منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09 - 06 - 2014, 02:53 PM   رقم المشاركة : ( 4541 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

خميس الجسد


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إعلموا أيُّها الأخوة المسيحيون أن السبب في وضع هذا العيد المجيد في كنيسة الله المقدسة هو أنّهُ في سنة 1263 للتجسّد الإلهي في عهد البابا أوربانوس الرابع والملك ميخائيل الباليالوغوس، حدثت أعجوبة عظيمة في القربان المقدّس في قرية بولسينا من أعمال فتيربو.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وهي أن الكاهن بينما كان يكمل خدمة القداس أمام الشعب في كنيسة القديسة خريستينا، شك بعد التقديس الجوهري في صحة وجود جسد المسيح. فلما قسم القربان المقدس إلى جزءَين جرى منه دمٌ حيٌّ وصبغ الانديميسي كلها.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فلأجل هذه العجيبة السامية رسم البابا المذكور بأن يعيّد في كل سنة عيدٌ لإكرام القربان المقدس، ودُعي بعيد جسد الرب وذلك في يوم الخميس الثاني بعد العنصرة. ولكي يكون هذا العيد مفيدًا لتثبيت الإيمان المستقيم ودحضًا لاعتراضات الأراتقة، أمربأن جميع المسيحيين يطوفون بالقربان المقدس في كل المدن والقرى بكل ما يقدرون عليه من الإجلال والتكريم. وكتب بذلك إلى جميع رؤساء الكنيسة فأوجبوا رسمهُ. ومن ذلك الزمان إلى يومنا هذا صار هذا العيد عند النصارى من أفضل وأبهج الأعياد السنوية
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
معنى العيد:
هو عيد اكرام للسيد المسيح في سر قربانه الاقدس ان الكنيسة تكرم جسد الرب ودمه كل يوم في ذبيحة القداس الالهي , وتكرمه بالاخص يوم خميس الاسرار , اليوم الذي به اسس المسيح سر الافخارستيا مع تلاميذة قبل موته على الصليب لكن هذا الاكرام اليومي والسنوي لم يكن ليفي باحتياج المؤمنين , فرسمت الكنيسة هذا العيد سنة 1264 واخذت تنظم الحفلات اكراما لجسد الرب , وحتى يومنا هذا ما زال الاكرام مستمرا لجسد الرب , واصبح هناك مؤتمرات قربانية, وزياحات بالجسد الالهي في كل مدينة وقرية.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ورعية فسوطة اتخذت هذا العيد عيدا مهما ولاهمية معناه قرر ان يقدم اولاد الرعية في سن العاشرة لسر المناولة الاولى "الافخارستيا" وحتى اليوم هذا العيد هو بطالة في الرعية والمدرسة, به تقام الذبيحة الالهية بحضور مطران الابرشية والكهنة ويتقدم ابناء الرعية الذين في سن العاشرة للمناولة الاولى بعد ان يكونوا مهيئين روحيا بواسطة التعليم والشرح عن سر القربان المقدس والسيد المسيح طيلة سنة من قبل الراهبات في الرعية والكاهن.
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكنيسة تريد منا في هذا العيد ان تحيي فينا عواطف الايمان بابن الله المتانس الذي لم يكتف بانه اخذ صورة عبد وظهر بالجسد مثلنا كانسان, ولم يكتف بانه تالم ومات لاجلنا بل اراد ان يبقى معنا ويسكن بيننا تحت اشكال الخبز والخمر معيدا بذلك كل وقت وكل ساعة ذبيحة الصليب الالهية الخلاصية, وغاية الكنيسة ايضا ان تضرم في قلوبنا الشوق الى تناول جسد الرب بحرارة الذي يوصلنا للسعادة الروحية
 
قديم 10 - 06 - 2014, 11:06 AM   رقم المشاركة : ( 4542 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أساس سلوك المسيحي الحي بالله

شركة الثالوث والدخول في الحرية الحقيقية

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


كل من يتوب ويعود لنبع الحياة الأبدية بإيمان واعي حي، يبدأ يدخل في سرّ التجديد في المسيح يسوع:
+ إذاً أن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة، الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً (2كورنثوس 5: 17)
+ لأنه في المسيح يسوع ليس الختان ينفع شيئاً ولا الغُرلة بل الخليقة الجديدة (غلاطية 6: 15)
فتتغير حياته، يوماً بعد يوم، بعمل النعمة في قلبه فيدخل في سيرة روحانية مقدسة بالتقوى، في شركة حية مع الله الثالوث القدوس تتقوى فيه وينمو فيها، وتنعكس حياة الشركة على حياته الشخصية - في واقعه اليومي المُعاش - في وحدة المسيح الرب الذي وحدنا في نفسه لندخل في سرّ الشركة مع الله بالروح القدس في كنيسة مقدسة تتحقق فيها الوحدة، وهذه الوحدة المقدسة لا يُمكن أن تُبنى على أساس التمييز بين الحلال والحرام حسب الناس، لأن الابتعاد عن الشرّ في حد ذاته وتجنبه يستحيل أن يخلق الوحدة، فنحن كمسيحيين لا نقبل الحلال والحرام كأساس للسلوك القويم حسب سرّ النعمة العاملة في داخلنا، بل أساس السلوك عندنا مبني وقائم على كل ما هو من المحبة والشركة، فهذان (المحبة والشركة) هما الأساس المُحرك للسلوك، والمحبة ليست هي محبة مجردة أو هي مجرد أخلاق سلوكية تسلمناها من آبائنا الذين ربونا على تقبل الآخر في المجتمع، بل المحبة التي نقصدها هنا هي الله [ الله محبة ]، ولأن الله [ الثالوث ] محبة فهو الذي يجعلنا واحداً :
  • [ الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني والذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه وأُظهر له ذاتي ] (يوحنا 14: 21)
  • [ ليكون الجميع واحداً كما انك أنت أيها الآب في وأنا فيك ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا ليؤمن العالم انك أرسلتني ] (يوحنا 17: 21)
  • [ وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحد ] (يوحنا 17: 22)
  • [ أنا فيهم وأنت فيَّ ليكونوا مكملين إلى واحد وليعلم العالم انك أرسلتني وأحببتهم كما أحببتني ] (يوحنا 17: 23)
  • [ بهذا قد عرفنا المحبة أن ذاك وضع نفسه لأجلنا فنحن ينبغي لنا أن نضع نفوسنا لأجل الإخوة ] (1يوحنا 3: 16)
يا إخوتي ينبغي أن نفهم طبيعة سرّ حياتنا الجديدة في المسيح، لأننا فيه وبقيامته صرنا خليقة جديدة ليست من هذا العالم وطبعه مهما ما كان جميل وفاضل، فلاحظوا جداً وانتبهوا واعرفوا أن كل الخطايا والتعديات بكل أشكالها وأنواعها المستترة والظاهرة تحت أي شكل، ما هي إلا صورة الموت الروحي في الإنسان، وهي صورة لا يُحاربها العالم أو يعترض عليها، بل يُعطي لها الشرعية ويُدعمها بالقوة اللازمة، وذلك لأنها تخدم تطلعات الإنسان وشهواته الفاسدة، من حُب المراكز أو مال أو كبرياء... الخ: [ كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ليس من الآب بل من العالم ] (1يوحنا 2: 16)

وكل من يحيا بهذا العالم الساقط، أي يحمله في قلبه مرتبطاً بكل شهواته ويسلك بقانونه تحت سلطان غرائز الجسد، فأنه يموت روحياً منفصلاً عن الله، بل ولا يقدر أن يُقيم شركة مع الله ولا مع الآخرين في سرّ المحبة المتفدقة بروح الله، بل ولا يقدر أن يعرف الله كشخص حي وحضور مُحيي: [ كان في العالم وكُوَّن العالم به ولم يعرفه العالم ] (يوحنا 1: 10)، لذلك قال الرسول : [ لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم أن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب ] (1يوحنا 2: 15)
+ فسلوك المسيحي الحي بالله ينبع من قيامة ربنا يسوع الذي حررنا من كل فريضة وقانون الحرام والحلال وجعل لنا قانون سماوي فوقاني من المحبة والشركة: [ إذاً إن كنتم قد متم مع المسيح عن أركان العالم فلماذا كأنكم عائشون في العالم تفرض عليكم فرائض ] (كولوسي 2: 20)، فأن عاش الإنسان حسب مبادئه الإنسانية محدداً بعقله ما هو شرّ وما هو خير بفلسفته أو منطقه الخاص خاضعاً لفرائض وطقوس لا من جهة حرية مجد أولاد الله بل وهو في حالة العبودية، أو بحسب المجتمع الذي يعيش فيه يُحدد ما هو حرام وما هو حلال بعيداً عن الله وفي معزل عنه، أو حتى يظن أنه قريب من الله لأنه درس وعرف عن الله معلومات ملأ بها فكره، وحفظ الوصايا من جهة الفكر والمعرفة، فأن حياته ستصير مُظلمة ليس فيها نور، لأن الإنسان الساقط تحت سلطان الخطية والموت عنده غشاوة لأنه ظلمه، وكل مبدأ أخلاقي أو فكر سامي أو قانون حتى لو كان رائع شكلاً، فهذا كله ينبع من نفسه وهو أصلاً ظلمة، فلا يُمكن بل ويستحيل على الإطلاق أن الظلمة تُضيء من ذاتها إلا لو أشرق النور فيبددها، فالله هو نور الحياة، لأن الخالق هو الواهب كل الأشياء وجودها وحياتها، لذلك فلو صار الإنسان نفسه وبذاته هو شخصياً نور الحياة، فالحياة حتماً ستصير ظلمه كما قلنا بسبب أنه ساقط وواقع تحت سلطان الموت، لذلك مستحيل أن يخرج منه النورطبيعياً، والرب قال عن نفسه انه هو نور الحياة: [ ثم كلمهم يسوع أيضاً قائلاً أنا هو (يهوه) نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة ] (يوحنا 8: 12) ...
إذن تبعية الرب النور الحقيقي يجعل الإنسان يستنير ويصبح بدورة نور، أي أن نور الرب يشع منه، ويصبح سلوكه فوقاني (أي من فوق) بالحب والشركة محققاً ما قاله الرسول: [ لكي تكونوا بلا لوم وبسطاء أولاداً لله بلا عيب في وسط جيل معوج وملتوٍ تضيئون بينهم كأنوار في العالم ] (فيلبي 2: 15)


لذلك لو سألنا أي شخص لم يتذوق محبة الله ويعيش بالشركة مع الثالوث القدوس عن الخلاص من الموت الروحي، لن نسمع إجابة فيها حياة الله، أو ملامح أي شركة أو وحدة مع الله والكنيسة جسد المسيح، بل سنسمع منه مجرد وصايا خارجية وتوجيهات من جهة الأعمال الشكلية على مستوى الخارج [ العشور – الصوم – الطهارة – الصدق ... الخ ] وكلها أشياء صالحة وضرورية للغاية لمن يؤمن إيمان حقيقي حي، لأنها هي التي تُعبِّر عن صدق عمل الله في داخله، لأن حينما يكون هذا ثمر الروح القدس فينا فأن مجد الله الوحد سيظهر ويجذب الجميع للحق، ولكن أعمال النور لا تُنفذ من الخارج أو تنبُع من ظلمة لإرضاء الضمير !!! لأن حتى لو حققها الإنسان وعاش بها بقدراته وإمكانياته الشخصية فسيصبح فريسي جديد لن يتبرر أمام الله قط لأنه لو نظر (الله) وفحص النفس سيجدها غريبة ليس فيها حياة الابن الوحيد؛ فنحن لا نتبرر بأعمالنا وفضائلنا الشخصية، بل بما يملئنا به الله ويهبنا إياه حسب عمل روحه في قلوبنا ومدى تغيرنا لصورة المسيح الرب، حسب إنارته لنا وإشراق نوره في قلوبنا [ لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح ] (2كورنثوس 4: 6)...
  • فعند الإنسان البعيد عن الشركة سنجد أن سلوكه نابع من ذاته، من شخصيته وحسب تدبيره الخاص، وحسب معلوماته وحياته بلا تدبير فوقاني بالنعمة، وهو في حياته هذه الخالية من حياة الله والمبنية على فكره ومعلوماته العقلية، فأننا نجده يقبل حالة الإنسان الراهنة كما هي ويسعى لتطويرها من جهة تدريبها على الأعمال الصالحة ليكتسب فضيلة، مع أنه - بدون أن يدري - يسقط في بئر الخطايا، مُعلناً رحمة الله وغفرانه، لكن حينما يُعلن هذا، فأنه يُعلنه بلا تجديد للطبيعة الإنسانية الساقطة، أو تجلي للحياة الإنسانية في المسيح، بل سنجده يدعمها بالأعمال الصالحة الخارجية التي رآها - حسب نظرته - مجرد جهاد يتوقف على قوة الإرادة بدون نعمة التجديد بالروح القدس [ فقال له يسوع الحق أقول لكم انكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد... ] (متى 19: 28)، وبذلك يسد طريق الخلاص على نفسه أولاً وعلى الكثيرين، ويحكم على نفسه أنه ليس من الله، بل من المعرفة الطبيعية النابعة من الموت الذي يتبعه الفساد حتماً، التي ترى قدراته الخاصة وضبطه لذاته وإرضاء الله بأعماله، بل ويحيا مع الله بجمعه المعلومات الروحية واللاهوتية اللازمة كفكر وثقافة يفتخر بها على الأقل في نفسه، ويتعدى على حرية الآخرين ويغصبهم على الأعمال التي يراها صالحة ليربي الناس تحت سلطان عبودية الحرف فيدخلوا حتماً في الموت وتحت سلطانه !!!
  • فيُسلم الحياة المسيحية على أساس قاعدة الحرام والحلال وما هو لائق وغير لائق بلا نعمة ولا استنارة أو تجديد القلب والفكر وتدعيم حياة النفس الداخلية في المسيح يسوع، وهذا هو الموت عينه، لأن الحياة هي فقط في المسيح، في شركة الثالوث القدوس، بالمحبة والإيمان، أو بمعنى أدق بالإيمان العامل بالمحبة والظاهر وسط الكنيسة أعضاء المسيح المرتبطين معاً الذين ينموا معاً...
فيا إخوتي الأحباء أننا لا نسلك السلوك المسيحي حسب ما نعرف أو نفهم ولا بحسب التدريبات الروحية واكتساب الفضائل الشخصية، بل حسب شركتنا مع الثالوث القدوس ووحدتنا معه في المسيح، في الكنيسة كأعضاء لبعضنا البعض، ونحيا وفق الخليقة الجديدة في المسيح يسوع حسب عمل الله بالروح القدس في قلوبنا [ ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح ] (2كورنثوس 3: 18).

المعلومات عن الله ومعرفة اللاهوت كفكر أو السلوك الإنساني حسب شوية مبادئ، كل هذا لا يُغيرنا لصورة الله، بل كل هذا ينفخ ويجعل الإنسان متكبر في النهاية مهما ما أظهر اتضاعاً أمام الناس محاولاً أن يخفي فضائلة التي اكتسبها بجهده وتعبه، وهذا شكل لا ينظر له الله بأي حال لأنه خالي من حضوره وإعلانه عن ذاته بالروح القدس الشاهد له في أعماق القلب من الداخل، بل فقط ينظر لصورته فينا ليس بعملنا نحن بل بعمل الروح القدس في داخلنا، لأن من في استطاعته أن يصير قديس حسب مشيئة الله ويتغير لصورة الله بقدراته الشخصية وحسب إمكانياته البشرية الضعيفة، مهما ما بلغ من قوة إرادة وقدرة على العمل وعنده كل فكر روحي عميق أو دراسة صحيحة ودقيقة بل ومنصب عظيم في الكنيسة، بل أن كل ما في قدراته تُصب في النهاية في شكله هو أمام الناس وأخلاقه الإنسانية السامية والحسنة، ولكنه لن يتطبع بالطابع الإلهي بهذا الشكل، ولن يتغير لتلك الصورة عينها كما من الرب الروح القدس، بل لن يتغير ولن يتجدد طبعه ويُصبح ابناً لله عملياً والروح القدس يشهد لروحه أنه ابناً لله في الابن الوحيد [ الروح نفسه أيضاً يشهد لأرواحنا إننا أولاد الله ] (رومية 8: 16)

بل ولا يستطيع أن يُقيم شركة حيه مع الله يسمع فيها صوته ويعرف مشيئته في حياته الشخصية بل دائماً يحتاج أن يقول له آخر ما هي مشيئة الله لأنه لا يستطيع أن يسمع صوت الله المُحيي، [وهذا يكشف لنا ما هو سر ركض الناس وراء الرهبان والراهبات والسعي المتواصل لطلب مشورة الناس في حياتهم الشخصية ليتعرفوا على مشيئة الله]، بل وقد يدخل في وهم أنه سمع صوت الله لمجرد أنه قرأ آيه أو كلام اتأثر به نفسياً أو حلم شافه، فكثيرون للأسف لم يدخلوا في حياة الشركة مع الثالوث القدوس، ولم يتلقفوا حياة الله في داخلهم فيبصرون ملكوت الله في داخل قلوبهم، وتشع فيهم نصرة الرب بروح القيامة، فيتيقنوا برؤية إيمان حي أن نصيبهم هو الرب ولهم ملكوت الله حتماً وعن يقين لأنه ليسوا بغرباء عنه [ فلستم إذاً بعد غُرباء ونُزلاً، بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله ] (أفسس 2: 19)....
ولنقرأ معاً في الختام من رسالة القديس يوحنا الرسول الأولى الإصحاح الرابع من 9 إلى 21:
[ بهذا أُظهرت محبة الله فينا أن الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به. في هذه هي المحبة ليس أننا نحن أحببنا الله بل انه هو أحبنا وأرسل ابنه كفارة لخطايانا. أيها الأحباء أن كان الله قد أحبنا هكذا ينبغي لنا أيضاً أن يحب بعضنا بعضاً. الله لم ينظره أحد قط أن أحب بعضنا بعضاً فالله يثبت فينا ومحبته قد تكملت فينا. بهذا نعرف أننا نثبت فيه وهو فينا أنه قد أعطانا من روحه. ونحن قد نظرنا ونشهد أن الآب قد أرسل الابن مخلصاً للعالم. من اعترف أن يسوع هو ابن الله، فالله يثبت فيه وهو في الله. ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة التي لله فينا الله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه. بهذا تكملت المحبة فينا أن يكون لنا ثقة في يوم الدين لأنه كما هو في هذا العالم هكذا نحن أيضاً. لا خوف في المحبة بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج لأن الخوف له عذاب وأما من خاف فلم يتكمل في المحبة. نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً. أن قال أحد إني أُحب الله وأبغض أخاه فهو كاذب لأن من لا يحب أخاه الذي أبصره كيف يقدر أن يحب الله الذي لم يبصره. ولنا هذه الوصية منه أن من يحب الله يحب أخاه أيضاً ]
 
قديم 11 - 06 - 2014, 01:22 PM   رقم المشاركة : ( 4543 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الصراع الروحي

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


مونيك موران (ترجمة: ريما بازرجي توتل)
القوى المضادة
من
منا لم يشعر أبداً بما عبر عنه القديس بولس بشكل واضح جداً حين قال: "لست
أفعل الصالح الذي أريده بل الشر الذي لست أريده فإياه أفعل". رومية7: 19
درامان
كوليبالي يقوله على طريقته (انظر ص 20): "حين أسمع كلام الله، أذهب حزيناً
في أغلب الأحيان، لأنني أريد أن أتغير ولا أستطيع ذلك
".
نعم،
نحن نرغب في السير على طريق الله، محبته قد أغوتنا وهي تدعونا. ولكن كثير
من الأمور الأخرى تجذبنا أيضاً: المال، الشهرة، المفاخر، الملذات، السلطة،
الخ.
لننظر
إلى الرجل الغني في الإنجيل (مرقس10: 17-22): يسرع إلى يسوع منجذباً بشخصه
لأنه يسعى إلى الحياة الأبدية، لكنه يعود حزيناً لأنه كان غنياً. هناك
أمرين يجتذبانه، وكان الغنى ذاك اليوم هو القوة الأكبر التي اجتذبته، ولكن
ذلك لم يجعله سعيداً على ما يبدو، حيث عاد حزيناً. من المرجح أن الصراع
تابع مجراه في قلبه، وربما (الإنجيل لا يقول شيئاً بهذا الخصوص) قرر في
يوم ما أن يترك كل شيء ويتبع يسوع، وبالتالي يجد بذلك الفرح الحقيقي.
لقد
خلقنا من أجل الحياة، وفي داخلنا نحن نتذوق الحياة والحب. ولكن إذا أردنا
أن نكون مخلصين مع ذواتنا يجب أن نعترف أنه هناك أيضاً في داخلنا تذوق
للموت وللتخريب ولعمل الشر، ألا نشعر أحياناً، على سبيل المثال، برغبة
بالنطق بكلمة ما نحن نعرف أنها ستجرح الآخر وأنها ستؤدي إلى الشر وقد تنال
من سمعة أحدهم أو قد تزرع الانقسام بين صديقين. أو نحن نعلم تماماً أن
الكحول أو المخدرات ستخربنا ولكننا نرغب "بتحطيم أنفسنا". علينا ألا
نستغرب وألا نحمل أنفسنا مسؤولية هذه القوى المتضادة. إنها طبيعية. ولكن
ماذا نفعل حيالها؟
حريتنا
يقول
القديس اغناطيوس لويولا: "هناك في داخلي ثلاث أشكال من الأفكار: الشكل
الأول هو أفكاري الخاصة التي تلد فقط من حريتي وإرادتي، والشكلين الثاني
والثالث يأتيان من الخارج، واحدة تأتي من الروح الطيبة والأخرى من الروح
الشريرة."
نعم،
هناك في داخلنا تأثيران من الروح الطيبة والروح الشريرة يحركاننا. ولكن في
المركز هناك حريتنا. علينا أن نختار: إلى أي من التأثيران نريد أن نستمع؟
لنستمع إلى إيفاغريوس Evagre أحد آباء الكنيسة (القرن الرابع):
"كن
بمثابة البواب لقلبك ولا تدع أي فكرة تدخله بدون أن تستجوبها. استجوبها
واحدة تلو الأخرى وقل لكل منها: هل أنت من طرفنا أم من طرف العدو؟ وإذا
كانت من بيتك ستغمرك سلاماً، وإذا كانت من طرف عدوك ستثير فيك غضباً أو
ستقلقك برغبة جامحة. يجب إذاً أن تتقصى حالة نفسك في كل لحظة."
لنرى
ماذا حدث مع قايين. ها هو ذي يقدم تقدمة لله وها هو الآن مثار للغاية.
سيقول له الله:
"لم غضبت ولم أطرقت رأسك؟ فإنك إن أحسنت أفلا ترفع الرأس؟
وإن لم تحسن أفلا تكون الخطيئة رابضة عند الباب؟ إليك تنقاد أشواقها،
فعليك أن تسودها" (تكوين4: 6-7).
إنها تثبيت بأن العدو ليس هو الأقوى وأن الله يعطينا القوة للسيطرة عليه.
صراع المسيح
لنقرأ
الإنجيل المقدس، وبشكل أخص إنجيل القديس يوحنا. منذ البداية، قيل لنا أن
المسيح أتى إلى العالم ليعيش هذا الصراع بين النور والظلمة:
"فيه
كانت الحياة والحياة كانت نور الناس والنور يضيء في الظلمة والظلمة لم
تدركه
". (يوحنا1: 4-5). إن كل حياة يسوع تتمحور حول هذا الصراع: تسعى
الظلمات إلى إطفاء النور ولكنها لا تتمكن من ذلك.
لنرى ماذا سيختبر المسيح في الصحراء (متى4: 1-11):
سمع
يسوع لتوه صوت الله الذي قال له وقت المعمودية: "هذا هو ابني الحبيب الذي
به سررت"
(متى1: 17) وها هو الآن يسمع صوت العدو الذي يسعى إلى تشكيكه:
"إذا كنت ابن الله......." (لوقا4: 3)، وعلى الصليب سمع يسوع أيضاً الجنود
يحاولون تجريبه بنفس الطريقة: "إذا كنت ابن الله، خلص نفسك وانزل عن
الصليب
" (متى27: 40).
ها
هو يسوع في الصحراء، إنه جائع. يأتي الشيطان ويستغنم فرصة ضعفه وجياعه
لتجريبه ودعوته لعمل أشياء عظيمة وأخيراً دعوته للاستغناء عن أبيه. ومعنا
أيضاً يتصرف الشيطان بالطريقة ذاتها.
يستغنم فرصة خوفنا وحاجتنا المادية
وحبنا للكحول وتطلعنا إلى السلطة والمفاخر، ويحاول أن يجعلنا ننحرف. من
الأهمية ملاحظة كيف يرد يسوع: لا يتجادل بل يواجه التجربة بكل صراحة
بالإستناد إلى كلمة الله. ويتابع القديس مرقس: "وصارت الملائكة تخدمه"
(مرقس1: 13)، وهو يعني بذلك أن نعمة الله تأتي لتسنده في صراعه.
صديق الصراع
حين
نشعر بداخلنا قيام هذا الصراع بين قوى الحياة وقوى الشر، نحن نميل إلى
الاعتقاد أن الأمور لا تجري على ما يرام ! على العكس من ذلك، إن ذلك يدل
على حياة روحية جيدة. إذا اخترنا أن نتبع يسوع وأن نتبع خطاه، يبدو
طبيعياً آنذاك أن نشارك في صراعه. العكس هو الغريب! يدعونا المسيح
للاشتراك معه لننصر نور المحبة في عالم الظلمات. وتلك الظلمات موجودة
أيضاً في داخلنا، في ذلك الميل إلى الشر الذي يسكننا. سنمر من الطريق ذاته
الذي مر به يسوع: "ليس عبد أعظم من سيده" (يوحنا15: 20).
إذاً
يجب ألا يهبط هذا الصراع من عزيمتنا، ولكن على العكس، هو يذكرنا أننا
بالفعل مع المسيح وأن المسيح هو سيد هذا الصراع وأنه منذ الآن هو الغالب:


"ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم" (يوحنا16: 33).
إذاً
لسنا وحدنا في هذا الصراع: المسيح هو معنا، وكذلك هم معنا أيضاً جميع
الذين حاربوا في الماضي والذين يحاربون اليوم ليأتي ملكوت المحبة. نستطيع
أن نتذكر كل الذين استشهدوا للمسيح، كشهداء أوغندا Ouganda وكثيرون آخرون
 
قديم 11 - 06 - 2014, 01:24 PM   رقم المشاركة : ( 4544 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

حِيَل الشيطان المجرِّب


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
+ نص عظة على إنجيل قدَّاس يوم الأربعاء من الأسبوع الثالث من الصوم المقدس، أُلقيت على الرهبان يوم 7 مارس سنة 1990م.

+ + +




قراءة من القطمارس:

المزمور 26: 10و11:

+ "استمع يا رب صوتي الذي به دعوتُك. ارحمني واستجب لي، فإن لك قال قلبي" هلليلوياه.

إنجيل القداس: لوقا 4: 1-13:

+
"أما يسوع فرجع من الأُردن ممتلئاً من الروح القدس، وكان يُقتاد بالروح في
البرية أربعين يوماً يُجرَّب من إبليس. ولم يأكل شيئاً في تلك الأيام.
ولما تمَّت جاع أخيراً. وقال له إبليس: إن كنتَ ابن الله، فقُل لهذا الحجر
أن يصير خبزاً. فأجابه يسوع قائلاً: مكتوبٌ أن ليس بالخبز وحده يحيا
الإنسان، بل بكل كلمة من الله. ثم أصعده إبليس إلى جبلٍ عالٍ وأراه جميع
ممالك المسكونة في لحظة من الزمان. وقال له إبليس:

لك أُعطي هذا السلطان
كله ومجدَهُنَّ، لأنه إليَّ قد دُفِعَ، وأنا أُعطيه لِمَن أُريد. فإن
سجدتَ أمامي يكون لك الجميع. فأجابه يسوع وقال: اذهب يا شيطان! إنه مكتوب:
للرب إلهك تسجد وإيـَّاه وحده تعبد. ثم جاء به إلى أورشليم، وأقامه على
جناح الهيكل وقال له: إن كنتَ ابن الله فاطرح نفسك من هنا إلى أسفل، لأنه
مكتوب: أنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك، وأنهم على أياديهم يحملونك لكي لا
تصدم بحجرٍ رجلك.

فأجاب يسوع وقال له: إنه قيل: لا تُجرِّب الرب إلهك.
ولما أكمل إبليس كل تجربة فارقه إلى حين".


+ + +

إنجيل اليوم هو إنجيل الموسم كله، موسم الأربعين المقدسة، إنه قلب الصوم. أما معياره: فهو الملء من الروح، يسنده النسك، أربعين يوماً صوماً:

فالنسك لابد أن يتزكَّى بالتجارب،

فلا امتلاء بدون صوم،

ولا صوم بدون تجارب،

ولا تجارب بدون نصرة.

هذا هو المفهوم العام لإنجيل اليوم.

وإنجيل
القديس لوقا يُسجِّل هذه الوقائع، تماماً مثل إنجيل القديس متى.

وينسجم
إنجيل القديس متى مع السرد الطبيعي للتجارب، خصوصاً أنه يُسجِّل أن
التجربة الثالثة تنتهي بانتهار المسيح للشيطان: "اذهب يا شيطان... ثم تركه
إبليس." (مت 4: 10و11)

الأربعون المقدسة:

-
هذا الرقم سرِّي، لأننا رأيناه عند موسى النبي، إذ بعد صيام أربعين يوماً
تراءى له الله على جبل حوريب، وتكلَّم معه، وأعطاه الوصايا، وتكرَّر ذلك
مرة أخرى بعد كسر لوحي الحجر (خروج 24: 18؛ 34: 28).

-
ثم نقرأ عن إيليا النبي، حينما أراد أن يلتقي مع الله على نفس الجبل، صام
أربعين يوماً قبل أن يأتي الله من خلال الصوت المنخفض الخفيف ليؤنِّبه:
"مالك ههنا يا إيليا." (ملوك أول 19: 12و13)

- والأربعون هذه كانت هي عدد السنين في تيه شعب إسرائيل في البرية والرب يقودهم (تث 2: 7؛ 8: 2).

- كذلك الأربعون يوماً كان يظهر فيها المسيح بعد قيامته لتلاميذه، ويكلِّمهم عن الأمور المختصة بملكوت الله (أع 1: 3).

- ثم هذه الأربعون يوماً التي صامها المسيح (مر 1: 13، لو 4: 2، مت 4: 2).

وقد
استلمت الكنيسة هذا الطقس السرِّي المجيد وجعلته موسمها السنوي، لتتقابل
فيه مع الله على جبل حوريب أو في السحابة، تتحدث معه وتسبِّحه، وهي في
صيامها العفيف الذي يتناسب مع نسكها؛ صوماً إما إلى ساعة الظهر أو إلى
ساعة الغروب. إنما المسيح صامه الليل والنهار على مدى أربعين يوماً بلا
أكل ولا شرب، لذلك تسميه الكنيسة في تسبحتها: "صوماً بسرٍّ لا يُنطق به".

ولنتأمل الآن في هذه التجارب الثلاث:

التجربة الأولى:

انتبهوا
دائماً لأعمال الشيطان! ولأن المسيح لم يُشِر إلى حادثة صومه وتجربته
ويُعلِّق عليها بكلمة في الإنجيل، فصار لزاماً علينا أن نتأملها
ونتعمَّقها لنرى ما هو لازم فيها أن نتبعه.

أما عناصرها الشيطانية الخطيرة فهي:

التشكيك: "إن كنت أنت ابن الله". هنا
يحاول الشيطان أن يُشكك المسيح كما شكَّك حواء عندما قال لها: "أحقاً قال
الله: لا تأكلا من كل شجر الجنة"، غشٌّ وخداعٌ وتشكيكٌ. وهكذا تماماً قال
للمسيح وهو جائع: "إن كنت أنت ابن الله..."، وهنا يهمنا في كل تجربة أن
نرى عنصر المناسبة، إذ تركه حتى جاع.
ولكن اسمحوا لي أن أقول الأصحَّ أنَّ المسيح جاع لكي يبتدئ الشيطان
ويُجرِّب! بل ترك له الحجارة بشكلها المنفوخ والصغير كأنه بشكل الخبزة
بالضبط، لأن الشيطان يهتم أن يجعل الأمور بهجة للعين، تماماً كما عمل مع
حواء، إذ جعل الشجرة في نظرها "جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وأنها شهية
للنظر" (تك 3: 6)؛ هكذا جعل الحجر بهذا الشكل، وهذا هو عنصر المناسبة.
ولكن السهم المسموم ليس من السهل أبداً اكتشاف أين سيستقر.

لذلك
مَن يتأمل بعمقٍ، يقدر أن يدرك غاية الشيطان، إذ قال للمسيح: "قُل لهذا
الحجر أن يصير خبزاً". حقاً، إنه عمل ليس صعباً على المسيح. لم يَقُل له
أن يصنع ما هو أصعب: أن يُنزل لليهود منًّا من السماء، أو أن يجعل الصخرة
تُفجِّر مياهاً. ولكن، إلى أين يريد الشيطان أن يوصِّل سهمه؟ إن السهم موجَّه إلى وصايا الله.

وما
هي وصية الله هنا؟ بعد أن أخطأ آدم وأكل من الشجرة المحرَّم عليه الأكل
منها، طرده الله وقال له: "بالتعب تأكل من الأرض... بعرق وجهك تأكل
خبزاً". فالشيطان كأنه يريد أن يثني المسيح عن وصية الله، وفي هذه الحالة
يكون الشيطان قد نجح في جعل المسيح ينقض وصايا الله. وبعد ذلك يكون
للشيطان حق الاعتراض على كلام الله!

أما المسيح - له المجد - فقد انتبه لهذه الحيلة، وتجاوز السهم الشيطاني كليَّة، وردَّ عليه: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان" -ذلك لأن المسيح هو نفسه رب الحياة - ولكن "بل بكل كلمة من الله".
وكأن المسيح يقول للشيطان: أنت جاهل ولا تدرك أن للإنسان حياتين: حياة
بالجسد، وهذه لها الخبز؛ وحياة بالروح، وهذه لها كلام الله. وحياة الروح
هي الأقوى والأسمى. وإذا عُرض علينا أن نضحِّي، فبالجسد وبخبز الجسد، ولا
نضحِّي إطلاقاً بالروح وبخبز الروح.

"بل بكل كلمة"، لماذا؟ لأن كلمة الله قادرة أن تُحيي من الموت: "شاء فولدنا بكلمة الحق لكي نكون باكورة من خلائقه." (يعقوب 1: 18)

رد المسيح:

"مكتوب"، ذلك ليُنبِّه ذهننا أنَّ لا سلاح إطلاقاً ضد الشيطان إلاَّ بهذه الكلمة: "مكتوب". إذ
لا يمكن أن تغلب الشيطان إلاَّ بكلمة الله، لا بالنسك، ولا بالجوع، ولا
بتقطيع الجسد؛ لكن بكلمة الله، سيف الروح البتَّار الذي يستطيع أن يُنهي
على كل تجربة آتية من جهة العدو.

ولو
رجعنا إلى كلام المسيح لوجدنا أن هذه الكلمة ليست غريبة عن كلامه: "الحياة
أفضل من الطعام، لا تهتموا بما تأكلون ولا بما تشربون" (لو 12: 23، مت 6:
25). وفي موضع آخر: "اعملوا لا للطعام البائد، بل للطعام الباقي للحياة
الأبدية الذي يُعطيكم ابن الإنسان." (يو 6: 27)

ويسترعي انتباهنا في ردِّ المسيح قوله: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان". فهنا
يتكلَّم المسيح وهو ابن الله، إذ سأله الشيطان: "إن كنت أنت ابن الله"،
ولكنه يتكلَّم كإنسان فيُعطينا النموذج الأمثل لكل إنسان في كيف يرد على
الشيطان. والمسيح بهذا الرد صحَّح الخطأ الذي وقع فيه آدم وحواء، إذ سمعا
لمشورة الشيطان وأكلا من الشجرة التي لمسها بيديه وحسَّنها في نظرهما
بقدرته الخفية الخبيثة. وألغى المسيح قدرة الشيطان هذه جملةً وتفصيلاً.

الدرس المستفاد من التجربة الأولى:

-
أكذوبة الجوع التي يقولون عنها في المَثَل الدارج: "الجوع كافر"، هي من
الشيطان فهي كلمة الشيطان، إذ يُعطي فرصة للجائع أن يسلك سلوك الخطاة
فيسرق وينهب، فيقول له: "الجوع كافر". هذه هي مشورة الشيطان التي تتناقل
على الأفواه والأقلام من جيل إلى جيل، وهي خطية.

-
تجربة الشهوة، شهوة الأكل، هي أول سلاح - كما يقول بستان الرهبان - إنها
أول ضربة لآدم، ضربه بها وأوقعه. وهو نفس السلاح الذي انتزعه المسيح من
الشيطان وردّه عليه، وأرداه صريعاً.

إذا نجح الإنسان في أن يمسك بطنه وقت الجوع والصوم ويغلب، فسيغلب التجارب التي تأتي بعد ذلك، كما غلب المسيح.

التجربة الثانية:

عناصرها الشيطانية: إن
كنتَ أنت قد رفضتَ الأكل، فلا داعي لتحويل الحجارة إلى خبز، والصوم جميل
وفضيلة، ولابد أنك صائم ليس عن نفسك بل عن الشعب، فهذا عمل رئيس الكهنة.
فإن كنتَ أنت على هذا المستوى من العظمة، فأظْهِر عظمتك للناس. ألم يَقُل
له إخوته هذا "اذهب إلى اليهودية لكي يرى تلاميذك أيضاً أعمالك التي تعمل"
(يو 7: 3)، وهكذا دعاه الشيطان أن يذهب إلى الهيكل حيث إنه صائم عن الشعب،
وهذا أحد أعمال رئاسة الكهنوت، وأن يُلقي بنفسه من على أعلى الهيكل لينزل
بمجد عظيم وفخر، فيؤمن الشعب بك أنك أنت المسيَّا، فأنت ابن الله، وأليس
مكتوباً: "أنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك، وأنهم على أياديهم يحملونك لكي
لا تصدم بحجر رجلك." (مز 91: 11و12)

وهنا
الشيطان قَلَبَ المعنى: فالملائكة لا تكون في عَوْن الذين يطيرون في
الهواء لينالوا المجد والكرامة؛ بل الذين يسيرون على أرض الشقاء، أرض
الضيق والتعب والمرار، أرض الحزن، أرض العثرات، أرض المرائر التي يضعها
الشيطان في طريقنا لكي يعرقل مسيرتنا.

رد المسيح:

"مكتوب: لا تُجرِّب الرب إلهك".

مضمون الآية كشفه المسيح: "لا تُجرِّب الرب إلهك"، أي
أن الشيطان يريد من المسيح أن يُجرِّب الله ليرى هل الله معه أم لا؟ ليرى
هل هو ابن الله أم لا، ليعرف هل هو رئيس كهنة بالحقيقة أم لا؟

هذه
الآية تأتي لنا في التعليم حتى لا نستخدم المكتوب لكي ننفذ شهوات قلوبنا
وأفكارنا، كمَن يفتح الإنجيل عشوائياً ويقول: قرأت الإنجيل وصلَّيت ووجدت
أنه يجب عليَّ أن أفعل هذا الأمر، وهو يتمحَّك في الآية التي تظهر له لكي
يعمل ما يشتهيه. هذا هو اختبار الله، فلن تجد معونة، بل بالعكس سوف يُحسَب
عليك هذا أنه تجربة لله، والذي يُجرِّب الله لا ينجح.

التجربة الثالثة:

العناصر الشيطانية فيها، أن
الشيطان منذ البدء يكشف نفسه أنه هو الضدّ والمقاوِم لله والمدَّعي
الألوهة: "اسجد لي". ما هذا؟ مَن أنت؟ وكأنه يرد: مجرد أن تسجد لي. وهنا
يخفي الشيطان في طرح هذه المشورة نوع شخصيته ونوع طموحه.

فبعد
أن لاقَى الشيطان هزيمتين متتاليتين، دبَّر نفسه بخبث ودهاء عظيمَيْن،
وكأنه قال في نفسه: إن كل ما لي أطرحه أمامه وأربحه لنفسي. فقال: "إنه أخذ
من الله رئاسة العالم، أنا رئيس هذا العالم (وقد قال المسيح هذا: "رئيس
هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شيء" - يو 14: 30)، أخذتُ هذه الممالك، وبكل
مجدها أُعطيت لي، وأنا أعطيها لمَن أشاء".

في الحقيقة، هنا يوجد غش، فهذه الممالك لم تُعطَ له لكي يُدبِّرها، بل أُعطيت له من واقع التجارب التي يوقِع بها الناس، فالذي يغلبه الشيطان يتزكَّى فيها ومنها (أي ممالك المسكونة ومجدها).
فهو أُعطِيَ الرئاسة على العالم، أي عالم الشر، وعلى إنسان الشر والخطيئة؛
ليس العالم ككل - أخياراً وأشراراً - إذ أنه يستحيل عليه هزيمة الأخيار
بالتجربة. فالمؤمن يقول له: "عندي قوة أكبر منك، لأني أنا متمسك بالله".

هزيمتان
أجبرتا الشيطان أن يطرح كل ما عنده: "كل سلطاني أُعطيه لك، والمجد الذي لي
أُعطيه لك. وذلك لو خررتَ وسجدتَ لي". هنا مفهوم: "إن خررتَ وسجدتَ لي"
يحمل معنى الرضوخ لـ "مشورة الشيطان". ومشورة الشيطان عكس مشورة الله.
ولماذا فعل الشيطان ذلك؟ ليتحاشى الهزيمة الأخيرة، وهي السقوط من السماء
كالبرق، ويكون حينئذ: "رئيس هذا العالم قد دِينَ." (يو 16: 11)

وهكذا
هي مشورات العالم وفلسفات العالم: تنازَلْ، تنازَلْ أنت عن منهج الخلاص
القائم على تحمُّل الآلام والصليب التي سأدخل أنا - الشيطان - فيها
كمُنفِّذ للآلام وللصليب. ها أنا أُعطيك منهجاً سهلاً، لا صوم فيه ولا تعب
ولا شقاء ولا صليب، ليس فيه بذل ولا فيه آلام، ها هو طريق سهل لبلوغ رئاسة
العالم. لا داعي لشروط القداسة والطهارة، التي هي صعبة على الناس، لا داعي
للتركيز على الخطايا، كأنها تدخُّل في شئون الناس، اتركهم، وخصوصاً
الخطايا التي يحبها الناس أي خطايا الجنس بكل أنواعها. يكفي أن نجعلها
مجرد أخلاقيات عامة يختارها الناس حسب هواهم وميولهم الطبيعية، فإنهم بشر.
لا داعي للتمسُّك بالمُثُل العُليا وتجعل الناس يرتقون إلى ما هو أعلى
منهم، لا تُضيِّق على عقل الناس وحياتهم. اترك السلوكيات مفتوحة. دَعْ
الفرص في الحياة متاحة للجميع بلا عوائق وحدود، والبقاء طبعاً سيكون
للأدهى، الأكثر مكراً، فهو الذي له الحق في البقاء والرئاسة. والأكثر
تمرُّداً هو الذي يصير الرئيس والسلطان لِمَن يَدْفَع. سهِّل يا أخي
الحياة للناس، وأعطِهم أفكارك في كوب من الشراب اللذيذ. دَعْك من الأفكار
العالية والكلام الصعب الذي يصير مثل الغُصَّة، صليب ودم وعذاب. لا
تُلزمهم بوصايا صعبة لا يقدرون عليها، إنهم بشر. انشر الحرية والتحرُّر من
القيود، كل القيود، فالناس وُلدوا أحراراً ولابد أن يعيشوا أحراراً. وأنا
(الشيطان) مستعدٌّ أن أُقنع الناس كلها - في البلاد والممالك - لتدخل تحت
سلطانك، الذي هو أصلاً لي وسأُعطيه لك. وحتى اليهود سأجعلهم جنودك
المخْلِصين لردع العالم، وهم أقدر الناس بذكائهم لإخضاع العالم لك. وهكذا
نحيا - أنا وأنت - في أُخوَّة صادقة، أنت الرئيس وأنا خادمك المطيع. ولكن
بعد أن تأخذ المشورة وتخضع لي، وللوقت سأخضع أنا لك. وبذلك تنتهي الحروب
والاضطهادات والاضطرابات والأوجاع وكل ما هو مرٌّ. أنا سوف ألغيها، على
شرط أن تترك نهائياً طريق الصليب والآلام هذه. وعلى الأخص أنها لا تناسبك
كابن الله، إذ كيف تموت؟ وكيف تُصلب؟ وكيف تُهان؟ وكأنك تهين الله أباك.

أما
إذا لم يوافقك رأيـي هذا وأَعْرَضتَ عن مشورتي، فأنت تعلم مدى ضراوة الحرب
التي ستكون بيني وبينك؛ فسأُقاوم كل عمل تعمله، وكل قول تقوله، وسأُلقي
بذرة الحقد عليك وعلى أعمالك في كل قلب وفي كل مكان يُدعى فيه اسمك،
وسأُشبـِع أتباعك من المرائر أشكالاً وألواناً وسأضطهدهم إلى الموت!!

رد المسيح:

"اذهب يا شيطان! لأنه مكتوب: للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد." (مت 4: 10)

"منهجي
من الله أَخذتُ، وكأس آلامي من يد أبي سأشربُ. لهذا جئتُ ولهذا وُلـِدتُ.
ومملكتي ليست من هذا العالم، وخضوعي وسجودي هو لله وحده. وعندما أرتفع على
صليبـي، سأطأ بقدميَّ على هامة أعدائي (الشياطين)، وبدمي سأُمسح ملكاً
ليُدفع ليدي كل سلطان ما في السماء وما على الأرض".

ولربنا المجد دائماً أبدياً. آمين.

الأب متى المسكين



 
قديم 11 - 06 - 2014, 01:25 PM   رقم المشاركة : ( 4545 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الأهواء والتجارب
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


الأرشمندريت سلوان أونر

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

يتعرض
الإنسان في حياته لتجارب كثيرة، مصدر أغلبها ضعفاتُ الطبيعة البشرية التي
تشكل الدافع الأكبر لارتكاب الخطايا:
"لا يقل أحدٌ إذا جرب إني أجرب من
قبل الله. لأن الله غير مجرب بالشرور وهو لا يجرب أحد ولكن كل واحد يُجرب
إذا انجذب وانخدع من شهوته ثم الشهوة إذا حبلت تلد خطيئة والخطيئة إذا
كملت تنتج موتاً" (يع 13:1-15)
أو الوسطُ الاجتماعي المحيط بالإنسان لملئه
بالشر والشهوة والخيانة: "لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العين
وتعظّم المعيشة ليس من الآب بل من العالم
" (1يو16:2)، أو مشاكلُ الحياة
الفجائية التي تضع حياة وقدرة احتمال المؤمن وصبره في خطر، ولا ننسى
المجرّب الكبير الشيطان الذي يتوقف عن محاربتنا أحياناً لكثرة ضعفاتنا
وأهوائنا وتزايد الكراهية والحقد في العالم (رغم أنه سبب كل ذلك).
لتجارب
الحياة وجهان إيجابي وسلبي، أما الجهة الإيجابية لتعرّض الإنسان للتجارب،
وبعد تجاوزها، فهو ازدياد خبرته الروحية وازدياد قدرته على التحمل والصبر
والإيمان بالعناية الإلهية
وبالنهاية ربحه للملكوت السماوي: "بل نفتخر
أيضاً في الضيقات عالمين أن الضيق ينشئ صبراً والصبر تزكية والتزكية رجاء
"
(رو3:5-4)،
ولكي يتجاوز الإنسان هذه التجارب عليه أن يرتكز على الإيمان
والرجاء والفرح بالخلاص لأنه يحتاجها خلال مسيرته الجهادية في طريق
الملكوت السماوي: "امنحني بهجة خلاصك" (مز 50).
أما الجهة السلبية للتجارب
فهو السقوط الروحي والأخلاقي بعد السقوط في الخطيئة، التي يمكن أن يخسر
الإنسان خلاصه بسببها، ويحدث هذا بسبب تزايد قوة الضعفات البشرية في
الإنسان و تجذّر الأهواء فيه وعدم قدرته على مجابهتا ولعدم اتكاله على
الرب، لذلك علّمنا السيد بالصلاة الربية أن نقول: "ولا تدخلنا في تجربة"
وهنا تأتي الحاجة لشفاعة والدة الإله وكل القديسين لكي ينقذونا من مصاعب
الحياة وشدائدها التي تتعبنا وترهقنا ويعطونا القوة والصبر لمتابعة
المسيرة الجهادية كي لا نخسر خلاصنا.

الأهواء
تسبب
الأهواء إضطرابات وتجارب كثيرة لتشكل حركات لا إرادية تسيطر على عقل
الإنسان وتقوده إلى حالات اضطرابية غير طبيعية وغير منطقية ثم إلى الخطيئة
فيخسر خلاصه وهي بالتالي تبدد الهدوء الضروري للمسيرة الروحية للإنسان نحو
القداسة وتسمى الأهواء المميتة، أما إذا كانت عبارة عن حركات طبيعية
موجودة في الطبيعة البشرية مثل: الجوع، العطش، ...
فهي ليست سبباً رئيسياً
للخطيئة بل تساعد على تلبية الحاجات الجسدية فيسميها الآباء الأهواء
الحسنة.
باختصار
إن كل ضعف يسيطر على الإنسان ويقع بسببه في الخطيئة يصبح بمرور الزمن هوى.

والتكرار المستمر للخطيئة يولّد ما يسمى العادة المزمنة السيئة ويصبح
الإنسان ميّالاً لارتكاب الخطيئة وفقاً لهذه العادة، التي في بدايتها تكون
عادة ثم تصبح ضعفاً لا يمكن التخلّي عنه بسهولة، لذلك يجب محاربتها بشكل
قوي في بدايتها وقبل أن يُصبح لها جذور داخل الإنسان وتشكل له مرضاً
روحياً وتصبح هوىً متأصلاً فيه. ونقول في خدمة البراكليسي بعبارات دقيقة
مباشرة بأن الأهواء هي التي تحارب الإنسان: "أهواء كثيرة تحاربني..."

بمعنى
آخر الهوى هو الميل للخطيئة التي نصبح لها عبيداً فتشكل مرضاً روحياً،
ويكون لها قوة كبيرة مُسيطرة على الإنسان: "من يعمل الخطيئة فهو عبد
للخطيئة" (يو34:8) وأيضاً: "لأن ما أنغلب منه أحد فهو له مستعبد أيضاً"
(2بط19:2).
لذلك
يدعونا السيد في عظته على الجبل أن نسبق الشر قبل ولادته أي أن ننتبه
لجذور الخطيئة: "قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل ومن قتل يكون مستوجب
الحكم وأما أنا فأقول لكم أن كل من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجباً
الحكم" (متى 21:5-22) لأنها إن تأصّلت في الإنسان فإنها ستسيطر عليه
وستأسره ليفعل ما تريد، وكل إسراعنا هو لكي نسبق الخطيئة قبل أن تكبر كي
لا تتحول لتصبح هوى فينا، ولذلك نطلب من والدة الإله العون لطرد هذه
التجارب من أساسها:
"إنك تطردين عنا صدمات التجارب وطوارق الآلام".
(كانين الأودية الثامنة).
أثر الأهواء على الإنسان:
تتحكم
الأهواء بالإنسان وتوجهه كما تشاء، والسبب في ذلك أنه لم ينتبه في بداية
تحركها وهجومها عليه فتركها تكبر حتى سيطرت عليه وهي تهتاج كل حين لتسقطه
في الخطيئة، فلنطلب من والدة الإله، في خدمة البراكليسي وكل حين، بشفاعتها
أن لا تهتاج هذه الأهواء: "هدئي هيجان أهوائي" (الطروبارية الأولى من
الأودية الرابعة).
عندما
تسيطر الأهواء على الإنسان فإنها لا تدعه يفكر بشكل صحيح فيتوه لا يعرف
ماذا يفعل ويمشي كأعمى كي يرضيها وكأنه إنسان يمشي ولكن بأعين أهوائه يرى
الطريق فلا يفعل ما يريد بل الكثير مما تريده هذه الأهواء فيقع في خطايا
ومنها القاتلة روحياً وبالنتيجة يخسر خلاصه، هذا ما يوضحه بولس الرسول في
رسالته إلى أهل رومية: "لأني لست أعرف ما أنا افعله إذ لست افعل ما أريده
بل ما أبغضه فإياه افعل ...لأني لست أفعل الصالح الذي أريده بل الشر الذي
لست أريده فإياه أفعل..." (رو 14:7-25).
محاربة الأهواء:
تشكل
الأهواء داخل الإنسان مرضاً روحياً وتحتاج إلى طبيب روحي ولنعمة الله كي
تُشفى. هي مرض ولكن يوجد لها شفاء، ولا يوجد هوى بدون شفاء، والأهواء
المتأصلة على مدى السنوات تحتاج لسنوات من الشفاء. فلنطلب من والدة الإله
أن تساعدنا للشفاء من هذه الأمراض والضعفات: "أيتها النقية اشفي أسقام
نفوسنا
" (كانين الأودية الخامسة).

بدايةً
علّي معرفةُ أهوائي، غضب؟ أنانية؟... كي أحاربها، وربما تحتاج إلى وقت
طويل لمحاربتها ولكن يكفي أن أصرّ في المحاولة وأن لا أتوقف عن الجهاد أو
أن أقف في منتصف الطريق أو أن أملّ أو أتعب، ونعمة الرب التي تشفي المرضى
ستكون بجانبي لتساعدني في الشفاء من هذه الأهواء.

وهنا يأتي دور الأب
الروحي في المساعدة للكشف عن هذه الأهواء وتعليمنا أساليب محاربتها.
الأهواء الكبيرة والمتأصلة تحتاج لوقت طويل كي نشفى منها،
وفي خدمة
البراكليسي نتضرع لوالدة الإله كي تساعدنا في التخلّص منها، ففي جهادنا ضد
هذه الأهواء تساعدنا بواسطة الشفاعة الوالدية، الفاعلة العجائب، فهي كعروس
الله تُدخل السلام الإلهي داخل النفوس المضطربة: "فنضرع إليك على الدوام
أن تنجينا من فساد آلامنا
" (الطروبارية الثانية الأودية السادسة).
بقدر
ما تبقى الأهواء في الإنسان بقدر ما تفسده روحياً فيبدأ بتبرير كل خطيئة
يقترفها حتى يصل لدرجة قبول أشياء لم يختارها هو،
فيبرر أهوائه ويعطيها
صورة حسنة وبالنهاية يحملها كلها معه مع نتائجها من الخطايا ليوم
الدينونة. على الإنسان أن يحارب الأهواء المميتة وإلا ستقوده بسهولة للموت
الروحي.
لذلك
لنستمر بالمحاولة مجاهدين داخل الكنيسة بالصوم والصلاة وطلب معونة النعمة
الإلهية بشفاعة والدة الإله مرتلين:
"أيتها البتول إنك تطردين عنا صدمات
التجارب وطوارق الآلام، لذلك نسبحك مدى الدهور" (كانين الأودية الثامنة)

 
قديم 11 - 06 - 2014, 01:28 PM   رقم المشاركة : ( 4546 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الحروب الفكرية


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

هل الأفكار خطيئة
؟


يشكل
النوس أو الذهن جزءاً من الطبيعة البشرية، والحرية هي من تركيبة هذا
النوس الأساسية، وبما أن الله والإنسان أحرار فبالتالي هنالك يلتقيان.
(يُشار إلى أنّ الذهن، أو "النوس"، في اليونانية، لا يعني العقل، أو
"الذيانيا"، العقل هو عضو القوى الإدراكية في الدماغ فيما الذهن هو عضو
القوى الروحيّة في القلب.
و في الصلاة يتم حضور الذهن أمام يسوع)،
وبالمقابل يشكل هذا النوس ساحة الحرب الأساسية للشيطان ضد الإنسان.

عندما
تسأل راهباً ماذا تحاول أن تفعل في حياتك ؟ يقول أنقّي ذهني. لا يقول
أصوم، أقرأ أو أصلي بل أنقّي ذهني، لأنه يعرف أن الشيطان يعمل في ساحة
النوس ويحاربه من خلالها، وهناك يضع كل ثقله، لذلك يقوم الراهب بإغلاق
الثغرات التي يمكن أن يدخل منها الشيطان ليتعبه.
وهذه الثغرات أو الأفكار
الشريرة كثيرة الأنواع والأشكال، وتحارب الإنسانَ وتتعبه وكلها تكون عبر
الذهن "النوس"، وسنضرب مثالاً عن هذه الأفكار الشريرة ما يسمّى الفكر
السيئ الشرير.
يقول القديس يوحنا السلمي "الفكر السيئ هو عدو الإنسان أكثر
من أعدائه الآخرين". والفكر السيئ له المحاور التالية:


1-فكر
الهرطقة والشكوك حول الله ووالدة الإله والقديسين والكنيسة. (الله غير
موجود، والدة الإله غير عذراء، فتقول: كيف ولدت وبقيت غير عذراء، المناولة
ستقول: أنها خبز وخمر، المسيح لم يولد لم يقم...)، شهود يهوه على حق...الخ.


2-فكر الإدانة والشك والظنّ بالآخرين. (هذا إنسان بخيل، لا يطاق، زاني، سارق،..)


3- فكر الزنا يسيطر على الإنسان بسرعة ويأسره بشكل سريع بدون أن يشعر، ويكون مصدره إما شهوة داخلية أو حرب شيطانية.

هذه
الأفكار يضعها الشيطان أمام الإنسان لتدفعه إلى فقد رجائه، وهنا يأتي دور
الاعتراف كي نقول كل هذه الأفكار، وإذا خجل الإنسان ولم يستطع أن يعترف
فإنه ينغلق على ذاته وييأس.
يقول الأب باييسوس "ممكن أن تأتي أفكار سيئة
حول الله، العذراء، القديسين، الكنيسة، وحتى ضد الأب الروحي فلا تتعب منها
لأنها ليست أفكارك بل أفكار الشيطان" أي لا تتعب من أفكار الشيطان ولا
يهمك أمرها لأنها ليست أفكارك بل أفكاره، فلا يكون الإنسان مسؤولاً عنها
إلا إذا قبلها وأخذ يفكر فيها كثيراً.

اللحظة
التي يحزن الإنسان بسبب هذه الأفكار ليس إلا دليلاً على أنها ليست أفكاره
بل أفكار الشيطان، وعليه أن لا ييأس ولا يحزن وأن لا يقف عندها بل يحاربها
ويبعدها بلحظتها وليقل إنّ: هذه أفكار الشيطان وليست أفكاري.


يقول
الآباء على الإنسان مواجهة كل الأفكار ما عدا فكر الزنى فليهرب منه
وبعيداً، لأنه حرب من جهتين من جهة داخلية (طبيعة الإنسان) وخارجية (من
الشيطان)، ويجب أن لا يقول "سأجلس وأرى هذا وذاك ولن يحدث لي شيء"، هذا
غير صحيح لأنه أكيد سيصاب بشيء وستفسد نفسه ويُظلِمُ النوس الذي فيه، أما
الهروب من هذه الأفكار هو الحل الأفضل وهذه خبرة الآباء.


كيف
يمكن لإنسان يمجد لله ويسجد له وثم عند لحظة المناولة يأتيه فكر أن الذي
يتناوله هو خبز وخمر؟ طبعاً لا يمكن، لأن هذه الأفكار ليست أفكاره بل
أفكار الشيطان.
مثلاً: القديس إسحاق جُرّب بفكر أن المسيح لم يقم، هذا لا
يعني أنه يؤمن أن المسيح لم يقم ولكن أتاه هذا الفكر الشيطاني وهو لم
يقبله ولم يفكر به بل طرده فوراً، فلم يشارك في أفكار الشيطان ولم يقع في
شراكه.

تتغذى
الأفكار الشيطانية من الكبرياء ويحرقها التواضع. هناك أفاعي تعيش في
الظلام وتموت عندما ترى النور وهكذا يقول السلمي أخرج كل أفكارك من الظلمة
وضعها أمام أبيك الروحي،
لذلك الدواء الفاعل هو الكشف الصحيح والمستمر
للأفكار يقول القديس يوحنا السلمي: "واظب على سرّي التوبة والشركة لأنهما
دواء من ربنا يسوع المسيح نفسه للشفاء من الخطايا وللحذر منها في المستقبل
وهما أعظم إحسان نستمده من ناموس النعمة وينفعاننا في كل وقت" (الفصل
الخامس - في الوسائط الشافية).


كلنا تحاربنا الأفكار الشريرة، الموضوع كيف نواجهها؟

1. يجب أن لا نيأس عندما نقع في الفكر السيئ.

2. هي ليست أفكارنا بل أفكار الشيطان، فلا ندعها تتعبنا.

3. أن نتواضع وأن لا نتكبّر، ولا نحمّل ذاتنا أكثر من قدرتها، وأن نعترف بكل صراحة ووضوح.

4. أن نتشبّث برحمة الله.


الأهم
في الحروب الفكرية التي نتعرض لها ألاّ نسمح لها أن تجول فينا لتصبح هي
أفكارنا، وأن نحاربها بالكشف عنها أمام أب روحي، ونتكل على رحمة الله.



 
قديم 11 - 06 - 2014, 01:31 PM   رقم المشاركة : ( 4547 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

التجارب

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الأب أبيفانيوس ثيودوروبولوس



نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي

التجارب بركات

الأحداث التي تبدو الآن بلايا سوف تثبِت لاحقاً أنها بركات من الله.

التجربة والمكافأة

لا نسترضينّ مَن لا ينبغي إرضاؤه لتجنّب الصليب وتأمين راحتنا. لا
نسعيَنّ لإيجاد وسائد تافهة نريح عليها ضميرنا المذنِب. إذ عندها تسمح
إرادة الله بأن نعاني من تجارب قاسية ونخسر المكافأة في السماء.

غاية الآلام

ما كنا لنسعى للفردوس لولا وجود الآلام.

التجارب كالعمليات الجراحية

علينا أن نرضى بالآلام كما نرضى بصعوبة العملية الجراحية لكي نؤمّن
صحتنا. الألم يواضع الإنسان. وهو يقترب من الله بقدر ما يتّضع.

المعزي الوحيد

في الآلام الكبيرة وحده الله يعزّي. لهذا السبب، أفضل الأمور هي الصلاة وليست كثرة كلمات التعزية.

في وقت الألم انظروا إلى المصلوب.

الله لا يخطئ

تحكي إحدى البنات الروحيات: "قبل سنوات، في المدينة حيث كنا نقيم،
جرى أمر نادر لعائلتنا: فقد دفنت الزوجة زوجَها وأبناءها الثلاثة خلال
أربع أو خمس سنوات. ابنتها كانت قد تزوجت قبل أشهر قليلة من موتها. السؤال
الذي تملّكني هو ?لماذا يا رب؟? هذا كان تجديفاً مع أني قد انشغلت به في
البداية. لذا، اعترفت بهذا الفكر. جواب الشيخ كان بسيطاً جداً وحكيماً
جداً: ?اعرفي أمراً واحداً: أن الله لا يخطئ!?"

مواجهة الموت
بهذه الطريقة واجه الشيخ خبر موت أحد أبنائه الروحيين المحبوبين في
حادث سيارة: "المجد لك أيها الإله"، قالها ثلاث مرات، ومن ثمّ سأل عن
التفاصيل وعزّى النائحين.

انتبهوا إلى الطريقة التي بها أعلن الشيخ الموت المفاجئ
لوالد أحد التلاميذ من أبنائه الروحيين:
"يا بنيّ، إن أباك هو أولاً ابناً
لله ومن ثمّ هو أبوك. لذا الرب، الذي إليه ينتمي، دعاه إلى قربه".

آلام الأبرار

"أيها الشيخ، لمَ يسمح الله بأن يعاني الأبرار والفاضلون من الأمراض البغيضة؟"


"لكي يتطهروا حتى من أصغر آثار أهوائهم وليكسبوا إكليلاً أعظم
في السماوات. إلى هذا، بما أنه سمح بأن يتألّم ابنه المحبوب ويموت على
الصليب، ما الذي يمكن قوله للناس الذين، مهما سموا، يبقون أصحاب رقع
وقذارة من خطاياهم؟"

تبادل المواقع

كان أحد الشبان يتدرّب في مدرسة الضباط، كان يسأل الشيخ دائماً أن

يصلّي من أجله كي يترك المدرسة ويكون جندياً بسيطاً، لأنه كان يواجه
صعوبات كبيرة في المدرسة. وبعد حثّه على الصبر من دون جدوى،
قال له الشيخ
في النهاية: "يا بنيّ، لمّ لا تذهب إلى ملجأ الأمراض المستعصية، وتقترب من
شخص طريح الفراش وتقول له: ?أيها الصديق، فلتنبادل الأدوار.
أنت تذهب إلى
مدرسة الضباط وأنا أبقى في سريرك?. عندها سوف ترى، أنه لو كان هذا ممكناً،
لكان انطلق مثل الشرارة وجرى فرحاً ليأخذ موقعك
وحتى ليأخذ موقعاً أصعب
منه. آه، يا صغيري! نملك الصحة ومع هذا نحن ممتلئون بالتشكي والتذمر!"
فمضى الشاب وقد تغيّر متشجعاً
 
قديم 11 - 06 - 2014, 01:32 PM   رقم المشاركة : ( 4548 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الصوم و الحروب الشيطانية
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


التقليد المتوارث في الكنيسة بخصوص
الصوم أنه موسم تكثر فيه الحروب الروحية، ولذلك يحارب الشيطان كثيرا، فمن هو
الشيطان ولماذا يحارب البشر ؟.
الشيطان خليقة عاقلة ولكنه سقط نتيجة
تعاليه وكبرياؤه، والاسم "شيطان" مقتبس من الفعل العبري
"شَطَنَ" أي قاوم وعاند، ومنها جاءت الكلمة الإنجليزية
Satan (الشيطان) وأما الكلمة "إبليس" فقد جاءت
من الكلمة اليونانية Diapolo .
كما
أطلق عليه الكتاب أيضا ألقاب مثل الكذاب والأسد الزائر وقتّال الناس وبعلزبول
والمشتكي، واعتاد الناس أن يقولون عنه: عدو الخير.

ومنذ سقوط الشيطان وهو يحارب البشر ويشتكي عليهم، ولكنه ضعيف
جدًا ويستمد قوته من تخاذل الناس وضعفهم أمامه. فهو مثل وحش رديء إذا هربت منه
طاردك، وإذا طاردته هرب قدامك !!.
وهو يخاف من المتضع والقوي (أو القوي باتضاع) إذ
لا شيء يهزم الشيطان أكثر من الاتضاع.
فقد تقابل مرة مع القديس مكاريوس وقال له:
انظر يا مقاره هوذا كل ما تفعله أنت نفعله نحن، فأنت تصوم ونحن لا نأكل أبدا، أنت
تسهر ونحن لا ننام مطلقاً، أنت تركت العالم ونحن مسكننا الجبال والبراري، ولكنك
بشيء واحد تهزمنا، فقال لهم وما هو: فقالوا الاتضاع !! وحينئذ رشم القديس علامة
الصليب فاختفى الشيطان من أمامه.
والشيطان لا يعرف ما يدور في فكر الإنسان، ولكنه يستنتج فقط من
خلال ربط تصرف بآخر وشخص بآخر وشخص بمكان، أو من خلال تكرار تصرف معين،
أو التردد
على أماكن معينة وهكذا. ولقد أسهب الآباء كثيراً في التحذير من ذلك، لا سيّما
القديس أنطونيوس.
ولقد قبل الله ? بحسب تدبيره الذي لا ُيستقصى ? أن ُيجرّب من
الشيطان، حتى يتركه لنا ضعيفاً خائرا متهالكا ولكي يفضح ضعفه أمامنا، مثل مصارع
قوي أثخن خصمه بالجراح ولكنه لم يميته بل تركه لابنه الصغير يلهو به دون خوف
!.
وهو _ أي الشيطان _ ماكر ومخادع إذ ُيكرز للإنسان وهو أمام
الخطية بالرجاء ورحمة الله وبأن العديد من القديسين قد سقطوا وتابوا،
أمثال موسى
الأسود وداود النبي ومريم القبطية وغيرهم، ولكن وما أن يسقط الإنسان حتى يوقعه في
اليأس مذكرا إياه بالدينونة والعذاب وأشخاص هلكوا مثل عاخان بن كرمي وحنانيا
وسفيرة وغيرهم، إنه شيطان واحد في الحالتين، مثلما كان قديماً يهيج الولاة
ليضطهدوا المسيحيين ثم يشكك المسيحيين في الإيمان بالمسيح.
والشيطان لا ييأس فهو خبير بالنفس البشرية كأعظم عالم نفساني،
فالذي لا يستجيب في أول مرة يمكن أن يستجيب في الثانية أو حتى المئة دون أن ييأس،
وقد قرأنا كيف ظل يحارب راهباً لمدة أربعين سنة حتى أسقطه في خطيئة ما.
ولا يمكن
هزيمة الشيطان من خلال العقل البشري والتفكير التجريدي، فهو قوة عقلية جبارة ? فهو
وان كان قد فقد رتبته إلاّ أنه لم يفقد طبيعته وإمكانياته - وانما من خلال
الاحتماء في الله وطلب المعونة منه. إذن:
"اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم
كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو
" (بطرس الأولى 5 : 8)


***********************************

**

**

********

********
 
قديم 16 - 06 - 2014, 07:50 AM   رقم المشاركة : ( 4549 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

بسم الثالوث القدوس

ارسلني لاعصب منكسري القلب

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

روح السيد الرب علي لان الرب مسحني لابشر المساكين ارسلني لاعصب منكسري القلب لانادي للمسببين بالعتق وللماسورين بالاطلاق (اش1:61)

روحك القدوس يا الهنا هو فينا وديعه هو سبب لخلاص نفوسنا وسبب بركه للاخرين فكل من امتلا بروحك القدوس جال يكرز ويخدم ويفرح كل من حوله وكل من ولد من المعموديه ومسح بالميرون صار ممتليء بروحك القدوس فهيا الهب قلوب الخدام والرعاه بل وكل شعبك فيفرح الكل بخلاصك ويجول كل فرد في كنيستك يبحث عن الماسورين في الخطاياليحل رباطاتهم بالتعليم ويقودهم للكنيسه للتوبه اجعل في افواه الجميع كلامك لينادوا به ويبشروا بخلاصك اسكب روح المحبه والعطف في خدامك ليشعروا بكل منكسر القلب فيسندوه

امين




 
قديم 16 - 06 - 2014, 08:17 AM   رقم المشاركة : ( 4550 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,092

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

يا قليلي الإيمان

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أبونا الراهب سارافيم البرموسي


وأمّا الإيمان فهو الثقة بما يُرجَى

والإيقان بأمورٍ لا تُرى

عب 11: 1



من وحي المعجزة التي وردت في (مر 4: 37 -41) ..



بعد يومٍ طويلٍ مُمتلِئ بالمعجزات، في قرية كفرناحوم، دلف الربّ يسوع إلى القارب مع تلاميذه، متوجّهين صوب قريةٍ أخرى، ليُنادي باقتراب ملكوت الله، وليشفي أي مرضٍ وأي وجعٍ في الشعب؛ فقد كان، ليل نهار، يجولُ يصنع خيراً.

دخلوا السفينة معاً كالمعتاد. بدأوا في رفع الشراع وتوجيهه إلى قرية الجرجسيّين التي في بيرّيه على الشاطِئ الشرقي من نهر الأردن. جلسوا معاً يستعرضون اليوم الحافل الذي شهدوه مع الربّ يسوع بينما تركهم يسوع ليتّكئ في مؤخِّرة السفينة.

كان التلاميذُ يتباحثون حول المعجزات التي أجراها المُعلِّم في ذلك اليوم، وعيونهم تلمعُ من فرط الذهول لما عاينوه من عجائب. فتارةً يتحدّثون عن الأرواح التي كانت تخرجُ بكلمةٍ من فيه، وتارةً يتحدّثون عن شفاء حماة بطرس، ولكن ما استوقفهم، كانت كلمات المسيح لقائد المئة بأنّ له إيماناً أكثر من كلّ الإسرائيليّين، لأنّه آمن أنّ كلمةً واحدةً تكفي لشفاء غلامه المفلوج. كانت كلمات المُعلِّم لقائد المئة مسار جدلٍ بينهم؛ فقد رأى البعض أنّ لهم إيماناً يفوقُ إيمان قائد المئة الأممي، الذي أثنَى عليه يسوع.

وبينما هم يتحدّثون، بدأت أمواج البحر تتعالَى، وألقى صفير الرياح بصداه على مسامع التلاميذ. قاموا على الفور للإمساك بالشراع حتى لا ينكسر ولا تتغيّر وجهته، بيد أن الطبيعة كانت قد تعهّدت في تلك اللّيلة أنْ تُهَاجِم قاربهم الصغير، وكأنّها مُكلَّفةً بتلقينهم خبرةً إيمانيّةً جديدةً.

تعالت الأمواج، حتى وطأت بقطراتها أرض القارب.. اشتدّت الرياح العاصفة، حتى بدأ القارب في التأرجح وكأنّه دُميةٌ في يدّ أحد الأطفال، يتلهَّى به بتحريكه يميناً ويساراً ..

تدافع التلاميذ؛ منهم مَنْ امسك بدلوٍ لإخراج المياه من السفينة. ومنهم مَنْ تشبّث بالشِراع. ومنهم مَنْ وقف في ذهولٍ من تلك الثورة الفجائيّة للبحرِ. ومنهم مَنْ كان يتحرّك دون أن يعمل شيئاً!!.. ولكن، بقدر ما كانوا يحاولون النجاة، بقدر ما كانت الأمواج تتعالَى، والعواصف تتشدّد، والطبيعة تزأر ..

وفجأةً، حينما أدركوا أنّهم، لا محالة هالكون، وأنّ محاولاتهم للنجاة، لا تتعدَّى محاولات رضيعٍ أمام مقاتلٍ شديد القوة والبأس.. تذكّروا يسوع!!

بدأوا يتساءلون: أين المُعلِّم؟؟.. وجدوه نائماً!! هرول إليه التلاميذ، وأيقظوه في تلهُّفِ واستنكارٍ!!

وقال له أحدهم: يا مُعلِّم، أما تبالي أنّنا نهلك؟!!

نظر إليهم يسوع بحزنٍ، متذكِّراً إيمانَ قائد المئة الأممي، بكلمته!!

قام ووقف في مقدّمة القارب. تلاقت عيناه بالأفق، ثم نظر إلى البحر والموج والعاصفة، وانتهرهم بكلمات سلطانٍ، فهدأت العواصف وسكنت الأمواج، وكأنّها جروٌ صغيرٌ تطيع سيّدها. ساد صمتٌ مطبقٌ بين جنبات الطبيعة وعلى القارب!!

ثم التفت إليهم، ورمقهم بنظرة تحمل من المعاني أقسَى ممّا تحمله كلمات التوبيخ، وقال لهم، بنبرة يمتزج فيها الحزن بالعتاب: “ما بالكم خائفينَ هكذا، كيف لا إيمان لكم؟؟“

أما هم فأطرقوا برؤوسهم إلى أسفل، في خجلٍ من عدم إيمانهم، وهم الذين تعجّبوا من الثناءِ الذي لقيه قائد المئة من يسوع، على إيمانه، متوهّمين أنَّ لهم إيماناً..

تركهم يسوعُ وعاد إلى مؤخّرة السفينة مرّة أخرى، بينما بدأت، في تلك اللّحظة، خيوط الإيمان الأولَى تتكَّون في قلوبهم، حينما أدركوا هشاشة إيمانهم، وتيقّنوا من سلطان يسوع الكامل، حتى على الطبيعة..



الإيمان لا يبدأ في ولوج القلب قبل أن يتيقّن الإنسان من هشاشته،

بقدر يقينه من قدرة الله وسلطانه
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 07:40 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024