![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 41 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
![]() |
![]() سمع الكاتب الإنجليزي ليدر وهو في فرنسا عن أسقف مصري قديس، فأسرع بالسفر إلى مصر مع زوجته ليلتقيا به، وقد سجل لنا فصلاً كاملاً عن حياته، جاء فيه: "هذا القديس الشيخ عرفه العالم الشرقي كله، وأدرك أنه الخليفة المباشر لسلسلة المسيحيين الأولين غير المنقطعة". وعبرت زوجته عن هذا اللقاء بقولها: "كنا في حضرة المسيح وامتلأنا بروح الله". نشأته وُلد هذا القديس في جالاد التابعة لإيبارشية ديروط عام 1829 م من أبوين تقيين، وكان اسمه بولس غبريال، وقد حفظ المزامير ودرس الكتاب المقدس منذ طفولته، وإذ التهب قلبه بحب الله دخل دير السيدة العذراء مريم "المحرق" حيث رُسم راهبًا باسم بولس المحرقي عام 1848م. ولما دعاه الأنبا ياكوبوس أسقف المنيا للخدمة حوّل المطرانية إلى مأوى للفقراء، وبقى أربعة أعوام رُسم فيها قسًا عام1863. ولحبه في الرهبنة عاد إلى ديره حيث اختير رئيسًا للدير، فجاءه شبان كثيرون للتلمذة على يديه بلغ عددهم أربعون راهبًا. لكنه إذ فتح باب الدير على مصراعيه للفقراء وسكب كل إمكانيات الدير لحساب أخوة المسيح ثار البعض عليه وعزلوه عن الرئاسة وطلبوا منه ترك الدير. طُرد أبونا بولس وتلاميذه بسبب حبهم للفقراء فالتجئوا إلى دير السيدة العذراء "البراموس" بوادي النطرون، وهناك تفرغ للعبادة ودراسة الكتاب المقدس. وفي عام 1881 رُسم أسقفا على الفيوم وبني سويف والجيزة باسم الأنبا ابرام، فحوّل الأسقفية إلى دار للفقراء. صديق للفقراء خصص الأسقف الدور الأول من داره للفقراء والعميان والمرضى وكان يرافقهم أثناء طعامهم اليومي ليطمئن عليهم بنفسه. وكان إذ دخل عليه فقير مدّ يده تحت الوسادة ليعطيه كل ما يملك وأن لم يجد يعطه "شاله" أو "فروجيته".... وله في ذلك قصص مذهلة. مطرانية في السماء جاء عنه أن أعيان الايبارشية رأوا المطرانية غير لائقة فاتفقوا معه على تجديدها وتوسيعها. وكانوا كلما جمعوا مبلغًا من المال يسلمونه له. أخيرًا جاءوا إليه يطلبون إليه موعدًا للاتفاق مع المقاول على شروط البناء، فتطلع إليهم قائلا: "لقد بنيت يا أولادي!!... لقد بنيت لكم مسكنًا في المظال الأبدية". استغلال عطفه من الروايات المتداولة بين معاصريه أن ثلاثة شبان أرادوا استغلال حبه للفقراء فدخل اثنان منه يدّعيان أن ثالثهم قد مات وليس لهم ما يُكفنانه به، فلما سألهم الأب الأسقف: "هو مات؟!"، فأجابوا: "نعم مات". ثم هزّ الأسقف رأسه ومدّ يده بالعطية قائلا: "خذوا كفّنوه به". وخرج الاثنان يضحكان: لكن سرعان ما تحول ضحكهما إلى بكاء عندما نظرا ثالثهما قد مات فعلاً. رجل الصلاة ذكر كثيرون ممن باتوا في الحجرة المجاورة لحجرته أنه كان يقوم في منتصف الليل يصلي حتى الفجر بالمزامير، وكان يقف عند القول: "قلبًا نقيًا أخلق فيّ يا الله وروحًا مستقيمًا جدده في أحشائي"، مرددًا إياها مرارًا بابتهالات حارة. وقد شهد الجميع أن صلاته كانت بروح وعزيمة قوية حتى في شيخوخته. قال مستر ليدر: "لم أسمع قط في حياتي صلاة كهذه، إذ أحسست بالصلة التي له بعرش النعمة التي تملأ الإنسان استقرارًا دائمًا. لقد بدا لي أن الأرض تلاشت تماما لكي تترك هذا الرجل في حضرة الله نفسه يتحدث معه بجلاء". إننا لا نبالغ إن قلنا أن مئات بل آلاف المعجزات تمت على يدي هذا الرجل وبصلواته. نسكه كان بسيطًا في ملبسه وفي مأكله، يعيش بالكفاف، ضابطًا نفسه من كل شهوة وفي أحد الأيام اشتاق أن يأكل "فراخًا" فطلب من تلميذه أن يطبخ له ذلك. فلما أعد له الطعام قدمه، فصلى الأب وطلب منه أن يحضره له في اليوم التالي. وتكرر الأمر في اليوم الثاني والثالث والرابع دون أن يأكل منه شيئا حتى فسد الطعام. حينئذ قال لنفسه: "كلي يا نفسي مما اشتهيت". إتضاعه يقول مستر ليدر: "تضايق عندما ألزمته بركوعي قدامه". من عادته الجميلة أنه ما كان يسمح لأحد من الشمامسة أن يتلو عبارات التبجيل الخاصة بالأسقف عند قراءة الإنجيل، ولا كان يميز نفسه عن شعبه بل يجلس على كرسي عادي كسائر أولاده. وكان يسر بدعوة أولاده له: "أبينا الأسقف"، ولا يسمح لأحد أن يدعوه: "سيدنا". وعندما زار البرنس سرجيوس "عم نقولا قيصر روسيا" وزوجته مصر عام 1868 وسمعا عن القديس توجها لزيارته، اهتمت الدولة واستقبلته استقبالاً رسميًا، وحاول أعيان الأقباط أن يشتروا أثاثا جديدًا للمطرانية لكنه رفض نهائيًا. ولما جاء الزائران وركعا على الأرض والأب جالس يصلي لهما بحرارة قدما له كيسًا به كمية من الجنيهات الذهبية، أما هو فاعتذر. وأخيرًا أخذ جنيهًا واحدًا وأعطاه لتلميذه رزق. وقد خرج الأمير من حضرته يقول أنه لم يشعر برهبة في حياته مثلما شعر بها عندما وقف أمام القديس العظيم الأنبا ابرام. أسقفاً إنجيلياً يقول عنه الأنبا إسيذوروس أنه كان عالمًا في مواضيع الكتاب المقدس إلى درجة حفظه نصوصها عن ظهر قلب، وقيل عنه أنه كان يطالع الكتاب المقدس كل أربعين يومًا مرة. وكان يجمع شعبه كل يوم للصلاة مساءً مع دراسة الكتاب المقدس. إخراج الشياطين قال الكاتب الإنجليزي ليدر: "سلطان الأسقف في إخراج الأرواح النجسة جذب إليه كثيرون من أماكن بعيدة أكثر مما فعلته المواهب الأخرى التي أشتهر بها". نياحته قبيل نياحته استدعى القمص عبد السيد وبعض الشمامسة وطلب منهم أن يصلوا المزامير خارج باب غرفته وألاّ يفتحوا الباب قبل نصف ساعة.... ولما فتحوا الباب وجدوا الأب قد تنيح في الرب. ومن المعروف أن الأستاذ سليم صائب حكمدار الفيوم قد نادى زوجته يوم 3 بؤونه (1914م) قائلا: "آه! يظهر أن أسقف النصارى قد مات... انظري الخيول وركابها المحيطين به، وهم يصرخون "إكئواب، إكئواب"، ثم قام لوقته وقابل أحد المسيحيين وسأله عن معنى كلمة "إكئواب"، فأوضح له أنها تعني بالقبطية "قدوس" وهي تسبحة السمائيين. إنه لا يزال ديره بالفيوم إلى يومنا هذا، الذي به رفاته، سرّ بركة لكثيرين. T. Y. Malaty: Anba Abraam, the Friend of the poor, Alexandria, 1974.
|
|||
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 42 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
![]() |
![]() كلمة "أبانوب" مشتقة من "بي نوب" التي تعني "الذهب". ولد بقرية نهيسة (مركز طلخا) في القرن الرابع، من أبوين تقيين محبين لله، هما مقارة ومريم، فقدهما وهو في الثانية عشرة من عمره، فصار حزينًا لأيام كثيرة. دخل الصبي الكنيسة في أحد الأعياد ليجد الكاهن يحث الشعب على احتمال الضيق والاضطهاد بفرح، إذ كان دقلديانوس قد أثار الاضطهاد على المسيحيين. بعد التناول عاد الصبي الصغير إلى بيته وكلمات الأب الكاهن تدوي في أذنيه.... عندئذ ركع الصبي أمام الله يطلب عونه، ثم قام ليسير إلى سمنود وهو متهلل بالروح ينتظر الإكليل السماوي. في سمنود أخذ الصبي الصغير يطوف المدينة التي وجد فيها الكنائس مهدمة والناس يشتمون في المسيحية.... فكان يطلب من الله مساندته له، عندئذ أرسل له رئيس الملائكة ميخائيل الذي عزاه وأرشده أن ينطلق في الصباح إلى الوالي ليشهد لمسيحه، مؤكدًا له أنه سيقويه ويشفيه وسط العذابات التي يحتملها. أمام الوالي بكَّر جداً أبانوب الصبي، وانطلق إلى الوالي وصار يكلمه بجرأة وشجاعة، الذي دهش لتصرفات هذا الصبي الصغير، فصار يلاطفه بوعود كثيرة، أما الصبي فكان يشهد للإيمان الحق. أغتاظ الوالي وأمر بضربه على بطنه حتى ظهرت أحشاؤه.... وجاء رئيس الملائكة يشفيه. أُلقى الصبي في السجن ففرح به المسيحيون المسجونون، وتعرفوا عليه، وتعزوا بسببه. في اليوم التالي قتل الوالي من المسجونين حوالي ألفًا، ونالوا إكليل الشهادة في التاسع من برمهات. استدعى الوالي الصبي أبانوب وأمر بربطه من قدميه على صاري المراكب التي أستقلها الوالي متجها إلى أتريب، وفي تهكم قال: "لينظر هل يأتي يسوع ليخلصه؟!". أقلعوا بالمركب مبحرين حتى المساء، ثم أرخوا القلع ليجلس الوالي ويأكل ويشرب، وإذ بالكأس تتحجر في يده ويصاب الوالي بنوع من الفالج، وأصبح الجند أشبه بعميان…. فنظر الوالي إلى الطفل المعلق ليجد رئيس الملائكة يقترب منه ليمسح الدم النازل من أنفه وفمه، ثم ينزله ويتركه في مقدمة المركب ويختفي. طلب الوالي من الصبي أن يصلي لإلهه ليشفيه فيؤمن هو وجنده.... لكن أبانوب أجابه أن الله سيشفيه في أتريب.... وبالفعل صلى عنه وشفاه باسم الرب أمام والي أتريب، وقد آمن عدد كبير من الوثنيين بأتريب واستشهد بعضهم. في أتريب (بنها) قام والي أتريب بتعذيب الصبي بالجلد وبإلقائه في زيت مغلي وحرقه بنار وكبريت.... فظهر له السيد المسيح ومعه رئيسا الملائكة ميخائيل وجبرائيل.... وشفُى. عاد فوضع سيخين محميين بالنار في عينيه والرب شفاه.... فأمر ببتر يديه ورجليه، لكن الرب لم يتركه. كان أبانوب في كل عذاباته سّر بركة لنفوس كثيرة قبلت الإيمان بالسيد المسيح، وتقدم كثيرون للاستشهاد بفرح.... وكان الرب يرسل ملائكته لتعزية الصبي! إلى الإسكندرية إذ رأى الوالي الجموع التي تقبل الإيمان بسبب الصبي، أوفده إلى الإسكندرية مقيدًا بالسلاسل. التقى بامرأة بها روح نجس أخرجه منها وهو مقيد اليدين، فآمنت بالسيد المسيح، فاغتاظ أحد الجنود وقتلها. أمام أرمانيوس والي الإسكندرية اعترف الصبي بالسيد المسيح محتملاً عذابات أخرى، منها إلقاؤه في جب به ثعابين وحيّات جائعة، والرب حفظه بملاكه ميخائيل. خرج الصبي من الجب وقد تبعته بعض الثعابين.... فالتف أحدهما حول رقبة أرمانيوس والصبي أنقذه، الأمر الذي أدهش الكثيرين فقبلوا الإيمان واستشهدوا. تعرض لعذابات أخرى، وأخيرًا قُطعت رأسه خارج المدينة على صخرة عالية بعد أن وقف بفرح يصلي طالبًا أن يغفر الله له خطاياه، ويتقبل روحه. تقدم القديس يوليوس الأقفهصي وحمل جسده وكفنه وأرسله إلى نهيسة موطن ميلاده حيث دفن هناك.... وقد كتب سيرته. نقل جسده نقل جسده من نهيسة إلى سمنود.... ويحتفل بعيد استشهاده في 24 من شهر أبيب. القديس أبانوب صاحب المروحة الذهبية )تذكاره في 5 أمشير). القديس أبانوب المعترف. القديس أباهور..... راجع سير قديسين باسم "أباهور" تحت "هور.
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 43 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
![]() |
![]() في دير الأشمونين التهب قلب الشاب أبو نفر بمحبة الله واشتاق للحياة التعبدية الهادئة فالتحق بدير بهرموبوليس (الأشمونين التابعة لمحافظة المنيا)، حيث كان بالدير حوالي مائة راهب يمارسون حياة الشركة، يتعبدون في صمت مع اهتمام بممارسة العمل اليدوي كجزء لا يتجزأ من العبادة. أحب أبو نفر الآباء الرهبان، وسلك معهم بروح التقوى والطاعة، لكن نفسه كانت تتوق إلى حياة الوحدة في البرية ممتثلاً بالقديسين يوحنا المعمدان وإيليا النبي. انطلاقه في البرية لم تمضِ إلا سنوات قليلة حتى شعر بالتهاب قلبه نحو حياة الوحدة، وفي إحدى الليالي تسلل في سكون دون أن يشعر به أحد، إذ عرف مدى حب الرهبان له ورغبتهم في ألا يفارقهم. حمل رغيف خبز واحد وقليلاً من الخضروات تكفيه لمدة أربعة أيام، وانطلق نحو الجنوب وسط الجبال التي تفصل بين الصعيد الأسفل والواحات... وكان يصلي في الطريق طالبًا مشورة الله. إذ توغل في الصحراء رأى فجأة نورًا ساطعًا، لكنه رأى ملاكًا يقول له: "أنا ملاكك الحارس، لم أتركك منذ كنت في المهد، فلا تقلق بل تقدم إلى الأمام دائمًا فستبلغ الموضع الذي أعده الله لك". رافقه الملاك حتى بلغا مغارة واختفى، فقرع أبو نفر الباب قائلاً: "باركني؟؟" فظهر له رجل طويل القامة مهوب، فركع أمامه الشاب أبو نفر وقبّل قدميه، لكن الشيخ المتوحد أقامه من يده وقال: "يا أبا نوفر، أنت أخي في الرب. ادخل استرح بضعة أيام، ثم تتبع المسيرة التي أوحى لك بها الله". بعد أيام قليلة سار الشيخ معه لمدة أربعة أيام حتى بلغا مغارة بجانبها نخلة، وسكن الشيخ معه فيها لمدة شهر يدربه على حياة الوحدة ليتركه ويعود إليه مرة كل عام، حتى تنيح الشيخ في إحدى زياراته له. مع القديس بفنوتي قيل أن المتوحد بفنوتي اشتاق أن يدخل أعماق الصحراء، لعله يلتقي بأحد المتوحدين أو السواح، فأخذ قليلاً من المؤونة وانطلق في الصحراء لمدة سبعة عشر يومًا، وفجأة رأى القديس أبا نوفر السائح الذي كان له في البرية ما بين ستين وسبعين عامًا، كان شعره طويلاً غير مرتب ولحيته طويلة جدًا تتدلى على جسده، يتمنطق بحزام من الأوراق العريضة. رآه القديس بفنوتيوس فارتعب جدًا، وتسلق قمة تل قريب، وكانت عيناه شاخصتين نحو هذا الغريب، لكن الشيخ وكان منهك القوى صرخ، قائلاً: "انزل أيها الراهب القديس، إني أسكن هذا القفر من أجل محبة الله"... فالتقى الاثنان وقبّلا بعضهما قبلة السلام. جاء حديثهما معًا روحيًا وشيقًا، فيه أوضح أبونفر أنه أقام في الصحراء ستين عامًا يتجول في القفر ويتغذى على حشائش البرية وبلح النخلة دون أن يرى إنسانًا، وأنه قد احتمل في البداية الكثير من جوع وعطش وحر وبرد لكن الله نظر إلى ضعفه وسنده، كما أخبره أن كثيرين ممن يسكنون القفار يتمتعون بعطايا جليلة، حتى أن منهم من يُحملون إلى السماء لينظروا القديسين في مجدهم ويتهللون بفرح لا تعرفه الأرض... نسي القديس بفنوتي كل تعب خلال استماعه لحديث القديس السائح، وسار الاثنان إلى المغارة حيث بلغاها عند الغروب فوجدا على الصخر رغيف خبز وقليلاً من الماء.. نياحته يبدو أن القديس بفنوتي المتوحد لم يبق كثيرًا مع القديس السائح، إذ مرض أبو نفر فارتبك بفنوتي لكن القديس صار يطمئنه، موصيًا إياه أن يعود إلى مصر بعد تكفينه... وبالفعل أسلم قديسنا روحه الطاهرة. وقد شهد القديس بفنوتي أنه رأى ملائكة وسمع تسابيحهم عند رقاده. وقد قام بتكفينه، مشتهيًا أن يكمل بقية أيام غربته في المغارة، لكنه رأى النخلة قد يبست والينبوع قد جف، فبكى بمرارة وعاد ليمارس حياة الوحدة في ديره. مليكة حبيب يوسف، يوسف حبيب: القديس أبو نفر السائح، إسكندرية 1970 م. القديس أبيب: راجع أبوللون وأبيب.
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 44 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
![]() |
![]() عتبره العالم "أب الأسرة الرهبانية" ومؤسس الحركة الرهبانية في العالم كله بالرغم من وجود حركات رهبانية سابقة له. وُلد القديس في بلدة قمن العروس التابعة لبني سويف حوالي عام 251م من والدين غنيين. مات والده فوقف أمام الجثمان يتأمل زوال هذا العالم، فالتهب قلبه نحو الأبدية. وفي عام 269م إذ دخل ذات يوم الكنيسة سمع الإنجيل يقول: "إن أردت أن تكون كاملاً اذهب وبع كل مالك ووزعه على الفقراء، وتعال اتبعني" فشعر أنها رسالة شخصية تمس حياته. عاد إلى أخته الشابة ديوس يعلن لها رغبته في بيع نصيبه وتوزيعه على الفقراء ليتفرغ للعبادة بزهد، فأصرت ألا يتركها حتى يسلمها لبيت العذارى بالإسكندرية. سكن الشاب أنطونيوس بجوار النيل، وكان يقضي كل وقته في الصلوات بنسك شديد، لكن إذ هاجمته أفكار الملل والضجر صار يصرخ إلى الله، فظهر له ملاك على شكل إنسان يلبس رداءً طويلاً متوشحًا بزنار صليب مثل الإسكيم وعلى رأسه قلنسوة، وكان يجلس يضفر الخوص. قام الملاك ليصلي ثم عاد للعمل وتكرر الأمر. وفي النهاية، قال الملاك له: "اعمل هذا وأنت تستريح. صار هذا الزي هو زي الرهبنة، وأصبح العمل اليدوي من أساسيات الحياة الرهبانية حتى لا يسقط الراهب في الملل. في أحد الأيام نزلت سيدة إلى النهر لتغسل رجليها هي وجواريها، وإذ حَول القديس نظره عنهن منتظرًا خروجهن بدأن في الاستحمام. ولما عاتبها على هذا التصرف، أجابته: "لو كنت راهبًا لسكنت البرية الداخلية، لأن هذا المكان لا يصلح لسكنى الرهبان". وإذ سمع القديس هذه الكلمات قال في نفسه: "إنه صوت ملاك الرب يوبخني"، وفي الحال ترك الموضع وهرب إلى البرية الداخلية، وكان ذلك حوالي عام 285م. استقر القديس في هذه البرية، وسكن في مغارة على جبل القلزم شمال غربي البحر الأحمر، يمارس حياة الوحدة. هناك حاربته الشياطين علانية تارة على شكل نساء وأخرى على شكل وحوش مرعبة. حوالي عام 305م اضطر أن يكسر خلوته ليلتقي بتلاميذ جاءوا إليه يشتاقون إلى التدرب على يديه، فكان يعينهم ويرشدهم، وإن كان قد عاد إلى وحدته مرة أخرى. إن كان هذا العظيم بين القديسين هو مؤسس نظام الرهبنة (الوحدة)، فإن حياته تكشف عن مفهوم الرهبنة المسيحية، خاصة نظام الوحدة: أولاً: خرج للرهبنة بلا هدف كهنوتي، وكانت حركته شعبية لا كهنوتية، لا يطلب التدخل في التنظيم الكنسي، وحتى حينما أرسل إليه الإمبراطور قسطنطين يطلب بركته أرجأ الرد عليه، ولما سأله تلاميذه عن السبب؟ أجاب أنه مشغول بالرد على رسالة الله ملك الملوك، وبعد إلحاح بعث بالرد من أجل سلام الكنيسة. ثانيًا: حبه الشديد للوحدة لم يغلق قلبه نحو الجماعة المقدسة، بل كان في عزلته يؤمن بعضويته الكنسية. لذلك عندما استدعى الأمر نزل إلى البابا أثناسيوس الرسولي (الذي تتلمذ على يدي القديس أنطونيوس)، وبدخوله الإسكندرية ارتجت المدينة، وخرج الكل متهللين لأن رجل الله قادم، وبالفعل عاد كثير من الأريوسيين إلى الكنيسة. مرة أخرى نزل إلى الإسكندرية يسند المعترفين في السجون ويرافقهم حتى ساحة الاستشهاد. ثالثًا: مع محبته الشديدة للوحدة تلمذ القديس مقاريوس الكبير الذي أسس نظام الجماعات، كما فرح جدًا بأخبار باخوميوس مؤسس نظام الشركة ومدحه... هكذا لم يحمل روح التعصب لنظام معين! رابعًا: عزلته لم تكن ضيقًا وتبرمًا، لذا كان الكل يدهش لبشاشته وتهليله الداخلي، وقد اتسم بصحة جيدة حتى يوم نياحته وكان قد بلغ المائة وخمسة عامًا. خامسًا: قيل أنه كان أميًا لا يعرف القراءة والكتابة، لكنه كان يفحم الفلاسفة اليونان ببساطة قلبه، وقد جذب بعضهم إلى الإيمان. وعندما سأله بعضهم كيف يتعزى وسط الجبال بدون كتاب، قال لهم إن الله يعزيه خلال العقل الذي يسبق الكتابة. قيل إنه سُئل عن عبارة في سفر العبرانيين، فاتجه ببصره نحو البرية، ثم رفع صوته وقال: اللَّهم أرسل موسى يفسر لي معنى هذه الآية، وفي الحال سُمع صوت يتحدث معه، وكما يقول الأب أمونيوس إنهم سمعوا الصوت ولم يفهموه. من كلماته: حياتنا وموتنا هما مع قريبنا، فإن ربحنا قريبنا نربح الله، وإن أعثرنا قريبنا نخطئ ضد المسيح. أحزن البعض أجسادهم بالنسك، وبسبب عدم التمييز فهم بعيدون عن الله. يأتي وقت فيه يصاب البشر بالجنون، فإن رأوا إنسانًا غير مجنون، يهاجمونه، قائلين: أنت مجنون، إنك لست مثلنا. الطاعة مع الزهد يهبان البشر سلطانًا على وحوش البرية. سيرة الأنبا أنطونيوس بقلم القديس أثناسيوس (ترجمة القمص مرقس داود).
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 45 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
![]() |
![]() شأتها قيل أن أناسيمون كانت ابنة ملك الروم وحيدة وتقية، قرأَت كثيرًا عن سير الآباء فأحبت الحياة النسكية، وكانت تسلك بروح إنجيلي تقوي وهي في القصر. وإذ توفى والدها أقيمت ملكة بغير رضاها، إذ كانت تود الحياة الرهبانية. خروجها إلى البرية مرّ عام على تجليسها ملكة خلاله قدمت الكثير للفقراء والمحتاجين وحررت الكثير من العبيد، وأخيرًا قررت أن تترك كل شيء وتتفرغ للعبادة. كتبت رسالة للأب البطريرك تركتها في حجرتها، وخلعت ملابسها لترتدي ثوبًا بسيطًا، وخرجت عارية القدمين تتسلل من القصر في منتصف الليل لتنطلق خارج المدينة، وتسير في البرية. حاربتها أفكار العودة للقصر لكنها أصرت أن تحتمل كل قسوة البرية متعبدة لله، وفجأة أثناء صلاتها في يوم من الأيام شاهدت أسدًا يقترب منها، فصلت إلى الله ورشمت عليه بعلامة الصليب، وللحال هدأ. بل التف حولها عدد من الأسود كانوا يلاطفونها وتلاطفهم، وشعرت كأنها قد صارت ملكة على الوحوش. لكنها اشتاقت أن تتجرد حتى من تكريم الوحوش لها، فوضعت في قلبها أن تعيش في الصف الأخير تخدم الكل دون طلب كرامة، فسارت إلى مصر حتى اقتربت من أحد أديرة النساء يدعى دير إرميا، وتظاهرت بالجنون، ولما أمسكتها الراهبات خشية أن تتعرض لأذى تظاهرت بالارتياح إليهن، وسألتهن أن تخدمهن وتقوم بتنظيف دورات المياه، وكانت تبدو كمن هي "هبيلة" ولا تنام إلا على المزبلة. الأنبا دانيال في دير إرميا في إحدى الليالي قرع الراهب باب الدير، ولما سألته البوابة عن طلبه أجابها أنه يود أن يبيت الليلة مع معلمه بالدير خشية أن يتعرضا للحيوانات المفترسة، لكن الرئيسة رفضت أن تفتح، فأخبرها أنه جاء مع الأنبا دانيال قس البرية، ففرحت الرئيسة وفتحت الباب وانطلق الكل يستقبلن إياه. وقبل أن ينصرفن سألهن إن كانت توجد أي راهبة أو أخت هنا، فأخبرن إياه عن "الهبيلة". ذهب إليها الأب دانيال فلم تعره اهتمامًا ولا سلمت عليه، فكانت الراهبات يقلن له: إنها معتوهة... أما هو فأجاب "حقًا أنا هو المعتوه والجاهل والمسكين". وإذ انصرف الكل أراد التلميذ أن يستريح فقال له الأنبا دانيال ألا ينام ليرى هذه المعتوهة. أخذه معه إلى حيث تنام فوجداها واقفة تصلي وتصنع مطانيات، والنور يخرج من أيديها، والملائكة تحيط بها، فأسرع التلميذ ونادى الرئيسة التي رأت المنظر فصرخت وأسرعت إليها تطلب منها السماح. وإذ جاءت الراهبات يبكين ويعتذرن لها على ما صدر منهن صمتت تمامًا. في الصباح ذهبت الراهبات إلى حيث كانت تنام فوجدن الفتاة قد هربت، تاركه ورقة جاء فيها: "أنا الشقية، لشقاوتي ومعاندة العدو لي أخرجني من بينكن، وأبعدني عن وجوهكن المملؤة حياة. إهانتكن لي كانت ربحًا لنفسي، وضجركن علىّ كان ثمرة تجمع كل يوم. استقلالكن عني كان فائدة ورأسمال يزداد كل يوم وساعة. مباركة هي تلك الساعة التي قيل لي فيها يا هبيلة، يا مجنونة. وأنتن مسامحات من جهتي بريئات من الخطية، وإني قدامكن وقدام المنبر سوف أجيب عنكن لأجلي، ليس فيكن مستهزئة، ولا من هي محبة للحنجرة، ولا للملبس، ولا للشهرة، بل كلكن نقيات". خرج البعض يبحث عنها خارج الدير لكنها اختفت تمامًا. كاهن بالإسكندرية دخل كاهن بالإسكندرية في فجر خميس العهد صحن الكنيسة فاشتم رائحة بخور زكيه تفوح بشدة، لم يعرف مصدرها، فأخذ يبحث عن المصدر. دخل الهيكل فوجد إنسانًا مهوبًا يقف أمام الهيكل بخشوع، فسقط أمامه. أسرع الشخص وأقام الكاهن ثم طلب منه قليلاً من الدقيق والأباركة ليستخدمها في القداس الإلهي الذي يحضره أربعمائة شخص. سأله الكاهن عن مكان هؤلاء الاخوة، فأجابه بأنه ليس له أن يعرف ذلك، إنما إن أراد فليقدم هذه البركة. قدم الكاهن هذه البركة، ثم سأله أن يأخذه معه، اعتذر أنه لا يستطيع. وإذ ألحّ عليه قال له أعطيك جوابًا في مثل هذا اليوم من السنة القادمة. مرَّ عام بدا طويلاً جدًا في عيني الكاهن حتى جاء خميس العهد، ودخل الكنيسة ليشتم ذات الرائحة ويلتقي بنفس الشخص ويقدم ذات العطية، وصار يسأله أن يأخذه معه، فلما ألحّ عليه جدًا قال له أن يأخذ مثل هذه البركة وينتظره في مثل هذا اليوم في السنة التالية خارج المدينة عند الباب الغربي. مرَّ عام آخر وحمل الكاهن البركة وانطلق إلى خارج المدينة ليجد بعد قليل الشخص قادمًا إليه، وسأله أن يمسك به ليجد نفسه كمن هو محمل على سحابة، وإذا به في كنيسة جميلة للغاية، لم ير مثلها قط. بعد فترة بدأ القداس الإلهي وتناول الجميع... رأى الكاهن شخصًا كبيرًا في السن يقف عند باب الهيكل يسنده شخصان، واحد عن اليمين والآخر عن اليسار، وإذ سأل عنه الكاهن قيل له: "إنها عذراء هي القديسة الملكة أناسيمون دخلت في طغمة السواح الذين يجتمعون معًا سنويًا من خميس العهد حتى أحد القيامة. أراد الكاهن أن يبقى معهم لكن الرجل أخبره بأنه يلزم أن يعود إلى كنيسته ويرعى شعب الله، وبالفعل رده إلى الإسكندرية، وكان هذا الرجل يزور الكاهن سنويًا حتى قرب نياحة الكاهن. نبيه نصر زرق: من كنوز الأديرة: القديسة أناسيمون، القديسة أفروسيا، الأب ببنوده، 1973 م.
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 46 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
![]() |
![]() بعناية إلهية التقى القديس أنبا أنطونيوس أب الأسرة الرهبانية ومؤسسها في العالم برئيس المتوحدين الذي سبقه بسنوات طويلة في حياة رهبانية خفية وسط البرية لا يعلم عنه أحد سوى الله الذي كان يعوله بغرابٍ يقدم له نصف خبزة يوميًا لعشرات السنين؛ يشتّم الله صلواته وتسابيحه رائحة سرور، فدعاه: "حبيبي بولا". نشأته ولد في مدينة الإسكندرية حوالي سنة 228م. ولما توفي والده ترك له ولأخيه الأكبر بطرس ثروة طائلة، فأراد بطرس أن يغتصب النصيب الأكبر من الميراث. إذ اشتد بينهما الجدل أراد القديس أنبا بولا أن يتوجه إلى القضاء. في الطريق رأى جنازة لأحد عظماء المدينة الأغنياء، فسأل نفسه إن كان هذا الغني قد أخذ معه شيئًا من أمور هذا العالم، فاستتفه هذه الحياة الزمنية والتهب قلبه بالميراث الأبدي، لذا عوض انطلاقه إلى القضاء خرج من المدينة، ودخل في قبر مهجور يقضي ثلاثة أيام بلياليها طالبًا الإرشاد الإلهي. ظهر له ملاك يرشده إلى البرية الشرقية، حيث أقام بجبل نمرة القريب من ساحل البحر الأحمر. عاش أكثر من 80 سنة لم يشاهد فيها وجه إنسانٍ، وكان ثوبه من ليف وسعف النخل، وكان الرب يعوله ويرسل له غرابًا بنصف خبزة كل يوم، كما كان يقتات من ثمار النخيل والأعشاب الجبلية أحيانًا، ويرتوي من عين ماء هناك. لقاء مع الأنبا أنطونيوس ظن القديس أنبا أنطونيوس أنه أول من سكن البراري، فأرشده ملاك الرب بأن في البرية إنسانًا لا يستحق العالم وطأة قدميه؛ من أجل صلواته يرفع الله عن العالم الجفاف ويهبه مطرًا. إذ سمع القديس هذا الحديث السماوي انطلق بإرشاد الله نحو مغارة القديس أنبا بولا حيث التقيا معًا، وقد ناداه أنبا بولا باسمه، وصارا يتحدثان بعظائم الله. وعند الغروب جاء الغراب يحمل خبزة كاملة، فقال الأنبا بولا: "الآن علمت أنك رجل الله حيث لي أكثر من 80 عامًا يأتيني الغراب بنصف خبزة، أما الآن فقد أتى بخبزة كاملة، وهكذا فقد أرسل الله لك طعامك أيضًا." في نهاية الحديث طلب الأنبا بولا من الأنبا أنطونيوس أن يسرع ويحضر الحلة الكهنوتية التي للبطريرك البابا أثناسيوس لأن وقت انحلاله قد قرب. رجع القديس أنبا أنطونيوس وهو متأثر للغاية، وإذ أحضر الحلة وعاد متجهًا نحو مغارة الأنبا بولا رأى في الطريق جماعة من الملائكة تحمل روح القديس متجهة بها نحو الفردوس وهم يسبحون ويرتلون بفرحٍ. بلغ الأنبا أنطونيوس المغارة فوجد الأنبا بولا جاثيًا على ركبتيه، وإذ ظن أنه يصلي انتظر طويلاً ثم اقترب منه فوجده قد تنيح، وكان ذلك في الثاني من أمشير (سنة 343م). بكاه متأثرًا جدًا، وإذ صار يفكر كيف يدفنه أبصر أسدين قد جاءا نحوه، فأشار إليهما نحو الموضع المطلوب فحفرا حفرة ومضيا، ثم دفنه وهو يصلي. حمل الأنبا أنطونيوس ثوب الليف الذي كان يلبسه القديس وقدمه للأنبا أثناسيوس الذي فرح به جدًا، وكان يلبسه في أعياد الميلاد والغطاس والقيامة، وقد حدثت عجائب من هذا الثوب. تحّول الموضع الذي يعيش فيه القديس إلى دير يسكنه ملائكة أرضيون يكرسون كل حياتهم لحياة التسبيح المفرحة بالرب.
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 47 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
![]() |
![]() يقول قداسة البابا شنودة الثالث بأن هذا القديس لم ينل درجة كهنوتية، ولا سلك في الحياة الديرية كراهبٍ، لكنه فاق كثيرين من أصحاب الرتب والدرجات الكنسية، وصار الباباوات يطلبون صلواته عنهم. حياته الأولى وُلد في ضيعة مِنْية يمين من أعمال الغربية من أسرة فقيرة. كان أبوه فلاحًا واسمه اسحق واسم أمه سارة، وأسمياه فريج. وليس من المعروف على وجه الدقة تاريخ ميلاده لكنه عاش في القرن الرابع عشر الميلادي وتنيح في 18 أكتوبر سنة 1404 م. كان يساعد أبوه في أعمال الفلاحة فإذا انتهى من عمل الحقل كان يبيع الملح على قعود (جمل) صغير، وقد سمّى قعوده "رويس" (تصغير لكلمة رأس) لأنه كان يداعب صاحبه برأسه الصغير. وكان هذا الجمل أليفًا حتى أنه إذا دعاه باسمه كان يّلبي دعوته، وقيل أن الجمل كان من الذكاء والولاء لصاحبه حتى أنه كان يغطيه إذا نام بدون غطاء، ويوقظه في مواعيد الصلاة. ولعل أهم ما اتسم به فريج هو تواضعه وحبه، فكسب حب القرية. خروجه من بلدته أقام في منزل والده حتى سن العشرين، ووقع اضطهاد شديد على المسيحيين حتى أن والد القديس ترك الإيمان من شدة وطأة هذا الاضطهاد. اختفى القديس ببرية الشيخ بجوارهم ، ثم انطلق إلى مصر ومن شدة تعبه وجوعه نام في الطريق فرأى في نومه رجلين يلمعان كالبرق اختطفاه وحملاه إلى السماء ثم دخلا به إلى كنيسة سماوية، رأى فيها جمعًا كبيرًا من المصلين، وسمع صوتًا من داخل يدعوه إلى التقدم للتناول من الأسرار، حينئذ قدّمه الرجلان المضيئان إلى المائدة المقدسة وتناول من الأسرار، ثم أعاداه إلى الموضع الذي أخذاه منه. بعد هذا الحلم نهض وعبر مصر ومنها إلى الوجه القبلي، وفي هذه البلاد غيَّر اسمه إلى "رويس" إنكارًا لذاته. صار يطوف في القطر من قوص بالصعيد إلى الإسكندرية. وكان يحدث كل من يلتقي به عن خلاص نفسه بدموٍع غزيرةٍ. عاش هذا القديس غريبًا هائمًا على وجهه متشبهًا بسيده الذي لم يكن له أين يسند رأسه، وكان حنينه إلى السماء شديدًا، فكثيرًا ما كان يترنم بقول المرتل: "الويل لي فإن غربتي قد طالت عليَّ وسكنت في مساكن قيدار". نسكه مارس عيشة في غاية الخشونة والقسوة وقمْع الجسد، فكان صوّامًا لا يأكل إلا قليلاً والتافه من الأطعمة، ولا يلبس إلا ما يستر عورته ويترك باقي جسمه عاريًا معرضًا لحرارة الصيف وبرد الشتاء، وكان في ذلك شبيهًا بيوحنا المعمدان. طاف في بلاد القطر المصري، وكان إذا دخل بلدًا يعمل بيديه ليحصل على ما يقتات به ويتصدق بما يتبقى، وكثيرًا ما عرض عليه محبوه الثياب الفاخرة والنقود والعطايا لكنه كان يرفضها. لم يكتفِ بعيشة الحرمان بل كان يصرف حياته صائمًا مصليًا. وقيل عنه أنه كان يصوم يومين وثلاثة انقطاعيًا، ومرة صام أحد عشر يومًا متوالية. كان مواظبًا على التناول المقدس، وكان يتناول الأسرار المقدسة في خوفٍ ورعدةٍ، وكثيرًا ما كان يُظهِر ترددًا عند التناول إحساسًا منه بعدم استحقاقه. ولما سُئِل عن هذا التردد أجاب: "لا يستحق التناول من هذه الأسرار المقدسة إلا من كان جوفه طاهرًا نقيًا كأحشاء سيدتنا الطاهرة مريم التي استحقت أن تحمل المسيح في أحشائها". ولعل ذلك كان يرجع إلى أن الله كشف عن بصيرته، فكان يرى مجد الله حالاً على الأسرار المقدسة وقت التقديس في الهيكل فيضيء بلمعانٍ لا يوصف. وُهب من الله إعلانات كثيرة روحية، وأيضًا صنع المعجزات، وكان سبب توبة كثيرين. تارة أعلن أنه رأي الشاروبيم والسيرافيم قيام حول المعمودية يرفرفون حول الطفل بفرح. كان يعمل في غربلة الحنطة ليتصدق على الفقراء. حبس نفسه في خلوة في بيت سيدة تدعى "أم يعقوب" بالقاهرة، وإذ جاع قدمت له خبزًا. أما هو فأخذ "ردة" مبلولة وأكلها، فحزنت السيدة. قال لها: "لماذا يغتم قلبك على أكلي الردة دون الخبز ولا تغتمين علي خطايا الناس؟ ألا تعلمين أن الخطية تميت الروح، أما الردة فتسند الجسد على أي الأحوال؟ وإن كان الجسد يتألم قليلاً فلكي يكف عن الخطية". سياحته بلغ إلى درجة السياحة السامية، فكان ينتقل عبر المسافات في وقت قصير جدًا ويدخل الأماكن وأبوابها مغلقة. فمرة انتقل إلى أسيوط ورجع خلال ساعة أنهى فيها مهمة إنسانية، ومرة أخرى انتقل إلى الشام ليُنجد مكروبًا. كما وهبه الله معرفة الأسرار المكنونة، وكان مُنكرًا لذاته، فقد أنكر حتى اسمه ودعى نفسه باسم جمله. وعندما ألحّ عليه البعض لمعرفة اسمه الحقيقي قال لهم "تيجي أفليّو" أي تيجي المجنون، والعجيب أن الكنيسة في صلواتها تطلق عليه هذا الاسم "تيجي". وقد أراد أن يُمعن في إنكار ذاته فكان يسير في الطرقات عاري الجسم مكشوف الرأس ويسكن في عشة من الخوص أو ينام على قارعة الطريق. وكثيرًا ما جلب عليه هذا الأسلوب الغريب تهكمات الناس واعتداءاتهم عليه بالضرب والسب والبصق عليه والرجم بالحجارة. وكان عندما تثور نفسه ضد هذه الإهانات يخاطبها قائلاً: "أين أنا من الشهيد مارجرجس وما احتمله، أو من يوحنا المعمدان الذي قطع هيرودس رأسه؟ أين ما أصابني مما أصاب الشهداء من عذاب؟" ومن فرط العذابات التي كان يتعرض لها كان يحبس نفسه في أماكن نائية، ويعتزل الناس شهورًا عديدة يصرفها في الصلوات الحارة والأصوام الإنقطاعية. وقد نظر الله إلى انسحاق قلبه وحبه وقوة إيمانه: فظهر له السيد المسيح خمس مرات بمجدٍ لا يُنطَق به وخاطبه في أحدها فمًا لأذن. وبمثل هذه الرؤى كان يتشجع ويصمد لشتى الآلام ويصمت عن الكلام. تعزيات الله وسط الآلام سمع عنه السلطان برقوق واشتهى أن يراه. وحين استبد الأمير سودون بالبابا متاؤوس استدعى الأنبا رويس وصار يسأله عن حياته وأعماله فلم يجبه بكلمة. أمر بضربه أربعمائة عصا حتى سال دمه وهو صامت. طاف به الجند في الشوارع وهم يضربونه ويبصقون عليه ويشدون شعر رأسه ولحيته، وقد بقيّ صامتًا ثم ألقوه مع تلميذه في السجن. ظهر لهما رب المجد وشفاهما، وإذ طلب الأقباط المسجونون أن يصلي من أجلهم وكان عددهم ثمانية جاءهم البابا في نفس اليوم ومعه أمر الإفراج عنهم. كان كثيرًا ما يزور بيوت المؤمنين ويخبرهم بأمور ستحدث في المستقبل ويحذرهم من أضرار ومصائب سوف تحل بهم. وكان القديس معاصرًا للبابا العظيم الأنبا متاؤس الأول الـ 87 وكان على صلة به. وفي إحدى المرات قبض الأمير يلبُغا على البابا وعلى مجموعة من المسيحيين، فلما جاء تلميذه إلى الأنبا رويس وأخبره بما حدث للبابا، تنبأ له بأن السيدة العذراء ستخلصه. وقد حدث هذا فعلاً إذ هجم أحد الأمراء من أعداء الأمير وحطَّم أبواب السجن وأخرج البطريرك ومن معه وقبض على الأمير يلبُغا وسجنه وضربه حتى مات. مرضه ونياحته ختم الأنبا رويس جهاده باحتمال مرض شديد بصبر حتى سُمِّي أيوب الجديد. فقد مرض تسع سنوات متصلة: ومكث كل هذه المدة طريح الفراش، صامتًا لا يكلم أحدًا، محتملاً بصبر عجيب. وقد صرف هذه السنوات في التنهد والبكاء والصلاة من أجل الخطاة الذين كانوا يترددون عليه، وكان يشفي المرضى الذين يزورونه بينما هو نفسه يعاني من المرض. وعندما علم بنهاية أجله بارك تلاميذه واحدًا واحدًا ومسح جسده بالماء راشمًا كل أعضائه من قمة رأسه إلى أخمص قدميه بعلامة الصليب. طلب سيدتنا العذراء مريم في ساعة نياحته فلبَّت طلبه، كما أخبر بذلك أحد تلاميذه الذي قال: "رأيت في تلك الساعة امرأة منيرة كالشمس جالسة إلى جانب هذا الأب، وقد أخذت روحه المباركة حسب طلبه". وكان انتقاله في 21 بابه تذكار السيدة العذراء، ودفن بجانب كنيستها بدير الخندق (منطقة الأنبا رويس حاليًا). عمل الله معه بعد نياحته في اليوم الثامن لدفنه سُرِق جسده، فظهر لتلاميذه وأعلمهم بواقع الحال فأعادوه إلى قبره ثانية. وكانت تجري من جسده آيات كثيرة، فأغرى ذلك جماعة من المؤمنين أن ينقلوا جسده إلى دير شهران بالمعصرة، فحملوه في سفينة في النيل. وفي طريقهم إلى الدير المذكور ثارت عليهم رياح شديدة وعواصف هوجاء كادت تغرقهم فاضطروا أن يُرجِعوا الجسد ثانية إلى قبره. وفي هذا الجيل (القرن العشرين) حاول شخص يدعى أرمانيوس بك حنا مراقب البطريركية أن يُصلِح قبر القديس، فأمر بهدمه ليبنيه على طراز حديث، فما كاد العامل يهوي على القبر بفأسه حتى شُلَّت يمينه فصرخ مستغيثًا، فأتى كاهن الكنيسة وصلى عليه حتى عادت يده إلى الحركة. ومن ذلك الوقت تُرِك قبره كما هو وكل ما عملوه أنهم بنوا فوقه قبرًا من الرخام دون أن يحركوا الجسد. باقات عطرة من سير الأبرار والقديسين، صفحة 204-208. الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية، أتوا كندا، 1987، ص 105 - 106.
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 48 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
![]() |
![]() يُعتبر أهم شخصية تمثل رهبنة الشركة في مصر بعد القديس باخوميوس. دُعي "أرشمندريت" أي رئيس المتوحدين، لأنه كان يمارس حياة الوحدة من حين إلي آخر. لقد شجع بعض رهبانه علي الانسحاب إلي البرية بعد سنوات قليلة من ممارستهم حياة الشركة، دون قطع علاقتهم بالدير تمامًا. بينما رأي القديس باخوميوس في "الشركة" ذُروة السموّ الرهباني، أما القديس شنودة فيراها مرحلة انتقالية تُعد النفوس الناضجة لحياة المتوحدين الأكثر نسكًا. كان رئيسًا للدير الأبيض في إتريب في صحراء طيبة، لأكثر من 56 عامًا (القرن الرابع/الخامس). قاد حوالي 2200 راهبًا و1800 راهبة، كما أخبرنا تلميذه وخلفه القديس ويصا. في سنة 431م رافق القديس الأنبا شنودة القديس كيرلس الكبير في مجمع أفسس المسكوني. لم يقبل في ديره أجنبيًا ليلتحق بجماعاته الرهبانية، بل كان جميع رهبانه من الأقباط الأصليين. لهذا عزف كثير من الأوربيين ذكر اسمه في الفترة الخاصة بآباء البرية، كما لم يترجموا شيئًا من أعماله علي مدي قرون طويلة. صبوَّته "شنودة" هو الشكل الصعيدي لاسم رئيس المتوحدين الذي عاش في الصعيد. لم يستعمل غير اللهجة الصعيدية في كتاباته وخطبه وحديثه اليومي، أما الشكل البحيري لاسمه فهو شنوتي ومعناها خادم الله أو المكرّس للّه. وُلد شنودة من أبوين مسيحيين تقيين، ربّيا ابنهما على المبادئ المسيحية المُثلى، وكان لوالده حقل يشتغل فيه مع فلاحيه، كذلك كان يملك قطعانًا من الغنم، فرأى أن يدرّب ابنه على العمل منذ حداثته، فأرسل شنودة ليرعى الغنم وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره. وكان الصبي يُلازم الرعاة طيلة النهار ويعطيهم طعامه الخاص بدلاً من أن يأكله، وعند غروب الشمس بدلاً من أن يعود لأبويه مباشرة، كان يقف إلى جانب بئر ويصلي حتى ساعة متأخرة من الليل. مع خاله بيجول إذ علم والده بمسلكه هذا استصحبه إلى خاله الراهب المعروف الأنبا بيجول، ولما وصل الاثنان إلى الدير قال له والد شنودة: "بارك يا أبي هذا الصبي"، ولكن الأنبا بيجول أخذ يد شنودة ووضعها على رأسه قائلاً: "أنا الذي يجب أن ينال البركة من هذا الصبي لأنه إناء مختار للسيد المسيح، الذي سيخدمه بأمانة كل أيام حياته". فلما سمع أبو شنودة هذه الكلمات تطاير قلبه فرحًا واستودع الولد خاله، فنشأ شنودة منذ صباه في دير خاله، ومنه اقتبس كل الفضائل المسيحية. ظلّ شنودة يجاهد في سبيل الكمال الروحي بالصوم والصلاة والصبر والتواضع، وكان نشيطًا يؤدي جميع الواجبات الرهبانية المفروضة عليه بهمة نادرة، وكان خاله يرقبه باهتمام زائد ويفرح لنموه السريع في العلم والفضيلة. وازداد فرحه بسبب ما رآه في رؤى الليل، فقد سمع ملاك الرب يقول له: "البس الراهب الشاب شنودة الإسكيم المقدس"، فقام في الصبح باكرًا جدًا وصلى صلاة الإسكيم المقدس ومنطقه به. وخلال هذه السنوات عاش شنودة في الدير الأحمر حيث كان خاله أبًا للرهبان، ولما رأى شنودة أنه نال كرامة الإسكيم ضاعف جهوده وأمعن في دراسة الأسفار الإلهية، ولم يقتصر على دراستها لنفسه بل أخذ يُعلّمها للرهبان والمدنيين الذين كانوا يفدون على الدير لوفاء ما عليهم من نذور، فكان يجمعهم حوله ويُعلّمهم مثبّتًا إياهم على الإيمان الأرثوذكسي. الأرشمندريت في أحد الأيام سمع الرهبان الشيوخ صوتًا يقول: "لقد أصبح شنودة أرشيمندريت" (أي رئيسًا للمتوحدين)، وكانت غيرة شنودة المتقدة وقداسته الفائقة والاستعلانات الإلهية العديدة التي منحها له الآب السماوي سببًا في اجتذاب عدد وفير من الناس إليه، جاءوا ليعيشوا معه تحت رعايته وليتعلموا منه الفضائل المسيحية. فلما انتقل الأنبا بيجول إلى بيعة الأبكار انتخبوا شنودة خلفًا له. نظامه الرهباني مع أن الأنبا شنودة اتبع نظام الرهبنة السائد في مصر إلا أنه وضع خطة يسير عليها رهبانه، بها بعض الاختلافات تتعلق بنظام طالبي الرهبنة، ونظام الإدارة، وقانون العبادة، والاهتمام بالتعليم والعمل اليدوي، ونظام العزلة جامعًا بذلك بين الرهبنة الأنطونية والرهبنة الباخومية. يختلف نظام الشركة الذي أقامه القديس شنودة عن النظام الباخومي، فقد اتسم بحزم أشد، وتتلخص خطوطه الرئيسية في النقاط التالية: 1. يقضي طالب الرهبنة فترة اختبار في بيوت خارج أسوار الدير وليس داخلها كما في النظام الباخومي. ويكتب طالب الرهبنة تعهدًا يوقع عليه قبل رهبنته، ويتلوه أمام الاخوة داخل الكنيسة، ويحفظ هذا التعهد في أرشيف الدير. 2. كان كل دير يديره أب، هذا بدوره يخضع للأرشمندريت كأب لكل الأديرة. وتقام أربعة اجتماعات عامة لكل الرهبان سنويًا، يحضرها أيضًا المتوحدون، وذلك لمناقشة أوضاع هذه الأديرة. 3. من جهة العبادة، تتلو كل جماعة من الرهبان صلوات قصيرة قبل البدء في أعمالهم. وتتكون الصلوات الخاصة من المزامير والتسابيح الكنسية، تُتلي في القلالي بإرشاد الأب الروحي, أما الصلوات الجماعية فيجتمع الرهبان أربع مرات لهذا الغرض: في الصباح وعند الظهر وعند الغروب وبالليل. يجتمعون وينصرفون في هدوء كامل، لا يفكرون إلا في الصلوات التي يتلونها. بجانب هذه الصلوات تقام ليتورجيا الافخارستيا أسبوعيًا. كان يُسمح للعائلات وكل الشعب المحيط بالأديرة أن يزوروا الأديرة في السبوت للتمتع بخدمة "العشية" وسماع العظة، كما يشتركون في القداس الإلهي مع الرهبان في أيام الآحاد. وكان الرهبان يقدمون الطعام للجماهير، وكان القديس أنبا شنودة يعظهم بنفسه. أنشأ مدرستين في الدير الأبيض، وشجع الرهبان علي التعلم، إذ آمن أن التعليم هو السلاح الفعال ضد العادات الوثنية، كما شعر بالمسئولية نحو تأسيس مدارس في القرى المجاورة. عاش الأنبا شنودة في عصر يتأجج بنيران الأحداث: ففيه انعقدت ثلاثة مجامع هي مجمع أفسس المسكوني الثالث، الذي حضره مصاحبًا للبابا كيرلس عمود الدين، ومجمع أفسس الثاني ومجمع خلقيدونية الذي شق الكنيسة المقدسة، وفيه أيضًا زالت الوثنية نهائيًا، بعد أن حاول الإمبراطور يوليانوس الجاحد عبثًا أن يعيدها إلى الوجود، وفيه أيضًا تحققت القومية المصرية، إذ وقف المصريون جميعًا كتلة واحدة ضد الملكية الدخيلة ولم يرضوا بها حتى عندما اصطبغت بالصبغة الدينية. قائد كنسي سياسي (ضد الاستعمار البيزنطي) مع أن القديس الأنبا شنودة كان شغوفًا بالعُزلة منذ صباه إلا أنه شاطر العالم حياته، إذ كان يرقب الأحداث والتقلبات السياسية بدقة واهتمام، مدركًا أن التلميذ المخلص للمسيح هو من يوصل رسالته إلى غيره من بني الإنسان. وحين جال ببصره حوله رأى بني قومه يرزحون تحت أثقال من العبودية المرة: عبودية الأوهام ومخاوف توحيها إليهم الوثنية، وعبودية للحكام البيزنطيين الذين كانوا يمتصون دماء الشعب الكادح ويسلبهم عرق جباههم، صمم على أن يكرّس لتحريرهم. بدأ بتحريرهم من مخاوفهم بأن بيّن لهم أن العناية الإلهية تقيهم كل أذى، وقرن تعليمه بالعمل، فكان يُطعم الجائع، ويكسو العريان، ويداوي المريض، ويأوي الغريب. وفوق هذا كله فقد كان يذهب بنفسه مع المظلوم من المصريين إلى ساحة القضاء ليترافع عنه شخصيًا، فإن لم يفلح في إقرار العدالة توجه بالشكوى إلى الإمبراطور رأسًا، ولم يهدأ له بال حتى ينال المظلوم حقّه. في اجتماع عام أثار الجمهور بقوله: [قلوب الحكام المملوءة شرًا وخداعًا وظلمًا وطمعًا. لهم هدف واحد هو جمع المال علي حساب الفقراء الذين هم الضحية. من يقدر أن يحصي الأتعاب التي يلاقيها الشعب من هؤلاء الحكام؟ فإنني أعرف بعضًا لم يجدوا طعامًا ليأكلوا هم وحيواناتهم. أظن أنهم يريدون أن يقيموا من المصريين عبيدًا لهم، يضعون النير علي أكتافهم.] لما كان الله قد حباه المقدرة على الكتابة والخطابة فقد استخدم هذه الموهبة ليستثير روح القومية في الشعب، فكان لا يخاطب الجماهير إلا باللغة القبطية بلهجتها الصعيدية، وبهذا اللسان المصري الصميم ألهب صدورهم حماسة، وأيقظ وعيهم القومي وجعلهم يدركون ما في مصريتهم من كرامة. وكانت هذه النار التي أوقدها الأنبا شنودة هي القوة الدافعة، التي مكّنت المصريين من أن يقفوا أمام وجه حكامهم المستعمرين، تلك الوقفة الحاسمة في مجمع خلقيدونية المشئوم، حيث رفضوا أن يحنوا هامتهم للإمبراطور مركيان، حين زعم أنه يستطيع أن يفرض عليهم مذهبه الخلقيدوني، الذي يخالف عقيدتهم الأرثوذكسية التي تعلموها من آبائهم. مُصلح اجتماعي روحي ترتبط العبادة عند القديس شنودة بالحياة الاجتماعية. فالدين هو حب عملي وتقوي. لهذا لم ينعزل القديس شنودة ورهبانه الآلاف عن المجتمع المصري. نذكر علي سبيل المثال عندما أغار الغزاة علي صعيد مصر وسبوا الآلاف من الشعب، قابل الغزاة وأقنعهم أن يأخذوا الغنائم ويتركوا النفوس. ثم فتح ديره للمسببين البالغين آلافًا من النفوس ليستقروا هناك لمدة ثلاثة شهور. كرّس الرهبان وقتهم لخدمتهم. وقام سبعة من الأطباء الرهبان بتضميد الجروح. خلال هذه الفترة مات 94 شخصًا دُفنوا بالدير، بينما وُلد بالدير 52 طفلاً. أكلت الجماهير 8500 أردبًا من القمح مع كميات ضخمة من العدس والزيت والفول... بهذا يمكننا أن نتصور عدد الضيوف الذين عاشوا في الدير هذه المدة الطويلة. وكيف آمن الرهبان بالحب العملي كأهم من أي قانون أو تدبير رهباني. اهتمامه بالراهبات لم يكن الأنبا شنودة أبًا للعديد من الرهبان فحسب، بل كان أبًا لألف وثمانمائة راهبة أيضًا، وقد كتب لهؤلاء الراهبات رسائل عديدة الغرض، منها تعليمهن وإرشادهن وتثبيتهن على الإيمان القويم. ومع أنه كان أبًا لهذا العدد الوفير من الرهبان والراهبات إلا أنه ظل يمارس حياة العزلة باستمرار، ولذلك تأهّل لأن ينال لقب "رئيس المتوحدين"، فكان يقضي بعضًا من الوقت في كل سنة منقطعًا بمفرده، ولم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب منه أثناء هذه العزلة. قد عاش الأنبا شنودة حتى بلغ الثامنة عشرة بعد المائة، قضى ستة وستين عامًا منها رئيسًا لبضعة أديرة، بعضها للرهبان وبعضها للراهبات، وقد منحه الله مع هذا العمر الطويل الصحة والعافية، فظل طيلة حياته يعمل بلا هوادة منذ أن تسلم قيادة الدير الأحمر عن خاله الأنبا بيجول، كما نجح بجهاده المتواصل وهمته في أن يثبت نظام أديرته، وأن يسلم الشعلة وهّاجة إلى تلميذه ويصا، كذلك نجح نجاحًا باهرًا في أن يوقظ في مواطنيه عاطفتهم نحو بلادهم. القمص تادرس يعقوب ملطي : الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كنيسة نسك.
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 49 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
![]() |
![]() نياحة القديس الانبا افرام السريانى ( 15 أبــيب)
في مثل هذا اليوم من سنة 379 م تنيح الأب القديس الأنبا افرآم السرياني . ولد في مدينة نصيبين في أوائل الجيل الرابع من أبوين وثنيين في أيام الملك البار قسطنطين واتفق له أن اجتمع بالقديس يعقوب مطران نصيبين الذي وعظه وعلمه حقائق الإيمان المسيحي فأمن أفرأم علي يديه وتعمد منه ولبث عنده وأخذ في التعبد الزائد حتى فاق أهل زمانه وصار يجادل الأمميين ويتغلب عليهم بالنعمة التي فيه ولما اجتمع مجمع نيقية صحب معلمه مار يعقوب إلى هناك وحدث في أحد الأيام والقديس قائم في الصلاة أن رأي عمودا من نور ممتدا من الأرض إلى السماء فلما تعجب من ذلك سمع صوتا يقول له : " هذا الذي رأيته هو القديس باسيليوس أسقف قيصرية " فاشتاق أن يراه وذهب إلى قيصرية ودخل الكنيسة ووقف في زاوية منها فرأي القديس باسيليوس وهو مرتد بدلته الكهنوت موشاة بالذهب ، فشك في قداسته فأراه الرب حمامة بيضاء حلت علي رأسه ثم ألهم الله القديس باسيليوس بوجود القديس أفرأم فاستدعاه باسمه فعجب الأنبا أفرأم كيف عرفه وسلما على بعضهما ثم رسمه القديس باسيليوس شماسا فزاد في نسكه وظهرت منه فضائل عظيمة تفوق الوصف . منها أن إحدى النساء المحتشمات استحت أن تعترف للقديس باسيليوس مشافهة . فكتبت خطاياها منذ صباها في قرطاس وأعطته القديس باسيليوس فلما تناوله وعرف ما فيه صلي من أجلها فابيض القرطاس إلا من خطية واحدة كانت عظيمة فبكت المرأة وتضرعت إليه أن يصلي عنها ليغفر لها الله خطيتها هذه فقال لها : " اذهبي إلى البرية حيث القديس أفرأم وهو يصلي من أجلك " فذهبت اليه وأعلمته بذلك فقال لها :" أنا رجل غير أهل لهذه الدرجة فعودي إلى القديس باسيلوس لأنه رئيس كهنة وأسرعي قبل خروجه من هذا العالم " . ولما رجعت المرأة وجدته قد تنيح وهو محمول علي رؤوس الكهنة فبكت وألقت القرطاس فوجدته قد صار أبيض . وقد صنع القديس أفرأم آيات كثيرة و ، في أيامه ظهر ابن ديصان وكان كافرا فجادله هذا الأب حتى تغلب عليه وقد وضع مقالات وميامر كثيرة جدا ، ولما أكمل جهاده انتقل إلى الرب صلاته تكون معنا . آمين استشهاد القديس كرياكوس وأمه يوليطة ( 15 أبــيب) في مثل هذا اليوم استشهد القديس قرياقوس ويوليطة أمه . عندما كان عمر قرياقوس ثلاث سنوات ، بارحت أمه أيقونية موطنها ومعها ولدها إلى طرسوس هربا من الوالي الذي كان يعذب المسيحيين ولكنها وجدته هناك فسعوا بها لديه . فاستحضرها وعرض عليها عبادة الأوثان فقالت له : " أن قولك هذا لا يقبله طفل ابن ثلاث سنوات " فقال لها : " نسأل طفلك هذا " فانطق الله الطفل وصاح قائلا : " " أن معبوداتك حجارة وأخشاب صنعة الأيدي وليس اله إلا سيدي يسوع المسيح " فاندهش الحاضرون وافتضح الوالي ولذلك عذبه عذابا يفوق سنه وعذب أمه أيضا بأنواع كثيرة وكان الرب يقيمهما سالمين وشاهد ذلك أناس كثيرون فآمنوا بالسيد المسيح ونالوا إكليل الشهادة . وأخيرا أمر الوالي بقطع رأسيهما ونالا إكليل الحياة . صلاته تكون معنا . آمين استشهاد القديس الجليل أنبا هرسيوس بصول ( 15 أبــيب) في مثل هذا اليوم استشهد القديس الجليل أنبا هرسيوس بصول . شفاعته تكون معنا ولربنا المجد دائما . آمين |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 50 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
![]() |
![]() كيف اعترف حسناً؟
الإعتـراف سـر مقـدس يسبقـه توبة الإنسان، حتى أننا فى عقيدة الكنيسة نسمى سر الإعتراف "سر التوبة". إذا أنه يقود الإنسان إلى التوبة إذا مارسه الإنسان بطريقة روحية تليق به. فكيف نمارس الإعتراف حسناً، ونستفيد ببركاته؟ 1- التوبة الصادقــــة : (ندامـــة - إنسحـــاق - عـــزم أكيد على تغيير حالتى). هو الشـرط الأساسـى والفعال لنوال فاعليـة سـر الإعتـراف، إذ لابد من جلسة توبة ومحاسبـة للنفـس قبـل الذهاب للإعتراف. 2- كمرشد لمحاسبة النفس : قبل الإعتراف يمكن الرجوع إلى النصوص الإنجيلية الآتية: أ- الموعظة على الجبل (مت 5،6،7). ب- رومية (رو 12،13،14). ج- كورنثوس الأولى (إصحاح 13). د- رسالة يوحنا الأولى. 3- الإيقان بأن الإعتراف : ليس مجـرد علاقـة بينك وبين أب الإعتراف، إنما قبل كل شـئ هو علاقة مع الله. فنحـن نعتـرف إلـى الله فى سمع الكاهن. 4- إعترافك بخطيتك : معناه أنك تطلب أن يحمل لها المسيح بدلاً منك. تنتقل منك إليه فيحملها عنك لذلك قدم إعترافك بروح التواضع والإنسحاق. 5- إعرف إنك على قدر : ما تفتح قلبك وتكون صريحاً فى إعترافك على قدر ما تستفيد روحياً. لذا ففى إعترافك لا تذكر أنصاف الحقائق بل الحقيقة كاملة. 6- لا تحاول أثناء الإعتراف : أن تلتمس لنفسك الأعذار كما يجب ألا تحول الإعتراف إلى شكوى من غيرك. فالإعتراف ليس للتحدث عن أخطاء الآخرين بل عن أخطائك وحدك. 7- إهتم بالناحية الإيجابية فى إعترافك. 8- إعترف بالخطايا : حتى لو كنت تعرف علاجها. 9- لا تجعل قدميك ثقيلة : على الإعتراف بل يجب الإعتراف المستمر على فترات متقاربة (مرة فى الشهر على الأقل). 10- تعامل مع اب إعتراف : بروح الثقة والطاعة الحكيمة، ولا تتضايق من توبيخه لك أحياناً، كذلك ينبغى أن تراعى وقت أب الإعتراف ومسئولياته وصحته. 11- أتلو صلوات : ما قبل الإعتراف، وما بعد الإعتراف. 12- بعد الإعتراف جاهد : فيما أخذت من تداريب وإرشادات دون يأس أو إحباط بل بحرارة وإستمرارية. كيف أتغلب على الخطية؟ الخطية بصفـة عامـة هـى عنصـر دخيل على طبيعة الإنسان، والوضع الأصلى هو أن نحيا مع الله، وبقيامة السيد المسيح صار لنا الغلبة على الخطية. فكيف إذن أتعامل مع الخطية؟ لنحصد النصرة؟ 1- الإيمان بأن السيد المسيح أقوى من الخطية فهو قـادر أن يقيمنى من مـوت الخطيـة "مــــن آمــــن بـــى ولــو مــــات فسيحيا" (يو 25:11)، "إن الخطية لن تسودكم" (رو 14:6). 2- الإحساس بأنى إبن لله فى كل الحالات فمهما كانت آثامى وخطاياى، فالله الآب السماوى الحنون الذى يقبلنى كإبن له. فى مثل الإبن الضال (لو 15) لم يدع الإبن أن ينطق بأنــه أجيـر وصـرخ فـى وجهـه: أنت إبنى وستظـل إبنـى.. أنـت إبنـى فـى كل حالاتك. قـول آبائـى: "يمكـــــن للإنســـــان أن يتــــرك البنـــــوة، ولكــــن الله لا يمكــــن أن لا يكون أباً". 3- التوبة الحاسمة والرجاء فى الله المطلوب هو كره الخطية من كل القلب، والتوبة والرجاء فى الله "لا تشمتى بى يا عدوتى لأنى إن سقطت أقوم" (مى 8:7). قول أبائى: "أنت لن تدان على سقطاتك بقدر ما سوف تدان على عدم توبتك ورجائك". 4- الثقة بإمكانية التغيير فى حياتى أن السيد المسيح قادر أن يخلق فىّ قلباً جديداً، وكياناً جديداً فهو الذى غير الزانى إلى قديس (أغسطينوس)، وهو الذى صير اللص باراً (القديس موسى الأسود). 5- إياك أن تترك أسلحة محاربتك مهما كانت حالتك قم سريعاً بعد السقوط ولا تيأس، لأن خلف نفسك المجروحة يقف لك السيد المسيح ممسكاً بإكليل الجهاد، وتمسك بأسلحة محاربتك واستمر فى جهادك وحفظ حواسك، وإياك أن تترك وسائط النعمة. أ- الأسرار المقدسة : التوبة والإعتراف والإفخارستيا. ب- الكتاب المقدس : "سراج لرجلى كلامك ونور لسبيلى" (مز 105:119). ج- الصلاة والصوم : "هذا الجنس لا يخرج بشىء" (مر 29:9). وأشبع بالسيد المسيح حبيبك "لأن النفس الشبعانة تدوس العسل" (أم 7:27). الشباب وكيف يحيا حياة الصلاة ? أ- كيف أتغلب على مشكلة السرحان فى الصلاة؟ أحياناً نعانى من طياشة الفكر والسرحان أثناء الصلاة، ونتساءل كيف نعالج هـذا الموضـوع. إليـك بعـض الأمـور التـى تساعدك فى هذا الأمر : 1- أغلق بابك : أغلق نوافذ حواسك عن العالم، وما فيه من مشاكل وإنشغالات، حتى لا يدخل منها شئ يشتت فكرك أثناء الصلاة. 2- التمهيد للصلاة : قبل أن ترغب إليه مصلياً استعد بما يجب وذلك عن طريق : أ- قراءة الكتاب المقدس، أو فصل من كتاب روحى.. - "القراءة هى ينبوع الصلاة النقية". - "من القراءة يتجمع الفكر". أقرأ الكتاب قبل الصلاة، ثم تخير آية وصلى بها فى قلبك. ب- ترتيلة أو لحن معزى. ج- التأمل فى صليب ربنا يسوع المسيح يعطى حرارة للصلاة. د- صلب على قلبك وأعضائك وارشمها بمثال الصليب الحىّ. 3- حديث الصلاة : "الصــلاة الحقيقيــة هــى التــــــــــى تكــون فيهـــا أفكــــار الصــــلاة متحدة مع مشاعر القلب". "الصلاة الروحانية لا تكون من مجرد الكلام والتلاوة، لأن الله روح فصلى بأمانة بالروح". ليتك تصلى بروح البنوة بدالة وحوار وانسحاق. 4- مشاركة الجسد تزكى اشتعال الروح : السجود مرات كثيرة أثناء الصلاة (المطانيات). الصوم والزهد والتقشف يساعد على حرارة الصلاة. الألحان المعزية وبالذات الألحان المحركة للمشاعر. 5 - حوّل موضوع السرحان إلى صلاة : إذا سرحت فى موضوع ما فحوّل موضوع السرحان إلى صلاة تُدخل فيها المسيح، وتدمجه وتشركه فيما تفكر فيه. وفى النهاية دعنى اطمئن قلبك بهذه الكلمات الحلوة للآباء القديسين : - "ليست الصلاة الطاهرة التى تخلو من طياشة الفكر، بل التى لا يعيش أثناءها العقل فى أمور باطلة". - "لسنا ندان من أجل تحرك الأفكار والأشكال فينا، بل ندان إن كنا نوافقها ونعطيها فينا فسحة، ونجد نعمة إذا لم نوافقها بل نقاتلها". ب- كيف اتغلب على مشكلة الكسل وضعف الرغبة فى الصلاة؟ هذه المشكلة ترجع كما اعتقد إلى أسباب ثلاثة : 1- الخطية. 2- ضياع الهدف. 3- التراخى. والعلاج يكمن فى : 1- الإيمان بأن الصلاة أقوى من الخطية : فبالصلوات المستمرة يتحصل الإنسـان علـى رصيد كبير من القوة يكفى فى النهاية لتطهيـر النفس وتقديسها. فالصلاة تغسل القلب بدموع التوبة... كذلك الخطية لا يمكن أن تحطم كل ما يحصل عليه الإنسان فى الصلاة.. فالصلاة غالبة فى النهاية، وهى العلاج لمواجهة الخطية. 2- بدون الصلاة لا تستقيم الحياة الروحية : قال الآباء : "إذا لاحظت ان إنساناً لا يحب الصلاة، فاعرف فى الحال أنه ليس فيه شئ صالح بالمرة". "الذى يتهاون بالصلاة ويظن أن له بابا آخر للتوبة، هو مخدوع من الشياطين" (القديس ماراسحق). 3- التغصب هو العلاج الحقيقى للكسل : قال السيد المسيح: "ملكوت السموات يغصب، والغاصبون يختطفونــه" لابد من التغصب أمام كسل الجسد وتراخيه. أقوال آبائية : "إذا كنت تسأل إلى أى حد أغصب ذاتى فإنى أقول لك إلى حــد الموت، اغصب نفسك من أجل الله". "أليق بنا أن نموت فى الجهاد، من أن نحيا فى السقوط". "من الصلوات الغصبية المقدمة بحزن وخضوع وانسحاق، تتولد صلاة النعمة الإرادية المملوءة بالحب". هيا ندرك معاً... أن الصلاة هى رئة الحياة الروحية، فالذى لا يصلى هو ميت، وليست فيه حياة. ولنغصب ذواتنا أولاً، وسرعان ما يتحول الغصب إلى ذبيحة حب، مقدمة لشخص الرب يسوع. اكيف اختار واتعامل مع الاصدقاء؟ أ- كيف اختار واتعامل مع الاصدقاء؟ 1- كيف تختار صديقك ؟ 1- توافق الأهداف والمبادئ (إنسان روحى). 2- التوافق الفكرى مما يسهل الفهم المتبادل. 3- توافق الطباع والميول. 4- المحبة والبذل هى أساس أى صداقة ناجحة وليس صداقة المنفعة أو المصلحة الشخصية. 5- استشارة أب الإعتراف وطرح الموضوع أمام الله فى الصلاة. 2- كيف تتعامل مع صديقك؟ 1- الحرص على فرص اللقاء الروحى معاً (إجتماع - تسبحة - دراسة كتاب - قداس). 2- المحبة الأخوية "وادين بعضكم بعضاً بالمحبة الأخوية" (رو 10:12) من خلال المجاملات والمساندة فى الشدة والفرح. 3- اقبل النقد البنّاء، فصديقك مرآه لنفسك. 4- احتفظ بجزء من أسرارك لنفسك. 5- اغفر لصديقك حينما يخطئ، واقبل عيوبه، وهنا يجب ألا نفترض فى الصديق العصمة، فتثور لأتفه الأسباب. 6- اجعل علاقتك بالجنس الآخر: مقدسة - محدودة - جماعية - مفهومة. 7- تعلم متى تقول لا للصداقة غير المثمرة لأن "المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة" (1كو 33:15)، وانهى هذه الصداقة بهدوء وحكمة. ب- كيف نعيش صداقة القديسين؟ 1- التشفع بقديس معين أو أكثر : اختـر قديسـاً تأثـرت بـه واتخـذه صديقــاً لك فـى حياتــك، وضــع صورتــه فـى غرفتـك ناظــراً إليــه ومتحدثاً معه، كرفيق حلو ولذيذ (مثل صداقة البابا كيرلس ومارمينا). 2- أشركهم فى معاناتك ومشاكلك وأمور حياتك اليومية : قــم بتوزيـع مـواد الدراسة علـى القديسيـن، وأطلب شفاعتهم أثنـاء المذاكــرة، وأيضـاً فى الإمتحانات. إذا كانت هناك مشكلـة فى البيت ليت الأسرة كلهـا تتجمع للصلاة، وتتشفع بالقـديس شفيع الأسرة. إذا ألم بك ضيقة أو مرض أو تجربة تتعرض لها تشفع بالقديس شفيعك. 3- عمل تماجيد للقديسين فى أعيادهم : كل واحد فى الأسرة يتشفع بقديس معين يذكر بقية أعضاء الأسرة بضرورة عمل تمجيد للقديس فى عيده. عمل تماجيد للقديسين الذين قد تسمينا بأسمائهم. يمكن عمل ركن خاص بالمنزل لأيقونات القديسين، وقناديل الزيت للتبرك منهم ويفضل أن تكون فى الجهة الشرقية، ليكون موضع صلواتنا اليومى. 4- زيارة أماكن وأديرة القديسين : لأخذ بركتهم والاقتداء بسير حياتهم. كما قال أحد الآباء: "شهية هى أخبار القديسين، فهى فى مسامع الودعاء مثل المياه الجارية للفردوس الجديدة". 5- قراءة سير القديسين : من خلال السنكسار أو الكتيبات، فإن قراءة سير القديسين لها دور هام فى نقاوة القلب، ونقاوة الفكر. إذ أنها تطرد الأفكار الشريرة "اذكروا مرشديكم الذين تكلموا بكلمة الله. انظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم" (عب 7:13). تدريب : ليتك أثناء مجمع القداس أو التسبحة تتشفع بالقديسين وتوزع عليهم طلباتك. كيف أخدم كخادم مع إنى لست مدرس بمدارس الأحد؟ بادرنى أحد الشباب بمرحلة ثانوى بهذا التساؤل، بعد القائى موضوعا فى ندوتهم الشهرية فكان ردى الأتى : 1- بالقدوة أى بالنموذج الحىّ الذى يرى فيه الجميع شخص المسيح.. يرى فيك الآخرون سلوك المسيح وقلب المسيح المحـب، وفكـر المسيح العاقل المتزن. "لكى يرى الناس أعمالكم الحسنة فيمجدوا أباكم الذى فى السماوات" (مت 16:5).. 2- بأعمال الرحمة مثل خدمة أخوة الرب: المحتاجيـن، والمعوقيـن، والمرضى، والأيتام والأطفال المرضى بالسرطان، والفشل الكلوى... وغيرها من أعمال الرحمة. يقول أحد الآباء: "من يفتح بابه للمعوزين والضعفاء يمسك فى يده مفتاح باب الله".. 3- بإفتقاد أخوتك البعيدين أن تبحث عن أخوتك البعيدين عن الكنيسة، وتجذبهم إلى بيت الرب وتوصل لهم رسالة الإنجيل، وموضوعات الكنيسة الشيقة، وتعمل على الصلاة من أجلهم بإستمرار. 4- بالحب العملى وهذه أقوى خدمة وشهادة للرب يسوع فى وقت انتشرت فيه الأنانية، وأصبحت هى قانون الحياة. قدم خدمة البذل والعطاء لأخوتك، فى صورة عملية. "يا أولادى لا نحب لا بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق" (1يو 18:3). 5- بالتفاعل الإيجابى فى المجتمع أى عدم العزلة والتقوقع... لأن رسالة المسيحية ليست رسالة إنحسار بل رسالة إنتشار بالحب، وعدم التعصب، أو الطائفية. فعليك بالمشاركة فى نواحى أنشطة المجتمع المختلفة، وليكن لك دور حىّ وفعّال فى الوسط والبيئة التى أنت موجود بها، لأنك أنت هو نور العالم - ملح الأرض - رائحة المسيح الذكية - سفير المسيح - الخميرة التى تخمر العجين كله. كيف أكون إنساناً متزناً؟ الإتـزان هـو الإنسجـام والإتسـاق والتوافق بين أبعاد الحياة المختلفة من أجل حياة أفضل، مثل إتزان الشخصية "وكان يسوع يتقدم فى الحكمة والنعمة والقامة عند الله والناس" (لو 52:2) وإتزان السلوك وإتزان الإتجاهات. والنقاط التالية سوف تساعدنى على أن أكون إنساناً متزناً : 1- الإلتصاق بالمسيح فهذا يعطـى إستنـارة إلهيـة - سمواً للدوافع - طبيعةً جديدة. 2- تربية الإفرازفهذا يساعدنا على.. أ- التمييز بين الصواب والخطأ. ب- الإنتقاء الجيد للأمور التى تبنى حياتنا. ج- عدم التطرف فى الفضيلة يميناً أو يساراً "امتحنوا كل شئ وتمسكوا بالحسن" (1تس 21:5). 3- الإسترشاد والخبرةالحاجة إلى المرجعية والإستفادة من خبرات الآخرين. 4- الرؤية الشاملة أى أن يكون الإنسان متعدد الزوايا والإهتمامات، وليس ذا أفق ضيق، ورؤية أحادية للأمور. وذلك يتم عن طريق : أ- توسيع نطاق المعرفة وتنويعها. ب- مرونة الشخصية. 5- مهارة التنسيق أى القدرة علـى التنسيـق بيـن توزيع الوقت، وتوزيع الجهد المبذول وتوزيع الإتصالات... الخ. ختاماً... فالنمو فى حياة الاتزان يؤدى بنا إلى نمو فى الحكمة، وهى التى تقودنا بدورها لحياة أعمق وأغنى بالرب يسوع. كيف أصير شخصية قوية؟ ليست القوة هـى قـوة شمشونيـة فـى الجسد والعضلات، وليست هى قوة العنف والسيطرة وإخضاعها الآخرين، وليست هى قوة المنصب والسلطان والجاه.ولكنها هى قوة الروح فى الداخل تعبر عن ذاتها فى الخارج بأسلوب روحى. ومن ثم فمن أهم سمات الشخصية القوية : 1- القدرة على ضبط النفس "مالك نفسه خيرً ممن يملك مدينـة" (أم 32:16). أى له القدرة على ضبط الفكر أمام الشهوات، ضبط الحواس (العين - الأذن) ضبط اللسان، ضبط الإنفعالات وعدم الغضب، ضبط العاطفة، ضبط الغريزة. 2- القدرة على إعلان الحق بشجاعة ففى الوقت الذى قال فيـه الرب يسوع: "تعلمــوا منــى لأنـى وديــع ومتواضــع القلــب" (مت 29:11) أمسك السوط، وطرد باعة الحمام من الهيكل، وأعلن الحق بوضوح "بيتى بيت الصلاة يدعى وأنتم جعلتموه مغارة للصوص" (مت 13:21). ولنا فى مواقف يوحنا المعمدان وإيليا النبى وغيرهم فى التصدى للظلم، وإعلان الحق بشجاعة أمثلة حية نتمثل بها. 3- القدرة على إتضاع الفكر عدم العناد وتصلب الرأى، قبول الحوار مع الآخـر، الإعتراف بالخطأ، الإستعداد للطاعة والتنازل عـن الرأى الشخصى، تقديم الآخرين فى الكرامة. 4- القدرة على المثابرة وتجاوز الفشل "انسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام" (فى 13:3). أمثلة : هيللين كيلر - بيتهوفن - اسحق نيوتن.. 5- القدرة على الإحتمال والحب مثلما أحتمل الرب يسوع صالبيـه "إغفــر لهــم يا أبتاه لأنهم لا يعلمون مــاذا يفعلــون" (لو 34:23)، ومثل الشهيد استفانـوس "يـــارب لا تقـم لهــم هـذه الخطية" (أع 60:7). ختاماً.. إن مصدر القوة الحقيقية هو الله نفسه "قوتى وتسبحتى هو الرب، وقد صار لى خلاصاً" (مز 14:118). كيف نبدأ عاماً دراسياً جديداً؟ أولاً: كن متأصلاً 1- روحياً : بالتوبة اليومية والإمتلاء اليومى بالروح القدس، من خلال وسائط النعمة (الصلاة - الإنجيل - التناول). 2- كنسيـاً : بالشبع بالقداسات والتسبحة وطقوس الكنيسة وإجتماعاتها الدسمة. 3- ثقافياً : بالمعرفة والاستنارة من خلال القراءات المتنوعة. 4- إجتماعياً : بالعلاقات السوية المقدسة مع الآخرين وخاصة الوالدين. ثانياً: كن ناجحاً وهذا يحتاج إلى : 1- سلام : العلاقة الحية بالله. 2- نظام : تنظيم الوقت وإستثماره والإلتزام الجاد. 3- صفاء ذهنى : أ- ابتعد عن المشاكل والمهاترات، خاصة داخل الأسرة. ب- تجنب الإرتباطات العاطفية، والتصورات الجنسية. ج- تجنب السرحان، والإفراط فى أحلام اليقظة. 4- استيعاب (5 ت) : - تركيز : فى فهم الموضوع جيداً، ويساعدك فى هذا صفاء الذهن. - تلخيص : إيجاز الموضوع فى نقاط محددة يسهل حفظها. - تسميع : اجعل أحد أخوتك أو زملاءك يقوم بالتسميع لك. - تربيط : العناصر مع بعضها البعض (الألوان - الحروف الأولى). - تكرار : من أجل تثبيت المعلومة. ثالثاً: كن شاهداً اشهد للمسيح وسط زملائك فى المدرسة، وداخل الأسرة : 1- بالحب والخدمة الباذلة للجميع. 2- بالنموذج والقدوة الحسنة فى سلوكك وتصرفاتك. 3- بالعلاقات الناجحة وعدم العزلة والتقوقع. مع تمنياتى لكم بعام دراسى ناجح، كيف تتفوق فى دراستك؟ 1- السلام الداخلى والصفاء الذهنى السلام الداخلى يأتى من علاقة حية بالله، فيها تخصص أوقاتاً ثابتة ومنتظمة يومياً: للصلاة وقراءة الإنجيل والقداس والتناول من جسد الرب ودمه، بعد توبة صادقة. كما أن الذهن الهادئ المستقر هو القادر على إستيعاب المعلومات وفهمها لذلك : 1- ابتعد عن المشاكل والمهاترات خاصة داخل الأسرة. 2- تجنب الإرتباطات العاطفية والتصورات الجنسية. 3- تجنب الضغوط النفسية (القلـق - الخـوف - الشك..) بالإتكال على الله. 4- تجنب السرحان فى مواضيع متناثرة، والإفراط فى أحلام اليقظة. 5- ضع فى ذهنك صورة الإنسان الناجح الذى تتمناها لنفسك، ولا تسمح لصورة الفشل السلبية أن تستقر فى ذهنك "أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى" (فى 13:4). 2- النظام والترتيب 1- خصوصية مكان المذاكرة بقدر الإمكان. 2- ضع هدفاً كبيراً تسعى إليه، وتشحذ به همتك كلما ضعفت. 3- ليس المطلوب أن تبذل مجهوداً كبيراً فى يوم واحد، ولكن أن تبذل جهداً منتظماً ومستمراً، ولو كان هذا الجهد قليلاً (الجدول الدراسى المنتظم). 4- تجنب كل مصادر ضياع الوقت مثل: الترفيه الزائد أمام التليفزيون، أو تعطيل الأصدقاء، أو كثرة الأحاديث، أو التليفون... الخ. 5- المواد المتناغمة مع ممارسة فن تشجيع النفس. 3- فن المذاكرة 1- أحبب المذاكرة لتقوية الرغبة والدافع عندك. 2- الأستيعاب الجيد لمعالجة مشكلة النسيان وهنا أود أن أذكرك بما يسمى الـ 5 ت: أ- التركيز. ب- التلخيص. ج- التسميع. د- التربيط. هـ- التكرار. 3- درب نفسك على موقف الإمتحان، بأن تعطى لنفسك فرصة لإجابة العديد من الإمتحانات، فهى سر من أسرار التفوق. ختاماً... ضع هاتين الآيتين أمامك وتذكرهما بإستمرار : "الله لم يعطنا روح الفشل، بل روح المحبة والنصح والقوة" (2تى 7:1). "إله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبنى" (نح 20:2). كيف نعالج مشكلة الغضب ؟ ليـس كـل غضـب خطيـة هناك نوعان. أحدهما مقدس ويسمى الغيرة المقدسة، والآخر خاطئ "كل من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم" (مت 22:5). والغضب الخاطئ يفقد الإنسان سلامه الداخلى وتتعب أعصابه، ويخطئ بالقول والفعل فى حق الآخرين.. وقد حذرنا الكتاب: "اغضبوا ولا تخطئوا..." (أف 26:4). فكيف إذن نعالج هذه المشكلة؟ علاج الأسباب أو تجنبها فأحيانــاً التعـب الجسـدى والعصبى يـؤدى إلـى الغضـب، ومن ثم يجب الراحـة، كـذلك لنتعلـم ألا نتدخل كثيراً فيما لا يعنينا، وأن نقبل الرأى الآخر ونناقشه بهدوء.. أعرف مما تغضب وتجنب السبب الذى يؤدى بك إليه.. وجوب الإبطاء فى الغضب حاول ألا تتسـرع أو تندفـع بل هدئ نفسك، وأصرف الغضب سريعاً، وتذكر هذه الأقوال الإلهية : "تعقل الإنسان يبطئ غضبه" (أم 11:19). "ليكن كل إنسان مسرعاً فى الاستماع مبطئاً فى التكلم مبطئاً فى الغضب" (يع 19:1). "اغضبوا ولا تخطئوا" (أف 26:4). "لا تغرب الشمس على غيظكم" (أف 26:4). قطع تيار الغضب بروح الإتضاع والوداعة السيد المسيح قطع تيار الشر السارى فى الناس بإتضاعه ووداعته "تعلموا منى لأنى وديع ومتواضع القلب" (مت 29:11) فليتنا نتعلم من وداعته وإتضاعه لنقطع تيار الغضب فى حياتنا. وهناك قول آبائى يقول: "إذا لم ترد على الأهواء بالأهواء فالعالم يُغلب وسلسلة الأهواء تنقطع". فضل النعمة الإلهية عندمـا أتحـد بالمسيـح من خـلال وسائـط النعمـة (الصلاة - الإنجيل - الأسرار المقدسة) حينئذ يكون لى فكر المسيح، وقلب المسيح، وسلوك المسيح كيف نتعامل مع الضيقة ؟ الضيقة هى شركة حب فى آلام وصليب الرب يسوع، لذلك قال القديس الأنبا بولا: "من يهرب من الضيقة يهرب من الله". وللتعامل معها هناك خمسة مفاتيح: مفتاح الصلاة بالصلاة والصوم نواجه كل مشاكلنا وتجاربنا وضيقاتنا "ادعنــى وقــت الضيـــــق، أنقـــــذك فتمجدنـــى" (مز 15:50)... الكنيسة تعودت أن تواجه الضيقة بالصلاة والصـوم (مثــل معجزة نقل جبل المقطم - بطرس وخروجه من السجن..)، "هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم" (مت 21:17). ليتك تتعلم أن تتشفع بأحد القديسين فى وقت الضيقة، وتشركه معك فى المشكلة، وتلجأ إلى المذبح فهو يحل الكثير من المشاكل، كما كان يفعل البابا كيرلس ومارمينا شفيعه مفتاح المواعيد تذكر وعود الله فى الكتاب المقدس، وضعها أمامك : "أنا معك ولا يقع بك أحد ليؤذيك" (أع 10:18). "أنا معك وأحفظك حيثما تذهب" (تك 15:28). "تعالوا إلىّ يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم" (مت 28:11). تدريب : ليتك تضع خطاً مميزاً تحت مواعيد الله الواردة فى الكتاب المقدس، وتستخدمها فـى وقت الضيقة "ذكرنى فنتحاكم معاً" (أش 26:43). مفتاح الثقة أعلم أن الله قادر أن يغير كل شئ إلى أفضل وإلى العكس. "علمت أنك تستطيع كل شئ ولا يعسر عليك أمر" (أى 2:42). كل شئ مستطاع للمؤمن" (مر 23:9). "غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله" (مت 26:19) ليكن لك الإيمان بالله القادر على كل شئ. مفتاح الرجاء أعلم أن باب الله مفتوح أمامك على الـدوام، مهما أغلقت باقـى الأبـواب "هاأنــذا قــد جعلــت أمامك باباً مفتوحاً ولا يستطيع أحد أن يغلقه" (رؤ 8:3). لا تنظر إلى الأبواب المغلقة، ولكن أنظر إلى المفتاح الذى فى يد الله. حتى لو تأخر الله فى حل المشكلة تذكر: "أنتظر الرب وليتشدد وليتشجع قلبك" (مز 14:27).. مفتاح الأبدية التطلع إلى الأبدية يخفف من وطأة الضيقة والآلام، ويرفع قلوبنا إلى الكنز السماوى. "لأن خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبدى" (2كو 17:4). كيف اترك الإدانة ؟ الإدانة بنت الكبرياء، كما أن عاقبتهـا دينونة أبوية "افتظن هذا أيها الإنسان الذى تدين أنك تنجو من دينونة الله" (رو 3:2) فكيف نترك الإدانة؟ تذكر ضعفك وخطاياك اشعر أن كل الناس أفضل منك، وتذكر ضعفك وخطاياك، وكيف أن الله يستر عليك. "إذا إنشغلت عن خطاياك وقعت فى خطايا أخيك" (الأنبا أشعياء). أعذر غيرك وتأمل فى صفاته الحسنة اعذر غيرك ولا تدينه، لأنك لا تعرف نهاية سيرته كقول القديس يوحنا القصير: "إن هذا أخطأ اليوم ولكنه ربما يتوب، أما أنا فإنى قد أحظئ غداً وربما لا أعُطى مهلة كى أتوب". ودائماً أنظر إلى النقاط المضيئة فى الآخرين كما فعل السيد المسيح مع السامرية. لا تسمح لأذنك بسماع الإدانة لأن من يدين غيره سوف يقوم بإدانتك أنت أمام الآخرين أيضاً "لا تفسح صدرك لسماع كلام الإدانة من إنسان ضد آخر". أعلم أن الذى تدين به أخاك فيه تسقط أشعر فى داخلك أنك أسرع الناس فى السقوط، وأن الذى سوف تدين به أخاك مع مرور عجلة الحياة فيه ستسقط أنت. أستر على عيوب الناس كما ستر الرب يسوع على المرأة الزانية (يو 8) وكما يستر الله على خطايانا، أستر أنت على أخوتك "لأن المحبة تستر كثرة من الخطايا" (1بط 8:4). كيف أميّز صوت الله ؟ الشروط القلب التائب : "أن راعيت إثماً فى قلبى لا يستمع لى الرب" (مز 18:66). الأذن المفتوحة (الطاعة) : "السيد الرب فتح لى أذناً وأنا لم أعاند" (أش 5:50). الإيمان البسيط : "ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله" (رو 28:8). 2. الوسائل الصـــــــــلاة : "اسألــــــوا تعطـــوا. اطلبــــوا تجــــــــــدوا. اقرعــــــــوا يفتــــــح لكـــــــم" (مت 7:7). الكتاب المقدس : "سراج لرجلى كلامـك ونور لسبيلى" (مز 119). الصلاة والكتاب المقدس والأسـرار المقدسة تعطى العقل إستنارة، وإستنارة العقل تساعدنا على تمييز صوت الله. المشيـــــــــــــــــــــــــــــرون : إستشـارة أب الإعتـراف، والخـدام المستنيريـن بالروح القدس. "لأنك بالتدابير تعمل حربك والخلاص بكثرة المشيرين" (أم 6:24). 3. العلامات السلام الداخلى الشامل (لك وللمشيرين والأسرة). الأبواب المفتوحة "المسيح يفتح ولا أحد يغلق، ويغلق ولا أحد يفتح" (رؤ 7:3). صوت الروح القدس فى القلب وسماته المميزة فهو : هادئ ووديع. مريح ومصدر سلام. موافق للكتاب المقدس. كيف اكتسب ثقافة قبول الآخر ؟ ثقافة الإنتشار رسالة المسيحى هى رسالة إنتشار وليس رسالة إنحسار.. "أنتم ملح الأرض" (مت 13:5).. "أنتم نور العالم" (مت 14:5).. "أنتم رائحة المسيح" (1كو 15:2).. "أنتم سفراء المسيح" (2كو 20:5) رسالة المسيحية ضد العزلة والتقوقع : الكنيســة إن أنحصــرت وإنعزلت أصبحت شبـه ميتـة، ولم تعد جسد المسيح الحىّ..الكنيسة هى التـى تحتضـن العالم، وهى المسئولة عن تغييره بفعل الروح القدس. ثقافة المشاركة بمعنى أن أشارك بدور مؤثر فى المجتمع الذى أعيش فيه، بحيث أخدم أخوتى فى المجتمع. إن لم أخدم أخى فى المجتمع أكون قد أقمت جداراً بين المذبح والمجتمع. لابد من التفاعل مع أخوتى فى المجتمع: بالحب، والخدمة الباذلة كى أصير شاهداً حياً للرب يسوع. "كن ملحاً تذوب دون أن تضيع"، "كن نوراً تنتشر دون أن تتلوث". ثقافة الإتساع أ- إتساع القلب : بحيث يشمل كل العالم بأجناسه، وألوانه وأديانه، لأن مسيحنا هو مسيح العالم كله الله يحب البشر لأنه يراهم جميعاً فى إبنه الحبيب. كذلك ينبغى أن نرى جميع البشر فى المسيح، ونلقاهم على أنهم أبناء الله، عندما أقول أبانا فإنى ألقى بقلبى داخل قلب الله، ولكن بعد أن أكون قد أحتويت فى قلبى كل الناس. ب- إتساع الفكر : بحيث يقبل الحوار، والتعددية، والآراء المختلفة من أجل الوصول لأرضيات مشتركة (حوار الحضارات - حوار الأديان - حوار الطوائف... إلخ). كيف استفيد من الكتاب المقدس ؟ الكتاب المقدس هو نور يرشدنـا فـى الطريق "سراج لرجلى كلامك ونور لسبيلى" (مز 119). وهو كلمة الحياة "الكلام الذى أكلمكم به روح وحياة" وهو سر نقاوتنا "أنتم أنقياء بسبب الكلام الذى أكلمكم به" فلكى تستفيد من قراءته لاحظ ما يأتى: اقرأ كلمة الله من أسفل خضوع كامل لكلام الله بإتضاع وإنسحاق القلب. وهنا تختلف قراءته عن أى كتاب عادى... ليتنا نشعر حينما نقرأ الكتاب أننا فى حضرة الله. اقرأ كلمة الله كرسالة شخصية من الله اسأل نفسك: ماذا يريد الله منى فى هذه الكلمـات؟ وقل للرب: "تكلم يارب لأن عبدك سامع"، لا تنهض من أمام الكتاب إلا بعد أن تكون قد أخذت شيئاً روحياً لك. اقرأ الكلمة بتأمل وبروح الصلاة عندما تفتح الكتاب اطلب إرشاد الروح القدس، وبروح الصلاة ارفع قلبك لله "يارب أكشف عن عينى فأرى عجائب من شريعتك" وركز التأمل فى آية تلامست معها، ورددها كثيراً فى داخلك، محاولاً الإستفادة من مضمونها. اقرأ الكلمة بإستمرارية لا يهم الكم بـل الكيـف "قليلاً قليلاً بإستمــرار وبحـــرارة، أفضـــل من كثير متقطع" المواظبة المستمرة على القراءة يومياً بإنتظام، من خلال قراءة سفر محدد، والتأمل فى إصحاحاته بتسلسل، خطوة هامة فى طريق الإستفادة. اقرأ الكلمة ثم طبقها عملياً فى حياتك طالباً معونة المسيح الذى سوف يساعدك على تنفيذ الوصية، وذكر الله دائماً بمواعيده المذكورة فى الكتاب وتشــبث بها وقت الحاجة "ذكّرنى فنتحاكم معاً" (إش 26:43) كيف نحدد هدف الحياة ؟ أهمية تحديد الهدف 1- يعطى الحياة معنى، ويساعد على وضوح الطريق. 2- هو الحافز الحقيقى على استكمال المسيرة، مهما كانت الصعوبات والعقبات. 3- يساعد على وحدة القلب "لا يقدر أحد أن يخدم سيدين" (مت 24:6) - "لا تعرجوا بين الفرقتين..." (1مل 21:18). 4- يجعل الوسائل أمراً محبوباً، وليس ثقيلاً على النفس. 5- أقصر طريق.. أقل جهد.. أكبر عائد. كيف نحدد الهدف؟ هناك نوعان من الأهداف وهما حسب الأولوية : أ- الهدف الشامل : أى الهـدف الجوهـرى، ويقصد به البعد الأبدى فى حياة الإنسـان، أى ملكوت الله، يصبح شخص الرب هو الغاية "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو 6:14). ب- الأهداف المرحلية : ونقصد بها البعد الزمنى فى حياة الإنسان: مثل النجاح - العمل - الزواج - التكريس... إلخ. مع ملاحظة أن الهدف الشامل يغذى الأهداف المرحلية، ولا يتعارض معها عند الإنسان الحكيم. سمات الهدف ولتحديد الهدف فلابد أن يكون له... 1- هدف واضح. 2- هدف يتلاءم مع إمكانيات الإنسان وقدراته. 3- هدف قابل للتطبيق والتحقيق. 4- هدف يمكن قياس نتائج تحقيقه، وغير مبالغ فيه. الرب قادر أن يعطينا نعمة التوازن بيـن الهـدف الشامل والأهداف المرحلية، لكى نحقق النجـاح فـى كل شئ: روحياً ونفسياً وجسمياً وفكرياً وإجتماعياً. كيف نتعامل مع وسائل الإعلام والإتصالات الحديثة ؟ اشبع روحياً من خلال وسائط النعمة (الأسرار المقدسة - الصلاة - الإنجيل) وفق قانون روحى، يضعه أب إعتراف مستنير، وأيضاً من خلال الإجتماعات الروحيـة، والقـراءات الروحيـة والصوم وغيرها، لأن النفس الشبعانة بالمسيح تدوس عسل الخطية المسموم (أم 8:27). اشبع كنسياً من خلال القداسات، والتسبحة، وطقوس الكنيسة، وسير القديسين، وأقوال الآبـاء، وحفظ الألحان، ونوال بركة الشموليـة، والألمام بتراث الكنيسة وعقائدها. اشبع فكرياً من خلال القراءة والتثقيف، فالإستنارة الفكرية تؤدى إلى المعرفة السليمة، والعقل المستنير الذى يستطيع أن يميز بين الصواب والخطأ. تحفظ واعتدل نحن لا نفضل أسلوب المنع والحرمان، لأن الممنوع دائماً مرغوب، وهذا يؤدى إلى الكبت. ولا نوافق على الإباحية أى الحرية المطلقة التى بلا ضوابط التى تؤدى إلى الإنحلال، ولكن نفضل أسلوب التحفظ والإعتدال بما يفيد الإنسان، ولا يتعارض مع نمو حياته الروحية. ميّز ثم انتقى وهذا ما تسميه الكنيسة بفضيلة الإفراز، أى تكوين القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، ثم الإنتقاء البناء، بما يبنى حياة الإنسان ولا يهدمها "امتحنوا كل شئ. تمسكوا بالحسن" (1تس 21:5). هذه النقاط تساعدنا أيضاً علـى التصـرف فـى المواقـف المختلفـة: (الأغانــــــــى - مشاهـــــــدة -الأفـــــلام - الزينــة الخارجيــــــة - التليفزيــــون -- الإنترنت... الخ). كيف أسلك فى حرية حقيقية ؟ الحرية المسيحية :-تعنى التحرر الداخلى من كل عبودية مثل عبودية الخطية، عبودية الذات، عبودية الخوف.. إلخ. "إن حرركم الإبن فبالحقيقة تصيرون أحراراً" (1كو 23:10-25). سماتها : حرية مسئولة لها ضوابط وليست مطلقة. حرية للبناء وليست للهدم. تناسب وتوافق. لا يتسلط فيها على شئ. تطلب وتهتم بما هو للآخر. كيف نعيشها؟ الشبع الداخلى : فالسلوك المسيحى نابع من الداخـل أكثـر مـن الخـارج "بجوانبـــــه المــــلك مـــن داخـــل" فالشبع بالمسيح والكنيسة والإنجيل والمعرفة يجعلنى أسلك سلوكاً سليماً "النفس الشبعانة تدوس العسل" (أم 7:27). الإفراز : ونقصد به التمييز والإنتقاء البناء "أمتحنوا كل شئ وتمسكوا بالحسن" (1تس 21:5) فالمسيحية ليست مجموعة من الفروض والنواهى أو الممنوعات والمحرمات التى تربى إنساناً مكتوباً. الشهادة : كن إنجيلاً متحركاً، تمجد اسم المسيح بسلوكك وتصرفاتك. كن نوراً وملحاً.. كن رائحة المسيح الذكية فى كل مكان. كن سفيراً حقيقياً لمسيحك. كيف أكوّن صداقة مع المسيح ؟ أجعله "أولاً" (فى حياتى) "أطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم". بدلاً من النظر إلى العالم والخطية، أنظر للمسيح، وأجعله الكل فى الكل فى حياتى "نصيبى هو الرب قالت نفسى" (مرا 24:3) فلا أعود أعرج بين الفرقتين "لا يقدر أحد أن يخدم سيدين" (مت 24:6) بل يصير هو اللؤلؤة الواحدة الكثيرة الثمن. أكلمه (فى الصلاة) فالحوار الدائم مع المسيح يقوى الصداقة، والصلاة تفتحنى على المسيح، وتطبع صورة المسيح فىّ.. فى كل أمور حياتى، أحدثه وأخبره عما يحمله قلبى من أنات وحب لشخصه. أسمعه (فى الإنجيل) فالله كائن فى كلمته.. هو يريد أن يسمعنى صوته من خلال الإنجيل فى كل مرة تجلس تحت أقدام الإنجيل قل له: "تكلم يارب فإن عبدك سامع" (1صم 9:3) إن كلامك خير لى من ألوف ذهب وفضة. أرافقه (فى الحياة اليومية) فيصير المسيح بالنسبة لى "مسيح الحياة اليومية" أى الرفيق الحلو معى طوال اليوم، أناجيه بالصلوات السهمية "ياربى يسوع أعنى" وبالمزامير الحلوة، وأدمجه معى فى ظروف اليوم، ناظراً كل حين إلى يده الحلوة، وهى تعمل معى فى إختبارات محبة عجيبة. أتحد به (فى الأسرار المقدسة) حدنـى بشخـص حبيبـى وعـريس نفسى يسوع المسيـح "مـن يأكـــل جســـدى ويشـــرب دمـــى يثبت فـــىّ وأنــــا فيــــه" (يو 56:6) وهكــذا تهتـف نفسـى "أنا لحبيبى وحبيبى لى" (نش 3:6). الإجابة للقس ميخائيل عطية عن كتاب إجابات سريعة ذكر الفيلسوف "كانت" أن أفعالنا لابد أن تكون نابعة من العقل وليس من القلب، فما رأى نيافتكم؟ ج التفكير بالعقل فقط إلغاء للقلب... والتفكير بالقلب إلغاء العقل... والتفكير بالإثنين فقط (القلب والعقل) إلغاء للروح... لذلك أفضل طريقة للوصول إلى القرار السليم فى كل مناحى الحياة هى: 1- أصلى من كل القلب.. لكى تقوم الروح بدورها فى إنارة حياتى. 2- أفكر بعقل ناضج وهادئ.. طالباً إرشاد الله وحكمته. 3- استرشد بأب الإعتراف، إذا ما وصلت إلى قرار، أو إذا ما تحيرت فى الوصول إلى قرار. 4- استريح لهذا القرار بنعمة ربنا، وأبدأ فى تنفيذه. الصلاة + التفكير + الإسترشاد = القرار السليم الإجابة لنيافة الحبر الجليل الأنبا موسي ماذا أفعل تجاه العادات الشبابية؟ ج العادات الشبابية كثيرة، منها ما يخص الجسد، ومنهاما يتعوده اللسان: كالشتيمة والقسم والنميمة.. ومنها ما يدمر الإنسان: مثل المخدرات والمسكرات والتدخين.. ولكى نتغلب على أى عادة رديئة يجب أن نصل إلى ما يلى: 1- الإقتناع: بأن هذه العادات مدمرة.. فالعادة الشبابية تدمر الطاقة الجسدية والطاقة الجنسية للشباب، أما عادات اللسـان فهى تنزل بالشخصية إلى مستوى ردئ. وأما عادات التدخين والمخدرات والمسكرات فهى تدمر الرئتين بالسرطان، والقلب بالأمراض، والكبد والمخ.. وهذه أمور أكيدة علميـاً. لـذلك يجب أن أقتنع أن هذه العادة مدمرة. 2- الإمتناع: فالإقتناع النظرى وحده لا يكفى لابد من قرار بالإمتناع.. وهذا ما نسميه التوبة.. وهذا القرار نأخـذه مع الله فى جلسة صلاة ورجوع إلى قلبه المحب، ثم مـع أب الإعتراف فى جلسة اعتراف آخذاً فيها حلاً عن خـطاياى، وإرشادات فى كيفية التصرف فى مشاكلى.. 3- الإشباع: لأن الإنسان لوحده لا يستطيع أن ينتصر على أى خطية أو شهوة أو عادة رديئة، فالجسد يشتهى ضد الروح، والعالم يقدم لنا العثرات، وعدو الـخير يضغـط علينا ويغرينا لنسقط. أما "النفس الشبعانة تـــدوس العســل" (أم 7:27).. لذلك فمن يريد أن يتخلص من أى عادة رديئة، يجب أن يشبع روحياً بالمسيح (فـى الصلاة)، وبالإنـجيل (بالقراءة)، وبالكنيسة (أى الأسرار المقـدسة: الإعتراف والتناول، وحضور الإجتماعات الروحية وقـراءة الكـتب الروحية) وهكذا تكون معادلة النصرة هى: المسيح + الإنجيل + الكنيسة = النصرة الأكيدة والرب معك، الإجابة لنيافة الحبر الجليل الأنبا موسي هل كانت هناك اصوام ثابتة فى مواعيد محددة فى العهد القديم ؟ أن الصوم فى مواعيد محددة تعليم كتابى فقد حدد الرب اصوام ثابتة لشعبه فى العهد القديم فقد ذكر فى سفر زكريا النبى صوم الشهر الرابع و صوم الشهر الخامس وصوم السابع و صوم العاشر (زك 19:8) و الحكمة يا ابنى فى تحديد مواعيد الصوم هو تنظيم العبادة الجماعية . هل في العهد الجديد اشارة إلى الصوم ؟ ( أ ) صام الرب يسوع أربعين يوما و أربعين ليلة (مت 2:4) صام عنا و قدم لنا مثالا لتتبع اثر خطواته . (ب) صام الرسل قبل القداسات (اع 2:13) . (ج) صاموا أيضا عند اختيار الخدام ورسامتهم (أع3:13،27:14) . ( د) الصوم فى وقت الخطر خلال رحلة بولس الرسول لروما . (أع 21:27) . هل جميع هذه الاصوام ذكرت فى العهد الجديد وان لم تذكر جميعها فلماذا نصومها ؟ الانجيل مسلم للرسل فما لفم و لم تدون كل تعاليم السيد المسيح ( يو 30:20-31 ،25:21) كما أن الانجيل قد تم تدوينه بعد فترة من صعود السيد المسيح ونحن نضع تعاليم آبائنا الرسل " كإنجيل شفاهى " يكمل ما حفظ لنا فى الانجيل الكتابى و نحترم و نطيع و نسمع ونقبل تلك التعاليم كاحترامنا و طاعتنا و قبولنا و سمعنا للرب نفسه (لو 16:10) . ويذكر الأنجيل يا أن المؤمنون قد تسلموا تعاليم الكنيسة من الرسل وخلفائهم . (1كو23:11،34،2تس15:2،2تى2:2،فى9:4،2يو:12) . ومن ثم نتسلم قوانين الآباء البطاركة القديسين الذين رتبوا الاصوام الباقية للآن و نقول كما قال القديس اغسطينوس أن عادتنا لها قوة القانون لأننا تسلمناها من أناس قديسين . ماذا يحدث للإنسان لو لم يصم مع الكنيسة ؟ المسيحى الحقيقى يا ابنى هو عضو فى جسد السيد المسيح الذى هو الكنيسة و هو لا يشذ عن الجماعة لأن العضو إذا خرج عن الجسد يفسد و يسبب للجسد آلاماً مبرحة…… المؤمن سيصوم لأن الكنيسة تصوم فهو منها ومعها وفيها. فالمفروض يا أن تطاع الكنيسة كما يطاع الله فقد قال الرب لتلاميذه "من يسمع منكم يسمع منى" (لو16:10) وان تصام الاصوام كاملة كما هى مقررة من قديم الزمان أما من تمنعه ظروفه الصحية فليعرض أمره على أب اعترافه ليأخذ منه حلا ولا يصح أن يختصر أيام الصوم من تلقاء نفسه يفطر ويصوم كما يشاء ، بل هناك تدبير روحي مع أب الاعتراف . - يقول البعض أن السيد المسيح لم يحتم الصوم بل تركه للظروف بقوله " متى صمتم " فلماذا نصوم فى أوقات ثابتة "سنويا" ؟ أن كلمه متى يا تفيد التحقيق والتأكيد وليس الشك ، بحيث يكون فى حكم الواقع المحتم مثل قول الرب : "متى جاء ابن الإنسان فى مجده وجميع الملائكة القديسين معه" (مت31:25) . وقوله لبطرس " متى رجعت ثبت اخوتك " (لو23:22) . فواضح من ذلك أن بعد كلمة "متى" حقائق مقررة ووقوعها محتم وقد حدد الرب أوقاتا معينه للصوم (لا29:16، زك19:8، لو12:18) .وحدد الرب يسوع له المجد موعد بدء صوم الرسل بعد صعوده عنهم إلى السماء (مت15:9) وهذا ما تم فعلا (اع13،14،27) . أمر الرسول بولس المؤمنين بالصوم (1كو5:7). ويجب الخضوع للترتيب الكنسى الذى وضعه الرسل وخلفائهم. الصوم يجب أن لا يتكرر سنويا ويجب أن يمارس فى وقت الضيقات فقط؟ الصوم كالصلاة و الصدقه يجب أن يتكرر فى موعده وكما سبق و قلت لك يا ابنى أن الرب حدد أوقاتا معينه للصوم وذلك لما للصوم من فوائد روحيه كثيرة. كما أن الصوم الجماعى يا ابنى هو تعليم كتابى ويدل على وحدانية الروح فى العبادة وفى التقرب إلى الله . كما أننا يا ابنى فى حرب دائمة مع الشياطين لذلك فنحن فى حاجة دائمة إلى الأسلحة الروحية المختلفة لمقاومتهم ومن هذه الأسلحة الصوم لذلك يجب التعود على أوقات الصوم فى أوقاته المعينة وعدم تركه للظروف أو قصره على أوقات الضيقات . هناك بعض الأشخاص يرفض الصوم نهائيا بزعم أن القديس بولس الرسول قد رفض الامتناع عن أكل معين بقوله " لا يحكم عليكم أحد فى أكل أو شرب " (كو16:2)؟ إن قصد القديس بولس الرسول بهذه الآية هو عدم التمسك بالنظرة اليهودية بتقسيم الطعام إلى نجس و طاهر فهو لم يقل " لا يحكم أحد عليكم فى صوم " إنما عن هذه الاطعمه المعتبرة نجسة ودنسة قال الرسول بولس " لا يحكم عليكم أحد فى أكل أو شرب " وذلك لان فى بداية الإيمان بالمسيحية كان أول من دخل المسيحية هم اليهود فأرادوا تهويد المسيحية أى أن من يدخل فى المسيحية عليه ان يمارس كل العادات اليهودية مثل النجاسات والتطهير وحفظ السبت والاحتفال بالهلال وأوائل الشهور والأعياد اليهودية مثل الفصح والفطير والأبواق والمظال ويوم الكفارة فأراد بولس الرسول مقاومة تهويد المسيحية و لذلك قال " لا يحكم عليكم أحد فى أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت التى هى ظل الأمور العتيدة " إذن لم تكن مناسبة حديث عن الصوم و إنما عن العادات اليهودية التى يريدون إدخالها إلى المسيحية .. قال احدهم بنوع من الاستخفاف هل ربنا قال للناس عندما تصوموا كلوا عدس وفول وبصارة ؟ نعم حدد الرب أنواعا معينة من الطعام تؤكل فى الاصوام كما يلى : (أ) أمر الرب حزقيال النبى بالصوم ثم الإفطار على القمح " البليلة" والشعير والفول والعدس والدجن " الذرة الرفيعة " والكرسنه " الكمون " . (حز9:4) . (ب) صام دانيال عن أكل اللحوم وشرب الخمر (دا12:1) كما صام مع أصحابه الثلاثة وافطروا آخر النهارعلى القطانى "البقوليات" (دا8:1-16) . (ج) صام داود النبى بالزيت وقال " ركبتاى ارتعشتا من الصوم ولحمى هزل عن سمن " (مز24:109) . عارف يا الصوم فى كنيستنا ليس هو مجرد طعام نباتى إنما هو انقطاع عن الطعام فترة معينه يعقبها أكل نباتى من اجل لذة محبة الله وحفظ وصاياه بحب وفرح دون ضغط أو إكراه. لماذا تصوم الكنيسة الصوم الكبير؟ الصوم الكبير يا ابنى له المقام الأول والمنزلة الكبرى بين الاصوام الكنسية و الكنيسة تمارس هذا الصوم تذكارا لصوم المخلص الذى صامه وأيضا اقتداء بالسيد المسيح فى مسلكه هذا فالرب يسوع لم يكن محتاجا للصوم وإنما هو صام عنا لكي يعطي قوة لصومنا فيصبح (صومنا) صوماً مقبولاً أمام الأب السماوي لذلك يجب أن نتمثل به. وأيضا بهذا الصوم يستعد المؤمنون استعدادا روحيا كبيرا لأسبوع الآلام والاحتفال بقيامة الرب يسوع من بين الأموات |
|||
![]() |
![]() |
|