منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18 - 08 - 2014, 05:03 PM   رقم المشاركة : ( 5291 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس باسيليوس
نصائح القديس باسيليوس إلى الشباب



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

سنتناول في هذه المحاضرة إحدى رسائل القديس باسيليوس وهي بعنوان " نصيحة إلى الشباب كيف يمكن أن يستفيدوا من مؤلفات الكتّاب الوثنيين" هذه الرسالة هي نقاش مميز يمكن اعتباره عظةً روحية للشباب.

أولاً- توجيه الرسالة

وجهة النظر الأولى ترى أن القديس باسيليوس يوجه هذه الرسالة إلى شباب من عائلته، وكما يبدو فإن علاقته بهم كانت قوية إلى درجة يقول فيها أنهم لن يحزنوا على فراق والديهم عندما يحضرون إليه. يقول:" بحسب الرابطة الطبيعية أنا أقف مع والديكم في القرابة نفسها بالنسبة إليكم، لذا فأنا لست أنقصهم ولا بمقدار ذرة من جهة اهتمامي بكم، في الواقع إن لم أكن مخطئاً في فهم مشاعركم فإنكم لا تتوقون بعد إلى والديكم حين تأتون إليَّ ".

أمّا وجهة النظر الثانية فإنها ترى أنهم شباب ربما تركوا والديهم وأتوا إما ليترهبوا أو ليكونوا طلاباً عند القديس باسيليوس، لأنه يتكلم عنهم وكأنهم يباشرون طريقاً جديدة إذ يقول:" في زمن حياتي، التجارب المتعددة وخبرتي الكافية في تقلُّبِ الحياة التي تُعلِّم دروسُها في كل انقلاب، جَعلَتْ منّي خبيراً في أمور البشر، لذلك فإنّي قادرٌ أن أُرشِدَ إلى السبيل الصحيح أولئك الذين بدأوا للتو سيرتهم ".

وفي مكان آخر يقول إنهم يرتادون المدارس كل يوم.

مهما يكن فإنَّ القديس يوجّه رسالته إلى شبان تشدُّه إليهم علاقة قويّة، وهم في مطلع عمرهم وليسوا على درجة كبيرة من البلوغ، لأنّه يقول لهم إنَّ تفسير بعض الأمور " يحتاج إلى مستمعين بالغين أكثر منكم ".

ثانياً- سبب توجيه الرسالة

يقول القديس في مطلع رسالته، أنَّ الأسباب التي دفعته إلى كتابة هذه الرسالة كثيرة ولكن هدفه تقديم النصيحة كونه يريد تقديم الخبرة التي امتلكها خلال عمره. إنَّه يريد أن يقدم لهم خبرته في الحياة وكل ما حصل عليه وكل ما حصَّله من دروس الحياة.

نرى في بدايات الرسالة أنَّ القديس يريد أن يقدم شيئاً من خبرته الغنية وهو ما يراه يفوق خبرة الكُتّاب الوثنيين ومعارفهم. لذا فهو يُحذّر الشباب من الانقياد للتعاليم والمعرفة الوثنية، لذلك فهو يقول: لا تتعجبوا أنتم الذين ترتادون المدارس يومياً وتدرسون أقوال المشاهير من العلماء القدماء إذا ما قلت لكم إنني بخبرتي وجدت الكثير من الأمور التي تنفع أكثر ممّا لديهم لهذا يقدم القديس نصيحته التي تقول:" لا يجب أن تسلموا قيادة عقولكم بشكل مطلق لهؤلاء الرجال، كما تسلم السفينة للربان، لتتبعوهم حيثما ينحرفون، بل عندما تتلقون ما يقدمونه مهما كانت قيمته فعليكم أن تميزوا ماذا من الحكمة أن ترفضوه". ومن هذه النقطة ينطلق القديس في نقاشه حول كتابات الوثنيين وكيف يجب أن نميّزها.

ثالثا ً- المواضيع التي تناقشها الرسالة

1- الحياة الأفضل:

يؤكّد القديس على أنَّه لا يجب علينا نحن المسيحيين أنْ نعتقد أنَّ هذه الحياة التي تمضي وتنتهي بكل ما فيها من مجد وكرامات وقوة وجمال وعَظَمة هي الحياة المُشتهاة أو أنَّها الحياة الأفضل. لكن علينا أن نحب هذه الحياة، وعلينا أن نعمل لنتطور في سبيل الوصول إلى الحياة الأبديّة. لهذا السبب فإنَّه من المفروض أن نميّز بين ما يوجد في هذه الحياة ويُخوِّلُنا الدخول إلى الحياة الأبدية إذا اهتممنا به، وبين ما يوجد في هذه الحياة وهو لا يفيدنا في مسيرتنا نحو الملكوت، فمثل هذا هو عديم القيمة والنفع وما علينا سوى تجاهله.

" نحن المسيحيين نعتقد أن هذه الحياة هي الشيء الثمين والأهم، ولا نعتبر أيَّ شيء ينفعنا في هذه الحياة فقط شيئاً مباركاًَ بالمطلق، ولا نتباهى بالأسلاف ولا بالقوة الجسدية ولا بالجمال ولا بالعظمة

يقول القديس:" إنّي أؤكد أنه يجب أن نحب هذه الحياة، وأن نسعى بكل طاقتنا للمشاركة في اقتناء الأمور التي تكملنا لهذه الحياة الأبدية، وأمّا الأمور التي لا تحركنا نحو الحياة الأبدية فما علينا إلاّ أن نتجاهلها ونعتبرها بلا قيمة".

الحياة الأفضل، أي الحياة الأبديّة هي هدفنا في هذه الحياة لأنّنا سنتذوَّق فيها السعادة التي تفوق مجموع السعادة والفرح اللذين يُمكن للمرء أن يختبرهما هنا في هذه الحياة.

إذاً بحسب القديس، نحن لا نحتقر الحياة الأرضية أو الحياة التي نعيشها الآن بل نُكرِّمها ونحترمها لأنّنا حين نجتازها بما يوافق الإنجيل فإنّنا نعبر منها إلى حياة أبدية. وهنا يُشبِّه القديس الفارق بين الحياة الحاضرة والأخرى بقوله:" كما أنَّ النفس لها كرامة أكثر من الجسد هكذا الفارق بين الحياة الحاضرة والحياة الآتية ".

لا يتكلم القديس عن ماهيّة الحياة الأبدية، لأنَّ الأمر بحسب قوله يتطلب مستمعين أكثر بلوغاً كما يحتاج الأمر إلى جهد كبير.

الأمر الوحيد الذي يذكره القديس حول الحياة الأبدية هو المدخل إليها. إنها الكتب المقدسة إذ يقول: " الكتب المقدسة تقودنا إلى الحياة الأبدية وهي تعلمنا من خلال الكلمات الإلهية".

2- التعاليم الدنيوية والتعاليم الإلهية:

ما هي العلاقة بين هذين التعليمين؟

هل يمكننا الاستفادة من العلوم الدنيوية ونحن نملك الإنجيل وهو التعليم الإلهي؟

هل علينا كمسيحيين أن نقاطع العلوم والمعرفة الدنيوية؟

هذه ولا شك أسئلة تبدأ لكي تنتهي بسؤال هو: هل يتعارض العلم مع الدين؟

عندما يتكلم القديس عن أهمية الأسفار المقدسة في إرشادنا إلى الحياة الأبدية يتطرق إلى موضوع أهمية الاطلاع على الكتب والأدب الوثني. فما هو السبب ؟

إنَّ عدم نضجنا يمنع علينا فهم الأسفار المقدسة الأمر الذي يحتاج إلى تدريب، هذا التدريب نمارسه على الكتابات الوثنية. يقول القديس:" علينا أن ندرب بصيرتنا الروحية على الكتابات الدنيوية التي ليست مختلفة جملة وفيها ندرك الحقيقة إذا جاز التعبير كما في ظل أو مرآة ".

يُشبِّه القديس هذا التدريب بالتدريبات العسكرية نفسها، فالجندي الذي يتدرب على الحياة العسكرية يُتقِن الجمباز والرقص وهو في الوقت نفسه يحصل على جائزة النصر في المعركة. فإذا كان هذا حال المحارب في المعارك فكم بالأحرى يجب علينا نحن المسيحيين المدعوين إلى خوض أكبر معركة على الإطلاق أن نتدرب وان نتحضر لها لكي نكتسب القوة. علينا أن نحتمل وأن نكابد وان نتمم الكثير من الأعمال في سبيل اكتساب القوة. هنا ينصح القديسُ الشابَ المسيحيّ أن يكون ملمّاً بالشعراء والمؤرخين والخطباء، لأنّه إذا حقق إلماماً كهذا فإنه أمام أمرين لا ثالث لهما وهما: فإما أن يبدأ باكتساب المعرفة الدنيوية ومع مرور الوقت ينتقل إلى مرحلة يصرف فيها اهتماماً خاصاً بالتعاليم المقدسة الإلهية على فرض وجود صلة بين هذين النوعين من التعليم، أو أنه على فرض عدم وجود صلة بين نوعي التعليم هذين يتمكن من مقارنة الفارق بينهما ليصبح قادراً على تقوية احترامه وتقديره للتعليم الأفضل وهو التعليم المقدس.

يقول:" إنَّ كان ثمة صلة بين هذين الأدبين فمعرفتنا لهما تكون نافعة لنا في بحثنا عن الحقيقة، وإذا لم يكن ذلك فالمقارنة بالتشديد على الفوارق سوف لن تكون خدمة صغيرة في تقوية إجلالنا للأدب الأفضل ".

ما هي العلاقة بين التعليم الدنيوي والتعليم الإنجيلي؟

يُشبِّه القديس العلاقة أو الفارق بين هذين التعليمين بحالة الشجرة المثمرة: إنَّ الوظيفة الأساسية للشجرة هي الإثمار في أوانها، لكن هذا الإثمار لا يتعارض مع وجود الأوراق بل بالعكس فإنَّ الأوراق تُزيِّن الشجرة وتحمي الثمرة وهكذا لا يمكننا القول أنْ لا فائدة للأوراق في وجود الثمر. وهكذا الأمر بالنسبة إلى التعليم الدنيوي والتعليم الإنجيلي، فإن الهدف الأساسي هو التعليم الإنجيلي وهو التعليم الحق، لكن التعليم الدنيوي أو علوم العصر وثقافته لها أهميتها أيضاً.

إنَّ موسى النبي لمّا تعلَّم حكمة المصريين، ودرّبَ عقله بهذه الحكمة صار قادراً أن يعاين الله وينتقل إلى حكمة أسمى كما يقول سفر أعمال الرسل:" تهذّب موسى بكل حكمة المصريين وكان مقتدراً في الأقوال والأعمال "(22:7. وهكذا دانيال تعلم حكمة الكلدانيين فصار أهلاً لفهم الكلمة الإلهية (دا 3:1-6).

إذاً في رأي القديس لا تعارض بين العلم والدين فكلاهما معرفة، ولكن يجب أن تكون غاية العلم الوصول إلى معرفة الله وإلى إدراك شيء من الحكمة الإلهية.

بعد هذه النصيحة يُعبِّر القديس بوضوح قائلاً: "ربما هو مثبت بشكل كافٍ أن المعرفة الوثنية ليست غير مجدية للنفس " لكنه للحال ينتقل القديس ليجيب على تساؤلين هما:

إلى أي مدى يمكن للمسيحي الخوض في مجال هذه الكتابات؟

كيف يمكن للمسيحي أن يقرأ كتابات غير مسيحية كتدريب لفهم أعمق للمسيحية؟

يُقدّم القديس باسيليوس نماذج وهي بالنسبة إلى عصره كانت العلوم الأكثر شيوعاً وتطوراً وهي الشعر والمسرح والخطابة والتأريخ والفلسفة.

ويُؤكّد القديس على ضرورة تمييز المرء لما يقرؤه، فيجب أن نقرأ فقط ما يفيد النفس وهو القصائد التي يعدد فيها الشعراء فضائل بعض الشخصيات أو عندما يمدحون الأعمال النافعة والمفيدة. لكن عندما يبدأون في مدح الخطيئة ووصف الأعمال المشينة فعلينا كمسيحيين أن نتجنبها، ونحذو حذو أودسيوس الذي سدَّ أذنيه عندما مرَّ قرب السيرينات المغنيات، واستطاع بذلك أن ينجو من خطرهن، لأنَّه كما يقول القديس:" الألفة مع الكتابات الشريرة تمهد الطريق للأعمال الشريرة، لذلك على النفس أن تكون حَذِرة بحرص شديد خشية أن نتلقى على حين غرّة، من خلال حبّنا للأدب، بعض الأمور الدنسة كما يشرب الناس السم مع العسل ".

إنَّ الأدب الذي يصف أموراً مبتذلة، ويستخدم الشتائم ويتغنى بالخلاعة والسُكْر، سيقود الإنسان برأي القديس باسيليوس إلى محاكاة هذه الخطايا خاصة عندما تضع لنا بعض الكتابات تحديداً للسعادة بأنها تحقيق الملذات. ويذكر القديس ما يمكن أن يَرِدَ في بعض القصائد المعاصرة له من وصفٍ لمخاصمات الآلهة وحروبها وزناها وكما يقول القديس: " هذه الأمور لا يمكن أن نتكلم عنها ولو بما يتعلق بالحيوانات دون أن نخجل ".

يُقدِّم القديس الرأي نفسه في ما يتعلق بأمور المسرح من قصص وخَطابَة، ويُؤكِّد أنَّنا كمسيحيين علينا أن نرفض محاكاة هذه الأمور عندما تكون مفعمة بالكذب وتهدف إلى التسلية فقط " نحن لن نحذو حَذْوَ الخطباء في فن الكذب. لا في محاكم العدالة ولا في شؤون العمل الأخرى سيكون الباطل نافعاً لنا نحن المسيحيين ".

على المسيحي أن يتنقَّل بين كل هذه الآداب، بحسب نصيحة القديس، تماماً مثل النحلة التي تتنقل بين الزهور لتجمع الرحيق وتصنع العسل، وهذه الزهور هي بالنسبة للبشر مقبولة فقط لأنها جميلة المنظر وعطرة الرائحة لكن النحلة ترى في الزهور أكثر من المتعة والسرور، هكذا كل من يطالع الكتابات والآداب متطلعاً إلى ما هو أبعد من المتعة فإنَّه يجني فائدة كبيرة لروحه. النحلة تتنقل بين الزهور لكن بتمييز وتأخذ من الزهرة ما يناسبها ويفيدها هكذا علينا أن نأخذ من الآداب غير المسيحية بتمييز وحسن اختيار وبمعرفة وفقط ما يفيدنا. وهكذا نتجنب الأشواك وكل ما هو زائف لكي نجمع عسلاً هو المعرفة الحقيقية. يقول القديس:" طالما أنه يجب علينا بالضرورة أن نبلغ بالحياة لتكون بحسب الفضيلة، فيجب على انتباهنا أن يتركز أولاً على مقاطع من الشعراء والمؤرخين وخصوصاً الفلاسفة والتي في هذه المقاطع تُمدَحُ الفضيلةُ عينها ". يريد القديس بهذا أن تصبح الفضيلة عادةً مألوفة بالنسبة إلى الشاب كونه يدرسها في صِباه لأنه كما نقول في المثل الشائع " العلم في الصغر كالنقش على الحجر" فنفس الشاب تكون طرية تتقبل ما تتلقاه بسهولة. أما إن لم تكن النفس معتادة منذ صباها على الفضيلة فإنه ينطبق عليها ما كتبه هزيود:" قاسية هي البداية وصعبة، وطريق شديدة الانحدار ومليئة بالتعب والألم تلك التي تقود إلى الفضيلة". لكن عندما يبلغ المرء إلى القمة يرى الطريق سهلاً ورائعاً أكثر من الطريق التي تقود إلى الرذيلة.

ويعود القديس في منتصف رسالته ليشدّد على الفكرة التي يعتبرها النصيحة الجوهرية وهي أنه لا يجب قبول كل الأفكار بدون تمييز وفحص وكما يقول:" كما أنّه لا يوافقنا أن نتناول كل الأطعمة بدون فحص ". علينا أن نعرف أين مصلحتنا الحقيقية لئلا نهدر حياتنا عبثاً.

3- الفضائل المسيحية:

هكذا ينتقل القديس ليستشهد بكثير من مؤلفات الشعراء ومن الأساطير التي تمدح الفضيلة وهنا يقول: " كلّ شعر هوميروس هو مدح للفضيلة "، وهنا يجب أن نعتبر أن ما يقوله القديس هو تشديد على الفضائل التي يذكرها وليس مجرد ذكر لورودها في هذه المؤلفات. أي أنْ نعتبر ذكر القديس لهذه الفضائل بمثابة نصيحة إلى الشباب لممارستها.

الفضيلة أعظم من اللباس

عندما نجا أودسيوس من الغرق وكان عارياً لم يخجل من عُرْيه، ولم يتوانَ عن تقديم الإكرام لابنة الملك، والأميرة نفسها لم تأنف منه لأنه كان مرتدياً الفضيلة بدل اللباس، وهذا ما جعله مثالاً للمدعوين الفياشيين الذين أرادوا مشابهته فتخلوا عن حياة الرفاهية أو الميوعة التي كانوا يعيشون فيها. وهنا يستشهد القديس بقول لشرح شعر هوميروس:" أيها الناس اهتموا بالفضيلة التي تطفو مع الغريق وعندما يبلغ الشاطئ ستجعله أكثر كرامة من الفياشيين السعداء ".

يتابع القديس في مدح الفضيلة ويعتبرها الشيء الأكثر ثمناً للإنسان إنها الكنز الحقيقي لأن كل ممتلكات الإنسان تزول وتتغير لكن كما يقول:"الشيء الوحيد الذي يبقى للإنسان في حياته وبعد موته هو الفضيلة ".

إنَّ هذه النظرة إلى الفضيلة جعلت الحكيم صولون ينصح الأغنياء قائلاً:" أمّا نحن فلن نبادلهم الفضيلة بالمال لأن الفضيلة ثابتة دائماً أمّا المال فيكون حيناً مع هذا وحيناً مع ذاك من البشر".

والفلسفة أيضاً تمدح الفضيلة، وهذا ما يقدّمه الفيلسوف بروديكوس (القرن الخامس) في قصة الفضيلة والرذيلة وهي أن هرقل عندما كان شاباً كان متردداً بين طريقين: الأول صعب يقود إلى الفضيلة والآخر سهل يقود إلى الرذيلة. (طبعاً هذا يذكرنا بقول الرب يسوع حول هذين الطريقين). وفي أثناء تردّده يرى هرقل امرأتين، إحداهما الفضيلة والأخرى الرذيلة، وهاتان ورغم صمتهما إلاّ أنّ الفارق بينهما كان واضحاً، فالرذيلة كانت مهتمّة بمظهرها بما يجعلها جميلة للعين، كانت تحاول جذب هرقل نحوها بالإغواء وكانت تَعِدْهُ بمتع أكثر، أمّا الأخرى، وهي الفضيلة، فكانت هزيلة رثّة، وكانت تُثبِّت نظرها نحوه؛ هذه لم تَعِدْهُ بما هو مريح ومُسِّر بل وعدته بالتعب والضيقات والمخاطر بشكل لا محدود لكن هذا كله جائزته أن يصبح هرقل إلهاً. وهكذا اختار هرقل الفضيلة.

إنَّ مدح الفضيلة بالنسبة إلى القديس باسيليوس يجب أن يترافق مع عيش الفضيلة، فهو يُشبِّه من يمدح الفضائل ولا يعمل بها بالمُمثِّل الذي يلعب دور الملك لكنه ليس ملكاً. فعلى الإنسان الذي يمدح الفضيلة أن يتجنَّب الانقسام الداخلي وذلك بأن يعيش الفضيلة أيضاً فلا يكون بذلك تناقضٌ أو انقسامٌ بين أقواله وأفعاله، هذا يماثل الموسيقي الذي يرفض أن يكون لديه في آلته الوترية أوتار غير منسجمة، أو يشبه قائد الجوقة الذي يرفض وجود أصوات غير منسجمة.

يقول القديس:" الإنسان الذي يقول مع افريبيذس (اللسان أقسم فعلاً لكن القلب ما عرف قسماً) إنسان كهذا يطلب مظهر الفضيلة أكثر من جوهرها، أن يظهر جيداً بينما هو ليس كذلك، هو، إذا احترمنا رأي أفلاطون، أعلى ذروة للظلم ".
نبدأ مع القديس باسيليوس في ذكر بعض الفضائل التي يجب على الشاب أن يمتلكها:

1- الانتصار على الغضب:

يورد القديس حادثة جرت مع بركليس (سياسي من أثينا 495-429) عندما صار أحد الرعاع يشتمه واستمر بشتمه طوال النهار ولم يكن بركليس يجيبه أو يردّ عليه، وعندما حل المساء أضاء بركليس المصباح ورافق هذا الرجل إلى منزله ليضيء له الطريق. وكان بركليس يريد من هذا أن يتمرن دائماً على الفضيلة وأن لا يخسرها.

وثمّة حادثة أخرى جرت مع الفيلسوف اقليدس من ميغارا (435-369) إذ ثار عليه إنسان وأراد قتله وأقسم على فعل ذلك بينما أقسم اقليدس أن يخلصه ويوقف غضب هذا الرجل.

ويروي القديس قصة من حياة سقراط إذ ضربه شخص على وجهه بدون شفقة إلى درجة تورم فيها وجهه فما كان من سقراط إلا أن كتب على جبينه " فلان فعل هذا ". كان هذا فقط انتقام سقراط.

يعلّق القديس على موضوع الغضب بقوله: كم يفيدنا أن نضع هذه القصص في ذهننا عندما يأتي الغضب وهنا يرفض القديس استشهاداً من إحدى المسرحيات يقول:" يجب أن نتسلح بالغضب فقط ضد الأعداء " ويُشدِّد قائلاً:" مِنَ الأفضل ألا نعطي طريقاً للغضب على الإطلاق، ولكن إذا كان هذا الكبح صعباً فعلى الأقل علينا أن نلجُم غضبنا بالتفكير لكي لا نُطلِق له العَنان ".

إنَّ هذه القصص برأي القديس تتوافق مع نظرة الإنجيل إلى الغضب، إذ يقول الرب من ضربك على خدك الأيمن حوِّل له الآخر، ومن خاصمك ليسخّرك ميلاً فامشِ معه إثنين، ومن خاصمك ليأخذ رداءك فأعطه ثوبك، وأيضاً أحبّوا أعداءكم وأحسنوا إلى مبغضيكم. لذلك يقول القديس عن هذه القصص" يجدر بشباب مثلكم التشبه بها ".

أخيراً إذا تدرب الشباب منذ صغرهم على سماع قصص مثل هذه فإنهم لن يرون كلام الإنجيل حول الغضب أمراً مستحيلاً، أو أقوالاً يصعب تطبيقها.

2- العفة:

يؤكّد القديس أهمية قول الكتاب المقدس حول العفة بأن من نظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه، وذلك لأنَّ من ينظر نظرة الشهوة، وإن لم يتمِّم فعل الزنى، إلاّ أنّه بحسب قول القديس:" ليس حراً من الذنب طالما أنّه قَبِلَ الأفكار غير الطاهرة ".

حول موضوع العفّة يورد القديس قصة من حياة الاسكندر الذي عندما أسرَ ابنتيْ داريوس وكانتا بغاية الجمال رفض أن يُغلَب بالنظر إليهما، واعتبر أنَّه من العار على من غَلَب الرجال أن يُغلَب من النساء.

وفي حديثه عن الاهتمام بالجسد، يورد القديس نصائح بشأن العفة فيقول:" الآن يصعُب على الإنسان الذي ليس قلبه نقياً أن ينال المعرفة أكثر مما يصعب على الأعمى أن يرى الشمس". لذلك ينصح، من أجل أن يعرف الإنسان نفسه، أن يُنقّي ذاته فيحفظ عينه من نظرات الشهوة ومن رمي سهام النظرات على الأجساد. كما يتناول في مفهومه حول العفة موضوع الموسيقى فيشدد قائلاً: " لا يجب أن تمُلأ النفوس بالأنغام الفاسدة أي الأغاني التي تولِّد الأهواء التي تستعبد النفس وتهينها، بل علينا أن نغني نفوسنا بموسيقى أخرى أسمى ترفع النفس إلى الأعالي. هذه الموسيقى هي التي استعملها داود ".

يرى القديس أن للموسيقى أثراً كبيراً على النفس، ويذكر أن فيثاغوروس كان يبُدِّد سكر الرجال بتبديل الأنغام، فكان الرجال يتوقفون عن الشرب ويغادرون إلى منازلهم. لذلك علينا من أجل العفة أن نسمع الموسيقى الجميلة مبتعدين عن الأنغام التي تبث في داخلنا نار الشهوة.

أيضاً حول العفة يتطرق القديس إلى موضوع العطور التي تختلط بالهواء وتثير لذّة الشم، وبحسب تعبيره يقول:" إنَّ مجرد تفكيري أن أطلب منكم الامتناع عنها يُصيبني بخجل شديد"

3- عدم الحلفان:

إنَّ الرب يسوع يمنعنا من الحلفان بأيّ شيء، لا بالسماء ولا بالأرض ولا بالرأس، وهذا ما يرد في حياة كلينيوس تلميذ فيثاغوروس الذي كان بإمكانه أن يتخلص من دفع غرامة لو أقسم اليمين إلا انه رفض أن يحلف رغم أنه كان محقاً.

4- العمل:

يوصي القديس برفض اللامبالاة والرفاهية، لأنه من الواجب على الإنسان أن يعمل وان يجاهد لكي يبلغ ما يريد تحقيقه، وهنا يوصي أن نشابه الرياضيين الذين لا يحتاجون إلى تعلم الموسيقى بل إلى التمارين الرياضية؛ إنهم يحتاجون إلى ما يساعدهم على تحقيق الفوز. وكذلك حال الموسيقي فإنّه لا يترك الموسيقى ليمارس التمارين الرياضية.

ويُقدّم لنا مثل الموسيقي تيموثاوس، الذي لو ترك موسيقاه ليلهو في أمور أخرى لما استطاع أن يصبح من ألمع الموسيقيين في عصره إلى درجة كان قادراً أن يُغيّر المشاعر البشرية بموسيقاه، فقد عزف مرة أمام الاسكندر وجعله يترك المائدة ويحمل سلاحه، ثم غيَّر عزفه فجعله يترك سلاحه ويعود إلى المائدة.

لا يمكن للإنسان بحسب رأي القديس باسيليوس أن يبلغ القوة الحقيقية إلا بالتدريب المستمر والجهاد، وهنا يقول عن الرياضيين:" إنَّ حياتهم قبل السباق ما هي إلا استعداد دائم للسباق "، وهم عندما يدخلون ميدان السباق يجاهدون ويتحمّلون المعاناة والمشاق لكي ينالوا الإكليل ويذكرنا القديس ملمحاً إلى قول الرسول بولس:" ألستم تعلمون أنَّ الذين يركضون في الميدان جميعهم يركضون ولكن واحدًا يأخذ الجُعالة.هكذا اركضوا لكي تنالوا. وكل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء. أما أولئك فلكي يأخذوا إكليلاً يفنى وأما نحن فإكليلاً لا يفنى"(1كور24:9-25).

لا يمكننا أن نحصل على الحياة الأبدية ونحن نُرفِّه أنفسنا ونتنعَّم؛ كما أنَّه لا يمكننا أن نتساهل في تجاوز الفضائل ونحيا حياة التراخي خاصة أننا صرنا نعرف الخير والشر؛ وهنا يقول القديس:" من أخطأ دون إرادته قد يجد مغفرة من الله أما الذي يخطئ عن قصد ويختار الشرّ بملء إرادته فلا عذر له ".

5- الاهتمام بالنفس لا بالجسد:

يُشدّد القديس أنه لا يجب علينا كمسيحيين أن نُستَعْبَد للجسد، علينا أن نهتم بتغذية الروح وتزويدها بكل ما ينفعها بينما علينا أن نهتم بالجسد فقط بما يسد حاجاته الضرورية؛ لا يجب أن نعطي للجسد أهمية على حساب النفس. علينا كما يقول:" أن نقدّم للمعدة ما هو ضروري وليس اللذيذ "، فمن يهتم بجسده ويعمل فقط لأجل جسده إنما يشبه من يدفع ضريبة إلى سيد ظالم فهو يتعذب وليس من نهاية لعذابه وليس من فائدة منه. ويستشهد القديس بقول للفيلسوف ديوجين:" ما هو الفرق في نظر الإنسان العاقل سواء كان يلبس ثوباً بسيطاً أم كان يرتدي ملابس ثمينة طالما أنه محمي من البرد والحر؟".

إنَّ الإنسان الذي يهتم فقط بجسده لا يعرف حقيقة نفسه ولا يعرف الحكمة التي تقول:" ليس ما يرى هو الإنسان لأنّه يتطلَّب من كل واحد منا،كائناً مَنْ كان، ملكات عقلية عالية لكي يعرف نفسه.

إنَّ جهادنا لأجل العفة يتطلب منا أن نتجنب ما يثير الشهوات،" وكلّ من يريد أن لا يقع تحت سلطان الشهوات ويغرق في أوحالها عليه أن يحتقر الجسد "، وعليه أن يعتبره وسيلة مساعدة على فلسفة الحياة؛ وهنا يشبه القديس تعليم أفلاطون بأقوال بولس الرسول: " لنسلك بلياقة كما في النهار لا بالبطر والسُكر لا بالمضاجع والعُهر، لا بالخصام والحسد. بل البسوا الرب يسوع المسيح ولا تصنعوا تدبيرا للجسد لاجل الشهوات "(رو 13:13-14).
وهنا يعطي القديس تشبيها جميلاً حول من يهتم بالجسد مهملاً الروح بالذين يعطون للآلات الموسيقية قيمة بحد ذاتها فيهتمون بالآلات ويتركون الأنغام.

6- المال والغنى:

إذا سار الإنسان المسيحي بحسب وصية القديس ورفض الاهتمام بالجسد واحتقر الشهوات فإنه سينتصر على تجربة الغنى وحب الفضة إذ يقول القديس:" ماذا يفيدنا المال الوفير إذا احتقرنا الشهوات البشرية؟ أنا لا أرى من المال أي نفع سوى لذة السهر على كنوزنا كما يفعل تنانين الأساطير ".

لا يليق بنا كمسيحيين، يقول القديس، أن نشتهي الغنى، كما لا يليق أن نتكبر لامتلاكنا الغنى إن كنا أغنياء. هذا يُذكِّرنا بقول الرسول بولس:" أوص الأغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقين بالغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع "(1تيم 6 : 17). إنَّ الإنسان الذي يُفاخر بغناه بحسب قول سقراط لا يستطيع أن يفاخر إلا إذا عرف كيف يستعمله.

إنَّ المتدرب على التحرر من المادة لا يمكنه أن يختار يوماً ما أي شيء غير مناسب؛ وبقدر ما يضبط ذاته وحاجاته يصل بسهولة إلى الغنى. وفي هذا يورد القديس قولاً لديوجين بأنه أغنى البشر لا بل أغنى من الملك لأن احتياجه أقل من احتياجات الملك بكثير.

أخيراً حول الغنى يورد القديس قولين أحدهما لصولون:" لدى البشر ليس هناك نهاية أو حدود لحب المال والثروة "، والقول الآخر لثيوجنس:" إني لا أشتهي الغنى ولا أتمناه..حبذا لو عشت بالقليل غير فاعل الشر".

هكذا تكون الفضيلة أفضل من الغنى. وعلينا أن نذكر قول سفر الأمثال:" لا ينفع الغنى في يوم السخط. أما البِرّ فيُنجي من الموت "(4:11).

رابعاً - الخاتمة

لا أعتقد أن هذه الرسالة تنطبق فقط على عصر القديس باسيليوس، بل هي سارية المفعول في عصرنا الحالي أيضاً، فكم نحن بحاجة إلى الجهاد من أجل الفضيلة، نحن اليوم لسنا بعيدين عن تجربة الغنى السريع بالطرق الرخيصة، ولسنا في أمان من النار التي تثيرها الموسيقى والعطور وحب الجمال؛ إننا نسير كل يوم فوق جمر الشهوات ونتعذب ونتألم من أمراض الكآبة واليأس.

رسالة القديس إلى الشباب هي قبل كل شيء رسالة ونصيحة إلى الأهل، فإذا أرادوا تربية أولادهم تربية مسيحية عليهم أن يمهِّدوا لهم فهم الإنجيل عن طريق تقديم الكتب والقصص والألعاب والأفلام التي يمكن أن تنمي الفكر على معرفة الحقيقة وعلى فهم الكتاب المقدس. ليكن كل شيء في حياتنا نافعاً ومدروساً وهادفاً لكي يقودنا الفكر الصحيح، كما يقول القديس في نهاية رسالته، حتى لا نهرب من معركة الفضيلة.

رسالة القديس باسيليوس للشباب المسيحي هي أن يدرسوا الكتاب المقدس وأن يفهموه لكي يقودنا إلى حياة الفضيلة، وهي الحياة الأفضل لأنها وحدها تبقى بعد الموت لا بل تقود إلى الحياة الأبدية
 
قديم 18 - 08 - 2014, 05:06 PM   رقم المشاركة : ( 5292 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مقالة بساطة تعاليم السيد المسيح - ابونا بيشوى


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

قال
السيد المسيح "الكلام الذى أكلمكم به هو روح وحياة" (يو6: 63). فبالرغم من
سمو تعاليم السيد المسيح، وبالرغم من أنه هو الله الكلمة الذي تجسد لكى
يخلِّصنا ويفدينا، إلا أنه قد استخدم وسائل بسيطة فى شرح الحقائق الكبيرة
التى يريدها الله للإنسان.


وقد استطاع السيد المسيح بأسلوب
بسيط أن يعبِّر عن حقائق في منتهى العمق. فأعطى مثلاً يفهمه كل إنسان،
وعلَّم تعاليماً عملية لها معانٍ كبيرة. فيقول فى إنجيل معلمنا لوقا
البشير "متى دُعيت من أحد إلى عرس فلا تتكئ فى المتكأ الأول لعل أكرم منك
يكون قد دعي منه. فيأتي الذي دعاك وإياه ويقول لك أعط مكاناً لهذا. فحينئذ
تبتدئ بخجل تأخذ الموضع الأخير. بل متى دعيت فاذهب واتكئ في الموضع الأخير
حتى إذا جاء الذي دعاك يقول لك يا صديق ارتفع إلى فوق. حينئذ يكون لك مجد
أمام المتكئين معك. لأن كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع" (لو14:
8-11)0


المثل بسيط جداً؛ أي إنسان يمكنه
أن يفهمه، وهو أسلوب عملي في تعليم الاتضاع. لابد أنك مررت في موقف شبيه
في حياتك اليومية، أو رأيته حادثاً مع آخرين. لابد أنك رأيت أناساً
يحاولون تصدُّر المتكآت الأولى، ويكونون مصدراً للمشاكل والمضايقات
للآخرين، حتى أن الداعين يندمون أنهم قد دعوا أولئك الناس محبي المتكآت
الأولى، لأنهم يضايقون غيرهم. أو يضطرون أن يعملوا معهم ما ذُكر في المثل
الذي قاله السيد المسيح


سمو تعليم السيد المسيح

وراء هذا المثل البسيط تكمن معان
كبيرة جداً. فبعدما ذُكر المثل، أعطى السيد المسيح التعليم الأعمق وجوهر
الفكرة فقال "لأن من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع"


هذا مبدأ كبير وحكمة عميقة. هناك
من يرتفع إلى تحت وهناك من ينخفض إلى فوق. لو أن السيد المسيح قال هذا من
البداية لما فهم أحد، لكن حينما قال المثل وشرحه حينئذ فُهم المعنى. وفى
نفس المعنى قال القديسون [من يجرى وراء الكرامة تهرب منه، ومن يهرب منها
تجرى خلفه وترشد جميع الناس إليه] وتقول هذا هو المستحق }أكسيوس{، تشير
إليه وتقول ألحقوا به ولا تتركوه "لأن من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه
يرتفع" (لو14: 11)0


الاتضاع هو الأساس

حينما تريد أن تبنى بناءً عالياً
لابد أن تنقب الأرض إلى عمق كبير. وكلما يزداد الأساس عمقاً كلما يرتفع
البناء ويكون ثابتاً لا يتزعزع


كلما يضع الإنسان نفسه كلما
ارتفع برج فضائله إلى فوق. بمعنى أنه قد وضع أساساً حقيقياً لحياة
الفضيلة، تلك الفضيلة التي لا تبحث عن مجد الناس بل التي يمجّدها الله لأن
"ليس من يمدح نفسه هو المزكَّى بل من يمدحه الرب" (2كو10: 18) ويتكّلم
الرب في قلوب الناس من أجله لكي يمدحوه.. يوقظهم من نومهم ويرشدهم إليه


الله يكرم رجاله

أحياناً يريد الإنسان أن يخفى
فضائله فتكون النتيجة أنها تنكشف بأكثر قوة. يُحكى أن أحد الآباء الرهبان
كانت له موهبة شفاء الأمراض وإخراج الشياطين، فحينما كانوا يطلبون منه
الصلاة لأجل مريض ليشفى كان يرفض ذلك، لأنه لم يكن يرد أن أحداً يعرفه. لو
عرف أن من يطلب منه الصلاة لأجله هو إنسان مريض كان يرفض الصلاة عليه لئلا
يشفى المريض ويقول الناس عنه أنه قديس. ففي إحدى المرات كان لرجل ابنة بها
روح شرير وحاولوا إخراجه بطرق كثيرة لكنها فشلت جميعها، فقيل له لن يستطيع
أحد أن يخرج هذا الروح الشرير من ابنتك سوى هذا الراهب، لكنك إن طلبت إليه
سوف يرفض ذلك. ثم نصحوه أن يطلب شراء عمل يدي هذا الأب الذي كان ينزل كل
أسبوع إلى القرية ليبيعه. وقالوا له حينما يدخل بيتك سيباركه وقد تستطيع
أن تطلب منه حينئذ أن يصلي على ابنتك دون أن تعلمه أن بها شيطان وسيشفيها
الله بصلواته. فعمل الرجل هكذا وصعد إلى سطح المنزل ونادى على الأب الراهب
وطلب إلى الأب الراهب أن يدخل إلى بيته، وما أن دخل الراهب إلى البيت حتى
صفعته الابنة التي بها الروح الشرير صفعة شديدة على خده. فما كان منه إلا
أن حوَّل لها الخد الآخر. وفى هذه اللحظة صرخ الشيطان قال له [أحرقتني
باتضاعك وبتنفيذ وصية إلهك]. وخرج الروح الشرير، فعلم الجميع أن هذا
الراهب استطاع أن يخرج الشيطان بقوة الاتضاع، بدون صلاة خاصة بإخراج
الشيطان، وهو لم يكن يعلم شيئاً عن الأمر. وهكذا كلما حاول الإنسان أن
يهرب من الكرامة فإنها تلاحقه لأن الله يريد أن يكرّمه


قال السيد المسيح "إن كان أحد يخدمني يكرمه الآب" (يو12: 26)0

وكرامة الله تختلف عن كرامة أهل العالم. رجال الله يكرمهم الله بأشياء ليس في قدرة البشر أن يعملوها

كلمات قوية

يقول الله عن صموئيل النبي "كان
الرب معه ولم يدع شيئاً من جميع كلامه يسقط إلى الأرض" (1صم3: 19).
فالكلمة التي كان صموئيل النبي يقولها لم يكن ممكناً أن تسقط حتى إذا
قالها وهو لا يقصد


الناس الذين من هذا النوع يخافون
من الكلام لأنهم يعلمون أن أية كلمة يلفظونها سوف ينفِّذها الله على
الفور. لذلك كان أولئك الناس قليلي الكلام. وكلمة واحدة من كلامهم، كانت
تساوى عشرات الآلاف من الكلمات. وينطبق على كلامهم قول الكتاب "تفاح من
ذهب في مصوغ من فضة كلمة مقولة في محلها" (أم25: 11).. فليس بكثرة الكلام
يعمل الله عمله


هناك إنسان حينما يتكلّم ينطق
فمه بالحكمة وبكلام الله وينطبق عليه قول السيد المسيح في سفر النشيد
"شفتاك يا عروس تقطران شهداً" (نش4: 11)


لماذا تقطر هذه الشفاه شهداً
بمجرد أن تنفتح؟!.. تقطر شهداً لأن الله يتكلّم عن لسانه فيكون لكلامه
تأثير في حياة الناس ويستطيع أن يغيِّر حياة الكثيرين بكلمة من كلامه


في أثناء مرور السيد المسيح وجد
لاوي (متى الإنجيلي) جالساً عند مكان الجباية، وقد كان عشاراً منهمكاً كل
حياته في المال والخطية، "فقال له اتبعني" (لو5: 27). قال هذه الكلمة
الواحدة فقط، ويقول الكتاب: "فترك كل شئ وقام وتبعه" (لو5: 28). وآخر
يتكلم لسنوات طويلة وكلامه ليس له أي تأثير. الكلام الذي يصدر من فم الله
ويُمسح بالروح القدس يستطيع أن يغِّير قلوب السامعين


لماذا الاتضاع

الكبرياء هي السبب الأصلي
للخطية. حينما أراد الشيطان أن يصير مثل الله كما هو مكتوب عنه "وأنت قلت
في قلبك أصعد إلى السماوات أرفع كرسيّ فوق كواكب الله وأجلس على جبل
الاجتماع في أقاصي الشمال. أصعد فوق مرتفعات السحاب. أصير مثل العليّ"
(أش14: 13-14). حينما ارتفع قلب الشيطان بالكبرياء سقط من رتبته. وهكذا
أيضاً آدم وحواء حينما أرادا أن يصيرا مثل الله طُردا من الفردوس


قال الشيطان لحواء "لن تموتا"
(تك3: 4) إذا أكلتما من الشجرة إنما "تكونان كالله عارفين الخير والشر"
(تك3: 5). فلما ارتفع قلباهما وأرادا أن يصيرا مثل الله سقطا. هكذا "يقاوم
الله المستكبرين وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (يع4: 6). وهذا ما قالته
السيدة العذراء فى تسبحتها "أنزل الأعزاء عن الكراسيّ ورفع المتضعين. أشبع
الجياع خيرات وصرف الأغنياء فارغين" (لو1: 52-53)


المياه حينما تتحرك تتجه دائماً
إلى أسفل، ولا تتجه أبداً إلى أعلى. جريان الماء دائماً يتجه من العالي
إلى المنخفض. فالأنهار تنحدر إلى أسفل


إذا أردت أن تشرب من صهريج يجب
عليك أن تنزل تحته فتأخذ مياهاً بقوة وغزارة، أما إذا صعدت فوقه فلن يصل
إليك تيار الماء. هكذا فإنك إذا أردت أن ترتفع لن تصل إليك مياه النعمة
الإلهية. إذا أردت أن تتدفق نعمة الله في قلبك يجب عليك أن تتواضع، لأن
الكتاب يقول "تواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه" (1بط5: 6)0


أنت تراب

السيد المسيح وهو الكائن في حضن
الآب منذ الأزل "أخلى نفس آخذاً صورة عبد.. وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع
نفسه وأطاع حتى الموت" (في 2: 7-8). فالسيد المسيح وهو ابن الله الذي هو
في مجد أبيه منذ الأزل أخلى نفسه من المجد.. وحينما صار إنساناً تواضع
وأطاع حتى الموت


لكن الإنسان ماذا كان؟.. كان
مجرد حفنة من التراب لذلك قال الله لآدم عن الأرض "شوكاً وحسكاً تنبت لك..
بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التى اُخذت منها لأنك تراب وإلى
تراب تعود" (تك3: 18-19). الإنسان هو حفنة من التراب: أين الكرامة
والعظمة، أين الجاه والملابس الفخمة؟ اعمل ما تشاء في النهاية سوف تصير
حفنة من التراب "لأنك تراب وإلى تراب تعود"


إذا عرفت "أنك تراب وإلى تراب
تعود"، أي إذا عرفت حقيقة نفسك، حينئذ تنال الكرامة التي يعطيها الله لك
وليست الكرامة التي تغتصبها. إذا كنت تريد الكرامة سوف يعطيك الله
الكرامة. فليست الكرامة بكسر الوصية يا آدم، وقد أوصاك الله "أنك يوم تأكل
منها موتاً تموت" (تك2: 17). هل تريد أن تصير إلهاً؟ ها قد صرت حفنة من
التراب يأكلك الدود، وصرت هزءاً للذباب الأزرق وللحشرات الآكلة، تهزأ بك
الطبيعة وتتسلى بك الحشرات. ولم يتوقف الأمر على ما حدث للجسد، وإنما
الروح أيضاً ساقها الشيطان لسوق العبيد مغللة بالسلاسل الروحية إلى بيت
السجن في الظلمة هناك في الجحيم. ها قد فقدت مجدك وبهاءك وسعادتك. هذه
نتيجة السعي وراء العظمة والكرامة الزائفة بدافع من الكبرياء


الاتضاع هو بداية الطريق

بداية المسيرة هي أن تعرف أنك
تراب. متى بلغت في نظر نفسك أنك لا تزيد عن كونك مجرد حفنة تراب، سوف ينفخ
الله حينئذ في أنفك نسمة حياة فتصير نفساً حية


إذا أردت أن تعيش مرة أخرى يجب
أن تصير حفنة تراب. لن تدب الحياة فيك من جديد، ولن تخلق خلقة جديدة، إلا
إذا صرت في نظر نفسك مجرد حفنة من التراب. فالكتاب يقول "إن كان أحد في
المسيح فهو خليقة جديدة" (2كو5: 17)


لذلك عندما خلق السيد المسيح
عينين للأعمى أخذ حفنة من تراب الأرض، "وتفل على الأرض وصنع من التفل
طيناً وطلى بالطين عيني الأعمى. وقال له اذهب اغتسل فى بركة سلوام.. فمضى
واغتسل وأتى بصيراً" (يو9: 6-7). وهذا ما كان الرب يريده: أن تبدأ القصة
من التراب، ثم تذهب إلى المعمودية. لذلك رتبت الكنيسة أن يُقرأ إنجيل
المولود أعمى يوم أحد التناصير، لأن الخليقة الجديدة تبدأ فى المعمودية،
وفي إنجيل المولود أعمى نرى كيف صارت الخليقة الجديدة.. كيف صنع الرب
عينين للمولود أعمى


مبدأ الدفن في الطريق الروحي

المعمودية هي دفن. وفى المعمودية
نحن نقبل أن تُدفن أنفسنا: "فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم
المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضاً في جدة الحياة" (رو6:
4)، حيث الخليقة الجديدة


فى المعمودية يُدفن إنساننا
العتيق "عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صُلب معه" (رو6: 6)، نموت عن
الخطايا السالفة قابلين الموت بإرادتنا "احسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية"
(رو6: 11)0


معنى المعمودية هي أننا نُعلن
أننا نستحق الموت والدفن.. وأنا أُدفن "لأن لي الحياة هي المسيح" (فى1:
21). ولأن حكم الموت علىَّ. في ذلك قال القديس بولس الرسول بلسان الإنسان
العتيق السابق للمعمودية "ويحي أنا الإنسان الشقي. من ينقذني من جسد هذا
الموت" (رو7: 24). هذا الجسد الذي يتبهرج ويكتسي ويشتهي ويتعظَّم يقول عنه
القديس بولس الرسول إنه جسد الموت. فإذا قبلنا الصليب والموت؛ ينطبق علينا
قول بولس الرسول "أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ" (غل2: 20). هناك تكون
نقطة البداية في الحياة مع الله


الصليب هو البداية "مع المسيح
صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ" (غل2: 20). هذه الذات -التي حاولت
أن تتأله وتغتصب الألوهة- لابد لها أن تتحطم على صخرة المسيح. "يا بنت
بابل الشقية طوبى لمن يكافئك مكافئتك التي جازيتنا. طوبى لمن يمسك أطفالك
ويضرب بهم الصخرة" (مز137: 8-9). بعد المعمودية "أحيا لا أنا بل المسيح
يحيا فىَّ".. أنا ما أنا.. أنا إنسان جديد لأن المفروض أن الإنسان العتيق
انتهى. "احسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية" (رو6: 11). "أفآخذ أعضاء المسيح
وأجعلها أعضاء زانية؟ حاشا" (1كو6: 15)0


النصرة بالاتضاع

الإنسان المتواضع هو الذى يغلب الشيطان بتواضعه

فالاتضاع والانتصار على الخطية
هما جناحان لمعادلة واحدة: لأن الإنسان لن يستطيع أن يغلب الشيطان إلا
بالتواضع لذلك فإن القديس مكاريوس الكبير حينما ظهر له الشيطان وقال له:
ويلاه منك يا مقارة؛ أنت تصوم أما نحن فلا نأكل وأنت تسهر وأما نحن فلا
ننام، لكن بشئ واحد تغلبنا. فلما سأله القديس عن هذا الشئ قال له: باتضاعك تغلبنا. هذا هو السلاح الذي نغلب به الشيطان


وهذا الشيطان لا يأخذ هدنة فهو
خدَّاع ومكَّار، فهولم يترك القديس مكاريوس بعد أن قال له أنك غلبتني.
وكان القديس يعلم أن الشيطان بذلك يدبِّر له مؤامرة جديدة، لكنه علم أن
الانتصار على الشيطان هو دائماً بمزيد من الاتضاع. وحتى حينما تمّم القديس
مكاريوس جهاده بسلام وكانت روحه في طريق دخولها إلى الفردوس. ففي طريق
إنطلاقها إلى السماء قال له الشيطان [طوباك يا مقاره فقد غلبت] قال له:
[لا يمكن تغويني بكلماتك المعسولة إلى أن أصل إلى داخل الفردوس]. كان يعلم
أنه لن يحتمي إلا في أحضان السيد المسيح، في حضن ذاك الذي غلب الشيطان
وسحق سلطانه


الاتضاع نقطة البداية

المثل الذي قاله السيد المسيح
كان بسيطاً جداً، لكن فيه تكمن كل اختبارات المسيحية. لأنك إذا لم تستطع
أن تجلس في المتكأ الأخير لن تفلح في الطريق الروحي إذ أن هذه هي أساسيات
الحياة الروحية وهى نقطة البداية. "إن جريت مع المشاة فأتعبوك فكيف تُبارى
الخيل" (إر12: 5). أى أنك إذا لم تستطيع أن تجلس في المتكأ الأخير فلن
تستطيع أن تحارب الشيطان وتغلبه


تداريب على الاتضاع

قال السيد المسيح "الأمين في
القليل أمين أيضاً في الكثير" (لو16: 10). فإذا أردت أن تختبر حياة
التواضع ابدأ بالأشياء البسيطة التي يستطيع أي إنسان أن يعملها. فأنت
تستطيع مثلاً أن تقدم غيرك على نفسك في أشياء بسيطة في الحياة اليومية:
فمثلاً تجعل غيرك يسبقك في الدخول إلى المكان، أو تقف أنت لتُجلِس شيخاً
احتراماً لكبار السن، أو لا تقاطع غيرك أثناء كلامه؛ فهي أمور بسيطة لكنها
تداريب تعلِّمك الاتضاع


السيد المسيح لا يعتبر المسيحية
مجرد وصايا كبرى وفلسفات لاهوتية هائلة لكنه أعطانا المسيحية كحياة عملية
معاشة. ومن خلال التصرفات البسيطة التي يستطيع الإنسان أن يتعلمها سوف
يتعلم الفضائل الكبيرة التي تجعله يصل إلى قمة الحياة الروحية


النصرة بقوة الله

حينما تحارب الشيطان بقوة المسيح
لابد أنك سوف تنتصر، لكن إذا حاربته بقوتك الشخصية فلن تكلل بالنصرة على
الإطلاق: قال أحد الآباء [إن الشيطان في أحد المرات قال لله العبارة
الآتية: دع الأقوياء لي فانتصر عليهم أما الضعفاء فلا أستطيع أن أحاربهم
ولا أقوى عليهم لأنهم يحاربونني بقوتك أنت]. وفى نفس المعنى يقول القديس
بولس الرسول "لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوى" (2كو12: 10) ويقول
أيضاً "أستطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني" (فى4: 13). الإنسان الذي يشعر
بضعفه يطلب معونة الله باستمرار، فمعونة الله تعطيه النصرة والغلبة على
الشيطان أما من يعتز بقوته ويعتمد عليها فمهما كان قوياً، فالشيطان أقوى
منه. لذلك إذا أتتك مشاعر الكبرياء فاعمل بنصيحة قداسة البابا شنودة
الثالث، وقل لنفسك دائماً: }أنا لست أطهر من داود ولا أقوى من شمشون ولا
أحكم من سليمان{، والثلاثة سقطوا في خطية الزنا. لأن هذه الخطية "طرحت
كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء" (أم 7: 26)0


اعرف حقيقة ذاتك فيكرمك الله

بالنسبة للسيد المسيح كان
الاتضاع هو أنه بعدما أخلى ذاته ونزل من مجده السماوي وارتضى أن يكون في
صورة عبد مخفياً مجده الإلهي فإنه وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب.
أما بالنسبة إلينا فالاتضاع هو أن نعرف حقيقة أنفسنا. ولا يُعتبر هذا
اتضاعاً حقيقياً. السيد المسيح وحده هو الذي اتضع اتضاعاً حقيقياً لأنه
بعدما أخلى نفسه من المجد الذي كان له مات عن الخطاة وهو برئ إذ حمل خطايا
كثيرين وشفع في المذنبين. لكن ما الذي أُخلى أنا نفسي منه؟ لا شئ على
الإطلاق ???????


هل يستطيع الدود أن يفتخر؟! هل
يستطيع النتن أن يفتخر؟! هل يستطيع المذنب المحكوم عليه بالموت أن يفتخر؟!
لذلك بالنسبة للإنسان هو لا يسمى اتضاعاً بل مجرد معرفة لحقيقة النفس.
لذلك حينما قال السيد المسيح "حينئذ يضئ الأبرار كالشمس فى ملكوت أبيهم"
(مت13: 43). كان هذا على سبيل نعمة لأن الله سوف يكرّم قديسيه


في ليلة الصلب قال السيد المسيح
للآب السماوي "أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون
أنا لينظروا مجدي" (يو17: 24). هو يريدنا معه.. بل أن السيد المسيح قال
أكثر من ذلك إذ قال "وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني" (يو17: 22). ما
هذه الروعة?????؟!! لذلك قال "من يهلك نفسه من أجلى يجدها" (مت16: 25)0


هل تريد المجد

إذا كنت تريد المجد، ابدأ الطريق
من بدايته. هناك حيث تقول "أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ" (غل2: 20).
وحينما تضع نفسك سوف يعطيك السيد المسيح الكرامة الحقيقية: كرامة الأبدية
وكرامة الملكوت.. ليس الكرامة والعظمة العالمية الزائلة التي نهايتها
الدمار والضياع التي قال عنها السيد المسيح "من وجد نفسه يضيعها".. راجع
نفسك وافحصها واعلم هل أنت تقف لهذه الذات بالمرصاد. هل هي محتاجة لبعض
المسامير. "الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات" (غل5:
24)0


قصة حياة الإنسان مع المسيح هي
قصة إنسان تتجدد فيه مفاعيل الموت مع المسيح باستمرار. لذلك قال "احسبوا
أنفسكم أمواتاً عن الخطية لكن أحياءً لله بالمسيح يسوع ربنا" (رو6: 11).
اصحوا لأنفسكم، لأن أي غرور أو أي افتخار أو أي كبرياء معناه أن الذات
المتعالية تريد أن تعيش من جديد لتضيّع حياة الإنسان. قل لها لماذا تعودين
أيتها الشقية العتيقة إلى الحياة مرة أخرى؟


رسالة الإنسان هي أن يظل متيقظاً
ساهراً لنفسه بالمرصاد. المشكلة ليست فقط في الشيطان إنما ذاتك أيضاً يجب
عليك أن تحترس منها، فكن يقظاً مع هذه الذات. لذلك حينما قال القديس بولس
الرسول "مع المسيح صلبت" (غل2: 20) وقال "قد صُلب العالم لي وأنا للعالم"
(غل6: 14) كان هذا يعنى ضمناً أن مفعول المعمودية متجدد في حياته باستمرار


فليعطنا الله أن نسلك في هذا الاتضاع الحقيقي لكي نستحق أن نكلل في ملكوته الأبدي ولإلهنا المجد دائماً أبدياً آمين
 
قديم 18 - 08 - 2014, 05:08 PM   رقم المشاركة : ( 5293 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

?عمل الروح القدس? .

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






المجد لله،


إن ارتداد بولس هو ثمرة الروح القدس، ونذكر هنا أن الكنيسة
سمّت القديس افرام السرياني كنارة الروح القدس لأنه عرف كيف يتكلم عن
الربّ وكيف يسبّح اسمه لأن الروح كان يعمل فيه.




في خبر العنصرة كما يرد في الإنجيل، لمّا حلّ الروح القدس
على التلاميذ وأخذوا يتكلمون بلغات عدة، فإنّ الذين شهدوا هذا الحدث
اعتبروهم سكارى. وقد ردّ عليهم بطرس: ليس هؤلاء بسكارى.


أما أنا فأقول أنه يجب برأيي أن يردّ: ليس هؤلاء بسكارى كما
اعتدتم أن تسكروا من خمر هذا العالم وإنما امتلأوا روحاً بدل الخمر وسكروا
من نشوة الحبّ الفائض مواهب والمتجلي ثمار ويا ليتكم تشاركونهم السكرة فهي
الوحيدة التي ما بعدها فكرة إلا في انفتاح العين على أنوار المجد الأبدي.




الروح القدس هو بطل اللعبة الذي يصعب التكلم عنه. في العيلة
الثالوثية يوجد للآب مقابل على الأرض ولو أنّه مليء بالنواقص. فعندما
أنادي أبي يُجيبني أبي في البيت وأبي في السماء.


عندما نتكلم عن الابن ونصادف من يتكلم عن ابنه فنعلم ما هو
الابن. ولكن عندما نذكر الروح كيف نجد له تجسيد إلاّ من خلال عمله. إذاً
نحن نستطيع من العمل والثمار أن نُدرك أذا كان الروح حاضر أو غائب.


يقول يوحنا، الروح مثل الريح لا أحد يدري أين يهبّ ومن أين يأتي وإلى أين يذهب. ولكننا نشعر بوجوده ونشعر بغيابه.


رموز الروح في الكتاب المقدس تعرفونها. أريد أن أربط بينها وبين حياتنا أي عمل الروح فينا أكثر من التكلم عن الروح القدس العقيدة.


عمل الروح فينا لا نستطيع ان نخطئ بشأنه لأنه المعيوش. له
رموز مثل الماء والنار والريح والثلاثة لها علاقة بحياتنا الروحيّة
اليومية. الذي يجمع بين تلك الرموز هوَ أنّه ليس للماء أو النار أو الريح
شكل محدّد. الماء تأخذ شكل الوعاء الذي تحتويه، الأوعية متعددة والمضمون
واحد؛ هذا هو عمل الروح كل واحد منا مختلف عن الأخر ولكن الروح الساكن
فينا هو الذي يوزع مواهبه بالشكل الذي يجمّل أكثر الوعاء الذي يحتويه. حتى
كل مَن ينظر إلى الوعاء يسبّح الربّ من خلاله. يأخذ الروح الشكل المتوفر
والمساحة المتوفرة علما بأن كلّ واحد من هذه الرموز، الماء، الريح والنار
لها ميزات خاصّة، ومن خلال التأمل بهذه الميزات نعرف عمل الروح فينا.


لأن ليس للروح شكل، وهوَ غير مرتبط بالمادة، هذا يفسر عمله
من الداخل. الروح يعمل حيث ليس هناك مادة فينا أي عندما نتكلم عن حياتنا
الروحية. لكن هذا الشيء الذي يتخمر في الداخل ينعكس ثماراً وصورة إلى
الخارج.




القديس بولس يقول لست أنا الحيّ بل المسيح هو حيٌّ فيَّ. أنا
لا أستطيع أن أحتوي المسيح بحجمه الكبير بل روح المسيح هيَ التي تُحييني
لأقتدي به. ولا يجب أن نفصل بين المسيح وروحه لأنها عطيّة منه هوَ الذي
نفخَ على التلاميذ في يوم العنصرة وقال لهم في يوم القيامة (يوحنا الفصل
20)، خذوا الروح القدس مَن غفرتم لهُ? غفرتُ له.


هذا الروح هو روح المسيح. لذلك اذا كان روح يسوع يسكن فيَّ، يصبح يسوع ساكن فيَّ وأصبح شبيها له.


إنّ حلول الروح القدس علينا يتجسّد بالمعمودية. ففي
المعمودية يسكن فينا ونصبح هياكل له وكما كان يسوع ممتلئاً من الروح القدس
أَمتلئُ أنا أيضا وأعمل الأعمال التي يعملها الإبن وأعظم منها. يشدّ فينا
الإبن وروح الابن، والآب لا يرفض طلباً لابنه لأنه وعدنا بذلك، ولكن، يجب
أن نؤمن.


يسوع عمِلَ بهديِ الروح القدس وبقوة الروح ولم ينفصل عنه
لحظة واحدة؛ قادَهُ الروح إلى الصحراء فجُرِّبَ وعاد إلى المجمع ليقول
روحُ الربّ عليَّ مَسَحَني وأرسَلَني، كما أنّه طرد الشياطين بالروح
القدس. وهو يتصل بالآب بالروح. لذلك هذه الحياة التي عاشها يسوع هيّ بهديِ
الروح وهو ممتلىء منه، وهوَ يعطينا إياه كي نكمّل بذات الخطّ. الخلَف يعمل
بذات روح السلَف.


نحن نعمل بذات الروح أي بذات الهديِ والأفكار التي كان يعمل
بها مؤسّسنا يسوع. نحن نعمل حرفيا وللعمق بذات روح يسوع، هذا الروح القدس
الذي نناله في المعمودية. الروح الذي يحلّ فينا والذي يحوّلنا.


كان الروح القدس محصورا بيسوع، ويوم العنصرة أعطى يسوع روحه للكنيسة لكي كل من يؤمن باسمه يعمل الأعمال الذي يعملها.


الروح هو لي وساكن فيَّ وهوَ حيّ.


وهنا يجب أن نميّز بين الروح والنفس والضمير.


أنّ المسيحي والغير المسيحيي يشترك بالضمير. هذا صوت الربّ فينا. الضمير هو قوّة التمييز الذي يفصل بين الخير والشرّ.


النفس هيَ مخلوقة من قبل الله وليست مادية بل روحية. انا
أُخلَق بنفس بشريّة ولكن الله خلقها وهي مدعوّة إلى العودة إليه، الروح
القدس هوَ الله وهوَ غير مخلوق، فعندما يدخل فيَّ الروح القدس يصبح عندي
قوّة التقديس. إذا كان الضمير قوة التمييز فإن الروح هوَ قدرة التقديس.
الروح القدس يشمل كل العناصر، يدخل على الجسد فيقدّسه ويدخل على النفس
فيقدّسها ويدخل على الضمير فينيره ويجمع الكل في واحد. الروح القدس هوَ
الذي يوحّدنا، ولا يوحّدنا فقط كجماعة بل يوَحّد أيضاً كلّ القدرات التي
فينا، وهي مشتّتة بكل واحد منّا، فإن لم يدخل الروح القدس ويجعلني واحدا
لا أقدر أن اشهَد لمَن هوَ واحد.


اذاً الجسد يشدّني إلى الأسفل والنفس تشدّني إلى مكان آخر وضميري ضائع، الروح يأتي ليطهّر ويجمع فيما بينهم.


رمز الريح: نستعمله
للنفس. فإذا انقطع الهواء انقطع النفَس ومات الإنسان. الحياة مرتبطة
بالنفس. وعندما أتكلم عن الحياة أتكلم عن الروح القدس كدفاع وكفاعل أساسي
بصلاتي وبقراءتي للكتاب المقدس.


سأل فيلبس خادم ملكة الحبشة: هل تفهم ماذا تقرأ؟ أجابه: كيف لي أن أفهم إن لم يشرح لي أحد.


المرة الأولى شرح له فيلبس وعندما فَهِمَ عن الروح القدس صار يفهم بوحيٍ منه.


تلميذي عماوس عندما فتح يسوع أعينهم وأعطاهم هذه العطيّة فتحت أذهانهم ليفهموا الكتب.


هذا هو روح الفهم وروح المعرفة. الروح هو الذي يجعلني أفهم وأصلي. يقول مار بولس: الروح يصلي فيكم بأنات لا توصف. هو الذي يصرخ فينا ?أبا أيها الآب?(روح
البنوة). يدعونا بولس: دعوا الروح يملأُكم وأتلوا معاً المزامير والتسابيح
والأناشيد الروحية. رتّلوا وسبّحوا الربّ في قلوبكم واشكروا الله الآب كلّ
حين على كلّ شيء باسم ربّنا يسوع المسيح. دعوا الروح يملأكم.


فاذا امتلأنا من الروح نستطيع أن نصلي وأن نشارك في القداس.
في الليتورجيا، لحظة حلول الروح القدس في القداس مهمّة جدّا ومشغولة
بدقة. وكأننا ننتظر هذه اللحظة عندما نقول ?استجبنا يا رب استجبنا يا رب?.
في هذه اللحظة يشعر بها الكاهن أنه أقوى من أي مخلوق لأنه، وبالرغم من كلّ
محدوديته، يطلب من الروح القدس الحلول على القربان وتحويله إلى جسد ودم
الربّ على المذبح كما أن يحوّل العالم إلى كنيسة الرب، وإلى جسد الربّ
السرّي. بكلمة منا يتدخّل الروح، ونقول?ما أرهبها هذه الساعة?.




الروح النار: رمز النار أربطه مع الجهاد الروحي.


نحن نحمل جسدَ ضعف، الجسد بطبيعته جيّد، الله لم يخلقه عاطل. ولكن تسوء حالُه عندما يدخل بمنافسة مع الروح.


يجب أن أستعمل جسدي وأكرمه ولكن يجب أن أدعه يعبُد مَن هوَ روح أي ما يتخطّى الجسد.


لا يجب أن أعمل من جسدي غاية عبادتي أي في الفرنسية
Idolâtrie أي عبادة الأشياء. تسوء حالة الجسد عندما يتحوّل إلى مركز
للعبادة. مار بولس يقول: اسلكوا سبيل الروح ولا تقضوا شهوة الجسد لأن
الجسد يشتهي ما يخالف الروح والروح يشتهي ما يخالف الجسد. كلاهما يقاوم
الآخر حتى أنكم تعملون ما لا تريدون.


لذلك فإن رمز النار للروح هو التطهير. النار تحرق فتطهّر.
وليس هناك مجال للمساومة. إذاً هناك فيَّ عواطف متناقضة يجب أن أحرق واحدة
وأترك الأخرى. لا أستطيع أن أترك الاثنين. الذي يقول لك افعل ما تشاء في
أيام الأسبوع والأحد اعترف عند الكاهن، فهكذا تضع خلال الأسبوع قناع
الجسد وأعمال هذا العالم والأحد للروح وأعمال الرب. لا!! يقول الربّ يسوع،
جئت لألقي على الأرض ناراً. وهذه النار هي نار الروح الذي يجب أن تُحرق كي
تطهر. الروح القدس سيواجه العالم والعالم لا يطيق سماعه لأنه يكشف كذبه
ويظهر الحقّ. وكذلك كلّ واحد منا، الروح سيواجهه ويظهر كذبه ويحرق هذا
الكذب. وفي نفس الوقت النار تحرق لتطهّر وتُضرم المحبّة فتغزّي الرجاء،
فنتقدّم مِن التوبة في خُطى ثابتة متّكلين على عمل الربّ.


وفي ذات الوقت، فإنّ الذي يُحرق الأمور الغير جيدة يُجوهر
الأمور الجيّدة، مثل الذهب الذي يمرّ بكور النار حتى يتنقّى ويتطّهر.
فتُصبح التوبة ذهب صافي.


هذه العملية التي يكرّرها فيَّ الروح النار هيَ التي توصلُني
إلى ملء الحريّة. تعرفون الحقّ والحقّ يحرّركم وحيث يكون روح الله فهناك
الحريّة.


ليس هناك حركات تحرّرية توصل إلى الحريّة من دونِ قداسة أو
من دون روح الله. الكاهن المرحوم إتيان صقر، كان يقول في إحدى محاضراته
الفلسفيّة: كان الشيوعيّون ينتقدون الرأسمالية بقولهم: الرأسمالية


C?est l?exploitation de l?homme par l?homme chez nous c?est le contraire


الحرية الحقيقية هي التي يعطيها الرب بواسطة روحه.


بولس كان في السجن في روما وكتب إلى أهل فيليبّي وكأنه حرّ أكثر من كثيرين في الخارج.




روح الماء:
نستعمل الماء للريّ. فالمكان الذي فيه ماء فيه ثمر. لذلك إذا كنّا بالريح
أُعطينا الحياة، فبالنار هناك تطهير وتنقية، وبالماء هناك الثمر.


يعمل الروح في جوانب عديدة، الثمر يأتي نتيجة طبيعية لعمل
المزارع وعمل النعمة. عندما تكون الطبيعة ملائمة والتربة جيدة. شحّلنا
ونقّينا وروينا، ننتظر، وخاصة عندما ننتظر تأتي ثمار الروح.


تفرَح العين ويتغذّى الجسد وتتعزّى الروح. وتظهر هذه الأشياء.


ونحن نعرف ثمار الروح هناك لائحة بها وليس هناك مجال للغلط.


ثمار الروح: المحبة والفرح والسلام والصبر والوداعة والأناة والإيمان.


هذه الأمور تُرى، لا أرى الروح ولكن إن رأيتك تحبّ، أو
رأيتُكَ صبوراً أو متسامحاً، فلا بدّ من أن أعترف لكَ بأنَّ روح الله
فيك. وأنّك تَدعه يعمل كي يظهر من خلالك.




كيف أعيق عمل الروح في؟ أعيق عمله بالتجديف عليه.


يقول يسوع إنّ الذي يجدف على إبن الإنسان يُغفَر لهُ والذي يجدّف على الروح لن يُغفَر له. لماذا؟


يسوع المسيح أتى الإنسانية بالضعف ويقول لربما الإنسان أمام
ضعفي يتشكك أو لا يتعرف عليَّ أو لا يقبلني بضعفي. وغفر للذين صلبوه
قائلا: يا أبتي اغفر لهم لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون.


أمّا الروح القدس فهو صوت الله، هو الله الذي يلمُس القلب
والذي يُرشد إلى ملء الحقيقة من دون أي مجال للغلط. مثل الضوء الذي لا
يطفئ. اذا كنت ترى النور أمامك وتصّر بكل عين وقحة بأن هناك عتمة. فهذا ما
يسمونه التجديف. الأمور واضحة أمامك وأنت تسأل أين الحقيقة وتتنكر لها.
وأكثر من التنكر للحقيقة تعنّد بخطيئتك. لا ترفض فقط الحقيقة بل ترفض
الدعوة إلى التوبة الآتية من قبل الروح.


هذا هو عمل التجديف على الروح القدس.


يقول الربّ يسوع في إنجيل متى فصل 12، هذه الخطيئة لا تُغفر
لا في هذا الزمان ولا في الدهر الآتي. وهذه الجملة تلفت نظرنا إلى شيء مهم
بأنه يمكن أن يكون هناك خطايا تغفر في الدهر الآتي.


هذه نقطة إيمان تتعلق بالمغفرة.


التجديف على الروح يكمُن في العناد. في مََثل الانجيل، الأب
الذي أرسل ولديه للعمل في الكرم الأول أجابه بنعم ولم يذهب والثاني أجاب
بكلا ثم ذهب. من عمل مشيئة الأب؟ الثاني الذي ألهمه الروح ورأى أين
الحقيقة وعمل بحسب هذه الحقيقة التي أرشده إليها وأصغى لها.


إنّ التجديف على الروح القدس هو في هذه الحياة رفض الانقياد
إلى روح الله. لذلك الذي قرّر بملء إرادته أن يكون بعيدا وأن لا يعمل
أعمال الآب ولا يأتي إلى الآب، كيف يستطيع أن يكون بقربه في الأبدية. ليس
الربّ الذي لا يغفر لي هذه الخطيئة في الأبدية بل أنا الذي اخترت أن لا
أكون مع الله لألني رفضت مندوبَ وسفيرَ الله فيَّ. حضور الله في حضور
الروح القدس، أنا طردته كما أنّي قلتُ له لا اريدك لا في هذه الحياة وحكما
لا في الحياة الأخرى. بملء وعيي وإرادتي قررت بأني لا أريده. ولذلك لا
يمكن أن يَفرض الله نفسه عليَّ لا في هذه الحياة ولا في الاخرى.


هوَ يسمح لي أن أطرد روحه وأتنكر وأتكبر عليه على مسؤوليتي وهناك لا يفرض عليّ شيء.


نحن نردد دائما هذه العبارة: الذي خلقك من دون إرادتك لا يخلصّك إلاّ بملء إرادتك. آمين.
 
قديم 18 - 08 - 2014, 05:10 PM   رقم المشاركة : ( 5294 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الله يكرم رجاله
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


أحياناً يريد الإنسان أن يخفى
فضائله فتكون النتيجة أنها تنكشف بأكثر قوة. يُحكى أن أحد الآباء الرهبان
كانت له موهبة شفاء الأمراض وإخراج الشياطين، فحينما كانوا يطلبون منه
الصلاة لأجل مريض ليشفى كان يرفض ذلك، لأنه لم يكن يرد أن أحداً يعرفه. لو
عرف أن من يطلب منه الصلاة لأجله هو إنسان مريض كان يرفض الصلاة عليه لئلا
يشفى المريض ويقول الناس عنه أنه قديس. ففي إحدى المرات كان لرجل ابنة بها
روح شرير وحاولوا إخراجه بطرق كثيرة لكنها فشلت جميعها، فقيل له لن يستطيع
أحد أن يخرج هذا الروح الشرير من ابنتك سوى هذا الراهب، لكنك إن طلبت إليه
سوف يرفض ذلك. ثم نصحوه أن يطلب شراء عمل يدي هذا الأب الذي كان ينزل كل
أسبوع إلى القرية ليبيعه. وقالوا له حينما يدخل بيتك سيباركه وقد تستطيع
أن تطلب منه حينئذ أن يصلي على ابنتك دون أن تعلمه أن بها شيطان وسيشفيها
الله بصلواته. فعمل الرجل هكذا وصعد إلى سطح المنزل ونادى على الأب الراهب
وطلب إلى الأب الراهب أن يدخل إلى بيته، وما أن دخل الراهب إلى البيت حتى
صفعته الابنة التي بها الروح الشرير صفعة شديدة على خده. فما كان منه إلا
أن حوَّل لها الخد الآخر. وفى هذه اللحظة صرخ الشيطان قال له [أحرقتني
باتضاعك وبتنفيذ وصية إلهك]. وخرج الروح الشرير، فعلم الجميع أن هذا
الراهب استطاع أن يخرج الشيطان بقوة الاتضاع، بدون صلاة خاصة بإخراج
الشيطان، وهو لم يكن يعلم شيئاً عن الأمر. وهكذا كلما حاول الإنسان أن
يهرب من الكرامة فإنها تلاحقه لأن الله يريد أن يكرّمه

قال السيد المسيح "إن كان أحد يخدمني يكرمه الآب" (يو12: 26)0

وكرامة الله تختلف عن كرامة أهل العالم. رجال الله يكرمهم الله بأشياء ليس في قدرة البشر أن يعملوها
 
قديم 18 - 08 - 2014, 05:11 PM   رقم المشاركة : ( 5295 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

كلمات قوية
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


يقول الله عن صموئيل النبي "كان
الرب معه ولم يدع شيئاً من جميع كلامه يسقط إلى الأرض" (1صم3: 19).
فالكلمة التي كان صموئيل النبي يقولها لم يكن ممكناً أن تسقط حتى إذا
قالها وهو لا يقصد

الناس الذين من هذا النوع يخافون
من الكلام لأنهم يعلمون أن أية كلمة يلفظونها سوف ينفِّذها الله على
الفور. لذلك كان أولئك الناس قليلي الكلام. وكلمة واحدة من كلامهم، كانت
تساوى عشرات الآلاف من الكلمات. وينطبق على كلامهم قول الكتاب "تفاح من
ذهب في مصوغ من فضة كلمة مقولة في محلها" (أم25: 11).. فليس بكثرة الكلام
يعمل الله عمله

هناك إنسان حينما يتكلّم ينطق
فمه بالحكمة وبكلام الله وينطبق عليه قول السيد المسيح في سفر النشيد
"شفتاك يا عروس تقطران شهداً" (نش4: 11)

لماذا تقطر هذه الشفاه شهداً
بمجرد أن تنفتح؟!.. تقطر شهداً لأن الله يتكلّم عن لسانه فيكون لكلامه
تأثير في حياة الناس ويستطيع أن يغيِّر حياة الكثيرين بكلمة من كلامه

في أثناء مرور السيد المسيح وجد
لاوي (متى الإنجيلي) جالساً عند مكان الجباية، وقد كان عشاراً منهمكاً كل
حياته في المال والخطية، "فقال له اتبعني" (لو5: 27). قال هذه الكلمة
الواحدة فقط، ويقول الكتاب: "فترك كل شئ وقام وتبعه" (لو5: 28). وآخر
يتكلم لسنوات طويلة وكلامه ليس له أي تأثير. الكلام الذي يصدر من فم الله
ويُمسح بالروح القدس يستطيع أن يغِّير قلوب السامعين
 
قديم 18 - 08 - 2014, 05:12 PM   رقم المشاركة : ( 5296 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

لماذا الاتضاع

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الكبرياء هي السبب الأصلي
للخطية. حينما أراد الشيطان أن يصير مثل الله كما هو مكتوب عنه "وأنت قلت
في قلبك أصعد إلى السماوات أرفع كرسيّ فوق كواكب الله وأجلس على جبل
الاجتماع في أقاصي الشمال. أصعد فوق مرتفعات السحاب. أصير مثل العليّ"
(أش14: 13-14). حينما ارتفع قلب الشيطان بالكبرياء سقط من رتبته. وهكذا
أيضاً آدم وحواء حينما أرادا أن يصيرا مثل الله طُردا من الفردوس

قال الشيطان لحواء "لن تموتا"
(تك3: 4) إذا أكلتما من الشجرة إنما "تكونان كالله عارفين الخير والشر"
(تك3: 5). فلما ارتفع قلباهما وأرادا أن يصيرا مثل الله سقطا. هكذا "يقاوم
الله المستكبرين وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (يع4: 6). وهذا ما قالته
السيدة العذراء فى تسبحتها "أنزل الأعزاء عن الكراسيّ ورفع المتضعين. أشبع
الجياع خيرات وصرف الأغنياء فارغين" (لو1: 52-53)

المياه حينما تتحرك تتجه دائماً
إلى أسفل، ولا تتجه أبداً إلى أعلى. جريان الماء دائماً يتجه من العالي
إلى المنخفض. فالأنهار تنحدر إلى أسفل

إذا أردت أن تشرب من صهريج يجب
عليك أن تنزل تحته فتأخذ مياهاً بقوة وغزارة، أما إذا صعدت فوقه فلن يصل
إليك تيار الماء. هكذا فإنك إذا أردت أن ترتفع لن تصل إليك مياه النعمة
الإلهية. إذا أردت أن تتدفق نعمة الله في قلبك يجب عليك أن تتواضع، لأن
الكتاب يقول "تواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه" (1بط5: 6)0
 
قديم 18 - 08 - 2014, 05:15 PM   رقم المشاركة : ( 5297 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أنت تراب


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


السيد المسيح وهو الكائن في حضن
الآب منذ الأزل "أخلى نفس آخذاً صورة عبد.. وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع
نفسه وأطاع حتى الموت" (في 2: 7-8). فالسيد المسيح وهو ابن الله الذي هو
في مجد أبيه منذ الأزل أخلى نفسه من المجد.. وحينما صار إنساناً تواضع
وأطاع حتى الموت

لكن الإنسان ماذا كان؟.. كان
مجرد حفنة من التراب لذلك قال الله لآدم عن الأرض "شوكاً وحسكاً تنبت لك..
بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التى اُخذت منها لأنك تراب وإلى
تراب تعود" (تك3: 18-19). الإنسان هو حفنة من التراب: أين الكرامة
والعظمة، أين الجاه والملابس الفخمة؟ اعمل ما تشاء في النهاية سوف تصير
حفنة من التراب "لأنك تراب وإلى تراب تعود"

إذا عرفت "أنك تراب وإلى تراب
تعود"، أي إذا عرفت حقيقة نفسك، حينئذ تنال الكرامة التي يعطيها الله لك
وليست الكرامة التي تغتصبها. إذا كنت تريد الكرامة سوف يعطيك الله
الكرامة. فليست الكرامة بكسر الوصية يا آدم، وقد أوصاك الله "أنك يوم تأكل
منها موتاً تموت" (تك2: 17). هل تريد أن تصير إلهاً؟ ها قد صرت حفنة من
التراب يأكلك الدود، وصرت هزءاً للذباب الأزرق وللحشرات الآكلة، تهزأ بك
الطبيعة وتتسلى بك الحشرات. ولم يتوقف الأمر على ما حدث للجسد، وإنما
الروح أيضاً ساقها الشيطان لسوق العبيد مغللة بالسلاسل الروحية إلى بيت
السجن في الظلمة هناك في الجحيم. ها قد فقدت مجدك وبهاءك وسعادتك. هذه
نتيجة السعي وراء العظمة والكرامة الزائفة بدافع من الكبرياء
 
قديم 18 - 08 - 2014, 05:16 PM   رقم المشاركة : ( 5298 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الاتضاع هو بداية الطريق

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


بداية المسيرة هي أن تعرف أنك
تراب. متى بلغت في نظر نفسك أنك لا تزيد عن كونك مجرد حفنة تراب، سوف ينفخ
الله حينئذ في أنفك نسمة حياة فتصير نفساً حية

إذا أردت أن تعيش مرة أخرى يجب
أن تصير حفنة تراب. لن تدب الحياة فيك من جديد، ولن تخلق خلقة جديدة، إلا
إذا صرت في نظر نفسك مجرد حفنة من التراب. فالكتاب يقول "إن كان أحد في
المسيح فهو خليقة جديدة" (2كو5: 17)

لذلك عندما خلق السيد المسيح
عينين للأعمى أخذ حفنة من تراب الأرض، "وتفل على الأرض وصنع من التفل
طيناً وطلى بالطين عيني الأعمى. وقال له اذهب اغتسل فى بركة سلوام.. فمضى
واغتسل وأتى بصيراً" (يو9: 6-7). وهذا ما كان الرب يريده: أن تبدأ القصة
من التراب، ثم تذهب إلى المعمودية. لذلك رتبت الكنيسة أن يُقرأ إنجيل
المولود أعمى يوم أحد التناصير، لأن الخليقة الجديدة تبدأ فى المعمودية،
وفي إنجيل المولود أعمى نرى كيف صارت الخليقة الجديدة.. كيف صنع الرب
عينين للمولود أعمى
 
قديم 18 - 08 - 2014, 05:17 PM   رقم المشاركة : ( 5299 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مبدأ الدفن في الطريق الروحي
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


المعمودية هي دفن. وفى المعمودية
نحن نقبل أن تُدفن أنفسنا: "فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم
المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضاً في جدة الحياة" (رو6:
4)، حيث الخليقة الجديدة

فى المعمودية يُدفن إنساننا
العتيق "عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صُلب معه" (رو6: 6)، نموت عن
الخطايا السالفة قابلين الموت بإرادتنا "احسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية"
(رو6: 11)0

معنى المعمودية هي أننا نُعلن
أننا نستحق الموت والدفن.. وأنا أُدفن "لأن لي الحياة هي المسيح" (فى1:
21). ولأن حكم الموت علىَّ. في ذلك قال القديس بولس الرسول بلسان الإنسان
العتيق السابق للمعمودية "ويحي أنا الإنسان الشقي. من ينقذني من جسد هذا
الموت" (رو7: 24). هذا الجسد الذي يتبهرج ويكتسي ويشتهي ويتعظَّم يقول عنه
القديس بولس الرسول إنه جسد الموت. فإذا قبلنا الصليب والموت؛ ينطبق علينا
قول بولس الرسول "أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ" (غل2: 20). هناك تكون
نقطة البداية في الحياة مع الله

الصليب هو البداية "مع المسيح
صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ" (غل2: 20). هذه الذات -التي حاولت
أن تتأله وتغتصب الألوهة- لابد لها أن تتحطم على صخرة المسيح. "يا بنت
بابل الشقية طوبى لمن يكافئك مكافئتك التي جازيتنا. طوبى لمن يمسك أطفالك
ويضرب بهم الصخرة" (مز137: 8-9). بعد المعمودية "أحيا لا أنا بل المسيح
يحيا فىَّ".. أنا ما أنا.. أنا إنسان جديد لأن المفروض أن الإنسان العتيق
انتهى. "احسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية" (رو6: 11). "أفآخذ أعضاء المسيح
وأجعلها أعضاء زانية؟ حاشا" (1كو6: 15)0
 
قديم 18 - 08 - 2014, 05:18 PM   رقم المشاركة : ( 5300 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

النصرة بالاتضاع

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


الإنسان المتواضع هو الذى يغلب الشيطان بتواضعه

فالاتضاع والانتصار على الخطية
هما جناحان لمعادلة واحدة: لأن الإنسان لن يستطيع أن يغلب الشيطان إلا
بالتواضع لذلك فإن القديس مكاريوس الكبير حينما ظهر له الشيطان وقال له:
ويلاه منك يا مقارة؛ أنت تصوم أما نحن فلا نأكل وأنت تسهر وأما نحن فلا
ننام، لكن بشئ واحد تغلبنا. فلما سأله القديس عن هذا الشئ قال له: باتضاعك تغلبنا. هذا هو السلاح الذي نغلب به الشيطان

وهذا الشيطان لا يأخذ هدنة فهو
خدَّاع ومكَّار، فهولم يترك القديس مكاريوس بعد أن قال له أنك غلبتني.
وكان القديس يعلم أن الشيطان بذلك يدبِّر له مؤامرة جديدة، لكنه علم أن
الانتصار على الشيطان هو دائماً بمزيد من الاتضاع. وحتى حينما تمّم القديس
مكاريوس جهاده بسلام وكانت روحه في طريق دخولها إلى الفردوس. ففي طريق
إنطلاقها إلى السماء قال له الشيطان [طوباك يا مقاره فقد غلبت] قال له:
[لا يمكن تغويني بكلماتك المعسولة إلى أن أصل إلى داخل الفردوس]. كان يعلم
أنه لن يحتمي إلا في أحضان السيد المسيح، في حضن ذاك الذي غلب الشيطان
وسحق سلطانه
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 05:19 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024