04 - 08 - 2014, 01:20 PM | رقم المشاركة : ( 4721 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عدد السموات في الكتاب المقدس
1- سماء الطيور: السماء التى يطير فيها الطير، هذا الجو المحيط بنا. ولذلك قال عنها الكتاب طير السماء (تك 26:1)، وطيور السماء (تك 3:7). وهذه السماء فيها السحاب ومنها يسقط المطر (تك 2:8). ويمكن أن تسبح فيه الطائرات حالياً، وتحت السحاب، أو فوق السحاب... 2-هناك سماء ثانية، أعلى من سماء الطيور، وهى سماء الشمس والقمر والنجوم. أى الفلك أو الجلد "ودعا الله الجلد سماء" (تك 8:1). وهكذا يقول الكتاب نجوم السماء (مر25:13). وهى التى قيل عنها فى اليوم الرابع من أيام الخليقة "وقال الله لتكن أنوار فى جلد السماء.. لتنير على الأرض.. فعمل الله النورين العظيمين .. والنجوم" (تك1 :14-17). وهذه غير سماء الطيور.. ومع ذلك فحتى هذه السماء ستنحل وتزول فى اليوم الأخير، إذ تزول السماء والأرض (مت 18:5). وكما قال القديس يوحنا فى رؤياه "ثم رأيت سماء جديدة وأرضاً جديدة، لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا، والبحر لا يوجد فيما بعد" (رؤ 1:21). 3- السماء الثالثة، هى الفردوس: وهى التى صعد إليها بولس الرسول، وقال عن نفسه "اختطف هذا إلى السماء الثالثة.. أختطف إلى الفردوس" (2كو 12 : 2 ،4). وهى التي قال عنها الرب للص اليمين "اليوم تكون معى فى الفردوس" (لو 43:23). وهى التى نقل إليها الرب أرواح أبرار العهد القديم الذين أنتظروا على رجاء، واليها تصعد أرواح الأبرار الآن .. إلى يوم القيامة، حيث ينتقلون إلى أورشليم السمائية (رؤ 21). 4- وأعلى من كل هذه السماوات، توجد سماء السموات ... قال عنها داود فى المزمور "سبحيه يا سماء السموات" (مز 4:148). وهى التى قال عنها السيد المسيح "ليس أحد صعد إلى السماء، إلا الذى نزل من السماء، إبن الإنسان الذى هو فى السماء" (يو 13:3). إنها السماء التى فيها عرش الله. قال عنها المزمور "الرب فى السماء كرسيه" (مز 11 : 4 ، 103 : 19). وأمرنا السيد ألا نحلف بالسماء لأنها كرسى الله (مت 34:5). وهذا ما ورد فى سفر أشعياء (1:66). وما شهد به القديس اسطفانوس أثناء رجمة، حيث رأى السماء مفتوحة، وابن الإنسان قائماً عن يمين الله (أع 7 : 55 ، 56). كل السماوات التى وصل إليها البشر، هى لا شىء إذا قيست بالنسبة إلى تلك السماء، سماء السموات. ولذلك قيل عن ربنا يسوع المسيح: "قد إجتاز السموات" (عب 14:4)، "وصار أعلى من السموات" (عب 26:7). وقد ذكر سليمان الحكيم سماء السماوات هذه يوم تدشين الهيكل. فقال للرب فى صلاته "هوذا السموات وسماء السموات لا تسعك" (1مل 27:8)، (2 أى 18:6). سماء السموات هذه لم يصعد إليها أحد من البشر. الرب وحده هو الذى نزل منها، وصعد إليها. ولذلك قيل عنها فى سفر الأمثال: من صعد إلى السماء ونزل .. ما إسمه وما اسم ابنه إن عرفت (أم4:30). أتسال إذن عن السموات التى ورد ذكرها فى الكتاب. إنها سماء الطيور (الجو)، وسماء الكواكب والنجوم (الجلد - الفلك)، والسماء الثالثة (الفردوس)، وسماء السموات التى لم يصعد إليها أحد |
||||
04 - 08 - 2014, 01:21 PM | رقم المشاركة : ( 4722 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تهيئة الأهل والأخوة من رسائل الشيخ المغبوط باييسيوس الآثوسي تهيئة الأهل والأخوة : لأنّ مفاجأتك لهم بالخبر ربّما تؤذي صحتهم , إن كانوا يشكون من مرض ما , فيُسبّبوا مشاكل للدير . لذا حاول قدر استطاعتك أن تحلّ كل مشاكلك الدنيوية في العالم لتكون مستعداً للدخول إلى الدير , فترتبط بشركة الأخوة مُتمّماً صلاة السبحة بهدوء . حاول أن تُهيّئ أهلك مُكلّماً إياهم بلغة يمكنهم فهمها من أن تكلّمهم بلغة الإنجيل والآباء (إن كانوا يجهلونها أو لايريدون فهمها) لئلا يشتموا الآباء القديسين فيخطئوا وتكون أنتَ السبب. لتكن عيناك منتبهتين أثناء إقامتك في العالم , خاصة عندما تُعلن لأهلك بأنّك ستترك العالم , لأنّهم سيدفعون أشخاصاً لتعويقك بهدف تزويجك , لئلا تتركهم فيخسرونك من بينهم . (وكأنّ الذين يتزوّجون يبقون بقربهم !) لذا , يأخي , أهرب بعيداً عن الحفلات وأمثالها وحتى العائلية منها , فإن فيها الِفخاخ . فإنك وإن وقعْتَ فيها ولو مرة واحدة تكفيك العمر كلّه لتكون أسيراً لها . لأنها ستجرّك إليها دوماً . وإذا سألْتَ أهلك بأسلوب ناعم إن كانوا راضين في حياتهم الدنيوية , فإنهم علاوة على أنهم يرغبون بها , سوف يجيبونك أنهم نادمون , ورغم ذلك يحاولون إشراك نفوساً دعاها الله للحياة الملائكية فيما هم يعيشون . والمستغرب أن بعض الأهل يستخدمون طرقاً شيطانية لتحقيق هدفهم هذا . تفهمون إذاً جيداً إلى أي حد سيجعل هؤلاء الأهل أولادهم تعساء بالإضافة إلى الخطيئة التي يُسبّبونها لأنفسهم . لذا أهرب بعيداً عن الحفلات وما شاكلها ... لأن أية صلة تربطنا بهذه الأمور ؟! فإننا لا مع أفراحهم ولا مع أتراحهم ننسجم . فهم يواجهونها بعكس ما نواجهها نحن , إذن , ما شأننا وشأنهم ؟ وبالإجمال أهرب من كل مايذكّرك (ولو قليلاً) بإنسانك القديم , إن كنتَ تريد العافية لنفسك ولجسدك لأنها ستكون ضرورية لك في الدير الذي ستقصد غداً. واعلم أنّ كل جرح تَلقّيته عن عدم انتباهك في العالم , صغيراً كان أم كبيراً, سيؤخّرك في الدير , وبالتالي ستحتاج إلى طبيب روحي خبير ليتتبّعك , وطبيعي أنك ستتحمّل ما ستتعرّض له من تغيّرات في مسيرتك في الدير . المصدر : كتاب بعنوان " رسائل الشيخ المغبوط الذكر الراهب باييسيوس الآثوسي |
||||
04 - 08 - 2014, 01:23 PM | رقم المشاركة : ( 4723 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عمل الله كل يوم للجميع
لا تكون الحياة ممكنة لديك ما لم تكن قائمة على أمرَين: - شعورك العميق باليقين، ولو الجزئي، بصوابيّة ما تفعل أو ما تقول أو ما تفكّر فيه. - الثقة التي يوحي لك بها شعورك باليقين هذا حيال كائن ما أو أمر ما ترغب في تعاطيه. فمثلاً، إذا لم يكن لديك شعور بأنّ الطبيب الذي أنت عازم على الذهاب إليه يمكن أن ينفعك (يقين) فإنّك لا تُسلمه نفسك ولا تتبع إرشاداته (ثقة). إذا لم يكن لديك شعور بأنّ الطريق الذي تودّ سلوكه آمن (يقين) فأنت لا تنطلق فيه إلى حيث تحبّ أن تكون (ثقة). حتى الكرسي الذي تجلس عليه، إذا لم تكن مطمئناً إليه (يقين) فإنّك لا ترخي بثقلك عليه (ثقة). كل تفصيل في وعي الناس أساسه هذه الآلية، آلية اليقين والثقة، وإلاّ يقعون في العشوائية والهلاك. هذا ما يجعلك تبادر أو تستجيب حسناً لكل أمر. هذا ما يجعل عجلة يوميّاتك تدور. لذا كان الإيمان، من حيث هو جملة اليقين والثقة معاً، ضرورة حياة لا غنى عنها. من دونه لا تتفعّل الحياة. الحياة من دون إيمان تموت. من هنا أنّ الإيمان، لإرادة الإنسان، هو القوّة اللازمة لتنميتها وتحريكها في هذا الاتجاه أو ذاك. إلى هذا الواقع، الإنساني جداً، ينتمي الإيمان بالربّ يسوع المسيح. يحدّد لك الإيمان بالربّ يسوع المسيح، له المجد، أمرَين أساسيّين: - الهدف الذي تضعه نصب عينيك في كل أمر. - آلية اليقين والثقة الكفيلة بإيصالك إلى هذا الهدف. أمّا القصد فمحدّد عندنا بكلمات كالتالية: "إن كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئاً فافعلوا كل شيء لمجد الله" (1 كو 10: 31). إذاً ما نصبو إليه، في كل حال، هو تمجيد الله. وبما أنّ الله ممجَّد في قدّيسيه فهذا معناه أنّ الإنسان يمجِّد الله متى سلك في القداسة، أي متى كان واعياً متبنّياً لكونه مُفرَزاً لله، مهتمّاً بالسلوك في طاعة الله. بكلام آخر، كما أفرغ الربّ يسوع ذاته من ذاتيته، أي من مشيئته الخاصة، وجعل نفسه خادماً، بالمحبّة، للناس، وبذا مجَّد الله أباه، كذلك يمجِّد اللهَ مَن يُفرغ ذاته ويجعل نفسه، بالمحبّة، خادماً ليسوع. كيف يمجِّد الإنسانُ اللهَ إذاً؟ باستعباد نفسه لله اقتداء بيسوع، باعتبار يسوع غاية كل شيء لديه. متى كان له مثلُ هذا الفكر، في عمق قلبه، إذ ذاك يستطيع، بما يأكل وبما يشرب وبما يفعل، أن يمجِّد الله. عملياً، كيف يتمثّل ذلك لدينا؟ غير صحيح البتّة أنّ هناك أموراً، في حياتنا، لها علاقة بالله، وأموراً أخرى لا علاقة لها بالله. المشي، النوم، الكلام، النظر، السمع، اللمس، كلّها، من أبسط التفاصيل حتى إلى أعقدها، لها علاقة بالله. كلّها لله. فقط الخطيئة لا علاقة لها بالله لأنّها تقطع عن الله. لذا قيل: "كل مَن يخطئ لم يبصره [الله] ولا عرفه" (1 يو 3: 6). لذلك المسعى الأول والأخير لدى المؤمن بالربّ يسوع هو أن يرتحل ذهنُه، في كل حال، إلى الله. أيَرضى الله بذلك؟ أيليق ذلك بالله؟ كيف أُتمِّم بذلك عمل الله؟ أيساعدني ذلك في الوصول إلى الله؟ كمؤمن لا يسعني أن أتصرّف وكأنّي لنفسي، حرّ بما آتيه على هواي. أنا لست لنفسي. أنا لله. الهاجس الإلهي ينبغي أن يتخلّلني، أن يشتملني. هو مناخي ونَفَسي وملء وعيي حتى إلى لا وعيي. متى أضحت مشيئة الله، في عمقي، في نيّة قلبي، هي ما أتشوّف إليه وما أهتمّ، بصدق، في حدود طاقتي، بإتمامه، في كل أمر، إذ ذاك أكون قد دخلت في نطاق روح الله ويكون روح الله قد دخل في نطاق حياتي وصار لي مشيراً وعشيراً. ساعتئذ يصير حضور الله وعمله وعجائبه، في حياتي، بديهية كالهواء، ويغدو ميسَّراً لي أن أثق بأنّ الله يسمع لي ومهما طلبت منه يسمعني ويستجيب لي في خطّ القول الإلهي: "هذه هي الثقة التي لنا عنده أنّه إن طلبنا شيئاً حسب مشيئته يسمع لنا. وإن كنّا نعلم أنّه مهما طلبنا يسمع لنا نعلم أنّ لنا الطلبات التي طلبناها منه" (1 يو 5: 14 - 15). طبعاً بلوغ تلك الحالة مرحلة متقدّمة في الحياة الروحيّة. قبل ذلك، كل إنسان، أنا وأنتَ وأنتِ، في الطريق إلى هناك، مهما كان مقصِّراً، قادر، بنعمة من فوق، على أن يختبر حضور الله وعمله في ما يقوم به، إذا ما كان، ولو في طفرة حماس ظرفي، يعمل ما يعمله، بصدق، لوجه الله. حتى لو لم يكن سعينا إلى التماس وجه الله متواتراً يتسنّى لنا ذلك. نختبر حضور الله وعنايته حتى في القليل الذي نقوم به. نعمة الله تفعل ذلك حتى لا تفوت أيّاً منّا فرصة أن يصحو إلى محبّة الله، حتى يتوب إليه، حتى ينشط في إتمام وصاياه. أمثلتنا على ذلك عديدة ويوميّة. الله يعطيك ويراعي ضعفك حتى تقوى به. مهما كانت الخطوة التي تخطوها في اتجاه الله صغيرة، ولكن أصيلة، فإنّ الله يقابلك بخطوة في مستوى ما يناسبك وينفعك. رحمته تتبعك جميع أيّام حياتك. دونك بعض هذه الأمثلة. + أحببتَ أن تنزلَ إلى الدير لتشترك في الخدمة الإلهية لأحد الأعياد خلال الأسبوع. تبدأ الخدمة في السابعة صباحاً. لا سيارة لديك ولا تعرف أحداً نازلاً إلى هناك. تخطر ببالك أفكار: أنا تعب. سهرت البارحة. أليس خيراً لي أن أرتاح؟ لِمَ لا أُؤجّل النزول إلى الأسبوع المقبل؟ ثمّ إذا لم ألقَ سيارة فعليّ أن أمشي، فماذا إذا أمطرت السماء في الطريق؟ هذه وغيرها من الأفكار تقلقك. رغم ذلك تُخرس فيك كل ما يُقعدك عن النزول. تقوم بكل شهامة. تعدّ نفسك وتنطلق على بركة الله. متى فعلت ذلك هيّأت نفسك لعمل الله فيك. توقّع ما لم يخطر ببالك! عناية ربّك وتعزيته آتية لا محالة لأنّك التمست وجهه بصدق وبذلت ولو القليل من الجهد. بعض الأمور التي قد تحدث تكون كالتالية: يلتقيك جارك وهو ذاهب في سيارته إلى عمله، في ساعة مبكّرة غير المعتادة، وهو عابر بالدير فيأخذك معه. يتحسّن الطقس فجأة فتصل إلى الدير وفي قلبك سلام وفرح لا تعرف سبباً لهما. تجد نفسك أثناء الخدمة الإلهية وقد انفتح ذهنك على نور الله فانتعشت نفسك بعد أن كنتَ ذابلاً واشتملتك رحمة الله وشعرتَ في قرارة نفسك بحضرة لله لا توصف. هذه فقط عيّنة مما قد يمنّ به الربّ الإله عليك. طبعاً أنت لا تعرف ما في انتظارك ولكنّك تعلم أنّ سيِّدك حيّ ويعتني بك بطرق هو يعلَمها. هكذا تجدك، لأنّك قويت على نفسك، ولو قليلاً، لأجل الله، تتنسّم نسيمات إلهية لا إلفة لك بها في عاديّاتك اليوميّة. + قد تجد نفسك عاطلاً عن العمل وأنت بأمسّ الحاجة إلى ما تعيل به أهل بيتك. تسعى ولا تجد. يصير القرش لديك عزيزاً. لا يبقى في جيبك إلاّ عشرون ألف ليرة. تنزل إلى السوبر ماركت فتجده عامراً بالمشتَرين. تأخذ ما أنت بحاجة إليه وتعطي صاحب المحل قطعة العشرين ألفاً. في تلك اللحظة بالذات ينشغل الرجل عنك بأمر آخر. ثمّ إذ يعود يردّ إليك باقي المال وكأنّك دفعت له خمسين ألفاً لا عشرين ألفاً. تنظر إلى ما أعطاك. تخطر ببالك أفكار بسرعة. لِمَ لا آخذها؟ هو يربح، في كل حال، الكثير. ثمّ أنا بحاجة للمال. تهمّ بالانصراف. فجأة يستوقفك ضميرك. كلا! لا يرضى الله بذلك. أنا بحاجة؟ الله وكيلي! لا آكلنّ مالاً حراماً! فتلتفت إلى صاحب المحل وتقول له: ولكن يا أخي أنا لم أُعطِك خمسين ألفاً. أعطيتك فقط عشرين ألفاً! يتحرّك قلب الرجل تجاهك. يدخل معك في حديث. أين تقيم؟ ماذا تعمل؟ فيعرف منك أنّك عاطل عن العمل. للحال يعرض عليك أن تعمل معه. مَن حرّك قلب الرجل؟ ولماذا تحرّك؟ أليس لأنّك خفت الله؟ هكذا تتعلّم أنّ السلوك في الوصيّة الإلهية ولو بدا مزعجاً وغير منتِج، لأول وهلة، فإنّك لا تلبث أن تكتشف أنّه مملوء ثمراً وتعزية إلهية. لكنّك لا تعرف لا كيف ولا متى تأتيك التعزية. فقط عليك أن تلازم الأمانة فيأتيك مجد الله. + ذهبتْ مجموعة من المؤمنات مرّة لزيارة بعض الكنائس القديمة. أخذن معهنّ طعاماً. مررن ببعض المواقع الأثرية. أخيراً حلّت الظهيرة. أين سيتناولن طعام الغذاء؟ كنّ يشعرن بالحرج أن يدخلن إلى مطعم لا سيّما ومعهنّ طعامهنّ. قلن: الله يدبّر! بلغن كنيسة لم تكن بالبال دلّهنّ عليها أحد العابرين. فلمّا بلغن مقدّمة الكنيسة اكتشفن أنّ أمامها ساحة جميلة تظلّلها أشجار السنديان وفي الوسط طاولة ومقاعد. وهو تماماً ما كنّ بحاجة إليه في تلك الساعة بالذات. فبسطن طعامهنّ وتناولنه بفرح وشكر. شعورهنّ كان أنّ الربّ الإله سبق فأعدّهنّ للمكان ودفعهنّ إليه ليتعلمن أن يكنّ بلا همّ. حتى أبسط التفاصيل الله يهتمّ به. وهو يُكرم أحبّاءه ويعزّيهم. المهمّ أن يسلكوا في مخافته وعلى بركته. ثمّةَ أمر لا بدّ من إدراكه في شأن الله أنّه متحرِّق أبداً لخلاصنا. يبادر إلينا كلّما امتددنا صوبه بصدق مهما سبق لنا أن أعرضنا عنه. لا يترك الله فرصة تفوته لمنفعتنا. هو مستعد أبداً لأن يجعل نفسه في متناول الجميع، كلاً على قياسه وفي اللغة التي يفهمها. لذلك اللهُ أقرب إلينا مما نتصوّر. ولكنْ فقط إذا كان امتدادنا صوبه بإيمان، بيقين وثقة، يكشف لنا ذاته ويُبدي لنا عنايته. طبعاً هو، في كل الأحوال، في سعي إلى حمل كل الناس إلى التوبة إليه. إلاّ أنّه يجعل نفسه، بيسر، عشيراً، في تفاصيل الحياة اليوميّة، للذين يبدون إيماناً ولو بمقدار حبّة خردل. وكما تصير حبّة الخردل شجرة تتآوى في أغصانها طيور السماء (مت 13: 31 ? 32) يمكن لأقل الإيمان لدينا أن يبلّغنا عمق محبّة الله. والباقي تفاصيل. المهم أن ندرك أنّ الله أبونا. بعد ذلك لا يعود لنا همّ. مفتاح العلاقة مع الله قد يكون كلمة أو حادثاً بسيطاً. مَن له أذنان للسمع فليسمع! في قصّة طريفة أنّ عصفورَين كانا في أعلى شجرة يعاينان الناس. لاحظا أنّ كل الوجوه قلقة لا فرح فيها. فقال أحدهما للآخر: لماذا الناس مضطربون على هذا النحو؟ فأجاب الآخر: يبدو أنّه ليس لهم أب يعتني بأمرهم كما لنا نحن! أليس صحيحاً أن جلّ تعب الناس مردّه ابتعادهم عن الله؟ "تعالوا إليّ يا جميع المتعَبين والثقيلي الأحمال وأنا أُريحكم" |
||||
04 - 08 - 2014, 01:25 PM | رقم المشاركة : ( 4724 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لقد فوجئ الله بالشر الأب سامي حلاق اليسوعي كثيراً ما ننسب الشرّ إلى الله أو أقلّه نعلن أنّ له ضلعاً فيه. فماذا يحدث لو افترضنا أنّ الله فوجئ بالشر؟ لعلّها الطريقة الوحيدة لتبرئته من هذه التهمة، أي مسؤوليتّه المباشرة أوغير المباشرة في الشر. وإذا مسّت هذه الفكرة صفة من صفات الله، كصفته ضابطاً للكل، فليكن. فهو لا يضبط الكلّ كما نظن، أي يتحكّم بكلّ شيء، وكأنّ هذا "الكلّ شيء" فاقد الإرادة، بل هو ضابط لكلٍّ حرٍ قادرٍ على فعل الشر، مثلما تضبط الشرطة المجتمع لكنّها لا تستطيع منع الجريمة. وإذا مسّت فكرة تفاجئ الله سعة علمه، هل نستطيع التأكيد أننا نعرف حقّاً ما تعنيه عبارة "سعة علم الله"؟ أمر واحد يدفعنا إلى افتراض تفاجئ الله بالشر: إذا كنّا نؤمن بأنّ الله لم يخلق الشّر، ولم يخطّط له، فلا بدّ وأنّه فوجئ بحدوثه. فهل تعني المفاجأة أنّ الله كان "يجهل" أنّ أمراً كهذا سيحدث؟ للإجابة عن هذا السؤال، دعونا نتبع تسلسل النصوص الكتابيّة التي تخبرنا عن ظهور الشّر لأوّل مرّة في التاريخ الله يتوقّع الشّر ويُفاجأ بحدوثه تُطلعنا الفصول الستة الأولى من سفر التكوين على عدّة قصصٍ لشّرٍ حصل من دون أن يكون متوقّعاً. ففي الفصول الثلاثة الأولى، يبدو أنّ الله خلق خليقةً حسنة. ثمّ تأتي حيّة غامضة "هي أحيل جميع حيوانات الحقول التّي صنعها الربّ الإله" (تك3/1)، وتبلبل النظام القائم. ويسقط آدم وحوّاء في التجربة. وفي اليوم التالي:"نادى الربّ الإنسان وقال له: أين أنت؟ قال: إني سمعتُ وقع خطاكَ في الجنّة فخفتُ لأنيّ عريان فاختبأتُ. قال: فمَن أعلمكَ أنّكَ عريان؟ هل أكلتَ من الشجرة التي أمرتكَ ألا تأكل منها؟..." تك3/9-11 يبدو من هذا الحوار أنّ الله فوجئ بعصيان آدم. لكنّه كان يتوقّع ذلك وإلاّ، لماذا منع الأكل من شجرة معرفة الخير والشر؟ (تك2/16-17). ألا نمنع ما نتوقّع احتمال حدوثه؟ أو أقلّه ما يمكنه أن يغوي؟ لذلك يمكننا القول، إنّ الله كان يتوقّع الشّر، واتخذ كافّة الإجراءات المتاحة له ليمنعه، لكنّه فوجئ بأنّه حصل. تماماً كما يربّي الأهل أولادهم تربية حسنة، ويحمونهم بشتى الوسائل من الانحراف. لكنّ هذا لا يلغي حريّة الابن في فعل الشر. فإذا فعله، يُفاجأ الأهل. وتأتي المفاجأة الثانية في قصّة قايّين وهابيل."فقال الربّ لقايين: أين هابيل أخوك؟ قال: لا أعلم. أحارس لأخي أنا؟ فقال: ماذا صنعتَ؟ إنّ صوت دماء أخيك صارخ إليَّ من الأرض" (تك4/9-10). والمفاجأة الثالثة أقسى."ورأى الربّ أنّ شرّ الإنسان قد كثُر على الأرض، وأنّ كلّ ما يتصّوره قلبه من أفكار إنماّ هو شرّ طوال يومه. فندم الربّ على أنّه صنع الإنسان على الأرض وتأسّف في قلبه. فقال الربّ:"أمحو عن وجه الأرض الإنسان مع البهائم والزحّافات وطيور السماء...." (تك6/5-7). فالمفاجأة غير سارّة، وخيبة الأمل شديدة. إلاّ أنّ الله لم يُبِد البشرية. فقد "نال نوح حظوة في عينيّ الرب". وحافظ الله على نوحَ البار وعائلته، أملاً في خلقٍ جديد. وتتكرّر المفاجأة. فقصّة سُكرِ نوح وسلوك ابنه حام تجاهه تبيّن أنّ "الإنسانيّة الجديدة" المولودة من نوح ليست أشرف من الأجيال السابقة. فالله لم يستبدل بعملٍ فاشلٍ تحفةً ناجحة، والإنسان هوهو، خاطئ وضعيف.وتأتي أحداث برج بابل لتعيد مأساة خطيئة آدم. فالله يغيب أو يتغيّب، ليفسح المجال أمام الانسان كي يمارس حريّته. وكلما غاب الله عن الإنسان، برزت الرغبة الجامحة في قلب كلّ بشر بأن يصبح شبيهاً بالله، معه، بدونه، ضده، فيرتكب الشر. وعندما رأى الله أنّه كلّما غاب ضلّ الإنسان، أبرم عهداً أبدياً مع إنسانيّة ناقصة وخاطئة."لن أعود إلى لعن الأرض بسبب الإنسان، لأنّ ما يتصوّره قلب الإنسان ينزع إلى الشرّ منذ حداثته" (تك8/21). منذ ذلك الحين، زال عنصر المفاجأة. وعزم الله على تشكيل الإنسان وإعادة تشكيله كما يصنع الخزّاف (إر12). وعزم على أن يأخذ الخطيئة والشر في عين الاعتبار، أثناء تشكيله هذا، وأن يُدخلها في مخطّطه الخلاصيّ. وعلى الإنسان الذّي يريد أن ينضمّ إلى مشروع الله الخلاصيّ أن يقبل بوجود الشرّ والخطيئة، لا أن يعيش في وهم الحماية الإلهيّة التي تمنع عنه المرض والألم والموت. وبفضل كشفٍ إلهيّ مدهش، يدرك بيقينٍ راسخ "أنّ آلام هذه الدنيا لا توازي المجد الذّي سيتجلّى فينا ... فقد نلنا الخلاص، ولكن في الرجاء ... وإذا كنّا نرجو ما لا نشاهده، فبالصبر ننتظره" (روم 8/18-25) الله هو الضحيّة الأولى حين كلّم يسوع شاول على طريق دمشق قال له:"أنا يسوع الذّي أنتَ تضطهده". ما الذي فهمه شاول الفريسيّ في تلك اللحظة؟ لقد فهم أنّ الله يُمَسّ مباشرة بما يحدث للبشر، ينجرح بما يجرحهم. واجلى أمام بطرس معنى الكتب التي كان يظنّ أنّه يعرفه: إنّ الله يتماهى بالإنسان المتألّم ويؤازر الخاطئ. فالله هو أوّل ضحيّة لمغامرة الخلق، هذه المغامرة النابعة من محبّته الفائقة، وهو يتحمّل مسؤوليتها. وبما أنّ حنانه مطلق، فهو سهل التعرّض للتجريح ممّا يقتل الإنسان أو يسيء إليه أو يدمّره. إنّه يتألم مع ضحايا الخطيئة، بل يتألّم أكثر منهم لأنّه يحبّهم أكثر ممّا يحبّوا أنفسهم. إنّه يتألم مع مرتكبي الإثم حتى وإن لم يشعروا بالألم من إثمهم، لأنّه يحبهّم أكثر ممّا يحبّوا ذواتهم. لكنّ ألم الله لا يقلّل من قدرته على المحبّة، بل على العكس، فإنّ قلب المسيح الذّي تطعنه الخطيئة ينفتح فيتدفّق منه الدم والماء، الحياة والمحبّة. هذا ما يعنيه طعن يسوع المصلوب بالحرية (يو19/31-37) المحبّة تجعل الشخص يتفاجأ. فمن يحب، يرجو كلّ خير ممّن يحبّه. ولا يكمن في قلبه سوء نيّة أو نظرةً سلبيةً تجاه الآخر. وإذا تصرّف الآخر بسلبيّة، إذا ارتكب الشر، يتفاجأ المحب؛ ينجرح قلبه. فالله المحب هو إله معرّض للتجريح.وتعرضّه للتجريح لا يتعارض مع كونه كلّي القدرة، بل يكشف سرّ المحبّة العجيب. فالمحبّة الضعيفة لا ترضى بأن تنجرح. أمّا المحبّة الصافية الصرفة، "تتحمّل كلّ شيء، وتعذر كلّ شيء" (1قو13/7). ومحبّة الله تزيل خطايا العالم (يو1/29). فيقف الحمل المطعون منتصراً على الموت والخطيئة (رؤ 5/6-14) كما وقف القائم من بين الأموات أمام توما (يو20/24-28) لقد خطّط الله مشروع خلاص دفع هو ثمنه. وتوقّع مسبقاً الشرّ الذي سيصيبه والمحبّة الّتي سينتصر بها عليه. فإذا افترضنا أنّ الله تفاجأ بشرّ الإنسان في بداية الخليقة، فإنّنا نحن أيضاً نتفاجأ بالمحبّة الإلهيّة الّتي تفوق توقّعاتنا وإدراكنا. نتفاجأ بمشروعه المدهش لأجلنا وبدعوته لنا كي نتألّه، كي نصير على صورته، كي نشاركه ألوهته وسعادته وأبديّته. مشروع الله هو أن نصير آلهة إنّ تفكيرنا في مسألة الشرّ ينطلق من مشروع الله كما يصفه الكتاب المقدّس. وما هو هذا المشروع؟ إنّه دعوة كائنات إلى أن يصيروا مثله.أي أنّ الله يريد كائنات قادرة على المشاركة في العلاقة الثالوثيّة. وهذه العلاقة هي علاقة حريّة ومحبّة صرفة. نحن لا نشترك في عهدٍ كهذا بالقوة ولا بطريقةٍ تلقائيّة. فقبول الإنسان لما يعرضه الله قبولاً حرّاً شرط أساسيّ لإقامة هذه العلاقة. نحن نعلم من الخبرة أنّه ما من محبّة صادقة بدون حريّة. كان الله يستطيع أن يخلق "حيواناتٍ راقية" لديها قدرات تشبه قدراتنا، وأن يبرمجها لتسلك سلوكاً لا خلل فيه بحسب مخططٍ حكيم مدوّن في كيانها. فتكون كائنات بغريزةٍ مضبوطة كغرائز الحيوانات، لكنها لا تتمتع بالحريّة، ولا تتساءل في مسألة الخير والشّر، وبالتالي، لن تفعل الفظائع التّي نحن قادرون على فعلها، ولن تفتش على طرائق تأنسها. إلاّ أنّ كائنات كهذه لن تتألّه كما يريد الله. وستكون فائقة التنظيم، لكنّها ستظلّ كما هي أبداً دائماً. فالنمو هو قدرة على التغيير، والتغيير يتطلّب حريّة. والحريّة تعني القدرة على رفض النمو أو قبوله، فعل الشرّ أو الامتناع عنه. إنّها كما يقول القديّس أوغسطينس،"القدرة على التألّه". لقد خلق الله متألهّين على صورته كمثاله (تك1/26-27) ودعاهم إلى أن يكونوا قدّيسين مثله (1ح19/2) كاملين مثله (متّى5/48) رحماء مثله (لو6/36) وهو يريد أن يهبهم الحياة الأبديّة (يو17/2-3) في مسكن الأب (يو14/2-3) ولأنّ الإنسان قادر على الألوهة capax Dei ، لم يُخلَق كاملاً. وكماله في الله يتمّ في علاقة محبّة ويتطلّب تعاونه الحر، لقد خلق الله الإنسان على مرحلتين: أولاً في ظروفٍ مؤقتة من عدم الكمال والتوق إلى المطلق، أي إلى الله. في أثناء هذه المرحلة - وهي حياتنا الأرضية- هناك تعاون دائم وسرّيّ بين الله وقلب كلّ واحد كي ينجح المشروع. فروح الله ينضمّ إلى أرواحنا (روم8/16) لينيرنا ويغيرّنا. ويُضاف إلى هذا العمل الخفيّ تدخّل مرئيّ لله في تاريخ شعبه. ويبلغ هذا التدخّل ذروته في التجسّد والسّر الفصحيّ. إنّه الرباط الأصليّ الذيّ يوحّدنا به (را. قور1/15-20) والّذي أصبح جزءاً من تاريخنا وينيرنا إلى الأبد. كلّ هذا مدعوّ إلى أن يبلغ تمامه في الفترة الثانية، وهي الفترة النهائية، فيها يكون الله كلاًّ في الكل (1قو15/28). فصورة الله أُعطيت لنا منذ ولادتنا، لكنّها أعطيت كرسمٍ تخطيطيّ (كروكي). وتشابهنا معه يتحقّق من خلال مسار تألّه. فالتشبّه بالله هو أولاً هبة من الله وثانياً استجابة من الإنسان. إنّ الفارق الشديد بين حالتنا في البداية - حالة غير مكتملة ? ودعوتنا إلى أن نصير مثل الله يخلق مسافةً تكون فيها الخطيئة ممكنة. فالإنسان غير المكتمل هشّ. ويبدو أنّ احتمال ظهور الشرّ مسجّل في البنية الأدبيّة للخليقة. وبما أنّ الإنسان هش، فإنّ رفضه للنظام ليس مجرّد ثورة ثانويّة سطحيّة سببها فساد الخطيئة البشرية، بل على العكس، يظهر هذا الرفض وكأنّه أمر لازم لخليقة هشة وضعيفة في جوهرها. ففي المساحة التي ترعى فيها الخطيئة، تفيض النعمة أيضاً (روم5/20) حين نجعل أنفسنا في منظار مخطّط الله، لا يُبَرّر الشرّ الذي نرتكبه بل يمكننا أن ندركه بطريقة واضحة انطلاقاً من إيماننا. فهو لم يعد لغزاً غامضاً، لأننا بدأنا نفهمه بنور الوحي الإلهيّ. ويندرج في هذا المنظار أيضاً الشرّ الّذي يصدر من الطبيعة. فالعالم أيضاً خليقة لم تكتمل بعد. أي أنّه لا يعمل تلقائياً لصالحنا. فقد سلّمنا الله إيّاه كي نحوّله إلى مكان إقامة هانئ آمن بتعلّمنا ماهيّة الطبيعة وسيطرتنا عليها وتوقّع أخطارها، ومعالجة أمراضها. وبفعلنا هذا، نستثمر طاقاتنا في صراعٍ يبني العالم ويبنينا: إنّه جهد جماعيّ تتقدّم الإنسانية بفضله تدريجيّاً نحو كمالها. إنّ الصراع من أجل أنسنة العالم يجب أن يرافقه صراع ضدّ الخطيئة. فنحن لن ننجح إلاّ معاً. هذا يعني أنّه علينا تخطّي أنانيّاتنا وكبريائنا كي نقيم بيننا، على مستوى الكرة الأرضيّة، روابط تعاون وعدالة ومحبّة. عن موقع جمعية التعليم المسيحي بحلب |
||||
04 - 08 - 2014, 01:26 PM | رقم المشاركة : ( 4725 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
همسات روحية
لنيافة الأنبا رافائيل الليتورجيا والتفاعل الاجتماعي يفهم البعض التدين المسيحي على أنه حياة روحية خالصة بعيدة عن أي تفاعل بين الناس والمجتمع، ويظن هذا البعض أن دائرة تفاعلهم يجب أن تنحصر داخل نطاق الكنيسة، ومع جماعة المؤمنين فقط. ويغذي هذا الاتجاه الفهم الخاطئ لبعض الآيات الكتابية مثل: & "لو كنتُم مِنَ العالَمِ لكانَ العالَمُ يُحِبُّ خاصَّتَهُ" (يو15: 19). & "لا تُحِبّوا العالَمَ ولا الأشياءَ التي في العالَمِ.... والعالَمُ يَمضي وشَهوتُهُ" (1يو2: 15-17). & "لا تتعَجَّبوا يا إخوَتي إنْ كانَ العالَمُ يُبغِضُكُمْ" (1يو3: 13). &"أما تعلَمونَ أنَّ مَحَبَّةَ العالَمِ عَداوَةٌ للهِ؟" (يع4: 4). لا شك أن هذه الآيات المقدسة تتحدث عن الانحرافات التي في العالم، ولكنها لا تتحدث عن العالم بكل ما فيه.. بدليل الآيات التالية: & "لأنَّهُ هكذا أحَبَّ اللهُ العالَمَ" (يو3: 16). & "لأنَّهُ لم يُرسِلِ اللهُ ابنَهُ إلَى العالَمِ ليَدينَ العالَمَ، بل ليَخلُصَ بهِ العالَمُ" (يو3: 17). & "ليؤمِنَ العالَمُ أنَّكَ أرسَلتني" (يو17: 21). أيضًا يغدي هذا الاتجاه التصوفي الروحاني عند البعض .. الاتجاه الاسخاطولوجي للحياة المسيحية، فالمسيحيين مربوطون بالسماء والسمائيات .. & "فإنْ كنتُم قد قُمتُمْ مع المَسيحِ فاطلُبوا ما فوقُ، حَيثُ المَسيحُ جالِسٌ عن يَمينِ اللهِ" (كو3: 1). & "لا تهتَمّوا بشَيءٍ، بل في كُل شَيءٍ بالصَّلاةِ والدُّعاءِ مع الشُّكرِ، لتُعلَمْ طِلباتُكُمْ لَدَى اللهِ" (في4: 6). كذلك الحياة الرهبانية بكل تفاصيلها النسكية والتوحدية والزهدية، وما لها من تأثير في حياة الكنيسة وحياة الناس حيث ينظرون للرهبان كأمثلة عملاقة في العمل الروحي، كل هذا يغذي المفهوم الروحاني عند الشعب المسيحي. والآن .. هل فعلاً المسيحية تطالبنا بالانعزال عن المجتمع، وعدم التفاعل مع حركة التاريخ والزمن، وتجنب الحياة مع الآخرين والاختلاط بهم؟ دعنا نلتمس مشورة ليتورجيتنا القبطية، وما تحمله من تعليم لنا بهذا الخصوص. الالتزام الاجتماعي الإنسان المسيحي ملتزم بكل ما في مجتمعه من ظروف ومتغيرات، فالمسيح كلفنا أن نكون نور العالم، ملح الأرض، سفراء، رسالة المسيح المقروءة والمعروفة عند جميع الناس.. فلا بد أن يكون لنا دورًا متغيرًا للعالم، ومؤثرًا في المجتمع. أولاً: الكنيسة تصلي من أجل سلام العالم والوطن Xففي صلاة الشكر نصلي من أجل أن "نُكمل هذا اليوم المقدس وكل أيام حياتنا بكل سلام". X ونصلي من أجل أن يبطل الله "كل حسد وكل تجربة وكل فِعل الشيطان، ومؤامرة الناس الأشرار, وقيام الأعداء الخفيين والظاهرين". الأشياء والأشخاص الذين يسببون الاضطراب والقلق والحروب والمنازعات. X ونصلي من أجل خلاص العالم، وهذه المدينة، وسائر المدن والكور والجزر .. (أوشية الموضع). "وكل مدينة وكل كورة والقرى وكل زينتها، ونجنا كلنا من الغلاء والفناء والزلازل والغرق والحريق وسبي البربر ومن سيف الغريب". X ونصلي من أجل "كل الشعوب وكل القطعان باركهم، السلام الذي من السموات أنزله على قلوبنا جميعًا، بل وسلام هذا العمر أنعم به علينا إنعامًا". X "رئيس الجمهورية والجند والرؤساء والمشيرين والجموع وجيراننا ومداخلنا ومخارجنا زينهم بكل سلام". X فالصلاة من أجل الملوك والرؤساء وجميع مَنْ هم في منصب أمر كتابي، لأن في سلامهم سلامنا.. "اذكر يارب الذين تملكوا في التقوى، والذين هم الآن ملوك (ورؤساء)".. "اذكر يارب أخوتنا المؤمنين الأرثوذكسيين الذين في البلاط (الموظفين) وجميع الأجناد (الجيش)". X ومن جهة رئيس الجمهورية نصلي أن يحفظه الله وينصره، ويتكلم في قلبه بالسلام.. "احفظه في سلام وعدل وجبروت، ولتخضع له كل البربر والأمم، والذين يريدون الحرب في جميع ما لنا من الخصب، تكلم في قلبه من أجل سلام كنيستك، أعطه أن يفكر بالسلام فينا وفي اسمك القدوس، لكي نعيش نحن أيضًا في سيرة هادئة ساكنة، ونوجد كائنين في تقوى وعفاف بك". X وتصلي الكنيسة أيضًا من أجل طمأنينة العالم والهدوء في كل موضع.. "آباءنا وأخوتنا وبقية الذين في كل موضع من المسكونة أنفسهم وإيانا أحطهم بمعسكر القوات المقدسة، ونجنا من سهام إبليس المقتدة نارًا .. وتذكارهم الذي صار الآن، فليكن لهم عوض سور ثابت غالب على مضراب الشياطين ومؤامرة الأشرار". X ونصلي من أجل معرفة الله في كل الأرض، لأن معرفة الله تنشر الخير والسلام والطمأنينة.. "عبادة الأوثان بالكمال أقلعها من العالم، الشيطان وكل قواته الشريرة اسحقهم وأذلهم تحت أقدامنا سريعًا، الشكوك وفاعلوها أبطلهم". X ونصلي من أجل انتشار المحبة .. "يا إله المحبة ومعطي وحدانية القلب، ورازق الرأي الواحد الذي للفضيلة" (صلاة الصلح ? كيرلسي).. "أنعم لنا نحن عبيدك في كل زمان حياتنا التي على الأرض، لا سيما بالأكثر الآن ? بحاسة غير ذاكرة الشرور الأولى، ونية بغير رياء، وأفكار صادق وقلب محب للأخوة" (صلاة الصلح ? كيرلسي). Xالكنيسة تصلي من أجل جميع فئات الناس .. "حل الموبوطين، خلِّص الذين في الشدائد.. الجياع أشبعهم، صغيري القلوب عزهم" (طلبة القداس الكيرلسي). X ونصلي من أجل المرضى .. "تعهدهم بالمراحم والرأفات، اشفيهم، انزع عنهم وعنا كل مرض وكل سقم، وروح الأمراض اطرده، والذين أبطأوا في الأمراض أقمهم وعزهم، والمعذبون من الأرواح النجسة اعتقهم جميعهم وارحمهم". X ونصلي من أجل المحبوسين والمسبيين.. "أنعم عليهم بعودة سلامية إلى منازلهم" .. "الذين في السجون أو المطابق، الذين في النفي أو السبي، أو المقبوض عليهم في عبودية ما .. يارب أعتقهم جميعهم وارحمهم". X ونصلي من أجل فئات كثيرة .. "والأرامل والأيتام والنساك والعلمانيين والمتزوجين، ومربي الأولاد الذين قالوا لنا اذكرونا والذين لم يقولوا، الذين نعرفهم والذين لم نعرفهم، أعداءنا وأحباءنا اللهم ارحمهم". X ونصلي من أجل المسافرين بكل مكان .. "والذين يضمرون السفر بكل مكان سهّل طرقهم أجمعين .. أصحبهم في الإقلاع وأصحبهم في المسير، ارجعهم إلى مساكنهم بالفرح فرحين وبالعافية معافين". X ونصلي من أجل الفقراء والأرملة والغريب والضيف .. وأن يعطي الله "معونة للمساكين". ثانيًا: لا بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق ولا تكتفي الكنيسة بالصلاة فقط من أجل كل هؤلاء، بل تساندهم عمليًا بالمال والجهد والتعزية وإعلان الحق. فالكنيسة لا بد أن يكون لها رأي في القضايا الإنسانية، وفي الدفاع عن المظلومين والمقهورين والمعذبين. إن التاريخ الطويل للكنيسة المسيحية في العالم يشهد كيف أثرت في حركة التاريخ .. كيف أنهت نظام العبيد، وكيف حررت المرأة، وكيف أفرزت حضارة تحترم الطفل وتتكلم عن حقوق الجنين .. حضارة تهتم بالبيئة وتحترم الجسد والمادة، وتحترم رأي الآخر، وتقبل الحوار والمناقشة .. بينما تلتزم بفكر لا تحيد عنه فيما يخص الإيمان والعقيدة. فالكنيسة تعلّمنا أن نتحاور دون أن نتشاجر، وأن أحترم رأي الآخر وعقيدته حتى لو لم أوافقه أو أعتقد بما يؤمن به. وفيما نحن نكرز بموت الرب ونعترف بقيامته إلى أن يجيء علينا أيضًا ألا نفر من أي فكر مضاد لإيماننا، بل يكون واقع كرازتنا ما تقوله الليتورجيا في سر الكاثوليكون: "أن يبشروا في كل الأمم بالغنى الذي لا يستقصى الذي لرحمتك".. وكأن لسان حلنا يقول: "ذوقوا وانظُروا ما أطيَبَ الرَّبَّ!" (مز34: 8) |
||||
04 - 08 - 2014, 01:33 PM | رقم المشاركة : ( 4726 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
روحية الآباء القديسين
حديث روحي الأرشمندريت افرام كرياكوس قراءة كتابات الآباء القديسين "قل لي من تعاشر أقول لك من أنت". معاشرة القدّيس (الحديث والإلفة معه) تجلبان القداسة. "مع البار تكون باراً، مع الوديع تكون وديعاً ومع القويم تكون قويماً" (مز17: 25-26). إن اكتسب الواحد فكر الآباء وروحيّتهم عن طريق مطالعة كتاباتهم، يصل إلى هدفهم الذي هو الخلاص. هكذا نصبح أبناءهم. كتابات الآباء القدّيسين مكتوبة بإلهام الروح القدس. كتابات الآباء كلّها موحدّة بالإنجيل. الكاتب القدّيس يعبر بتعابير مخلوقة من خبرته الإنسانية الإلهية غير المخلوقة أي المطعّمة بالنعمة الإلهية غير المخلوقة، هذه الخبرة هي تحقيق لكلمات الإنجيل. حياة القدّيس، خبرته، كتاباته كلّها دليلٌ حيّ لصحّة كلمات الإنجيل. من هنا أهمية حياة القدّيسين وكتاباتهم. قراءة الإنجيل، وحياة القدّيسين وكتابات الآباء تتطلب قلباً نقياً. هذه الكتابات تسمح فقط للمتواضعين أن يدخلوا إلى أعماقها، إلى روحها. في عصرنا قلّ وجود الآباء الروحيّين، لذا أضحت كتابات الآباء القدّيسين معيناً أساسياً للّذين يبتغون الخلاص والوصول إلى الكمال المسيحيّ. صوت الآباء يكشف مكائد الشرّير. صوت الآباء يكشف عن ضعفات النفس ويمنحها في الوقت نفسه الأدوية الشافية. من هم الآباء؟ هم الذين نقلوا تعليم الرسل القويم، هذا "الإيمان المسلّم مرة واحدة للقدّيسين" (يهوذا 3).عبارة "الآباء" كانت معروفة في زمن المجامع المسكونيّة. كانت تشير إلى معلميّ الكنيسة الأولى، بعد ذلك، اُطلقت على الأساقفة الأعضاء في المجامع. لنلاحظ أن الآباء ليسوا معلمين فحسب بل وأيضاً شهوداً في حياتهم لكلمة البشارة الرسوليّة السارة. بمقياسنا العالمي تظهر تعابير الكتاب المقدّس وكتابات الآباء قديمة. لكنّ القدّيس إيريناوس يقول: "ليست الكنيسة متحفاً للودائع الميتة، سوف أعلّم أبناء عصري بالعقائد نفسها أي بيسوع المسيح المصلوب والقائم من بين الأموات". ويضيف الأب فلورفكسي: "إنّ مؤلّفات الآباء أكثر حداثة لمشاكل عصرنا الحاضر من نتاج اللاهوتيين المعاصرين". والسبب لذلك عائدٌ إلى أنّ الآباء القدّيسين لا يعطون على غرار الفلاسفة تحديداّ ما ورائياًMetaphysique لوجود الله بل تحديداً وجوديّاً إيمانيّاً. فالله ليس قوةً مهيمنةً على الكون من بعيد بل بإفراغ الله لذاته، لمجده، أصبح شخصاً تاريخياً وله علاقة شخصية مع الإنسان. الإيمان عندهم خبرة ومعاينة. ما هو مقياس الحقيقة؟ عند محاكمة يسوع من بيلاطس سأله الحاكم لماذا جئت؟ فأجاب يسوع "جئتُ إلى العالم لأشهد للحق... قال له بيلاطس وما هو الحق؟" (يو18: 37-38) ولم يجب الرب يسوع لأنه قال في مكان آخر "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو14: 6)، وفي مكان آخر: "إن ثبتّم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي وتعرفون الحق والحق يحرّركم" (يو8: 32). مقياس الحق إذاً هو المسيح وتعاليمه: إذا كنّا نعتمد أولاً على كلمة الله، تبقى مشكلة التفسير. هل سلطة الآباء مساوية لسلطة الكتاب المقدّس؟ نعم بقدر ما هي ملهَمة من الروح القدس. لذلك فإن كتاباتهم ليست ذات سلطة مطلقة. يقول القدّيس ايريناوس: "السلطة (العصمة) هي في النهاية للكنيسة. لا بالمعنى القانوني بل بالمعنى المواهبي. لأنّ هذه السلطة تقوم على مؤازرة الروح القدس". فكر الكنيسة الجامعة يعتمد على "إجماع الآباء": "فظهرت حسنةً للروح القدس ولنا". الإيمان القويم مبنيّ إذاً على الكتاب المقدّس، كلمة الله والبشارة السارة، وأيضاً على كتابات الآباء القدّيسين الشارحين للكتاب. فهم المعلّمون الحقيقيون Docteurs de lEglise بقدر ما هم شهودٌ للمسيح ولوصاياه. ملاحظة شخصية هذه الملاحظة قابلة للنقاش: يقوم اليوم صراعٌ حاد بين التقليد المقدّس والنقد الحديث، بين الإيمان المسلَّم والعلم: هل نعتمد على كتابات الآباء القدّيسين دون الاستفادة من دراسات النقد الحديث؟ أو نعتمد على معارف الدراسات النقديّة الحديثة دون تعاليم الآباء القدّيسين وتقليد الكنيسة؟ الجهد العقليّ يساهم في عمل الخلاص شرط أن يكون بناءً في الكنيسة مرافقاً بالتواضع، كما ذكرنا سابقاً، لا يقصي تقليد الكنيسة المقدّس. لذلك، إن المسعى المبارك هو في التزاوج بين التقليد الشريف والنقد الحديث البناء في الكنيسة والمحتكم إليها لا الفرديّ individualist . خلاصة الإحتكام إلى الآباء القدّيسين يجد تبريره في استمرار عمل الروح القدس في الكنيسة. سلطة الآباء القدّيسين تعود إلى سلطة الروح القدس الفاعلة فيهم. لا تعتمد روحيّتهم على مقاربة عقليّة فردانيّة بل على روح منسحق متواضع يبحث في إطار مناخ الكنيسة وتقليدها المقدّس ويعبّر تأليفاً وجودياً شهادةً مسيحيةً معاصرة (بلغة العصر). "إتباع الآباء القدّيسين" ذُكرت هذه العبارة رسمياً في قرارات المجمع المسكوني الرابع والمجمع المسكوني السابع المتعلّق بالأيقونات المقدّسة، حيث نقرأ "إننا نتبّع تعليم الآباء القدّيسين الذي أوحى به الله ونتبّع تقليد الكنيسة الجامعة". يشرح القدّيس إيريناوس معنى ذلك بقوله: التقليد الحقيقي هو التقليد الحيّ traditio veritatis ، وهو ليس مجرّد استمرار للعادات القديمة وليس شريعةً ميتة بل هو "وديعةٌ حيّة". إنّه استمرار لحضور الروح القدس في الكنيسة، وهو في الوقت نفسه احتكامٌ إلى شهود قدّيسين. نحن لا نحتكم إلى مجرّد قرارات وعقائد بل إلى شهادة آباء قدّيسين." الكنيسة رسوليّة ولكنّها آبائية أيضاً. هي "كنيسة الآباء"، ولكونها آبائية فهي رسولية حقاً. إليكم ترنيمة من خدمة الأقمار الثلاثة: "إنكم بكلمة المعرفة ألّفتم العقائد التي وضعها الصيّادون قبلاً بكلام بسيط عبر المعرفة بقوّة الروح...". إن تعليم الآباء وعقيدة الكنيسة ما زالا "الرسالة البسيطة" نفسها التي سلّمها الرسل مرّة والى الأبد. الخاتمة: روحيّة الآباء القدّيسين بتعبير حديث نستطيع أن نقول إنّ روحيّة الآباء وجوديّةٌ existentielle . يقول القدّيس غريغوريوس اللاهوتي "تكلّم الآباء على طريقة الصيّادين لا على طريقة أرسطو" (العظة23: 12) فبقي كلامهم بشارةً لأن مرجعهم الأخير كان الرؤية الإيمانية والخبرة الروحيّة. إذا فُصل الكلام اللاهوتي عن حياة الإيمان يتحول إلى ديالكتيك (Dialectique جدلية) فارغ، إلى كلام كثير باطل. لا يمكن فصل اللاهوت عن حياة الصلاة وعن ممارسة الفضيلة. يقول القدّيس يوحنا السلّمي: "قمّة الطهارة هي أساسُ اللاهوت" (السلم الدرجة30) يبقى المرجعُ الرؤية الإيمانية" إننا نعلن ما رأيناه وسمعناه". اليوم لا يمكن أن نقبل أن "عصر الآباء" قد انتهى. وأن ننظر إليه على أنه "عتيقٌ وميتٌ". فقد ألِف الناس اعتبار القدّيس يوحنا الدمشقي آخرَ أب في الشرق. لكن لا يمكننا أن نهملَ القدّيس سمعان اللاهوتي الحديث، القدّيس غريغوريوس بالاماس، آباء الفيلوكاليا، القدّيس نيقوديموس الآثوسي وغيرهم. فكرُ الآباء يبقى قائماً في عصرنا ويشكل موقفاً وجودياً هاماً |
||||
04 - 08 - 2014, 01:35 PM | رقم المشاركة : ( 4727 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الرّقاد بالربّ وإكرام الموتى البطريرك غريغوريوس الثالث لحام الجزيل الاحترامإن العبارة الطقسيّة والشعبيّة للموت هي الرقاد. وهذا ما قاله المسيح عن صديقه لعازر "لقد رقد. وكان يتكلم عن رقاد الموت" (يوحنا11: 11-14). القديس بولس يتكلم عن الموت والموتى. ولكن عبارة "الراقدين" هي العبارة التي لها علاقة بالقيامة: "وسيقيم الربّ الراقدين معه، ويقوم أولاً الأموات بالمسيح" (1 تسالونيكي 4: 16). ونتكلّم أيضًا عن رقاد والدة الإله مريم (عيد 15 آب). ويُدعى بالعاميّة "رقاد السيّدة". ونتكلّم عن انتقال يوحنا الإنجيلي الرسول (عيده في 26 أيلول). ونتكلّم عن رقاد القدّيسين. وفي الصلوات نردد عبارة "الراقدين". وفي اناشيد عيد رقاد السيّدة نردّد مرارًا: "في رقادك ما تركت العالم يا والدة الإله. فإنّك انتقلت الى الحياة بما أنّك أمّ الحياة". وننشد أيضًا: " إن اللحد صار سلّمًا الى السماء. والموت صار عربونًا للحياة". هذا هو إيماننا المسيحيّ بالموت، والعبارات الطقسيّة في صلواتنا أروع برهان عليه. فنحن "أبناء القيامة". هذا كان أحد ألقاب المسيحيين الأولين خاصة في القدس. وإن أيقونة القيامة تظهر لنا ذلك بأجلى بيان: إذ نرى فيها المسيح القائم من بين الأموات، والذي وطئ الموت بالموت، يمدّ يده ممسّكًا بيد آدم وحواء، وهما يمثّلان البشريّة كلّها، وكأنه يقول لهما: لك أنت أيضًا قيامة. ويقول الكتاب: "قُم أيّها النائم! فيضئ لك المسيح" (أفسس 5: 14). رتبة الجناز 1- الصلاة في البيت: عندما يرقد أحد أعضاء الأسرة يجب الإسراع في إعلام كاهن الرعيّة بالأمر، لكي يهيّئ المدفن في المقبرة وتجهز الكنيسة لصلاة الجناز، ولكي يأتي للصلاة في البيت على جثمان الراقد. هذا ويجب تحديد ميعاد الدفن مع كاهن الرعيّة. إعتاد الكثيرون من المسيحيّين المؤمنين أن يتناوبوا على الصلاة في البيت حول نعش الفقيد. فيترنّمون بالمزامير والصلوات ويقرأون فصولاً من الكتاب المقدّس. يوضع بقرب النعش البخور والشموع مع إيقونة مريم العذراء أو إيقونة القيامة، رمزًا الى اشتراك الراقد بقيامة المسيح. 2- الزياح الى الكنيسة: يُنقل الراقد الى الكنيسة يتقدّمه الصليب والكاهن حاملاً المبخرة والمشاعل. بينما يترنّم الكاهن والشمامسة والمرنّمون والشعب بالمزمور الخمسين: "ارحمني يا الله..." وبنشيد" قدّوس الله، قدّوس القوي، قدّوس الذي لا يموت. ارحمنا". 3-الجناز في الكنيسة: إن بنية جنّاز الراقدين هي عينها بُنية رتبة جناز السيد المسيح يوم الجمعة العظيمة. إنها أناشيد ترافق الراقد المؤمن الى القيامة. كما يبخّر الجثمان مرارًا، وفي بعض أماكن يمسح بالزيت مما يذكّر بتضميخ جسم السيد المسيح بالعطور. كما يحمل الجميع أو على الأقل أهل الفقيد الراقد الشموع، علامة دخوله الى النهار الذي لامساء له. وإذا أقيم الجناز في أسبوع الفصح أو في الزمن الفصحيّ فتكون أكثر الأناشيد للقيامة. وفي آخر الصلاة يعطي الأهل والحاضرون جميعًا الراقد القبلة الأخيرة: فيتقدمون الى النعش المفتوح طيلة الصلاة، والمتجه نحو الشرق، فيقبّلون الإيقونة التي على صدره ثم يده أو وجهه، ذلك أنّ هذا الجسد قد تقدّس طيلة حياته بقبول الأسرار المقدّسة. وعند القبر، تقام الصلاة الأخيرة ويراق الزيت مع رماد المبخرة على النعش، وكأن الكاهن بذلك يختم النعش، (مثلما فعل الرومان بجسد المسيح) بانتظار مجيء المسيح المجيد والقيامة المجيدة. على هذا الرجاء يعود الأهل والأصدقاء الى البيت- كما تقول رتبة الجناز- شاكرين لله! إذ لا يجوز "ان نحزن كباقي الناس الذين لارجاء لهم"، كما يوصينا بولس الرسول (1 تسالونيكي 4: 13). فنحن أبناء القيامة. ونحن عبر الموت في مسيرةٍ نحو القيامة. ذكرانيّات الموتى والصلاة لأجلهم: تقام ذكرانيّات الموتى في ليترجيا القدّاس الإلهي حيث يُطلب من الكاهن أن يصلّي لأجلهم ويذكرهم في تقدمة القرابين وفي زياحها. كما تُقام صلاة "نياحة" خاصة تلي ليترجيّا القدّاس الإلهي. وذلك في اليوم الثالث والتاسع والأربعين للوفاة وفي ذكرى نصف السنة والسنة وفي ذكرى الموتى العام. وفي هذه الذكرانيات اعتاد المؤمنون أن يقدّموا القرابين لإقامة ليترجيا القدّاس وبعض النقود لمساعدة الكاهن والكنيسة والفقراء. وتقدّم أيضًا صينيّة من القمح المسلوق يسمّى "سليقة" أو "رحمة" توزّع على الحاضرين بعد الصلاة. ويوزّع القربان أيضًا والحلويات. كما يزور المؤمنون قبور موتاهم في هذه التذكارات. وفي بعض الأحيان تقام الصلوات في المدافن. تختلف الشروحات التي تشرح هذه العادات الشعبيّة. فالقديس سمعان التسلونيكيّ (القرن الخامس عشر) يشرحها كما يلي: تقام الصلاة للميت في اليوم الثالث "لأن المتوفى المؤمن أخذ كيانه من الثالوث الأقدس". واليوم الثالث يذكّرنا بقيامة المسيح في االيوم الثالث. أما اليوم التاسع فيذكّرنا بطغمات الملائكة التسع، والمتوفى مدعوّ ليكون مثل الملائكة في تمجيد الله. أما اليوم الأربعون فله أثر في العهد القديم حيث حدّ اليهود أربعين يومًا على موت موسى. ويذكّرنا بصعود المسيح الى السماء بعد أربعين يومًا من قيامته. وهذا اليوم يعني نهاية التطهير وكماله. وأما ذكرى نصف السنة والسنة فقد أضيفا لاحقًا. ومن جهة أخرى فالكتب الطقسيّة تعطي شرحًا آخر لهذه التذكارات: الثالث: في اليوم الثالث يتغيّر منظر الوجه. التاسع: في اليوم التاسع تتمزّق الجبلة كلّها في القبر ويبقى وحده سالمًا. الأربعون: في اليوم الأربعين يفنى القلب ذاته. ملاحظة: (تكوين الجنين في بطن أمّه يصير بطريقة عكسيّة: ففي اليوم الثالث يتصوّر القلب، وفي اليوم التاسع يتجسّد الجسد، وفي اليوم الأربعين يرتسم الى منظر كامل). ذكرى الأموات: وتقام ذكرى الأموات أيام السبوت على مدار السنة. ذلك أن السبت هو يوم الراحة وهو اليوم الذي رقد فيه المسيح "سابتًا في القبر". وهو مقدّمة الأحد ذكرى القيامة. وهذا يعني اشتراك الأموات بموت المسيح وقيامته. وهكذا فكما أن آحاد السنة كلّها مكرّسة لذكرى القيامة، فالسبوت كلّها على مدار السنة مكرّسة لذكرى الأموات (ولذكرى جميع القدّيسين للسبب عينه). بالإضافة الى ذلك يوجد ذكرى خاصة للأموات في سبتين: هما سبت الأموات الواقع قبل أحد مرفع اللحم (وهو يقع 10 أيام قبل بدء الصوم المبارك)، والسبت قبل أحد العنصرة المجيدة. في هذين السبتين تتمّ زيارة المدافن، حيث تُقام ليترجيّة القدّاس الإلهي- إذا أمكن- أو صلوات لأجل الراقدين. ويقدّم المؤمنون القرابين لأجل موتاهم ويطلبون من الكاهن أن يذكرهم بأسمائهم حسب لائحة يقدّمونها. كما تقدّم صينية قمح مسلوق، أو "سليقة". كما يحسن زيارة المدافن في ذكرى وفاة موتانا. والبعض اعتادوا زيارة المدافن والموتى في أسبوع الفصح المجيد وفي الأعياد الكبرى الأخرى، وكأنهم يريدون أن يعايدوهم! |
||||
04 - 08 - 2014, 01:38 PM | رقم المشاركة : ( 4728 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عن عظمة فضيلة الإحسان القديس يوحنا الذهبي لذا قال أحدهم في وصف الإنسان: العمل العظيم هو الإنسان، والشيء الثمين هو الإنسان المحسن، وهذه نعمة أعظم من إحياء الموتى. إن إرواء الظمآن إلى المسيح، أعظم من إحياء الموتى باسمه. لأنك إن أتممت الأمر الأول تحسن إلى المسيح وإن أتممت الثاني يكن المسيح قد أحسن إليك. فالجائزة لمن يفعل الخير، لا لمن يتقبله من الآخرين. بصنعك العجائب تكون مديناً لله، أما بفعلك الرحمة فيكون الله مديناً لك. وقد يتكمل عمل الرحمة عندما نعطيها بطيبة خاطر وسخاء غير متوقعين أجراً ولا شكراً. فبهذه نحصل على نعمة لأنفسنا لا خسارة. وبغير هذه الصورة لا تكون الحسنة نعمة، فعلى من يصنع الخير مع الآخرين أن يبتهج لا أن يحزن.إن تخفيف أحزان غيرك لا ينطبق مع حزن نفسك! فإذا حزنت لا يكون عطاؤك حسنة وإذا حزنت لإنقاذك غيرك من الحزن يكون عملك هذا قاسياً جداً وعديم الإنسانية. فالأفضل لك ألا تعطي من أن يكون عطاؤك على هذه الصورة. لماذا تحزن؟ ألأن ذهبك قد نقص؟ إن كان تفكيرك هكذا فلا تعط. أعط كسرة الخبز بمحبة بشرية لا بقساوة القلب! أعط كمحسن لا كمهين! أطعمه لأنه شحاذ لا لأنه يفوه بكلام إبليس الذي يشين حياته. أطعمه لأن المسيح يتغذى بذلك! لا تنظر إلى ابتسام الشحاذ الظاهري بل افحص ضميره تجده يلعن نفسه كثيرا ويتنهد ويأسف لحالته، ولا يظهر حقيقته من أجلك فقط. علمنا يا رب أن نتخلى عن محبة أنفسنا وأنانيتنا، ولا نكتفي بمحبة أهلنا والمحيطين بنا، علمنا يا رب أن نفكر بالآخرين وأن نحب أولاً من حُرم من المحبة، أعطنا أن نتألم مع المتألمين ونبكي مع الباكين، يا رب هبنا أن نتذكر على الدوام أنه في كل لحظة من لحظات حياتنا التي تحميها بعيانتك، يوجد ملايين من البشر الذين هم أخوتنا وأبناؤك يموتون جوعاً من دون ذنب اقترفوه. يموتون برداً ولم يستحقوا الموت برداً، ارحم يا رب كل فقراء العالم، واغفر لنا أنانيتنا وجهلنا اللذين أبعدانا عنهم زماناً طويلاً، اغرس يا رب حبك في كل قلب لكي يعرف معنى التعزية الحقيقية يا إلهنا الكلي الاقتدار أبا المراحم وإله الكل |
||||
04 - 08 - 2014, 01:44 PM | رقم المشاركة : ( 4729 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ماذا يعطينا القداس الإلهي؟
نيافة الحبر الجليل الأنبا موسي لا شك ان القداس الإلهي هو ذروة الحياة الروحية , حين تجتمع الجماعة المقدسة في بيت الله المدشن, برئاسة االإكليروس وحضور الملائكة والقديس ين , حول جسد الرب ودمه الأقدسين . وهنا تلتحم السماء والأرض , فيصير الهيكل مسكنا لرب المجد وحوله ملائكته وقديسوه. عطايا القداس الإلهي 1. الثبات في المسيح: " من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وانا فيه " (يو 6 : 56) ومعني هذا ان التناول المتكرر وبأستعداد روحي جيد يثبتنا في المسيح , ويثبت المسيح في قلوبنا . وهكذا ننال قوة لا نهائية غير محدودة , تدعم قوتنا الضعيفة المحدودة, وننال سكني المسيح . 2. الشركة مع القديسن : " انها سحابة من الشهود محيطة بنا "(عب12:1)والسحاب مرتفع وهكذا القديسون والسحاب قريب وهكذا القديسون , والسحاب ابيض وهكذا نقاوتهم .و السحاب يحمل لنا الخير وهكذا شفاعتهم . 3. الأتحاد مع المؤمنين : في هذا يقول معلمنا بولس الرسول: " كاس البركة التي نباركها اليست هي شركة دم المسيح ؟ الخبز الذي نكسره اليس هو شركة جسد المسيح ؟ فاننا نحن الكثيرين خبز واحد , جسد واحد ,لأننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد"(1كو10:16,17) 4. نوال الخلاص والغفران : اذ يحمل الأب الكاهن الصينية وفيها الجسد المقدس ويهتف قائلا:" يعطي عنا خلاصا وغفرانا للخطايا " وايضا يقول الرسول بولس "ولنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا"(اف1:7,كو1:14) 5. رسالتنا نحو العالم: ان اتحادنا بالرب وشركتنا مع القديسين , ووحدتنا مع المؤمنين , وتمتعنا بالغفران والخلاص هذه العطايا ليست لنا وحدنا ولكنها للبشرية كلها فالرب يسوع أحب العالم كله وقد جاء لخلاص كل البشر ولذلك فالتناول لا يعزلنا عن العالم والمجتمع , بل بالحري يكلفنا برسالة نقوم بها نحو الكل وذلك حينما يهتف بنا الأب الكاهن 6. " لآنه في كل مرة تاكلون من هذا الخبز وتشربون من هذه الكأس تبشرون بموتي وتعترفون بقيامتي وتذكرونني الي ان اجئ كما يقول معلمنا بولس الرسول "فأنكم كلما كلتمم من هذا الخبز وشربتم من هذه الكأس تخبرون بموت الرب الي أن يجئ(1كو11:26). 7. الحياة الأبدية: حيث يستمر الاب الكاهن في هتافه , حاملا الصينية المقدسةو عليها جسد الرب , ويقول عنه: " يعطي عنا خلاصا وغفرانا للخطايا وحياة ابدية لمن يتناول منه" وننفذ وصية الرب : " من يأكلني يحيا بي "( يو6:57) الم يقل لنا بفمه الطاهر : "من ياكل جسدي ويشرب دمي فله حياه ابدية وانا اقمه في اليوم الأخير "(يو6:54)؟!. ان التناول هو طريق الخلود , كمل من يحرص عليه ويمارسه باستعداد روحي جيد , انما يجهز نفسه لابدية سعيدة وفي ملكوته العتيد اما " من كان بعيدا عن المذبح , فهو محروم من خبز الله" كما يقول الآباء القديسين.. |
||||
04 - 08 - 2014, 01:46 PM | رقم المشاركة : ( 4730 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الزواج المسيحي والنسك
الزواج المسيحي حدث فريد. لا حدث مثله. لا هو زواج وفق سنّة الطبيعة ولا هو زواج شرعي خاص بالمسحيّين. ليس الزواج المسيحي زواجاً بالمعاني المتداولة لكلمة زواج. لا الرجل هو الغرض ولا المرأة ولا الرجل والمرأة معاً، كوحدة اجتماعية. حين نقول إنّ الرجل يترك أباه وأمّه ويلتصق بامرأته فيصير كلاهما جسداً واحداً، قد يخطر بالبال أنّهما يصيران وحدة إنسانية واحدة. بعد تجسّد ابن الله صار لقولة "الجسد الواحد" معنى جديد. في المسيح يصير الرجل والمرأة جسد المسيح. الغرض من الزواج المسيحي هو أن يصير المسيح في الزوج والزوجة والجامع بينهما. الجسد الواحد هو الكنيسة. الشريكان مدعوّان، في الزواج المسيحي، لأن يصيرا كنيسة للمسيح. في خدمة الإكليل يدور العروسان حول الطاولة التي عليها الإنجيل. حياتهما، مذ ذاك، تأخذ في الدوران، كشريكَين، حول المسيح. يتزوّجان، في الحقيقة، للمسيح لا لنفسيهما. "كل ما فعلتم فاعملوا من القلب كما للرب ليس للناس" (كو 3: 23). ينتظم الأمر بينهما متى انتظم كشركة بإزاء يسوع وفيه. في توحّد الكواكب بالشمس تتوحّد فيما بينها. إذاً الغرض من الزواج المسيحي هو يسوع معنا وفيما بيننا. هذا معناه أن يطلب كل من الشريكَين المسيح في الآخر. المسيح، بالنسبة للزوجَين، لا يأتي كَمِن الخارج، كَمَن يبارك ما لهما وحسب. المسيح يأتي كشريك، لا بل يأتي باعتبار أنّ العروسَين يدخلان معه، تحدوهما إرادة واحدة، في شركة. الشركة هي بين الزوجَين كفريق معاً ويسوع كفريق آخر. زواجهما هو مع يسوع. وإن لم يكن زواجهما مع يسوع فلا زواج مسيحي بينهما. وهذا يستدعي أن يخرج كل منهما من نفسه، وفق كلمة يسوع، باتجاه الآخر. الآخر، إذ ذاك، يصير صورة ليسوع ومطرحاً له. هو يلتمس يسوع فيها وهي تلتمس يسوع فيه فيجعلهما يسوع واحداً فيه. يصير زواجهما مسيحياً. الزواج المسيحي لا يبدأ مسيحياً إلاّ كوعد من العروسَين في مقابل البرَكَة التي يسبغها الروح عليهما ليتسنّى لهذا الوعد أن يتحقّق. الزواج المسيحي مشروع يتحقّق بنعمة الله وإرادة الشريكَين. من هنا حاجة الزوجَين إلى النسك. لا النسك بمعنى شظف العيش بالضرورة، مع أنّ شيئاً من هذا ينفع، ولكنْ النسك بمعنى الخروج من الذات باتجاه يسوع في الآخر. الحبّ بطبيعته نسكي وإلاّ لا يكون. لا جدوى من حبّ تحبّ فيه نفسك في عشيرك. ولا جدوى أيضاً من حبّ تبذل فيه نفسك من أجل قرينك. في الزواج المسيحي خروج من دائرة الأنا والأنت والنحن إلى يسوع الكائن معنا وفيما بيننا. هذا، بالذات، هو ما يجعل النسك لازماً. الزواج المسيحي، بهذا المعنى، نمط خاص من حياة التوحّد بالله. إذا كانت سيرة التوحّد مرادفة للرهبانية في الكنيسة، فالرهبانية، والحال هذه، ليست عازبة وحسب بل زوجية أيضاً. ليست هناك فضيلة، في مستوى الحياة الداخلية، قصراً على الرهبانية العازبة بل تشترك فيها الرهبانية الزوجية أيضاً. حدّث عمّا شئت ترَ الحاجة إليه في كِلا الحالين. الصلاة؟ مشتركة! الصوم والقطاعة والسهر؟ مشتركة! الصبر والتواضع والرحمة؟ مشتركة! المحبّة واللطف والفرح؟ كلّها مشتركة! لا فرق بين الرهبانية العازبة والرهبانية المتزوِّجة في نوع الحياة الداخلية بل في درجة الانكباب على اقتناء الفضائل. لذا كان الرهبان معلّمي المتزوّجين في المسيحيّة أصول الحياة الزوجية أي الروحية. القصد واحد والمسير واحد: العلاقة بالختن السماوي. كلاهما للقداسة وكلاهما مبارَك. المسيح، هنا وهناك، هو مَن نعيش من أجله ومَن نموت من أجله. لذا ليس المهمّ في الزواج هو الإنجاب. غير صحيح أنّ الزواج مبرَّر بالإنجاب، مع أنّ الإنجاب جانب من الزواج مبارَك. ولكنْ ثمّة مَن لا ينجبون في الجسد عن قصور. هؤلاء لا عيب فيهم طالما الهمّ الأساس لديهما هو الخصب الروحي، أن يُولد الزوجان، أولاً، لملكوت السموات، أن يمتلئا فضيلة، أن يقتنيا روح الربّ. مشروع كهذا في الحياة المسيحيّة بحاجة إلى تكامل بين الشريك وشريكه في الفكر، في الروح، في الإيمان. لذا كان بديهياً أن يبحث كلٌّ عن شريك يوافقه في الوجدان المسيحي أولاً. لا يليق بالمقبلين على الزواج المسيحي الفعلي أن ينشغلا، أولاً، بالشروط العاطفية أو المادية أو الثقافية للزواج. التكامل الإيماني هو الإطار. وضمن هذا الإطار تصير واردةً شروطٌ كالانسجام العاطفي والفكري والتكافؤ البيئي، أي ما هو إنساني. لا يجوز حسبان يسوع كغريب أو الأخير في مشروع الزواج المسيحي. هو صاحب العلاقة الأول. الزواج يصير معه. والشريكان يهتمّان بإعانة أحدهما الآخر ليسيرا يداً بيد باتجاه يسوع. فقط في إطار العلاقة بيسوع تأخذ الشروط الإنسانية موقعها المناسب وقيمتها الروحية. أما إذا كان أي شرط ليكون على حساب حياة العروسَين في المسيح، فإنّ زواجهما، إذ ذاك، ولو تمّ في الكنيسة، فلا يتعدّى كونه زواجاً وفق ناموس الطبيعة أو الشرع. لا يكون مسيحياً في مضمونه. مسيحيّته تكون في الشكل، وتالياً في غير موقعها. كل الكلام على البرَكَة التي ينالها الشريكان إنْ لم يكن مقروناً بسلامة قصدهما ووعدهما السيرَ في دروب القداسة لا يكون في محلّه. لا الزواج الطبيعي ولا الزواج الشرعي بحاجة إلى برَكَة الكنيسة ليكتمل. الزواج الطبيعي تفرضه الطبيعة. والزواج الشرعي تفرضه القوانين المرعية. برَكَة الكنيسة هي لمَن يرومان، في زواجهما، القداسة، ولمَن جعلا ملكوت السموات قِبلتهما ويسوع ختنهما. هذا وكلّ شكلية في خدمة العرس تعدٍّ على ما لله. في الخدمة، إذ ذاك، ما هو نفساني شيطاني. المقاصد الإلهية لا تحتمل الزغل. القصد، أولاً، لا بدّ أن يكون إلهياً نقيّاً أو تجري خدمة الإكليل على نحو لا يخلو من الكفر وتعهير القدسات! فمَن له أذنان للسمع فليسمع |
||||