04 - 08 - 2014, 12:41 PM | رقم المشاركة : ( 4711 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يوحنا المعمدان.. ثورة الأنبياء إن يوحنّا المعمدان هو أنموذج أنبياء عهد الانتظار يرسم لنا صورة مسبقة "لشاهد الإيمان" في العهد الجديد، الذي يتحوّل فيه الترقب والانتظار للملكوت، إلى عيش له من خلال ظهوره في شخص "المنتظر" يسوع المسيح. فهو "الشاهد" الأمين للعريس، كما يدعو نفسه. من العقر والشيخوخة إلى الفقر والبريّة!.. إنَّ ولادة يوحنا من عاقر طاعن في السن، هي صورة للعهد القديم لما بلغ شيخوخته وذروة عقره؛ فالعهد القديم باطل في ذاته، يأخذ قيمته من تهيئته لحدث "المسيح". إن الله بحنانه، وهذا تفسير كلمة يوحنا، يفتقد شعبه بإنسان برّية، خشنٍ، يأكل الجراد، يفترش الأرض ويلتحف السماء، ليعلن عن تدشين خصوبة عهدٍ جديد، كاملٍ ونهائي، هو اللقاء بيسوع. نحن أيضاً بدورنا، نعيش أحياناً العهد القديم، فنختبر في حياتنا الإيمانيّة عقراً، وتُهرمنا الآمال المتجمّدة، عندئذٍ يفتقدنا الرب بحنانه، فيدعونا إلى "البريّة" ليخاطب قلبنا (هو2/16). إنَّ الخروج إلى البرية في حياة المؤمن هو أن يتفرّغ لاستقبال الرب. فالإيمان لا ينمو فينا دون فراغ وصمت، دون خلوة وترقب!.. ليست الخشونة هدفاً بحدِّ ذاتها في تربية إيماننا، بل إنها، كيوحنا، منهجاً يعدُّ الطريق للرب (مت3/3). فلا شهادة للإيمان دون إعدادٍ مسبقٍ لها. "كان لباس يوحنا من وبر الإبل وعلى حقويه منطقة من جلد وكان طعامه الجراد وعسل البر" (مت3: 5).. كان فقيراً من أجل الله!.. الفقر الروحي، الذي يطوّب يسوع من يلتزم به، هو عدم الرغبة في التملّك من أجل الله. هو أن نقول لله: كل شيءٍ لا قيمة له أمام حضورك، لأنك أنت الثمين، أنت الكنز، من أجلك نتخلّى عن كل شيء.. ليس لأنّ الأشياء سيئة بحدّ ذاتها، ولا لأن التملّك شرّ، ولكنَّ الفقير بالروح هو من أراد أن يقول: "الله وحده يكفي". الفقر بالروح، الذي عاشه يوحنا في البريّة، هو التحرّر من كل ما يُعيق النموّ في الحياة بالله، شيئاً كان أم شخصاً أم الذات نفسها. وهو تالياً، لا يخصُّ النساك والمتصوفين وحسب، وإن كانوا هم السبّاقين في السعي إليه، بل إنه موقف داخلي إنجيلي يدعو كلّ مسيحي التحلي به، متشبّهاً بالله نفسه، الذي زَهِدَ بجميع ما خلق لصالح الإنسان؛ افتقر من أجل من ميّزه عن الخليقة بإبداعه له على صورته ومثاله. الله لا شيء له، لأن كيفية وجوده هي في العطاء الكامل، في فرح "إخلاء الذات". الله بخلقه الإنسان يفتقر بوجهين: الأول في فعل خلق الإنسان بحدّ ذاته، عندما يخلقه حرّاً على صورته ومثاله، أي يهبه كيانه. والثاني، عندما يُقدّم له الخليقةَ بأسرها هدّية مجانيّة.. إنّ يوحنا الذي ندعو أنفسنا إلى التشبّه به، قد تشبّه بالله، فزهد بوجهين: عدم التملّك، وإخلاء الذات. هل يعني أننا مدعوون إلى التشبّه بالله في زهده؟!.. كيف يمكن للإنسان أن يختبر الزهد تشبّهاً بالله؟!.. كيف يمكن أن يكون لا شيء له، لأنه كل شيء؟.. أن يكون "فقيراً وهو يغني كثيرين" (2كور6/10)؟!.. الله لا يغتني إلا بالإنسان.. والإنسان بدوره، لا يغتني إلا بالله. من هنا ضرورة تلازم الزُهدَين وإلا صار خلق الإنسان كارثة، وزهد الإنسان مرضاً. "له أن ينمو.. ولي أن أنقص".. لقد اكتشف يوحنا، وهو لم يخرج بعد من بطن أمّه، زهد الله لمّا تجسّد كلمته في أحشاء مريم العذراء فاهتزّ طرباً.. واكتشف أيضاً، في صداقته مع يسوع، زهد يسوع، فعرف كيف يموت لكي يحيا الرب العروس (يو3/28-30). وبذلك يصبح مدرسة إيمان يُعدُّ الطريق للذي "أخلى ذاته آخذاً صورة عبدٍ صائراً في شبه البشر" (فيل2/7)، ومنح حركة "إخلاء الذات" (kenosis)نهجاً أساسياً في نموِّ شهادة الإيمان. لقد أحبَّ يسوعُ الشابَ الغني لمعرفته الجيّدة ما ينبغي، ولكنَّ الشاب مضى حزيناً، لأنَّه لم يتشجّع ويعزف نغمةً أساسيّة في شهادة الإيمان، هي "التخلي" أو "الزهد" (مر10/17-27). بينما نجد زكا يتخلى ببساطة كاملة، علامة شهادةٍ للإيمان الذي انتعش في قلبه. "توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات".. كان يوحنا لطيفاً وعنيفاً في آن. تمنّع باحترام وودّ عندما اقترب يسوع منه ليعتمد، وصرخ بأن لا يحق لهيرودس الزواج من زوجة أخيه الحيّ، فسجن واستشهد في سبيل إعلانه كلمة الحق. الوداعة في المسيحيّة لا تنفي الشجاعة!.. علينا ألا نضحي بالحق تحت شعار المحبة، وبالمثل علينا ألا نفقد المحبة في سبيل الشهادة للحق!.. فيوحنا الذي يعبّر عن "حنان الله"، كما ذكرنا، يدعو إلى التوبة بصوته الصارخ: "في تلك الايام أقبل يوحنا المعمدان يكرز في برية اليهودية، ويقول توبوا فقد اقترب ملكوت السموات.. صوت صارخ في البرية أعدوا طريق الرب واجعلوا سبله قويمة. (مت1:3-4). يوحنا.. إشارة مرور!.. يحدِّقُ يوحنا إلى يسوع ويهتف: "هذا هو حمل الله" (يو1/35-00). وبهذه الشهادة يتحوَّلُ تلميذاه عنه إلى النور الحقيقي. ماذا تريدان؟.. يسألهما يسوع ليُهيئهما لفعل شهادة الإيمان! ربما لو طُرِح هذا السؤال على الكثير من المسيحيين لتلعثمت الإجابة في أفواههم!.. يجيب التلميذان: "أين تقيم؟.." إنَّه سؤال معرفي. ربما لدينا، مثلهما، الكثير من نوع هذا السؤال: أين تقيم؟.. مَن أنت؟.. ماذا تعمل؟.. ما هي تعاليمك؟.. كيف تعيش؟ ماذا تطلب منّا؟... يختصر يسوع الأسئلة، ويدعو إلى "الإقامة" عنده. إنَّ يوحنا الذي "حدَّق" إلى يسوع قد شهد له، فمهّد الطريق لتلميذيه "ليقيما" عنده. ولشدة عمق خبرتهما سوف يظل يوحنا أحد هذين التلميذين يتذكّر ساعة اللقاء (أنظر: يو1/39ب)، فالاختبارات العميقة لا تنسى. الإيمان الحق هو العبور من الرغبة في الاستزادة في معرفة من هو الله، إلى التمرّس الحقيقي في اللقاء إليه. فالقديس في المسيحية ليس الفقيه والعارف لحقائق الإيمان، القديس هو مَن يختبر العيش مع من يعرف، وله يشهد. لذلك نشاهد أندراوس، في النص نفسه، يشهد لأخيه، وفيلبس لصديقه نثنائيل. يوحنا.. الشاهد لظهور الثالوث إن يوحنا المعمدان يعمِّد معدّاً الطريق ليسوع. ومعموديته هي دعوة للتوبة ومغفرة الخطايا. وإشارة لاقتراب حلول الملكوت. إنها زمن مؤقت، بشارة باقتراب إطلالة الزمن الأبد، حيث يأتي المسيح ليعمِّد بالروح القدس والنار (مت3/11). إنها ذروة العهد القديم، والصلة بالعهد الجديد. لذلك يدعو يوحنا تلاميذه إلى إتباع يسوع (يو1/36، 3/30). إنها بداية شمولية الإنجيل. معمودية يوحنا دعوة للجميع ليعاين كل إنسان خلاص الله (لو3/6، اش40/5). إن يسوع نفسه قد اعتمد على يد يوحنا. فالأناجيل تذكر وتركِّز على حدث اعتماد يسوع من يوحنا، نظراً لأهميته. فهذا الحدث يغير دور يوحنا من مُعدٍّ معمِّد لطريق الرب إلى شاهد لظهور الرب: الآب والابن والروح القدس. وهنا الانعطاف الكبير في تاريخ الخلاص، الذي يعلن اكتمال البر (مت3/15). الذي هو الأمانة الكاملة والجذرية لقصد الله ومشيئته. ويسوع باعتماده يظهر الاتضاع طريقاً لتحقيق وكشف سر الله، فيناقض انتظار اليهود لمسيح زمني مسيطر. فرغم أن يسوع هو من ذات جوهر الله، لم يعد مساواته له غنيمة، بل أخلى ذاته (فيل2/6-7)، لينحني أمام يوحنا، مع الشعب المنتظر، ويعتمد منه. كما سينحني لاحقاً على أرجل تلاميذه، ليغسلهم من كل مجد مزيف، ليكون حقاً حمل الله الرافع خطيئة العالم، بموته وقيامته. إن معمودية المسيح من يوحنا هي "ظهور إلهي" (Epiphanie)، فالله، الآب والابن والروح القدس، يظهر للإنسان بظهور المسيح. لذلك نجد يوحنا المعمدان يهتف في إحدى الصلوات الطقسيّة نحو المسيح فيقول: "كيف أقبلت نحو العبد أيها الرب الذي لا دنس فيه؟ فباسم مَنْ أعمدك؟ أباسم الآب؟ لكنك تحمله في ذاتك. أم باسم الابن؟ لكنك أنت هو بالجسد. أم باسم الروح القدس؟ لكنك عرفت أن تمنحه للمؤمنين بفمك ". الثالوث، وهو حقيقة الله، يُبادر نحو الإنسان ليدعوه إلى المشاركة في حياته على غرار "الإبن"، وقد بلغ به الحب، كما يقول الآباء، قمته في إخلاء الذات Kénose بظهوره إنساناً، واعتماده من يوحنا. ولابدَّ لنا من الإشارة هنا إلى التوازي التي تشاهده الليتورجيا بمختلف طقوسها، كذلك الأناجيل، في فهم معمودية يسوع، بينها وبين اعتماد المؤمنين باسم الثالوث، الآب والابن والروح القدس. وكأن معمودية يسوع هي ظهور لله الذي يدخل تاريخ الإنسان كإنسان، ومعموديتنا التي ندخل فيها عهد الله، على غرار المسيح، كأبناء لله. فالليتورجيا الأرمنية مثلاً، تفهم سرَّ التجسد بأنه "تحوّل الظهور الإلهي Théophanie إلى ظهورٍ إنساني Anthropophanie". فعيد الظهور، في وجهيه الميلاد والاعتماد، هو بمثابة "تأشيرة دخول" (Visa) لله في تاريخ البشر كإنسان مثلهم، ورتبة المعمودية المسيحية هي أيضاً بدورها "تأشيرة دخول" لنا في عائلة الثالوث. تعبِّر أيقونات عيد اعتماد يسوع عن ذلك بظهور رموز الثالوث فيها: سحابة من السماء، أو يدٌ تظهر من السحابة ترمز إلى الآب، وشكل حمامة يرمز إلى الروح القدس. خاتمة نكتشف من خلال تأملنا شخصيّة يوحنا المعمدان ثورة جديدة في مفهوم النبوءة والأنبياء، وبالتالي في شهادة الإيمان.. فهل نقتبس منه هذه النبويّة في الشهادة للحق؟.. |
||||
04 - 08 - 2014, 12:47 PM | رقم المشاركة : ( 4712 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"الملء"
"لأَنَّهُ فِيهِ سُرَّ انْ يَحِلَّ كُلُّ الْمِلْءِ" (كو19:1) ترد عبارة "الملء" إذ نسمع هذه العبارة من بولس الرسول متحدثاً لأهل غلاطية: : "لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُوداً تَحْتَ النَّامُوسِ" (غلا4:4) متحدثاً عن ملء الزمن الذي كان ضرورياً لتجسد المسيح، وأيضاً في حديثه الموجّه لأهل أفسس يصف الكنيسة بأنها: "هِيَ جَسَدُهُ، مِلْءُ الَّذِي يَمْلأُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ" (أف 23:1) موضّحاً لنا بأن الكنيسة تكون حقيقية عندما يكون جسد المسيح ملئها، ويؤكد لأهل أفسس بأن الإنسان يحقق الكمال عندما يصل إلى ملء قامة المسيح: "إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِلٍ. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ" (أف 13:4) وكلها تُشير إلى أن الملء يتحقق بحضور المسيح في الزمن، في الكنيسة، في الإنسان. وبالتالي إذا أراد الإنسان تحقيق الملء أو الكمال عليه أن يمتلئ من المسيح. من جهة ثانية كلمة "الملء" مصطلح يشير ضمنياً لـ "الخلاص"، فنحن بشر مخلقون على صورة الله، ولكن يوجد فينا شيء ما ناقص يجعلنا بعيدين عن الملء، ولا واحد منا هو في حالة الملء مع أننا خُلقنا للملء، والملء ليست كلمة تعبّر عن حقيبة مليئة بالأخلاق الحسنة، والأخلاق الحسنة ليست سبباً رئيسياً للخلاص، لذلك نقول بأننا مخلوقون على صورة الله لنحقق مثاله، هذا السعي لتحقيق المثال يمر عبر الملء بالمسيح الذي به يتم الخلاص. مفهومنا للخلاص بعيد كل البعد عن المفهوم البروتستانتي، أحدهم قال بأنه لم يعرف الخطيئة منذ ثلاث سنوات، موضحاً بذلك بأن مفهومه للكمال مختلف كلياً عن مفهومنا، الآباء القديسون جاهدوا طوال حياتهم بالصلاة والجهاد ولم يقولوا أنهم بلا خطيئة بل كلما تقدّموا بالسيرة الخلاصية عرفوا أنهم أكبر الخطاة فيصلّون للرب ليعطيهم وقت أطول لكي يتوبوا. فكيف تعرف أنك نلت الخلاص وأنت لم تقابل وجه المسيح؟. بالنسبة لي هناك أمور كثيرة تعني الملء: 1. إنسانياً، الملء يعني أن نحقق ما خُلقنا من أجله، ويكون الشخص أكثر إنسانيةً عندما يعيش ملء وجوده. 2. الملء أكثر من أن تعرف كثيراً، فمن الممكن أن تعرف في مواضيع كثيرة وممتلئ منها، مع ذلك يمكن أن تكون فارغاً وبدون حياة. "وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعاً أَخَذْنَا، وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ" (يو16:1). الملء الحقيقي هو انسكاب نعمة الله فينا وامتلائنا من نعمته وليس انسكاب للمعلومات أو للمعارف. 3. الملء يعني الأفضل، السيد المسيح وعدنا بـ "فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ" (يوحنا 10:10)، ولم يقصد الله بقوله هذا أننا سنعيش حياة مليئة بالرفاهية بل وعدنا بأن يملئنا الله من حياته. المسيح هو "الكل" وليس السيارات أو البيوت أو التلفاز الكبير أو الرحلات حول العالم. هو وعدنا بأن يكون حاضراً فينا، وحضوره فينا هو أهم من هذه الحياة التي نعيشها، أنا متأكد أن هذا الحضور الداخلي للسيد في حياتنا يجعل من داخلنا أوسع وأكبر من هذه الدنيا بالكلية. 4. الملء يؤدي للكمال، فعبر أسرار الكنيسة والكتاب المقدس يمكن للإنسان اقتناء الروح القدس، و به يصل للكمال، وهذا يتم كله في الكنيسة، إذا الكنيسة هي الملء بشرط أن تكون مليئة بالروح القدس، وهي تكون كنيسة حقيقية عندما تكون ممتلئة بالروح القدس، ولكنها أيضاً مجاهدة نحو الكمال بنعمة الروح القدس ونحن إذا جاهدنا وبنعمة الروح القدس يمكن أن نصل إلى الكمال. 5. الملء لا يُحدّد بمكان ولا بزمان ولا يمكن معرفته بشكل كامل فهو أبعد من حدود العقل البشري، ويعتمد على مبدأ أن الملكوت السماوي - الذي نعيشه عندما نكون بحالة الملء- في مكان آخر حيث الله هناك. 6. يتحقق الملء في المحبة. عرفنا الله في السيد المسيح عندما قبل أن يُصلب من أجلنا، "وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اللهِ" (أفس19:3)، فالتضحية من أجل الآخر هي تعبير عن المحبة الذي هي الملء الحقيقي الذي من أجله خُلقنا. الحسد والكراهية والمكر والتعصب تعاكس تحقيقنا للملء وتشوّه من حقيقة وجودنا وتهدد بتحطيمه، على حين عمل المسامحة - حيث المحبة هي التضحية الكبرى- هو الامتداد الواسع غير المحدود انطلاقاً من ذاتنا للوصول للملء. فالحياة مع الله،أي الامتلاء،هي بأن لا نعرف الحسد أو الكراهية أو المكر أو التعصب بل المحبة حتى للأعداء، وهذا هو الملء الذي يملئ الكل بالكل. رأى السيد المسيح ما لم يستطع أحد أن يراه، شاهد حقولاً تحتاج لفعلة وآخرين مَن ظنّوا أنفسهم قريبين لله ولم يكونوا سوى فرّيسيّن، رأى عملَ أبيه مِن حوله في حين لم يعرف أحدٌ الآبَ، رأى العالم في ملءٍ لم يقدر أحدٌ على رؤيته هكذا. قلب الإنسان مليء بالرغبة لتحقيق الملء (الكمال)، فتراه يشعر بفراغ في داخله وبنقص في كل ما يحيط به. حدْسُه يخبره بأن هناك المزيد، هناك توقٌ لكمال ما لا يمكنه تجاهله. يجب ألاّ يرضى الإنسان بأقل مما دعاه الله إليه، أي إلى الملء الذي وعدنا به كميراث. واقع الحياة يؤكد لنا بأن هذه الحياة فارغة وأن هناك شيء أكثر من ذلك يجب أن نسعى بكلّ قدرتنا وبكلّ نفوسنا من أجل تحقيقه. وأنا أتساءل: "لماذا يريد الإنسان شيئاً أقل من هذا الملء؟" آمين. |
||||
04 - 08 - 2014, 12:49 PM | رقم المشاركة : ( 4713 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مختارات من تعاليم القديس نكتاريوس العجائبي أسقف المدن الخمس تعريب الأب أنطوان ملكي ليس الدين المسيحي نظاماً فلسفياً يتجادل حوله الناس المتعلّمون والمتدربون في العلوم الماورائية، فيعتنقونه أو يرفضونه بحسب الرأي الذي شكّله كل منهم. إنه الإيمان المؤسّس في نفوس الناس والذي ينبغي أن ينتشر للكل ويُحفَظ في ضمائرهم... في المسيحية حقائق فوق فهمنا العقلي، ولا يستطيع عقل الإنسان المحدود أن يستوعبها. إن ذهننا يدركها، ويقتنع بها، ويشهد لوجودها الفائق الطبيعة... إن المسيحية هي دين الإعلان. يعلِن الإله مجدَه فقط للذين تكمّلوا بالفضيلة. تعلِّم المسيحية الكمالَ من خلال الفضيلة وتطلب من أتباعها أن يكونوا قديسين وكاملين. تستهجن المسيحية مَن هم تحت تأثير الخيال وتقاومهم. إن مَن هو كامل فعلاً يصير بالمعونة الإلهية خارج الجسد والعالم، ويدخل عالماً روحياً آخراً؛ وبالطبع، ليس بالخيال بل بتألق النعمة. بدون النعمة وبدون الإعلان لا يستطيع الإنسان، حتى الأكثر فضيلة بين البشر، أن يتعالى عن الجسد والعالم. يعلن الله نفسه للمتواضع الذي يحيا بحسب الفضيلة. إن الذين يركبون جناح الخيال يحاولون الطيران مثل أكيروس ويصلون إلى النهاية نفسها. إن الذين يؤوون الأوهام لا يصلّون؛ لأن الذي يصلّي يرفع عقله وقلبه إلى الله، بينما الذي يتحوّل إلى الخيالات يقود نفسه إلى الانحراف. إن الذين يدمنون الخيال ينسحبون من نعمة الله ومن عالم الوحي الإلهي. فهم قد تركوا القلب الذي تستعلَن فيه النعمة وأخضعوا أنفسهم للوهم المجرّد من كل نعمة. إن القلب هو الوحيد الذي يتسلّم معرفة الأمور التي لا تُفهَم بالحواس، لأن الله، الذي يسكن في القلب ويتحرّك فيه، يتكلّم إليه ويكشف له جوهر الأمور المرجوة. أطلبْ الرب كل يوم. ولكن اطلبه في قلبك وليس خارجه. وعندما تجده قف برعدة وخوف كما الشاروبيم والسارافيم لأن قلبك قد أضحى عرشاً لله. ولكن لكي تجد الله، كُنْ متواضعاً كالغبار أمام الرب، لأن الرب يمقت المتكبر، بينما يزور متواضعي القلب، ولهذا هو يقول: "إلى مَن سوف أنظر، إلاّ لمَن هو عادل ومتواضع القلب؟" ينير النور الإلهي القلبَ النقي والذهن النقي، لأنهما قابلان لتلقي النور؛ بينما القلوب والأذهان الدنِسة، فيما هي غير قابلة لتلقي الاستنارة، فهي تمقت كثيراً نور المعرفة، نور الحقيقة. إنها تحب الظلام... الرب يحب أصحاب القلب النقي ويستمع إلى صلواتهم ويمنحهم طلباته التي تؤدي إلى الخلاص، ويكشف نفسه لهم ويعلمهم أسرار الطبيعة الإلهية. الكنيسة إن كلمة "كنيسة"، بحسب النظرة الأرثوذكسية الدقيقة، لها معنيان. أحدهما يعبّر عن شخصيتها العقائدية والدينية، أي، عن جوهرها الداخلي، الجوهر الروحي بشكل خاص، فيما الثاني يعبّر عن شخصيتها الخارجية. وهكذا، بحسب الإيمان الأرثوذكسي، تُعرَّف الكنيسة بطريقة مزدوجة: كمؤسسة دِينية وكجماعة دينية. إذاً، يمكن تحديد الكنيسة كمؤسسة دينية على هذا الشكل: الكنيسة هي مؤسسة إلهية دينية من العهد الجديد، بناها مخلصنا يسوع المسيح من خلال تدبير التجسد، مؤسَّسَةً على إيمان يوم العنصرة بنزول الروح الكلي قدسه على تلاميذ المسيح المخلّص ورسله القديسين، الذين جعلهم أدوات للنعمة الإلهية لتخليد عمله الخلاصي. لقد أوكِل لهذه المؤسسة ملء الحقائق المعلَنة. فيها يعمل الروح القدس من خلال الأسرار، وفيها يتجدد الذي يقاربون المسيح بإيمان، وفيها حُفظَ كلا التعليم والتقليد الرسوليين، المكتوبين وغير المكتوبين. كما يمكن تحديد الكنيسة كجماعة دينية على هذا الشكل: الكنيسة هي مجتمع من البشر المتّحِدين بوحدة الروح في رباط السلام. إن النظرة الصحيحة للكنيسة تُصنّفها إلى مجاهدة ومنتصرة. فالكنيسة مجاهدة طالما أنها تكافح ضد الشر لكي يسود الخير، وهي منتصرة في السماوات حيث يسكن جوق الأبرار الذين جاهدوا وتكمّلوا في الإيمان بالله وبالبِر. التقليد التقليد المقدس هو الكنيسة عينها. وبدون التقليد المقدس لا توجد الكنيسة. إن مَن ينكر التقليد إنما ينكر الكنيسة وتعليم الرسل. قبل كتابة الكتاب المقدس، أي قبل خط الأناجيل وأعمال الرسل والرسائل، وقبل انتشارها بين كنائس العالم، كانت الكنيسة قائمة على التقليد المقدس. إن النصوص المقدسة هي بالنسبة للتقليد كما هو الجزء بالنسبة للكل. آباء الكنيسة نظروا إلى التقليد على أنه الدليل الأمين إلى تفسير الكتاب المقدس وهو لازم بالضرورة لفهم الحقائق الموجودة في الكتاب. إن تركيب الخدم الكنسية، وخاصةً القداس الإلهي، والأفاشين نفسها وطريقة القيام بالخدم، كما بعض الصلوات والتنظيمات الأخرى في الكنيسة، تعود كلها إلى تقليد الرسل المقدس. لم تعتمد المجامع المقدسة في مناقشاتها على الكتاب المقدس فقط، بل أيضاً على التقليد كما من نبع صافٍ. لهذا، يقول القانون الثامن من المجمع المسكوني السابع: "إذا انتهك أحد ما أي جزء من تقليد الكنيسة، المكتوب أو غير المكتوب، فليكن محروماً". اكتشاف الله من الجلي أن عدم الإيمان هو من ذرية القلب الشرير؛ فالقلب النقي الخالي من المكر يجد الله في كل مكان، ويظهره في كل مكان، ويؤمن دوماً وبدون تردد بوجوده. عندما ينظر الرجل صاحب القلب النقي إلى عالم الطبيعة، أي إلى السماء والأرض والبحر وكل ما فيها، وعندما يلاحظ الأنظمة التي تتألف منها: الكثرة اللامتناهية من نجوم السماء والعديد الذي لا يحصى من الطيور وكل نوع من الحيوان على الأرض وتنوع النباتات عليها ووفرة السمك في البحر، فهو يندهش وتلقائياً يهتف مع النبي: "ما أعظم أعمالك يا رب، كلها بحكمة صنعت". في وصايا الناموس، في إنجازات القديسين، في العمل الصالح، في كل عطية كاملة، وبالإجمال في كل الخليقة. لقد قال السيد عن حق في تطويباته عن أصحاب نقاوة القلب: "طوبى لأنقياء القلوب لأنهم لله يعاينون". مَن لا يعرف ذاته لا يعرف الله أيضاً. ومَن لا يعرف الله لا يعرف حقيقة الأشياء وطبيعتها إجمالاً. مَن لا يعرف نفسه يخطأ دائماً ويبتعد بشكل مستمر عن الله. مَن لا يعرف طبيعة الأمور وما هي عليه حقيقةً بذاتها، هو عاجز عن تقييمها بحسب قيمتها وعن التمييز بين الغالي والرخيص، وبين التافه والثمين. لذلك، يشغل هذا الإنسان نفسه في ملاحقة الأشياء التافهة والبديهية، غافلاً كلياً عن الأمور الأبدية والأكثر قيمة وغير مهتم بها. على الإنسان أن يسعى لمعرفة نفسه ومعرفة الله، وأن يفهم طبيعة الأمور كما هي بذاتها، فهذا يصبح صورة الله ومثاله. الإنسان الإنسان كائن مركّب، مكوّن من جسد أرضي ونفس سماوية... النفس متحدة بشكل قريب بالجسد، ومع هذا هي مستقلة عنه. ليس الإنسان فكراً فقط بل هو قلب أيضاً. إن قوى هذين المركزين، في دعمهما المتبادل كلٌ للآخر، يجعلان الإنسان كاملاً ويعلّمانه ما لا يستطيع تعلمه بالعقل وحده. إذا كان العقل يعلّم عن العالم الطبيعي، فالقلب يعلّمنا عن العالم الفائق الطبيعة... يكون الإنسان كاملاً عندما ينمّي قلبه وعقله معاً. والآن القلب نامٍ من خلال الدين المعلَن. خلود النفس لنفس الإنسان العقلانية طموحات فوق الطبيعية ولامتناهية. إذا كانت النفس العقلانية تتبع الجسد وتموت معه، فلا بد أن تكون خاضعةً له وتابعة في كل شهواته. ولكانت الاستقلالية معاكسة لقوانين الطبيعة والمنطق معاً، لأنها تشوّش التناغم القائم بين الجسد والنفس. وكمتعلقة بالجسد، على النفس أن تخضع للجسد وتتبعه في كل شهواته ورغباته، بينما على العكس، النفس تسود على الجسد وتفرض عليه إرادتها. تخضع النفس شهوات الجسد وأهواءه وتلجمها وتوجهها كما تريد. هذه الظاهرة يلاحظها كل إنسان مفكّر. وكل مَن يعي نفسه العقلانية يعي تسلّط النفس على الجسد. ما يثبت تسلّط النفس على الجسد هو طاعته عندما يقوده إنكار الذات إلى التضحية من أجل أفكار النفس المجرّدة. لم يكن من الممكن أن نفهم سيطرة النفس بهدف تغليب مبادئها وأفكارها ونظراتها، لو أن النفس كانت تموت مع الجسد. إن نفساً قابلة للموت لا تستطيع أن تصل إلى هذا العلو ولا تقدر أن تحكم على نفسها بالموت مع الجسد لتغليب أفكار مجردة ينقصها المعنى، إذ لا الأفكار النبيلة ولا النوايا الشريفة والشجاعة تعني أي شيء للنفس القابلة الموت. إذاً، إن نفس مؤهّلة لهذه الأمور هي نفس غير مائتة. الحياة بعد الموت إن معلمي الكنيسة الأرثوذكسية المؤسَّسين على الكتاب المقدس يعلِّمون أن الذين يرقدون بالرب يذهبون إلى مكان الراحة بحسب الآية 13:14 في رؤيا يوحنا: "طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن. نعم، يقول الروح لكي يستريحوا من أتعابهم. وتتبعهم" وعن الخطأة فهم يعلّمون أن نفوسهم تذهب إلى الجحيم، حيث العذاب والأسى والأنين بانتظار يوم الدينونة المروّع. لا يقبل آباء الكنيسة الأرثوذكسية وجود مكان آخر، إذ لا يذكر الكتاب المقدس هكذا مكان. بعد نهاية الدينونة العامة، سوف يعلن القاضي البار القرار للأبرار والخطأة معاً. للأبرار سوف يقول: "تعالوا يا مبارَكي أبي رثوا الملك المعدّ لكم منذ كون العالم". بينما للخطأة سوف يقول: "ابعدوا عنّي يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدّة لإبليس وملائكته". سوف تكون نهائية لأنها دائمة وليست مؤقتة مثل الدينونة الفرعية. وسوف تكون حاسمة لأنها بالنسبة للأبرار والخطأة سوف تكون أبدية وغير قابلة للتغيير. القديسون تكرّم كنيستنا القديسين لا كآلهة، لكن كخدّام أمناء، كرجال أنقياء وأصدقاء لله. إنها تمدح الجهادات التي تحمّلوها والأعمال التي قاموا بها لمجد الله بعمل نعمته، بشكلٍ أن كل الشرف الذي تقدمه الكنيسة لهم يشير إلى الكائن الأعلى الذي رأى حياتهم على الأرض برضى. إن الكنيسة تكرّمهم بتذكرهم سنوياً باحتفالات عمومية ومن خلال بناء الكنائس على شرف اسمهم. إن رجال الله الأتقياء الذين أكبرهم الله على الأرض، تكرمهم كنيسة الله المقدسة منذ أن أنشأها المسيح المخلّص. التوبة إن خلاص الإنسان يقوم على عاملين: نعمة الله وإرادة الإنسان. وعلى الإثنين أن يعملا معاً إذا كان الهدف الوصول إلى الخلاص. التوبة هي سرٌ فيه مَن تاب عن خطاياه يعترف بها أمام أب روحي عينته الكنيسة وأعطته السلطان لغفران الخطايا، ومن هذا الأب الروحي يأخذ الحل من خطاياه ويتصالح مع الله الذي أخطأ إليه. إن التوبة تعني الندامة وتغيير الفكر. إن السمات المميِّزة للتوبة هي الندم، الدموع، مقت الخطيئة ومحبة البِر. الفضيلة علينا أن نقوم بكل ما في وسعنا لاكتساب الفضيلة والحكمة الأخلاقية، لأن الجائزة جميلة والرجاء عظيم. إن درب الفضيلة هي الجهد والكدح، فالباب المؤدي إلى الحياة حرج والطريق ضيق وقليلون سوف يجدونه. بينما باب الرذيلة واسع والطريق رحب، لكنه يؤدي إلى الهلاك. الرياضة الروحية الرياضة الروحية هي التدريب على التقوى وهي الأغلى ثمناً إذ إنها الوعد بالحياة الحالية والآتية. إن الجهود التي تُبذَل في سبيل التقوى تجلب السعادة الروحية. يقول ثيوفيلكتوس: "درّب نفسك على التقوى أي على الإيمان الطاهر والحياة الصحيحة. فالتدريب إذاً ضروري كما الجهود المستمرة. |
||||
04 - 08 - 2014, 01:05 PM | رقم المشاركة : ( 4714 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نور لسبيلي "لأن الوصية مصباح، والشريعة نور" (أم23:6)، "فتح كلامك ينير، يعقل الجهال" (مز130:119). لذلك قيل "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي" (مز105:119). فمن يعيش بعيداً عن كلمة الله يعيش في الظلام "لأنهم عصوا كلام الله، وأهانوا مشورة العلي" (مز11:107) "من ازدرى بالكلمة يخرب نفسه، ومن خشى الوصية يكافأ" (أم13:13). ومن يقتني كلمة الله في قلبه يستنير، ويبعد عن الشر والخطيئة "فبكلام شفتيك أنا تحفظت من طرق المعتنف" (مز4:17). طوبى لمن يكتنز في داخله كلام الله "بم يزكى الشاب طريقه بحفظه إياه حسب كلامك" (مز9:119) "خبأت كلامك في قلبي لكيلا أخطئ إليك" (مز11:119)، "أبتهج أنا بكلامك كمن وجد غنيمة وافرة" (مز162:119). لذلك دعونا نهتف معاً: "يا بيت يعقوب، هلم فنسلك في نور الرب" (إش5:2). فلنقتني فينا كلمة الله الحية لتنير لنا الطريق، ونفهم ما هي مشيئة الرب. "وعندنا الكلمة النبوية، وهي أثبت، التي تفعلون حسناً إن انتبهتم إليها، كما إلى سراج منير في موضع مظلم، إلى أن ينفجر النهار، ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم" (2بط19:1) |
||||
04 - 08 - 2014, 01:06 PM | رقم المشاركة : ( 4715 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سيف الروح إنه السيف الذي نحارب به إبليس "وخذوا خوذة الخلاص، وسيف الروح الذي هو كلمة الله" (أف17:6)، "لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومميزة أفكار القلب ونياته" (عب12:4) وهو السيف الخارج من فم المسيح كما رآه يوحنا في سفر الرؤيا "وسيف ماض ذو حدين يخرج من فمه" (رؤ16:1) إنها كلمة الله الحادة التي تقطع الشر، وتحارب الشرير "فتب وإلا فأني آتيك سريعاً وأحاربهم بسيف فمي" (رؤ16:2)، "ومن فمه يخرج سيف ماض لكي يضرب به الأمم" (رؤ15:19)، "والباقون قتلوا بسيف الجالس على الفرس الخارج من فمه" (رؤ21:19) ولعل هذا السيف هو الذي طلب الرب من تلاميذه أن يقتنوه عند التجربة "من له كيس فليأخذه ومزود كذلك ومن ليس له فليبع ثوبه ويشتر سيفاً" (لو36:22) إنه السيف الذي انتصر به السيد المسيح على الشيطان في التجربة على الجبل حيث غلبه بالـ "مكتوب" وهو السيف الذي ألقاه السيد المسيح على الأرض "لا تظنوا أني جئت لألقي سلاماً على الأرض. ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً" (مت34:10) إنه السيف الذي استخدمه يوحنا المعمدان في وجه هيرودس "لا يحل أن تكون لك امرأة أخيك" (مر18:6) وهو السيف الذي يستخدمه رجال الله ضد الانحرافات "وجعل فمي كسيف حاد. في ظل يده خبأني وجعلني سهماً مبرياً. في كنانته أخفاني" (إش2:49) |
||||
04 - 08 - 2014, 01:08 PM | رقم المشاركة : ( 4716 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نار آكلة إن النار تطهر من الشوائب والقاذورات.. وهكذا كلمة الله تطهرنا من كل خطيئة.. "أنتم أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به" (يو3:15). إنها النار التي تكلم عنها إرميا النبي "لذلك هكذا قال الرب إله الجنود: من أجل أنكم تتكلمون بهذه الكلمة، هأنذا جاعل كلامي في فمك ناراً، وهذا الشعب حطباً فتأكلهم" (إر14:5) إنها نار ضد الشر لتطهر "هوذا اسم الرب يأتي من بعيد. غضبه مشتعل والحريق عظيم. شفتاه ممتلئتان سخطاً، ولسانه كنار آكلة" (إش27:30) "أليست هكذا كلمتي كنار، يقول الرب، وكمطرقة تحطم الصخر" (إر29:23) لذلك فكلمة الله تقدس إلى التمام "لأنه يقدس بكلمة الله والصلاة" (اتي5:4). أما الخدام الذين يشتعلون بهذه النار المقدسة فلا يستطيعون أن يكتموها في داخلهم "لأننا نحن لا يمكننا أن لا نتكلم بما رأينا وسمعنا" (أع20:4)، وإذا أراد الخادم أن يصمت يجد قلبه مشتعلاُ بهذه النار "فقلت: لا أذكره ولا أنطق بعد باسمه. فكان في قلبي كنار محرقة محصورة في عظامي، فمللت من الإمساك ولم استطع" (إر9:20)، أما الذين يرفضون كلمة الله فيحترقون بها "لذلك كما يأكل لهيب النار القش، ويهبط الحشيش الملتهب، يكون أصلهم كالعفونة، ويصعد زهرهم كالغبار، لأنهم رذلوا شريعة رب الجنود، واستهانوا بكلام قدوس إسرائيل" (إش24:5) |
||||
04 - 08 - 2014, 01:09 PM | رقم المشاركة : ( 4717 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مصدر قوة وثبات وحياة إن من يحتمي بكلمة الله يصير قوياً في مواجهة الشيطان والعالم "كتبت إليكم أيها الأحداث، لأنكم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم، وقد غلبتم الشرير" (1يو14:2)، فمن يقتني الكلمة في داخله يصير أقوى من العالم وكل البشر "الله افتخر بكلامه. على الله توكلت فلا أخاف، ماذا يصنعه بي البشر" (مز4:56)، لذلك ينبهنا الله بمحبته أن نحتمي في كلامه "يا ابني أصغ إلى كلامي، أمل أذنك إلى أقوالي" (أم20:4) "وكان يريني ويقول لي: ليضبط قلبك كلامي أحفظ وصاياي فتحيا" (أم4:4). "كل كلمة من الله نقية، ترس هو للمحتمين به" (أم5:30) "إنكم إن ثبتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي" (يو31:8)، "الحق الحق أقول لكم: إن كان أحد يحفظ كلامي فلن يرى الموت إلى الأبد" (يو51:8)، "إن ثبتم فيّ وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم" (يو7:15). لذلك فنحن نحب كلمة الله ونتمسك بها لننال الحياة "متمسكين بكلمة الحياة" (في16:2) |
||||
04 - 08 - 2014, 01:12 PM | رقم المشاركة : ( 4718 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما علاقة عدم التوبة بالتجديف على الروح القدس؟
علاقة واضحة. وهي أن الإنسان لا يتوب، إلا بعمل الروح فيه. فالروح القدس هو الذي يبكت الإنسان على الخطية (يو8:16). وهو الذي يقوده في الحياة الروحية ويشجعه عليها. وهو القوة التي تساعد على كل عمل صالح. ولا يستطيع أحد أن يعمل عملاً روحياً، بدون شركة الروح القدس. فإن رفض شركة الروح القدس (2كو14:13)، لا يمكن أن يعمل خيراً على الإطلاق! لأن كل أعمال البر، وضعها الرسول تحت عنوان "ثمر الروح" (رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 22:5). والذي بلا ثمر على الإطلاق، يُقطع ويُلقى في النار كما قال الكتاب (آنجيل متى 10:3؛ يوحنا 6،4:15). الذي يرفض الروح إذن: لا يتوب، ولا يأتي بثمر روحي.. فإن كان رفضه للروح، رفضاً كاملاً مدى الحياة، فمعنى ذلك أنه سيقضي حياته كلها بلا توبة، وبلا أعمال بر، وبلا ثمر الروح. وطبيعي أنه سيهلك. وهذه الحالة هي التجديف على الروح القدس. إنها ليست أن الإنسان يُحزِن الروح (سفر أفسس 30:4)، ولا أن يطفئ الروح (رسالة تسالونيكي الأولى 19:5)، ولا أن يقاوم الروح (سفر أعمال الرسل 51:7)، إنما هي رفض كامل دائم للروح، فلا يتوب، ولا يكون له ثمر في حياة البر. وهنا يواجهنا سؤال يقوله البعض، ويحتاج إلى إجابة: ماذا إذا رفض الإنسان كل عمل للروح، ثم عاد وقبله وتاب؟ نقول إن توبته وقبوله للروح، ولو في آخر العمر، يدلان على أنه روح الله مازال يعمل فيه ويقتاده للتوبة. إذن لم يكن رفضه للروح رفضاً كاملاً دائماً مدى الحياة. فحالة كهذه ليست هي تجديفاً على الروح القدس، حسب التعريف الذي ذكرناه. إن الوقوع في خطية لا تغفر، عبارة عن حرب من حروب الشيطان. لكي يوقِع الإنسان في اليأس، ويهلكه باليأس. ولكي يوقعه في الكآبة التي لا تساعده على أي عمل روحي. أما صاحب السؤال فأقول له: مجرد سؤالك يدل على إهتمامك بمصيرك الأبدي. وهذا من عمل الروح فيك. إذن ليست هذه حال تجديف على الروح. بقى أن نجيب على الجزء الأخير من السؤال: هل تتفق عدم المغفرة، مع مراحم الله؟! أقول أن الله مستعد دائماً أن يغفر، ولا يوجد شيء يمنع مغفرته مطلقاً. ولكن المهم أن يتوب الإنسان ليستحق المغفرة.. فإن رفض الإنسان للتوبة، يظل الرب ينتظر توبته ولو في آخر لحظات الحياة، كما حدث مع اللص اليمين.. فإن رفض الإنسان أن يتوب مدى الحياة، ورفض كل عمل للروح فيه إلى ساعة موته، يكون هو السبب في هلاك نفسه، وليس الله الرحوم هو السبب، تبارك اسمه |
||||
04 - 08 - 2014, 01:16 PM | رقم المشاركة : ( 4719 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
خمسة مفاتيح في الضيقات !!! الضيقة هى شركة حب فى آلام وصليب الرب يسوع، لذلك قال القديس الأنبا بولا: "من يهرب من الضيقة يهرب من الله". وللتعامل معها هناك خمسة مفاتيح: 1. مفتاح الصلاة بالصلاة والصوم نواجه كل مشاكلنا وتجاربنا وضيقاتنا "ادعنــى وقــت الضيـــــق، أنقـــــذك فتمجدنـــى" (مز 15:50).. .الكنيسة تعودت أن تواجه الضيقة بالصلاة والصـوم ، "هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم" (مت 21:17). 2. مفتاح المواعيد تذكر وعود الله فى الكتاب المقدس، وضعها أمامك :"أنا معك ولا يقع بك أحد ليؤذيك" (أع 10:18). "أنا معك وأحفظك حيثما تذهب" (تك 15:28). "تعالوا إلىّ يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم" (مت 28:11). تدريب : ليتك تضع خطاً مميزاً تحت مواعيد الله الواردة فى الكتاب المقدس، وتستخدمها فـى وقت الضيقة "ذكرنى فنتحاكم معاً" (أش 26:43). 3. مفتاح الثقة أعلم أن الله قادر أن يغير كل شئ إلى أفضل وإلى العكس."علمت أنك تستطيع كل شئ ولا يعسر عليك أمر" (أى 2:42). كل شئ مستطاع للمؤمن" (مر 23:9). "غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله" (مت 26:19) ليكن لك الإيمان بالله القادر على كل شئ. 4. مفتاح الرجاء أعلم أن باب الله مفتوح أمامك على الـدوام، مهما أغلقت باقـى الأبـواب "هاأنــذا قــد جعلــت أمامك باباً مفتوحاً ولا يستطيع أحد أن يغلقه" (رؤ 8:3). لا تنظر إلى الأبواب المغلقة، ولكن أنظر إلى المفتاح الذى فى يد الله. حتى لو تأخر الله فى حل المشكلة تذكر: "أنتظر الرب وليتشدد وليتشجع قلبك" (مز 14:27).. 5. مفتاح الأبدية التطلع إلى الأبدية يخفف من وطأة الضيقة والآلام، ويرفع قلوبنا إلى الكنز السماوى. "لأنخفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبدى" (2كو 17:4). |
||||
04 - 08 - 2014, 01:19 PM | رقم المشاركة : ( 4720 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
محبة الأعداء مقدمة يذكر لنا القديس لوقا الإنجيلى وصية من وصايا المسيح له المجد قائلاً : "ولكنى أقول لكم أيها السامعون أحبوا أعداءكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. باركوا لاعنيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم. من ضربك على خدك فاعرض له الآخر أيضاً. ومن أخذ الذى لك فلا تطالبه وكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم فافعلوا أنتم أيضاً بهم هكذا. وإن أحببتم الذين يحبونكم فأى فضل لكم فإن الخطاة أيضاً يحبون الذين يحبونهم. وإن أحسنتم إلى الذين يحسنون إليكم فأى فضل لكم. فإن الخطاة أيضاً يفعلون هكذا. وإن أقرضتم الذين ترجون أن تستردوا منهم فأى فضل لكم فإن الخطاة أيضاً يقرضون الخطاه لكى يستردوا منهم المثل بل أحبوا أعداءكم وأحسنوا واقرضوا وانتم لا ترجون شيئاً فيكون أجركم عظيماً وتكونون بنى العلى"(1) مـن هـم الأعـداء ؟ لا يوجد لنا أعداء حقيقيين إلا عدو واحد هو إبليس أى الشيطان، كما ذكر لنا المسيح له المجد فى مثل الزوان حيث قال " الزارع الزرع الجيد هو ابن الإنسان.والحقل هـو العالم. والزرع الجـيد هو بنو الملكوت. والزوان هو بنو (لو9: 27- 37) الشرير. والعدو الذى زرعه هو إبليس ) ولكن بعض الناس تعتبر من يضايقهم أو يزعجهم أو من لا يسمع كلامهم ولا يطيعهم هم أعداء لهم لذلك قال السيد المسيح " أحبوا أعداءكم. أحسنوا إلى مبغضيكم باركوا لاعنيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ".. موضحاً بعض فئات الناس الذين نكرههم أو نحسبهم أعداء لنا كيـف نحـب الأعـداء ؟ سـؤال صعب ليـس من السـهل الإجابة عليه أو تنفيذه إلا بعد عدة تدريبات روحية القديس يوحنا ذهبى الفم(2) أعطانا تدريبات روحية لكى نصل إلى محبة الأعداء نستطيع أن نلخصها فى الآتى من يسئ لا أرد له الإساءة، ولا أفكر فى الانتقام .. لأن الرب يقول "لأنه مكتوب لى النقمة أنا أجازى يقول الرب أصلى من أجل المسئ إلىّ .. وعندما أصلى من أجل المسئ لكى يهديه الرب، ولكى أهدأ أنا أيضاً، ويقل غضبى عليه .. فالصلاة هنا لها منفعة مزدوجة من أجلى ومن أجل المسئ إلىّ يمكننى أن أعاتب المسئ إلىّ على إساءته بلطف فتنتهى المشكلة، وإن لم يقبل العتاب أتركه بدون أثر للزعل والمسيح له المجد عاتب من ضربه كما يقول إنجيل يوحنا " ولما قال هذا لطم يسوع واحد من الخدام كان واقفاً قائلاً أهكذا تجاوب رئيس الكهنة. أجابه يسوع إن كنت قد تكلمت ردياً فاشهد على الردى وإن حسناً فلماذا تضربنى" (مت13: 37- 39) فى تأملاته فى العظة على الجبل (راجع The Nicene and post Nicene fathers) (رو12: 19)، (تث32: 35). (4)- (يو8: 22) أسامح المسئ إلىّ من داخل القلب وأترك الموضوع كله للرب ولا ألتفت إلى محاولات الشيطان الذى يريد أن يكبر الموضوع ويقول لى عن طريق الأفكار الشريرة كيف تسكت عن هذه الإساءة ؟ وكيف تتخلى عن كرامتك ؟ وكيف تسمح لهذا الشخص أن يهزأ بك أمام الجميع .. إلخ بل أقول [ أنا مسامحك يا فلان ... ] لأن الله يطلب منا ذلك فى الصلاة الربانية [ واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضاً لمن أساء إلينا]) أنسى الإساءة تماماً، وعندما يريد الشيطان عن طريق الأفكار- أن يذكرنى بها، أقول [ لينتهرك الرب أيها الشـيطان ] كما قال رئيس الملائكة ميخائيل للشيطان " وأما ميخائيل رئيس الملائكة فلما خاصم إبليس محاجاً عن جسد موسى لم يجسر أن يورد حكم إفتراء بل قال لينتهرك الرب ") ألتمس العذر للمسيئين إلىّ، كما فعل السيد المسيح مع صالبيه وقال " يا أبتاه إغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ") أحاول أن أقدم خدمة لهؤلاء المبغضين وأحسن إليهم لكى يتغير مفهومهم نحوى، وأشـعرهم بالمحـبة، وأنـه لا توجد أى بغضة نحـوى كقول الكتاب "احسنوا إلى مبغضيكم " عندما أقابلهم أظهر محبة وأتبادل السلام معهم، وإن كانوا قد أخذوا أى شئ لا أفكر فى استرداده، واعتبره تبرع منى أذهب إليهم إن لم أقابلهم أو إن لم يأتوا إلىّ، ولا انتظر الاعتذار منهم وحتى ولو كانوا هم المخطئين بل أفتح أحضانى لهم كما فعل الأب لابنه فى مثل " الابن الضال ) (لو11: 4). (2)- (يهوذا 9) (لو23: 24). (4)- (لو15: 11- 21) المسيح يذهب إلى الإنسان الخاطئ ويقرع على باب بيته إمتلاء القلب بالمحبة لجميع الناس .. لا أفرق بينهم، بل أحب الكل، وأتذكر وصية المسيح لتلاميذه " هذه هى وصيتى أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم. ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه وكلنا نعرف أن السيد المسيح سما بوصية المحبة إلى أقصى درجة لها وهى البذل .. كما بذل المسيح نفسه عنا، ومات على الصليب لكى يفدينا، ويعطينا حياة أبدية يقول الكتاب : " لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بـذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل يكون له الحياة الأبدية ) ويقول أيضاً : " الذى بـذل نفسه لأجـل خطايانا لينقذنا من العالـم الحاضر الشرير ) ويقول بولس الرسول إلى تيطس " منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح، الذى بذل نفسه لأجلنا لكى يفدينا من كل إثم ويطهر لنفسه شعباً خاصاً غيوراً فى أعمال حسنة إتسـاع المحـبة يتكلم القديس بولس الرسول عن اتساع المحبة فى أربعة عشر نقطة من ينفذها يحصل على فضائل المسيحية، ويعتبر أن المحبة هى أساس كل شئ فيقول : " إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لى محبة فقد صرت نحاساً يطن أو صنجاً يرن وإن كانت لى نبوة وأعلم جميع الأسرار وكل علم وإن كان لى كل الإيمان حتى أنقل الجبال ولكن ليس لى محبة فلست شيئاً. وإن أطعمت كل أموالى وإن سلمت جسدى حتى أحترق ولكن ليس لى محبة فلا انتفع شيئاً "(5) (يو15: 12). (2)- (يو3: 16). (3)- (غلا1: 4) (تى2: 13). (5)- (1كو13: 1- 8) ثم يتكلم بعد ذلك عن اتساع المحبة فيقول المحبة تتأنى وترفق أى أن الإنسان المحب لا يسرع فى الغضب على الآخرين بل يتصرف معهم بحنو وطيبة قلب المحبة لا تحسد الله أعطى كل واحد مواهب ووزنات ليتاجر بها ويربح، وفى مثل الوزنات قال " كأنما إنسان مسافر دعا عبيده وسلمهم أمواله فأعطى واحداً خمس وزنات وآخر وزنتين وآخر وزنة. كل واحد قدر طاقته .. وبعد زمان طويل أتى سيد أولئك العبيد وحاسبهم فجاء الذى أخذ الخمس وزنات وقدم خمس وزنات أخر قائلاً يا سيد خمس وزنات سلمتنى هوذا خمس وزنات أخرى ربحتها فوقها. فقال له سيده نعماً أيها العبد الصالح والأمين كنت أميناً فى القليل أقيمك على الكثير أدخل إلى فرح سيدك وهكذا صاحب الوزنتين ربح .. أما صاحب الوزنة الواحدة قال " يا سيد عرفـت أنـك انسان قاس تحصد حيث لم تزرع وتجمع حيث لم تبذر. فخـفت ومضيت وأخفيت وزنتك فى الارض هوذا الذى لك. فأجاب سـيده وقال له أيها العبد الشرير والكسلان عرفت انى أحصد حيث لم أزرع وأجمع من حيث لم أبذر. فكان ينبغى أن تضع فضتى عند الصيارفة فعند مجيئى كنت أخذ الذى لى مع ربا. فخذوا منه الوزنة واعطوها للذى له العشـر وزنات. لأن كل من له يعطى فيزداد ومـن ليـس لـه فالـذى عنده يؤخـذ منه . والعـبد البطال اطرحوه إلى الظلمة الخارجية هناك يكون البكاء وصرير الأسنان من هذا المثل نتعلم أن نتاجر بالوزنات التى لنا ولا نحسد الآخرين على وزناتهم لأن الله يعطى كل واحد " قدر طاقته (مت25: 14). (2)- (مت25: 24) المحبة لا تتفاخر لابد أن نعرف أننا من تراب ولولا نسمة الله فينا لكنا بلا حركة لذلك بماذا نفتخر ونحن ملك لله .. لذلك بولس الرسول يقول " إنه لا يوافقنى أن أفتخر"(وإن كان يجب الافتخار فسأفتخر " بأمور ضعفى"(2).. ويقول أيضاً "حاشـا لى أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسـوع المسـيح، الذى به قد صُلب العالم لى وأنا للعالم ) المحبة لا تنتفخ (تتكبر الكبرياء من صفات الشيطان وبها سقط من السماء وأسقط أبوينا الأولين بها لذلك جاء المسيح متضعاً وقائلاً " تعلموا منى لأنى وديع ومتواضع القلب تجدوا راحة لنفوسكم المحبة لا تقبح (تشتم) من أنا حتى أقبح خليقة الله التى خلقها .. " ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جداً لذلك فى العظة على الجبل قال السيد المسـيح " من قال لأخيه رقا مستوجب المجمع .. ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم "(6) لأن الفم الذى خلقه الله للصلاة وللتسبيح لا يصح أن ينطق بالشتائم المحبة لا تطلب ما لنفسها أن لا يكون الإنسان أنانى أى يحب نفسه فقط، فقد شـبه المسيح الكنيسة بجسده أى أننا أعضاء فى جسده كما يقول بولس الرسول " وأما أنتم فجسد المسيح وأعضاؤه أفراداً.. تهتم الأعضاء اهتماماً واحداً بعضها لبعض. فإن كان عضو واحد يتألم فجميع الأعضاء تتألم معه. وإن كان عضو واحد يكرم فجميع الأعضاء تفرح معه ) (2كو12: 1). (2)- (2كو11: 30). (3)- (غلا6: 14) (مت11: 21). (5)- (تك1: 31). (6)- (مت5: 22) (1كو12: 25- 27) المحبة لا تظن السوء بولس الرسول ينصح أهل كورنثوس أن يبعدوا عن الظنون الشريرة " ولكن أطلب أن لا أتجاسر وأنا حاضر بالثقة التى بها أرى إنى سـاجترئ على قـوم يحسبوننا كأننا نسلك حسب الجسد. لأننا وإن كنا نسلك فى الجسـد لسنا حسـب الجسد نحارب. إذ أسـلحة محاربتنا ليسـت جسـدية بل قادرة بالله على هـدم حصون. هادمين ظنوناً وكل علو يرتفع ضد معرفة الله ومستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح فالظن السئ يفرق الأصدقاء وقد يخرب البيوت .. فليكن أفكارنا نيرة وبسيطة فى المسيح يسوع المحبة لا تفرح بالاثم سفر الأمثال ينصحنا بألا نفرح بسقوط الناس فيقول " لا تفرح بسقوط عدوك. ولا يبتهج قلبك إذا عثر. لئلا يرى الرب ويسوء ذلك فى عينيه "(2) فأنا مُعرض للسقوط فى أى لحظة، وفى نفس الخطية التى شَمتَّ فيها من أجل إنسان خاصمته أو اختلفت معه .. بل يجب أن أقف بجوار الساقط وأعطيه الرجاء حتى يقوم من سقطته المحبة تفرح بالحق والحق هو الله العادل .. وكلام الله هو كلام الحق، لذلك يقول سـفر الأمثال " اقتن الحق ولا تبعه والحكمة والأدب والفهم ) ويقول سفر اشعياء " أطلبوا الحق وانصفوا المظلوم. اقضوا لليتيم حاموا عن الأرملة ) والمسيح قال لتلاميذه " جسدى مأكل حق ودمى مشرب حق من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فىّ وأنا فيه . كما أرسـلنى الآب الحى وأنا حى بالآب فمن (2كو10: 2- 5). (2)- (أم24: 17). (3)- (أم23:23) (أش1: 17) يأكلنى فهو يحيا بى) المحبة تحتمل كل شئ يقول يعقوب الرسول " طوبى للرجل الذى يحتمل التجربة لأنه إذا تزكى ينال إكليل الحياة الذى وعد به الرب للذين يحبونه ) والإنسان الذى لا يحتمل يغضب بسرعة والغضب يقوده إلى الخطأ والسقوط. لذلك سفر الجامعة يقول " لا تسرع بروحك إلى الغضب "(3). وسفر الأمثال يقول " الغضب قساوة والسخط جراف فالإنسان المحب يحتمل كل شئ ويكون جوابه لين للآخرين وسفر الأمثال يقول " الجواب اللين يصرف الغضب المحبة تصدق كل شئ الإنسان البسـيط يصدق كل شئ، أما الإنسان الملتوى فتدخله الشكوك .. والشك خطير إذا دخل حياة إنسان يتعبها لذلك فالشك ضد الإيمان .. والسيد المسيح له المجد كان يهتم بالإيمان، ونحن نعلم كلنا قصة مشى بطرس على الماء عندما طلب ذلك من المسيح، " ولكن لما رأى الريح شديدة خاف وإذ ابتدأ يغرق صرخ قائلاً يارب نجنى. ففى الحال مد يسوع يده وأمسك به وقال له يا قليل الإيمان لماذا شككت وقد قال المسيح للتلاميذ وهو يعلمهم "من قال لهذا الجبل انتقل وانطرح فى البحر ولا يشك فى قلبه بل يؤمن أن كا يقوله يكون، فمهما قال يكون له (يو6: 55). (2)- (يع1: 12). (3)- (جا7: 9) (أم27: 4). (5)- (أم15: 1). (6)- (مت14: 30) (مر11: 23) المحبة ترجو كل شئ الرجاء هو عماد حياتنا الروحية، فالإنسان المحب يرجو الخير لكل الناس كما يرجو الحياة الأبدية يقول بولس الرسول " أما الآن فيثبت الإيمان والرجاء والمحبة هذه الثلاثة ولكن أعظمهن المحبة ) ويقول أيضاً " منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم المحبة تصبر على كل شئ بولس الرسول يقول لأهل تسالونيكى " نشكر الله كل حين من جهة جميعكم ذاكرين أيامكم فى صلواتنا. متذكرين بلا انقطاع عمل إيمانكم وتعب محبتكم وصبر رجائكم ربنا يسوع المسيح ويقول أيضاً لهم " الرب يهدى قلوبكم إلى محبة الله وإلى صبر المسيح ويقول يعقوب الرسول " هانحن نطوب الصابرين. وقد سمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب لأن الرب كثير الرحمة ورؤوف المحبة لا تسقط أبداً يقول القديس يوحنا الرسول "أيها الأحباء لنحب بعضنا بعضاً لأن المحبة هى من الله. وكل من يحب فقد ولد من الله ويعرف الله ومن لا يحب لم يعرف الله لأن الله محبة بهذا أظهرت محبة الله فينا أن الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكى نحيا به ..إن أحب بعضنا بعضاً فالله يثبت فينا ومحبته قد تكملت فينا (1كو13:13). (2)- (تى2: 13). (3)- (1تس1: 2) (2تى3: 5). (5)- (يع5: 11). (6)- (1يو4: 7- 12) |
||||