06 - 02 - 2014, 04:36 PM | رقم المشاركة : ( 41 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الخدمة الروحية والخادم الروحي -3 لقداسة البابا شنودة الثالث
كثيرون سقطوا وبعضهم هلكوا وهم داخل الخدمة لا تظن يا أخي الخادم أن كل الذي سقطوا أو كل الذين هلكوا، كانوا خارج الكنيسة أو خارج الخدمة. فالكتاب المقدس وتاريخ الكنيسة يسجلان لنا كثيرًا من القصص والأحداث عن أشخاص ضاعوا وبعضهم هلكوا، وهم داخل الكنيسة وداخل الخدمة. أمثلة: * لنأخذ مثلًا: ديماس مساعد بولس الرسول. أو شريكه في الخدمة، الذي كان يذكره في رسائله (كو14:4)، وفي إحدى المرات ذكره قبل لوقا البشير (فل24). ديماس هذا زميل مرقس وأرسترخس، الذي لاشك أن العديدين آمنوا على يديه.. هذا إنتهت حياته الروحية بمأساة، يشرحها القديس بولس بقوله "ديماس تركني، إذ أحب العالم الحاضر" (2تي10:4). وقيل عنه في بعض أخبار التاريخ إنه إرتد وصار وثنيًا!! * وليس ديماس وحده، بل هناك آخرون قال عنهم القديس: "لأن كثيرين ممن كنت أذكرهم لكم مرارًا، والآن أذكرهم باكيًا وهم أعداء صليب المسيح" (في18:3). ويشرح الرسول مأساة هؤلاء فيقول "الذين نهايتهم الهلاك، الذين إلههم بطنهم، ومجدهم في خزيهم، الذين يفتكرون في الأرضيات" (في19:3). أليس كل أولئك درسًا لجميع الخدام لكي يحترسوا جيدًا، ويتذكروا قول الرسول: "إذن من يظن أنه قائم، فلينظر أن لا يسقط" (1كو12:10). السقوط ممكن، حتى لخدام كانوا جبابرة.. وأمثلتهم بعض ملائكة الكنائس السبع، الذي أرسل لهم الرب رسائل على يد القديس يوحنا الرسول. أولهم راعي كنيسة أفسس الذي قال له الرب "أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك.. وقد إحتملت ولك صبر، وتعبت من أجل إسمي ولم تكل" (رؤ2:3، 3) ومع ذلك فإنه ترك محبته الأولى. وقال له الرب "اذكر من أين سقطت وتب.. وإلا فإني آتيك عن قريب، وأزحزح منارتك من مكانها، إن لم تتب" (رؤ5:2). ما أرهب هذا الكلام.. ولكن أخطر منه وأصعب، ما قيل لملاك كنيسة ساردس: "أنا عارف أعمالك أن لك إسمًا أنك حي، وأنت ميت" (رؤ1:3). ومع ذلك كان خادمًا، ودّعى ملاكًا، وكان واحدًا من السبعة الكواكب التي كانت في يمين الرب (رؤ20:1). والرب يدعوه إلى التوبة وينذره (رؤ3:3). ومثله ملاك كنيسة لاودكية الذي قال له الرب: "لأنك فاتر، ولست باردًا ولا حارًا، أنا مزمع أن أتقيأك من فمي" (رؤ16:3). * ومن أمثلة الذي ضاعوا في الخدمة عالى الكاهن وأولاده. كان كاهنًا للرب، واستمر في كهنوته إلى شاخ وضعفت عيناه.ولكن لأنه لم يرب أولاده، ولما أنتهرهم لم يفعل ذلك بحزم.. لذلك قطعة الله، وأمات إبنيه في يوم واحد (1صم31:2، 34). بل قال الرب "أقسمت لبيت عالى أنه لا يكفّر عن شرّ بيت عالى بذبيحة أو بتقدمة إلى الأبد" (1صم14:3).. وسقط عالى الكاهن عن كرسيه فانكسرت رقبته ومات. وكان قد قضى لإسرائيل أربعين سنة" (1صم18:4).. هلك الشيخ مع أولاده، وهم في الخدمة!. * هلاك آخر كان لشاول الملك، مسيح الرب. أرسل له الرب صموئيل النبي، فمسحه بالدهن المقدس ملكًا لشعبه، وحلّ عليه روح الرب فتنبأ، حتى قال الشعب "أشاول مسيح الرب هذا؟! لقد أخطأ إلى الله، فنزع روحه منه. وقيل في ذلك "وذهب روح الرب من عند شاول. وبغته روح ردئ من قبل الرب" (1صم14:16).. ومات شاول هالكًا.. * أيضًا الكتبة والفريسيون هم مثال آخر لهلاك خدّام وهم في محيط الخدمة.. كانوا معلمي الشعب في أيامهم، وأكثر الناس تشددًا في حفظ الناموس ومعرفته، وقد قال عنهم الرب في ذلك "على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون.." (مت2:23). ومع ذلك هلكوا وهم في خدمتهم. وأغلقوا ملكوت السموات قدام الناس، فلا هم دخلوا ولا تركوا الداخلين يدخلون وسماهم الرب "قادة عميان" (مت13:23، 16).. وقال لهم "أيها الحيات أولاد الأفاعي، كيف تهربون من دينونة جهنم؟!" (مت33:23).. ومع ذلك كانوا خدامًا ومعلمين وقادة الخدمة والتعليم في أيامهم!! * وكذلك أيضًا كان الكهنة في ذلك الجيل. أولئك الذين سماهم المسيح "الكرامين الأردياء" وقال لهم "إن ملكوت الله ينزع منكم، ويعطي لأمة تعمل أثماره" (مت43:21). هؤلاء الكهنة ورؤساؤهم هم الذي حاكموا المسيح وادانوه!! ووقفوا أمام بيلاطس يشتكون عليه (مت12:27) ويصيحون طالبين صلبه (لو23:23). وهم الذي قاوموا القيامة، ودفعوا رشوه للعسكر ليقولوا إن تلاميذ المسيح سرقوا الجسد (مت13:28). كما كانوا هم الذي دفعوا الثلاثين من الفضة ليهوذا ليسلم سيده (مت14:26، 15). وهلك أولئك الكهنة، وكانوا خدامًا للرب، بل رسلًا لرب الجنود، ومن أفواههم تّطلب الشريعة (ملا7:2)!! * مثال آخر، هو الإبن الكبير في قصة الإبن الضال: الإبن الصغير كان يمثل الذي ضلوا بالذهاب إلى كورة بعيدة، وانفصلوا عن بيت الآب، أما أخوه الأكبر فكان يمثل الذي ضلوا وهم في الخدمة. بدليل قوله لأبيه "ها أنا أخدمك سنين هذا عددها، وقط لم أتجاوز وصيتك" (لو29:15). ومع ذلك كان ضائعًا وساقطًا وهو في محيط الخدمة على الرغم من تلك السنين العديدة! ما كان محبًا لأخيه العائد، بل غضب لإكرامه ورفض أن يدخل البيت ويشترك في فرح الأسرة به. كذلك لم يكن مؤدبًا في حديثه مع أبيه. وأتهم أباه بالبخل في قوله "وقط لم تعطني جديًا لأفرح مع أصدقائي" (لو29:15)، واتهمه بعدم العدل في معاملة أولاده، ولام أباه على إكرامه إبنه العائد. ولم تكن مشيئته متفقة أبدًا مع مشيئة الآب. ومع ذلك كان خادمًا في الخدمة سنون هذا عددها!! * الذين يهلكون وهم داخل الخدمة، يذكروننا بابنة يايروس التي ماتت وهي في بيت أبيها (لو49:8- 52). وتختلف عن إبن أرملة نايين الذي كان في نعش في الطريق (لو12:7) وعن لعازر الذي كان في قبر وعليه حجر (يو38:11). * آدم وحواء سقطًا وهما في الجنة. * لعل يهوذا الأسخريوطي هو أسوأ مثال بشري لمن هلكوا وهم في الخدمة. كان واحدًا من الإثنى عشر (مت4:10). والسيد المسيح هو الذي أختاره ضمن الباقين. بل ميزه عنهم بأن عهد إليه بأمانة الصندوق، وبالإنفاق على الفقراء، والدليل على ذلك أنه لما قال له الرب موبخًا في يوم خميس العهد "ما أنت تعمله فأعمله بأقصى سرعة" ظن البعض "إذ كان الصندوق مع يهوذا.. أن يسوع قال له اشتر ما نحتاج إليه للعيد، أو أن يعطي شيئًا للفقراء" (يو27:13، 29). ولعل يهوذا اشترك في الخدمة التدريبية الأولى (مت10)، وأخذ مع الرسل بعض المواهب (مت1:10).. وعلى الرغم من كل ذلك هلك يهوذا. * من الدروس النافعة أيضًا في الخدمة: هلاك نبي معروف هو [بلعام]. كان رجلًا "مفتوح العينين.. يسمع أقوال الله، ويعرف معرفة العلى.. يرى رؤيا القدير، وهو مكشوف العينين" (عد15:24، 16) وهو الذي تنبأ عن السيد المسيح وقال "أراه وليس الآن. أبصره ولكن ليس قريبًا. يبرز كوكب من يعقوب، ويقوم قضيب من إسرائيل، فيحطم طرفي موآب" (عد17:24). وهو الذي ظهر له ملاك الرب، وكلمه الرب أكثر من مرة. وقيل في ذلك "فوافى الله بلعام.. ووضع الرب كلامًا في فم بلعام، وقال أرجع إلى بالاق وقل هكذا" (عد4:23، 5) (عد16:23). أما بلعام فقال لبالاق ولعبيده قبل ذلك: "ولو أعطاني بالاق ملء بيته فضة وذهبًا، لا أقدر أن أتجاوز قول الرب لأعمل خيرًا أو شرًا من نفسي. الذي يتكلمه الرب إياه أتكلم" (عد13:24) (عدد18:22). وقيل "فكان عليه روح الله، فنطق بمثله" (عد2:24، 3). وقبل أن يتكلم كان يبني سبعة مذابح، ويقدم محرقات: سبعة ثيران وسبعة كباش (عدد1:23، 2)، (عد29:23، 30). وعلى الرغم من النبوءات والمُحرَقات والرؤى وحلول روح الله عليه، هلك بلعام، وألقى معثرة أمام بني إسرائيل.." (رؤ14:2). وتحدث الكتاب عن "ضلالة بلعام" (يه11).. وقيل "إنه أحب أجرة الإثم" (2بط15:2). * ولعل من أمثلة السقوط – وليس الهلاك- هارون أخو موسى: هذا الذي كان رئيسًا للكهنة، ومسح موسى النبي بالزيت المقدس حسب أمر الرب (خر13:40، 16) (لا12:8).. هارون هذا هو الذي صنع لبني إسرائيل العجل الذهبي الذي عبدوه!! "فقال لهم هرون: أنزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها.. فأخذ ذلك من أيديهم، وصوره بالإزميل وصنعه عجلًا مسبوكًا.. فلما نظر هرون، بنى مذبحًا أمامه. ونادى هرون وقال: غدًا عيد للرب. فبكروا في الغد وأصعدوا محرقات وقدموا ذبائح سلامة" (خر2:32- 6). ولما أنتهره موسى بعد نزوله من الجبل أجاب "أنت تعرف الشعب أنه في الشر. فقالوا لي أصنع لنا إلهه تسير أمامنا.." (خر22:32- 24)..وهكذا سقط هذا الكاهن العظيم سقطة عظيمة. وسقط مرة أخرى حينما تكلم هو ومري ضد موسى النبي (عد1:12) فوبخهما الرب. وضرب مريم النبية بالبرص (عد4:12- 10). وكانت مريم هذه هي التي قادت النساء في تسبيح الرب بعد عبور البحر الأحمر، والدف بيدها (خر20:15). وهي التي رتلت تلك الترنيمة الجميلة "سبحوا للرب فإنه قد تعظم. الفرس وراكبه طرحهما في البحر" (خر21:15). ومع ذلك فهذه النبية العظيمة ضربها الرب بالبرص، ولم يسمع شفاعة موسى فيها، إلا بعد أن طرحت خارج المحلة سبعة أيام (عد13:12- 15). ننتقل بعد هذا من أحداث الكتاب المقدس إلى التاريخ.. تاريخ الكنيسة يحكي لنا أيضًا أمثلة من الذين هلكوا وهم في الخدمة. وبعضهم وصلوا إلى قمم عالية في الخدمة: ومن أمثلة ذلك بعض الهراطقة الذي قد حرمتهم الكنيسة، وكانوا من الخدام البارزين فيها: مثال ذلك: أريوس الذي كان أعظم واعظ في الأسكندرية. وقد هلك بسبب انحرافه في التعليم، وهو واعظ يخدم، وهو قس في الكنيسة الكبرى بالأسكندرية. وقد استمر في عناده وهرطقته، فحرمه مجمع نيقية المقدس. ومثل أريوس، نتحدث أيضًا عن نسطور ومقدونيوس بطريركي الكرسي العظيم في القسطنطينية. كان كل منهما في جيله في قمة الخدمة في كنيسته.. ووقع كل منهما في هرطقة وهلك. مقدونيوس حكم عليه المجمع المسكوني الثاني المنعقد في القسطنطينية سنة 381م. ونسطور حكم عليه المجمع المسكوني الثالث المنعقد في أفسس سنة 431م. وماتا وبنفس الوضع تقريبًا نتكلم عن هلاك أوطاخي وكان أبًا روحانيًا كبيرًا على رأس دير في القسطنطينية! وضاعت كل خدمته السابقة في رعاية دير كبير، وحرمته الكنيسة، فضاعت حياته الروحية أيضًا، إذ وقع كذلك في هرطقة. إن كان الأمر كذلك مع كل أولئك الجبابرة في الخدمة، فليحترس إذن كل خادم. وليضع أمامه قول القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس "لاحظ نفسك والتعليم، وداوم على ذلك. فإنك إن فعلت هذا تخلص نفسك والذين يسمعونك أيضًا" (1تي16:4). |
||||
|