![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 45911 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ما جئت لأنقض بل لأكمل بعد أن عدّد السيد المسيح التطويبات الرائعة ودعوته لتلاميذه أن يكونوا ملحاً للأرض ونوراً للعالم، انتقل فى موعظته الخالدة إلى مجال آخر من التعليم: وهو شرح علاقة وصايا العهد الجديد بوصايا العهد القديم، وعلاقة ما كتبه الأنبياء فى العهد القديم بما سوف يُكتب فى الأناجيل المقدسة وباقى أسفار العهد الجديد فقال: “لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل” (مت5: 17). الله هو هو نفسه الذى أعطى شريعة العهد القديم وشريعة العهد الجديد.. الذى تكلم مع موسى على جبل سيناء هو نفسه الذى تكلم مع التلاميذ فى الموعظة على الجبل.. الله لم يتغيّر على الإطلاق، ولكن حال الإنسان هو الذى تغيّر بمجيء المخلص. كقول إشعياء النبى “الشعب السالك فى الظلمة أبصر نوراً عظيماً” (إش9: 2). لم يقصد السيد المسيح أن ينقض شريعة العهد القديم، بل احتفظ بكل جوهرها.. لهذا قال بفمه الإلهى: “ما جئت لأنقض بل لأكمّل” (مت5: 17). ففى وصية “لا تزن” (خر20: 14، تث5: 18) التى قيلت للقدماء، لم يكتف السيد المسيح بعدم الزنى الفعلى بل قال: “كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها فى قلبه” (مت5: 28). أى أن الإنسان ينبغى أن يتحرر من الخطية من الداخل، وليس من الخارج فقط. لأن السيد المسيح قد جاء ليحرر الإنسان من سبى الخطية، ومن عبودية الشيطان وتأثيراته. وقال للجميع: “إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا” (يو8: 36). الحرية الكاملة من الخطية داخلياً وخارجياً يلزمها عطية النعمة التى منحها الله لأولاده فى العهد الجديد. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 45912 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() شريعة الكمال وصايا العهد الجديد هى كمال الوصية، ولذلك تطلق الكنيسة على السيد المسيح {مشرع شريعة الكمال وواضع ناموس الأفضال}. إن وصية عدم الزنى الفعلى؛ تطوّرت إلى عدم الزنا لا بالفعل ولا بالفكر. ووصية عدم القتل؛ تطوّرت إلى وصية عدم الغضب وعدم الكراهية فى القلب. ووصية عدم الحنث بالقسم؛ تطوّرت إلى وصية عدم القسم على الإطلاق. ووصية محبة القريب وبغض العدو؛ تطوّرت إلى وصية محبة الأعداء، والإحسان إليهم، والصلاة من أجل خلاصهم من الهلاك الأبدى وعبودية الشيطان. واتسع مفهوم القريب إلى كل إنسان فى البشرية، وانحصر مفهوم بغضة العدو فى بغضة الشيطان والشر بصفة عامة. ووصية من طلق امرأته (لأى سبب) فليعطها كتاب طلاق؛ تطوّرت إلى عدم السماح بالطلاق بين زوجين مسيحيين إلا لعلة الزنا.. ولا زواج للمطلقين لخطئهم. لقد عاشت البشرية فى ظل شريعة الناموس وهى شريعة الجسد أو شريعة العبودية زمناً طويلاً حتى جاء السيد المسيح وأعطى شريعة البنوة التى هى شريعة الكمال. وإلا فما فائدة تجسد ابن الله الوحيد ومجيئه إلى العالم وصلبه وموته وقيامته وإرساله الروح القدس لتولد الكنيسة فى يوم الخمسين؟! البعض ينتقدون شريعة العهد القديم. ولكن هذا النقد غير لائق. لأن الإنسان لم يكن يحتمل أن يحيا حسب شريعة الكمال بدون الفداء، والميلاد الفوقانى، ومعونة الروح القدس وعمله فى أسرار الكنيسة السبعة. الوصية مقدسة؛ ولكن الإنسان لم يكن بإمكانه أن ينفذ أكثر مما ورد فى شريعة موسى قبل إتمام الفداء. ربما توجد لمحات أو تجليات فى ظروف خاصة أشارت إلى حياة العهد الجديد مثل امتناع داود الملك الممسوح عن قتل شاول الملك المرفوض، الذى كان يطارده بغية قتله؛ لأنه قال: “حاشا لى من قِبل الرب أن أمد يدى إلى مسيح الرب” (1صم26: 11). ولكن داود النبى فى موقف آخر قتل قائداً مخلِصاً من قواده فى الجيش هو “أوريا الحثى” فى محاولة منه لإخفاء خطيته مع بتشبع زوجة أوريا (انظر 2صم 11). لم يكن من الممكن أن يُطالب الله البشر من أبنائه بحياة الكمال وبوصايا الكمال إلا فى عهد النعمة والمصالحة والخلاص والتجديد. كيف يطالب الله الإنسان بمحبة الأعداء، قبل أن يمنحه قلباً جديداً نقياً مؤيداً بقوة الروح القدس الذى يمنح الإنسان المتمتع بالخليقة الجديدة ثمرة المحبة. لأن “ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان” (غل5: 22). إن ثمرة المحبة التى يمنحها الروح القدس للإنسان هى ثمرة فائقة للطبيعة بقدرات فائقة لا يقوى عليها البشر العاديون. ولكن ينالها المؤمنون الذين يقبلون الروح القدس بعد التجديد بحميم الميلاد الجديد. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 45913 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() تجديد الروح القدس تكلّم معلمنا بولس الرسول عن حالة الإنسان فى العهد الجديد الذى يؤمن إيماناً حقيقياً بالمسيح وينال العماد المقدس بواسطة الكنيسة وينقاد بالروح القدس، متحرراً من الإنسان العتيق الذى ولد به بحسب الجسد من أبويه؛ فقال فى رسالته إلى تلميذه الأسقف تيطس: “ولكن حين ظهر لطف مخلصنا الله وإحسانه لا بأعمال فى بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا بغُسْل الميلاد الثانى وتجديد الروح القدس الذى سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا” (تى3: 4-6). هذا هو السر فى وصايا العهد الجديد: إن الإنسان بنيله البنوه لله والتجديد بالميلاد الفوقانى، وبثباته فى المسيح بوسائط النعمة، يستطيع أن يسلك فى شريعة الكمال المسيحى. ويتحقق فيه قول السيد المسيح: “كونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذى فى السماوات هو كامل” (مت5 : 48). وكذلك قول معلمنا بطرس الرسول: “نظير القدوس الذى دعاكم كونوا أنتم أيضا قديسين فى كل سيرة” (1بط1: 15). إن الرب لم يتغيّر بين العهد القديم والعهد الجديد. ولكن الإنسان هو الذى تغيّر وهكذا كان يلزم أن تأتى الوصية فى كمالها بعد حدوث التغيير لأن “المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح” (يو3: 6). فى العهد القديم كان الناموس والكهنوت اللاوى والذبائح الحيوانية، وفى العهد الجديد جاءت وصايا الكمال والكهنوت المسيحى والذبيحة الكاملة لابن الله الوحيد “فإن الناموس يقيم أناساً بهم ضعف رؤساء كهنة. وأما كلمة القسم التى بعد الناموس فتقيم ابناً مكملاً إلى الأبد” (عب7: 28). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 45914 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() إله العهدين البعض يتصورون أن إله العهد القديم يختلف عن إله العهد الجديد. ولكن الله لم يتغيّر، وهذا هو السبب فى الوصول بالإنسان إلى وصايا الكمال التى للعهد الجديد. الفرق بين شريعة العهد القديم وشريعة العهد الجديد يجعلنا نشعر بقيمة الفداء والتجديد الذى أجراه السيد المسيح بموته المحيى، وبإرساله للروح القدس حسب وعد الآب لخلاص المؤمنين. لم يكن من الممكن أن يطالب الله الإنسان بأكثر مما طلبه منه فى شريعة العهد القديم مثل وصية “تحب قريبك وتبغض عدوك” (مت5: 43). لأن محبة القريب فى حد ذاتها لم تكن سهلة على الإنسان الذى عاش فى العداوة مع الله ومع نفسه ومع أخيه الإنسان. هذه العداوة القديمة التى سببتها الخطية قد هدمها السيد المسيح بصليبه المحيى مثل قول الكتاب “ويصالح الاثنين فى جسد واحد مع الله بالصليب قاتلاً العداوة به” (أف2: 16). لم يكن الإنسان أيضاً فى العهد القديم يملك سيف الروح الذى قال عنه السيد المسيح “أُعطيكم فماً وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها أو يناقضوها” (لو21: 15) وقال أيضاً: “لستم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم الذى يتكلم فيكم” (مت10: 20). ولذلك كان أسلوب الإنسان المتعبد لله فى مقاومته لحروب الوثنيين يختلف فى العهد القديم عنه فى العهد الجديد. الله لم يتغيّر، ولكن حال الإنسان هو الذى تغيّر بمصالحته مع الله وبتجديده “بغسل الميلاد الثانى وتجديد الروح القدس” (تى3: 5). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 45915 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الناموس والأنبياء قال السيد المسيح لتلاميذه بعد الصلب والقيامة: “لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عنى فى ناموس موسى والأنبياء والمزامير” (لو24: 44) وبهذا أوضح الرب أهمية أسفار العهد القديم، وأنها موحى بها من الله، وأنها كلام إلهى، كل ما فيه صدق ولابد أن يتحقق. وعندما ظهر لتلاميذه بعد القيامة “حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب” (لو24: 45). إن كتب العهد القديم فى شهادتها للسيد المسيح وكل ما يخص رسالته الخلاصية هى من أعظم الأدلة على صدق الديانة المسيحية.. لأن الله قد سبق فأنبأ بفم أنبيائه القديسين عن “الخلاص الذى فتش وبحث عنه أنبياء الذين تنبأوا عن النعمة التى لأجلكم باحثين أى وقت أو ما الوقت الذى كان يدل عليه روح المسيح الذى فيهم إذ سبق فشهد بالآلام التى للمسيح والأمجاد التى بعدها. الذين أُعلن لهم أنهم ليس لأنفسهم بل لنا كانوا يخدمون بهذه الأمور التى أُخبرتم بها أنتم الآن بواسطة الذين بشّروكم فى الروح القدس المرسل من السماء” (1بط1: 10-12). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 45916 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة بعد أن أوضح السيد المسيح أنه لم يأت لينقض الناموس أو الأنبياء، وأنه ما جاء لينقض بل ليكمل. أكد هذه الحقيقة بقوله: “فإنى الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض، لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل” (مت5: 18). ورد فى إنجيل القديس يوحنا قوله أن “الناموس بموسى أعطى وأما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا” (يو1: 17). استلم موسى النبى الوصايا العشر المكتوبة بأصبع الله على لوحين من حجارة. وأعطاه الرب تعاليم أخرى كثيرة تظهر قداسة الله ومقاصده وتدابيره من نحو البشر. وكانت الوصايا والتعاليم المعبّرة عن المقاصد الإلهية هى بإلهام من الروح القدس. وهذا الإلهام هو أمر فائق للطبيعة يتجاوز قدرات الإنسان الطبيعية، ويتجاوز اعتبارات الزمان والمكان “لم تأتِ نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس” (2بط1: 21). وكانت الكلمات الموحى بها من الله تحمل فى طياتها مسائل غاية فى الدقة والإتقان. وبالرغم من أن كتبة الأسفار المقدسة قد استخدموا اللغة التى يفهمونها، والمعرفة التى تلقونها.. إلا أن الروح القدس قد أوحى بما سجلوه من كلمات فى اللغات الأصلية للكتب المقدسة لكى تعبر تعبيراً دقيقاً عن مقاصد الله. لذلك فكل كلمة، وكل حرف، وكل نقطة لها مغزاها ومعناها الكبير. خاصة عند كتابة أسفار بلغة يتغير فيها المعنى بتغيير النقاط التى فوق أو تحت الحروف. وهذا معروف فى اللغة العبرية، كما هو معروف فى اللغة العربية. ومن أمثلة أهمية دقة التعبير فى الكتاب المقدس، ما أشار إليه القديس بولس الرسول فى قوله: “وأما المواعيد فقيلت فى إبراهيم وفى نسله. لا يقول وفى الأنسال كأنه عن كثيرين بل كأنه عن واحد. وفى نسلك الذى هو المسيح” (غل3: 16). هنا يشير معلمنا بولس الرسول إلى وعد الله لإبراهيم المدون فى سفر التكوين “ويتبارك فى نسلك جميع أمم الأرض” (تك22: 18). ومن الواضح أن الكلمة كما وردت فى النص الأصلى بصيغة المفرد “نسلك” وليس فى صيغة الجمع “الأنسال”. ويؤكد القديس بولس أن المقصود هو شخص السيد المسيح على وجه التحديد وليس كل نسل إبراهيم. كذلك فى نبوة إشعياء النبى “ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل” (إش7: 14). وردت الكلمة فى النص العبرى لتعنى “عذراء” وليس مجرد “فتاة” أو “شابة”. والكلمة مقصودة لتشير إلى الحبل البتولى بدون زرع بشر للسيدة العذراء فى السيد المسيح كقول الملاك ليوسف خطيبها: “أن الذى حُبل به فيها هو من الروح القدس” (مت1: 20). وبالرغم من غرابة التعبير فى وقت كتابته فى زمن إشعياء النبى إلا أن الروح القدس قد قصد ذلك بصورة مؤكّدة. لقد تحققت جميع أقوال الله فى الكتب المقدسة، وكان الناموس ضرورياً للتمهيد لمجيء السيد المسيح كقول القديس بولس: “إذاً قد كان الناموس مؤدبنا إلى المسيح لكى نتبرر بالإيمان” (غل3: 24). فعلاً لم تتحطم الأقوال التى أعلن بها الله مقاصده فى الناموس ولذلك قال السيد المسيح: “إلى أن تزول السماء والأرض، لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل” (مت5: 18). أى سوف تتحقق كل أقوال الناموس ولن تزول حتى تتحقق. فعبارة “حتى يكون الكل” تُعنى حتى يتحقق كل ما قيل فى الناموس، وكل ما أشار إليه الناموس من رموز تشير إلى مجيء السيد المسيح وعمله فى خلاص البشرية حتى نهاية الدهر. لم يكن عبثاً على الإطلاق ما دوّنه موسى فى أسفاره الخمسة وسوف تظل أقوال الله مصدراً للإلهام على مدى الأجيال. وها نحن نقف فى إنبهار أمام كلمات داود النبى والملك “اكشف عن عينى فأرى عجائب من شريعتك.. طريق وصاياك فهمنى فأناجى بعجائبك.. دربنى فى سبيل وصاياك لأنى به سررت.. أتلذذ بوصاياك التى أحببت. وأرفع يدى إلى وصاياك التى وددت وأناجى بفرائضك.. شريعة فمك خير لى من ألوف ذهب وفضة.. لكل كمال رأيت حداً. أما وصيتك فواسعة جداً” (مز118). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 45917 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() من نقض إحدى هذه الوصايا بعد أن تكلّم السيد المسيح عن شريعة الكمال المسيحية فى ضوء شريعة العهد القديم التى شهدت للمسيح ومهدت لمجيئه ولشريعته الكاملة قال: “فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلّم الناس هكذا يُدعى أصغر فى ملكوت السماوات. وأما من عمل وعلّم فهذا يُدعى عظيماً فى ملكوت السماوات. فإنى أقول لكم إنكم إن لم يزِد بركم على الكتبة والفريسيين، لن تدخلوا ملكوت السماوات” (مت5: 19، 20). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 45918 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ما هو بر الكتبة والفريسيين؟ يقول معلمنا بولس الرسول عن مثل هؤلاء: “لأنهم إذ كان يجهلون بر الله، ويطلبون أن يثبتوا بر أنفسهم لم يخضعوا لبر الله لأن غاية الناموس هى المسيح للبر لكل من يؤمن” (رو10: 3، 4). أى أن الكتبة والفريسيين قد أرادوا أن يثبتوا بر أنفسهم بممارسة بعض الأمور الشكلية فى الناموس ولم يبحثوا عن قصد الله الحقيقى من الوصية كقول بولس الرسول أيضاً: “وأما غاية الوصية فهى المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وإيمان بلا رياء، الأمور التى إذ زاغ قوم عنها انحرفوا إلى كلام باطل يريدون أن يكونوا معلمى الناموس وهم لا يفهمون ما يقولون ولا ما يقررونه” (1تى1: 5-7). باسم الناموس صلب الكتبة والفريسيون السيد المسيح لأنهم زاغوا عن الحق ولم يفهموا الوصية. لذلك وبّخ بطرس الرسول اليهود على قساوة قلوبهم واندفاعهم وراء مشورة المرائين فقال: “ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل ورئيس الحياة قتلتموه الذى أقامه الله من الأموات ونحن شهود لذلك” (أع3: 14، 15). وقد وبّخ السيد المسيح الكتبة والفريسيين المرائين الذى يطيلون الصلوات للتباهى ويعشرون الشبث والنعنع.. وفى نفس الوقت يأكلون بيوت الأرامل وتركوا عنهم أثقل الناموس الرحمة والحق والإيمان (انظر مت23: 23). كذلك وبَخ القديس بولس الرسول أمثال هؤلاء فقال: “هوذا أنت تسمى يهودياً وتتكل على الناموس وتفتخر بالله، وتعرف مشيئته، وتميز الأمور المتخالفة متعلماً من الناموس، وتثق أنك قائد للعميان ونور للذين فى الظلمة، ومهذّب للأغبياء، ومعلّم للأطفال، ولك صورة العلم والحق فى الناموس. فأنت إذاً الذى تعلّم غيرك ألست تعلّم نفسك. الذى تكرز أن لا يُسرق، أتسرق؟ الذى تقول أن لا يُزنى، أتزنى؟ الذى تستكره الأوثان، أتسرق الهياكل؟ الذى تفتخر بالناموس، أبتعدى الناموس تُهين الله؟ لأن اسم الله يُجدّف عليه بسببكم بين الأمم كما هو مكتوب” (رو2: 17-24). لهذا قال السيد المسيح لتلاميذه: “إن لم يزِد بركم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السماوات” (مت5: 20). أى أنه ينبغى أن يسلكوا الوصية الإلهية بحسب غايتها الحقيقية وهى المحبة لله وللقريب من قلب طاهر وضمير صالح وإيمان بلا رياء. وحتماً، يكون هذا الإيمان هو فى المسيح الذى أعلن لنا محبة الله وقداسته وصالحنا مع الله أبيه لنسلك فى القداسة والوصية الإلهية بكل حرص وبلا لوم. عن هذا المعنى قال معلمنا بولس الرسول: “وأما الآن فقد ظهر بر الله بدون الناموس، مشهوداً له من الناموس والأنبياء. بر الله بالإيمان بيسوع المسيح إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون” (رو3: 21، 22). لم يفرق الله بين اليهود والأمم فى دعوة الجميع إلى الخلاص بالإيمان والتوبة والمعمودية والثبات فى المسيح. أما عن قول السيد المسيح : “من نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلّم الناس هكذا” (مت5: 19). فهو يقصد أن الكتبة والفريسيين كما سبق أن شرحنا كانوا ينقضون الوصايا فى الخفاء أو العلن. وفى نفس الوقت يعلمون الناس حفظ الوصية. فمثل هؤلاء يسلكون فى الرياء ويكونون محتقرين وليس لهم موضع فى ملكوت السماوات. “وأما من عمل وعلّم فهذا يدعى عظيماً فى ملكوت السماوات” (مت5: 19). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 45919 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() لا تقتل قال السيد المسيح: “قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل. ومن قتل يكون مستوجب الحكم. وأما أنا فأقول لكم إن كل من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم. ومن قال لأخيه رقا يكون مستوجب المجمع. ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم” (مت5: 21، 22). لم يعد القتل فى شريعة الكمال هو القتل المادى المحسوس فقط، بل امتد إلى القتل الأدبى والمعنوى. وكذلك القتل الجزئى. وقد شرح قداسة البابا شنودة الثالث –أطال الرب حياة قداسته- ذلك بالتفصيل حينما تكلم عن وصية لا تقتل فى تفسيره للوصايا العشر. وجاء شرح قداسة البابا بصورة عميقة جداً فى مفهوم الوصايا وأبعادها كقول المرنم: “لكل تمام رأيت منتهى أما وصاياك فواسعة جداً” (مز118: 96). يقول الكتاب فى العهد الجديد “كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس” (1يو3: 15). البغضة والكراهية لا تتفق مع نقاوة القلب “والقداسة التى بدونها لن يرى أحد الرب” (عب12: 14). والبغضة تقود إلى الغضب، أما المحبة فتقود إلى الوئام. لذلك قال السيد المسيح: “من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم” هناك غضب مقدس لازم وضرورى فى مواجهة الشرور داخل الكنيسة. له وقته ولا ينبغى أن يستخدم لغير ضرورة حقيقية وبالدرجة التى تتناسب مع ذنب المخطئ. لكى يشعر بخطئه إن لم ينفع معه النصح الهادئ. وهذا النوع من الغضب قد يكون بالتوبيخ الممتزج بالمحبة، أو بالتأديب المباشر أو غير المباشر. وله أساليبه التى تتوشح بالحكمة والوداعة والتصرف الحسن. ليس عن الغضب المقدس تكلّم السيد المسيح، بل عن الغضب الباطل أى الذى ليس من صاحب سلطان، أو ليس له ما يبرره، وليس بهدف وأسلوب صالح مقدس. الغضب الباطل بأساليبه المتنوعة، هو نوع من القتل الجزئى أو الأدبى أو المعنوى. ويزداد الأمر سوءًا إن اقترن هذا الغضب بالتجريح أو الشتيمة. لأن القتل الأدبى والمعنوى فى هذه الحالة يكون أشد تأثيراً فى نفسية المغضوب عليه. قد يستغل الإنسان سلطته أو قدرته أو سطوته، ويهاجم الآخرين موجهاً إليهم الإهانات. وهو بهذا يكون مستوجباً للحكم أو المجمع أو قد يصل الأمر إلى نار جهنم التى يكون مستحقاً لها إذا قال لأخيه “يا أحمق”. لم يسمح السيد المسيح بأن يهان الإنسان المخلوق على صورة الله ومثاله. وارتفع بقيمة الإنسان جداً. وأوضح أن كل ما هو ضد المحبة فهو ضد الله لأن “الله محبة”، ولذلك فإن مجرد كلمة “رقا” التى تدل على عدم الاحترام ولم ترقَ إلى مستوى الشتيمة فقد نهى عنها السيد المسيح وقال: “من قال لأخيه رقا يكون مستوجب المجمع” (مت5: 22). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 45920 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() العلاج من الجذور جاء السيد المسيح ليعالج الخطية من جذورها. من الداخل. فالقتل هو النتيجة النهائية للغضب والسخط والمشاحنات والكراهية. لذلك لا يكفى أن يمتنع الإنسان عن القتل المنظور، ولكن ينبغى أن يسلك فى المحبة، ويبتعد عن القتل غير المنظور. لا يكفى حتى أن يبتعد عن العنف الخارجى، بل ينبغى أن يبتعد عن العنف الداخلى مثل الغيظ المكتوم والحقد والرغبة فى الانتقام أو التشفى. إن الوصية الأولى والعظمى عند الله هى محبة الله من كل القلب، والوصية الثانية مثلها محبة القريب كالنفس. وقال السيد المسيح بهذا يكمل الناموس والأنبياء. كانت وصايا اللوح الأول من لوحى الوصايا العشر هى وصايا محبة الله. وكانت وصايا اللوح الثانى هى وصايا محبة القريب. المجموعة الأولى عددها أربعة لأنها تشير إلى عرش الله يحمله الأربعة أحياء غير المتجسدين. وتشير إلى الصليب بأذرعه الأربعة باعتباره العرش. والمجموعة الثانية عددها ستة لأنها تشير إلى كمال العمل، وإلى أن السيد المسيح قد صلب فى اليوم السادس وفى الساعة السادسة ليظهر لنا كيف تكون المحبة. وحينما نسلك فى محبة الله الذى افتدانا، ونتشبه به ونحب القريب، بهذا تكمل المحبة. فبإجماع الوصايا الأربع مع الوصايا الست يكمل العدد عشرة، أى نصل إلى الكمال العددى الذى يشير إلى كمال الوصية. |
||||