منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08 - 08 - 2014, 12:56 PM   رقم المشاركة : ( 4891 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

((مشهد البشارة))
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



واضحٌ في مشهد البشارة كم أنّ الله يأخذ بعين الاعتبار حرّيّة خليقته، وكم يُعنى بأن تكون له شريكةً مُدركةً لدورها في التدبير الخلاصيّ.

فإنه يعامل مريم، لا كأداةٍ منفعلةٍ (بالمعنى الفلسفي: Passive)غير مسؤولةٍ، بل كأقنومٍ حرّ، مُدركٍ، فعّال ومسؤول (Actif). يقول الكردينال دي بيرُول، مخاطباً مريم: ((إنّ الله قد جعل أسمى أسراره، التجسّد، منُوطاً برضاكِ. إنّه يطلب، ثم ينتظر... وهو لن يعمل بمشيئته، إلاّ بعد أن يكون قد وقف على التزامك بتلك المشيئة. إنه ينتظر منك كلمةَ التواضع: ((ها أنا أمة الرب))، ثم كلمة الاقتدار: ((فليكن))، تلك الكلمة التي كانت، في نتائجها، أقدرَ من كلمة الله في خلقه للكون: فإنْ كانت كلمةُ الله قد صنعت الكون، كلمتُكِ أنتِ صنعت صانعَ الكون)) (في ناسوته، طبعاً). ويقول اللاهوتي البيزنطي كباسيلاس: ((لولا رضى الكلّيّة الطهارة، لولا إسهام إيمانها، لكان التجسُّد مستحيلاً، كما هو مستحيلٌ من دون تدخُّلِ الأقانيم الثلاثة نفسها. إنّ الله لم يتّخدها له أمّاً، ولم يَستعِرها الجسدَ الذي تتفضّل بإعارته، إلاّ بعدما أعلمها وأقنعها. فكما أنّه كان يريد أن يتجسّد، كان يريد أيضاً أن تَلِدَه أمّه بملءِ حرّيّتها.)) رُبّ معترضٍ يقول: ((لكنّ اللهّ، ألم يكن عالماً أنّ مريم سوف ترضى؟)).
... ومع ذلك فهو يحترم حرّيّتها ورضاها. حقّاً، إنّ الكلّيّ القدرة هو على كلِّ شيء قدير. لكنّه لا ولن يَغصِبَ حرّيّة أحد. فمريم قالت نعم بملء حرّيّتها. هل كان في وسعها أن ترفض؟ في المطلق، نعم. أمّا في الواقع، فلا. ذلك أنّها، منذ الحَبَل بها، قد اختيرتْ لتكون أمّ الكلمة المتجسّد. وهي، على مدى الحياة، أرادتْ بملء الحرّيّة أن تتوافق ومشيئة الله. (أين نحن من ذلك التوافق؟)...
1- كلمة ((ليكن)) على لسان مريم نقيضُ كلمة ((لن يكون)) على لسان حواء. كلمة حواء كانت انطلاقاً للسقوط، كلمة مريم انطلاقاً للنهوض. يقول القديس إيرينايُس: ((كما أنّ حواء قد أغراها ملاك، فَعَصَتِ اللهَ وتهرّبت، كذلك أيضاً أعلمَ الملاكُ مريمَ بالبُشرى، فأطاعتِ الله وحبِلتْ به. فأصبحت مريم شفيعة حواء. وكما أنّ الجنس البشريّ قد أُخضِع للموت بعذراء، كذلك أيضاً أعتِق منه بعذراء. فكان أنّ تمرُّدَ عذراء قد وازاه خضوعُ عذراء.)) وعليه فإنّ التجسّد يبدو وكأنّه نقطةُ انطلاقٍ لبشريّة جديدة، والعذراء مريم كأنّها أمٌّ جديدة للأَحياء.
((ليكن لي بحسب قولك.)) فكان لها بحسب قوله: صار الكلمة جسداً في أحشائها... وكان، كما جاء في الليتورجيا البيزنطية، أنّ الله الممجّد قد ((جدّد الكونَ كلَّه في حشا مريم.)) يهتف الكردينال دي بيرول قائلاً: ((أيتها العذراء القديسة! إنّك تحملين حاملَ الكون. تحوين من يحوي الكلّ. تُحيطين بمن لا يُحاطُ ولا يُدرَك. ها هو قد أصبح جزءاً منكِ، ومن جوهرك يتغذّى. يا للأمرِ العُجاب! من يُقيم في الآب، فيكِ يُقيم! مَن يحيا في الآب من جوهر الآب، فيكِ ومِن جوهركِ يحيا! هذه لُجّة الروائع! إنّك تمنحين يسوعَ الحياة لأنه ابنكِ ومنه تستمدّين الحياة لأنّه إلهك!... تمنحين يسوع الحياة، فتُحْيينَ بقلبك وذِهنِك قلبَ يسوع وذِهنه، كما وإنّك تستمدّين من قلب يسوع ومن جسده حياةً لقلبك وجسمك وذهنك، في آنٍ واحد!..))

لم يَسَعِ القديسَ فرنسيس الأسيزي، حِيال هذه الروائع، إلاّ أن يهتف ويقول:
((السلامُ عليكِ، يا صَرْحَ الإله!
السلامُ يا خباء الله! السلامُ يا بيتَ الله!
السلامُ يا ثوب الله! السلامُ يا أمَة الله! السلامُ يا أمَّ الله!...)).
 
قديم 08 - 08 - 2014, 12:57 PM   رقم المشاركة : ( 4892 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

((حُبِلَ بها بِلا وَصْمَة الخَطيئة الأصليّة))
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

نؤمن بأن مريم العذراء حُبل بها بلا وصمة الخطيئة الأصلية، كما أعلن رسميّاً البابا بيوس التاسع في 8\12\1845.
وكان الملاك جبرائيل، في ما مضى،

قد سلّم عليها بقوله لا ((السلام عليك يا مريم)) بل (( السلام عليك يا ممتلئة نعمة))،

وكأنّ اسمها هو ((ممتلئة نعمة))، لا ((مريم)).
هذا الامتلاء، متى نَعِمتْ به؟ منذ اللحظة الأُولى للحبل بها في بطن أُمّها؟ نعم، إن كان الامتلاءُ امتلاءً حقّاً أي كلّيّاً. نعم، إن كانت مريم مُقدَّراً لها، منذ الحّبّل بها، أن تكون أُمَّ ابن الله. نعم، إن كانت ستسحق تماماً رأس الحيّة الجهنّميّة. نعم صحّ ما يقوله البروتستانتي زْوِيْنْغلي نفسُه: ((كان يليق بذلك الابن القدّوس أن تكون أُمُّه تلك القديسة.))

ويقول نْيُومن: ((إن رُفِعَتْ حوّاء فوق الطبيعة البشريّة بمنحها النعمة، هل مِن تَهوُّرٍ قي القول إنّ مريم قد مُنِحت نعمةً أكبر؟...

وإن كانت حواء قد حازت تلك النعمة الباطنيّة الفائقة الطبيعة، منذ اللحظة الأولى لوجودها الذاتيّ، هل يجوز القول إنّ مريم لم تَحُزْ أيضاً تلك النعمة منذ اللحظة الأولى لوجودها الذاتيّ؟))

ويقول يوستينُس: ((تمخّضَتْ حواء، وهي عذراء بلا فساد، بكلام الحيّة، فوَلدتْ عصياناً وموتاً.

فإنْ قيلَ في حوّاء الأولى إنّها :
((عذراء بلا فساد))، ألا يصحّ القول، أكثر فأكثر، في حوّاء الجديدة؟))

كما ويلمّح هِيبّوليتُس(+325) عندما يشبّه المخلّص بتابوت العهد المصنوع من ((خشب غير قابلٍ للفساد))، ويقول: ((الربّ منزَّه عن الخطيئة لأنه، في طبيعته البشريّة، من خشبٍ غير قابلٍ للفساد، أي من العذراء والروح القدس.)) فإن كانت العذراء ((خشباً غيرَ قابلٍ للفساد))، فهي إذاً، مثلَ الذي كوّنتْه من ذاتها، ((منزَّهةٌ عن الخطيئة)) وكلّيّة النقاء.
ويقول ديديمُس الإسكندريّ: ((كما أنّ الإنسان الأوّل قد خُلِقَ وكُوّنَ من التراب النقيّ، كذلك كان ينبغي للإنسان الكامل أن يُولَد من عذراء نقيّة.)) ومار افرام ((مدّاحُ أمّ الله)) يقول، مردِّداً ما طاب له كلمةَ ((كلّيّا)): ((مريم ممتلئةٌ نعمة، طاهرةٌ كلّيّاً، نقيَّةٌ كلّيّاً، بلا خطيئة كلّيّاً، بلا دنس كلّيّاً، بلا لومٍ كلّيّاً، جديرةٌ كلّيّاً بالتمجيد، نزيهةٌ كلّيّاً، طوباويّةٌ كلّيّاً... غريبةٌ كلّيّاً عن كلّ دنس وكلّ لطخة خطيئة.)) ذلك أنّ مريم هي، أولاً بأوّل، أمُّ الكلمة المتجسّد.

وهو قد ((كَوَّن أمَّه)) بنفسه. فما أجملَ وما أكملَ ما كوّنه المسيح الفادي!..

والقديس أندراوس الكريتي: ((مريم طينٌ كوّنه الفنّان الإلهيّ، ومادّةٌ تُناسب تماماً التجسّد الإلهي... إنّها الخمير المقدّس الذي جبله الله، والذي بفضله يتخمّر عجين الجنس البشريّ كلّه.))

ويوحنا الموصلي: ((مَن يستطيع أن يُدرك عظائم تلك التي قُدِّستْ منذ أن حُبل بها واختارها الله من الرَحم؟ مباركة أنت يا جِزّةً رآها جِدعون فعرف سرَّك، لأنّ الندى الذي نَزَل عليك لم ينحدر على سواكِ، والسيلَ الذي انصبَّ على كلّ الأمكنة فأفسدها، لم يَنزِل عليك منه نقطة واحدة!)) وأما مسبِّبات هذا الامتياز الفريد، فإنّ اللاهوتيّ البيزنطيّ، نقولا كباسيلاس، يلخّصها بما يلي:
1- لم يكن تجسُّد ابن الله ليحصلَ إلاّ في خليقةٍ كلّيّةِ البراءة. فلو أنّ الخطيئة مسّت العذراء، وإن من بعيد، فلما كان الله قد أتى إلينا فيها.


2- كان الإنسان الأوّل قد عرقَل، بخطيئته، خِطّةَ الله بشأن الإنسان الكامل. فكان لا بدّ، صوناً لشرف الله، من خليقةٍ، بشريّةٍ كلّيّاً، تُحقِّق من جديد فكرة الله المثاليّة في الإنسان الكامل. فقضى الله بأن تكون العذراء مريم هي تلك الخليقة.


3- كان الله، لإصلاح طبيعتنا وتتويجها بروائع الاتحاد الأُقنومي، ينتظر عوناً جديراً بأن يكون شريكه. فأوجد مريم.
 
قديم 08 - 08 - 2014, 12:58 PM   رقم المشاركة : ( 4893 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

((إنتشار الجدل حول مضمون عقيدة الحبل بلا دنس))
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


وانتشر في الكنيسة العيد المُسمى "الحبل بلا دنس". وكما هو طبيعي، أُثير الجدل حول مضمون العيد. فذهبوا إلى أبعد الحدود في الاعتراض، انطلاقاً من شمولية الخطيئة الأصلية :" اجتاز الموت، كما يقول القديس بولس، إلى جميع الناس ، لأنهم جميعاً قد خطئوا في آدم... بزلةِ إنسان واحد كان القضاء على جميع الناس" (روم 5 / 12 ،18)... وإذا بالحقيقة تنجلي، وبالمعتقد يستتب تماماً ونهائياً، لا سيّما بتأثير القديس أنسِلم رئيس أساقفة كنتوربري الذي استخلص مفهوم "التطبيق المسبق"، على مريم، لاستحقاقات المخلّص. يقول إيدْمَر، أحد تلامذة أنسِلم، إنّه لولا ذلك التطبيق "كيف يتحقق تماماً إتحاد الجسد (جسد مريم) بالنقاء الأعلى؟ كيف يغدو الإنسان والله، بالتجسد، واحداً إلى حدِّ أنّ كلَّ ما هو لله هو للإنسان، وكلَّ ما هو للإنسان هو لله؟" ويقول ديونيسوس الراهب: "يُثير منّا الاشمئزاز مجرّد التفكير بأنّ تلك المرأة المعدّة لتسحق يوماً رأس الحية الجهنّمية، قد نالت منها الحيّة فكانت، هي أمُّ الله، ولو لحظة واحدة بنت الشيطان!" وراح تكريم العذراء ينتشر بشكلٍ غريبٍ، فتتدخّل السلطة الكنيسة، مرّةً للموافقة ومرّةً للكبح... هكذا وافق رسمياً سيكستوس الرابع على عيد الحبل، وحدّد إسكندر السابع موضوعه كما نعترف به اليوم، وعمّمه إكليمنضوس الحادي عشر على الكنيسة الجامعة. ثم كان أن قدِّمت إلى الكرسي الرسولي عرائض تطالب بالإعلان الرسمي لعقيدة الحبل بلا دنس... أُعطيت موافقات للاحتفال بالقداس الخاص بالحبل بلا دنس... ثبّتَ بيوس السابع قوانين " جمعية الحبل بلا دنس" التي أُنشئت في برشلونة، وفي السنة التالية حركةً أسبانية بإسم "رابطة حبل العذراء الطوباوية بلا دنس"، كما وسمح لفرنسيسكان مملكة نابولي بأن يُضيفوا، إلى مقدمة نافور القداس الخاص، الصفة "بلا دنس" إلى الموصوف" الحبل"... والبابا لاون الثاني عشر طمأن الملافنة المحلَّفين بنقل التعليم الصحيح والذين كانوا يتساءلون بقلق إن كان في وسعهم أن يدافعوا عن معتقد الحبل بلا دنس... هذا وإنّ راهبة المحبة، كاترين لابوريه، أُنعِمَ عليها، في 27/11/1830، بظهور للعذراء تراءت فيه وهي تسحق برجلها رأس الحية، ثم أحاطت بها هذه الكلمات: "يا مريم الحُبل بها بلا خطيئة، صلّي لأجلنا نحن الملتجئين إليك." بعد ذلك، سمعت كاترين صوتاً يقول: "إضربي أيقونةً على هذا الشكل. وكلُّ من يلبسها مغفرةً ينال نعماً كبيرة، لا سيما إذا لُبست معلقةً في العنق. وستكون النعم غزيرةً لذوي الثقة." فعلت، فكثرت النعم، وكثرت العجائب، حتى أطلقوا على الأيقونة لقب "العجائبية". فراح المؤمنون، بدافع التقوى وعرفان الجميل، يبدون التمنّي لو أنّ الكنيسة تكرّس نهائياً إمتياز الحبل بلا دنس... وبعد أن سُمح بأن يضاف إلى "طلبة لوريت" الابتهال "يا سلطانةً حبل بها بلا دنس"، راحت الالتماسات تتوافد بكثرة إلى الكرسي الرسولي، من أجل إعلان العقيدة رسميّاً. فكانت آخر مراحل التهيئة أنّ البابا بيوس التاسع وافق، سنة 1848، على "فرض" خاص بالحبل بلا دنس، مرفق بقداس ليوم العيد وطوال التساعية. وفي السنة التالية، أنشأ مجلس لاهوتيّين لدرس مسألة الإعلان. ثم عيّن لجنةً تحضريّة للمرحلة ما قبل الأخيرة وأذاع، سنة 1849، رسالته العامة "Ubi primum " التي أعلم بها الأساقفة أنه عازم ٌ على أن يعرض مسألة الحبل بلا دنس للتدقيق الأخير. وافق الجميع ما عدا أربعة أو خمسة، من أصل 603، عارضوا لا العقيدة بحدّ ذاتها، بل فكرة الإعلان... فكان أنّ البابا بيوس التاسع، في 8/12/1854، أعلن رسمياً عقيدة الحبل بالعذراء مريم بلا دنس الخطيئة الأصلية، في رسالته Ineffabilis Deus. بعد مرور أربع سنوات على هذا الإعلان، ظهرت مريم في لورد لبرناديت سوبيروس. ولما سألتها الفتاة، بإيعاز من كاهن الرعية، من هي وما أسمها، قالت: "أنا الحبل بلا دنس" (باللغة الإقليمية الجنوبية، وكما هو مكتوب على قاعدة تمثال العذراء في لورد: Que soy era immaculada Councepciou) .
 
قديم 08 - 08 - 2014, 12:58 PM   رقم المشاركة : ( 4894 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

((معنى الحبل بلا دنس وأبعاده))
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


لمّا كان أنّ الله وحده، على حدّ قول القديس مكسيميليان كولبي، ((يُدرك تماماً معاني الحَبَل بلا دنس وأبعاده))، فإنني لا أتوقّف عند ما يعني هذا السر لمريم، بل عند ما يعنيه لنا.

يقول الأب سرتيّانخ إنّ ((الزنبقة ليست بيضاء إلا في رأسها. أما العذراء فبيضاء هي من جِذر الحّبّل حتى اكتمال المجد. هذا الامتياز الفريد الذي أنعم الله به على مريم هو، في النيّة الإلهيّة، كنزُ الجميع... إنّه يتناسب وشيئاً ما في طبيعتنا. هذا الشيء هو الميل إلى ما هو سليم وكامل، إلى ما يوحي به للشاعر الغيمُ الأبيض في الفضاء، أو الثلجُ ((النقيّ))، أو زهرة الليمون، أو فراشة الربيع، أو نور الضحى... فيا أيّها الشعاع الذي صار امرأة، يا مريم، أنت غيمةُ بخورٍ تنتشر في أجوائنا. أنتِ فيض عطورٍ يحاذي دروبنا. بفضلك لم نَعُدْ نجهل نِعَم الفردوس. ومن نقائك الفطريّ نتعلّم قيمة النقاء المستعاد.)) الحَبَل بلا دنس شهادةٌ لنا على أنّ الشر لن ينتصب في وجه الله حتى يطالَ الجذور. فالخطيئة أمرٌ ممكن تجاوزُه، لأنها فَقَدَتْ من حدّتها وسطوتها. حتى الخطيئة الأصليّة لا يمكنها أن تُفسد التدبير الإلهي، وإنْ هي عرقلتْ كثيراً تجاوُبَ الإنسان مع ذلك التدبير. الحبل بلا دنس يُظهِر أنّ البشريّة، في إحدى نسائها، اشتركتْ في التدبير الإلهيّ الأزلي... وهو تأكيد على أنّ في أعماق الإنسان ما قد ظهر في العذراء: صورةُ الله، وإنْ مغشّىً عليها من جرّاء الخطيئة. أجل، في كلّ إنسان، ولو أكبر الخاطئين، علامةُ الله. فلا يحقّ لأحد أن يحتقر أحداً أو ييأس منه، وذلك باسم تلك العلامة المُتبقّية. لا شكّ في أنّ إرثَ الخطيئة الأصليّة يرمي على الوجود البشريّ ستاراً من الحزن والقلق. ولكن، كما يقول جان غِيتُون، ((في نقطةًٍ معيَّنة (في مريم)، قد مُزِّقَ الستار، ومن تلك الفتحة الوحيدة، ظهر إشعاع نورٍ آخر. هنا ترويضٌ للخطيئة الأصليّة، هنا تجاوُزٌ لها، هنا انتصارٌ عليها، لأنّها لم تَنَلْ من تلك التي هي حقّاً أمّنا، فنحن بالتالي معها مشتركون... فكما لا يجوز ذِكرُ جهنّم بدون ذكر الجلجلة المخلِّصة كذلك لا يجوز ذكرُ الخطيئة الأصليّة بدون ذكر الحَبَل بلا دنس.))

يقال أحياناً – وبالتغاضي عن أمر حواء – إنّه لم يَصعُبْ على مريم، هي المنزَّهة عن الخطيئة الأصليّة، أن تقول للربّ ((نعم!)).. ربما العكس هو الصحيح. فكلّما كان المرء قدّيساً، أدرك بوضوحٍ أكبر من هو الله، وما هي متطلّباته.

وكلّما أدرك المرء ما تقتضيه الأمانة لله من انقطاع، صَعُبَ عليه أن يقول ((نعم)). ليس من قداسةٍ بلا عذاب: هذا ما يشهد له جميع الصوفيّين أمثال : يوحنا الصليبي، وتريز الأفيليّة، وتريز الطفل يسوع، والقديس شربل، والطوباويّة رفقا...

يقول الأب فَريون: ((العذاب، على صعيد الكيان، نقيصة. أمّا على صعيد المحبة فهو خّتْمُ الكمال.)) لا، لم تكن حياة العذراء مريم سهلة. لا، ولا يجوز اعتبار الحَبَل بلا دنس على الطريقة الجَنسِينيّة، أي طهارةً أدبيّة ليس إلاّ. الحَبَل بلا دنس هو استيلاءٌ لله على الشخص، وقبولٌ من ذلك الشخص، في الإيمان، للاشتراك في التدبير الإلهي المُعلَن له تدريجيّاً. مريم، الحَبَل بلا دنس، بقيتْ ((على طبيعتها)) النقيّة البريئة، فاشتركت في التدبير الإلهي. أمّا نحن ((المطبوعين)) بالخطيئة، فكم ينبغي لنا من ((تنقية)) لنشترك في التدبير الإلهي!... من شأن ذلك أن يوقظ أولئك الذين، بحُجّةِ أنه لهم أن يكونوا ((على الطبيعة)) أو ((من هم)) (etre soi-meme )، يتعرّضون لعدم الاشتراك في التدبير الإلهيّ، بتسليطهم على من في جيرتهم كلَّ أشواك طبعهم. فبحُجّةِ العَفَويّة تراهم ساخرين، شرسين، مؤذيّين، أو قليليّ الذوق.

وإذا عاتبتهم، قالوا: ((شو بتريد؟ أنا هَيْك!)) أنا هيك؟ الحقل المكسوّ قُرّاصاً هو أيضاً ((هّيْك))، لكنّه غير قابل للزرع... علينا أن نشترك في التدبير الإلهيّ باقتلاعنا القُرّاص. فنصبح أرضاً صالحة. شخصٌ بشريّ واحد فقط استطاع أن يكون ((على الطبيعة))، أن يكون ((مَن هو)). شخصٌ بشريّ واحد فقط استطاع أن يلتقي بالله بانقياده لميله الطبيعي. شخصٌ بشريّ واحد فقط لم يعوزه اقتلاعُ ((القرّاص)) مريم الحَبَل بلا دنس... فلنَتَتَلمذْ لها، نشتركْ تماماً في التدبير الإلهيّ فينا، لنا، للآخرين.

يقول القديس مكسيمليان كُولْبي: ((لنقتربْ كلَّ يومٍ أكثر من البريئة، نقتربْ أكثر فأكثر من قلب يسوع، ومن الله الآب، ومن الثالوث الأقدس، إذ إنّه ليس أقرب إلى الله من البريئة. وهكذا نجعل كلَّ نجعل كلَّ من هو قريبٌ إلى قلبنا يقترب من البريئة ومن الله.))
 
قديم 08 - 08 - 2014, 12:59 PM   رقم المشاركة : ( 4895 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

((جميلة أنت يا خليلتي))
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


((جميلةٌ أنت يا خليلتي... جميلةٌ أنتِ كالقمر، طاهرةٌ كالشمس)) (نشيد الأناشيد 1\15، 6\10)... امتياز الحبل بلا دنس يجعل مريم جميلةً إلى حدّ أنّه لم يستطع رسّامٌ واحد أن يعبّر عن جمالها كما كانت تصفه برناديت سُوبيرُوس القائلة: ((إنها من الجمال بحيثُ إنّ المرء يرغب في أن يموت كي يراها.)) وميلاني، أحدى الذين ظهرتْ لهم مريم في لاساليت، كانت تقول: ((كلّما نظرتُ إليها، اشتدّتْ فيّ الرغبة في أن أراها بعد...)) جمال مريم الجسديّ جمالُ الأرز الخالد كما جاء وصفُه في نبوءة حزقيّال: ((أرزُ لبنان بهيةُ الأفنان، ملتفّة الأغصان، شامخةُ القوام... السرْو لم يماثل أغصانها، والدُلبُ لم يكن كفروعها. وكلّ شجر في جنّة الله لم يماثلها في بهجته. إنّي صَنَعْتُها بهيّةً، فغارت منها جميع أشجار عَدْنٍ التي في جنّة الله)) (31\3-9). إنّما جمال مريم الحقيقي هو جمال الروحي. على عكس ما كان عليه الفرّيسيّون الممتلئون من الداخل أنجاساً وأرجاساً (متى 23\25 ، 27)، فإنّ داخل مريم كلّه إشراقٌ وتألُّقٌ وصفاء، وإشعاعٌ مبارك وخيّر إلى حدّ أنّها ((عَفّفتْ)) يوسف، كما يقول جان غِيتُون، فتبدَّل نظرُه لّما تلاقى النظران، وتسامتْ حواسّه لمّا اكتنفه إشعاع ذلك الجسد المنقطع النظير.))
كيف لا اذكر هنا نشيداً زنجّياً للسيدة العذراء، جاء فيه:
((جميلةٌ أنت ومُشعّة، كالصبح المتجدِّد أبداً فُتوّةً وطراوة...
((جميلةٌ أنت ومُفْرِحة، مثل أشجار البنّ المُزهِرة المعطِّرة، عند السَحَر...
((جميلةٌ أنت وخلاّبة، مثل باقة نخيلٍ يتمايل في الفضاء الساطع الأزرق...
((جميلةٌ أنت وفتّانة، مثل عينٍ صافية متدفّقة بين الصخور...
((جميلةٌ أنت وفتّانة، مثلَ القمرِ العائمِ في فضاءٍ غسّلتْه الأعاصير...
((جميلةٌ أنت وبهيّة، مثلَ شُعلةٍ مهيبةٍ ترتفع من السباسب في الليل...
((جميلةٌ أنت وكلّيّة الجمال، إلى حدِّ أنّ من يراكِ مرّةً يتمنّى لو يموت ليراكِ من جديد.))
جمال العذراء هذه. من أين؟ من النعمة الإلهيّة المنطبعة فيها منذ اللحظة الأُولى لوجودها في حشا أمّها. والنعمة الإلهيّة، أليست اسماً آخر للبهاء الذي يُجلبِب النفس المرفوعة إلى ما فوق الطبيعة، والذي يعكس البهاء الأزليّ؟ وإن كنّا نحن الخطأة قد نِلنا ((من الامتلاء الإلهّي نعمةً فوق نعمة)) (يو 1\16)، فما القول عن مريم؟ لقد غُمِرتْ بها حتى أصلِها الكيانيّ ("فِيضي فرحاً، يا فيض النعمة!"). يقول يوحنا الصليبي إنّ ((النفس التي يحبّها الله، تصبح من الجمال بحيث إنّها تتسامى فتشترك في الألوهة نفسها... الله، إذا صحّ القول، يضعها في ذاته، ويجعلها مساويةً له... ويزيد فيها، أكثر فأكثر، النعمةَ والجمال... وهي سوف تذهب صُعُداً في حبّه وفي إكرامه لها... فمن له يُعطى ويُزاد.)) هذا عن النفس التي ((يحبّها الله)). فما القول في الابنة المختارة، مريم العذراء التي جاء الابن الأزلي واتّخذ من جسمها جسماٍ له؟ مريم هي المِحراب الحيّ للإله الحيّ. في وسط هذا المِحراب مذبح، مذبحُ قلبِ مريم الكلّيّ الطهارة. من على هذا المذبح، كما كانت تقول القديسة مرغريت ماري للمبتدئات، يخاطب الكلمةُ المتجسِّد أباه، قائلاً: ((ذبيحةً وقرباناً لم تشأ، غير أنّك هيّأتَ لي جسداً...فقلتُ هآءنذا آتي لأعمل مشيئتك يا الله)) (عب 10\5-7). حقاً ليس من مذبحٍ آخر، غير مذبح قلب مريم الطاهرة، يليق تماماً بتقدمة الكلمة المتجسّدة (عندما نشترك في ذبيحة القداس، هل قلوبنا هي من اللياقة، اقلّه ما للمذبح الذي يتقبّل تحويلَ الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه؟).
 
قديم 08 - 08 - 2014, 01:00 PM   رقم المشاركة : ( 4896 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

((نبوءة سمعان الشيخ))
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



"أؤمن بأنّ مريم اشتركت مع المسيح ابنها، إلى حدٍّ بعيد، في سر الفداء". جاء في الإنجيل بحسب القديس لوقا: "ولمّا تمّت الأيام لتطهيرهما، بحسب ناموس موسى، صعدا به إلى أورشليم ليقدّماه للرب، على حسب ما هو مكتوب أنّ كلَّ ذكَرٍ بِكْرٍ يكون مقدَّساً للرب... "وكان في أورشليم رجلٌ اسمه سمعان، وكان هذا الرجل صدّيقاً تقيّاً، قد أوحى إليه الروح القدس أنّه لن يرى الموت ما لم يُعاين مسيح الرب. فأقبل إلى هيكل بقوّة الروح. وأخذ الطفل على ذراعيه وبارك الله، وقال:" الآن، أيُّها السيد، تطلق سبيل عبدك...، لأنّ عينيّ قد شاهدتا خلاصك، الذي أعددته أمام وجوه الشعوب كلِّها، نوراً يضيء الأمم، ومجداً لشعبك" (لو 2/22-32). ثم تنبّأ وقال لمريم، كاشفاً لها عن مصير ابنها ومصيرها هي المأسويّ: "ها إنّ هذا الولد، قد جُعل لسقوط ونهوض كثيرين في إسرائيل، وهدفاً للمخالفة، وأنت أيضاًسيجوز سيفٌ في نفسك، لكي تنكشف الأفكار من قلوب كثيرة" (لو 2/34-35). يتّضح من هذه النبوءة أنّ مأساةً تآمرية سوف تُدبَّر ليسوع، فيختلف البشر عليه حتى الرفض، ومريم ستكون مشتركة في تلك المأساة حتى العذاب المرير. ما يلفت النظر في هذه النبوءة هو أنّ النص مثقَّل لغويّاً بكلامٍ يقطع ويعطّل سياق الجملة. كان منتظراً ومنطقيّاً واصحَّ لغويّاً، بعد التنبُّؤ عن مصير الولد ("جُعل هدفاً للمخالفة") أن يتابع سمعان قائلاً: "... لكي تنكشف الأفكار من قلوب كثيرة." لكنّه يُدخل، بطريقةٍ غير منتظرة، التنبؤ عن السيف، بين هذا الكلام الأخير وما سبقه (قد جُعل هدفاً للمخالفة، وأنت أيضاً سيجوز سيفٌ في نفسك، لكي تنكشف الأفكار، الخ...) هذا يعني أنّه كان في نيّته إبراز التنبُّؤ عن السيف وإعطاؤه أهميةً كبرى في المأساة. وما عدا ذلك، فإنّ هذه الأهمية تظهر في كون سمعان المتحدِّث إلى مريم، بدلاً من أن يكتفي بالقول: "ويجوز سيف في نفسك"، يقول: "وأنت أيضاً سيجوز سيف في نفسك"، كما أنّه أراد أن يشدِّد على كون الولد لن يكون وحده معنيّاً بتلك المأساة، بل هي أيضاً ستكون منغمسة شخصياً في المأساة المِشْيحيّة. هذا الانغماس سيكون لها اجتيازاً لنفسها، لكيانها الصميم، بسيفٍ حادٍّ ورهيب. فالكلمة اليونانية ( romphaia) تعني سيفاً كبيراً جدّاً ورهيباً. الأمر الذي يوحى بأنّ ألماً كبيراً سوف يجتاز نفس مريم من جانب إلى جانب. الصورة هذه قاسيةٌ جدّاً وعنيفة: فالأمر ليس مسألة مشقةٍ عاطفية عابرة أو سطحية، بل مسألة ألم حادٍّ للغاية يخترق حتى أعماق الكيان، وينفذ "حتى مفرق النفس والروح، والأوصالِ والمخاخ"، كما يقول بولس الرسول في مجالٍ آخر (عب 4/12). كان ينبغي ل"عبد الله" أن "يُشدَخ" في جسمه (أشعيا 53/5). كذلك ينبغي ل"أمة الله" أن "يُشدخ" في نفسها. يقول ماكس توريان: "مريم هي، في ذلك، مثال الكنيسة، مثال جماعة المؤمنين الذين يُمتحنون، في قضايا إيمانهم ووعود رجائهم، بالعذاب والشدائد وحقد البشر... يعيش المسيحي هذا الصراع، بين المسيح الذي يحبّه في الإيمان وبين الشدائد الدينونة التي تنال منه في جسده. أمّا مريم فإنّها تعيش هذا الصراع، بين المسيح الذي تحبّه- في الإيمان بصفتها مؤمنةً، وفي الجسد بصفتها أُمَّاً بشرية- وبين الشدائد العالمية التي ستنال من ابنها حتى عذاب الصليب. فهي، بذلك، الصورة الحقيقية للكنيسة. ولكنها سوف تتعذب أكثر من كلّ مسيحيّ، طالما أنّ موضوع إيمانها المستهدف باضطهاد العالم، هو نفسه الابن الذي ولدت والذي تحبّه كأُمّ بشريّة. سيف مريم هو صليب المسيح المغروز في قلبها الوالديّ، هي التي كان لها من الرب أروع الوعود... "وهي لن تجوز، منتصرة، تلك المحنة الأليمة، محنة السيف...، إلاّ بارتضائها الصليب في حياة ابنها- وإن يكن ابن الله- وفي حياتها هي، حياة المؤمنة وحياة الأمّ."
 
قديم 08 - 08 - 2014, 01:01 PM   رقم المشاركة : ( 4897 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

((فادية مع الفادي؟))
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


أنّ المجمع الفاتيكاني الثاني يشرح، بكلام مُقتضَب ومكثَّف، اشتراكَ مريم في عذابات ابنها على الصليب، بقوله: ((سارت العذراء الطوباويّة على طريق الإيمان وهي محافظة على الاتّحاد بابنها حتى الصليب حيث، بتدبيرٍ لم يكن غريباً عن التدبير الإلهيّ، كانت واقفة وهي تتألّم مع ابنها الوحيد أشدَّ الألم، وتشترك بعاطفة الأمّ في ذبيحته، وتعطي تقدمة الذبيح، المولودِ منها، رضى حبّها...))... هذا ويقول الأُسقف بُوسُّويه: ((كانت إرادة الآب الأزلي ليس فقط أن تُقدِّم مريم مع الذبيح البريء وتُعلَّق على صليب المخلّص بالمسامير نفسها، بل أن تشترك أيضاً وكلّيّاً في السرّ الذي يتمّ بموته.)) القديس يوحنا وحده يذكر وجود مريم عند الصليب (19\25). سائر الإنجيليّين لا يذكرونها بين جماعة النساء الحاضرات. لماذا؟ لأنّها لم تكن بين اللواتي ((تَبِعْنَ يسوع من الجليل، يَخدُمْنِه)) هو والاثني عشر (متى 17\55، مر 15\41، لو 23\49، 8\2-3)... ولذا فلم تأتِ ببالهم ضرورة ذكرها بينهنّ على الجلجلة. غيرّ أنّ غياب مريم عن الساحة، أثناء حياة ابنها العلنيّة، يُبرِز أهمّيّة حضورها على الجلجلة. والقديس يوحنا وحده أدرك ذلك. أجل كانت هناك ((واقفة)) وِقفَةَ الصلابة والشجاعة، غيرَ محطِّمة بالألم، بل ثابتة في الإيمان المُفعَم رجاءً: ((كانت واقفة)). لا، ما ((غابت عن حِسِّها))، كما نقول في زيّاح الصليب. كانت واقفة. والفعل اليونانيّ يوحي هنا بفكرة الحضور أكثر منه بفكرة الوقوف بحدّ ذاته. كانت هناك، لأنّها أرادت أن تكون، وربّما على الرغم من جهود الأقارب لإبعادها عن مشاهدة الصليب الرهيب. كانت هناك بإرادتها، لتقف مع المخلّص ابنها حتى النهاية. كان توما مستعدّاً أن ((يموت معه)) (يو 11\16). فهل تكون أمّه أقلَّ استعداداً؟ حقّاً، كما يقول المجمع، إنّ حضورها لم يكن ((غريباً عن التدبير الإلهيّ.)) لو لم تكن هناك، اعتقادي أنّ شيئاً مهمّاً جدّاً كان قد ينقص في المسيحيّة. ماذا؟ لست أدري بالضبط. شعوري هو أنه لو لم تكن هناك، لو لم يقل المسيح ليوحنا: ((هذه أمّك))، لكانت المسيحيّة باردة مثل كنيسةٍ بلا قربان، كئيبةً مثل عائلة بلا أمّ. لو لم تكن هناك، لما كانت لُورد وفاطمة والأيقونة العجائبية... لكنّها كانت هناك، ولذا فنحن نعرف أنّها تُحبنا. كانت هناك، ولذا فنحن نحبّها ونكرّمها... هذا ما كان قد ينقص، لو لم تكن هناك...
هل هي فادية مع الفادي؟
يقول المجمع إنّ مريم قد (أعطت تقدمة الذبيح، المولودِ من لحمها، رضى حبّها)). الرضَى، في الإيمان والمحبة، هذا هو سرّ العمل المريميّ: في البشارة، أعطت رضاها بحياة ابنها... على الجلجلة، أعطت رضاها بموت ذلك الابن، لفداء العالم. هنا وهناك، قالت للتدبير الإلهيّ بكامله، دون شرط ولا رجوع: ((فلْيكن)). وإن أردنا اختصارَ حياة مريم بكلمة، قلنا إنّها استمرار ال ((فلْيكن)). أعطت مريم سرّ الفداء ((رضى حبّها)). هل يعني ذلك أنّ رضاها، هنا، كان حاسماً مثل رضاها بالتجسّد؟ بِكلام آخر: إن كان التجسّد متعلِّقاً برضى مريم، هل كان الفداء أيضاً متعلِّقاً برضاها؟ وقصارى القول: هل العذراء مريم فادية مع الفادي بالتساوي؟ من يجيب ((نعم)) فحسب، بدون دقّة ولا توضيح، يرتكب خطأً فادحاً، إذ هو يجعل العذراء فادية بالصفة نفسها التي هي للمسيح!... لا، ليست العذراء فاديةً مع الفادي بالتساوي. فإنّها هي نفسها قد افتُدِيَت مُسْبَقاً. وإنّ وضعَها وأبعادَ أفعالها قد تغيّرت بين الناصرة والجلجلة. ففي الناصرة، كانت تُمثِّل وحدها البشريّة. أمّا على الجلجلة فهو المسيح من يمثّلها بالأولويّة، ومريم بالدرجة الثانية، في الارتباط مع المسيح والتَبَعيّة له. وإن كان رضاها في الناصرة لا غنى عنه، فالأمر يختلف على الجلجلة. إنّما كان ينبغي أن ((تشترك)) في العمل الفدائيّ،بصفةٍ مميّزة، ما دامت، يوم البشارة، قد اشتركت في سرّ التجسّد فرضيت بالعمل الخلاصيّ كلِّه. فادية مع الفادي؟ كلاّ، أقلَّه بحصر المعنى. مشتركة؟ نعم. كيف، وبأيّة صفة؟ يقول يوحنا فم الذهب: ((غَلَبَ المسيح الشيطان بنفس الوسائل التي غَلَبنا هو بها. لقد حاربه بسلاحه، أي بعذراء وخشبة وموت. فالعذراء آنذاك كانت حوّاء عندما طغاها الشيطان. والخَشبة كانت الشجرة. وكان الموت العقابَ المفروض على الإنسان. كذلك أيضاً أصبحت أدوات انتصارنا عذراء وخشبةً وموتاً، إذ حَلّتْ مريم محلَّ حوّاء، وخشبةُ الصليب محلَّ الشجرة، وموتُ المسيح محلَّ موت آدم)) (صلاة المؤمن، الجزء الثاني، 736 – 737). وعليه، فكما أنّه كان لحوّاء دورٌ في الانكسار، كذلك يكون لمريم دورٌ في الانتصار (راجع سفر التكوين، 3\15).
 
قديم 08 - 08 - 2014, 01:02 PM   رقم المشاركة : ( 4898 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

مريم وسرّ الفداء (٣)
((إشتراك العضو المميز في الجسد السرّي))

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يقول القديس بولس: "إنّي أُتِمّ ما ينقص في جسدي من شدائد المسيح، لأجل جسده الذي هو الكنيسة" (كول 1/24). يُسيءُ من يعتقد أنّ هناك نقصاً في شدائد المسيح نفسه وآلامه الفدائية والتكفيرية، إذ إنّ صليب المسيح لا ينقصه شيء بتاتاً. فإن كان من نقص ففي جسده السريّ، الكنيسة، أي نحن... هذا ما يؤكده توما الأكويني: "ما ينقص من آلام المسيح، أي من آلام الكنيسة كلِّها التي رأسها هو المسيح، إنّي أُكمّله، أُضيف إليه قدري، إذا تعذّبت شخصياً، إذا عبرت الآلام التي تنقص جسدي. كان ينقص المسيح أن يتعذب في بولس ، أحد أعضائه، وفي سائر الأعضاء، كما كان قد تعذّب في جسده هو ." ولقد أصاب بسكال عندما قال إنّ المسيح "في حال نزاع حتى انتهاء العالم." فإن كان للمسيح أن يتعذب في بولس، أما كان له أن يتعذّب أكثر فاكثر في مريم، ذلك العضو المميَّز في جسده السرّيّ؟ وإن صحَّ أنّ بولس "مصلوب مع المسيح" (غل 2/19)، ألا يصحّ ذلك أكثر فأكثر بمريم أمّه؟ يقول القديس برنردس مخاطباً مريم: "لقد جاز حقّاً سيف في قلبك، يا أُمَّنا القديسة! هذا السيف، على كلّ حال، ما كان ليطال جسد الابن لو لم يجُزْ في نفس الأمّ. ومن المؤكَّد أنّ الحرية التي اخترقت جسمه، بعد أن لفظ الروح، لم تجُز في نفسه هو... أمّا في نفسك أنت، فبلى... ولذا فنحن يسعنا أن نسمّيك شهيدة، وأكثر: فإنّ اشتراكك في آلام ابنك يفوق بكثير شدّة العذاب الجسديّ في الاستشهاد" (الفرض الروماني، قراءة نهار 15 أيلول/ سبتمبر). لا بدّ لنا هنا من استطرادٍ في موضوع الألم. والسؤال المطروح هو: إن كانت آلام المسيح هي وحدها فدائيّة، إن كانت هي وحدها ما يخلّصنا، فلماذا علينا، كما يقول بولس الرسول، أن "نحمل في الجسد، كلَّ حين، موت يسوع" (2كور 4/10) ؟ ذلك أنّه: أوّلاً، ينبغي لصليب المسيح أن يُعلن بالفعل كما بالقول. ينبغي لنا، كما لبولس، أن "لا نعرف شيئاً إلاّ يسوع المسيح، وإيّاه مصلوباً" (1كور 2/2). وينبغي أن نعيش ذلك بكلّ كياننا، روحاً وجسداً، فنحمل في أجسادنا "سمات الرب يسوع" (غل 6/17)، فنكون حقّاً له لا لغيره... وهكذا ندخل معه في أُلفة خاصة (العذاب المشترك يقرّب ويوحّد)، ونتفهّم في العمق سرَّ التخلّي عنه وسرَّ موته، ونتحسّس آلام الناس فنكون لهم أصدقاء ذوي شفقة ومؤاساة وعطف. وهكذا نكون تبشيراً حيّاً بصليب المسيح.
ثانياً، إنّ العذاب الذي نتحمّله بروحٍ مسيحيّة تشفُّعٌ هو بالبشر أجمعين. ذلك أنّنا جميعاً جسد واحد. وإذا كان بولس الرسول قد أجاز لنفسه أن يقول للكولوسيّين إنّه "يقاسي الآلام لأجلهم" (1/24)، وفي حين أنّه لم يبشرهم هو بل رفيقه أبفراس، ولم يكن قريباً منهم بل بعيد جدّاً وفي الأسر، فإنّما كان ذلك لإيمانه بعلاقةٍ تربط جميع من يؤمنون بالمسيح، وهم مندرجون في جسده، أي الكنيسة.
ثالثاً، يريد الله- بالعذاب الذي نتحمّله عن رضى، والذي يكمّل فينا صورة المسيح المصلوب- أن يجعلنا شركاءه في الفداء.
اختبرت مريم كلّ ذلك إلى حدٍّ فائق. لقد أتمّت ما ينقص في جسدها من شدائد المسيح، لحل جسده الذي هو الكنيسة...، وارتسمتْ في قلبها سِمات صليب المسيح...، ودخلت في أُلفة المخلّص، كما لا ولن يدخل أحد...، وأدركتْ، بطريقةٍ فضلى، عذاب البشر، فهي تستطيع أن تشفع فيهم بشفقة لا متناهية، فتستحقَّ لهم العزاء والسلام... يقول الأب لورنتين: "مريم، على الجلجلة، لا تقاسي عذاباً جسديّاً، وهي ليست معلَّقة على صليب ابنها. وهي لا تقوم بعمل يُزاد من الخارج إلى عمل المسيح. إنّها تقاسي عذاباته هو. حصّتها؟ التألم معه، والنفاذ المعنويّ للسيف الذي تنبأ به سمعان الشيخ. آلامها؟ انعكاسٌ هي لآلام المسيح في مرآة نفسها الأموميّة. وإنّ ما في نيّتها، انعكاسٌ هو روحيّ لما في نيّة المسيح الفادي."
 
قديم 08 - 08 - 2014, 01:02 PM   رقم المشاركة : ( 4899 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

((إشتراك أم الفادي))
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

إن ذلك المعلّق على الصليب هو ابن مريم. إنّه لها، نوعاً ما. ولقد تكلّم البابا بينيدكتوس الخامس عشر على "حقوق الأمومة" التي ضحّت بها مريم على الجلجلة... عند الصليب، يقول أيضاً الأب لورنتين، "ما زال يحقّ لمريم أن تقول ما تقوله كلُّ أمّ عن ابنها: "هذا لحمي ودمي"، ويحقّ لها أن تضيف قائلةً ما تقوله كلّ أمٍّ متّحدة في العمق بابنها: "ما لك هو لي، وما لي هو لك. عذابُكَ عذابي. عملك عملي. والفداء الذي كنتَ تستحقّه وحدك، أردتَ أن يكون ذبيحتي أنا أيضاً"... حقّاً، إنّ المسيح وحده فادي الجميع، ابتداءً بمريم المفتداة الأولى. المسيح وحده إله، وحده قد مات، وحده أتمّ الذبيحة بالقيامة والعودة إلى الآب. أمّا مريم فإنّها تشترك في آلام الفادي بالتألُّم الذي أراد له الله ما أراد من قيمة... مريم تستحقّ باسم الصداقة الفريدة مع الله، والاشتراك في التحقيق الأساسيّ لفداءٍ استحقّه المسيح باسم العدالة وعلى قدم المساواة مع الله. إذاً، ليست مريم على مستوى المسيح الذي استحقّ الفداء، ولا على مستوانا نحن الذين يساهمون، إلى حدٍّ ما، في توزيع نعمة الفداء، بل هي على مستوى متوسط لا هو استحقاقيّ بكل معنى الكلمة، ولا توزيعيّ محض. والحال، أنْ قابلنا بين لوقا 2/34- 35 حيث سمعان الشيخ لا يوحي بآلام المسيح إلاّ من خلال تألُّم مريم، وبين سفر الرؤيا 12/ 2-5 حيث يوحنا الرسول، بدلاً من أن يصف مباشرةً آلام المسيح، لا يصف إلاّ تألُّم أمّه المعذبة بآلام المخاض، لَحَظْنا أنّ كل شيء يجري كما لو أنّ آلام المسيح وتألُّم مريم أمرٌ واحد. حقّاً، إنّ المسيح يبقى، في كِلا النصّين، هو مخلّص البشر الوحيد. غيرَ أنّه، في النصّين كليهما، يُعتبر عذاب مريم غير منفصل عن عذابات المسيح الفدائية. لهذا السبب، حقَّ لبرنار برو أن يقول: "إنّ العذراء القديسة لم تتّحد فقط باطنيّاً بيسوع المسيح... لقد صارت "على صورته في الموت"، و"عُلِّقت معه على الصليب"، نوعاً ما- فيل 3/ 10، غل 2/19- ... كانت هناك واقفةً، مشتركةً في كلّ شيء، متحمِّلةً كلَّ شيء، معه... إنّها تحسّ وتحقّق في ذاتها سرَّ يسوع، إلى حدٍّ من العمق والأُلفة لا ولن يبلغه غيرها. ذلك أنّها أمّه وهي، بهذه الصفة، مرتبطة به، بامتيازاتٍ فريدة، من حيث الكيان والنعمة. "إنّها، في أمور الفداء كما في أمور التجسّد، على مستوىً منفرد...، وهي لا تضاهيها أقدس اللواتي ارتسمتْ في أجسادهنّ سِماتُ جروح المسيح. إنّها، والحقُّ يقال، قد تحمّلت من أجلنا عذاباً عظيماً، وأتمّت هكذا ما كان، في كيانها كله، ينقص بعد من شدائد المسيح، من أجل جسده الذي هو الكنيسة."
اشتراك مريم هذا في سرّ الفداء، واضحٌ في التعبير الأيقونيّ البيزنطيّ:
الإيقونوغرافيّة البيزنطيّة تمثّل دائماً العذراء مريم مشتركة مع ابنها في عمله الفدائي. هكذا في أيقونة البشارة، نراها واقفة عند شجرة الحياة الفردوسيّة كما ستقف عند خشبة الصليب. وإن هي مُثِّلتْ وهي تنسج ستار قدس الأقداس، فإنّ ذلك إشارة إلى حجاب الهيكل الذي انشقّ اثنين ساعة موت يسوع... وفي أيقونة الميلاد، نراها متمدّدة أمام مغارة تشبه القبر، وفيها الطفل ملفوف بقُمُط تشبه لفائف الموتى وموضوع في مذود يشبه النعش... وفي أيقونة الصليب، نراها تمسح دموعها باليُسرى وتدل على ابنها باليُمنى. إنّها أوجاع الولادة الروحية للبشرية المتمثّلة في يوحنا الحبيب... وفي أيقونة احتضانها للمسيح بعد إنزاله عن الصليب، نراها باسطةً ذراعيها كما لو أنّها قد صُلِبَتْ معه. هذا وإنّ تقاسيم جسدها تبدو وكأنّها بشكل كأس الخلاص... وفي أيقونة الدفن، نراها تلفّ بيديها جثمان ابنها بالكفن، كما لفّته بالقُمُط يوم الميلاد... وفي أيقونة الصعود، نراها تتوسط الرسل واقفةً وِقفَة الصلاة، كما لو أنّها تحمل رجاء الكنيسة كلّها... وفي أيقونة "سيدة الآلام" المعروفة في لبنان باسم "سيدة المعونة الدائمة"، نرى في الأعلى الملاك رافائيل وهو يحمل الصليب، والملاك جبرائيل وهو يحمل الحرية وإسفنجة الخلّ المعلّقة في رأس قصبة. ينظر الطفل الإلهيّ إلى صليبه وعلى وجهه دلائل الخوف. يكتف رِجْلاً على رجل فيسقط النعل من رِجْله، لشدة الخوف. فيضغط بيديه الصغيرتين على يد أمّه اليُمنى. أمّا هي فإنّها تنظر إلى الأمام متأمّلةً، كما لو أنّها تستذكر نبوءة سمعان الشيخ
 
قديم 08 - 08 - 2014, 01:03 PM   رقم المشاركة : ( 4900 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

((أمومة مريم البشرية))
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أُؤمن بأنّ مريم هي أمّ البشر أيضاً. هذا الموضوع، سأدقّق به أيضاً ما استطعت، رغبةً منّي في تبديد مفهوم ينزع عنها هذه الصفة. والحال، كما أنّ أمومة مريم الإلهيّة تُزعج الكثيرين، كذلك أيضاً أمومتها البشرية تُزعج الكثيرين... جاء في الإنجيل بحسب القديس يوحنا (19/26-28) ما يلي: "يسوع لمّا رأى الأمّ، وبقربها التلميذ الذي كان يحبّه، قال للأمّ: "أيتّها المرأة، هوذا ابنك." ثم قال للتلميذ: "هي ذي أمّك." ومنذ تلك الساعة أخذها التلميذ إليه. وبعد ذلك، إذ رأى يسوع أنّ كلّ شيء قد اكتمل، قال... لقد تمّ." لا نُقلَّلَنَّ من قيمة نصٍّ قد منحه الكاتب الملهم ذلك المكان وتلك الأهميّة. إنّ الكثيرين لا يرون فيه، حتى اليوم، إلاّ بادرةً خاصة تتعلّق بالواجب البنويّ، من أجل حلِّ الوضع الاقتصاديّ والاجتماعيّ لتلك الأمّ الأرملة التي سوف تفقد ابنها الوحيد، فيما النصّ هو أبعد من ذلك بكثير.
لوصيّة المسيح هنا قيمة مِشْيحيّة. هذا ما يؤكدّه:
1- التسميتان:"الأمّ"و"التلميذ" (لا"أمّة"ولا "تلميذه")
ضمير الامتلاك في الآية 25("أمّه")، والعبارة الوصفية في الآية 26("التلميذ الذي كان يحبّه")، يختفيان في ما بعد، لتحلّ محلّهما عبارتا "الأمّ" و "التلميذ"، وذلك مرّتين (آية 26و27)... ذلك يعني أنّ دعوة مريم لم تَعُد في كونها "أمَّ يسوع" فحسب، بل هي "الأمّ" أمُّ البشر، أمُّ الكنيسة، أيقونة الكنيسة الأمّ...، ولم يعُد يوحنا "التلميذَ الذي كان يسوع يحبّه"، بل "التلميذ"، المؤمن في الكنيسة، أيقونة المؤمن الذي يرافق المسيح حتى الجلجلة... فكأنّ الإنجيليّ لم يَعُد مهتمّاً لتاريخ مريم ويوحنا الفرديّ، بل لدعوتهما الشخصيّة، لوضعهما اللاهوتيّ في الإنجيل، لدورهما حِيالَ الكنيسة، لعلاقتهما الصُوفيّة مع المسيح وعمله المشْيَحيّ.
2- المنادَى "أيّتها المرأة"
هذه التسمية تُحيل إلى ما سُمِّيَ "الإنجيل الأوّل" في سفر التكوين 3/15 ("وأَجعلُ عداوةً بينك وبين المرأة")، كما وإلى حادثة قانا الجليل، في يوحنا 2/4 ("أيتّها المرأة، لم تأتِ ساعتي بعد")... فلو كان الموضوع لا يتعدّى الواجب البنويّ، لكان المسيح قد اكتفى بأن يناديها: "أمّي!"، الأمر الذي يتوافق مع المعنى الأدبيّ المزعوم للنصّ، ومع العادات اليهوديّة... فلمّا ناداها، كما قيلَ عنها في سفر التكوين وكما قال لها في قانا الجليل، بكلمة "امرأة"، دلّ على نيّته اعتبار َ تلك المرأة الفريدة ليس كأمّه البشريّة، بل كتلك التي لها دور في سحق رأس الحيّة الجهنمية.
3- سياق الكلام
سياق الكلام، في مشهد الجلجلة، سياقٌ كتابيّ، أي إنّ الإنجيليّ يدعم المشاهد المحيطة بوصيّة المسيح،بتحقيقِ ما جاء في الكتاب، من اقتسام للثياب واقتراعٍ على القميص (مزمور 22/19)، وعطشِ المصلوب (مز 69/22،22/16)، وطعنه بالحربة(مز 34/21، خروج12/46، زكريا 12/10). الأمر الذي يدلّ على أن يوحنا، من خلال هذا الإطار الكتابيّ، "يرى هنا عملاً يتجاوز مجرد الواجب البنويّ ليتناول إعلان أمومة مريم الروحيّة". فإن كان سياقٌ كلُّه قد اختير بالنظر إلى إتمام نبوءة، يسعنا القول إنّ وصيّة يسوع ليست أمراً ثانوياً يتعلّق بمسألةٍ عائليّة، بل هي أمرٌ يتعلّق، مثلَ غيره من أمورِ الصلب، برسالة المسيح، ويستند إلى ما جاء في الكتاب، وإن ضمناً. وإلى ذلك، فإنّ الكلمات كلّها التي نطق بها يسوع المسيح على الصليب، تتعلّق برسالته الإلهيّة.

ألا يكون مدهشاً أن يستثنَى كلامه لأمّه ولتلميذه، فيُصبح وكأنه كلامٌ بشريّ محض لا داعي له أبداً في تلك الساعة كما سنرى بعد قليل؟ وسياق الكلام في مشهد الجلجلة سياقٌ عقائديّ. وَضْعُ اللوحة المكتوبِ عليها" يسوع الناصريّ ملك اليهود"، واقتسامُ الثياب، والاقتراع على القميص، والطعن بالحربة، كُلّها أمورٌ تتّسم بطابع لاهوتيّ عميق: إنها توحي بمَلَكِّية المسيح، وكهنوتِه، وكونه الحمل الفصحيّ عند المسيحييّن. فهل يعقل أن لا يكون لوصية المسيح، النازلة في هذا السياق للكلام، إلاّ البعدُ البشريّ العائليّ، ولا تكون مرتبطة بالعمل الفدائي الذي يتمّ على الصليب؟ لا يُعَقَل.

لا سيّما أنَّ الإنجيليّ يتابع حالاً ويقول: " وبعد ذلك (بعد الوصيّة)، إذ رأى أنَّ كلَّ شيء قد اكتمل (بها)، قال، ليتمَّ الكتاب: "لقد تمَّ." أليس في ذلك إشارة إل أنَّ وصيّة المسيح مندرجة في "اكتمال" التدبير الخلاصيّ؟ وصيّته هذه هي آخر ما قام به المسيح، قبل أن يلفظ الروح، ساعة كان يقوم برسالته الأساسية ف"يُتَمَّ" ما كان الأب قد أرسله لأجله. فلا يعْقل بالتالي أن يكون قد اختار مثل هذه الساعة المهيبة، ساعة اكتمال الفداء، لترتيب أمور أمّه الاجتماعية. هذا ولا يُعْقل، في المجتمع الشرقيّ، أن يسلّم أمور أمّه الاجتماعية إلى يوحنا، في حين أنَّ نسيبة أمّه، زوجة كليوبّا، كانت هناك. ولا أن يسلّم أمور تلميذه يوحنا إلى مريم أمّه كما لو أنَّ يوحنا كان يتيماً، في حين أنّ صالومي أمّه كانت هناك، حيّةً تُرزَق. كما وإنه لا يُعقَل – في حال أنَّ وصيّة يسوع هي، فَرَضاً، عملٌ بَنَويّ إنسانيّ لا غير – لا يُعقَل أن يسلّم يوحنا لرعاية مريم، بل يسلّم مريم لرعاية يوحنا، فيكتفي بالقول: "يوحنا! أميّ هذه، تَكفَّل بها واحمِها!" فلمّا وجّه كلامه، خلافاً لما كان متوقَّعاً، أولاً إلى أمّه وقال، مشيراً إلى يوحنّا: "هوذا ابنك"، كان ذلك منه تكريساً لها في رسالةٍ مرتبطة بالعمل الفدائيّ الذي هو، مخلّص العالم، منصرفٌ إلى أتمامه. إنْ صحّ القول إنّ أوّل عمل مِشْيَحيّ قام به الكلمة المتجسّد، يومَ البشارة، هو أن يُقِيمَ مريم أُمّاً له جسديّة، صَحّ القول أيضاً إنّ آخر أعماله المِشْيَحِيّة، على الصليب، كان أن يكرّس أُمّه أُمّاً روحيّة لجميع البشر، ويُقيمنَا نحن في البنوّة المريميّة.
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 05:55 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024