم تعد الجروح تؤلمه ، وتوقفت الأنات ، واختفى السؤال الذي اقلقه وخدش ايمانه : لماذا ؟ لم يعد لهذه الكلمة نصلٌُ يجرح . واجل السؤال لحين اللقاء . وجاء وقت اللقاء وتركت الروح الجسد واستراحت . كان ينظر في مرآة ٍفي لغز أما الآن فوجها ً لوجه . كان يعرف بعض المعرفة ، أما الآن فيعرف كل المعرفة ( 1 كورنثوس 13 : 12 ) ولم يعد للسؤال مكان .