![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 41 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() عقوبة داود النبي أخطأ داود النبي، زنى وقتل.. ثم اعترف بخطيئته علي ناثان قائلًا "أخطأت إلي الرب" وسمع العفو الإلهي بقول ناثان له "والرب قد نقل عنك خطيئتك. لا تموت" (2 صم 12: 13). وهكذا رفع الرب عن داود العقوبة الأبدية. أما العقوبة الأرضية فبقيت.. وكيف كان ذلك؟ تاب داود توبة عجيبة وعميقة، وصارت له الدموع خبزًا نهارًا وليلًا، حتى قال "أعوم في كل ليلة سريري، وبدموعي أبل فراشي" (مز 6). وانسحق نفسه في التراب وتذلل أمام الله.. ومع كل هذا ظل يطارده قول الرب "والآن لا يفارق السيف بيتك إلي الأبد، لأنك احتقرتني وأخذت امرأة أوريا الحثي لتكون لك امرأة. هكذا قال الرب.. هأنذا أقيم عليك الشر من بيتك، وآخذ نساءك أمام عينيك وأعطيهن لقريبك فيضطجع مع نسائك في عين هذه الشمس" (2: صم 12: 10، 11).. وقد كان.. فلم يفارق الزنى بيته متمثلًا في خطايا ابنيه أمنون وأبشالوم. ولم يفارق السيف بيته أيضًا حيث قام ضده أبشالوم. وخرج داود من أورشليم حافي القدمين وباكيا ومضطربًا وخائفًا من ابنه.. وقضي فترات ذل وتعب علي الأرض نتيجة لخطيته.. وحتى عندما أراد داود أن يبني بيتًا للرب، وأعد كل شيء من حجارة وحديد "ونحاس كثير بلا وزن وخشب وأرز لم يكن له عدد"، لم ينس له الرب الدماء التي سفكها، بل كان إليه كلام الرب قائلًا "قد سفكت دمًا كثيرًا.. فلا تبني بيتًا لاسمي، لأنك سفكت دماء كثيرة علي الأرض أمامي (1 أي 22: 3-8). وهكذا حرمه الرب من بناء الهيكل، وبقيت العقوبة الأرضية علي الرغم من المغفرة في السماء. تكرر الأمر مرة أخري عندما أخطأ داود وعد الشعب، فغضب عليه الرب عندئذ ندم داود: ضربة قلبه، فأحس بخطيئته وتاب عنها، واعترف بها إذ صرخ إلي الرب قائلًا "لقد أخطأت جدًا في ما فعلت. والآن يا رب أزل إثم عبدك، لأني انحمقت جدًا" (2صم 24: 10). فهل رضي الرب بهذه التوبة منه، وهذا الاعتراف، وهذه الصلاة..؟ نعم قبل توبته، وغفر له خطيئته، ومحا عنه العقوبة الأبدية. ولكن بقيت العقوبة الأرضية. وهكذا مضي الرب في معاقبته لعبده، وعرض عليه ثلاث ضربات شديدة تحمل معني الإفناء والإهلاك، وهي الجوع والوبأ وسيف الأعداء! وقال داود مستسلمًا "قد ضاق بي الأمر جدًا. أقع في يد الله - لأني مراحم كثيرة - ولا أقع في يد إنسان". إلا أن الله علي الرغم من هذا التذلل لم يشأ أن يعفو.وأرسل ملاكًا مهلكًا رفع سيفه علي أورشليم وقتل منها سبعين ألف رجل، حتى صاح داود في ألم لا يطاق مخاطبًا الرب "ها أنا قد أخطأت وأنا أذنبت. وأما هؤلاء الخراف، فماذا فعلوا؟! فلتكن يدك علي أنا وعلي بيت أبي" (2صم 24: 11-17). ما هذا يا رب الذي فعلتنه مع عبدك داود؟! أليس هو الذي قلت عنه "وجدت داود بني يسى رجلًا حسب قلبي"؟! (أع 13: 22). لماذا لا تتراءف ويغفر؟ يقول: نعم أنا أغفر في السماء، أما علي الأرض فيأخذ عقوبته.. يا للهول..! حتى مع داود يا رب؟! حتى مع دود الذي يحبك، الذي يحبك، الذي قال لك "محبوب هو اسمك يا رب، فهو طول النهار تلاوتي" (مز 118)؟! داود الذي كان ينهض في نصف الليل أيشكرك علي أحكام عدلك، الذي كان يقول "سبقت عيناي وقت السحر، لأتلو في جميع أقوالك" (مز 118)؟! داود إلي كان يقول لك "يا الله، أنت إلهي، إليك أبكر. عطشت نفسي إليك. التحقت نفسي وراءك" (مز 62)..! داود رجل التسبيح والصلاة، رجل المزمور والقيثار والعشرة الأوتار.. داود تعمل معه هكذا؟! فإن كان الأمر هكذا مع داود، النبي، المحبوب، فماذا نقول نحن عن أنفسنا، وليست لنا مثل دالته، ولا مثل قداسته، ولا مثل توبته؟! علينا أن نستيقظ إذن ونصحو لأنفسنا، لأن إلهنا عادل ويحاسب كل واحد حسب أعماله، مهما كان مركزه الروحي عند الله نفسه. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 42 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() عقوبة موسى النبي مثال موسى النبي، أصعب في دلالته من مثال داود. من ذا الذي يستطيع أن يصف المحبة التي كانت بين الله وعبده موسى؟! موسى حبيب الله وكليمه، موسى رجل الآيات والمعجزات، الذي شق البحر الأحمر، الذي ضرب الصخرة فأخرجت ماءًا. موسى الذي بصلاته حول الله المياه المرة إلي مياه حلوة، الذي بصلاته انزل الله المن والسلوى من السماء، الذي كان رفع يديه أقوي من جيش يشوع، موسى الذي دافع الله عنه لما تقولت عليه مريم وهارون، فضرب مريم بالبرص، وقال لمريم وهارون "إن كان منكم نبي للرب، فبالرؤيا استعلن له، في الحكم أكلمه وأما عبدي موسى فليس هكذا، بل هو أمين في كل بيتي. فمًا إلي فم وعيانًا أتكلم معه لا بالألغاز، وشبه الرب يعاين. فلماذا لا تخشيان أن تتكلما علي عبدي موسى" (عد 12: 5-8). أخطأ موسى عندما ضرب الصخرة مرتين قائلًا للشعب المتذمر "اسمعوا أيها المردة، أمن هذه الصخرة تخرج لكم ماءًا". فكانت النتيجة أن الله حكم عليه بعدم دخول ارض الموعد" (عد 20: 7-12). ما هذا يا رب الذي تفعله؟ هل تنسي كل هذه العشرة الطويلة من أجل خطية واحدة حدثت في ظروف قاسية؟! ولكن الله يصر علي أن موسى لا يدخل الأرض! ما هذا الذي تقول يا رب؟ دا علي رأي المثل "طباخ السم بيدوقه". وأنت تعرف كيف أنني تعبت من أجل هذا الشعب عشرات السنين واحتملت تذمره في صبر وأنا أقوده في البرية وهو متمرد صلب الرقبة.. هل تنسي تعبي، أنا موسى عبدك، حبيبك، صديقك، كليمك..! كل هذا ولا فائدة، والرب مُصِرّ علي عقوبته. وتضرع إليه موسى: أنا أخطأت، يا رب سامح، يا رب اغفر يا رب أنس هذه الخطية "دعني أعبر وأري الأرض الجيدة". وكأن الله يقول بنفس المبدأ.. أنا أسامح في ملكوتي. أما ههنا فتنفذ العقوبة، حتى علي موسى. ولماذا ازداد تضرع موسى النبي، غضب الله عليه وقال له: "كفاك. لا تعد تكلمني أيضًا في هذا الأمر" (تث 3: 6).وأخيرًا بعد إلحاح، وتوسلات وتضرعات، سمح له أن يري الأرض من بعيد، من علي الجبل، ولكن لا يدخل إليها!! إن الله في عدله لم يجامل موسى حبيبه علي الرغم من دالته عنده. وأنت يا أخي ما هي دالتك؟ هل مقامك عند الله أعلي من موسى؟! إن كان الأمر هكذا، أفلا تشفق علي نفسك وتتوب، لئلا تتعرض لعدل الله نتيجة خطيتك، فلا تشفع فيك حياة مقدسة سابقة. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 43 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() معاقبة يعقوب أب الآباء ![]() يعقوب هذا الذي أحبه الله وهو في البطن، قبل أن يولد، وقبل أن يفعل خيرًا، قال الله "أحببت يعقوب وأبغضت عيسو"(رو 9: 13). وأعطاه الرئاسة علي أخيه الكبير وهو في البطن، فقال لرفقه "في بطنك أمتان، ومن أحشائك يفترق شعبان.. وكبير يستعبد لصغير" (تك 25: 23). يعقوب هذا أخطأ، أطاعة لمشورة أمه التي كانت تحبه أكثر من عيسو، وخدع أباه وأخذ البركة.. فلم يتركه الله بدون عقوبة، علي الرغم من ظهوره له، إذ نظر الله وجهًا لوجه (تك 32: 30)، وعلي الرغم من المواعيد التي منحه إياها، والبركة التي زوده بها، والرؤي التي أعلنها له. إذ ظهر له علي السلم الواصلة بين السماء والأرض وقال له "يكون نسلك كتراب الأرض.. ويتبارك فيك وفي نسلك جميع قبائل الأرض. وها أنا معك، وأحفظك حيثما تذهب" (تك 28: 14، 15). علي الرغم من كل هذا، كما غش يعقوب أباه، سمح الله لأولاده أن يغشوه بالمثل، عندما باعوا يوسف وغمسوا قميصه في دم تيس ذبحوه، وأشعروا أباهم أن وحشًا قد افترس يوسف. ووقع يعقوب في خدعة أولادة، ومزق ثيابه، وناح علي ابنه أيامًا كثيرة (تك 37: 31-34).كذلك خدعة خاله لابان، وزوجه ليئة بدلًا من راحيل التي كانت أحب إلي قلبه والتي تعب من أجلها سنوات طويلة. وغشه خاله أيضًا في أجرته فغيرها مرات عديدة.. وظلت المتاعب تلاحق يعقوب، حتى أنه -في كلامه مع فرعون- لخص حياته في عبارة موجزة قال فيها "أيام سني غربتي.. قليله وردية" (تك 47: 9).. حقًا إن خطيته كانت قد غفرت، وأظهر له الله رضاه بالبركة والرؤى والمواعيد. ولكنه -علي الرغم من محبته له- لم يمنع عنه العقوبة الأرضية.. هل اقتنعت أيها الأخ المبارك بخطورة عقوبة الخطية. يعوزني الوقت لو ضربت لك أمثلة أخرى عديدة من الكتاب المقدس. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 44 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() عقوبة القديس موسى الأسود ![]() كان في مبدأ حياته قائلًا وقاسيًا. ثم تاب، وأتي إلي الدير وترهب، وتدرج في حياة النعمة حتى صار مثالًا للوداعة والطيبة ومحبة الأخوة، وبلغ من محبته أنه كان أحيانًا يمر علي قلالي الرهبان يحمل جرارهم سرًا ويمضي إلي البئر ليملأها لهم ماءًا ومنحه الرب موهبة الرؤى وصنع المعجزات. وتناهي في القداسة جدًا حتى صار مرشدًا روحيًا لكثيرين. فأخذوه ورسموه قسًا.وصار من أعمدة البرية المعدودين ولكن علي الرغم من كل هذه التوبة، وهذه القداسة، وهذه المواهب هل نسي له الله خطاياه الأولي التي تستحق العقوبة؟ نسمع أنه عندما هجم البربر علي الدير، هرب الرهبان، ودعوا الأنبا موسي ليهرب معهم. فقال لهم: أنا اعلم يا أولادي أن البربر سيقتلونني، لأنني قتلت كثيرين في شبابي. والكتاب يقول:" من أخذ بالسيف، بالسيف يؤخذ" (مت 26: 52). وحدث هذا فعلًا، وهجم البربر علي أنبا موسي فقتلوه، وتمت النبوءة.. لعل البعض يتساءل: ما معنى أن يموت قديس عظيم هذه الميتة البشعة، وقد تاب عن جهالات شبابه؟! ولكنها طريقة الله. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 45 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() عقوبة القديس الأنبا بيمن قرأت قصة في أحدي المخطوطات الثمينة بالدير، قيل أن قديسًا يدعي الأنبا بيمن كان متقشفًا جدًا، وكان يعيش حياة الفقر والعوز، وتخلو مغارته من غطاء يقيه البرد بالليل، هذا القديس زاره شاب فقضي الليلة في مغارة أخري إلي جواره ولما أصبح الصباح سأله القديس بيمن كيف قضي ليلته، فأجاب الشاب تعبت من شدة البرد لعدم وجود غطاء". فقال القديس في خجل "أما أنا فنمت متدفئًا". فسأله الشاب كيف كان ذلك، فأجاب "أتي أسد بالليل ونام إلي جواري فدفأني بجسمه". ولما انذهل الشاب مما حدث للقديس وكيف يرقد إلي جواره أسد دون أن يفترسه. حينئذ قال القديس "أنا أعلم يا ابني، انه لابد ستفترسني الوحوش في يوم من الأيام. ذلك لأن شابًا طرقتي ذات ليلة فلم أفتح له، وكان خائفًا وقد افترسته الوحوش فعلًا كما عرفت".. ![]() وحدث ما توقعه الأنبا بيمن.. هذه أمثلة للعقوبة الأرضية. ويوجد من أمثلتها الكثير جدًا لمن يقرأ الكتاب ويطلع علي قصص التاريخ، وضعت كلها مثالًا لتعليمنا.. لهذا كله، لا يصح أن نفهم مراحم الله الواسعة منفصلة عن عدله. لئلا بحجة مراحم الله وحنوه وعطفه، نقاد إلي الاستهانة والاستهتار، ونرتكب الخطية غير شاعرين بخطورتها، وفي محبة الله لنا نسي مخافته..! لأن بعض الناس تسبيح لنفسها الخطية، وتظن أن الأمر في منتهي السهولة! مجرد دقائق تقضيها مع أب الاعتراف، تعترف وتنال الحل، وكان شيئًا لم يحدث..!! كان وصايا الله لم تكسر. وكأن قلب الله لم يجرح..! حقًا أيها الأخ، إن الأب الكاهن عندما يقرأ لك صلاة التحليل، إنما يضيف خطيتك إلي الكأس التي شرب الرب مرارتها، فتنجو من العقوبة الأبدية بدم المسيح أنت كنت تائبًا. أما العقوبة الأرضية فلها حساب آخر ربما لا تنجو منه.. أحذر إذن لنفسك، فالأمر ليس سهلًا كما تظن.. ومع ذلك فلتعزيتكم، ولكي لا تقعوا في التعب واليأس، أقول لكم إن الله لا يعاقب بعقوبة أرضيه علي كل خطية..وذلك لأن خطايا الإنسان لا تحصي، وهو في كل يوم يخطئ.. "وفي أشياء كثيرة نعثر جميعًا" (يع 3: 2). فلو كان الله يعاقب بعقوبة أرضية علي كل خطية لتوالت العقوبات في غير نهاية، وبغير حصر، لتناسب عدد الخطايا.. ولكن الله يترك الكثير.. ووسط مئات الخطايا، قد يعاقب علي واحدة منها، حتى لا يستهتر الإنسان ويقع في اللامبالاة، وأيضًا لكي يتضِع ويستفيد روحيًا كما حدث لداود النبي. إن العقوبة الأرضية، هي ولا شك من مراحم الله، يدعونا بها إلي اليقظة، فنضيق من غفلتنا، كما أنه يقودنا بها إلى الانسحاق. فنشعر أننا أخطأنا، وأننا أغضبنا الله منا، فنتوب، ونرجع إليه.. وهكذا ننجو من العقوبة الأبدية، ليس لأن العقوبة الأرضية قد حلت محلها، حاشا! بل لأنها أيقظتنا لنتوب، فنستحق المغفرة. أننا إن تألمنا هنا، فهذا أفضل من الآم الأبدية، ومن عارها.. ومع ذلك، فإن كانت عقوبات الأبدية مخيفة، فإن الأمر لا يزال بيدنا. فحتى هذه اللحظة، مازال في أيدينا أن نقرر مصيرنا.. لقد استطاع القديس بولس الرسول أن يقول بكل جرأة "وأخيرًا وضع لي إكليل البر، الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل" (2 تي 4: 8). فهل تستطيع أن تقول نفس عبارة القديس بولس؟! ليتك تستطيع.. وحتى إن كان إكليل البر قد وضع لك، فاحترس، و"تمسك بما عندك لئلا يأخذ أحد إكليلك" (رؤ 3: 11). وعش في حياة التوبة والاحتراس كل أيامك. إن الخوف من عقوبة الخطية، يدفعك إلي التوبة. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 46 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() دوافع أخرى للتوبة | زيارات النعمة هناك دوافع للتوبة، تصدر من داخل الإنسان، من مشاعر قلبه، ذكرنا الكثير منها. وهناك دوافع أخري للتوبة تكون من الخارج، تأتي إلي الإنسان حتى دون ان يطلب. ونذكر من بين هذه الدوافع: زيارات النعمة: إن الله "يريد أن الجميع يخلصون، وإلي معرفة الحق يقبلون" (1 تي 2: 4). ولذلك فهو يسعي إلي الخلاص الكل. ونعمته تعمل في الخطاة لكي يتوبوا، لكي يريدوا ولكي يعملوا (في 2: 13). كل إنسان لابد أن تأتيه زيارات النعمة.. شاول الطرسوسي كمثال: لقد شهد عن نفسه أنه كان من قبل مجدفًا ومفتريًا ومضطهدًا للكنيسة (1تي 1: 13). وكانت مناخس تنجس ضميره لكي يترك هذه القسوة وهذا العنف ولكنه كان يرفس هذه المناخس ولا يستجيب.. وأخيرًا ظهر له الرب في طريق دمشق وعاتبه بقوله "شاول شاول، لماذا تضطهدني؟ صعب عليك أن ترفس مناخس" (أع 26: 4، 9:5).وواضح أن قيادة شاول إلي التوبة وإلي ترك اضطهاده للكنيسة، لم تبدأ من داخل نفسه، إنما أتاه الدافع من الخارج من زيارة النعمة بلقاء الرب له، الذي صالحه وأصلحه ودعاه لخدمته.. نفس الوضع حدث مع يونان النبي.. كان هاربًا من الرب، وكان غير موافق علي المناداة لنينوى، لئلا تدركها رحمة الله فتسقط كلمته.. وفعلًا لما قبل الرب توبة نينوى وخلص هذه المدينة جلس يونان شرق المدينة مغتاظًا..! بل أنه أغتاظ حتى الموت وقال "موتي من حياتي" (يون 4: 1-3). وفيما هو هكذا، زارته نعمة الرب لتخلصه من غمه الخاطئ.. كلمه الرب بنفسه لكي يصالحه، لكي يشرح له، ويغير قلبه، ويقوده إلي التوبة.. وهكذا كانت النعمة بصوت الله وصلت إلي النبي، كما حدث مع شاول.. ولكني لا يشترط في النعمة أن يكلم الله الإنسان.. ![]() إنما قد يرسل الله شخصًا، يبكت هذا الخاطئ لكي يتوب.. كما حدث حينما أرسل الرب ناثان لكي يبكت داود ليتوب.. لم يكن داود يحس ما هو فيه، بل كان يتدرج من خطية إلي أخري من الشهوة إلي الزنى إلي القتل.. إلي أن زارته النعمة بمجيء ناثان إليه، وتعريفه بخطورة ما حدث منه..حينئذ فقط بدأت تستيقظ نفسه الغافلة، وقال "أخطأت إلي الرب" (2 صم 12: 13). ثم بدأ قصة توبة عميقة، بلل فيها فراشة بدموعه (مز 6). وهكذا لم تبدأ توبة داود من دوافعه الداخلية، إذ كانت نفسه في غفوة مستمرة في الخطية، إنما بدأت التوبة بدافع خارجي، بتبكيت من الخارج. وهنا دخلت مشاعر التوبة إليه، وبدأ العمل الداخلي فيه.. وأنت أيها القارئ العزيز، هل تدري.. ربما الإنسان الذي يبكتك علي خطية، هو مرسل من نعمة الله إليك، ليقودك إلي التوبة.. فإن رفضته ورفضت توبيخه -حتى لو كان قاسيًا- تكون رافضًا لنعمة الله العاملة فيك. وتكون زيارة النعمة قد افتقدتك ولم تستفيد منها. لا تظن أن زيارة النعمة، لا تأتي إلا عن طريق صوت الله أو صوت نبي، أو عن طريق حلم أ رؤيا، أو أمثال هذه الأمور الفائقة، إنما قد يكون الأمر أبسط من هذا بكثير.. فقد تفتقدك النعمة بمرض مثلًا، يكون هو صوت الله إليك.. كالمرض الذي افتقد به الرب مار أوغريس، وقاده ليس فقط إلي التوبة، وإنما إلي الرهبنة أيضًا. وكالمرض الذي افتقد به الرب الأنبا تيموثاوس السائح وكقصص أمراض عديدة وردت في الكتاب وفي التاريخ.. وقد يكون المرض الذي يفتقدك الرب به، مرضًا لا يصيبك أنت، إنما يصيب أحد أحبائك المقربين إليك جدًا. ويستطيع هذا المرض أن يشد ركبتيك إلي أسفل، ويرفع يديك إلي فوق، فتصرخ من أعماقك إلي الرب. وقد استطاع المرض أن يعصر قلبك عصرًا، فيتجه إلي الله ويصطلح معه من اجل هذا الذي تحبه.. وقد تكون زيارة النعمة علي شكل ضيقة أو مشكلة.. تكون هي أيضًا صوت الله إليك، يناديك أن تتوب، لكي يتراءف الرب عليك ويخرجك من هذه الضيقة وقد يدفعك الرب إلي أيدي أعدائك، فيقوون عليك، فترجع إلي الرب، لكي ينقذك، وأمثلة هذا الأمر كثيرة في سفر القضاة..المهم أن تكون حواسك الروحية مدربة، تستطيع أن تميز بها صوت الله الذي يناديك لكي ترجع إليه.. لذلك في كل ما يمر بك من أمراض ومن ضيقات ومن مشاكل، لا تفصل شيئًا من هذا عن علاقتك بالله. اجعلها كلها تقوي علاقتك به، وتعمق صلواتك، وتزيد محبتك للرب.. وقد تأتيك زيارة النعمة، أثناء قراءتك لكتاب روحي، أو أثناء سماعك عظة روحية أو لحن مؤثر.. فتجد شعورًا في داخلك، يحثك أن تعمل شيئًا من جهة علاقتك بالله.. تجد قلبك في حالة غير طبيعية، يتحرك داخلك، أو يتحرك عمل الروح داخله. وتجد الروح القدس يبكتك علي خطية، أو يشوقك إلي الحياة مع الله، وإلي التصالح معه.. إنها زيارة من النعمة. احرص ألا تفلت منك.. إن زيارة النعمة افتقدت فيلكس الوالي حينما كان القديس بولس الرسول يتكلم عن البر والتعفف والدينونة العتيدة أن تكون، فاتعب فيلكس (أع 24: 25). ولكنه للأسف لم يستغل زيارة النعمة لمنفعته. بل قال لبولس "اذهب الآن، ومتى حصلت علي وقت استدعيتك". أما أنت فإن زارتك النعمة، لا تنس قلبك، ولا تؤجل التوبة.. استفد من كل شعور روحي تحدثه النعمة في داخلك، وبخاصة حينما تشعر بثورة في داخلك علي حياة الخطية، وبمحبة طارئة نحو الله، ربما لم تكن موجودة في داخلك من قبل.. لقد زارت النعمة أغريباس الملك فيما كان القديس بولس يتكلم، فقال أغريباس لبولس "بقليل تقنعني أن أصير مسيحيًا" (أع 26: 28). واكتفي أغريباس بمجرد الاقتناع، دون أن يخطو خطوة أخري.. أما أنت فإن زارتك النعمة، لا تكتف بمجرد الإقناع.. لأنه ماذا يفيدك إن اقتنعت أن طريقك خاطئ.. دون أن تقوم عمليًا بتغيير هذا الطريق.. لا تجعل زيارة النعمة في عقلك فقط، أو حتى في قلبك فقط، إنما يجب أن تعمل أيضًا في إرادتك، فتقوم وتعمل عملًا. علي أن زيارات النعمة تقدم لنا حقيقة جميلة ومعزية وهي: حتى إن كنت أنت لا تسعي إلي خلاص نفسك، فإن الله المحب يسعي بنعمته لكي يخلصك، وهو الذي يبدأ.. كل ما يريده الرب منك هو الاستجابة لصوته في داخلك، يريدك أن تعمل معه، حينما يبدأ هو أن يعمل فيك، يريدك حينما تسمع صوته أن لا تقسي قلبك، وحينئذ تقودك زيارة النعمة إلي التوبة، كما قادت كثيرين.. وحينئذ تقودك زيارة النعمة غلي التوبة، كما قادت كثيرين.. إن زيارات النعمة تعطي لكل خاطئ دفعة من رجاء.. يثق بها أن الله يحبه، وأنه لا ينساه أبدًا في رعايته، ويبحث عنه كما بحث عن خروفه الضال. وان لم تكن في قلب هذا الخاطئ مشاعر تقوده إلي التوبة، فإن الرب يغرس في قلبه هذه المشاعر بعمل نعمته، ويمهد كل الوسائط التي تجعل قلبه يتحرك نحو التوبة.. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 47 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() وسائل أخرى للتوبة | كيف نتوب قد يكون لكل إنسان الأسلوب الذي يصل به إلي التوبة، أو الأسلوب الذي تراه النعمة مناسبًا له، أو مناسبًا لظروفه.. ![]() علي الرغم أن هناك قواعد عامة -في الطريق إلي التوبة- تتناسب الكل. ولعل من أهم هذه القواعد النصائح التالية: 1- أجلس مع نفسك. حاسبها. واخرج معها بقرار.. 2- لا تلتمس لنفسك الأعذار والتبريرات. 3- لا تؤجل التوبة. أبدًا من الآن، وانتهرت الفرص. 4- اهتم بخلاص نفسك. وأعرف ما يطلبه الله منك. 5- ابعد عن الخطوة الأولي إلي الخطية. 6- ابعد عن قساوة القلب، حينما تعمل النعمة فيك. 7- أعد تقييم سلوكك. وابعد عن الخطايا التي تلبس ثياب الحملان. 8- ابعد عن الثعالب الصغار المفسدة للكروم. واسلك بتدقيق. 9- اهتم بالاعتراف والتناول. 10-اهتم بعلاج نقط الضعف التي فيك، وبالذات الخطايا المحبوبة منك. 11- اهتم بمحبة الله، لتطرد منك محبة الخطية. 12 - صارع مع الله وخذ منه قوة، لكي بهذه القوة تتوب. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 48 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() اجلس مع نفسك أنت تريد أن تتوب. هذا حسن جدا. الله أيضًا يريدك أن تتوب ألانه "يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون" (1تى 2: 4). ولكن يبقى السؤال أمامنا هو: تتوب عن ماذا؟ وكيف تتوب؟ لذلك فأنت محتاج أن تجلس إلى نفسك، لأنك واحد من اثنين: 1- إما أنك لا تحس ما أنت فيه من خطأ. لا تعرف حالتك بالضبط، ولا تدرك أخطاءك، ولا عمقها وبشاعتها، لأن دوامة المشغوليات والاهتمامات تجذبك إليها باستمرار، وأنت غارق فيها تمامًا.. ليس لديك وقت أن تفكر أو نفسك وفي روحياتك، وربما لم يخطر هذا الموضوع على فكرك! ![]() فأنت إذن محتاج أن تجلس إلى نفسك، لتدرك حالتك وتعرف أخطاءك. 2-أو أنت تعرف أخطاءك، أو تعرف البارز منها. ولكن ليس لديك وقت ولا فرصة، لكي تفكر كيف تترك هذه الأخطاء، وكيف تعالجها.. فقبل أن يدور بذهنك أن تعالج خطأ معينًا، تكون قد وقعت فيه مرة أخرى، أو وقعت في غيره أو في ما هو أبشع منه.. والأخطاء والخطايا تحيط بك من كل ناحية. وليست هناك فرصة للتخلص منها. فأنت محتاج إذن أن تجلس أيضًا إلى نفسك لكي تعالجها. إنك تشبه مريضا: إما أنه لا يحس ما فيه من مرض، أو يدرك أنه مريض، ولكنه يحتاج إلى كشف وتشخيص دقيق وعلاج أتحتاج أن يجلس إلى أجهزة التحليل، وإلى كشف الأشعة، ومعرفة ما يدور في داخله بالضبط، ونوعية ومدى خطورة أمراضه. وهو يحتاج أيضًا أن يعرف العلاج، ويمارسه لكي يشفى، وأن يتابع هذا العلاج طبيب حكيم خبير بالأمراض وعلاجها.. وهذا كله لا يتأتى للمريض إلا إذا أنتزع نفسه من جميع مشغوليته مهما كانت أهميتها، وجلس إلى أجهزة التحليل والأشعة لمعرفة نفسه ن بعيدا عن الناس0 وهنا تبدو أهمية الجلوس مع النفس روحيا.. ولكن ما هو برنامج هذه الجلسة الروحية وعمل الإنسان فيها؟ إنها جلسة هدفها التوبة وتنقية النفس. وذلك بأن تكتشف خطاياك وضعفاتك، وتلوم نفسك عليها. ثم تعرف أيضًا أسباب سقوطك، سواء أكانت أسبابا خارجية تضغط عليك، أو أسبابا داخلية تسعى فيها أنت إلى الخطية، أو هي طباع وعادات أو تأثر بآخرين.. وتحاول أن تتحاشى كل هذا وتبعد عنه أو تعالجه وفى هذه الجلسة تعرض ضعفاتك وخطاياك على الله.. تعرض عليه كل ضعفاتك، لكي تنال منه القوة، وتعرض عليه في ندم كل خطاياك، ليهبك الحل والمغفرة تعرضها وأنت تقول للرب فلا صلاة منسحقة، ما سبق أن قاله داود: "انضح على بزوفاك فاطهر، واغسلني فأبيض أكثر من الثلج" (مز 50). ثم تخرج من هذه الجلسة، لكي تعترف بهذه الخطايا أمام الأب الكاهن، لكي يقرأ لك صلاة الجلسة، ويرشدك بما يلزم، ويسمح لك بالتناول. وفى جلستك الروحية مع نفسك، تعزم في قلبك عزمًا أكيدا على ترك الخطية، بكل رضى واقتناع داخلي.. فأنت لا تقصر جلستك فقط على بحث الماضي والندم عليه، ولوم النفس وتبكيتها على سقوطها.. إنما أنت أيضًا في جلستك مع نفسك: تضع خطه حكيمة للمستقبل من واقع حالتك واختباراتك.. وتصمم في أعماقك أن تسلك فيها بتدقيق شديد، وبجدية والتزام وفي هذا العزم على حياة نقية في المستقبل، لا تته وسط تفاصيل عديدة، إنما اهتم أولا بنقط الضعف الواضحة التي فيك، وبالفضائل الأمهات التي تحوى داخلها باقي الفضائل.. فإنك إن أدركت واحدة منها في عمقها -كمحبة الله مثلًا- أدركت الحياة الروحية كلها. وهذا العزم المقدس، لابد أن تعرضه على الله ليباركه ويقويك. وأنا أنصح أن هذا لا يكون نذرًا تنذره كما يفعل البعض. ولا يكون استنزالا للويلات على نفسك، كما يقول البعض "يفعل بي الله ويزيد، إن فعلت هذا مرة أخرى في المستقبل.." فهذه النذور والويلات، قد تحوى في داخلها اعتمادًا على ذراعك البشرى. كأن لك القوة الذاتية التي تستطيع أن تنفذ بها ما تعد الله به، مهما كانت العقبات والحروب التي تصادفك. وما أكثر من وعد الله وعودا، ولم ينفذ. ثم عاد ليقول في حزن: كم وعدت الله وعدًا حانثا ليتني من خوف ضعفي لم أعد. إنما الأمر لا يعدو أنها رغبات مقدسة، تعرض فيها إرادتك وعزمك أمام الله، ليعطيك قوة على التنفيذ، لأنك بدونه لا تستطيع أن تفعل شيئًا (يو 15: 5). وهكذا تتحول جلستك مع نفسك إلى صلاة تطلب فيها القوة للسير في حياة التوبة ونقاوة القلب.. ولا شك أن الشيطان يقاوم بكل قوته جلوسك مع نفسك. لأنه يخشى أن تفلت من سيطرته، عن طريق أمرين: أ-إنه يخشى أن تجلس مع نفسك، فتدرك سوء حالتك حالته الروحية، فتفكر جديا في التوبة، وبهذا تفلت من يده. ب-يخشى إن جلست مع نفسك، أن تجلس مع الله أيضًا، وتنال منه قوة روحية لا يقوى الشيطان على مقاومتها، فتغلبه بهذه القوة الإلهية. والشيطان جرب أن كثيرين، جلسوا مع أنفسهم فتابوا.. وكمثال لهؤلاء قصة الابن الضال (لو 15: 11-24). لما كان هذا الابن الضال مشغولا مع أصحابه، استمر في ضلاله، إذ لم يكن لدية وقت ولا رغبة للجلوس مع نفسه.. ولكن كيف إذن بدأت قصة توبته؟ تلك القصة التي استحقت أن تسجل في الإنجيل من فم الرب نفسه. بدأت لما جلس إلى نفسه في يوم ما، وفحص حالته، وفكر في حياته وفي الوضع الذي وصل إليه. وأدرك الحقيقة المرة أدرك -في جلسته مع نفسه- مقدار سوء حالته التي انحدر إليها.. فقالت "كم من أجير عند أبي بفضل عنه الخبز، وأنا هنا أهلك جوعًا"..ولكن هل مجرد إدراك سوء الحالة يكفى؟ كلا. إنما لابد من الوصول إلى جل. وما هو الحل؟ قال "أقوم وأذهب إلى أبى، وأقول له "أخطأت إلى السماء وقدامك، ولست مستحقا أن أدعى لك ابنًا. اجعلني كأحد أجرائك" (لو 15: 17 - 19). لقد أدرك سوء حالته، وعرف الحل، ووصل إلى قرار، ونفذ.. نفذ في الحال، إذ يقول الكتاب بعدها مباشرة "فقام وجاء إلى أبيه.." (لو 15: 20). وبدأ حياة جديدة اصطلح فيها مع الآب.. ويقينا لو لم يجلس الابن الضال هذه الجلسة المصيرية مع نفسه، ما كان قد وصل إلى القرار وإلى التوبة والانسحاق والرجوع والتصالح، والخروج من قبضة الشيطان، إلى حيث لبس الحلة الأولى.. مثال آخر هو القديس أوغسطينوس.. إنه لم يستطيع أن يتوب وهو في دوامة المشغوليات، دوامة الصحاب والخطية واللذة، ثم دوامة الفلسفة والفكر.. ولكنه لما جلس إلى نفسه، تلك الجلسة العميقة. استطاع أن يصل إلى الإيمان وإلى التوبة، ويرجع إلى الله، ويفلت إلى البد من قبضة الشيطان، ويصير بركة لكثيرين. إنها ليست مجرد جلسة عادية،إنما هي جلسة مصيرية.. صدقوني إن أهم عمل للآباء والمرشدين والوعاظ، هو دعوة كل إنسان خاطئ إلى الجلوس مع نفسه في حضرة الله، وفي ضوء وصاياه، مثلما فعل أوغسطينوس أو الابن الضال الذي حسنا قيل عنه إنه "رجع إلى نفسه" (لو 15: 17). |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 49 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الجلوس مع النفس لذلك فالشيطان يقاوم جلوس الإنسان مع نفسه. وذلك بأمرين: أ- إما أنه يمنع جلوسك مع نفسك بأن يقدم لك عشرات المشغوليات، ومئات الأفكار. ويذكرك بأمور ترى أنها هامة جدًا ويجب أن تتفرغ لها. وكل ذلك لكي تعود إلى دوامتك مرة أخرى.. مثال ذلك إن انتهرت فرصة بداية عام جديد من حياتك لتجلس مع نفسك، يمكن للشيطان أن يعمل على شغل هذه المناسبة بالحفلات والمجاملات، حتى تشتغل بها ولا تخلو للتفكير في نفسك. وإن كانت بداية عام ميلادي، أو عام قبطي، تريد أن تجلس فيها مع نفسك، يحاول أن يمنعك عن ذلك بأنشطة روحية واجتماعات وكلمات، حتى لا تتفرغ لنفسك. فما أسهل في عيد النيروز مثلًا، أن ننشغل بالحديث عن الشهداء وعذاباتهم واحتمالهم وشجاعتهم وأمجادهم، وننسى أنفسنا.. نتحدث عن التاريخ، وننسي الواقع الذي نعيشه.. نتحدث عن جدودنا العظام، ولا نفكر في كيف نشأتهم.. حسنة بلا شك هي أخبار الشهداء، ولكن إلى جوارها فلنفكر في أنفسنا، لأنهم تركوا لنا مثالًا لنقتدي به.. ![]() ولكنها محاولة -ولو بأسلوب روحي- لمنع الإنسان من الجلوس مع نفسه. فإن أصررت على الجلوس مع نفسك. وقلت "افعلوا هذه، ولا تتركوا تلك".. حينئذ يلجأ الشيطان إلى حيلته الثانية وهي: ب - يحاول الشيطان أن يدخل في جلستك مع نفسك، ليفقدها فوائدها.. إنه لا ييأس أبدًا. مادام لم يستطع أن يمنعك عن الجلوس مع نفسك، فليمنع عنك رو حياتهم. وذلك بأن يقدم لك أفكارًا وأحاسيس، ويمنعك من تبكيت نفسك، ويخفف من مشاعر ندمك..! فكيف ذلك؟ إن تذكرت أيه خطية، فبدلًا من أن ينسحق قلبك بسببها، وتوبخ ذاتك عليها بدموع التوبة، يقدم لك الشيطان عنها أعذارًا وتبريرات! أما أنت فأعلم أن هدفك من هذه الجلسة الروحية هو تنقية نفسك وليس تبريرها. وتنقية نفسك وليس تبريرها. وتنقية النفس تأتى بمعرفة خطاياها وتبكيتها عليها، وليس بتدليل النفس أو مجاملتها أو تخفيف المسئولية عنها بإلقائها على الوسط الخارجي أو على الآخرين. لذلك في جلستك مع نفسك، كن صريحًا معها إلى أبعد حد.. لا تجاملها ولا تدللها، فهذا لا ينفعك روحيًا، ولا يقودك إلى التوبة. بل اكشف لها كل أخطائها وكل ضعفاتها، بكل ما فيها من دنس ومن بشاعة. ولا تحاول أن تقدم عنها أعذارًا أو تبريرات. إنما قدم عنها توبة وندمًا وانسحاق قلب. واعرف أن العشار قد خرج مبررًا دون الفريسي، لأنه انسحق أمام الله وطلب الرحمة لأنه خاطئ (لو18: 13). والكتاب يقول "أنت بلا عذر أيها الإنسان" (رو2: 1). ويقول أيضًا "ليس لهم هذر في خطيتهم" (يو15: 22). إنك لا تنال المغفرة بالتبريرات، إنما بالتوبة تؤهل للغفران.. فكما تميز إنك لا تنال المغفرة بالتبريرات، إنما بالتوبة تؤهل للغفران.. فكما تميز العشار على الفريسي بإدانته لنفسه، كذلك تميز اللص اليمين على زميلة اللص الآخر في قوله "نحن بعدل جوزينا، لأننا ننال استحقاق ما فعلناه" (لو23: 41).. مغبوط هو الإنسان الذي يتكشف خطاياه في جلسته مع نفسه. ومغبوط أكثر من يقدم هذه الخطايا للرب محفوفة بالندم، مبللة بالدموع. اهتم إذن بإدانة نفسك، فإن ذلك يساعدك على التوبة ويجلب لك الاتضاع وانسحاق القلب، ويمكنك من الاعتراف، ويجعلك قريبًا من الرب الذي يقول عنه الكتاب "قريب هو الرب من المنسحقين بقلوبهم". وحسنًا قال القديس الأنبا أنطونيوس "إن دنا أنفسنا، رضي الديان عنا". ولهذا فإن جلست مع نفسك، وتذكرت خطاياك، فلا تعذر ذاتك، ولا تجلب اللوم على غيرك ناسيًا ما فعلته أنت، كما فعل آدم وحواء.. إن لومك لغيرك لا يبررك، حتى لو كان ذلك الغير ملومًا فعلًا.. لهذا يجب أن تركز على ما فعلته أنت، لأنك مطالب به.. إنها حيلة ولاشك من الشيطان أن يجعلك في محاسبتك لنفسك، تهتم بمسئولية الآخرين عن خطاياك، وليس بمسئوليتك أنت..! ولعل من حيلة أيضًا، أنه يقلل لك من خطورة خطاياك.. ولا يجعلها تبدو على حقيقتها في بشاعتها، كما لو كانت شيئًا بسيطًا، لا تستحق أن تحزن بسببها وتندم. وما أسهل أن يسمى لك الخطايا بغير أسمائها، أو يفلسف الخطية، ويحاول أن يخفيها وراء سلامة القصد أو حسن النية..! وهكذا يوسع ضميرك،لكي يبتلع خطايا معينة، لا تريد أن تتحمل مسئوليتها أو نتائجها.. وكل هذا يقودك ولا شك إلى الاستهانة واللامبالاة، ولا يساعدك على التوبة، بل ربما يدفعك إلى الاستمرار فيما أنت فيه، ويبعد عنك خشوع القلب وانسحاقه. أما أنت فكن حازمًا مع نفسك ووبخها. وإن كنت لا تحتمل أحيانًا أن يكلمك الغير بصراحة من جهة أخطائك ويوبخك، فعلى الأقل يمكنك أن توبخ نفسك بنفسك. قل لها ما يريد الناس أن يواجهوك به، ولكن يمنعهم الخجل، أو الأدب والاحتشام، أو عدم رغبتهم في جرح شعورك..وكما قال القديس مقاريوس الكبير "أحكم يا أخي على نفسك، قبل أن يحكموا عليك". وإن كان في طبعك شيء من القسوة أو الشدة فاستخدمه ضد نفسك ولا تستخدمه مع الناس.. إن نفسك هي التي تحتاج إلى الشدة لكي ترتدع ولا تعود تخطئ. أدبها إذن بقضيب من حديد، وربها في خوف الله وفي طاعته. وإن كان يلزمك باستمرار محاسبة النفس، فإنه يلزمك أيضًا معاقبة النفس، بدلًا من أن يعاقبها الله.. وفي إدانتك لنفسك، تذكر قول القديس العظيم الأنبا أنطونيوس: "أن ذكرنا خطايانا، ينساها لنا الله، وإن نسينا خطايانا، يذكرها لنا الله". إن داود الملك، لما كان لا يحس بخطيئته ولا يذكرها، أرسل له الله ناثان النبي، فشرح له بشاعة الخطية وقال له "أنت هو الرجل" (2صم12: 7). ولما أدان داود نفسه وقال "أخطأت إلى الرب "سمع بعدها مباشرة عبارة "والرب نقل عنك خطيتك. لا تموت" (2صم12: 13). فلا تنتظر أنت أن يرسل لك الله ناثان آخر يكشفك.. اجلس إذن مع نفسك لكي تدينها، وتؤهلها بالتوبة لنوال المغفرة. وإن كان البعض قد تعود أن يجلس جلسة جدية مع نفسه في بداية العام الجديد، أو في الأصوام، أو في مناسبات هامة في حياته.. فاجلس أنت مع نفسك كل يوم وحاسبها.. افحصها، واطمئن باستمرار على نقاوتها. واسهر على سلامة اتجاهاتها، وتابعها في حياة التوبة، إن كانت قد بدأت هذه التوبة من قبل.. خوفًا من أن تفتر الحرارة التي بدأت بها الطريق مع الله. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 50 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() لا تستخدم أسلوب التبريرات والاعتذار ![]() إن كنت تريد أن تحيا في حياة التوبة، فلا تحاول أن تقدم أعذارًا أو تبريرات عن كل خطية تقع فيها.. فالأعذار لا تتفق مع حياة التوبة، ولا مع حياة التواضع.. فالتبريرات معناها أن الإنسان يخطئ، ولا يريد أن يتحمل مسئولية أخطائه.. يخطئ ويقدم الموضوع كأنه طبيعي جدًا، هناك أسباب دعت إليه! كأن لا خطأ في الأمر.. مثل هذا الذي يجد لخطيته ما يبررها، كيف يمكن يتوب عنها؟! التبريرات هي محاولة لتغطية الخطية، وليست توبة عن الخطية. وبإيجاد مبرر للخطية، ما أسهل أن يستمر المخطئ فيها، وعذره معه!! إنسان يغطى الخطية بعذر، كما يغطيها غيره بأكذوبة. ويريد بهذا التبرير أن يخرج من الخطية سليما بلا عيب لا، بلا لوم، يلتف بثوب من المجد الباطل.. بينما الخطية هي الخطية مهما كانت الأسباب المحيطة بها، أو الظروف المصاحبة لها.. ألسنا في صلاة الثلاثة تقديسات نطلب حلا ومغفرة حتى عن الخطايا الخفية، والتي فعلناها بغير معرفة، أو بغير إرادتنا، ولا نعتبر كل هذه مبررات صدق الذي قال إن الطريق جهنم مفروش بالأعذار والتبريرات والحجج. |
||||
![]() |
![]() |
|