28 - 07 - 2014, 01:18 PM | رقم المشاركة : ( 4681 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هل ترى آلامهم ومعاناتهم لكل انسان في الحياة رسالة ، بأس الانسان الذي يحيا بلا رسالة . ولكل مؤمن في الحياة ارسالية ، المؤمن حين يؤمن يكلف بارسالية ، والانسان يختار رسالته حسب آماله وطموحاته تكون رسالته . والمؤمن يختار الله له ارساليته في الحياة حسب مشيئة الله وارادته تكون ارساليته ولا يعني هذا ان المؤمن ليس حرا ً مخيرا ً شأنه شأن الانسان ورسالته . إن كان الانسان يختار رسالته بحرية قد يجعلها رسالة خير او رسالة شر ، لكن الله يختار للمؤمنين ارسالية الخير ويترك لهم حرية اختيار السبيل لتحقيقها . قال المسيح : " لَيْسَ أَنْتُمُ اخْتَرْتُمُونِي بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ ، وَأَقَمْتُكُمْ لِتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا بِثَمَرٍ، وَيَدُومَ ثَمَرُكُمْ " ( يوحنا 15 : 16 ) . اختارنا المسيح لنأتي بثمر ، ثمر دائم ، ثمر جيد يشفي ويشبع العالم . وارسلنا المسيح الى العالم ، قال : " كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا " ( يوحنا 20 : 21 ) . جاء المسيح الى العالم ليخرج الحق للامم ، الى الامان يخرج الحق ، لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الارض ، والمسيح هو الحق ، قال " أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ " ( 14 : 6 ) . لم يأتي المسيح برسالة ، كان هو الرسالة ، لم يأتي بالحق ، كان هو الحق . ونحن ارساليتنا هي ان نُخرج الحق للعالم ، نضع الحق في الارض ، لهذا أرسل الآب الإبن ولهذا يرسلنا الإبن لكي نُخرج الحق للعالم ، والمسيح الحق هو ارساليتنا للعالم " الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ " ( يوحنا 3 : 36 ) ارساليتنا ارسالية راحة وحياة للناس ، رسالة انقاذ ونجاة وخلاص وارساليتنا ايضا َ ارسالية عدالة وقضاء ودينونة للناسين والمستريحين غير المبالين . للمتعبين راحة ، للهالكين خلاص ، للموتى حياة ، للمستريحين عدالة ، للمعاندين القضاء ، للخطاة دينونة . المؤمن الذي جرب حياة الخطية وعاش في ظلمتها وعانى من قسوتها يعرف ثقل قيودها ومرارة الخضوع لها وقسوة الاستعباد لها ويعرف الطريق لتحطيم قيودها والسبيل للخلاص منها والتحرر من طغيانها ، في المسيح يسوع الذي ليس بأحد غيره الخلاص به وحده النجاة لذلك فهو يقبل ارساليته بفرح ، بفرح ان يذهب الى العالم اجمع ويكرز بالانجيل للخليقة كلها ، يذهب ويحدّث بكم صنع الرب به ورحمه . بعد ان ذقت طعم الحرية ، بعد ان انطلقت طائرا ً في آفاق مجد الله ، هل يلذ لك ان تعرف الحق وحدك ؟ هل تسعد بالطيران في جو الحرية وحيدا ً ؟ هل تسمع صوت الخطاة الهالكين ؟ هل ترى آلامهم ومعاناتهم ؟ الا يعكر ذلك صفو هنائك ؟ الا يلوث صراخهم جو سلامك ؟ اصغ السمع لارسالية الرب وتكليفه لك ان تُخرج هؤلاء |
||||
28 - 07 - 2014, 01:18 PM | رقم المشاركة : ( 4682 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اُطْلُبُوا تَأْخُذُوا كثيرا ً ما نقترب من عرش نعمة الله ونحن مترددون خجلون متأزمون ، نقدم رجلا ً ونتراجع بالاخرى ، نعرف ونعترف بلا استحقاق نطلب وهذا طبيعي فنحن لسنا على مستوى مناسب يجعلنا نطلب بعيون مفتوحة ولو فكرنا اننا نطلب باستحقاق لنا لفضل ٍ عملناه أو خير ٍ صنعناه نُحجم عن الطلب . نحن لا نطلب من الله اجرا ً مقابل عمل ولا مكافأة ً على فعل الخير ، لو كان كذلك لأحضر الله ميزانا ً يزن فيه ما اعطينا وما نستحق عليه . هذا ليس حالنا حين نقترب من عرش نعمة الله نطلب ونسأل ونقرع ، بعكس ذلك يقول لنا الرب : " اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ " ( متى 7 : 7 ، 8 ) . ثم يلفت نظرنا الى سبب هذا القانون الذهبي الذي يجعل كل من يسأل يأخذ ، يقول : " أَمْ أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ إِذَا سَأَلَهُ ابْنُهُ خُبْزًا، يُعْطِيهِ حَجَرًا ؟ وَإِنْ سَأَلَهُ سَمَكَةً ، يُعْطِيهِ حَيَّةً ؟ " هذا لا يحدث ابدا ً ، الأب يعطي ابنه ما يطلبه لا مقابل عمل ٍ قام به وواجب ٍ اداه بل بإستحقاق بنوة الإبن للأب ، فكم بالحري الآب الذي في السماوات . انت ابن الله ومن حقك كأبن ان تدخل على ابيك وتطلب ما تشاء . لا احد يدخل على أبيه مترددا ً ويطلب منه ما يريد على استحياء وخجل . انت تستحق كل ما تسأله وانت لا تستحق ذلك لما فعلت بل لما انت ، انت ابنه ، وانت ابن الملك وابن الملك له كل مال الملك والملك لا يرد لابنه طلبا ً . يقول داود النبي في مزاميره " أَنْتَ هُوَ مَلِكِي يَا اَللهُ ، فَأْمُرْ بِخَلاَصِ يَعْقُوبَ " ( مزمور 44 : 4 ) . الله ملكي وملكك ، الله نصرتي ونصرتك ، الله عزي وعزك ، الله لك . مات المسيح على الصليب عنك وعني . قام المسيح من الموت نصرة ً لك ونصرة ً لي . ما من عدو ٍ مهما تجبًر يقوى عليك الآن والله نفسه القوي القادر ملكك . ما من بركة ٍ وعطية ٍ مهما غلت وعظمت وندرت تغلو عليك والله الغني أبوك . لا تخشى شيئا ً ، لا تخف لا يفزعك عدو ليتشدد ويتشجع قلبك وانظر الى الرب الملك . لا ينخلع قلبك والاعداء تهاجمك ، النصر لك ، الغلبة من حقك اطلب تدخّل رب الجنود . لا تقلق على حياتك ، لا تهتم ، لا تحمل هما ً ، ارفع نظرك الى فوق ، انظر الى الله أبيك . لا تخشى جوعا ً أو عطشا ً أو فقرا ً ، الخير كله لك ، الخزائن من حقك . انت ابن الملك القوي ، ارفع رأسك شامخة ً يا ابن الملك ، ملك الملوك . انت ابن الله الغني ارفع صوتك بالشكر واملأ قلبك بالإطمئنان ولا تخشى الغد واجعل طلبتك عظيمة ً وسؤالك عميقا ً لا تصغّر طلبك ولا تقلل وتحجب حاجتك . الى الآن لم تطلب ، لم تطلب شيئا ً عظيما ً منه " اُطْلُبُوا تَأْخُذُوا، لِيَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً." ( يوحنا 16 : 24 ) . |
||||
28 - 07 - 2014, 01:20 PM | رقم المشاركة : ( 4683 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اطلب وهو يسمع لك بعد ان صُلب المسيح على جبل الجلجثة ورآه عدد غفير من الناس يموت ، انتشر الخبر وذاع بين الناس . مات المسيح ، ضاع الرجاء ، انتهت القصة . هلّل اليهود ، فرح الكتبة ، استراح الفريسيون ، استرخى الجُند الروماني . لكن التلاميذ رأوه يقوم ويظهر لهم ويتحدث اليهم ويأكل معهم ، المسيح قام ، امتلئت قلوبهم بخبر القيامة فبدأوا يعلنونه . وقف بطرس مملوءا ً بالروح القدس . الذي انكر المسيح امام جارية بقوة الروح القدس وقف شامخا ً امام الوف الجموع . أعلن بقوة ٍ قيامة المسيح ودعا الناس أن يتوبوا ويؤمنوا به ويعتمدوا باسمه ، و تحرك الروح القدس في النفوس وقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا وانضم ثلاثة آلاف . وبطرس ويوحنا وهما داخلان الهيكل رأيا رجلا ً أعرج عند باب الهيكل يستعطي . مد بطرس يده وامسك به واقامه بإسم يسوع المسيح فقام وانطلق يسبّح الله . جُن ّ جنون الكهنة وأمروا جند الهيكل أن يقبضوا عليهما ويضعوهما في الحبس ، وعندما حاكموهما وجدوا انهما يتمتعان بقوة ٍ خارقة وعرفوا انهما كانا مع يسوع فهددوهما واطلقوهما فانضما الى باقي الرفاق وكانوا مجتمعين معا ً يصلّون . ارتفعت القلوب والاصوات تسبّح الله وتمجده وتهتف له وتطلب تعضيده وعونه . قالوا : انظر يا رب الى تهديداتهم وامنح عبيدك ان يتكلموا كلامك بكل مجاهرة ، ولما صلّوا تزعزع المكان الذي كانوا مجتمعين فيه وامتلأ الجميع من الروح القدس وكانوا يتكلمون بكلام الله بكل مجاهرة ، بلا خوف ، بلا تردد ، بلا فتور ، بلا ضعف . بدون روح الله لا تستطيع ان تجاهر بكلام الله . بدون روح الله لا يكون لكلامك قوة . بدون روح الله لا تتلذذ ان تنادي بخلاص الله . بدون روح الله لا تجد في نفسك رغبة . أعدَّ الله روحه ليتكلم بنا ويتكلم فينا . لا نستطيع شيئا ً بدون الروح القدس " سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ "( أعمال الرسل 1 : 8 ) . كم من مرة ٍ يحل بك فتور فتجد أيديك مسترخية وركبك مخلّعة ، لا تقوى على السير لتحمل الاخبار السارة للعالم ولا على العمل على رفع العناء عن المعذبين . تتعثر الكلمات على لسانك وتتوه منك الافكار وتختلط الصور وتتداخل . لا تحاول ان تجمع شتات نفسك وتعمل على استعادة قوتك ، لن تستطيع ، كُف عن المحاولة وتوقف واختلي بالرب وارفع قلبك معترفا ً باسمه . تطهّر ، تخلّص من الشوائب التي تعوق روح الله ، انفض خطاياك عنك وتحرك واطلب من الله ان يملئك بالروح القدس ، اطلب منه ان تمتلئ بروح القوة من جديد ولا بد ان يسمع الله ويستجيب ، لا بد ان تمتلئ بالروح القدس وتعود الحيوية اليك . الله يعدنا بالروح القدس ويأمرنا بأن نمتلئ به فيقول : " امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ " ( افسس 5 : 18 ) . اطلب وهو يسمع لك . |
||||
28 - 07 - 2014, 01:21 PM | رقم المشاركة : ( 4684 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القلب المغلق تُلم بنا خطوب وتحل بنا متاعب وتواجهنا صعوبات وتصدمنا مصائب ونرتمي على الارض نندب حظنا ونبكي بؤسنا ونحزن ونشكو ونتذمر وقد نغضب فتعلو شكوانا في احتجاج على الله وصراخ ٍ وبكاء ، وحين نهدأ بعد الثورة ونسكن امام الله بعد الزمجرة وحين نسكت نسمع صوت الله ونرى وجه الله ونحس بيد الله توجهنا وتعلمنا ، يوضح لنا الله ان ما حل بنا لصالحنا وما الم ّ بنا لفائدتنا وما صدمنا هو لخيرنا ، ويشير الله باصبعه الى الاشجار العالية والرياح تتلاعب بها وهي تلطمها ، تصدم الرياح رؤوسها فتحنيها ، تهز الرياح قممها فتتلوى وتترنح تحت ضرباتها ونتصور انها ستموت وتفنى وتنكسر وتسقط ، عكس ذلك ما تحدثه الرياح بها ، الرياح تهز رؤوس الاشجار لتتطاير حبات الخصب منها وتنقلها لتملئها بالثمر . بدون قسوة الرياح ما انتقل الخصب وامتلأت الاشجار بالخير والثمار . ويوجه الله نظرنا الى الاشجار الضعيفة شجر العليق وشجر الطيب الصغير ونرى الرياح تهب وتهزها وتكاد تقتلع جذورها الرقيقة الصغيرة وننحني على الشجيرات بعطف فتملأ انوفنا رائحتها الجميلة التي تملأ الجو حولها ، حملت الرياح اطيب الروائح واجملها ونشرتها على الكون حولها ووزعتها . لو لم تكن الرياح لبقيت الروائح مستترة مختبئة ً في اخدارها مخفية غائبة ، وننظر الى اصبع الله يوجه ابصارنا وبصائرنا نحو الاحجار الجامدة الجافة ، تهب الرياح عليها فتخلخلها من اماكنها وتحركها من سكونها وتجعلها تهوي وتسقط ، وتتصادم الاحجار معا ً ، تتضارب وتتصارع ، تتلاطم وتتساقط لكننا نرى في تصادمها واحتكاكها وحركتها نارا ً تخلق ونورا ً يظهر .يغني شاعر نشيد الانشاد ويقول : " اِسْتَيْقِظِي يَا رِيحَ الشَّمَالِ ، وَتَعَالَيْ يَا رِيحَ الْجَنُوبِ هَبِّي عَلَى جَنَّتِي فَتَقْطُرَ أَطْيَابُهَا " ( نشيد 4 : 16 ) . يا لها من طلبة تبدو غريبة ً عجيبة لكنها حقيقة ٌ لامعة مبهرة ، ريح الشمال العنيفة ، ريح الجنوب القوية تهب وتضرب وتلطم وتصدم ، فتبعثر الجنة وتفتتها وتعصرها وتنشرها فتقطر روائحها واطيابها . القلب المغلق على فضائله الذي يختزن الخير فيه ويغلق عليه ابوابه يحتاج الى ريح الشمال تهاجمه وريح الجنوب تفتح ابوابه على الخير الذي به . القلب الجامد الصلب القاسي الذي يبقى وحده منطويا ً على نفسه يحتاج الى ريح الشمال تصدمه وريح الجنوب تحتك به ويُخرج نارا ً ونورا ً . قد يحتاج قلبك انت ايضا ً الى الرياح لينشر ما بداخله من اطياب . قد يحتاج قلبك انت ايضا ً الى رياح تحتك به لتُظهر النور الذي بداخله . |
||||
04 - 08 - 2014, 11:14 AM | رقم المشاركة : ( 4685 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الرب يسوع رسالة السماء للأجيال كافة «يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد» (عب 13: 8) عشرون قرناً مضت وانقضت على ميلاد ربنا يسوع المسيح بالجسد، من الروح القدس والسيدة العذراء مريم. ولم يكن ميلاده ذاك بدء تاريخه، فهو كلمة اللّـه الذي ولد من الآب قبل كل الدهور، وهو مساوٍ للآب في الجوهر. ويلخّص الرسول يوحنا حقيقة ميلاده الأزلي كما يوضّح عقيدة ميلاده الزمني وهو يستهل الإنجيل المقدس بقوله: «في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند اللّـه وكان الكلمة اللّه، هذا كان في البدء عند اللّه كل شيء به كان و بغيره لم يكن شيء مما كان، فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس والنور يضيء في الظلمة والظلمة لم تدركه... والكلمة صار جسداً وحلّ فينا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمةً وحقاً»( يو1: 1 ـ 5 و14). ويصف الرسول بولس عقيدة تجسد كلمة اللّـه بقوله: «وبالإجماع عظيم هو سر التقوى اللّـه ظهر في الجسد تبرّر في الروح تراءى لملائكة كُرز به بين الأمم أومن به في العالم رُفع في المجد»(1تي3: 16). ويوضّح الرب يسوع الغاية السامية من مجيئه إلى عالمنا بقوله: «لأنه هكذا أحب اللّـه العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية»(يو3: 16). أجل! نزل ابن اللّـه الوحيد من السماء إلى أرضنا هذه وصار إنساناً، لا ليُضاف اسمه القدوس إلى أسماء الرسل والأنبياء بل ليكون هو ذاته رسالة السماء لبني البشر في أجيالهم كافة. فهو «هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد» على حدّ تعبير الرسول بولس، فيه تمّت نبوات الأنبياء القدامى بحذافيرها، وهو مشتهى الأجيال، وهو الكاهن إلى الأبد على رتبة ملكيصادق الذي قدّم ذاته بإرادته ذبيحة كفارية عن البشرية، فبررنا نحن المؤمنين به وقدّسنا وجعلنا أبناء للّه بالنعمة المولودين ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من اللّـه (يو1: 13) فقد وُلد ابن اللّـه الوحيد بالجسد على الأرض. لنولد نحن بالروح من السماء، ودُعي ابن البشر لنصير نحن المؤمنين به أولاداً للّه بالنعمة. وأسس كنيسته المقدسة على صخرة الإيمان به أنه ابن اللّـه الحي (مت16: 16) وجعل منها مخزن نعمه الإلهية، وأقام فيها وكلاء سرائره الرسل والتلاميذ الأبرار الأحبار والكهنة ليوزّعوا هذه المواهب السماوية والعطايا الصالحة على المؤمنين به. ومرّت الدهور إثر الدهور وكرّت الأجيال عقب الأجيال، وكنيسة الرب يسوع تنير بنوره الجالسين في الظلمة وظلال الموت وتوزّع النعم الإلهية على مستحقيها، وها نحن بنعمة اللّـه على مشارف القرن الحادي والعشرين نقدم الشكر للّه الذي أبقانا إلى اليوم أحياء، وأنعم علينا بأن نكون في عداد أعضاء كنيسته المقدسة التي أحبها وأسلم نفسه لأجلها وافتداها بدمه الكريم، «لكي يقدّسها مطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن أو شيء من مثل ذلك بل تكون مقدسة وبلا عيب»(أف5: 26و27) وجعل رايتها صليبه المقدس، الذي علق عليه ومات وفدانا من الموت والشيطان والخطية. كما أعطاها إنجيله المقدس الموحى به من اللّـه دستوراً أبدياً وضمّنه تعاليمه الإلهية وشهادة تلاميذه الذين كانوا معه مرافقين إياه منذ بدء تدبيره الإلهي بالجسد. والإنجيل المقدس هو الذي كشف النقاب عن حقيقة هوية الرب يسوع، وبهذا الصدد يوضّح الرسول يوحنا الغاية من كتابته الإنجيل المقدس بقوله: «وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن اللّـه ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه»(يو20: 31). وأنار الإنجيل المقدس دياجير الظلام الذي كان مخيّماً على عقول البشر وقلوبهم. وكشف النقاب عما تسرّب إلى الديانة اليهودية من ضلالات الديانة الوثنية الخبيثة والتعاليم الباطلة البعيدة عن روح شريعة موسى الأدبية. وفي خطبته على الجبل صحّح الرب يسوع المفاهيم الدينية الروحية والأخلاقية لدى البشر ونادى بمحبة اللّـه والقريب وحتى محبة الأعداء، وأرسى القاعدة الذهبية بمعاملة الإنسان لأخيه الإنسان قائلاً: «فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضاً بهم لأن هذا هو الناموس والأنبياء»(مت7: 12) ودعا المتعبين إلى الاقتداء به قائلاً: «تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم، احملوا نيري عليكم وتعلّموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم، لأن نيري هيّن وحملي خفيف»(مت11: 28 ـ 30). وأقام الرب يسوع من نفسه القدوة الصالحة للإنسان الذي كان قد ملّ النواميس، والنظم، والطقوس التي لم تعد تروي نفسه العطشى إلى البر، وأصبح ينشد ويبحث عن مثال ينسج على منواله، ويطبع على غراره ويشبع جوعه وعطشه إلى البر، حتى وجد ذلك بالرب يسوع الذي لفت أنظار الناس إليه لا إلى غيره. ونادى أمام الغريب والقريب، العدو والصديق قائلاً: «من يبكّتني على خطية»(يو8: 46) فلزموا جانب الصمت ولم ينبس أحد منهم ببنت شفة، ذلك أن حياة الرب يسوع كانت أنقى من ثلوج الجبال لا يشوب سيرته الطاهرة وسريرته المقدسة شائبة ولم يوجد في فمه غش. وعندما سئل مرة عن الطريق المؤدية إلى السماء أجاب: «أنا هو الطريق والحق والحياة»(يو14: 6) كما أجاب الشاب الذي سأله عما يفعل ليرث الحياة الأبدية قائلاً: «إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك وأعطِ الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني»(مت19: 17 ـ 21). فهو رسالة السماء للأجيال كافة. وقد أعلن الرب يسوع أمام الملأ أنه مساوٍٍ للّه الآب في الجوهر، وأنه هو والآب واحد، وسمعناه يجيب تلميذه فيلبس قائلاً: «الذي رآني فقد رأى الآب، فكيف تقول أنت أرنا الآب؟ ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب فيّ؟»(يو14: 9و10). كما بيّن أن مجيئه إلى العالم هو لخلاص العالم وأنه «يُسلّم إلى أيدي الناس فيقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم»(مت17: 22و23) وهكذا كان. وقد برهنت قيامته من بين الأموات على قبول الآب ذبيحته الكفارية التي قدّمها بإرادته عن البشرية، وبهذا الصدد جاء على لسانه في سفر الرؤيا قوله: «أنا هو الأول والآخر والحي وكنت ميتاً و ها أنا حيّ إلى أبد الآبدين آمين، ولي مفاتيح الهاوية والموت»(رؤ1: 17و18) فربنا وفادينا يسوع المسيح حيّ وهو: «هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد»(عب13: 8) وإن آية قيامته من بين الأموات تبرهن على صدق وعده بإقامة الموتى في اليوم الأخير، الوعد الذي أعلنه بقوله: «لأنه كما أن الآب له حياة في ذاته كذلك أعطى الابن أيضاً أن تكون له حياة في ذاته وأعطاه سلطاناً أن يدين أيضاً لأنه ابن الإنسان لا تتعجبوا من هذا فإنه تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة»(يو5: 26 ـ 29). فالمسيح يسوع حي، ويُحيي الموتى، وقد دُعي اسمه يسوع لأنه يخلّص شعبه من خطاياهم (مت1: 21) كما دُعي اسمه المسيح أي الممسوح الذي مسحه اللّـه الآب وأرسله إلى العالم وهو المسيح الذي انتظره شعب النظام القديم والشعوب كافة، وقد أعلن الرب يسوع هذا الاسم عندما دفع إليه سفر اشعياء النبي في مجمع الناصرة ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوباً فيه: «روح الرب عليّ لأنه مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية، وأكرز بسنة الرب المقبولة. ثم طوى السفر وسلمه الى الخادم وجلس وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة إليه فابتدأ يقول لهم إنه اليوم قد تمّ هذا المكتوب في مسامعكم»(لو4: 18 ـ 21 وأش61: 1) وقد دعي اسمه عمانوئيل الذي تفسيره اللّـه معنا (مت1: 23). ووعدنا أن يكون بيننا ومعنا دائماً قائلاً: «لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم»(مت18: 20) وبرهن على صدق وعده هذا له المجد عندما رافق تلميذي عمواس اللذين كانا بطريقهما إلى قريتهما يوم قيامته من بين الأموات، وعندما ظهر لتلاميذه في العلية مساء ذلك اليوم بالذات وكانت أبواب العلية مغلقة. فهو حي وكنيسته تحيا فيه وهو رأسها وهي جسده السري، وسيبقى معها إلى الأبد. كم عانت الكنيسة اضطهادات عنيفة وكابدت الآلام الفظيعة وقدمت الشهداء الذين لا يحصى لهم عدد، خلال القرون العشرين منذ بدء وجودها وإلى الآن، ولكن المسيح في وسطها فلن تتزعزع وقد وعدها أن «أبواب الجحيم لن تقوى عليها»(مت16: 18) حتى أن دم الشهداء، كما قال آباؤنا القديسون صار بذار الإيمان. وظهرت الهرطقات الخبيثة عبر الأجيال وحاولت تشويه الإيمان المسيحي ولكن الروح القدس المنبثق من الآب، الذي حلّ على رسل الرب والمؤمنين به في العلية على شبه ألسنة نارية، صان الكنيسة من الخطل والزلل لأنه حسب وعد الرب يسوع هو مرشد الكنيسة وقائدها وحامي إيمانها. لذلك دحضت الكنيسة عبر الأجيال الهرطقات الوخيمة والبدع الخبيثة وكانت الكنيسة ولا تزال أمينة على الحفاظ على جوهرة الإيمان الذي تسلّمته من الرسل الأطهار، الإيمان المعلن في الإنجيل المقدس والمؤيد بتعاليم الآباء الرسوليين «الإيمان المسلَّم مرة للقديسين»(يه1: 3) لينال آباؤها المكافأة من الرب عن ذلك. وبهذا الصدد يقول الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس: «اكرز بالكلمة، اعكف على ذلك في وقت مناسب وغير مناسب، وبّخ، انتهر، عِظ بكل أناة وتعليم لأنه سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلمين مستحِكَّةً مسامعهم فيصرفون مسامعهم عن الحق و ينحرفون إلى الخرافات .. قد جاهدتُ الجهاد الحسن، أكملتُ السعي حفظتُ الإيمان وأخيراً قد وضع لي إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديّان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضاً»( 2تي4: 1 ـ 8). أجل خلال القرون العشرين منذ بدء المسيحية وإلى اليوم جاهدت الكنيسة الجهاد الحسن وحفظت الإيمان ودحضت البدع الوخيمة ودحرتها في مجامعها المسكونية والمكانية وحرمتها ومبتدعيها والهراطقة كافة وحددت دساتير الإيمان منذ عهد الرسل التي لخّصها المجمع النيقاوي عام 325 بدستور الإيمان النيقاوي الذي تتلوه الكنيسة في قداديسها وصلواتها اليومية. ولكن إبليس اللعين لا يزال يخدع بعض البشر فيتبعونه ويخضعون لأوامره ويتحوّلون إلى ضالين ومضلّين. وبهذا الصدد يقول الرب يسوع عن الأيام الأخيرة: «لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضاً. ها أنا قد سبقت وأخبرتكم»(مت24: 24و25) ويقول الرسول بولس: «ولكن الروح يقول صريحاً أنه في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواحاً مضلّة وتعاليم شياطين في رياء أقوال كاذبة موسومة ضمائرهم»(1تي4: 1و2) وكأني بالرسول بولس يرى معنا بعض المؤسسات التي تدّعي بالمسيحية في هذه الأيام والمسيحية براء منها لأنها قد حادت عن جادة الحق وخضعت لإبليس اللعين وتبنّت البدع الحديثة والقديمة، كما انحطت إلى درك الرذائل. والرسول بولس يأمرنا بأن نعزل الخبيث من بيننا، ونعرض عن هؤلاء المحبين للذات دون محبة اللّـه ولهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها (2تي3: 1 ـ 5). أيها الأحباء: إنها السنة الأخيرة من القرن العشرين، وإننا على وشك أن نضع أقدامنا على أول عتبة من عتبات القرن الحادي والعشرين، والمستقبل مجهول لدينا، وإن قاربنا صغير ونحن نمخر عباب اليم الخِضَمّ الذي لا قرارة له، والعواصف العاتية والأمواج المرتفعة تصدم قاربنا الصغير وتكاد تبتلعه. وقد شابهنا بقلة إيماننا التلاميذ الذين كانوا في السفينة مع الرب يسوع «وإذا اضطراب عظيم قد حدث في البحر حتى غطّت الأمواج السفينة وكان هو نائماً فتقدم تلاميذه وأيقظوه قائلين يا سيد نجنا فإننا نهلك فقال لهم ما بالكم خائفين يا قليلي الإيمان ثم قام وانتهر الرياح والبحر فصار هدوء عظيم»(مت8: 23 ـ 26) لقد بدت قلة إيمان التلاميذ بخوفهم الشديد وهم يتوقّعون غرق السفينة وغاب عن بالهم أنه طالما المسيح في السفينة فلن تغرق أبداً مهما كانت العواصف شديدة وكان البحر هائجاً. وإن الرب يسوع المسيح هو رأس الكنيسة وهي جسده السرّي وهو معها وقد وعدها أنّ أبواب الجحيم لن تقوى عليها فما علينا إلاّ أن نستقبل القرن القادم بإيمان ورجاء ومحبة وأن نؤمن بأن المسيح معنا وإذا كنا قد ابتعدنا عنه كابتعاد الابن الضال عن أبيه في أرض غريبة وتمرغه بالآثام، علينا أن نقتدي به بتأملنا بالسعادة الروحية التي شملتنا يوم كنا في بيت الآب نتمتع بامتيازات البنوة الحقيقية ونتأمل بحالتنا التعيسة ونحن بعيدون عنه، لنرى أن آثامنا قد صارت حقاً فاصلة بيننا وبين إلهنا، وعلينا كالابن الشاطر أن نقوم حالاً ونبدأ رحلة العودة إلى بيت أبينا السماوي ونقول له: يا أبانا الذي في السموات لقد أخطأنا إليك ولا نستحق أن ندعى لك بنين فاقبلنا كعبيدك. وسنرى أن أبانا لا يزال بانتظارنا وأنه سيجدد العهد معنا بإعادته إلينا خاتم العهد ويولم لنا فرحاً، بل أيضاً تبتهج ملائكة السماء بعودتنا إليه لأنها تفرح بخاطئ واحد يتوب وبذلك نعود إلى رتبة البنين ونستحق أن نرث ملكوته السماوي. لنستعد إذن أيها الأحباء لنبدأ مشوارنا في القرن الحادي والعشرين بإيمان متين ورجاء وطيد ومحبة للّه والقريب وبتوبة صادقة نصوح واثقين أن الرب يسوع هو معنا وأن الروح القدس هو مرشدنا ومعلمنا ومقدسنا. ولنشكرن اللّـه تعالى الذي أبقانا أحياء حتى الآن، ولننتظر مجيئه الثاني الذي لا نعلم متى يكون ولكننا علينا أن نكون ساهرين ولا ننخدع بالمضلين الذين مرات عديدة عبر القرون العشرين، حدّدوا مواعيد مجيئه الثاني وكانوا كاذبين، لأن الرب نبّهنا بقوله: «أما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السموات إلا أبي»(مت24: 36)، «اسهروا إذاً لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم»(مت24: 42). قال الرسول يوحنا في سفر الرؤيا: «هوذا يأتي مع السحاب وستنظره كل عين»(رؤ1: 7) ويختم رؤياه بقوله على لسان الرب: «أنا آتي سريعاً» ويوحنا يجيب الرب بشوق وإيمان: «آمين تعال أيها الرب يسوع»(رؤ22: 20). إن الرب يسوع لا بد أن يأتي ثانية حسب وعده، ولئن نظن أنه قد أبطأ مجيئه ولكن علينا ونحن نقف على أصابع أقدام الانتظار ناظرين إلى السماء منتظرين مجيئه أن نعيش كما يحق لإنجيل المسيح (في1: 27) مؤمنين أن مسيحيتنا يجب أن تكون منسجمة مع سيرة الرب يسوع المسيح الذي هو رسالة السماء لنا نحن الساكنين في الأرض. فلا بد أن تظهر مسيحيتنا على حقيقتها نقية طاهرة أمام الناس كافة، لأننا سفراء الرب يسوع على الأرض، والرب يسوع الذي يحيطنا بعنايته، ويرمقنا بعين رعايته، يعتبر كل ما يصيبنا من ضيقات أو اضطهادات يصيبه هو بالذات، فقد ظهر لشاول الطرسوسي يوم كان شاول في طريقه إلى دمشق ليضطهد أتباع الرب يسوع هناك وقال له: «شاول شاول لماذا تضطهدني؟ فقال: من أنت يا سيد؟ فقال الرب: أنا يسوع الذي أنت تضطهده، صعب عليك أن ترفس مناخس»(أع9: 4و5). لم يضطهد شاول الرب يسوع ولكنه اضطهد المؤمنين به ومن هنا نعلم أن المسيحية هي المسيح بالذات، وقد وعد الرب يسوع رسله بقوله: «الذي يسمع منكم يسمع مني والذي يرذلكم يرذلني، والذي يرذلني يرذل الذي أرسلني»(لو10: 16) فالذي يضطهد أتباع المسيح يضطهد المسيح. فما أعظم محبة الرب للمؤمنين به وما أجسم مسؤوليتنا تجاه هذه المحبة التي يجب أن تقابل بمثلها، فواجبنا نحن المؤمنين به أن نكون أنقياء أتقياء مرضيين لديه له المجد، لنستحق أن نكون شهوداً صادقين له في هذه الحياة الدنيا، متحمّلين المشقات كجنود صالحين (2تي2: 3) متألّمين معه، حتى نكون في مجيئه الثاني في عداد الذين يتمجدون معه (رو1: 11) وارثين ملكوته السماوي |
||||
04 - 08 - 2014, 11:15 AM | رقم المشاركة : ( 4686 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
محبة القريب للقديس اسحق السرياني اذا التقيتَ قريبك، اضغط على ذاتك، وأكرمه فوق ما يستحقّ. وعندما يُفارقك قل عنه كل خير وكرامة، لأنك بهذه الطريقة تجذبه نحو الخير وتضطرّه، بمدحك، الى الخجل، فتزرع فيه بذور الفضيلة. واما انت، فتعتاد الخير، وتكتسب ميزةً حسنة لنفسك، وتقتني تواضعًا كثيرًا وتصبح قادرًا على اكتساب الفضائل الكبرى دونما تعب. وفضلا عن ذلك، فقريبك، إذا كانت فيه بعض النقائص وأكرمته، يقبل منك الشفاء بسهولة لخجله من صنيعك نحوه. اتخذْ هذا الأسلوب لأنه شريف، ويُلائم الجميع. لا تُغضب أحدًا او تحسده، لا على إيمانه ولا على أعماله الشريرة، بل تجنّب أن تؤنّب أحدًا او توبخّه على شيء لأن لنا ديّانًا في السماء لا يُحابي أحدا. اما اذا شئت أن تُرجعه الى الحقيقة، فاحزنْ من أجله، وقل له، بدموع ومحبة، كلمةً واحدة او اثنتين، ولا تتّقد عليه بغضبك كيلا يرى فيك إشارة العداوة، لأن المحبة لا تعرف الغضب أو الغيظ او التوبيخ المشحون بالهوى. دليل المحبة هو التواضع الذي يولّده الضمير الصالح بنعمة ربنا يسوع المسيح الذي له المجد والعزة مع الآب والروح القدس الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين، آمين. |
||||
04 - 08 - 2014, 11:17 AM | رقم المشاركة : ( 4687 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لا شيء على الأرض يختصّ بنا (لوقا 16: 19-20) ليوحنا الذهبي الفم "كان رجل غني يلبس الأرجوان والبز، ويتنعَّم كل يوم تنعماً فاخراً. وكان مسكين اسمه لعازر مطروحاً عند بابه مصاباً بالقروح" (لوقا 16: 19-20). لكنه يريد أن تتواضع بإرادتك لتحصل على المكافأة. ان العليّ يقدر أن يفقرك رغماً عنك، ولكنه يرغب في أن تصير فقيراً طوعاً، ليهبك الاكاليل؛ لذلك لا تتفلسف كثيراً إذا بلغت أعلى درجات الأبهة والعَظَمَة. فالرب وشّحك بهذا الشرف، فاحفظه كأنه ليس لك. لا تكن عقوقاً. ولا تتصرّف بما وهبت، كأنه خاصتك. ولا تأسف عليه إن شاطرته الآخرين، فإن كل شيء حصلنا عليه هو من الخالق الوهّاب. إن الكلمات خاصتي أو خاصتك، هي كلمات فارغة. البيت تدعوه خاصتك، لكن الهواء والأرض والمواد والبناء، كلها تختصّ بالله تعالى. فإن كان البيت تحت تصرّفك فلا يكون ذلك إلى الأبد، لا بسبب الموت المقبل بل بسبب عدم ثبوت الأشياء. نحن جميعاً ملك لله، سواء بموجب الخليقة أو الإيمان. الملك النبي يقول: "قوامي من قبلك هو" (مزمور 38: 8) وعلّم رسول المسيح: "اننا به نحيا ونتحرك ونوجد" (أعمال 17: 28) "لأنكم قد اشتريتم بثمن كريم" (كورنثوس الأولى 6: 20) فتأمل في كل هذا واشكر العليّ إذا خسرت الخيرات الدنيوية. انك تريد أن تتمسَّك بما حصلت علبه. أليس هذا صفة العقوق الجاهل؟ كل من يعلم أن الأشياء التي يتصرّف بها ليست ملكاً له، فانه يفارقها بسهولة ووداعة. والذي يحزن لفقدها فانه يغتصب ما ليس له. فكل ما يختص بالسيد يجب أن يكون تحت تصرّف كل العبيد أمثالك. فالغني المذكور في الإنجيل أُدين لأنه لم يفعل كما ذكر. لا تقل: إنني أتصرّف بما يختص بي وأتلذّذ به. ان الرب يريد أن يجعل ما أعطى إخوتك خاصة لك، ليصير ما ليس لك كأنه لك، لتستخدمه في سبيل الآخرين، ولكنك عندما تبذره على نفسك فحسب يصير غريباً عنك. فكل ما لديك هو مشترك بينك وبين قريبك، كما ان الأرض والهواء والشمس مشتركة بين الجميع. ان الطعام الجسدي إذا انفردت به المعدة لا يُهضم ويصير غريباً عنها. أما إذا كان مشتركاً فيصبح خصوصياً للمعدة ولسائر أعضاء الجسد. كذلك يحل بالمقتنيات إن استعملتها وحدك، فلا بدّ من الخسارة وعدم الحصول على الجائزة. لكن، لو وزعت خيراتك على القريب فانها تصير لك بسرعة. اليدان تخدمان الإنسان، والفم يمضغ الطعام، والأحشاء تقبله من دون أن يقول أحد: يقتضي أن أُبقي كل شيء عندي. لا تقل ذلك عما يخصك بل يجب على الآخذ أن يعطي. فكما انه من الخطأ أن يحفظ الطعام في الجوف من دون مساعدة الأعضاء لأنه مهلك للجسد كله، كذلك من الخطأ أن يحتكر الأغنياء كل ما لديهم، لأن عملهم هذا مهلك إياهم وسواهم. الرِجلان تمشيان وحدهما ولكنهما لا تنتقلان وحدهما بل تحملان الجسد كله. وهكذا أنت، يجب ألا تحتكر وحدك كل ما أُودع عندك، فتضرّ غيرك، وخاصة نفسك. والحاذق فناً من الفنون الجميلة، يهلك ذاته ويضيع حذاقته إذا لم يطلع الآخرين على ما وضع. إذا احتكر الفلاح محصولاته في بيته يحدث جوعاً، وإذا فعل الغني كذلك، فاحتفظ بما لديه، يجلب لنفسه نار جهنم. ان الأساتذة يجتهدون أن يطلعوا الجميع على معارفهم. فاجتهد أنت كذلك بتكثير من تحسن إليهم. دع الناس، يا تابع المسيح، يقولون عنك: قد زوّج ابنتي. اخرج ولدي إلى العالم. انقذني من الخطر.. فانك بهذا تتمجّد، ويكتب لك في السماء، ويجاهر بها الرب في اليوم الآتي. فلنستحق هذا المجد السماوي أيها الأحباء بنعمة سيدنا المسيح ومحبته للبشر الذي له مع الآب والروح القدس المجد والملك والشرف والسجود من الآن وإلى دهر الداهرين آمين. |
||||
04 - 08 - 2014, 11:32 AM | رقم المشاركة : ( 4688 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
رقم 11 في الكتاب المقدس
الرقم 11 هو رقم موسيقي جميل لذلك فإن لهذا الرقم في الموسيقى وضع خاص، فذبذبات الصوت المعيَّن في السلم الموسيقي، هي دائمًا مضاعفات الرقم 11· وكذلك ما يفصل بين ذبذبة كل صوت في السلم والصوت الذي يليه هو دائمًا مضاعفات الرقم11· وكما في الطبيعة، كتاب الله الكبير، هكذا في الكتاب المقدس، كتاب الله الأشمل· فنجد أن هذا الرقم (11) يحدِّثنا دائمًا عن الفرح وعن الترنيم، وكذلك مسبباتهما · وإذا كان الرقم 10 - كما مر بنا - هو رقم المسئولية، وبالتالي فهو رقم الدَين الذي يتوجب على الإنسان أن يوفيه، فإن الرقم 11 هو إتمام المسئولية، وسداد الدين، بما يرتبط ذلك مع الأفراح والترنيم· وفي اللغة العبرية كلمة «عيد» تعني حج ، وهي كلمة مكونة من حرفين: الحاء وقيمته 8؛ والجيم وقيمته3 فتكون كلمة حج، أي عيد، قيمتها العددية = 8 + 3 = 11· وفي سفر التكوين، في فصل الخليقة، الفصل الأول لغاية ص2: 3 نجد أن كلاً من عبارة قال الله ، وعبارة عمل الله (وباقي مترادفاتهما) تتكرر 11 مرة · ثم إن هذا الرقم 11 يرتبط مرتين بيوسف المحبوب ابن يعقوب: فترتيب يوسف بين أولاد يعقوب الاثني عشر هو الحادي عشر · وعبارة «هذه مواليد»، وهي عبارة وردت 11 مرة في سفر التكوين، كان آخرها، أي المرة الحادية عشر، هي التي وردت في تكوين 37 «هذه مواليد يعقوب»، ولم يذكر بعدها من مواليد يعقوب سوى "يوسف"! وفي سفر الخروج يرد هذا الرقم مرتين بالارتباط بخيمة الاجتماع: فكان فوق الشقق الجميلـة العشر، التي تكوِّن المسكن، إحدى عشرة شُقة من شعـر المعزى (خروج36: 14)· العشر الأولى تكلمنا عن المسؤولية والأحد عشر التي فوقها تكملنا عن إيفاء هذه المسؤولية· ثم إن المنارة في القدس كان بها 22 أي (2*11) كأسة لوزية بعجرة وزهرة (خروج25: 31-36)· والمنارة في القدس كانت تمثل المسيح النور الحقيقي ! وفي سفر التثنية يرد هذا الرقم باعتباره يمثِّل الرحلة من حوريب إلى قادش برنيع· فإن كان بسبب عدم إيمان الشعب استغرقت رحلتهم من مصر إلى كنعان 40 سنة؛ لكنها، لولا التذمر وعدم الإيمان، لاستغرقت 11 يومًا فقط (تثنية 1: 2)· وفي الأسفار التاريخية نجد أن أليشع، نبي النعمة، قام بالعديد من المعجزات، وهذه (بعد استبعاد معجزات القضاء، وعددها ثلاثة)، كان عددها 11· كما نجد أيضًا أن الراجعين من السبي البابلي أيام عزرا قدّموا 77 (7*11) خروفًا (عزرا8: 35)· ويُذكر عن نحميا في سفره أنه التجأ إلى الرب بالصلاة 11 مرة· وفي سفر المزامير نجد هذا الرقم يتمشى مع ما ذكرناه الآن، فبنو قورح الذين لم يموتوا مع أبيهم المتمرد (عدد16: 31-33؛ 26: 10 ، 11)، بعد أن أنقذهم الرب، وجعلهم مغنّين في بيته، لهم 11 مزمورًا في سفر المزامير، عنوان كل منها لبني قورح ! وفى العـهد الجديد يُذكر التعبير «محبة الله» 11 مرة· وفي الأناجيل لهذا الرقم مدلول جميل· فإن رسل المسيح، بعد استبعاد يهوذا الاسخريوطي، ابن الهلاك ، كان عددهم 11· ونقرأ في مثل فعلة الكَرْم (متى20) عن عبيد الساعة الحادية عشر، وهم يمثِّلون النعمة، فأخذوا دينارًا من مطلق نعمة السيد، بينما الذين عملوا من أول النهار كانوا يمثلون الذين يتعاملون مع الله على مبدإ الناموس، هؤلاء عملوا في الكرم طول النهار، واتفق السيد معهم على دينار، ولما أخذوه تذمّروا! وفي مثل الأَمناء (لوقا19: 11) نجد أن الرجل المجتهد قال للرب: مناك ربح عشر أمناء · وبذلك فقد صار عدد الأمناء معه 11 منًا· والآب يرد في إنجيل يوحنا 121 مرة = 11* 11· وفي الرسائل نجد أن رسالة فيلبي في العهد الجديد (رسالة الفرح في الرب) ترتيبها 11· وليس ذلك فقط، بل إن كلمة الفرح، كفعل، وردت في هذه الرسالة الصغيرة 11 مرة· وبالنسبة للمسيح تسجِّل البشائر الأربع 11 شهادة لبرّه بصدد محاكمة المسيح وصلبه (متى 27: 4 ،19 ،24؛ لوقا 23: 4 ،14 ،15، 22 ،41 ،47؛ يوحنا19: 4 ،6 وبالنسبة لقيامة المسيح يسجِّل الكتاب المقدس 11 ظهورًا للرب يسوع بعد قيامته من الأموات لخاصته من المؤمنين |
||||
04 - 08 - 2014, 11:34 AM | رقم المشاركة : ( 4689 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لأننا في الرجاء نلنا الخلاص رسالة بابوية لمنح العالم الرجاء المطران أنطوان أودو نشر البابا بنديكتس 16 يوم الجمعة 3 ت2 رسالة جديدة حول موضوع الرجاء المسيحي، وفيها يعرض على الإنسانية التي تبدو وكأنها خائبة، الرجاء الذي يحمله إليها المسيح. تبدأ الرسالة بمقطع من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل رومة: " لأننا في الرجاء نلنا الخلاص " (روم 8 / 24) ويشدّد البابا على أنَّ ما يميّز المسيحيين هو كونهم لهم مستقبل، وهم يعرفون أن حياتهم لا تنتهي بالعدم (الفقرة 2) (راجع 1 تس 4 / 13) " ولا نريد أيها الإخوة، أن تجهلوا مصير الأموات لئلا تحزنوا كسائر الناس الذين لا رجاء لهم" الرجاء هو لقاء " أن نصل إلى معرفة الله، الله الحقّ، هذا يعني أنّنا نِلنا الرجاء "، هذا ما يقوله البابا في الفقرة 3 من الرسالة، ولكي يوضّح ذلك، فإنه يلجأ إلى مثل واقعي من حياة الكنيسة وقدّيسيها. فالرجاء المسيحي يتجلّى في حياة عبدة سودانية جوزفين باخيتا المولودة في دارفور سنة 1869 وكانت دوماً تردّد: " إنني محبوبة بشكل نهائي ومهما حصل لي، فإن الحب ينتظرني وهكذا أصبحت حياتي صالحة " ( الفقرة 3 ). فبمعرفة هذا الرجاء " خَلُصَتْ " باخيتا ولم تعد تشعر بأنها مستعبدة بل هي إبنة لله، حرّة. وتعمَّدت ودخلت الحياة الرهبانية في إيطاليا وتحوّلت إلى مُرسَلة. فاللقاء مع الله جعلها تشعر بمسؤولية إعلانه للآخرين. ويتابع البابا في الفقرة الرابعة مُظهراً أن يسوع لم يأتِ لكي يعرض علينا رسالة اجتماعية ثورية لأنّه لم يكن " محارباً في سبيل تحرير سياسي ". لقد حمل لنا يسوع: " اللقاء مع الإله الحيّ، وبالتالي اللقاء مع الرجاء الذي هو أقوى من عذابات العبودية، ولذلك فهو يحوّل من الداخل حياة العالم ". ويختم البابا الفقرة الخامسة قائلاً: " السماء ليست بفارغة. الحياة ليست حصيلة بسيطة لقوانين المادة ونتائجها، ولكن في كل شيء وفي الوقت نفسه، وفوق كل شيء، هناك إرادة شخصية، هناك الروح الذي بيسوع، ظهر لنا على أنّه الحب." فالمسيح هو " الذي يقول لنا في الواقع من هو الإنسان وما عليه أن يعمل ليصبح حقاً إنساناً ". إنّه يدلنا على هذه الطريق، وهذه الطريق هي الحقيقة " ( الفقرة 6 ) نستخلص من ذلك كلّه أنّه بالنسبة للبابا، ليس الرجاء " شيئاً "، ولكن " شخصاً "، فهو لا يعتمد على ما هو عابر، بل على الله الذي يَهِب نفسه وبشكل دائم. اعتباراً من الفقرة 16 يتوقف البابا عند فكر الفيلسوف فرنسيس بيكُن: تحوّل الإيمان الرجاء المسيحي في الأزمنة الحديثة . يقول بيكُن: هناك علاقة جديدة بين العلم والواقع ويُطبّق ذلك على اللاهوت. فهذه العلاقة بين العلم والواقع تعني أن السيطرة على الطبيعة التي أعطاها الله للإنسان، والتي فُقدت بالخطيئة الأصلية، قد أخذت مكانها ثانية، بالعلم طبعاً. ويتابع البابا في الفقرة 17 شرح فكر بيكُن: إلى الآن، كان الإنسان ينتظر استرجاع ما خسر عندما طُرِد من الفردوس، بواسطة الإيمان بيسوع المسيح، وفي ذلك كان يرى الخلاص . أما الآن، فهذا الخلاص الذي هو استرجاع " الفردوس " الضائع، لم يعد الإنسان ينتظره من الإيمان، ولكن من العلاقة المكتشفة بين العلم والوقع. هذا لا يعني أن الإيمان، مع هذه الرؤية الجديدة، قد أصبح منفياً: ولكنه بالأحرى انتقل إلى مستوى آخر إلى مستوى الحياة الخصوصية والأرضية وفي الوقت نفسه، يصبح الإيمان نوعاً ما، من دون معنى، بالنسبة للعالم. هذه الرؤية قد حددت اتجاه الأزمنة الحديثة، وهي تؤثر بالتالي على أزمنة الإيمان الحالية، التي هي في الواقع وخاصة أزمة الرجاء المسيحي. وهكذا يتخذ الرجاء لدى بيكُن شكلاً جديداًَ، لقد أصبح إيماناً في التطور... سوف يقودنا إلى " ملك الإنسان". ويتابع البابا تفسيره في الفقرة 18 قائلاً: لدينا مفهومان مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بفكرة التطور وهما العقل والحرية. فالتطور هو تطور في نمو مُلِك العقل، ويعتبر هذا العقل بوضوح كقوّة خير ومن اجل الخير. فالتطور يتجاوز كل التبعيات إنّه تطوّر نحو الحرية التامة. وفي هذا المجال تعتبر الحرية كوعد فيه يتجّه الإنسان نحو الكمال. أمّا في الفقرة 19 فيتوقف البابا عند شرح الثورة الفرنسية انطلاقاً من مفهوميْ العقل والحرية، قبل أن ينتقل في الفقرة التي تتبع إلى الثورة الماركسية. فالثورة الفرنسية هي محاولة لبسط سلطة العقل والحرية على الحاصر وبأسلوب سياسي واقعي. انطلاقاً من واقع الثورة ونتائجها يفكر " عمانوئيل كانت " حول معنى الأحداث في مرحلتيْها الأولى والثانية وينشر كتاباً في السنة 1792 عنوانه : " انتصار مبدأ الخير على مبدأ الشر وتأسيس مُلْكَ الله على الأرض " ويكتب " كانت " في هذا المجال: " إن العبور المتدرج من إيمان الكنيسة إلى سلطة الإيمان الصافي الوحيدة هي اقتراب ملكوت الله ". ويزيد " كانت " أن باستطاعة الثورات أن تسرع في العبور من إيمان الكنيسة إلى الإيمان العقلاني، إلى الإيمان الديني، أعني بواسطة الإيمان العقلاني. يتابع البابا في الفقرة 20 ملاحظاً أن هيمنة العقل والحرية خلقت في القرن التاسع عشر البروليتاريا الصناعية. فكان لا بدَّ من ثورة بروليتارية بعد الثورة البورجوازية. لقد برز ماركس لكي يحقّق ما سمّاه " كانت " " ملك الله ". فبعد القضاء على حقيقة الماورائيات، لا بدَّ من إقامة حقيقة الأرض. إن انتقاد السماء يتحوّل إلى انتقاد الأرض، وانتقاد اللاهوت يتحوّل إلى انتقاد السياسة. فالتطوّر نحو الأفضل، نحو عالم صالح نهائياً لا يتأصّل في العلم ولكن في السياسة في سياسة قائمة على العلم التي تعرف كيف تكتشف بنية التاريخ والمجتمع والتي توجّه نحو طريق الثورة، نحو تغيير كل شيء. إنّ وعد ماركس، استناداً إلى دقة تحاليله وإلى تحديده الوسائل التي تقود نحو التغيير الجذري، قد بهرت الجماهير ولا زالت. الفقرة 21 : انتصر ماركس في ثورته إلاّ أنّ خطاه ظهر للعيان. لقد أشار إلى تحقيق الثورة إلاّ أنّه لم يقُل كيف على الأمور أن تستمر فيما بعد. إن خطأ ماركس هو المادية، لأنّ الإنسان ليس فقط نتاج الشروط الاقتصادية، ولا يستطاع شفاؤه من الخارج فقط، بواسطة الشروط الاقتصادية المناسبة. يتابع البابا تحليله فكرة التطور والعقل والحرية في الفقرة 23، وفيها يطرح بعض الأسئلة الجوهرية على الفلسفة الحديثة: يقول البابا أجل إن العقل هو عطية الله الكبرى للإنسان، وانتصار العقل على اللاعقل هو أيضاً هدف من أهداف الإيمان المسيحي. ولكن متى يسيطر العقل ؟ أعندما ينفصل عن الله ؟ أم عندما يصبح أعمى أمام الله ؟ هل يبقى العقل عقلاً كاملاً في هذه الحالة ؟ لكي يكون التطوّر تطوّراً، فإنّه يحتاج إلى نمو الإنسانية الأخلاقي، وكذلك على مقدرة العقل أن تنفتح على قوّة الإيمان الخلاصيّة، على موقف التمييز بين الخير والشرّ. بهذه الطريقة فقط يصبح العقل حقاً إنسانياً. يصبح إنسانياً إن استطاع أن يدلّ الإرادة إلى الطريق، ولا يستطيع ذلك إلاّ إذا نظر إلى أبعد من ذاته. فالإنسان بحاجة إلى الله وإلاّ بقي محروماً من الرجاء. وفي الفقرات 24 - 26 يجد البابا أنَّ باستطاعة العلم المساهمة كثيراً في أنْسَنة العالم والإنسانية، إلاّ أنّ باستطاعة العلم أيضاً أن يهدم الإنسان والإنسانية، إن لم يتوجّه بواسطة قوى خارجة عنه. فليس العلم هو الذي يخلّص الإنسان، فالإنسان مُخَلَّص بالحب. ولذلك باستطاعتنا القول إن فرنسيس بيكُن وأتباع التيار الفكري الحديث الذي أسّسه، الذين اعتبروا أنّ الإنسان يخلص بالعلم قد خطئوا. يحتاج الإنسان إلى الحب غير المشروط من اجل الخلاص، يحتاج إلى أن يسمع قول بولس الرسول: ( روم 8 / 38 - 39 ) راجع غل 2/20 ) خاتمة القسم الأول الفقرة 30 - 31 هذا الرجاء العظيم الذي يسعى وراءه الإنسان من خلال رجاءاته الصغيرة والمتعددة لا يستطيع أن يكون إلاّ الله وحده الذي يُشعل العالم والذي يستطيع أن يُقدّم لنا ما لا نستطيع أن نصل إليه وحدنا. الله هو أساس الرجاء، وليس أي إله كان، ولكن الله الذي له وجه بشري والذي أحبنا حتى النهاية كل واحد بمفرده والإنسانية بكاملها. ملكوته ليس بعالم خيالي آخر، وليس موجوداً في مستقبل لا يتحقّق أبداً. ملكوته هو حاضر حيث هو محبوب وحيث حبّه يلتقي بنا. إن حبّه فقط يعطينا إمكانية الثبات بتجرّد يوماً بعد يوم، دون أن نفقد اندفاع الرجاء، في عالم هو في طبيعته غير كامل، ولكن وفي الوقت نفسه، إنّ حبّه لنا هو الضمان لوجود ما نشعر به بغموض ومع ذلك ننتظر في أعماقنا الحياة التي " حقاً " الحياة. " الأمكنة التي فيها نتعلم الرجاء ونعيشه " 1 - الصلاة ( 32 - 34 ) 2 - العمل ( 35 ) 3 - الألم ( 36 - 40 ) 4 - الدينونة ( 41 - 48 ) يتوقف بنديكتوس 16 عند أربع محطات فيها يتعلم الإنسان الرجاء ويعيشه. 1- وأول محطة هي " الصلاة " : ويقول البابا في الفقرة الأولى الرقم 32: " إن لم يسمعني أحد، فالله يستمر في الإصغاء. وإن لم أستطع بعد الكلام مع أحد ولا أستطيع أن أنادي أيّاً كان، أستطيع أقلّه أن أخاطب الله دوماً ... فالإنسان الذي يصلّي لا يكون أبداً وحيداً كلياً. " بعد هذه المقدمة حول أهمية الصلاة في العلاقة مع الله يتحدث البابا عن شخصية فيتنامية: الكاردينال نكوين فان توان. لقد سُجِن مدة ثلاث عشرة سنة في الفيتنام وفي السجن كتب كتاباً صغيراً عنوانه: " صلوات الرجاء ". وبعد تخْلية سبيله انطلق في العالم كلّه شاهداً للرجاء. ولكي يؤكد على أهمية الصلاة يستشهد البابا بمفكِّره المفضّل أوغسطينس فيما يقول في الصلاة والعلاقة مع الله : " وهكذا فالله، عندما يجعل الإنسان ينتظر يوسّع رغبة الإنسان، وعندما يجعله يرغب فيه، يوسّع روحه، وعندما يوسّع روحَه يزيد في مقدرته على الاستيعاب ". ( راجع فل 3 / 13 ) ويختم البابا تعليقه على كلام أوغسطينس الرائع بقوله: " أن نصلّي لا يعني الخروج من التاريخ والانكفاء في مجال خاص بسعادة فردية. فالطريقة الصحيحة في الصلاة هي عملية تطهير داخلي تجعلنا أهلاً للوقوف أمام الله وبالتالي الوقوف أمام الناس". ويتابع البابا تأمله في تعلّم الصلاة قائلاً: " الصلاة هي تنقية لرغباتنا ورجاءاتنا. فبواسطتها يتحرّر الإنسان من الأكاذيب الباطنية التي بها يغش نفسه: فالله يتمحصها والمقابلة مع الله تحمل الإنسان على أن يعترف بأكاذيبه... فإن كان الله غائباً، فعلي لربما أن أختبئ وراء الأكاذيب، لأنه لا يوجد أحد يستطيع أن يغفر لي ... فاللقاء مع الله يوقظ ضميري، لأنّه لم يعد يقدّم لي التبرير الذاتي، ولم يعد ضميري تأثيراً ذاتياً أو نتيجة لما يحوط بي، بل يصبح الضمير المقدرة على الإصغاء للخير في حد ذاته. 2 - في الفقرة 35 التي تبدأ بالحديث عن " العمل " يقول البابا : كل عمل جدي ومستقيم يقوم به الإنسان هو رجاء فعّال ". ويتابع البابا تفكيره في هذا المجال مشدّداً على معنى الرجاء في المفهوم المسيحي. فالرجاء هو دوماً رجاء من أجل الآخرين، وهو رجاء فعّال، بواسطته نجاهد في سبيل ألاّ تتوجه الأمور نحو " نهاية فاسدة " فهذا الرجاء الفعّال يحافظ على العالم في حالة من الانفتاح على الله. واستناداً إلى هذه الرؤية يبقى الرجاء حقاً رجاءً إنسانياً. 3 - الألم " : يتوقف البابا عند فكرة الألم وعلاقتها بالرجاء مطوّلاً ويخصص لذلك الفقرات 36?40، وهذا مما يشير إلى الأهمية الفكرية والوجودية التي يمنحها اللاهوتي والمسيحي إلى مثل هذه الحقيقة الإنسانية. يقول البابا: " لا بدَّ لنا من أن نعمل كل شيء في سبيل تخفيف الألم ولكن علينا أن ننتبه، ليس بتحاشي العذاب وبالهرب من الألم الذي يشفي الإنسان، ولكن بالمقدرة على قبول الاضطرابات والولوج إلى النضوج من خلالها، وان نجد معنى لها بالاتحاد مع المسيح الذي تألم بحب ليس حدود ". وفي هذا المجال يتوقف البابا مطولاً عند صلاة وشهادة حياة عاشها الشهيد الفيتنامي في السجن بول لورباو- تين ( +1857) تحوَّل الألم بقوّة الرجاء، إلى صلاة شكر وتسبيح. فالألم دون أن يتوقف عن كونه ألماً يتحوّل رغم كل شيء إلى نشيد تسبيح. 4 - الدينونة : وفي الفقرات 41 - 48 يعطي البابا أهمية شديدة لموضوع الدينونة من حيث أنه قِبْلَة الرجاء والحقيقة. يبدو أن هذا الجزء هو مخصص للدينونة في علاقتها مع الرجاء وهو في الوقت نفسه خاتمة لكل الرسالة، فيها يصل البابا إلى النتائج التي يريد ان يستخلصها من كل ما تقدّم. يبدأ البابا بالقول: ينتهي الجزء الذي يتحدّث عن سرّ المسيح في " النؤمن" وأيضاً سيأتي بمجد عظيم ليدين الأحياء والأموات ". فمنذ البدايات كانت الدينونة بالنسبة للمسيحيين مقياساً لتنظيم حياتهم اليومية، وكدعوة موجّهة إلى ضمائرهم وأيضاً كرجاء في عدل الله ... هذه النظرة نحو المستقبل مُنحت المسيحية اهتماماً كبيراً بالحاضر. (راجع الكاتدرائيات في الفقرة 42 ، يلاحظ البابا أنّه في العصر الحديث الاهتمام بالدينونة النهائية قد اختفى: يصبح الإيمان المسيحي فردياً ويتوجّه نحو خلاص النفس الشخصي. أمّا التفكير في التاريخ العام، على العكس من ذلك، فيسيطر عليه الاهتمام بالتطوّر، واتخّذ الانتظار شكلاً جديداً مختلفاً جذرياً. فالإلحاد في القرن التاسع عشر والقرن العشرين، هو بحسب جذوره وأهدافه أخلاقية، هو اعتراض على الظلم وعلى التاريخ العام. فالعالم الذي فيه هذا الكم من الظلم، من ألم الأبرياء، ومن تعسّف الحكم لا يستطيع أن يكون من صنع الله. فالله الذي قد يكون مسؤولاً عن عالم كهذا، لا يستطيع أن يكون إلهاً عادلاً ولا حتى بالطبع إلهاً صالحاً. فباسم الأخلاق لا بُدَّ من رفض هذا الإله وبما أنّه ليس هناك إله يخلق العدل، يبدو أنّه على الإنسان نفسه أن يكون مدعواً إلى أن يحقق العدل. إن كنّا نقبل بهذا الاعتراض الذي يحمله العالم ضد الله ونفهمه، إلاّ أنَّ ادّعاء الإنسانية مقدرتها على القيام بما لم يعمله أيّ إله هو ادّعاء خاطئ في أساسه. ومن مثل هذا الادّعاء نصل إلى أوحش التعديات على العدل، لأنَّ مبدأ هذا الادّعاء خاطئ. إنَّ العالم الذي يريد أن يخلق بذاته عدله، هو عالم من دون رجاء. لذلك، بتابع البابا في الفقرة 44: الاعتراض على الله باسم العدل لا يجدينا نفعاً. فالعالم من دون الله هو عالم من دون رجاء ( راجع أف 2/12 ). وحده الله يستطيع أن يخلق العدل. والإيمان يؤكّد لنا بأنَّ الله يحقق ذلك. فصورة الدينونة الأخيرة ليست بالدرجة الأولى صورة مخيفة، ولكنها صورة رجاء ... وهي صورة فيها الخوف، لأنّها تدعو إلى المسؤولية. الله هو العدل ويخلق العدل، هذه هي تعزيتنا ورجاؤنا. ولكن في عدل الله هناك أيضاً في الوقت نفسه النعمة، ونعرف ذلك عندما نرفع نظرنا إلى يسوع المصلوب والقائم من بين الأموات؛ فعلى العدالة والنعمة أن يؤخذا معاً في علاقتهما الباطنية. فالنعمة لا تلغي العدالة، ولا تحوّل الباطل إلى حق. ( راجع مثل الغني ولعازر لو 16/ 19 - 31 ) ( راجع أيضاً 1 قور 3 / 12 - 15 ). في الفقرة 47 يجد بعض اللاهوتيين أن النار هو المسيح، هو النار الذي تحرق وتخلّص، هو الديّان والمخلّص ... فنظرة المسيح، وخفقان قلبه يشفياننا بواسطة التحوّل المؤلم، وكأنّنا نعبر " بالنار". وهذا ألم مفرح، لأنّه بواسطته يخترقنا حبّه كالشعلة، يساعدنا على أن نكون في النهاية " ذواتنا " بشكل كامل وفي الوقت نفسه " من الله " بشكل كامل. هكذا يتوضّح التداخل بين العدالة والنعمة: هذا لا يعني أن طريقة حياتنا هي بدون معنى، ولكن قدراتنا لا تلتصق بنا إلى ما لانهاية، إذا بقينا، أقلّه، مشدودين نحو المسيح، نحو الحقيقة ونحو الحب. فدينونة الله هي رجاء لأنّها في آن عدالة ونعمة ( راجع ص 76 آخر الرقم 47 علاقة العدالة مع النعمة في الله الخاتمة مريم نجمة الرجاء ( الفقرتان الأخيرتان 49 - 50 ) تُحيِّ الكنيسة مريم، أم الله، على أنّها نجمة البحر في نشيد قديم يعود إلى ما بين القرنين السابع والتاسع، أعني منذ أكثر من ألف سنة. يقول قداسة البابا مستوحياً من صورة البحر والنجمة، الحياة البشرية هي طريق، ونحو أيّة نهاية ؟ وكيف نجد الطريق ؟ فالحياة هي رحلة على بحر التاريخ، وغالباً ما يكون معتماً وعبر العواصف، هي رحلة فيها نحدّق بالكواكب التي تدلنا على الطريق. فالكواكب الحقيقية في حياتنا هم الأشخاص الذي عرفوا أن يعيشوا بالاستقامة. هم أنوار الرجاء. لا شكَّ أن يسوع هو النور، هو الشمس الذي يشرق على ظلمات التاريخ كلّها. ولكن للوصول إليه، نحن نحتاج إلى أنوار قريبة منّا، أشخاص يعطوننا النور وهم يستقونه من نوره فيقدمون لنا اتجاهاً في عبورنا. ومَنْ يستطيع أكثر مِنْ مريم أن يكون لنا نجمة الرجاء، هي التي " بالنَّعَم " التي قالتها لله نفسه فتحت باب عالمنا، وأصبحت تابوت العهد الحي الذي فيه صار الله بشراً، وأصبح واحداً منّا، ونصب خيمته في وسطنا ( راجع يو 1 / 14). وفي الفقرة 50 يرفع البابا الصلاة إلى مريم التي قبلت الرجاء وأعطته للعالم، طالباً منها الشفاعة . |
||||
04 - 08 - 2014, 11:36 AM | رقم المشاركة : ( 4690 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التسامح في المسيحية جاءت هذه الآية في موعظة الرب يسوع المسيح(له المجد) على الجبل، وتبدأ من آية 17 وتنتهي في آية 49 من الإصحاح السادس. وهنا اود ان انوه الى مساله هامة حول مسالة قراءة النص الانجيلي الا وهي ان تفسير الايات لاتأخذ كل اية بمفردها اي انه على القاريء ان يقرا النص كاملا والشيء الثاني هو ان تفسير الايات قد يُؤخذ حرفيا او رمزيا اي ان له دلالة او مغزى. وهنا وبالشكل المختصر ليست المسالة ضرب بالمعنى الحرفي وانما المقصود بها الاذية ،الشر او الاساءة فعليك كمسيحي ان تظهر له الوجه الاخر للمفردات التي ورد ذكرها آنفا. وأعتقد أن رأس الموضوع في هذه الفقرة هي: المحبة، والرحمة، وعدم إدانة الغير بل الغفران. فيقول الرب يسوع المسيح في آية 27 : ".. أحبوا أعداءكم، أحسنوا معاملة الذين يبغضونكم، باركوا لاعينيكم، صلوا لأجل الذي يسيئون إليكم". ونرى الرب يسوع يشرح هذه النقطة في الآيات التالية ثم يؤكدها مرة أخرى في آية 35 : ".. أحبوا أعداءكم.." ونرى أيضا أن الرب يسوع يؤكد ضرورة الرحمة في آية 36، وينهي عن إدانة الغير في آية 37 ، ويوصي بالمغفرة في نفس الآية. إذن مقاييس ووصايا الرب يسوع أعلى جداً وأسمى جداً من مقاييس البشر. فمن طبيعتنا نحن البشر أن نحب من يحبوننا، ونحسن معاملة الذين يحسنون معاملتنا، وندين عيوب الآخرين دون فحص عيوبنا، ولا نرحم من يسيء إلينا. ولكن الرب يسوع يضع أمامنا مقاييس الله السامية ويريد من "أبناء العلي" أن يرفعوا أعينهم إلى أبيهم السماوي ويتمثلوا به. فيقول في آية 35 ، 36 : "ولكن، أحبوا أعداءكم، وأحسنوا المعاملة، وأقرضوا دون أن تأملوا استيفاء القرض، فتكون مكافأتكم عظيمة، وتكونوا أبناء العلي، لأنه يُنعم على ناكري الجميل والأشرار. فكونوا أنتم رحماء، كما أن أباكم رحيم". ألا ترى يا عزيزي أن المحبة والرحمة والغفران أعلى كثيراً من مسألة الكرامة؟ فالكرامة تعير الذات أعظم أهمية، وتعزز الذات وتضعها في أعلى مقام فوق الآخرين، وهي إلى حد ما نوع من الأنانية والكبرياء. هذه هي طبيعة النفس البشرية. وينهي الكتاب المقدس في عدة أماكن عن تعزيز النفس ووضعها في أعلى إعتبار. فنقرأ في الرسالة إلى مؤمني فيلبي 3:2 "لا يكن بينكم شيء بروح التحزب والإفتخار الباطل، بل بالتواضع ليعتبر كل واحد منكم غيره أفضل كثيراً من نفسه، مهتما لا بمصلحته الخاصة بل بمصالح الآخرين أيضاً. فليكن فيكم هذا الفكر الذي هو أيضاً في المسيح يسوع". ماذا يا عزيزي فعل الرب يسوع من أجلي وأجلك نحن الخطاة؟ لقد أنكر ذاته وضحى بنفسه من أجل فدائنا وخلاصنا نحن البشر من عقاب الخطية في الجحيم. أخذ عقاب خطايا كل البشر على عاتقه هو، هذا البار القدوس الذي لم يقترف أية خطية قط. وتذكر يا أخي صلاة الرب يسوع وهو على الصليب من أجل من عذبوه وصلبوه في إنجيل لوقا 34:23 "يا أبي إغفر لهم، لأنهم لا يدرون ما يفعلون!". ونقرأ في الرسالة إلى مؤمني فيلبي 6:2ـ11 في الكتاب المقدس عن الرب يسوع: "إذ إنه، وهو الكائن في صورة الله، لم يعتبر مساواته لله خلسة، أو غنيمة يتمسك بها، بل أخلى نفسه، متخذا صورة عبد، صائراً شبيهاً بالبشر، وإذ ظهر بهيئة إنسان، أمعن في الإتضاع، وكان طائعاً حتى الموت، موت الصليب. لذلك أيضاً رفعه الله عالياً، وأعطاه الإسم الذي يفوق كل إسم، لكي تنحني سجوداً لإسم يسوع كل ركبة، سواء في السماء أو على الأرض أو تحت الأرض، ولكي يعترف كل لسان بأن يسوع المسيح هو الرب لمجد الله الآب". وأنا أعلم يا عزيزي علم اليقين إن هذا المثل وهذا المستوى الذي وضعه الرب يسوع المسيح أمام أعيننا ليس في طبيعتنا وليس في مقدرتنا نحن البشر. فما العمل إذن؟ ذلك هو عين السبب أن الرب منحنا روحه القدوس ليعطينا المقدرة والقوة على إطاعة وصاياه والسلوك حسب تعاليمه السامية وليس حسب طبيعـتنا الجسدية التي ترتكز على محبة الذات. فنقرأ في الرسالة إلى مؤمني روما 9:8،11 "وأما أنتم، فلستم تحت سلطة الجسد بل تحت سلطة الروح، إذا كان روح الله ساكناً في داخلكم حقاً. ولكن، إن كان أحد ليس له روح المسيح، فهو ليس للمسيح.. وإذا كان روح الذي يسكن فيكم". إذن، روح الله الساكن في المسيحي يحي أفكاره ومشاعره وإرادته حتى يمكنه من السلوك حسب مشيئة الله الطاهرة السامية. ويؤكد الكتاب المقدس ذلك في عدة أماكن منها الرسالة إلى مؤمني فيلبي 13:2 "لأن الله هو الذي ينشيء فيكم الإرادة والعمل لأجل مرضاته الذي أقام يسوع من بين الأموات يسكن فيكم، فإن الذي أقام المسيح من بين الأموات سوف يحي أيضاً أجسادكم الفانية بسبب روحه". اذن عزيزي القاريء نرى بان التسامح هو جوهر المسيحية على عكس الاديان الاخرى التي تامر بالقتل وسفك الدماء فلو نادت المسيحية بمبدأ " السن بالسن والعين بالعين" لكان فداء المسيح باطلا،حاشى للرب ان يكون كذلك. فالتسامح في المسيحية هو تواضع وقوة وليس ضعفا عزيزي القاريء . واخيرا اتمنى ان تحل عليك نعمة الرب وتكون مسيحيا حقيقيا وقدوة للاخرين |
||||