06 - 08 - 2014, 01:07 PM | رقم المشاركة : ( 4811 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حبّذا لو نتمسّك بالقِيم والمضامين الروحيّة للأعياد، ونبتعد عن المظاهر الصبيانيّة الفارغة! الأب إبراهيم داود بعد أقل من اسبوعين يحتفل العالم المسيحي بعيد التجسُّد الإلهي، الميلاد المجيد..وتسبق حلولهُ الإعلاناتُ الملوّنة الكبيرة في الصحف، مُعلِنة وصول كمّيات جديدة ومتنوّعة من زينة شجرة الميلاد، وأشخاص بابا ناويل لتزيين الأشجار والمنازل... وكما في كل عام، يبدأ "المؤمنون" يندفعون نحو المتاجر لاقتناء أدوات غالية الثمن، بذريعة أن عيد الميلاد هو " عيد الأطفال"، وبالتالي فإنهم لا يبخلون على أطفالهم بشيء، إذا كان هذا ما يُدخِل الفرح والسّعادة إلى نفوسهم! وفي غمرة هذه الاندفاعات والمقتنيات، لا يتساءل احدٌ عن معنى نشوء وتكاثر هذه المتاجر والدكاكين المزيّنة قُبيلَ شهرٍ أو اثنين من موعد حلول العيد! إنها تبدأ بالتكاثر في كل بلدة " ليمسك التجار سعرًا" كما يقولون، ويتمكّنوا من بيع بضاعتهم " الميلادية" البرّاقة، ويزيدوا أرباحهم.. والحقيقة انه ليس لي شخصيًّا أي شيء ضدّ التجار. جلّ ما يعنيني في هذا الشأن هو تصرف الأهل والشباب، بشأن الاحتفال بميلاد السيد المسيح، له المجد... إلى جانب " الشجرة وأغراضها"، فالأهل أيضا يقتنون الهدايا لأولادهم وأولاد أقاربهم. فالعيد أيضا " عيد الهدايا"، كما يقولون!..والجديد في هذا الخصوص، انه منذ عدة سنوات، نشأت في الكثير من القرى والمدن عادة تسليم الهدايا،أو حتى تسليم النقود، لبعض الحركات الشبابية ليقتنوا هم بأنفسهم الهدايا، ثم يقومون مساءً بتوزيعها على الأطفال بواسطة شخص متنكّر بملابس "بابا ناويل" يحضر برفقة مجموعة من الشباب يقومون بالتنقل من بيت لآخر بالسيارات، يقودونها بسرعة ويُطلِقون العنان لزمّاراتها المتنوعة والمزعجة الأصوات!! إذًا ، عيد الأطفال.. وعيد الهدايا..وعيد بابا ناويل.. وعيد الشجرة!!... وتجد الكثيرين ممّن"يهمّهم الأمر"، يُطلقون التفسيرات والتأويلات حول هذه "المفاهيم"! وتفتّش أنت عن صاحب العيد الحقيقي،السيد المسيح،فلا تجد له أثرا أو ذِكرًا ذا قيمة، ضمن هذه التفسيرات والتأويلات +++ وحتى لا نطيل، تعالوا بنا نتحدث في المهم... المهمّ الأهم هو أن عيد الميلاد المجيد، كما يؤمن المسيحيون، هو حدثٌ عجائبيّ سنويّ يدعونا بشكل خاص إلى التأملّ في محبّة الله غير المتناهية للبشر، لدرجة انه تنازل وتواضع وتجسّد في أحشاء عذراء من الناصرة، ثمّ وُلد من هذه العذراء في مغارة للبهائم في بيت لحم. هذا الحدث الإلهيّ العجيب، هو رسالة إلهية لنا نحن البشر، في ثبات الله وأمانته على محبته لنا، بالرغم من ابتعادنا عن طرقه، ورفضنا لتعاليمه النيّرة، وهو رسالة لنا في التواضع واحترام المهمّشين بيننا، علّنا نقتدي ونتمثّل! "هلمّ يا مؤمنون، لننظر أين يولد المسيح. ولنتّبع إذًا الكوكب إلى حيث يسير، مع المجوسِ ملوكِ المشرق.فهنالك رعاة يسهرون،وملائكة يسبّحون، هاتفين بغير فتور،بتسبحة لائقة: المجد لله في العلى، الذي وُلد اليومَ في مغارةٍ من البتول والدة الإله، في بيت لحم اليهودية"{من صلاة سحر العيد}. هذا الحدث العظيم في قيمته، على مُختلف الرؤى والأصعدة، لا يجوز تصغيره في أعين الناس، ولا يجوز جعله يتقلّص لشجرة مزيّنة، أو لهدايا يحملها شخص يرتدي الزيَّ التقليدي لبابا ناويل!.. مِثلُ هذا النهج، في رأيي، وبالرغم من كل ما يمكن أن يقال عن النوايا الحسنة والتقوى الشعبية التي تكمن وراءه، لا يبرّر إهمال صاحب العيد، ولا قِيَم العيد، ولا روحانية العيد..لقد أضحى، للأسف ميلادُ السيد المسيح، وهو الحدثُ الأهم الذي وقع في التاريخ والزمن وقسّمها إلى ما قبْل وما بعد، أضحى عيد الهدايا، أو عيد الأطفال ،أو عيد الشجرة، وأكثرهم يعرفونه بعيد بابا ناويل!! وهذا لعمري، بالإضافة إلى كونه جهلا، فإنّ فيه إهانة ربّما غير مقصودة، للوافد من السماء لأجل خلاصنا! + + + لذلك ليس فقط نُحْسٍنُ صنعا، بل هو من أهم واجباتنا الروحية والتربوية في هذه المناسبة العظيمة، أن نستفيد من قيم الميلاد في ما نقتني لأغراض التزيين والمظاهر الخارجية، ونستغني كليًا عن خدمات " بابا ناويل" الصبيانية المزعجة ..فالميلاد يكتمل بلا شجرة وبلا أدوات زينة، وبلا أضواء كهربائية، وبلا بابا ناويل وأجراسه وسياراته، وبلا كل المظاهر التجارية البرّاقة!! كم يحسُنُ بنا في هذا العيد المجيد، أن نقرا إنجيل الميلاد بتمعّنٍ، وان نستمع أو نرتّل قطع الصلوات الميلادية الرائعة، وان نتعمّق في التأمّل بأيقونة الميلاد البيزنطية الشهيرة، هذه الأيقونة المكرّمة.. وطبيعي أنّ هذه القيم لا تُتَوّج إلا بالذهاب إلى الكنيسة والاشتراك الفعلي في الذبيحة الإلهيّة المقدّسة.. "ميلادك أيها المسيح إلهنا قد اظهر نور المعرفة للعالم. لانَّ الساجدين للكواكب، فيه تعلّموا منَ الكوكب السجود لك يا شمسَ العدل. وعرفوا انّك المشرق الذي من العلاء، يا ربُّ المجد لك" {طروبارية عيد الميلاد المجيد}. + + + ميلاد السيد المسيح، يا كلّ محبّي المسيح، ليس عيدًا بشريا نحتفل به كما نحتفل بأعياد ميلاد البشر. انه ليس مناسبة للأكل والشرب واللهو والمظاهر! انه مناسبة روحية للتأمل في علاقة الله بالإنسان، وفي محبته وتواضعه وتكريمه لأضعف الخلائق وابسطها.. هذا الكلام لا يعني أن نمتنع عن المأكل والمشرب والملبَس، لكن أن نختصر ونتواضع ونوفّر حتى نستطيع أن نمكّن غيرنا من إخوتنا المحتاجين، أن يسمعوا كلمة الله، وان يشاركونا ما نأكل وما نشرب .. وحبّذا يا مؤمنون، لو طرحنا جانبا كلّ المفاهيم البشرية الصبيانية التي ذكرنا بعضها في ما سبق، وتمسّكنا نحن وأفراد عائلاتنا، بالمضامين والمفاهيم والقِيم الروحيّة الأصليّة لعيد الميلاد المجيد، بل لكلّ عيد. |
||||
06 - 08 - 2014, 01:08 PM | رقم المشاركة : ( 4812 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المجامع كعيادات لطبّ النفس - 4
الأب يوحنا رومانيدس نقلها إلى العربية الأب أفرام كرياكوس نظرية أوغسطين الخاطئة لقد أخطأ أوغسطين في اعتقاده أن الأريوسيين وحدهم وحدّوا بين الكلمة وملاك الرب في العهد القديم. ولم يعرف من القديس أمبروسيوس الأسقف، الذي يدّعي أوغسطين أنه فتح عقله المانيخي عن العهد القديم وعمّده، أنّ الآباء كلهم كانوا كذلك (يوحّدون بين المسيح وملاك المجد في العهد القديم). كان الأريوسيين والأفنوميانيون يدّعون بأن البرهان على أن الكلمة كان مخلوقاً هو ظهوره للأنبياء بينما الآب وحده غيرُ منظور. لم يفهم أوغسطين خبرة الاستنارة والمجد في العهد القديم، تلك الخبرة التي خلط بينها وبين الاستنارة والانخطاف عند الأفلاطونيين الجدد. كان يعيد التمجّد (أو التأله) إلى ما بعد الموت ويوحّده مع رؤية الطبيعة أو الجوهر الإلهي التي تملأ رغبة الإنسان في السعادة المطلقة. مفهومه النفعي للحبّ جعل حال دون فهم المحبة غير الأنانية التي في حالة المجد في هذه الحياة. من هذه الناحية لم يفترق عن الآريوسيين الذين كان يهاجمهم. بهذه الافتراضات الأفلاطونية الحديثة حلّ أوغسطين المشكلة أمامه عن طريق التفسير التالي: الأشخاص الثلاثة في الثالوث الأقدس الذين لا يُرَون يعلنون عن أنفسهم وعن رسائلهم للأنبياء عن طريق خلائق متنوعة يأتون بها إلى الوجود لتصبح منظورة ومسموعة وبعدها يعيدونها إلى العدم على مثال المجد، الغيمة، النار، العليقة الملتهبة الخ... هكذا، يصبح الله منظوراً في طبيعة ابنه البشرية التي عن طريقها ينقل الرسائل والأفكار ومن المفترض أن الله يستمر في نقل الرؤى والرسائل عن طريق وسائل مخلوقة يخلقها من العدم إلى الوجود حسب الحاجة كما في الحمامة عند معمودية المسيح والألسنة النارية عند العنصرة، المجد، النور، الملك لله معلنة عند التجلي، السحابة-المجد التي عليها ارتفع المسيح إلى السماء، صوتُ الآب الذي عن طريقه أعلن الله عن مسرّته بابنه، نار الجحيم... هكذا، حسب أوغسطين، العبارات الرمزية التي استخدمها كتاب العهد القديم والجديد للتعبير عن الاستنارة والمجد اقتصرت على أشياء وعجائب لا تُصدَّق. هذا هو التقليد الذي يعود إليه اللاتين والبروتستانت على السواء. وعليه، فإن "ملكوت الله" يشير إلى ملك الله غير المخلوق وليس إلى مملكة أرضية مخلوقة يحكم الله عليها (بحسب المفهوم الأرثوذكسي). ك- لا تطفئوا الروح الروح القدس الذي يشفع في قلب الإنسان "بأنّات لا ينطق بها" (رو8: 26) هذا الروح ليس بحدّ ذاته العضوية في جسد المسيح. على كلّ واحد أن يتجاوب، بصلاته الخاصة المستمرّة، صلاة روحه الخاص، حتى يشهد روح الله روحنا "بأننا أبناء الله ووارثين مع المسيح إن كنا نتألم معه لكي نتمجّد أيضاً معه" (رو8: 16-17). هذا الجواب من عندنا، ومع ذلك هو هبة من الله. هذا بالضبط ما كان يفترضه بولس الرسول بقوله "صلوا بلا انقطاع... لا تطفئوا الروح. لا تحتقروا النبؤات" (1تسا5: 17-19). هنا يقول لنا بولس أن ننتبه إلى أن نبقى هياكل للروح القدس بالحفاظ على الصلاة المستمرّة، صلاة روحنا في القلب حتى نصبح أنبياء عن طريق المجد. هذا أيضاً يفسّر قول القديس يوحنا الذهبي الفم: "لا نظننّ أننا أصبحنا أعضاء في الجسد مرّة وعلى طول". المعمودية بالماء لمغفرة الخطايا سرّ لا بد منه لأن مغفرة الله على ضعفنا هو الهبة الأولى لبداية عملية الشفاء. لكن معمودية الروح ليست عطاءً مجانياً لأن الإنسان يمكنه أن يكون صاحب صلاة مستمرّة، أن لا تكون له صلاة، أو أن يضيعها في قلبه. هل يتجاوب الإنسان للروح القدس وشفاعته في القلب أم لا هو أيضاً سؤال، هل يؤمن بالمسيح أم لا. بعبارة أخرى الله يدعو الجميعَ على السواء ولكن ليس الجميعُ يتجاوبون. الذين لا يتجاوبون لا يستطيعون أن يتصوّروا أنفسهم هياكل للروح القدس وأعضاء في جسد المسيح... الذين في حالة الاستنارة يصلّون معاً في الليتورجيا كهياكل للروح القدس وأعضاء لجسد المسيح من أجل أن يصبح غيرُ الأعضاء أعضاء والأعضاء قبلاً أعضاءَ من جديد طالما أن هذا لم يكن محققاً بمعموديتهم بالماء لغفران الخطايا. ل- موهبة الترجمة في وقت من تاريخ الكنيسة الأولى ظهرت موهبة ترجمة المزامير والصلوات من القلب إلى الذهن من أجل الصلوات المشتركة لإفادة الأفراد المؤمنين. هذه الموهبة استُعيض عنها ببعض النصوص الليتورجية المكتوبة مع نقاط محدّدة حتى يجيب الأفراد آمين، يا رب ارحم الخ... وكذلك الصلاة في القلب اقتصرت على صلاة صغيرة "أيها الرب يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطىء"، أو عبارة من المزامير (ما نقله القديس كاسيان إلى الغرب) والمواهب الأخرى بقيت نفسها. غريغوريوسde Tours الغربي يصف عملية الصلاة المستمرّة وحالة المجد ويراها على أنها عجائب وطرق غريبة. هذا العجب والخلط وارد عند أوغسطين الذي رأى في الاستنارة والتمجّد نسكاً من الأفلاطونية الحديثة |
||||
06 - 08 - 2014, 01:09 PM | رقم المشاركة : ( 4813 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
السعادة الحقيقية أهي الأطعمة التي تدخل الفم وتصل إلى المعدة وتخرج وتنتهي؟ أهذه العطية وهبت لجنس البشر بإحسانات الله، لكى تكون هناك معدة ممتلئة وجسم ممتلئ صحة، وشهوات وقتية؟ أهذا هو ما لا نستطيع أن نعبر عنه بالكلمات؟ هل السعادة الحقيقية هي أن نتكبر بقسوة ونطلب أن نسّمن أجسادنا، ونغرق نفوسنا في ارتكاب الخطايا والشهوات؟ لابد أن نعرف أن هذه كلها، هي بعيد...ة تماما عن السعادة، وبعيدة عن المعنى الذي من أجلها خلقها الله. إذن ما هو نوع هذه السعادة التي تتفق مع الفضيلة والقداسة، ومع قصد الخالق العظيم ؟ . في الفردوس تجد هناك الجموع الكثيرة من الملائكة الأطهار القديسين، وهناك الأساس المتين لكل الفضائل الروحية، هناك التسبيح الدائم وثماره النقاوة والطهارة، وهناك نهر ماء الحياة، نهر الله، الذي من عرشه تنبع المياه التي تبهج مدينة الله، التي صنعت وشيدت بالله "نهرا صافياً من ماء حياة، لامعا كبلور، خارجاً من عرش الله والخروف" ( رؤ 22: 1 ). هذا النهر هو الذي ينبع من عدن ( السعادة الحقيقية ) ويروى الفردوس "وكان نهر يخرج من عدن ليسقى الجنة" ( تك 2: 10 )، هذه كلها أرشدت القديسين، ولابد لكل المؤمنين أن يقوموا بتداريب روحية صارمة، حتى يصلوا إلى حياة الكمال، هذه التي أرادها الله لكل سكان الفردوس. عندما تفكر في هذا، ستشكر الله صانعها الذي خلق كل هذا لأجل سرورك، وبذل كل جهد حتى يجعلك مستحقا لها. وعندما تتجه إليه، حينئذ سيستنير عقلك وستفهم أساس خلقتنا، ومصير آخرتنا، له المجد إلى الأبد أمين. |
||||
06 - 08 - 2014, 01:11 PM | رقم المشاركة : ( 4814 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مصارعة يعقوب مع الملاك (تك 32: 24-32) ورد في الكتاب المقدس مثل رائع للتغيُّر، وهو مصارعة يعقوب مع الملاك.وهذا المثل فيه توضيح بديع للطريق الذي يضعه لنا الإنجيل، أَلاَ وهو الدخول في معركة داخلية مع الذات بغرض نوال المصالحة وتغيُّر القلب. فيعقوب وعيسو توأمان تصارعا أولاً في بطن رفقة (تك 25: 22)، ثم «كبر الغلامان. وكان عيسو إنساناً يعرف الصيد، إنسان البرية؛ ويعقوب إنساناً كاملاً يسكن الخيام» (تك 25: 27). وبعد ذلك أخذ يعقوب مكان عيسو حينما سلبه حق البكورية والبركة الأبوية. + ففي المرحلة الأولى، نجد أن عيسو قد عاد من الحقل وهو مجهد جداً وقد قَبـِلَ أن يبيع حقه في البكورية ليعقوب مقابل أكلة عدس. + وفي المرحلة الثانية، نجد أن يعقوب قد سرق البركة الأبوية التي كان إسحق ينوي منحها لعيسو، الأمر الذي جعل عيسو يمتلئ بالكراهية تجاه أخيه ويضمر الانتقام لنفسه (تك 27: 41). بدء التغيُّر: إقصاء القوة التدميرية في الإنسان: + وبناءً على نصيحة رفقة، هرب يعقوب من وجه أخيه إلى لابان الذي استعبده لمدة 20 سنة، بعدها أراد يعقوب أن يرجع إلى بيته إلاَّ أنه لم يكن بعد قد حصَّل شيئاً يُذكر. ولكنه بعدما سمع صوت الله قائلاً له: «ارجع إلى أرض آبائك وإلى عشيرتك فأكون معك» (تك 31: 3)، قرر أن يعود إلى عائلته، الأمر الذي يُحتِّم عليه المواجهة مع غضب أخيه. وهنا وجدت عناية الله الفرصة مواتية لتغيير قلب يعقوب عن طريق منحه بركة إلهية تتمثل في إقصاء قوته الذاتية، وهذا الإقصاء تمَّ بطريقة مُدهشة بواسطة الملاك الذي صارعه حتى مطلع الفجر، حيث ضربه على حُقِّ فخذه. ولكنه في النهاية منحه تلك البركة العظيمة والتي بها تحوَّل قلبه تماماً، فمات فيه العتيق يعقوب، ووُلد إنسان آخر جديد هو إسرائيل. لذلك قال له الله: «لا يُدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل إسرائيل.» (تك 32: 28) إمكانية تحوُّل القلب: لقد تقابل يعقوب مع القوة التدميرية الكامنة بداخله، وذلك من خلال تقابله مع الله وجهاً لوجه? (تك 32: 30)، وهذا التقابُل حرَّر يعقوب من الخوف المسيطر عليه حتى أنه ذهب لملاقاة أخيه: «وسجد إلى الأرض سبع مرات.» (تك 33: 3) هذه الفقرة من الكتاب المقدس ذات مغزى واضح، إذ أنها تتعرَّض لعملية تحوُّل القلب، كما أنها تُظهر لنا وبقوة أن عدونا ليس خارجياً، وإنما هو كامن في داخل نفوسنا. فالحرب، إذن، ليست هي التحرُّر من الخارجي، ولكن بالأحرى من الداخلي. وتحوُّل القلب هو تحوُّل في النظرة، فيعقوب لم يَعُدْ يرى في عيسو شخصاً قاتلاً، وإنما رأى فيه شخصاً حاملاً لصورة الله (قارن تك 33: 10). ويعقوب الذي قَبـِلَ عمل الله في قلبه أصبح الآن معتمداً على البركة الإلهية، وأصبح لديه اليقين بأنه مُبارَكٌ ومحبوب من قِبَل الله. ولذلك تقدَّم في ثقة ومحبة ليتقابل مع عيسو. أثر تحوُّل قلبنا في تحوُّل قلب الآخر أيضاً: أما بالنسبة لعيسو فقد تجرَّد من وحشيته نتيجةً لاتضاع يعقوب الذي سجد أمامه على الأرض. فتحوُّل يعقوب، إذن، تبعه تحوُّل أيضاً في فكر عيسو حتى أنه ترك غضبه «وركض للقائه وعانقه ووقع على عنقه، وبكيا.» (تك 33: 4) الوداعة نتيجة التحوُّل: واتضاع يعقوب يتفق مع معنى الوداعة الذي ورد في التطويبات. فالوداعة هي حنوٌّ على كل الخليقة، وهو ما تم التعبير عنه في الحوار الذي دار بين الأخوين المتصالحين. فبعدما قَبـِلَ عيسو هدايا يعقوب، قال له: «لنَرْحَل ونذهب وأذهب أنا قدَّامك. فقال له (يعقوب): سيدي عالمٌ أن الأولاد رخصة والغنم والبقر التي عندي مُرضِعة، فإن استكدُّوها يوماً واحداً ماتت كل الغنم» (تك 33: 12و13). فيعقوب قد دخل أرض الأحياء لأنه واجه ضعفات نفسه، واجه هشاشة موقفه، فأصبح حسَّاساً لضعف الآخر. لذلك سار مع الضعفاء من عشيرته لكي يكون سنداً لهم وقت الضيق. للخدَّام: الخدمة يجب أن تكون مصحوبة بالوداعة: وهذا الموقف السابق، موقف يعقوب من الضعفاء، يوضح أن الخدمة يجب أن تكون مصحوبة بالوداعة أي بالحنوِّ على المخدومين، وعلى هذا الأساس قامت الرهبنة في العصور الأولى واستمرت إلى الآن. فالراهب هو مَن يضع نفسه عن البشرية كلها في وداعة حقيقية. وعلى هذا فمَن أراد أن يقوم بخدمة أيًّا كان نوعها، فليتحلَّ بالوداعة. في الوداعة، لا مكان للغضب والكراهية والانتقام: ومن جهة أخرى يمكن القول بأن مَن دخل في المفهوم الإنجيلي للوداعة يكون بالطبع خالياً من سيطرة الغضب والكراهية والانتقام على حياته. فلأنه يضع ثقته بين يديِّ الله، لم يَعُدْ له الغرض في أن يكون، بل في قبول ما هو كائن. وهذا الوضع الروحي يلزمه بالطبع يقظة روحية لكي يستطيع الإنسان أن يحتفظ بوداعته، لأن الشهوات والميول تبقى كامنة داخل النفس تنتظر الوقت الذي تتحرر فيه من عقال الوداعة لتعاود السيطرة على النفس مرة أخرى. الوديع هو الشخص القريب من كل أحد: لقد لمست محبة الله قلب يعقوب فجعلته يتعامل مع الآخر من منطلق هذه المحبة، أي أن يعقوب أصبح وديعاً وقريباً من كل أحد، أصبح يرى الآخر من منظار الله. لذلك أصبح يفرح بالمواهب التي حَبَا الله بها هذا الآخر. ويُعلِّق القديس غريغوريوس النيسي على قول داود في (مز 27: 13): «... أرى جود الرب في أرض الأحياء»، بأن جنة عدن قائمة في كل وقت، إن اكتشفنا نحن الخيرات الموجودة من حولنا وفرحنا بما وهبه الله لإخوتنا. الوداعة تقود الإنسان إلى معرفة مقاصد الله: فالنفوس الوديعة فقط هي التي تكتشف أن الكل هو هبة من الله. وهذه النفوس تمتلكها الدهشة والفرح معاً كلما تأملت عطايا الخالق لخليقته. فبالحقيقة إنها ترث الأرض - كما جاء في التطويبات - لأنها عرفت كيف تتعامل مع الخليقة كهبة إلهية، عرفت كيف ترى الجمال ببساطة إنجيلية، عرفت كيف ترى في الأحداث العارضة معنىً عميقاً وتجديداً لصالح الكنيسة. لهذا، فبساطة القلب التي مصدرها الوداعة - وليس الجهل - تصل بالإنسان إلى أن يكون حكيماً حقيقياً من خلال تأملاته في مقاصد الله من الأحداث صغيرها وكبيرها، لأن الشخص حينئذ يكون مشدوهاً بتسيير الله العجيب للكون بما فيه، حتى أنه يُفسِّر كل الأشياء، ليس من خلال رؤيته الشخصية، ولكن بإرجاعها إلى مقاصد الله التي تقود الكل في طريق الكمال. فالنفس الوديعة تصبح مع الوقت مُعَلِّماً يستطيع أن يستخلص من الحوادث المادية رؤية صحيحة تمنع الناس من التخبُّط يميناً ويساراً في تفسير الأحداث المحيطة بنا. ولسان حال النفس الوديعة هو التسبيح بغرض تمجيد الله على حضوره في كل شيء. فأرض الأحياء، إذن، هي مكان التأمُّل في محبة الله وعنايته، ومكانها هو حيث يوجد الودعاء |
||||
06 - 08 - 2014, 01:13 PM | رقم المشاركة : ( 4815 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأيقونة والعبادة
للدكتور جورج عوض الأيقونة هى تعبير عن عقيدة الكنيسة ومفتاح لفهم العقائد الكنسية. الأيقونة ليست مجرد فقط تبسيط للإعلان الإلهى، وجعل الإيمان شعبيًا في متناول البسطاء أو الجهلاء. إنها سر وهى طريقة لاهوتية تهدف إلى تناول الحقائق الكنسية.إنها تصوير صادق للمعجزة التي مازالت هى سرًا: ألا وهى إخلاء الله وارتفاع الإنسان. فرديًا مستقلاً لكنه فن كنسى. لأن هذا الرسم، لا يُعبّر عن أفكار وآراء دينية، وخيال عقيدى وإبداع لفنان لكنه يُصوّر ويُظهر الإيمان الشامل للكنيسة. إن رسم الأيقونات في الأرثوذكسية ليس مجرد فن "دينى"، أو محاولة الإنسان المتدين لأن يُعبّر فنيًا عن موضوع إبداع دينى. إنه فن لاهوتى، فهو فن يعبر عن الحقيقة اللاهوتية، والحياة الجامعة والتعاليم الأخلاقية الكنسية، المتعلقة بالعقيدة والتعاليم الروحية والعبادة. إنه فن يعتمد على الخبرة اللاهوتية وتقليد الكنيسة[1]. أن رسم الأيقونة هو بمثابة خروج من عالم معتم ومكتفى بذاته، فالأيقونة نافذة تطل من الواقع البشرى والأرضى على الإمكانيات غير المحدودة لسر الله والعالم السماوى: فإنها تظهر حضور المجد غير الموصوف للأبدية العتيدة في حاضرنا على الأرض، تصور ظهور المسيح والكنيسة السماوية وسط المجتمع البشرى. تصور حقيقة ملكوت الله والخليقة الجديدة بطريقة واضحة وتقدم عالم التجلى والتأله، والنور غير المخلوق وتعلن عن شفافية وتجلى المادة بواسطة اتحاد المخلوق مع غير المخلوق. والرسام في هذا الاطار يجعل ذاته خادمًا لله، إذ ينمو في جذور التقليد الكنسى، إذ هو يخضع أفكاره للإعلان الإلهى ولكل تطلع نحو الكمال السماوى الأخير وهو يضع عمله في خدمة الكنيسة واحتياجاتها. الفنان العادى الذي يتناول موضوعات دينية يعبر فقط عن مشاعره وهو يستخدم المادة التي في متناول يديه لكى يكشف ما في ذاته. ومهما كان مدى قانونية تعبيره في التكوين الإبداعى الفنى، فلا يمكن أن يكون له أى موضع في عبادة الكنيسة. أما رسام الأيقونة فهو مثل الكاهن أمام المذبح، يجب أن يقدم كل كيانه في خدمة الله، ومثل الكاهن لا ينبغى أن يفرض شخصيته أو يستخدم فنه كوسيلة ليعبر عن فرديته. رسم الأيقونة هو دياكونية (خدمة كنسية) تتطلب من الخادم أن يتقدس. إن رسالة وخدمة الرسام تتشابه مع رسالة وخدمة الكاهن: " الواحد يقدس لإظهار جسد المسيح ودمه والآخر يصوّره "[2]. هكذا يوجد اختلاف كبير بين الرسام الدينى ورسام الأيقونات في الكنيسة الأرثوذكسية فيما يتعلق بالمفهوم والهدف: " الرسم الدينى يظهر العالم الذي نشعر به بمشاعرنا وانطباعاتنا، أى يشعر بالله بحسب تصور الإنسان، في هذه الحالة لم تعد الكنيسة (بتقليدها) هى التي تعلم المؤمنين، بل شخصية الرسام البشرية هى التي تفرض الآراء الفردية. لكن رسم الأيقونة لا يهدف إلى التأثير العاطفى، لكنه يُغير الإحساس والشعور البشرى ويسمو به"[3]. الأيقونة لها ملمح ليتورجى، فإن فن الأيقونة مثل أى فن في الكنيسة هو فن ليتورجى، " الفن الكنسى والليتورجيا هما واحد في محتواهما وفي الرموز التي يعبران عنها. الأيقونة، والإبصلمودية ليس لكل واحد منهما طريق خاص، لكن تعبران معًا عن الفكرة العامة للكنيسة التي هى المسكونة المتجلية، والتصوير المسبق للسلام العتيد أن يأتى "[4]. الرسم الأرثوذكسى للأيقونة هو فن كنسى والأيقونات المقدسة لها ليتورجية كنسية، أى لها مكان في الحياة الليتورجية. فالأيقونة ليست مجرد لوحة دينية أو مجرد إبداع لفنان عبقرى لكن ثمرة الحياة الليتورجية. الأيقونة تعمل كـ " شهادة للحياة الليتورجية وللاتحاد الإلهى "[5]. الأيقونة تُفسر المحتوى الديناميكى للإفخارستيا: سر خلاص العالم في المسيح. الأيقونة نفسها هى حضور لسر الخلاص، وشهادة لانتصار رئيس الحياة على الموت، إنها تقدمة حياة وقداسة[6] لأنه في الأيقونة: " ليس لدينا أصالة تاريخية خاصة، لكن تحول ديناميكى ليتورجى. فحوادث الخلاص في الأيقونة لا تُفسر تاريخيًا لكن سرائريًا وتتحد بنا ليتورجيًا وتصير هذه الحوادث شهادة "للحياة الأخرى" التي اقتحمت حدود الفساد. إنها تدعونا لوليمة روحية، الآن هنا"[7]. الأيقونة الأرثوذكسية [ تمثل جزءً أساسيًا في الليتورجيا لأن الله المتجسد يسمع الكلمة (الصلاة) التي تُقدم أمام الأيقونة... وذاك الذي يقوله لنا الكتاب بالكلمة، تخبرنا عنه الأيقونة منظورًا وتجعله حاضرًا ][8]. فالأيقونة تجعل ما يتم في العبادة يصير محسوسًا وتجعله حاضرًا. الأيقونة تهدف إلى أن يكون ـ بطرق منظورة واختبارية ـ سر التدبير الإلهى قريبًا من الروح البشرية للمؤمن، سر التدبير هذا الذي هو مركز العبادة الأرثوذكسية[9]. الأيقونة هى طريقة للحضور الإلهى مملوءة من النعمة الإلهية[10] هى [ نظام رؤيوى يفرض ويشدد على الحوادث الروحية التي تمثل أساسيات المسيرة الليتورجية أى سر المسيح. الأيقونة هى فن ليتورجى، أى إنها واحدة من الوسائل التي توصل إلى المؤمنين حقيقة التجسد والتجلى، إنها واحدة من الوسائل التي بها يأتى المؤمن إلى الحالة الروحية المناسبة لاختبار غاية الليتورجية وذروتها التي هى سر الإفخارستيا، قلب السر المسيحى كله][11]. 1 انظر خريستوس ياناراس، الفن الحديث في المجال الليتورجى، مجلة سينور، رقم32 (1964)، ص237 (الترجمة اليونانية). 1 ل. أوسبنسكى، الأيقونة، أثينا 1952، ص38 (الترجمة اليونانية). 1 المرجع السابق، ص33. 2 المرجع السابق ص29. 3 الأرشمندريت باسيليوس، الدخول، أثينا ص131 (الترجمة اليونانية). 4 المرجع السابق ص 138. 5 المرجع السابق، ص125. 1 بول افدوكيموف، سر المحبة، ص8 (الترجمة اليونانية). 2 ك. كالوكيرس، رسم الأيقونة، موسوعة QHE، مجلد 5، ص373. 3 يوحنا الدمشقى، باترولوجيا مينى 130:94. 4 فيليب شِرارد، فن الأيقونة، ص17 (الترجمة اليونانية). |
||||
06 - 08 - 2014, 01:13 PM | رقم المشاركة : ( 4816 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
البساطة والاستقامة ايها الاحباء: في هذا اليوم المبارك قرأنا مقطع من انجيل متى البشير وفيه يتحدث عن الكمال الذي يجب ان يكتمل به كل مؤمن كي يحصل على الملكوت والخلاص. فاول شروط للدخول في الحياة مع الله هو صفاء النية والاخلاص والاستقامة ، استقامة الحياة واستقامة الضمير. فالعين الصحيحةالبسيطة هي القلب المتواضع والمحب البعيد عن كل غش وكذب ورياء. اذا العين في لغة الكتاب المقدس هي القلب فان كان بسيطا ،وكلمة بسيط عند بولس الرسول تعني سخي . ولذلك فعندما يتأثر القلب بسخاء وببساطة ويعمل الصلاح والخير والمحبة فانه يرشد صاحبه الى الاعمال المسيحية وتصير كل تصرفاته مملوءة نورا "جسدك كله يكون نيرا" اي مملوءا نورا اي مملوءا من الادلة التي تشهد للمسيحية الحقيقية تلك الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب كما يقول يعقوب الرسول في رسالته. مملوءا نورا اي مملوءا بالاعمال الحسنة التي هي نورنا الذي يضيء قدام الناس. اما ان كان القلب شريرا طماعا قاسيا حسودا حقودا هذا ما يقصد عادة بالعين الشريرة . فالجسد كله يكون مظلما وتكون كل التصرفات بعيدة عن المسيحية العين هي الادراك هي القوة التمييز . العين الصحيحة هي الضمير الذي هو بالنسبة لقوى النفس عند الانسان هي بمثابة العين في الجسد لارشادها في كل حركاتها.ان كانت العين بسيطة اي انها تحكم بالحق والاستقامة وتميز الامور من بعضها البعض . اما ان كانت العين الشريرة فاسدة بدلا من ان ترشد القوى النفس الاخرى في الانسان فانها تنعطف وراء الشر وتنحرف بسببها اي بسبب العين الشريرة ،ان كانت تخدع القلب بل الحياة كلها تكون مظلمة والتصرفات كلها فاسدة. لذلك علينا ان ننتبه من الرياء والغش ومحبة العالم في اختيار السيد الذي نخدمه . لا يقدر احد ان يخدم سيدين لان خدمة السيدين تتنافى مع العين البسيطة. هنا يكشف المسيح القناع عن الخداع الذي يخدع به المراؤون انفسهم اذ يظنون بانهم يستطيعون ان يجمعوا بين الله والعالم. ان يكنزوا كنزا على الارض وكنزا في السماء في وقت واحد ، ان يرضوا الله ويرضوا البشر في نفس الوقت .اما المسيح فيجيبهم قائلا كلا لا تتوهموا بان التقوى تجارة ( 1 تي 6: 5) لا تقدرون ان تخدموا الله والمال . وكلمة المال في اللغات القديمة للكتاب المقدس تأتي بمعنى الربح ، ولذلك فالمقصود بالمال هنا كل ما نحسبه في هذا العالم ربحا. المال هو ما في العالم شهوة الجسد شهوة السلطة ، يجعل البعض الههم ملذاتهم ويعبدون هذا الاله، والبعض يجعلون كرامتهم وكبرياءهم الههم ويعبدون هذا الاله ، مثل الفريسين كان الههم مدح الناس وثناءهم. بالاختصار ان محبة الذات والانا هي الاله الذي لا يمكن ان يعبد مع الله . انتبهوا يا احبائي لا يقول المسيح انكم يجب ان لا تعبدوا الله والمال بل لا تقدرون ان تعبدوا الله والمال . لا نقدر ان نحبهم معا او نتمسك بهم معا لانهما يتعارضان الواحد مع الاخر . فالله يقول يايني اعطني قلبك والمال يقول اعطني له. الله يقول اكتفوا بما عندكم والمال يقول اسعوا لجمع المال بوسائل شريفة او غير شريفة . الله يقول لا تخدع احدا ولا تكذب كن امينا وصادقا في كل معاملاتك والمال يقول اخدع اباك ان وجدت في ذلك ربحا. الله يقول كن مسامحا والمال يقول احتفظ بما عندك لماذا تخرب نفسك . الله يقول لا تهتموا بشيء والمال يقول اهتموا بكل شيء. يقول الله قدسوا يوم الرب المال يقول انتفع بهذا اليوم مثل باقي الايام . هكذا نجد ان اوامر الله والمال لا يمكن ان تتفق حتى اننا لا نقدر ان نخدم كليهما. في هذا النص الانجيلي يا احبائي ينصحنا يسوع ان لا نهتم بامور هذا العالم ( اقول لكم ) انه يقول لنا هذا القول كواهب الشريعة انه يقوله كمعزينا ومؤازر لسرونا وفرحنا . وما الذي يقوله هو هذا ومن له اذان للسمع فيسمع ، لا تهتموا لحياتكم ولا جسادكم اي لا ترتبكوا ولا ترتكبوا هما ، وكما يحذرنا المسيح من الكذب والغش ثلاث مرات في هذا النص يكرر التحذير من الاهتمامات العالمية ثلاث مرات ايضا . من هنا يتبين كيف يفرح المسيح بان يرانا نعيش بلا هم وكيف ان ذلك واجب علينا . الا ان هناك اهتمام بامور هذه الحياة ليس فقط من باب الشرعية بل من باب الواجب ، هذا الاهتمام نراه عند بولس الرسول من خلال اهتمامه بالكنائس وفقراءها واهتمامه بحالة نفوس المؤمنين. هذا يعني ان مطالب الحياة الحاضرة فانه يجوز استعمال كل الطرق المشروعة للحصول عليها والا فاننا نجرب الله. يجب ان نكون مجتهدين ومجديين في اعمالنا العالمية حكماء في كل تصرفاتنا وايضا يجب ان نصلي من اجل خبزنا اليومي وان نطلب المساعدة ممن يستطيع تقديمها . اما عن المستقبل فيجب ان نلقى على الرب همنا ولا نهتم لان الاهتمام هو يمثابة الغيرة من الله الذي يعرف ان يعطي ما نحتاج اليه عندما لا نعرف نحن كيف نحصل عليه. لان لنا ما هو اعظم لنتهم به وهو الحياة الروح وسعادة الابدية، هذا هو الامر الذي يستدعي منا كل الاهتمام وكل التفكير والذي اصبح مهملا من كل القلوب التي تسيطر عليها الاهتمامات العالمية. لو كنا اكثر عناية واهتمام بما يرضي الله ونعمل من اجل خلاصنا ونيل الحياة الابدية لقل اهتمامنا بارضاء انفسنا. ان اعظم علاج للاهتمام بالعالم هو الاهتمام بارواحنا لان لنا طريق اضمن واسهل للحصول على ضروريات هذه الحياة بان نطلب ملكوت الله وبره ويكون هذا شغلنا الشاغل . ان تكون السماء غايتنا والقداسة طريقنا وان نطلب دائما ونسعى بالحاح نحو تعزيات الملكوت، نحن لا ننتفع شيئا من مسيحيتنا ان لم تؤد بنا الى القداسة . اذا علينا يا احباء: ان نبدأ حياتنا بداية حسنة نبدأها بالله . عندما نبذل كل جهدنا لنضمن لانفسنا ملكوت الله وبره . فان الرب الذي هو هو يدبر لنا كل امور هذه الحياة حسبما يراه لنا، بل يعطينا ما لم نكن نفكر فيه . فلنصلي معا ونقول: " فلنودع ذواتنا وبعضنا بعضا وكل حياتنا المسيح الاله . آمين نقلا عن موقع " السراج الارثوذكسي" |
||||
06 - 08 - 2014, 01:14 PM | رقم المشاركة : ( 4817 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
البشريّة المريضة
بيت الداء وحقيقة الدواء(2) خلق الله الإنسان، في البدء، حسناً جداً (تك 1: 31). لم يكن ناقصاً في شيء. طبعاً لم يكن خالداً لأنّ الخلود ليس من مزايا الطبيعة البشريّة بل هو هبة الله. وهذه تُعطى له متى نما في طاعة الله ومحبّته. جنّة عدن، التي هي صورة عِشرَة الإنسان لله، كان مفترضاً بآدم أن "يعملها ويحفظها" (تك 2: 15). إذاً لم تكن ناجزة لديه. روحياً، كان الإنسان طفلاً. كان عليه أن يصير "فلاّحاً للعبادة الحسنة" (قنداق عيد القدّيس جاورجيوس اللابس الظفر) حتى يحظى بنعمة الحياة الأبدية. حالُ آدم وحوّاء، قبل السقوط، كان كحال الحديد والنار. الحديد، في ذاته، قابل للفساد والانحلال، ولكنْ إذا لزم النار انحفظ. هكذا كان آدم وحوّاء. طالما بقيا في كنف الله ? وهذا رهن لا بمشيئة الله وحده بل بإرادتهما أيضاً ? كانا محفوظَين بالنعمة، ولكنْ لمّا نجح الشيطان المتلبِّس بالحيّة في خداعهما سقط آدم وحوّاء من روح الله. أُخرِجا من جنّة عدن (تك 3: 23). طُردا منها طرداً ولم يعدْ لهما إمكان عودة إليها بنفسيهما (تك 3: 24). كان السقوطُ سقوطاً من حال إلى حال: من الطاعة إلى الخطيئة، من عِشْرة الله إلى استعباد الشيطان، من عدم الفساد إلى الفساد. الخطيئة هي التعدّي (1 يو 3: 4) والإثمُ الذي هو معارضةُ الله ومقاومتُه بعناد. "إنسان الخطيّة ابن الهلاك"، في الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيكي، هو "المقاوِم والمرتفِع على كل ما يُدعى إلهاً أو معبوداً حتى إنّه يجلس في هيكل الله (كإله) مظهراً نفسه أنّه إله" (3: 4). الخطيئة هي الحيدان عن الحقّ. في اليونانية، من معاني الخطيئة (أمارتيا) الإخفاق في إصابة الهدف. فَشِلَ آدم وحوّاء في تحقيق قصد الله لهما فسقطا وصارا في الخطيئة. تعبير "في الخطيئة"، كما في رو 6: 1، يشير إلى الحال الجديدة التي آل إليها الإنسان إثر السقوط، إلى الواقع الناجم عن المعصية. من الحال الكيانية الاختلالية هذه للخطيئة، انبثّ، في الإنسان، ما يُعرَف بـ "الأهواء" التي هي منابت الخطايا، أو جذورها. الأهواء، في ذاتها، ليست خطايا بل هي ينبوع الخطيئة مغروساً في طبيعتنا. الأهواء هي الأصنام الداخلية وما عبّرت عنه كل الأصنام في تاريخ البشريّة منذ السقوط. كل الأصنام الحجرية والفكرية والعاطفية ذات الصلة بالمال وشهوة البطن والزنى والمجد الباطل وأمثالها، في أي من مجالات الحياة الفردية والجماعية، كل هذه الأصنام مصدرها واحد: الأهواء! بالأهواء صار الإنسان مائلاً إلى مراكز اهتمام أخرى غير الله. هذه حلّت، في الإنسان، أسياداً محلّ سيّد السماوات والأرض، وصار الإنسان، بصورة تلقائية، متّجهاً، كيانياً، إلى تلبيتها، عبادياً، كما لو كان له فيها ملء الوجود، كإنسان ناهد إلى الألوهة. ولكنْ كلُّ سعي الإنسان، مهما فعل، في هذا الإتجاه، كان باطلاً لأنّه اتجاه خاطئ، لأنّ الإنسان بات مقيماً في الخطيئة، في الكذب، في الضلال، في الضياع، في الوهم. على هذا استبانت خدعة الشيطان لآدم وحوّاء، بدءاً، مستمرة في الأهواء/ الأصنام التي انزرعت في الطبيعة البشريّة بعدما سقط الجدّان الأوّلان في المعصية. الخديعة قائمة في أهواء الناس. الخطيئة، دائماً، وعد يؤول إلى خيبة، غيم بلا ماء. فلا عَجب إن قال آباؤنا إنّ وراء كل خطيئة روحٌ غريب حتى لَيُماهونها وهذا الروح الغريب عينه. الغريب، في الحقيقة، كان إيّاه الشيطان وأبالستُه ذوو الاختصاص في شتّى الأهواء والخطايا. بهم دخلت الخطيئة إلى العالم. طبعاً لا بالشيطان وحده بل بقبول الإنسان أيضاً لإيحاء الشيطان، لمنطق الروح الغريب، وتعاون الإنسان معه. "شعبي عمل شرَّين. تركوني أنا ينبوعَ المياه الحيّة لينقروا لأنفسهم آباراً آباراً مشقَّقة لا تضبط ماء" (إر 2: 13)! نجح الشيطان، بالحيلة، في إقناع آدم وحوّاء بأنّ الله كاذب. قال الله لآدم: "يوم تأكل من... [شجرة معرفة الخير والشرّ] موتاً تموت" (تك 2: 17)، وقالت الحيّة للمرأة: "لن تموتا" (تك 3: 4). نجح الشيطان، بالحيلة، في إقناع آدم وحوّاء بأنّ الله يمنعهما من الشجرة عن قصد غير قويم، لأنّه يريد لهما أن يبقيا جاهِلَين قاصرَين، وفي ذلك ظلم وتَعَدٍّ على حرّية الإنسان وحرمانٌ لهما من امتياز عظيم هو من حقّهما وهو في متناول أيديهما. بتعبير الحيّة: "الله عالم أنّه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارِفَين الخير والشرّ" (تك 3: 5). هكذا بثّ الشيطان الشكّ في صِدقية الله من جهة الإنسان. ولأنّ الإنسان كان قاصراً في معرفته العميقة لحقيقة الأمور، تمكّن الشيطان من ضرب إيمان آدم وحوّاء في الصميم. جعل إسفيناً ما بين الإنسان وربّه. نجح الشيطانُ في تحويل انتباههما من وصيّة الله إلى شهوة نفسيهما، "فرأت المرأة أنّ الشجرة جيِّدة للأكل وأنّها بهجة للعيون وأنّ الشجرة شهيّة للنظر، فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجُلها أيضاً معها فأكل" (تك 3: 6). تبنّى الإنسان منطق الشيطان، المنطق الذي جعله شيطاناً بعدما كان ملاكاً مقرَّباً جداً من العليّ. فإنّ الإنسان، إذ تحوَّل عن الله، أَكَلَ طُعْمَ الشيطان له، تبنّى خبرته، وقع في فخّه. سلك الإنسان في شهوة نفسه. اعتزل عن الله. صار يقيس الأمور على رغبته الخاصة. التزم إرادته الذاتية معياراً لكل شيء. بكلام آخر تشيطن الإنسان في الخُلُق لمّا وقع في حبّ الذات، من حيث إنّ الشيطان معلّم عشق الذات بامتياز. صار حبّ الذات لدى الإنسان هو، عينه، الألوهة محقَّقة، صنمَ الأصنام، إلهَ الآلهة، مصدرَ ومآلَ كلِّ عبادة. انكفأ الإنسان على نفسه بعدما كان ممتدّاً صوب ربّه. لم يعدْ بحاجة إلى ما هو أو مَن هو خارج نفسه ليتألّه. صار إلهاً في ذاته، في عين نفسه. هكذا تمثَّل السقوطُ من حالٍ كان الإنسان فيها ينمو في محبّة الله من كل القلب ومن كل النفس ومن كل القدرة إلى حال فيها ينمو، في عشق الذات، من كل القلب ومن كل النفس ومن كل القدرة. هكذا كان سقوط الإنسان من حال الكمال الإلهي، المتنامي إلى حياة أبدية، إلى حال الكمال الشيطاني المزعوم، المتنامي إلى هلاك أبدي. مَلَك الشيطان على الإنسان. بدا له صديقاً. أقنعه بأن يعبد نفسه من دون الله وأقام هو في التواري! لم يكن تسلّطُه عليه خارجياً. زرع كلمته في قلبه. أراد أن يملك عليه من الداخل، بإرادة الإنسان عينه، إذ طعّم إرادته بمفسدته. والإنسان، في غباء خطيئته، من حيث إنّ الخطيئة تجعل الإنسان غبيّاً (!)، أسلم قيادَه للشيطان وفي ظنّه أنّه، بذلك، يحقِّق ذاته حرّاً من كل تأثير خارجي عليه، من الله ومن الشيطان سواء بسواء. هكذا دلف الإنسان من عدم الفساد إلى الفساد، من حرّية النعمة الإلهية إلى عبودية الخطيئة، من الحياة إلى الموت. استعبد الشيطان الإنسان بالإقناع فأدخله الدائرة المفرَغة للموت والخوف والخطيئة. هذه لم يعدْ له فكاك منها، وتالياً من ربقة الشيطان عليه. هكذا اعتلَّت الطبيعة البشريّة. بكلام القدّيس كيرلّس الإسكندري: "لمّا سقط الإنسان في الخطيئة وزلق في الفساد، هاجمت الملذّاتُ والنجاسةُ طبيعةَ الجسد، وانقشع، في أعضائنا، ناموس وحشي. أضحت، إذ ذاك، طبيعتنا موبوءة بالخطيئة عبر معصية الواحد، الذي هو آدم. به أضحى الجميع خطأة لا لكونهم شاركوا في التعدّي مع آدم، وهو ما لم يفعلوه البتّة، بل لكونهم من طبيعته، خاضعين لناموس الخطيئة... الطبيعة البشريّة، في آدم، اعتلّت وخضعت للفساد، بالمعصية، وبذا وطئتها الأهواء". |
||||
06 - 08 - 2014, 01:16 PM | رقم المشاركة : ( 4818 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"جئتُ لألقي ناراً على الأرض..." (لو 12، 49) المطران بولس يازجي من كتاب "السّائحان بين الأرض والسماء"- الله والإنسان الجزء الثاني لقد جاء "لتكون الحياةُ لنا أفضل". نارٌ مطهّرة تنقّي الطين وتجعل من الإنسان إلهاً. لقد قلبتْ هذه النارُ كلَّ المعايير: سقط الله، الله السيّد المتربع على العرش حاكماً وديّاناً، في الأديان الوثنية. بَطُلَ إله الفلاسفة المغبوط النائم في سعادته في بطن الأفكار البشرية. الله محبّة، محبّة تطلب المحبوب وتتحرّك نحوه. محبّة تجعل الله والإنسان في علاقة، فيتبادلان الحبّ في الخليقة. هذه العلاقة تُبطل البعد الفاصل: بين السماء والأرض، بين الجسد والنفس، بين الكلام والصمت، بين المادة والرّوح وبين الله والإنسان. لم يعد الإنسان مجرّد كائنٍ جاءت به الصدفة وتقوده الأقدار، ولا هو حيوانٌ مرجعيته الأرض، ولا حتى كائن اجتماعي مرجعيته الشرائع، بل الإنسان هو وليد المحبّة الإلهية وخليلها! وجه البشر صار من نورٍ وليس من طين. الإنسان إلهٌ يتخطّر على الأرض بمسؤولية وليس حيواناً يتسلّط على ما فيها. سلطة الإنسان هي الخدمة وليست الاستهلاك. صارتْ حياةُ الإنسان عجيبةً وصار اللهُ عجيباً في قديسيه. التراب الآن يُسبِّح الرّب وهناك في الجحيم من يحمده! مهما بدا ذلك عجيباً إلاّ أنّه واقع، أنّ الله خلق من التراب آلهة. فصرتَ ترى في الشيوخ وداعة الأطفال وفي الأطفال حكمة الشيوخ وعند الاثنين إبداعاً وجرأةَ قرارٍ عجيبٍ ببذل الذّات حبّاً ليجدوها! لم يعد قتلٌ أن تسفك دماً بل مجرّد أن تهدر محبّة، فالحقد قتلٌ والغضب مثله والكلمة القاسية أيضاً. لم يعد فعل الزنى فقط هو المدان، بل مجرّد النظر بشهوة. لم يعد العطاء إحساناً بمقدار، بل من طلب منك ثوباً أعطه الرداء أيضاً. لم يعد ما هو خارجي وعرضةٌ للفريسيّة كافياً بل أصبحت مطلوبة أيضاً النقاوة الداخلية، التي هي ابنة الحبّ الحقيقي ولا يفسدها رياءٌ في الشدة بل تنمّيها المحبّة في التجارب. لا تُطلب من الإنسان أعمالٌ وحسب بل "يا بنيّ أعطني قلبك"، وعندها نعمة الله في ضعف البشر تكمل. الويل لمن يعمل عمل الرّب بمواربة. عمل الرّب فعل المحبّة. والمواربة أن تحبّ ذاتك بدل الآخر. فالويل للحكماء بأعين أنفسهم، والويل لمن يريد أن يربح لذاته لأنّه سيفقدها. الضمير لا يحيا حين يفكّر بذاته. الإنسانية تنمو بخدمة الآخرين. سقطت أقنعةُ البرّ الذّاتي التي يبنيها الناس ببعض الشرائع. لهذا الحرف يقتل والرّوح يحيي. أعطني من كلّ فعلٍ ما فيه من محبّةٍ وارمِ الباقي إلى الفريسيّة والرياء. أفعال المحبّة تمنع الفصل بين الدّين والحياة وتربط وجه الله بوجه القريب، وتجعل عبادة الله تتم في حياة القريب. مذبح القرابين هو حياة المحتاجين سرّ الشكر غير ممكن بدون سرّ القريب. لذلك فالذبيحة لله هي الرحمة. الإنسان روحي حتى اللّحم ولحمي حتى الرّوح. ما من حياة روحية معزولة عن الحياة الجسدية ولا حتى حياة جسدية ليس فيها روحُ الله. كلا الوجهين زيف. "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان" الإنسان دون أخيه الإنسان هو جثّة متحركة لا حياة لها. الآخر هو حياتي. الروابط الإنسانية حقيقية. العداوة والتمييز والعنصرية وكلّ ما يفصل إنساناً عن إنسانٍ هو زيف وعليه أن يبطل. لقد غلب التواضعُ العنفَ. المسامحة مبدأ الحياة الجماعية. وتنطلق من تركيز الأهمية على المستقبل دون الوقوف عند أخطاء الماضي. لهذا فالمهم هو التوبة وليس القضاء. الإنسان ليس بما يملك بل بما يعمل، ليس بما "له" بل بما "هو". وبمقدار ما تحبّ ما لَكَ بمقدار ما تفقد ما أنت، وبمقدار ما تبذل ما لَكَ بمقدار ما تحقق ما أنتَ. كلّ موجود هو للخدمة وليس للتملّك؛ تملكه تفسده، تخدم بهِ توجده. باتت الخليقةُ بيتَ الله العام مفتوحاً لكلّ البشر. الخليقة مائدة ممدودة لكلّ إنسان، تكفي الجميع إذا تقاسموها بحسب حاجاتهم وتنقص الجميع إذا جَشِعَ بها ولو واحدٌ. انقلبت المعايير: السلطةُ من الحقيقة وليست الحقيقةُ في السلطة. السلطة دون الحقيقة رياء يحقِّر الإنسان ويخضعه للنـزوات. الحقيقة ليست من الأكثرية أو الأقلّية، ولا من الكبار أو الصغار، بل من أنقياء القلوب والعطاش إلى البرّ. لهذا الودعاء سيتسلّطون على الأرض. خيرُ كلِّ شيء نسبيّ، والمعيار هو الإنسان. كلّ شيء أُوجد من أجل الإنسان: الشريعة، المال، المجتمع، الدين والخليقةُ كلّها، لا يحقّ لأيّ منها أن يسمو على قيمة الإنسان. الإنسان هو السيّد وكلّ ما سبق خدّام. لهذا لا يُصنَّفُ الناس بمعايير كتلك: شرائعيّة، أو طبقيّة، أو دينيّة... والإنسانية ليست معنىً مجرّداً ومواصفاتٍ خُلقيةً، بل هي القيمة المحددة والثمينة لكلّ حياةٍ بشرية في أيّ إنسان على وجهِهِ مسحةُ الله الذي خلقه. انقلابات فظيعة: يستلمُ أسمى الشؤون البسطاءُ، بطرس يفوق أفلاطون ولصّ اليمين يخزي بيلاطس. خشبة صليبٍ ترمي إمبراطورية! أين القوة التي تجعل لمثل هذا الضعف سلطاناً كهذا؟ إنّها الحقيقة التي إذا ما نشبت في قلبٍ امتدتْ إلى كلّ القلوب. القلوب عطشى إلى الحقيقة مهما خافت من السلطة، ولا سلطة بالنهاية إلاّ للحقيقة. لذلك لم يكن ضرورياً ليسوع أن يدخل أورشليم على أسدٍ بل دخلها على حمار، السلام أقوى من السلاح. تهوي التراتبيّات الاجتماعية وتسقط الطبقيات لتتسلسَلَ الأمورُ بحسب قوة الرّوح ومواهبه، فالأول هو الأخير والسيّد هو الخادم، والخدمة الأفضل التي فيها بذلٌ أكثر. |
||||
06 - 08 - 2014, 01:18 PM | رقم المشاركة : ( 4819 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لماذا كالأطفال؟
ان لم ترجعوا وتصيروا مثل الاطفال فلن تدخلوا ملكوت السموات. فمن وضع نفسه مثل هذا الولد فهو الاعظم في ملكوت السموات. متى 18 : 3 ما من احد منا لم يتمن بحرقة في وقت من الاوقات ، ولو في سره ، " ان يعود الشباب يوماً" ، ربما ليس لنخبره بما فعله بنا المشيب ، بل لنتمسك به ونسترجع نشوة الطاقة والعنفوان ومقدرة التحدي. ولكن ان نرجع مثل الاطفال ، فلا احد يرغب حقاً في البقاء في ذلك المكان ، لانه لا حضور فيه للأنا ولا سلطة. وما ان نبدأ نعي اننا اطفال ، حتى نستعجل العبور الى عالم الكبار ، والتأكد من ان يقال اننا كبار . وتصبح ذروة الحلم ان نصبح الاكبر في عالم الكبار." ان لم ترجعوا وثصيروا مثل الاطفال فلن تدخلوا ملكوت السموات". لماذا الاطفال؟ السنا نقدر ان نعي اكثر من هو الله وما تقوله كلمته ونحن كبار ، فتكون قراراتنا وافعالنا وخياراتنا مسؤولة ومرضية امامه؟ لعل الجواب الابسط انه لا يمكن ان يرضي الله متكبر" مكرهة الرب كل متشامخ القلب " امثال 16 : 5 . ووحدهم الاطفال في عيني الله متواضعون. في التواضع تذلل وتخاشع . وفي التذلل خضوع وانقياد وسهولة ولين. وفي التخاشع طأطأة للرأس . والاطفال في كل ذلك لا يبتذلون ولا يتصنعون. الاطفال يخضعون ، ينقادون ، ويطأطؤن الرأس بسهولة ولين. هم يصدقون بسهولة . يثقون بسهولة . يقولون ما في قلوبهم دون خوف او تردد ، لانهم لم يختبروا الغش والخداع بعد. يضحكون من العمق ، حتى لو كانت دموعهم تملأ الخدين ، لان الألم لم يتجذر فيهم بعد. يمارسون الغفران العفوي ، لان الايام لم تحفر فيهم بعد مكباً لسموم الحقد والضغينة والمرارة. الاطفال يلقونك ، كلما يلقونك ، بقلب فرح وروح مبتسمة وبضمير صفحته بيضاء ، لانهم لم يعرفوا نار النقمة ورغبة الانتقام. الاطفال لا يغضبون . وهم اذا اصطنعوا التجهم على وجوههم ، يضعون ابتسامة اكبر على شفتيك ، لانك لا تقرأ في غضبهم الا دعوة الى عناق فوري . وغضبهم يقول احب ان تحبوني ، فاحبوني اكثر. الاطفال ، ان ضحكت لهم يصدقون محبتك . الاطفال لا يزدرون عطاياك مهما صغر شأنها . الاطفال لا يعرفون الكبرياء لانهم لم يذوقوا بعد طعم التفرد ، ولم يصبحوا احدا في عيون انفسهم بعد ، ولانهم لم يختبروا عنجهية الانا حين تتشامخ متناسية حقيقة كيانها. والاطفال ايضاً لا يعرفون انفسهم الا من خلال ابائهم. الطفل يرجع الى والده ايا كانت شكواه . يؤمن ان والده يقدر ان يفعل كل شيء . عنده جواب لكل سؤال . ويؤمن ان والده لن يتأخر عنه بشيء ، وانه سينصفه من الاخرين اياً كان شأنهم. الطفل لا بطل في عينيه الا والده. والده هو الاقوى ايا كان الخصم . الاطفال بكل بساطة بسطاء الروح . وكلنا نخشى ان نرجع ونصير بسطاء الروح ، لان بسطاء الروح في قاموس الكبار مساكين لا يحسب لهم حساب . وكلنا نخشى العدم في عيون الاخرين ، متناسين ان وحدهم البسطاء في الروح ، المساكين ، سيجلسون يوماً عن يمين الملك في ملك ابدي : " طوبى للمساكين بالروح لان لهم ملكوت السموات" متى 5 : 3 طوبى للذي في قلبه لم ينس بعد كيف يكون طفلاً في عيني الرب. طوبى للذي ان نسي وصار كبيراً ، يعرف ان يرجع ويصير مثل الاطفال، يحب مثل الاطفال، يستيقظ نظيف القلب مثل الاطفال ، وينام مطمئناً الى الغد مثل الاطفال ، ليس لانه لا يعرف المسؤولية بعد ، ولكن لانه مطمئن الى اب محب سيتبدر امر الغد مهما كان شأنه. |
||||
06 - 08 - 2014, 01:22 PM | رقم المشاركة : ( 4820 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قواعد الحياة التقيّة
أفلاطون رئيس أساقفة كوستروما نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي أَلزِم نفسك بالنهوض باكراً وعلى ميعاد محدد. ما أن تستيقظ، وجّه فكرك نحو الله: ارسم إشارة الصليب واشكره على الليلة التي مرَّت وعلى كل مراحمه نحوك. اطلب منه أن يقود كل أفكارك وأحاسيسك ورغباتك، حتى يأتي كل ما تقوله أو تفعله مرضياً له. فيما تلبس، تذكَّر حضور الله وملاكك الحارس. اسأل الرب يسوع أن يضع عليك ثوب الخلاص. بعد أن تغتسل ابدأ بصلوات الصباح. صلِّ راكعاً بتركيز وتوقير واتضاع، كما يليق أمام عيني الكلي الاقتدار. اسأله أن يعطيك الإيمان والرجاء والمحبة بالإضافة إلى القوة الهادئة لتقبل كل ما قد يجلبه إليك النهار الآتي من الصعوبات والمشاكل. اطلب منه أن يبارك أعمالك. اطلب المعونة: لإتمام بعض الأعمال الخاصة التي تواجهك وأيضاً لتسلك بوضوح بعيداً عن كلّ خطيئة. إن استطعتَ اقرأ شيئاً من الإنجيل، خاصةً من العهد الجديد والمزامير. اقرأ بنية أن تحصل على بعض الاستنارة الروحية، محرّكاً قلبك نحو الندامة. بعد أن تقرأ بعض الشيء، استرِح وافتكِر بما قرأت، من ثمّ تقدّم منصتاً لما يوحي به الله لقلبك. حاول أن تكرّس ما لا يقل عن خمس عشرة دقيقة لتتأمّل روحياً بتعاليم الإيمان وما قد تكتسبه روحك ممّا قرأت. اشكر الرب دوماً لأنّه لم يتركك تهلك في خطاياك، لكنه يعتني بك ويقودك بكل السبل المُتاحة إلى الملكوت السماوي. ابدأ كلّ صباح بقرارك أن تكون مسيحياً وأن تحيا بحسب وصايا الله. عند دخولك إلى وظيفتك، كافح لأن تقوم بكل شيء لمجد الله. لا تبدأ أيّ شيء بلا صلاة لأن كل ما تفعله من دون صلاة يتحوّل لاحقاً إلى تافه ومضرّ. كلمة السيد صحيحة: "بدوني لا تقدروا أن تفعلوا شيئاً". تمثّل بمخلصنا الذي عمل ليساعد يوسف وأمه الفائقة الطهارة. فيما تعمل حافظ على روح طيبة متّكلاً دوماً على معونة السيد. أنه لأمر حسن أن تكرر بلا توقف صلاة: "يا ربي يسوع المسيح يا ابن الله ارحمني أنا الخاطئ". إذا كانت أعمالك ناجحة إعطِ شكراً لله. وإن لم تكن، ضعْ نفسَك في تصرفه لأنه يهتم بنا ويوجّه كل شيء نحو الأفضل. تقبّل كل الصعوبات ككفارة عن خطاياك بروح الطاعة والاتضاع. قبل كل وجبة، صلِّ لأن يبارك الله الطعام والشراب، وبعد الوجبة اشكر الله واسأله ألاّ يحرمك من البركات الروحية. إنه لَحَسَن أن تترك المائدة وأنت تشعر ببعض الجوع. في كل شيء، تلافَ الإفراط. اتبع مثال المسيحيين القدامى وصمْ أيام الأربعاء والجمعة. لا تكن طمّاعاً. كنْ راضياً بأن عندك طعام وكساء، متمثلاً بالمسيح الذي افتقر من أجلنا. جاهد أن ترضي الرب في كل شيء حتى لا يؤنبك ضميرك. تذكّر أن الله يراك دائماً، وهكذا كنْ يقظاً باحتراس في ما يتعلّق بأحاسيس قلبك وأفكاره ورغباته. تلافَ أيضاً الهفوات الصغيرة حتى لا تقع في أكبر منها. أخرِج من قلبك كل فكر أو مخطط يبعدك عن الرب. جاهد خاصةً ضد الشهوات النجسة طارداً إياها من قلبك مثل شرارة محرقة تقع على معطفك. إن أردت ألا تزعجك الشهوات الشريرة، تقبّل الإذلال من الآخرين بصبر. لا تتكلّم كثيراً، تذكّر أننا سوف نعطي حساباً أمام الله عن كل كلمة نقولها. أن تسمع خير من أن تحكي: من المستحيل تلافي الخطيئة في الإسهاب. لا تكن فضولياً لسماع الأخبار التي تسلّي الروح وتلهيها. لا تُدِنْ أحداً واعتبر نفسك أقل من جميع الباقين. مَن يدين غيره يأخذ خطاياهم على نفسه. من الأفضل أن تحزن على الخاطئ وأن تصلي إلى الله ليصلحه على طريقته. إن لم يصغِ البعض إلى نصيحتك لا تجادله. وإذا كانت أعماله معثرة للآخرين، اتّخذ ما يناسب، لأن حسنات الناس، وهي كثيرة، لها وزن أكبر من خطايا الشاب. لا تحاجج ولا تختلق أعذاراً. كن لطيفاً، تحمَّل كل شيء على مثال يسوع. هو لن يزعجك بصليب يفوق قدرتَك، بل سوف يساعدك في حمل صليبك. اسأل الرب أن يعطيك النعمة لإتمام وصاياه المقدسة بغض النظر عن كم تبدو صعبة. إذ تفعل خيراً لا تنتظر عرفان الجميل بل التجربة: لأن محبة الله تُمتَحَن بالعقبات. لا تأمل في أن تكتسب أي فضيلة من دون أحزان مؤلمة. في وسط التجارب لا تيأس، بل توجَّه إلى الله بصلوات قصيرة: "يا رب، أعِنني... علّمني... لا تتركني... احفظني..." يسمح الرب بالأهواء والتجارب ولكنه يعطي القوة لتخطيها. أطلب من الرب أن يخلصك من كل ما يغذّي كبرياءك، حتى ولو كان مراً. تحاشَ أن تكون فظّاً، عابساً، متذمّراً، سيء الظن، شكاكاً أو مرائياً، وتحاشَ المنافسة. كنْ صادقاً وبسيطاً في تصرفك. تقبّل لوم الآخرين بضعة، حتى ولو كنتَ أكثر حكمة وخبرة. لا تفعل ما لا تريد الآخرين أن يفعلوه لك. على العكس، اصنع معهم ما تتمنى أن يصنعوه لك. إذا زارك أحد ما، كن لطيفاً معه، متواضعاً، حكيماً وأحياناً، بحسب الظروف، كن أيضاً أعمى وأصماً. إذا أحسست بالارتخاء أو ببعض الفتور، لا تترك النظام المعتاد الذي وطدته من الصلوات والممارسات التقية. كل ما تقوم به باسم الرب يسوع، حتى أصغر الأشياء وأقلها أهمية، يصبح عمل تقوى. إذا رغبت بإيجاد السلام، أودِع نفسَك كلياً لله. سوف لن تجد سلاماً حتى تهدأ بالله وتحبه وحده. من وقت لآخر اعزل نفسك، على مثال يسوع، للصلاة والتأمّل بالله. تأمّل محبة ربنا يسوع المسيح غير المتناهية، وآلامه وموته وقيامته ومجيئه الثاني والدينونة الأخيرة. اذهبْ إلى الكنيسة أكثر ما تستطيع. اعترف دائماً وتناول القدسات. بهذا تصمد في الله لأن هذا هو أعلى البركات. خلال الاعتراف، تُبْ واعترف بكل خطاياك بصراحة وندامة، لأن الخطايا التي لا يُعترَف بها تقود إلى الموت. خصّص الآحاد لأعمال المحبة والرحمة، مثلاً قمْ بزيارة بعض المرضى، عزِّ المحزونين، وساعد التائهين. إذا ساعد بعضنا مَن تاه لأن يتحوّل إلى الله فسوف يكون له مكافأة عظيمة في هذه الحياة وفي الآتية. شجّع أصدقاءك على قراءة الأدب المسيحي الروحي والاشتراك في مناقشة الأمور الروحية. دعْ الرب يسوع المسيح يكون معلمك في كلّ شيء. توجّه إليه بشكل ثابت عن طريق تحويل فكرك إليه. اسألْه عن ماذا تفعل في مثل هذه الظروف؟ قبل أن تذهب إلى النوم، صلِّ حقّاً ومن كل قلبك، تأمّل بدقة في خطاياك خلال اليوم المنصرم. عليك أن تلزِم نفسك دوماً بأن تتوب بقلب نادم، بألم ودموع، لئلا تكرّر خطاياك. عند ذهابك إلى السرير ارسم إشارة الصليب وقبّل الصليب وسلّم نفسك إلى الله الرب الذي هو راعٍ صالح. تفكّر في أنك هذه الليلة قد تقف أمامه. تذكّر محبة السيد لك وأحبّه من كل قلبك وكل نفسك وكل فكرك. بتصرفك بهذه الطريقة سوف تبلغ الحياة المباركة في مملكة النور الأبدي. نعمة ربنا يسوع المسيح لتكن معك. آمين |
||||