07 - 08 - 2014, 02:09 PM | رقم المشاركة : ( 4871 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تتميم الخلاص بخوف و رعدة ان سير القديسين ليست مجرد تاريخ ولا مجرد وقائع واحداث، انها مشاعر ومشاعل... انها شركة اناس مع الروح القدس في كل مايحيط بهم ... انها عمل النعمة في قلوب استسلمت ارادتها لعمل النعمة .. في حياة القديسين نري المبادئ الروحية ممثلة عمليا . ونثق ان الفضائل ليست أمورا نظرية بل هي واقع ملموس . فنثق ونطمئن ان طريق الكمال ممكن التنفيذ .... من سيرة الأنبا باخوميوس : [لقد سئل القديس باخوميوس مرة: قل لنا منظرا من المناظر لنستفيد منها تخشعا وايقاظا؟ اجاب:إن من كان مثلي سقيما وخاطئا اثيما لن يعطي المناظر الروحية والاستعلانات الالهية ولا يتجاسر احد على طلب هذا من الله لئلا يكون مخالفا لارادته. ومن توقح وطلب ذلك فهو من الجهلاء. بل إن شئت ان ترى منظرا الهيا وتشاهد امرا بهيا يفيدك فأنا ادلك: وهو متى رأيت شخصا ورعا متضع القلب طاهرا فهذا اعظم من سائر المناظر لأنك تشاهد الله غير المنظور في هذا الانسان المنظور فعن أفضل من هذا المنظر لا تسأل ... ] وقد ظهر اتضاع الأنبا باخوميوس في تطبيقات عملية كان يحيا بها ويطالب أولاده الرهبان ان يسلكوا بها منها: 1- عدم اشتهاء صنع المعجزات : سمع جماعة من الرهبان الهراطقة بسيرة الأنبا باخوميوس فأرسلوا اليه بعضهم لابسين جلودا. الذين التقوا بأولاد باخوميوس وقالوا لهم ان كبيرنا مقدونيوس قد أرسلنا الى ابيكم قائلا: ان كنت رجل الله حقا وما سمعناه عنك صحيحا فتعال نعبر انا وانت النهر ماشيين بأرجلنا على سطح الماء فيعرف كل واحد عمليا من منا له دالة عند الله. فلما سمع الاخوة بذلك اخبروا أباهم بالقول. أما هو فقال لهم لماذا سمحتم لأنفسكم أن تسمعوا مثل هذا القول لأن مثل هذه الامور لا ترضي الله وهي لا تتناسب مع سيرتكم . سألوه : وهل يتجاسر هرطوقى بعيد عن الله ان يستدعيك لمثل هذا العمل؟! أجابهم : قد يمكن لهرطوقى أن يعبر النهر كعبوره على أرض يابسة، بمظافرة الشيطان له ، وبسماح من الله ... لذلك إمضوا وقولوا لهؤلاء المخدوعين: هكذا قال عبد الله باخوميوس ان حرصى واجتهادى لا أن أعبر على سطح ماء النهر ماشياً ، بل كيف يمكننى أن أفلت من حكم الله وقصاصه ... وبقوله هذا إقتنع الإخوة بعدم افتخارهم بأعمالهم وعدم اشتهائهم صنع المعجزات . إذ هى لاتشغل أذهان المؤمنين ، إنما ترتفع أنظارهم دوماً إلى تلك المعجزة الخالدة "ولكن يعطيكم السيد نفسه آية. ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل" (أش 14:7). وعندما طلب الناس من الرب معجزة رفع انظارهم إلى موته ودفنه وقيامته (مت 39:12،40) ... ففى هذا الفداء يكفى الحب الإلهى العجيب ... معجزة المعجزات الأبدية. من أجل هذا نحتاج كمؤمنين الى روح التميز غير طالبين معجزة أكثر من أن يكون لنا نصيب مع الرب فى الحياة الأبدية، لئلا تصير لنا شهوة صنع المعجزات فخاً يستخدمه الشيطان ويضللنا خلاله . 2- عدم تميز نفسه عن أولاده : لقد كان لباخوميوس مكانته فى قلوب أولاده الذين فى الاديرة الباخومية جميعها ، وهى حوالى عشرة أديرة ، وإذ كان يعمل بروح الرب كان خادماً للجميع لايميز نفسه عن أحد منهم بحجة انه الرئيس الأعلى للاديرة والمسئول عن تدبير جميعها وتنظيمها .. لكنه فى أبوة متضعة كان يخضع للكل، يود أن يخدم الجميع. فقد قيل عنه أنه مضى يوما لقضاء أمر ما، وكان على كل راهب أن يحمل بعض الخبز، فقال له شاب: حاشاك أن تحمل شيئاً يا أبانا هوذا قد حلمت كفافى وكفافك. أجابه الآب : لا يكن هذا. أن كان مكتوب عن الرب أنه يليق به أن يتشبه باخوته فى كل شىء. فأنا الحقير كيف أميز نفسى عن أخوتى ولا أحمل حملى مثلهم ؟! من أجل هذا كانت بعض الاديرة فى انحلال لأن صغارهم مستبعدون لكبارهم. وقد ظهر عدم ادانه القديس مقاريوس الكبير للآخرين من سيرته : [كان فى بعض القلالى أخ صدر منه امر شنيع ، وسمع به الاب المغبوط مقار المصرى ، ولم يرد أن يبكته ، فلما علم الأخوة بذلك لم يستطيعوا صبراً ، فمازالوا يراقبون الأخ إلى أن دخلت المرأة عنده ، فأوقفوا بعض الأخوة لمراقبته ، وجاءوا إلى القديس أبا مقار. فلما أعلموه قال : يا أخوة لا تصدقوا هذا الأمر ، وحاشا لأخينا المبارك من ذلك. فقالوا : يا أبانا ، إسمع وتعال لتبصر بعينيك حتى يمكنك أن تصدق كلامنا. فقام القديس وجاء معهم إلى قلاية ذلك الأخ كما لو كان قادماً ليسلم عليه وأمر الأخوة أن يبتعدوا عنه قليلاً . فما أن علم الأخ بقدوم الأب حتى تحير فى نفسه، وأخذته الرعدة وأخذ المرأة ووضعها تحت ماجور كبير عنده ، فلما دخل الأب جلس على الماجور، وأمر الإخوة بالدخول. فلما دخلوا وفتشوا القلاية لم يجدوا أحد ولم يمكنهم أن يوقفوا القديس من على الماجور، ثم تحدثوا مع الأخ وأمرهم بالإنصراف. فلما خرجوا أمسك القديس بيد الأخ وقال : يا أخى على نفسك أحكم قبل أن يحكموا عليك، لأن الحكم لله. ثم ودعه ومضى، وفيما هو خارج ، إذ بصوت أتاه قائلاً : طوباك يا مقار الروحانى، يا من تشبهت بخالقك تستر العيوب مثله. ثم أن الأخ رجع إلى نفسه وصار راهباً حكيماً مجاهداً وبطلاً شجاعاً]. [إعتادوا أن يقولوا عن أبا مقار الكبير أنه متشبهاً بإلهه لأنه كما أن الله يستر على العالم هكذا كان يفعل أبا مقار أيضاً ويستر على الأخطاء التى يراها، كأنه لم يرها. والتي سمعها كأنه لم يسمعها. ففى إحدى المرات أتت إمرأة إلى مقارة لتشفى من شيطان . ووصل أخ من دير كان فى مصر أيضاً. وخرج الشيخ بالليل ، فرأى الأخ يرتكب الخطية مع المرأة. ولكنه لم يوبخه وقال: إذا كان الله الذى خلقه يراه ويطيل أناته لأنه إن كان يشاء يفنيه لفعل ? فمن أكون أنا حتى أوبخه؟!]. [بينما كان الأب مقارة يمشى فى بعض الأوقات فى البرية أبصر شيطانين بشبه صبين ، وأحدهما يخطىء مع الآخر . وكتم الله أمرهما ، أنهما شيطانين، فلما شاهدهما رفع عينيه إلى السماء، وبدأ يدق على صدره ويبكى، ولم يبكتهما ولا قال لهما شيئاً بل كان يبكى ويقول: هوذا خالقهما يعاينهما ويرى أمرهما ظاهراً وباطناً. وحزن القديس من أجلهما بالأكثر فأتاه صوت من السماء قائلاً له: مغبوط أنت يامقارة لأنك صرت كإلهكً على الأرض، تشاهد خطايا الناس ولا تدينهم. وللوقت إنصرف ذلكما الشيطانان]. وفى زهد ابينا مقار الكبير فى المقتنيات الأرضية فى حرصه على خلاص نفسه الى النفس الأخير : [فى هذه الأيام ، حدث أن خرج من قلايته ، فرأى شخصاً يسرق حاجاته ويضعها على جمل ، فإقترب إليه متظاهراً أنه غريب وعاونه فى ترتيب الحاجات على الجمل. وبعد هذا ضرب السارق الجمل لينهض ويسير، فلم يقم الجمل، فدخل أبا مقار قلايته فوجد فيها مخلاة تركها السارق، فحملها للسارق قائلاً: يبدو أن الجمل يرفض القيام قبلما يأخذ المخلاة أيضاً. فوضع المخلاة على الجمل ونخسه فقام الجمل طاعة للقديس وسار الجمل خلف السارق مع القديس أنبا مقار الذى أخذ يناجى نفسه قائلاً: إننا دخلنا العالم بلا شىء ، وواضح أننا لن نأخذ منه شيئاً. الرب أعطى والرب أخذ. وما حدث فهذا مشيئته ومسرته، أشكر الله. وبعدما سار الجمل مدة من الزمن برك على الأرض ورفض القيام إطلاقاً ، إلا بعد ان حلوا الحِمْل وأنزلوه عن الجمل ، وعندئذ قام ومشى بسهولة . وهكذا إسترد القديس أمتعته ] ... و فى حرص القديس أبو مقار على خلاصه الى آخر لحظة : [وشهد أبونا القديس أنبا سرابيون أسقف نقيوس وببنودة رئيس تلاميذ أبينا أبا مقار قائلين: إنه فى ذلك الوقت الذى سلم فيه روحه وكنا مجتمعين عنده كان قوم من الشيوخ جلوساً . وأبصروا نفس القديس وقد خرجت من جسده وهي أكثر بهاء وضياء من الشمس أضعافاً ، وسلمت إلى يد الكاروب الذى نزل من السماء ومعه القوات السمائية التى لا يستطيع أحد أن يصف بهاءها . فلما نظرت الشياطين نفسه هكذا صاحوا قائلين : خلصت وإنفلت من أيدينا يامقارة. فأجابهم قائلاً : لا ، ما خلصت بعد. فلما وصل إلى الجو صاحت الشياطين : مضيت وخلصت يامقارة. فأجابهم : لا ، ما خلصت. فلما جعل رجله الواحدة داخل الباب صاحت بأصوات عالية: دخلت يامقارة. فأجابهم: لا ، ما دخلت بعد. فلما وصل وجعل رجليه الإثنتين داخلاً ، صاحوا قائلين وهم باكون : وصلت يا مقارة. فصاح بصوت عالٍ حتى أن السماء والأرض إرتعدتا من صوته وقال : قبلت نعمة ربنا يسوع المسيح وأنا شاكر إلهى الحقيقى الذي خلصني من أيديكم ومن فخاخكم التي لا عدد لها ، وأهلنى برحمته لنعمته السمائية بكثرة محبته للبشر. وحدث إن الكاروب حفظه وحجبه عنهم ، ودخل إلى المنازل المجيدة التي لربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي أحبه من كل قلبه . نسأل الله أن يكون لنا نحن أيضاً أن نستحق تلك المساكن التي إستحقها أبونا القديس أبا مقار بالنعمة والرأفة ومحبة البشر التي لربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الذى له المجد والسجود مع الآب والروح القدس الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين أمين ]. كلمة أخيرة: ليس الايمان هو مجرد اعتناق مجموعة من العقائد نتلوها فى قانون الايمان ... انما الايمان هو حياة نحياها أو هو عقيدة تقود الى حياة.. لانه ما فائدة الايمان بالأبدية والحياة بعد الموت ان لم تعد نفسك بها بالقوة وبالسهر الروحى الدائم ومحبة الله . ان هناك فرقاً كبيرا جداً بين الايمان النظرى الذى لا يخلص النفس والايمان العملى الذى ظهر ثماره فى حياة هؤلاء الآباء القديسين . فحياتهم ترتبط بنقاوة سيرتهم لانهم يشعرون دائماً ان الله أمامهم يرى ويسمع ويسجل كل ما يعملون . ان أبطال الايمان ليسوا هم فقط الذين دافعوا عن العقيدة وانما هم الذين عاشوا فى الايمان الحى المثمر العامل بالمحبة. لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد ، آمين. |
||||
07 - 08 - 2014, 02:11 PM | رقم المشاركة : ( 4872 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ماهي الخطيئة الأصلية بندكتس السادس عشر يقدم تفسيرًا وجوديًا بقلم روبير شعيب الفاتيكان، الأربعاء 3 ديسمبر 2008 (Zenit.org). فتحت نظريات التطور الداروينية أبواب السؤال حول أصل الجنس البشري، أهو أحادي أو تعددي، أي هل نحن نسل رجل وامرأة فريدين أو نسل تطور أجناس متعددة. وكان لا بد أن يؤثر هذا التفكير على طريقة فهم الخطيئة الأصلية. فإمكانية تعدد أصول الجنس البشري ترمي عرض الحائط بفكرة خطيئة أولى تنتقل مفاعليها المدمرة إلى نسل الوالدين الأولين. على ضوء إمكانية تعددية الأصل البشري (ونقول إمكانية لا يقين، لأن العديد من نظريات التطور الحديثة أقرب إلى التصريح بأن أصل الجنس البشري هو أحادي لا تعددي، وترجح أن هذا الأصل انطلق من إفريقيا) نرانا مضطرين إلى النضوج في فهم الخطيئة الأصلية والعدول عن الفكرة البدائية التي تفهم هذه الخطيئة كوباء أولي أٌصيب به آدم وحواء وانتقل إلينا كما تنقل خصائص الحمض النووي الأمراض الوراثية. ففهم الخطيئة الأصلية فقط كثمرة وراثية شبه بيولوجية يبعد عن المفهوم العميق لعقيدة الخطيئة الأصلية، وبناء على ذلك، يُفقد مسألة الفداء والفادي ركيزتها. في مقابلة الأربعاء العامة أمس، توقف البابا بندكتس السادس عشر بوضوحه المعتاد على هذه المسألة الهامة، والتي غالبًا ما تقض مضجع المؤمنين، وخصوصًا عندما تواجههم اعتراضات المشككين والمنتقدين، والتي غالبًا ما تكون صدى للشكوك التي يعيشها المؤمن في حميميته. وتساءل البابا، بعد أن أشار إلى أن محور الإيمان المسيحي ليس الخطيئة بل الفداء، ولا يكرس بولس بعضًا من الوقت للحديث عن الخطيئة إلا لإظهار عظمة الفداء. فالحديث عن الخطيئة ليس إلا مرحلة قصيرة جدًا تقود إلى هدف أسمى: إلى إعلان بشارة من أحبنا فافتدانا بدمه من عبودية ومنفى الخطيئة. هل هناك خطيئة أصلية أم لا؟ انطلق البابا في الإجابة عن هذا السؤال مقدمًا بعدين في عقيدة الخطيئة الأصلية. هناك بعد اختباري، أي واقع ملموس، يخبره الجميع. وهناك بعد سري، يرتبط بالركيزة الأنطولوجية لهذا الواقع، يمكننا أن نسميه أيضًا البعد الوجودي. البعد الملموس والاختباري هو أن هناك "تناقض في كياننا". وشرح الأب الأقدس أنه "من ناحية يعرف كل إنسان أنه يجب عليه أن يفعل الخير و في حميميته يريد أن يفعله. ولكن في الوقت عينه، يشعر أيضًا بزخم آخر ليفعل العكس، ليتبع سبيل الأنانية، العنف، ويقوم فقط بما يطيب له عارفًا بأنه يقوم بهذا الشكل بعكس الخير، ضد الله وضد القريب". ولقد تحدث القديس بولس بشكل بديع عن هذه الخبرة قائلاً: "الرغبة في الخير هي باستطاعتي، وأما فعله فلا. لأن الخير الذي أريده لا أفعله، والشر الذي لا أريده إياه أفعل". وهذا التناقض الداخلي في وجودنا ليس نظرية، بل هو خبرة يعيشها الأفراد والجماعات على حد سواء. فكل منا يخبر يوميًا انتشار هذه الإرادة الثانية، كفانا أن نفكر بالأخبار اليومية حول الظلم، والعنف والرياء، والخلاعة. في هذا الإطار ذكر البابا بما يسميه المفكر الفرنسي الكبير بليز باسكال "الطبيعة الثانية" والتي تطغى على طبيعتنا الأصلية الصالحة. هذه "الطبيعة الثانية" تبين الشر وكأنه أمر عادي بالنسبة للإنسان. وتابع بندكتس السادس عشر: "من هنا يأخذ التعبير المعتاد: هذا بشري معنى مزدوجًا. فيمكن لـ هذا بشري أن يعني: هذا الرجل صالح، ويتصرف كما يجب أن يتصرف الإنسان. ولكن هذا بشري يستطيع أن يعني الزيف: الشر عادية، إنه بشري. يبدو وكأن الشر قد صار طبيعة ثانية". هذا التناقض في كياننا البشري العميق يولد فينا صرخة إلى إمكانية فداء، "ويل لي من ينجيني من جسد الموت هذا". وإذا ما نظرنا إلى ظواهرية الوجود البشري، في القديم والآن لرأينا تجلي هذا التوق إلى الفداء في وعود السياسيين، والنظم التوتاليتارية والدينية. وقد قال البابا بهذا الصدد: "بالواقع، إن الشوق لتغيير العالم والوعد بخلق عالم عدالة وسلام وخير هو حاضر في كل مكان: في السياسة، على سبيل المثال، يتحدث الجميع عن ضرورة تغيير هذا العالم، وخلق عالم أكثر عدالة. وهذا تعبير عن التوق إلى التحرر من التناقض الذي نعيشه في أنفسنا". من هذا المنطلق، يمكننا أن نفهم ما يقوله المفكر باسكال عندما يصرح: "آدم هو سلفي، هو أبي، وهو أنا". فحالة الانقسام الوجودي بين التوق إلى الخير والميل إلى الشر هي خبرة مشتركة يعيشها كل إنسان؛ هي خبرة كل "أرضي" و "ترابي"، وهذا هو المعنى الأصلي لكلمة "ها آدم" العبرية. كيف يمكننا تفسير هذا الميل إلى الشر؟ ولكن السؤال الذي يطرح نفسه مباشرة: إذا كان الله صالحًا، كيف يمكن أن يوجد هذا التناقض في الإنسان؟ حاولت تيارات فكرية عديدة على مر العصور أن تجيب على هذه المسألة. واستعرض البابا أمس تيارين الازدواجي والأحادي. تقول النظرة الازدواجية بأن الكائن بحد ذاته هو متناقض، ويحمل في ذاته الخير والشر. في القديم كان هذا الرأي يعني أن هناك مبدآن أساسيان بشكل متساو: مبدأ الخير ومبدأ الشر. هذه الازدواجية هي أمر لا يمكن تجاوزه؛ فالمبدآن يقومان على المستوى عينه، وبالتالي سيكون هناك دومًا، منذ بدء الكيان، هذا التناقض. وبالتالي، تبعًا لهذا الرأي، التناقض الكامن في كياننا، ليس إلا انعكاسًا لتضارب المبدأين الإلهيين، إذا جاز التعبير. في المنظور التطوري الإلحادي، نجد النظرة عينها للعالم. حتى ولو أن النظرة إلى الكائن في هذا المفهوم هي أحدية (monism)، إلا أن هناك فكرة سائدة بأن الكائن منذ البدء يحمل في ذاته الشر والخير على حد سواء. الكائن بحد ذاته ليس جيدًا ببساطة، بل هو منفتح على الشر والخير. فالشر هو أصلي تمامًا كالخير. والتاريخ لا يُطوّر إلا النموذج الموجود مسبقًا في كل التطور السابق. أما الإيمان المسيحي بحسب ما لخص البابا فهو يؤكد واقع المنافسة بين الطبيعتين، واقع هذا الشر الذي تثقل طبيعته على كل الخليقة. ويقول أن الشر موجود ببساطة. "وكتفسير، خلافًا للازدواجية وللأحدية التي تطرقنا إليهما بإيجاز ووجدناهما كئيبتين، يقول الإيمان: هناك أسرار النور وسر الليل، ولكن هذا الأخير تغمره أسرار النور". وتابع الأب الأقدس: سر النور الأول هو التالي: يقول لنا الإيمان أن ليس هناك مبدآن، الخيّر والشرير، بل هناك مبدأ واحد، الإله الخالق، وهذا المبدأ هو صالح، وصالح فقط، دون أي ظل من الشر". وبالتالي فالكائن نفسه "ليس خليطًا من الخير والشر؛ الكيان بحد ذاته هو خير، وبالتالي فالوجود هو أمر حسن، إنه أمر حسن أن نعيش. وهذه هي بشرى الإيمان السارة؛ هناك منبع واحد وخير، وهو الخالق. وبالتالي فالعيش أمر حسن، وأن نكون رجالاً ونساءً هو أمر حسن، الحياة هي أمر حسن. ومن ثم يتبع سر الظلام، الليل". ولخص قائلاً: "لا يأتي الشر من منبع الخير بالذات، ليس واقعًا أصليًا. الشر يصدر عن حرية مخلوقة، عن حرية أسيء استعمالها". وفي هذه الحرية نجد إيضاحًا، لا تفسيرًا كاملاً للشر، لأن الشر ليس منطقيًا، بل الخير والله فقط هما منطقيان. فالخير هو خليقة اللوغوس (Logos ومن هنا logic و logical)، الأقنوم الثاني من الثالوث، أما الشر فهو ظل، نقصان في الخير، تشويه للخير. خلاصة القول: الخطيئة الأصلية ليست فقط خطيئة الأصل، بل هي خطيئة متأصلة في وجودنا الحر القادر على أن يقول لا للنور ونعم للظلمة. ولكن هذا الخيار هو باب الحرية للمحبة، لأنه لولا قدرة الحرية على الرفض، لما كان لها حرية حقة في القبول. وفخر القديسين هو هذا: رغم حريتهم أمام الحب سلبًا وإيجابًا، فهُم يستسلمون للحب بالكلية، ويضحون في المسيح ومثله نَعمًا كاملاً ونِعَمًا للبشرية |
||||
07 - 08 - 2014, 02:13 PM | رقم المشاركة : ( 4873 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سمات من أخلاق الله
الأخلاق موضوع إنساني. فقط نتكلّم على أخلاق الله من باب الاستعارة. والمقصود هو كيفية تعامل الله مع الناس. طالما هناك تعامل بين طرفَين فهناك أخلاق تحكم هذا التعامل. أولى سمات الله أنّه محبّ. كل شيء فيه محبّة. كل ما يصدر عنه فعل محبّة. لذلك ليست اللامبالاة من أخلاق الله ولا الأذيّة ولا الانتقام ولا الظلم. صحيح أنّه لا شيء يحدث لنا وللعالم من دون سماح الله، لأنّه الضابط الكل، ولكن ليس الله هو مَن يؤتينا الآلام والويلات. حتى حين يتكلّم العهد القديم على غضب الله أو على انتقامه فما ذلك إلاّ من قبيل التعبير البشري الفظّ عن ترك الله لنا وشأننا بعدما نكون قد أصررنا على اتّباع طرقنا من دونه. خطايانا، إذ ذاك، تنتقم منّا، وتأثيرها يكون كالغضب الساطع فينا لأنّ ما يزرعه الإنسان إيّاه يحصد. نسبة الرزايا إلى الله، إذاً، غير محقّة. نحن مَن يؤذي نفسه والآخَرين. مصيرنا في يدنا. نحن نقرِّره بإرادتنا. والله يحترم رغبتنا لأنّه خلقنا أحراراً لا في قفص. نفعل الشيء أو نفعل عكسه. هذا رهن بنا. ولكن بسبب طبيعة تركيب الناس، وتماسك الجنس البشري، قراراتنا لا تؤثّر فينا وحدنا بل في الآخَرين أيضاً. ليس أحد منا جزيرة. الخير ننفع به الآخَرين، عن وعي وعن غير وعي، وكذلك الشرّ، نؤذي به. في الدينونة العامة سيكتشف كل منّا أنّ هناك جمّاً من المساوئ تسبّبنا به ما كان ليخطر لنا ببال. إذاً، الله غير مسؤول عن الشرور التي اقترفها ويقترفها الناس. الإنسان خلقه الله للمحبّة، فإذا لم يُحبب فهذا منه لا من الله. وما يتأتّى عن ذلك منه لا من الله. ثمّ الله لا يفرض نفسه ولا أخلاقه على أحد. "مَن أراد أن يتبعني فليحمل صليبه كل يوم ويأتي ورائي". محبّة الله وأخلاق الله معروضة للناس، لخيار الناس، إذا رغبوا فيها. يقبلونها أو يرفضونها. طبعاً، أنا عارف أنّ الله قادر على كل شيء! فلعلّك تقول لي: "لماذا لا يتدخّل، إذاً، ليمنع الظلم ويضع حدّاً للحروب؟" الله يتدخّل، ويتدخّل في كل حين. "أبي، إلى الآن، يعمل وأنا أعمل". لكنّه لا يتدخّل بالطريقة التي نرغب نحن فيها. لله منطق غير منطقنا. "طرقي ليست طرقكم يقول الربّ". نحن محكومون بأنانياتنا الفرديّة والجماعيّة، فيما الله يتحرّك بقوّة المحبّة. المظلوم يريد الله أن ينصره على الظالم والفقير على الغني. يستعمل الظالمُ الله ليبرِّر ظلمه ويحاول الغني شراءه لحماية ثروته. كلٌّ يريد الله لنفسه على الآخَرين. الإله الذي يرغب فيه الناس، بعامة، أو نريده أن يكون إلهاً لنا، لا يتطابق والإله الحقيقي. الإله الذي يرغب فيه الناس، بعامة، هو إله على صورة أهوائهم وأخلاقهم. يرومون صنماً لا إلهاً. نحن نحبّ أقرباءنا، أو مَن نعتبرهم أقرباءنا، ونبغض أعداءنا. أما الله فأخلاقه تحدوه إلى محبّتنا وإلى محبّة أعدائنا سواء بسواء. يحبّ الظالم ويحبّ المظلوم. يحبّ الغنيّ ويحبّ الفقير. طبعاً هو لا يحبّ ظلم الظالم. لذلك يميِّز بين الإنسان وما يعمله. الظلم عنده مرض والظالم مريض. وهو لا يشاء موت الخاطئ إلى أن يرجع ويحيا. على هذا يتدخّل، بطرق هو يعرفها، ليصلح نفس الظالم والمظلوم معاً. المرض الذي يصيب الظالم هو قهر الناس لأنّه، في قرارة نفسه، يخشاهم. والمرض الذي يصيب المظلوم هو النقمة أو الخنوع لأنّه، في قرارة نفسه، حاقد على ظالمه. هو يصرخ العدالة لأنّه في موقع المظلوم، ولكن لو تسنّى له أن يتحرّر من نير الظلم عليه لاستبان، بيسر، مستعداً لأن يظلم سواه، إما انتقاماً، وإما لنفس الأسباب التي جعلت الظالم ظالماً. الواقع المأساة في معظم الحالات أنّ القلب ساقط لدى الظالم والمظلوم سواء بسواء. في قرارة نفسه، كلا الظالم والمظلوم ظالم. نيّته غير سليمة. قلبه غير محبّ. لذلك جواب الله على مآسي الإنسان غير جواب الإنسان على مآسي نفسه. مأساة إسرائيل، وهذه صورة عن الإنسان بعامة، لم تكن أنّها لم تُردْ إلهاً بل لأنّها أرادت إلهاً ينصرها على أعدائها. لذلك صلبت إسرائيلُ مسيحَها. الربّ الإله أراد أن ينصر إسرائيل ولكن لا على أعدائها بل على نفسها. عدو الإنسان، في الحقيقة، ليس الإنسان الآخَر. ليس أحدٌ صالحاً. عدوّ الإنسان نفسُه، أن موقفه من الإنسان الآخَر فاسد. لا تصطلح الدنيا إذا أزلت عدوّك لأنّك لست خيراً من عدوِّك. المسألة مسألة مواقع تلوِّن النفسيّات. في العمق، علّة هذا وذاك واحدة. تصطلح الدنيا متى أصلحت موقفك من عدوِّك. لذلك أعظم الوصيّة وأعظم الدواء للبشريّة هو هذا: "أحبّوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، صلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم". متى تنقّت أحشاؤك، بنعمة الله، تكون قد شُفيت من علّتك وكذا غريمك. هذا ما يشاؤه الربّ الإله لك ولغيرك علاجاً. ولا بشكل من الأشكال يقبل الأكثرون حلاًّ كهذا! لماذا؟ لأنّ خطيئتهم أعمتهم! والحقيقة أنّ تدخّل الله في حفظ العالم أمر يقيني وإلاّ ما كان ثبت العالم إلى الآن. الإنسان قادر أن يدمِّر الأرض بشروره لو تُرك وشأنه. لكن الله لا يسمح لشرور الإنسان أن تزيد عن حدّها. هذا يفعله الربّ الإله لا لأنّ الظالمين يصلّون إليه ولا لأنّ المظلومين يبكون لديه. لا هؤلاء، بعامة، دموعهم نقيّة ولا صلاة أولئك. الله يحفظ العالم استجابة لصلوات الذين يحبّونه ويتخلّقون بأخلاقه. إلى هؤلاء، إلى القدّيسين، في الحقيقة، يعود الفضل في استمرار الحياة على الأرض. هؤلاء يصلّون أبداً من أجل سلام كل العالم. وصلاتهم يسمعها الله ويستجيبها لأنّهم هم يسمعون كلام الله ويحفظونه. عمل القدّيسين، بالدرجة الأولى، هو حفظ العالم وهدايته. هم نور العالم. لذلك الوصيّة الأخيرة للتلاميذ كانت: "اذهبوا وتلمذوا كل الأمم وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس. وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به..." (متى 28). "مَن سمع منكم فقد سمع منّي ومَن رذلكم فقد رذلني" (لو 10: 16). "مَن آمن واعتمد خلص. ومَن لم يؤمن يُدَنْ" (مر 16: 16). في أول الخليقة أخذ الربّ الإله آدم ووضعه في جنّة عدن ليعملها ويحفظها (تك 2: 15). الذين يعملون الأرض ويحفظونها هم القدّيسون. هؤلاء يملكون الأرض لا بالعنف بل بالوداعة. لذا قالت التطويبة الثالثة: "طوبى للودعاء لأنّهم يرثون الأرض" (مت 5: 5). ليس هذا كلاماً عن الآتي بل عمّا هو حاصل هنا والآن. هؤلاء هم الذين يحكمون من لدن الله. غيرهم يهدّد العباد والأرض وهم يحفظونها. غيرهم يستعبد بالباطل وهم يحرِّرون بالحقّ. يفترون عليهم كأنّهم مُضِلّون وهم الصادقون. لا يقيم لهم الأقوياء في هذه الدنيا وزناً وهم، عند ربّهم، المعروفون. يُعامَلون كمجهولين، كمائتين وهم الأحياء الحقيقيّون. يَبدون، في الأرض، كأنّهم الحزانى وهم دائماً فرحون. كفقراء وهم يُغنون كثيرين. كأنّ لا شيء لهم وهم يملكون كلّ شيء (2 كو 6). هؤلاء هم ملح الأرض: المتخلِّقون، أبداً، بأخلاق ربّهم! القدّيسون! |
||||
07 - 08 - 2014, 02:15 PM | رقم المشاركة : ( 4874 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
من تعاليم مار أسحق السريانى الإيمان: بالحقيقة إن المعمودية والإيمان هما أساس كل خير، فيهما دُعيت ليسوع المسيح لأعمال صالحة. بالإيمان يدرك العقل الأسرار الخفية، كما يدرك البصر المحسوسات. التوبة: التوبة هي لباس الثياب الحسنة المضيئة. الرهبنة الحقيقية: طوبى للذين يحفظون ويعملون. لا تفتخر بالاسم بل اجتهد في الأعمال، لأن العمل (لا مجرد الاسم كراهب) هو الذي يبرر ولو كان بلا شكل أو اسم. الجهاد: لا تحب التهاون، لئلا تحزن نفسك في قيامة الصديقين. الموت والحياة: كن ميتًا بالحياة، لا حيًا بالموت التواضع: من وضع قلبه مات عن العالم، ومن مات عن العالم مات عن الآلام. من طلب الكرامة هربت منه، ومن هرب من الكرامة لحقت به وأمسكت. جالس المجذومين ولا تجالس المتعظمين. من يهرب من سبح العالم بمعرفة يكتنز في نفسه رجاء العالم العتيد? والذي يفر من نياح الدنيا يدرك بعقله السعادة الأبدية. الصلاة: ثمار الشجرة تكون فجة ومرّة، ولا تصلح للأكل حتى تقع فيها حلاوة من الشمس، كذلك أعمال التوبة الأولى فجة ومرة جدًا، ولا تفيد الراهب حتى تقع فيها حلاوة الثاؤريا (التأمل في الإلهيات بالصلاة)، فتنقل القلب من الأرضيات. حِبّْ الصلاة كل حين لكي يستنير قلبك بالله. الذي يتهاون بالصلاة ويظن أن هناك ثمة باب آخر للتوبة مخدوع من الشياطين. الذي يمزج قراءته بالتدابير (العملية) والصلاة يُعتق من الطياشة. الحياة الداخلية: اصطلح مع نفسك فتصطلح معك السماء والأرض. من يصالح نفسه أفضل ممن يصالح شعوبًا. الشكر: ليست خطية بلا غفران إلا التي بلا توبة، ولا عطية بلا زيادة إلا التي بلا شكر. فم يشكر دائمًا إنما يقبل البركة من الله، وقلب يلازم الحمد والشكر تحل فيه النعمة. الرحمة: كن مطرودًا لا طاردًا، وكن مظلومًا لا ظالمًا. الذي فرش مراحمه بلا تمييز على الصالحين والأشرار بالشفقة، فقد تشبه بالله. استر على الخاطئ من غير أن تنفر منه لكيما تحملك رحمة الله. الاتكال على البشر: الاتكال على البشر يمنع بالكلية الاتكال على الله، والعزاء الظاهر يمنع العزاء الخفي، وهكذا بقدر ما يكون الراهب منفردًا وفي وحشة تخدمه العناية الإلهية. العادات: رباطات النفس هي العادات التي يعتادها الإنسان، إن كانت بالجيد أو بالرديء. كل عادة إذ سُلمت لها باختيارك، تصبح لك في النهاية سيدًا، تسير خلفها مضطرًا بغير اختيارك. النهم: جالس الضباع ولا تجالس الشره الذي لا يشبع. من يشتهي الروحيات حتمًا يهمل الجسديات. من يكرم الجسد (بالنهم) يكرم معه الشياطين الذين خدعوه منذ القديم. محبة الاقتناء: التمس فهمًا لا ذهبًا، واقتن سلامًا لا مُلكًا. المرتبط بالمقتنيات والملذات هو عبد للأوجاع الذميمة |
||||
07 - 08 - 2014, 02:16 PM | رقم المشاركة : ( 4875 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بين شاول الفرّيسيّ وبولس المسيحيّ الخوري بولس الفغالي حين أعلن قداسة البابا بنديكتُس السادس عشر هذه السنة (2008-2009) سنة بولسيَّة، بيَّن الدور الكبير الذي لعبه ذاك الرسول في بناء الكنيسة الأولى. فهو الذي انطلق من أورشليم عبر أنطاكية وصولاً إلى أقاصي الأرض، إلى رومة قلب العالم الوثنيّ في ذلك الزمان. وهو من كتب لنا أوَّل نصٍّ نقرأه في العهد الجديد، عنيتُ بها الرسالة الأولى إلى تسالونيكي، بل هو قدَّم لنا مجمل رسائله قبل أن يصدر أوَّل إنجيل في الكنيسة، إنجيل مرقس. وهو أخرج الجماعة المسيحيَّة الأولى من قوقعتها وفتحها على العالم الوثنيّ فقال: لا يهوديّ ولا وثنيّ، لا عبد ولا حرّ، لا رجل ولا امرأة". إلى بولس الرسول نتعرَّف في ثلاثة خطوط: هو ابن طرسوس، هو ابن العالم اليهوديّ، هو رسول يسوع المسيح. 1- ابن طرسوس وُلد بولس في مدينة طرسوس، من أعمال كيليكية على ما قال هو عن نفسه أمام القائد الرومانيّ: أنا مواطن رومانيّ من طرسوس وهي مدينة معروفة جدًّا" (أع 21: 39). هي مدينة كبيرة تَعدُّ قرابة ربع مليون نسمة، وهذا رقم كبير في تلك الأيّام. ومدينة جامعيَّة تعلَّم فيها مَن سوف يصير رسول المسيح، الشعر اليونانيّ والفلسفة اليونانيَّة. وهكذا استطاع أن ينطلق إلى العالم الذي لا يعرف اللغة الآراميَّة الخاصَّة بفلسطين والتي تكلَّم بها يسوع فقال مثلاً لابنة يائيرُس: "طليتا قومي" أي: يا صبيَّة قومي. ما اكتفى بولس بهذه اللغة التي عرفها بطرس ويوحنّا ويعقوب وأندراوس. واحتاج بولس إلى الحضارة اليونانيَّة لكي يناقش فلاسفة أثينة الذين اعتبروا أنَّ معرفة الفلسفة تكفي: "اعرَف نفسك". هذا شيء هامّ جدًّا. ولكن هل تستطيع أن تعرف نفسك وحدك؟ من هنا يقول القدِّيس أوغسطين مصلِّيًا: "أعطني أن أعرفك يا ربّ، وأن أعرف نفسي". فالربُّ فيَّ وهو يعلِّمني. لا، الفلسفة وحدها لا تكفي، ولا كلُّ علوم الكون. فما هو من هذا العالم يبقى في هذا العالم. أمّا المؤمن العائش في هذا العالم فهو يحيا منذ الآن في الأبديَّة مع الربّ. تعمَّد فنال حياة ثانية. تناول القربان المقدَّس فاتَّحد بالربِّ المسيح الذي هو إله وإنسان. أخذ بشريَّتنا وأعطانا لاهوته. أخذ موتنا وأعطانا القيامة. لهذا سوف يقول بولس بعد اهتدائه إلى المسيح: كلُّ هذا حسبته خسرانًا من أجل المسيح. هو مثل الزبل، مثل النفاية. أنت متعلِّم! أنت غنيّ، أنت ابن عائلة كبيرة؟ كلُّ هذا حسبه بولس نفاية لكي يربح المسيح ويُوجَد فيه. ولكن هذا يستعيد قيمته شرط أن نكون للمسيح. قال الرسول: "كلُّ شيء لكم وأنتم للمسيح والمسيح لله". عندئذٍ نعرف أنَّ كلَّ شيء لنا، حيث الدنيويّ يكون في مكانه والروحيّ في مكانه. ما هو لقيصر يكون لقيصر، وما هو للمسيح يكون للمسيح. ربُّنا لا يمكن أن يكون المال، لأنَّنا سوف نصبح عبيدًا له. لا ربٌّ لنا سوى يسوع المسيح. بولس هو ذلك المتعلِّم، فجعل كلَّ علمه في خدمة البشارة. بولس هو ذلك المواطن الرومانيّ، استفاد من هذه المواطنيَّة لكي يمضي إلى رومة ويشهد ليسوع المسيح. حين كان في أثينة، عاصمة الفلسفة، استطاع أن يكلِّم أهلها على الساحة العامَّة التي لا يحقُّ لكلِّ إنسان أن يتكلَّم فيها. كلُّ هذه الوزنات التي منحه الربُّ سوف تنمو وتنمو فتجعل من هذا الذي جاء الأخير إلى الرسالة، وبعد الاثني عشر بكثير، رسول الأمم. ولد بولس حوالي السنة 6-8 بعد المسيح. هذا يعني أنَّنا نعيِّد له ألفي سنة على ولادته. وتوفّي على ما يبدو سنة 67م شهيدًا عند طريق أوستيا القريبة من رومة. ولكنَّه ما زال حيًّا بسيرته التي دوَّنها لوقا في سفر الأعمال، وبكتاباته التي هي رسائل توجَّهت إلى كنائس زارها أو عرف بها، وهي تتوجَّه اليوم إلينا وتدعونا إلى القراءة والتأمُّل: "أشكر إلهي لأجلكم دومًا على النعمة التي وهبها لكم في المسيح يسوع" (1 كو 1: 4). هكذا كلَّم مثلاً أهل كورنتوس، تلك المدينة اليونانيَّة التي ما زالت موجودة إلى اليوم. 2- ابن العالم اليهوديّ اسمه شاول على اسم أوَّل ملك على القبائل العبرانيَّة، وقبل الملك داود. معنى اسمه: سألت أمُّه الربّ، طلبت فأعطيت ولدًا هو ابن سؤالها، ابن طلبها: شاول. قال في الرسالة إلى فيلبّي: "أنا مختون في اليوم الثامن لمولدي، وأنا من بني إسرائيل، من عشيرة بنيامين، عبرانيّ ابن عبرانيّ، أمّا في الشريعة فأنا فرّيسيّ، وفي الغيرة فأنا مضطهد الكنيسة، وفي التقوى حسب الشريعة بلا لوم" (فل 3: 5-6). هو من بني إسرائيل الذين ارتبطوا بالآباء إبراهيم وإسحق ويعقوب. لا إسرائيل الجسد، بل إسرائيل الروح. لا الذي يرتبط به الإنسان برباط خارجيّ، بالختانة التي هي جرح في الجسد، بل الذي هو مختون في قلبه وأذنيه. أذناه مفتوحتان لسماع الكلمة، وقلبه مفتوح ليفهم ويعمل. وحدَّد أيضًا هويَّته: من عشيرة بنيامين. هذا كان الأصغر بين أولاد يعقوب. وفي أرضه بُنيَ الهيكل. أمّا عشيرة بنيامين فمنها خرج أوَّل ملك على القبائل، شاول. وأخيرًا هو عبرانيّ ابن عبرانيّ. أي لست دخيلاً، بل أنا يهوديّ أبًا عن جدّ. ولماذا قال بولس هذه الأقوال؟ لأنَّ البعض افتخروا أنَّهم يهود، من نسل المسيح الجسديّ، فقال لهم: وأنا أيضًا أستطيع أن أفتخر هذا الافتخار. ولكنَّ هذا لا ينفع من أجل الرسالة: "ما كان لي ربح (يومَ كنتُ يهوديًّا) حسبتُه خسارة من أجل المسيح، بل أحسبُ كلَّ شيء خسارة من أجل الربح الأعظم، وهو معرفة المسيح يسوع ربّي" (آ7-8). وهكذا عاش بولس الإنجيل حيث يطلب المسيح منّا أن نترك كلَّ شيء ونتبعه "من أحبَّ أبًا أو أمًّا أكثر منّي فلا يستحقُّني، ومن لا يحمل صليبه ويتبعني لا يستحقُّني". كم مرَّة نؤخذ بالعاطفة البنويَّة فنضيِّع رسالتنا؟ وكم مرَّة الوالدون يمنعون أولادهم من الانطلاق في الحياة. بل أقارب يسوع حسبوه أضاع رشده فأرادوا أن يعودوا به إلى البيت. شابه بولس ذاك الغنيّ الذي جاء إلى يسوع يسأله: "ماذا أعمل لكي أرث الحياة الأبديَّة؟". قال له يسوع: "احفظ الوصايا". فأجاب: "حفظتها منذ صغري". هكذا كان بولس الذي كان اسمه في العالم اليهوديّ شاول. فقال عن نفسه: "وفي التقوى حسب الشريعة فأنا بلا لوم". أما هكذا أجاب الشابُّ الغنيّ فنظر إليه يسوع وأحبَّه؟ ويسوع أحبَّ بولس أيضًا واختاره فلبّى بولس الاختيار. أمّا ذاك الشابُّ فلمّا قال له يسوع: "اتبعني، مضى حزينًا لأنَّه كان ذا مال كثير". يا للخسارة! خسر يسوع المسيح. فيا ليته خسر أمواله كلَّها من أجل المسيح، لكان له كنز لا يفنى حيث لا يأتي السوس ولا يسلب السارقون. وبولس هو فرّيسيّ من الفرّيسيّين. هم جماعة انفصلوا عن الشعب وأرادوا أن يمارسوا الشريعة ممارسة دقيقة، مثلاً، على مستوى الطهارة، لا يجلسون إلى المائدة إلاّ ويغسلون أيديهم، لا طلبًا للنظافة فقط، بل تخلُّصًا من النجاسة. لهذا هاجموا التلاميذ الذين "يتناولون الطعام بأيدٍ نجسة، أي غير مغسولة" (مر 7: 2). بل لاموا يسوع لأنَّه لا يفهم التلاميذ "واجباتهم" وأي واجبات: هي تقاليد القدماء، لا شريعة الوصايا التي أعطيَتْ على جبل سيناء. ولا يعملون عملاً يوم السبت، حتّى قطْف سنبلة بين الزروع. فقالوا ليسوع: "أنظر! لماذا يعمل تلاميذك ما لا يحلُّ في السبت؟" (مر 2: 24). من هذه الفئة كان شاول (بولس). فما اكتفى بأن يتعلَّم مبادئ الديانة في المجمع اليهوديّ، في ما يُسمّى بيت الدراسة، ويأخذ شهادة وهو ابن اثني عشر عامًا. بل هو مضى إلى أورشليم، بعد أن صار "ابن الوصيَّة" أو ذاك الذي يحفظ الوصايا ويعمل بها وأوَّلها الحجُّ إلى أورشليم كما عمل يسوع وهو ابن اثنتي عشرة سنة (لو 2: 42). وفي أورشليم درس مع معلِّم كبير اسمه غملائيل. هذا قال في المجمع عن الرسل: "إن كان هذا العمل من الناس فهو يزول. أمّا إذا كان من عند الله فلا يمكنكم أن تزيلوه لئلاّ تصيروا أعداء الله" (أع 5: 38-39). تعلَّم بولس اللغة العبريَّة التي فيها كُتبت الأسفار المقدَّسة، لأنَّ بطرس ويوحنّا اللذين ما كانا يعرفانها، حُسبا أمِّيَّين، لا يعرفان القراءة والكتابة (أع 4: 13). بل تساءل اليهود عن يسوع: كيف يعرف الكتب؟ هم أخطأوا في شأنه أكثر من مرَّة، وأرادوا أن يشرح الكتب كما يشرحها الكتبة والفرّيسيّون. فلو فعل لكان تعليمه مثل تعليمهم، ولما تعجَّب الناس: "هو تعليم جديد يُلقى بسلطان" (مر 1: 27). من تلك الفئة كان بولس، ولكنَّه انتقل. وكما ترك اسم شاول في أوَّل رحلة رسوليَّة، وكان في قبرص (أع 13: 9)، هكذا ترك التيّار الفرّيسيّ والاهتمام بالشريعة اهتمامًا حرفيًّا، وتعلَّق بيسوع المسيح. كانت حياته الشريعة، فصارت حياته المسيح: هو يتنفَّس المسيح، يفكِّر المسيح، يتكلَّم المسيح، بحيث حُسب مجنون يسوع المسيح. ما أسعده! 3- رسول يسوع المسيح اعترف بولس أنَّه اضطهد كنيسة المسيح، واضطهدها بقساوة. وتساءل: كيف قبل به المسيح رسولاً بين رسله؟ والجواب: نعمته عملت فيَّ. حوَّلتني من محارب ليسوع إلى منادٍ بأنَّ يسوع هو المسيح، ومن مضطهد للكنيسة إلى أكبر رسول في الكنيسة. عملَتْ فيَّ نعمته، وما كانت باطلة. وقال مفتخرًا بضعفه وما عمل المسيح فيه: "عملتُ أكثر منهم جميعًا." متى كان هذا الانقلاب في حياة بولس؟ على طريق دمشق. كان صراع بينه وبين يسوع. هو لا يريد أن يسمع أحدًا يتلفَّظ بهذا الاسم، على ما طلب المجلس اليهوديّ من الرسل: "أمرناكم بشدَّة أن لا تعلِّموا بهذا الاسم" (أع 5: 28)، اسم يسوع المسيح. كان جواب بطرس: نحن نطيع الله لا الناس. وبما أنَّ المؤمن يرفض ينال الاضطهاد. أو هو يمتنع عن ذكر اسم يسوع وعن وضع أيِّ إشارة تدلُّ على انتمائه، بحيث يبدو أنَّه ينكر ربَّه قدّام الناس. ذاك كان بولس. قال عنه سفر الأعمال: "أمّا شاول، فكان ينفث صدره تهديدًا وتقتيلاً لتلاميذ الربّ" (أع 9: 1). وبعد أن لاحقهم في أورشليم، طلب أن يلاحقهم في دمشق، لهذا طلب الرسائل "ليعتقل الرجال والنساء الذين يجدهم هناك" (آ2). ما هذا الحقد؟ ما هذا الاندفاع نحو الشرِّ والموت؟ لأنَّه يقاتل يسوع باسم الشريعة. حكم اليهود على يسوع باسم الشريعة، فمات يسوع. فيجب أن يبقى ميتًا وإلاّ كانت الشريعة مهدَّدة. وكيف يكون عكس ذلك؟ حين يقول الرسل: إنَّه حيّ، إنَّه قام من بين الأموات ونحن شهود على ذلك. لهذا يجب أن يُقفَل كلُّ فم يذكر اسم الربِّ يسوع. نحو هذا الهدف سار شاول، ووجهته دمشق. مضى في "فرقة" تشبه تلك التي أتت لتقبض على يسوع في بستان الزيتون. في بستان الزيتون بدا يسوع ضعيفًا. رفض العنف. رفض الاستعانة بالملائكة (مت 26: 53) وقال: "من يأخذ بالسيف، بالسيف يهلك". أمّا على طريق دمشق فهو الأقوى. وقف في طريق بولس ومنعه من متابعة "الاجتياح". أشرق عليه "شمسًا" أين منها كلُّ الشموس! "سطع حوله بغتة نور من السماء" (أع 9: 3). ونتخيَّل "مبارزة" بين شخصين. غُلب شاول "فوقع على الأرض" (آ4). وكان السؤال: "شاول، شاول، لماذا تضطهدني؟" هذا الذي مضى يحاربه، يعرف اسمه، ويناديه مرَّتين، لا مرَّة واحدة، وكأنَّه يحذِّره. فهذه المعركة لن تكون رابحة. قتل إسطفانس وهذا يكفي. لاحق المؤمنين في أورشليم وفي اليهوديَّة، وهو الآن يلاحقهم في دمشق. كلاّ. حسبتَ نفسك، يا شاول، تضطهد الناس، فإذا أنت تضطهد الله. تقاوم الله. فإلى أيِّ حدٍّ يصل بك تمرُّدك؟ "صعب عليك أن تقاومني" (آ5). وفي لغة الفارس وخيله: "صعب عليك أن ترفس المناخس". فالمنخس يكون في حذاء الفارس الذي ينخس الفرس لكي تسرع. فماذا يقدر الجواد أن يفعل؟ لا شيء. وهكذا شاول. ما عاد يقدر على شيء. سقط أرضًا. أضاع عينيه فاحتاج إلى من يقوده بعد أن كان قائد "فرقة" ماضية إلى دمشق. قال الرسول: "حاولت أن أدرك المسيح فأدركني. حاولت أن أتغلَّب على يسوع فتغلَّب عليّ. ذاك ما حصل مثلاً مع القدّيس أوغسطين وفرنسيس الأسّيزيّ وعدد كبير من الذين سقطوا في "الصراع" مع يسوع. ولكنَّهم ربحوا الربح الأعظم. أرادوا أن يُحيوا نفوسهم فأهلكوها. وقال يسوع: "من أراد أن يخلِّص نفسه يهلكها، ومن يهلك نفسه من أجلي فهذا يخلِّصها" (لو 9: 24). وهذا ما قبله بولس الرسول. قبل أن يخسر كلَّ شيء حتّى نفسه، فربح كلَّ شيء، وصار رسول يسوع المسيح. الخاتمة لو رفض شاول أن يتجاوب مع الربّ، لو أنَّه ما قال له: "ماذا تريد أن أفعل؟" (أع 9: 6). لو أنَّه مضى حزينًا مثل ذاك الشابِّ الغنيّ (مر 10: 22). لو أنَّه فعل مثل نيقوديمس الذي أتى ليلاً ومضى ليلاً، لأنَّه اعتبر أنَّه يعرف (يو 3: 2). لو فعل شاول كذلك، لبقي شاول. ذاك الفرّيسيّ المحافظ على الشريعة. العامل في حياكة القماش، الذاهب من وقت إلى وقت إلى ساحة المدينة ليسمع الخطباء والشعراء. وهكذا تكون حياته تافهة وذكره ضائعًا. آلاف الفرّيسيّين ومنهم شاول! ألاف الحائكين ومنهم شاول! لا. فشاول هو غير هذه البطانة. كان جاهلاً حين اضطهد المسيح، أمّا الآن وقد عرف المسيح، فهو يترك ما وراءه وينبطح إلى أمامه لكي يتجاوب مع الدعوة التي دُعيَ إليها. هكذا يكون الرسول |
||||
07 - 08 - 2014, 02:18 PM | رقم المشاركة : ( 4876 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بين الثّبات والمرونة الأب نقولا مالك إذا كنتَ ثابتًا في مواقفِكَ، قد يُعَيِّرُكَ النّاسُ قائلِين: "مُتَحَجِّرٌ، مُتَشَدِّدٌ، لا يَأخُذُ وَلا يُعطي، لا يَتَطَوَّر...". وَإذا كنتَ تُدِيرُ أُذنًا لآراءِ الآخَرين، وَتُطاوِعُهُم، وَتحترمُ آراءَهُم، قد تَسمعُ تعييرًا من بعضهم: "كلّ يوم برأي، لا يَثبت على موقف، كلمي بتاخدو وكلمي بتجيبو...". فيَرِدُ في ذهنِكَ السّؤالُ التّالي: هَلِ الثَّباتُ نقيصةٌ يُعَيَّرُ المَرءُ عليها؟ أَم هَلِ اللّطفُ والمُرُونَةُ عارٌ وضعفُ شخصيّة؟ وإذا أَنعَمتَ النَّظَرَ في هذه المسألة، لَم تَجِدْ تُناقُضًا بَينَ الأمرَين: فالثَّباتُ فضيلةٌ وليسَ رذيلةً، ولكنْ في مجالِه؛ وكذلكَ المُرُونَةُ فضيلةٌ وليست نقيصةً إذا عَرَفَ المَرءُ كيفَ يُوَظِّفُها. إذا أتاكَ الحَقُّ، على أَلْسِنَةَِ مَلائكةٍ، وَأُسْلِمَ إِلَيكَ بتقليدٍ لا رَيبَ فيه وَشهاداتٍ حَيَّةٍ لا تُحصى، وَثَبَتَّ علَيهِ ثَباتًا كَلَّفَكَ التَّضحيةَ بِمالٍ أو جاهٍ أو صَداقاتٍ أو حتّى بِالحياةِ نفسِها، فهذا موقفٌ بُطُولِيٌّ، ليسَ فيه مِنَ العَيبِ شيءٌ. بَل عكسُهُ هُوَ النَّقيصةُ والعار. فَكَما أنَّهُ لا يَصُحُّ أن تُجارِيَ صدِيقَكَ في زَعمِهِ أَنَّ الشَّمسَ لا تُشرِقُ كُلَّ يَوم وأنَّ الثَّلجَ رَمادِيُّ اللَّون، فكذلكَ لا يَصُحُّ أن تُجارِيَ فَلاسِفَةَ هذا الدَّهرِ في زَعمِهِم أن التّواضُعَ ضعفٌ وانكسارٌ وأنَّ المحبَّةَ جَهلٌ وأنَّ العطاءَ غَباءٌ وأنَّ الصَّومَ تَخَلُّفٌ وأنَّ التَّرَهُّبَ هُرُوبٌ وأنَّ العِفَّةَ حَماقَة. لاحِظْ، إذًا، أَنَّ ثَباتَكَ في الحَقِّ، آراءً وَمَواقِفَ وَسُلُوكًا، هُوَ علامةٌ مِن علاماتِ مسيحيَّتِكَ الصَّحيحة. أمّا إذا كانَ ثَباتُكَ تَمَسُّكًا بِخَطَأ، فعند ذلك يَكونُ عيبًا. وفي هذه الحال، علَيكَ بِالمُرُونَة، إذ ها هُنا مَجالُها. مَن قالَ إنَّ علَيكَ أن تكونَ لطيفًا مَعَ الشَّيطان؟! مَن قالَ إنَّ علَيكَ أن تتواضَعَ أَمامَ هُرطُوقِيّ؟! مَن قالَ إنَّهُ مِن المُفِيدِ التَّسامُحُ وَالتَّساهُلُ مَعَ مُخَرِّبِي الكنيسة؟! ولكن.. عليكَ بالمُرُونَةِ مَعَ مُؤَدِّبِكَ الّذي يَرْصُدُ مَواطِنَ الضّعفِ في نفسِكَ، وَيُرشِدُكَ إلى السُّلُوكِ في الحياةِ الرُّوحِيَّةِ السَّليمة. عليكَ بِاللُّطفِ إزاءَ صديقٍ يُواجِهُكَ بِخَطَأٍ ارتَكَبْتَهُ، فتعتذرَ عَمّا بَدَرَ مِنكَ، وَتُصلِحَ ما أَمْكَنَكَ إصلاحُهُ مِن نتائجَ سلبيَّةٍ تَرَتَّبَتْ على ذلك. كُنْ مُتَواضِعًا مَعَ جَميعِ النّاس، غَيرَ مُتَعالٍ وَلا مُتَكَبِّر، لأنَّ هذه سِمَةُ المسيحِ الّذي خُتِمْتَ بِخَتْمِه، وَدُعِيتَ إلى الحَياةِ مَعَه. نَعم، أنتَ مَدْعُوٌّ إلى الثَّباتِ في الإيمانِ، وَعدَمِ التَّزَعزُعِ أمامَ عَواصِفِ الأفكارِ الغريبة، ولكنَّكَ مدْعُوٌّ، وَبِالقُوَّةِ نفسِها، إلى المُرُونَةِ والتَّراجُعِ عَن آراء خاطئة ومواقف ذميمة. فَفي الحالةِ الأُولى، يكونُ التَّراجُعُ دَناءةً، وفي الحالةِ الثّانيةِ يكونُ الثَّباتُ عنادًا، وهما صِفتانِ للشَّيطان. وأمّا الثَّباتُ في الحقِّ، والاستعدادُ للتَّوبةِ فَهُما صِفَتانِ لأبناءِ المسيحِ الأبرار. وَأَجمَلُ صِفَةٍ يَرتَدِيها تابِعُ المسيحِ أن يَكُونَ ثابِتًا في طريقِ التَّوبة، أي ثابِتًا في مسيرةِ التَّغَيُّرِ الدّائمِ نحوَ الأفضل |
||||
07 - 08 - 2014, 02:22 PM | رقم المشاركة : ( 4877 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
من يمسكم يمس حدقة عيني وإن نسيت الأم رضيعها فأنا لا أنساكم " الرب يسوع " بطرس والثقة في الذات "فأجاب بطرس وقال له وإن شك فيك الجميع فأنا لا أشك أبداً" (مت 26: 33 ) كان بطرس يحب المسيح حباً حقيقياً ولكنه خشي أن يجاهر بمعرفة المسيح أمام صفوف الأعداء، وقد أظهر الثقة الذاتية بينما كان يجب عليه أن يخفى ذاته، واستغرق في النوم حين كان يجب أن يكون جاثياً على ركبتيه، ولذلك قد استل سيفه حين كان يجب أن يكون في حالة الهدوء والسكون، ثم أنه تتبع المسيح من بعيد، وبعد ذلك جلس يصطلي في دار رئيس الكهنة، وأخيراً ابتدأ يلعن ويحلف أنه لا يعرف سيده المحبوب، كل هذه الحوادث مؤلمة ومُخيفة. ومَنْ كان يظن أن بطرس المذكور في متى16: 16يصبح بطرس المذكور في متى26. ولكن هذا ما حدث، حتى يتبين لنا أن الإنسان لا يبقى على حالة واحدة، وليس هو في أحسن حالاته إلا ورقة خريفية ذابلة، واعترافاته الرنانة تنتهي عند اتباعه المسيح من بعيد وعند إنكاره اسمه المبارك. أيها المسيحي اذكر سقوط بطرس واحذر من الثقة الذاتية، وربِّ في نفسك روح الصلاة، واحترس من الكسل والنوم الروحي. كُن صاحياً ساهراً مشغولاً بالمسيح، إن هذا هو مركز الأمان الوحيد، ولا تكتف بمجرد الامتناع عن الخطايا الظاهرة، ولا بنقاوة السيرة الخارجية فقط بل لتكن غيرتك متقدة وعواطفك مضطرمة نحو المسيح، لأن مَنْ يتبع المسيح من بعيد قد ينكره بعد قليل. لنتأمل في ذلك ولننتفع من حادثة بطرس الذي فيما بعد قدم لنا هذه النصيحة "اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً مَنْ يبتلعه هو. فقاوموه راسخين في الإيمان" (1بط 5: 8 ، 9) هذه الكلمات ثمينة جداً لأن الروح القدس يستخدم في كتابتها شخصاً قد عانى آلاماً كثيرة بسبب عدم السهر. ويا لها من نعمة غنية قد استطاعت أن تقول لبطرس قبل سقوطه أنا قد "طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك" ( لو 22: 32 ) ولنلاحظ أنه لا يقول "طلبت من أجلك لكي لا تسقط" ولكن "لكي لا يفنى إيمانك" متى سقطت. ما أثمن وأعظم تلك النعمة التي كانت السند الوحيد لبطرس، بل التي أصبح بطرس مديناً لها من البداية إلى النهاية. فكخاطئ ضال كان بطرس مديناً "لدم المسيح الثمين" وكقديس ساقط كان مديناً "لشفاعة المسيح العظيمة" التي كانت أساساً لرَّد نفسه، وبطرس بعد ذلك استخدمه الرب لكي يثبّت أخوته". |
||||
07 - 08 - 2014, 02:41 PM | رقم المشاركة : ( 4878 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حمل الصّليب للأب ريتشارد ديمتريوس أندروز ثلاثةُ أتقِياءَ كانوا يتحادثُونَ حولَ الصّلاةِ بشكلٍ عامّ، والوضعيّاتِ الفُضلى والأكثر فعاليّةً الّتي يجبُ اتّخاذُها في الصّلاة. نقلها إلى العربية بتصرّف الأب نقولا مالك وفيما هم يتحادثون، كان في الجانب الآخَرِ من الغرفةِ رجلٌ يَعملُ على إصلاحِ خطّ الهاتف. قالَ واحدٌ منهم إنّ الطريقةَ الفُضلى هي في ضَمِّ الكَفِّينِ وَهُما تُشِيرانِ إلى الأعلى؛ واقترحَ آخَرُ أنَّ الصّلاةَ الحقيقيّةَ تكونُ بِحَنْيِ الرُّكبتَين؛ أمّا الثّالثُ فخالَفَ صَدِيقَيهِ الرَّأيَ، قائلاً إنَّ الوَضْعِيَّةَ الوحيدةَ هيَ في تمديدِ الجسمِ انبِطاحًا وَالوَجهُ إلى الأرض. عندما وَصَلَ الحديث إلى هذا الحدّ، لم يَعُدْ عاملُ الهاتفِ يُطِيقُ صَمْتًا، فاقتحمَ الحوارَ قائلاً: أ فضلُ طريقةٍ للصّلاةِ اختبَرتُها على الإطلاق هي عندما أكونُ مُعَلَّقًا مِن قَدَمَيَّ في ذُروَةِ عَمُودٍ، مُتَدَلِّيًا رَأسًا على عَقِبٍ على مسافةِ بضعةِ أمتارٍ من الأرض. نَستَشِفُّ مِن هذه القصَّةِ الطّريفةِ حقيقةً تُقال، أَلا وَهيَ أنّ قُوَّةَ صَلاتِنا لا تعتمدُ على وَضْعِيَّةِ جَسَدِنا، بَل تعتمدُ بالأحرى على استِعدادِنا النّفسيّ وَما يَنتُجُ عنهُ من رَغبةٍ قَلبِيَّةٍ حارّة. وغالبًا ما تكونُ وَضْعِيَّةُ جَسَدِنا نتيجةً لاستعدادِنا النّفسيّ. إِذا رَغِبْنا في لَفْتِ انتِباهِ أَحَدِهِم، لا نُتَمتِمُ بَل نَرْفَعُ صَوتَنا؛ وَلا نَستَلقي بل نجلسُ متأهِّبِينَ رافِعِينَ يدَنا، أو واقفِين. إذا كُنّا نَلتمسُ مِن الآخرِ رحمةً أو مساعدةً ما، علينا الانحناء أو الرّكوع استعطافًا. كلُّ ذلك لِجَذبِ انتباهِه، لكي نَبدأَ بعدَها بإبلاغِه الأمرَ الهامّ الّذي جئنا نطلبُه منه، وفي صوتِنا نَبرةُ الاضطِرار. الأمرُ نفسُه يَنطَبِقُ على صلاتِنا للّه. إذا كُنّا في وَضْعٍ حَرِجٍ، في مَرَضٍ جِدِّيٍّ، في خَطَرِ مَوت، أو إذا خَسِرنا وَظيفَتَنا، إو أذا ارتكَبْنا خطأً فادِحًا، إو إذا كانَ زَواجُنا يَنهار، أو إذا خَسِرْنا أحدَ أعزّائِنا بالموت، أو أَيّ شيء مِن هذا القَبيل، فعَلَينا أن نَطْرَحَ هَمَّنا أمامَ الرَّبِّ بِنَبْرَةِ مَن هُوَ واقعٌ في مشكلة، باستِعطافٍ مِن نوع: "أنا أُعاني مِن مُشكلة.. أنا ضعيف.. أنا أحتاجُ إلى مَعُونَتِك، والآن". قَبْلَ أَلفَي سنةٍ مِنَ الآن، عُلِّقَ رَبُّنا يسوعُ المسيحُ على خشبة، بعدَ أنِ اتُّهِمَ ظُلْمًا، وَقُبِضَ عليه وَحُوكِمَ بِناءً على شهاداتِ زُور، وَحُكِمَ عليهِ مِن مُنطَلَقِ الحَسَدِ والكراهية. تَمَدَّدَ على الصّليبِ وصارَ مَشهَدًا يَراهُ الجميع. حتّى إنَّ البعضَ سَخِرَ منه، والبعض بَصَقَ عليه. ما كانت ردَّةُ فِعلِ يسوعَ على كُلِّ تلكَ الإهانات؟ لقد صلّى إلى الآبِ السماوِيّ قائلاً: "إغفِرْ لَهُم لأنَّهم لا يعلَمُونَ ماذا يفعلون" (لو 42:23). لم يُدافِعْ عن نفسِه مُستعينًا بأجواقِ الملائكة، ولا تَرَكَ بطرسَ يُدافِعُ عنه بالسَّيف. لِمَ امتَنَعَ عَنِ الدِّفاع؟ لأنَّهُ أرادَ أن يُرِيَنا قُوَّةً أكبر، قُوَّةَ المحبَّةِ والغُفران، هذه القوَّة الّتي لا تأتي إلاّ مِنَ الرَّبِّ الإله. كَما أرادَ أن يُعَلِّمَنا أنَّ الطريقةَ الوحيدةَ لاكتسابِ هذه القُوّةِ هِيَ الإيمانُ بالرَّبِّ الإله، وَوَضْعُ الرَّجاءِ علَيه. لقد كان يُرِيدُ، قَبْلَ كُلِّ شيءٍ، تحطيمَ الموتِ الّذي كانَ يُقَيِّدُ جِنسَ البَشَر. لقد دعانا يسوعُ المسيحُ إلى الإيمانِ بالله، وكانَ لَنا خَيرَ نَمُوذَجٍ في مَحَبَّةِ اللهِ الآبِ والإيمانِ بِهِ والرَّجاءِ علَيه. وهكذا، عندما نَكُونُ مُتَدَلِّينَ مِن صَلِيبِنا الخاصّ، رأسًا على عَقِب، فاقِدِينَ كُلَّ رَجاء، مُعَرَّضِينَ لِخَطَرِ السُّقُوطِ في أَيَّةِ لحظة، نَصِلُ إلى امتحانِ إيمانِنا: هَل نُؤمِنُ باللهِ أم لا؟ إذا كُنّا نُؤمِنُ بِه، فَهَلْ نَثِقُ بأنَّهُ يَسمَعُ وَيُصغي لِصَلَواتِنا؟ والأَهَمُّ مِن ذلك، هَل نَثِقُ بِمَشِيئَتِه؟ نحنُ نأتي إلى معرفةِ الرَّبِّ يَسُوعَ المسيحِ واللهِ الآبِ والرُّوحِ القُدُس، لا مِن خلالِ الحكمة، بل مِن خلالِ الإيمان. لا تنتظِرْ أن تَكُونَ مُعَلَّقًا على صليبٍ مرتفع، رأسًا على عَقِبٍ، لكي تَبدأ بِوَضْعِ إيمانِكَ وَرَجائِكَ على الرَّبّ. لا تَسلُكِ الدَّربَ بِتَرَدُّدٍ مُنتَظِرًا أُعجوبةً كاليهودِ القُدَماء، بَل كُنْ مُنذُ الآنَ رافِعًا يَدَيكَ، راكِعًا على رُكبَتَيك، واضِعًا وجهَكَ إلى الأرض، باكِيًا في حَضْرَةِ الرَّبِّ يَسُوعَ المسيحِ إلهِنا. وَاسْكُبْ أمامَهُ كُلَّ هُمُومِكَ، الكَبِيرةِ منها والصَّغيرة، بِتَواضُعٍ وَإيمانٍ وَثِقة. إنّه يَسمَعُكَ وَيَتَمُّ بِكَ وَيُحِبُّكَ. إنَّه سَوفَ يَرفَعُكَ وَيَهَبُكَ السَّلام. آمين. |
||||
07 - 08 - 2014, 02:43 PM | رقم المشاركة : ( 4879 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصيد العجائبي
الخوري اميل هاني مقدمة في هذه القطعة من إنجيل لوقا، ينطلق اللإنجيلي من خبر مرقس (١/١٦-٢٠) حيث يدعو يسوع التلاميذ الأولين. لكن لوقا يُظهر يسوع في مكان قفر وكأنه يستعد للبشارة بملكوت الله. كما ويعطي لوقا هذا النص بُعداً كنسياُ، يظهر فيه بطرس مع ضعفه و خطيئته، بفضل النعمة، في وسط العمل التبشيري، الذي يريد يسوع من خلاله أن يطال كل البشر ليجذبهم الى الكنيسة. كما وينقلب دور التلاميذ من صيادي سمك الى صيادي بشر، يصطدون الناس للخلاص ويجمعونهم من كل اللأنحاء، كما تجمع الشباك أصناف عديدة من السمك إذاُ الكنيسة تمزج أولاُ من تعليم يسوع، ومن عمل الرسل فيما بعد. 1- النص لوقا (٥/١-١١) ١- حدث وإذ كان الجمع يزدحم عليه و يسمع كلمة الله و هو كان واقفاًعند بحيرة جنيسارت2- المكان و الزمان المكان: - شاطئ بحيرة جنيسارت حيث كان يسوع يبشّر بملكوت الله و الناس يزدحمون ليسمعوا كلام الله.3- الأشخاص أ- يسوع:ب- الناس: إزدحموا على يسوع ليسمعوا كلام الله ج- الصيادون: - كانوا يغسلون الشباك.د- سمعان: - إبتعد بيسوع في القارب عن البرّ.4- يعقوب و يوحنا: - إعترتهما الدهشةفي هذا الجزء يركزّ لوقا الإنجيلي على زمن المسيح، مهملاً التحديدات الكرونولوجية. كما و يركزّ على الوعد المعطى لسمعان وعلى النداء الموجَّه إلى الرسل الثلاثة، مُظهراً البعد الإكليزيولوجي و الكرازي لبطرس و المهمة الرسولية. يظهر المسيح في هذا الجزء الأول معلماً في كل عظمته و في علاقة توحّده بالكنيسة. يسوع يعلُن ويعلّم كلمة الله و الجموع تسمع ككنيسته وتتجاوب مع نداءه. يقف يسوع على الشاطئ وقوف القائم من الموت، لكن في الوقت عينه وقفة المعلّم الذي يعلن كلمة الله. وهو يوشن كرازة الرسل التي هي آمتداد لكرازته. بُعد القارب عن الشاطئ يعطي نهايةً ليسوع و كأنه منبر الوعظ. ب- أمر يسوع و المعجزة: كلمة يسوع، " سرّ إلى العمق و ألقوا شباككم للصيد "، بعد أن تعبوا الليل كلّه و لم يصطادوا شيئاً، صنعت المعجزة فأصابوا كماً كبيراً من السمك حتى كادت شباكهم تتمزّق، و أومأوا إلى شركائهم ليأتوا و يساعدوهم. الخضوع لكلمة يسوع من قِبَل بطرس مثال يقتدي به كل مسؤول في الكنيسة. كما ويركز على الوجهة العجائبية للصيد، (كثرة السمك تمزق الشباك، الحاجة إلى المساعدة...) والإنجيلي يريد أن ينقل القارئ من مستوى إلى آخر، من يد السمك إلى صيد البشر و العمل الرسولي. وهذا الصيد العجائبي أعطى الشجاعة و الثقة من أجل المهة الرسولية، فقدرة يسوع التي بها حوّل الصيادين إلى تلاميذ لا ترتبط بكلمته وحدها، بل بالعمل الذي به برهن عن سلطته. ج- نتيجة المعجزة و الوعد لسمعان بطرس: سجد سمعان بطرس أمام يسوع معترفاً به إلهاً، كما و أصابته الدهشة هو و التلميذين اللذين معه. وأعترف أمام يسوع بخطيئته. يعطى سمعان إسم بطرس دلالة على المستقبل الذي يدل عليه هذا اللقب.يتوجّه سمعان إلى يسوع بلفظة "الرّب" (كيريوس). يُبرز لوقا هذا التناقض الذي عاشه بطرس في حياته، من إتباع ليسوع و خيانته له، لذلك يُظهِر ناحية خطيئة سمعان بطرس في هذا النص، لما قال: "تباعد عني يا رّب أنا رجل خاطئ". حضور يعقوب و يوحنا، يتبيّن كشريكان لبطرس و هذا يرسم التعاون الذي سيقوم لاحقاً بينهم في الكنيسة. شجّع يسوع سمعان الذي استولت عليه الرعدة و أعلن له مستقبله الرسولي. سجد سمعان أمام الرب و كأنه ملاك يتراءى للبشر:"لا تخف". إتّباع يسوع يتطلّب الإنتقال من صياد للسمك إلى صياد للبشر لكي يجمعهم في شباك الكنيسة. يركز لوقا على آنية الحدث الذي يركز على معجزة يسوع و نتيجة طاعة سمعان لكلمة يسوع(من الآن...). نتيجةً لكلام يسوع و دعوته، و كردة فعل عليها،"تركوا كل شيء و تبعوه". كما و ربط لوقا أىساس رسالة بطرس بالوظائف التي نالها من كلمات المسيح القائم من الموت. الخاتمة من خلال قراءتنا لهذا النص المأخوذ من الإنجيلي لوقا، رأينا البعد الإكليزيولوجي، الكنسي لهذا النص الذي تأسس على كلام يسوع و حضوره، و من خلال التفاعل مع كلمته. ل قد تأسست الكنيسة من خلال المهمة التي سلمها يسوع إلى بطرس و رفاقه في الرسالة،لكن الكنيسة تحتاج دائماً إلى قدرة و نعمة الرّب لتستطيع القيام بعملها الرسولي حتى نهاية العالم. المراجع - " إزائية الأناجيل الأربعة " إعداد الخوري بولس الفغالي، نعمة الله الخوري، يوسف فخري، لبنان ١٩٩٦. - الخوري بولس الفغالي في سلسلة دراسات ببلية، الرابطة الكتابية، الفصل السادس و العشرون، ص . ٣٢٦-٣٣٣ . - الكتاب المقدس، العهد الجديد |
||||
07 - 08 - 2014, 02:44 PM | رقم المشاركة : ( 4880 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بطريركية الأقباط الأرثوذكس
كنيسة السيدة العذراء مريم بمسرة مركز الحياة الكنسية بمسرة موضوعات عقيدية مقدمات فى العقيدة (1) أهمية العقيدة فى حياتنا أولاً : أثر العقيدة فى إعمالنا وسلوكنا اليومى " لَكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: «أَنْتَ لَكَ إِيمَانٌ، وَأَنَا لِي أَعْمَالٌ!» أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي." (يع 2: 18) أمثلة لمبادئ عقيدية تؤثر فى سلوكنا اليومى : - الإيمان بوجود الله: - ينزع منا الخوف والفزع : "إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرّاً لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي" (مز 23: 4) - يزرع فينا الخشوع ومخافة الله وإرضائه : "لأَنَّهُ يَجِبُ أَنَّ الَّذِي يَأْتِي إِلَى اللهِ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ" (عب 11: 6) - يجعلنا أمناء حتى فى الخفاء (لأن الله يرانا) . - يجعل سلوكنا منضبط أمام الناس . - الذى يؤمن بوجود الله ويخضع له ، يحترم الجميع ويخضع للتدبير. - الإيمان بالثالوث: - يعلمنا الحب لأنه إعلان عن محبة الله : " لِهَذَا يُحِبُّنِي الآبُ لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا أَيْضاً " (يو 10: 17) " وَلَكِنْ لِيَفْهَمَ الْعَالَمُ أَنِّي أُحِبُّ الآبَ وَكَمَا أَوْصَانِي الآبُ هَكَذَا أَفْعَلُ " (يو 14: 31) " وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ .." (غل 5: 22) - لذلك نجد أن المحبة هى قمة الفضائل فى المسيحية: " لأن الله محبة " (1يو 4: 8) * الأقنوم الآخر هو آخر فى العمل ولكنه ليس بغريب عن الأقنومين الآخرين .. ... لهذا أجده يوصينى بمحبة الآخر كأنه أنا تماماً وليس بغريب عنى : " تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ " (مت22: 39 ، مر12: 31 ، رو13: 9 ، غل5: 14 ، يع2: 8) - الإيمان بالتجسد: - يعلمنا التواضع لأن الله تنازل وأخلى ذاته لأجلنا : " لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ " (فى 2: 8،7) - يعلمنا قداسة الجسد والعفة والطهارة : " أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَجْسَادَكُمْ هِيَ أَعْضَاءُ الْمَسِيحِ؟ أَفَآخُذُ أَعْضَاءَ الْمَسِيحِ وَأَجْعَلُهَا أَعْضَاءَ زَانِيَةٍ؟ حَاشَا! " (1كو 6: 15) الوعى اللاهوتى لدى شهداء العفة كان حافزهم للإستشهاد وليست الفضيلة فقط . - يجعلنا نقدس المادة من أجل الله الذى قدسها بتجسده (الماء والهواء والثياب والنيل ..إلخ). - الإيمان بالفداء: - يعلمنا التضحية من أجل الآخرين حتى بذل الذات " لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ." (يو 15: 13) - يعلمنا خدمة المجتمع والناس من منطلق لاهوتى : " يَسُوعُ الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ ..ِ الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْراً وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ (أع 10: 38) - يعلمنا الإهتمام بخلاص الآخرين : " لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ " (يو3: 16) " الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ." (1تى 2: 4) " إِذْ كُنْتُ أَصْنَعُ كُلَّ الْجَهْدِ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنِ الْخَلاَصِ الْمُشْتَرَكِ، اضْطُرِرْتُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ وَاعِظاًأ َنْ تَجْتَهِدُوا لأَجْلِ الإِيمَانِ الْمُسَلَّمِ مَرَّةً لِلْقِدِّيسِينَ " (يه3) " بِالإِيمَانِ نُوحٌ لَمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ بَنَى فُلْكاً لِخَلاَصِ بَيْتِهِ، فَبِهِ دَانَ الْعَالَمَ، وَصَارَ وَارِثا ًلِلْبِرِّ الَّذِي حَسَبَ الإِيمَانِ" (عب 11: 7) " أَمَّا أَنَا وَبَيْتِي فَنَعْبُدُ الرَّبَّ." (يش 24: 15) - الإيمان بالكنيسة الواحدة جسد المسيح: - يعلمنا التعاون وروح العمل الجماعى : " أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ وَلَكِنْ جَسَدٌ وَاحِدٌ " (1كو 12: 20) " لِكَيْ لاَ يَكُونَ انْشِقَاقٌ فِي الْجَسَدِ بَلْ تَهْتَمُّ الأَعْضَاءُ اهْتِمَاماً وَاحِداً بَعْضُهَا لِبَعْضٍ" (1كو 12: 25) - يعلمنا التكامل والتناغم والتوافق : " بَلْ صَادِقِينَ فِي الْمَحَبَّةِ، نَنْمُو فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَى ذَاكَ الَّذِي هُوَ الرَّأْسُ: الْمَسِيحُ، الَّذِي مِنْهُ كُلُّ الْجَسَدِ مُرَكَّباً مَعاً، وَمُقْتَرِناً بِمُؤَازَرَةِ كُلِّ مَفْصِلٍ، حَسَبَ عَمَلٍ، عَلَى قِيَاسِ كُلِّ جُزْءٍ، يُحَصِّلُ نُمُوَّ الْجَسَدِ لِبُنْيَانِهِ فِي الْمَحَبَّةِ ." (أف 4: 16،15) - يعلمنا إحترام الصغير لأن له دور مهم بالنسبة للكل : " أَعْضَاءُ الْجَسَدِ الَّتِي تَظْهَرُ أَضْعَفَ هِيَ ضَرُورِيَّةٌ." (1كو 12: 22) - الإيمان بعمل النعمة مع الجهاد: - الذى يؤمن بالجهاد فقط يركز على الدور الإنسانى وينكر نعمة الله فيتكبر بنجاحه أو ينتحر عند الفشل . - الذى يؤمن بالنعمة فقط يركز على عمل الله وينكر دور الإنسان فيصير إنساناً تواكلياً كسولاً . - الكنيسة تعلمنا أن نسلك بتوازن : جهاد قوى (دون تكبر ودون يأس) لأنه مسنود بالنعمة الإلهية . وإلا لماذا أعطانا الله الوصية لنسلك بها إن كان الخلاص بالنعمة فقط ؟! ولماذا ينجذب الشباب للطوائف الأخرى التى تركز على نعمة الله فقط دون الجهاد ؟ الكسل - الفرح الواهم أن الله يفعل كل شئ - هرب من التوبة والحزن على الخطية (الفريسى والعشار). - الإيمان بطبيعة واحدة للمسيح: - يعلمنا أن نسلك بمبادئ واحدة وشخصية واحدة أمام الله وأمام الناس. - أما النسطورية التى تؤمن بأن يسوع كان إنساناً بالجسد يصاحبه الله بطبيعة أخرى هى اللاهوت .. وتؤثر هذه العقيدة فى سلوك المؤمن بها أن يسلك بروحنة مريضة (الدروشة) تؤدى بدورها إلى إزدواج فى الشخصية (إنفصام) فيسلك فى العبادة بشكل ، وفى العالم يسلك بشكل آخر : [ ساعة لقلبك وساعة لربك ] ، [ هذه نقرة وتلك نقرة أخرى ] ، [ يؤدى الفرض وينقب الأرض ] ..إلخ. - الإيمان بالأبدية السعيدة: - السعى نحو الملكوت والإشتياق إليه وعدم التعلق بالأرضيات. - عدم الإفراط فى الحزن على الراقدين بل الرجاء الحلو فى قيامة الأجساد والدهر الآتى . إسأل نفسك : هل كنت سبباً لمجد الله فى أعمالك ؟ " فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ " (مت 5: 16) هل أعمالك تشرح إيمانك للناس بغير وعظ أو تعليم ؟ " أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي." (يع 2: 18) هل أثرت عقيدتك فى سلوكك اليومى لمجد الله وإمتداد ملكوته؟ ثانياً : أثر العقيدة فى خلاصنا - عقيدة لاهوت المسيح عقيدة خلاصية: " اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةًبَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللَّهِ " (يو 3: 36) " كُلُّ رُوحٍ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ اللهِ، وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ. وَهَذَا هُوَ رُوحُ ضِدِّ الْمَسِيحِ الَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي، وَالآنَ هُوَ فِي الْعَالَمِ " (1يو 4: 3،2) - لم يكن دفاع أثناسيوس مجرد خناقة مع أريوس المبتدع على حرف اليوطا (هومو أوسيوس = نفس الجوهر ، هومى أوسيوس = مشابه) .. لكنه كان دفاعاً خلاصياً لكى لا يفقد أثناسيوس أبديته إن وافق على بدعة أريوس التى تدَّعى أن المسيح مشابه لله الآب وليس من نفس جوهره . - عقيدة سر المعمودية عقيدة خلاصية: " إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللَّهِ " (يو 3: 5) " مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ " (مر 16:16) - عقيدة سر الإفخارستيا عقيدة خلاصية: " الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ ، مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ. لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَقٌّ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقٌّ " (يو 6: 53-55) - عقيدة الجهاد والأعمال الصالحة عقيدة خلاصية: " يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيباً فَآوَيْتُمُونِي. عُرْيَاناً فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضاً فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوساً فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ: يَارَبُّ مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً فَأَطْعَمْنَاكَ أَوْ عَطْشَاناً فَسَقَيْنَاكَ؟. وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيبا ًفَآوَيْنَاكَ أَوْ عُرْيَانا ًفَكَسَوْنَاكَ؟. وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضاً أَوْ مَحْبُوساً فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟. فَيُجِيبُ الْمَلِكُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ فَبِي فَعَلْتُمْ " (مت 25: 34-40) - عقيدة سر الكهنوت: - من سيتمم لك أسرار ووسائط النعمة والخلاص غير الكاهن ؟ - من سيعلن لك غفران الله لخطاياك سوى الكاهن ؟ " مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ " (يو 20: 23) - من سيعلمك الوصايا ويعلن لك الشريعة ؟ " لأَنَّ شَفَتَيِ الْكَاهِنِ تَحْفَظَانِ مَعْرِفَةًوَمِنْ فَمِهِ يَطْلُبُونَ الشَّرِيعَةَ لأَنَّهُ رَسُولُ رَبِّ الْجُنُودِ " (ملا 2: 7) وهكذا نجد أن عقائدنا الإيمانية تحدد مسار أبديتنا وتؤثر بالقطع فى خلاصنا ودخولنا إلى السماء . الرب يحفظنا على الإيمان المستقيم للنفس الأخير ،،، له كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد ، آمين. ____________________________________ * عن محاضرات صوتية لنيافة الأنبا رافائيل الأسقف العام |
||||