05 - 08 - 2014, 01:27 PM | رقم المشاركة : ( 4761 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أضواء على الدينونة الأرشمندريت توما (بيطار) رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي - دوما هذا يجعلك، أوّلاً، واقعياً، في تعاطيك شؤون هذا الدهر. وثانياً، وعيُك لواقعك يعطيك الشعور العميق أنّ ما تتعاطاه، هنا، مهما كان، عابر. أنت في قطار يستاقك إلى هناك، وما تعاينه، هنا وثمّة، مشاهد تتتالى، تطالعك اليوم ولا تلبث أن تمسي إلى الوراء غداً وكأنّها لم تكن. ثمّ ثالثاً ما يواجهك في يومك، والحال هذه، تكون مهيّئاً لأن تقبله بسهولة أكبر، مرّاً أو حلواً، لأنّ عينك هي إلى هناك. أخيراً رابعاً إذا صحوت إلى ساعة موتك، أيّ، عمليّاً، إلى ساعة الدينونة، فإنّك تجد نفسك، بصورة تلقائيّة، مدفوعاً إلى السلوك باستقامة في ما تعمل، وبرحمة من جهة تعاملك مع الناس، لأنّ الساعة آتية حين ستجد نفسك في وضعِ مَن عليه أن يجيب عن كلّ تفصيل من تفاصيل ما جرى له. ع لى هذا يكون ذكر الموت وساعةِ الدينونة منظِّماً واقعيّاً ممتازاً لشؤون الحياة على الأرض ومساعداً على تحرّرك من الأوهام والتصوّرات المغلوطة ومعيناً على جعل حياتك، حتّى في أبسط تفاصيلها وأدقّها، هادفة وعلى نحو سلامي مفرح! لا، لا تظنّ، واهماً، أنّك إن جعلتَ ساعة موتك نصب عينيك، فإنّك ستغرق في الحزن واليأس ولن ترغب في متابعة أيّ عمل هنا على الأرض من كلّ قلبك. هذا غير صحيح. ساعة الموت حزينة يائسة، فقط للذين لا يؤمنون بالله وبيسوع المسيح له المجد. أمّا للذين يؤمنون فساعة الموت هي ساعة اللقيا بمَن أحبّنا، ساعة اكتمال تهيئة الإنسان للحياة الأبديّة. لذا هذه الساعة هي ساعة الفرح بامتياز. كلا، لسنا، بالموت، مقبلين على العدم بل على الملء. ليس الموت خسارة بل ربح (في 1: 21). ما ينتظرنا يفوق التصوّر! "ما لم تَرَ عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر على بال إنسان ما أعدّه الله للذين يحبّونه" (1 كو 2: 9)! ثمّ لا خوف عليك أنّك خطئت. كلّ لحم ودم خاطئ! لا نأتي إلى ساعة الموت بلا خطيئة طالما الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله (رو 3: 23) وما صالح إلاّ الله (مت 19: 17). المهمّ ألاّ تصبح الخطيئةُ في حياتنا شأناً طبيعيّاً، ألاّ تصبح إيّانا، ألاّ نتبنّاها كأنّها المَشوق إليه، ألاّ نحببها بلا أدنى رفض لها في مستوى النفس أو الشعور بنخس القلب عليها. ألم يقل السيّد: "هذه هي الدينونة إنّ النور قد جاء إلى العالم وأحبّ الناس الظلمة أكثر من النور لأنّ أعمالهم كانت شرّيرة" (يو 3: 19)؟ لا تُلقَى في الجحيم ولا تُحرَم من وجه ربّك ما لم تصر الخطيئة طبيعةً غيرَ طبيعيّة إليك تقتنيها من عمق عِشرة قلبك لها، وما لم تصر الخطيئة جسداً غريباً مكتسَباً لديك، أي كياناً مختلقاً اتّحد بها، فصارت هي إيّاك. الكلمة الإلهيّة تحذّرك إلى المنتهى وتدعوك لأن تكون عنيفاً حيال ذاتك: "إن أعثرتك يدُك أو رجلُك فاقطعها وألقِها عنك. خير لك أن تدخل الحياة أعرج أو أقطع من أن تُلقَى في النار الأبديّة ولك يدان أو رجلان" (مت 18: 8). تكفيك "الآخ"! تكفيك الدمعة! يكفيك الندم من الأعماق! يكفيك وجع القلب! أن تقول ولو كلمةً بحسرة: "اذكرني يا ربّ متى أتيت في ملكوتك!" "اجعلني كأحد أجرائك"! وبمَ يجيبك؟ "اليوم تكون معي في الفردوس". "أَخْرِجُوا الحلّة الأولى... وقدّموا العجل المسمَّن فنأكل ونفرح لأنّ أخاك هذا كان ميتاً فعاش وكان ضالاً فوُجد". لا يطلب الربّ الإله الكثير. يطلب ولو حركة قلب بسيطة متوجّعة متواضعة. كيف لا و"القلب الخاشع المتواضع لا يرذله الله"؟ يبحث الربّ الإله عن أقلّ الأسباب ليخلِّص الإنسان. إلهنا كلّه حبّ! مهما كان الفتيل مدخّناً لا يطفئه، ومهما كانت القصبة مرضوضة لا يقصفها. "إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيضّ كالثلج، وإن كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف" (إش 1: 18). هل يعني هذا أنّ بإمكاننا أن نخطئ عن وعي وبلا حساب ثمّ نتوب في اللحظة الأخيرة؟ كلاّ وحاشا! بعض القدّيسين خطئ وأكثر ثمّ تاب في اللحظة الأخيرة. هذا صحيح! لكنّه خطئ عن جهل وضعف. أيستسلم الإنسان، عن إرادة، لعدوّه ثمّ يتوقّع أن ينجو وكأنّه في نزهة؟! مَن قال إنّه سيتسنّى له الخلاص متى أراد؟ همّ عدوّك الشيطان أن يسحقك بالخطيئة سحقاً إلى المنتهى، أتستسلم إليه؟! إلى ذلك، خطر الخطيئة أنّه متى استسلم الإنسان لها عن وعي قسا قلبه من تعاطيها وبات عرضة لموت الحسّ فيه. ثمّ إن ظنّ المرء أنّ بإمكانه أن يخطئ، اليوم، وهو العارف بالحقّ، ثمّ يتوب غداً فإنّه يسقط سقوطاً رهيباً، ويضيف إلى خطاياه أعظم الإثم، لأنّه استسلم للخطيئة عن عَمْد وعناد وعشق للذات. هذا هو الكفر بعينه!!! فكيف يتوب وقد كفر بالروح القدس؟! فإنّه كان عارفاً بالحقّ، ومع ذلك اختار الباطل وسلك كأنّ الحقّ باطل، وكان قادراً على الجهاد، ومع ذلك اختار الانغماس في الإثم كأنّ الإثم أجدى! هذا بعينه هو التجديف على الروح القدس! كان اليهود يعرفون أنّ الروح الفاعل في الربّ يسوع هو الروح القدس، ومع ذلك قالوا عنه، حسداً وكبرياء وعناداً، إنّه رئيس الشياطين. كانوا قادرين على أن يتّضعوا ويسلّموا بالحقّ، كانوا يعرفون، لكنّهم أهانوا الروح القدس واستهانوا بالحقّ واختاروا الإثم! هذا ما قال الربّ الإله بشأنه: "جميع الخطايا تُغفر لبني البشر والتجاديف التي يجدِّفونها، ولكنْ مَن جدّف على الروح القدس فليس له مغفرة إلى الأبد بل هو مستوجب دينونة أبديّة" (مر 3: 28 ? 29)! بعد ذلك نسأل: أقليل هم الذين يخلصون؟ لا نعلم وإن كنّا نشعر، في قرارة نفوسنا، بأنّ القادر على كلّ شيء ومَن يشاء الكلّ أن يخلصوا قادرٌ على أن يخلِّص الأكثرين إلاّ الذين لا يريدون الخلاص عن عناد كإبليس ولا يحبّون الحقّ ولا يغارون له. مهما يكن من أمر فإنّ ابتداء القضاء سوف يكون "من بيت الله" (1 بط 4: 17). الربّ يديننا أوّلاً، نحن المسيحيّين، لأنّنا عرفناه، قليلاً أو كثيراً، وبعدما عرفناه تجاهلناه واستهنّا به وبتنا، ونحن على اسمه، سبب تجديف لسوانا! ولو حفظنا الأمانة وشهدنا بالروح والحقّ لساهمنا في خلاص الكثيرين. أكثر آلام البشريّة اليوم مردّها انصراف المسيحيّين عن حقّ مسيحهم! لذا بنا سوف يكون بدء القضاء لأن مَن أُعطي كثيراً يُطالَب بأكثر. لا لليهود وحدهم كان هذا القول بل لنا بالأحرى، نحن المسيحيّين، إن لم نرعوِ: "الزواني والعشّارون سوف يسبقونكم إلى ملكوت الله..." (مت 21: 31). |
||||
05 - 08 - 2014, 01:29 PM | رقم المشاركة : ( 4762 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الجسد لا شك أنّ نظرة الإنسان إلى جسده والأجساد وطريقة تعامله معه (ومعها) قد تغيَّرتا. الإنسان صار أكثر فردية من ذي قبل. تأثير أخلاق الجماعة التقليدية ضعف. أقصد في قرارة نفس الإنسان. إلى حدّ ما لا زال المرء يحافظ على واجهة اجتماعية لائقة. غير أنّ ثمّة تيّاراً جوفياً جديداً بات يتحكّم بحركة مواقف الناس. هذا يستمددونه من النماذج الفكرية والسلوكية التي غزت وتغزو العالم لا سيما عبر وسائل الإعلام والتواصل الحضاري. هذا شاع ويشيع كالنار في الهشيم باسم الحداثة. التراث، أحياناً كثيرة، بات يُنظر إليه كتقليد بالٍ يعطِّل التقدّم، وهو عنوان التخلّف. الإنسان يتخلّى، بصورة متنامية، عن جذوره. يُمَتْحِفُها. يغويه بريق طحالب الاستهلاك الحضاري. على هذا صار الإنسان يعتبر جسده أنّه له هو. يتصرّف به كيفما يشاء. كيفية تصرّفه بجسده على هواه بات له معنى التحرّر مما يُزعَم أنّه قيود وعقد أخلاقية واجتماعية. الجسد، بالأحرى، يستحيل مادة استهلاكية. لهذا طغت على نظرة الإنسان إلى جسده صفة الجسدانية. الجسد صار لحماً في عيون الناس. مظهر بلاستيكي قابل لكل أنواع التعديل والتزيين والتشويه. أحياناً كثيرة يصير الغريب في الشكل هو المرغوب فيه. الإنسان يتخطّى مقاييس الجمال المعيارية، في الإطار الذي يجد نفسه فيه، ليعتمد التغيير المطّرد أسلوباً يوهم نفسه به أنّه حرّ من كل قيد. طبعاً هوس التغيير له، من جهة صنّاع التغيير، وجه تجاري، ومن جهة مَن يقع عليهم ويقتبلونه، وجه السأم والمغالاة في الطحلبية. هذا يُحدث تغييراً كبيراً في النفوس. ثمّة معادلة بين الثابت والمتغيِّر في الوجدان. هذه معرّضة اليوم للانكسار. المتغيِّر يطغى على الثابت بحيث يفقد الإنسان ركائز إنسانيته. السلالم القيميّة كلها تتخلخل. الإنسان قلب شئنا أم أبينا. فإن دخل دوّامة التغيير الدائم فإنّ الإنسان معرّض لدوار كياني يعتم معه قلبه. يستحيل آلة يحرّكها، بالأحرى، من الخارج، صنّاع الإعلام والموضة. طبعاً لقلب الإنسان أسراره، يقبل ما يقبله ويرفض ما يرفضه. لا نعرف إن كان ولا كيف ولا متى يتمرّد القلب. في هذه الأثناء يبقى ثمّة سعي إلى طمس ما هو إنساني في الإنسان. وكما قلت التركيز على الجسد يرافقه جنوح لدى الإنسان إلى الفردية. الجسدانية، بصورة متزايدة، تباعد ما بين الناس. همّ الإنسان أن يتمتّع بجسده من خلال الآخرين ومن دونهم. النرجسية تطغى. ثمّة عالم من الأوهام والأهواء في رؤوس الناس في شأن أجسادهم. الإنسان، بالأحرى، في موقع مَن يهتمّ ببيع جسده، لا بالمال بالضرورة، بل بالسطوة أولاً تحقيقاً لكل رغبة مشينة في نفسه. من هنا أنّ شغف الإنسان بالتجميل والموضة لا يصبّ في خانة التواصل بين الناس بل في خانة العزلة عنهم. الاستهلاك المتبادل واقع. لا يساعد هذا الوضع على بثّ روح الاتفاق بل الافتراق. لا يعين على الزواج المتماسك بل على تيسير الطلاق. الإنسان سائر في اتجاه تخطّي الزوجية إلى العلاقات الحرّة. يتماشى الناس إلى حدّ، والحدّ هو افتراق أميالهم ومصالحهم الخاصة. إذ ذاك يذهب كل في سبيله. الجسد، في مثل هذا المسار، أفيون الإنيّة. يَعد بشبه فردوس ليترك الإنسان حطاماً. هذا واقع الاستهلاك في المجتمع. الإنسان يلتهم نفسه والواحد الآخر حتى التلاشي. هذه النظرة إلى الجسد، في نهاية المطاف، عدميّة. إذا ما تركّز الهمّ في الجسد ولمّا يعد أداة تقارب وتلاق ما بين الناس، في مستوى القلوب، فإنّه يصبح مجرّد ثرثرة. في مقابل ذلك أنّ الإنسان كائن إجتماعي وإلهي. لا هو مِلكٌ لنفسه ولا مِلكٌ لغيره. ثمّة في حياته مشروعان: مشروع في شأن علاقته بالله ومشروع في شأن علاقته بالناس. في شأن المشروع الأول الهمّ هو القداسة. أن يعرف الله. أن يحببه. أن يعيش في كنفه. الجسد، في ذلك، موضع قداسة. إناء، بيت، هيكل، يقيم فيه روح الله، روح القداسة، فكر المسيح. والإناء ينضح بما فيه. أما المشروع الثاني فالهمّ فيه هو المحبّة، هو التآخي، هو الرفقة. والجسد، في ذلك، لغة مودّة وعطف ولطف ورحمة وخدمة وبذل. جسد الإنسان غَيريّ بطبيعته. فلأنّه لغة، وإن كان الإنسان هو المتكلّم فيه، فالغرض هو التواصل، التواصل الكياني، التلاقي في مستوى القلوب. هذا يحتّم أن يخضع الجسد للضوابط خدمة للقداسة من ناحية وللقربى مع الناس من ناحية أخرى. الجسد خطِر. بسهولة يستمرئ الإنسان ما هو من الجسد. يستحليه. يدمن عليه. أن يستلذ المرء نفسه أيسر في مستوى الجسد. عشق الذات على كل صعيد هو ما يميل إليه كل أحد بصورة تلقائية. محبّة الله أو محبّة الآخرين بحاجة إلى جهد كبير. وعشق الذات يعبّر عن ذاته، بخاصة، جسدياً. من هنا كون الجسدانية، أي المبالغة في طلب ما للجسد، قرينة الفردانية. وبالعكس كلّما مال المرء إلى الغيرية، إلى محبّة يسوع والإخوة، كلّما مال إلى الاكتفاء من أمور الجسد بما هو ضروري. الجسد، إذ ذاك، يشفّ، يرقّ. يزداد صمتاً وهدوءاً وسكوناً. لكنّه يصير أكثر بلاغة. يوم يتخطّى الإنسان عزلته إلى الله والإخوة يمسي مسكناً لروح الله. الجسد، إذ ذاك، يصير مشعّاً. لا ليس الجسد للاستهلاك بل لأن يصير هيكلاً للنور |
||||
05 - 08 - 2014, 01:31 PM | رقم المشاركة : ( 4763 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكنز السماوي للأرشمندريت توما(بيطار) الأوّل ندّخره لأنفسنا والثاني غنًى لله. هذا يُحفظ لنا وذاك يؤخذ منّا. ما لله يبقى وما لأنفسنا يفسد. إن يقتنِ أحد لله يكن حكيماً وإن يقتنِ ما لنفسه يكن غبيّاً. الغنيّ الذي أخصبت كورته وخطرت بباله أفكار تنعّم قال له الله: "يا غبيّ هذه الليلة تُطلب نفسك منك فهذه التي أعددتها لمَن تكون" (لو 12)؟ هذا إذ اكتنز خيرات أرضيّة واكتفى بها قيل عنه إنّه كَنَزَ لنفسه ولم يكن غنيّاً لله. أحبّ الجمع لذا اقتنى ما لنفسه. هذا هو الغباء، بعين الله، أن يجمع المرء ما لنفسه. فإذا ما كان هذا هو الغباء فالحكمة هي أن يجمع المرء لله، أن يكون غنيّاً بما لله، أي أن يبدّد بدل أن يجمع، وعلى المساكين بدلاً من نفسه. لذا قال مرنّم المزامير: "بدّد وأعطى المساكين فبرّه يدوم إلى الأبد وقرنه يرتفع بالمجد" الكنز عند الله، إذاً، هو الصدقة بمعناها الواسع. هذه نتعاطاها ههنا على الأرض لكنّها تُوظَّف لنا، هنا، نِعماً وبركات، وهناك، في السماء، مجداً وحياة أبديّة. "الصدقة هي التعبير العملي عن الوصيّة الثانية العظمى بعد الوصيّة الأولى التي هي: "أحبّ الربّ إلهك من كلّ قلبك...". الوصيّة الثانية هي: "أحبّ قريبك كنفسك". في العهد الجديد الكلّ مدعوّ إلى الكمال. "كونوا كاملين كما أنّ أباكم السماويّ هو كامل" (مت 5). لذا صارت حدود الممارسة الشركة الكاملة في خيرات الأرض. ما هو لي هو لي ولك. ليس عندي شيء من خيرات الأرض لا نصيب لك فيه. لما جُعل كلّ شيء في الكنيسة الأولى مشتركاً (أع 2)، حُدِّد معيار محبّة القريب كالنفس في الكنيسة مرّة وإلى الأبد. ولما قال الربّ للشاب الغنيّ: "إذا أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك وأعطِ الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني" (مت 19)، حدّد الكمال سقفاً هو الفقر الطوعي والاعتماد الكلّي على الله في قضاء حاجاتنا على الأرض، وهو القائل بالمزمور: "أعين الكلّ إيّاك تترجّى وأنت تعطيهم طعامهم في حينه" (144). لكنّ الربّ جعل الأمر اختياريّاً: "إذا أردت...". إذاً أن تفتقر أو أن تبقى ممسِكاً بما طالته يدُك، هذا رهن بك. بإمكانك أن تفتقر دفعة واحدة، أي أن تتخلّى بالكامل عمّا لديك وتُلقي اعتمادك على ربّك بالكليّة، وبإمكانك أن تحتفظ بما عندك لتقضي حاجاتك الذاتيّة اللازمة وتنفق على المحتاج في حينه مدركاً أنّ المساكين شركاء في ما لديك في كلّ حال. هذا إن استعطت أن تحتفظ بما اجتمع عندك وتبقى منفتحاً على المحتاجين بالكامل. إذا كان الافتقار الطوعي دفعة واحدة صعباً فالتزام موقف الفقر الكامل في القلب أصعب. طالما المال بين يديك فتجربة الطمع عليك قاسية ولا أقسى. ما تميل إليه في أكثر الأحيان، والحال هذه، هو أن تعتبر ما لك لك أنت وحدك وأن يقتصر عطاؤك، إن أعطيت، على ما تحدّده أنت وفق معاييرك الخاصة. وهذا يخرجك، حتماً، من إطار الوصيّة الثانية فلا يعود بإمكانك عملياً، أن تحبّ قريبك كنفسك. تبدي بإزائه بعض المشاعر الإنسانيّة فيما تأبى في داخلك أن تعتبره شريكاً في ما لديك. محبّتك لقريبك، إذ ذاك، لا تعود محبّة في المدى الإلهي بل بعض انعطاف في المدى الإنسانوي. هذا في أحسن الحالات. محبّة القريب، في المنطوق الإلهي، لا يمكنها أن تكون إلاّ "كالنفس". وإذا ما سقطتْ محبّة القريب كالنفس في مستوى الصدقة والعطاء وشركة الخيرات الأرضيّة فإنّه يتعذّر إيجادها في أي مستوى آخر من مستويات العلاقات بين الناس. المال هو المحك القاعدي للشركة بين المؤمنين أو لا تكون. "وإن سقطتْ وصيّة محبّة القريب كالنفس فالوصيّة الأولى: "أحبّ الربّ إلهك من كلّ قلبك ومن كلّ نفسك ومن كلّ قدرتك" ساقطة لا محالة، لأن مَن قال إنّه يحبّ الله الذي لا يراه وهو لا يحبّ قريبه الذي يراه كنفسه فهو كاذب وليس الحقّ فيه. الكلام عن محبّتنا لله، إن كنّا لا نحبّ قريبنا كأنفسنا، هو محبّة بالكلام واللسان والوصيّة هي: "لا نحبّ بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحقّ" (1 يو 3). "الصدقة الكاملة، إذاً، هي علامة محبّتنا لله. وهي، أي الصدقة، غير ممكن تحقيقها بشريّاً لأنّ البشريّة ساقطة، كلاً منّا ساقط في محبّته لذاته. الصدقة هي من محبّة بعضنا للبعض الآخر، وهذه هبة من الله. نحن نحبّ الإخوة بالمحبّة التي نحبّ الله بها وبالأولى بالمحبّة التي أحبّنا الله بها لأنّ القول الإلهي هو هذا: "نحن نحبّ [الله] لأنّه هو أحبّنا أولاً" (1 يو 4). لذا كانت الصدقة ترجمة لمحبّتنا لله بالمحبّة التي أحبّنا الله بها. الوصيّة الثانية تنبع من الأولى وهي نتيجة لها وثمرة من ثمارها. هذا يجعل رباطاً حتمياً بين علاقتنا بالإخوة وعلاقتنا بالله بدءاً. قلنا، فيما سبق أعلاه، إنّ الربّ قال للشاب الغنيّ في شأن الكمال أن يبيع كلّ ما له ويوزّعه على الفقراء، ثمّ يأتي ليتبعه. الحقيقة إنّ المرء يتبع الله بأمرَين: بالاتكال الكامل عليه وبالصلاة أي بالإيمان، بالتسليم، وبالعبادة. بهذين تتولّد الصدقة وبالصدقة نتعاطى الإيمان والعبادة بالعمل والحقّ. فإذا لم نتعاطَ الصدقة بمعناها الكامل والعميق فإيماننا كلام في الهواء، تمنيات جوفاء، وصلاتنا ظنون ونفسانيّات. وفي آن معاً إذا لم نتعاطَ الإيمان الحقّ والطِلبة من القلب فالصدقة لا يمكن أن تأتي. الصدقة تدعم الإيمان والصلاة والإيمان والصلاة يؤولان إلى صدقة لأنّ "طلبة البار تقتدر كثيراً في فعلها" (يع 5). أما الصلاة فإنّها ولو أثمرت صدقة فإنّها لا تنحدّ بها. الصدقة ليست غاية الصلاة. فقط علامة وجودها وأصالتها. مدى الصلاة أبعد، بما لا يقاس، من الصدقة. غاية الصلاة أن نصير في الله والله فينا. الله هو الغاية. "واحدة سألت الربّ وإيّاها ألتمس أن أسكن في بيت الربّ جميع أيّام حياتي لكي أعاين بهاء الربّ وأتبصّر هيكله" (مز 26). ما نلتمسه المعاينة. لذا القصد، في نهاية المطاف، من الصدقة أن نتخطّى ذواتنا والناس إلى وجه الله. "وجهك يا ربّ أنا ألتمس". هكذا تكون الصدقة على الأرض قد ادّخرت لنا كنزاً في السماء لا بمعنى الأجر لأنّنا لم نُدعَ لنكون أجراء بل أهل بيت الله. كنزنا فوق هو نور الله، هو حياة الله فينا، هو أن نصير من معدن الله، أن نتروحن، أن نتقدّس، أن نتألّه. فالمجد لله الذي أعطانا بالفقر بالأرضيات، عن محبّة لله، أن نقتني غنى السماويات، وبالصدقة بين الناس أن نؤهَّل لصداقة العريس (يو 3: 29) في ملكوت السماوات. |
||||
05 - 08 - 2014, 01:33 PM | رقم المشاركة : ( 4764 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
السيد المسيح يشهد للعهد القديم
لنيافة الأنبا رافائيل ثالثًا: أحداث في العهد القديم يشهد السيد المسيح لصحتها تاريخيًا (1) الطوفان: V "وكما كانت أيام نوح كذلك يكون أيضًا مجيء ابن الإنسان. لأنه كما كانوا في الأيام التي قبل الطوفان يأكلون ويشربون ويتزوجون ويُزوجون، إلى اليوم الذي دخل فيه نوح الفلك، ولم يعلموا حتى جاء الطوفان وأخذ الجميع" (مت24: 37-39). (2) انقلاب سدوم وعمورة: V "الحق أقول لكم: ستكون لأرض سدوم وعمورة يوم الدين حالة أكثر احتمالاً مما لتلك المدينة" (مت10: 15). V "ولكن أقول لكم: إن أرض سدوم تكون لها حالة أكثر احتمالاً يوم الدين مما لكِ" (مت11: 24). V "كذلك أيضًا كما كان في أيام لوط: كانوا يأكلون ويشربون، ويشترون ويبيعون، ويغرسون ويبنون. ولكن اليوم الذي فيه خرج لوط من سدوم، أمطر نارًا وكبريتًا من السماء فأهلك الجميع" (لو17: 28، 29). V "اذكروا امرأة لوط" (لو17: 32). (3) العليقة: V "وإما أن الموتى يقومون، فقد دلَّ عليه موسى أيضًا في أمر العليقة كما يقول: الرب إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب" (لو20: 37). (4) المن: V "آباؤكم أكلوا المَنَّ في البرية وماتوا" (يو6: 49). V "هذا هو الخبز الذي نزل من السماء. ليس كما أكل آباؤكم المَنَّ وماتوا" (يو6: 58). (5) الحية النحاسية: V "وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يُرفع ابن الإنسان" (يو3: 14). (6) قصة داود: V "أما قرأتم قط ما فعله داود حين احتاج وجاع هو والذين معه؟ كيف دخل بيت الله في أيام أبيأثار رئيس الكهنة، وأكل خبز التقدمة الذي لا يحل أكله إلا للكهنة، وأعطى الذين كانوا معه أيضًا" (مر2: 25، 26). (7) قصة يونان: V "لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال، هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال. رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه، لأنهم تابوا بمناداة يونان، وهوذا أعظم من يونان ههنا" (مت12: 40، 41). |
||||
05 - 08 - 2014, 01:33 PM | رقم المشاركة : ( 4765 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الفرق بين يسوع و"مؤسسي الأديان" الأخرى الأب هنري ريردون نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي لم يكن تعليم يسوع منفصلاً عن شخصه. في الإنجيل، لا نجد سيدنا يدعو إلى حقائق موجودة في العالم تعجز عن حمل ذاتها فيما يستطيع الإنسان أن يصل إليها بمعزل عن تعليم السيّد، ولا حقائق تعيش إلى ما بعد موت مَن نطق بها. من الأساسي أن نستوعب هذه الحقيقة، لأنها تشير إلى فرق جوهري بين يسوع و"مؤسسي الأديان" الآخرين. لتصوير هذا الاختلاف نأخذ سيدرتا غوتاما كمثال يعود إلى ما قبل ستة آلاف عام. عندما جمع غوتاما تلاميذه ليستمعوا إلى عظته لجأ إلى خبرته "الإعلان" وأشار إلى استنارته تحت شجرة البودي وشرح لأتباعه معنى هذه الخبرة. لقد حدّد السببية التابعة وشرح كيفية التخلّص منها. بعض مؤرخي الأديان المقارَنة يتبنون الرأي القائل بأن هذا ما فعله المسيح من حيث المبدأ. مع أنهم يعترفون بوجود فارق في هدف محتوى كل من المجهودين، أنهم يتخيّلون أن العظة في غابة الأيل والعظة على الجبل تشتركان في أنّ الواعظ في كل منهما يشرح نظرياته الدينية وحسب. بحسب هذه النظرة، الفرق بين المسيحي والبوذي هو فقط في القرار الذي يتّخذه في تحديد أي من المعلمَين عبّر بالشكل الأفضل. المشكلة هنا هي أنّ لا غوتاما ولا يسوع يوافقان على هذا التقييم للمسألة. في ما يختص بغوتاما، من الضروري أن نلاحظ أنّه لم يقدّم نفسه مهماً في تعليمه. بالواقع، لقد قال أن خبرته الدينية متاحة لكل مَن يتبع خطاه. لم يطلب من أحد أن يتبنّى تعليمه على الثقة فقط ولم يدّعِ اكتشاف حقائق لولاه لما توفّرَت ولم يطلب من أحد أن يؤمن بأنّه هو القناة الوحيدة إلى الإيمان. بالمقابل، غوتاما كان مقتنعاً بأن الحقائق الأربعة الشريفة تبقى على نفس الدرجة من الصحة لو لم يكتشفها. كل ما قاله عن سلسلة السببية كان على نفس الدرجة من الشرعية حتى لو لم يحكِ عنه. لقد أعلن غوتاما أنّه يعلّم حقائق مستقلّة عنه وأكثر رفعة من تعليمه عنها. باختصار، لم يدّعِ غوتاما أنّه الطريق والحق والحياة. أما عند يسوع، فيواجهنا ما هو مختلف بشكل جوهري. كل الذين سمعوه أدركوا أنّه يعلّم "كَمَن له سلطان". لم يشرح يسوع أي حقائق أرفع من شخصه. ما علّمه كان مجهولاً وغير متاح من دونه. بالحقيقة، كيف كنا معرفة أن عندنا آب سماوي يحبنا ويهتم بنا من دون شهادة يسوع؟ أهذه حقيقة جلية ومتاحة؟ أيضاً، لو لم يشِر يسوع إلى هذه الحقيقة، كيف كنا لنعرف أنّ شعرات رؤوسنا محصاة؟ هل اهتمام الله بكل عصفور هو حقيقة قائمة بذاتها؟ أم أن أزهار الحقل يلبسها آب محب هي حقيقة شائعة؟ كل هذه الأمور نعرفها لسبب واحد هو أن يسوع أخبرنا بها. إذاً، رسالة يسوع الدينية لا تنفصل عن سلطة شخصه. هذه الـ"أنا" مركزية في رسالته ونافذة فيها. ميزة أساسية ينبغي الإشارة إليها حول تعليم يسوع هي أنّه قائم على الإعلان "أمّا أنا فأقول لكم". هذه الـ"أنا" هي المكوِّن الأساسي للرسالة لأن عقيدة ربنا تقوم أو تسقط مع شخصه. لم يعلّمنا يسوع فقط أن عندنا آب في السماء بل أنّه بشخصه هو المعبر الوحيد إلى ذلك الآب. أعترف بأن هذا التلازم بين يسوع وتعليمه كان جزءاً رئيسياً من أزمة الجمعة والسبت العظيمين. فيما كان جسده مطروحاً في القبر، لم يكن شيء مما ذَكَره يقوم بذاته. السلطة التي ادّعاها يسوع بدت بشرياً أنّها ماتت معه. لو أن الموت هو آخر كلمة عن حياة يسوع لأضحت عظة الجبل مجرّد نظرية دينية أو إيمان من الماضي. هذا كان جزءاً من أزمة الصليب. تعليم يسوع، كما إيمان الذين آمنوا بهذا التعليم، بدا مخزياً بشكل جوهري بحدث الجلجلة. وقد أدرك الرسول بولس هذا الأمر بوضوح عندما كتب أنّه لو لم يقم المسيح لكنّا أكثر البشر إثارة للشفقة. |
||||
05 - 08 - 2014, 01:35 PM | رقم المشاركة : ( 4766 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نصائح إلى العلمانيين
الشيخ كلاوبا إيليا الروماني - كيف ينبغي بالعلمانيين أن يقفوا في الكنيسة خلال الخدَم، كيف ينبغي بهم أن يصلّوا، وما هي واجباتهم عند ذهابهم إلى الكنيسة ينبغي على المسيحيين أن يقفوا في الكنيسة بإيمان وخوف الله وانتباه. عليهم أن يرغموا أنفسهم بقدر الإمكان على الصلاة بدون تشتيت وبحسّ في القلب. أيضاً، على المسيحيين الواجبات التالية: أن يذهبوا بانتظام إلى الكنيسة، إذ إن مَن يتغيّب غالباً عن الخدَم، ما عدا المريض، يُمنَع من الأسرار الإلهية؛ أن يتصالحوا مع كل الناس ويطلبوا المغفرة من كل مَن جرحوه؛ أن يحفظوا طهارتهم على الأقل يومين قبل الذهاب إلى الكنيسة ويوماً من بعدها؛ أن يأتوا باكراً إلى الكنيسة ليكون عندهم متّسع من الوقت ليسجدوا بسلام ويسمعوا السحرية. على كل مسيحي أن يقدّم بعض الهدايا للرب بحسب مقدرته، حتى ولو كانت صغيرة، كتضحية من عمل يديه. عليهم أن يعطوا أسماء ليذكرها الكاهن ويقطع أجزاء من التقدمة لأعضاء عائلاتهم، من الأحياء والأموات. على المسيحيين أن يقفوا في الكنيسة باتّضاع وترتيب، الرجال عن اليمين والنساء عن اليسار. عليهم أن يلبسوا ثياباً نظيفة محتشمة، وعلى النساء أن يغطين رؤوسهن بمناديل. ممنوع الكلام خلال الخدَم إلى لحاجة عظيمة. بعد أن يبدأ القداس، على الجميع أن يبقوا كل في مكانه وألا يمشوا ليسجدوا للأيقونات. عليهم أن يتابعوا القداس بانتباه تقي، ويستمعوا إلى الصلوات والترتيل، وقراءة الرسالة والإنجيل والعظة. لا ينبغي بأي كان أن يترك الكنيسة قبل نهاية القداس إلا لحاجة قاهرة. على الذين اعترفوا واستعدوا للمناولة أن يقرؤوا الصلوات المناسبة قبل المناولة مسبقاً، وقبل اقترابهم من التقدمات الإلهية عليهم أن يطلبوا المغفرة من المؤمنين. على الذين تناولوا أن يقرؤوا صلوات الشكر بعد القداس ويقضوا ذلك اليوم في فرح روحي وحفظ للنفس من كل التجارب. على الأهل أن يجلبوا أبناءهم إلى الكنيسة بانتظام، مهتمين بأن يتناولوا جسد ودم المسيح. بعد نهاية الخدم المقدسة، على المسيحيين أن يرجعوا بوقار إلى بيوتهم قاضين نهارهم في التفكير بالأمور الإلهية، وقراءة الكتب الروحية وزيارة المرضى. كما أنهم مطالَبون بإخبار أهل البيت الذين لم يحضروا على الكنيسة بكل ما سمعوا وتعلموا في الكنيسة من الطروبريات والقراءات والعظة. هذه هي أهم واجبات المسيحيين عند ذهابهم إلى الكنيسة في الآحاد والأعياد. - كيف ينبغي بالشباب أن يحضّروا للزواج أفضل تهيئة يمكن أن يقوم بها الشبان للحياة والزواج هي النمو في محبة السيد وتذكره، على ما يعلمنا الرسول بولس، إناء المسيح المختار وفمه. بدايةً، عليهم أن يعرفوا تعاليم الإيمان الأرثوذكسي. عليهم أن يحفظوا عن ظهر قلب دستور الإيمان، وغيره من الصلوات الضرورية. ينبغي أن يكون لهم آباء روحيون صالحون، أن يقرؤوا لكتاب المقدس، والتعليم الأرثوذكسي وغيره من الكتب النافعة للنفس. أيضاً هم مطالَبون أن يحفظوا العفة إلى الزواج في الكنيسة، وإلى ممارسة مختلف أشكال الأعمال الحسنة بحسب قدرتهم، خاصةً الصلاة والحضور بانتظام إلى الكنيسة والصوم والإحسان وطهارة السيرة والطاعة للوالدين والاعتراف، بخاصة في الأعياد الأربعة الكبرى. هنا ترى كيف ينبغي بكل شاب أو شابة أن يهيء نفسه للسير حسناً في حياته وزواجه. علينا أن نتذكّر أن الزواج هو أقدم سر في الكنيسة، أسّسه الله في الفردوس كذلك. إنه أساس العائلة وكل المجتمع. على الشباب أن يبدؤوا بتهيئة أنفسهم للعائلة منذ طفولتهم. تقع المسؤولية الكبرى على كاهنهم وعرابّيهم وأهلهم. ينبغي أن يوافق أهل الشابين على زواج ابنيهم، وإلا فلن يكون الزواج سعيداً. أيضاً، يفرض القديس باسيليوس الكبير نفس عقوبة الزنا على الأولاد الذين يتزوجون من دون إذن أهلهم، أي المنع عن المناولة لثلاث سنوات، أو إلى أن يتصالحوا مع الأهل. على الشاب والشابة أن يحب أحدهما الآخر ويرغبا بالزواج، لأنهما إذا اجتمعا من دون إرادتهما، تحت الضغط من أهلهما أو لمكاسب مادية، لن يدون هذا الزواج. الخطبة ينبغي أن يتممها كاهن. على الخطيبين أن يعيشا مع أهلهما وأن يحفظا العفة المقدسة إلى أن يتزوجا في الكنيسة. ينبغي أن يعترفا قبل أسبوع أو اثنين من الزواج عند أبيهما الروحي أو كاهن الرعية، مع صوم وصلاة، وأن يستعدا للمناولة المقدسة إذا أعطيا البركة. بحسب التقليد، ينبغي أن يتم الإكليل يوم الأحد صباحاً قبل القداس. ينبغي أن يكون الأشابين مسيحيين صالحين قادرين على التعليم وتوجيه أبنائهم الروحيين على الطريق الحسن. بعد إتمام السر، يقف الشابة والشابة متوجَين في وسط الكنيسة مُحاطَين بالمؤمنين إلى نهاية الخدمة، ويبدأ الكاهن بالقداس ويصلّي كل الحضور معاً من أجل المتزوجَين حديثاً. يقول الأخيران دستور الإيمان والصلاة الربية "أبانا..". وعندما يعلن الكاهن "بخوف الله وإيمان ومحبة تقدّموا"، يتقدّم الزوجان إلى الكأس المقدسة ويتناولان جسد المسيح ودمه، ببركة أبيهما الروحي. بحسب التقليد الأرثوذكسي القديم، بعد نهاية القداس الإلهي، يذهب المتزوجان حديثاً إلى بيتهما ومعهما الكاهن والجوقة وكل الشعب. هناك يأكلون ويحتفلون برصانة ولياقة، لمجد الله، وكما يليق بالمسيحيين. إذا كان العروسان قد تناولا فيحفظان طهارتهما إلى مساء اليوم التالي، احتراماً للأسرار المقدسة. هذا هو التصرف اللائق بالذين يتزوجون، بحسب الترتيب الذي وضعه آباء الكنيسة الأرثوذكسية القديسين. لكن واحسرتاه، ينتهك أغلب المسيحيين هذا الترتيب في أيامنا، بما يؤول إلى عقابهم بسبب خطاياهم. إن الذي يتممون قوانين الزواج المسيحية يكسبون بركة الله ويحيون حياة عائلية هادئة، متقدمين في كل شيء؛ فيما الذين يخالفون هذا الترتيب يمضون حياتهم في تجارب كثيرة. بحسب القانون الكنسي، لا يمكن إقامة الأكاليل في السبت مساءً. كثيرون يتزوجون من أجل الكسب، للحصول على هدايا وأموال كثيرة، محوّلين سر الزواج الذي رسمه الله في الفردوس، إلى مناسبة للزنا والخزي وخسران النفوس. يرتكب الشباب أيضاً خطيئة عظيمة عندما يتزوجون في الكنيسة فقط أمام أعين العالم وللتمتع الجسدي، وليس لإنجاب الأولاد، وعندما يتزوجون خلال الأصوام حين تكون الأكاليل ممنوعة. - أيستطيع مسيحي فاضل أن يخلّص عائلته بقداسة حياته وكيف لا يستطيع؟ بقدر ما يزداد عدد المسيحيين الفاضلين في العالم، في بلد ما، في جماعة ما، تزداد مناعة هذا البلد أو الجماعة من الأخطار والحروب والاضطرابات والمجاعات ومختلف أنواع الشر. من جهة ثانية إذا قلّ الفاضلون تصير ضربة الله العقابية أكثر شدة. سأل أحدهم أحد القديسين: "أيستطيع رجل أن يخلّص مدينة؟ فأجاب القديس: "يستطيع، والنبي داود هو مثال. اسمع ما يقوله الله: من أجل داود عبدي، لن أتخلّى عن مدينة أورشليم". - أيها الأب كلاوبا، لقد تشاجرت مع أحدهم ومن ثم طلبت منه المسامحة عدة مرات، لكنه يرفض أن يسامحني. ماذا أفعل لأتصالح معه -ماذا تقول أيها الأب كلاوبا، هل التدخين خطيئة لم أقرأ في الكتاب المقدّس "لا تدخّنْ" بل قرأت "لا تُدِنْ". مع هذا، التدخين خطيئة. - بأي ناموس سوف تُدان شعوب الأرض يقول القديس غريغوريوس أسقف نيسّا أن الناس سوف يُدانون بحسب أربع نواميس أمام كرسي المسيح: 1. الذين عاشوا منذ آدم إلى إعطاء الناموس على جبل سيناء، سوف يدينهم المسيح بحسب ناموس الضمير، الذي يُعطى للإنسان عند مولده وهو المعروف بناموس الأخلاق الطبيعي. من خلال الضمير الذي هو صوت الله في الإنسان، يعرف كل إنسان ما هو الجيد وما هو السيء.هذا هو القانون الذي به كان العالم محكوماً إلى زمان موسى. 2. الناموس الثاني الذي به سوف يُدان الذين عاشوا قبل المسيح وكل الذين لم يعرفوه هو ناموس الخليقة كلّها التي هي دائماً أمامنا وتخبرنا بأنها خُلقَت بشكل معجز من إله غير منظور هو الله. يقول القديس باسيليوس: "الخليقة المنظورة هي مدرسة كل النفوس العاقلة والكتاب غير المكتوب لكل الجنس البشري". 3. الناموس الثالث، الذي به سوف يُدان اليهود وحدهم، هو ناموس موسى المكتوب الذي أُعطي له على جبل سيناء. 4. الناموس الرابع هو ناموس النعمة، أو الإنجيل، الذي أعطي لنا من المسيح، والذي به سوف يُدان كل المسيحيين. كلّ مَن ينكر معموديته يكون مرتدّاً، وفي يوم الدينونة الأخير سوف يكون عقابه أكثر قساوة من عقاب الوثني الذي لم يعرف المسيح |
||||
05 - 08 - 2014, 01:39 PM | رقم المشاركة : ( 4767 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التجسد و ضرورته للخلاص - أبونا يوحنا ميشيل
كنيسة السيدة العذراء مريم بمسرة مركز الحياة الكنسية بمسرة الكنيسة وحياة الخلاص التجسد وضرورته للخلاص مقدمة + الله يخلق الإنسان ليتمتع بمحبته وخليقته وليحيا معه إلى الأبد. "وَقَالَ اللهُ: نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ. فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ." (تك1:26-27) + الله يخضع الخليقة للإنسان كتعبير عن محبة الله للإنسان. "وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ وَأَخْضِعُوهَا وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ." (تك1: 28) ، "فَمَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَذْكُرَهُ وَابْنُ آدَمَ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ! وَتَنْقُصَهُ قَلِيلاًعَنِ الْمَلاَئِكَةِ وَبِمَجْدٍ وَبَهَاءٍ تُكَلِّلُهُ. تُسَلِّطُهُ عَلَى أَعْمَالِ يَدَيْكَ. جَعَلْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ." (مز8:4-6) + الله يعطى الإنسان الوصية كفرصة للإنسان كى يعبر عن محبته لله."اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي وَأَنَا أُحِبُّهُ وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي... إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كلاَمِي وَيُحِبُّهُ أَبِي وَإِلَيْهِ نَأْتِي وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً. اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كلاَمِي " (يو14: 21-24) + إبليس يحسد الإنسان على محبة الله له ومحبته لله. "خلق الله الإنسان لحياة أبدية، وصنعه علي صورته الخالدة. ولكن بسبب حسد إبليس دخل الموت إلي العالم." (حك2: 23-24) + آدم يسقط .. بل سقط الجميع فى آدم. " الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعاً. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ." (مز14: 3) ، (رو3: 12) " كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ " (رو 5:12) + وكان حكم الموت .. موتاً تموت ... "لَكِنْ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ مِنْ آدَمَ إِلَى مُوسَى وَذَلِكَ عَلَى الَّذِينَ لَمْ يُخْطِئُوا عَلَى شِبْهِ تَعَدِّي آدَمَ الَّذِي هُوَ مِثَالُ الآتِي" (رو 5: 14) + أين محبة الله للإنسان؟ وأين رحمته وحنانه؟ "لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يو3 :16) [عظيم حقًا وفائق للطبيعة هو حب الآب الذي من أجل حياة العالم بذل إبنه الوحيد الذي هو منه حقًا ً]. (القديس كيرلس الكبير) [لأنه غُلِبَ من تحننه وأرسل لنا ذراعه العالية. أشرق جسديًا من العذراء بغير زرع بشر حتى خلَّصنا] ثيؤطوكية الإثنين -القطعة الخامسة. حتمية التجسد : س - كيف يأخذ العدل مجراه؟ وكيف تتحق محبة الله ورحمته فى ذات الوقت؟ إذ لابد أن يتمم الله أحكامه العادلة ولا تسقط كلمته أبداً .. وفى ذات الوقت يبين الله محبته للبشر خليقته وعمل يديه ومسرة قلبه.. لهذا يحتار غير المؤمنين فى موضوع التجسد ويحاولون طرح بعض الأسئلة التى قد تجد حلاً للقضية : س - هل لم يكن ممكناً أن يترك الله آدم يموت نتيجة لإهماله وعدم طاعته للوصية؟ · الترك والإهمال ضد طبيعة الله وكرامته نحو خليقته. · الترك فيه إنتقاص لمحبة الله للبشرية. · الترك فيه إنتقاص لقدر الله ومقدرته على غلبة الشيطان. س - إذن .. فليخلق إنساناً آخر جديداً ليطيعه ويحيا معه إلى الأبد!! · بالفرض .. ألن يك هذا الإنسان حر الإرادة فيسقطه الشيطان مرة أخرى ويصير تحت نفس الحكم .. حكم الموت؟ · وهذا أيضاً لا يتمشى مع محبة الله لآدم وإرادته فيه أن يحيا إلى الأبد. س - ألم يكن الله قادراً أن يغفر لآدم ويسامحه؟ · حقاً إن الله يغفر للتائبين .. ولكن الله القدوس لا يتنازل أمام الخطية لأنه رافض للشر ولا يقبل الخطية، لذا فالعقوبة قائمة. · إذن التوبة لا تزيل عقوبة الخطية .. بل تحولها لآخر ينوب عن الخاطئ فى تنفيذ العقوبة. · لذلك ولكى يعلن الله أنه لا يتنازل أمام الخطية وأنه لابد وأن يقتص عقاب الشر.. حتى ولو كان يحب الخاطئ ويريد عودته عن طريق شره.. فهو يحول العقوبة إلى آخر (مبدأ الفداء والتضحية - ذبيحة الخطية كمثال توضيحى). س - ترى من يستطيع أن ينوب عن الإنسان فى تنفيذ العقوبة؟ · ما هى مواصفات الفادى الذى يستطيع أن يفدى الإنسان الذى أخطأ فى حق الله .. مواصفات الفادى 1 . إنساناً : · لأن الذى أخطأ هو الإنسان والذى يجب أن تُنفَّذ العقوبة فيه هو الإنسان.[ لأجل هذا أرسل الآب ابنه غير الجسدي من السماء وجعله يتجسَّد في أحشاء العذراء ويُولَد إنسانًا: لكي يُحيي الإنسان ويجمع أعضاءه التي فرَّقها الموت. فإن الموت كان قد قسَّم الإنسان! ] (القديس مليتو أسقف ساردس- القرن الثاني) 2 . قابلاً للموت : · لأن الحكم هو حكم الموت .. "فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً كَذَلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ، وَيُعْتِقَ أُولَئِكَ الَّذِينَ خَوْفاً مِنَ الْمَوْتِ كَانُوا جَمِيعاً كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيَّةِ " (عب2: 14-15) · [ إن الكلمة صار جسدًا... خصيصًا لكي يتمكَّن أن يذوق الموت بهذا الجسد ]. ( القديس أثناسيوس الرسولي ) · [ ... ولكي لا تظن أن مخلّصنا كان محتاجًا بطبيعته أن يلبس جسدًا. بل لكونه بلا جسد بطبيعته، ولكونه هو الكلمة، فإنه بسبب صلاح أبيه ومحبته للبشر، ظهر لنا في جسد بشري لأجل خلاصنا]. (تجسُّد الكلمة ف 1/ 3) · [ فلم تكن هناك وسيلة أخرى لزعزعة سلطان الموت إلا فقط بتجسُّد الابن الوحيد]. (القديس كيرلس الكبير) 3 . غير محدود : عقوبة الخطية تتناسب مع حجم الخطية .. وحجم الخطية يتناسب مع حجم المخطأ فى حقه وليس حجم الخطية أو المخطئ. 4 . بلا خطية : " لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةًلأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ" (2كو 5: 21) " فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الأَوَّلُ بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ "(عب8:7) " فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يَكُونُ دَمُ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِرُوحٍ أَزَلِيٍّ قَدَّمَ نَفْسَهُ لِلَّهِ بِلاَ عَيْبٍ" (عب 9 : 14) " بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَلٍ بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ" (1بط 1 : 19) 5 . خالق : · إن توافرت الصفات الأربعة السابقة فقط فى الفادى فقد إفتدى الإنسان من حكم الموت فقط ولم يجدده .. · ولكن لابد أن تُجدد طبيعة الإنسان مرة أخرى لكيلا يحيا فى فساد إلى الأبد .. ومَن ذا الذى يستطيع أن يُجدد الطبيعة سوى الخالق؟! "ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة مولودًا تحت الناموس. ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني" (غل4: 4، 5) · [كيف كان يمكن للإنسان الذي صار تحت سلطان الموت أن يستعيد الخلود؟ كان لابد من أن يدخل جسده الميت في شركة قوة الله المحيية أما قوة الله المحيية فهي اللوغس وحيد الآب] القديس كيرلس الكبير · [لقد تحدَّثنا إذن، وباختصار على قدر المستطاع وبقدر ما أمكننا فهمه، عن سبب ظهوره في الجسد، وأنه لم يكن ممكنًا أن يحوِّل الفاسد إلى عدم الفساد إلا المخلِّص نفسه، الذي خلق منذ البدء كل شيء من العدم. ولم يكن ممكنًا أن يعيد خلق البشر ليكونوا على صورة الله إلا الذي هو صورة الآب. ولم يكن ممكنًا أن يجعل الإنسان المائت غير مائت إلا ربنا يسوع المسيح الذي هو الحياة ذاتها. ولم يكن ممكنًا أن يُعلِّم البشر عن الآب ويقضي على عبادة الأوثان إلا الكلمة الذي يضبط كل الأشياء، وهو وحده الابن الوحيد الحقيقي]. (كتاب تجسد الكلمة ف 20 / 1) للقديس البابا أثناسيوس الرسولى كيف نحل المعادلة ؟ الصفتين الأولى والثانية : إنسان + قابل للموت = إنسان ___________ ( أ ) الصفات الباقية : غير محدود + بلا خطية + خالق = الله ___________ (ب) من (أ) و (ب) لابد أن يكون الفادى هو الله وهو إنسان فى ذات الوقت ، أى طبيعة واحدة من لاهوت كامل وناسوت كامل . · لذلك كان الحل الوحيد هو أن يتجسد إبن الله الكلمة ليفتدينا من حكم الموت ويجددنا مرة أخرى .. + كيف يتصالح الإنسان مع الله ؟ "لأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ إِنْسَاناً مِثْلِي فَأُجَاوِبَهُ فَنَأْتِي جَمِيعاً إِلَى الْمُحَاكَمَةِ. لَيْسَ بَيْنَنَا مُصَالِحٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى كِلَيْنَا !!" (أى9: 32-33) "لأَنَّهُ يُوجَدُ إلَهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ." (1تي2: 5) "لَيْتَكَ تَشُقُّ السَّمَاوَاتِ وَتَنْزِلُ! مِنْ حَضْرَتِكَ تَتَزَلْزَلُ الْجِبَالُ." (إش 64: 1) [ حيث أن الطبيعة البشرية كانت بسبب معصية آدم مصابة بالفساد، وكانت أفكارنا مُعذَّبة بشهوات الجسد وبالحركات (الغرائز) المغروسة فيه، كان يتحتَّم من أجل خلاصنا نحن الذين على الأرض أن يصير كلمة الله إنسانًا، لكي يجعل الجسد البشري الذي أُخضع للفساد ومرض بشهوة الملذات خاصًا له، ولكونه هو الحياة والمحيي يُبطِل الفساد الذي فيه ويزجر الحركات المغروسة فيه، أعني التي لشهوة الملذات، لأنه بهذا قد صارت الخطية في جسدنا مائتة]. (القديس كيرلس الكبير) "لأَنَّهُ لاَقَ بِذَاكَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ الْكُلُّ وَبِهِ الْكُلُّ، وَهُوَ آتٍ بِأَبْنَاءٍ كَثِيرِينَ إِلَى الْمَجْدِ أَنْ يُكَمِّلَ رَئِيسَ خَلاَصِهِمْ بِالآلاَمِ. لأَنَّ الْمُقَدِّسَ وَالْمُقَدَّسِينَ جَمِيعَهُمْ مِنْ وَاحِدٍ، فَلِهَذَا السَّبَبِ لاَ يَسْتَحِي أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِخْوَةً، قَائِلاً: «أُخَبِّرُ بِاسْمِكَ إِخْوَتِي، وَفِي وَسَطِ الْكَنِيسَةِ أُسَبِّحُكَ». وَأَيْضاً: «أَنَا أَكُونُ مُتَوَكِّلاً عَلَيْهِ». وَأَيْضاً: «هَا أَنَا وَالأَوْلاَدُ الَّذِينَ أَعْطَانِيهِمِ اللهُ». فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً كَذَلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ، وَيُعْتِقَ أُولَئِكَ الَّذِينَ خَوْفاً مِنَ الْمَوْتِ كَانُوا جَمِيعاً كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيَّةِ" (عب2: 10- 15) [ وبعد ذلك يوضِّح السبب الذي من أجله كان ضروريًا أن الله الكلمة نفسه وليس آخر سواه هو الذي يتجسَّد فيقول: "لأنه لاق بذاك الذي من أجله الكل وبه الكل وهو آتٍ بأبناء كثيرين إلى المجد أن يُكمِّل رئيس خلاصهم بالآلام" وهو بهذا يقصد أن يوضِّح أنه لم يكن أحد آخر يستطيع أن يسترد البشر من الفساد الذي حدث (نتيجة السقوط) غير كلمة الله الذي خلقهم في البداية] (كتاب تجسد الكلمة ف10/3) [ حولت لى العقوبة خلاصاً ] (قداس القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات) التجسد والخلاص تدبير أزلي: "الذي خلَّصنا ودعانا دعوة مقدسة لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التي أُعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية. وإنما أظهرت الآن بظهور مخلصنا يسوع المسيح الذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل." (2تي1: 9، 10) "إذ عرفنا بسر مشيئته حسب مسرته التي قصدها في نفسه. لتدبير ملء الأزمنة ليجمع كل شيء في المسيح ما في السموات وما على الأرض في ذاك. الذي فيه أيضًا نلنا نصيبًا مُعيَّنين سابقًا حسب قصد الذي يعمل كل شيء حسب رأي مشيئته. لنكون لمدح مجده نحن الذين قد سبق رجاؤنا في المسيح." (أف1: 9- 12) "عالمين أنكم افتديتم لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الآباء. بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح. معروفًا سابقًا قبل تأسيس العالم ولكن قد أُظهر في الأزمنة الأخيرة من أجلكم. أنتم الذين به تؤمنون بالله الذي أقامه من الأموات وأعطاه مجدًا حتى أن إيمانكم ورجاءكم هما في الله." (1بط1: 18 ? 21) " هذا أخذتموه مُسلَّمًا بمشورة الله المحتومة وعلمه السابق وبأيدي أثمة صلبتموه وقتلتموه." (أع2: 23) " وبعدما أسلم يوحنا جاء يسوع إلى الجليل يكرز ببشارة ملكوت الله. ويقول قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وآمنوا بالإنجيل." (مر1: 14، 15) "ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة مولودًا تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني" (غل4:4) لم يكن يليق بالله إلا أن يتجسد: إذ كان المسيح بكر الخليقة الجديدة, كان لابد له من أن يحيا حياة مقدسة على الأرض يجتاز فيها بكل ما يخص الطبيعة البشرية: " فأجاب يسوع وقال له اسمح الآن لأنه هكذا يليق بنا أن نكمِّل كل بر حينئذٍ سمح له." (مت 3: 15) " قال لهم يسوع طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله." (يو4: 34) " ثم قلت هانذا أجيء في دَرَج الكتاب مكتوب عني لأفعل مشيئتك يا الله." (عب10: 7) + [ باركت طبيعتي فيك. أكملت ناموسك عني. أريتني القيام من سقطتي ]. (القداس الغريغوري) بركات التجسد وتشبيهات القديس أثناسيوس الرسولي المعلم الحكيم والتلاميذ يعلــــمنا · لأن المخلّص تمم بتأنسه عمليتي المحبة: (أولاً): أنه أباد الموت من داخلنا وجددنا ثانيةً (ثانيًا): أنه إذ هو غير ظاهر ولا منظور، فقد أعلن نفسه وعرَّف ذاته بأعماله في الجسد، بأنه كلمة الآب، ومدبِّر وملك الكون. (تجسُّد الكلمة ف 16/ 5) " فإن لم يكن قد افتقر وهو غني، مهبطًا نفسه بسبب محبته للبشر في الذي لنا، لما كنّا نحن قد اغتنينا بالخيرات التي له، بل نحن ما زلنا في فقرنا ممسوكين من اللعنة والموت والخطية" ( القديس كيرلس الكبير ) نتعلم نقرأ وندرس كتابه المقدس الملك والعاصمة يفـــــدينا [ لقد كان تجسُّد الكلمة وتأنسه أمرًا لابد منه لخلاص الذين على الأرض. فلو لم يكن قد وُلد مثلنا بحسب الجسد، لما كان قد اشترك في الذي لنا، وبالتالي لما كان قد حرر طبيعة الإنسان من الوصمة التي أصابتها في آدم، وما كان قد طرد الفساد من أجسادنا، وما كانت قوة اللعنة الآتية إلى المرأة الأولى قد أُبطلت]. (القديس كيرلس الكبير) نندم على إهمالنا نتوب ونعترف بكل أمانة الفنان واللوحة يجـــــددنا · وإذ رأى الجنس (البشري) العاقل يهلك وأن الموت يملك عليهم بالفناء وإذ رأى أيضًا أن عقوبة التعدِّي (الموت) قد خلَّدت الفناء فينا وأنه من غير اللائق أن يُبطِل الناموس قبل أن ينفذ، وإذ رأى أيضًا عدم اللياقة فيما هو حادث بالفعل، وهو أن الخليقة التي خلقها هو بنفسه قد صارت في طريقها إلى الفناء، وإذ رأى في نفس الوقت شر البشر المُفرِط، وأنهم يتزايدون فيه شيئًا فشيئًا إلى درجة لا تُطاق وضد أنفسهم، وإذ رأى أن كل البشر تحت سلطان الموت، فإنه رحم جنسنا وأشفق على ضعفنا وتراءف على فسادنا. وإذ لم يحتمل أن يرى الموت وقد صارت له السيادة علينا، لئلا تفنى الخليقة ويتلاشى عمل الله، فقد أخذ لنفسه جسدًا لا يختلف عن جسدنا. (كتاب تجسد الكلمة ف 8 / 2) لم يكن ممكنًا أن حدة الشهوات الطبيعية تكف عنّا إلا بأن يصير جسد مذلتنا جسدًا خاصًا للوغس. (القديس كيرلس الكبير) نحيا فى وسائط النعمة بعمل الروح فينا لكى نليق بصورته ومثاله: "لأنكم لهذا دُعيتم فإن المسيح أيضًا تألم لأجلنا تاركًا لنا مثالاً لكي تتبعوا خطواته. الذي لم يفعل خطية ولا وُجِد في فمه مكر. الذي إذ شتم لم يكن يشتم عوضًا وإذ تألم لم يكن يهدد بل كان يسلم لمَنْ يقضي بعدل." (1بط2: 21- 23) الأسبستوس والقشة يتحـــــد بنا ليحمــــــينا · لقد حَمَلَ " اللوغس" كل الطبيعة البشرية في نفسه ليحيا بها حياة مقدسة وبلا لوم، وذلك بكونه قد صار إنسانًا وظهر في الشكل البشري. القديس كيرلس الكبير "لأجلهم أقدِّس أنا ذاتي ليكونوا هم أيضًا مُقدَّسين في الحق" (يو19:17) هو نفسه الذي يقدّس كل شيء، يقول للآب: " من أجلهم أقدِّس أنا ذاتي" ليس بمعنى أن اللوغس يمكن أن يزداد في القداسة، بل بمعنى أنه هو نفسه يقدّسنا نحن جميعًا فيه. (القديس كيرلس الكبير) نتناول جسده ودمه الأقدسين "مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ." (يو6: 56) " لِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ نَتَنَبَّهَ أَكْثَرَ إِلَى مَا سَمِعْنَا لِئَلاَّ نَفُوتَهُ، لأَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الْكَلِمَةُ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا مَلاَئِكَةٌ قَدْ صَارَتْ ثَابِتَةً، وَكُلُّ تَعَدٍّ وَمَعْصِيَةٍ نَالَ مُجَازَاةً عَادِلَةً، فَكَيْفَ نَنْجُو نَحْنُ إِنْ أَهْمَلْنَا خَلاَصاً هَذَا مِقْدَارُهُ، قَدِ ابْتَدَأَ الرَّبُّ بِالتَّكَلُّمِ بِهِ، ثُمَّ تَثَبَّتَ لَنَا مِنَ الَّذِينَ سَمِعُوا، شَاهِداً اللهُ مَعَهُمْ بِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ وَقُوَّاتٍ مُتَنَّوِعَةٍ وَمَوَاهِبِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، حَسَبَ إِرَادَتِهِ؟ " (عب 2: 1-4) ليعطينا الرب أن نحيا فى بركات التجسد ونحفظ خلاصنا فى غربة هذا العالم إلى أن نصل لعشرته الدائمة لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد ، آمين. |
||||
05 - 08 - 2014, 01:41 PM | رقم المشاركة : ( 4768 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الوقت
يقول الرب " قدسوا صوماً، نادوا بأعتكاف" لكى يرينا أهمية الاستفادة من الوقت فى فترة الصوم. ولهذا أحب أن أكلمكم عن أهمية الوقت فى الحياة عموماً، إن خيراً وإن شراً. الوقت جزء من حياتك، أن ضيعته تضيع حياتك وأن حفظته حفظت حياتك. حياتك هى أيام وساعات. وكما قال الشاعر: دقات قلب المرء قائلة له أن الحياة دقائق وثوان إنى أعجب للأشخاص الذين يبحثون عن وسيلة لقتل الوقت، بأية الطرق: بوسائل الترفيه أو التسلية أو الثرثرة أو اللهو ولا يدرى هؤلاء أنهم أذ يقتلون وقتهم، يضيعون حياتهم.. الذى يقتل الوقت لا يشعر أن لحياته قيمة، هو إنسان يعيش بلا هدف، وبلا رسالة. حياته رخيصة فى عينيه. أما الذين يحترمون حياتهم، فكل دقيقة منها، منتجة ونافعة، ولذلك فهناك أشخاص كانت حياتهم قصيرة، ولكنها عجيبة وعميقة. يوحنا المعمدان بدأ حياته من سن الثلاثين، وأستمرت خدمته حوالى سنة، أستحق خلالها أن يكون أعظم من ولدته النساء. فى هذه الفترة القصيرة أعد الطريق قدام الرب، وهيأ له شعباً مستعداً، وعمد آلافاً من الناس بمعمودية التوبة. بعكس متوشالح الذى عاش 969 سنة، لم نسمع عنها شيئاً من هذا. السيد المسيح نفسه، كانت مدة خدمته فى الجسد 3 سنين وثلث. ولكنه فى تلك الفترة القصيرة عمل أعمالاً لم يعملها أحد من قبل، ولو كتبت واحدة فواحدة، ما كانت تسعها الكتب. وحقق قضية الخلاص، وقدم للناس صورة الله. أيضا البابا كيرلس الرابع، كانت مدة خدمته 6 سنوات وبضعة أشهر. ومع ذلك عمل فيها ما أستحق عليه لقب (أبو الأصلاح). كثيرون عاشوا حياة قصيرة، ولكنهم قدموا فيها أعمالاً عظيمة. وكثيرون نالوا العظمة وهم بعد أطفال أو صغار، أو مجرد شبان. القديس تادرس تلميذ القديس باخوميوس أب الشركة، والقديس ميصائيل السائح، والقديس يوحنا القصير، أمثلة لعظمة العمر الصغير. فالقديس تادرس وهو فى حدث شبابه المبكر، كان أباً ومرشداً لكثيرين، ومؤسساً لأديرة ووكيلاً للقديس باخوميوس - والقديس ميصائيل صار سائحاً قبل أن يبلغ العشرين من عمره والقديس يوحنا القصير وهو فى حداثة عمره أستطاع أن يعلق الاسقيط كله بأصبعه كما يشهد قديسوا البستان. هؤلاء وصلوا إلى المجد فى فترة وجيزة، وهم فى مقتبل العمر، وصعدوا بسرعة، لأنهم لم يضيعوا وقتهم، أخذوا الأمور بجدية. كل دقيقة كانت ترفعهم إلى فوق، وتدخلهم إلى الأعماق، وتنميهم. كان وقتهم دسماً، كله بناء لأنفسهم وللآخرين، لم يضع منه شئ، كان وقتهم بركة للآخرين. هناك إنسان وقته فى صالحه، يحييه وآخر وقته ضده. إنسان فى لحظة يكسب كل شئ، وآخر فى لحظة يخسر الكل داود فى لحظة طيش أرتكب خطية، ظل طوال حياته يبكى بسببها ويبلل فراشه بدموعه. شمشون الجبار فى لحظة أخرى، كسر نذره، وفقد شعره، وضاعت كرامته. بطرس الرسول أيضاً لحظة خوف جعلته يبكى بكاءاً مراً. وبقدر ما أضاعت هؤلاء لحظات. نرى اللص اليمين قد كسب الفردوس فى لحظة، وكذلك العشار فى الهيكل، وزكا على الشجرة. الأبن الضال فى لحظة طيبة، ندم وقال " كم من أجير عند أبى يفضل عنه الخبز، وأنا هنا أهلك جوعاً" وهكذا ربح الحياة. والقديس أنطونيوس فى لحظة تأمل وهو ينظر جثمان أبيه، زهد العالم، وحط لنا هذا الطريق الملائكى. هناك لحظات أو ساعات، مرت على العالم، كانت خالدة.. لحظة قال عنها بولس " فى الجسد، أم خارج الجسد، لست أعلم" صعد فيها إلى السماء الثالثة، ورأى أشياء لا ينطق بها. ويوم روحى مر على يوحنا الرائى، قال عنه " كنت فى الروح فى يوم الرب" ، هذا اليوم قدم لنا سفر الرؤيا بكل ما فيه من إعلانات ونبوءات ورموز وتعاليم ووعود.. ثلاث ساعات على الصليب، قدمت للعالم كله خلاصاً هذا مقداره، والعالم بكل أجياله لا يساوى ساعة منها.. من هذه الثلاث ساعات، لحظة أنتهزها اللص لخلاصه . لحظة تصارع فيها يعقوب مع الرب، وغلب، ونال المواعيد. حياته كلها فى كفة، وهذه اللحظة وحدها فى كفة. هناك ساعة تمر على الإنسان، تغير حياته كلها.. يشعر أن حياته كلها نوع، وهذه الساعة نوع آخر ساعة يتمتع فيها بما يسميه الآباء " زيارة النعمة" أو مذاقة الملكوت. تمر عشرات السنوات، لتمجد هذه الساعة. إنها ساعات خالدة فى الحياة، لا تنسى ولا تقاس بالمقاييس العادية. لها عمقها، ولها فاعليتها، ولها تاريخها الحى. وبعكس هذا أوقات تمر عليك، فتقول فى مرارة " ليتها لم تكن إنها سبب مشاكلى كلها فى الحياة" يحزننى بالنسبة إلى البعض، ان وقته ضده، وقته يقتله. ساعة واحدة يمكن أن تضيع عمره كله، أو توصمه بصفة رديئة تظل عالقة به طوال حياته، لا يفلت منها.فلنحاول إذن أن نستفيد من كل لحظة تمر بنا " مفتدين الوقت، لأن الأيام شريرة" ولتكن أوقاتنا بركة لنا ومنفعة. ونحن صغار كنا نأخذ تدريباً يسمى "اليوم المثالى" .نحاول أن نجعل كل دقيقة فيه بركة لحياتنا، ولا نعمل فيه شيئاً نندم عليه.ليت أيامنا كلها تكون مثالية كل دقيقة من دقائق حياتك، ليست ملكك، هى ملك للرب. إنه إشترانا بدمه، فأصبحت له. ليست ملكك حتى تتصرف فيها كما تشاء. وقتك هذا هبة من الرب منحك إياها. كان يمكن لحياتك أن تنتهى أمس، ولكنه من جوده أعطاك يوماً جديداً. فليكن هذا اليوم مقدساً له .. كما نصلى فى صلاة الشكر "إمنحنا أن نكمل هذا اليوم المقدس، وكل أيام حياتنا، بكل سلام مع مخافتك" . إسأل حياتك، كم هو الوقت الذى ندمت عليه، أو كان ينبغى أن تندم؟ وكم هو الوقت المبارك. الأمر فى يدك: تستطيع أن تجعل أوقاتك مباركة أو مؤلمة. لقد وضع الله أمامك الطريق، وترك الأمر لحريتك. فإن لم تستطع أن تجعل كل أوقاتك مقدسة، فعلى الأقل حافظ على قدسية أيام الرب: آحاده وأعياده ، وأصوامه. يوم الرب، يمكن أن يصير ذخيرة مقدسة للأسبوع كله، وخميرة تخمر العجين كله، ويمكن أن يكون مجرد يوم عطلة. ياليت حياتك كلها، تصبح سبتاً للرب. عملاً من الأعمال لا تعمل فيها، سوى عمل الرب وحده!!!! كثيرون يضيعون أوقاتهم، ويأتون آخر النهار فيجدون أنهم لم يعملوا شيئاً !!! وقد يستيقظ إنسان فى سن الخمسين أو الستين، فيجد أنه أضاع عشرات السنوات من حياته، دون أن يستفيد شيئاً. ما هو الميت من أيامك، وما هو الحى ؟؟!! ما هى الأيام التى تحسب من عمرك؟ وما هى الأيام التى بلا قيمة ولا حساب؟ ما هى الأيام المحفوظة لك فى اليوم الآخير؟ وما هى الأيام التى يملكها الشيطان؟. ما هو نصيب الرب فى حياتك؟ ما الذى يحصده من تعبك؟ عندما يأتى الله ليحصد الحنطة التى فى حياتك، كم هى السنابل التى يضمها إلى أجرانه ؟ سيقول لك: قد أعطيتك عمراً طويلاً، فماذا أعطيتنى منه؟ كم هو إكليروس وقتك، أعنى نصيب الرب فيه؟ أنظر إلى حياة إنسان كبولس الرسول، وكيف كان وقته للرب. عشرات السنوات من حياة الناس، لا تساوى ساعة منها لك حياة، ولكنك لا تعرف كيف تستغلها. صدقنى، إن جميع سكان الجحيم، يشتهون دقيقة واحدة من حياتك. يشتهون دقيقة، يقدمون فيها توبة، أو يعملون فيها عملاً لخلاصهم. أما أنت فتملك دقائق كثيرة، بل أيام، بل سنين فماذا فعلت؟ وماذا ستفعل. لم يغلق الباب أمامك، كما أغلق أمامهم عندك الكثير، وأخشى أن تنفق أيامك بعيش مسرف، كالأبن الضال كل يوم يمر من حياتك، قد أنتهى، ربما تندم عليه، ولكنك لا يمكن أن تسترجعه، أو تسترجع ما حدث فيه. أن كنت قد ضيعت من حياتك سنوات، ليتك تحرص على ما بقى منها. ليتك تعوض ما فاتك. كلحظة اللص اليمين التى عوضت عمراً طويلاً أكله الجراد. نشكر الله إنه ما تزال فى العمر بقية، ما تزال هناك فرصة للتوبة، وما يزال الروح القدس يعمل فينا لخلاصنا. فلنعمل إذن ما دام نهار، ولنضع أمامنا قديسى التوبة، كأوغسطين وموسى الأسود ومريم القبطية، الذين أستطاعوا أن يعوضوا الماضى كله، فأبيض أكثر من الثلج، وفاقوا كثيراً من القديسين الذين بدأوا الطريق قبلهم بسنوات.. ما أغلى أوقات القديسين، تصرخ أمام الواحد منهم " إمنحنى دقيقة واحدة من وقتك. دقيقة يمكنها أن تغير حياتى. يمكنها أن تحل كل مشاكلى. دقيقة تكون لى بركة ومنفعة" . الذين حياتهم فراغ، لا يشعرون بقيمة وقتهم، بل قد يدركهم الملل والضجر، إذ لا يجدون ما يشغلهم و يسليهم. أما أنتم، فكونوا أصحاب رسالات، ولتكن لكم أهداف كبيرة، حينئذ ستشعرون بقيمة وقتكم, وستجدون أن مسئولياتكم أكبر بكثير من وقتكم، فتحسون كم هو الوقت ثمين وغال. |
||||
05 - 08 - 2014, 01:41 PM | رقم المشاركة : ( 4769 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما من تناقض بين نظرية التطور الداروينية وفكرة الخلق البيبلية بحسب الكاردينال شونبورنبقلم روبير شعيب روما، الثلاثاء 4 نوفمبر 2008 (Zenit.org). بالرغم من الصراع الذي تسببت فيه نظرية التطور التي أطلقها دارويين في القرن التاسع عشر، إلا أن التقليد الفكري المسيحي الرفيع لم يكن بعيدًا عن حدس إمكانية التطور في الخليقة، الأمر الذي لا ينفي وجود الخالق ولا يناقض جوهر الكتاب المقدس. فالقديس أغسطينوس يصرح بأن الكون يمكن أن يكون نتيجة تطور كبذر يتضمن في أصله الفكرة الإلهية بشأن الكون التي ما تلبث تتنامى في الزمن. تطور الخليقة يصل إلى الإنسان وعند ذلك، عندما تضحي الخليقة حاضرة لقبول نفس على صورة الله ومثاله، ينفخ فيها الله الروح. توضيحًا وتماشيًا مع هذا التقليد، وفي معرض الجمعية العامة للأكاديمية الحبرية للعلوم الذي تختتم اليوم الثلاثاء أعمالها في روما صرح الكاردينال كريستوف شونبورن، رئيس أساقفة فيينا، أن ما من تناقض بين نظرية التطور العلمية وفكرة الخلق البيبلية والمسيحية. وشرح الكاردينال أن ما من تناقض بين النظريات الإيمانية والعلمية، بل هناك مجرد "صراع بين مفهومين مختلفين للإنسان ولعقلانيته، بين النظرة المسيحية وبين التيار العقلي الذي يسعى إلى تقليص الإنسان إلى البعد البيولوجي فقط". واستشهد شونبورن بنصوص عدة من البابا بندكتس السادس عشر خلال حبريته، تشير إلى قبول إيجابي لإمكانية التطور. وأضاف موضحًا أنه بالرغم من أن هذه النظرية تنمي معرفتنا بشأن الحياة، إلا أنها لا تجيب على السؤال الفلسفي العظيم: ما هو مصدر كل شيء؟ وكيف يتم تسيير كل الأشياء لكي تصل إلى الإنسان؟" ولذا من الواجب أن نعترف بوجود "فكرة سابقة" تبين لنا أن الإنسان ليس ثمرة الصدفة، بل الخالق "فكّر به وأراده وأحبه". كما وأوضح مستشار الأكاديميا، المونسينيور مارسيلو سانشيز، أن الفكرة التي يعرضها سفر التكوين حول خلق الله للعالم رمزيًا في ستة أيام، يفتح المجال أمام فكرة خلق تدريجي للكون. ومن هذه الناحية فالكتاب المقدس أقرب إلى النظريات العلمية القائلة بالتطور منه إلى الأساطير الإغريقية القائلة بالعالم الأزلي. وشرح أن ما من تعارض بين الإيمان والتطور، بل بين الإيمان وبعض الإيديولوجيات المادية التي تعلن بأن المادة وحدها هي موجودة. "إلا أن هذه النظريات ليست علمية بل فلسفية". "يتم استغلال نظريات علمية لتقديم تفاسير فلسفية، أو بالحري، ملحدة، تقول بأن الصدفة هي أساس كل شيء. ولكني أكرر، هذه مجرد نظرية فلسفية، وهي ليست موقف كبار العلماء، الذين هم مؤمنون في أغلب الأحيان". "الكنيسة منفتحة على الحوار مع العلم، لأن العلم يتحدث عن الطبيعة. ولطالما آمنت الكنيسة بأن الطبيعة هي خليقة الله، وأن الكائن البشري هو جزء من الطبيعة" |
||||
05 - 08 - 2014, 01:43 PM | رقم المشاركة : ( 4770 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما الفرق بين تكريم الأيقونات وعبادة الأوثان؟ روبير شعيب الفاتيكان، الأربعاء 6 مايو 2009 (Zenit.org). هل يعبد المسيحيون صور القديسين؟ ألا يخالفون الوصية القائلة: "لا تصنع لك تمثالا منحوتا، ولا صورة ما مما في السماء من فوق، وما في الأرض من تحت، وما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن، لأني أنا الرب الهك اله غيور، أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضي، وأصنع احسانا الي ألوف من محبي وحافظي وصاياي"؟ ألا يثيرون غيرة وغضب الله بتقواهم؟ هذه الأسئلة وغيرها الكثير تراود فكر من يرى تكريم المسيحيين للأيقونات وصور وتماثيل ومنحوتات القديسين. للجواب على بعض هذه الأسئلة، وبالشكل الموجز الذي يسمح به الإطار الصحفي، نبدأ بالإقرار بأن تكريم بعض المسيحيين للأيقونات، وللصور التقوية هو زائد وخاطئ وهو أقرب إلى الخرافة منه إلى الإيمان القويم. ولكن كما هو معروف سوء الاستعمال ليس ذريعة لعدم الاستعمال. وسوء التكريم ليس دافعًا قويمًا لعدم التكريم! السبيل السديد لفهم التكريم التقوي التقليدي هو التبحر في فهم كنهه وفي رؤية ركائزه. التكريم والعبادة إن التمييز الأول الذي تقدمه الكنيسة في إطار التقوى المعاشة هو بين التكريم والعبادة. وقد تحدث الأب الأقدس بندكتس السادس عشر اليوم في تعليم الأربعاء الذي تركز حول شخصية وتعاليم القديس يوحنا الدمشقي عن هذا التمييز فقال: " لقد كان يوحنا الدمشقي أيضًا من أول من ميز، في تقوى المسيحيين العامة والخاصة، بين العبادة (latreia) والتكريم (proskynesis): الأولى هي مرتبطة بالله وحده، الروحاني بالكلية، أما الثانية فتستطيع أن تستعين بصورة لكي تتوجه نحو من تمثله الأيقونة. بالطبع، لا يمكن بأي شكل المزج بين القديس والمادة التي صنعت منها الأيقونة". وشرح البابا أن أهمية هذا التمييز البالغة تظهر للإجابة بشكل مسيحي على الذين يعتبرون أن الرفض القاسي لاستعمال الصور الطقسي في العهد القديم هو ذو طابع شامل. وعليه فإن الإيمان المسيحي القويم يقول بأن العبادة هي خاصة بالله وحده الكلي القداسة واللامنظور. أما نحو القديسين بما في ذلك المثلثة القداسة مريم العذراء فالموقف الأرثوذكسي هو التكريم. والأمر نفسه ينطبق على الصور والتماثيل. وقد وعى القديسون المدافعون عن الأيقونات هذا الأمر، ويورد السنكسار خبر أحدهم، عندما كان يستجوبه الأمبراطور المعادي للأيقونات عن المبرر لتكريم الأيقونات. حيث رمى القديس عملة معدنية تحمل رسم الأمبراطور على الأرض وبدأ يدوسها، ولدى تذمر الأمبراطور أمام هذا التصرف، قال القديس: كما يغضبك إهانة رسم ليس هو شخصك ولكنه يمثلك، كذلك يُغضب الله من يهين صور أصفيائه. وقد يتساءل البعض: ما هو الموقف الذي يجب أن نأخذه أمام صور المسيح؟ هل نعبد صور المسيح أم نكرمها؟ هذا السؤال الفرضي يساعدنا على إيضاح المسألة بشكل أفضل: عندما نكرم الأيقونات أو الصور نحن لا نكرم اللوحة الزيتية، أو الخشب الذي قطع من الغابة في تاريخ معين وتمت صياغته كأيقونة، بل نكرم الأقنوم، نكرم الشخص الذي هو ما وراء المادة. والمادة هي وسيلة فعالة تذكرنا بالأقنوم وبحضوره، ولكنها لا تحل مكانه. الأيقونة أو الصورة هي وسيلة للنعمة ولكنها ليست النعمة بحد ذاتها. بهذا المعنى شرح البابا أن تقليد الكنيسة الجامعة، "يعتبر أن العناصر المادية المأخوذة من الطبيعة تستطيع أن تضحي وسيلة للنعمة بفضل استدعاء (epiclesis) الروح القدس، المرفق باعتراف الإيمان القويم". من هنا يوضح المجمع النيقوي الثاني أننا في تكريمنا لأيقونات المسيح لا نكرم ناسوته بمعزل عن لاهوته، ولا لاهوته بمعزل عن ناسوته، بل نكرم أقنوم المسيح الواحد الذي يجمع ويوحد بين طبيعتيه البشرية والإلهية. ولكن لماذا يصر المسيحيون على تكريم الأيقونات، بدل أن يتمسكوا بالموقف الذي أخذه اليهود بالرفض القاطع لتصوير الله والأولياء، وتبعهم في ذلك المسلمون؟ لهذا السؤال جوابان هامان: الأول تربوي، والثاني، وهو الأهم لأنه يشكل ركيزة الأول، لاهوتي كتاب لمن لا يجيد القراءة يقول القديس غريغوريوس الكبير أن "الصور المقدسة هي بمثابة كتاب لمن لا يجيد القراءة"، فكما أن الكتاب المقدس غني بالصور والأفكار والعبر لمن يريد أن يتعرف إلى الله، كذلك الأيقونات، والتصاوير المقدسة، تحمل رسالة الكتاب المقدس وتاريخ الخلاص ومفاعيل النعمة لمن لا يجيد القراءة. وحتى من يجيد القراءة، يستطيع من خلال تأمل الأيقونات والصور المقدسة أن يذكر أحداث تاريخ الخلاص أو حضور الرب والقديسين، وفي هذا الأمر فائدة جزيلة. ولكن هذه الفائدة لما كانت ممكنة لو لم يتم الحدث التاريخي الذي جعل من المادة عنصرًا أسراريًا يمر فيه الخلاص، ولو لم يكن الله قد صار جسدًا وأشع وجهه اللامنظور في وجه الإنسان يسوع المسيح. لا أعبد المادة بل خالقها في هذا الصدد استشهد البابا بتعليم ملفان الكنيسة، القديس يوحنا الدمشقي: "في الأزمنة السابقة، لم يكن يتم تمثيل الله بصور، لأنه غير جسداني ودون وجه. ولكن بما أننا رأينا الله الآن في الجسد وبما أنه عاش بين البشر، فأنا أصور ما هو مرئي من الله". يوضح الدمشقي أنه بتكريم الأيقونات "أنا لا أكرم المادة، بل خالق المادة، الذي أضحى مادة لأجلي وشاء أن يسكن في المادة وأن يعمل خلاصي من خلال المادة". "لن أتوقف أبدًا عن تكريم المادة التي نلت من خلالها الخلاص. ولكني لا أكرمها أبدًا تكريمي لله! كيف يمكن لما نال الوجود من العدم أن يكون الله؟... ولكني أكرم وأحترم أيضًا سائر المادة التي أسهمت في جلب الخلاص، لأنها مليئة بالمفاعيل وبالنعم المقدسة". ويتساءل الدمشقي: " أليس خشب الصليب مثلث الطوبى؟... والمداد وكتاب الأناجيل الكلي القداسة أليس مادة؟ والمذبح الخلاصي الذي يوزع علينا خبز الحياة، أليس ماديًا؟... وقبل كل ذلك، أليس جسد ودم الرب مادة؟" ويستنتج: "إما أن تريد أن تخمد الطابع القدسي لجميع هذه الأمور، أو أن تسمح لتقليد الكنيسة أن يكرم صور الله وأوليائه التي تقدست باسم الذين تحملهم، وهي مليئة لهذا بنعمة الروح القدس. لا تهن المادة إذًا: فهي ليست دنيئة، لأن الله لم يخلق شيئًا دنيئًا". ويتابع بندكتس السادس عشر معلقًا على كلمات اللاهوتي الشرقي: "نرى أنه بفضل التجسد، تظهر المادة مؤلهة، وكأنها مسكن الله. نحن بصدد رؤية جديدة للعالم وللواقع المادي. لقد صار الله جسدًا والجسد صار فعلاً مسكن الله الذي يشع نوره على وجه المسيح البشري". هذا وإن تكريم الأيقونات يدخل في إطار ما يعرف باسم "تفاؤل التأمل الطبيعي" (physikè theoria)، أي رؤية الخير والجمال والحق في الخليقة المرئية |
||||