منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21 - 05 - 2020, 08:43 PM   رقم المشاركة : ( 41 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,059

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس

ب – قمة الديانة الباطنية

نرى إلى جانب التصور الجامع الشرعي الوارد في سفر اللاويين، يُقدم لنا الكتاب المقدس تصوراً جامعاً آخر، يتميز بالقوة الفعالة لأنه متجسد في شخص. فأن عبد الله بحسب إشعياء 53، سيجعل من موته تقدمة لذبيحة تكفير أبدي أزلي، وأن التصريح النبوي يُسجل تقدُّماً ملحوظاً بالنسبة للمفاهيم الواردة في لاويين 16.
وكبش الفداء في يوم التكفير العظيم الذي يُقدَّم بيد مُقدِّمه وليس باختياره لأنه غير عاقل، كان يحمل وزر خطايا الشعب. إلا أنه بالرغم من رتبة وضع الأيدي، أي وضع يد الخطاة عليه، لم يكن قادر أن يجعل المقدم والذبيحة واحد - على مستوى الشركة كواقع فعلي - حتى يصير ذات فاعليه داخلية وقوة تطهير دائم، فالتعليم بالإنابة في القصاص لم يكن على صله بهذه الليتورجيا:
+ [ لأنه إن كان دم ثيران و تيوس ورماد عجلة مرشوش على المنجسين يقدس إلى طهارة الجسد ] [1]
+ [ لأنه لا يمكن (مستحيل) أن دم ثيران و تيوس يرفع خطايا ] [2]

وأما العبد (( أي الله الكلمة الذي أخلى نفسه آخذاً شكل العبد، الله الظاهر في الجسد)) بالعكس، فأنه أصبح بسبب التجسد هو الكاهن والذبيحة ومقدمها في آنٍ واحد، فأنه يُسلَّم نفسه طواعية باختياره الحرّ، لأجل الخطاة بتقدمة ذاته الخالية من أي شبه عيب، حاملاً البشرية كلها فيه، وهي تعود بالفائدة على [كثيرين] بحسب تدبير الله وخطته الموضوعة للخلاص الأبدي. وهنا تلتقي أقصى الباطنية مع أقصى العطاء وأقصى الفاعلية:

+ من الضغطة ومن الدينونة أُخذ وفي جيله من كان يظن انه قُطع من أرض الأحياء، أنه ضُرِبَ من أجل ذنب شعبي.. من تعب نفسه يرى ويشبع، وعبدي البار بمعرفته يبرر كثيرين، وآثامهم هو يحملها، لذلك أقسم له بين الأعزاء، ومع العظماء يقسم غنيمة، من أجل أنه سكب للموت نفسه (بحريته وإرادته) وأحصي مع آثمة، وهو حمل خطية كثيرين، وشفع في المذنبين. [3]
=========================
[1] (عبرانيين 9: 13)
[2] (عبرانيين 10: 4)
[3] (إشعياء 53)
  رد مع اقتباس
قديم 21 - 05 - 2020, 08:44 PM   رقم المشاركة : ( 42 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,059

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس

ثانياً العهــــــــــــدالجديد
(1) استمرار وتفوق
نجد في العهد الجديد استمرار وتفوق من ناحية الكمال،
فعوض ما كانت تمثله الذبيحة كرمز، أصبحت تنطبق على المرموز إليه تمام الانطباق بل وتتفوق عليها جداً، لأنها تحققت في كمال اتساعها وحققت وحدتها بعد ما كانت منفصلة غير متصلة، إذ كانت كل ذبيحة منفردة ومرتبطة بأخرى ولكنها لم تكن واحدة في تقديمها، وعموماُ – كما أوضحنا في العهد القديم – نجد أن شخص ربنا يسوع يرجع إلى الفكرة النبوية عن أولوية النفس على الطقس بالرغم من أهميته كما ذكرنا سابقاً: [فأن قدمت قربانك إلى المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئاً عليك فاترك هُناك قُربانك قُدام المذبح واذهب أولاً اصطلح مع أخيك وحينئذٍ تعالى وقدم قُربانك] [1]
ويتضح هذا ويظهر بقوة بالنسبة لعلاقتنا معه وبالتالي مع القريب: [ومحبته (الله) من كل القلب ومن كل الفهم ومن كل النفس ومن كل القدرة، ومحبة القريب كالنفس هي أفضل من جميع المحرقات والذبائح] [2]
وبرجوعه للمفهوم الباطني الذي شُرح في العهد القديم لتوضيح الديانة الباطنية من القلب، يعدّ الأذهان لتفهم معنى ذبيحته الخاصة أي ذبيحة نفسه التي تفوقت على ذبائح العهد القديم كلها.
فنجد أنه من عهد لعهد يقوم استمرار وتفوق، فالاستمرار يبدو في انطباق عناصر الذبيحة – في العهد القديم – على موت المسيح له المجد في العهد الجديد، والتفوق يظهر بفضل طابع الأصالة المطلقة في تقدمة يسوع المسيح الله اللوغوس المتجسد:
+ [الذي هو رمز للوقت الحاضر الذي فيه تُقدَّم قرابين وذبائح لا يُمكن (مستحيل) من جهة الضمير أن تُكمل الذي يخدم (تجعله كامل)] [3]؛ [وليس بـدم تيوس وعجـول بل بـدم نفســه دخل مـــرة واحــدة إلى الأقداس فوجــد فـــداءً أبديـــاً][4]؛ [لأنه لا يمكن (مستحيل) أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا] [5]؛ [لأنه أن كان دم ثيران وتيوس ورماد عجلة مرشوش على المنجسين يقدس إلى طهارة الجسد، فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح أزلي قدم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي] [6]
والواقع أن هذا التفوق والتميز يُدخل في العالم حقيقة جديدة في ملئ جوهرها وطبعها الإلهي، وهي حقيقة الفداء والخلاص الأبدي الذي صُنع بدم عهداً جديداً، دم ابن الله الذي يطهر النفس والضمير والقلب، طُهراً كاملاً أبدياً يفوق كل حدود إمكانيات البشر وفكرهم الخاص: [في تقديـــس الــروح للطاعـــة ورش دم يســـوع المسيـــح لتكثـــر لكم النعمـــة والسلام] [7]؛ [ فإذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع ] [8]؛ [أن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية ] [9]
=========================
  رد مع اقتباس
قديم 21 - 05 - 2020, 08:44 PM   رقم المشاركة : ( 43 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,059

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس


(2) معنى الذبيحة
على ضوء دراستنا في العهد القديم، نستطيع أن نتعرف على معنى الذبيحة، فالسبب الرئيسي لتقديم ذبيحة هو التقديس، فأولاً تُفرز الذبيحة، أي يتم انتقائها بدقة وتدقيق شديد بحيث تكون بلا عيب، ثم يتم وقفها على الله وحده، أي تكريسها وتخصيصها لغرض تقديمها لله القدوس الحي، ومن هنا تأتي صفة التكريس، تكريس أي تخصيص الشخص أو الشيء للرب، أي لتقريبه للرب، أو استخدامه لأغراض مقدسة، بمعنى إعطاء شيء أو شخص وضعاً مقدساً، أي أن يجعله مُقدساً، والمعنى أن يكون الشخص أو الشيء مفرزاً ليكون وقفاً على الله وحده، بمعنى استبعاده من حالة الاستخدام العادية أو الاستعمال الطبيعي ليُقدَّم لله الفائق النقاوة.

+ [وكلم الرب موسى قائلاً: وأنت تأخذ لك أفخر الأطياب، مُراً قاطراً خمس مئة شاقل، وقرفة عطرة نصف ذلك مئتين وخمسين، وقصب الذريرة مئتين وخمسين. وسليخة خمس مئة بشاقل القدس، ومن زيت الزيتون هينا. وتصنعه دهناً مُقدساً للمسحة، عطر عطارة صنعة العطار دهناً مقدساً للمسحة يكون. وتمسح به خيمة الاجتماع وتابوت الشهادة. والمائدة وكل آنيتها والمنارة وآنيتها ومذبح البخور. ومذبح المحرقة وكل آنيته والمرحضة وقاعدتها. وتُقدسها فتكون قُدس أقداس كل ما مسها يكون مقدساً. وتمسح هرون وبنيه وتُقدسهم ليكهنوا لي. وتكلم بني إسرائيل قائلاً: يكون هذا لي دهناً مُقدساً للمسحة في أجيالكم. على جسد إنسان لا يُسكب وعلى مقاديره لا تصنعوا مثله، مقدس هو ويكون مقدساً عندكم. كل من ركب مثله ومن جعل منه على أجنبي يُقطع من شعبه] [10]

عموماً كان التركيز الأساسي في الذبيحة على التقديس والتكريس للرب (تقدسوا، كونوا قديسين): [إني أنا الرب إلهكم فتتقدسون وتكونون قديسين لأني أنا قدوس، ولا تنجسوا أنفسكم بدبيب يدب على الأرض، إني أنا الرب الذي أصعدكم من أرض مصر ليكون لكم إلهاً فتكونون قديسين لأني أنا قدوس] [11]
وذلك – بالطبع – لكي يكون شعب إسرائيل شعب مُفرز ومخصص للرب وحده من بين جميع الشعوب، متطهراً من الخطية والإثم وكل طمع، لكي يدخل في شركة مقدسة خاصة مع الله، متوسطاً ما بين الشعوب كلها والله الحي، أي بصفته وسيط يعلن مجد الله الحقيقي الحي الواحد:

· [وقال يشوع للشعب تقدسوا لأن الرب يعمل غداً في وسطكم عجائب [12]؛ قم قدس الشعب وقل تقدسوا للغد لأنه هكذا قال الرب إله إسرائيل في وسطك حرام يا إسرائيل فلا تتمكن للثبوت أمام أعدائك حتى تنزعوا الحرام من وسطكم [13]؛ فقال سلام قد جئت لأذبح للرب، تقدسوا وتعالوا معي إلى الذبيحة وقدس يسى وبنيه ودعاهم إلى الذبيحة] [14]
================================
  رد مع اقتباس
قديم 21 - 05 - 2020, 08:44 PM   رقم المشاركة : ( 44 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,059

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس

عموماً مُلَّخص معنى الذبائح كالآتي (كما جاء في القاموس اللاهوتي الألماني لكيتل):
v الذبيحة هي استحداث وَضع، من خلاله يُمكن أن يُستعلن الله نفسه بقصد تنظيم علاقة بينه وبين شعبه. فبواسطة نظام الذبائح – في العهد القديم – أراد الله أن يكون له علاقة وتعامل شخصي مع شعبه. وأول مثل لذلك – كما رأينا سابقاً – ما جاء في بداية تعامل الله مع إبراهيم أب الآباء: [فآمن بالرب فحسبه له براً. وقال له أنا الرب أخرجك من أور الكلدانيين ليعطيك هذه الأرض لترثها. فقال أيها السيد الرب بماذا أعلم أني أرثها. فقال له خُذ لي عجلة ثلاثية وعنزة ثلاثية وكبشاً ثلاثياً ويمامة وحمامه. فأخذ هذه كلها وشقها من الوسط وجعل شق كل واحد مقابل صاحبه.. ولما صارت الشمس إلى المغيب وقع على إبرام ثبات وإذا رعبه مظلمة عظيمة واقعة عليه.. في ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام ميثاقاً] [15]

كذلك حينما أراد الله أن يُجرب إبراهيم في محبته وطاعته لله أكثر من كل شيء آخر طلب منه أن يقدم ابنه وحيده الذي يحبه وقبل فيه المواعيد ذبيحة، فأطاع ولم يتردد، ومنعه الله في آخر لحظة والسكين على رقبة ابنه، وأعدَّ له كبشاً للذبيحة عوضاً عن ابنه.
وفي هذا كان الله يُعبَّر أعظم تعبير – من خلال ابراهيم – عن أن الذبيحة لله هي في عينيه أقوى تعبير عن الحب والطاعة اللذين ارتبط بهما الإنسان بالله، ورد فعل الذبيحة بهذا الشكل هو رد الله على إبراهيم بعد تقديم ابنه بمحبة لله وطاعة منقطعة النظير:
+ [بذاتي أقسمت يقول الرب، إني من أجل أنك فعلت هذا الأمر ولم تُمسك ابنك وحيدك أباركك مباركة.. ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض] [16]
وإذا أضفنا على شكل هذه الذبيحة الأشكال الأخرى التي وردت في الناموس، نستطيع القول إن الذبيحة دائماً ما تُعبَّر عن حضور الله ومعه نعمته وبره.

وإذا كان الأنبياء في أواخر الأيام – في العهد القديم – بدئوا يعلنون رفض الله لذبائح شعب إسرائيل، وكذلك المزامير – كما رأينا وشرحنا سابقاً – فلم تكن المعارضة على الذبائح في حد ذاتها، ولا حتى على الطقس بكل ما جاء فيه، ولكن لأن الشعب بكهنته أهملوا القصد الأساسي من الذبائح التي قامت عليه روحياً، وهو الوجود في حضرة الله لتكوين علاقة روحية حقيقية تنمو مع الأيام، مع التواضع والتقوى والإيمان والمحبة التي هي روح الطقس الذبائحي ومحوره كله، والتي كانت هي – بحد ذاتها – الذبائح الحقيقية. وهكذا حلَّت التقدمات المادية والشكلية عوض العلاقة الشخصية الروحية والتسبيح والشكر للخلاص في حضرة الله بالقداسة. وهذا كان بالنص، محور تبكيت الأنبياء والمزامير:
+ أسمـــع يا شعبي فأتكلم يا إسرائيل فأشهد عليك. الله إلهك أنا (إني أنا الله إلهك)، لا على ذبائحـك أوبخـك، فأن محرقاتك هي دائمــاً قدامي.. هل آكل لحـــم الثيـــران أو أشـــرب دم التيوس؛ أذبـــــح لله حمـــداً وأوفِ العلي نذورك، وادعني في يوم الضيق أُنقـــذك فتُمجدني [17]؛ إني أُريد رحمة لا ذبيحة، ومعرفة الله أكثر من محرقات (وهو تحول باطني صادق = ذبيحة حقيقية مقبولة وليس أدق من موقف أب الآباء إبراهيم للتعبير عنها)] [18]؛ بذبيحة وتقدمة لم تُسرّ (لم تشأ)، أُذنيَّ فتحت، محرقة وذبيحة خطية لم تطلب. حينئذٍ قلت هانذا جئت بدرج الكتاب مكتوب عني. أن أفعل مشيئتك يا إلهي سُررت (أعمل بمشيئتك يا الله، شريعتك في صميم أحشائي)] [19]

عموماً طلب الله للعلاقة الروحية والحياة حسب الوصية بتقوى ومحبة كاملة له لم يكن يتعارض مع الذبائح. ولكن بسبب التوقف عن القصد الأساسي من هذه الذبائح رفضها الله تماماً، لأن الله لا يرضى بشكل أو مظهر خارجي، لأنه لا يتعامل مع المرائي أو من له صورة التقوى وينكر قوتها:
+ [ومتى صليت فلا تكن كالمرائين فإنهم يحبون أن يُصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس، الحق أقول لكم أنهم قد استوفوا أجرهم] [20]
+ [يعترفون بأنهم يعرفون الله ولكنهم بالأعمال ينكرونه إذ هم رجسون غير طائعين ومن جهة كل عمل صالح مرفوضون] [21]
+ [واكتب إلى ملاك الكنيسة التي في ساردس هذا يقوله الذي له سبعة (الكمال) أرواح الله والسبعة الكواكب أنا عارف أعمالك أن لك اسماً إنك حي وأنت ميت] [22]
=====================
[1] (متى 5: 23 – 24)
[2] (مرقس 12: 13)
[3] (عبرانيين 9: 9)
[4] (عبرانيين 9: 12)
[5] (عبرانيين 10: 4)
[6] (عبرانيين 9: 13و 14)
[7] (1بطرس 1: 2)
[8] (عبرانيين 10: 19)
[9] (1يوحنا 1: 7)
[10] (خروج 30: 22 – 33)
[11] (لاويين 11: 44و 45)
[12] (يشوع 3: 5)
[13] (يشوع 7: 13)
[14] (1صموئيل 16: 5)
[15] (تكوين 15: 6 – 10 و12 و18)
[16] (تكوين 22: 16 – 18)
[17] (أنظر مزمور 50: 7 و15)
[18] (هوشع 6: 6)
[19] (مزمور 40: 6 – 8)
[20] (متى 6: 5)
[21] (تيطس 1: 16)
[22] (رؤيا 3: 1)
  رد مع اقتباس
قديم 21 - 05 - 2020, 08:45 PM   رقم المشاركة : ( 45 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,059

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس

(3) يسوع يقدم نفسه ذبيحـــــــــة
===================
أ - تمهيــــــــد
نجد في العهد الجديد أن يسوع عندما كان يُنبئ عن آلامه، يستخدم نفس ذات الكلمات والألفاظ التي كانت تتميز بها ذبيحة التكفيرية التي ذُكرت في سفر أشعياء النبي:
+ إنه يأتي "ليخدم" خ´خ¹خ±خ؛خ؟خ½خ·خ¸خ·خ½خ±خ¹ - to serve
+ "يبذل حياته – يبذل نفسه – يعطي حياته"خ´خ؟خ½خ±خ¹ د„خ®خ½ دˆد…د‡خ®خ½ – to give life
+ ويموت " فداءً " خ»دچد„دپخ؟خ½ – ransom/atonement عن كثيرين (يفتدي أسير أو يحرر أسير – يكفر بالآلام حتى الموت)
+ لأن ابن الإنسان أيضاً لم يأتِ ليُخدَّم، بل ليخدِّم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين [1]
+ لأني أقول لكم إنه ينبغي (يجب – يتحتم) أن يتم فيَّ أيضاً المكتوب وأُحصيَّ مع أثمه [2]
+ وأما الرب فسُرَّ بأن يسحقه بالحزن. إن جعل نفسه ذبيحة إثم.. من تعب نفسه يرى ويشبع، وعبدي البار بمعرفته يُبرر كثيرين، وآثامهم هو يحملها لذلك أقسم له بين الأعزاء.. من أجل أنه سكب للموت نفسه (بذل نفسه) وأُحصيَّ مع أثمه، وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين [3]
وفضلاً عن ذلك ففي العشاء الفصحي الأخير، يؤكد الرب يسوع المسيح على وجود علاقة مقصودة ومحدده بين موته وذبيحة الحمل الفصحي. ولنتتبع قول الرب في الأناجيل ونلاحظ ما قيل بترتيب عجيب مُذهل في الأناجيل:
· 1 – وكان فصح اليهود قريباً فصعد كثيرين من الكور إلى أورشليم قبل الفصح ليطهروا أنفسهم فكانوا يطلبون يسوع ويقولون فيما بينهم وهم واقفون في الهيكل ماذا تظنون هل هو لا يأتي إلى العيد وكان أيضاً رؤساء الكهنة والفريسيون قد أصدروا أمراً إن عرف أحد أين هو فليدل عليه لكي يمسكوه. [4]
· 2 – ثم قبل الفصح بستة أيام أتى يسوع إلى بيت عنيا حيث كان لعازر الميت الذي أقامه من الأموات فصنعوا له هناك عشاء. [5]
· 3 – تعلمون أنهُ بعد يومين يكون الفصح وابن الإنسان يُسّلَّم ليُصلب (صيغة مبني للمجهول، الآب يُسَلَّم، والابن يُسلَّم ذاته بإرادته وسلطانه). [6]
· 4 – وأما يسوع قبل عيد الفصح (الفصح يعني العبور، وهنا الإشارة إلى عبور المسيح الموت، وهذا هو الفصح الحقيقي، أي الانتقال من الوضع الحاضر إلى المشاركة في مجد الآب بالبشرية التي اتحد بها في سر تجسده) وهو عالم أن ساعته قد جاءت ((يعي الرب وعياً تاماً بمجيء ساعته وأهمية الأحداث التي ابتدأت ويستقبلها بملء حريته وإرادته)) لينتقل من هذا العالم إلى الآب إذ كان قد أحب خاصته الذين في العالم أحبهم إلى المنتهى[7]
وأخيراً يرجع صراحة إلى خروج 34: 8، مبيناً الصورة التي استخدمها موسى (دم العهد):
· وأخذ موسى الدم ورش على الشعب وقال: هوذا دم العهد דض·×‌ض¾×”ض·×‘ض¼ض°×¨ض´×ھ الذي قطعه الرب معكم على هذه الأقوال. [8]؛ وقال لهم يسوع: هذا هو دمي الذي للعهد covenant الجديد خ±ل¼·خ¼خ¬ خ¼خ؟د… د„ل؟†د‚ خ´خ¹خ±خ¸خ®خ؛د‚ الذي يُسفك من أجل كثيرين. [9]

على أن الإشارة هنا إلى الحمل الذي يُخلّص بدمه الشعب، وإلى ضحايا سيناء التي تُثبت العهد القديم، وإلى موت العبد التكفيري، وهي إشارة تؤكد بوضوح طابع الذبيحة في موت الرب يسوع: فهذا الموت الذي يموته المسيح الرب ليس كذبائح العهد القديم تُفيد مُقدِّمها إلى طهارة الجسد وتعجز عن تطهير الضمير وتغيير القلب من الداخل، بل موته يُفيد الجميع فعلاً وعملاً على مستوى واقعي مُعاش، إذ يُعطي غفران الخطايا ويغسل الضمير من الداخل، فبذبيحته يكرس العهد النهائي لشعباً جديداً مولود من الله، وموته – لكل من يؤمن – يصبح ينبوعاً للحياة الأبدية.

أما الإفخارستيا التي أُسست لتجعل قربان الصليب الواحد حاضراً كذكرىخ¬خ½خ¬خ¼خ½خ·دƒخ¹د‚ anamnesis [10] في إطار مائدة مقدسة، فهي تربط الطقس المسيحي الجديد بذبائح وحدة الاتحاد القديمة والتي كانت تحمل في طياتها رمز الذبيحة الجديدة والنهائية:
+ [وتأخذ دقيقاً وتخبزه أثني عشر قُرصاً عُشرين يكون القرص الواحد، وتجعلها صفين، كل صف ستة على المائدة الطاهرة أمام الرب، وتجعل على كل صف لُباناً نقياً فيكون للخبز تذكاراً وقوداً للرب] [11]

وعلى هذا النحو فإن تقدمة يسوع المسيح في واقع تقديمها اللاهوتي الذبائحي وتعبيرها السري، توجز وتُتمم تدبير الذبائح كلها معاً في العهد القديم: وذلك بصفتها ذبيحة واحدة كاملة مُقدَّمة في وقتٍ واحد، ليست منفصلة أو متصلة، لأن المسيح الرب الواحد الذي هو الكاهن والمذبح والذبيحة معاً قدَّم نفسه بالتمام ليصير ذبيحة أبدية وهي في ذات الوقت صارت – بسبب طبيعته – أزلية، وهذا ما سوف نوضحه بأكثر تفصيل فيما بعد، لأن الذبيحة هنا تتفوق على العهد القديم بكل رموزه التي هي ظل باهت ضعيف للغاية للحقيقة المسيانية التي تمت في ملء الزمان كالتدبير.

ويلزمنا أن نفهم – بشكل مُحدد – معنى المحرقة والفرق بين التقدمة والذبيحة كالآتي:
  رد مع اقتباس
قديم 21 - 05 - 2020, 08:45 PM   رقم المشاركة : ( 46 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,059

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس


+ معنى المحرقة ل½پخ»خ؟خ؛خ±دچد„د‰خ¼خ±
Holocaust – a whole burnt-offering
وهي تقدمة (قربان = ذبيحة) صحيحة وسليمة لا عيب فيها، غير مكسورة أو مقسومة، تُقدَّم لتُحرق بالتمام، أي بتمامها وكاملها (وسوف نشرحها بالتفصيل الشديد حينما نتكلم عن ذبيحة المحرقة وطقس وسبب تقديمها)
+ الفرق بين التقدمة د€دپخ؟دƒخ¦خ؟دپخ¬ ؛ الذبيحة خ¸دچدƒخ¹خ±
الذبيحة = فعل التقدمة مضافاً إليه عنصر الألم حتى الموت.
+ فالتقدمة تتم أولاً بالفرز والتخصيص، لأن الرب يسوع قدَّم نفسه أولاً بحريته وإرادته وسلطانه وحده كحمل طائع مشيئة الآب، ثم تُرفع كذبيحة أمام الله، وهذا ورد في التقليد الليتورچي الكنسي القديم، فأن القداس الإلهي يبدأ بتقديم الحمل، وهذا هو عمل ليتورچي قائم بذاته كفعل تقدمة مُقربة للآب بالطاعة وهذا يعبر عنه بمجيء المسيح الذي جاء في الجسد، ثم يليه قداس تقدمة المسيح كذبيحة، لأنه تجسد أولاً وعاش بيننا ثم قدَّم نفسه للموت، أي أن التقدمة قُدمت أولاً مُفرزة مُكرسه مُعينة من الله لتصل إلى الطاعة حتى الموت كذبيحة حمل رافع خطية العالم.
+ ففي تقديم الحمل يُقدَّم مُهيأ للذبيحة خ¸دچدƒخ¹خ±، وفي القداس الإلهي ندخل في سرّ الحمل المذبوح[12]، وتُرفع الذبيحة بالتقدمة د€دپخ؟دƒخ¦خ؟دپخ¬
=================
[1] (مرقس 10: 45)
[2] (لوقا 22: 37)
[3] (إشعياء 53: 10 – 12)
[4] (يوحنا 11: 55 – 57)
[5] (يوحنا 12: 1و2)
[6] (متى 26: 2)
[7] (يوحنا 13: 1)
[8] (خروج 24: 8)
[9] (مرقس 14: 24)
[10] هذه الكلمة ليست بالمعنى الدارج المشهور للجميع، مجرد ذكرى، ولكنها في الترجمة الأصلية تُستخدم في الأعمال التي تخص الله، وتُعَّبر عن حدوث "صلة شخصية" على وجه خاص بين الإنسان والله. ومعناها على وجه الخصوص – كما قصد الرب منها – استعلان وظهور عمل الرب إلى أن يُستعلَّن الرب نفسه في اليوم الأخير أي في المجيء الثاني، وعموماً هي ليست من الكلمات العادية التي تدخل ضمن الحديث العادي أو التعبير الشخصي، لكنها اصطلاح طقسي ليتورجي وذلك بحسب ورودها واستخدامها في الطقس القديم.
[11] (لاويين 24: 5 – 7)
[12] وينبغي أن نعلم بيقين ان هذا ليس معناه أننا نصلب المسيح الرب مرة أخرى على الإطلاق، لأنه قدَّم نفسه مرة واحدة ولن تعاد ذبيحة الصليب إطلاقاً، وفي القداس الإلهي نحن لا نصنع ذلك إطلاقاً ولا هذا إيماننا ولا هو عقيدتنا ولا هو غرض القداس أو هدفه لأن بعدم وعي أو فهم فأن كثيرين يتصورن هذا الأمر الخاطئ للغاية وسوف نضع الشرح السليم عن القداس الإلهي في موضوع آخر مستقلاً بذاته.
  رد مع اقتباس
قديم 21 - 05 - 2020, 08:45 PM   رقم المشاركة : ( 47 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,059

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس

ب – يسوع المسيح حمل الله
في العهد القديم قدَّم إبراهيم ذبيحة لله كبشاً عوضاً عن ابنه اسحق: [فناداه ملاك الرب من السماء وقال: إبراهيم، إبراهيم: فقال هاأنذا، فقال لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئاً، لأني الآن علمت أنك خائف ×™ض°×¨ضµض¤×گ(من الناحية الأخلاقية، وتعني تبجيل أو توقير reverent) الله فلم تُمسك ابنك وحيدك عني، فرفع إبراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراءه مُمسكاً في الغابة بقرنيه، فذهب إبراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضاً عن ابنه] [1]
أما في العهد الجديد فيسوع هو نفسه وبشخصه الحمل الوحيد الحقيقي الحي الذي رفع خطية العالم بتقدمة ذاته على الصليب بإرادته وسلطانه وحده، كما يصفه إنجيل يوحنا: [ها هوذا ل¼¼خ´خµ حمل الله الذي يرفع خطية العالم] [2]
ويلزمنا هنا ننتبه للكلمة (ها هوذا ل¼¼خ´خµ) فهذا التعبير يأتي بمعنى رؤية يقين (والرؤيا هنا = انتبه ورصد وعاين فأشار بتأكيد ليوثق حقيقة – حاضرة الآن – كشهادة أمام الجميع)، فهنا يوجد توجيه لملاحظة شيء جديد أو مُثير للإعجاب ويستحق الاهتمام البالغ والالتفات إليه.

ولذك نجد أن يسوع يتمم النبوات وينطبق عليه كل ما لذبيحة الفصح، إذ قد مات يسوع في الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم الجمعة السابق لعيد الفصح حسب الطقس اليهودي الأصيل، وهي الساعة التي كانت تُذبح فيها أمام الهيكل بأورشليم الحملان الفصحية، ويؤكد إنجيل يوحنا هذا الشبه بين يسوع والحمل الفصحي، عندما يُشير إلى أن يسوع وهو على الصليب لم يُكسر له عظم على مثال الحمل الفصحى نفسه كما جاء في خروج ولننتبه لهذه الآيات قصاد بعضها:
+ ثم إذ كان استعداد، فلكيلا تبقى الأجساد على الصليب في السبت، لأن يوم ذلك السبت كان عظيماً، سأل اليهود بيلاطس أن يُكسر سيقانهم ويُرفعوا، فأتى العسكر وكسروا ساقي الأول والآخر المصلوب معهُ وأما يسوع فلما جاءوا إليه لم يكسروا ساقيه لأنهم رأوه قد مات.. والذي عاين شهد وشهادته حق، وهو يعلم أنهُ يقول الحق لتؤمنوا أنتم، لأن هذا لكي يتم الكتاب القائل عظم لا يُكسر منه [3]
+ وقال الرب لموسى وهارون: هذه فريضة الفصح... في بيت واحد يؤكل، لا تخرج من اللحم من البيت إلى خارج وعظماً لا تكسروا منه [4]
+ يحفظ جميـــع عظامــه. واحـــده منها لا ينكسر [5]
لقد افتدانا يسوع من الخطية مُظهراً أن العبادة الحقيقية ليست تقدمة ذبائح حيوانات، بل تقدمة الذات في سرّ الموت والقيامة مع المسيح لتتميم إرادة الله في البرّ والقداسة. وهذا ما يشرحه القديس بولس الرسول بقوله: [لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع، قد أعتقني (حررني وفك قيدي) من ناموس الخطية والموت، لأنه ما كان الناموس عاجزاً عنه فيما كان ضعيفاً بالجسد (ما لم يستطيعه الناموس لعجزة بسبب الجسد – لأن الإنسان عايش في الجسد وليس في الروح) فالله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية، ولأجل الخطية دان الخطية (قضى وأنهى على الخطية) في الجسد، لكي يتم حكم (برّ) الناموس فينا] [6]
  رد مع اقتباس
قديم 21 - 05 - 2020, 08:45 PM   رقم المشاركة : ( 48 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,059

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس


ولنفهم كلمات القديس بولس الرسول على ضوء النبوات التي تشرح سرّ عمل الله في قلوبنا بناموس روح الحياة في المسيح يسوع:
+ هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل سيقولون بعد هذه الكلمة في أرض يهوذا وفي مدنها عندما أرد سبيهم يباركك الرب يا مسكن البرّ يا أيها الجبل المقدس.. لأني أرويتُ النفس المُعيية وملأت كل نفس ذائبة.. ها أيام تأتي يقول الرب وأقطع مع بيت إسرائيل ومع بيت يهوذا عهداً جديداً. ليس كالعهد الذي قطعته مع آبائهم يوم أمسكتهم بيدهم لأخرجهم من أرض مصر حين نقضوا عهدي فرفضتهم يقول الرب. بل هذا هو العهد الذي أقطعهُ مع بيت إسرائيل بعد تلك الأيام يقول الرب: أجعل شريعتي في داخلهم واكتبها على قلوبهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً. ولا يُعلِّمون بعد كل واحد صاحبه وكل واحد أخاه قائلين: اعرفوا الرب، لأنهم سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم يقول الرب. لأني أصفح عن أثمهم ولا أذكر خطيتهم بعد (وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابته فيكم، ولا حاجة بكم إلى أن يُعلِّمكم أحد، بل كما تُعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء، وهي حق وليست كذباً. كما علمتكم تثبتون فيه). [7]
+ وأرش عليكم ماءً طاهراً فتطهرون من كل نجاساتكم ومن كل أصنامكم أطهركم. وأعطيكم قلباً جديداً واجعل روحي في داخلكم (لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع، قد أعتقني من ناموس الخطية والموت) وأجعلكم تسلكون في فرائضي وتحفظون أحكامي وتعملون بها.. وتكونون لي شعباً وأنا أكون لكم إلهاً. وأخلصكم من كل نجاساتكم. [8]
+ هكذا قال السيد الرب: هانذا أفتح قبوركم وأصعدكم من قبوركم يا شعبي وآتي بكم إلى أرض إسرائيل [وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع – أفسس 2: 6) ]. فتعلمون إني أنا الرب عند فتحي قبوركم وإصعادي إياكم من قبوركم يا شعبي. واجعل روحي فيكم فتحيون، وأجعلكم في أرضكم فتعلمون أني أنا الرب تكلمت وأفعل، يقول الرب. [9]
ومن خلال هذه النبوات وكلمات القديس بولس يتضح لنا أنه إذا تجدد الإنسان داخلياً بسرّ عمل الله في المسيح يسوع وتحوَّل بروح الله الذي يرسله الآب لنا باسم يسوع ليسكن ويحل فينا "واجعل روحي فيكم فتحيون - وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم [10]" يستطيع بسهولة ومحبة أن يطيع مشيئة الله، فهي لم تعد إكراها وغصباً، لأنها لا تُفرض عليه من الخارج – من ناحية الجسد – لتنفيذها غصباً وقسراً، بل صارت الشريعة، شريعة روح الحياة، مكتوبة بالحفر على القلب من الداخل بنور الله، لتُناسب الحياة الجديدة التي أخذناها بولادتنا الجديدة من فوق، لأننا صرنا نتشكل بها على صورة الابن الوحيد.

فالمسيح يسوع اتخذ على وجه تام مصير وضعنا الخاطئ، بدون أن يكون هو خاطئ لأنه بار (في المُطلق)، وببره يبرر الكثيرين: [لأنه جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا، لنصير نحن برّ الله فيه [11]؛ الذي حَمَلَ هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة، لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبرّ. الذي بجلدته شُفيتم [12]؛ وتعلمون أن ذاك أُظهر لكي يرفع خطايانا ] [13]
[المسيح افتدانا من لعنة الناموس، إذ صار لعنة لأجلنا. لأنه مكتوب: "ملعون كل من عُلق على خشبة "، لتصير بركة إبراهيم للأمم في المسيح يسوع. لننال بالإيمان موعد الروح] [14]

فقد صار الرب يسوع نفسه وبشخصه ذبيحة كفارة فريدة من نوعها، وهنا تحقق كمال فعل الذبيحة القديمة (الرمزية) في المسيح يسوع، فأُبطلت كل الذبائح وانتهت تماماً لأن المسيح نفسه وبذاته أي بشخصه الإلهي هو الذبيحة الحقيقية الكاملة التامة الأبدية، والذي بموته دان الخطية في الجسد وقضى على فعلها تماماً، وأفرغها من سلطانها، وأبطل الموت الذي كان نتيجة طبيعية ملازمة لها، لأنه ثمرتها الخاصة.

ففي ذبيحة الخطية في العهد القديم، يكشف موت الضحية الحيوانية المقدمة عوض الخاطئ، عن الحكم المُلازم للخطية حسب طبيعتها الخاصة، لأن الخطية خاطئة جداً ومن يفعلها يموت بالضرورة، تلقائياً، لأن نتاجها الموت لأنها تحمله في باطنها طبيعياً، أما في المسيح يسوع، يتم إماتة الخطية في الجسد مرة واحدة، ليُميت الجسد التي تعمل فيه الخطية كمجال خصب لعملها، وبالتالي يفرغها من سلطانها إذ يصنع بحياته إنساناً جديداً سماوياً، أي إنسان نوراني لا يتعامل مع الظُلمة، فلا يعود للخطية أي سلطان عليه لأنها ميتة، فالإنسان المؤمن في المسيح الخطية ميتة بالنسبة له، فلا يتعامل معها مرة أخرى لأن لا سلطان لها عليه بسبب قوة الله التي تُساكنه، حتى لو تعثر وسقط، فأنه يقوم فوراً لأن الموت أُبتُلع لحياة، ومن المستحيل أن يسود موت على حياة، ولا الحياة نفسها تستطيع أن تحيا في الموت، لذلك من دخل في سرّ حرية المسيح الرب فأنه ينفك من سلطان الخطية ويستطيع أن يغلبها دون عناء، لأنه حُرّ منها وغير مقيد، بسبب إيمانه بكفارة المسيح التامة الأبدية، لأنه صار حُر المسيح [وتعرفون الحق والحق يُحرركم؛ فَإِنْ حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً][15]

وتتوسع الرسالة إلى العبرانيين في معنى الفداء: [لأنه إن كان دم ثيران وتيوس ورماد عجلة مرشوش على المنجسين، يُقدس إلى طهارة الجسد (الطهارة الطقسية المطلوبة للاشتراك في العبادة القديمة)، فكم بالحري (بالأولى) يكون دم المسيح الذي بروح أزلي قدَّم نفسه (قرباناً وذبيحة) لله بلا عيب، يُطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي] [16]
+ وطبعاً بلا عيب في هذه الآية: تضع ذبيحة ربنا يسوع المسيح من جهة الأفضلية عن كل الذبائح الحيوانية التي لم تقوى على طهارة النفس والضمير من الداخل، لأنها ذبيحة تحمل حياة الله وقوته فيها، ومن ذلك تأتي فاعليتها لتطهير الضمير واتحاد الإنسان بالله بالسرّ في المسيح يسوع، لأنها قُدِّمت ليست بحسب برّ الناموس، بل بحسب برّ ابن الله الشخصي.
والرسالة للعبرانيين توضح أن كل ذبائح العهد القديم ما هي إلا مُجرد رمز لذبيحة العهد الجديد ولا تساويها في قيمتها الجوهرية، بكونها صارت بدم حي مُحيي يُعطي شفاء داخلي واقعي حقيقي لأنها ذبيحة حية إلى الأبد قادرة على التطهير العميق الكامل والشامل للعالم كله، لأن الدم هنا صار غير منتسب للجسد الطبيعي بل لجسد ابن الله الحي، فصار الدم المسفوك هو دم ابن الله الحقيقي الآتي في الجسد حسب التدبير.
[لأنه لا يمكن (مستحيل) أن دم ثيران وتيوس يرفع (يُزيل) الخطايا. لذلك عند دخوله إلى العالم (المسيح) يقول: ذبيحة وقرباناً لم تَرد، ولكن هيأت لي جسداً، بمحرقات وذبائح للخطية لم تُسرّ، ثم قلت: هنذا أَجيء في درج الكتاب مكتوب عني لأفعل مشيئتك يا الله، إذ يقول آنفاً (أولاً) إنك ذبيحة وقرباناً ومحرقات وذبائح للخطية لم تُرد، ولا سُررت بها، التي تُقَدَم حسب (بموجب أو بحسب) الناموس، ثم قال: هنذا أَجيء لأفعل مشيئتك يا الله، ينزع الأول (العبادة الأولى بكل طقسها) لكي يُثبت الثاني (تتميم الوعد وتحقيق الرمز في كماله حسب قصد الله وإعلان مشيئته)، فبهذه المشيئة نحن مُقدسون بتقديم (بالقربان الذي قُدمَ فيه) جسد يسوع المسيح مرة واحدة] [17]
  رد مع اقتباس
قديم 21 - 05 - 2020, 08:46 PM   رقم المشاركة : ( 49 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,059

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس

وفي العهد الجديد عموماً يظهر في موت الرب تحقيق النبوات القديمة، ولاسيما نبوة إشعياء عن عبد الرب [لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائرا في شبه الناس [18]] الذي سيحمل خطايا كثيرين [19]

وهذا المعنى المتسع للغاية، الذي نجده في العهد الجديد وفي الكنيسة الأولى لموت المسيح، قد عَبَّرَ عنه يسوع نفسه في العشاء الفصحي الأخير الذي تناوله مع تلاميذه فيقول بولس الرسول: [لأنني تسلمت د€خ±دپخ*خ»خ±خ²خ؟خ½ (accept the truth of) من الرب ما سلمتكم د€خ±دپخ*خ´د‰خ؛خ± (transfer) [20] أيضاً: أن الرب يسوع في الليلة التي أُسلِمَ فيها أخذ خبزاً وشكر فكسر وقال: خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور (يُعطى) لأجلكم، أصنعوا هذا لذكري] [21]
ويوضح القديس لوقا عبارة "الذي هو لأجلكم" بقوله: [وأخذ خبزاً وشكر وكسر وأعطاهم قائلاً: هذا هو جسدي الذي يُبذل عنكم (لأجلكم)] [22]؛ [وكذلك الكأس أيضاً بعد العشاء قائلاً: هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يُسفك عنكم (لأجلكم)] [23]؛ ويُضيف إنجيل متى الرسول: [لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد، الذي يُسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا] [24]

لقد رأى يسوع – حسب معرفته بالقلوب – أن رفض اليهود لرسالته وحقدهم عليه، بسبب كشفه لقلوبهم وضمائرهم، سيقودهم إلى قتله، فانتظر الموت بسبب التدبير [لأجل هذا أتيت إلى هذه الساعة [25]]، إلا أنه جعل من موته: لحظة مغفرة ومسامحة وغفران للذين سيقتلونه، فلقد أعطى موته معنى الفداء الحقيقي المتسع جداً [في الليلة التي سَلَمَ فيها نفسه]، وبينما كان معه على العشاء يهوذا [الذي سَلَمهُ للموت] مُمثلاً حقد اليهود وخطايا العالم أجمع [26]، فقد شهد الرب – سابقاً لتلك الساعة – عن نفسه قائلاً:
+ [أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه (حتى الموت) عن الخراف، وأما الذي هو أجير وليس راعياً، الذي ليست الخراف لهُ، فيرى الذئب مُقبلاً ويترك الخراف ويهرب، فيخطف الذئب الخراف ويُبددها، والأجير يهرب لأنه أجير ولا يُبالي بالخراف، أما أنا فإني الراعي الصالح وأعرف خاصتي، وخاصتي تعرفني، كما أن الآب يعرفني وأنا أعرف الآب، وأنا أضع نفسي عن الخراف، ولي خراف أُخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن آتي بتلك أيضاً، فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراعٍ واحد، لهذا يُحبني الآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضاً، ليس أحد يأخذها مني، بل أضعها من ذاتي، لي سلطان أن أضعها، ولي سلطان أن آخذها أيضاً. هذه الوصية قبلتها من أبي][27]
فهو قبل موته يسبق ويُعطيه معنى الفداء، فيبذل حياته بحريته، إذ يُعطي جسده ودمه، لأجل أحباؤه وأعداءه، ويكسر الخبز ويقول: [هذا هو جسدي الذي يُبذل لأجلكم]؛ ويسكب الخمر في الكأس ويقول: [هذا هو دمي الذي يُسفك عن كثيرين]؛ وقال وحدد بدقة: [هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي]

لقد أعطى يسوع حياته ليُنشئ عهداً جديداً بين الله والناس. وهكذا كان موته نقطة انطلاق لحياة جديدة في العالم، ومن البشرية التي قتلته بُعث شعباً جديداً مقدساً، وهم أولاً جماعة التلاميذ الذين آمنوا به وبذل يسوع حياته لأجلهم كما جاء في إنجيل لوقا: [هذا هو جسدي الذي يُبذل لأجلكم]، كما هو أيضاً للعالم كله – بلا استثناء – بحسب ما جاء في متى ومرقس بوضوح شديد: [هذا هو دمي الذي يُسفك عن كثيرين د€خ؟خ»خ»ل؟¶خ½ (many – much – high in number)] ولفظة الكثيرين = الجميع، وكما قال القديس بولس الرسول: [لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس (أجمعين)، الإنسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع ] [28].
==================
[1] (تكوين 22: 11 – 13)
[2] (يوحنا 1: 29)
[3] (يوحنا 19: 31 – 36)
[4] (خروج 12: 43و 46)
[5] (مزمور 34: 20)
[6] (رومية 8: 2 – 4)
[7] (1بطرس 2: 27) ] (إرميا 31: 23 ، 25 ، 27 – 34)
[8] (حزقيال 36: 25 – 29)
[9] (حزقيال 37: 12 – 14)
[10] (يوحنا 14: 26)
[11] (2كورنثوس 5: 21)
[12] (1 بطرس 2: 24)
[13] (1يوحنا 3: 5)
[14] (غلاطية 3: 13 – 14)
[15] (يوحنا 8: 32، 36)
[16] (عبرانيين 9: 13 و14)
[17] (عبرانيين 4 – 10؛ أنظر للأهمية إشعياء 53: 4 – 12)
[18] (فيلبي 2: 7)
[19] (أنظر للأهمية إشعياء 53: 4 – 12)
[20] (أنظر لوقا 22: 14 – 20)
[21] (1كورنثوس 11: 23و 24)
[22] (لوقا 22: 1)
[23] (لوقا 22: 20)
[24] (متى 26: 28)
[25] (يوحنا 12: 27)
[26] (متى 26: 21 – 25)
[27] (يوحنا 10: 11 – 18)
[28] (1 تيموثاوس 2: 5 و6)
  رد مع اقتباس
قديم 21 - 05 - 2020, 08:46 PM   رقم المشاركة : ( 50 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,059

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس

جـ – تقدمة يسوع تُنشئ عهداً جديداً
في الحقيقة أن تقدمة يسوع ذاته للموت أنشأت عهداً جديداً، والعهد يتضمن طقوساً وشريعة وشعب. فالعهد القديم أُنشئ بين الله وشعبه على يد موسى بواسطة دم الحيوانات (كما قلنا سابقاً في خروج 24: 8): [وأخذ موسى الدم ورشه على الشعب وقال: هوذا دم العهد الذي عاهدكم به الرب على جميع هذه الأقوال]، أما يسوع رب المجد الله المتجسد أنشأ عهداً جديداً بدمه الخاص، [دمٍ كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح] [1]، [دم المسيح الذي بروح أزلي قدم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي] [2]


والعهد القديم كان مبنياً على شريعة أُعطيت لموسى (الناموس بموسى أُعطى)، أما العهد الجديد فمبني على تعاليم الرب يسوع التي تُكتب لا على حجر بل في القلب [لأن هذا هو العهد الذي أعهدهُ مع بيت إسرائيل بعد تلك الأيام يقول الرب: أجعل نواميسي في أذهانهم وأكتبها على قلوبهم وأنا أكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً] [3]
وتعاليم الرب يسوع ليست تعاليم كلامية تُحفظ في الفكر كمعلومة لها بريقها ورونقها وكمال إنسانيتها، بل هي قوة حياة تُحيي النفس أبدياً، فهي تُشكلها وتُغيرها على صورة ذاته، ولذلك تُصاحبها نعمة قوية ذات سلطان تعمل في القلب سراً، فتنقي القلب وتُحيي الأموات بالخطايا والذنوب، وترفع الإنسان لمستوى الشركة مع الله بالحب [أنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به [4]؛ الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة [5]]، ولذلك قال في إنجيل يوحنا موضحاً أن [الناموس بموسى أُعطيَّ، أما النعمة والحق فبيسوع قد صارا] [6]
وفي العهد القديم نشأ مع موسى شعب الله المكوَّن من الشعب الإسرائيلي الذي يُسمى كنيسة العهد القديم، وكان إسرائيل [7] الابن البكر [8] الذي من خلاله أظهر الله قدرته وسط باقي الشعوب ليُهيئ القلوب لإعلان العهد الجديد بدم حمل الله رافع خطية العالم، أما في العهد الجديد فنشأ بالمسيح شعب الله الجديد، جنس مختار كهنوت ملوكي أمة مقدسة بدم ابن الله الحي القدوس، وصار كل من يؤمن رعية مع القديسين وأهل بيت الله: [وأما أنتم فجنس مختار وكهنوت ملوكي، أمة مقدسة، شعب اقتناء، لكي تُخبِّروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب[9]؛ فلستم إذاً بعد غرباء ونزلاً بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله [10]]


فالرب يسوع المسيح ملك المجد، صليبه صار نبع الغفران للجميع، لكل من يؤمن، ويصير به الكل مُصَالح مع الله [وأنا أن ارتفعت عن الأرض أجذب إليَّ الجميع] [11]



فالمسيح ابن الله الكلمة المتجسد لم يمت فقط عن الأمة اليهودية، بل عن الجميع كما قال القديس يوحنا الرسول: [فجمع رؤساء الكهنة والفريسيون مجمعاً وقالوا: ماذا نصنع فإن هذا الإنسان يعمل آياتٍ كثيرة، إن تركناه هكذا يؤمن الجميع به فيأتي الرومانيون ويأخذون موضعنا وأُمتنا، فقال لهم واحدٍ منهم وهو قيافا، كان رئيس للكهنة في تلك السنة: أنتم لستم تعرفون شيئاً ولا تفكرون أنهُ خيرٌ لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها. ولم يقل هذا من نفسهُ بل إذ كان رئيساً للكهنة في تلك السنة، تنبأ أن يسوع مزمع أن يموت عن الأمة وليس الأمة فقط بل ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد] [12]
وعندما طُعن أحد الجنود الرب [ولكن واحداً من العسكر طعن جنبه بحربة فللوقت خرج دمٍ وماء][13] فأن بذلك وُلِدَت الكنيسة – كما شرحها الآباء – وُلِدَ شعب العهد الجديد، أي أن الكنيسة شعب الله الحي، وُلِدت من آلام يسوع الخلاصية، بسرّ الماء والدم، وُلِدَت من فيض محبة الله التي ظهرت لنا في موت يسوع المسيح، وهي تترعرع وتنمو بقدر ما تشترك في تلك المحبة وتُحققها في حياتها بالآلام وتذوق قوة القيامة [لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبهاً بموته][14]



لقد عاش يسوع تلك المحبة بتقدمة ذاته على الصليب، ويطلب من كل من يُريد أن يتبعه ويتتلمذ لهُ أن يدخل في تيار محبته: [وقال للجميع (لم يستثني أحد) إن أراد أحد أن يأتي ورائي (يتبعني) فليُنكر نفسه، ويحمل صليبه كل يوم (وكل يوم يعني شريعة يومية دائمة لحياة المسيحي الحقيقي) ويتبعني] [15]


وفي العشاء السري طلب يسوع من تلاميذه أن يأكلوا جسده ويشربوا دمه بالسرّ [خذوا كلوا، هذا هو جسدي.. اشربوا من هذا كلكم، هذا هو دمي]، لأن كل من يأكل – بالإيمان الحي الواعي – ذبيحة المسيح ابن الله الكلمة المتجسد والقائم بمجد عظيم، يدخل في جميع معاني هذه الذبيحة المقدسة جداً ويلتزم بكل متطلباتها، فيقدم حياته مع المسيح [مع المسيح صلبت] ويغفر ويحب كما غفر المسيح لصالبيه، وهكذا يتحقق فيه العهد الجديد الذي أنشأه المسيح يسوع ربنا بدمه الكريم بين الإنسان والله، وذلك عندما تسري في عروقه حياة الله، حياة المحبة والغفران، وهكذا يتحقق – عملياً – على مدى الزمن والتاريخ الخلاص الذي حققه يسوع بموته على الصليب.
عموماً، فأن ذبيحة المسيح (حمل الله) على الصليب هي ذبيحة كاملة ونهائية للتكفير عن خطية الإنسان وخلاصه أبدياً، فالذبائح جميعها – في العهد القديم – لم تكن إلا رمزاً باهتاً لذبيحة المسيح النهائية والكاملة، فلم يكن الناموس بكل ذبائحه وفرائضه وأحكامه [بقادر أن يُحيي]، بل كان الناموس [مؤدبنا إلى المسيح لكي نتبرر بالإيمان] [16]، [لأنه لا يُمكن (مستحيل) أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا.. نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة. وكل كاهن يقوم كل يوم يخدم ويقدم مراراً كثيرة تلك الذبائح عينها التي لا تستطيع البتة أن تنزع الخطية، أما هذا (أي المسيح) فبعد ما قدم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين الله.. لأنه بقربان واحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين] [17]



ومن ثَمَّ فقد أَبطلت ذبيحة المسيح يسوع كل الذبائح القديمة تماماً وأنهت دورها الرمزي، تلك التي كانت تُقدَّم مراراً وتكراراً ولا تقدر أن تنزع الخطية لا من فكر الإنسان ولا من ضميره، لأنها كانت غير نافعه من جهة أنها غير قادرة على أن تقوم بتغيير جذري في حياة الإنسان ليدخل في سرّ حياة جديدة ليكون له ثقة للدخول للأقداس العُليا والوجود في حضرة الله الدائمة بصفته قد تبرأ من الخطية وانفك وأُعتق من سلطان الموت.


  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
وجه الحديث لهرون وبنيه عن بعض الذبائح والتقدمات
شرائع الذبائح والتقدمات
الذبائح الدموية والتقدمات الطعامية
علماء الكتاب المقدس فيقولون إن تقديم الذبائح أمر وضعه الله
أن دراسة الكتاب المقدس


الساعة الآن 05:28 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024