23 - 07 - 2014, 06:39 PM | رقم المشاركة : ( 4601 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الامور التي يجب ان يعرفها كل متجدد
صديقي المؤمن انك باتخاذك الرب يسوع المسيح مخلصا شخصيا لك قد ولدت الولادة الجديدة من فوق لقد زال حمل الخطية عنك وحل محلة سلام الله وفرح الغفران الالهي والرجاء بالحياة الابدية وحيث ان اسمك قد كتب في سفر الحياة فانت لست فيما بعد تحت الدينونة بل اصبحت مبراا بالايمان في المسيح وبما انك قد ولدت من الروح فقد اصبح الله اباك ةاةلادة اخوة واخوات لك في المسيح لقد انقطعت علاقتك بالشيطان وتحطم سلطانة بقوة الرب المقام وصرت حرا بكل معني الكلمة ز لقد فديت بثمن لا يقدر - هو دم المسيح والان اني ملك للذي فداك .انك من اتباعة ورعاياة ، كل المواعيد الالهية هي لك في المسيح (رؤ 8- 17) وبناءا علي قبولك للمسيح كمخلص فقد صرت تحيا الحياة الروحية الحقيقية . غير ان هذا لا يضمن لك حياة كلها رغد وصفاء لان ابليس عدوك اللدود قد علم بامر خلاصك فانتفض غضبا وقام ليعاكسك وانتا سائر في طريق الحياة فاسمح لي ان اقدم لك قليلا من الاقتراحات التي من شأنها ان تسهل السبيل امامك وتساعدك علي السير في هذا الطريق الجديد عندما تاتي الشكوك يحاول ابليس ان يجعلك تشك في امر خلاصك قائلا لك ان خلاصك غير اكيد وان الحالة التي وصلت اليها هي شعورية |. فما عليك يا صديقي والحالة هذة إلا وان ترفع نظرك الي المسيح وتطلب منة ان يحميك من سهام العدو الشريرة ولا حاجة لي ان اذكرك بان معرفتك بالكتاب المقدس تساعدك جدا في معاركك الروحية فالجأ الي الكتاب المقدس متسلحا بعباراتة القوية متذكراا بان يسوع نفسة كان يستعملها وهكذا كان يقهر عدو النفوس عند كل مهاجمة . إعلم بان ابليس كذاب (يو 5- 44)فكلما يأتيك بافكار مقلقة حول نظرك عنة في الحال ولا تصغي لاقوالة إن جل هدفة هو ان يبث في عقلك بذار الشك فتسلح بالاية كل من بأسم الرب يخلص (رؤ10 -13) واذا كان الرب قد دعاك حقيقة إذن من حقك والوعد وعدك قال يسوع (من يقبل الي لا اخرجة خارجا (يو 6- 37) وانت قد اقبلت الية فيما ان لم يخرجك خارجا لابد إذن من انة قد ادخلك داخلا . ان كلمة الله تعلن لنا بأن كل من يعترف بخطاياة ويتركها يرحم (امثال 28- 13) وتصرح ايضا بأننا ان اعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل حتي يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل اثم (1 يوحنا 1- 9) فالرحمة وغفران الخطايا هما من نصيبنا إذ اننا قد اعترفنا بخطايانا والتجأنا الي الصليب لنوال الفداء . وليست هذة مجرد افكار انما هي حقائق صريحة وليس خلاصنا مجرد شعور انما هو امر ثابت ولا تنسي يا صديقي بأن الخلاص هو مسألة ايمان بمواعيد الله الثابتة لا مجرد شعور يرتكز علي عواطفنا المتقلقلة انما كلمة الله تصرح بان كل الذين قبلوة (أي المسيح ) اعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد لله أي المؤمنين بأسمة (يوحنا 1- 12) فنحن اذن مؤمنون ومخلصون واولاد لله بحق ثابت وسلطان الهي لا تفكر بالرجوع ----------------
|
||||
23 - 07 - 2014, 06:40 PM | رقم المشاركة : ( 4602 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يعيشون في العالم ولكنهم ليسوا من العالم +نورد هنا شهادة كنيسة مضطهدة، ولكن يغمرها الفرح. مضطَهَدة ولكنها ذات رجاء واثق في من تؤمن به، إنها تستعيد اليوم من جديد سماتها هذه في عديدٍ من البلاد... +لا عدائية، ولا انتقادية للباطل، في موقف هؤلاء المسيحيين، لا مَيل للذوبان في العالم، والجري وراء أساليبه المستحدثة، ولا رغبة مضادة في الأخذ بالانعزال والتميُّز عن الآخرين بأي علامات خارجية. المسيحيون يخضعون للقوانين، طالما هي لا تسير ضداً لضميرهم: في هذا الأمر الأخير قد رأينا في حالة الشهداء الأولين أنهم رفضوا عبادة الأوثان، ولكنهم في الوقت نفسه قبلوا –بكل رضى- العقوبة المنصوص عليها في القانون. +مطلبهم الأساسي لم يكن قلب القوانين واستبدلها بغيرها، وإنما بأن يتساموا في سلوكهم على مقتضياتها. كانوا يحيون كأسرة واحدة متحابَّة، مثالها الذي يُحتذى هو القدوة الصالحة. وفي مجتمع كان يحكمه القانون الروماني الذي كان يعطي للملكية الفردية شرعية مطلقة، كانوا يعيشون حياة الشركة المسيحية بتلقائية حُرة لا إلزام فيها. وفي بيئةٍ ساد فيها فساد الأخلاق، وعشق الأجساد، مع قسوة بالغة لا مبالاة فيها نحو الأجنَّة والمولودين حديثاً الذين كانوا يُعدَمون بأية وسيلة؛ كان المسيحيون مثالاً في العفة واحترام المحبة الزوجية، وكانوا يرفضون الإجهاض والتخلي عن أطفالهم الصغار. وكانت اجتماعاتهم تتميز بالإتحاد في الإيمان الواحد، تسودها المحبة لله وللقريب، أي لكل إنسان أياًّ كان! +كانوا يَسعون لأن يقابلوا الإساءة بالإحسان، وأن يخدموا الناس جميعاً بلا تفرقة. حتى ولو عارضتهم التقاليد السائدة أو ثارت ضدهم. لقد باركوا على الحياة، وعرفوا أن يجعلوها بركة للآخرين أيضاً، حتى في أوقات أشد الآلام وأطولها، وعندما كان يسود الإرتياب والغم على الكثيرين غيرهم. +وها كنيسة القرن الثاني، والتي كان يغمرها فرح القيامة كما تشهد لها الرسومات الجليَّة التي تزين سراديب مقابر الشهداء، بمبادئها الروحية تتمكن بفطنة أن تطوِّر في العلاقات البشرية إلى الأفضل وعلى الوجه الأكمل. +كانت الكنيسة الأولى –في آن واحد- تعي نفسها تماماً أنها جماعة ملوك وكهنة وأنبياء "مفروزون" لخلاصهم هم، ولخلاص العالم أيضاً. إن المؤمنين الحقيقيين العائشين في المجتمع والحاضرين في الكون، هم بسبب حضور الله فيهم بمثابة الروح للجسد؛ إذ هم يشهدون بنعمة الحياة الإلهية التي يحملونها في كيانهم والتي تُختبر وتَثْبت أمام كل الإهانات والإضطهادات وكل نوع من المقاومة كما في حالة الشهداء. فرح الكنيسة في وسط الضيقات يفتح للعالم المحتضر مجالاً متسعاً للغاية لكي يتنسم حياة تفوق حدوده المادية. إن المؤمنين الحقيقيين بصلاتهم وتقواهم وبرِّهم، هم للمجتمع مصدر حماية، وفي نفس الوقت، مصدرٌ للإلهام الخلاق. إن كل الإهانات التي يلاقونها منهم أداة خصب للعالم القفر من الروح. +وهكذا يمكن للمسيحيين السالكين بالروح والحق أن يكونوا هم الأبرار الذين كانت تنقصهم مدينة سدوم، بل و"نور العالم"، و"ملح الأرض"، بحسب تعبيرات الإنجيل. كان إكليمندس الإسكندري يعتبر المسيحيين المستنيرين أنهم: [بذار الله وصورته ومثاله، هم ابنه الحقيقي، والوارث له، وقد أُوفدوا من الآب إلى هنا، إلى هذا العالم في مهمة من أكل القصد الإلهي السامي نحو العالم. فلأجلهم أُبدعت سائر الكائنات... وبسبب بقائهم هنا على الأرض كزرع مقدس حُفظ كل شيء، أمام إذا جُمع (وقت الحصاد)، فالكل سيقف أمام عرش الدينونة](1) – العلَّامة إكليمندس الإسكندري. +الكنيسة هي الأساس السري Mystical الذي يقوم عليه العالم، ففيها تنمو المُثُل العليا التي يرتقي بها العالم، ومنها يمتد التاريخ ويتجه نحو اكتماله، فعندما يأتي أوان الحصاد ويضمحل العالم، ويُجمع الأبرار والأشرار، يكون ذلك إيذاناً ببدء تغيُّر هيئة المسيحيين –هذا إذا ما ظلوا أمناء على رسالة القيامة وتمسكوا حقاً بعهد الإفخارستيا. لذلك فهم منذ الآن في المجتمع كمثل الغابة وسط الأراضي المنزرعة، ذخيرة هائلة من الهدوء والسلام والحياة الحقيقية تسمح بالبقاء للكائنات الصالحة وباستمرارية التاريخ. من أحد المخطوطات القديمة جداً –لمؤلف مجهول من القرن الثاني: [المسيحيون لا يتميزون عن غيرهم من الناس، لا بالموطن ولا باللغة ولا بالثياب. إنهم لا يقطنون مدناً خاصة بهم، لا يستخدمون في الكلام أسلوباً غير مألوف، وطريقة حياتهم ليس فيها شيء غريب... إنهم يتوزعون في المدن الكبيرة مع اليونانيين والبرابرة، كلٌّ منهم بحسب نصيبه الذي يتيسر له، إنهم يتبعون نفس العوائد المحلية الجارية من جهة المَلْبَس والقوت ونمط الحياة... إنهم يقيمون كلٌّ منهم في وطنه الخاص، ولكن كغبراء نزلاء (على هذه الحياة الأرضية الفانية) إلى حين. إنهم يتممون كل واجباتهم الوطنية على الوجه الأكمل، ويتحملون كل الأعباء بصبر دونما شكوى. كل أرض غريبة هي لهم بمثابة وطن (لأنهم لا يتعصبون لأرض أو عنصرية زائلة)؛ وكل وطن هو لهم أرض غُربةٍ (لأنهم يطلبون السماء وطناً باقياً لهم). إنهم يتزوجون مثل كل الناس، وينحبون أطفالاً، ولكنهم لا يتخلون عنهم أبداً (كما يفعل الوثنيون). إنهم يتشاركون جميعاً في المائدة الواحدة، ولكن ليس في الفراش الواحد. إنهم في العالم، ولكنهم لا يحيون بحسب العالم. إنهم يقضون حياتهم على الأرض؛ ولكنهم مواطنو السماء. إنهم يطيعون القوانين المشترعة؛ ولكن طريقة حياتهم تفوق هذه القوانين بكثير. إنهم يحبون كل الناس، حتى ولو كان هؤلاء الناس يضطهدونهم، أو يتنكرون لهم، أو يذمونهم. إنهم يُقْتَلون، ولكنهم بهذا يربحون الحياة الأبدية. إنهم فقراء؛ بَيْدَ أنهم يُغْنُون الكثيرين. إنهم مُعْوَزون في كل شيء، ولكنهم مكتفون ويفيض عنهم الكثير في كل ضروريات الحياة. إنهم يُحْتقرون ولكنهم في هذا الاحتقار يجدون مجدهم... يُفْتَرى عليهم غير أنهم يتبررون. يُلْعَنون فيُبَاركون... وخلاصة القول: كمثل الروح بالنسبة للجسد، كذلك المسيحيون في العالم. فالروح مُنْبثَّة في كل أعضاء الجسد، كذلك المسيحيون منتشرون في كل مدن العالم. الروح تسكن في الجسد (وهي ليست منه) كذلك المسيحيون يعيشون في العالم، ولكن ليسوا منه. الروح غير مرئية مستقرة في جسد مرئي، هكذا المسيحيون يُرَوْن جيداً في العالم، ولكن تقواهم لله تبقى غير مرئية من الآخرين بعيني الجسد. الروح مُغلَق عليها في الجسد، ومع هذا فهي التي تُبقي على استمراريته في الحياة. والمسيحيون يحيون كمقيدين في سجن العالم؛ بيد أنهم هم الذين يصونون العالم (بصلواتهم وطلباتهم عن العالم)... الروح تصير إلى حالة أفضل إذا ما تطهرت من شهواتها بالجوع والعطش؛ كذلك المسيحيون إذا ما اضُّطهدوا تنمو حياتهم الروحية وتتقدم يوماً فيوماً. المكان أو الخدمة أو المنصب الذي يختاره لهم الله –وضيعاً كان أم شريفاً- لا يسمحون لأنهم أبداً أن يتركوه](2) – من الرسالة إلى ديوجنيتس. من أقوال آباء الرهبنة: [سُئل أيضاً (القديس إبيفانيوس): "هل بار واحد يكفي لإرضاء الله وصفحه (عن الخطاة)؟" فأجاب قائلاً: "نعم، لأنه هو نفسه قد قال: "فتشوا عن إنسان واحد يحيا بحسب البر، فأصفح عن كل الشعب"](3). (1) Quei riche peut être sauvé, 36,3. (2) Epitre à Diognéte, 5, 1-100 (SC n 33, p. 62 et 64) (3) Apophtegmes, Saint Epiphane, 14 (PG 65, 165) ________ مقالات مترجمة عن كتاب: SOURCES: Les Mystiques Chrétiens des Origines - Olivier Clément منابع الروحانية المسيحية في أصوولها الأولى - الفيلسوف الفرنسي العاصر والعلم الأبائي أوليفييه كليمانت ترجمة وإعداد رهبان دير القديس أنبا مقار |
||||
25 - 07 - 2014, 01:59 PM | رقم المشاركة : ( 4603 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يوما معه ........
إنى أَرى غروب صيفي جميل, الشمس قد ألهبتْ كلّ السماءَ الغربيةَ وبحيرةَ جينسارت بدت كمرآة ضخمة ملتهبة تحت سماء مُشتعلة. الشوارعَ في كفرناحوم تَبْدأُ الآن فقط بأَنْ تُصبحَ مزدحمة؛ تَذْهبُ النِساءُ إلى العين، يُهيّئُ الصيّادين شباكهم ومراكبِهم للذِهاب للصيد في الليل، الأطفالَ يلعبون في الشوارعِ، الحمير الصغيرة تَحْملُ السلالَ وتَذْهبُ للقرية، ربما للحُصُول على الخضرِوات. يَظْهرُ يسوع عند باب يَفْضى إلى ساحة صغيرة مظلّلَة بالكامل بكرمة وشجرة تين. فى الخلفيه هناك طريق حجرى يجرى على طول البحيرةَ. لابد أَنْه بيتَ بطرس لأنه على الشاطئِ مَع أندراوس يُرتّبُ السلالَ وشباك السمكَ في المركبِ ويرتب المقاعدَ ولفائف الحبالِ. أنه يعد كُلّ شيءَ للذِهاب للصيد وأندراوس يُساعدُه آتيا وذْاهبُا مِنْ البيتِ إلى المركبِ. سْألُ يسوع تلميذه: "هَلْ سَيكونُ الصيد وفيراً؟" "إن الطقس جيد والماءَ ساكن، أنها ليلة مقمرة لذا سيصعد السمك مِنْ القاعِ للسطح وسَتسْحبه شباكي." "هَلْ سنذهب بمفردنا؟ " "أه يا معلم! كَيْفَ نُديرُ الأمر بمفردنا بهذا النوعِ مِنْ الشباك." "أنى لم أصطاد أبداً مَن قبل وتَوقّعتُ أَنْ أتعلّمَ منك." نزل يسوع فى البحيرة ببطئ وتوقّفُ قُرْب المركبِ على الرمالِ الخشنةِ. "أنظر يا معلم: هذا ما نَفعله, إنى أَخْرجُ بجانب مركبَ يعقوب بن زبدي ونَذْهبُ إلى النقطة الصحيحة بكلا المركبتين, ثمّ نُنزّلُ الشبكةَ ونحن ممسكين بطرف منها, أنك قُلتَ أنّك تريد أمساك طرفها." "نعم، إن قلت لي ما على عْمَله. " "أه! عليك فقط أنْ تُراقبَها وهى تنزل, يجب أنْ تنزّلَ ببطئ بدون أيّ عقد. ببطئ جداً لأننا سَنَكُونُ في منطقة صيدِ، وأيّ حركة شديدة قَدْ تُبعدُ السمك. بدون عقدِ وإلا فأن الشبكة ستُغلقُ بينما يَجِبُ أَنْ تنفْتحَ كحقيبة، أَو بالأحرى كشراع تم نَفخَه بالريحِ. وعندما تنزل الشبكة بالكامل سَنُجذّفُ بهدوء أَو قَدْ نُفرد الأشرعة وفقاً للظروف مكونين نصف دائرة فى البحيرةِ. وعندما نَفْهمُ بإهتزازِ وتدِ الأمانَ بأنّ الصيد جيد سنَتوجّهُ نحو الشاطئِ, وعندما نكون قرب الشاطئِ وليس قبل ذلك لئلا نخسر كُلّ السمك؛ وليس بعد ذلك لئلا نتلف كل من السمك والشباك على الأحجارِ, سنجر الشباك وعند هذه النقطةِ يَجِبُ أَنْ نَكُونَ حذرينَ جداً لأن المراكبَ يَجِبُ أَنْ تكُونَ قَريبَه جداً من بعضها البعض كى تسْمحُ لمركبِ منهما مَسْك طرف الشبكةِ مِنْ المركب الآخر، لَكنَّهم يَجِبُ ألا يَصطدما لتَجَنُّب سَحْق الشباك المليئة بالسمكِ. ارجوك يا معلم كُنْ حذراً، أنه رزق يومنا. راقبْ الشباكَ لئلا تنفتح من تلك الهزاتِ, إن السمكُ سيعمل على تحرير نفسه بضرباتِ قويةِ مِنْ ذيلِه، وإن كان هناك الكثير منهم … أنك سَتَفْهمُ … أنها كائنات صغيرةَ، لكن إن اجتمع منها عشَرة أو مائة أو ألف فأنهم يُصبحونَ أقوياء وكأنهم حوتِ اللوياثان." "نفس الشيئ يَحْدثُ مع الخطايا يا بطرس, فى البداية قد يكون هناك عيب واحد ممكن إصلاحه, لكن إن لم ينجح الإنسان في السَيْطَرَة على نفسه وأضافُ عيبَ على عيب في النهايةِ هذا العيب الصَغير، الذى قد يكون مجرد سهو أَو ضعف بسيط, يُصبحُ أكبرَ وأكبر، يُصبحُ عادةً، ثم رزيلة كبيرة. أحياناً يبدأ الشخص بلمحة شهوانية وينتهي بإرتِكاب الزنى. أحياناً يَفتقرُ الإنسان إلى المحبة عندما يَتكلّمُ مع القريب ويَنتهي به الأمر بعَمَل العنفِ لجارِه. لا تسمح أَبَداً أبداً للعيوبِ أن تزدَاد في الثقل وفي أعدادِها إن أردت تَجَنُّب السقوط! أنها تصبح خطرةَ ومسيطرة كالأفعى الجهنميةِ نفسها وسَتَجذبك لأسفل إلى الجحيم. " "ما تَقُولُه صحيحُ يا معلم … لَكنَّنا ضعفاء جداً!" "الأنتباه والصلاة ضروريان لتصبح قويا وتنال معونة مَع إرادة قوية بأَنْ لا تخطئ. ويَجِبُ أَنْ يكونَ لديك ثقةُ كاملةُ في عدالةِ محبّةِ الآبِّ." "هَلْ تَظن أنّه لن يكُونُ قاسيا مَع سمعان المسكين؟" "انه كَانَ يمكنُ أَنْ يَكُونَ قاسى مَع سمعان العجوز, لكن مع بطرسى، مَع الإنسان الجديدِ، الإنسان الذى لمسيحَه … لا يا بطرس، أنه لَنْ يكون قاسيا. أنه يَحبُّك وسَيحبُّك." "وماذا عنى؟" "وأنت أيضاً يا أندراوس وكذلك يوحنا ويعقوب وفيلبس ونثنائيل أيضاً, فأنكم مُختَاَرينى الأوائل." " هَلْ سَيَكُونُ هناك أخرين؟ هناك إبن عمكَ، وفى اليهودية … " "أه! سيكون هناك أخرين أكثر من ذلك بكثير, إن ملكوتي مفتوح لكُلّ البشرية, الحق الحق أقول لك أن صيدى فى ليل الدهور سَيَكُونُ أكثر وفرة مِنْ صيدكم كله، لتكن كل ليلة دهرا …ليلُة لن يكون الدليل فيها هو نور البشر أو نور الكواكب الصافيَ أَو نور القمرِ الذى يوافق الأبحارِ، بل إنما ستكون كلمةَ المسيح والنعمة التى سَيَمْنحها هو الدليل؛ إن هذا الليل سَيُصبحُ فجرَ نهار بلا غروبِ ونوراً سيعيش فيه كُلّ المؤمنون وسَيَكُون فجرَ شروق شمس سَتجْعلُ كُلّ المختارين متألقين, سعداء, ذوى جمال لدرجة تشبه الآلهة, آلهة وأولاد الإله الأبّ وعلى شبهى … أنه لَيسَ بإمكانكم أنْ تفْهمَوا الآن لَكن الحق الحق أقول لكم أنّ حياتَكَم المسيحيةَ سَتَجْعلُكم تشُبْهون سيدِكَم وأنكم سَتُشرقُون في السماء بعلامته. لذا، وعلى الرغم مِنْ حقدِ الشيطان الحسودِ وضعف إرادة الإنسان إلا انه سَيكُونُ لدى صيد أكثر وفرة مِنْ صيدكم" "لكن هَلْ سنكون نحن فقط تلاميذك؟ " "أأنت غيور يا بطرس؟ لا، لا تَكُنْ غيورا! سيأتى آخرون وسيكون في قلبِي حبّاً للجميع. لا تَكُنْ جشعاً يا بطرس فأنك لم تعرف بعد طبيعة الذى يحبُّك. هَلْ سَبَقَ أنْ أحصيت النجومَ؟ أَو الأحجار التى ترقد في عمقِ البحيرةِ؟ كلا، أنك لا تَستطيعُ وقدرتك على أن تحصى نبض المحبّةِ التي يستطيعها قلبِي أقل من ذلك, هَلْ سَبَقَ أَنْ كُنْتَ قادر على أن تحصى كَمْ مرّة قبّلت تلك البحيرةِ الشاطئَ بموجاتِها خلال دورات القمر الإثنى عشرَ؟ كلا، أنك لَنْ تَكُونَ قادر على ذلك. وهل سَتَكُونُ قادر على أن تحصى موجاتِ المحبّةِ التي يسكبها قلبِي ليقبل البشر أقل من ذلك. تأكّدُ مِنْ حبِّي يا بطرس." أْخذُ بطرس يدّ يسوع وقبّلُها وهو متأثر بعمق. نظر أندراوس ذلك لكنه لم يجرؤ أن يمسك يد يسوع لكن يسوع ربت على شَعرَه بيَدِّه قُائلا: "إنى أَحبُّك أنت أيضاَ كثيراً. في ساعةِ فجرِكِ، دون الحاجة لرَفْع عينِيكَ، سَتَرى يسوعك منعَكسَ على قبة السماءِ، وسَيَبتسمُ لك ليقَول لك: "إنى أَحبُّك. تعال "، ومرورك فى هذا الفَجرِ سَيَكُونُ أحلى مِنْ دُخُول غرفة العرس … " "سمعان! سمعان! أندراوس! أنى هنا … تعالا … " أسرعُ يوحنا نحوهم وهو يلَهْث. "أه! يا معلم! هَلْ أبقيتُك تنتظر؟" نْظرُ يوحنا إلى يسوع بأعين محب. أجابة بطرس: "لأقَول لك الحقِّ، فأنا كُنْتُ بْدأُت أظن أنّك لن تأتى, أعد قاربك بسرعة .... أين يعقوب؟" "حَسناً … لقد تأخرنا بسبب رجل أعمى, أنه ظن أن يسوع في بيتِنا وأتى عندنا, قُلنَا له: أنه لَيسَ هنا, قد يشفيك غداً, فقط إنتظر. لَكنَّه لَمْ يُردْ أن ينتظر. قالَ يعقوب له: "أنك أنتظرُت طويلا لترى النور، ماذا سيحدث إن أنتظرت ليلة أخرى؟ لكنه لم يصغى لصوت المنطق… " "يوحنا، إن كُنْتَ أعمى، هَلْ ستكون متلهف لرُؤية أمِّكَ؟ " "ايه! … بكل تأكيد!" "حَسناً إذن؟ أين هو الرجل الأعمى؟" "أنه آت مَع يعقوب, أنه ممسك بعباءتِه ولَنْ يَتْركَه يَذْهبُ. لَكنَّه آت بغاية البطئ لأن الشاطئَ مغطّي بالأحجارِ، وهو يُتعثّرُ فيها … هل ستغفر لى يا معلم لكونى كنت قاسيا؟" "نعم، أنى سَأَضِعُ الأمور في نصابها، أذْهبُ وساعدُ الرجلَ الأعمى وأحضرة لي." ركض يوحنا. هْزُّ بطرس رأسه لكنه لم يَقُلُ أيّ شئَ بل نْظرُ إلى السماءِ التي صارت زرقَاء بَعْد أنْ كَانَت صفراء عند الفجر ونْظرُ إلى البحيرةِ وإلى المراكبِ الأخرى الخارجة للصِيد وهو يَتنهّدُ. "سمعان؟" "نعم يا معلم" "لا تخف. سَيكونُ لديك صيد جيد، حتى لو تأخرت فى الخُرُوج." "هذه المرة أيضاً؟" "فى كُلَّ مَرَّةٍ ستعمل الخير سَيَمْنحُك الله نعمةَ الوفرةِ. " "ها الرجلُ الأعمى." يتقدم الرجلَ المسكين بين يعقوب ويوحنا وهو ممسك بعصا للمشي في يَدِّه، لكنه لا يَستعملُها في الوقت الحاضر. أنه يَمشّي بصورة أفضل مستندا على الرجلين. "هنا يا رجل، ها هو المعلم أمامك." سْجدُ الرجلُ الأعمى: "أرحمنى يا سيدى." "أتُريدُ أن تبصر؟ أنْهضُ. منذ متى وأنت أعمى؟" تجمّعُ التلاميذ الأربعة حول يسوع والأعمى. "منذ سبع سَنَواتِ يا سيدى. قبل ذلك كنت أبصر جيداً وكنت أعمل, أننى كُنْتُ حداد في قيصرية على البحرِ. كُنْتُ أَعْملُ بشكل جيّدٍ. فى الميناء كان التجار كانوا يحتاجوني دائماً لعمل أو لآخر. لكن بينما كنت أطرق قطعة الحديدِ لصنع مرساةَ، ويُمْكِنُك أَنْ تَتخيّلَ كَيفَ كانت ساخنة لتكون مرنة, إرتدّتَ شظيةُ منها ووأحرقَت عينَي. عيناي كَانتْ تؤلمنى من قبل بسبب حرارةِ كورِ الحداد. فَقدتُ العينَ المجروحةَ وأصبحَت الآخرَى أيضا عمياء بعد ثلاثة شهورِ. لقد انفقت كُلّ مدّخراتي والآن أَعيش على الصدقةِ … " "هَلْ أنت وحيد؟" "أَنى مُتَزَوّجُ ولى ثلاثة أطفالِ صِغارِ …؛ أنى لم أرَى وجهَ أصغرهم … ولى أمُّ كبيرة السنُ. ورغم إِنَّهَا هى وزوجتي يكْسبُان قليل من الخبز، وبالذي الذى يَكْسبونَه والاحسان الذى أَحْصلُ عليه نُديرُ أَنْ لا نموت جوّعَا. لكن إن برأت! … سأَعُودُ إلى العمل. إن كُلّ ما أَطلبه هو أن أصْبَحُ قادر على العمل كإسرائيلي صالح وهكذا أُطعم أولئك الذين أَحبُّهم." "وها أنت أتيت لي؟ مَنْ أخبرَك؟" "رجل ابرص أنت أبرأته أسفل جبلِ طابور، عندما كُنْتَ رْاجعُ إلى البحيرةِ بعد عظتك الجميلِة." "ماذا قال لك؟" "قال أنّك تستطيع فعلُ كُلّ شيءُ. قال أنّك خلاص الأجساد والنفوس. أنّك نور للأرواح وللأجساد، لأنك نور الله. أنه، بالرغم من أنه ابرص إلا أنه تَجاسرَ واختِلط بالجموع رغم أنه كان يمكن أن يرجم, لقد التف بعباءتِه إذ رَأك تَمْرُّ في الطّريق إلى الجبلِ وأنار وجهَكَ الرجاء في قلبِه. لقد قالَ لي: "إنى رَأيتُ شيئا في ذلك الوجهِ هَمسَ لي: هناك الخلاص, إذهبْ! فذَهبتُ." ثمّ كرّرَ على خطابَكَ وأخبرَني أنّك أبرأته بلمسه بيَدِّكَ بدون أيّ إشمئزاز. أنه عاد إلى الكاهنِ بعد تطهيره. إنى أعَرفه. لقد عَملتُ بعضَ الشغل لَهُ عندما كَانَ عِنْدَهُ مخزن في قيصرية. إنى جِئتُ أسْألُ عنك في كُلّ بلدة وقرية, الآن ها أنا وَجدتُك … أرحمنى!" "تعال. النور ما زالَ لامعُا جداً لشخص خارج من الظلمِة!" "هَلْ ستشفينى إذن؟" أْخذُه يسوع إلى بيتِ بطرس، في ضوءِ الحديقةِ الخافت وضِعُه أمامه، في وضع ان عينِيه التى ستشفيان لا تَبصرا فى البدء البحيرة التى مازالَت متألّقُة بالنور. بْدا الرجلُ كطفل سلس يَطِيعُ دون أن يسأل. "أبّتاه! نورك لأبنِك هذا!" مد يسوع يديه على رأس الرجلِ الراكعِ. ظل في ذلك الوضع للحظة. ثمّ بلّلُ اطراف أصابعِه باللعابِ ومس بيدّه اليمنى العينان المنفتحةَ قليلا لكن دون أن ترى. لحظة. ثمّ اهتز الرجلَ، فْركُ جفنيَه كما لو أنَّ انه يستيقظ مِنْ النوم وعينيه لازالت معُتّمة. "ماذا تَرى؟" "أوه! … أوه! … أوه! … يا إلهى الأبدي! أظن … أظن … أوه! أنّني أستطيع أَنْ أَرى … إنى أَرى عباءتَكَ … أنها حمرُاء ... أليس كذلك؟ ويَدّا بيضِاء … وحزام من الصوف … أوه! يا يسوع الصالح … أنى أستطيع أَنْ أَرى أفضل وأفضل، أكثر كلما اعتدت على الرُؤية … هناك عشب الأرضِ … وذلك بالتأكيد بئرُ … وهناك كرمة … " "إنهضْ يا صديقي." نهض الرجلَ الذي كان يَبْكي ويَضْحكُ، وبعد تردد لحظةِ بين الإحترامِ والرغبةِ، رْفعُ وجهَه والتقى بعينَى يسوع: ابتسم يسوع ابتسامة مليئة بالحبِّ الرحيمِ. أنه جميلَ أن تسْتِعْيد بصرِكَ وترى هذا الوجهِ كأول شيء تراه! هتف الرجل ومد ذراعيهَ. أنه عملُ غريزى لَكنَّه سيطرُ على نفسه. لكن يسوع فْتحُ ذراعيهَ وجذب الرجل الذى كان أقصر منه بكثير نحوه وقال له"إذهبْ إلى بيتك الآن، وكُنُ سعيداً وباراً, إذهبْ مع سلامِي. " "سيدى، سيدى! ربى! يسوع! ايها القدوس! ايها المبارك! أيها النور … إنى أَرى … إنى أَرى كُلّ شيءَ … هناك البحيرة الزرقاء، السماء الصافية، الشمس المشرقة، وبعد ذلك أفول قمرِ الصَبْاح … لَكنَّ في عينِيكِ أَرى أجمل وأصفى زرقة، وفيك أَرى جمالَ الشمسِ الحقيقي، وأنقى نور مبارك للقمرِ, أنك نجمَ الذين يَتألمون ونور العميان والرحمة الحيّة الفعالة!" "أَنا هو نور النفوس, فكُنُ إبن النور." "نعم، دائماً يا يسوع, فى كُلَّ مَرَّةٍ سأَغْلقُ عينَاي المولودة من جديد، سَأُجدّدُ عهدى. لتكن مباركا أنت والعلى." "مباركاَ يَكُونَ الأبَّ العلى! إمضى!" وسافر الرجل, سعيدا, واثق من نفسه، بينما دْخلُ يسوع والتلاميذ المذهولين المَرْكبان وبْدأُو ملاحتهم. وانتهت الرؤية. |
||||
25 - 07 - 2014, 03:58 PM | رقم المشاركة : ( 4604 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
العبادة العائلية يجب أن تتمّ العبادةالعائلية في الإطار الغني والشامل. من السهل أن تتغيّر الوسائل والأهداف. إنّ ممارسة العبادةالعائلية وسيلة وليست غاية. إنها وسيلة للوصول في النهاية لمعرفة الله. إنّ اسم العملية ليس "العبادة العائلية اليومية"، وإنما "معرفة الله". الغاية هي معرفة الله، والوسيلة التي نصل بها لهذا الهدف هي العبادة العائلية. تحتاج للعبادة العائلية التي تربط بين أطفالك وحياتهم. يجب أن تكون مبدعاً ومرناً في التأكد من أنّ العبادةالعائلية في أسرتك تخدم مهامّ الرعاية والتنشئة. إنّ قراءة سفر الأمثال يومياً له فائدة عظيمة للفتيان والفتيات. كان من عادتنا اليومية أن نقرأ مع أولادنا ثلث أصحاح من سفر الأمثال قبل اليوم المدرسي كل يوم. وكان هذا مصدراً غنياً للحكمة ولتشجيع أطفالنا. لقد رأيناهم يتعلّمون ويحفظون في قلوبهم المبادئ الواردة في هذا المقطع الخاصّ بالحياة. يجعل هذا السفر الطفل في مواجهة مع كل نواحي الروحانية الحقيقية. عندما كان أطفالنا صغاراً، كنا نقرأ مقاطع من العهد القديم ونمثّلها. فكنتُ أمثّل دور جليات (بمساعدة كرسي)، واختبأنا في كهوف (تحت المائدة) مع داود وهو يهرب من شاول. إنّ قراءة بعض من المزامير الخاصة بالاضطهاد في هذه الحالات تجعلها تصير حية في أولادنا. يوماً ما، جمعنا حاجاتنا وبدأنا، فتحدّثنا عن إبراهيم الذي ترك "أور" دون أن يعرف أين يذهب، لا يعرف سوى أنّ الله يذهب معه. حاولنا أن نتخيّل مسيرنا بعيداً عن منزلنا ونحن نعرف أننا لن نعود إليه ثانية. حاولنا أن نتخيّل أننا لا نعرف إلى أين نذهب. لماذا كلّ هذا؟ السبب البسيط، لكي ما نجعل الحقائق الكتابية حيّة لأطفالنا. تذكّر دائماً أنّ هدف العبادةالعائلية هو معرفة. عندما تفقد رؤية هذا الهدف، تصبح العبادةالعائلية طقساً فارغاً. تحتاج فقط لقراءة (إشعياء 1) لترى كيف يشعر الله تجاه الطقوس الفارغة. |
||||
25 - 07 - 2014, 04:15 PM | رقم المشاركة : ( 4605 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اين هو السلام الحقيقي؟
السلام لكم ما أكثر ما نردَد العبارة في حياتنا اليومية! ولكن، ما هو هذا السلام الذي نحي به ونتمناه؟ اتفاق بين الاصدقاء ووفاق بين الامم! تضامن بين الاهل وأمان في البيت! ثقة متبادلة بين الجميع وشعور داخلي بالطمأنينة! هل عندك هذا السلام!؟ لماذا هذا الفرق الشاسع بين ما يرجوه الانسان من سلام وبين ما يجده من منازعات وحروب؟ هل تشعر بوجود نقص في العالم وفي حياتك؟ هذا النقص ليس في المبادئ الأدبية والتعاليم السماوية، ولكنه نقص في تطبيق هذه المبادئ والتعاليم. النقص ناتج عن فشلنا، نحن البشر، في العيش وفقا للمقاييس الالهية. يبيّن لنا الكتاب المقدّس أنّ الله خلق الانسان لتكون بينهما علاقة حميمة وسليمة، ولكنّ الانسان تمرّد على خالقه ففقد سلامه معه تعالى. والكتاب عينه يُبيّن لنا أنّ سبب الحروب والمنازعات هو طبيعة الانسان الأنانية الشرّيرة. ?من أين النزاع والخصام بينكم؟ أليس من لذّاتكم تلك المتصارعة في أعضائكم؟ فأنتم ترغبون في امتلاك ما لا يخصّكم، لكن ذلك لا يتحقّق لكم، فتقتلون، وتحسدون، ولا تتمكّنون من بلوغ غايتكم. وهكذا، تتخاصمون وتتصارعون! إنكم لا تمتلكون ما تريدونه، لأنكم لا تطلبونه من الله. وإذا طلبتم منه شيئاً، فإنكم لا تحصلون عليه: لأنكم تطلبون بدافع شرير، إذ تنوون أن تستهلكوا ما تنالونه لإشباع شهواتكم فقط.(يعقوب 4: 1-3). فما هو الحلّ لمشكلة الانسان طالما أنّه بطبيعته أنانيّ وشرّير؟ لا شك بأنّ الحلّ الحقيقي لا يمكن أن يأتي إلا من الله الكلّي القدرة والرحمة. وبما أنّ المعضلة هي طبيعة الانسان الميّالة إلى الشرّ، وجب أن تتغيّر هذه الطبيعة أو تتبدّل! فما هو الحلّ الالهي لمشكلة الانسان؟ يعلن الانجيل المقدّس أن على الانسان أن يولد ولاده ثانية روحية ليحصل على طبيعة روحية جديدة هي طبيعة الله. يا له من حلّ عجيب! سلام بين الانسان وخالقه وسلام بين الانسان وأخيه. ولكن كيف يمكن أن يولد الانسان ولادة روحيّة جديدة؟ الجواب هو أن الانسان لا يولد هذه الولادة الروحية بمجهوداته هو بل نتيجة لمجهود كامل تمّمه المسيح البار. لقد بذل المسيح القدوس جسده الطاهر فدية عن خطايا البشر أجمعين. رضي يسوع المسيح أن يموت مصلوبا ليفي حق العدالة الاليهة عن الانسان المذنب فيضمن غفران الله للانسان التائب ويعيد السلام الذي فقده الانسان. وبعدما تمّم المسيح الفادي هذه المهمّه، قام في اليوم الثالث منتصرا على الموت وارتفع الى يمين الله في الاعالي السماوية. الان, صار ممكنا للانسان، إذا آمن بيسوع المسيح واتّكل على فدائه، أن يولد ولادة ثانية: أما الذين قبلوه، أي الذين آمنوا باسمه، فقد منحم الحقّ في أن يصيروا أولاد الله، وهم الذين ولدوا ليس من دم، ولا من رغبة جسد، ولا من رغبة بشر بل من الله. (يوحنا 13,12:1) هذا هو الحلّ الالهي العجيب الذي لا يتطلّب من الانسان سوى الايمان بشخص المسيح الفادي والاتّكال على موت المسيح البديلي للحصول على السلام الذي يُقدّمه ويُديمه الله تعالى. قال يسوع المسيح: سلاما أترك لكم. سلامي أعطيكم. ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا. فلا تضطرب قلوبكم, ولا ترتعب.(يوحنا 14: 27) |
||||
25 - 07 - 2014, 04:16 PM | رقم المشاركة : ( 4606 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مواجهة الأمراض (القديس ثيوفان الحبيس) كلُّ الأشياء تُعطَى من الله. وهي تُعطى من أجل خلاصنا. بهذا الفِكر فلتقبلي أنتِ أيضاً مَرَضَكِ، شاكرةً الله الذي يهتمُّ بخلاصِكِ. وأما موضوع كيف يَصُبُّ كلُّ ما يسمح الله بحدوثه في مجال خلاصنا, فهذا أمرٌ هو وحده يعرفه. نحن عادةً لا نقدر أن نفهمه. إنه يرسل لنا مصيبةً في بعض الأحيان لكي يؤدّبنا، وحيناً لكي يوقظنا روحيَّاً، وحيناً آخر لينجِّينا من شرٍّ أعظم، وفي بعض الأحيان ليزيد لنا أَجْرَنا السَّماوي، وحيناً آخر لينجِّينا من أحدِ الأهواء ...الخ. أمَّا أنتِ فلتفتكري بخطاياكِ وقولي: "المجدُ لَكَ يا ربُّ يا من تُعاقبني بعدلٍ". فكِّري بأنَّكِ كُنتِ أنتِ في البداية قد نسيتِ اللهَ واهتفي: "المجدُ لَكَ يا ربُّ يا مَنْ منحتني حُجَّةً ومعرفةً لكي أَذْكُرَكَ على الدَّوام". افتكري بأنَّكِ لو كُنتِ معافاةً جسديَّاً لكان من المُحتمل جدَّاً ألا تزاولي الخيرَ ولهذا قولي: "المجدُ لَكَ يا ربُّ يا من أَعَقْتَني عن ارتكابِ الخطيئة". إِنْ واجهتِ مرضَكِ بهذه الطَّريقة وهذه الأفكار فسيصبح حِملُك خفيفاً جداً. من جهةٍ ثانية، رُغمَ أنَّ اللهَ يسمح بالمرض، إلاّ أنّ الاهتمام بالشِّفاء ليس خطيئة, لأنَّ الطبَّ وسائر الأدويةِ هي نِعَمٌ من الله مَنَحها لجنسِ البشر. فإذ نلجأ إلى الأطباء فنحن نلجأ في الوقت ذاته إلى الله. وضمن المرض فلنتعلَّم التواضع، الصَّبر، الشَّهامة والشعور بفضلِ الله علينا ولنكتسب هذه الأمور. عَدَمُ الصَّبرِ وحزنُ النَّفسِ هما أمران بشريَّان, ولكن حالما يظهران, علينا أن نطردهما من داخلنا. كلُّ الحالات الصَّعبةِ لديها ثِقْلٌ ما، علينا أنْ نحمله ونصبر عليه, من دون ثِقْلٍ لا نستطيع الحديث عن الصَّبر. دوماً رغبةُ النَّجاةِ من الثِّقْلِ ليست خاطئة, إنَّها حاجةٌ طبيعيَّةٌ من حاجات النَّفس. ولكننا نُخطِئُ حينَ ،انطلاقاً من هذه الحاجة الطبيعيَّة، ننقادُ إلى التَّذمُّر والاستعجال. إنْ شعرتِ داخلَكِ بشيءٍ من هذا القَبيل, قومي بإقصائِهِ على الفور رافعةً الشكرَ لله. إنْ مرضتِ بسبب غلطكِ أنتِ، توبي أمامَ اللهِ واطلبي غفرانَهُ، لأنَّكِ لم تُحافظي على عطيَّةِ الصحَّة، هذه العطيَّة التي منحَكِ ذاكَ إيَّاها. وإنْ سَمَحَ الربُّ بمرضِكِ ،إذ لا شيءَ يحصلُ مصادَفةً، فاشكريه من كلِّ قلبِكِ. فالمرضُ، كما ترين، هو عطيَّةٌ إلهيَّة، لأنَّه يجعلُ النَّفس تتواضعُ وتَرُقُّ, وينجِّي من اهتماماتٍ كثيرة. |
||||
25 - 07 - 2014, 04:18 PM | رقم المشاركة : ( 4607 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حتى لا نطلب معرفة ما لا ينفع
لنكون معروفين عنده في حياتنا في المسيح ثمّة ما هو معطى لنا وما هو مُمسَكٌ عنا، ما هو مكشوف لأبصارنا وما هو موارًى. وما كشفه الله وما حجبه إنّما هو لخيرنا سواء بسواء. فمن المعرفة ما نفع ومنها ما أخلَّ بالإنسان ومنها ما قتله. والقياس "أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يو 17: 3). لا قيمة لشيء، في ذاته، في هذا الدهر. القيمة في ارتباطه بما هناك. "الكل به وله" (1 كو 1: 16). على هذا، مثلاً، لا يكشف لنا الربّ الإله، في العادة، ساعة موتنا. فقط بعضنا، بحكمة منه، ليكون له استعداد أوفى لساعة المفارقة وليس قبل النجاز بكثير. وكذا بعض مَن بلغوا قامة روحيّة مرموقة لتكون لهم تلك الساعة نذيراً نصب أعينهم كل حياتهم. في ما عدا ذلك تبقى الساعة مطويّة لا ندري من أمرها شيئاً. ولا قياس. ثمّة مَن يكونون من الموت على قاب قوسين وأدنى، عَطَباً، فلا ينحدرون إلى الجبّ ويعمِّرون. وثمّة مَن نأوا عن الشدائد ففاجأتهم وأصابت منهم المقتل ووارتهم الثرى. لذا تلك الساعة واردة، في الإمكان، بعد لحظة، وواردة، في آن، بعد سنين أنّى تكن تدابير الناس لدرئها. هذا، في حكمة الله، ليبقى الإنسان في أزمة وجود، في قلق كياني، في توتّر، في بحث، في انشداد إلى مَن في يده، وحده، سلامنا. "سلامي أُعطيكم لا كما يعطيكم العالم". وهذا أيضاً حتى لا يتثقَّل أحد بهموم هذه الحياة إذ "ليست لنا ههنا مدينة باقية بل نطلب الآتية". فقط إيّاه يُرجى أن تَلتمسَ النفسُ، مَن بيده نسمتنا. "أقوم وأطوف في الأسواق وفي الشوارع أطلب مَن تحبّه نفسي" (نش 3: 2). الربّ أخفى خبر ساعة الموت عن الأكثرين، إذاً، حتى يتوبوا، حتى يكون لهم إلى ربّهم معاد. والتوبة سعي دؤوب متواتر إليه، حين يكون كل الإنسان مشدوداً، أبداً، إلى فوق. "وجهك يا ربّ أنا ألتمس". ثمّة قوم لو دروا بساعة موتهم سلفاً لاستبدّ بهم اليأس لأنّهم أوهى من أن يواجهوا حقائق الوجود. يَنشأون كالطحالب. ولو درى آخرون لجنحوا إلى الكسل والتواني ممنّين النفس بتوبة صدوق متى حضرتهم الساعة، وما يقدرون لأنّ النفس إن ألفت الغربة عن الله اليوم مالت عن التوبة إليه غداً. الحسّ فيها يموت. إن تُسْلِمِ النفسُ ذاتَها للخطيئة تكراراً تَهِنْ وتصغر وتؤثر الموت على تعب التوبة. الخطيئة قادرة أن تقتل في الخاطئ التوتّر إلى الحياة الأبدية. كذلك لا أحد على دراية حقّانية بقامته الروحيّة. لا يعرف مبلغ ما أدركه من النضج الروحي. يُخفي الله عن عيوننا مقدار ما نمونا في مراقي الحياة الروحيّة حتى لا يتعرّض أحد للاستكبار. ما حصّله امرئ في دهر من الجهاد يضيعه في لحظة من الاستكبار. حتى الأخير، حتى ساعة الموت، يبقى الإنسان في خطر السقوط. ومن الناس مَن إذا دروا بحالهم يئسوا. لذلك قصير القامة يعرف الله مؤدِّباً، لكنّه يعرفه بالأكثر رحيماً. والله سمّاح بذلك رأفة به حتى تقوى نفسه على التوبة. أما مديد القامة فيألف ربّه رحيماً، لكنّه عنده، بالأكثر، صارم صارم حتى تبقى نفسُه ساهرة يقظة ولا تركن إلى كلّ شبه خطيئة. قصير القامة يتعلّم أن يكبر صُعُداً ومديد القامة نُزُلاً. الأول متى سلك في الوصيّة كبُر في عين نفسه من جهة الله والأخير متى حفظ الأمانة صَغُرت نفسه في عينيه واعتبر ذاته حقيراً صغيراً. عظمت خطاياه في حسّه وحسب ذاته غير أهل للخلاص من جهة نفسه إلاّ بنعمة مجّانية من فوق ولا فضل له ولا أجر لأنّه يعرف، بالخبرة، أنّه لا صالح إلاّ الله. يوم يصل البار إلى هناك تتحقّق فيها القولة الإلهية: "بالنعمة أنتم مخلَّصون بالإيمان وذلك ليس منكم. هو عطيّة الله" (أف 2: 8). والربّ الإله، أيضاً وأيضاً، لا يكشف لنا ما لا نفع لنا منه. لا يكشف لنا ما ستكون عليه حالنا بعد الموت. هذا إلاّ قلّة يعرفها الله ويناسبها أن تعرف إمّا لأنّ الربّ الإله يشاء أن يطلقها في مراقي التوبة والجهاد الكبير فيؤتيها رؤى تأسرها فتخرجها من ترّهات هذا الدهر وتلكّؤ النفس. "كفاكم قعود في هذا الجبل. تحوّلوا وارتحلوا... ادخلوا وتملّكوا الأرض..." (تث 1: 6 ? 7، 8). إمّا لهذا السبب يكشف الربّ للأعزّة حالهم بعد الموت وإمّا ليزيدهم غيرة على غيرة وتوقّداً على توقّد وتعزية بعد ضنك فيتشدّدوا ويتوثّبوا ويناطحوا كل تجربة إلى حدود البَشَرة وأبعد بنعمة الله. أمّا للسواد الأعظم فلا يناسب أن يتكهّنوا في شأن ما بعد الموت لأنّ الله لم يكشفه لهم إلاّ نُتَفاً وعَرَضاً. لذلك ليست لنا في الأرثوذكسية عقيدة بشأن ما بعد الموت. فقط بعض رؤى وخبرات واجتهادات. لا يقين لنا، في التفاصيل، من هذه الجهة. فقط لنا يقين من جهة الوصيّة. هذه تبسّط فيها السيّد ورسله لأنّ فيها نفعاً لنا. لذلك الإمعان في التكهّن في أمور لم يُبِنْها الله ضرب من الفضولية يؤذي ولا ينفع، يُغرق في الوهم ويُبعد عن الواقعية. يكفينا أن نعرف أننا إن سلكنا في إثْر المعلّم هنا سنكون معه هناك لأنّه قال: "أنا أمضي لأعدّ لكم مكاناً. وإن مضيت وأعددت لكم مكاناً آتي أيضاً وآخذكم إليّ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً" (يو 14: 2 ? 3). السؤال الذي نطرحه ينبغي، أولاً، أن يكون مناسباً لنتلقّى في شأنه جواباً مناسباً. الله لا يجيب عن كل سؤال وكأنّه آلة إجابات. لما سأل واحدٌ الربّ يسوع، من باب الفضولية، "أقليل هم الذين يخلصون" (لو 13: 23) لم يُجبه عن سؤاله بل عن سؤال آخر كان ينبغي عليه أن يطرحه. "اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيِّق" (لو 13: 24). والقول أيضاً صحيح من جهة معرفة علوم هذا الدهر. يكفينا أن نعرف منها قدْراً ينفعنا لنخلُص إلى "أن السموات تُحدّث بمجد الله والفلك يخبّر بأعمال يديه" ويحملُنا على الدهش أنْ "ما أعظم أعمالك يا ربّ كلّها بحكمة صنعت". فيما عدا ذلك الشغف بعلوم هذا الدهر أدنى إلى الوباء ويحمل بذار التمرّد على الله. فيه الكثير من الغرور. وهو أدنى إلى الملهاة لأنّه يبدّد قوى الإنسان على ما لا ينفع ويحشو نفسَه بما لا طائل تحته فتهنُ النفس ولا تعود مطرحاً مناسباً لسكنى الله. تُصاب بسُكْر الأباطيل. العلوم الدنيا، في الوجدان، مرشّحة أبداً لأن تستحيل أصناماً نقدّم على مذابحها دماءنا. ثمّة استقامة في النفس من جهة حاجتنا إلى علوم هذا الدهر إذا ما اعوجّت أو اختلّت سقطنا في الشطط والتخمة. والتخمة في الفكر، إن اشتملتنا، أعتمتنا نفساً وجسداً وألقتنا في الظلمة البرّانية بأيدينا. يبقى أنّ المعرفة التي ننشد هي أن نعرف أنّنا لا نعرف كما نحن بحاجة لأن نعرف، أن نعرف أنّنا لن نعرف إلاّ إذا أحببنا. إذ ذاك نعرف أنّ "العلم ينفخ والمحبّة تبني. فإن كان أحد يظنّ أنّه يعرف شيئاً فإنه لم يعرف شيئاً بعد كما يجب أن يعرف. ولكن إن كان أحد يحبّ الله فهذا معروف عنده" (1 كو 8: 1 ? 3). هذا هو الأهمّ لا بل الحاجة الوحيدة التي ينبغي أن نكون إليها: أن نكون معروفين عنده! |
||||
25 - 07 - 2014, 04:19 PM | رقم المشاركة : ( 4608 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الثقة بالذات.. تصحِّح الصور الخاطئة عن الله المعالجة الفرديَّة إنَّ أوَّل المتطلِّبات هو الإقرار بالصفات الحسنة التي نتحلَّى بها حتَّى نضطلع بأعبائها ونؤكِّدها، إذ كثيرون هم الأشخاص الذين ينتقصون من قيمة نفسهم، بل إنَّهم عندما يُشجَّعون، مثلاً، على التعبير عن الإيجابيَّات التي تحثُّهم على الحياة، يُجاوبون أنَّ للآخرين وليس لهم التحدُّث عن ذلك، ويردُّون أنَّ مثل هذا البحث يحمل على الكبرياء، وأنَّه لمن السخرية الكلام على ذلك، وأنَّه لا يمكن أبداً التزام الموضوعيَّة في الحديث عن الذات، أو أنَّهم، بكلِّ بساطة، لا يتحلَّون بأيَّة صفات. لذلك، من المهمِّ في التربية مُساعدة الشبَّان على وعي ما نجحوا فيه في الماضي، وعلى البحث عن الصفات التي يُقرُّ لهم بها الآخرون، حتَّى ولو لم يكن باستطاعتهم بعد، من جهتهم، القبول بها حقاً. وبقدر ما يُستعاد في الصلاة الإقرار بالصفات التي ميَّزنا بها الله حتَّى نرفع إليه آيات الشكران عنها، بقدر ذلك يمكن أن تتبدَّل علاقتنا بالله. في الواقع إنَّ المعرفة الحقَّة للإيجابيَّات فينا تُفسح في المجال أمام مفهوم آخر للتواضع. في الماضي، كان من المحتمل أن أرفض حسناتي أو أن أنكر نجاحي، لإبراز عدم أهليَّتي، ولكن، من الآن فصاعداً، لم يعُد التواضع نكراناً أو كبتاً، بل ثقة بالنفس، بفضل تقبُّلنا الهادئ للواقع. إنَّ جذر الفعل العربي "وَضَعَ" مُعبِّر وإيحائي للغاية، فالتواضع هو الجرأة على "الوضع"، هو الاعتراف بما هو راسخٌ فيِّ، كالمرأة التي تضع ولداً وتعترف بالمولود الجديد ابناً لها. على الصعيد الروحي، لم يعد التواضع إقراراً بعدم أهليَّتي أو بفقري، إذ ربَّما كنتُ موهوباً جداً، بل هو اكتشافي، في ضوء الروح، أنَّ كلَّ قيمة فيَّ من خيرٍ وصلاحٍ هي هبةٌ من لدنه تعالى، وأنِّي أنا وُهِبتُ لنفسي. لقد استطعتُ حقاً، خلال سنوات، وبفضل جهود مثابرة، أن أستثمر مواهبي كأنِّي أنا منبعها، ولكن من الآن فصاعداً، أقرُّ أنَّه "قبل" أيِّ عمل أقوم به ترتسم أمامي مجانيَّة "حبٍّ للإنسان" لم يكن ولن يكون لي أي تأثير عليه. فمن تحقير للذات أصبح التواضع من ثمَّ اعترافاً بقدراتي ومبعثاً لسروري. إنَّ الله يعتلن ينبوعاً مُخصباً: فمنذ أن اعترفتُ بقدرتي الفاعلة ورضيت بها، بتُّ أرفض أن أنتظر من لدنه تدخُّلات آنيَّة ودقيقة كنتُ أتوسَّلها في الماضي، لأنِّي صرتُ أرى فيها الآن تدخُّلاً في حريَّتي. وبدلاً من أن أعارض العناية الربَّانيَّة، صرتُ أتيح لها على العكس أن تُظهر فيَّ "طاقاتها". فيصبح الله تعالى لي ذاك الذي يمحضني كامل ثقته إلى حدِّ أنَّه يؤهِّلني ويُشرِّفني بأن أكون مُعاونه في كلِّ لحظة من حياتي. وهناك أيضاً النقائص. فالمسيحي غالباً ما يدركها بسهولة أكثر من إدراكه لمواهبه، ولكن قلَّما يتقبَّلها بهدوء وسلام. وهذا الرفض، لدى اكتشافه، يجب أن يخضع للمعالجة التي تقوم على اكتشاف ما هو إيجابي في السلبي، بفضل "إعادة خلقٍ" للماضي. لا داعي بالتأكيد، أن نعيد بناء الماضي، بل أن نلقي عليه نظرة غير النظرات السابقة. وهذا أمر يتطلَّب جهداً طويلاً، وسنوات عديدة قبل التوصُّل إلى احتضان هذا السلبي الذي يعوق المسيرة قدُماً. وبسبب رغبة في الكمال تشغل بالنا باستمرار، نحاول بكلِّ قوانا رفض كلَّ انتقاص لتصوُّرنا الأسمى للذات، وبالتالي نسعى لاسترداد براءتنا. ولدعم هذا الوهم، نتخيَّل إلهاً قادراً على حذف هذا الجزء من ذاتنا الذي لم تعد لنا القدرة على احتماله، فالله وحده هو "القادر" على تبريرنا، كما يؤكِّد ذلك بعض المقاطع في الكتاب المقدَّس (أشعيا 1/18). ولكن بقدر ما نتوصَّل إلى مصالحة، لن تكتمل أبداً، مع الذات، بقدر ذلك تتنقَّى صورة الله: هو أيضاً لا يستطيع أن ينتزع شيئاً من الماضي، مثلما لم يستطع والد الابن الضال أن يمحو من حياة ابنه مرحلة الانقطاع. وبالضبط يظهر الحنان الإلهي حينئذ على صعيد آخر: فهو ليس حباً وعطاءً فحسب، بل منتهى العطاء أي غفراناً، ومنتهى الحب. ومن ثمَّ يصبح الجرح الذي كان يؤلمني ولا أستطيع قبوله، يصبح بطريقة عجيبة "المكان" الذي فيه أختبر حنانه: «إنِّي لم آتِ لأدعو الصدِّيقين بل الخطأة» (متَّى 9/13). معالجة الجماعة إنَّ إذكاء روح الثقة يفترض أيضاً مُعالجة تطال الجماعة في حدِّ ذاتها. وأوَّل مظهر من مظاهر هذه المعالجة يقوم، هنا أيضاً، على إعادة النظر في أسلوب التربية: وهو التوصُّل إلى الخروج، جزئياً على الأقل، من أسلوب التقدير "بالعلامات" حيث الهدف الأسمى هو بلوغ المرتبة الأولى. فأسلوب التنافس المناهض لتثقيف الشخص يمكن أن يصدم بعض الشبَّان، فيعيشوا مرحلة الدراسة كأنَّها عمل سُخرة. ويليق بالمربِّين ألاَّ يركِّزوا حصراً على المواهب الفكريَّة إلى حدِّ أن يطرحوا جانباً كلَّ ما يعود إلى الفن (موسيقى، رقص، رسم) خارجاً عن الإطار المدرسي. ويجب اعتماد أسلوب التشجيع في التربية، وهو القائم على إبراز كلِّ ما هو إيجابي. بهذه الشروط، وبها فقط، يتمكَّن كلُّ شاب، وليس فقط الموهوبون على الصعيد الفكري، من امتلاك ثقة حقيقيَّة بنفسه والتخلُّص من هاجس "القيل والقال". لا شكَّ أنَّ تربية متجدِّدة ليست مؤهَّلة بحدِّ ذاتها لأن تُصحِّح بعض صوَر الله، ولكنَّها تستطيع البدء بتصحيحها في حال جرت توعية في حصَّة التعليم الديني، تُشير إلى أنَّ الله يتطلَّع إلينا شخصياً، دون أن يُقارننا بالآخرين، كما يُلمح إلى ذلك بوضوح مثل الوزنات (متَّى 25/14-30). فهو لا يُطالبنا بأقصى الإنتاج، كما يفعل الأهلون في غالب الأحيان، ولكن "فقط" -ويا لروعة الطلب!- أن نُضاعف وزناتنا الخاصَّة. كما إنَّا نكتشف أيضاً أنَّ نظر الآب تستوقفه أولاً الثمار الطيِّبة التي نُنتج. والعيش في سلام وثقة يستلزم أيضاً منح اللذَّة مكانتها. إنَّ مجتمعنا، والحق يُقال، يميل إلى التمتُّع واللذَّة، ولكن كثيراً ما ينظر إليها نظرة سلبيَّة، مع شعور خفيٍّ بالذنب. وما طريقة الخوض في موضوع الجنس سوى شاهد صريح على ذلك، فكثيراً ما يُشار إلى الجنس بالتلميح، وبالتلاعب على الألفاظ، وقلَّما يمكن إثارة تبادل صريح للآراء إنَّ الاعتراف الصريح باللذَّة قادرٌ على تبديل صورة عن الله تمثِّله تعالى مستاءً من لذَّة الإنسان، راغباً بالأحرى أن يراه يتألَّم حبَّاً به. فإذا ما تقبَّل الإنسان اللذَّة الملازمة للحياة البشريَّة كعطيَّة من لدن الآب، لا يعود تعالى يُعتبر مُعارضاً للذَّة بحد ذاتها، بل مُعادياً لذاك الذي لا يحترم الشريك ولا يسمح بالتالي أن تُعقد معه علاقة مشرقة. إنَّ الحذر المستمر من اللذَّة يؤثِّر في مفهوم الصوم الذي نحياه تقشفاً أكثر منه مشاركة ويمكن، إلى ذلك أن نكتشف دوافع مشبوهة تُرافقها بالتالي صورةٌ ما: إنِّي أريد "التفاوض" مع الله، مُستخدماً تقشُّفي عملةً للتبادل معه بغية الحصول على نعمة منه. هذا إذا لم تكن الصورة صورة "كائن" يفرض التضحيات الباهظة تعويضاً عن خطايانا! هناك تطرُّق آخر إلى التقشُّف، على صعيد الفكر أولاً ولكن خصوصاً على صعيد العمل، يمكنه أن يبدِّل مثل هذه الصورة. إنَّ الله لا يريد عذاب مخلوقاته، ولكنَّه يثور على كلِّ مُخالفة للمحبَّة تصل إلى حدِّ "نهش" القريب "وافتراسه" (غلا 5/15 ومن جهة أخرى، فإنَّ الذي يرتضي تقبُّل المجانيَّة الإلهيَّة، لا يستطيع أن يتخيَّل التقشُّف وسيلة "للتعويض" عن الخطايا، ولكن سبيلاً لازماً يهدف إلى تحرير طاقات المحبَّة. فمن يعيش التقشُّف بعد الآن بقدرة الروح المحوِّلة، يكون قد اختار حياة ملتزمة إلى أقصى حدود الالتزام بمحبَّة الذات، ومحبَّة الرب، ومحبَّة الأخوة. غالباً ما يحيا المسيحي في بلادنا علاقته بالله بطريقة يلفُّها الالتباس. صحيح أنَّه يذكر الله باستمرار في كلامه، ولكن في واقع الحياة، كثيراً ما يُقصيه إلى نطاق الدين، ممَّا يخلق في الحياة المسيحيَّة نوعاً من انفصام الشخصيَّة، إذ يعتبر عدد من "المؤمنين الصالحين" أنَّ الله لا دخل له في مهنتهم أو أشغالهم، فينصرفون من ثمَّ، بكلِّ راحة ضمير، إلى ممارسات مشبوهة، إن لم نقل بكلِّ صراحة لا أخلاقيَّة فما هو العلاج الذي نقترحه؟ التثبُّت أولاً من أنَّ متطلِّبات الله تعالى تشمل الحياة بأكملها: فهي لا تنحصر في "الاحتفال" بالليترجيَّا، بل تتعدَّاه إلى الليترجيا المعيوشة. فهناك ارتباط حيوي والتزام بين محبَّة الله وخدمة القريب. ولا يمكن أن نتحقَّق في النهاية من قيمة محبتنا لله إلاَّ من خلال نوعيَّة علاقاتنا الأخويَّة (1كور 13/4-7)، حيث أخطار الأوهام لا تزول ولكن تتقلَّص كثيراً. إنَّ أقصى ما يتطلَّبه منا الآب، هو أن يرانا نحترم، في واقع الحياة، الأخ المعدم، أو المعوق في جسده أو الأخ المشوَّه في ذكائه، أو العدو. وإذا كنَّا نريد أن نتحاشى الأقوال الرنَّانة، فالعلاج يكون بإيقاظ الضمائر باستمرار وإرشاد الجماعة إلى متطلِّبات العدالة يجب ألاَّ يقود الشعور بالذنب إلى التشاؤم والاستسلام، بل أن يكون حافزاً لانطلاقة إلى الأمام. من المفارقة أنَّ من الممكن لبعض الإثم أن يولِّد بطريقة عجيبة صحوة للضمير إنَّ الاحتفال بجدارة بسرِّ المصالحة (أو سرِّ التوبة) يمكنه أن يشكِّل فرصة ممتازة في سبيل المعالجة، إذا عرفنا أن نُحلَّ الآب في مركز الصدارة فيكون قبلة تفكيرنا. وإذا عرفنا أن نعيش هذا السر كاحتفال بحنانه تعالى. فلا يعود من ثمَّ الإقرار بالخطايا عمل إذلال لابدَّ منه وشرطاً للحصول على الغفران، بل اعتراف واثق من ابن ضالٍّ «تحرَّكت أحشاء أبيه، وبادر إليه، وألقى بنفسه على عنقه وقبَّله طويلاً» (لوقا 15/20). |
||||
25 - 07 - 2014, 04:21 PM | رقم المشاركة : ( 4609 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
" نُمات كل النهار " - لنيافة الأنبا رافائيل
همسات روحية لنيافة الأنبا رافائيل "نُمات كل النهار" وكان يسبق الاستشهاد مجموعة من العذابات والآلامات التي لا نحتمل حتى سماع وصفها.. ونتعجب كيف احتمل آباؤنا هذه الضيقات؟ وكيف استهانوا بالموت إلى هذا الحد؟!!ارتبطت المسيحية منذ نشأتها بالاستشهاد.. فكانت المكافأة الوحيدة التي يُغرى بها الإنسان على اعتناق المسيحية هي أنه سيموت على اسم المسيح. والإجابة يُلخصها مُعلِّمنا بولس الرسول في ذكصولوجية جميلة قائلاً: "مَنْ سيَفصِلُنا عن مَحَبَّةِ المَسيحِ؟ أشِدَّةٌ أم ضَيقٌ أم اضطِهادٌ أم جوعٌ أم عُريٌ أم خَطَرٌ أم سيفٌ كما هو مَكتوبٌ: إنَّنا مِنْ أجلِكَ نُماتُ كُلَّ النَّهارِ. قد حُسِبنا مِثلَ غَنَمٍ للذَّبحِ. ولكننا في هذِهِ جميعِها يَعظُمُ انتِصارُنا بالذي أحَبَّنا. فإني مُتَيَقنٌ أنَّهُ لا موتَ ولا حياةَ، ولا مَلائكَةَ ولا رؤَساءَ ولا قوّاتِ، ولا أُمورَ حاضِرَةً ولا مُستَقبَلَةً، ولا عُلوَ ولا عُمقَ، ولا خَليقَةَ أُخرَى، تقدِرُ أنْ تفصِلَنا عن مَحَبَّةِ اللهِ التي في المَسيحِ يَسوعَ رَبنا" (رو8: 35-39). إن محبة المسيح التي (تحصرنا) هي التي تجعلنا نستهين بكل شيء من أجل حبه السامي.. + "خَسِرتُ كُلَّ الأشياءِ، وأنا أحسِبُها نُفايَةً لكَيْ أربَحَ المَسيحَ" (في3: 8). + و"نَحنُ نُحِبُّهُ لأنَّهُ هو أحَبَّنا أوَّلاً" (1يو4: 19). وعلامة محبته أنه مات من أجلنا.. + "ليس لأحَدٍ حُبٌّ أعظَمُ مِنْ هذا: أنْ يَضَعَ أحَدٌ نَفسَهُ لأجلِ أحِبّائهِ"(يو15: 13). + "لأنَّهُ هكذا أحَبَّ اللهُ العالَمَ حتَّى بَذَلَ ابنَهُ الوَحيدَ، لكَيْ لا يَهلِكَ كُلُّ مَنْ يؤمِنُ بهِ، بل تكونُ لهُ الحياةُ الأبديَّةُ" (يو3: 16). الصليب والمسيحية إننا لا نستطيع أن نتخيل المسيحية بدون الصليب، فالسيد المسيح نفسه جاء لأجل أن يُصلب.. "لأجلِ هذا أتيتُ إلَى هذِهِ السّاعَةِ" (يو12: 27).وقد سبق السيد المسيح وأنبأ تلاميذه بتفاصيل صلبه قبل الصليب عدة مرات، ليعلن لنا أنه جاء بإرادته ومسرة أبيه الصالح والروح القدس ليُصلب من أجلنا. فمثلاً: + في إشارة واضحة عن الصليب قال السيد المسيح: "وأنا إنِ ارتَفَعتُ عن الأرضِ أجذِبُ إلَيَّ الجميعَ. قالَ هذا مُشيرًا إلَى أيَّةِ ميتَةٍ كانَ مُزمِعًا أنْ يَموتَ" (يو12: 32-33). + وفي تصريح صريح قال: "ها نَحنُ صاعِدونَ إلَى أورُشَليمَ، وابنُ الإنسانِ يُسَلَّمُ إلَى رؤَساءِ الكهنةِ والكتبةِ، فيَحكُمونَ علَيهِ بالموتِ، ويُسَلمونَهُ إلَى الأُمَمِ لكَيْ يَهزأوا بهِ ويَجلِدوهُ ويَصلِبوهُ، وفي اليومِ الثّالِثِ يَقومُ" (مت20: 18-19). + وكذلك في حديثه مع نيقوديموس قال: "وكما رَفَعَ موسَى الحَيَّةَ في البَريَّةِ هكذا يَنبَغي أنْ يُرفَعَ ابنُ الإنسانِ، لكَيْ لا يَهلِكَ كُلُّ مَنْ يؤمِنُ بهِ بل تكونُ لهُ الحياةُ الأبديَّةُ" (يو3: 14-15). + وقال لليهود: "مَتَى رَفَعتُمُ ابنَ الإنسانِ، فحينَئذٍ تفهَمونَ أني أنا هو" (يو8: 28). واضح إذًا أن السيد المسيح جاء خصيصًا ليموت لأجلنا وعنَّا، وكان يهدف أيضًا أن يكون موته موت الصليب.. "وإذ وُجِدَ في الهَيئَةِ كإنسانٍ، وضَعَ نَفسَهُ وأطاعَ حتَّى الموتَ، موتَ الصَّليبِ" (في2: 8). معنى الصليب في المسيحية لم يكن الصليب بالنسبة للسيد المسيح هو مجرد وسيلة الإعدام التي اختارها الرومان لتنفيذ حكم اليهود فيه.. وإنما كان الصليب بالنسبة للسيد المسيح هو منهج ومعنى وفلسفة. فجميع آلات الإعدام الأخرى تكون ملتصقة بيد المعتدي، فالسيف والحجارة التي يرجمون بها، والمسدس والمدفع والصاروخ.. كلها أدوات اعتداء، أما الصليب فهو وسيلة الإعدام الوحيدة التي تلتصق بالمعتدى عليه. وكأن السيد المسيح يعلن لكل تابعيه والمؤمنين به أن علامتنا الصليب تعني أننا نقبل أن يُعتدى علينا ولكننا لا نقبل أن نعتدي على أحد.. فليس رمزنا السيف ولا المدفع ولا المسدس بل الصليب. وكأن المسيحي يقول: أنا مستعد أن أموت بيدك بدلاً منك لتعرف إيماني، ولكنني غير مستعد أن أفرض عليك إيماني بالقهر أو الرعب أو الإجبار أو الإعتداء.. إن الصليب هو علامة الاستعداد لقبول الآلام. وعلامة الاستعداد لتحمل المشقات والضيقات والموت من أجل الآخر ولو كان بيد الآخر. لذلك اعتبر السيد المسيح أن حمل الصليب هو علامة أساسية لتبعيته والتلمذة له: + "ومَنْ لا يأخُذُ صَليبَهُ ويتبَعُني فلا يَستَحِقُّني" (مت10: 38). + "مَنْ أرادَ أنْ يأتيَ ورائي فليُنكِرْ نَفسَهُ ويَحمِلْ صَليبَهُ ويتبَعني" (مر8: 34). + "اتبَعني حامِلاً الصَّليبَ" (مر10: 21). وقد آمنت الكنيسة منذ البداية بإلهها وعريسها المصلوب، وقبلت أن تحمل الصليب معه حتى ولو لم يفهم أعداء الإيمان حقيقة هذا الصليب "فإنَّ كلِمَةَ الصَّليبِ عِندَ الهالِكينَ جَهالَةٌ، وأمّا عِندَنا نَحنُ المُخَلَّصينَ فهي قوَّةُ اللهِ" (1كو1: 18).. وصار الصليب والاستشهاد علامة فخر المسيحي.. + "فحاشا لي أنْ أفتَخِرَ إلا بصَليبِ رَبنا يَسوعَ المَسيحِ، الذي بهِ قد صُلِبَ العالَمُ لي وأنا للعالَمِ" (غل6: 14). + "مع المَسيحِ صُلِبتُ، فأحيا لا أنا، بل المَسيحُ يَحيا فيَّ. فما أحياهُ الآنَ في الجَسَدِ، فإنَّما أحياهُ في الإيمانِ، إيمانِ ابنِ اللهِ، الذي أحَبَّني وأسلَمَ نَفسَهُ لأجلي" (غل2: 20) + "نَحنُ نَكرِزُ بالمَسيحِ مَصلوبًا: لليَهودِ عَثرَةً، ولليونانيينَ جَهالَةً!" (1كو1: 23). + "لأني لم أعزِمْ أنْ أعرِفَ شَيئًا بَينَكُمْ إلا يَسوعَ المَسيحَ وإيّاهُ مَصلوبًا" (1كو2: 2). + وقيل عن الآباء الرسل.. "وأمّا هُم فذَهَبوا فرِحينَ مِنْ أمامِ المَجمَعِ، لأنَّهُمْ حُسِبوا مُستأهِلينَ أنْ يُهانوا مِنْ أجلِ اسمِهِ " (أع5: 41). هذه هي فلسفة الاستشهاد عند الآباء، حيث أدركوا عظمة الموت مع المسيح، وعظمة وأكاليل احتمال الآلام من أجله، والأمجاد التي بعدها.. وكان الاستشهاد والصليب والألم سببًا كافيًا لانتشار الإيمان.. ذلك الإيمان العظيم الذي يموت الناس من أجله، وليس الإيمان الذي يدفع تابعيه لقتل الآخرين من أجله. إنه الإيمان والألم والاحتمال والصبر الذي يقتل العداوة، ويحول العدو إلى صديق، والجاحد إلى مؤمن، والمضطهد إلى كارز كمثل شاول الذي قتل استفانوس، ثم صار بولس العظيم. وكمثل أريانوس والي أنصنا الذي تفنن في تعذيب الشهداء، ثم آمن هو نفسه وصار شهيدًا عظيمًا. لقد افترست الذئاب هؤلاء الحملان، وشربوا دماءهم الطاهرة، فتحولت الذئاب إلى حملان.. وصارت دماء الشهداء بذار الكنيسة. |
||||
25 - 07 - 2014, 04:23 PM | رقم المشاركة : ( 4610 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
توما الرسول
وأصرّ توما على ألا يؤمن ما لم يرَ السيّد، بعد قيامته، ويضعْ يده في جنبه. أؤمن إذا رأيتُ ولمست. فجاءه السيّد وقال له ضع يدك وأبصر. كما تشاء يا توما! ولكنْ لا تكن غير مؤمن بل مؤمناً. فقط، إذ ذاك، أجاب توما وقال ليسوع: "ربّي وإلهي". تنازل السيّد. رغم ذلك أبان أنّ الطوبى هي "للذين آمنوا ولم يروا" (يو 20). ولكنْ، هل هناك أحد آمن ولم يرَ؟ هل هناك أحد آمن من تلقاء نفسه، كإنسان؟ كلا ولا واحد! التلاميذ، الذين كان يُفترَض بهم أن يكونوا المثال، كلّهم، بلا استثناء، كانوا دون الإيمان الشاهد قامةً. كلّهم كان إيمانهم أسير الضعف البشري أو الهوى. عايشوا المعلم سنوات. رغم ذلك لم تأتِ بهم العِشرة إلى الإيمان الحقّ. يهوذا باعه بثلاثين من الفضة. بطرس، بعدما قال إنّه مستعدٌ أن يبذل نفسه عنه، أنكره ثلاثاً. في المرة الأولى قال للجارية التي أبدت أنّه كان مع يسوع الناصري: "لست أدري ولا أفهم ما تقولين". وفي المرة الثانية أنكر أمامها أيضاً. وفي المرّة الثالثة "ابتدأ يلعن ويحلف إنّي لا أعرف هذا الرجل" (مر 14). تكلّم بطرس عن السيّد كغريب. "لا أعرف هذا الرجل". وكل التلاميذ، في البستان، فرّوا كالأرانب. "تركه الجميع وهربوا" (مر 14: 50). نخطئ إن كنا نتصوّر أنّ بإمكان الإنسان، أي إنسان، أن يؤمن بيسوع بقوّة ذاته. أعطبُ هو مَن أن يؤمن. قلبه معترىً بالخوف من الموت. وعقله منقسم على نفسه بالشك. لا القلب قادر على الإيمان ولا العقل يعين. الإيمان بيسوع هبة من فوق لكنّها لا تعطى لأي كان. تُعطى فقط لمَن يشتهونها ولو كانوا يخافون الموت لأنّ كل الناس يخافون. ليس في يد أحد ولا في طاقته أن يتخطى الخوف. ولكنّها لا تعطى لمَن فكر قلبهم شرّير، لمَن يستسلمون لأفكار غير نقيّة وهم قادرون على رفضها ومقاومتها. يهوذا كان غير مؤمن بيسوع لأنّه كان محبّاً للمال. هذا حتى لا نتكهّن في شأن الأفكار الآثمة الأخرى التي كانت مستبدّة بقلبه. في تحليل القدّيس يوحنّا السلّمي أنّ روح حبّ المال وحش له ألف رأس. "حبّ المال سجود للأوثان وثمر لعدم الإيمان... ابتداء حبّ المال تذرّع بالإحسان إلى الفقراء ونهايته مقت الفقراء. ما دام محبّ المال يجمع فهو رحوم ومتى حضرت الأموال أطبق عليها يده" (السلّم إلى الله. المقالة السادسة عشرة). وفي موضع آخر يقول إنّ محبّ المقتنيات، من أجل إبرة، يلاكم حتى الموت. حبّ المال أصل كل الشرور لأنّه هو الذي يولِّد البغضاء والسرقات والحسد والفرقة والعداوات والاضطرابات والحقد وقساوة القلب والقتل (المقالة السابعة عشرة). إذاً يهوذا كان مشحوناً قلبه بالأفكار السامة. هذا لم يكن حال بقية تلاميذ الربّ يسوع. كانوا سليمي النيّة، أنقياء من جهة ما هو في طاقتهم. صحيح أنّهم تنكّروا للسيّد ولكنْ عن خوف. لذلك بطرس لمّا وعى ما فعل بكى بكاء مرّاً. عرف ضعفه. خبِر عجزه. لكنّه لم ييأس. لماذا لم ينتحر كما انتحر يهوذا؟ لا لسبب بشري بل لأنّ نعمة الربّ الإله حفظته. "الرب يحفظ الأطفال". كان بطرس طفلاً قبلُ لم يعِ حقيقة الطبيعة البشرية ولا حقيقة نفسه. فلما غطس في عمق واقع نفسه أدرك ما هو عليه. بات بإمكان السيّد أن يلملمه وينفخ فيه روحه القدّوس ويجعله رسولاً له عن حقّ. أما يهوذا فلما ندم يئس وخنق نفسه. كان قلبه صلداً فلم تنفذ إليه نعمة الله. بقيت في الخارج. إرادة الله كانت ليهوذا أن يخلص وهو القائل في رسوله بولس إنّه"يريد أنّ جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحقّ يُقبلون" (1 تي 2: 4). لكن فكر قلب يهوذا قسّاه فحال دون نفاذ النعمة إليه. يهوذا قتلته خطيئته! حال بقية التلاميذ، وتوما أيضاً، كان كحال بطرس. أعطى الربّ الإله توما ما أراد لكي لا يعود هناك أي سبب بشري لعدم إيمانه. حتى هذا، حتى المعاينة واللمس لم يكونا كافيَين له ليؤمن، لذا لم يعطه السيّد الطوبى كما أعطاها لسمعان بن يونا يوم اعترف بيسوع أنّه المسيح ابن الله الحيّ. يومها قال السيّد لسمعان: "إنّ لحماً ودماً لم يُعلِن لكَ لكنَّ أبي الذي في السموات" (مت 16). هنا أيضاً لا اللحم ولا الدم ولا اللمس ولا المعاينة يعطي الإيمان بل النعمة الإلهيّة المنسكبة من فوق. إذاً الطوبى لمَن آمن ولم يرَ، لا لما هو للبشَرة، بل لما يعطيه الربّ الإله، لما يتخطى البشرة، لمَن لم يرَ. هذا يبثّه الله فينا فتصير لنا الطوبى إذ نقتبله. هذا، بالضبط، هو السبب في تفوُّه توما بما قاله على الأثر: "ربّي وإلهي". هذا لم يقله توما بحسب الإنسان بل في الروح، في روح الربّ. الروح هو الذي تكلّم فيه كما تكلّم في بطرس يوم اعترف بيسوع أنّه المسيح ابن الله الحيّ. هذه تتمّة للكشف الذي أُعطي لبطرس. المسيح هو الربّ والإله بالمعنى الأحدي والشخصي. "ربّي وإلهي" ليس فقط لأنّ يسوع استبان ربَّ توما وإلهَه بصفة شخصية بل لأنّ الربّ والإله واحد أيضاً. الآب هو الربّ والإله والإبن أيضاً هو الربّ والإله. ولكنْ ليس الآب هو المسيح بل الإبن. الآب غير الإبن والإبن غير الآب. ومع ذلك الآب والإبن واحد في الربوبية والألوهة. طبيعتهما واحدة ومشيئتهما واحدة وفعلهما واحد لكنْ هذا غير ذاك. في اعتراف توما، إذاً، لنا كشف إلهي ثالوثي من جهة ما للآب والإبن. كل كشف لما هو نازل من فوق منحدر من العلى. البشَرَة أعجز من أن تعرف الله. "الجسد لا ينفع شيئاً. الروح هو الذي يحيي" (لو 6: 63). ليس بطرس وتوما فقط مَن تكلّما بكلام الله بل لصّ اليمين أيضاً تكلّم كأحد العارفين لأنّه استنار بنور الله بعدما تحرّك قلبه بالتوبة. كلامه للصّ اليسار وليسوع ليس كلام بَشَر. "أوَلا أنتَ تخاف الله إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه. أما نحن فبعدل لأنّنا ننال استحقاق ما فعلنا. وأما هذا فلم يفعل شيئاً ليس في محلّه. ثمّ قال ليسوع اذكرني يا ربّ متى جئت في ملكوتك". "فقال له يسوع الحقّ أقول لك إنّك اليوم تكون معي في الفردوس" (لو 23). هكذا نال لصّ اليمين، ديماس، وهذا اسمه في التراث، الطوبى. يبقى أن ندرك أنّ كل عطيّة صالحة وكل موهبة كاملة هي منحدرة من العلو، من لدن أبي الأنوار. هذا هو الإنسان: ضياء في تراب! فالمجد لله دائماً |
||||