05 - 08 - 2014, 12:33 PM | رقم المشاركة : ( 4751 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المسيح يُرسلنا لبشارة الملكوت وفيما أنتم ذاهبون اكرزوا قائلين "أنه قد اقترب ملكوت السماوات". لقد حدّد يسوع موضوع الكرازة ألا وهو "التوبة"، بكونها طريق الملكوت السماوي. وقد سبق فعرّفنا التوبة أنها ليست جانبًا سلبيًا، أي مجرد تخلِّي عن الشرّ ورفض كل خطيّة، وإنما هي عمل إيجابي فعّالاً في حياة المؤمن، وهو قبول عمل الروح القدس فينا الذي يهب ويعطي ويشبع!.... *التوبة هي تغيير لاِتّجاه القلب الداخلي والفكر وكل طاقات الإنسان، فبعدما كانت متّجهة نحو الأرضيّات تصير في المسيح يسوع ربّنا بالروح القدس متّجهة نحو ملكوت السماوات. * بمعنى آخر فيما يرفض الإنسان الخطيّة وكل ما هو غريب عن الله إذ به ينعم بالله السماوي نفسه وكل ما له من نعمٍ وهباتٍ مشبعةٍ. *كأن التوبة هي تفريغ وامتلاء بغير انقطاع، ترك وأخذ، جوع وشبع في نفس الوقت. * لا يريدنا الله أن نسلك في حالة حرمان وكبت، وإنما بالعكس خلال التوبة يريدنا أن نعيش في حالة شبع وفرح وتهليل وتمتّع بالأمور الفائقة، فيسلك الإنسان على الأرض بفكر سماوي. * بهذا نستطيع أن نميّز بين التوبة العاملة فينا بالروح القدس، والتوبة التي هي من صنع أنفسنا. * الأولى تدخل بنا إلى ملكوت السماوات، فنعيش مع الآب في ابنه بالروح القدس. * أمّا الثانية فهي حرمان ممّا هو أرضي ، دون تمتّعٍ بما هو سماوي. * الأولى توَلِّد فرح الروح ومحبّته وسلامه... الخ. * والثانية توَلِّد حزنًا شديداً وضيقًا في القلب وقلقًا ومرارة. * الأولى تنطلق بالنفس من مجدٍ إلى مجدٍ لتبلغ إلى أعلى السماوات، * والثانية تنحدر بالإنسان من سئ إلى أسوة فيعيش في هبوط مستمرٍ يدفع به إلى الهاوية! إمكانيّات الكرازة "اشفوا مرضى، طهِّروا بُرصًا، أقيموا موتى، اخرجوا شيّاطين، مجانًا أخذتم مجانًا أعطوا. لا تقتنوا ذهبًا ولا فضّة ولا نحاسًا في مناطقكم. ولا مذودًا للطريق ولا ثوبين ولا أحذية ولا عصا، ". * يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: (إذ أراد أن يدرّبهم على كل الكمال طلب منهم ألا يفكّروا فيما يخص الغد... فإن كان يرسلهم كمعلّمين للعالم كله، هذا جعلهم وهم بشر ملائكة، مبرّرا إيّاهم من كل اهتمام أرضي حتى لا ينشغلوا إلا باهتمام واحد وهو التعليم، بل بالأحرى أراد أن يحرّرهم حتى من هذا الأمر بقوله: "لا تهتمّوا كيف أو بما تتكلّمون". * السيّد المسيح هو ذهبنا، فإن كان الذهب في الكتاب المقدّس يُشير إلى الحياة السماويّة، فإن المسيح هو سرّ الدخول بنا إلى الحياة السماويّة، أو هو كنزنا السماوي الذي يسحب قلبنا إليه. السيّد المسيح هو فضّتنا، فإن كانت الفضّة ترمز لكلمة الله (مز 12: 6)، فإنه بالحق حكمة الله الحيّ الذي يعمل فينا وبنا لكي يدخلنا إلى حضن أبيه. وهو نحاسنا، نلبسه فنصير به أقوياء ندك الطريق فلا تقدر العثرات أن تعوقنا عن الملكوت. وهو الطعام الذي به نقتات فنعيش في حالة شبع دائم، فلا نشتهي الزمنيّات ولا نطلب ملذاتها. وهو الثوب الذي به نلتحف فيسترنا في عينيّ الآب، ونُحسب كأبرار في دمه الطاهر. إنه طريقنا الذي به ننطلق إلى أبيه لنحيا معه في أحضانه، شركاء في المجد الأبدي. إنه العصا التي حطّمت الشيطان خلال الصليب، فصار لنا الغلبة والنصرة. إذن لم يحرم السيّد المسيح تلاميذه من شيء، مقدّمًا نفسه سرّ شبع لكل احتياجاتهم. أما بخصوص الأحذية، فإنها إذ تُصنع من جلد الحيوانات الميّتة ترمز إلى الأعمال الشرّيرة المهلكة، لهذا يقول القدّيس جيروم: (لأنه عندما ألقى الجند القرعة على ثياب السيّد لم يكن معها أحذية ينزعونها عنه. لأنه وإن مات السيّد بالجسد لكن لم يوجد فيه أعمال ميّتة). يمكننا أن نقول بأن الإمكانيّات التي قدّمها السيّد لتلاميذه هي إمكانيّات التوبة في أعلى صورها، فإنهم إذ يقتنون السيّد المسيح نفسه عِوض الذهب والفضّة والنحاس والمذود والثياب والعصا، فيكون هو كل شيء بالنسبة لهم، يستطيعون أن يطالبوا العالم بالتوبة، أي قبول المخلّص كمصدر شبع لهم عِوض الخطيّة التي قدّمت لهم الضيّق والعوز والمرارة. *لا يستطيع المبشر بالسيّد المسيح أن يقدّم للآخرين السيّد المسيح كسِر غِنى النفس وشفائها، بينما يرتبط هو بأمور العالم ويستعبد نفسه لها!. * يُعلّق القدّيس أمبروسيوس على هذه الوصيّة الإلهيّة للتلاميذ الكارزين بقوله: (إنه يَقطع كما بمنجل محبّة المال التي تنمو دائمًا في القلوب البشريّة) لكنّه وهو يقطع وهبهم البديل الذي به يستطيع الرسول بطرس أن يقول: "ليس لي فضّة ولا ذهب، ولكن الذي لي فإيّاه أعطيك؛ باسم يسوع المسيح الناصري قم وامش" (أع 3: 6). لم يعطه مالاً لكنّه أعطاه باسم السيّد صحّة التي هي أفضل من المال. كما يُعلّق أيضًا ذات القدّيس بقوله: (للكنيسة ذهب لا لكي تخزنه، وإنما لتوزِّعه وتنفقه على المحتاجين). "وأيّة مدينة أو قرية دخلتموها فافحصوا من فيها مستحق. وأقيموا هناك حتى تخرجوا. وحين تدخلون البيت سلّموا عليه. فإن كان البيت مستحقًا فليأتِ سلامكم عليه. ولكن إن لم يكن مستحقًا فليرجع سلامكم إليكم". هذا ومن جانب آخر أراد السيّد لهم أن يعيشوا بلا همّ، ليس فقط لا يقتنون ذهبًا أو فضّة أو نحاسًا، وإنما أيضًا لا يضطربون من جهة الخدمة نفسها؛ عليهم أن يقدّموا الكلمة كما هي ولا يضطربوا إن رفضها أحد! إنهم كارزون فحسب لكن الله هو الذي يعمل بهم وفيهم. رفض العالم لهم إن كانت رسالة التلاميذ هي إعلان السلام الروحي الداخلي بالمصالحة مع الآب في ابنه ربّنا يسوع بروحه القدّوس، فتتصالح النفس أيضًا مع الجسد ويتصالح الإنسان مع أخيه، لكن الأشرار لا يحتملون المصالحة، ولا يقبلون الحب فيواجهونه بالشراسة، إذ يقول: "ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئاب". (تأمّلوا يا إخوتي ما يفعله ربّنا يسوع! تصوّروا لو أن ذئبًا واحدًا ذهب وسط غنم كثير مهما بلغ عددهم بالآلاف... أفلا يرتعب جميع الغنم بالرغم من عدم قدرة هذا الذئب على افتراسهم جميعًا؟ فكم تكون مشورة ربّنا يسوع المسيح، التي يشجّعنا بها، إذ لا يلقي بذئب وسط غنم، بل يُلقي بالغنم وسط الذئاب؟... إنه لم يطلب منهم أن يقتربوا من الذئاب، بل يكونوا في وسطهم. حقًا لقد كان هناك قطيع صغير من الغنم، لكن إذ افترستها الذئاب الكثيرة تحوّلت الذئاب إلى غنم). وفي مرارة يُعلّق القدّيس يوحنا الذهبي الفم أيضًا فيقول: (لنخجل إذ نفعل نحن العكس فنقف كذئاب ضدّ أعدائنا! مادمنا نحن غنم، فإنّنا سنغلب بالرغم من وجود ربْوة من الذئاب تجول حولنا لافتراسنا، أمّا إذا صرنا ذئابًا فسنهزم إذ يفارقنا عون راعينا، الذي لا يعول الذئاب بل الغنم |
||||
05 - 08 - 2014, 12:36 PM | رقم المشاركة : ( 4752 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لك القوة و المجد - قـوة الله - لنيافة الانبا تواضروس
باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين نتأمل بنعمة الله فى جزء من رسالة بطرس الأولى بركاته علينا آمين " وإنما نهاية كل شئ قد اقتربت فتعقلوا واصحوا للصلوات. ولكن قبل كل شئ لتكن محبتكم بعضكم لبعض شديدة لأن المحبة تستر كثرة من الخطايا. كونوا مضيفين بعضكم بعضا بلا دمدمة. ليكن كل واحد بحسب ما اخذ موهبة يخدم بها بعضكم بعضا كوكلاء صالحين على نعمة الله المتنوعة. إن كان يتكلم أحد فكأقوال الله وإن كان يخدم أحد فكأنه من قوة يمنحها الله لكى يتمجد الله فى كل شئ بيسوع المسيح الذى لـه المجد والسلطان إلى أبد الآبدين آمين قـوة اللـه كلمة القوة كلمة حلوة نسمع عن دولـة ما إنها دولـة قويـة، وعن المجتمع الفلانى أنه مجتمع قوى .. الله هو مصدر القوة أو هو مصدر كل قوة، وهو منجب كل قوة، والله هو الذى يمنح القوة " أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى وداود النبى يقول : " أحبك يارب يا قوتى"(3) أرجو أن تستطعموا معى هذه الآية [ إلهى .. قوتى وأحبك ] وإذا كانت عند الله قوة فالإنسان فى المقابل ضعيف وعنده العجز .. أصغر فيروس أو ميكروب يهاجم الإنسان يجعله راقداً فى الفراش .. لذلك نحن فى حياتنا نحتاج إلى قوة الله (1بط 4: 7- 11). (2)- (فى 4: 13) (مز 18: 1) دائماً نحتاج قوة ربنا معنا. ولذلك من الخطأ أن ينظر الإنسان لنفسه ويعتمد عليها فقط، فلا يقع إلا الشاطر " من يظن أنه قائم فلينظر أن لا يسقط ) فى موضوع القوة يجب على الإنسان ألا ينسى قوة ربنا التى يستمدها من خلال عمل القديسين معه قصة : التقيت يوماً بفتاة أجنبية سألتنى عن ربنا الذى نؤمن به، فأجبتها أنه كل حياتنا. فردت علىّ : لماذا أحتاج ربنا فكل شئ عندى؟ قلت فى نفسى الأخت لا تفهم حقيقة الحياة التى نعيشها فالإنسان ينجح بقوة الله، والفشل يأتى فى ترك قوة الله لنا. شمشون كانت قوة الله فى شعره، وعندما سقط فى الخطية انسحبت عنه قوة الله عندما يكون الإنسان ضعيف جداً أمام الله .. الله يعطيه قوة، ويعمل فيه. العـذراء مريـم تسـبح الله وتقول : " أنزل الأعزاء عن الكراسى ورفع المتضعين الذين يظنوا أنهم أقوياء فى ذاتهم هؤلاء هم ضعفاء، فأنا أقـول لربنا خذ قوتى واشتغل بها. جـدعـون نسمع أيضاً عن جدعون أحد قضاة(4) شعب إسرائيل .. كان الله يختاره ليخلص الشعب من أعدائه، كانت عشيرة جدعون " هى الذلى فى منسى وجدعون هو الأصغر فى بيت أبيه، وفوجئ بأن ملاك الرب يناديه " يا جبار البأس " أى يا جبار القوة .. هو فى نظر الله جبار البأس. وطلب جدعون من ربنا أن الدنيا تمطر وتبل الأرض ما عدا الجزة، وبالفعل تم ذلك ثم طلب أن المطر ينزل على الجزة فقط وتبل بينما المكان يظل جاف، وبالفعل تم ذلك إنها قوة الله التى تصنع ما هو فوق العقل .. ما هو فوق القوة .. بعدها صار جدعون خادماً لله .. لكن السؤال (1كو 10: 12). (2)- (قض 16: 17) (لو 1: 52). (4)- قاضى معناه مخلص. (قض 6 : 15). هـل قـوة الله تعنى قوة الذراعين ؟ القلب الجامد ؟ قوة الجسد ؟ قوة الصحة ؟ فما هى قـوة الله ؟ كيف أصف قوة الله ؟ قوة الله أقوى من النار البشرية جميعها تعرف النار وسطوتها وقوتها، ولكن قوة الله أقوى من النار .. النار هى إحدى قوة الطبيعة .. نسمع عن الحرائق فى غابات استراليا .. كانت تلتهم يومياً عشرات الآلاف من الأفدنة، وكان يستغرق إطفاؤها شهوراً عن طريق الطائرات نجد الفتية الثلاثة القديسين يقولون للملك " يا نبوخذ نصر لا يلزمنا أن نجيبك عن هذا الأمر. هـوذا يوجد إلهنا الذى نعبده يستطيع أن ينجينا من آتون النار" قوة إله الفتية الثلاثة أقوى من النار، ولذلك حينما قالوا له أن إلهنا الذى نعبده يستطيع أن ينجينا من آتون النار .. أمر الملك أن يحموا الآتون سبعة أضعاف حتى أن الذين ألقوا الفتية الثلاثة فيه احترقوا.. بينما الفتية الثلاثة وجدوا حريتهم فى النار وساروا فيها، وصار الآتون كالندى ربما تمشوا فى الآتون ومعهم الرابع الشبيه بابن الآلهة .. ثم قال لهم الملك حينما شاهد هذا المنظر تعالوا اخرجوا .. وصلت الرسالة أن الله له قوة وقوته أقوى من النار قوة الله أقوى من الطبيعة الإنسان أمام الطبيعة ضعيف وصغير .. أمام جبل عال .. أمام البرية .. أمام البحر .. فى يوم من الأيام أرسل الله الحوت ليونان فى نفس اللحظة التى ألقوا فيها يونان فى البحر وقف الحوت بجوار السفينة وفتح فمه وابتلع يونان(3). وظل يونان فى جوف الحوت 3 أيام والحوت يطيع الله .. صوم (حاضر) .. اترك ليونان قليل من الهواء ليتنفس (حاضر) .. وفى الوقت المناسب قذف الحوت يونان على الشاطئ (دا 3: 16، 17) الندى يكون فى الصباح الباكر، وهو عبارة عن نسمة لطيفة، وهو أفضل أنواع الطقس (يون 1: 17) يونـان النبى والحـوت إنها قوة الله على البحر، والأمواج، والرياح، والحيوان .. وبعد ذلك تنمو اليقطينة.. لكن الدودة تأكلها رغم صغر الدودة .. ما هذا ؟ الله أقوى من الطبيعة !! أحياناً يكون الله أقوى من الطبيعة التى ندرسها فى النظريات .. الصيادين يمارسون الصيد فى فترة الليل لأن أثناء النهار يكون خيالهم على الماء مما يجعل السمك يهرب، وينتهوا من الصيد فى الصباح الباكر، ولكن بطرس يقول للرب " قد تعبنا الليل كله ولم نصطاد شئ ولكن على كلمتك ألقى الشبكة رغم يارب أنا عارف إنك نجار وليس لك علاقة بمسألة الصيد، ونحن أثناء النهار، لكن أنا يارب سـوف أطيع كلامك، وألقى الشبكة .. يلقى بطرس الشبكة .. تمتلئ بالسمك حتى تكاد تتمزق إن قوة الله على الطبيعة جعلت السمك يتجمع على جانب السفينة الأيمن، وامتلأت الشبكة بالسمك، وفى تعبير الإنجيل " كادت الشباك تتخرق من كم السمك وحجمه قصـة : أعطى الله سيدة ابنة .. كانت متأخرة فى النطق والتعليم .. ووصلت إلى سن متقدم وهى لا تتكلم، والتقت بها ممرضة أجنبية، وطلبت منها أن تجلس أمام ابنتها وتنفخ فى وجهها عشرات المرات .. الأولاد الصغار عندما يأتى الهواء على وجوههم يغمضوا عينيهم، وبعد خمس سنوات بدأت الابنة تتكلم .. النفخة البسيطة شئ من الطبيعة لكن فيها قوة الله قوة الله أقوى من الإنسان ذاته أحياناً يظن الإنسان أنه بقوته وجلاله وإمكانياته أقوى من الله .. مثل جليات وقف يعير صفوف الله الحى أيام وأيام ويقول للناس.. من يقدر علىّ ؟! (اللبـس السيف الدرع الخوذة.. طولى، وعرضى، وصحتى) لا أحد يقدر أن يقف أمامى ؟! وقف داود الصغير بإمكانياته المحدودة (خمس زلطات ومقلاع)، وقال لجليات : "أنت تأتى إلىّ بسـيف وبرمح وبترس وأما أنـا فأتى لك باسـم رب (لو5: 5). (2)- (لو5: 6) بطرس وصيد السمك الكثير الجنود كان السيف والرمح والترس أقصى قوة فى زمانهم .. أما قوة داود فهى فى اسم رب الجنود، وكانت قوته فى قلبه وفى إيمانـه بالرب .. لذلك يقول : " اسم الرب برج حصين يركض إليه الصديق ويتمنع وبحصاة واحدة فى جبهته يسقط جليات وتنتهى حياته، ويتمجد اسم الله. قـوة الله أقوى من الإنسان ذاتـه .. أحياناً واحد يتجبر ويفتكر أن قوته ستدوم .. عليك أن تصلى لذلك الإنسان. فضائلك التى تظهـر وتحتمـل .. حكمتك فى المعامـلات .. هدوءك .. صبرك .. احتمالك وسيلة لهذا الإنسان يعرف ضعفه أمام قوة الله الحقيقية. المُقعـد فى يوم ولد مقعداً من بطن أمه، وظل 40 سنة هكذا، وكانوا يضعونه فى قفة وينشروه فى الشمس، وينام فى القفة .. وكانت أقصى أحلامه قرشين زيادة .. فلان ألم تحلم بالصحة فى يوم من الأيام ؟! وفى يوم الشمس طالعة جميلة رأى اثنين قادمين نحوه وظن أنهما سيعطونه شيئاً، ولكن بطرس قال له : " ليس لى فضة ولا ذهب ولكن الذى لى فإياه أعطيك باسم يسوع المسيح الناصرى قم وامش وما كان منه بعد أن شـفى .. أنه كان يطفر (يقفز بفرح)، وقام ودخل الهيكل .. الله قوته أقوى من الإنسان قوة الله أقوى من الشيطان الشيطان بلا شك قوة، لذلك نصلى فى صلاة الشكر ونقول " كل حسد وكل تجربة وكل فعل الشيطان أتعجب من الذين يلجأون إلى الشياطين مع أن الله أقوى من الشيطان (1صم 17 : 45). (2)- (أم 18 : 10) (أع 3 : 6). بطرس ويوحنا والمقعد بعد شفائه يكاد يطير من الفرح قصة : ذهبت إلى بلد ما لأول مرة ولم يكن لنا فيها كنيسـة، وأثناء دورانى بالشورية وجدت امرأة ترتمى مع كل حركة للشورية .. كان بها روح شرير .. ولما قمت برش الماء بمجرد ما لمسها الماء ارتمت على الأرض .. عدو الخير ضعيف جداً أمام قوة الله لا يخرج من الإنسان إلا بالصلوات .. رجع التلاميذ يوماً فرحين ويقولوا لربنا يسوع " حتى الشياطين تخضع لنا باسمك "(1) فأجابهم بأن الفرح الحقيقى هو أن أسماءكم كتبت فى ملكوت السموات قوة الله أقوى من النار .. أقوى من الطبيعة .. أقوى من الإنسان .. أقوى من الشيطان. فالله هو قوتى وتسبحتى ..، لذلك نسبح ونقول لك القوة والمجد والبركة إلى الأبد .. آمين الله صاحب القوة يسكن فى كنيسته ويقول "أبواب الجحيم لن تقوى عليها المسيح يقول لبولس الرسول " قوتى فى الضعف تكمل فقوة ربنا تكمل كل ضعف فى الإنسان القديس يوحنا ذهبى الفم يقول : [ الله لا يعطينا عندما نتكاسل .. الله يعطينا عندما لا نستطيع ] عندما يشعر الإنسان أن قوته محدودة، ويقول له : يارب أنا معتمد عليك .. أنا مطمئن لك أنت .. أنا عايزك تشتغل معايا .. أنت الراعى الصالح لى كيف نحصل على قوة الله ؟ الأسرار والعبادات الممارسة الواعية للصلوات والتسابيح والأسرار نمارسها بفهم ونعيش فيها عندما نحضر مثلاً إكليلاً .. نحتفل بتكوين أسرة فى نفس المكان الذى نرسم فيه الشماس والكاهن والأسقف .. فى بعض الأحيان يكون الحاضرين غير واعيين لما يحدث (لو10: 17). (2)- (مت 16: 18) (2كو 12 : 9) لو كل اثنين تزوجوا وفهموا الوصية وحفظوها وطبقوها لن تحدث مشكلة فى أى بيت .. أتمنى أن يوجد الدفء الأسرى داخل بيوتنا كيف تعيش العمق فى القداس .. فى التسبحة ؟! كنيستنا روحانية .. قد لا نجد لدى البعض العمق والتركيز بعكس فى الخارج نجد احترام الغرب لكنائسهم .. درجات الاحترام الشديد جداً لدرجة أنهم يعتبرون التصوير أثناء الصلاة خطية والآباء والأمهات قدوة للأولاد .. عندما يرى الأولاد آبائهم يحترمون بيت الله سينشأ الأولاد أيضاً فى مخافة واحترام لبيت الله. الكلمة الإلهية المقدسة كلمة الله لا ترجع فارغة، وعود الكتاب المقدس صادقة .. يا سلام لو تربى أولادنا على وصايا ربنا .. المسـيح يقول لنا "الكلام الذى أكلمكم به هـو روح وحياة الإنسان بدون كلمة ربنا بدون روح .. بدون حياة .. هو شخص ميت علِّم ابنك كلمة ربنا .. كل أسبوع آية يعيش بها .. احكى له أحداث الكتاب المقدس الألم والضيقات (التجارب) ألم .. تعب صغير .. ضيقة " احسبوه كل فرح يا اخوتى حينما تقعون فى تجارب متنوعة الله يمنح قوة كما فعل مع أيوب الصديق والقديسة دميانة ودانيال النبى اعلم أن الألم يصنع الرجال، وهناك عبارة جميلة تقول : [ الحب كالبخور لا تظهر رائحته إلا إذا اكتوى بالنار ] الخدمة واستثمار الوزنات الخدمة الحقيقية وليست الشـكلية .. هناك خـادم لم ير المسـيح ولا ارتبط (يو6: 63). (2)- (يع1 : 2) بالمسيح. الخدمة واستثمار الوزنات وسيلة لأن يستمد الإنسان القوة من الله مارمرقس عند دخـوله الإسكندرية أعطاه الله قوة للكرازة .. الآن لو جـاء مارمرقس بالتأكيد سيفرح بعمل ربنا .. كنيسة كبيرة .. أديرة .. قديسين بولـس الرسـول .. بطرس الرسـول .. يوحنا الرسول .. أثناسيوس الرسولى .. إنها نماذج نضعها أمامنا الذى يخدم خدمة حقيقية وليست شكلية .. الله يشتغل بضعفه، ويكون بالحقيقة مجالاً لعمل الله .. نتعلم قوة الله من تذكارات القديسـين .. نرى خلالها قوة المحبة، وقوة المغفرة، وقوة الوعد المقدم لنا يقول بولس الرسول : " الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح " لنا هذا الكنز فى أوان خزفية ليكون فضل القوة لله لا منا " يا سعادة الإنسان الذى يختبر كل يوم فى حياته قوة الله فى عمله، وفى دراسته، وفى خدمته. وتكون قوة الله هى التى تحركه، وهى التى تنجحه ويقول بطرس الرسول " إن كان أحد يتكلم فكأقوال الله وإن كان يخدم فكأنه من قوة يمنحها الله لكى يتمجد الله فى كل شئ بيسوع المسيح الذى لـه المجد والسلطان إلى أبد الآبدين آمين (1)- (2تى1: 7). (2)- (2كو4: 7) |
||||
05 - 08 - 2014, 12:37 PM | رقم المشاركة : ( 4753 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القلب الخالى من الحب ،خالٍ من عمل الله
الانسان الذى يعيش بالحب ،علية أن يحب الكل ،ان القلب الضيق هو الذى يحب محبية فقط ،اما القلب الواسع فيجب الجميع حتى اعداءة. ولهذا قال السيد المسيح لة المجد "أحبوا أعدائكم، باركوا لاعنيكم ، احسنوا الى مبغيكم، وصلوا لاجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم" وأعطانا مثالا وقدوة من الله الى نفسة الذى "يشرق شمسة على الاشرار والصالحين ،ويمطر على الابرار والظالمين". لذلك علينا أن نحب الكل ،ولا نضيق باحد ،وناخذ درسا حتى من الطبيعة .. نتعلم من النهر الذى يعطى ماءة للكل ،يشرب منة القديس ،كما يشرب منه الخاطى . انظروا الى الأزهار كيف تعطى عبيرها لكل من يعبر بها ،يتمتع برائحتها البار والفاسق ،حتى الذى يقطفها ويفركها بين يدية ،تظل تمنحة عطرها حتى اخر لحظة من حياتها. ليتنا نعيش معا بالحب ،واقصد بة الحب العملة ،كما قال الكتاب : "لا نحب بالسان ولا بالكلام ،بل بالعمل لاالحق". واهم ما فى الحب هو البذل ،واعظم ما فى البذل هو بذل الذات.. لذلك قال السيد له المجد: "ليس حب أعظم مشن هذا أن يبذل أحد نفسة عن أحبائة ". فلنحب الناس جميعا لان القلب الخالى من الحب خالى من عمل اللة فية ،هو قلب لا يسكنة اللة . وان لم نستطع ان نحب ايجابيا فعلى الاقل لا نكرة أحدا . فالقلب الذى توجد فية الكراهية والحقد هو مسكن للشيطان إن لم نستطع لا نحب الناس ، فعلى الاقل لا نكرههم ،وان لم نستطيع أن ننفع الناس فعلى الاقل لا نؤذيهم. |
||||
05 - 08 - 2014, 12:42 PM | رقم المشاركة : ( 4754 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
البشريّة المريضة
الإنسان ذاتٌ ناطقة واعية، مركّب فريد، نَفْسٌ وجَسَدٌ على صورة الله كشبهه (تك 1: 26). جسدُه من تراب الأرض ونَفْسُه نَسَمَةُ حياة نفخها الله فيه وفق القول الكتابي: "وجَبَل الربّ الإله آدم تراباً من الأرض ونَفَخ في أنفه نسمة حياة، فصار آدم نَفْساً حيّة" (تك 2: 7). جمع الربّ فيه المنظور وغير المنظور، المادي وغير المادي. أتاح له أن يتعاطى الماديات وأن يكون له، إلى ذلك، إمكان الوصال بالله وملائكته والشيطان وزبانيته. ولكن ما معنى أن يكون الإنسان "على صورة الله كشبهه؟" عند الفلاسفة الإغريق، ومَن نحا نحوهم، الصورة هي في أنّ للإنسان عقلاً كشبه الله. هذا لم يكن لا فكر الكتاب المقدّس ولا فكر الآباء الأوّلين في الكنيسة. القدّيس يوستينوس الشهيد وتاتيانوس والقدّيس إيريناوس اللّيوني وأمثالهم قالوا إنّ الكلام على الصورة كشبه الله يطال الإنسان كلّه نَفْساً وجسداً (القدّيس إيريناوس) وأنّ الجسد هو مسكن النفس فيما النفس هي مسكن الروح القدس (القدّيس يوستينوس). وواضح لديهم أنّ ما يجعل النفس والجسد على صورة الله كشبهه ليست طبيعة تكوينهما أصلاً بل سكنى الروح القدس فيهما. تاتيانوس يقولها صراحة: "صورة الله كشبهه هي الروح القدس". على هذا بالسقوط ضيَّع الإنسان صورة الله كشبهه، لما تحوَّل من محبّة الله إلى محبّة ذاته، فغادر، نتيجة ذلك، عدم الفساد إلى الفساد والحياة إلى الموت. وإذ اختلّ الإنسان كلّه واعتوره الفساد التُعنتْ الأرض (تك 3: 7) ليكون له مدى يقيم فيه على شاكلة معطوبيّته. من ثَمَّ أخذ يستبين ما لا قِبْلَ للخليقة به: الإثم يعبِّر عن ذاته مادياً! هذه خاصية لا يعرفها الشيطان، أبو المآثم. وحده الإنسان خَبِرَها في السقوط. هذا أضحى مجاله الفذّ، بامتياز. تآلَفَ الإثمُ والمادةُ حتى تعذّر على الإنسان أن يميِّز ما بينهما، ناهيك عن فصل أحدهما عن الآخر. هذا، بخاصة، لأنّ الإثم انبثّ في النفْس وإليه صار اشتياقها (تك 4: 6). فلمّا ازدهرت أنشطة الناس وتشعّبت وتنامت خبرات البشريّة، نما الإثم وتغلغل وامتدّ وتعقّد حضوره وفعله فيها.أخذ الإنسان يبتدع للإثم، تلقائياً، ما لا حدّ له من التعابير الفكرية والشعورية والمادية. صار الإثم عالَماً له جمالاته المزعومة وخِلابتُه، وصار له تراث. لم يعد السقوط مسألة خلل في الطبيعة البشريّة وميل إلى المآثم ومناخ داخلي وحسب بل صار مناخاً خارجياً أيضاً وإطاراً وفكراً ونَفَساً ومؤسّسات وأنظمةً سياسيةً واجتماعيةً وتربويةً واقتصاديةً ينشأ فيها الإنسان وتتفتّح لديه قابلياتُ الإثمِ الكامنةُ في نفسه، المنبثّةُ في عقله وخلاياه، وكأنّها صنو طبيعته، أو قل، بالحري، كأنّها، في وجدانه الآثم، نفحةُ الطبيعة التي خلقه الربّ الإله عليها. هذا هو عالَم الإثم الذي بلوَرَه تاريخ البشريّة وأخرجه، فلسفةً وفكراً وعِلماً وأدباً وفنّاً، حتى إلى حيِّز العبادة ولسان حاله: "هذه آلهتِك يا إسرائيل..." (خر 32: 8). هذا بالضبط هو العالَم الذي قال فيه يعقوب في رسالته: "محبّة العالَم عداوة لله. فمَن أراد أن يكون محبّاً للعالَم قد صار عدوّاً لله" (يع 4: 4). هذا، بالضبط، هو العالَم الذي قال فيه بولس المصطفى لأهل كورنثوس: "ونحن لم نأخذ روح العالَم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله" (1 كو 2: 12). وهذا، بالضبط، هو العالَم التي لم تنزل حكمته من فوق "بل هي أرضية نفسانية شيطانية" (يع 3: 15). كل هذا كثّف الإثم في النفس وكرَّس وعمَّق التواطؤ الكياني بين الإنسان والشيطان على الله حتى لاح، في الأفق، خطر بروز إنسان ? شيطان، على حدّ تعبير القدّيس يوستينوس بوبوفيتش. إذ ذاك تجسّد ابن الله. ظهر الإلهُ الإنسان، يسوعُ، مخلِّصاً من الخطيئة والإثم والموت والشيطان. هذا حصل في ملء الزمن الذي تحدّثت عنه الرسالة إلى غلاطية حين "أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة... لننال التبنّي" (غلا 4: 4 - 5). قبل ذلك كان الربّ الإله يعمل في كل أمّة وله شهوده. وقد اصطفى إسرائيلَ محطاً، ابناً ومذيعاً لألطافه. فقد "كلّم الآباءَ بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة" (عب 1: 1). لكنْ كان الأطباءُ الأنبياء يشكون أبداً عجزهم عن وقف التدهور وتفشّي داء الإثم بتواتر. فرفع ميخا الصوت أن قد "هلك الصفيّ من الأرض وليس في البشر مستقيم" (7:2). وصدح هوشعُ بالويل أن "اللعنة والكذب والقتل والسرقة والفسق قد فاضت، والدماء تلحق بالدماء" (4: 2). وفضح مرنّم المزامير أعمال مَن قد "ذبحوا بنيهم وبناتهم للشياطين" (مز 105: 37). "جُرْحُ البشريّة"، بكلام القدّيس كيرلّس الأورشليمي، "كان بليغاً... طِبُّنا استبان عاجزاً عن شفاء هذه الجراح". لذلك تردّد في القدّيس كيرلّس صدى ما نطقتْ به الأنبياء أن "فيما عداكَ لا يستطيع أحد أن يعالج الشرّ". وقالت الأنبياء إنّه "يأتي بغتة إلى هيكله السيّدُ الذي تطلبونه... ومَن يحمل يوم مجيئه ومَن يثبت عند ظهوره، لأنّه مثلُ نار الممحِّص ومثل أشنان القصّار" (ملا 3: 1 ? 2). الخلاص، منذ السقوط، ومن قَبل السقوط، أي منذ الخلْق، كان يجري قُدُماً. من قَبل السقوط تمثّل الخلاص في السير في درب الكمال من حيث إنّ الربّ الإله أراد الإنسان، بدءاً، أن يكون كاملاً كما الآب نفسه كامل (مت 5: 48). المرتجى كان أن يصل كل أحدٍ إلى إنسان كامل، إلى قياس قامة ملء المسيح (أف 4: 13). ليس أنّه كان لا بدّ للإنسان من أن يسقط لكي يتسنّى له أن يبلغ قامة ملء المسيح بل كان لا بدّ لابن الله أن يتجسّد، سواء سقط الإنسان أم لم يسقط، لأنّ "تجسّد الكلمة"، بتعبير القدّيس مكسيموس المعترف، "هو الهدف الرئيس من تدبير الله للعالم" (أسئلة إلى ثلاسيوس). القصد والمبلغ كان، للإنسان، أن يتألّه بسكنى روح الله فيه، بالنعمة غير المخلوقة. هذه كانت قِبلةَ الكمال المرتجى. أما الخلاص، بعد السقوط، فتمثّل في التحرّر من الخوف من الموت واستبداد الأهواء، وربقة الشيطان، من خلال حفظ الوصيّة والسلوك في الفضيلة وتعاطي القدسات، إيماناً بابن الله، ووصولاً إلى الاستنارة والمعاينة واللاهوت. كل ذلك ما كان ليكون لو لم يكن الكلمة قد تجسّد |
||||
05 - 08 - 2014, 01:01 PM | رقم المشاركة : ( 4755 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
البشريّة المريضة
الإنسان ذاتٌ ناطقة واعية، مركّب فريد، نَفْسٌ وجَسَدٌ على صورة الله كشبهه (تك 1: 26). جسدُه من تراب الأرض ونَفْسُه نَسَمَةُ حياة نفخها الله فيه وفق القول الكتابي: "وجَبَل الربّ الإله آدم تراباً من الأرض ونَفَخ في أنفه نسمة حياة، فصار آدم نَفْساً حيّة" (تك 2: 7). جمع الربّ فيه المنظور وغير المنظور، المادي وغير المادي. أتاح له أن يتعاطى الماديات وأن يكون له، إلى ذلك، إمكان الوصال بالله وملائكته والشيطان وزبانيته. ولكن ما معنى أن يكون الإنسان "على صورة الله كشبهه؟" عند الفلاسفة الإغريق، ومَن نحا نحوهم، الصورة هي في أنّ للإنسان عقلاً كشبه الله. هذا لم يكن لا فكر الكتاب المقدّس ولا فكر الآباء الأوّلين في الكنيسة. القدّيس يوستينوس الشهيد وتاتيانوس والقدّيس إيريناوس اللّيوني وأمثالهم قالوا إنّ الكلام على الصورة كشبه الله يطال الإنسان كلّه نَفْساً وجسداً (القدّيس إيريناوس) وأنّ الجسد هو مسكن النفس فيما النفس هي مسكن الروح القدس (القدّيس يوستينوس). وواضح لديهم أنّ ما يجعل النفس والجسد على صورة الله كشبهه ليست طبيعة تكوينهما أصلاً بل سكنى الروح القدس فيهما. تاتيانوس يقولها صراحة: "صورة الله كشبهه هي الروح القدس". على هذا بالسقوط ضيَّع الإنسان صورة الله كشبهه، لما تحوَّل من محبّة الله إلى محبّة ذاته، فغادر، نتيجة ذلك، عدم الفساد إلى الفساد والحياة إلى الموت. وإذ اختلّ الإنسان كلّه واعتوره الفساد التُعنتْ الأرض (تك 3: 7) ليكون له مدى يقيم فيه على شاكلة معطوبيّته. من ثَمَّ أخذ يستبين ما لا قِبْلَ للخليقة به: الإثم يعبِّر عن ذاته مادياً! هذه خاصية لا يعرفها الشيطان، أبو المآثم. وحده الإنسان خَبِرَها في السقوط. هذا أضحى مجاله الفذّ، بامتياز. تآلَفَ الإثمُ والمادةُ حتى تعذّر على الإنسان أن يميِّز ما بينهما، ناهيك عن فصل أحدهما عن الآخر. هذا، بخاصة، لأنّ الإثم انبثّ في النفْس وإليه صار اشتياقها (تك 4: 6). فلمّا ازدهرت أنشطة الناس وتشعّبت وتنامت خبرات البشريّة، نما الإثم وتغلغل وامتدّ وتعقّد حضوره وفعله فيها.أخذ الإنسان يبتدع للإثم، تلقائياً، ما لا حدّ له من التعابير الفكرية والشعورية والمادية. صار الإثم عالَماً له جمالاته المزعومة وخِلابتُه، وصار له تراث. لم يعد السقوط مسألة خلل في الطبيعة البشريّة وميل إلى المآثم ومناخ داخلي وحسب بل صار مناخاً خارجياً أيضاً وإطاراً وفكراً ونَفَساً ومؤسّسات وأنظمةً سياسيةً واجتماعيةً وتربويةً واقتصاديةً ينشأ فيها الإنسان وتتفتّح لديه قابلياتُ الإثمِ الكامنةُ في نفسه، المنبثّةُ في عقله وخلاياه، وكأنّها صنو طبيعته، أو قل، بالحري، كأنّها، في وجدانه الآثم، نفحةُ الطبيعة التي خلقه الربّ الإله عليها. هذا هو عالَم الإثم الذي بلوَرَه تاريخ البشريّة وأخرجه، فلسفةً وفكراً وعِلماً وأدباً وفنّاً، حتى إلى حيِّز العبادة ولسان حاله: "هذه آلهتِك يا إسرائيل..." (خر 32: 8). هذا بالضبط هو العالَم الذي قال فيه يعقوب في رسالته: "محبّة العالَم عداوة لله. فمَن أراد أن يكون محبّاً للعالَم قد صار عدوّاً لله" (يع 4: 4). هذا، بالضبط، هو العالَم الذي قال فيه بولس المصطفى لأهل كورنثوس: "ونحن لم نأخذ روح العالَم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله" (1 كو 2: 12). وهذا، بالضبط، هو العالَم التي لم تنزل حكمته من فوق "بل هي أرضية نفسانية شيطانية" (يع 3: 15). كل هذا كثّف الإثم في النفس وكرَّس وعمَّق التواطؤ الكياني بين الإنسان والشيطان على الله حتى لاح، في الأفق، خطر بروز إنسان ? شيطان، على حدّ تعبير القدّيس يوستينوس بوبوفيتش. إذ ذاك تجسّد ابن الله. ظهر الإلهُ الإنسان، يسوعُ، مخلِّصاً من الخطيئة والإثم والموت والشيطان. هذا حصل في ملء الزمن الذي تحدّثت عنه الرسالة إلى غلاطية حين "أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة... لننال التبنّي" (غلا 4: 4 - 5). قبل ذلك كان الربّ الإله يعمل في كل أمّة وله شهوده. وقد اصطفى إسرائيلَ محطاً، ابناً ومذيعاً لألطافه. فقد "كلّم الآباءَ بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة" (عب 1: 1). لكنْ كان الأطباءُ الأنبياء يشكون أبداً عجزهم عن وقف التدهور وتفشّي داء الإثم بتواتر. فرفع ميخا الصوت أن قد "هلك الصفيّ من الأرض وليس في البشر مستقيم" (7:2). وصدح هوشعُ بالويل أن "اللعنة والكذب والقتل والسرقة والفسق قد فاضت، والدماء تلحق بالدماء" (4: 2). وفضح مرنّم المزامير أعمال مَن قد "ذبحوا بنيهم وبناتهم للشياطين" (مز 105: 37). "جُرْحُ البشريّة"، بكلام القدّيس كيرلّس الأورشليمي، "كان بليغاً... طِبُّنا استبان عاجزاً عن شفاء هذه الجراح". لذلك تردّد في القدّيس كيرلّس صدى ما نطقتْ به الأنبياء أن "فيما عداكَ لا يستطيع أحد أن يعالج الشرّ". وقالت الأنبياء إنّه "يأتي بغتة إلى هيكله السيّدُ الذي تطلبونه... ومَن يحمل يوم مجيئه ومَن يثبت عند ظهوره، لأنّه مثلُ نار الممحِّص ومثل أشنان القصّار" (ملا 3: 1 ? 2). الخلاص، منذ السقوط، ومن قَبل السقوط، أي منذ الخلْق، كان يجري قُدُماً. من قَبل السقوط تمثّل الخلاص في السير في درب الكمال من حيث إنّ الربّ الإله أراد الإنسان، بدءاً، أن يكون كاملاً كما الآب نفسه كامل (مت 5: 48). المرتجى كان أن يصل كل أحدٍ إلى إنسان كامل، إلى قياس قامة ملء المسيح (أف 4: 13). ليس أنّه كان لا بدّ للإنسان من أن يسقط لكي يتسنّى له أن يبلغ قامة ملء المسيح بل كان لا بدّ لابن الله أن يتجسّد، سواء سقط الإنسان أم لم يسقط، لأنّ "تجسّد الكلمة"، بتعبير القدّيس مكسيموس المعترف، "هو الهدف الرئيس من تدبير الله للعالم" (أسئلة إلى ثلاسيوس). القصد والمبلغ كان، للإنسان، أن يتألّه بسكنى روح الله فيه، بالنعمة غير المخلوقة. هذه كانت قِبلةَ الكمال المرتجى. أما الخلاص، بعد السقوط، فتمثّل في التحرّر من الخوف من الموت واستبداد الأهواء، وربقة الشيطان، من خلال حفظ الوصيّة والسلوك في الفضيلة وتعاطي القدسات، إيماناً بابن الله، ووصولاً إلى الاستنارة والمعاينة واللاهوت. كل ذلك ما كان ليكون لو لم يكن الكلمة قد تجسّد |
||||
05 - 08 - 2014, 01:02 PM | رقم المشاركة : ( 4756 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القيام من موت الخطيئة أولاً: المرأة السامرية: قامت المرأة السامرية من خطيئتها، وقام الابن الضال من خطيئته كما قام ذكا العشار، فيا نفسي قومي من العادات والتقاليد، قومي يا نفسي من الشهوات الجسدية، والعبادات الظاهرية، والتصقي بخالقك بكل كيانك حتى تصيري نفسًا حيا في شخص يسوع المسيح، بقوة الروح القدس الذي يعمل في نفسي. أ- العادات والتقاليد: إن العادات والتقاليد تجعلنا أن نرفض الحوار مع الله، فهكذا كانت المرأة السامرية ترفض الحوار مع يسوع: «فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ السَّامِرِيَّةُ: كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ، وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ؟ لأَنَّ الْيَهُودَ لاَ يُعَامِلُونَ السَّامِرِيِّينَ» (يو4/9). فكانت المرأة السامرية ترفض الحوار لأجل العادات والتقاليد، ولكن يسوع المسيح هو كالطبيب النفسي الذي ستدرج مريضه في الحوار؟ لكي يأتي بكلّ ما في داخله، فكثيرون يرفضون الحوار مع الله! لأجل العادات والتقاليد التي منها، كمباراة لكرة القدم إن بعض منّا ينتظرون المباراة، ويشاهدونها لمدة ساعات، أو نشاهد فيلمًا سينمائيًا لمدة ثلاث ساعات!!! فإن قلنا لأحد منّا أن يصلي إلى الله ويصنع معه حوارًا أبويًا لمدة ساعة، ماذا تكون الإجابة؟!!!. وأيضًا الذين يجلسون أمام الكمبيوتر وشبكة الإنترنت والفيس بوك بالساعات الطويلة حتى جعلوا من ليلهم النهار ومن النهار ليلهم، هل يجدون وقتًا للصلاة وحوار مع الله؟... يقول القديس أغسطينوس: "فكلّ كتاب يخلو من اسم يسوع لا يحلو لي كثيرًا، أيّ كان أدبه، وظرفه، ونسقه، وفلسفته". ب- الشهوات الجسدية: إن الشهوات الجسدية لدى المرأة السامرية هي الزنى: «قَالَ لَهَا يَسُوعُ: اذْهَبِي وَادْعِي زَوْجَكِ وَتَعَالَيْ إِلَى هَهُنَا، أَجَابَتِ الْمَرْأَةُ وَقَالتْ: لَيْسَ لِي زَوْجٌ. قَالَ لَهَا يَسُوعُ: حَسَناً قُلْتِ : لَيْسَ لِي زَوْجٌ، لأَنَّهُ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاجٍ، وَالَّذِي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ. هَذَا قُلْتِ بِالصِّدْقِ»(يو4/16-18). قومي يا نفسي من الشهوات الجسدية والأفكار التي ضد عفة النظر والفكر والقلب والعقل وجميع الحواس، فيطلعنا الوحي الإلهي: «بَسَطْتُ يَدَيَّ طُولَ النَّهَارِ إِلَى شَعْبٍ مُتَمَرِّدٍ سَائِرٍ فِي طَرِيقٍ غَيْرِ صَالِحٍ وَرَاءَ أَفْكَارِهِ، شَعْبٍ يُغِيظُنِي بِوَجْهِي. دَائِماً يَذْبَحُ فِي الْجَنَّاتِ وَيُبَخِّرُ عَلَى الآجُرِّ، يَجْلِسُ فِي الْقُبُورِ وَيَبِيتُ فِي الْمَدَافِنِ. يَأْكُلُ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَفِي آنِيَتِهِ مَرَقُ لُحُومٍ نَجِسَةٍ)«إشعيا65/2-4) فإن الله الذي يدبر لنا طرق التوبة والحوار معه، هو الذي حمل أوجاعنا، ووضع عليه آثامنا بأجمعه: «لَكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَاباً مَضْرُوباً مِنَ اللَّهِ وَمَذْلُولاً، وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا، كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا، ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ« ( إش53/4-7) ج- عبادات ظاهرية: إن العبادات الظاهرية كانت لدى المرأة السامرية، كانت تعرف أنه يأتي المسيا الذي هو يسوع المسيح، وكانت تريد أن تعرف في أيّ مكان ينبغي أن يسجد لله، إذ قال: «قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: يَا سَيِّدُ، أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ! آبَاؤُنَا سَجَدُوا فِي هَذَا الْجَبَلِ، وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ فِي أُورُشَلِيمَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسْجَدَ فِيهِ. قَالَ لَهَا يَسُوعُ: يَا امْرَأَةُ، صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ، لاَ فِي هَذَا الْجَبَلِ، وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ. أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ، أَمَّا نَحْنُ فَنَسْجُدُ لِمَا نَعْلَمُ, لأَنَّ الْخَلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ. وَلَكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ، وَهِيَ الآنَ، حِين. السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ، لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هَؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ. اَللَّهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا. قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَسِيَّا، الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَسِيحُ، يَأْتِي. فَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيْءٍ. قَالَ لَهَا يَسُوعُ: أَنَا الَّذِي أُكَلِّمُكِ هُوَ»(يو4/19-26) ومع ذلك كانت امرأة خاطئة، فبعض منّا يعيش هذه العبادات الظاهرية الذي عنها القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس: "لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى وَلَكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا. فَأَعْرِضْ عَنْ هَؤُلاَءِ"(2 تيمو3/5)، فيجب علينا أن ندخل إلى عمق الإيمان ونعيش في عمق الإيمان لا أن نعيش في قشور الإيمان السطحية كالكتبة والفريسيين إذ قال عنهم يسوع المسيح: «وَكُلَّ أَعْمَالِهِمْ يَعْمَلُونَهَا لِكَيْ تَنْظُرَهُمُ النَّاسُ : فَيُعَرِّضُونَ عَصَائِبَهُمْ وَيُعَظِّمُونَ أَهْدَابَ ثِيَابِهِمْ، وَيُحِبُّونَ الْمُتَّكَأَ الأَوَّلَ فِي الْوَلاَئِمِ، وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ، وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ(...)وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ ! لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ ، وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هَذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ»(متى 23/5-7و23) ولكن المرأة السامرية قامت من خطيئتها وأعلنت توبتها، وتركت جرتها أي قامت من كل العادات والتقاليد والعادات والتقاليد والشهوات الجسدية والعبادات الظاهرية: «فَتَرَكَتِ الْمَرْأَةُ جَرَّتَهَا وَمَضَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَالَتْ لِلنَّاسِ: هَلُمُّوا انْظُرُوا إِنْسَاناً قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ. أَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمَسِيحُ؟ فَخَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَأَتَوْا إِلَيْهِ» (يو4/28-30) د- تأمل في نص السامرية: تأمل معي أيها القاريء الحبيب يسوع المسيح الذي جلس على البئر ليصنع حوارًا مع امرأة سامرية فأنهي كل عداوة بينهم لأن اليهود لا يخالطون السامريين، وليست هكذا فقط، ولكنه يتكلم مع امرأة حتى تعجبوا تلاميذه لأنه يتحدث مع امرأة. هذا هو يسوع المسيح الذي طلب من المرأة أن يشرب رغم أنه هو ساقي البشرية، وهو الذي أعطاها ماء الحياة الأبدية!. وعندما أخذت من ماء الحياة الأبدية تركت جرتها، وهي الخاطئة التي تأتي الساعة السادسة حتى لا يراها أحد من الناس فلما أخذت من ماء الحياة الأبدية، أخذت تكرز بكل شجاعة وجرأة بيسوع المسيح المخلّص، والسامريون هم اللذين قالوا للتلاميذ لا تدخلوا مدينتنا، هم أيضًا الذين طلبوا من يسوع المسيح أن يمكث عندهم، فإن النفس العطشانة وجدت ينبوع الحياة الأبدية. هـ - صلاة: أشكرك يا الله القدير الذي صنع بي رحمة وترأف وتحنن عليّ، الذي يجبر المكسور، ويداوي المجروح، ويخلص اليائس والمسكين ويرحم الخاطيء، هو الذي انتشلني من بين الأنقاض وحررني من كل قيد هو الذي أقامني من موت الخطيئة. فيا الله نقي عقلي وفكري، وطهر قلبي ونفسي، احفظ عينيّ ونظري، ثبتني في الإنسانية التي خلقتها يا الله على صورتك ومثالك، لا تتركني في تجربة، لكن نجنى من الشر والشرير. علمنى طرقك، وحفظ وصاياك، ثبتني فيك ليكون في غصني ثمرًا، أدخلني في حظيرتك لتكون أنت راعيًأ لي ترعاني بمحبتك اللامحدودة، فإنك أنت الذي فديتني، فكن معي في غربة هذا العالم لكي أحيا فيك إلى الأبد، لأن غربتي على الأرض بدونك لا تكن حياة وبغيرك لا يكن خلاص، وبك البركة آمين ثم آمين ثانيًا: الابن الضال: نتأمل في مثل الابن الضال الوارد ذكره في إنجيل القديس لوقا الإنجيلي 15/11-32. هلّم نقوم كما قام الابن الضال، إن مثل الابن الضال يعني لنا أن الإنسان يخرج من وصية الله، ويترك طرق الله، ويخرج عن سلطان الله، ويلتجيء إلى سلطان إبليس لأنه يعتقد إنه يجد السعادة مع إبليس، ومتعة إبليس هي متعة وقتية زائلة، ولكن الابن الضال يجد نفسه يأكل مع الخنازير، لأنه جاع، وبذّر كل أمواله، وفقد ملكه، ومجده، وكرامته، وبنويته لأبيه، فرجع إلى أبيه، وقبله وعوضه عن كلّ ما فقده، فإنّ هذا المثل ينقسم إلى أربعة أجزاء: -1الابن الأصغر يترك أبيه: يسرد مثل الابن الضال: «وبَعدَ بِضعَةِ أَيَّامٍ جَمَعَ الاِبنُ الأَصغَرُ كُلَّ شَيءٍ لَه، وسافَرَ إِلى بَلَدٍ بَعيد، فَبدَّدَ مالَه هُناكَ في عيشَةِ إِسراف» (لو15/13). كثير منّا يترك الله، ويُضل عن طريق الله ليشبع نفسه من شهوة الجسد، وفي هذا يقول القديس أغسطينوس، في مؤلفه:«الاعترافات»:«وأنا النعجة التي لم تستقر تحت نظر راعيها فضّلت أن تعيش متشردة عن قطيعه». فالذي يترك الله يشتهي أن يأكل مع الخنازير لأن عاقبة الشر عدم، إذ يقول أغسطينوس: «علمت أن الشر حرمًا من الخير عاقبته العدم». -2 الابن الأصغر يعود لحضن لأبيه: يقول يسوع المسيح: «فرَجَعَ إِلى نَفسِه وقال: كم أَجيرٍ لَأَبي يَفضُلُ عنه الخُبْزُ وأَنا أَهلِكُ هُنا جُوعاً! أَقومُ وأَمضي إِلى أَبي فأَقولُ لَه: يا أَبتِ إِنِّي خَطِئتُ إِلى السَّماءِ وإِلَيكَ. ولَستُ أَهْلاً بَعدَ ذلك لِأَن أُدْعى لَكَ ابناً، فاجعَلْني كأَحَدِ أُجَرائِكَ» (لو15/17-19). في هذا التوبة الابن الضال فماذا صنع؟ يقول الكتاب: « فرَجَعَ إِلى نَفسِه » أيّ كان بعيدًا، وعرف أيضًا أن الأجير عند أبيه أفضل منه الآن. فالذي يضل عن طريق الله يرجع إلى نفسه، ويعترف للرب في صلاته، كما قال أحد الآباء: «لا توجد توبة بدون صلاة، والذي يعتقد إنه توجد توبة بدون صلاة مخدوع من الشياطين»، فإذن التوبة تمحوا الخطايا، كما يقول القديس بطرس الرسول: «فَتوبوا وارجِعوا لِكَي تُمْحى خَطاياكم» (أع 3/19). فلابد من الاعتراف بالخطايا، وممارسة سر المصالحة، وكما يقول القديس أغسطينوس: «الوقت وقت اعتراف لك، لا وقت سؤال». فلابد أن نعود إلى الله خاضعين له إذ نحن خطاة، إذ يسطر لنا القديس بطرس الرسول: «فتَواضَعوا تَحتَ يَدِ اللهِ القادِرَة لِيَرفَعَكم في حينِه» (1 بط5/6)، ويقول القديس أغسطينوس: «وبقوة غريبة إشتهيت الحكمة الأزلية، وأخذت أنهض، وأعود إليك». 3- الأب يقبل ابنه ويعوضه: «فقامَ ومَضى إِلى أَبيه. وكانَ لم يَزَلْ بَعيداً إِذ رآه أَبوه، فتَحَرَّكَت أَحْشاؤُه وأَسرَعَ فأَلْقى بِنَفسِه على عُنُقِه وقَبَّلَه طَويلاً. فقالَ لَه الِابْن: يا أَبَتِ، إِنِّي خَطِئتُ إِلى السَّماءِ وإِلَيكَ، ولَستُ أَهْلاً بَعدَ ذلِكَ لأَن أُدْعى لَكَ ابناً. فقالَ الأَبُ لِخَدَمِه: أَسرِعوا فأتوا بِأَفخَرِ حُلَّةٍ وأَلبِسوه، واجعَلوا في إِصبَعِه خاتَماً وفي قَدَمَيه حِذاءً، وأتوا بالعِجْلِ المُسَمَّن واذبَحوه فنأكُلَ ونَتَنَعَّم، لِأَنَّ ابنِي هذا كانَ مَيتاً فعاش، وكانَ ضالاًّ فوُجِد. فأَخذوا يتَنَّعمون. وكانَ ابنُه الأَكبَرُ في الحَقْل، فلمَّا رَجَعَ واقترَبَ مِنَ الدَّار، سَمِعَ غِناءً ورَقْصاً» )لو15/ض20-25) فنجد في ذلك أن الأب كان ينتظر الابن، ويقبله، ويعوضه، فهذا عمل الله ينتظر الخاطيء ليعود ويقبله ويكون فرح في السماء بعودة خاطئ واحد أكثر من تسعة وتسعون بارًا لا يحتاجون إلى التوبة، ولا يسأل الله: لماذا أخطأت؟ بل يسأل: لماذا لم تتب؟ وهذا ما قالته القديس ريتا، فإذن يعوض الأب ابنه فيقول:أ- أخرجوا الحلة الأولى وألبسوه؟ وهنا ترمز الحلة إلى المجد والكرامة التي فقدها في خطيئته. ب- واجعلوا خاتمًا في يده، وهذا يرمز إلى المُلك ليملك معه، نتذكر أن يوسف الصديق أعطاه فرعون مصر خاتمًا في يده ليملك على مصر، ويكون الرجل الثاني بعد فرعون. جـ- وحذاءً في رجليه، لأنه كان عبدًا، والآن صار ابنًا، لأن العبيد هم الذين بغير حذاء. د- اذبحوا العجل المسمن، فهذا دليل على الفرح، فرح الأب بعودة الابن إلى حضنه: «لِأَنَّ ابنِي هذا كانَ مَيتاً فعاش، وكانَ ضالاًّ فوُجِد». -4الابن الأكبر يعير أبوه بأخيه الأصغر: «ولمَّا قَدِمَ ابنُكَ هذا الَّذي أَكَلَ مالَكَ مع البَغايا ذَبَحتَ له العِجْلَ المُسَمَّن! » (لو15/30) إن الابن الأكبر يعير أبوه ويقول له: ابنك هذا مع أنه كان في استطاعته أن يقول أخي هذا، ولكن الأب يُذّكر الابن الأكبر إنه أخوه: «يا بُنَيَّ، أَنتَ مَعي دائماً أبداً، وجَميعُ ما هو لي فهُو لَكَ. ولكِن قد وَجَبَ أَن نَتَنعَّمَ ونَفرَح، لِأَنَّ أَخاكَ هذا كانَ مَيتاً فعاش، وكانَ ضالاًّ فوُجِد»(لو15/31 و32) |
||||
05 - 08 - 2014, 01:05 PM | رقم المشاركة : ( 4757 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الخلاص في حياة آباء البرية
ظهرت بعض مفاهيم ومبادئ هذا الخلاص في حياة آباء البرية، وفي سيرتهم العطرة المملؤة بالفضائل، وفي تعاليمهم ورسائلهم.. منها: - أهمية الأعمال في الحصول على الخلاص (تابعنا هذه النقطة في الجزء الأول). - الجهاد والنعمة. - الروح القدس وعمله في الخلاص. - المسيح هو مُخلصنا الصالح، وأنه لا خلاص إلاَّ بدم المسيح. - تتميم الخلاص بخوف ورعدة. ثانيًا: الجهاد والنعمة إن كانت الأعمال لازمة كثمرة للخلاص.. فهل يخلص الإنسان بجهاده ضد الخطية أم بنعمة الروح القدس العاملة معه؟ لا يمكن للإنسان أن يخلص بجهاده وحده.. فقد قال السيد المسيح له المجد: "بدوني لا تقدِرونَ أنْ تفعَلوا شَيئًا" (يو15: 5)؛ وأيضًا النعمة وحدها لا تشاء أن تخلصك بدون استجابة إرادتك لها. أنصت إلى قول القديس يوحنا ذهبي الفم: "... إن الله لا يريدنا أن نكون مستلقين على ظهورنا ويعطينا الملكوت.. لذلك فالنعمة لا تعمل كل شيء وحدها.. فهي ليست مجالاً للكسل والتهاون والتراخي". الأنبا باخوميوس أب الشركة وقد أعطى الأنبا باخوميوس أب الشركة ملخصًا لجهاده عندما جمع الأخوة ورؤساء الأديرة قبل ناحتة بثلاثة أيام وقال لهم: - أنتم تعرفون قصدي فقد سرت بينكم دون أن انتهر أحدًا بفظاظة كمَنْ له سلطان.. إنما كنت أجتهد من أجل خلاص نفوسكم فقط. - كما أنني لم أنقل أحدًا من موضع إلى آخر، أو من عمل إلى آخر إلا وأنا عالم أن هذا لخيره. - لم أكافئ أحدًا شرًا بشر، ولا لعنت إنسانًا كان لعنني مضجرًا غاضبًا، إنما كنت أؤدب بدعة وطول أناة حتى لا يخطئ إلى الله الذي خلقه. - لم يعاتبني أحد فتذمرت حتى لو كان ذلك الشخص صغيرًا، إنما كنت أقبل الكلام من أجل الرب، كما لو أن الرب أرسله إليَّ. - ولم أمضي قط إلى مجمع أو موضع كمَنْ له سلطان عليه، ولا طلبت دابة أركبها من موضع إلى آخر بل كنت أسير على رجلي بشكر. - فان كان أحدكم يجري ورائي بدابة ويطلب مني أن أركبها أسمع له إن كان جسدي ضعيفًا، أما إذا كان قويًا فما كنت أقبل. - أما بالنسبة للأكل والشرب أو ما أشبه ذلك من راحات الجسد.. فأنتم لستم غير عارفين بها.. أنتم تعملون كيف كنت اهتم بها. الأنبا أنطونيوس كذلك الأنبا انطونيوس في سيرته العطرة: كان دائمًا يحث النساك الذين يزورونه على: الإيمان بالله، وعلى محبتهم له، وحفظ أنفسهم من الأفكار الشريرة واللذات الجسدية، وشبع البطن، وعلى تجنب المجد الباطل، والترتيل قبل النوم وعند الاستيقاظ، والصلاة المستمرة، وحفظ وصايا الكتاب المقدس عن ظهر قلب، وتذكر أعمال القديسين، وتقليد غيرتهم كي ما تفكر نفوسهم في الوصايا. الأنبا شنودة رئيس المتوحدين أما الأنبا شنودة رئيس المتوحدين فيذكر الأنبا ويصا تلميذه في سيرته: لما حلت جمعة الآلام صنع خشبة مثال الصليب المقدس، وربط نفسه عليها، ووقف وهو مبسوط اليدين كخشبة الصليب، ولم يزل قائمًا هكذا وهو قدام صدره إلى تمام الأسبوع.. وكان يصنع ذلك كأنه يتألم مع سيده ويصلب أعضاءه. إن فضائله كثيرة يطول شرحها.. مما كان يكابده من مشقات العبادة منذ شبابه إلى حد الشيخوخة الحسنة. ودفعة أقام شهرًا من الأيام يعيش بنصف خبزة واحدة مغموسة بملح، وأنه أكمل سيرة الرهبنة بنسك عظيم وصلوات كثيرة، وكان يصلي اثني عشر صلاة، ويضرب في كل صلاة أربعة وعشرين ميطانية في كل حين، وكان لا ينام الليل البتة إلا وقت الصباح يجيه نعاس قليل ودموع كثيرة ولا يأكل خبزًا سوى بقل وحبوب، وقد رق عظمه وذبل جسمه. ومع هذا كله لم يخلو الأنبا شنوده من التداريب في هذه الفترة الأولى من حياته.. إذ يقال إنه بينما كان يعمل بعض الأعمال اليدوية حسب قوانين الدير جاءه الشيطان في شكل ملاك، وقال له: إنني مرسل إليك لأعزيك، فكف عن الصلاة، وانتقل من هذا القفر إلى الريف لتأكل الخبز مع الأخوة، وأنه سيعطي لك عمرًا مديدًا، ولكن إن ظللت في هذا التقشف والجهد فإنك ستموت. وحلل القديس هذا الكلام، فوجده متناقضًا.. لذلك رد على هذه المكيدة بقوله: "إذا كنت أنت ملاكًا بالحقيقة أتيت لتعزيني، فابسط يديك مثال الصليب وصلي للرب يسوع". فلما سمع عدو الخير ذكر الصليب واسم يسوع انصرف في الحال، وفشلت تلك المؤامرة التي دبرها للقديس الأنبا شنوده]. القديس مقاريوس الكبير كذلك من أقوال القديس مقاريوس الكبير عن النعمة: الإنسان الأول لما رأى نفسه عريانًا خجل، فما أعظم فضيحة العري، فإن الجسد إذا تعرى هكذا يعرضنا لفضيحة كبرى. فكم تكون النفس العارية من القوة الإلهية التي لم تكتسِ باللباس الأبدي الروحاني الذي هو الرب يسوع المسيح نفسه!! لذلك فكل مَنْ كان غير مكتسِ بذلك المجد الإلهي يجب أن يستحي، ويقر بفضيحته، كما استحى آدم من عري جسده، ويطلب من المسيح ليكسوه بالمجد والنور. ومع أن آدم ستر نفسه بورق التين إلاَّ أن خجله لم يفارقه، لعلمه بفقره وعُريه.. هكذا ينبغي أن لا تنخدع النفس بزعمها أنها بارة، وأن عليها لباس الخلاص وهي في الحقيقة قد عملت لنفسها غطاء من الأفكار الباطلة. فإن استند أحد على بره ولم يطلب بر الله البر الحقيقي، الذي هو يسوع المسيح، الذي جعله الله لنا برًا وقداسة وفداء، كما قال الرسول بولس: "ومِنهُ أنتُمْ بالمَسيحِ يَسوعَ، الذي صارَ لنا حِكمَةً مِنَ اللهِ وبرًّا وقَداسَةً وفِداءً" (1كو1: 30).. فإن تعبه يصبح باطلاً، ولا تكون له فيه ثمرة لأن كل بر الإنسان يصير في اليوم الأخير بمنزلة خرقة نجسة.. كما قال النبي إشعياء: "الذينَ يُفرِغونَ الذَّهَبَ مِنَ الكيسِ، والفِضَّةَ بالميزانِ يَزِنونَ. يَستأجِرونَ صائغًا ليَصنَعَها إلهًا، يَخُرّونَ ويَسجُدونَ!" (إش46: 6). فلنطلب إذًا، من الله بتوسل وصلاة لكي نلبس لباس الخلاص الذي هو الرب يسوع المسيح النور الفائق الوصف، الذي إذا لبسته النفس لا ينزع منها قط. هكذا النفس التي جرحت بشهوات الفساد والتي عميت بظلمة الخطية.. فهي لا تزال على كل حال لها إرادتها، حتى تصرخ إلى الرب يسوع، تناديه ليأتي إليها بنفسه، ويصنع لها فداءً أبديًا. لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين. |
||||
05 - 08 - 2014, 01:09 PM | رقم المشاركة : ( 4758 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التمييز بين الأرثوذكسية والهرطقة في الفيلوكاليا
1. مدخل معروف أن إيجاد تحديد دقيق للأرثوذكسية ككنيسة هو أمر مستحيل، لأن "الأرثوذكسية الكنيسة" هي شأن إلهي-إنساني. في ما يتعلّق بعنصرها الإلهي، فهو يتخطّى الإدراك الفكري-المنطقي. لذا، إذا أردنا أن نعرّف الأرثوذكسية بشكل ما، فيمكننا أن نقول ما يلي: الأرثوذكسية هي حضور غير المخلوق في العالم وفي التاريخ، وقدرة المخلوق على أن يتقدّس ويبلغ التألّه. إن الشعار "الإله الخالق لكن غير الحاكم" هو محض وهم، بحسب المنطق الأرثوذكسي. إن العنصر غير الزمني والفائق الزمن هو في العالم وفي الزمن بشكل ثابت، لكي يقدّس الزمن ويحوّله إلى زمان للملكوت الإلهي، إلى أبدية (أنظر كلمات الرسول بولس: "لأَنَّ هذَا الْفَاسِدَ لاَبُدَّ أَنْ يَلْبَسَ عَدَمَ فَسَادٍ، وَهذَا الْمَائِتَ يَلْبَسُ عَدَمَ مَوْتٍ" (1كور 53:15)). 2. الإيمان مفهوم أن الأرثوذكسية مرتبطة دوماً بالإيمان. لهذا، نحن نتحدّث عن "الإيمان الصحيح القويم"، لكي نميّزه عن "الإيمان الزائف". الأرثوذكسية هي المجد الحقيقي وتمجيد الله، المفهوم الأصيل لله، بينما الهرطقة هي مجد مصطنع وتمجيد مَرَضي لله. وهكذا تتصادم الأرثوذكسية والهرطقة في مجال الإيمان، وهنا هو بالتحديد مكان اختلافهما. عليه، ما هو إذاً "الإيمان" وكيف يُفهَم في حياة الكنيسة كجسدٍ للمسيح؟ قبل كل شيء، "الإيمان" في لغة اللاهوت يعني الإعلان الإلهي؛ أي ما يكشفه الله للإنسان، فحوى ما يُعلَن، الحقيقة الإلهية. مع هذا، الإعلان الإلهي ليس أمراً مجرّداً، أي ليس مجموعة من الحقائق المُدرَكَة عقلياً، أو الأفكار أو المواقف التي يُدعى الإنسان إلى تبنيها لكي يخلص. النظرة السكولاستيكية هي على هذا الشكل، وقد تسرّبَت إلى عقائدنا أيضاً. حقيقة الكنيسة هي شخص؛ إنها ابن الله المتجسّد وكلمته؛ إنها الحق الكامل متجسّداً. إنها شخص ربّنا يسوع المسيح. إن الإله المجهول والمتعذّر بلوغه منذ خلق العالم صار معروفاً، وما زال يُعرَف، في المسيح. بتعبير آخر، الله كشف ذاته؛ إنه يعلن عن ذاته "بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ" (عبرانيين 1:1)، حيث ذروة الإعلان هي إعلانه عن ذاته "في الابن"، أي في تجسده، الذي كان شرطاً مسبقاً لحدث العنصرة، الذي من أجله "تكوّنت" الخليقة، بحسب الآباء. العنصرة هي الكشف الإلهي الأسمى في الروح القدس، كما أنها أسمى خبرة بشرية في التاريخ. المسيح، كإله-إنسان، هو بطريقة ما الإيمان "الموثُّق"، الممنوح "من العلى"، لكي نأتي إلى معرفة الله "بذاته" (أنظر يوحنا 9:14 "مَن رآني فقد رأى الآب"). إنّه إيماننا الأقنومي (الشخصي)، بحسب القديس مكسيموس المعترِف. نحن نصير "مؤمنين"، بالاشتراك في ذلك الإيمان الشخصي المتجسّد، أي المسيح. فقط في المسيح يمكن أن تتوفّر إمكانية معرفة الإله الحقيقي. وهذا ما يوطّد فرادة الأرثوذكسية ومقصوريتها في الحدث المعروف بالخلاص (أعمال 12:4). يردّ الإنسان على الإيمان المعلَن "المُجاز" إليه لخلاصه بإيمانه الشخصي. إيمان الإنسان أساسي بشكل مطلَق، لكي تعمل قوة الله في داخله؛ لتقوده إلى الخلاص. المسيح نفسه أكّد قيمة إيمانه "مَن آمن واعتمَد يخلص، ومَن لم يؤمن يُدان" (مرقس 16:16). ينبغي أن يتحوّل الإيمان "الموضوعي" إلى إيمان "شخصي" من أجل الخلاص. وهذا يتحقق، من خلال "سكنى" الإيمان "الموضوعي" ("إِنْ كَانَ رُوحُ اللهِ سَاكِنًا فِيكُمْ" (روما 9:8))؛ بتعبير آخر، سكنى غير المخلوق في المخلوق؛ سكنى الله في الإنسان. المسيح يدعو الإنسان لأن يكون "مؤمناً"، متلقيّاً للحقيقة المعلَنة في المسيح "كحياة في المسيح"، ولأن يعيش تلك الحقيقة لكي يصير هو نفسه حقيقياً، تماماً كما المسيح هو "الإله الحق" (1يوحنا 20:5). خلاص الإنسان هو عندما يرجع "حقيقياً" والشرط المسبَق لهذا هو اتحاده بالإله الحق. الإيمان الأرثوذكسي هو ذاك الذي يعمل فدائياً. وهذه هي النقطة المحددة حيث تميّز الهرطقة نفسها عن الأرثوذكسية. الهرطقة هي تزييف الإيمان ونكرانه في الوقت عينه، لأنها تزييف باتجاهين: من جهة فحوى الإيمان، أي المسيح، ومن جهة الأخرى طريقة قبوله. في الهرطقة، المسيح مجزّأ ومقبول، لا ككلٍ تامّ، بل كشخص مقسَّم لأنه يُقارَب بعقل الإنسان وشفتيه فيما قلب الإنسان ومجمل وجوده "فَمُبْتَعِدٌ بَعِيدًا" (متى 8:15). الهرطقة، كل هرطقة، ليست مجرد تعليم خاطئ؛ إنّها عدم أرثوذكسية (عدم استقامة رأي) وغير مسيحية. بمقاربة الموضوع بهذه الطريقة، نحلّ أنفسنا من الاختلافات الطائفية الماضية ومن المصطلحات السكولاستيكية. في نهاية الأمر، الهم الأساسي ليس مقدار خطأ تعليم ما، بل قدرته أو عجزه عن شفاء الإنسان (كما كان يعلّم الأب يوحنا رومانيدس)، الهم هو قدرته على شفاء الإنسان. وهكذا، يمكن الاستنتاج: في ما يتعلّق بعملية الحَدَث المسمى "الإيمان"، فهو يبدأ كعملية عقلية منطقية، بمعنى التأكيد الخارجي من الإنسان، من ثمّ يتقدّم كقبول لمنحة الله وإخلاص له، ليكتمل من بعدها بيقين وإدراك لله، في المسيح. لغوياً، هذه المعاني الدقيقة الأساسية المحتواة في كلمة "الإيمان" في اللغة اليونانية، لغة الأناجيل: الثقة (em-pisto-syni)، الإخلاص (pisto-tita)، اليقين (vevaiotita). في ما يلي، سوف نحاول توضيح هذه المعاني من ضمن تقليدنا الفيلوكالي (النسكي)، لكي نفهم قدر الإمكان دور الإيمان كعامل خلاصي. 3. الإيمان "الأول"، الإيمان "البسيط" أو "الإيمان بالسَماع" يسوع المسيح، كلمة الله الأزلي، يعلّم الجنس البشري في كل الأجيال كاشفاً بتعليمه طريق الخلاص. هذا كان يجري في العهد القديم، من خلال أفواه الأنبياء. وهذا جرى أيضاً، بعد تجسده، من فمه الكلي القداسة وما زال يجري تاريخياً مع رسله والآباء والأمهات القديسين إلى "منتهى الدهر" (متى 20:28). موقف الإنسان الذي يتميّز بجوابه على دعوة الرب، هو في أسوأ الأحوال رفض لما يهبه الله وفي أفضلها هو ثقتنا به. وكون المسيح في التاريخ هو "طبيب النفوس والأجساد"، بحسب ما نذكر في القداس، يمكننا القول بأن هذا ينطبق على كل طبيب: فإما أن الإنسان يظهِر ثقة بالطبيب ويطيع أوامره ويشفى، وإمّا يخالف أوامره ويموت. الإيمان الأول، على شكل الثقة، هو الثقة الصادرة "بالسماع"، كسماع عظة ما، وهو شرط مسبَق لمعرفة الله (أنظر روما 17:10: "الإِيمَانُ بِالْخَبَرِ، وَالْخَبَرُ بِكَلِمَةِ اللهِ"). إيمان الإنسان الأول مرتبط بمعرفته الطبيعية، التي تستعمل العقل والمنطق أدوات لها. هناك نوعان من الإيمان، وأيضاً نوعان من المعرفة والإدراك؛ في الوقت نفسه، هناك وسيلتان لكل نوع من المعرفة؛ أي إدراك الله وإدراك العالم. هذا ما يبينه أحد أهمّ النساك في الكنيسة القديس اسحق السرياني: "المعرفة التي تتطلّب الإيمان كشرط مسبَق هي غير المعرفة التي تولَد من الإيمان. الأولى هي معرفة طبيعية بينما الثانية روحية". بالمعرفة الطبيعية-العقلية (ولو كانت هي ايضاً منحَة من الله) يمكننا أن نميّز بين الخير والشر. لكن كيف تقودنا المعرفة الطبيعية إلى الإيمان؟ بحسب الرسول بولس، إنها توجّه الإنسان نحو الله، عبرَ الخليقة (روما 20:1). إذاً، الطريق الإلهية هي من التعليم والمعجزات، أي "العلامات الإلهية". تعليم المسيح ومعجزاته وجّهوا معرفة الإنسان الطبيعية لكي يوقظوا الإيمان "الأول". على سبيل المثال، عندما أطعم المسيح "الخمسة آلاف" في الصحراء، صرخ الشعب عند نظرهم المعجزة "إِنَّ هذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ النَّبِيُّ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ!" (يوحنا 14:6). في موضع آخر، يلاحظ الإنجيلي يوحنا: " وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هذَا الْكِتَابِ. 31وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ." (30:20-31). وحتّى المسيح نفسه قال لليهود: "وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَعْمَلُ، فَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا بِي فَآمِنُوا بِالأَعْمَالِ، لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا أَنَّ الآبَ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ" (يوحنا 38:10)، و"إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. اَلأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِاسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي." (يوحنا 25:10). كلمات المسيح وأعماله تتكرر مع قديسيه في كل لحظات التاريخ وهي ما يوقظ إيمان الإنسان. وحدهم "قُسَاةَ الرِّقَابِ، وَغَيْرَ الْمَخْتُونِينَ بِالْقُلُوبِ وَالآذَانِ" (أعمال 51:7)، فريسيو كل زمان، يرفضون دعوة الله إلى الخلاص. صلابة القلب وقساوته هما الموت الروحي للإنسان. في حالة مثل هذه، يتحوّل الإنسان عاجزاً عن قبول نعمة الله. الإيمان البسيط وحده، كقبول منطقي للحقيقة الإلهية، هو بشكل طبيعي غير كافٍ للخلاص؛ الشيطان وأبالسته يمتلكون هذا النوع من الإيمان. بحسب الرسول يعقوب أخي الرب: "مَا الْمَنْفَعَةُ يَا إِخْوَتِي إِنْ قَالَ أَحَدٌ إِنَّ لَهُ إِيمَانًا وَلكِنْ لَيْسَ لَهُ أَعْمَالٌ، هَلْ يَقْدِرُ الإِيمَانُ أَنْ يُخَلِّصَهُ؟ (يشير هنا إلى الإيمان "الأول") وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ!" (يعقوب 14:2و19). بحسب الرسول نفسه، يدفع الإيمان الأول نحو الخلاص لكن له "أعمال" لتظهر. أعمال الإيمان هي النتيجة لإيمان الإنسان بالمسيح، وبتعبير آخر، إنها تمثّل ثقته بالمسيح وطاعته له، أي اعترافه بالمسيح مخلّصاً. لكن ما هي هذه الأعمال التي يولّدها الإيمان الأول؟ يتحدّث القديس سمعان اللاهوتي الحديث عن "الفضائل" التي تنشأ من الإيمان الأول "الإيمان بالله يولِّد الرغبة بالأمور الحسنة وخوف الدينونة. الرغبة بالخير وخوف الدينونة يقودان إلى التزام دقيق بالوصايا. الالتزام بالوصايا يظهر الضعف البشري. معرفة الإنسان بضعفاته تولّد ذكر الموت. مَن بلغ مرحلة امتلاك ذكر الموت كمرافق حيّ سوف يسرع إلى اكتشاف ما سوف تكون عليه حاله بعد الموت. ومَن يشغل نفسه بالتعلّم عن أشياء ما بعد الموت يمتنع عن ملذّات هذه الحياة؛ لأنّه إن تعلّق ولو بواحدة منها يصير عاجزاً عن بلوغ المعرفة الكاملة". بين الفضائل التي تنشأ من الإيمان الأول علاقة داخلية تربطها بعضها بالبعض لأن الواحدة منها تولّد الأخرى. بحسب القديس مكسيموس المعترف: "مَن يكون الرب في أفكاره يحفظ الخوف من الجحيم. بالحفاظ على هذا الخوف، يُبقي الإنسان نفسه على مسافة من الأهواء. مَن يحفظ نفسه بعيداً من الأهواء يتحمّل محَن الحياة. بتحمّل محَن الحياة، يكتسب الإنسان الرجاء بالله. مَن عنده الرجاء يصرف فكره عن كلّ ما هو أرضي، بكلام آخر، إنّه يبلغ اللاهوى. وعندما يصرف الإنسان فكره عن كلّ ما هو أرضي يكتسب المحبة الإلهية". يجب أن نشير هنا إلى أنّ التشوّش الذي قام في الغرب حول العلاقة بين الإيمان والأعمال غير موجود في التقليد الابائي. يتحدّث الرسول يعقوب عن الإيمان الأول الي ينبغي أن يًُكَمَّل بأعمال الخلاص. لكن الرسول بولس يتحدّث بشكل أساسي عن الإيمان الآخر الذي سوف نتطرّق إليه لاحقاً. هذا الإيمان هو ثمرة الروح القدس في داخل القلب. لكن بالعودة إلى الإيمان الأول، فإن لأعماله ميزة علاجية إذ إنّها تعمل كأدوية روحية لشفاء واستعادة الوجود البشري في شركته مع الله. "أعمال الناموس"، التي هي محور رسالة الرسول بولس إلى الذين في روما، لا يمكن أن تكسب أي مكافأة من ذاتها (أنظر لوقا 10:17)، ولا يمكن أن تخلّص الإنسان. على سبيل المثال، كان الفريسيون يقومون بأعمال الناموس بهدف الظهور، لكن هذا ما كان ليخلّصهم لأنهم لم يكونوا "أنقياء القلوب". إن تطهير القلب هو شرط مسبَق لمعرفة الله "طوبى لأنقياء القلوب لأنهم لله يعاينون" (متى 8:5). المعيار الذي على أساسه يُقَيَّم الإيمان الأول، هو أنّه يقود إلى تطهير القلب. لهذا السبب يخضع الإيمان للمراقبة، تماماً مثل أي طريقة طبية علاجية، إذ تظهر صحّتها عندما تقود إلى إنسان معافى. وهنا، مجدداً، الفرق بين الأرثوذكسية وغيرها جلي. غير الأرثوذكسية (الهرطقة) لا تقود، ولا يمكن أن تقود، الإنسان إلى الشفاء، لأنها لا تملك "الأدوية" الضرورية للخلاص. هذه الأدوية" هي التعليم الإنجيلي الصحيح وعقائد (قرارات) المجامع المسكونية، التي هي تدوين لخبرة القديسين في أمور الخلاص ليس إلا. توفّر عقائد الكنيسة الإيمان الذي يخلّص، وهي تحدد مسعى المؤمن نحو الخلاص. لهذا السبب جاهد القديسون عبر العصور حتى الموت من أجل الحفاظ على نقاوة العقائد، تماماً كما يجاهد الأطباء الأصيلون للحفاظ على أي منهاج علاجي. العقائد المغشوشة لا تخلّص، وهذا مجدداً هو المكان حيث تتجلّى مأساة الهرطقات. إن عقائدهم هي علاجات زائفة تقتل الإنسان وتقوده إلى الخراب الأبدي. ولهذا السبب، ما يخشاه القديسون هو الهرطقة وليس الموت. هذا أيضاً يشرح إحدى الممارسات التاريخية التي غالباً ما يُساء فهمها. بحسب الأب يوحنا رومانيدس، كانت الدولة المسيحية ترى في الهرطقة علاجاً مغشوشاً لكونها تحوي تعليماً ساماً. لهذا السبب، في الشرق المسيحي، كانت الكتب الهرطوقية تُحرَق (وليس الهراطقة أنفسهم!)... بالطريقة نفسها التي تُلزِم أي دولة حسنة الحكم بإتلاف كلّ الأدوية التي تهدد حياة المواطنين، وبإيقاف أعمال الأطباء الزائفين. ليس في هذا الأمر أي حدّ لحرية حركة الأفكار لأنه يهدد الوجود الأبدي للإنسان. هذه هي المتطلبات الأساسية التي بها تجاهد كنيستنا إلى اليوم لحماية أبنائها من المجموعات الهرطوقية الشرقية والغربية التي تقوم بالاقتناص العلني والاستفزازي. ولهذا السبب نحتاج إلى صلوات الجميع ودعمهم. 4. الإيمان "الكامل" أي الإيمان الداخلي الإيمان الأول قد لا يخلّص، لكنه يفتح الطريق إلى الخلاص الذي يعبّر عنه الإيمان الكامل الداخلي. هذا ما يعلّمه قديسونا، أمثال القديس مكاريوس المصري (القرن الرابع): "مَن يحاول أن يؤمن وأن يكون متّحداً بالرب، عليه أن يحاول اكتساب الروح القدوس في حياته. لهذا السبب أتى المسيح إلى العالم: ليمنح الروح القدس للنفس... ولكن إن لم يحاول الإنسان، هنا وفي حياته على الأرض حيث يوجد نور الروح القدس، أن يكتشف هذا النور ويحفظه في نفسه، عليه أن يتوقّع، عندما يموت، أن يكون في مكان الظلام، على يسار الرب". هذا الإيمان يُسمّى "الأسمى"، "الكامل"، "الداخلي" "النابع من الرؤيا". إنه الإيمان المرتبط بحَدَث الخلاص لأنّه يشكّل اليقين بالخلاص في داخل الإنسان. الإيمان "الأول" هو ثمرة الروح القدس ومنحته. لكي يبلغ الإنسان إليه، عليه أن يكتسب نعمة الروح القدس. لهذا السبب، اتّخاذ الروح القدس هو الهدف المسيحي (أنظر يوحنا 22:20). صلاة المؤمنين الأرثوذكسية هي: "أيها الملك السماوي... هلمّ واسكن فينا..." الحياة في المسيح، كممارسة، تسمّى جهاداً روحياً لأنّها تتوق إلى تحويل الإنسان إلى متلقٍّ للروح القدس. بعض الإشارات الآبائية إلى الإيمان المزدوج: القديس يوحنا الدمشقي: "الإيمان ثنائي. هناك الإيمان الذي ينشأ بالسَماع، حيث أننا بسماعنا الكتاب المقدس، نؤمن بالتعليم... من ثمّ، هناك الإيمان الذي هو أقنوم الأمور المرجوة... فالأول ينبع من الاقتناع، بينما ينتمي الثاني إلى مواهب الروح". القديس اثناسيوس السينائي: "يُفهَم الإيمان المستقيم على أنه ذو وجهين. هناك الإيمان القائم على سماع عظة، وهناك إيمان أكثر ثقة هو أقنوم الأمور التي تُرجى. الإيمان القائم على السماع مُتاح للجميع بلوغه، بينما الثاني فمُتاح فقط للأبرار". العضو الحيّ في جسد المسيح هو ذاك الذي يسكن في داخله الروح "بِأَنَّاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا" (روما 26:8). هذا الإنسان بارّ، إنه "هيكل لله" (1كورنثوس 16ك3). الإنسان الروحي، بلغة الأرثوذكسية، هو حامل الروح القدس، وهو الذي يخصّ المسيح فعلياً كعضو حقيقي في جسده. يتبنّى الآباء التمييز البولسي في الحديث عن الشخص "الروحي ? الطبيعي ? الجسداني"، في إشارتهم إلى الإنسان "الذي بحسب الجسد"، "فوق الطبيعة" أو "ضد الطبيعة". |
||||
05 - 08 - 2014, 01:10 PM | رقم المشاركة : ( 4759 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الثبات في خدمة الله ما يقول لك يسوع إن الآباء القديسين الذين عاشوا في الصحاري قد تعلّموا هذه الحكمة السماوية، ولم يتراجعوا أبداً أمام تجارب إبليس، وأمام خداع طبيعتهم البشرية. لقد انتصروا على أعدائهم في داخلهم وفي خارجهم، وذلك بالصلاة والصوم والتقشف والعمل. وقد وجّهوا أنظارهم إليّ في كل شيء، وجعلوا السماء هدفاً لهم، واعتبروا حياتهم الأرضية سفراً إلى السعادة الأبدية. أنت أيضاً تمر بتجارب الفتور في مقاصدك الصالحة، وتخاف على صحتك، وتقلق على أصدقائك، وتضايقك آراء الناس، وتهاب أخطاراً لا وجود لها إلا في مخيّلتك. إتبع نصيحتي: كن دائماً مشغولاً بالصلاة ونكران الذات والأعمال الصالحة. وعندئذٍ فإني أجود عليك بنِعم لتجد ذاتك أقرب إليّ من قبل. في هذه الدنيا، عليك أن تسير في الإيمان والرجاء والمحبة. إلا إنك سوف تدرك فيما بعد أن الصعوبات التي ضايقتك على الأرض كانت جيدة ومفيدة لك، وانها حققت فيك الوعي على ما لديك من فضائل، وعلى احتياجك لفضائل غيرها كثيرة لحياتك اليومية. تأمّـل تبدأ المعركة الروحية بعد اتخاذ المقاصد الصالحة. فسوف أكون عرضة لتجارب إبليس وأتعرض لسوء فهم الآخرين ولنواياهم السيئة، إذ إن تغيير حياتي إلى الأفضل لا يريح الكثيرين. ومع كل ذلك فإن طبيعتي البشريّة سوف تكون ألدّ عدوّ لي لأنها لن تستسيغ أسلوب العمل الشاق الذي قررت أن أتبعه الآن. فالمخيّلة، والعوائد، والأمور المحببة لدي وغير المحببة، كلها تميل بي إلى التخلي عن مقاصدي قلّما يكون، ألا أنقاد لتمرّد طبيعتي الدنيئة. إن الله سيجود عليّ بنوره وقوته في الوقت المناسب، إذا ما بقيت أميناً على تحقيق مقاصدي بالرغم من التخوف والشك والانزعاج. صلاة يا يسوعي، لا يستطيع أحد أن يصف ما تعدّه من مجد وعظمة للذين يتقيدون بإرادتك القدوسة في حياتهم. لذلك لم تجد في أمور هذه الدنيا شبهاً يقربه إلى أذهاننا. فعندما ندخل مجد السماء، سوف نقول مع بولس الرسول بإن الله أعدّ للذين يحبونه كل ما لم تره عين، ولا سمعت به أذن، ولا خطر على قلب بشر. إن الآلام التي نقاسيها في هذه الحياة لزهيدة جداً إذا ما قيست بأصغر فرح من أفراح السماء. فهَبني يا يسوع الحكمة لكي أتابع سيري نحو الهدف الأسمى، بحيث لا أستسلم لليأس ولا أهاب أبداً الجهاد اليومي في هذه الحياة. آمين. من كتاب "خبزنا اليومي" |
||||
05 - 08 - 2014, 01:24 PM | رقم المشاركة : ( 4760 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
من تأليه الذّات إلى التألّه ! الأرشمندريت توما (بيطار) رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي - دوما في الحال ضربه ملاك الرّبّ لأنّه لم يُعطِ المجد لله، فصار يأكله الدّود ومات (أعمال الرّسل). لِمَ هذا الإصرار على أن يعطي الإنسان المجد لله؟ هل الله بحاجة إلى تمجيد؟ هو كامل في ذاته ومجده منه. إذًا ليس هو بحاجة إلى تمجيد، ومع ذلك لا تكفّ الكنيسة عن تمجيده، لماذا؟ لأنّ الإنسان هو المحتاج لأن يمجِّد الله بالفكر والقول والعمل، لا الله إلى تمجيد! أوّلاً : ما هو المجد؟ ماذا يعني المجد؟ المجد من صفات الله لأنّه الخالق السيّد البهيّ السّامي الجليل الشّريف... كلّ ما يبدر منه يحدِّث عن مجده. لذا له وحده المجد وبه وحده يليق! ثانيًا : لماذا الإنسان مدعوٌ إلى تمجيد الله؟ لأنّه إلهُه ولأنّه هو، الإنسان، خليقتُه. هذا إقرارُ واقعٍ وتذكيرٌ دائم للإنسان بأنّه من الله وهو تراب ورماد وليس له ما يتمجّد به في ذاته بل هو مجدُ الله والله ممجَّد فيه باعتباره خِلقته. هذا، الإنسان بحاجة إليه لأنّه يظنّ نفسه واهمًا أنّه إله، وتاليًا مستأهلاً المجد. هذا من خلل الإنسان، في نظرته إلى نفسه، وأعظم تجارب الإنسان وأكثر ما يملك على نفسه هواجسَه وأقوى دافع كامن وراء ما يأتيه. كلّ أفكاره مضمَّخ، صراحة أو تلفيقًا أو تواريًا، بحبّ المجد، بالشّعور بالعظمة، بمركزيّة أناه، وكذا كلّ أعماله وأقواله. في حسبانه أنّه إذا نجح فلأنّه عظيم، وإذا فشل فلأنّ الآخرين يظلمونه ولا يقدّرونه حقّ قدره ولا يعون المواهب والقدرات الكامنة لديه، وإذا طلب العظمة فلأنّه يَعتبر نفسه مستحقًّا لها، وإذا تمسكن فلأنّه يعتبر نفسه ذكيًّا وقادرًا على أن يأخذ الآخرين بالحيلة، إذا لزم الأمر، ليبلغ مراميه، وبذا ينظر إلى ذاته بتقدير كبير. وإذا ما تنكّر لله فلأنّه يعتبر أنّ له، هو الإنسان، وجودًا في ذاته ورأيًا سديدًا، وإذا ما أتمّ عمل الله، على طريقته، كانت كبرى تجاربه أنّه خير من سواه وأنّ الله قنية بين يديه. كيفما قلّبت الإنسان تلقاه يتعظّم ويطلب المجد لنفسه، إن لم يكن بالعمل فبالقول، وإن لم يكن بالقول فبالفكر. هذه نزعتُه! هذه سجيّته! كم مرّة يقول الإنسان: "أنا"؟ إذًا يدور حول نفسه؟ كم مرّة، في اليوم، يقول بلغة الـ "أنا": "أكلتُ، شربتُ، ذهبتُ، أتيتُ، فعلتُ هذا الأمر، صنعتُ ذلك، قال لي فلان كذا فأجبتُه بكذا، سبّني فسببته، ضربني فضربته..."؟ لا أنام على الضّيم ولا أسكت! وكم مرّة يدور في خِلده أنّه يصارع الآخرين ويصرعهم، يقدّمهم ويلغيهم، يقبلهم ويرفضهم وكأنّهم دمى بين يديه وطوع بنانه؟ لسان حاله أنا أتحكّم بالنّاس وأحكم عليهم كما أشاء. لي، في كلّ حال، عالم داخليّ أنا فيه مَلك أُعدِم، في فكري، مَن أشاء وأستبقي مَن أشاء. أنا السيّد! أنا الآمر النّاهي! مَن يعجبني أقرّبه من عرش قلبي ومَن لا يعجبني أُلغيه. أُمطِر مَن أشاء مدائح وأرمي مَن أشاء بالشّتائم! ربّما ظروف الآخرين الآن موافقة لهم لذا يقمعونني ويستغلّونني، ولكن لا أحد يدخل إلى قلبي عنوة! لذا أحتقره متى أشاء وليس مَن يثنيني لأنّ السّيّد في نفسي، أنا هو، وليس سيِّدًا آخر سواي. مَن لا يدخل اللهُ إلى حياته يبقى سالكًا كسيّد ولو على كومة قمامة! النّفس البشريّة لا مَن يقتحمها، إمّا أن تفتح بابها لله وإمّا أن تبقى مغلَقة على نفسها. في هذه الحالة الأخيرة تقع في قبضة الشّرّير لأنّ النّفس المغلَقة من روح الشّرّير وإليه مآلها. تظنّ نفسها حرّة وهي مستعبَدة لأهوائها. واهمة وتظنّ نفسها في الحقّ، منحرفة وتحسب بوصلتها قويمة، جاهلة وتخال ذاتها بلغت ذروة الفهم، باردة، منكفئة على ذاتها، معتمة، قاحلة... كان خيرًا للنفس العازلة ذاتها لو لم تولد لأنّ العدم خير من الظلمة الدّهريّة!!! أمّا بعد، فالتّعبير الوجوديّ لسؤل المجد بامتياز بين النّاس هو حبّ السّلطة. السّلطة، في الكيان، هي علامة الحياة ومصدر الحياة في هذا الدّهر. كلّ إنسان، واقعًا، يطلب السّلطة ويتعاطاها في شكل أو آخر. مَن قال لك غير ذلك لم يكن صادقًا ولا عارفًا بما في قرارة نفسه! لا تصدّق مَن يقول لكَ إنّه بالسّلطة يريد أن يخدم النّاس بل نفسَه أوّلاً كسيّد، بشكل من الأشكال، على النّاس! السّلطة هي أن تكون في موقع مَن يسيِّر حياة الآخرين أو جوانب منها، بشرًا أو حيوانات أو نباتًا، أن تكون في موقع القادر على التّصرّف بالحياة أو الجماد. والسّلطة تُمارَس عن وعي وعن غير وعي، بالفكر أو بالقول أو بالفعل أو بالحسد أو بكلّ شهوة، في الواقع أو في النّيّة، بحسب الطّبيعة أو بخلاف الطّبيعة. تأخذ السُلطةُ شكلَ السّيادة البيِّنة أو الخدمة. ظاهرةً تكون ومبطَّنة. وقحة وقاحة العنف وناعمة نعومة اللطف. الإنسان كتلة شهوة سلطة! حبّ السّلطة في النّفس، على كلّ صعيد، هو من السّقوط وهو حتميّ. في السّلطة تكمن بذرة حبّ المجد الّذي يعطي الإنسان شعورًا كيانيًّا بالألوهة. الميل إلى السّلطة والبحث عنها طبيعة مختلقة تولّدت في الإنسان خارج الفردوس كبديل عن الطّاعة لله. كلّ الخليقة أضحت، بالسّقوط، في صراع. كلٌّ قائم على كلّ أحد وشيء. كلٌّ، في العمق، تهديد للآخر. وبالسّلطة، أيضًا، يسعى الإنسان إلى الحماية والأمان، ومن دونها، في هذا العالم، كأنّه يموت. إذًا بالسّلطة يحفظ الإنسان نفسه ويحقّق نفحة الألوهة فيه في آن. السّمك الكبير، في هذا الدّهر، يأكل الصّغير. هذا ناموس السّقوط! كلٌّ مسلَّط على غيره، الحشرة على الحشرة والحيوان على الحيوان والطّير على الطّير والإنسان على الإنسان والكلّ على الكلّ. الخليقة في تضاد ضمنيّ، في تنافر تلقائيّ. هذا واقع! رغم ذلك ثمّة توازن فرضه الضّابط الكلّ، هو ما أمّن ويؤمِّن استمرار الخليقة إلى المسيح الّذي يجعل العالم جديدًا، الكنيسةَ، ويخلق واقعًا علائقيًّا جديدًا: "وأنتم جميعًا إخوة"، ويجعل الحيوان والنّبات والجماد في خدمة القدّيسين، والكلَّ في خدمة الله وأحدهم الآخر. الحقّ أنّه لو لم يمسك الضّابط الكلّ العالم ويحفظْه لانفرط عقده لأنّ كلّ عناصر التّفكك والانحلال فيه! في يسوع والزّمن الجديد انتفت السّلطة بين البشر. "رؤساء الأمم يسودونهم والعظماء يتسلّطون عليهم فلا يكون هكذا فيكم بل مَن أراد أن يكون فيكم عظيمًا فليكن لكم خادمًا. ومَن أراد أن يكون فيكم أوّلاً فليكن لكم عبدًا. كما أنّ ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدم بل ليَخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مت 20: 25 ? 28). هذا انقلاب واضح في المفاهيم والعلاقات! الأوّل هو مَن يخدم ويبذل نفسه عن الكثيرين. الأوّل لم يعد أوّلاً في المركز والتّسيّد بل أوّلاً في الخدمة. وحتّى لا تكون أوّليّته في الخدمة إسميّة وشكليّة يُتوقَّع منه أن يبذل نفسه، في كلّ حين وفي كلّ حال، عن كثيرين، أن يسهر لينام القطيع مطمئنًا، أن يجوع، بمعنى أن يصوم، ليكون للجائع خبز، أن يبحث عن الخروف الضّال، أن يبذل نفسه في المحبّة ليُعرَف أنّه للمسيح، أن يبكي لأجل الحزانى ليبثّ الرّجاء في القلوب. كلّ قضية يطرحها الخادم في الصّلاة أوّلاً، وفي الصّوم، إذا لزم الأمر، ثمّ بما يلزمها من قول أو موقف أو عمل. لم يعد الأوّل مَن يتعاطى السّلطة البشريّة باسمه أو باسم النّاس أو باسم الله. الأكثرون يقولون غير ما يفعلون ويفعلون غير ما ينادون به. الكلام في ميل والممارسة في ميل آخر. غير صحيح أنّ الكنيسة مؤسّسة تُدار بشريًّا من الّذين يُقامون عليها من حيث هي مؤسّسة. مؤسّسةٌ بشريّة إلهيّة هي لذلك لا أصحاب سلطة فيها بل خادم هو يسوع المحبّة، والعاملون فيها خدّام على مثاله؛ كلّ يخدم في رتبته ومقامه. الكاريكاتور الكبير، في ما يُعتبر الكنيسة المؤسّسة، أن يمارِس الأوّلون السّلطة بروح العالم وبحسب النّاس ثمّ يُسمُّون أنفسهم خدّامًا. الخدمة لا تُتعاطى بروح السّلطة والهيمنة بل بروح المحبّة والبذل، بروح الله وكلمته. الإدارة لا تقوم على إدارة النّاس وفق قناعات الرّؤساء بل بروح الرّبّ. وحتّى تكون الإدارة بروح الرّبّ نحتاج إلى أن يكون الخدّامُ بيننا متمرّسين في القداسة، فقرًا وصومًا وصلاة وتواضعًا وصبرًا ومحبّة. يبكون مع الباكين ويفرحون مع الفرحين. يعلِّمون طريق الرّبّ الّتي عرفوها واختبروها، كُتبيّين بمقدار ما يكون تعليمُهم منسجمًا وسيرةِ حياتهم في الرّبّ، عارفين، بعمق، حركة النّفس البشريّة، وهادفًا إلى تنوير المؤمنين، للغاية عينها، في تدابير الكنيسة وتعليم الآباء القدّيسين وسِيرهم، وكلمة الله هاديةً أولى لكلّ مسعى إلى وجه الله فيما بينهم! المهمّ في كلّ أمر أن يتمجّد الله بين النّاس لا الخدّام. الخدّام عبيدُه، إذا ما استَعبدوا أنفسهم للخدمة بالمحبّة، بلياقة وأمانة وترتيب، اللهُ يمجِّدهم. لا كرامة لهم يطلبونها في الجماعة. يتكلّمون لا كمَن يُرضي النّاس بل الله الّذي يختبر القلوب. لا هم في كلام تملّق ولا في علّة طمع. لا يطلبون مجدًا من أحد مع أنّهم قادرون أن يكونوا في وقار. مترفّقين في وسط الجماعة كما تربّي المرضعة أولادها، حانّين إلى الخراف. لسان حالهم أنّنا نرضى أن نعطيكم لا إنجيل الله فقط بل أنفسنا أيضًا. نعمل ليلاً ونهارًا حتّى لا نثقّل على أحد منكم. نسلك بينكم بطهارة وبرّ وبلا لوم ونعظ كلّ واحد منكم كالأب لأولاده ونشجِّعكم ونُشهدُكُم لكي تسلكوا كما يحقّ لله الّذي دعاكم إلى ملكوته ومجده (1 تسا 2). إلى هذه السّاعة نجوع ونعطش ونعرى ونُلكم وليس لنا إقامة ونتعب عاملين بأيدينا. نُشتَم فنبارك. نُضطَهد فنحتمل. يُفترى علينا فنعظ (1 كور 4)... كلّ ما كان لنا ربحًا نحسبه خسارة من أجل فضل معرفة المسيح يسوع ربّنا الّذي من أجله خسرنا كلّ شيء ونحن نحسبه نفاية لكي نربح المسيح... (في 3). هذه هي المؤسّسة الجديدة الإلهيّة البشريّة وليست كالّتي للنّاس. هذه روحيّة والعتيقة بشريّة. هذه تُعرف من ثمارها لا من ظاهرها. الكلّ فيها من الله ولله. الهمُّ فيها واحد أن يتمجّد الله في أجساد الخدّام والجميع وأرواحهم الّتي هي لله. هذه ليس لها مقاييس دهريّة. هذه تقوم بروح الله وتُعرف بروح الله وتثبت بروح الله وتُفضي إلى التألّه. المؤسّسة العتيقة قد التغت عند الله. هوذا الكلّ قد صار جديدًا. إمّا أن نرسم، بما نكون إيّاه ونأتيه، ملكوتَ الله على الأرض لمجد الله وفرح البشريّة، أو نرسم عنه صورة كاريكاتوريّة خياليّة بائدة ثرثارة ميتة، لا روح لها ولا حضرة لله فيها، بل مِسخٌ ومأساة وظلمة ولو تكلّمت على النّور! |
||||