![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 45721 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() قداسة البابا تواضروس ما هي أسباب ثبات الكنائس؟ سأحدثك عن أربع ملامح رئيسية : 1- الكتاب المقدس : هو وثيقة الإيمان المسيحي الأولى فهو مصدر الإيمان والعقيدة والحياة الروحية. ففي القداس نصلي قفوا بخوف ورعدة لسماع الإنجيل المقدس فكل حرف له أهميته. أحدى الخطايا الكبيره في هذا الزمان هو الإستهانة بكلمة الله كمثل الزارع عندما وقعت الحبوب على الطريق فإلتقطها الطير… لا يصدقها يستهين بها (كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ)أي كلمة في الكتاب المقدس لها هذه الأربع مفاعيل. ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله … هل تعي هذه الوصية جيدا ؟ هل تعيش في الوصية وتتمتع بها كما قال القديس يوحنا ذهبي الفم “منجم لألئ” الكتاب المقدس يعطيك نورا في الطريق نور داخلي وفي العهد القديم نجد شاول الملك عندما قدم محرقة عوضا عن صموئيل فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: «قَدِ انْحَمَقْتَ! لَمْ تَحْفَظْ وَصِيَّةَ الرَّبِّ إِلهِكَ الَّتِي أَمَرَكَ بِهَا، لأَنَّهُ الآنَ كَانَ الرَّبُّ قَدْ ثَبَّتَ مَمْلَكَتَكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ إِلَى الأَبَدِ.” وَأَمَّا الآنَ فَمَمْلَكَتُكَ لاَ تَقُومُ” لأنه كسر الوصية. الكتاب المقدس هو الذي يثبت الكنيسة لذلك ما أجمل إجتماعات دراسة الكتاب المقدس ونتذكر من التاريخ القديس الأنبا آبرام أسقف الفيوم كان يجتمع بالناس لقراءة الأنجيل فقط. كلما تقرأ الكتاب سواء في الكنيسة أو في البيت كلما تثبته وتقدسه لذلك علاقة الإنسان كفرد وعلاقة الكنيسة كمؤمنين مع الكتاب المقدس هي التي تجعل الكنيسة ثابتة. تذكار تيموثاوس الشماس وعروسه موره وهم في شهر العسل وعندما طلبوا منه الكتب الكنسية التي من ضمنها الكتاب المقدس وكانت كالمخطوطات فرفض قائلا لا يسلم أحد أولاده وهكذا زوجته كان لها نفس الرد ونالوا الأستشهاد معا. أريدك أن تلاحظ أن من الكتاب المقدس خرج الكثير مثل كتاب التسبحة فهي أجزاء من الكتاب المقدس…القداس … الأجبية…قانون الإيمان. نتعلم الإنجيل في الكنيسة ونمارس ما نعيشه في حياتنا. فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح كما قال معلمنا بولس الرسول 2- التقليد المقدس: كنيستنا كنيسة تقليدية أي الأمر الشفهي. الأب يعلم إبنه وهكذا الأبن وكما نقول في الكنيسة من جيل إلى جيل. وأبسط ما تسلمناه في التقليد هو رشم علامة الصليب فلا توجد وصية في الكتاب المقدس تشرح لنا كيف نرشم علامة الصليب. وحتى الآن نقول أستلم اللحن فالقديس بولس الرسول يقول تسلمت من الرب ما سلمتكم …” فالتقليد حفظ لنا الكثير الألحان الفنون وهكذا … 3- الأسرار : من خلال الأسرار ننال نعم الله وننال النعمة داخل الكنيسة. فيوم القداس له نعمه خاصة بتقليداته الخاصة. الكنيسة مقدسة بالصلوات التي بها 4- الرعاية: أول لقب نطلقه على السيد المسيح هو الراعي الصالح كما نقرأ في يوحنا إصحاح 10. عمل الكنيسة هو عمل رعوي بالدرجة الأولى. كل راع في الكنيسة بحسب مسئوليته يجب أن يكون على علم برعيته. ومن العلامات الرائعة هو الأفتقاد فهذا هو عمل الرعاية. الكنيسة تستخدم لقب أبونا فهو لفب يجمعنا. عمل الرعاية هو عمل مستمر في الكنيسة واجه صعوبات لكن مستمر |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 45722 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() قداسة البابا تواضروس الكتاب المقدس : هو وثيقة الإيمان المسيحي الأولى فهو مصدر الإيمان والعقيدة والحياة الروحية. ففي القداس نصلي قفوا بخوف ورعدة لسماع الإنجيل المقدس فكل حرف له أهميته. أحدى الخطايا الكبيره في هذا الزمان هو الإستهانة بكلمة الله كمثل الزارع عندما وقعت الحبوب على الطريق فإلتقطها الطير… لا يصدقها يستهين بها (كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ)أي كلمة في الكتاب المقدس لها هذه الأربع مفاعيل. ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله … هل تعي هذه الوصية جيدا ؟ هل تعيش في الوصية وتتمتع بها كما قال القديس يوحنا ذهبي الفم “منجم لألئ” الكتاب المقدس يعطيك نورا في الطريق نور داخلي وفي العهد القديم نجد شاول الملك عندما قدم محرقة عوضا عن صموئيل فَقَالَ صَمُوئِيلُ لِشَاوُلَ: «قَدِ انْحَمَقْتَ! لَمْ تَحْفَظْ وَصِيَّةَ الرَّبِّ إِلهِكَ الَّتِي أَمَرَكَ بِهَا، لأَنَّهُ الآنَ كَانَ الرَّبُّ قَدْ ثَبَّتَ مَمْلَكَتَكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ إِلَى الأَبَدِ.” وَأَمَّا الآنَ فَمَمْلَكَتُكَ لاَ تَقُومُ” لأنه كسر الوصية. الكتاب المقدس هو الذي يثبت الكنيسة لذلك ما أجمل إجتماعات دراسة الكتاب المقدس ونتذكر من التاريخ القديس الأنبا آبرام أسقف الفيوم كان يجتمع بالناس لقراءة الأنجيل فقط. كلما تقرأ الكتاب سواء في الكنيسة أو في البيت كلما تثبته وتقدسه لذلك علاقة الإنسان كفرد وعلاقة الكنيسة كمؤمنين مع الكتاب المقدس هي التي تجعل الكنيسة ثابتة. تذكار تيموثاوس الشماس وعروسه موره وهم في شهر العسل وعندما طلبوا منه الكتب الكنسية التي من ضمنها الكتاب المقدس وكانت كالمخطوطات فرفض قائلا لا يسلم أحد أولاده وهكذا زوجته كان لها نفس الرد ونالوا الأستشهاد معا. أريدك أن تلاحظ أن من الكتاب المقدس خرج الكثير مثل كتاب التسبحة فهي أجزاء من الكتاب المقدس…القداس … الأجبية…قانون الإيمان. نتعلم الإنجيل في الكنيسة ونمارس ما نعيشه في حياتنا. فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح كما قال معلمنا بولس الرسول |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 45723 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() قداسة البابا تواضروس التقليد المقدس: كنيستنا كنيسة تقليدية أي الأمر الشفهي. الأب يعلم إبنه وهكذا الأبن وكما نقول في الكنيسة من جيل إلى جيل. وأبسط ما تسلمناه في التقليد هو رشم علامة الصليب فلا توجد وصية في الكتاب المقدس تشرح لنا كيف نرشم علامة الصليب. وحتى الآن نقول أستلم اللحن فالقديس بولس الرسول يقول تسلمت من الرب ما سلمتكم …” فالتقليد حفظ لنا الكثير الألحان الفنون وهكذا … |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 45724 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() قداسة البابا تواضروس الأسرار : من خلال الأسرار ننال نعم الله وننال النعمة داخل الكنيسة. فيوم القداس له نعمه خاصة بتقليداته الخاصة. الكنيسة مقدسة بالصلوات التي بها |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 45725 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() قداسة البابا تواضروس الرعاية: أول لقب نطلقه على السيد المسيح هو الراعي الصالح كما نقرأ في يوحنا إصحاح 10. عمل الكنيسة هو عمل رعوي بالدرجة الأولى. كل راع في الكنيسة بحسب مسئوليته يجب أن يكون على علم برعيته. ومن العلامات الرائعة هو الأفتقاد فهذا هو عمل الرعاية. الكنيسة تستخدم لقب أبونا فهو لفب يجمعنا. عمل الرعاية هو عمل مستمر في الكنيسة واجه صعوبات لكن مستمر. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 45726 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() مصر وأشور ![]() كما اهتم الرب بتهيئة الأوضاع لنشر الكرازة بالإنجيل فى الإمبراطورية الرومانية وباللغة اليونانية التى انتشرت منذ فتوحات الاسكندر الأكبر. كما شرح لنا قداسة البابا شنودة الثالث( ). هكذا اهتم أيضاً بحضارتين رئيسيتين من العالم القديم هما الحضارة الأشورية والحضارة المصرية. وكانت الحضارة والديانات الأشورية فى مملكة بابل ومن بعدها مملكة مادى وفارس لا تقل فى ثقلها عن حضارة وقوة الديانات فى مصر القديمة الفرعونية. كان السيد المسيح قد جاء إلى العالم، ليخلص العالم كله من ظلمات العبادة الوثنية التى استطاع الشيطان أن ينشرها فى أجزاء كبيرة من العالم. ولهذا اهتم بالشعوب الأممية كما اهتم بشعب إسرائيل. على الصليب كان مكتوباً عنوان علّته فوق رأسه بأحرف عبرية ويونانية ولاتينية. وهى أهم اللغات التى سادت فى منطقة الشرق الأوسط والإمبراطورية الرومانية. لتأكيد أن السيد المسيح قد صلب فداءً عن الجميع. ومنذ البداية ارتبط ميلاد السيد المسيح بسجلات الدولة الرومانية إذ صدر أمر من أوغسطس قيصر فى روما بأن يكتتب كل المسكونة. وهذا الاكتتاب الأول جرى إذ كان كيرينيوس والى سورية. فذهب يوسف خطيب العذراء مريم إلى بيت لحم وهى مدينة داود ليكتتب مع مريم امرأته المخطوبة وهى حُبلى لكونهما من بيت داود وعشيرته وفيما هما هناك تمت أيامها لتلد (انظر لو2: 1-6). وتم تسجيل المولود الجديد فى سجلات الدولة الرومانية بناءً على الأمر الذى أصدره أوغسطس قيصر. وثبت رسمياً أن يسوع الناصرى قد ولد فى بيت لحم اليهودية. أما كتابة غالبية أسفار العهد الجديد فقد كانت باللغة اليونانية الغنية بتعبيراتها اللاهوتية العميقة. والتى كتب بها أيضاً أعظم لاهوتى الكنيسة فى القرون الأولى للمسيحية أمثال القديسين أثناسيوس وكيرلس وساويرس. وكما شرح لنا قداسة البابا شنودة الثالث -أطال الله حياته- فقد دبر الرب ترجمة أسفار العهد القديم من اللغة العبرية التى لم تكن منتشرة فى العالم إلى اللغة اليونانية وذلك بأمر بطليموس فيلادلفوس، البطليموس الثانى من خلفاء الاسكندر الأكبر فى مدينة الاسكندرية بالترجمة التى عرفت باسم الترجمة السبعينية. وساعدت فى إعداد الفكر اليونانى لقبول ما فى العهد القديم من تمهيد لميلاد السيد المسيح. وكما اهتم الرب بالعالم الحديث فى وقت ميلاده -أى الرومان واليونانيين- كذلك اهتم بالعالم القديم أى الأشوريين والمصريين. وقد وردت نبوة عن ذلك فى سفر إشعياء فى الأصحاح 19 هذا نصها: “فى ذلك اليوم تكون سكّة من مصر إلى أشور.. ويعبد المصريون مع الأشوريين. فى ذلك اليوم يكون إسرائيل ثلثاً لمصر ولأشور بركةً فى الأرض. بها يبارك رب الجنود قائلاً: مبارك شعبى مصر وعمل يدىَّ أشور وميراثى إسرائيل” (أش19: 23-25). وقد تحقق قول إشعياء النبى “تكون سكة من مصر إلى أشور.. ويعبد المصريون مع الأشوريين” أولاً حينما انتشرت المسيحية فى بلاد مصر وأشور، وبعد ذلك توثقت العلاقة بين كنيسة الإسكندرية وكنيسة أنطاكيا السريانية الأرثوذكسية. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 45727 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() العلاقة مع أشور ![]() دبر الرب فى مرحلة السبى أن يتعرف ملوك بابل ومادى وفارس على أنبياء الرب أمثال دانيال النبى الذى حكى وفسّر لنبوخذ نصر الملك حلمه المختص بالممالك التى سوف تتعاقب إلى مجيء السيد المسيح. وكان حلم الملك أن تمثالاً عظيماً بهياً جداً وهائلاً، رأسه من ذهب جيد. صدره وذراعاه من فضة. بطنه وفخذاه من نحاس، وساقاه من حديد. وقدماه بعضهما من حديد والبعض من خزف. وبينما كان ينظر الملك قُطع حجر بغير يدين وضَرب التمثال على قدميه اللتين من حديد وخزف فسحقهما فانسحق حينئذ الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب معاً وصارت كعصافة البيدر فى الصيف فحملتها الريح فلم يوجد لها مكان. أما الحجر الذى ضرب التمثال فصار جبلاً كبيراً وملأ الأرض كلها (انظر دا 2: 31-36). وقد أطلق نبوخذ نصر على دانيال النبى اسم “بلطشاصر” (دا4: 8) وعيّنه كبيراً للمجوس (انظر دا 4: 9) فى المملكة وظل يشغل هذا المنصب أيضاً فى مملكة مادى وفارس التى جاءت بعد مملكة بابل. كان الحجر الذى صار جبلاً كبيراً هو رمز للسيد المسيح الذى ولد بغير زرع بشر وهو ملك الملوك ورب الأرباب. وكان التمثال يرمز إلى الممالك المتعاقبة من مملكة بابل إلى مملكة مادى وفارس ثم ملك الاسكندر الأكبر وما أعقبه من ممالك أربعة والإمبراطورية الرومانية التى جاء بعدها المُلك الروحى الإلهى للسيد المسيح الذى فاق كل عظمة ممالك الأرض. وبناءً على حلم الملك نبوخذ نصر وتفسيرات ونبوات دانيال، جاء المجوس من المشرق ليسجدوا للملك المسيح ويقدموا عبادتهم وقرابينهم. وبهذا وضع السيد المسيح فى بلاد المشرق أساس الإيمان بملكوته السمائى. وحينما بدأت الكرازة بالإنحيل فى تلك البلاد كان الأساس موجوداً فى واحدة من أقدم الحضارات الوثنية وأعتاها. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 45728 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() نشأة السيد المسيح ![]() كما كان السيد المسيح عجيباً فى ميلاده، هكذا أيضا كان عجيباً فى نشأته وباقى أمور حياته وخدمته. فقد هرب من وجه هيرودس الملك الذى أراد أن يقتله. وذهب السيد المسيح متغرباً فى أرض مصر وتباركت مصر بحضوره إليها. وارتجت أوثان مصر وذاب قلب مصر داخلها (انظر إش19). كان من الممكن أن يصطدم السيد المسيح بهيرودس الملك، لأن المسيح أقوى منه بكثير، ولكن فى إخلائه لذاته، فضل أن يهرب – مع ما فى الهروب من مظاهر الضعف وعدم المواجهة – لأن السيد المسيح لم يكن منشغلاً بمظاهر القوة والعظمة الخارجية، بل بتحقيق الانتصار غير المنظور ضد مملكة الظلمة الروحية، فأظهر بالضعف ما هو أقوى من القوة. # وبعد مذبحة أطفال بيت لحم بدا للناس وكأن السيد المسيح الذى رأى المجوس نجمه، قد ذُبح وانتهى أمره. وبهذا قَبِلَ السيد المسيح أن يصير مذبوحاً فى نظر الناس، وكأنه غير موجود، وهو الحامل لكل الوجود، والذى به “نحيا ونتحرك ونوجد” (أع17: 28). قَبِل المسيح هزيمة مؤقتة أمام هيرودس، فى نظر الناس. فمن الواضح أن مذبحة الأطفال وهروب السيد المسيح إلى أرض مصر قد صنعا معاً فاصلاً بين ميلاده ونشأته فى الناصرة، حتى ظن اليهود فيما بعد أن السيد المسيح من الجليل. وقالوا مستنكرين “ألعل المسيح من الجليل يأتى. ألم يقل الكتاب إنه من نسل داود ومن بيت لحم القرية التى كان داود فيها يأتى المسيح؟” (يو7: 41، 42). وحتى نثنائيل الذى دعاه السيد المسيح، قال فى البداية “أمن الناصرة يمكن أن يكون شئ صالح ؟!” (يو1: 46). ولكن حينما كُتب الإنجيل فيما بعد اتضح أن السيد المسيح لم يكن من الجليل ولا من الناصرة فى ميلاده، بل من بيت لحم اليهودية مدينة داود الملك حسب الكتب المقدسة. وأعطى القديس لوقا الدليل القاطع الذى يستطيع أن يرجع إليه كل إنسان فى ذلك الزمان الذى كتب فيه إنجيله، بأن ذكر أن السيد المسيح قد تسجّل ضمن الاكتتاب الأول الذى أمر به أوغسطس قيصر.. إذ أمر بأن تكتتب كل المسكونة “وهذا الاكتتاب الأول جرى إذ كان كيرينيوس والى سورية” (لو2: 2)، مشيراً فى أى سجلات المواليد ينبغى أن يبحث الإنسان عن زمان ومكان ونسب السيد المسيح. قيل عن السيد المسيح أنه “كان يتقدم فى الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس” (لو2: 52). وأيضا “كان الصبى ينمو ويتقوى بالروح ممتلئاً حكمة وكانت نعمة الله عليه” (لو2: 40). أخلى السيد المسيح ذاته آخذاً صورة عبد “وإذ وجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه” (فى2: 8). ولذلك قَبِل أن يوجد فى صورة طفل رضيع تحمله السيدة العذراء بين ذراعيها وتمنحه الغذاء حينما أرضعته من لبنها. وقَبِل أن ينمو قليلاً قليلاً بشبه البشر وأن يتعلم المشى والكلام وهو المذخر فيه كل كنوز الحكمة والمعرفة والعلم، وهو اللوغوس (الكلمة). خضع السيد المسيح لنواميس الطبيعة بلا خطية وخضع لقواعد الحياة ونواميسها. فكان خاضعاً لأبويه (أى العذراء وخطيبها يوسف)، مطيعاً لهما (انظر لو2: 51). وبهذا أكمل الوصايا الإلهية بما فى ذلك وصية “أكرم أباك وأمك لكى تطول أيامك على الأرض” (خر20: 12) “التى هى أول وصية بوعد” (أف6: 2). لم يقدّم السيد المسيح فى تجسده خضوعاً للآب السماوى فقط، بل وضع نفسه وأطاع من أوصى الرب بطاعتهم من البشر. مقدماً المثل الأعلى فى التواضع وإنكار الذات. وبالرغم من أن السيد المسيح هو قدوس القديسين، وهو رئيس كهنة الخيرات العتيدة، وهو رئيس الخلاص، وهو رئيس السلام، وهو راعى الخراف العظيم، وهو ملك الملوك ورب الأرباب، وهو مشتهى الأجيال، وهو خلاص الله الذى أعده قدام كل شعوب الأرض. إلا أنه لم يبدأ خدمته الخلاصية المبشرة بالإنجيل وباقتراب ملكوت الله إلا بعد بلوغه سن الثلاثين. فى تلك السن مسح الآب السيد المسيح بالروح القدس فى نهر الأردن ليُستعلَن السيد المسيح كخادم للخلاص وككاهن مدعواً من الله رئيس كهنة على رتبة ملكى صادق. كان أبناء هرون لا يبدأون فى ممارسة خدمتهم الكهنوتية فى خيمة الاجتماع حسب الشريعة إلا بعد بلوغهم سن الثلاثين. وهكذا فعل أيضاً السيد المسيح. إن العقل يقف حائراً أمام هذه الأعوام الثلاثين التى قضاها السيد المسيح بدون خدمة رسمية، بل اقتصرت خدمته على حياته وقدوته الحسنة ومعاملاته الطيبة. وتمتعت السيدة العذراء بعشرة طويلة مع ابنها الوحيد يسوع المسيح القدوس الذى “فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً” (كو2: 9). من يستطيع أن يحكى عن حلاوة تلك الأيام والشهور والسنين الطويلة؟! وأى قلب بين البشر أحب السيد المسيح مثل قلب العذراء القديسة التى حملته فى بطنها، كما حملته فى قلبها وعقلها ووجدانها؟! ويكفى أنها كانت تراه فى كل يوم وكل ساعة ملء العين والقلب والفكر على مدى ثلاثين عاماً. كان يعمل نجاراً، يستجيب لمطالب الناس ويعمل فى الخير ما يرضيهم. كم من البيوت امتلأت من فنه وعمل يديه؟! وهو الذى “قاس السماوات بالشبر” (إش40: 12) والمسكونة هى عمل يديه.. ما أعجب اتضاعك أيها السيد النجار؟!.. فى صمتك، فى هدوئك، فى وداعتك وأنت تعمل من أجل بناء الإنسان وأنت المهندس الأعظم.. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 45729 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() نحن بحاجة دائمة الى ثورة على ذواتتا والانتفاض على كل ما هو سلبي فيها ، نحن بحاجة مُلحة الى تغيير عقليتنا واسلوب حياتنا وانتقاد ومحاسبة افكارنا ، نحن بحاجة إلى الغوص في أعماقنا وتنقيتها من كل الشوائب التي تشوهها ، ولن نستطيع ان نقوم بهذهِ الثورة بدون يسوع المسيح ، فهو الوحيد القادرعلى تجديد حياتنا وتنقيتها وترتيب افكارنا وتهذيب مشاعرنا وتصحيح مسارنا في الحياة . تصبحون على آمل جديد بأسم يسوع ... |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 45730 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() السيد المسيح فى عماده ومسحه بالروح القدس ![]() 1. عماد السيد المسيح قبل أن يبدأ السيد المسيح خدمته التبشيرية بملكوت الله ذهب ليعتمد من يوحنا المعمدان فى نهر الأردن. كان الشعب يذهبون ليعتمدوا بمعمودية التوبة لغفران الخطايا فى نهر الأردن، وذهب معهم السيد المسيح فى اتضاع عجيب، ضمن جموع التائبين الذين يغتسلون بالماء من خطاياهم، مع أنه لم يفعل أية خطية. (هنا ونشير إلى حقيقة أن الغفران بذبائح العهد القديم أو بمعمودية يوحنا غفراناً ينتظر ذبيحة صليب السيد المسيح وفاعليتها، إذ لم ينتقل البشر من الموت إلى الحياة، ومن الجحيم إلى الفردوس إلا بعد إتمام الفداء على الصليب). ذهب مخلص العالم البار القدوس الذى بلا خطية وحده، ليُحسب (فى نظر الناس) مع الخطاة والتائبين الذين يغتسلون من خطاياهم، مثلما قيل عنه “وأحصى مع أثمة” (إش53: 12). حقاً يا رب لقد حملت خطايانا، وقبلت ذلك بكل اتضاع لكى نحمل نحن الخطاة صورة برك وقداستك وكمالك. إن العقل يتساءل: ما الذى فكرتْ فيه تلك الجموع، حينما أبصرتْ السيد المسيح آتياً إلى معمودية التوبة من يوحنا ؟!.. ذلك المشهد العجيب الذى تحيّرت أمامه أفهام الملائكة العلوية. حاول يوحنا أن يمنع السيد المسيح من ذلك وقال له: “أنا محتاج أن أعتمد منك وأنت تأتى إلىّ؟!” (مت3: 14). ولكن السيد المسيح أجابه فى اتضاع عجيب بعيد عن كل مظاهر العظمة والافتخار: “اسمح الآن لأنه هكذا يليق بنا أن نكمل كل بر” (مت3: 15)، “حينئذ سمح له (يوحنا)” (مت3: 15). لقد دار ذلك الحديث بينهما ولم يسمعه غالبية الجمع، ولكن ما أبصرته الجموع هو ذلك الحمل الوديع وهو يضع نفسه أمام الآب فى طاعة عميقة صامتة، حاملاً صورة الإنسان الذى أخطأ وجاء لكى يطلب الاغتسال والمغفرة.. ونزل السيد المسيح إلى الماء، واعتمد من يوحنا الكاهن. وهنا لم يكن ممكناً للسماء أن تصمت أكثر من ذلك، فللوقت وهو صاعد من الماء “وإذا السماوات قد انفتحت له.. وصوت من السماوات قائلاً: هذا هو ابنى الحبيب الذى به سررت” (مت3: 16، 17). وقف يوحنا المعمدان ليرى بعينيه الروح القدس آتياً من السماء التى انشقت ومستقراً على رأس السيد المسيح، وليسمع بأذنيه صوت الآب السماوى وهو يشهد لابنه الوحيد الذى تجسد، بأنه هو فتاه الذى اختاره وحبيبه الذى سُرَّت به نفسه (انظر مت12: 18). ومنذ ذلك اليوم فصاعداً صار يوحنا يشهد للسيد المسيح ويرشد الناس إليه.. حقا قال الآباء: [ إن من يسعى وراء الكرامة تهرب منه، ومن يهرب منها تسعى خلفه وترشد جميع الناس إليه ]. 2. قد رأيت الروح قال يوحنا المعمدان: “إنى قد رأيت الروح نازلاً مثل حمامة من السماء فاستقر عليه. وأنا لم أكن أعرفه لكن الذى أرسلنى لأعمد بالماء، ذاك قال لى الذى ترى الروح نازلاً ومستقراً عليه فهذا هو الذى يعمّد بالروح القدس. وأنا قد رأيت وشهدت أن هذا هو ابن الله” (يو1: 32-34). كانت هذه هى العلامة التى أعطاها الله لنبيه يوحنا، أن الذى يرى الروح أثناء عماده نازلاً من السماء ومستقراً عليه، فهذا هو المسيح ابن الله، حمل الله الذى يحمل خطية العالم ليخلّصه. وقد حل الروح القدس وظهر “بهيئة جسمية مثل حمامة” (لو3: 22) إذ “السماوات قد انشقت” (مر1: 10) ونزل الروح القدس واستقر على رأس السيد المسيح (انظر يو1: 32). كان المنظر مبهراً وجميلاً جداً؛ فالسماوات التى انفتحت قد جاء منها الروح القدس، وصوت الآب قائلاً: “هذا هو ابنى الحبيب الذى به سررت” (مت3: 17). ولاشك أن يوحنا قد انبهر وفرح بهذا المشهد العجيب، مع صوت الآب وتسابيح الملائكة، والمناظر السمائية حينما انفتحت السماء. مشهد لا يقل بالطبع روعة عن حلم الأب يعقوب حينما أبصر السلم المنصوب على الأرض ورأسه يمس السماء، والملائكة صاعدة ونازلة عليه، والرب واقف عليه بمنظر مخوف يتكلم مع يعقوب. كان سلم يعقوب إشارة إلى التجسد الإلهى، وإشارة إلى انفتاح السماوات على الأرض. وها هو يوحنا يبصر بعينيه، ليس فى منام، بل فى يقظة، السماوات مفتوحة بكل ما فيها من أمجاد روحانية لتعلن أن الصاعد من مياه الأردن هو الابن الحبيب الذى سُرّ به قلب الآب، والذى عليه يكون رجاء الأمم والشعوب. 3. لماذا سُرَّ الآب بابنه الحبيب؟ من المفهوم طبعاً أن الابن فى تجسده كان موضوعاً لسرور الآب نظراً لقداسته المطلقة وطاعته الكاملة. لهذا قال السيد المسيح: “الذى أرسلنى هو معى ولم يتركنى الآب وحدى لأنى فى كل حين أفعل ما يرضيه” (يو8: 29). وفى مناجاته مع الآب السماوى فى ليلة صلبه وآلامه قال له: “أنا مجّدتك على الأرض. العمل الذى أعطيتنى لأعمل قد أكملته.. أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتنى من العالم.. وعرّفتهم اسمك وسأعرّفهم ليكون فيهم الحب الذى أحببتنى به وأكون أنا فيهم” (يو17: 4، 6، 26). لاشك أن السيد المسيح قد أرضى قلب الآب بتقديم مثال الإنسان الكامل الذى تمم كل رغبات الآب وأطاع حتى الموت موت الصليب. ولكن هناك بُعداً آخراً لسرور الآب من نحو ابنه الوحيد الجنس المولود منه قبل كل الدهور وقبل خلق الملائكة والبشر وكل ما فى العالم من موجودات. وذلك لأن الابن فى ولادته الروحية الأزلية من الآب قد حمل فى أقنومه الخاص كل الصفات الإلهية التى للآب مثل الحق والحكمة والصلاح والقداسة والحب والقدرة على كل شئ والعدل والقوة.. ولأن المحبة هى من صفات الجوهر الإلهى؛ فينبغى أن تمارَس بين الأقانيم الثلاثة قبل كل الدهور لهذا قال السيد المسيح للآب: “لأنك أحببتنى قبل إنشاء العالم” (يو17: 24). فالابن -والحال هكذا- هو موضوع لحب الآب ولمسرته.. لأن الآب يرى فى الابن كل الكمالات الإلهية التى يحبها. وقد يسأل سائل كيف يستطيع الآب أن يرى الابن بينما نعلم أن الابن هو فى الآب حسب قوله لتلاميذه: “صدقونى أنى فى الآب والآب فىّ” (يو14: 11)؟ ونجيب على ذلك بأن الرؤية الإلهية لا تخضع للمقاييس المادية. وعلى سبيل المثال: فإن الفكر يولد من العقل فى العقل ومع ذلك فإن العقل يستطيع أن يرى الفكر المولود منه وفيه. ويعجب به مثلما يقول قائل عن فكرة أعجبته [أنا أرى أن هذه الفكرة جميلة] أو عن فكر صائب [أنا أرى أن هذا الفكر سليم]. فالعقل يرى الفكر ومن الممكن أن يحبه ويعجب به. فكم بالأولى يكون الحال بين الآب الوالد للابن، والابن الكلمة المولود منه الذى هو العقل الإلهى منطوق به؟!!. إن الابن هو موضوع سرور الآب منذ الأزل أى قبل كل الدهور وهو موضوع فرحُه الدائم. وكل ما يمكن أن يُسر قلب الآب بالنسبة للخليقة هو من خلال مسرته بالابن. لهذا قال معلمنا بولس الرسول فى رسالته إلى أهل أفسس إن الآب قد باركنا فى المسيح واختارنا قبل تأسيس العالم فى المسيح فكتب يقول: “مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذى باركنا بكل بركة روحية فى السماويات فى المسيح كما اختارنا فيه قبل تأسيس العالم لنكون قديسين وبلا لوم قدامه فى المحبة. إذ سبق فعيّننا للتبنّى بيسوع المسيح لنفسه حسب مسرة مشيئته لمدح مجد نعمته التى أنعم بها علينا فى المحبوب” (أف1: 3-6). لقد بارك الله الآب قديسيه فى المسيح لأنهم صاروا أعضاء فى جسده أى الكنيسة، واختارهم فى المسيح لأنهم باغتسالهم بدمه قد نالوا سلطاناً أن يصيروا أولاد الله. لهذا قال: “إذ سبق فعيّننا للتبنّى بيسوع المسيح .. الذى فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا” (أف1: 5، 7). وقد كتب القديس أثناسيوس الرسولى يقول: {الآب يفعل كل شئ من خلال الكلمة (أى الابن) فى الروح القدس} (الرسالة الأولى إلى سرابيون). وهذا ما يؤكده قول معلمنا بولس الرسول: “مخلصنا الله.. بمقتضى رحمته خلّصنا بغسل الميلاد الثانى وتجديد الروح القدس الذى سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا” (تى3: 4-6). وأيضاً قوله عن قدومنا إلى الآب بالابن فى الروح القدس “المسيح يسوع.. به لنا كِلَينا قدوماً فى روح واحد إلى الآب” (أف2: 13، 18). إن الله لم يبارك قديسيه ويختَرهم فقط فى المسيح، بل أكثر من ذلك أنهم قد خلقوا به وله. كقول معلمنا بولس الرسول فى رسالته إلى أهل كولوسى عن الابن: “الذى هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة. فإنه فيه خُلِقَ الكل ما فى السماوات وما على الأرض ما يُرى وما لا يُرى سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين. الكل به وله قد خُلق. الذى هو قبل كل شئ وفيه يقوم الكل وهو رأس الجسد الكنيسة” (كو1: 15-18). إن الخليقة قد خلقت من أجل الابن.. ليس فقط كل شئ به كان، بل كل شئ لأجله أيضاً كان. أليست الخليقة هى نتيجة الحكمة الإلهية والابن هو الملقّب “حكمة الله” (1كو1: 24)؟!. 4. ما بين الظهور والتجسد لم يكن ظهور الروح بهيئة جسمية مثل حمامة معناه أن الروح القدس قد تجسّد.. لأن الروح القدس لا يتجسد مثلما تجسد كلمة الله. بل إن الظهور شئ، والتجسد شئ آخر. فالمسيح كلمة الله قد ظهر مرارًا فى العهد القديم دون أن يكون ذلك تجسداً على الإطلاق. وفى هذا المقام نذكر على سبيل المثال ظهور السيد المسيح مع ملاكين لإبراهيم عند بلوطات ممرا فى هيئة ثلاثة رجال. وتكلم إبراهيم معه ودعاه وأعطاه الرب الموعد بميلاد إسحق بعد عام من هذا الظهور. ثم سار إبراهيم مع السيد المسيح بينما ذهب الملاكان إلى سدوم وعمورة وتحدث الرب مع إبراهيم عما كان مزمعاً أن يفعله بالنسبة لشر سدوم وعمورة الذى كان قد تزايد جداً (تك18). ونذكر أيضاً ظهور السيد المسيح ليعقوب أب الآباء عند مخاضة يبوق، إذ ظهر له فى هيئة إنسان، وصارعه إلى طلوع الفجر وباركه فى النهاية وأعطاه اسماً جديداً ودعا يعقوب اسم ذلك المكان فنيئيل قائلاً: “لأنى نظرت الله وجهاً لوجه ونُجِّيت نفسى” (تك32: 30). لم تكن هذه الظهورات تجسداً على الإطلاق، بل ظهر السيد المسيح بهيئة جسمية مثل إنسان. ولكنه حينما حل فى بطن العذراء مريم، فقد أخذ طبيعة بشرية حقيقية كاملة بلا خطية وجعلها فى وحدة حقيقية تامة مع لاهوته بغير اختلاط ولا تغيير. التجسد يعنى أن يأخذ الرب جسداً حقيقياً مساوياً لطبيعتنا فى الجوهر بلا خطية.. جسداً حقيقياً بروح عاقلة أى طبيعة بشرية كاملة. وهذا الجسد الإنسانى أو هذه الطبيعة البشرية لها كل خواص الطبيعة البشرية، بما فى ذلك القابلية للحزن وللألم وللجوع وللموت، وكذلك للفرح والراحة وما يشبه ذلك من أمور بشرية بلا خطية. لهذا ينبغى أن نرى الفارق الواضح بين الظهور والتجسد. ولم يكن مجيء ابن الله فى الجسد مجرد ظهور، ولكنه كان تجسداً بمعنى الكلمة، ولهذا قال الإنجيل: “والكلمة صار جسداً وحل بيننا” (يو1: 14). ولكن التجسد طبعاً يتضمن الظهور أيضاً كما هو مكتوب “الله ظهر فى الجسد” (1تى3: 16). أما ظهور الروح القدس عند نهر الأردن فكان ظهوراً فريداً.. ظهر فيه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة، ليكون ذلك علامة فريدة على نزوله واستقراره على السيد المسيح إتماماً للنبوات، وإعلاناً لبدء عمله الكهنوتى النبوى الملوكى لخلاص البشرية. فى هذه المناسبة الفريدة ظهر الثالوث القدوس بأجلى بيان. 5. عيد الظهور الإلهى صوت الآب من السماوات المفتوحة، والابن المتجسد صاعد من مياه الأردن، والروح القدس آتياً ومستقراً عليه مثل حمامة. لهذا تسمى الكنيسة هذا اليوم }يوم الظهور الإلهى (عيد الإبيفانيا){. وقد ظهر الروح القدس مرة أخرى فى يوم الخمسين على هيئة ألسنة منقسمة كأنها من نار، مقترناً بصوت كما من هبوب ريح عاصف وملأ كل البيت حيث كان التلاميذ مجتمعين (انظر أع2: 1-3). كان منظر الألسنة التى تشبه منظر النار إشارة إلى عمل الروح القدس فى التطهير وفى محبة الله. وصار منظر كل واحد من التلاميذ كأنه مصباح أو شمعة متقدة بالنار لتنير للعالم من فوق المنارة. كما إنه لم تكن مصادفة أن تبدأ خدمة السيد المسيح الخلاصية فى سن الثلاثين لأن هذا هو سن الكاهن حسب شريعة موسى فى بداية خدمته الكهنوتية (انظر عد4: 23، 35) و (1 أى 23: 3). ولم تكن مصادفة أن يمسح السيد المسيح بالروح القدس من قِبل الآب السماوى عند عماده من يوحنا المعمدان. ولم تكن مصادفة أيضاً أن يستعلن الثالوث القدوس بهذه الصورة الواضحة فى بداية خدمة ومسح قدوس القدوسين. لقد تجسد الله الكلمة لكى يعرفنا الثالوث فباعتباره هو الابن الوحيد الجنس من الآب فقد أظهر لنا ذاته حينما تجسد. ولهذا قال معلمنا بولس الرسول : “وبالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد، تبرر فى الروح، تراءى لملائكة، كُرز به بين الأمم، أومن به فى العالم، رفع فى المجد” (1تى3: 16). أما عن الآب فقد خبّرنا عنه بكل الوسائل ولهذا قال فى مناجاته مع الآب قبل الصلب: “أنا مجدتك على الأرض .. أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتنى.. وعرفتهم اسمك وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذى أحببتنى به وأكون أنا فيهم” (يو17: 4، 6، 26). وبالنسبة للروح القدس فقد أفرد حديثاً طويلاً مع تلاميذه فى ليلة آلامه عن الروح القدس سجّله القديس يوحنا فى إنجيله ومن أمثلة ذلك قول السيد المسيح: “إن كنتم تحبوننى فاحفظوا وصاياى. وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد. روح الحق الذى لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم” (يو14: 15-17) وقال أيضاً: “وأما المعزى الروح القدس الذى سيرسله الآب باسمى فهو يعلمكم كل شئ ويذكركم بكل ما قلته لكم” (يو14: 26). وكذلك قال: “ومتى جاء المعزى الذى سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذى من عند الآب ينبثق فهو يشهد لى. وتشهدون أنتم أيضاً لأنكم معى من الابتداء” (يو15: 26، 27). وهكذا عبّر القديس غريغوريوس النازينزى فى قداسه العظيم قائلاً عن السيد المسيح: {الذى أظهر لنا نور الآب، الذى أنعم علينا بمعرفة الروح القدس الحقيقية}. إن معرفة الآب والابن والروح القدس هى الوسيلة الحقيقية للوصول إلى الحياة الأبدية. فعن معرفة الآب والابن قال السيد المسيح: “وهذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذى أرسلته” (يو17: 3). وعن معرفة الروح القدس قال: “روح الحق الذى لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه. أما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم” (يو14: 17). المعمودية والثالوث ارتباط المعمودية بالثالوث واضح من أمرين : الأمر الأول : هو إعلان الثالوث أثناء عماد السيد المسيح. والأمر الثانى : هو قول السيد المسيح لتلاميذه قبيل صعوده إلى السماء: “فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس” (مت28: 19). أى أن المعمودية تتم على اسم الثالوث القدوس لأنها مرتبطة بالإيمان بالثالوث القدوس الواحد فى الجوهر. إن خدمة السيد المسيح قد بدأت بمسحه بالروح القدس وإعلان الثالوث. ثم وصلت إلى غايتها حينما صالح الآب مع البشرية بدم صليبه وأخذ موعد الآب بإرسال الروح القدس فى يوم الخمسين وبذلك دخلت الكنيسة إلى شركة الحياة مع الثالوث القدوس. |
||||