أسباب الشك
قد تكون أسباب الشك داخلية، نابعة من الإنسان نفسه. وقد يكون للشك أسباب خارجية. وسنحاول أن نتأمل كل هذا، لكيما نعرف العلاج المناسب...
1 – قد يكون سبب الشك هو طبيعة الشخص نفسه:
كأن تكون شخصيته مهزوزة أو معقدة، يسهل أن تقع في الشك. أو قد يكون موسوسًا، وطريقته في التفكير تجلب له الشك...
وقد يكون ضيق التفكير، ليس أمامه سوي الشك. ولو كان واسع الأفق لزال شكه..
2 – البساطة أو العمق:
قد يكون إنسان بسيطًا، يصدق كل شيء، فلا يقع في الشك.
وربما هذا البسيط نفسه يقبل كل ما يقال له فيقع في شكوك، كأن يحكي له شخص عن أخطاء صديق له في حقه، فيصدقها ويشك فيه.
أو لبساطته يخدعه الناس من جهة عقيدة أو إيمان ويوقعونه في شكوك.
وبنفس الوضع نري أن الإنسان العميق التفكير قد يصل إلى النتيجتين معًا: الشك وعكسه..
فبالعمق قد يكشف زيف الشكوك فلا يقع فيها.
وأحيانًا شدة التفكير تقوده إلى لون من العقلانية يفقد فيها بساطة القلب، ويحب أن يستوعب أسرارًا لاهوتية أو روحية بعقله القاصر، فيقع في الشك. وهكذا ما أكثر وقوع فلاسفة في الشكوك...
3 – الخوف:
الخوف والشك يتلازمان في كثير من الأحوال. وقد يكون أحدهما سببًا، وقد يكون هو النتيجة..
فالخوف يجلب الشك. والشك يكون من نتائجه الخوف.
فبطرس الرسول حينما مشي على الماء، ثم شك، خاف نتيجة لشكه. ولما خاف زادت شكوكه فسقط في الماء، وصرخ...
4 – حروب الشياطين:
كثيرًا ما يكون الشك حربًا من الشيطان. وهي حرب قديمة، مثلما فعل الشيطان مع أبوينا الأولين، ليجعلهما يشكان في طبيعة الشجرة المحرمة، وفي نتيجة الأكل منها، وبالتالي يشكان في وصية الله لهما... وقد حاول أن يحارب السيد على الجبل بالشك أيضًا فلم يفلح. وكذلك على الصليب "إن كنت ابن الله، انزل من على الصليب". (مت27: 40).
وبالشك حاول الشيطان أن يثني القديس أنطونيوس عن طريق الرهبنة. وربما يأتي الشيطان بشكوك للإنسان في ساعة الموت حتى يهلكه...
إن الشيطان يعرف كل الشكوك التي مرت على العالم من آلاف السنين، ويمكنه أن يحارب بها
وهو يلقي الشكوك في كل شيء... في الإيمان، وفي العلاقات مع الآخرين، لكي يبلبل فكر الإنسان ويلقيه في حيرة. والشكوك لا تأتي من الشيطان فقط، وإنما..
5 – من البيئة:
من الوسط المحيط. مثلما حدث لمريم المجدلية: التي رأت السيد المسيح بعد القيامة وكلمها... مع ذلك لما وجدت نفسها في وسط كله شكوك وقد ألقي اليهود الشائعات التي ملأت المكان، حينئذ شكت المجدلية أيضًا! (يو20).
وقد تأتي الشكوك أيضًا من معاشرة الشكاكين. وكما أنه بمعاشرة الواثقين والمؤمنين، ينتقل الإيمان والثقة إليك، كذلك بمعاشرة الشكاكين ينتقل الشك.
فأبعد عن عشرة هؤلاء أو على الأقل احترس من كلامهم ولا تصدقه.
ومن المصادر التي تنقل الشك، القراءة التي تحوي شكوكًا، فأبعد عنها. وليكن اختيارك للكتب من النوع الذي يبنيك وليس من النوع الذي يحطم فيك العقائد أو القيم!
لأن هناك كتابًا هوايتهم أن يشككوا القارئ في المسلمات الثابتة، لكي يظهروا أنهم يفهمون ما لا يفهمه الغير!
ومن مصادر الشك أيضًا: الشائعات وكثيرًا ما تكون خاطئة. لذلك لا تصدق كل ما يقال، ولا تردد هذه الشائعات أنت أيضًا، وإلا يكون الشك قد دخل إلى نفسك.
ومن أسباب الشك أيضًا:
6 – الانحصار في سبب واحد:
ربما لا يحضر صديق حفلة تقيمها. وتكون هناك أسباب عديدة لعدم حضوره ولكنك إن حصرت التعليل في سبب واحد تخيلت به اهماله لمشاعرك، حينئذ يدخلك الشك. كذلك في تأخر زوج عند موعد رجوعه إلى بيته... إن حصرت الزوجة تفكيرها في سبب واحد، يدخلها الشك.
لذلك – فليكن ذهنك متسعًا وافترض أسبابًا عديدة، وحللها، حتى لا تظلم أحدًا لا تشك في محبيك..
والعجيب أن الذين ينحصرون في سبب واحد، قد يتخيرون أسوأ الأسباب التي تتعبهم وتبلبل أفكارهم...
مثل أم تتأخر ابنتها عن ميعاد عودتها إلى البيت، فتسك أنه قد أصابها حادث أو أن أحدًا خطفها، أو حدث لها سوء من أي نوع. وتظل في قلق حتى تعود..
وربما يكون قد دخلها الشك في إنها ستعود..!
وقد يأتي الشك من سبب آخر هو:
7 – طول المدة:
مثلما حدث لأبينا إبراهيم، لما طالت المدة عليه ولم ينجب نسلًا.
ومثلما يحدث أن أناسًا تطول عليهم المدة في ضيقة أو في مشكل، دون حل وهنا نتطرق إلى سبب آخر هو:
8 – الشك بسبب الضيقات:
مثلما حدث لجدعون الذي شك قائلًا للملاك: "إذا كان الرب معنا، فلماذا أصابتنا كل هذه (البلايا)؟ وأين عجائبه التي اخبرنا بها آباؤنا؟" (قض6: 13).
ومثل شكوك الشعب في البرية، وكذلك أمام البحر الأحمر.. (خر14)
إن شدة الخطر قد تجعل الإنسان يشك. وهكذا كانت مشاعر الجيش أمام جليات الجبار، بعكس داود النبي الذي لم يشك مطلقًا، وقال للجبار في ثقة: "اليوم يحسبك الرب في يدي" (1صم17: 46).
وإذا صالت المدة في الضيقة، ووصل صاحبها إلى اليأس، فقد يشك في رحمة الله، أو يشك في أن هناك عملًا قد عمل له، ويبدأ في زيارة المشعوذين ليكفوا له هذا العمل...!
إن الضيفات وطول المدة، تحتاج إلى قلب قوي لا تلعب به الأفكار والشكوك.
ومن أسباب الشك أيضًا:
9 – تعميم الخطأ:
كإنسان تعيش في بيت مملوء بالنزاع والشجار بين أبيها وأمها، فتخاف من الزواج، وتشك في أنها إذا تزوجت، لابد سيحدث لها مثل هذا. تشك في كل زوج أنه سيكون مثل أبيها في معاملته لأمها..! أو كإنسان قال سرًا لصديق فأذاعه. وحينئذ يشك في جميع الأصدقاء وإخلاصهم.
وربما تكون النتيجة أنه ينطوي على نفسه، ولا يقول كلمة سر لأحد مهما كان قريبًا إلى قلبه ويقول... لعله يفعل مثل فلان!
لاشك أن كل الناس هكذا! فيقول لك أحدهم: شعب البلد الفلانية كلهم بخلاء. أو احترس أن تتزوج أحدًا من بلد كذا... كل ذلك بسبب حادث فردي...
10 الشك بسبب الوهم:
فقد يتوهم شخص أن رقم 13 لابد أن وراءه شرًا. فيدخله الشك في كل يوم يكون تاريخه 13 أو مضاعفاته، سواء من الشهر الميلادي أو العربي أو القبطي...
وتكبر المسألة في ذهنه إلى حد الوسوسة...
ويكون من الصعب أن تخرج هذه ( العقيدة) من ذهنه...