![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 47361 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() “فليخلّص نفسه” (لو23: 35) ابتدأ رؤساء كهنة اليهود مع الكتبة والشيوخ يسخرون ويستهزئون بالسيد المسيح قائلين: “خلّص آخرين فليخلّص نفسه إن كان هو المسيح مختار الله” (لو23: 35). “وكان المجتازون يجدِّفون عليه وهم يهزّون رؤوسهم قائلين: يا ناقض الهيكل وبانيه فى ثلاثة أيام خلّص نفسك. إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب” (مت27: 39، 40). كان المطلوب فى نظرهم أن يخلّص نفسه من الصليب ومن الموت لكى يثبت لهم أنه هو المسيح..!! مع أن عمل السيد المسيح الرئيسى كان هو أن يُصلب وأن يموت عوضاً عن الخطاة ليخلّصهم. كانت عبارة “خلّص آخرين وأما نفسه فما يقدر أن يخلِّصها” (مت27: 42) والتى رددها المستهزئون به، هى عبارة استهزاء، وعبارة صادقة فى وصف الصلب فى آنٍ واحد. نطق بهذه العبارة رؤساء كهنة اليهود بروح السخرية، ولكنهم قدّموا لنا وصفاً دقيقاً لحالة السيد المسيح وقت الصلب. بالفعل خلّص آخرين وأما نفسه فلم يقدر أن يخلِّصها، أو لم يرد أن يخلِّصها من الصلب، لأنه وهب نفسه فداءً عن الآخرين الذين أراد أن يخلِّصهم. كان باستطاعة السيد المسيح أن يدفع عن نفسه الموت والصلب.. ولكنه لو فعل ذلك لما أمكن أن يخلّص الآخرين. نفسه لم يقدر أن يخلِّصها.. أو لم يرغب أن يخلِّصها لأنه اختار الصليب.. بل رسم لنفسه طريق الصليب.. وكان الصليب فى فكر الله منذ الأزل. تكلّم معلمنا بولس الرسول عن مقاصد الخلاص ونتائجه التى هى فى فكر الله منذ الأزل، فقال: “وأنير الجميع فى ما هو شركة السر المكتوم منذ الدهور فى الله خالق الجميع بيسوع المسيح” (أف3: 9). وقال أيضاً: “حسب قصد الدهور الذى صنعه فى المسيح يسوع ربنا” (أف3: 11). ولكن السيد المسيح، عموماً، قد رد بصورة بالغة على افتراء اليهود بأن نفسه هو “لم يقدر أن يخلِّصها”. وذلك لأنه بعد أن بذل نفسه للموت على الصليب، فإنه قد قام منتصراً من الأموات بقدرته الإلهية. وبهذا أظهر قدرته فى الانتصار على الموت، وأنه “يقدر أن يخلِّصها” ولكن بالطريقة التى يتم بها أيضاً خلاص الآخرين. حقاً قال معلمنا بولس الرسول إن “جهالة الله أحكم من الناس وضعف الله أقوى من الناس” (1كو1: 25). والمقصود بذلك أن ما يبدو جهالة فى نظر الناس من أعمال الله هو أحكم من حكمتهم السطحية. وأن ما يبدو ضعفاً فى أعمال الله فى نظر الناس هو أقوى من القوة. ولكن المشكلة هى فى عدم فهم الناس لحقيقة الحكمة، ولحقيقة القوة. وعلى هذا الأساس “اختار الله جهال العالم ليخزى الحكماء. واختار الله ضعفاء العالم ليخزى الأقوياء. واختار الله أدنياء العالم والمزدرى وغير الموجود ليبطل الموجود لكى لا يفتخر كل ذى جسد أمامه” (1كو1: 27-29). وحتى معلمنا بولس الرسول نفسه الذى كان متعلّماً ومتعمقاً فى الدراسات الناموسية الدينية، فإنه لم يتكل على هذه الأمور بل ضحى بكل شئ وبدأ يكرز بقوة الروح القدس. حسبما قال هو نفسه: “لا بحكمة كلام لئلا يتعطل صليب المسيح. فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فهى قوة الله. لأنه مكتوب سأبيد حكمة الحكماء، وأرفض فهم الفهماء. أين الحكيم، أين الكاتب، أين مباحث هذا الدهر؟.. ألم يجهّل الله حكمة هذا العالم؟ لأنه إذ كان العالم فى حكمة الله، لم يعرف الله بالحكمة، استحسن الله أن يخلِّص المؤمنين بجهالة الكرازة” (1كو1: 17-21). وقد شرح معلمنا بولس الرسول معنى جهالة الكرازة التى قصدها فقال إن الصليب بما يبدو فيه من ضعف ظاهرى هو منتهى القوة، وبما يبدو فيه من ضياع ظاهرى هو منتهى الحكمة، وبما يبدو فيه من أمور تدعو إلى السخرية والهزء هو منتهى المجد المتألق!!. قال موضحاً ذلك “لأن اليهود يسألون آية، واليونانيين يطلبون حكمة. ولكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوباً لليهود عثرة ولليونانيين جهالة. وأما للمدعوّين يهوداً ويونانيين فبالمسيح قوة الله وحكمة الله” (1كو1: 22-24). القلب البسيط يرى فى الصليب منتهى الحب، والقلب القاسى أو المتكبر يرى فى الصليب منتهى الضعف. القلب الباحث عن الخلاص يرى فى الصليب مرساة النجاة، وقوة العبور من الخطية إلى القداسة.. أما القلب المحب للخطية فيرى فى الصليب معطلاً لشهواته، وعقبة فى تحقيق رغباته فيزدرى به ويرفضه. الصليب صار هو أنشودة الحب التى تعزفها قيثارات قلوب القديسين، وهو موضوع الشكر والحمد والتسبيح لربوات الملائكة ولجموع المفديين. صار ربنا يسوع المسيح هو الحب الأبدى الذى عانقته البشرية فى عرس السماء والمجد، وهو الحياة المتدفقة التى بها يحيا كل مشتاق إلى الله يترنم مع الشاعر ويقول: أنت قصيدة شعر تنطق فـى نفســى أنت قيثـارة حب يـعـزفــهـا قلبـــى أنت نجوم الليــل وخيــوط الفـجــر أنت الخبـز الحـىّ فى هيكل جسدى |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 47362 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ” يا أبتاه اغفر لهم .. ” (لو23: 34) “يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون” (لو23: 34) أوصانا السيد المسيح بمحبة الأعداء والصلاة لأجلهم، فكان جديراً به هو شخصياً أن يفعل ذلك فى أحرج الأوقات، وفى قمة العذاب والمعاناة. لهذا صلّى وهو معلق على الصليب من أجل صالبيه طالباً لهم الغفران. هذه الصلاة يمتد مفعولها وتأثيرها إلى كل خاطئ أراد أن يتوب. لأن السيد المسيح كان مجروحاً لأجل خطايانا. فبهذه الصلاة أعلن أنه يشفع أمام الآب من أجل غفران خطايا كل من يندم عل خطيته. لو لم يقل السيد المسيح هذه العبارة لظن كل من اشترك فى صلبه أنه لا يمكن أن تغفر خطيته. ولعلنا نقف أمام عبارات قائد المئة الذى قاد عملية الصلب: “حقاً كان هذا الإنسان ابن الله” (مر15: 39)، و”بالحقيقة كان هذا الإنسان بارًا” (لو23: 47). فقائد المئة قد آمن بالمسيح، والجندى لنجينوس الذى طعن البار فى جنبه ورد عنه فى التقليد الكنسى أنه آمن بالمسيح وصار شهيداً.. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 47363 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ” اليوم تكون معى فى الفردوس ” (لو23: 43) لقد قيّد السيد المسيح الشيطان ولم يعد له سلطان أن يقتنص الأرواح، أرواح المفديين. ولم تعد الهاوية تفتح فاهها لكى تبتلع أرواح البشر حتى القديسين منهم. بل وقد فتح طريقاً إلى الفرودس وأعطى وعده الصادق للّص قائلاً: “الحق أقول لك إنك اليوم تكون معى فى الفردوس” (لو23: 43) نعم هو الحق كل الحق، هو حق يفوق التصديق أن هذا اللص يدخل فى وسط جماعة القديسين والأبرار، كان من المحال أن يتم هذا كله إلا إذا كان هناك دم زكى قد سُفك، لذلك عندما قال له السيد المسيح عبارة “الحق أقول لك” كان يقولها وهو واثق لأنه يدفع الثمن. وحينما نطق السيد المسيح بهذه العبارة للص، كان يقولها أيضاً لكل البشر الذين عاشوا تحت الخطية. يرمز اللص اليمين إلى البشر الذين بالصليب قد تحرورا من فكر إبليس وطغيانه، الذين بالصليب قد أشرقت عليهم أنوار معرفة الله، الذين بالصليب قد اعترفوا بألوهية السيد المسيح مثلما صرخ اللص معترفاً بألوهيته قائلاً: “اذكرنى يا رب متى جئت فى ملكوتك” (لو23: 42) ومعترفاً بصلاحه وبره الكامل أيضاً. ولهذا فقد سمع صوت الرب القائل: اليوم تكون معى فى الفردوس، لأن فى ذلك اليوم صنع الرب خلاصاً عظيماً، فى ذلك اليوم رد الرب آدم وبنيه إلى الفردوس مرة أخرى، فى ذلك اليوم أعاد السيد المسيح إلى الإنسان كرامته وعزته ورفعته وصورته الإلهية التى فقدها بسبب الخطية، وقال له: اليوم تكون معى فى الفردوس، كما كنت معى على الصليب تكون معى فى الفردوس، كما كنت معى بعواطفك وبقلبك وبفكرك، بوجدانك وبلسانك، بشهادتك بموقفك، بدفاعك عنى أمام اللص غير التائب وقلت له: “أما نحن فبعدل لأننا ننال استحقاق ما فعلنا وأما هذا فلم يفعل شيئاً ليس فى محله” (لو23: 41) سوف تكون معى فى الفردوس. لأنك كنت معى بأشواقك برجائك بصبرك بقبولك الألم بأنك قد شعرت بذلك الشرف العظيم أنك قد صُلبت معى كما قال معلمنا بولس الرسول: “مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فىَّ” (غل2: 20)، فستكون معى فى الفردوس.. فإذا قلنا أجمعنا مع المسيح صلبنا لأننا دفنا معه فى المعمودية للموت؛ فاللص اليمين قالها بالفعل، بل وهو الوحيد فى كل البشر وفى كل تاريخ البشرية من آدم إلى آخر الدهور الذى عندما يقول: “مع المسيح صُلبت” يكون المعنى بالنسبة له منطبق روحياً وفعلياً وزمنياً ومكانياً.. نحن نُصلب مع المسيح فى المعمودية بعمل الروح القدس الإعجازى لكن اللص صُلب مع المسيح فعلاً وكان بجواره على الصليب. رتّب السيد المسيح وهو على الجلجثة أن يُصلب بين لصين محكوم عليهما بالموت ليكونا رمزاً للبشرية كلها لأن “الجميع زاغوا وفسدوا معاً ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد. الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله” (رو3: 12، 23)، قسم الرب البشر إلى قطاعين الذين عن يمينه وهم الخراف والذين عن يساره وهم الجداء “ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميّز بعضهم من بعض كما يميّز الراعى الخراف من الجداء. فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار” (مت25: 32، 33).. فوق الجلجثة البشر كلهم ممثلين فى السيد المسيح واللصين: السيد المسيح يمثل البشرية من جهة أنه الوحيد الذى استطاع أن يكون بلا خطية وأن يُرضى قلب الآب وبهذا فهو الفادى والمخلّص، وعلى يمينه الذين تابوا ونالوا الخلاص، وعلى يساره الذين لعنوه أو رفضوه أو لم يقبلوا أن يؤمنوا به. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 47364 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ” هوذا ابنك.. هوذا أمك..” (يو19: 26، 27) ![]() “فلما رأى يسوع أمه، والتلميذ الذى كان يحبه واقفاً. قال لأمه: يا امرأة هوذا ابنك. ثم قال للتلميذ: هوذا أمك. ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته” (يو19: 26، 27). على قمة الجلجثة.. فى موضع الموت.. حيث يتم تنفيذ حكم الإعدام صلباً، وبلا رحمة.. وقفت الوالدة، بكل ما يحمل قلبها من حب ورقة وحنان ومشاعر الأمومة الصادقة، لتبصر فى لوعة شديدة كل مراحل الصلب والعذاب لوحيدها المحبوب مخلّص العالم. هكذا كان يليق بالملكة أن تقف إلى جوار الملك وهو يملك على الخشبة، وترافقه بمشاعر محبتها الأمينة والوفية فى أدق اللحظات. لعلنا نسرح بخيالنا أمام هذا المشهد ونتذكر كلمات سفر النشيد وهو يقول “اخرجن يا بنات صهيون، وانظرن الملك سليمان بالتاج الذى توجته به أمه فى يوم عرسه، وفى يوم فرح قلبه” (نش3: 11). إن كانت الأمة اليهودية -كأم- قد توجت السيد المسيح بإكليل من شوك فى يوم عرسه، حينما اشترى الكنيسة -كعريس- بدمه على الصليب، إلا أن العذراء مريم.. كأم حقيقية.. بإدراكها لأبعاد الخلاص وبقبولها لتقديم وحيدها نفسه ذبيحة عن حياة العالم، قد توجّته بمشاعر محبتها وهى تقترب من المشهد بكل تسليم، وقد وهبت أمومتها الشخصية لأجل الكنيسة.. فاستحقت أن تصير أماً للجميع. وقد أكّد السيد المسيح هذه الحقيقة حينما وهب أمه ليوحنا تلميذه المحبوب.. جاعلاً إياها أماً للرسل ولجميع المؤمنين والشهداء، وصارت أماً روحية لكل من يؤمن بيسوع المسيح.. إلى جوار أنها هى العذراء الأم والدة الإله. الصليب والعذراء ويوحنا واللصين، يعبّر هذا المشهد عن الكنيسة كلها، جانب به أناس خطاة تائبين، والجانب الآخر أناس خطاة غير تائبين، والعذراء الشفيعة المؤتمنة، ويوحنا يرمز إلى كهنة العهد الجديد وخدام الرسل والكارزين والمبشرين الذين يخدمون خدمة المصالحة وقد صارت العذراء أماً لهم لأن العذراء هى رمز للكنيسة، والكنيسة هى أيضاً رمز للعذراء التى صار بها الخلاص لجنسنا. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 47365 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ” إلهى إلهى لماذا تركتنى؟ ” ( مت27: 46) “ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلاً: إيلى يلى لما شبقتنى، أى إلهى إلهى لماذا تركتنى؟” (مت27: 46).. يقول قداسة البابا شنودة الثالث -أطال الرب حياته: إن هذه العبارة لا تعنى ترك الآب للابن بمعنى الانفصال أو الابتعاد بينهما، ولكنها تعنى {لماذا تركتنى فى هذا العذاب}. مثلما يأخذ أحد الأشخاص ابنه لطبيب الأسنان ويمسك بيده وهو على كرسى الطبيب أثناء الحفر فى أسنانه، وحينما يشعر الابن بالألم يقول لأبيه (يا بابا أنت سايبنى ليه؟!) فيقول له والده (أنا معك يا ابنى ولم أتركك). ويكون ممسكاً بيده طول الوقت. لقد ترك الآب السماوى ابنه الحبيب يتألم ويذوق بنعمة الله الموت لأجل كل واحد (انظر عب2: 9). إن عبارة “لماذا تركتنى؟” قد قالها السيد المسيح فى صيغة سؤال. وكل سؤال له إجابة. وإجابة هذا السؤال نجدها فى إشعياء النبى الذى قال: “أما الرب فسُرَّ بأن يسحقه بالحزن إن جعل نفسه ذبيحة إثم” (إش 53: 10) بمعنى؛ أن الآب ترك الابن يتعذب على الصليب لأنه قَبِل بإرادته أن يفتدى البشرية وأن يدفع ثمن عقوبة خطايا البشر. إن فى سؤال السيد المسيح الذى صرخ به على الصليب، دعوة للجميع لكى يبحثوا عن الإجابة. وهى أنه “مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا” (إش53: 5). يضاف إلى ذلك أن السيد المسيح قد أراد تنبيه رؤساء اليهود إلى بداية المزمور الثانى والعشرين الذى يحوى نبوات كثيرة عن صلبه وعن سخريتهم به. وهو ما تمموه بالفعل وقت أن كان معلقاً على الصليب. فالمزمور الذى يبدأ بعبارة “إلهى إلهى لماذا تركتنى بعيداً عن خلاصى؟” يقول أيضاً “أما أنا فدودة لا إنسان. عار عند البشر ومحتقر الشعب. كل الذين يروننى يستهزئون بى. يفغرون الشفاه وينغضون الرأس قائلين: اتكل على الرب فلينجه. لينقذه لأنه سر به” (مز22: 6-8). لقد أراد السيد المسيح أن يجعلهم يخجلون من هجومهم عليه فنطق ببداية كلمات المزمور المعروف لديهم. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 47366 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ” إلهى إلهى لماذا تركتنى؟ ” ( مت27: 46) فى قول السيد المسيح فى نبوة المزمور: “أما أنا فدودة لا إنسان” هل صار بالفعل دودة وليس إنساناً؟! أم أنه يقصد أنه صار فى نظر اليهود مثل دودة محتقرة “عار عند البشر ومحتقر الشعب”. وهكذا عند قوله “لماذا تركتنى” يقصد أنه قد صار متروكاً فى نظرهم فقط لأنه صار مثل المصاب المضروب من الله كقول إشعياء النبى: “ونحن حسبناه مصاباً مضروباً من الله ومذلولاً. وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا” (إش53: 4، 5). فعبارة “ونحن حسبناه” توضح أن هذا كان فى فكر الناظرين إلى المصلوب. أما ما يحسم القضية فى كل هذا الجدال أنه فى نفس المزمور الذى يصف آلام السيد المسيح وثقب يديه ورجليه يقول: “يا خائفى الرب سبحوه.. لأنه لم يحتقر ولم يرذل مسكنة المسكين ولم يحجب وجهه عنه، بل عند صراخه إليه استمع” (مز22: 23، 24) إذن فالآب لم يحجب وجهه عن الابن على الصليب بل بالعكس لقد استمع إلى صراخه واستجاب له وقبل شفاعته الكفارية عن البشر، وهذا ما تتغنى به الكنيسة عن السيد المسيح فى لحن “Vai `etafenf فاى إيتاف إنف” {هذا الذى أصعد ذاته ذبيحة مقبولة على الصليب عن خلاص جنسنا، فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء على الجلجثة}. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 47367 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ولم يتركنى الآب وحدى تدّعى إيلين هوايت النبية المزعومة للأدفنتست السبتيين فى كتابها المشهور بعنوان “مشتهى الأجيال” أن يسوع المسيح الابن الوحيد، الإله المتأنس، قد انفصل عن الآب وقت آلامه. كما ينزلق البعض من الكُتّاب، ويتحدثون عن الترك الحتمى الذى تركه الآب للابن وقت الصلب لكى لا يلحق عار الصليب بالآب، ويستندون فى ذلك إلى قول السيد المسيح على الصليب: “إلهى إلهى لماذا تركتنى” (مت27: 46، انظر مز22: 1). عدم الترك، وعدم الانفصال يلزمنا أن نبحث فيما ورد فى الكتب المقدسة عن استحالة ترك الآب للابن بمعنى تباعده عنه، واستحالة انفصاله عنه بأى حال من الأحوال. عدم الترك نبدأ بما قاله السيد المسيح نفسه وسجّله القديس يوحنا الرسول فى إنجيله فى عدة مواضع: ففى حديث السيد المسيح مع تلاميذه فى ليلة آلامه وقبل القبض عليه وصلبه مباشرة قال لهم: “هوذا تأتى ساعة وقد أتت الآن تتفرقون فيها كل واحد إلى خاصته وتتركوننى وحدى. وأنا لست وحدى لأن الآب معى” (يو16: 32). وفى حديثه مع اليهود، أراد أن يشير إلى أن أحداث صلبه وقيامته المقبلة سوف تكشف للكثيرين أنه هو الله الكلمة المتجسد الذى قهر الموت وانتصر عليه بموته وبقيامته. وأن هذه الأمور كلها هى بتدبير إلهى واحد، وبقدرة إلهية واحدة، لا ينفصل فيها الابن عن الآب، ولا يترك فيه الآب الابن “فقال لهم يسوع: متى رفعتم ابن الإنسان (أى متى رفعوه على الصليب) فحينئذ تفهمون أنى أنا هو. ولست أفعل شيئاً من نفسى، بل أتكلم بهذا كما علمنى أبى. والذى أرسلنى هو معى ولم يتركنى الآب وحدى لأنى فى كل حين أفعل ما يرضيه” (يو8: 28، 29). وقد قال إشعياء النبى عن واقعة الصلب: “أما الرب فسرَّ (أى كان مسروراً) بأن يسحقه بالحزن إن جعل نفسه ذبيحة إثم يرى نسلاً تطول أيامه ومسرة الرب بيده تنجح” (إش53: 10). فقول السيد المسيح: “لم يتركنى الآب وحدى، لأنى فى كل حين أفعل ما يرضيه” (يو8: 29) ينطبق بالأكثر على واقعة الصلب التى قدّم فيها طاعة حتى الموت للآب السماوى، وصنع مسرته. بدليل قول إشعياء النبى عن الآب أنه “سر بأن يسحقه بالحزن” وعن مسرة الآب به “ومسرة الرب بيده تنجح”. وإذا كان الآب لم يترك الابن وحده فى أى وقت منذ أن أرسله إلى العالم، لأنه يفعل فى كل حين ما يرضيه، فمن باب أولى لا يتركه حينما يفعل مسرته فى طاعة كاملة بتقديم نفسه ذبيحة من أجل خلاص العالم. ولا شك أن عبارة كل حين تشمل وقت آلامه. عدم الانفصال معلوم يقيناً أن الجوهر الإلهى واحد لا يتجزأ ولا ينقسم. ولذلك فإن الآب والابن والروح القدس يجمعهم معاً جوهر واحد وكينونة واحدة ولهم طبيعة إلهية واحدة، بالرغم من التمايز الأقنومى لكل منهم، إذ أن الآب له الأبوة والابن له البنوة والروح القدس له الانبثاق. وقد تكلّم السيد المسيح كثيراً عن وحدانيته مع الآب فقال فى حديثه مع الآب عن تلاميذه: “ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحدٌ” (يو17: 22) وقال أيضاً: “ليكون الجميع واحداً كما أنك أنت أيها الآب فىّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتنى” (يو17: 21). وقال لليهود: “إن كنت لست أعمل أعمال أبى فلا تؤمنوا بى. ولكن إن كنت أعمل، فإن لم تؤمنوا بى فآمنوا بالأعمال لكى تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فىّ وأنا فيه” (يو10: 37، 38). وقال لهم أيضاً: “أنا والآب واحد” (يو10: 30)، بما لا يدع مجالاً للشك فى عدم الانفصال. وقال السيد المسيح لتلميذه فيلبس ولسائر تلاميذه: “الذى رآنى فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب. ألست تؤمن أنى أنا فى الآب والآب فىّ. الكلام الذى أكلمكم به لست أتكلم به من نفسى لكن الآب الحال فىَّ هو يعمل الأعمال. صدقونى أنى فى الآب والآب فىَّ” (يو14: 9-11). إنه من المستحيل أن ينفصل الآب عن الابن من حيث لاهوته وإلا دخلنا فى تعدد الآلهة. كما إنه من المستحيل أن ينفصل لاهوت الابن عن ناسوته، أى أن تنفصل طبيعته الإلهية عن طبيعته الإنسانية. فمثلاً حينما قال السيد المسيح لتلميذه فيلبس: “الذى رآنى فقد رأى الآب.. ألست تؤمن أنى أنا فى الآب والآب فىَّ”، من الواضح أن الذى رآه فيلبس هو جسد السيد المسيح المتحد باللاهوت، أى هو الله الكلمة المتجسد، ولا يمكن لفيلبس أن يرى لاهوت المسيح مجرّداً، لأن الله الابن قال لموسى عن مجد لاهوته: “الإنسان لا يرانى ويعيش” (خر33: 20). وقال القديس يوحنا الإنجيلى عن الآب: “الله لم يره أحد قط. الإله الوحيد الجنس الذى هو فى حضن الآب هو خبّر” (يو1: 18). أى أن لاهوت المسيح حينما اتحد بالناسوت، أعطانا الإمكانية أن نرى الله حينما تجسد الله الكلمة. فعبارة “الذى رآنى فقد رأى الآب” تؤكد عدم انفصال الناسوت عن اللاهوت فى المسيح الواحد. ونفس الأمر ينطبق على أعمال السيد المسيح التى عملها، وكلامه الذى قال وهو فى الجسد فهذه كلها كان يعملها وينطق بها بناسوته المتحد باللاهوت. مثل لمسه بيده للأبرص الذى شفاه “فمدّ يده ولمسه.. وللوقت ذهب عنه البرص” (لو5: 13)، وعبارة “لعازر هلم خارجاً” (يو11: 43) التى نطق بها بفمه وأقام لعازر من الموت. وعن ذلك قال السيد المسيح: “الكلام الذى أكلمكم به لست أتكلم به من نفسى (أى منفصلاً عن الآب). لكن الآب الحال فىَّ هو يعمل الأعمال” (يو14: 10). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 47368 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الله لا يتركنا نبدأ بما قاله السيد المسيح نفسه وسجّله القديس يوحنا الرسول فى إنجيله فى عدة مواضع: ففى حديث السيد المسيح مع تلاميذه فى ليلة آلامه وقبل القبض عليه وصلبه مباشرة قال لهم: “هوذا تأتى ساعة وقد أتت الآن تتفرقون فيها كل واحد إلى خاصته وتتركوننى وحدى. وأنا لست وحدى لأن الآب معى” (يو16: 32). وفى حديثه مع اليهود، أراد أن يشير إلى أن أحداث صلبه وقيامته المقبلة سوف تكشف للكثيرين أنه هو الله الكلمة المتجسد الذى قهر الموت وانتصر عليه بموته وبقيامته. وأن هذه الأمور كلها هى بتدبير إلهى واحد، وبقدرة إلهية واحدة، لا ينفصل فيها الابن عن الآب، ولا يترك فيه الآب الابن “فقال لهم يسوع: متى رفعتم ابن الإنسان (أى متى رفعوه على الصليب) فحينئذ تفهمون أنى أنا هو. ولست أفعل شيئاً من نفسى، بل أتكلم بهذا كما علمنى أبى. والذى أرسلنى هو معى ولم يتركنى الآب وحدى لأنى فى كل حين أفعل ما يرضيه” (يو8: 28، 29). وقد قال إشعياء النبى عن واقعة الصلب: “أما الرب فسرَّ (أى كان مسروراً) بأن يسحقه بالحزن إن جعل نفسه ذبيحة إثم يرى نسلاً تطول أيامه ومسرة الرب بيده تنجح” (إش53: 10). فقول السيد المسيح: “لم يتركنى الآب وحدى، لأنى فى كل حين أفعل ما يرضيه” (يو8: 29) ينطبق بالأكثر على واقعة الصلب التى قدّم فيها طاعة حتى الموت للآب السماوى، وصنع مسرته. بدليل قول إشعياء النبى عن الآب أنه “سر بأن يسحقه بالحزن” وعن مسرة الآب به “ومسرة الرب بيده تنجح”. وإذا كان الآب لم يترك الابن وحده فى أى وقت منذ أن أرسله إلى العالم، لأنه يفعل فى كل حين ما يرضيه، فمن باب أولى لا يتركه حينما يفعل مسرته فى طاعة كاملة بتقديم نفسه ذبيحة من أجل خلاص العالم. ولا شك أن عبارة كل حين تشمل وقت آلامه. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 47369 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() عدم الانفصال معلوم يقيناً أن الجوهر الإلهى واحد لا يتجزأ ولا ينقسم. ولذلك فإن الآب والابن والروح القدس يجمعهم معاً جوهر واحد وكينونة واحدة ولهم طبيعة إلهية واحدة، بالرغم من التمايز الأقنومى لكل منهم، إذ أن الآب له الأبوة والابن له البنوة والروح القدس له الانبثاق. وقد تكلّم السيد المسيح كثيراً عن وحدانيته مع الآب فقال فى حديثه مع الآب عن تلاميذه: “ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحدٌ” (يو17: 22) وقال أيضاً: “ليكون الجميع واحداً كما أنك أنت أيها الآب فىّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتنى” (يو17: 21). وقال لليهود: “إن كنت لست أعمل أعمال أبى فلا تؤمنوا بى. ولكن إن كنت أعمل، فإن لم تؤمنوا بى فآمنوا بالأعمال لكى تعرفوا وتؤمنوا أن الآب فىّ وأنا فيه” (يو10: 37، 38). وقال لهم أيضاً: “أنا والآب واحد” (يو10: 30)، بما لا يدع مجالاً للشك فى عدم الانفصال. وقال السيد المسيح لتلميذه فيلبس ولسائر تلاميذه: “الذى رآنى فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب. ألست تؤمن أنى أنا فى الآب والآب فىّ. الكلام الذى أكلمكم به لست أتكلم به من نفسى لكن الآب الحال فىَّ هو يعمل الأعمال. صدقونى أنى فى الآب والآب فىَّ” (يو14: 9-11). إنه من المستحيل أن ينفصل الآب عن الابن من حيث لاهوته وإلا دخلنا فى تعدد الآلهة. كما إنه من المستحيل أن ينفصل لاهوت الابن عن ناسوته، أى أن تنفصل طبيعته الإلهية عن طبيعته الإنسانية. فمثلاً حينما قال السيد المسيح لتلميذه فيلبس: “الذى رآنى فقد رأى الآب.. ألست تؤمن أنى أنا فى الآب والآب فىَّ”، من الواضح أن الذى رآه فيلبس هو جسد السيد المسيح المتحد باللاهوت، أى هو الله الكلمة المتجسد، ولا يمكن لفيلبس أن يرى لاهوت المسيح مجرّداً، لأن الله الابن قال لموسى عن مجد لاهوته: “الإنسان لا يرانى ويعيش” (خر33: 20). وقال القديس يوحنا الإنجيلى عن الآب: “الله لم يره أحد قط. الإله الوحيد الجنس الذى هو فى حضن الآب هو خبّر” (يو1: 18). أى أن لاهوت المسيح حينما اتحد بالناسوت، أعطانا الإمكانية أن نرى الله حينما تجسد الله الكلمة. فعبارة “الذى رآنى فقد رأى الآب” تؤكد عدم انفصال الناسوت عن اللاهوت فى المسيح الواحد. ونفس الأمر ينطبق على أعمال السيد المسيح التى عملها، وكلامه الذى قال وهو فى الجسد فهذه كلها كان يعملها وينطق بها بناسوته المتحد باللاهوت. مثل لمسه بيده للأبرص الذى شفاه “فمدّ يده ولمسه.. وللوقت ذهب عنه البرص” (لو5: 13)، وعبارة “لعازر هلم خارجاً” (يو11: 43) التى نطق بها بفمه وأقام لعازر من الموت. وعن ذلك قال السيد المسيح: “الكلام الذى أكلمكم به لست أتكلم به من نفسى (أى منفصلاً عن الآب). لكن الآب الحال فىَّ هو يعمل الأعمال” (يو14: 10). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 47370 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ” قد أُكمل ” ( يو19: 30) “فلما أخذ يسوع الخل قال قد أكمل” (يو19: 30) كلمة “قد أكمل” ليس معناها أن عمل المسيح الخلاصى قد انتهى بالنسبة لنا، ولكنها بمعنى قد أكمل العمل المطابق للنبوات المختصة بالآلام وبالصليب، لأنه بمجرد أن أسلم روحه على الصليب نزل إلى الجحيم كغالب وخرج غالباً ولكى يغلب وانتصر على جحافل الظلمة وأخرج المسبيين آدم وبنيه وأصعدهم معه إلى الفردوس. وصار يعمل لساعات طويلة جداً إلى أن قام من الأموات. كان أمامه عمل جبار هائل إلى جوار المرحلة الخطيرة، مرحلة تحطيم الجحيم وفتح الفردوس ثم القيامة من الأموات، وبهذا يكمل عمل الفداء على الأرض ثم يليه صعوده إلى السماوات ليشفع أمام الآب السماوى ولكى يحضر موعد الروح القدس. فكلمة قد أكمل ليس معناها أن انتهى عمل المسيح الخلاصى ولكن معناها أن انتهى عمله فى التألم على الصليب إلى حد الموت، بمعنى أكمل عمل الآلام إلى حد الموت ولكن ليس أكمل العمل الخلاصى كله لأن عمل الخلاص لم ينته بالصليب بل امتد إلى ما بعد الصليب أيضاً. |
||||