منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07 - 08 - 2014, 01:17 PM   رقم المشاركة : ( 4861 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,040

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

المجامع كعيادات لطبّ النفس

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


الأب يوحنا رومانيدس
نقلها إلى العربية الأب أفرام كرياكوس


ج - مرض الإنسان

مرض الشخصية البشرية كامن في ضعف شركة القلب مع مجد الله (أي ضعف اشتراكه بنعمة الله) (رو3: 23) لأن القلب قد ذاب في أفكار المحيط "لأنهم لما عرفوا الله لم يمجدوه أو يشكروه كإله بل حمقوا في أفكارهم وأظلم قلبهم الغبي" (رو1: 21، 1: 24، 2: 5).


في هذه الحالة كل واحد يتصور الله وكأنه صورةٌ لنفسه المريضة أو حتى صورة للحيوانات (رو1: 22). الإنسان الداخلي يعاني من الموت الروحي "الذي بسببه" (رو5: 12)


أخطأ الجميع عندما أصبح عبداً لغريزة الحفاظ على أنانيته. ممّا يشوه المحبة بربطها بالتفتيش الأناني عن الضمانة security وعن الرفاهية والراحة comfort.

إن علاج هذا المرض يبدأ بتطهير القلب من الأفكار كلّها (رو2: 29): "بل اليهودي في الخفاء هو اليهودي وختان القلب بالروح هو الختان. الذي مدْحه ليس من الناس بل من الله". تطهير القلب من الأفكار الحسنة والسيئة معاً وحصرها في العقل. للوصول إلى ذلك عن طريق الصلاة، المستمدّة من القلب، يلتفّ الروح على نفسه بشكل كرة من نور وينتقل من العقل إلى القلب. فيصبح كأسطوانة مرمّمة تعود في الصلوات إلى العقل الذي انطلقت منه.


هكذا يتحرّر الإنسان من عبودية المحيط، من التساهل، من الضعف، من التملّك وحتى من الأهل والأقرباء

"إن كان أحد يأتي إليّ ولا يُبغض أباه وأمّه وحتى نفسَه أيضاً فلا يقدر أن يكون لي تلميذاً". (لوقا14: 26، متى10: 27، لوقا14: 26). هدف كلّ ذلك ليس الوصول إلى اللامبالاة الرواقية أو إلى النقص من المحبة بل هو تأهيل القلب لأن يتقبّل الصلوات والمزامير التي ينقلها الروح من العقل إلى القلب والسماح لهذا الأخير أن يعمل بينما ينشغل العقل بالنشاطات اليومية أو حتى بالنوم. هكذا تجد المحبة علاجها.

هذا الإطار الذي يتكلم بولس الرسول فيه عن الروح القدس الذي يصلّي في القلب. "الروح القدس يَشفع في الناس كلّهم بأنات لا توصف" (رو8: 26)[1]، ولكنه ينقل الصلوات والمزامير من العقل intellect إلى القلب عندما يكون هذا الأخير مطهّراً من الأفكار كلّها الحسنة والرديئة.

عند هذا الحدّ يتقوى روح الإنسان بالروح القدس ولا يعمل شيئاً آخر سوى الصلاة وتأدية المزامير بصورة غير منقطعة بينما العقل مأخوذ بنشاطاته اليومية الطبيعية محرّر من السعادة التي تسعى إلى التركيز على الأنا. هكذا يصلّي الإنسان بروحه في القلب بلا انقطاع ويصلّي بالعقل في بعض الأوقات. هذا ما يعنيه بولس عندما يكتب: "أصلّي بالروح وأصلّي بالذهن أيضاً. أرتّل بالروح وأرتل بالذهن أيضاً" (1كور14: 15)[2].


كان بولس قد قال لنا أن الصلاة بألسنة مختلفة تحوي مزامير العهد القديم. لا يتكلم إذاً عن صلوات غير مفهومة إذ أن المزامير مفهومة عند الجميع. يتكلم بولس عن صلوات روح الإنسان في القلب. هذه الصلوات يسمعها فقط أولئك الذين يتمتعون بموهبة "أنواع الألسنة". أولئك الذين لا يمتلكون مثل هذه الموهبة لا يستطيعون أن يسمعوا الصلوات والمزامير في قلوبهم.

في حالة الاستنارة، أدخل الكورنثيون عادة الخدمة المشتركة (صلاة في القلب) بحضور "الأفراد" الذين لم يحصلوا بعد على موهبة "أنواع الألسنة"[3]. هذا يجعل من المستحيل لهؤلاء الأفراد أن يُبنوا ويقولوا "آمين" في أوقات معيّنة لأنهم عاجزون عن السمع.

يقول بولس بوضوح "ليس أحد يسمع" (1كور14: 2). "فالآن أيها الأخوة إن جئت إليكم متكلماً بألسنة فماذا أنفعكم إن لم أكلمكم إما بإعلان أو بعلم أو بنبوءة أو بتعليم؟" (1كور14: 6-7).


"فانه إن أعطى البوق أيضاً صوتاً غير واضح فمن يتهيأ للقتال؟ هكذا أنتم أيضاً إن لم تعطوا باللسان كلاماً يُفهم فكيف يعرف ما تُكلِّم به؟....ربما تكون أنواع لغات هذا عددها في العالم وليس شيء منها بلا معنى فإن كنت لا أعرف قوّة اللغة أكون عند المتكلم أعجمياً والمتكلم أعجمياً عندي" (1كور14: 8-9). الذين لا يتمتعون بأنواع الألسنة عليهم أن يسمعوا "قوة اللغة" في الصلوات والمزامير لكي يجيبوا "آمين" (1كور14: 10و16) لذلك يجب على الواحد أن لا يصلي ويتلو مزامير "بصوت غير معلن" بحضور أولئك الذين ليس لديهم موهبة الألسنة (1كور14: 10و11) "لأنك أنت تشكر حسناً ولكن الآخر لا يُبنى" (1كور14: 17).


عندما يقول بولس "لأن مَن يتنبأ أعظم فمن يتكلم بألسنة إلاّ إذا ترجم حتى تنال الكنيسة بنياناً" (1كور14: 5) يقصد أن الذي يتكلم بألسنة فقط عليه أن يتعلّم كيف يترجم المزامير والصلوات في قلبه إلى مزامير وصلوات في عقله لكي تُتلى بصوت مسموع. عندما يتعلّم أن يصلي ويردد مزامير في الوقت نفسه بروحه وبعقله يمكن له أن يشترك بصلوات شكر مشتركة من أجل فائدة "الأفراد العاميين" الذين سوف يعرفون متى يُقال "آمين".

"لذلك من يتكلم بلسان ليصلِّ لكي يترجم. لأني إن كنت أصلي بلسان، فروحي تصلي وأما ذهني فهو بلا ثمر. فما هي إذاً (الحال) أصلّي بالروح وأصلي بالذهن أيضاً. أرتل بالروح وأرتل بالذهن أيضاً. وإلاّ فإن باركت بالروح فالذي يشغل مكان العاميّ كيف يقول آمين عند شكرك لأنه لا يعرف ماذا تقول. فانك أنت تشكر حسناً ولكن الآخر لا يُبنى. أشكر إلهي اني أتكلم بألسنة أكثر من جميعكم. ولكن في كنيسة أريد أن أتكلم خمس كلمات بذهني لكي أعلم آخرين أيضاً أكثر من عشرة آلاف كلمة بلسان" (1كور14: 13-19).

لا يقول بولس أن الواحد يترجم ما يقوله الآخر بألسنة. الواحد يترجم ما هو نفسه يقوله بألسنة. في كلّ مرة يذكر بولس "التكلم بألسنة" و"الترجمة" يقصد الواحد الذي يتمتع بموهبة الألسنة ويترجم نفسه بطريقة يُسمع واضحاً من أجل منفعة "الأفراد". في هذا الإطار يقول: "إن كان أحد يتكلم بلسان فاثنين اثنين أو ثلاثة ثلاثة وبترتيب وليترجم واحد. ولكن إن لم يكن مترجم فليصمت في الكنيسة وليكلّم نفسه والله". (1كور14: 27-28).

المترجم هو الذي يستطيع أن يترجم صلواته الخاصة من روحه الذي في قلبه إلى عقله الخاص بطريقة تصبح مسموعة من أجل بناء الآخرين. وإلا عليه أن يبقى صامتاً مقتصراً على الصلاة بألسنة، هذه الصلاة التي يتلوها آخرون أيضاً ولكن مسموعةً. هكذا فإن بولس يحرم الذين لديهم موهبة أنواع ألسنة، يحرمهم من قوّتهم حتى لا يفرضوا في الصلوات المشتركة طريقتهم بحضور "الأفراد".

يتكلم بولس عن المزامير والصلوات لا المتلوّة باللسان بل المسموعة آتية من القلب. استنارة القلب هذه تغلب الاستعباد لغريزة الحفاظ على النفس وتساعد على بداية التحوّل من المحبة الأنانية إلى المحبة التي لا تطلب شيئاً لذاتها. هذه هي هبة الإيمان للإنسان الداخلي الذي يتبرّر، يتصالح، يُدرك البنوّة، السلام،الرجاء والحياة.

هذه الصلوات والمزامير غير المنقطعة في القلب[4] تحوّل الإنسان العادي إلى هيكل للروح القدس والى عضو في جسد المسيح. هي بداية تحرّر الإنسان من التعلّق بالمحيط لا بالانسحاب منه بل بمراقبته لا للاستقلال بل من أجل المحبة اللاأنانية. هكذا "فإن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطيئة والموت... ولكن إن كان أحدٌ ليس له روحُ المسيح فهو لا ينتمي إليه. وإن كان المسيح فيكم فالجسد ميّت بسبب الخطيئة وأمّا الروح فحياةٌ بسبب البرّ" (رومية8: 2و8: 10).

بعد أن تكون المحبة قد تعافت عن طريق الكمال، يتقبّل الإنسان المواهب العليا الواردة في لائحة بولس الرسول في 1كور12: 28 والتي تصل إلى التمجّد glorification. يقول بولس: "إن كان عضوٌ واحدٌ يكرّم (يُمجد) فجميع الأعضاء تفرح معه" (1كور12: 26). هذا لكي يفسّر كيف يأتي الأنبياء بعد الرسل وقبل كل أعضاء جسد المسيح الآخرين. "أن يتبرّر الإنسان بالصلوات والمزامير، بالروح القدس في القلب هو أن يرى المسيح كما في مرآة في لغز (1كور13: 12). والتمجّد هو مجيء "الكامل" (1كور13: 10) أي رؤية المسيح "وجهاً لوجه" (1كور 13: 12).



عندما يقول بولس "أعرف بعض المعرفة" يقصد بولس حالته في الاستنارة والتبرير. وفي عبارته "لكن حينئذ سأعرف كما عُرفت" يقصد بولس أنه سوف يتمجّد كما تمجّد. في حالة الاستنارة يكون الإنسان طفلاً وفي حالة المجد يصبح رجلاً (1كور13: 11).


في حالة المجد glorification التي هي حالة الإعلان بصلاة في القلب (الألسنة)، المعرفة والنبوّة، مع الإيمان والرجاء كلّها تُلغى إذ تُستبدل بالمسيح نفسه. فقط المحبّة لا تسقط (1كور13: 8-11) عند الإعلان الكلمات والأفكار عن الله ومن أجل (الصلوات) تُلغي. بعد حالة المجد يعود الإنسان إلى حالة الاستنارة. المعرفة، النبوّة، الألسنة، الإيمان والرجاء كلّها تعود لكي تلتقي بالحبّ الذي لم يسقط أبداً. هذه الكلمات والأفكار المستخدمة في الصلوات يستخدمها الإنسان الممجّد لكي يقودَ الآخرين إلى المجد. هي ملهمة من الله وتُلغى في حالة المجد.


هذه الرؤيا للمسيح القائم في المجد والتي كانت لبولس هي التي تضع الرسل والأنبياء على الرأس (1كور12: 28) وفي أساس الكنيسة (أفسس2: 20). يضم هذا الأساس نساءً أنبياء (أعمال الرسل2: 17،21: 9) (أحد 11: 5). مما يتفق مع قول بولس أن في المسيح لا رجل ولا مرأة (غلا3: 28).

ليست حالة المجد أعجوبةً بل هي الحالةُ الطبيعية التي يُدركها الإنسان عندما يتحول من المحبة الأنانية إلى المحبة التي لا تطلب شيئاً لذاتها. بولس الرسول ويوحنا الإنجيلي معاً يعتبران رؤيةَ المسيح في المجد ضروريةً في هذه الحياة من أجل تتميم المحبة وخدمة المجتمع (يوحنا14: 21-24،16: 22،17: 24\1كور13: 10-13،أفسس3: 3-6). إن ظهورات المسيح القائم في المجد لم تكن، وليست، عجائب يراها أناس مدهوشون في عبادتهم لله. العجيبةُ كانت في صَلب ربّ المجد لا في قيامته. يظهر المسيح القائم فقط من أجل تتميم المحبة. حتى في حالة بولس الذي أدرك درجة المجد (غلا1:14وما يليه) دون أن يعرف ربّ المجد إنما رآه مولوداً في المهد مصلوباً وقائماً.

المقطع (1كور15: 1-11) هو عبارة عن التمجيدات التي جاءت لتكمّل ما عالجه بولس في المواهب الروحية ابتداءً من (1كور12: 1). كلّ الذين تمجدوا في التاريخ يساوون الرسلَ في اشتراكهم في العنصرة لأنهم قد أُرشدوا إلى الحقيقة كلّها (أعمال10: 47-11: 18).
كل الحقيقة هي في المسيح القائم والصاعد والعائد في الألسنة غير المخلوقة، الألسنة النارية في العنصرة ليسكن مع أبيه في الناس المؤمنين الذين أصبحوا هياكلَ لروحه المتشفّع في قلوبهم. لقد جعل من الكنيسة جسده التي لا تقوى عليها أبوابُ الموت.


التمجّد هو اشتراك الجسد والنفس في الأبدية وفي عدم الفساد من أجل تتميم المحبة. هذه الحالة يمكن أن تكون قصيرة أو طويلة. بعد فقدان قصير للتوجه، يتابع الواحد عمله اليومي ويرى كلّ شيء مملوءً من مجد الله الذي ليس نوراً ولا ظلمةً ولا يشبه أي شيء مخلوق. أُلغيت الأهواء عن طريق الاستنارة. وخلال حالة المجد لا يأكل الإنسان، لا يشرب، لا ينام، لا يتعب ولا يتأثر بالحرّ ولا بالبرد. هذه العوامل في حياة الأنبياء القديسين قبل تجسّد ربّ المجد وبعده ليست عجائب بل استعادةً لحياة الإنسان الطبيعية.


ضمن هذا الإطار نفهم أقوال المسيح للإنسان المريض "أما انا فقد أتيتُ لتكون لهم حياة (في الإستنارة) ولتكون حياة أفضل (في التمجّد) (يوحنا10: 10). إن إنجيل يوحنا وخاصة الإصحاحات يوحنا14-16 هو وصف مفصّل للشفاء عن طريق الإستنارة والإصحاح يوحنا17 هو صلاة المسيح عن طريق التمجّد.

علم الشيخوخة Geronyology أظهر أن الشيخوخة هي مرضٌ وهو يبحث أيضاً إذا كان الحدث نفسه هو أيضاً مرض. في هذا الموضوع الناس الممجدّون (المتألهون) وكذلك رفاتهم سوف تبرهن عن فائدة كبيرة إذ إن عدداً كبيراً منهم بقيت أجسادهم وخلاياهم لقرون في حالة متوسطة بين الفساد وعدم الفساد. المثل الشهير الأقدم هو القدّيس اسبيريدون الذي في جزيرة كركرة corfou والذي هو من آباء المجمع المسكوني الأول سنة 325. وهناك 120 منهم في مدينة كييف Kièv وحدها.

هذا إطار كلام بولس "ان الخليقة نفسها أيضاً ستُعتق من عبودية الفساد إلى حرية مجد أولاد الله" (رو8: 21). من الواضح استناداً إلى هذا الإطار أن "حرّية المجد" هي التحرّر من الموت ومن الفساد. ولكن حتى الذين، في إنسانهم الداخلي، قد استناروا وتذوقوا اللاموت الجسدي واللافساد خلال فترة تمجيدهم الوجيزة هؤلاء أيضاً "يتوقّعون التبنّي فداء أجسادنا" (رو8: 23) "لأن هذا الفاسد لا بد أن يلبس عدم فسادٍ وهذا المائت يلبس عدم موت. فحينئذ تصير الكلمة المكتوبة ابتُلع الموت إلى غلبة" (1كور15: 53-54). هذا نعرفه لا تعليقاً على ما جاء في الكتب المقدّسة بل من خلال خبرة التأله أو التمجيد، من "حرية مجد أبناء الله" (رو8: 21).

إن أساس إيمان الكنيسة بقيامة الأجساد (الجزء البيولوجي من الإنسان) هو خبرة التأله في المجد وليس فقط النصوص الكتابية.


د- ليسوا من العالم بل هم في العالم

التمييز بين الحياة العملية والحياة التأملية لا وجود له في جسد المسيح. إن هبة الروح القدس في الصلاة المستمدّة في القلب تجعل مثل هذا التمييز مستحيلاً. يمكن له أن يوجد فقط خارج جسد المسيح.

"ليس أحد يستطيع أن يقول يسوع ربٌّ إلا بالروح القدس. وليس أحدٌ وهو يتكلم بروح الله يقول يسوع أناثيما" (1كور12: 3). هذه هي روحانية الكتاب والآباء. وهذه هي القوّة التي كانت تمنع (تجعل مستحيلاً) اضطهاد هيكل الروح القدس بإنكاره للمسيح. هذا الإنكار يبرهن على أن الإنسان لم يكن قد صار عضواً في جسد المسيح. إن رسالة هياكل الروح القدس الأولى هي أن يعمل الإنسان في أية صنعة ويسعى في الوقت نفسه إلى شفاء الآخرين. يعملون في مجتمعهم على شبه الأطباء النفسانيين Psychiatrists لكن مع الفرق أن هؤلاء الأعضاء لا يبحثون عن توازن عقلي بالانسجام مع مقاييس اجتماعية للإنسان الطبيعي، المقياس الطبيعي عندهم هو التمجّد. إن قوّتهم الشفائية لم تكن وليست من هذا العالم. ومع ذلك فهم يعيشون في هذا العالم مشاركين تحوّله.

"إن الخليقة نفسها أيضاً ستُعتق من عبودية الفساد إلى حرّية مجد أبناء الله" (رو8: 21).

[1]- وكذلك الروح أيضاً يعين ضعفاتنا. لأننا لسنا نعلم ما نصلّي لأجله ولكن الرب نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها" (رو8: 26)

[2]- "إلاّ فإن باركتَ بالروح فالذي يشغل مكان العاميّ كيف يقول آمينعند شكرك. لأنه لا يعرف ماذا يقول. فانك أنت تشكر حسناً ولكن الآخر لا يُبن. أشكر إلهي أني أتكلم بألسنة أكثر من جميعكم. ولكن في كنيسة أريد أن اتكلم خمس كلمات بذهني لكي أعلّم آخرين أيضاً أكثر من عشرة آلاف كلمة بلسان" (1كور14: 16 ? 19)

[3]- موهبة الصلاة في القلب = موهبة الألسنة.

[4]- "ولا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة بل امتلئوا بالروح مكلّمين بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغاني روحية مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب" (افسس5: 18-19).

[5]- "ليس يهودي ولا يوناني. ليس عبد ولا حرّ. ليس ذكر وأنثى لأنكم جميعاً واحد في المسيح يسوع" (غلا3: 28)
 
قديم 07 - 08 - 2014, 01:19 PM   رقم المشاركة : ( 4862 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,040

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الاستعداد الصحيح لإتّباع المسيح
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما يقول لك يسوع

يا بنيّ،
اذا أردت أن تتبعني حقاً، كان عليك أن تقمع أنانيتك الجامحة.
كثيرون لا ينعمون بصداقتي ومحبتي،
لأنهم لا يحاولون أبداً أن تبعوني، وينهمكون في رغباتهم اللاواعية،
وفي شهواتهم البشرية العمياء.
إن طبيعتك اللاواعية تميل بك الى طلب الكثير مما لا تحتاج إليه.
فلكي تكون سيد حاجاتك إكْبَحْ رغبات نفسك غير الضرورية، وتعلّم ان تعيش مكتفياً بالقليل، فتجد المزيد من الوقت لتحقيقه من أجلي.

إن استسلامك لأهوائك البشرية يزيدك تشتتاً، ويبعدك عني.

إن تحقيق الاتحاد بي يتطلب منك أن تعزل ذاتك عن الكثير من امور هذه الحياة.

قاوم كل ما من شأنه أن يحول بيني وبينك، وكن على استعداد حقيقي للتخلي عن كل شخص لا يساعدك بطريقة ما، على ان تصبح أفضل مما انت عليه.

إن حياتك الأرضية لقصيرة جداً، فلا تضيّع شيئاً منها.

إن مواظبتك على القيام بالجهد المطلوب يساعدك على التغلب على التشتت في الأمور الأرضية، وبدافع نعمتي تزداد تقديراً لعظمتي وصلاحي ومحبتي.

املأ قلبك حباً سامياً، وسلاماً سماوياً، فتتعلّم أن تفضل إرادتي على إرادتك، بحيث لا تعود تعطي أهمية للأمور الدنيوية.

تأمّـل
إن هذه العِبَر الصغيرة تؤدي الى درجة سامية من الكمال والسلام، وواضح أن عدم توفر سلام المسيح فيّ، ناجمٌ عن غياب الشجاعة في اتباع تعاليمه.



لذا ينبغي أن أنقاد لتعاليمه في أعمالي اليومية. وأما مزاجي وعواطفي وأشواقي فليست أموراً صالحة، إلاّ اذا تمّ كبحها وتوجيهها، كما يريد يسوع.



فلماذا أهدر وقتاً ثميناً بالتلهّي بما ليس ضرورياً، وبما يجعلني أدرك تفاهة أمور كثيرة تؤثر علىّ الآن وتجذبني إليها؟!

صلاة
يا يسوع أنت نور العالم، أنر نفسي كي لا أتخبّط في ظلام شهوات هذا العالم وفي خداعي لذاتي.
هبني الشجاعة لأنبذ كل ما من شأنه أن يبعدني عنك في حياتي اليومية.
إني أريد التمسّك بإرادتك وأن أنبذ شهواتي الطبيعية، وأن أتبع حكمتك في كل ما أقوم به طوال النهار.

وأرجو ان تهبني القوة لكي أتبع إرادتك عندما تقودني ارادتي إلى ما لا أرغب فيه وما يخيفني.

يا يسوع أنت نوري وأنت قوتي.
آمين.
من كتاب: خبزنا اليومي
 
قديم 07 - 08 - 2014, 01:21 PM   رقم المشاركة : ( 4863 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,040

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الكتاب المقدس والبدع


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


الأب جورج عطية

(1) موقف العهد القديم من الأنبياء الكذبة:

لم تستعمل أسفار العهد القديم اصطلاح البدع، بخصوص التعليم الكاذب الذي لا يتفق مع مشيئة الله. وإنما أدانت بشدة ماسمتّه النبوءات الكاذبة، حيث كان هناك نوعان من الأنبياء الكذبة الذين ادعوا أنهم يتكلمون باسم الإله، وهما:

1- الأنبياء الوثنيون الكذبة مثل أنبياء البعل وأنبياء السواري أيام النبي إيليا الذين كانوا يأكلون على مائدة الملكة ايزابل الوثنية، امرأة الملك أخاب، ويضللون الشعب".

2- الأنبياء العبرانيون الكذبة، مثل حننيا بن عزور الذي تنبأ بالكذب أيام أرميا النبي ليرضي الملك والشعب فقال له: "اسمع يا حننيا. إن الرب لم يرسلك وأنت قد جعلت هذا الشعب يتكل على الكذب. لذلك هكذا قال الرب.

ها أنذا طاردك عن وجه الأرض. هذه السنة تموت لأنك تكلمت بعصيان على الرب. فمات حننيا النبي في تلك السنة في الشهر السابع".

موقف الله الصارم تجاه كلا النوعين من الأنبياء الكذبة، يلخِصّه قوله الواضح في سفر تثنية، من بين أمور أخرى:

"وأما النبي الذي يطغي فيتكلم باسمي كلاماً لم أوصهِ أن يتكلم به، أو الذي يتكلم باسم آلهة أخرى، فيموت ذلك النبي ...".

(2) موقف العهد الجديد من الأنبياء والمعلمين الكذبة:


كلام الله أعلاه في العهد القديم، المكتوب في سفر التثنية (أي: "وأما النبي الذي يطغي...") تكملة مباشرة لنبوءة يعلنها موسى عن نبي من نوع خاص يقيمه الله.

الذي وإن كان إنساناً من وسط أخوته مثله، إلا أنه كان أيضاً حاملاً لصوت الرب الإله نفسه، مخفٍ لناره العظيمة التي تميت:

"يقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك من أخوتك مثلي. له تسمعون. حسب كل ما طلبتَ من الرب إلهك في حوريب يوم الاجتماع قائلاً لا أعود أسمع صوت الرب إلهي ولا أرى هذه النار العظيمة أيضاً لئلا أموت قال لي الرب قد أحسنوا فيما تكلّموا. أقيم لهم نبياً من وسط أخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمّهم بكل ما أوصيه به. ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه. وأما النبي الذي يطغي...".

ولذلك فكما أنذر الله في العهد القديم الأنبياء الكذبة، يحذِّر أيضاً نبي العهد الجديد، الذي هو الرب يسوع نفسه، من الأنبياء الكذبة:

"احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان

ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة".

"لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلّوا لو أمكن المختارين أيضاً".

كما يعطي مثل الزوان المزروع في وسط الحقل. ليؤكد هذه الحقيقة، أن إبليس يزرع دائماً زواناً (الذين هم بنو الشرير) في وسط الزرع الجيّد الذي زرعه ابن الإنسان في الحقل الذي هو العالم.

لذلك عندما أرسل رسله كي يبشروا جميع الأمم ويعمدّوهم أوصاهم أن يعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصاهم به".

من هنا كان هاجس الرسل دائماً أن يشدّدوا على المحافظة على الوديعة الشفهية والمكتوبة التي سلّموها ومنها قول الرسول بولس:

"فاثبتوا إذاً أيها الأخوة بالتسليمات (paradosis) التي تعلمتموها سواءً كان بالكلام أم برسالتنا".

أو "تمسّك بصورة الكلام "الصّحيح" الّذي سمعته منّي في الإيمان والمحبّة التّي في المسيح يسوع. إحفظ الوديعة الصّالحة بالرّوح القدس السّاكن فينا".


وهنا نلفت الانتباه أنّ صفة الصّحيح (uJgiaivnousa) والتّي تلازم عادة "الكلام" أو "التعليم" عند الرّسول بولس هي مرادفة لصفة "القويم" أو "الصّحيح" (ojrqh) والتّي تلازم عادة "الرأي" مشكلة معه صفة واحدة "القويم الرّأي" (ojrqovdoxoٍ).

هذه الصّفة الأخيرة أي الأرثوذكسيّ سوف يستعملها آباء الكنيسة كثيراً ليصفوا بها من تمسّك بصورة "الكلام الصّحيح" الّذي تسلّمته الكنيسة عن الرّسل، على عكس المبتدعين الّذين تبنّوا بدعة أو هرطقة (aJivresiٍ) أي ابتدعوا رأياً غير قويم لم تتسلّمه الكنيسة عن الرّسل.


وعلى ذكر البدع والانحرافات عن التّسليم الرّسوليّ، فمن المعروف للجميع موقف الآباء الصّارم والثّابت ضدّها في جميع عصورهم، والّذي ينتقدهم عليه كثيرون من المسيحيّين في زمننا الحاضر لأسباب مختلفة، وحتّى يستهزئون به. وهنا لا بدّ من التّوضيح أوّلاً أنّ موقف الآباء هذا لم يكن موقفاً خاصّاً بهم ابتدعوه هم، بل كان موقف الرّسل ذاته الّذي تسلّموه عنهم. وقبل الكلّ كان موقف ربّ الجميع الإله المتجسّد يسوع.

ها هو الرّسول بولس يؤكّد لأعضاء الكنائس وفقاً لما تسلَّمه من الرّبّ أنّه لابدّ أن يكون بينهم بدع، وأنّه "سيدخل بينهم ذئاب خاطفة لا تشفق على الرّعيّة"، وحتّى من بين شيوخ الكنيسة نفسها "سيقوم رجال يتكلّمون بأمور ملتوية ليجتذبوا التّلاميذ وراءهم".

"لأنّه سيكون وقت لا يحتملون فيه التّعليم الصّحيح بل حسب شهواتهم الخاصّة يجمعون لهم معلّمين... فيصرفون مسامعهم عن الحقّ وينحرفون إلى الخرافات".

وبالفعل ظهرت في أيّامه جماعات انحرفت عن "التّعليم الصّحيح" الّذي سلّمه الرّسل مثل الّذين تمسّكوا بالنّاموس اليهوديّ كشرط أساسيّ للخلاص، أو خضعوا لتأثيرات فلسفيّة أو وثنيّة مثل أصحاب المعرفة (gnw`siٍ الغنّوصّيين) وغيرهم.

لهذا كان موقفه حازماً غير متساهل تجاه هؤلاء جميعاً، مع تشديده المستمرّ على التّمسّك بتعلّم الرّسل الصّحيح والمحافظة على الوديعة:

"وأطلب إليكم أيّها الإخوة أن تلاحظوا الّذين يصنعون الشّقاقات والعثرات خلافاً للتّعليم الّذي تعلّمتموه واعرضوا عنهم. لأنّ مثل هؤلاء لا يخدمون ربّنا يسوع المسيح بل بطونهم. وبالكلام الطّيّب والأقوال الحسنة يخدعون قلوب السّلماء".

"إنّي أتعجّب أنّكم تنتقلون هكذا سريعاً عن الّذي دعاكم بنعمة المسيح إلى إنجيل (بشارة) آخر ليس هو آخر غير أنّه يوجد قوم يزعجونكم ويريدون أن يحوّلوا إنجيل المسيح.

ولكن إن بشّرناكم نحن أو ملاك من السّماء بغير ما بشّرناكم فليكن أناثيماً. كما سبق فقلنا. أقول الآن أيضاً إن كان أحد يبشّركم بغير ما قبلتم فليكن أناثيماً.

"يا تيموثاوس احفظ الوديعة معرضاً عن الكلام الدّنس ومخالفات "المعرفة" (gnw`siٍ) الكاذبة الاسم الّتي إذ تظاهر بها قوم زاغوا من جهّة الإيمان".

"الرّجل المبتدع بعد الإنذار مرّة ومرّتين أعرض عنه عالماً أنّ مثل هذا قد انحرف وهو يخطئ محكوماً عليه من نفسه".


وها هو بطرس الرّسول يؤكد تحقيق أقوال المسيح الرّبّ عن ظهور الأنبياء الكذبة في العهد الجديد. ومن يكون هؤلاء سوى المعلّمين الكذبة الّذين يقولون للنّاس كذباً باسم الرّبّ ما يودّون سماعه؟

أي ما يتّفق مع أهواء سامعيهم وشهواتهم، لا ما يتّفق مع مشيئة الرّبّ؛ تماماً كما كان يفعل الأنبياء الكذبة في العهد القديم. لذلك يجلبون على أنفسهم وعلى الكثيرين الّذين يتبعوهم هلاكاً سريعاً:

"ولكن كان أيضاً في الشّعب أنبياء كذبة كما سيكون فيكم أيضاً معلّمون كذبة الّذين يدسّون بدع هلاك وإذ هم ينكرون الرّبّ الّذي اشتراهم يجلبون على أنفسهم هلاكاً سريعاً وسيتبع كثيرون تهلكاتهم الّذين بسببهم يُجدف على طريق الحقّ".


ولماذا يكذب الهراطقة باسم الرب؟ الدافع الحقيقي هو أيضاً أهواؤهم وشهواتهم ولذلك "يرتدون عن الوصية المقدسة المسلمة لهم" التي تؤدي إلى الحياة، فيواجهون الدينونة الحتمية والهلاك الأبدي:

"وهم في الطمع يتجرون بكم بأقوال مصنعة الذين دينونتهم منذ القديم لا تتوانى وهلاكهم لا ينعس".


وها هو يهوذا يخصّص رسالته الوحيدة كلها تقريباً للموضوع ذاته الذي خصّص له بطرس الرسول الجزء الأكبر من رسالته الثانية، أي لمهاجمة الأنبياء الكذبة الذين قد يكونون المبتدعين أنفسهم الذين عناهم الرسول بطرس.

وعلى ما يبدو فإن أولئك المعلمين الكذبة كانوا يجمعون بين الهرطقة الإيمانية وبين الدعوة لإباحة الفجور دون الخوف من عقاب الله، ولهذا ينذرهم مذكّراً بأمثلة مختلفة معروفة عند اليهود، بدينونة أبدية لا مفرّ منها:

"لأنه دخل خلسة أناس قد كتبوا منذ القديم لهذه الدينونة فجّار يحولون نعمة إلهنا إلى الدعارة و ينكرون سيدنا الوحيد وربنا يسوع المسيح...".

أما الهدف من الكتابة فهو حرصه على خلاص المؤمنين محذراً من الهرطقات ومذكّراً إياهم بأن "يبنوا أنفسهم على إيمانهم الأقدس"، "المسلم مرة للقديسين".


وها هو الرسول الحبيب يوحنا بدوره يذكر أعضاء الكنائس في رسالته الأولى، بما سبق أن سمعوه من الرسل عن نبوّات المسيح المتعلقة بالأنبياء الكذبة وضد المسيح.

فيؤكد لهم أن ساعة تحقيق هذه النبوات قد بدأت، لأنه "قد صار الآن أضداد المسيح كثيرون". كما شدد على الحاجة إلى امتحان الأرواح وعدم تصديق كل روح "لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم". وبالتأكيد فهؤلاء هم هراطقة مسيحيون تحديداً، لأنه:

"منا خرجوا لكنهم لم يكونوا منا لأنهم لو كانوا منا لبقوا معنا لكن ليظهروا أنهم ليسوا جميعاً منّا" و هرطقتهم الأساسية هي أنّهم "لا يعترفون بيسوع المسيح أنّه قد جاء في الجسد"، ولذلك ليسوا هم من الله.


أمّا موقفه الصّارم منهم فهو يظهر بوضوح أكبر في رسالته الثّانية:

"لأنّه قد دخل إلى العالم مضلّون كثيرون لا يعترفون بيسوع المسيح آتياً في الجسد. هذا هو المضلُّ والضّدُّ للمسيح... كلّ من تعدّى ولم يثبت في تعليم المسيح فليس له لله. ومن يثبت في تعليم المسيح فهذا له الآب والابن جميعاً. إن كان أحد يأتيكم ولا يجيء بهذا التّعليم فلا تقبلوه في البيت ولا تقولوا له سلام. لأنّ من يسلّم عليه يشترك في أعماله الشّريرة".


هكذا يتّضح لنا بجلاء أنّ موقف أباء الكنيسة الحازم على مدى الأزمان من البدع هو بالذّات موقف جميع الرّسل دون استثناء، والّذي بلا شكّ تسلّموه بدورهم عن ربّهم ومعلّمهم الّذي كان أول من حذّر من خطورة ضلال مَن وصفهم بالأنبياء الكذبة والذّئاب الخاطفة:

"احترزوا من الأنبياء الكذبة الّذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنّهم من الداخل ذئاب خاطفة. من ثمارهم تعرفونهم. هل يجتنون من الشّوك عنباً أو من الحسك تيناً... كلّ شجرة لا تصنع ثمراً جيّداّ تقطع وتلقى في النّار".

"ويقوم أنبياء كذبة كثيرون ويضلّون كثيرين...".


وبالطبّع فموقف الّذي "السماء والأرض تزولان ولكن كلامه لا يزول" لا يمكن أن يتغيّر بتغيّر الأزمان، لأنّه "هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد". أوضح دليل لعدم تغيّر موقفه تجاه البدع هو الرّسائل النّاريّة الّتي وجّهها بعد صعوده إلى ملائكة الكنائس السّبع من خلال رؤيا يوحنّا اللاّهوتيّ. في هذه الرّسائل والّتي يطلب من الّذين أرسلت إليهم أن يتمسّكوا بالتّعليم الّذي عندهم إلى أن يجيء ، يظهر مقاومته وبغضه الواضحين للهرطقات الّتي تحاول تغيير هذا التّعليم، وخاصّة ذات الصفّة الإباحيّة مثل النِّقولاّويّين. من هذه الرّسائل رسالته إلى ملاك كنيسة أفسس وفيها يؤنّبه على ترك محبّته الأولى طالباً منه بإنذار أن يتوب، إنّما يستدرك مظهراً ما يشفع له:

"ولكن عندك هذا أنّك تبغض أعمال النِّقولاّويّين الّتي أبغضها أنا أيضاً".


وعلى العكس من ملاك أفسس، فهو يأخذ على ملاك كنيسة برغامس أنّه يتساهل مع النِّقولاّويّين، على الرّغم من مديحه له في أمور أخرى، طالباً منه التّوبة:

"هكذا عندك أنت أيضاً قوم متمسّكون بتعاليم النِّقولاّويّين الّذي أبغضه. فتب و إلاّ فإنّي آتيك سريعاً وأحاربهم بسيف فمي".


على مثال كنيسة برغامس، هناك ثناء على ملاك الكنيسة الّتي في ثياتيرا. لكن هناك توبيخ بشأن التّساهل مع المرأة ايزابل الّتي تعلّم مدّعية كذباً بالنبوّة:


"لكن عندي عليك أنّك تسيب المرأة ايزابل الّتي تقول إنّها نبيّة حتّى تعلّم وتغوي عبيدي أن يزنوا ويأكلوا ما ذبح للأوثان... ها أنا ألقيها في فراش والّذين يزنون معها في ضيقة عظيمة إن كانوا لا يتوبون عن أعمالهم. وأولادها أقتلهم بالموت...".


وفي الحقيقة هل كان ممكناً أن تتحقّق تلك الأعجوبة الكبرى فلا يتغيّر جوهريّاً إيمان كنيسة المسيح وحياتها من خلال ألفين من السنين، لولا موقف آبائها الّذين جاهدوا بمعونة الثّالوث بثبات ومرارة حتّى الدّم، فحافظوا بأمانة على ما تسلّموه من الرّسل والرّبّ يسوع. ولذلك بقي موقفهم هو هو نفسه ضدّ كلّ بدعة وانحراف "أمساً واليوم وغداً"

 
قديم 07 - 08 - 2014, 01:37 PM   رقم المشاركة : ( 4864 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,040

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

في شأن الأطفال في المسيح
للأب أبيفانيوس ثيودوروبولوس
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
· خير لك أن تكلم الله كثيراً في شأن أطفالك من أن تكلم أطفالك كثيراً في شأن الله.
· عليك، ابتغاء تنشئة أطفالك تنشئة مسيحية، أن تقلل من الكلام، أن تُكثر من المثال الطيِّب، وأن تصلي من أجلهم كثيراً.
· قالت إحدى الأمهات للكاهن في جلسة اعتراف: أعاني من القلق الشديد في شأن أولادي. أخشى أن يصيبهم سوء. ألف فكر يخطر ببالي في هذا الشأن!
أجاب الكاهن بسرعة وبثقة: "ومن قال لكِ أن أطفالك لكِ؟ إنهم لله! أطفالك هم قطيعه الصغير وأنتِ أقامكِ لحراستهم!"
· سأل أحدهم الكاهن: كيف يكون الله محبة وهو يسمح أن يموت الأطفال الصغار؟ فأجاب: لقد جعل الأهل موكلين بأطفاله هو لا بأطفالم هم. الأطفال لله وليسوا لهم. أحياناً كثيرة حين يموت الأطفال الصغار يكون قد صنع ما يصنعه الراعي بخروف لا يشاء أن يدخل الحظيرة.
يأخذه ويجعله بقربه، في الحظيرة، رغماً عنه لئلا يبقى خارجاً وتفترسه الذئاب.
· على الأهل أن يحبوا ولدهم كما هو لا كما يريدونه أن يكون، صورة ً عنهم.
· سأل ولد أحد الكهنة: قبل أن أولد أين كنتُ؟ فأجابه: كنتَ في فكر الله!

· فيما كان العم يلاعب ابنة أخيه ضربته على وجهه، وكان الكاهن حاضراً.
سأل الكاهن الطفلة أن تطلب المسامحة من عمها، فلم تشأ. قال الكاهن: انظروا كم يخشى الشيطان كلمة سامحني. فلما عاندت وزادت قال لها بلهجة قاسية: إذا لم تقولي سامحني فسيصيبك مرض! فقالت سامحني بصوت خفيف!
فأردف: قوليها بصوت عال ليسمع الشيطان ويهرب! فقالت: سامحني، بصوت مرتفع! إذ ذاك أخذها الكاهن وقبّلها وأعطاها بركة لأنها طردت الشيطان!
من كتاب "إرشادات للحياة"
للأب أبيفانيوس ثيودوروبولوس
 
قديم 07 - 08 - 2014, 01:38 PM   رقم المشاركة : ( 4865 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,040

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بالقداسة لا بالعقل
نحفظ العالم!
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأرشمندريت توما (بيطار)
رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي - دوما
قالوا: وراء كلّ حرب أسباب اقتصاديّة، ونقول: وراء كلّ حرب شهوات! المعاناة الاقتصاديّة، وتالياً الحروب والكوارث، وراءها، إلى حدّ بعيد، صراع أهواء. إنْظِم الأهواء ينتظم كلّ شيء، الطبيعة والنّاس وما إليهما!
من هنا القول اليعقوبي، في العهد الجديد: "من أين الحروب والخصومات بينكم، أليست من هنا، من لذّاتكم المحارِبة في أعضائكم" (يع 4: 1)؟ هؤلاء الذين نلقاهم في موقع القيادة، هنا وثمّة، هم بشر لا آلات.
الإنسان الكامل ليس هو الآلة الفكريّة التي تعمل بلا خلل بل الإنسان الذي يضبط أهواءه، أي مَن يكون في مسير اللاهوى، وهذه حالة روحيّة سامية يبلغها الإنسان بالتّعاون ونعمة الله.
لذا وإن كانت الأسباب الموضوعيّة تؤثّر في المواقف التي يقفها النّاس من كلّ قضيّة على الأرض، فإنّ للأسباب الروحيّة التأثير الأكبر والكلمة الفصل في كلّ موقف. حبّ الرئاسة، شهوة الغنى، روح التسلّط، الحسد الخ... هذه، بامتياز، هي القوى التي تسيِّر العالم من جهة ما لمساهمة النّاس فيه.
طبعاً الله هو سيّد التاريخ أوّلاً وأخيراً. ولكن مهما كان القائد، أيّ قائد، عقلانيّاً وموضوعيّاً فإنّه لا يقدر أن يتنزّه عن الاعتبارات الشخصيّة الخاصّة به. دوافع عمليّاته العقليّة قائمة في أهوائه شاء أم أبى.
من هنا أنّ ما يقال في شأن أيّ مسألة سياسيّة أو اقتصاديّة أو اجتماعيّة، وكذا تاريخيّة وحتى علميّة، وما يصف به المحلِّلون أيّ وضعيّة، يتراوح بين الكذب المتعمَّد والجهل.
مَن لا يعرف حقيقة النفس البشريّة يُسْقِط على القضايا المطروحة تفسيرات مختلقة، ولا يستطيع أن يعرف حقيقة ما يجري في العالم. شواش يستوضح شواشاً! العقل المتبجِّح، خِلواً من معرفةِ ما في عمق الذات، قوّة غباء مدمِّرة! ما هو غير منظور في قلب الإنسان، في كيانه، وأقصد أهواءه، أو الالتماعات الكهربيّة في عمق نفسه، هو ما يتحكّم في كلّ ما هو ماديّ ونفسيّ وفكريّ في حياة الإنسان وعالمه.
إما أنّ تكون العين إلى داخل القلب أو يقيم الإنسان في العمى! الجسد ( بما فيه العقل ) لا ينفع شيئاً، الروح ( روح الرّبّ ) هو الذي يحيي (يو 6: 63).
خذْ الحسد! مَن يقيم وزناً للحسد، بعدُ، اليوم؟ في زمن العقلنة، الحسد من بقايا وجدانات الشعوب البدائيّة في شأن المحظورات الدينيّة والاجتماعيّة (Taboos).
إن تتكلّم على الحسد، اليوم، تكنْ متخلِّفاً! التفسير العقلانيّ النفسانيّ (Psychological) أحال الحسد، كقوّة مؤثّرة في حياة الشعوب، على التقاعد! رغم ذلك لا قوّة في العالم تؤثّر في مواقف النّاس، فراداً وجماعات، حيال بعضهم البعض وبيئتهم، أكثر من الحسد.
كلّ ما يفعله الإنسان، كائناً ما كان، فيه مِسحة حسد! طالما الإنسان، في وجهٍ من وجوهه، كائن اجتماعيّ فإمّا أن يتعاطى الحبّ وإمّا أن يتعاطى الحسد. فأمّا الحبّ فرقيٌّ في النفس لا يقتنيه الإنسان إلاّ بشقّ النفس وبذل الدّم ونعمة الله.
فيما عدا ذلك، كلّ إنسان حسود بمقدار! طالما المرء أسير حبّ الذات فلا يقدر إلاّ أن يكون حسوداً! طبعاً هناك درجات من الحسد، تتراوح بين الغيرة الملطّفة والحسد التآمري القاتل! لا يعي الإنسان، أحياناً، ما يفعل، لكنّه يتحرّك بقوّة الحسد. هذا ما يباشر به، طفلاً، حالما يعي ذاته بإزاء العالم. يريد كلّ شيء لنفسه.
ثمّ تشتدّ أزمة الحسد لديه بعد وصول مولود جديد إلى العائلة. والنتيجة اضطراب يعتور إحساس الطفل وسلوكه، وقد ينعكس ارتداداً قاسياً في النمو النفسيّ والجسديّ إلى الوراء. هذا يظنّون أنّه من طبيعة الإنسان، لكنّه حالٌ ملتبسة يتداخل فيها وعي الإنسان لذاتِه بإزاء العالم، بعدما كان وعالمِه، وجدانيّاً، واحداً، وميل واضح جارف إلى امتلاك العالم.
من هناك، من تلك البداية، ينطلق الإنسان في رحلة العمرِ ملتمساً لنفسه هوّيةً بناءً لما لديه. يصير الإنسان، بالممارسة، ما يملك. يماهي نفسه بما عنده. وما دام هذا حالَه لا يقدر إلاّ أن يتعاطى الحسد ما لم يحظَ، من خلال التنشئة، ومن ثمَّ الجهد الشخصي، بالتنقية، ويحقّق، بنعمة الله، فكاكاً بين الهوّية الذاتيّة وحبّ القنية، فيصير، بالإيمان بالله، قادراً على اكتشاف هوّية له جديدة مقتَرِنة لا بحبّ القنية بل بحبّ الآخرين.
إذاً الحسدُ واقعُ البشريّة، كلِّ البشريّة. فلا عَجَب إن قال كاتب سفر الجامعة: "رأيت كلّ التعب وكلّ فلاحِ عملٍ أنّه حسد الإنسان من قريبه" (4: 4).
أمّا بشأن مفاعيل الحسد فحدّث ولا حرج. كلّ العالم مُعطى للحسود في عين نفسه. ليس شيء ذو قيمة بمنأى عن شهوة الحسود! أحدهم قيل عنه، مرّة، إنّه عاتِبٌ على ربّه لأنّه خَلَقَ غيره! كم هذا معبِّر، بعامة، عن واقع البشريّة!
الحسود واجد متعة له في إصابة الآخرين بالأذى، ويشعر بالضيق إذا ما أصاب أحدُهم نجاحاً! الحسود خبير، بالوضع، بتبرير الذات وحُسْن تعليل ما يصيب الآخرين من أسواء! الحسد اضطراب دائم لا شِبَع فيه! الحسد قاتل! السيّد أسلموه حسداً! إن لم يتآمر الحسود على سواه بصورة محسوسة طعنه في نفسه حتى الإلغاء! اخترع عليه الإساءات! شكّك به في نفسه!
لا خير في الدنيا في عين الحاسد! كلٌّ، في نظره، يطلب ما لنفسه! وحده الحاسد يحسب نفسه في موقع المُحِقّ. يُخيَّل إليه أنّه صاحب حقّ ومحبّ للحقّ! ليس مجرمٌ كالحسود لأنّه يجد لذّة في قتل الآخرين في نفسه! الحسود كذّاب! إن تكلّم بالحقّ كان ذلك في معرض الكذب وإن تكلّم بالكذب كان ذلك مصحوباً بالظنّ أنّه في الحقّ! بعدما قيل عن إبليس إنّه الكذّاب والقتّال، فإنّ كلّ حسود مرشّح لأن يكون ابن إبليس!
والحسد قوّة سالبة رهيبة تتخطّى مجرّد مواقف النّاس حيال بعضهم البعض. الحسد قوّة تؤذي عن بعد! تتخطّى الحواجز الماديّة! تفتك بالكبار والصغار والخَلْق والمزروعات! بالحسد تُحدث شجاراً بين الناس وتتسبَّب بأمراض وحوادث لا عدّ لها ولا حصر!
لا العامة فقط تقول الحسد بل القدّيسون والكنيسة أيضاً. أخبَروا عن إنسان مُجِدّ في الكنيسة قتله أقرانُه بالحسد! وأخبر الشيخ بورفيريوس الرائي عن إناء جميل حطّمته امرأة بالحسد، وعن قطعة قماش مميّزة مزّقتها حماة لكنّتها وكان مقفلاً عليها في الخزانة! والكنيسة تصلّي لتحفظ المؤمن من عين الحاسد!
لا شيء يقف في وجه الحسد إلاّ ذِكر اسم الرّبّ يسوع والصلاة والسلوك في الوصايا الإلهيّة. والحسد يتكثّف فيتسبّب بكوارث، وكذا كلّ هوى شرّير آخر. هذه طاقة سالبة تفتك بكلّ شيء!
والأهواء تنطلق من مصدر واحد وتجتمع إلى منبع واحد: "حبّ الذات"! بحبّ الذات ويا للمفارقة يدمّر الإنسان نفسَه وسواه والأرض! ولولا نعمة الله والقدّيسين الذين يبثّون طاقة خيِّرة موجبة في العالم لما بقي العالم إلى الآن!

أكثر ما يحدث من ويلات، في العالم، اليوم، مردّه الطاقة السالبة المنبعثة من قلوب النّاس، ومن خلالها من حسد الشيطان! الأهواء عوامل الروح الغريب في النّفس، بها يبثّ الإنسان الموت ويضرب خليقة الله: البشرَ والطبيعةَ والحجر! والعقل، في ذاته، في ذلك كلّه، أعجز من أن يوقف انحدار البشريّة إلى الهاوية.
بالعكس، كلّما ازداد النشاط العقليّ للإنسان كلّما ساعد ذلك، في إطار الواقع الأهوائيّ للإنسان، في تنظيم خراب البشريّة وخليقة الله وسرّع حركتها. "إن كانت عينك [أي قلبك] شرّيرة فجسدك كلّه [بما فيه عقلك] يكون مظلماً" (مت 6: 23).
لا شيء بعد ذلك ينفع! الإنسان قلب لذا العمل الأوّل للإنسان، كلّ يوم، هو هذا: تنقية القلب! لا يستقيم عقل الإنسان إلاّ إذا حكمه قلب نقيّ ونيّةٌ صالحة! حيث لا مسعى لتنقية القلب يقيم الإنسان في الشقاء ويموت في الشقاء.
مهما فعل، بعد ذلك، لا يستطيع شيئاً! لا تحيا الأرض ولا تتجدّد إلاّ بالقدّيسين! وحدهم هؤلاء يبثّون فيها البَرَكة والحياة والازدهار! ومن دونهم يستهلك النّاس الأرض حتّى الفناء!

 
قديم 07 - 08 - 2014, 01:40 PM   رقم المشاركة : ( 4866 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,040

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

طرق بيتك في قلوبهم
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
طوبى لأُناس عزهم بك. طرق بيتك في قلوبهم.
عابرين في وادي البُكاء، يُصيِّرونه ينبوعًا ( مز 84: 5 ، 6)
مَن هم الذين يستطيعون أن يُصيِّروا وادي البكاء ينبوعًا؟ هم أولئك الذين وصفهم الوحي بالقول: «طوبى لأُناس عزهم بك، طرق بيتك في قلوبهم، عابرين في وادي البكاء، يُصيِّرونه ينبوعًا».
نحن بالفعل عابرين لان العالم لايدوم ولا هو وطن لنا، والمؤمن الحقيقي يعلم ان له وطن حقيقي في الأعالي، نحن في الطريق اليه ويجب أن نكون عابرين ومعتزين بالرب.
فلا يمكن أن يكون الينبوع جاريًا إلا إذا كانوا عابرين، فإذا استراحوا فإن مياههم تقف عن الجريان ويصبح ينبوعهم راكدًا. إنما نحن هنا غرباء ونُزلاء،
ليس لنا هنا قرار ولا وطن، فيجب أن نسير إليه بكل جد ونشاط واهتمام بلا توانِ ولا كسل، كالعروس التي تشتاق إلى عريسها وتسرع لكي تلاقيه.
وعند مُلاقاتنا بالرب تنتهي أتعابنا وأنّاتنا وتنهداتنا واحزاننا.
لابد ان نكون كأُناس ينتظرون مستقبلاً سعيدًا ومجدًا لم تَره عين، ولا يمكن وصفه.

والحقيقه اننا أصبحنا كالعبد القائل: «سيدي يُبطئ قدومه»، أصبحنا وكأننا قد تعوّدنا على آلام الحياة فلا نريد أن نترك عاداتنا.

أصبحنا وكأننا نسينا مستقبلنا، فلا نريد أن نصل الي سعادتنا، لذلك جئنا في وسط الوادي وصنعنا لأنفسنا بيوتًا لا من طين بل من حجارة، وجمعنا لأنفسنا فيها كل ملذات الحياه وكأن كلاً منا قال:

نامي الآن يا نفسي واستريحي، لأن لكِ خيرات كثيرة، ولن يأتي السيد إلا بعد سنين عديدة، ولكن في أثناء هذا النوم العميق ينادينا صوت النعمة الحلو: «هوذا العريس مُقبل، فاخرجن للقائه!».

يجب أن يكون المؤمنون أيضًا عابدين: «طرق بيتك في قلوبهم»، مما يبرهن على شدة تعلق هؤلاء المؤمنين المطوّبين ومشغوليتهم ببيت الله، حتى لقد أصبح الطريق إليه له مكان في قلوبهم،

فيستطيع الواحد منهم أن يقول:
«فرحت بالقائلين لي: إلى بيت الرب نذهب» ( مز 122: 1 )،
«هوذا ما أحسن وما أجمل أن يسكن الإخوة معًا» ( مز 133: 1 ).

إن مَن تكون هذه حالتهم، لا بد أن يجدوا في حضرة الرب الأمين أفراحًا غزيرة وتعزيات وافرة تفيض على جميع أرجاء هذا الوادي، فتملأه فرحًا وسرورًا.

ثم يجب أن يكون المؤمنون معتزين بالله، يرون في الانتماء إليه عزهم، وفي الانضمام تحت رايته فخرهم. أولئك هم المؤمنون الحقيقيون الذين يستطيعون أن يكونوا بركة وفرحًا وسلامًا لعائلاتهم ومجتمعاتهم وللعالم.
 
قديم 07 - 08 - 2014, 01:43 PM   رقم المشاركة : ( 4867 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,040

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

يسوع الكلّ في الكلّ
اجاب بطرس حينئذ وقال
"يا سيّد ها قد تركنا كلّ شيء وتبعناك"
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بولس متروبوليت حلب والاسكندرون وتوابعهما
لا توجد عبارة أكثر لياقة وجمالاً من هذه العبارة، والتي يمكن لنا أن نقدّمها مقابل نزول الروح القدس إلينا الأحد الماضي في العنصرة.
تقيم الكنيسة في هذا الأحد، التالي للعنصرة، تذكاراً لجميع القدّيسين. إنَّ هذه السحابة من القدّيسين تبرهن على أنَّ العنصرة حدثٌ مستمرّ في التاريخ، وأنَّ الروح القدس فاعلٌ أبداً؛ وهذه الثمار أفضل برهان.
هذه إرادة الله:
أن نكون قدّيسين كما أنَّ أبانا السماويّ قدوس.
إرادة الله هي أن ندخل في شركة قداسته.
في البدء كان الكلمة (المسيح)، والكلمة الأقنوم الثاني كان عند الله أي مع الله، في حركة اتصالٍ وحبٍّ دائم. كان الكلمة يتّجه نحو الله. وهذه الكلمة صار جسداً وأراد يسوع أن يجعل الناس يتّجهون بدورهم نحو الله، وبكلمة أخرى أرادهم أن يشاركوه المجد الذي كان له عند أبيه.
لقد جاء يسوع ليحقّق إرادة الآب وليشركنا نحن البشـــر في حياة الثـــالوث
الأقدس، أي لنتَّجه بحبّنا وحركتنا نحو الآب.
وبعد الصعود أرسل لنا المسيحُ الروحَ القدس ليرشدنا إلى كامل الحقيقة، والحقيقة هي المسيح؛ والمسيح يتجه بنا نحو الآب. لقد نزل الروح القدس يوم العنصرة ليتابع ما بدأه يسوع، أي ليصرخ "فينا بأناتٍ لا توصف: أبّا أيها الآب".
من هو القدّيس إذن؟ إنّه من يصرخ كالعروس مع الروح إلى المسيح: "تعال". نعم، أنتَ دَعَوْتَنا ونحنُ تبعناك؛ بحسب تعبير الكلمات الأخيرة من سفر الرؤيا. القدّيس هو من يحرك قوّة حبّه باتجاه الله.
والروح هو الذي يدفعنا ويقودنا إلى ذلك. إنَّ نزول الروح القدس يتطلّب منّا موقفاً حيّاً يُعبَّر عنه بأجمل كلمة: "ها قد تركنا كلّ شيء وتبعناك".
يتوقف القدّيس يوحنا الذهبيّ الفم في شرحه لهذه العبارة ليتساءل:

"ماذا تركت يا بطرس"؟
أليس مجرّد شبكة وأسماك؟ لم يكن بطرس غنياً أو من عظام أبناء الدهر...
هنا يكمن سرّ "الترك" الذي حقّقه بطرس، في أنّه حوَّل الحبّ من كلّ شيء إلى يسوع، ولو قدَّم هو أيضاً فلسَ الأرملة. نحن نترك كلّ شيء، أكان هذا الشيء صغيراً أم كبيراً لا يهمّ، المهمّ أن يصير المسيح لنا كلّ شيء. وهذه هي القداسة.
القداسة هي أكثر بكثير من بعض الكمالات الأخلاقيّة وهي أكثر من تصرّفات كفضائل نسمّيها مسيحيّة. هذه الأخيرة نتائج لقلبٍ يحبّ كثيراً وصار المسيح بالنسبة له الحبّ كلّه.
هذه المحبّة لا تتطلب هجراناً أو تنكُّراً لأي محبوب آخر. لذلك قال يسوع "من أحبَّ... أكثر مني فهو لا يستحقني". وهذا يوضح أمرين، أولاً التراتبيّة في القلب وثانياً تصنيف هذا الحبّ.
أولاً عندما يكون يسوع بالنسبة لنا كلّ شيء، فإنَّ أي حبّ آخر يعارض ذلك مرفوض وثانياً أمام حبّ يسوع يسقط أي حبٍّ وثني أو أيّة عاطفة أنانيّة عند قدميّ يسوع، نقدّم كلّ حبٍّ لنا مع أيّ محبوب، نقدّمه صلاةً وشفاعةً وخدمة وتفانياً.
أليس هو من أوصانا: "أحبّوا بعضكم بعضاً كما أنا أحببتكم"! ومن هذا المنظار ليس القدّيس مَنْ لا يحبّ إلاَّ يسوع فقط؛ إنّما هو من يحبّ بيسوع كلّ شيء. لأنَّ كلّ شيء هو فرصة نبرهن من خلالها أنّنا نحبّ يسوع.
خاصّةً عندما نتذكر أنَّ كلّ شيء هو محبوبٌ أيضاً من يسوع، وأنَّ سيدنا قد جعله في دربنا لنحمله صليباً، لنحمله رسالةً، أو لنحمل إليه بشارة. القدّيس هو من أدرك أنّه مجرّد رسول للربّ يسوع، وأنَّ كلّ إنسان معشوق لأنّه موضوع حبِّ سيده وأنَّ ربّنا أرسله إليه.
أنحنُ والدون، فلنحبّ أولادنا حتّى النهاية، وهل من حبٍّ أعظم من هذا أن نوجههم إلى يسوع؟ وبهذا نتابع إذن عمل الروح القدوس. إن أحببنا في أولادنا مشاعرنا أكثر من يسوع فنحن من جهة لا نحبّهم الحبّ الحقّ، ومن الناحية الثانية لا نستحقّ الربّ.
القدّيس هو من أحبّ الربّ لدرجة صار فيها كلّ ما يحبّه ربُّه محبوباً لديه.
وكما يقول بولس الرسول في رسالته اليوم إلى العبرانيين: "فنحن أيضاً إذ يحدقُ بنا مثل هذه السحابة من الشهود فلنلقِ عنَّا كلّ ثقلٍ... ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمّله يسوع".
مع جميع هؤلاء القدّيسين، نصرخ إذن يا سيّد إنّنا نترك كلّ شيء لأننا تبعناك، ونصرخ مع الروح نحو العروس: "أيها الربّ يسوع تعال". وللربّ يسوع دائماً جوابنا "نعم" وليس لنا فيه لا.
فيا أيها الملك السماويّ هلمَّ اسكنْ فينا وطهِّرْنا من كلّ دنسٍ،
وطهِّر الحبّ فينا لنكون على درب قدّيسيك. آميــن
 
قديم 07 - 08 - 2014, 01:46 PM   رقم المشاركة : ( 4868 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,040

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القداسة


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المطران جورج خضر

القداسة ابتغاؤنا. كل شيء عظيم بعد نفحات النعمة ينشأ بالجهد. النعمة يجب ان تحبّها وتتلقاها وتعمل على إثمارها لأنك أنت التربة. وهذا ممكن لأن الله يحبك ولأنك قادر على طاعته، الطاعة حتى شهادة الدم إن طلبها الرب.

عندما ندعو أحداً الى القداسة كثيراً ما يقول: "شو أنا المسيح؟" المضمون في هذا الاعتراض أن القداسة استثنائيّة او هي لنخبة نادرة وبخاصة جماعة الرهبان.

ربما لأن أكثر المطوّبين منهم ما خلا الشهداء ولكن عندنا في التقويم مجموعة من المتزوّجين منهم ملوك وعسكر وفلاحون اذ المسيحيّة ليست كمّ الصلوات ولكن طهارة القلب واستقامة المعتقد والبساطة والتواضع والغفران والمحبة.

فالفضيلة ليست حكراً على أهل الأديار وخدام الكنيسة. انها نوعية وجود بقهر الشهوة الضارة والبقاء على الرغبات الشرعيّة وان تصير النفس والنيّة إنجيلاً حيا فحيثما يتجلّى المسيح في انسان بالكلمة والسلوك فهناك رسالة لله غير مكتوبة.

هؤلاء المرتبطون بالسيّد والمتعلّقون به منذ نشأة المسيحيّة حتى اليوم هم الكنيسة. هؤلاء كان الروح القدس معلّمهم.. ....

هكذا ينشأ الراغبون في القداسة على القابض على تراث البر او تطول قامتهم الروحية بكلمة الله المباشرة.

"إرادة الله قداستكم" (1تسالونيكي 3:4).

هذا كلام مرسَل الى جميع الناس وليس فقط الى طغمة معيّنة ذات مناصب او مسؤوليات معيّنة في الكنيسة. ذلك ان الله قال ايضا: "كونوا قديسين كما اني انا قدوس" (1بطرس 16:1).

وهذا ليس المقصود فيه القديسين المطوّبين. فغير القديسين في السماء لم تعلن الكنيسة قداستهم. والقديسون على الأرض كثر ويتعاطون جميع الأعمال في دنيانا. والقداسة مطلوبة من جميع الأعمار والأجيال. وليس صحيحا ان الأبرار فقط من الكهول والشيوخ، اذ القداسة ليس لها عمر، ومداخلة الله في كل القلوب ممكنة حسب مقدار الطاعة. ذلك ان الجهد يريد الله كل أبنائه ان يبذلوه.

والطهارة ممكن تقبّلها في اية سن.

القداسة ليست نزاهة عن كل ضعف او سقطة لأن القيام ممكن بعد كل وقعة. ولكن المهم الا يستسلم المرء لأهوائه ورغباته الساقطة وان يؤمن ان قيامة النفس من الخطيئة ممكنة ابدا. ان الذين اطّلعوا على تاريخ آبائنا القديسين يعلمون انهم عانوا التجارب وان هذا او ذاك منهم لم يتمجّدوا طوال حياتهم على خط مستقيم وقيامات مطردة.

هناك سقوط وهناك قيام. المهم ان يعرف المؤمن قواعد القيام وان يتوب في عمق وان يصمم على استضافة الله في قلبه بعد كل إغراء أصابه. المهم الا يصالح الانسان خطيئة وقع فيها وان يكرهها كليّا. المهم ان يحب معايشة الرب. "ما أحلى الرجوع اليه". المهم ان يجد فرحه في المسيح وان تتمزّق أحشاؤه ان هو أخطأ. المبتغى ان يسعى الى ان يكون انسانا فصحيا لا مكانة فيه للاستلذاذ بالشر وان يبغض الخطيئة في كل انسان آخر حتى نخرج جميعا الى القيامة لأن القيامة هي الحرية.


وحيث الحرية فهناك روح الرب ونصبح، اذ ذاك، روحًا واحدًا معه. عند ذاك لا مجال لعبوديّتنا للشر. ليس من الحقيقة ان الانسان ميال الى الشر بالدرجة الأولى. هناك عشاق للخير وغلابون للميول الفاسدة فيهم. هناك من تلألأ بالحب الإلهي وجعله صبغته الدائمة كائنة ما كانت الجهود لحفاظه على البر. ذلك ان البر مكلف والتدثر به تعزية لا توصف. نظهر اننا ندوس غبار هذه الدنيا ولكننا معلقون حقا في السماء. ورأسنا يصل كل يوم الى عتباتها حتى يخطفنا الملكوت في فرح يفوق بلا تصوّر لذات الدنيا.

لم يمنعنا الرب عن اللذت الشرعيّة في دنيانا لكنه لا يريد ان تدخل الى قلوبنا. هو حريص على ان يسكن وحده القلب البشري. والدنيا نستعملها ولا تستعملنا.

نستعبد الأشياء التي في حوزتنا لأن من ساده الله يسود هو كل شيء. والدنيا تترجَم مالا وحذّرنا يسوع ان نعبده عبادة لأن الله واحد ولا يقبل الشرك. نتزوج وزوجتنا اخت ورفيقة درب لكنها مشاركة ايانا في محبة الرب. الطريق الى الرب تستعمل كل الطرق المؤدية اليه. الله هو المحبوب الوحيد والأخير وان كانت لنا مودات اباحها الخالق وأباحها الفداء واذا كان لنا جسد فلا نطلبنّ ان نكون ملائكة ولكن نسعى الى ان نتخلّق بأخلاق الرب وان نتأله بالنعمة.

هكذا نكون واحدا مع جميع القديسين الذين في السماء والذين على الأرض. نناجيهم ويناجوننا ويكتمل فرحنا بهم. هذا ما نسمّيه مشاركة القديسين. وهؤلاء هم أهل الله وهكذا ننجو من العذاب ولو أصابنا المرض وكثرة من العذابات. وهذا هو الصليب الذي لا يبلغ احد من دونه القيامة وهو نفسه بدء القيامة هنا.

فالمسيح هو مركز وجودنا أكنّا أصحاء ام مرضى، مثقفين كنا ام غير مثقفين. فاذا استنار القلب بالروح القدس يكون للعقل سلامة الله ولا يبقى العقل معقدًا او مرتبكًا او شاكًا اذا كان فيه ما سماه بولس "فكر المسيح".

وبه نترك كل فكر مناقض ونعقل كل الوجود كما يعقله الله. بذا نصبح عشراء الله ومن لحم المسيح وعظامه اي كل من المقدسين يصير مسيحا بدوره كما تعلّم كتبنا.

العقل، اذ ذاك، يتمسحن وكذلك القلب ونغدو كيانات من نور وتزول عنا الترابيّة فنغدو في الأخير نورًا محضًا ويرانا الله من ضيائه. وفي اليوم الأخير بسبب من تنوّر البشر يصير الكون المادي كله نورا كما يعلّم مكسيموس المعترف ونورنا يتعرّف الى نور الكون. وهذا النور المعمّم يصبح مسكن الله.

تلك هي القداسة التي نعرفها من الكتب الإلهيّة ومن تراث الطاهرين. ويلحّ الله علينا ان نتسربل هذا النور كما هو متسربله. نحن مدينون فقط لهذا العطاء النوراني ولا نستطيع ان نرتضي شيئًا دونه اذ لا تبقى رغبة الا فيه
 
قديم 07 - 08 - 2014, 01:48 PM   رقم المشاركة : ( 4869 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,040

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

نحو حياة روحية مثمِرة
لماذا لا تؤدّي رغبتنا بعيش حياة أفضل وأكثر قداسة إلى ما نصبو إليه؟
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
من رسائل غريغوريوس ميتروبوليت نوفوغورد
نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
غالباً ما تكون نيّتنا، بأن نصحّح أنفسنا ونحيا حياة مقدّسة، غامضة وغير محددة. هذا هو
السبب الأوّل الذي يجعل هذه النيّة بلا نتيجة.على سبيل المثال، إنسان قد أخطأ يقول لنفسه:

"إنه وقت مناسب لي لأن أتوقّف عن الخطيئة، وقت لتغيير سبيلي! أنا أتوب! لن أعود للخطيئة!" النيّة هنا غير محدّدة فعلاً.
ولهذا السبب، بالرغم من إمكانية كونها صادقة، فهي غير جديرة بالاعتماد وقد لا تحقق الإصلاح المنشود.
مَن عنده رغبة صادقة بتغيير نفسه، عليه قبل كل شيء أن يحدد بالضبط ما ينبغي تصحيحه. عليه أن يحدد ما هي خطيئته الكبرى والسبل التي ينبغي به استعمالها في مواجهتها، والأخطار التي عليه تجنبها كي لا يسقط مجدداً في هذه الخطيئة، كونها صارت عادةً وجزءاً من حياته.
ينبغي أن يأتي كلّ هذا الفكر وهذا الامتحان للذات أولاً، وعندها فقط يؤخَذ قرار ما، وينبغي أن يكون قراراً محدداً، مثل:
"كفى! بمعونة الله أنا لن أقع بعد الآن في هذه الخطيئة أو تلك؛ سوف أقطع هذه العادة الرديئة؛ أنا لن أعاشر بعد الآن هؤلاء الذين شجّعوني على هذه العادة؛ سوف أقطع تلك العلاقة الفاسدة؛ سوف أستعمل الوسائل الفلانية ضد هذه الخطيئة؛ سوف أسلّح نفسي وأحشد كلّ قواي ضدها عندما تبدأ مجدداً بإغرائي".
الأمر نفسه ينبغي قوله عند اتّخاذ القرار بعيش حياة بارّة. مجرّد أن نقول لأنفسنا "منذ هذه اللحظة سوف أحيا بحسب ما يرضي الله" ليس كافياً بأي شكل.
هذا القرار غير نهائي كما ينبغي، ومع أنه قد يكون صادراً من القلب، ليس مؤكّداً بأنّ له أيّ تأثير. مَن يرغب بترك حياة الخطيئة والسلوك في حياة البِرّ، عليه قبل كلّ شيء أن يفحص الالتزامات التي يصعب عليه تحقيقها ولا يرغب في إتمامها؛ ما الذي يمنعه بالتحديد من تحقيقها؛ ماذا عليه أن يفعل، أيّ وسائل عليه أن يمتلك للإيفاء بهذه الالتزامات بشكل أيسر.
بعد هذا، عليه أن يأخذ قراراً واضحاً، على مثال: "الآن، بمعونة الله سوف أحاول أن أفي بهذا الالتزام الذي إلى الآن لم أقم به إلا على نحو هزيل؛ سوف أنكبّ على استعمال هذه الوسائل بهدف تحقيقه. مثلاً، عندما يؤذيني شخص ما، سوف أكون أكثر صبراً. سوف لن أبادر إلى الشتائم واللغة النابية، وما هو أفضل، سوف لن أردّ أبداً؛ مع الصحبة الفلانية سوف أكون أكثر حذراً في ما أقول؛ في الأوقات الفلانية سوف أحاول أن أصلّي بحماسة أكبر، هذا ما لم أفعله إلى الآن، وهكذا".
بشكل عام، بقدر ما تكون نيّة الإنسان أكثر تصميماً على تغيير حياته الخاطئة والعيش ببرّ، تكون أكثر ملاءمة لظروفه الخاصّة، لحالة نفسه، علاقته بالآخرين، وغيرها، وعلى هذا القدر يزيد الأمل بتحقيقها.
عندما يكون الأمر أكثر تحديداً، يصير توجيه الأفكار والقدرة نحو أمر ما أكثر سهولة، وهكذا بالطبع يصير تحقيق هذا الأمر المرغوب أكثر سهولة.
سبب آخر يجعل نوايانا الحسنة تفشل هو أننا لا نثبت بحزم عند قرارنا. ما أن يمرّ بالجهد يومان أو ثلاثة بعد اتخاذنا القرار، وفيما نحن في روتيننا اليومي في خضمّ اهتماماتنا ومساعينا الدنيوية، حتى ننسى ما عزمنا عليه، مع أننا نكون قد عقدنا هذا العزم بما يكفي من التصميم.
لهذا السبب، إذا كنا نرغب فعلاً في تحقيق نيّتنا الحسنة، على كل واحد، كل صباح بعد صلاته الصباحية، أن يستعيد مباشرة إلى ذهنه قراره ويجدّده قائلاً في قلبه: "لقد وعدتُ الله بالتحوّل عن هذه الخطيئة؛ لقد أردت فعلاً أن أنجز هذا التعهّد؛ عليّ أن أحفظ وعدي!"
بعد تجديد عزمنا الحسن على هذا المنوال، علينا أن نصلّي بحرارة إلى الله ليمنحنا القوة الكافية للقيام بهذا الأمر.
وبالطريقة عينها، ينبغي أن نجدّد عهدنا خلال النهار. وعند المساء، ينبغي ألاّ نمضي إلى النوم من دون أن نتفحّص قلوبنا أولاً لنرى كيف أمضينا النهار: هل حفظنا وعدنا لله
وإذا وجدنا أننا خالفنا عهدنا، وقمنا بما هو ضد وعدنا، علينا أن نطلب الصفح من الله مباشرة، ومرة أخرى نجدّد عهدنا وننتبه لذواتنا. بهذه الطريقة يتصرّف المهتمّون بخلاص نفوسهم، وبهذه الطريقة يبلغون الخلاص.
السبب الثالث لفشلنا في تحقيق عزمنا على العيش حياة أفضل، هو خوفنا المفرِط من الصعوبات المرتبطة بهذا التعهّد.


لا يمكن بلوغ الحياة المقدّسة من دون عمل، من دون آلام وصعوبات؛ غالباً ما يتطلّب الأمر معركة طويلة وعنيفة. علينا أن نبتعد عن فرص ارتكاب الخطيئة، التي يوجد منها الكثير. علينا أن نضحّي بشتى المتَع الكثيرة الدماثة، أن نتخلّى عن الكثير من المساعي الدنيوية التي تجعل الحياة أكثر إثارة، أن نتحمّل الكثير من الأمور غير الممتعة التي، بسبب محبتنا لأنفسنا، غالباً ما يصير تحمّلها شديد الصعوبة.
على سبيل المثال، لقد عقدنا العزم على التخلّص من ميلنا الطبيعي إلى الغضب. لتحويل غضبنا علينا أن نتحمّل بهدوء الكثير مما هو بالنسبة إلينا لا يُحتَمَل، والذي ردة فعلنا العادية عليه هي سيل من الكلمات الفجّة؛ علينا ألاّ نبرر أنفسنا حتى ولو كنّا على حق؛
كثيراً ما علينا أن نصمت عندما نحسّ بحاجة ملحّة إلى الكلام؛ كثيراً ما علينا أن نتنازل للآخرين حتى عندما لا تكون الظروف تتطلب ذلك؛ علينا أن نتحمّل إساءات الآخرين كثيراً ولا نكشف انزعاجنا؛ كثيراً ما علينا أن نرغم أنفسنا على التحمّل بصبر عندما يُفترى علينا أو يُهزأ بنا وكأننا حمقى أو جبناء,
كلّ هذا ينبغي بنا تحمله إذا كنا فعلاً نرغب بتحقيق رغبتنا بالتخلّص من الغضب.
لحفظ النفس من الغضب أو من غيرها من الخطايا تواجهنا صعوبات تبدو عظيمة جداً، من بينها أنّ نفسنا تسقط في القنوط وتبدو كل جهودنا وكأنّها تتبخّر.
في هذه الحالات علينا أن نتذكّر الحقائق الإلهية والخبرات القادرة على إعادة معنوياتنا السابقة وقوتنا الماضية، وتعطينا الأمل بترك الخطيئة التي قررنا الابتعاد عنها. إذاً علينا أن نتذكّر أن الإنسان مهما ضعُف، بمعونة الله يمكنه أن يقوم بكل شيء وأن يتحمّل كل الأمور إذا كان يرغب فعلاً بأمر ما ويستعمل لأجله القوة المعطاة له من الله.
علينا أن نتذكّر ملايين الأبرار الذي سبقونا وإنكارهم لذواتهم وصبرهم وتحمّلاتهم التي تركوها لنا ولكل العالم مثالاً، علينا أن نتذكّر، قبل كلّ شيء، رغبة الله بإصلاحنا.
فبسبب هذه الرغبة، كونه يعرف ضعفنا وحاجتنا، فهو سوف يأتي لمساعدتنا ولن يخذلنا لمجرد أننا تحولنا إليه بصلاة حارة واستعملنا الوسائل والقوة التي أعطانا. علينا أن نتذكّر أنّ الصعوبات التي ترافق بشكل ثابت كل مسعى مهمّ، لا تخيف إلا الكسول وذا القلب الباهت؛
وأنّ الخطوات الأولى على طريق الإصلاح غير محبوبة وصعبة؛ وأنّه بقدر ما يتقدّم الإنسان على هذه الطريق تصير أكثر سهولة وأقلّ إيلاماً؛ وأنّ النصر الذي نحققه على عدونا يجعلنا أكثر قوة وأكثر قدرة على تحمّل الهجمات الأخرى.
علينا أن نذكّر أنفسنا دائماً بإحساس السلام والرضى الذي سوف نختبره في الأيام والساعات الأخيرة من حياتنا عندما ننظر إلى الماضي، إلى الصعوبات التي تخطيناها ببطولة، إلى الآلام الكثيرة التي احتملناها بصبر مسيحي، إلى الأهواء التي لا تحصى التي قهرناها بمحبة الله،
إلى كل الأعمال النبيلة التي أنجزناها بالسرّ أمام عيني الله فقط، إلى كلّ العطف الذي أظهرناه لإخوتنا البشر، إلى الإخلاص الذي به أتممنا تعهداتنا، في أحوال كثيرة غاصبين أنفسنا على القيام بذلك.
أخيراً، علينا أن نذكّر أنفسنا تكراراً بأننا لأجل كل هذا سوف نُكافأ في حياة الزمان الآتي حتى أنّ كل الصعوبات التي تخطيناها في هذه الحياة، وكل الآلام التي احتملناها في هذا الزمان من أجل حياة بارّة، سوف تبدو لنا صغيرة جداً وبالحقيقة تافهة،
بالمقارنة مع المكافآت السماوية. أيها الرب القدير! نحن الآن نعدّ كلّ دقيقة من التجارب والآلام ونادراً ما نفكّر بالأبدية المباركة التي تبهِج نفوس أبرارك وخدامك المخلصين. يا أخي! في جهادك نحو الحياة التي ترضي الله، عندما تَزِن صعوباتك وأحزانك الأرضية، استعمل ميزان هذه الأبدية!
فهي سوف تكون أهمّ من كل تجاربك، وكل اللذات الأرضية والملذات والمتع.
السبب الرابع الذي يجعل قرارنا يفشل، يكمن في أننا نريد أن نصير فوراً قديسين.
كثيرون، عندما يشعرون بمقتهم لسلوكهم الخاطئ، يقررون بحزم أن يغيّروا سبلهم ويقيموا بداية حسنة نحو إصلاحهم؛ لكن كون ذلك لا يتحقق بالسرعة التي يرغبون، وسواء كانوا يقعون في خطيئتهم بسبب العادة أو التهور، فمجدداً يعودون إلى خطاياهم القديمة، فيفقدون جرأتهم ويستنتجون أنّه يستحيل عليهم أن يغيّروا طرقهم.
يا أخي! يا اختي! لا يصير الناس قديسين بين ليلة وضحاها. لا يلين إنساننا القديم بسهولة ليتحوّل إلى إنسان جديد. لا تقع شجرة كبيرة لمجرد تلقّيها ضربة واحدة من الفأس.
والأمر نفسه ينطبق على كل هوى شرير متجذّر فينا. إن الطريق إلى الكمال أو النضج الروحي، غالباً ما تكون غير لافتة للنظر، مثل الكثير من الأمور في الطبيعة. يمرّ الإنسان الروحي عبر مراحل متعددة من النمو، تماماً مثل الإنسان الجسدي.
يمرّ وقت طويل في الطفولة قبل البلوغ إلى ملء الرجولة وقوتها. هناك فترة طويلة من الضعف، ومن بعدها يصير الإنسان أكثر قوة ويزداد قوة، إلى أن يصبح رجلاً في النهاية.
فقط عند ذلك العمر يصير المرء قادراً على القيام بما يلائم الرجل. على المنوال نفسه، كوز الذرة الناضج هو بالبداية بذرة فقط، من ثمّ هو ورقة من العشب، من ثمّ ساق، وفي النهاية كوز من الذرة. ولكن حتى هذا الكوز لا ينضج دفعة واحدة، بل ينمو، يزهِر، من ثم يطلِع شرّابات وعندها فقط يكون قد نضج.
هذا يصحّ على حياة البرّ! حتى أفضل رجل على الأرض لا يصير قديساً فجأة. الجزء الأكبر من كماله ينمو ببطء وشيئاً فشيئاً. يقول السيد أن الأرض الجيدة التي تتقبل البذار الصالح تأتي بثمر، بصبر (لوقا 15:8).
على الأكيد، ليس السقوط حسناً، والأفضل ألا نسقط, لكن مَن يسقط ومن ثمّ يقوم سريعاً، يصير أكثر حكمة وأكثر انتباهاً، يجدد عزمه الحسن، يصلّي بحرارة إلى الله طالباً قوّة جديدة لبلوغ الحياة البارّة. عند هذا الرجل، لا تشكّل السقطات عائقاً على طريق الكمال. فهو يكسب قوة حتى عند سقطته (سيراخ 31:3)

وكمثل الرسول بولس، يَمْتَدُّ "إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ نَحْوَ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا ناسياً مَا هُوَ وَرَاءُ"
(فيليبي 13:3-14).
هنا إذاً، بعض الأسباب التي تجعل نياتنا الحسنة، بالابتعاد عن الخطيئة والعيش حياة أفضل، لا تتحقق. فلنتجنّب هذه الأشراك، فلنحاول أن نجعل عزمنا ثابتاً قدر الإمكان،
فلنتذكّر دائماً قرارنا وباستمرار نجدده، ولا نضعف إذا لم نبلغ الكمال دفعة واحدة، بل فلنتخطَّ بشجاعة الصعوبات التي نلتقيها برجاء ثابت بمعونة الله
 
قديم 07 - 08 - 2014, 01:50 PM   رقم المشاركة : ( 4870 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,040

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بطريركية الأقباط الأرثوذكس
كنيسة السيدة العذراء مريم بمسرة
مركز الحياة الكنسية بمسرة
الكنيسة وحياة الخلاص


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الخلاص فى حياة آباء البرية
مقدمة
+ نحن في حرب لم نعرف نتيجتها بعد لأنه من الجائز ان يكسب انسان الجولة الاولى ويخسر في الجولة الثانية عشر... من يضمن النصر قيل النهاية؟ "فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ، عَلَى ظُلْمَةِ هَذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ" (أف 12:10) ولايستطيع محارب أن يقول أنه انتصر إلا بعد نهاية الحرب أي بعد خلع هذا الجسد ...
+ لذلك يقول الرسول" تمموا خلاصكم بخوف ورعدة" (في12:2) ويقول ايضا " انظروا الى نهاية سيرتهم" (عب 7:13) .
+ ويقول كذلك "هَكَذَا الْمَسِيحُ أَيْضاً، بَعْدَمَا قُدِّمَ مَرَّةً لِكَيْ يَحْمِلَ خَطَايَا كَثِيرِينَ، سَيَظْهَرُ ثَانِيَةً بِلاَ خَطِيَّةٍ لِلْخَلاَصِ لِلَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُ" (عب28:9).
+ ويقول لتمليذه تيموثاؤس " لاحظ نفسك وداوم على ذلك لانك اذا فعلت هذا، تخلص نفسك والذين يسمعونك ايضا " (1تي16:4)
وقد ظهرت بعض مفاهيم ومبادىء هذا الخلاص في حياة آباء البرية وفي سيرتهم العطرة المملؤة بالفضائل وفي تعاليمهم ورسائلهم .. منها:
- أهمية الأعمال فى الحصول على الخلاص .
- الجهاد و النعمة .
- الروح القدس و عمله فى الخلاص .
- المسيح هو مخلصنا الصالح و انه لا خلاص إلا بدم المسيح .
- تتميم الخلاص بخوف و رعدة .


1- أهمية الأعمال في الحصول على الخلاص:
الأعمال الصالحة لا يتم الخلاص بسببها ولكنها لازمة للحفاظ على هذا الخلاص الذى لا يكون الا بدم المسيح وحده. فمثلا:


من سيرة الانبا شنودة رئيس المتوحدين
[... كان على الأنبا شنوده ان يتعمق في النسك والتقشف حتى يصل إلى مرتبة الكمال الروحي وقد تطلب هذا الامر مجهودا شاقا لقد كان عليه ان يحارب الشهوات ولا سيما وهو في سن الشباب ثم كان عليه ان يتقوى بالسلاح الكامل ليصد مكايد عدو الخير. لقد كان الأنبا شنوده في حياته الديرية يقوم بأمرين هامين بجانب الدراسة أولهما هو الصلاة والصوم وثانيهما العمل اليدوي حسب القوانين الديرية حتى ينتج ما يكفيه من القوت وهو في ذلك صابرا صائما طوال يومه ليأكل عند غروب شمس كل يوم خبزا وملحا ويشرب كوبا من الماء بينما يقضى طوال ليله قائما للصلاة ويقال عنه انه كان يذهب في بعض الأيام الى جوار بركته القديمة ليصلي طوال الليل ويداه مبسوطتان مثل الصليب موصيا ألا يأتي احد اليه ليقطع صلته الروحية بربه ثم عند الفجر ينسل راجعا للدير..]


و من رسائل الانبا انطونيوس ابو الرهبان (الرسالة الثالثة )
[أما بالنسبة لي انا الأسير الفقير ليسوع فان الوقت الذي نعيش فيه قد تسبب في فرح ونوح وبكاء لان الكثير من جنسنا (الرهبان) قد لبسوا الثوب الرهباني ولكنهم انكروا قوته. أما الذين اعدوا انفسهم للخلاص بمجئ يسوع، فهؤلاء أنا أفرح بهم. اما الذين يتاجرون باسم يسوع بينما هم يعملون مشيئة قلوبهم واجسادهم فهؤلاء انا انوح عليهم أما الذين نظروا الى طول الوقت وخارت قلوبهم وخلعوا ثوب الرهبنة وصاروا وحوشا فإنا أبكي لأجلهم. لذلك اعلموا أن مجئ يسوع يصير دينونة عظيمة لمثل هؤلاء لكن هل تعرفون نفوسكم يا أحبائي في الرب لكي تعرفوا ايضا هذا الوقت وتستعدوا بتقديم نفوسكم ذبيحة مقبولة لدى الله وبكل يقين يا احبائي في الرب انا اكتب لكم كأناس حكماء قادرين ان يعرفوا انفسهم وانتم تعرفون ان من يعرف نفسه يعرف الله وان من يعرف الله يعرف ايضا تدابيره التي يصنعها من اجل خلائقه.
.... هيئوا نفوسكم طالما أن لكم من يتوسلون عنكم لله لأجل خلاصكم ، لكى ما يسكب الله فى قلوبكم النار التى جاء يسوع لكى يلقيها على الأرض "جِئْتُ لأُلْقِيَ نَاراً عَلَى الأَرْضِ فَمَاذَا أُرِيدُ لَوِ اضْطَرَمَتْ؟" (لو49:12)، لكى تستطيعوا أن تدربوا قلوبكم وحواسكم وتعرفوا كيف تميزوا بين الخير والشر واليمين من الشمال والحقيقة من الوهم].


2- الجهاد والنعمة:
إن كانت الاعمال لازمة كثمرة للخلاص فهل يخلص الانسان بجهاده ضد الخطية أم بنعمة الروح القدس العاملة معه؟
لا يمكن للإنسان ان يخلص بجهاده وحده فقد قال السيد المسيح له المجد "بدوني لا تقدرون ان تفعلوا شيئا" (يو 15:15)؛ وايضا النعمة وحدها لا تشاء ان تخلصك بدون استجابة ارادتك لها. إنصت إلى قول القديس يوحنا ذهبي الفم [... ان الله لا يريدنا ان نكون مستلقين على ظهورنا ويعطينا الملكوت لذلك فالنعمة لا تعمل كل شئ وحدها...] فهي ليست مجالا للكسل و التهاون و التراخي.


وقد أعطى الانبا باخوميوس أب الشركة ملخصا لجهاده عندما جمع الاخوة ورؤساء الأديرة قبل نياحتة بثلاثة ايام وقال لهم:
[أنتم تعرفون قصدي فقد سرت بينكم دون ان انتهر احدا بفظاظة كمن له سلطان، انما كنت اجتهد من اجل خلاص نفوسكم فقط.
كما أنني لم انقل أحدا من موضع الى اخر، او من عمل الى اخر الا وانا عالم ان هذا لخيره ... لم أكافئ أحداً شراً بشر، ولا لعنت انسانا كان لعنني مضطجرا غاضباً، إنما كنت أؤدب بدعة وطول أناة حتى لا يخطئ الى الله الذي خلقه. لم يعاتبني احد فتذمرت حتى لو كان ذلك الشخص صغيراً، انما كنت اقبل الكلام من اجل الرب، كما لو ان الرب ارسله الىَّ. ولم امضى قط الى مجمع او موضع كمن له سلطان عليه ولا طلبت دابة اركبها من موضع الى اخر بل كنت اسير على رجلي بشكر ... فان كان احدكم يجري ورائي بدابة ويطلب مني ان اركبها اسمع له ان كان جسدي ضعيفا، اما اذا كان قويا فما كنت اقبل. اما بالنسبة للاكل والشرب او ما اشبه ذلك من راحات الجسد فانتم لستم غير عارفين بها ... انتم تعملون كيف كنت اهتم بها]. كذلك الانبا انطونيوس في سيرته العطرة:
[كان دائما يحث النساك الذين يزورونه على الايمان بالله وعلى محبتهم له، وحفظ انفسهم من الافكار الشريرة واللذات الجسدية، وشبع البطن.. "لا تنخدعوا بشبع البطن" (امثال 15:24) وعلى تجنب المجد الباطل، و الترتيل قبل النوم وعند الاستيقاظ، والصلاة المستمرة، وحفظ وصايا الكتاب المقدس عن ظهر قلب وتذكر أعمال القديسين وتقليد غيرتهم كيما تفكر نفوسهم في الوصايا].
اما الانبا شنودة رئيس المتوحدين فيذكر الانبا ويصا تلميذه في سيرته :
[لما حلت جمعة الألام صنع خشبة مثال الصليب المقدس وربط نفسه عليها ووقف وهو مبسوط اليدين كخشبة الصليب ولم يزل قائما هكذا وهو قدام صدره الى تمام الاسبوع وكان يصنع ذلك كأنه يتألم مع سيده ويصلب اعضاءه .. ان فضائله كثيرة يطول شرحها مما كان يكابده من مشقات العبادة منذ شبابه الى حد الشيخوخة الحسنة. ودفعة اقام شهرا من الايام يعيش بنصف خبزة واحدة مغموسة بملح وانه اكمل سيرة الرهبنة بنسك عظيم وصلوات كثيرة وكان يصلي اثنى عشر صلاة ويضرب في كل صلاة اربعة وعشرين مطانية في كل حين وكان لا ينام الليل البته الا وقت الصباح يجيه نعاس قليل ودموع كثيرة ولا يأكل خبزا سوى بقل وحبوب وقد رق عظمه وذبل جسمه . ومع هذا كله لم يخلو الأنبا شنوده من التداريب في هذه الفترة الاولى من حياته اذ يقال انه بينما كان يعمل بعض الاعمال اليدوية حسب قوانين الدير جاءه الشيطان في شكل ملاك وقال له انني مرسل اليك لأعزيك فكف عن الصلاة وانتقل من هذا القفر الى الريف لتأكل الخبز مع الاخوة وانه سيعطي لك عمرا مديدا ولكن إن ظللت في هذا التقشف والجهد فانك ستموت.... وحلل القديس هذا الكلام فوجده متناقضا لذلك رد على هذه المكيدة بقوله (اذ كنت انت ملاكا بالحقيقة اتيت لتعزيني فابسط يديك مثال الصليب وصلي للرب يسوع) فلما سمع عدو الخير ذكر الصليب واسم يسوع انصرف في الحال وفشلت تلك المؤامرة التي دبرها للقديس الأنبا شنوده].


كذلك من أقوال القديس مقاريوس الكبير عن النعمة :
[الانسان الاول لما رأى نفسه عريانا خجل فما اعظم فضيحة العري، فان الجسد اذا تعرى هكذا يعرضنا لفضيحة كبرى ، فكم تكون النفس العارية من القوة الالهية التي لم تكتس باللباس الابدي الروحاني الذي هو الرب يسوع المسيح نفسه. لذلك فكل من كان غير مكتس بذلك المجد الالهي يجب ان يستحي ويقر بفضيحته كما استحى آدم من عري جسده ... ويطلب من المسيح ليكسوه بالمجد والنور. ومع ان آدم ستر نفسه بورق التين ألا ان خجله لم يفارقه لعلمه بفقره وعريه، هكذا ينبغى ان لا تنخدع النفس بزعمها انها بارة وان عليها لباس الخلاص وهي في الحقيقة قد عملت لنفسها غطاء من الافكار الباطلة. فان استند احد على بره ولم يطلب بر الله البر الحقيقي الذي هو يسوع المسيح الذي جعله الله لنا برا وقداسة وفداء كما قال الرسول بولس (1كو30:1) فان تعبه يصبح باطلا ولا تكون له فيه ثمرة لان كل بر الأنسان يصير في اليوم الاخير بمنزلة خرقة نجسة كما قال النبي إشعياء (إش 6:46)... فلنطلب اذن، من الله بتوسل وصلاة لكي نلبس لباس الخلاص الذي هو الرب يسوع المسيح النور الفائق الوصف الذي اذا لبسته النفس لا ينزع منها قط. هكذا النفس التي جرحت بشهوات الفساد والتي عميت بظلمة الخطي فهي لا تزال على كل حال لها ارادتها حتى تصرخ الى يسوع تناديه ليأتي اليها بنفسه ويصنع لها فداء ابدياً].


3- الروح القدس وعمله في الخلاص:
تقول البركة الرسولية "نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم" (2كو14:13) فما معنى شركة الروح القدس
إنها شركة بين اثنين يعملان معا سويا الروح القدس والانسان. فالروح القدس يقدر أن ينقذك و ينجيك، و لكنه لا يشاء أن يفعل هذا بمفرده ، وإنما يريدك أن تشترك معه فى تدبير حياتك ... و هذه هى شركة الروح القدس .
لعلك تحتج وتقول : كيف هذا ؟! ألا يستطيع الروح القدس وحده أن يخلصنى ؟ نعم إنه يستطيع، و لكنه لا يشاء لأنه ليست فى سياسة الله أن يرغمك على عمل الخير، لأن العمل الذى لا إرادة لك فيه، لا يجوز مطلقا أن تكافأ عليه .
لو إن الروح القدس هو وحده الذى يعمل، فلماذا اذن وجد أبرار و أشرار؟ لو إن الأمر يتلخص فى عمل الروح القدس وحده، ما وجد خاطىء واحد على الأرض. إن الروح القدس يستطيع أن يجعل الخاطىء يتوب ولكنه لا يشاء أن يفعل هذا ما لم تتحد إرادة الخاطىء معه.. انها شركة.
ففي عظات القديس مقاريوس الكبير مصباح برية شيهيت عن نار الروح القدس و فداء المسيح (العظة الحادية عشرة ) :
[إن تلك النار السماوية نار اللاهوت التي تعمل فى قلوب المسيحيين من الداخل الآن وهم في هذا العالم الحاضر هذه النار نفسها سوف تصير ظاهرة من الخارج حينما ينحل الجسد ويتحلل ثم تجمع الأعضاء ثانية وتسبب (هذه النار) قيامة الأعضاء التي كانت قد انحلت واضمحلت ... فكما ان النار التي كانت تتقد على المذبح في أورشليم، ظلت مدفونة في حفرة اثناء فترة السبي، وعندما حل السلام ورجع المسبيون الى اورشليم تجددت هذه النار نفسها واشتعلت كما كانت سابقا قبل السبي (انظر 2مكابيين 19:1-22) هكذا الآن ايضا فان النار السماوية تعمل في هذا الجسد الذي ألفناه - هذا الجسد الذي فى انحلاله (بالموت) يتحول إلى فساد ستجدد هذا الجسد وتقيمه بعد ان يكون قد اضمحل وفسد.. ان النار الداخلية التي تسكن الان في القلب سوف تستعلن حينئذ من الخارج ، وتتم قيامة الجسد. وكما ان الثلاثة فتية كان لهم افكار البر فقبلوا نار الله في داخلهم وعبدوا الرب بالحق كذلك الآن فان النفوس المؤمنة تنال النار الالهية السماوية في انسانها الداخلي وهي في هذا العالم وتلك النار نفسها تطبع صور سماوية في طبيعتهم البشرية . وكما ان الاسرائيليين طرحوا الاواني الذهبية في النار فصارت صنما كذلك الانسان الان قد سلم افكاره النقية الصالحة للشر فاندفنت في وحل الخطية وصارت صنماً... وما الذي يفعله الانسان حتى يكتشفها ويعرفها ويميزها ويطرحها بعيدا عن ناره الخاصة ؟.. هنا تحتاج النفوس الى المصباح الالهي وهو الروح القدس الذي ينير ويجدد البيت المظلم ... ان النفوس تحتاج الى شمس البر الساطعة التي تضئ وتشرق على القلب وهي السلاح الذي تكسب به المعركة.
وفي حالة تلك المرأة التي أضاعت الدرهم فإنها أوقدت المصباح اولاً وبعد ذلك كنست البيت وهكذا اذ كنست البيت والمصباح مشتعل فقد وجدت الدرهم المفقود مدفوناً في التراب والوسخ....
هكذا النفس ايضا لا تستطيع من ذاتها ان تجد افكارها وتميزها وتحررها ولكن حينما يوقد المصباح الالهي فإنه ينير البيت المظلم، وحينئذ تنظر النفس افكارها وكيف كانت مدفونة في وحل ووسخ الخطية. وتشرق الشمس وترتفع فترى النفس حينئذ هلاكها وتبدأ في استراداد افكارها التي كانت مشتتة ومختلطة بالوسخ وعدم الطهارة، لان النفس في الحقيقة كانت قد طمست صورتها حين خالفت الوصية].
ومن رسائل القديس انطونيوس( الرسالة الثالثة) يتكلم عن الروح القدس وعمله في العهد القديم والعهد الجديد :
[إن نفس الروح الذى كان مع موسى النبى كان يعمل أيضا فى جماعة القديسين (جوقة الأنبياء) وإنهم جميعا صلوا لابن الله الوحيد... واذ كانوا لابسين الروح رأوا أنه ولا واحد من الخليقة قادر أن يشفي هذا الجرح العظيم وانما فقط صلاح ونعمة الله أي ابنه الوحيد الذي ارسله ليكون مخلصا للعالم كله].


4- المسيح هو مخلصنا الصالح و لاخلاص الا بدم المسيح وحده:
لا إيمان ولا أعمال بدون هذا الدم . إن الإيمان هو إيمان بدم المسيح، والأعمال هى أعمال مؤسسة على استحقاقات دم المسيح . و كما يقول الرسول بولس : "بدون سفك دم لا تحدث مغفرة " (عب 22:9).
لا يوجد خلاص إلا بدم المسيح، جميع الأعمال الصالحة مهما سمت، مهما علت ، مهما كملت ، لا يمكن أن تخلص الإنسان بدون دم المسيح. لذلك فإن الأبرار الذين أرضوا الرب بأعمالهم الصالحة فى العهد القديم ، إنتظروا هم أيضا فى الجحيم إلى أن أخرجهم منه السيد المسيح بعد صلبه . ان الأعمال الصالحة وحدها لا يمكن أن تخلص الإنسان بدون الإيمان بدم المسيح . وإلا كان الوثنيون ذوو الأعمال الصالحة يخلصون بأعمالهم!! حاشا . لأنه بدون دم المسيح لا يمكن للأعمال أن تفيد شيئا .


لهذا نجد فى سيرة ألأنبا انطونيوس :
[بعد ذلك اتى لزيارته بعض الفلاسفة الاخرين الذين يحسبهم اليونانيون حكماء ، وطلبوا منه كلمة في الايمان بالمسيح. ولما حاولا استعمال القياس المنطقي على بشارة الصليب الإلهي وذلك بهدف السخرية بقى صامتا لفترة وجيزة ،لأنه اشفق في البدء على جهلهم . ثم قال بواسطة مترجم نقل كلامه بدقة :أيهما أفضل ، الإعتراف بالصليب ،أم نسب دعارة وفسق بالغلمان الى تلك التي تسمى الهتكم ؟ لأن مانؤمن به دليل شجاعة وازدراء بالموت، أما ما تؤمنون به فهو أهواء دنيئة وشهوات الخلاعة فأيهما أفضل أن نقول ان كلمة الرب بقى من غير تغير بعد أن اتخذ جسدا بشريا لكي يجعل البشر مشاركي الطبيعة الالهية والروحية، أو تشبيه الإله بالحيوانات عديمة الحس وبالكائنات التي لا عقل لها فنكون بذلك قد قدمنا العبادة الى ذوات الاربع والزحافات واصنام البشر؟ فأنتم أيها الحكماء تحترمون هذه الأمور فكيف تجرؤون على السخرية منا نحن الذين نقول ان المسيح ظهر كأنسان في الوقت الذي تفصلون فيه النفس عن السماء وتزعمون انها ضلت وسقطت من قوس السماء على جسم الانسان ويا ليتكم تؤمنون بأنها تنتقل وتنحدر الى الجسم الانساني من دون انحدارها الى الزحافات والبهائم ذوات الأربع. لأن إيماننا يعلم بأن المسيح أتى كأنسان لخلاص البشراما انتم فتضلون عندما تتكلمون على نفس غير مخلوقة. و فى حين أننا ندرك قوة العناية الإلهية و محبتها للبشر ، و ندرك أن هذا غير مستحيل عند الله .
اننا لا نملك سر الحياة المسيحية في حكمة كلام اليونانيين (انظر 1كو17:1) بل في قوة الايمان الذي منحنا اياها الله بيسوع المسيح والدلالة على صحة كلامنا اننا نؤمن بالله ونميز بواسطة مخلوقاته عنايته في كل الامور مع اننا لم نتلق العلم . والدلالة على فاعلية إيماننا اننا نستند الى الايمان بالمسيح، بينما تعتمدون أنتم على فلسفتكم الكلامية . ان صور اوثانكم تضمحل وتتلاشى اما ايماننا فينتشر في كل مكان انتم لا تستطيعون عن طريق قياسكم المنطقي وسفسطتكم أن تربحوا مسيحيا واحدا بإقناعكم اياه . أما نحن فاذ ننادي بالايمان بالمسيح نعري بالايمان خرافاتكم لان الجميع يعترفون بان المسيح هو الله وابن الله . أنتم لا تعيقون بكلامكم الجميل تعليم المسيح اما نحن فبمجرد ذكرنا المسيح المصلوب نطرد الشيطان التي تحترمونها أنتم كآلهة فحيث توجد إشارة الصليب يضعف السحر وتتلاشى قوة العرافة.
قولوا لي أين سحركم الان واين هم سحرة مصر اين هي أوهام وضلالات السحرة؟ متى ضعفت هذه وبطلت أليس عند ارتفاع صليب المسيح؟ فاما ان يكون الصليب مستحقا الهزء او ان تكون الامور التي ابطلها بلا قوة؟ ومما يدعو للعجب ان عبادتكم للوثن لم تضطهد بعد لان الجميع يكرمونها في كل مدينة أما المسيحيون فيضطهدون دائما ، ومع ذلك فان ايماننا يزدهر ويزداد أكثر من ايمانكم . وعلى الرغم من ان ايمانكم يتلقى دعما واكراما ويتخذ صفة رسمية فاننا نراه يضعف ويتبدد في حين ان الايمان بالمسيح وتعليمه ملأ المسكونة ، رغم هزئكم بهما ورغم اضطهاد الملوك لهما.
متى اصبحت معرفة الله لامعة هكذا ؟ متى ظهرت العفة وفضيلة البتولية وضبط النفس على هذا النحو؟ ومتى احتقر الموت الى هذا الحد إلا عندما رفع الصليب ؟ لا يقدر احد ان يشك في هذا لأنه يرى بعينيه الشهداء وهم يحتقرون الموت من اجل المسيح ، والعذراى وهن يحفظن اجسادهن بعفة وطهارة بلا دنس من اجل المسيح.
هذه الاشارات كافية للدلالة على ان الايمان بالمسيح هو وحده الامر الحقيقي لاتقاء الله. أنتم لا تؤمنون بالله لأنكم تطلبون مقاييس منطقية . نحن لا نعتمد على أساليب الحكمة اليونانية في الاقناع كما قال معلمنا بولس (1كو4:2) بل نقنع بالايمان الذي يسبق البراهين المنطقية . وكان هناك في ذلك المكان مرضي يعانون من الشياطين فأتى بهم الى الوسط وقال: ابرئوا هؤلاء بقياسكم المنطقي أو بأي فن آخر أو بالسحر وادعوا أصنامكم وإذا كنتم لا تقدرون ان تخرجوا الشياطين فأوقفوا حربكم ومنازعتكم ضدنا لتروا قوة صليب المسيح ولما قال هذا دعا المسيح ورسم إشارة الصليب ثلاث مرات على المرضى. فنهضوا للحين أصحاء كاملي العقل ومسبحي الرب.


فتعجب أولئك المدعوون فلاسفة واندهشوا جداً من حكمة الرجل ولهذه الآيات التي حصلت على يده فقال لهم أنطونيوس لم تتعجبون من هذا نحن لا نفعل هذه الأمور بقوتنا بل ان المسيح يفعلها بواسطة المؤمنين به . آمنوا لتروا أن ما نؤمن به ليس فناً من فنون الكلام، بل الايمان العامل بالمحبة في المسيح (غلاطية 6:5). واذا اقتنيتم الايمان لن تطلبوا فيما بعد براهين منطقية، بل ستدركون انه أمر كاف. هذه هي أقوال انطونيوس أما هم فتعجبوا من هذا وانصرفوا مقبلين إياه ومعترفين بالفائدة التي نالوها منه].

ومن عظات القديس مقاريوس الكبير في العظة الحادية عشر :
[ولذلك فقد جاء الذي خلق النفس والجسد اي المسيح ، جاء بشخصه وأبطل كل عمل الشرير، وكل أفعاله التي عملها عدو الخيرفي أفكار البشر وجدد وأعاد خلقة الصورة السماوية ، لكي يصنع تجديدا للنفس لكي يعود آدم مرة اخرى ملكا وسيدا على الموت ... وفي ظلال الناموس سمى موسى مخلصا لاسرائيل لأنه اخرجهم من مصر وكذلك الآن فان المسيح المخلص والمحرر الحقيقي يدخل الى مكامن النفس الخفية ويخرجها من ظلمة مصر ومن النير الثقيل والعبودية القاسية المرة ولذلك فهو يأمرنا ان نخرج من العالم ونصير فقراء في الأمور المادية المنظورة ولا نهتم بالإهتمامات الأرضية، بل نقف ليلاً ونهاراً على الباب وننتظر الوقت الذي يفتح فيه الرب القلوب المغلقة ويسكب علينا موهبة الروح القدس. ولكن ما المقصود بالحية الميتة ؟ الحية المثبتة على راس الساري كانت تشفي اولئك الذي لدغتهم الحيات . فالحية النحاسية التي بلا حياة قد أبطلت فعل سم الحيات التي فيها حياة . وهذا رمز إلى جسد الرب فالجسد الذي أخذه من العذراء مريم الدائمة البتولية، قد قدمه على الصليب، وعلقه هناك مثبتا على الخشبة وهذا الجسد المائت على الصليب غلب وقتل الحية التي تعيش وتزحف داخل القلب. هو أعجوبة عظيمة كيف ان حية مائتة ذبحت الحي ، ولكن كما ان موسى صنع أمرا جديدا لما عمل حية من نحاس، هكذا الرب أيضا قد صنع شيئا جديدا من العذراء مريم، ولبس هذا الجسد بدلا من أن يحضر معه جسدا من السماء فالروح السماوي دخل في الطبيعة الإنسانية وعمل فيها، وجعلها تدخل في شركة مع اللاهوت إذ لبس الجسد البشري الذي صوره وشكله في بطن العذراء . وكما ان الرب لم يأمر بصنع حية من نحاس في العالم إلا في عهد موسى، هكذا ايضا لم يظهر في العالم جسد بلا خطية الا جسد الرب يسوع . لانه حينما تعدي آدم الأول الوصية ، ملك الموت وتسلط على جميع ابنائه بدون استثناء ولذلك جاء الرب وغلب بجسده المصلوب الحية العائشة].


5- تتميم الخلاص بخوف و رعدة :
ان سير القديسين ليست مجرد تاريخ ولا مجرد وقائع واحداث، انها مشاعر ومشاعل... انها شركة اناس مع الروح القدس في كل مايحيط بهم ... انها عمل النعمة في قلوب استسلمت ارادتها لعمل النعمة .. في حياة القديسين نري المبادئ الروحية ممثلة عمليا . ونثق ان الفضائل ليست أمورا نظرية بل هي واقع ملموس . فنثق ونطمئن ان طريق الكمال ممكن التنفيذ ....


من سيرة الأنبا باخوميوس :
[لقد سئل القديس باخوميوس مرة: قل لنا منظرا من المناظر لنستفيد منها تخشعا وايقاظا؟ اجاب:إن من كان مثلي سقيما وخاطئا اثيما لن يعطي المناظر الروحية والاستعلانات الالهية ولا يتجاسر احد على طلب هذا من الله لئلا يكون مخالفا لارادته. ومن توقح وطلب ذلك فهو من الجهلاء. بل إن شئت ان ترى منظرا الهيا وتشاهد امرا بهيا يفيدك فأنا ادلك: وهو متى رأيت شخصا ورعا متضع القلب طاهرا فهذا اعظم من سائر المناظر لأنك تشاهد الله غير المنظور في هذا الانسان المنظور فعن أفضل من هذا المنظر لا تسأل ... ] وقد ظهر اتضاع الأنبا باخوميوس في تطبيقات عملية كان يحيا بها ويطالب أولاده الرهبان ان يسلكوا بها منها:


1- عدم اشتهاء صنع المعجزات :
سمع جماعة من الرهبان الهراطقة بسيرة الأنبا باخوميوس فأرسلوا اليه بعضهم لابسين جلودا. الذين التقوا بأولاد باخوميوس وقالوا لهم ان كبيرنا مقدونيوس قد أرسلنا الى ابيكم قائلا: ان كنت رجل الله حقا وما سمعناه عنك صحيحا فتعال نعبر انا وانت النهر ماشيين بأرجلنا على سطح الماء فيعرف كل واحد عمليا من منا له دالة عند الله.
فلما سمع الاخوة بذلك اخبروا أباهم بالقول. أما هو فقال لهم لماذا سمحتم لأنفسكم أن تسمعوا مثل هذا القول لأن مثل هذه الامور لا ترضي الله وهي لا تتناسب مع سيرتكم .
سألوه : وهل يتجاسر هرطوقى بعيد عن الله ان يستدعيك لمثل هذا العمل؟!
أجابهم : قد يمكن لهرطوقى أن يعبر النهر كعبوره على أرض يابسة، بمظافرة الشيطان له ، وبسماح من الله ... لذلك إمضوا وقولوا لهؤلاء المخدوعين: هكذا قال عبد الله باخوميوس ان حرصى واجتهادى لا أن أعبر على سطح ماء النهر ماشياً ، بل كيف يمكننى أن أفلت من حكم الله وقصاصه ...
وبقوله هذا إقتنع الإخوة بعدم افتخارهم بأعمالهم وعدم اشتهائهم صنع المعجزات . إذ هى لاتشغل أذهان المؤمنين ، إنما ترتفع أنظارهم دوماً إلى تلك المعجزة الخالدة "ولكن يعطيكم السيد نفسه آية. ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل" (أش 14:7). وعندما طلب الناس من الرب معجزة رفع انظارهم إلى موته ودفنه وقيامته (مت 39:12،40) ... ففى هذا الفداء يكفى الحب الإلهى العجيب ... معجزة المعجزات الأبدية. من أجل هذا نحتاج كمؤمنين الى روح التميز غير طالبين معجزة أكثر من أن يكون لنا نصيب مع الرب فى الحياة الأبدية، لئلا تصير لنا شهوة صنع المعجزات فخاً يستخدمه الشيطان ويضللنا خلاله .


2- عدم تميز نفسه عن أولاده :
لقد كان لباخوميوس مكانته فى قلوب أولاده الذين فى الاديرة الباخومية جميعها ، وهى حوالى عشرة أديرة ، وإذ كان يعمل بروح الرب كان خادماً للجميع لايميز نفسه عن أحد منهم بحجة انه الرئيس الأعلى للاديرة والمسئول عن تدبير جميعها وتنظيمها .. لكنه فى أبوة متضعة كان يخضع للكل، يود أن يخدم الجميع. فقد قيل عنه أنه مضى يوما لقضاء أمر ما، وكان على كل راهب أن يحمل بعض الخبز، فقال له شاب: حاشاك أن تحمل شيئاً يا أبانا هوذا قد حلمت كفافى وكفافك. أجابه الآب : لا يكن هذا. أن كان مكتوب عن الرب أنه يليق به أن يتشبه باخوته فى كل شىء. فأنا الحقير كيف أميز نفسى عن أخوتى ولا أحمل حملى مثلهم ؟! من أجل هذا كانت بعض الاديرة فى انحلال لأن صغارهم مستبعدون لكبارهم. وقد ظهر عدم ادانه القديس مقاريوس الكبير للآخرين من سيرته :
[كان فى بعض القلالى أخ صدر منه امر شنيع ، وسمع به الاب المغبوط مقار المصرى ، ولم يرد أن يبكته ، فلما علم الأخوة بذلك لم يستطيعوا صبراً ، فمازالوا يراقبون الأخ إلى أن دخلت المرأة عنده ، فأوقفوا بعض الأخوة لمراقبته ، وجاءوا إلى القديس أبا مقار. فلما أعلموه قال : يا أخوة لا تصدقوا هذا الأمر ، وحاشا لأخينا المبارك من ذلك. فقالوا : يا أبانا ، إسمع وتعال لتبصر بعينيك حتى يمكنك أن تصدق كلامنا. فقام القديس وجاء معهم إلى قلاية ذلك الأخ كما لو كان قادماً ليسلم عليه وأمر الأخوة أن يبتعدوا عنه قليلاً .
فما أن علم الأخ بقدوم الأب حتى تحير فى نفسه، وأخذته الرعدة وأخذ المرأة ووضعها تحت ماجور كبير عنده ، فلما دخل الأب جلس على الماجور، وأمر الإخوة بالدخول. فلما دخلوا وفتشوا القلاية لم يجدوا أحد ولم يمكنهم أن يوقفوا القديس من على الماجور، ثم تحدثوا مع الأخ وأمرهم بالإنصراف. فلما خرجوا أمسك القديس بيد الأخ وقال : يا أخى على نفسك أحكم قبل أن يحكموا عليك، لأن الحكم لله. ثم ودعه ومضى، وفيما هو خارج ، إذ بصوت أتاه قائلاً : طوباك يا مقار الروحانى، يا من تشبهت بخالقك تستر العيوب مثله. ثم أن الأخ رجع إلى نفسه وصار راهباً حكيماً مجاهداً وبطلاً شجاعاً].
[إعتادوا أن يقولوا عن أبا مقار الكبير أنه متشبهاً بإلهه لأنه كما أن الله يستر على العالم هكذا كان يفعل أبا مقار أيضاً ويستر على الأخطاء التى يراها، كأنه لم يرها. والتي سمعها كأنه لم يسمعها. ففى إحدى المرات أتت إمرأة إلى مقارة لتشفى من شيطان . ووصل أخ من دير كان فى مصر أيضاً. وخرج الشيخ بالليل ، فرأى الأخ يرتكب الخطية مع المرأة. ولكنه لم يوبخه وقال: إذا كان الله الذى خلقه يراه ويطيل أناته لأنه إن كان يشاء يفنيه لفعل ? فمن أكون أنا حتى أوبخه؟!].


[بينما كان الأب مقارة يمشى فى بعض الأوقات فى البرية أبصر شيطانين بشبه صبين ، وأحدهما يخطىء مع الآخر . وكتم الله أمرهما ، أنهما شيطانين، فلما شاهدهما رفع عينيه إلى السماء، وبدأ يدق على صدره ويبكى، ولم يبكتهما ولا قال لهما شيئاً بل كان يبكى ويقول: هوذا خالقهما يعاينهما ويرى أمرهما ظاهراً وباطناً. وحزن القديس من أجلهما بالأكثر فأتاه صوت من السماء قائلاً له: مغبوط أنت يامقارة لأنك صرت كإلهكً على الأرض، تشاهد خطايا الناس ولا تدينهم. وللوقت إنصرف ذلكما الشيطانان].

وفى زهد ابينا مقار الكبير فى المقتنيات الأرضية فى حرصه على خلاص نفسه الى النفس الأخير :
[فى هذه الأيام ، حدث أن خرج من قلايته ، فرأى شخصاً يسرق حاجاته ويضعها على جمل ، فإقترب إليه متظاهراً أنه غريب وعاونه فى ترتيب الحاجات على الجمل. وبعد هذا ضرب السارق الجمل لينهض ويسير، فلم يقم الجمل، فدخل أبا مقار قلايته فوجد فيها مخلاة تركها السارق، فحملها للسارق قائلاً: يبدو أن الجمل يرفض القيام قبلما يأخذ المخلاة أيضاً. فوضع المخلاة على الجمل ونخسه فقام الجمل طاعة للقديس وسار الجمل خلف السارق مع القديس أنبا مقار الذى أخذ يناجى نفسه قائلاً: إننا دخلنا العالم بلا شىء ، وواضح أننا لن نأخذ منه شيئاً. الرب أعطى والرب أخذ. وما حدث فهذا مشيئته ومسرته، أشكر الله. وبعدما سار الجمل مدة من الزمن برك على الأرض ورفض القيام إطلاقاً ، إلا بعد ان حلوا الحِمْل وأنزلوه عن الجمل ، وعندئذ قام ومشى بسهولة . وهكذا إسترد القديس أمتعته ] ...


و فى حرص القديس أبو مقار على خلاصه الى آخر لحظة :
[وشهد أبونا القديس أنبا سرابيون أسقف نقيوس وببنودة رئيس تلاميذ أبينا أبا مقار قائلين: إنه فى ذلك الوقت الذى سلم فيه روحه وكنا مجتمعين عنده كان قوم من الشيوخ جلوساً . وأبصروا نفس القديس وقد خرجت من جسده وهي أكثر بهاء وضياء من الشمس أضعافاً ، وسلمت إلى يد الكاروب الذى نزل من السماء ومعه القوات السمائية التى لا يستطيع أحد أن يصف بهاءها . فلما نظرت الشياطين نفسه هكذا صاحوا قائلين : خلصت وإنفلت من أيدينا يامقارة. فأجابهم قائلاً : لا ، ما خلصت بعد. فلما وصل إلى الجو صاحت الشياطين : مضيت وخلصت يامقارة. فأجابهم : لا ، ما خلصت. فلما جعل رجله الواحدة داخل الباب صاحت بأصوات عالية: دخلت يامقارة. فأجابهم: لا ، ما دخلت بعد. فلما وصل وجعل رجليه الإثنتين داخلاً ، صاحوا قائلين وهم باكون : وصلت يا مقارة. فصاح بصوت عالٍ حتى أن السماء والأرض إرتعدتا من صوته وقال : قبلت نعمة ربنا يسوع المسيح وأنا شاكر إلهى الحقيقى الذي خلصني من أيديكم ومن فخاخكم التي لا عدد لها ، وأهلنى برحمته لنعمته السمائية بكثرة محبته للبشر. وحدث إن الكاروب حفظه وحجبه عنهم ، ودخل إلى المنازل المجيدة التي لربنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي أحبه من كل قلبه . نسأل الله أن يكون لنا نحن أيضاً أن نستحق تلك المساكن التي إستحقها أبونا القديس أبا مقار بالنعمة والرأفة ومحبة البشر التي لربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الذى له المجد والسجود مع الآب والروح القدس الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين أمين ].


كلمة أخيرة:
ليس الايمان هو مجرد اعتناق مجموعة من العقائد نتلوها فى قانون الايمان ... انما الايمان هو حياة نحياها أو هو عقيدة تقود الى حياة.. لانه ما فائدة الايمان بالأبدية والحياة بعد الموت ان لم تعد نفسك بها بالقوة وبالسهر الروحى الدائم ومحبة الله .
ان هناك فرقاً كبيرا جداً بين الايمان النظرى الذى لا يخلص النفس والايمان العملى الذى ظهر ثماره فى حياة هؤلاء الآباء القديسين .
فحياتهم ترتبط بنقاوة سيرتهم لانهم يشعرون دائماً ان الله أمامهم يرى ويسمع ويسجل كل ما يعملون .
ان أبطال الايمان ليسوا هم فقط الذين دافعوا عن العقيدة وانما هم الذين عاشوا فى الايمان الحى المثمر العامل بالمحبة.


لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد ، آمين.

المراجع
البابا شنوده الثالث : تأملات فى حياة القديس أنطونيوس ، الطبعة الخامسة (القاهرة ، الأنبا رويس 4206/1980م)
البابا شنوده الثالث : حياة الايمان ، الطبعة الثانية (القاهرة ، الانبا رويس بالعباسية 5063/1984م)
البابا شنوده الثالث : الخلاص فى المفهوم الارثوذكسى ، الطبعة الرابعة عشر (الانبا رويس بالعباسية ، سبتمبر 2003م)
الراهب مقار السريانى : حياة ومعجزات انبا مقار الكبير ، (دير السريان العامر 15385/2002)
القمص تادرس يعقوب : باخوميوس أب الشركة وتادرس تلميذه ، 1967م
القس انطونيوس فهمى : سيرة الأنبا أنطونيوس بقلم البابا أثناسيوس ، الطبعة الاولى (الاسكندرية ، كنيسة القديسين العظيمين مارجرجس والانبا انطونيوس محرم بك ، يناير 2004)
الشماس عبد النور سيفين عبد المسيح : تاريخ القديس العظيم الانبا شنودة رئيس المتوحدين ، الطبعة الاولى (الاسكندرية، المطبعة الاقتصادية 1959م)


 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 03:38 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024