08 - 08 - 2014, 01:04 PM | رقم المشاركة : ( 4901 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أمومة روحيّة رسالة مريم الأُموميّة، تجاه التلميذ، رسالةٌ روحيّة تندرج في الخلاص الممنوح للبشر. فدورها أن تساعد نموّ الحياة الروحيّة، أي النشر، في النفوس، لنعمة المُصالَحة التي استحقّها المسيح لمّا قدّم ذاته، على الصليب، أُضحيّةً اتحدت بها مريم واشتركت فيها بتألُّمها. يقول يوحنا بولس الثاني: "وجودُ أُمّ في حياة النعمة هو مصدر انتعاش وفرح. فإنّ المسيحيّين يرون في وجه مريم الأمّ تعبيراً خاصّاً عن محبة ذلك الإله الرحوم، الذي جعل الحضور الأموميّ طريقةً فضلى لإدراك عطف الآب وَجودِه. وإذا بمريم هي التي تجتذب الخطأة وتكشف لهم، بتعاطُفها ورأفتها، عن مشروع المصالحة." هذا وإنّ المسيح قد أشار، قبل القبض عليه بساعات، إلى ثمرة ذبيحته، لمّا قال: " أيّها الآب، إنّ الذين أعطيتَني، أريد أن يكونوا هم أيضاً، حيث أكون أنا، لكي يشاهدوا المجد الذي أعطيتني" (يو 17\34). إن كانت مريم أُمّاً لجميع الذين يحبّون المسيح وهم له، فإنّ رغبتها الوحيدة أن لا ينفصل أبداً أبناؤها لا عن يسوع ولا عنها، ولا بعضُهم عن بعض. أمّا رغبة يسوع، لا بل إرادته الواضحة، فهي أن يَعتبر تلاميذهُ تلك المرأة الواقفة عند الصليب أمّاً لهم، إن هم أرادوا حقّاً أن "يكون فيهم... لكي يكونوا مكمّلين في الوحدة" (يو 13\23). ذلك أنّه كما أنّ وحدة أعضاء جسده الطبيعيّ تمّتْ في مريم أمّه، كذلك أيضاً تتمّ وحدة أعضاء جسده السرّيّ في مريم نفسها. فيا له من بُعْدٍ مسكونيّ موقفُ المسيحيّين من العذراء مريم!... في وصيّة المسيح على الصليب لاهوتٌ لأمومة مريم الروحيّة. فاللاهوت هو، جوهريّاً، البَسْطُ المنسجم لعملٍ تأسيسيّ قد عاشه المسيح، كما كان صَلْبُه الطوعيّ، افتداءً للبشر. وعليه، فإنّ وصيّته هذه تُظهِر بقوّةٍ دورَ مريم الشخصيّ، بصفتها أُمّاً للبشر، وتُقِيمها في علاقة مع المؤمنين تجعلها قريبة منهم، بقدر ما هي متّحدة بمصير ابنها. إن كان يسوع، في عمله الفدائيّ الأسمى، قد كرّس أُمومة أُمّه الروحيّة، أفلا يكون تَجاهُلُ الأمر أو سوءُ تقديره عملاً أَخرق، وله مُهيناً؟ "هي ذي أمّكَ" هذا القول لا يعني: "هي ذي لك مِثال" (فالأم، قبل أن تكون مثالاً، هي التي تلد للحياة). "هي ذي أمّكَ" تعني: "هي ذي الأمّ التي تَلِدك لحياة العهد معي." يتوسّع الأُسقف الشرقيّ جيورجيوس النِيكُوميدي (القرن التاسع) في كلام يسوع لأمّه، فيقول: "ها هو قريب منكِ التلميذ الذي استندَ إلى صدري... خُذي مكاني، وابقَي معه ومع مَن هم حوله. أُسلّمكِ أيضاً، من خلاله، سائر التلاميذ... كُوني لهم ما هي كلُّ أمّ لأبنائها، أو بالأحرى ما أنا هو بحضوري. وهم فلْيكونوا لك ما هم الأبناء والرعيّة. ولْيكرّموك كما يليق بأُم ربّهم. وكما أنّ حضوري بينهم كان بواسطتكِ، كذلك كُوني لهم وساطةً سهلة بيني وبينهم"... ثم يتوسّع في كلام المسيح ليوحنا، فيقول: "إنّها، منذئذ، مُرشِدةُ التلاميذ، بِصفتها أُمّاً ليس فقط لكَ بل لجميع الآخرين. وإنّي أُريد أن تُكرَّم، حتماً وبملءِ الحق، كما يليق بمقام الأمّ. لقد منعتُكم من أن تَدْعوا أحداً على الأرض أباً "متى 23\9" غيرَ أَنّي أريد أن تَدعوا هذه أُمّاً، وأن تكرّموها بهذه الصفة." وفي الغرب، ذهب ألأباتي رُوبِّير دي دُوْتز (القرن الثاني عشر) إلى التكلّم على ولادة المؤمنين للخلاص، بفضل اتّحاد مريم بآلام المسيح: "لمّا كانت، على الجلجلة، قد تحمّلت حقّاً عذاب الولادة في آلام ابنها الوحيد، فإنّ العذراء الطوباويّة قد وَلدتْ خلاصنا الشامل. ولذا فهي أمّنا جميعاً." إن كانت مريم أمّنا، فنحن إذاً إخوة ابنها يسوع، وقد وُلدنا وإياه من رَحمِها، لأنّ الأخوة يلدون من رَحِم واحدة. الفرق بيننا وبينه أنه، هو، وُلِدَ منها "جسديّاً"، أما نحن ف "روحيّاً" ولمّا كان أنه نصبح أخوة المسيح بالمعموديّة، ألا نستطيع القول إن جُرن المعموديّة هو، نوعاً ما، رَحِم العذراء الروحيّة؟ إن قال أحد: "في كلامك هذا مغالاة!"، ألا فليقل لي كيف إذاً نحن أخوة يسوع! أيكون لأننا مثله أبناء الله الآب؟ لكنّ الله الآب لا ابن له، مولوداً منه. إلا واحد أوحد هو الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس. هذا الأقنوم الأزليّ لم يولد من مريم، ونحن لسنا إخوته من هذا القبيل. الذي وُلِدَ من مريم هو الأقنوم المتجسّد يسوع المسيح الذي كرّس أمّه أمّاً لنا روحيّة، ونحن إخوته من هذا القبيل. أيُقال إنّ الأخوّة القائمة بيننا وبين المسيح هي أخوّة رمزيّة لأن أمومة مريم لنا هي أمومة رمزيّة؟ أبداً، كما سنرى غداً. |
||||
08 - 08 - 2014, 01:05 PM | رقم المشاركة : ( 4902 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أمومة حقيقية وصيرورة جديدة. "هوذا ابنك." في هذا الإعلان أكثر من تكريس لمريم في أمومةٍ روحيّة محض. هناك حالٌ جديدة، وصفةٌ جديدة ترتكز عليها أُمومتها. فالمسيح لم يقل:" أيتها المرأة، تصرّفي مع يوحنا وكأنّه ابنك." لا، ولم يقل ليوحنا: "تصرّف مع مريم وكأنّها أمّك." بل قال:" أيتّها المرأة، هذا هو ابنك... وأنتَ يا يوحنا، هذه هي أمّك." فالأُمومة أُمومة حقيقية، والبنّوة بنّوة حقيقيّة. هناك حالٌ جديدة وصيرورة جديدة. قال أحدهم: "على الجلجلة، طرأ على العلاقة بين الأمّ والابن تحوَّلٌ بادر إليه يسوع: أمومة من نوع آخر غير الجسديّ، قد حلّت محلَّ أمومة مريم الجسديّة، هي الأمومة بالنسبة إلى تلاميذ المسيح الممثَّلين في التلميذ الذي كان يحبّه... إنّها بنت صهيون قد وَلدت بالأوجاع، وفي يوم واحد، الشعب الجديد(أنظر أشعيا 66/7- 8، يو 16/21). إنّها أورشليم أمُّ أبناء الله المشتّتين، قد عادوا وتجمعوا في هيكل أقنوم المسيح". صاحبُ هذا القول يتكلّم على التحوّل الحاصل في أمومة مريم، التي من جسديّة صارت روحيّة. ولذا، فلقد نعَتَ أحدهم وصيّةَ المسيح ب "العمل السرّيّ" نوعاً ما. وفي الحال، إنّ الكلام، في أسرار البيعة، يفعل ما يعني. هكذا مثلاً، في الإفخارستيا، كلامُ التقديس يحوّل الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه. هنا، كلام المسيح يجعل، حقّاً وروحيّاً، مريمَ أُمَّ يوحنا، ويوحنا ابن مريم. هاتان الأمومة والبنوّة لم تكونا، قبل وصيّة المسيح، إلاّ مقدَّرتين في أمومة مريم بالنسبة إلى المخلّص رأسِ الجسد السرّيّ. فكان لابدّ من عملٍ إلهيّ مباشر، لكي ينتقل المقدَّر والمستتر إلى حيّز الوجود، وتبلغ النضوجَ تلك البذرةُ الدفين. هذا ما حصل على الجلجلة، حيث القدرة الخلاّقة والفادية أحدثتْ في مريم وفي يوحنا تحَوُّلاً أساسيّاً رافعةً إيّاهما إلى أمومة جديدة وبنوّة جديدة، أي إلى صيرورة جديدة حيث، في المسيح، تَحُلُّ روابطُ الإيمان محلَّ روابط الدم ("هذا هو جسدي")، فصار الخبز جسده. "هذه هي أُمّكم"، فصارت مريم أُمنَّا).يقول ألبير رُويه: "ساعة انكشفَ عمق أُقنوميّة المسيح، انكشف أيضاً عمق أقنوميّة مريم: إنّها قد وُجدتْ لتكون أُمّاً، ليس إلاّ. هذا هو كيانها العميق (...)، أن تكون أمّاً ليسوع ولكلّ مَن فيه يعيش، هو القائم من بين الأموات. لا ليست مريم عَرَضاً ولا هي أداة اختيرتْ بالصدفة ، بل هي تلك التي ترتبط دعوتها بتاريخ ابنها. إنّها الأم." يلتقي في ذلك مع الكاثوليك، بعض البروتستانت. يقول القسّ جان دي سوسور مخاطباً المسيح: "لمّا كان أنّي أموتُ معك على الصليب، فإنّ تلك الواقفة قُربه هي أيضاً واقفة بالقرب منّي ومن كلّ من يموت معك... إنّها تحتضن بحنانها نِزاعَ المسيحيّين، وهي بإرادتك أُمٌّ لكلٍّ من تلاميذك الذين تحبّهم. أيّها الإله الذي صار إنساناً، لقد أحببتَ فيها كنيستك التي صارت امرأة. يا صورةَ الله غير المنظور، لقد سلّمتنا فيها صورة الكنيسة غير المنظورة. "هي ذي أمّك." شُكراً لك يا رب، لمنحنا تلك الأُم اللذيذة. على كلّ حال، لمّا تفضّلت برحمتك وجعلتنا أخوةً لك، كيف لا تكون أُمُّك أُمّاً لنا، نحن أعضاء جسدك، الذين يجمعنا بك روح واحد؟" وكان أُوريجينس قد قال، في القرن الثالث: "إن لم يكن لمريم إلاّ ابن واحد هو يسوع، وإن كان يسوع قد قال لأُمّه: "هوذا ابنك"، لا: "هذا ابنٌ آخر"، فكأنّنا به يقول: "هوذا يسوع الذي وَلدتِ." وفي الحال، إنّ كلّ من اكتمل اتحاده بالمسيح، لم يعد هو الذي يحيا، بل هو المسيح الذي يحيا فيه-غل 2/20- ولأنّ المسيح يحيا فيه، فعنه يقول لأُمه (وعنك أيّها المستمع، وعنّي): "هوذا ابنكِ المسيح." |
||||
08 - 08 - 2014, 01:07 PM | رقم المشاركة : ( 4903 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
((مريم الكلية القداسة هي أم الكنيسة)) وأؤمن بأن مريم هي أمّ الكنيسة . يقول بولس السادس في خطبة اختتام الدورة الثالثة للمجمع الفاتيكاني الثاني: "تحتلّ مريم في الكنيسة، وبعد المسيح، المقام الأسمى معاً والأقرب إلينا"... "وإنّنا لمجدها ولانتعاشنا، نُعلن أنّ مريم الكلّيّة القداسة هي أمّ الكنيسة، أي أمّ شعب الله بأكمله، المؤمنين منهم والرعاة، أولئك الذين يدعونها بالأمّ الودود. وإنّنا نريد، منذ الآن وصاعداً، أن يكرّمها الشعب المسيحيّ، ويبتهل إليها بهذا اللقب." كما ويقول يوحنا بولس الثاني: "نعلم أن المجمع الفاتيكاني الثاني قد حقّق تأليفاً رائعاً بين اللاهوت المريميّ واللاهوت الكنائسيّ... ولقد أعطى تفسيراً نيّراً لحضور مريم في التدبير الخلاصيّ، من حيث إنّه أداةٌ وقناةٌ مميَّزتان لتجسُّد الكلمة وحلوله في ما بيننا... "مريم متّحدة بالمسيح. مريم متّحدة بالكنيسة... إنّها نموذج الكنيسة، بسبب أمومتها الإلهيّة. وللكنيسة أن تكون، مثل مريم، أُمّاً وبتولاً (أُمّاً، لأنّها بالكرازة والعماد تلد إلى الحياة الجديدة غير الفانية أبناء مولودين من الله، بفعل الروح القدس... وبتولاً، لأنّها تحفظ إيمانها بعريسها، غير منقوصٍ ولا مَشوب. فحياة الكنيسة في أن تحقّق هذا "الوجه المريميّ"، هذا "البعد المريمي"... "هذا الوجه المريميّ هو للكنيسة، من حيث التأصُّل والميزة، ما هو لها- إن لم يكن أكثر- وجهُها الرسوليّ والبُطرُسيّ، مع حفظ الارتباط بينهما... "من هذا القبيل، فإنّ البعد المريمي للكنيسة يسبِق بُعدها البطرسيّ. فالبريئة مريم تسبِق الجميع حتى بطرس نفسه والرسل..، إذ إنّ مهمّة هؤلاء ليست إلاّ أن يربّوا الكنيسة في القداسة التي كُوَّنَتْ سابقاً في مريم ورُمِزَ إليها بها. ولقد صدق اللاهوتيّ المعاصر "فون بَلْتَسار لمّا قال إنّ مريم هي "سلطانة الرسل، ولو دون سلطةٍ رسوليّة. فهي شيء آخر، وأكثر"... إنّ حضور مريم في العلّيّة- حيث هي إلى جانب بطرس وسائر الرسل، مُصَلِّيَةً معهم ولهم، بانتظار الروح القدس- هو، من هذا القبيل، بليغ جدّاً... فليتَ التمسُّك بمريم وبمَثَلِها يمنحنا المزيدَ من الحب والحنان والانصياع لصوت الروح القدس! إذن لكان يغتني، من الداخل، تفاني كلٍّ منّا في الخدمة "البُطرُسيّة" في أفسُس، سنة 431، أُعلِنتْ مريم أُمّاً لله كعقيدةٍ مُلزمة. في روما، سنة 1964، أُعلنتْ مريم أُمّاً للكنيسة، ولكن لا كعقيدةٍ مُلزمة. هل من علاقة بين هذين الإعلانين اللذين يفصل الواحد عن الآخر خمسةَ عشر جيلاً؟ في أفسُس، لمّا انتصب كيريلُّس الإسكندريّ في وجه نسطور الرافض لمريم لَقبَ "أمّ الله" (طيوتوكوس) وغير المحتفظ لها إلاّ بلقب "أمّ المسيح" (كريستوتوكوس)، جعل الكنيسة كلَّها تُدرك أنّ من يرفض لمريم لقب "أمّ الله"، إنّما يرفض وحدة الناسوت واللاهوت في أُقنوم الكلمة الواحد، فيرفض بذات الفعل أن يكون ابنها يسوعُ إلهاً لأنّها لم تعد إلاّ أمّ يسوع الإنسان وليست أمّ يسوع الإله... ولمّا أعلن مجمع أفسُس أنّ مريم هي أمّ الله، أعلن الإيمان بالوحدة القائمة بين الإنسان والله في أقنوم المسيح الإلهيّ الواحد. في روما، جعل بولس السادس الكنيسة تُدرك أنّ من يرفض لمريم، أُمّ المسيح، لقب "أمّ الكنيسة"، إنّما بَفسَخ الوحدة القائمة بين المسيح والكنيسة، بين الرأس والجسد، إذ إنّه يجعل، من جهة، يسوع المسيح الرأس الذي أُمّه هي مريم، ومن جهة أخرى، كنيسة المسيح الجسد الذي لا أُمّ له، تماماً كما أنّه، في أفسُس، كان رفض أُمومة مريم الإلهيّة يجعل المسيح الإنسان من جهة، والمسيح الإله من جهة أُخرى... وكما أنّ كيريلُّس الإسكندريّ، في مجمع أفسُس، جعل الكنيسة تُدرك أنّ لقب "أمّ الله" أمرٌ أساسيّ للإيمان المسيحيّ بوحدة المسيح الأُقنوميّة من حيث اللاهوت والناسوت، كذلك في الجمع الفاتيكاني الثاني، جعل بولس السادس الكنيسة تُدرك أنّ لقب "أمّ الكنيسة" أمرٌ أساسيّ للإيمان المسيحيّ بوحدة المسيح والكنيسة، وحدةٍ هي "حجر الزاوية لفهم سرّ المسيح والكنيسة فهماً صحيحاً." فلمّا أعلن بولس السادس مريم أُمّاً للكنيسة، ختمَ وحدة الكنيسة التي هي، حسب تعبير الأُسقف بوسّوِيه، "المسيح المُفاض والمبلَّغ". |
||||
08 - 08 - 2014, 01:08 PM | رقم المشاركة : ( 4904 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
((إنّ مريم أمّ الله قد رُفِعَتْ إلى السماء نفساً وجسداً)) وأؤمن بأن مريم انتقلت إلى السماء بالنفس والجسد. هذه العقيدة كانت، عبّر العصور، تتثبَّت في الكنيسة جمعاء، إلى حدِّ أنّ آباء المجمع الفاتيكاني الأول "1869 – 1870" كانوا يعتقدون أنّها أصبحت من البلوغ بحيث يقتضي الأمر تحديداً عقائدّياً... إلى أن كان الأول من تشرين الثاني ـ نوفمبر 1950، لمّا البابا بيوس الثاني عشر، بعد استشارة جميع المسؤولين في العالم الكاثوليكيّ، أعلن العقيدة في دستوره ألرسوليّ Munificentissimus Deus، بقوله إنّ الإيمان "بأنّ مريم أُمّ الله البريئة من الخطيئة الأصليّة، والدائمة البتولية، لما بلغت نهايةَ مطافها الأرضي، قد رُفِعَتْ إلى السماء نفساً وجسداً، في المجد السماويّ، هو عقيدةٌ مُوحى بها من الله." إلامَ تستند هذه العقيدة؟ إلى ما تحتويه ضِمناً بعض النصوص الكتابيّة مثل كلام الملاك لمريم: "يا ممتلئة نعمة" (عدم التعرّض لفساد القبر مُحتوى في هذا الامتلاء)... وكلام أليصابات: "مباركة أنت في النساء" (مريم أم الله كليّة البركة. فهل تُعاقَب مِثلَ غيرها بفساد القبر؟)... وكلام الربّ للحيّة الجهنميّة: "والمرأة تستحق رأسكِ" (هل يُستطاع القول إنّ مريم سحقت رأس الشيطان الذي به كان الموت وفساد القبر، إن هي نال منها فساد القبر؟). هذا، طبعاً، لا يؤلّف وحده إثباتاً قاطعاً لانتقال العذراء مريم إلى السماء بالنفس والجسد. هناك أيضاً الاستناد إلى التقليد... لا بدّ هنا من شرح لهذه الكلمة ولهذا المستَنَد. كلمة "تقليد" لا تعني، كما في لغة الشعب. التشبُّه أو التمثُّل. التقليد يؤخذ هنا بالمعنى الأصليّ للكلمة: قلّد، يقلِّد، يعني سلَّم، يسلِّمُ المِقلاد. والمِقلاد هو المفتاح، هنا مفتاح المعرفة الدينيّة. هذا المفتاح، سلّمه المسيح إلى الرسل، والرسل سلّموه إلى خلفائهم في الكنيسة من بعدهم. فالوحيُ الإلهي هو ما جاء في الكتب وما جاء في التقليد كتابةً كان أم شفهياً. هذا وإنّ الكنيسة الجامعة الرسوليّة تنعم، منذ العنصرة، بحضور الروح القدس ومؤازرته. فهي لا يسعُها أن ترتكب، في مُجْملِها، خطأً عقائديّاً. فعندما ينبثق المعتقد من أعماق حسَّها الجماعيّ، وعندما يُصاغ المعتقَد هذا في صلوات وعبادات يُصادَق عليها رسميّاً، فإنّ ذلك يتوافق بلا ريب مع الحقيقة الوحَى بها، حتى من قَبلِ أن تَضمنَه عصمةُ حبرٍ أعظم أو مجمعٍ متَّحدٍ بالحبر الأعظم... وبعد، ما هي أبعاد سر الانتقال، أولاً بالنسبة إلى مريم؟ يقول يوحنا بولس الثاني:" في سرّ الفداء يتجدّد ملكوت الله، ذلك الملكوت الذي انطلق بالخلق نفسه، ثمَ أٌصيب بالخطيئة في قلب الإنسان. مريم، أُمّ الفادي، هي أوّل من اشترك في ملكوت المجد والاتِّحاد باله في الأبدّية...، بفضل استحقاقات المسيح الفادي. والحال، إنّ سرّ الفداء هو أساس تجدُّدِ التاريخ في ملكوت الله. هذا هو معنى انتقالها إلى السماء: ولادتُها في السماء، نفساً وجسداً." فأبعاد هذا السرّ هي بالنسبة إلى مريم: التقاء واتّحاد. مريم تلتقي بابنها من جديد وتتّحد به إلى الأبد، دون ظلالٍ ولا غموض. كانت تعرف ابنها من خلال علامات غامضة ومحدودة: كلمة، حركة، تصرُّف. فهي الآن تعرفه وجهاً لوجه، بطريقةٍ ساطعة. كانت، كما يقول الأب لورنتين، "تعرف لاهوتّه من خلال ناسوتِه، فها هي الآن تعرف ناسوتَه من خلال لاهوتِه." مشاهدة طوباويّة. لمّا كانت شدّة المشاهدة الطوباويّة، كما يقول توما الأكويني، تتناسب ومقدارَ المحبة المبرَّرة ساعةَ الموت، ولمّا كانت مريم قد بلغت في المحبة، ساعةَ موتها، ما يفوق محبةَ جميع الملائكة والقديسين، فإنّ المشاهدة الطوباويّة قد بلغت فيها، من الشدّة والكثافة، ما يفوق بكثير ما قد بلغتْه في جميع الملائكة والقديسين. هذا لا يعني أنّها تعرف، مثل الله، جميعَ الممكنات (ينبغي لذلك أن تُدرك تماماً جوهر الله، وهذا مستحيل)، إنما هي تعلم تماماً كلَّ ما شاركتْ فيه على الأرض، أي كلَّ ما يتعلّق ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، بالبشريّة التي افتداها ابنها يسوع. هالة المجد. لمّا كانت مريم على الأرض في كمال البُتولة، ولمّا ساعدت الرسل والمؤمنين الأوّلين بأنوارها ونصائحها، ولمّا تحمّلتْ ما تحمّلتْه أَثناء آلام ابنها إلى حدِّ أنها، لولا العونُ الإلهيّ، لكان يُقضَى عليها...، فإنّها تتمتّع الآن بهالةٍ من المجد مُثلَّثة: هالةِ البُتولة، وهالة التعليم، وهالة الاستشهاد. إلى ذلك، فهي تتمتّع بهالةٍ رابعة هي هالةُ المَلَكيّة على مجموع المختارين، لأنّها أُمُّهم جميعاً. هذه المَلَكيّة ليست شرفيّة، بل فعليّة. هذا هو معنى عبارتَين تستعملهما اللغة اللاهوتيّة، كما واستعملها بيوس التاسع في براءته Ineffabilis Deus (٨ / ١٢ / ١٨٥٤) المكرَّسة لعقيدة الحبل بلا دنس: "مريم تعتلي عرشاً إلى يمين ابنها الإلهيّ"، "مريم تؤلِّف نظاماً خاصاً يفوق بكثير نظام الملائكة وسائر القديسين". وأمّا الهالة الأجمل والأبهى فهي المنبثقة من كونها أُمَّ الله. هذه الأُمومة تستحقّ لها مجداً فريداً يميّزها عن جميع الملائكة والمختارين، وتشهد لامتيازاتها الفائقة، كما ولتفوّقها السامي على عالم الملائكة والبشر. |
||||
08 - 08 - 2014, 01:09 PM | رقم المشاركة : ( 4905 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
((ما هي أبعاد سرّ الإنتقال بالنسبة إلينا؟)) يقول المفكّر البيزنطي بّول أفدُوكِموف: "خُلِقَ العالم لكي تتألّه الخليقة." هذا المصير العامّ قد استُبِقَ تحقيقُه في العذراء. إنّها صورته المُسبَقة النموذجيّة... هذا ما يفسّره الفنّ الأُيقونوغرافي عندما يقابل، من زاويةٍ إزائيّةٍ وجنباً إلى جنب، بين أُيقونة صعود المسيح وأيقونة انتقال العذراء، أي الإله الذي تأنّس، والإنسان الذي تألّه. الأمر الذي يوضح القولَ المأثور عند الآباء: "صار الله إنساناً، ليصير الإنسان إلهاً..." وعليه فإنّ انتقال العذراء هو بالنسبة إلينا: 1 استباقٌ للمصير. انتقال العذراء إلى السماء بالنفس والجسد، استباقٌ لمصير جميع الصدّيقين. هذا ما يُحْيي فينا الأمل بتحقيق تمجيدنا الأبديّ، نحن الذين لهم مع المسيح شركة "في اللحم والدم" (عب 2\14)... وفي حال إنّ انتقال العذراء دلالةٌ على أنّ المسيح يلتزم مصير الكنيسة حتى النهاية، في الموت وفي القيامة. ما قد جرى لمريم عنوانٌ لما سيجري لنا. وقُصارى القول، يعني انتقال العذراء أنّ العودة إلى الله، تلك التي اكتملت في إنسانيّةٍ إلهيّة (إنسانيّة المسيح)، قد اكتملت أيضاً في إنسانيّةٍ كلُّها بشريّة (إنسانيّة مريم)، وسوف تكتمل فينا. متى يكون لنا هذا التمجيد الجسديّ؟ لمّا كان أنّ بيوس الثاني عشر لم يُوضح، في إعلانه، أنّ الانتقال يتعلّق بامتيازٍ فريد قد مُنِح للعذراء، فإنّه تَرَكَ المجالَ حُرّاً للنظريّة القائلة إنّ التمجيد الجسديّ قد يلي حالاً ساعة الموت. هذا ما حاول كارل رَهنر إثباته، بالاستناد إلى كون دخول المسيح في المجد الأبديّ قد أقام جماعةَ المُفتدين الجسديّة، وإلى كون "القبور قد تفتّحت" عند موت المسيح، كما جاء في إنجيل متّى، وقام "كثيرون من القديسين الراقدة أجسادهم فيها" (27\52)... هذه النظريّة، رفضها بشدّةٍ لاهوتيٌّ آخر كبير، سْخِيلبكس، ولكن دون أن يناقش حيثيّاتها. 2 ملجأ الخطأة. يشهد الأُسقف غْرُوار (+1931)، من جمعيّة المنذورين لخدمة مريم البريئة، ويقول: "كنتُ في العاشرة، وكنت أٌسبّب لأبي الكثير من الغمّ والحزن، بطيشي الكبير، حتّى أنه ـ على الرغم من كونه شرطيّاً ـ قد يَئِسَ مني... في أحد الأيّام، إذ كنت قد تغيّبت عن المدرسة لأتسكّع ,"أتشَيطن"، قَبَضَ عليّ وقادني إلى الكنيسة. ضَغَطَ عليّ من ذراعي وأركعني أمام مذبح العذراء، ثم قال: "يا عذراء، إنه لك. حاولي أن تصنعي منه شيئاً. فأنا قد يئست." "يبدو أنّ طلبه قد استُجيب، إذ إنّي بعد قليل قُبِلتُ في المدرسة الإكليريكيّة الصغرى... ولمّا، بعد عشر سنوات، أُعلمتُه بأنّي ذاهب للرسالة في كَنَدا، لم يستطع إلاّ أن يشهق ويقول: "ولو يا عدرا!.. ضروري تِقْبَضيها جدّ، لهالحدّ؟" "وأنّي إن اتّخذت لي شعاراً، يومَ سيامتي أُسقفاً، العبارةَ "تحت ذيل حمايتك"، فاستذكاراً لذلك المشهد." يقول بولس السادس، في "فعل الإيمان" الذي كتبه، إنّ مريم "تُواصل في السماء دورها الأمومي حيالَ أعضاء المسيح، بمساهمتها في ولادة ونموّ الحياة الإلهيّة في النفوس المفتداة." 3 الشفاعة المريميّة الكليّة القدرة. هذا ما يشهد له التقليد المسيحيّ بوضوح، شرقاً وغرباً: يقول ما افرام إنّ العذراء مريم، بصفتها أُمّ الله، قادرة على كلّ شيء، ولها على ابنها تأثير كبير... ويقول نيقولا دي كُلِيرْفُو إنّ الله أنعم على مريم بكليّة القدرة. فهي تتقدّم من ابنها "لا متوسِّلةً بل آمرةً، لا خادمةً بل سلطانةً"... وإنْ سألنا اللاهوت المعاصر، قال إنّ "قدرة الله كائنة في مريم بفضل الروح القدس القائم فيها، وبفضل أُمومتها الإلهيّة. فعندما تصلّي مريم من أجلنا، هو الله يصلّي. وعندما تستجيب صلواتنا، هو الله ـ في مريم ـ من يتعطّف بلطفه على أبنائه" (ليونردو بُوف). فرغباتها رغبات الله نفسه. وإنّه من المُضحك إقامةُ التعارض بين "العدل" الإلهيّ و "الرحمة" المريميّة... رحمة مريم نافذة لأنّها تعبّر عن رحمة الله. 4 تذكير بحقائق ضروريّة. ـ عندما يُقْصِرون المصير البشريّ على الدنيا الزائلة، سرّ الانتقال يفتح آفاقَ السماء. ـ عندما يشكّون في الإنسان، سرّ الانتقال يؤكد نجاح النعمة نجاحاً تامّاً، حتى عل الصعيد الجسديّ. ـ عندما يتعذّب المرء في جسده ومن جسده، سرّ الانتقال يحرّك الأملَ في صلبان الحياة ستكون درباً إلى المجد. ـ عندما ينغمس المرء في عبادة الجسد حتى التدنيس، سر الانتقال يذكّر بأنّ الجسد هو هيكل الروح القدس المُعَدّ للتمجيد. ـ وعندما، بالعكس، يتجاهل المرءُ جسده أو يحتقره، يُعلن سرُّ الانتقال كرامة الجسد الفائقة: فهو ليس ثوباً يهترئ فيُطرَح، بل هو ما يجعلنا من نحن، لأنّه لنا أداةُ وَصْلٍ واتّصال مع الإنسان ومع الله. ـ وعندما نرزح تحت ثقل الأوجاع والعاهات والمشقّات، يذكّرنا انتقال أمّ الأوجاع أنّ السلام في أن نتقبّل حدودنا "فنبلغ الكمال، بما نتألّمه"، على مثال المسيح الذي تألّم "مع كونه ابناً" (عب 5\8-9). |
||||
08 - 08 - 2014, 01:09 PM | رقم المشاركة : ( 4906 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
((علاقة البتوليّة بالصليب والقيامة)) منذ عشرين جيلاً، يعدل الآلاف من الشبان والشابات عن الزواج ليكرسوا ذواتهم للمسيح في الحياة الرهبانية أو الكهنوت. فما الدافع إلى ذلك؟ أتراهم خافوا من الحياة ومسؤولياتها فبحثوا عن ملجأ يختبئون فيه؟ أتراهم "معترين" لم يلاقوا من الناس نظرة عطف وحب؟ أم تراهم لا يستطيعون أن يحبّوا؟ ولكننا ندرك، عندما نتحدّث إليهم، بأن المواهب على أنواعها لا تنقصهم. ولم يكن مستقبلهم من الناحية البشرية فاشلاً، إنما كان يزخر بالآمال الواسعة. ومع ذلك اعتنقوا جهالة الصليب، فكرّسوا للمسيح طاقاتهم كلها ولبّوا نداءه فغمرتهم النعمة صفاءً وسعادة. وأجمل هؤلاء البتولين والبتولات مريم العذراء. لقد نشرت بتوليتها فوق عالمنا نوراً جديداً. وسنحاول أن نكتشف على ضوء حياتها معنى البتولية التي هي أرفع تعبير عن حبنا لله. وسنتبين علاقة البتولية بالصليب والقيامة لأنها ينبوع خصب في الكنيسة والعالم. _ البتولية والحب إن تأملنا مريم فهمنا ما هي البتولية المسيحية. لقد أدركت عمق حب الله للإنسان فتحول هذا الحب في قلبها إلى حب الإنسان لله. ولقد فهمت يوماً بعد يوم وعلى نور الكتاب المقدس أن أعظم الحب هو في تكريس ذاتها لله تكرساً تاماً، نفساً وجسداً. هذه هي البتولية: تكريس النفس والجسد لله، أي تسليمها له كلياً ونهائياً. ويفترض هذا التكريس جرأة قوية إذ أنه شيء جديد وثورة على الماضي. لقد كانت المرأة فيما مضى تجد في الأمومة السبيل الوحيد لخدمة الله. أما العذراء فقد شعرت بأن هناك أمومة روحية تعبر بواسطتها عن حبها العظيم للرب، فكانت بتوليتها ثمرة هذه المحبة السامية. فالبتولية ليست تهرباً من مسؤوليات الحياة أو تخلصاً من شرور العالم. إنما هي التعبير الأكمل عن حب الإنسان لربه. والحب الحقيقي يمتاز بالعطاء والتضحية. |
||||
08 - 08 - 2014, 01:10 PM | رقم المشاركة : ( 4907 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
((البتوليّة والصليب)) لقد تخلت مريم عن أفراح الأمومة كما تخلت أيضاً عن إمكانية ولادة المسيح المنتظر حلم كل فتاة إسرائيلية. وفهمت مريم، عند قدمي الصليب، أن تكريسها لله يطلب منها التخلي عن كل شيء، حتى عن ابنها فجدّدت تقدمتها لله مع تقدمة المصلوب. إن الآباء القديسين يشبهون البتولية بالإستشهاد. فالشهيد يقدم حياته في سبيل من يحب أي في سبيل الرب، مقتدياً بالمسيح الذي بآلامه وموته، عبّر عن حبه لله وللبشر. وما حياة البتول إلا اقتداء بالمسيح: إنه يضحّي بحياته تضحية مستمرة ليعبّر عن حبه لله. ويقول الآباء أيضاً إنّ النعم العديدة التي غمرت البشرية بالخلاص وأعطتهم الحياة فاضت من جنب المسيح على الصليب لأن ذروة حب المسيح تجلت على الصليب. وبما أن البتولية هي الحب بالذات فستكون ينبوع خصب روحي في العالم. |
||||
08 - 08 - 2014, 01:13 PM | رقم المشاركة : ( 4908 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
((مريم تابوت العهد)) إن قدرة الله ظللت مريم وجعلتها المكان الجديد لحضور الله في العالم. هذا الحضور الذي تمثل في العهد القديم برموز عديدة منها تابوت العهد الذي ندعو به مريم في طلبتها. فكما كان تابوت العهد علامة لحضور الرب بين شعبه هكذا كانت العذراء علامة لحضوره في بيت زكريا. إن تابوت العهد هو ذلك الصندوق الخشبي الثمين الحاوي وصايا الله. لقد كان رمزاً للعهد والاتفاق بين الله وشعبه. فإن حفظ الشعب رسوم الله ووصاياه نال بركات الله الغزيرة. إن كلمات العهد كانت الرباط بين الله وشعبه إلى أن جاء المسيح، كلمة الله، فصار هو العهد الجديد الذي يربط بين الله والبشر، بين السماء والأرض. وعندما ندعو العذراء تابوت العهد نعلن أنها تحمل في حشاها صاحب العهد الجديد أي يسوع المسيح. أمام تابوت العهد كان الشعب يرقص فرحاً ويطلق الهتافات احتفاءً بالرب الحاضر وسط شعبه. وهكذا فعلت اليصابات أمام مريم: "من أين لي أن تأتيني أمّ ربي؟" أن اليصابات تمثل الشعب الجديد الذي يستقبل ربّه استقبال فرح وبهجة ويعلن إيمانه بوجود الرب وحضوره في العالم. ومريم هي مركز السكن الإلهي، تابوت العهد، الإناء المختار والإناء المكرّم وإناء العبادة الجليلة كما ندعوها في الطلبة. |
||||
08 - 08 - 2014, 01:14 PM | رقم المشاركة : ( 4909 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
((مريم خادمة)) إنّ الحضور الإلهي ما كان ليتم لولا الحضور البشري، لو لم تنطلق العذراء إلى اليصابات لتقوم نحوها بأعمال الخدمة. لقد دعت مريم نفسها خادمة الرب وأرادت أن تكون خادمة الآخرين أيضاً لأنَّ الخدمة في الإنجيل لا تعني عبودية وذلاًّ بل تعاوناً ومحبة. إنّها تعني أنَّ الآخرين أخوة لنا نعاونهم في أتعاب الحياة ومشقاتها. ولقد عاش يسوع مجسِّداً هذه الخدمة: خدمة أبيه أولاً وخدمة الناس أيضاً. إنّه الوديع والمتواضع القلب الذي وقف بين تلاميذه كالخادم مع أنّه السيد والرب. وخدمته هذه قادته إلى بذل حياته في سبيل أحبائه: "إنّ ابن الإنسان لم يأت ليُخدَم بل ليَخدُم ويبذل حياته" (مرقس 10/45). وبما أنَّ يسوع عاش هذه الخدمة علّمها تلاميذه ليفهمنا أنَّ محبة القريب وخدمته هي المحك والعلامة لمحبة الله. هذا هو معنى مثل السامري الشفوق الذي أغاث الجريح على طريق أريحا. وفي مثل الدينونة شدّد (متى 25) على مساعدة الجائع والعطشان والمحبوس والعريان والغريب لآنَّ كلّ ما نفعله مع أحد أخوته هؤلاء الصغار إنَّما نفعله معه بالذات. فالمحبة ليست كلاماً بل عملاً وخدمة. ولقد مارست مريم هذه الخدمة بزيارتها اليصابات كما مارستها في العيلة المقدسة وفي قانا الجليل ومع النساء القديسات المرافقات ليسوع. فاستحقت تطويب يسوع: طوبى للذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها. وكما كانت زيارتها وخدمتها لأليصابات فرصة لحضور الرب في بيت زكريا، هكذا يمكن أن تكون زياراتنا وخدمتنا لإستحضار الرب في كل لقاء يتم بين بعضنا بعضاً. صلاة: يا مريم، لقد حملت يسوع إلى اليصابات فابتهجت به وتقدّس يوحنا بحضوره. علّمينا أن نحمل المسيح في زياراتنا، في كلامنا وأعمالنا وخاصة في خدمتنا الآخرين.آمين. "لقد بشَّر الملاك العذراء مريم بأشياء سرية. ولتوطيد إيمانها، أطلعها على أمومة قريبة لامرأة مسنة وعاقر، برهاناً على أنَّ الله يستطيع أن يعمل ما يشاء. عندما سمعت مريم هذا، أسرعت إلى الجبل، لا لعدم إيمانها بالنبأ، ولا عن تردّد في ما يخص البشارة، ولا عن شك، ولكن عن ابتهاج شوقها، وسرعة فرحها، وأمانتها لتقدم خدمة. إلى أين تذهب، بهذه السرعة، وقد امتلأت من الله، إلاَّ نحو القمم؟ نعمة الروح القدس لا تعرف مهلاً. وفي الحال ظهرت إحسانات مجيء مريم وحضور الرب. فعندما سمعت اليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها وامتلأت من الروح القدس. لنلاحظ اختيار كل كلمة ووزنها. كانت اليصابات الأولى في سماع الصوت، وأمّا يوحنا فكان الأول في قبول النعمة. سمعت اليصابات بحسب نظام الطبيعة، أمّا يوحنا فتهلل بدافع السر. اليصابات شعرت بمجيء مريم، أمّا يوحنا فبمجيء الرب... تهلّل الولد، والأم فاضت عليها النعم. الأم لم تغمرها إحسانات الله قبل ابنها، بل الابن امتلأ من الروح القدس فملأ أمّه. يوحنا تهلّل، وروح مريم تهلّلت، أمّا اليصابات فامتلأت حين تهلّل يوحنا..." |
||||
08 - 08 - 2014, 01:20 PM | رقم المشاركة : ( 4910 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مريم تسمع هناك مقطعان في الأناجيل يحدثاننا عن مريم وهي معرض سماع كلام الله. الأول (لوقا 8/19-20) يأتي حالاً بعد مثل الزارع. يقول الإنجيلي: "جاءت إليه أمّه وأخوته وهم يريدون أن يروه. قال يسوع: إنّ أمي وأخوتي هم الذين يسمعون كلام الله ويعملون به". إنّ للقرابة الدموية أهميتها المحدودة أمّا القرابة الروحية فأشرف منها وأسمى. وفي الثاني (لوقا 11/27-28) امرأة بين الجمع ترفع صوتها لتمدح العذراء فتقول ليسوع: طوبى للبطن الذي حملك وللثديين اللذين رضعتهما"، فيجيبها قائلاً: "بل طوبى لمن يسمع كلام الله ويحفظه". في كلا المقطعين لم يحتقر يسوع القرابة الدموية. إنّما شدّد على أنّ فخر أمّه لا يقوم فقط على أنّها حملته في حشاها بل على أنّها كانت أقرب الناس إليه باستماعها إلى كلام الله والعمل به. فليس الذين يقولون يا رب يا رب يدخلون ملكوت السماء بل الذين يعملون إرادة الأب السماوي. 2- كلمة الله في حياتنا إنّ المسيح، كلمة الله، هو أمس واليوم وإلى الأبد. وكلمته لا تزال حاضرة في عالمنا فاعلة في حياتنا. لقد كلّم الآباء في القديم ففعلوا ما أمرهم به. كلّم الأنبياء فحملوا كلمته إلى الشعب. وكل الذين سمعوا كلمته وحفظوها استحقوا الطوبى التي قيلت في مريم. نسمع كلامه اليوم في الكتاب المقدس ونسمعه عبر الأحداث اليومية وظروف حياتنا. كلمته تدوي في أعماق ضميرنا. فما يكون موقفنا وجوابنا؟ أنصغي إليه ونفضل سماع كلمته أم نفضل سماع كلام الناس ونداء الهموم والغنى والملذات؟ كلامه يدعونا إلى حمل الصليب وإلى الدخول من الباب الضيق بينما كلام الناس يقودنا إلى الطريق الرحب المؤدي إلى الهلاك. الأصوات المتعددة تنادينا. فلنتعلم من العذراء أن نميز صوت الله لنتبعه. الأحاديث الكثيرة تلهينا. فلنتعلم من العذراء أن نسمع كلام الله ونعمل به فنستحق ما قاله: هنيئاً لمن سمع الله ويحفظها. صلاة: ليكن يا رب كلامك مصباحاً لخطاي ونوراً لسبيلي كما كان للعذراء مريم. إنّها حملت كلامك في قلبها وفكرها قبل أن تحملك في الحشى. فساعدنا على أن نسمع الكلمة مثلها ونحفظها ونعمل بها فتثمر فينا الثمار التي تنتظرها منا آمين. |
||||