منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09 - 06 - 2014, 02:21 PM   رقم المشاركة : ( 4531 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ميمر عيد العنصرة


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


للأنبا بولس البوشي أسقف مصر
(أي القاهرة القديمة)




مقتطفات من عظة على عيد حلول الروح القدس على التلاميذ، المعروف بعيد العنصرة أو عيد الخمسين،
للأنبا بولس البوشي أسقف مصر في القرن الثالث عشر الميلادي،
نقلاً عــــن المخطوطة م 18 (ورقة 152 وجه إلى 174 ظهر) مكتبة دير القديس أنبا مقار ببرية شيهيت.







بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد




.
أيها الروح القدس المنبثق من الآب، الملك السماوي روح الحق الحاضر في كل مكان، وكل صقع، مالئ الكل، وكنز الصالحات، ورازق الحياة، هَلُمَّ واسكن فينا وطهِّرنا من كل دنس، أيها الصالح، وخلِّص نفوسنا.
كما كنتَ مع رسلك القديسين كُن معنا أيها السيد القدوس، وقدِّس القديسين، وطهِّر أجسادنا، وذكِّي عقولنا، وأضئ نفوسنا.
يا مَن منح الأميين حكمةً فاضلة حتى صاروا معلِّمين ومرشدين لكل المسكونة، امنح عبيدك تدبيراً يؤول إلى الحياة المؤبدة، أيها الروح المُحيي، لكي بك نحيا وتخلص نفوسنا.
وهَب لي أنا الحقير أن أتكلم بكرامتك أيها الروح الحق المتكلِّم في الناموس والأنبياء والقديسين إلى الأبد. أعطني معرفةً، يا مَن يُعطي كل المواهب الفاضلة، لكي ما أُعلِن مجدك المساوي مع الآب والابن في الجوهر والقِدَم والأزلية.
ألهمني منطقاً يا مَن ولدنا ميلاداً ثانياً لا يبلى لرجاء حياةٍ لا تَفنى، وبها نجسر وندعو الله أبانا، لكي أنطق بجلالة كرامتك وقوة أفعالك الكائنة في كل مكان. أيها الروح القدس المنبثق من الآب أبدياً، وهو مستقر في الابن أزلياً سرمدياً، بوحدانية الجوهر، بلا ابتداء ولا انتهاء.
أنت هو روح الحياة، روح النبوَّة، روح الطهارة، روح العفاف، روح القوة، روح المواهب الفاضلة الكثيرة الأنواع، روح الرسالة، روح البنوَّة، روح البتولية، روح القداسة، روح المعرفة، روح الحكمة، روح الثبات، روح الصبر، روح الإيمان الفاعل بكل سلطان وقوة وجبروت، ليس كالخادم، بل كالمسلَّط، الحاضر مع كل واحد وكائن في كل مكان، المحتوي على الكل ولا شيء يحويه، القوي الذي لا يُمانع، والفاعل على المالك (أي على الحال عليه)، الذي لا ينحاز ولا يُعاند.
البسيط في طبعه، العظيم في أفعاله، الجبار في اقتداره، معدن العطايا الفاضلة، وينبوع المواهب العالية، المُعطي نُطقاً للأنبياء، وبُشرى للرسل التامِّين، وتشجيعاً للشهداء، وعفة للبتوليين، ونسكاً للقديسين.
الفاعل في رتبة الكهنوت، ويُولِد (أي يلد) المتعمِّدين بنينَ لله الآب السماوي. وبواسطته تكملة الذبيحة من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن الشمال إلى اليمين.
روح البر والحق، البارقليط المعزِّي المنبثق من الآب، نسجد له ونمجده مع الآب والابن، كما سلَّمت إلينا الأمانة الأرثوذكسية.
وهكذا نؤمن أن الثالوث القدوس لاهوت واحد، لأن الله متكلمٌ حيٌّ لم يَزَل. فإذا قلنا الله فإنما نقول: الآب والابن والروح القدس؛ لأن الخواص لا تزيد عن ذلك ولا تنظم أقل من هذه، ولا نكون أيضاً مع ذلك نعبد ثلاثة آلهة، لئلا نكون كالوثنيين الذين يقولون بكثرة الآلهة، ولا نكون أيضاً كاليهود الذين يجحدون كلمة الله وروحه...
وهذا ذكرناه باختصار عن الثالوث القدوس، هذا الذي كان رمزاً في كتب الأنبياء، وظهر الآن بالتجسُّد العجيب (لابن الله).
فنقتصر الآن من هذا ونرجع إلى ما تكلَّمنا فيه أولاً، وهو شرف هذا العيد المجيد، أعني البارقليط المعزِّي، روح القدس المتكلِّم في الناموس العتيق والأنبياء الأطهار، المذكور ببيان في التوراة والأنبياء، كما هو مكتوب في بدء سفر الخليقة:
«في البدء خلق الله ذات السماء وذات الأرض، وكانت الأرض خالية خاوية، وكانت الظلمة غاشية وجه الغمر، وروح الله يرفُّ على المياه» (تك 1: 1-3)...
ومكتوب في السفر الثاني الذي يسمى سفر الخروج: «وكلَّم الرب موسى وقال له: اعلم أني انتخبت بصليا ابن أوري ابن حور من سبط يهوذا، وأسبغت عليه روح القدس، وملأته من الحكمة من العلم في كل عمل ليعمل... كل الأعمال التي أمرتك لصنعة القبة (أي خيمة الشهادة)» (خر 31: 2-5)...
وأيضاً مكتوب لما مسح صموئيل داود ابن يسَّى ملكاً ووضع عليه اليد وصلَّى عليه، حلَّ عليه روح القدس فتنبأ وبدأ يقول المزامير من ذلك اليوم (1صم 16: 13).
وأن روح الله انتُزع من شاول الملك عندما خالف كلمة الله ولم يعمل بها (1صم 16: 14)، ولأجل هذا الروح كان داود يتضرع إلى الله عندما أخطأ أن يُجدِّده فيه بالنبوَّة، لئلا يناله ما أصاب شاول الذي تقدَّمه، فتاب بقوة ورجع رجعة فاضلة وكان يتضرع قائلاً:



«قلباً طاهراً اخلق فيَّ يا الله، وروحاً مستقيماً جدِّده في أحشائي، لا تطرحني من يديك ولا تنزع عني روح قدسك، أعطني بهجة خلاصك وبروحك القادر ثبِّتني» (مز 51: 10). وقال: «روحك الصالح يهديني إلى سُبل الاستقامة» (مز 143: 10).
وقال أيضاً من أجل الروح: «فتحت فاي واستنشقت روحاً، لأني أحببتُ وصاياك» (مز 119: 131).



وإشعياء يقول: «منذ بدأت لم أتكلم في خِفية، بل أرسلني وروحه» (إش 48: 16).
وقال: «روح الله، روح الحكمة والفهم، روح المشورة والقوة، روح المعرفة والبر، الروح الذي يلهم مخافة الله» (إش 11: 2).
وقال: «روح الرب عليَّ من أجل هذا مسحني وأرسلني» (إش 61: 1)... والآن نتكلَّم على فعل الروح مع الرسل الأطهار، ونُبيِّن ما التفاضُل الذي بينهم وبين الأنبياء، لأن أولئك (أي الأنبياء) كانوا يتكلَّمون في حين حين (أي ليس في كل وقت) عند حلول الروح عليهم بما هو مزمع أن يكون لا غير؛ فأما الرسل فكان الروح حالاًّ فيهم دائماً مستمراً،
وذلك لأنهم تقلَّدوا تدبير كل المسكونة بالبُشرى الإنجيلية والتعليم والتعمُّد ووضع يد الرياسة وفعل الآيات. كما شهد الرب لهم بذلك قائلاً:



«إني معطيكم البارقليط يثبت معكم إلى الأبد، روح الحق الذي لا يطيق العالم أن يقبله، لأنهم لم يَرَوْه ولم يعرفوه، وأنتم تعرفونه لأنه مُقيم عندكم وهو ثابت فيكم» (يو 14: 16)...


هذا الذي بدأ ربنا يسوع المسيح له المجد قبل آلامه يُعرِّف رسله بجلالة مواهب الروح، ويُعزيهم ويثبِّت قلوبهم بإتيانه إليهم قائلاً: «والبارقليط روح القدس الذي يُرسله الآب باسمي، هو يعلِّمكم كل شيء، وهو يُذكِّركم كل ما قلته لكم» (يو 14: 26). وقال أيضاً: «إذا جاء البارقليط، روح الحق الذي من الآب ينبثق، هو يشهد لي، وأنتم تشهدون لي، لأنكم معي من الابتداء» (يو 15: 26-27).


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ثم قال: «ولكني أقول لكم الحق: إنه خير لكم أن أنطلق، لأني إن لم أذهب لن يأتيكم البارقليط» (يو 16: 7). أعني أنه لما كان هو معهم كان يُثبِّت قلوبهم ويرشدهم إلى الأشياء شفاهاً، وبه وجدوا عزاءً في رفض العالم، فلما صعد كان من عدله أن يُرسل لخواصه البارقليط، الذي تفسيره المعزِّي، ليكون ثابتاً معهم، ويجدون به عزاءً وسلوى ومجاهدة في البُشرى. قال: «وإن انطلقت أرسلته إليكم» (يو 16: 7)، لأنه هو مع أبيه واحدٌ. ولكي ما يُعرِّفهم ونحن معاً محبته فيهم واهتمامه بهم، قال:
«وإذا جاء ذاك فهو يوبخ العالم على الخطية، وعلى البر، وعلى الدينونة» (يو 16: 8)، أعني أن به يقتدرون على التوبيخ والتأنيب وإظهار الإيمان والدينونة العتيدة. وقال أيضاً:
«إن لي كلاماً كثيراًً أريد أن أقوله لكم، ولكنكم لستم تطيقون حمله الآن» (يو 16: 12)، عرَّفهم ضعفهم البشري عند معرفة الكمال.
قال: «فإذا جاء ذاك، روح الحق، هو يُرشدكم إلى جميع الحق» (يو 16: 13). قوله: «روح الحق» لأن الآب يُسمَّى «الحق» لقول الرب: «ليعرفوك أنك أنت الإله الحق والرب يسوع المسيح» (يو 17: 3).
وقال عن نفسه: «أنا هو القيامة والحق والحياة» (يو 14: 6)، وها هنا قال: «روح الحق» ليُبيِّن المساواة الواحدة التي للثالوث القدوس في وحدانية اللاهوت.
ولم يُعلِن الروح لرسله فقط، بل للجميع أيضاً، كمثل قوله لنيقوديموس: «الحق الحق أقوله لك: إن مَن لم يولد من الماء والروح لا يُعاين ملكوت الله» (يو 3: 5). وأيضاً في وسط الجمهور في اليوم العظيم عندهم، الذي هو آخر يوم في العيد، كان يُنادي ويقول:
«مَن كان عطشاناً فيُقبل إليَّ ويشرب. كل مَن يؤمن بي، كما قالت الكتب، تجري من بطنه أنهار ماء الحياة» (يو 7: 38)، قال الإنجيل: «إنما قال الرب هذا عن الروح، لأن الذين يؤمنون بـه مزمعون أن يقبلوه» (يو 7: 39).
وحتى بعد القيامة وعند صعوده أوصى رسله أن لا يبرحوا من أورشليم حتى يتدرَّعوا القوة من العلاء (أع 1: 4). فمكثوا منتظرين الوعد السمائي إلى كمال الخمسين.



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

هَلُمَّ إليَّ في وسطنا اليوم أيها الإنجيلي القديس لوقا، وأخبرنا كيفية حلول روح القدس على الرسل الأطهار. قال: «لما تمت أيام الخمسين» (أع 1)، أعني بعد قيامة الرب بخمسين يوماً، وهذا اليوم عند اليهود هو عيد العنصرة، وفيه كلَّم الله موسى على جبل طورسينا بنار تضطرم، وأعطاه الناموس والوصايا، فكان المثال موافقاً للحق والكمال، كما أن فصح المثال موافق لفصح الحق والكمال أيضاً. وقال: «وكانوا مجتمعين بأسرهم جميعاً»، أعني آباءنا الرسل الأطهار حافظين وصية سيدهم ألا يبرحوا حتى يلبسوا القوة السماوية. قال: «وكان من السماء بغتة صوتٌ كصوت الريح الشديدة»، أعني صوت هبوب الروح نازلاً من السماء، وبيَّن سرعته وقوته ليُعلن أنها قوة إلهية لا تُعانَد.
قال: «فامتلأ منه جميع ذلك البيت الذي كانوا جلوساً فيه»، أعني أنه إليهم خاصةً أتى، وأن هذه الموهبة الفاضلة عليهم خاصةً حلَّت دون أهل العالم، كقول الرب لهم:




وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
«إني لستُ أمنحكم كما يمنح العالم» (يو 14: 27).


قال: «وظهرت لهم ألسنة منقسمة شبه النار»، أعني أن الروح مساوٍ مع الآب والابن في الجوهر، ذلك الذي ظهر بشبه نار تضطرم في هذا العيد ذلك الزمان وكلَّم موسى في طور سينا وأعطاه الناموس،
وهكذا بهذا المثال ظهر للرسل الأفاضل واضعي أساس البيعة وأعطاهم قوة الكمال للناموس الجديد الدائم إلى الأبد. قال: «فاستقر على كل واحد واحد منهم»، فيا لهذا العجب كيف النار غير الهيولي، الذي منه يستضيء كل الأنوار، حلَّ على قوم بشريين ولم يحرقهم؛ بل زادهم قوة وشرفاً وفضلاً، حتى غلبوا كل الطبائع من النار المُحرقة والسموم وكل شيء أُخضع لهم.
قال: «فامتلأوا كلهم من روح القدس»، بيَّن ها هنا المساواة التي صارت للرسل في قبول الروح.
قال: «فبدأوا ينطقون بلسان لسان كما كان الروح يؤتيهم النطق»، بيَّن شرف الموهبة التي صارت للرسل أفضل من الذين كانوا قبلهم، ومن الذين يأتون بعدهم أيضاً وإلى الأبد لا يكون مثلهم.
وكيف نطقوا بألسنة لم يكونوا أَلِفوها ولغات لم يكونوا يعلموها، وليس ذلك من تلقاء أنفسهم، بل كما كان الروح المُسلَّط يهب لهم أن ينطقوا بذلك من حيث لا يعرفون كيف يأتيهم النطق، ليتم المكتوب أن: «لساني مثل قلم الكاتب» (مز 45: 1)، يعني أن القلم ليس له سلطان أن يكتب بل الكاتب يكتب به كما يشاء. ومَن هو الكاتب؟ قال: «بهي في الحُسن أفضل من بني البشر» (مز 45: 2)، أعني الرب الذي تجسد، وإن كان ظهر بالجسد كالإنسان، فإن بهاء لاهوته يفوق كل البشرية.
بابل الكلدانيين فيها فرَّق الله الألسن، اليوم ائتلف لوضع سنة الخلاص كما قال إشعياء: «إن كلمة الله تظهر بأورشليم، ومن صهيون تخرج» (إش 2: 3). ألسنة بابل فيها تفرَّقت الألسن لأن قومها أضمروا أن يبنوا برجاً ويتعالوا إلى السماء بعظمة وكبرياء، ففرَّق الله لغاتهم وبدَّدهم في كل الأرض. أما علِّية صهيون ففيها اجتمعت اللغات لتواضُع الرسل الذين بها واتِّباعهم أثر المعلم الحق، ليجمعوا الأمم والشعوب المختلفي اللغات ويُصيِّروهم رعية واحدة.
بابل في ذلك الزمان تفرَّقت فيها الألسن وصاروا غير موافقين لبعضهم بعضاً؛ علِّية صهيون فيها اجتمعت كنيسة واحدة مقدَّسة جامعة رسولية التي أسَّسها الرب برسله الأطهار...
فينبغي لنا أن نُعيِّد الآن بنقاوة روحانية موافقة للروح، في عيد الروح المعزِّي، ليحل فينا ويُطهِّرنا ويُنقينا من أدناسنا، ويحفظ الجسد طاهراً لأنه هيكل الروح القدس الحال فينا. نحفظ النفس وكل الحواس نقية لكي يُشارك الروح القدس أرواحنا ونستحق إرث البنوَّة في الملكوت الأبدي.
إذ الرسول يُعلِّمنا بمثل هذه الأشياء قائلاً: «فلنعش الآن بالروح» (غل 5: 25)، ونوافقه بروح ضميرنا، ونحْذَر أن نصنع ضد ذلك لئلا يسخط الروح،
إذ يقول: «لا تُسخِطوا روح الله الذي خُتمتُم به ليوم النجاة ، بل كل تذمر وفرية فلينزع ذلك منكم مع بقية الشرور» (أف 4: 30-31). نرحم أهل الفاقة لكي يكمل مسرة الروح ونستحق الرحمة، لأن الرحمة تفتخر على الدينونة،
كما يقول يعقوب الرسول (يع 2: 13). نصنع سلاماً وصُلحاً في نفوسنا المقاتلة مع أوجاع أجسادنا. نعزِّي المتضيقين والمحبوسين بافتقادنا، ليكون الروح القدس المعزِّي يعضدنا ويقوينا في شدائدنا كالمكتوب:
«اسند الصغيري الروح بكلمة، وتسندك اليمين القوية» (1تس 5: 14). نغار على السيرة الروحانية ونجسر عليها، هذه التي سلك فيها الآباء الفُضلاء لابسي الروح، ونتشبَّه بهم حسب قوتنا، ليكون لنا إرث ونصيب معهم في المظال الأبدية.
ونحن نسأل ربنا يسوع المسيح الذي افتقد رسله الأطهار بموهبة روح قدسه أن يُطهِّر نفوسنا، ويغفر خطايانا، ويتجاوز عن سيئاتنا، ويسامحنا بهفواتنا، ويمنحنا سيرة روحانية بقية أيام حياتنا.
ويُنيِّح نفوس أسلافنا من كافة بني المعمودية الذين رقدوا على رجاء الإيمان باسمه القدوس، ويجعلنا مستحقين سماع صوته المملوء فرحاً القائل: «تعالوا إليَّ يا مباركي أبي، رِثوا المُلك المُعد لكم من قبل إنشاء العالم» (مت 25: 34)،


بشفاعة سيدتنا البتول القديسة الطوبانية مرتمريم الطاهرة،
وكافة الشهداء والقديسين والسواح والمجاهدين،
ومَن أرضى الرب بأعماله الصالحة،
ويُرضيه من الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين وأبد الآبدين
آمين
 
قديم 09 - 06 - 2014, 02:24 PM   رقم المشاركة : ( 4532 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

العنصرة
اثنين الروح القدس


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


أحد العنصرة هو عيد ميلاد الكنيسة حيث حل الروح القدس على التلاميذ الذين بدورهم ذهبوا وبشروا العالم بالخلاص الآتي من الإله الحقيقي أي الثالوث القدوس.
نعيد في أحد العنصرة للشخص الثالث من الثالوث القدوس أي "الروح القدس"، ولذلك نصرخ قائلين: " قد نظرنا النور الحقيقي وأخذنا الروح السماوي"، الروح القدس هو شخص لكنه أفضل من الإنسان وحتى الملائكة، هو الشخص الثالث لثالوث القدوس، مساو في الجوهر والعرش للآب والابن، وكما أن الآب هو الإله الحقيقي والابن هو الإله الحقيقي كذلك الروح القدس هو الإله الحقيقي، منبثق من إله حقيقي.
الآب إله كامل والابن إله كامل كذلك الروح القدس إله كامل, وهم ليسوا ثلاث آله بل إله واحد، هذا سر الأسرار أي سر الثالوث، الذي يتم بالمعرفة والإيمان بالشيء الذي لا يرى "وأما الإيمان فهو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى" (عبر1:11).

ما هو عمل الروح القدس؟ الآب والابن يعملون كل شيء بواسطة الروح القدس، إن كان الأب قد رتب الخلاص للبشر والابن تجسد آخذاً الطبيعة البشرية وصلب وقام لخلاص البشرية فإن الروح القدس يعمل عبر أسرار الكنيسة، أو بحلوله حيث يشاء، يحقق هذا الخلاص لكل مؤمن.

من يوم العنصرة يبقى الروح القدس في الكنيسة مُنيراً ومرشداً وحافظاً إياها من الفساد وقائداً إياها لملئ الحقيقة.
تميّزت الفترة ما قبل المسيح بخصوصية للآب، وفترة تجسد المسيح عُرفت بحضور الابن المتجسد
أما من يوم العنصرة وما بعد فإنها فترة حضور للروح القدوس، والكثير منا يتجاهلون الروح القدس وإلوهيته ولا يهتمون كفاية بالشخص الثالث للثالوث القدوس. التبشير بعمل المسيح وتعاليمه هو شيء ضروري جداً ومهم ولكنه ليس حسن أن نتجاهل عمل الروح القدس.
هو حسنٌ أن نرفع أّذهانا لله الآب ولكنه سيء أن لا نفكر بالروح القدس، بالشخص الثالث "ألمساو للآب بالجوهر"، إذا نسينا الروح القدس في عبادتنا فهي علامة الفقر الروحي لأننا نسينا نبع الفضائل المسيحية، الروح القدس.

يبقى السؤال المهم: ماذا أعمل حتى أبقى على تواصل مع الروح القدس، بالتالي أيضاً مع الثالوث القدوس؟
أولاً علينا أن لا نحزنه بخطايانا، ثانياً أن نصير في شركة حقيقية معه عبر الكنيسة، ثالثاً أن نعطيه حقّه في عبادتنا وليتورجيتنا بأن تكون ثالوثيه بامتياز.

أيها الملك السماوي المعزي روح الحق


الحاضر في كل مكان


المالئ الكل كنز الصالحات ورازق الحياة


هلما واسكن فينا وطهّرنا من كل دنس
وخلص أيها الصالح نفوسنا. أمين.
 
قديم 09 - 06 - 2014, 02:26 PM   رقم المشاركة : ( 4533 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

عيد حلول الروح القدس - عيد العنصرة


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


نحتفل بعيد عظيم من الأعياد السيدية الكبرى في الكنيسة القبطية وهو عيد حلول الروح القدس ويسمي أيضاً عيد الخمسين أو عيد العنصرة وكلمة عنصرة معناها اجتماع لأن فيه كانوا يجتمعون في الهيكل للعبادة (وتقديم الذبائح)

وفيه كان الآباء الرسل وتلاميذ الرب مجتمعين في العلية بنفس واحدة في الصلاة والتضرع انتظاراً لحلول الروح القدس حسب وعد الرب الذي أوصاهم ألا يبرحوا أورشليم بل ينتظروا موعد الآب الذي هو حلول الروح القدس .



@ ويسمي عيد الخمسين لأنه يأتي بعد خمسين يوماً من عيد القيامة المجيد .

إن العدد خمسين في الكتاب المقدس يشير إلي العفو والصفح ، وفي العهد القديم كانوا يقدسون السنة الخمسين ويسمونها سنة اليوبيل حيث يحرر فيها العبيد ويعفي المديونون من ديونهم ، وفي عيد الخمسين أسس الله كنيسته المقدسة بعد أن عفا عن شعبه وحررهم من عبودية إبليس والخطيئة وجعلهم له بنينا وخاصة .


@ كان عيد الخمسين في العهد القديم يأتي دائماً يوم أحد كما جاء في الإصحاح الثالث والعشرين من سفر اللاويين ، وفي العهد الجديد يأتي عيد الخمسين أيضا يوم أحد تماماً
كما يأتي عيد القيامة دائماً يوم أحد مما جعل الكنيسة المقدسة منذ تأسيسها تقدس يوم الأحد وتسميه يوم الرب وتجعله يوم العبادة والصلوات والراحة وعليه ينطبق قول المزمور:
"هذا هو اليوم الذي صنعه الرب فلنفرح ونبتهج فيه،يارب خلصنا يارب سهل سبلنا.مبارك الآتي باسم الرب " مز26:24:118 .



@ لقد حل الروح القدس علي الكنيسة الأولي بكل أعضائها الذين كان عددهم مائة وعشرون شخصاً في علية صهيون بأورشليم ، وكانت تلك العلية هي الدور العلوي من بيت عائلة مرقس الذي هو مار مرقس الرسول كاروز الأسكندرية والديار المصرية ،
وقد أصبح هذا المكان أول كنيسة في العالم بعد أن حل فيه الروح القدس وباركه ، وقبل ذلك كان يجتمع فيه الرب يسوع المسيح مع تلاميذه القديسين وفيه أسس سر التناول المقدس وفيه ظهر لتلاميذه أكثر من مرة بعد قيامته المقدسة .



@ وعن عيد حلول الروح القدس نقرأ في الإصحاح الثاني من سفر أعمال الرسل الآيات المقدسة التالية:"ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معا بنفس واحدة وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين،
وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار واستقرت علي كل واحد منهم وامتلأ الجميع من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخري كما أعطاهم الروح أن ينطقوا
(أع 4:1:2)
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إن تعبير " كان الجميع معا بنفس واحدة "تعبير بسيط في مبناه عظيم في معناه ، فالحياة بمحبة وشركة بنفس واحدة وقلب واحد وفكر واحد وهدف واحد كانت هي السمة الغالبة علي الكنيسة الأولي
وكانت هي السبب الرئيسي في حلول الروح القدس عليها واستقراره فيها كما كانت هي السبب الرئيسي في قوة الكنيسة وصمودها ونجاحها وانتشارها،ونجد أن هذه العبارة القوية تتكرر في أماكن كثيرة من سفر أعمال الرسل وهو سفر تاريخ الكنيسة الأولي فمثلاً :



@ كانوا يواظبون علي الصلاة بنفس واحدة (أع 46:2 ).


@ وبعد التهديدات اليهودية لهم"رفعوا بنفس واحدة صلاة الي الله ولما صلوا تزعزع المكان الذي كانوا مجتمعين فيه " (أع 31:4).


@ وكان لجمهور الذين آمنوا قلب واحد ونفس واحدة ولم يكن أحد يقول أن شيئاً من أمواله له بل كان عندهم كل شيء مشتركاً (أع32:4) .


@ وحينما اجتمع أول مجمع كنسي في أورشليم لمناقشة وتقنين بعض الأمور الكنسية صدر قرار المجمع هكذا "رأينا وقد صرنا بنفس واحدة أن نختار رجلين ونرسلهما إليكم مع حبيبنا برنابا وبولس لأنه قد رأى الروح القدس
ونحن أن لا نضع عليكم ثقلا آخر غير هذه الأشياء الواجبة أن تمتنعوا عما ذبح للأصنام وعن الدم والمخنوق والزنا التي إن حفظتم أنفسكم منها فنعما تفعلون كونوا معافين" (أع 29:25:15 ).



@وينصحنا معلمنا بولس الرسول في رسالة رومية قائلاً "ليعطكم إله الصبر والتعزية أن تهتموا اهتماماً واحداً فيما بينكم بحسب المسيح يسوع لكي تمجدوا الله بنفس واحدة وفم واحد
(رو 5:5) .



@ ويكرر النصح في رسالة فيلبي قائلاً "تمموا فرحي حتى تفتكروا فكراً واحداً ولكم محبة واحدة بنفس واحدة مفتكرين شيئاً واحداً" (في1:2) .


ما أحوجنا أيها الأحباء إلي الفكر الواحد والنفس الواحدة والقلب الواحد لذلك نصلي في القداس الإلهى قائلين"وحدانية القلب التي للمحبة فلتتأصل فينا" إن الاتحاد قوة والتفرق ضعف ، ما أفدح الأضرار والخسائر التي يسببها التفرق والانقسام،وما أعظم المنافع والبركات التي يجلبها الاتحاد وتوحيد الكلمة والفكر والهدف والصف .


@ لقد صاحب حلول الروح القدس علي التلاميذ بعض المظاهر نذكر منها :


أولاً : صوت كما من هبوب ريح عاصفة .

ثانياً : ظهور ألسنة منقسمة كأنها من نار .
ثالثاً : التكلم بألسنة .




المظهر الأول : ريح عاصفة



والريح ترمز للروح ، وقديماً كلم الله أيوب الصديق من العاصفة (أي 1:38) وأرسل الله ريحاً عاصفة علي سفينة يونان نفذت كل مقاصده .



ونلاحظ أن هذه الريح العاصفة في يوم الخمسين هبت علي المنزل الذي كان فيه الرسل دون بقية منازل المدينة حتى تظهر أنها شيء فائق للطبيعة،
كما حدث في جزة جدعون ، فمرة يكون طل علي الجزة وحدها وجفاف علي الأرض كلها ومرة يكون جفاف في الجزة وحدها وطل علي الأرض كلها (قض40:37:6 ).




إنها قوة الله القادرة علي كل شيء والتي لا يعسر عليها شيء ، وهذه الريح العاصفة التي هبت علي علية صهيون وحدها رغم محدوديتها كانت قوية ومدوية حتى أنها سمعت في كل أرجاء أورشليم فتجمع الناس بكثرة حول البيت ليروا هذا الحدث العجيب،
وليسمعوا عظة بطرس الرسول المؤيدة بالروح القدس ويؤمن منهم بالمسيح ثلاثة آلاف فرد يكونون النواة الأولي للكنيسة الصاعدة الواعدة .



المظهر الثاني : ألسنة من نار

وفي العهد القديم ظهر الله لموسى في عليقة (شجرة صغيرة) مشتعلة بالنار (خر3) وحل الله علي جبل سيناء بمنظر النار أيضاً (خر19) وكان المنظر مخيفاً حتى قال موسى أنا مرتعب ومرتعد (عب21:12 ).

والنار تشير إلى عمل التطهير وقد حل الروح القدس علي التلاميذ مثل ألسنة نار لكي يطهرهم من خطاياهم ومن ضعفاتهم مثل الخوف والشك واليأس الذي كان يعتريهم أحياناً .

وألسنة النار أعطتهم ألسنة اللغة فابتدأوا يتكلمون بألسنة أخري كما أعطاهم الروح أن ينطقوا .



المظهر الثالث : التكلم بألسنة

فقد اقتضت حكمة الله أن يعطي الروح القدس الذي حل علي الرسل في يوم الخمسين موهبة التكلم بألسنة ولغات حية لأولئك الرسل فصاروا يتكلمون بلغات كثيرة حتى تعجب الحاضرون وقالوا: نحن نسمع كل واحد منا لغته التي ولد فيها (أع8:2) وذكروا حوالي 16 جنسية تتكلم 16 لغة ،
والمعروف أن الآباء الرسل كانوا شبه أميين ومطلوب منهم أن يبشروا العالم أجمع كما قال لهم الرب يسوع :"اذهبوا إلي العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها (مر15:16) .



وكان علي الواحد منهم إذا أراد أن يتعلم لغة أجنبية واحدة ويتقنها أن يدرس عدة سنوات ويبذل جهداً كبيراً ، فأراحهم الله من هذا الجهد وأعطاهم موهبة التكلم باللغات حتى ينتشروا في الأرض سريعا وينشروا الإيمان في كل مكان مجتذبين الناس من ظلمة الوثنية وجهلها إلي نور المسيحية وسموها .
 
قديم 09 - 06 - 2014, 02:27 PM   رقم المشاركة : ( 4534 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

العنصرة المستمرّة


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


كان شعب العهد القديم يحتفل يومَ عيد العنصرة بذكرى استلام موسى النبيّ لوحَي الشريعة على طور سيناء. أمّا في العهد الجديد فالعنصرة هي ذكرى حلول الروح القدس على التلاميذ بعد صعود السيّد المسيح إلى السماء.
وقد اعتبرت الكنيسة المقدّسة أنّ يوم العنصرة هو يوم انطلاق دعوتها الأساسيّة إلى المسكونة تلبيةً لأمر الربّ لهم:
"إذهبوا وتلمذوا كلّ الأمم معمّدين إيّاهم باسم الآب والابن والروح القدس" (متّى 19:28). وهذا ما حدث يوم العنصرة بعد عظة القدّيس بطرس الرسول إذ اعتمد "نحو ثلاثة آلاف نفس" (أعمال الرسل 41:2).
لم تعتبر الكنيسة أنّ العنصرة حدث صار في الزمن لمرّة واحدة منذ أقلّ من ألفي سنة بنـزر يسير. فالعنصرة مستمرّة وهي تحدث في كلّ مرّة تجتمع فيه الكنيسة متحلّقة حول ربّها وسيّدها ورأسها ومخلّصها يسوع المسيح. ولا تغيب صلاة حلول الروح القدس عن أيّ صلاة تقدّيسيّة تبارك فيها الكنيسة المؤمنين، وبخاصّة في معظم الأسرار.
فالروح القدس هو الذي يرافق الكنيسة ويسندها ويعضدها في مسيرتها الزمنيّة نحو الاكتمال في الملكوت الآتي.
العنصرة، إذًا، ليست حدثًا منعزلاً نعيّد لذكراه بل هي حياة الكنيسة الدائمة، هي التذوّق السابق للملكوت الآتي.
هكذا استمرّت العنصرة بواسطة "وضع الأيدي" التي كان يمارسها الرسل مع المهتدين حديثًا إلى الإيمان: "إنّ الروح القدس يُعطى بوضع أيدي الرسل" (أعمال 18:8). ويخبرنا كتاب الأعمال أيضًا أنّ السامريّين كانوا قد اعتمدوا باسم الربّ يسوع،
"ولم يكن قد حلّ الروح القدس على أحد منهم"، فجاء إليهم بطرس ويوحنّا وصلّيا من أجلهم "لكي ينالوا الروح القدس"، "فـوضـعـا حـينـئـذ أيـديـهـمـا عـليـهم فنالوا الروح القدس" (أعمال 14:8-17).
وفي أفسس أعتمد المهتدون باسم الربّ يسوع، "ووضع بولس يديه عليهم فحلّ الروح القدس عليهم" (أعمال 1:19-7).
الروح القدس في عنصرته الدائمة يرافق المؤمنين، فردًا فردًا، طيلة حياتهم بدءًا من معموديّتهم. ففي صلاة تقديس الماء إبّان خدمة سرّ المعموديّة يستدعي الكاهن الروح القدس على الماء بقوله: "فأنت إذًا أيّها الملك المحبّ البشر احضر الآن بحلول روح قدسك وقدّس هذا الماء".
ثمّ بعد التغطيس يقرأ الكاهن صلاة سرّ الميرون المقدّس ثمّ يدهن الطفل المعمّد بالميرون قائلاً: "ختم موهبة الروح القدس"، فيكون الميرون علامة حلول الروح القدس على الطفل المعمّد وعلامة سكنه فيه وعلامة فعله التقدّيسيّ.
فـ"موهبة الروح القدس" كما يقول لاهوتنا الأرثوذكسيّ هو الروح القدس نفسه لا بعضه ولا شيئًا فائضًا منه. والميرون المقدّس، بهذا المعنى، يكون العنصرة الشخصيّة للمعمّد الجديد.
اللافت في سرّ الإفخارستيا (سرّ الشكر)، المتمَّم في القدّاس الإلهيّ، هو أنّ خادم السرّ (الأسقف أو الكاهن) يتضرّع إلى الله بقوله: "وأيضًا نقرّب لك هذه العبادة الناطقة وغير الدمويّة ونطلب ونتضرّع ونسأل، فأرسلْ روحك القدّوس علينا وعلى هذه القرابين الموضوعة. واصنعْ أمّا هذا الخبز، فجسد مسيحك المكرَّم، آمين. وأمّا ما في هذه الكأس فدمَ مسيحك المكرَّم، آمين".
لا تقتصر الصلاة هنا على تحويل الخبز والخمر إلى جسد ودم الربّ، بل تطلب أوّلاً حلول الروح القدس "علينا"، أي على المشتركين. حلول الروح القدس على القرابين يحصل كي ينال المشتركون بها مغفرة الخطايا وكي يدخلوا في شركة الروح القدس وكي يتّحدوا بصفتهم جسد المسيح، أي الكنيسة، برأس هذه الكنيسة، أي بالرب يسوع المخلّص. لذلك لا يمكن فصل حلول الروح القدس على المشاركين في القدّاس عن حلوله في القرابين المقدّسة. القدّاس نفهمه إذًا عنصرةً دائمة.
ويحضر الروح القدس في سرّ الكهنوت، أي سيامة الأساقفة والكهنة. ولدينا في العهد الجديد مثال القدّيس تيموثاوس نموذج الأسقف من أبناء الجيل الذي تلا جيل الرسل. فالرسول بولس يكتب إليه موصيًا: "لا تـهمـل الموهـبة التي هي فيك التي أوتيتها عن نبوّة بوضع أيـدي الكهنـة عليـك" (1 تـيـمـوثـاوس 14:4)، وفي رسالته الثانية إلى تيموثاوس يقول بولس الرسول: "أذكّرك أن تذكّي موهبة الله التي فيك بوضع الأيدي" (6:1).
وبعد أن أعطاه موهبة وضع الأيدي ليختار الكهنة المؤهّلين، أوصى بولس تيموثاوس بقوله في رسالته الأولى إليه: "لا تستعجلْ في وضع يديك على أحد" (22:5).
وهكذا انتقل سلطان وضع الأيدي من الرسل إلى أتباعهم من الأساقفة، ومنهم إلى كلّ الأجيال المتتابعة من الأساقفة. وفي السياق نفسه يتمّ اختيار الشمامسة بوضع الأيدي كما جرى في انتخاب الشمامسة السبعة (أعمال 6:6).
يضيق المجال بنا في هذه المقالة لإيفاء موضوعنا حقّه، وبخاصّة فيما يختصّ ببقيّة الأسرار. غير أنّه يسعنا القول إنّ الروح القدس نفسه الذي جعل ابن الله يسكن في أحشاء مريم يوم البشارة: "إنّ الروح القدس يحلّ عليك وقوّة العليّ تظلّلك" (لوقا 35:1)، هو نفسه الروح القدس الذي به تأسّست الكنيسة يوم العنصرة، وهو نفسه الذي يحضر في وسط الجماعة المصلّية ويحوّلها إلى جسد المسيح.
وإذا شئنا التوسّع قليلاً لقلنا إنّ الروح القدس نفسه الذي كان عند البدء في الخلق "يرفّ على وجه المياه" (تكوين 2:1) هو نفسه الذي سيحفظ نفوسنا إلى حياة أبديّة لا نهاية لها.
 
قديم 09 - 06 - 2014, 02:28 PM   رقم المشاركة : ( 4535 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

صعود الرّبّ وهبوط الألسنة

مرقس 16: 15 ? 20 ؛ يوحنا 14: 15 ? 21

رسل 1: 1 ? 14 ؛ رسل 2: 1 ? 13


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



افتتح لنا المسيح بصعوده إلى السماء الخلق الأبدي الجديد الذي لم تره عين بعد. دخل هذا الخلق في أذهان وضمير وإيمان الرسل يوم العنصرة. أما نحن فقد اختبرناه جميعاً في معموديتنا بالماء والروح وباسم القائم من الموت يسوع المسيح (روم 6؛ أف 1: 13، 4: 17 ? 30) ، معطي هذا الروح الذي ناله من الآب السماوي (يوحنا 15: 7).

أحدث هذا الخلق بفعل المسيح القائم والصاعد بالمجد إلى السماء تغييراً في الطبيعة الخاضعة للزمان والمكان، المحكومة بالموت. من هنا ، فإنه من حق كنيسة الأرض الملتزمة، المجاهدة، المصليّة أن ترى ذاتها مخلَّصة، صاعدة إلى السماء في رحلة مع الابن نحو الآب. والرّبّ يسوع حفاظاً منه على مسيرة هذه الكنيسة معه نحو الآب ، طالبها بالصلاة والتوبة مؤكداً لها أن كل ما تطلبه باسمه وبالصلاة يعطى لها. ألم يقل: "... كل ما تسألون أبي باسمي يعطيكم" (يوحنا 16: 23). فبالصلاة وقبول البشرى السارة، والإيمان، والعماد المقدس، والنعمة، يُخَلَّص العالم ويصعد إلى السماء فيكون فرحه كاملاً (يوحنا 16: 24).

يُدْخلنا الإيمان في سرِّ موت المسيح وقيامته، ويمنحنا نعمة استحقاق الصعود والجلوس عن يمين الله. وهكذا، فالكنيسة مُلزَمَةٌ أن تضع البشريِّة جمعاء على طريق ابن الله، طريق السماء الذي يعرفه وحده دون سواه، لأنه من السماء أتى متجسداً وإليها صعد ممجداً. ألم يقل: " . . . إني ذاهب لأعد لكم مكاناً" (يوحنا 14: 2)، "... لا يمضي أحد إلى الآب إلاّ بي" (يوحنا 14: 6)، "أنا الخبز الحي الذي نزل من السماء ..." (يوحنا 6: 51)، "أنتم من أسفل وأنا من عَلُ . أنت من هذا العالم وأنا لست من العالم هذا" (يوحنا 8: 23)، "... إنه خير لكم أن أذهب ..." (يوحنا 16: 7) .




عاد الابن الإلهي إلى الآب السماوي فاكتمل مجده الذي بدأ لحظة تنفيذه المخطط الخلاصي بالطاعة الكاملة عبر التبشير والألم والموت على الصليب والقيامة وصولاً إلى الصعود والجلوس عن يمين الآب الذي أرسله. وقد عاش واقع هذا المجد قبل أن يتحقق بقوله: " الآن تمجَّد ابن الإنسان ..." (يوحنا 13: 31) متوجهاً إلى أبيه السماوي بالقول: "... مجِّدني أنتَ لديك، بذاك المجد الذي كان لي لديك قبل أن يكون العالم" (يوحنا 17: 5). لقد مجَّده الآب كما تمجد الآب به. مجّده أولاً بتحويله الماء خمراً (يوحنا 2: 11)، وثانياً بما تمّم من آيات نخص بالذكر منها إقامة لعازر من الموت (يوحنا 11). ولنا قول مأثور للقديس بولس في رسالته إلى أهل فيلبي وفيها يقول: "... أفرغ ذاته، واتخذ صورة عبد ... لكي يعترف كل إنسان أن يسوع المسيح هو ربٌّ لمجد الله أبيه " (فيلبي 2: 6 ? 11).

إن المجد الذي مُجِّد به يسوع وتَمَجَّد به الآب، دفع بالعزة الإلهية إلى سكب كامل نعمتها على من سيحملون البُشرى السارة للبشرية جمعاء عملاً بقوله: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم ..." (متى 28: 19). وقد تصفّى هذا الحب الإلهي لحظة صلاة الرسل وهم مجتمعين، معزولين عن العالم، والعالم معزول عنهم، والصوت السماوي يُدَوِّي كريح شديدة ، وألسنة النار تهبط من السماء مستقرة على كل واحد منهم، والريح والنار هما من علامات حضور الله وفعله الذي ظهر في شخص الرسل فملأهم فرداً فرداً من الروح القدس ، والروح يحيي ويكمِّل، ويعطي الكنيسة أن تتكلم. والكنيسة قالت وتقول كلمتها. ويا للأسف ، من يسمع؟ والرد على هذا، نختصره بما أورده القديس يوحنا في إنجيله مستشهداً بأشعيا بالقول: " أعمى عيونهم وقسّى قلوبهم لئلا يبصروا بعيونهم ويفهموا بقلوبهم ويرجعوا فأشفيَهم" (يوحنا 12: 40؛ متى 13: 15).




أما الألسن فهي مرتبطة بالله، بلغته الإلهية، لغة التحدُّث بالعظائم والعجائب والآيات، لغة عبَّر عنها الرسل منشدين بعمل الروح دون أن تكون للآخرين إمكانية فهمها . وقد شهد القديس بولس في رسالته إلى أهل قورنتس أنه يملك هذه الموهبة (1 قور 14: 18). وهكذا، فإن ألسنة الرسل ولغاتهم إلتقت في العنصرة مع بعضها البعض بقوة الروح القدس الذي وحده القادر أن يعطي كامل الفهم والوعي والحكمة والمعرفة للمؤمنين به.

نال الرسل بصعود الرّبّ إلى السماء وهبوط الألسنة عليهم، قوة الروح وسلطان السماء ومجد الملكوت، فتمكّنوا من أن يكونوا رسلاً لا يهابون الموت حباً بمعلمهم وربِّهم يسوع المسيح. هؤلاء الذين مجّدوا الله بألسنتهم وإيمانهم، مجّدهم الله بالسلطان المعطى لهم، فغدوا في عالم الأرض شهوداً لعالم السماء.

بدّلت قوة الروح فكرهم، فغدا فكر السماء على الأرض. بشَّروا به، عانوا من أجله ودفعوا الثمن غالياً. وها بولس الرسول يشهد مفتخراً بالقول: "أما نحن فعندنا فكر المسيح" (1 قور 2: 16). هذا الفكر الخلاصي حرّرهم من قيودهم الضيِّقة وعالمهم المحدود ومكَّنهم من العيش في سماء ربهم الذي اصطفاهم ونقّاهم وثبّتهم وقدّسهم.

عاش الرسل حالة "التكلم بالألسنة" ، فأدهشوا مِنْ حولهم عارفيهم وسامعيهم، وأيقظوا بصيرتهم فأدركوا أنَّ مَنْ استقرت عليهم الألسنة هم من الأرض وليسوا لها، ولن يكونوا منها بعد اليوم. ثبّت أبناء الروح هؤلاء، عالم الملكوت في عالم الأرض بقوة وسلطان ، فغفروا وأمسكوا خطايا، شفوا مرضى وأقاموا موتى، زارعين في النفوس كلمة الحياة بدلاً من الخطيئة والموت. هؤلاء هم الرسل الذين استقرت عليهم الألسنة وأصعدهم الله إلى ملكوته.

وبعد، نتساءل بأيّة ألسنةٍ تتكلم إنسانية اليوم ؟ هل تتكلم بألسنتها المتحركة عبر النهار والليل ضمن حراكٍ مساحاته محدودة ومؤقتة؟ أم أنها تتكلم بالألسنة ذاتها فتهدي من حولها النفوس؟

يدل الواقع المنظور أن إنسانية اليوم تعيش بأغلبيتها عالم الخطيئة معتبرة إياه جزءاً لا يتجزأ من مسيرة حياتها على الأرض. والأخطر، لم تعد تشعر أنها خاطئة، لم تعد تنظر وتحكم وتعمل كما أنها لم تعد تمتلك الحس الكنسي. تتكلم هذه الإنسانية عن حضارة الموت والدمار الشامل ظنّاً منها أنها تبني العالم الجديد، المتحضِّر، الحرّ غير الخاضع لقيود. تتلكم متناسية حضارة المحبة، ألسنة النار والنور والحق والحياة والقيامة والصعود، والشوق للجلوس عن يمين الله لتشرب معه الخمرة الجديدة في الملكوت. تتكلم هذه البشرية التعسة متناسية واقع بعدها عن الله، غير واعية أنه بات عليها أن تعيش كلمة الخلاص لتحيا وتخلص.




واليوم، ككل يوم ، تدعو الكنيسة العالم ليعي مسؤولياته الزمنية والروحية من أجل بنيان ذاته من خلال مخطط الله الخلاصي، بنية بلوغ ملء قامة المسيح. عندئذ، سيفرح العالم وسيفهم معنى صعود الرّبّ إلى السماء ونعمة هبوط الألسنة على من كان منه ومثله. سيبتهج العالم لنقاء روحه وتنقية عالمه القديم ، عالم العين بالعين والسن بالسن، مقاوماً عالم الشر بالخير والرحمة والمحبة وروح السلام. سيشعر العالم أنه ملح الأرض ونور السماء. سيفرح ويهلل لأن أجره سيكون عظيماً في السماء.

هلمّ أيها العالم، استيقظ من نومك وبعدك عن الله، فألسنة العنصرة تدعوك باسم الرّبّ يسوع مخلصك وفاديك، لتعيش رسالة الإنجيل بعد حلول الروح القدس الذي أشعرك أن ألسنة السماء تبلبل ألسنة الأرض وتبنيها، تعطيها معناها الحقيقي، تجمّلها وتقدّسها. أما روح السماء فيجدّد روح الأرض ويجعل من ألسنة أبنائها ألسنة تمجيد لقدسيّة الله، فيتحقق فرح أبناء الملكوت في الأرض كلها ويصعد الجميع مع ربِّهم الذي لا يأتي أحد إلى الآب إلا به، ويسكنون المنازل السماوية الكثيرة في حالة مجدٍ ما بعده مجد.

وفي الختام، يمكننا القول أن خجل الكنيسة من بعض المسيحيين ينحصر بنوع خاص بتفضيلهم مجد الناس على مجد الله خوفاً من إقدام الفريسيين المتمسكين بحبهم الأعمى للسلطة والمال على طردهم خارج مجامعهم التي يهيمن عليها روح المصالح والأنانيات. هؤلاء، يبيعون ضمائرهم من أجل الحصول على فضة لا وجود لها في ملكوت الله. ونحن، إن أردنا الخلاص لا بد لنا من أن نؤمن بعمل الروح القدس المرتبط جوهرياً بعمل الآب والابن مشاركين الرّبّ يسوع في مجده، فهو القادر أن يشركنا في الحياة الأبدية، وقد صلّى كي نكون واحداً كما هو والآب واحد (يوحنا 17). آمين.



أحد العنصرة 2010

كاتدرائية مار أنطونيوس المارونية دمشق.
المونسنيور ميشال فريفر
 
قديم 09 - 06 - 2014, 02:33 PM   رقم المشاركة : ( 4536 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

العنصرة

حلول الروح القدس - في العهدين القديم و الجديد

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


العنصرة في العهد القديم
تدل لفظة "عنصرة" في التقويم العبري على العيد الذي كان اليهود يحتفلون به بعد الفصح بخمسين يوما. الاسم التقليدي هو "عيد الأسابيع" (لاويين 23: 15)، وهو في الواقع عيد حصاد القمح (خروج 23: 16؛ عدد 28: 26)، حيث كانت تقدَّم باكورة الغلات الى الله. بعد خراب اورشليم اتخذ العيد طابعا تاريخيا فلم يعد احتفالا بحدثٍ زراعي يحصل مرة في كل سنة، وانما احتفال بحدثٍ فريد وأساسي هو تذكار إعطاء الشريعة على جبل سيناء - لأن الشريعة أعطيت في الشهر الثالث من خروج بني اسرائيل من مصر (خروج 19)، الى ان اصبح معنى العيد، في القرن الثالث ق.م.، عيد تجديد العهد.
في العبرية القديمة والحديثة اللفظة "عَسَار"، منها "عَسَريت" التي جاءت منها لفظة "العنصرة"، تعني: اجتمع او جمع، وهي إشارة الى اجتماع الشعب في العيد. وتأتي بمعنى: منع او امتنع، لأن هذا اليوم مقدَّس ويُمنع العمل فيه. وقد تفيد: الختام والتنوع والتتميم، ولهذا التفسير معنيان: الاول زراعي ويشير الى ختم تقادم البواكير في عيد الاسابيع، والثاني تاريخي، خصوصا انه يتوج معنى الفصح الذي يبلغ تمامه بعطية التوراة.
الترجمة اليونانية للعهد القديم أطلقت على هذا العيد لفظة يفيد معناها اليوم "الخمسين"، باعتبار أن العيد يرتبط بتوقيته، كما ذكرنا، بالفصح (تثنية 16: 9). استعارت الكنيسة لفظة "العنصرة"، وأطلقتها على عيد حلول الروح القدس على الكنيسة الذي وقع في اليوم الخمسين من بعد قيامة الرب من بين الاموات.
كانت العنصرة عند العبرانيين احدى الاعياد الثلاثة الكبرى التي كان الشعب يحج فيها الى اورشليم:" ثلاث مرات في السنة يحضر جميع ذكورك امام الرب الهك في المكان الذي يختاره:

في عيد الفطير وفي عيد الاسابيع وفي عيد الاكواخ..." (تثنية الاشتراع 16: 16). وهذا العيد تطوَّر معناه عبر التاريخ، فكان في البدء عيدا زراعيا ?الانتهاء من الحصاد- اخذه العبرانيون عن جيرانهم. وكانت له تسميات عديدة:" عيد الاسابيع" (خروج 34: 22 وتثنية الاشتراع 16: 16)، "يوم البواكير" " وفي يوم البواكير،عند تقريبكم تقدمة جديدة للرب، في عيد اسابيعكم..." (العدد 28: 26)، "عيد الخمسين" "Pentecote" وبعد العيد المعروف بعيد الخمسين..." (2مكابين 12: 32)، وهذه التسمية الاخيرة جاءت في الترجمة اليونانية للعهد القديم التي تعرف بالسبعينية.
اما كلمة "عنصرة" التي استعملها المسيحيون العرب فمشتقّة من" عَصْرَتْ " العبرية، وتعني المحفل أو الاجتماع الذي كان يجري في عيد الأكواخ.
اذا كان هذا العيد في البدء عيدا زراعيا يأتي بعد خمسين يوما من عيد الفطير الذي كان العبرانيون يعيّدونه مع الفصح الا ان هذا العيد اخذ معنى لاهوتيا جديدا في الفترة الاخيرة التي سبقت مجيء يسوع المسيح. فاصبح ذكرى اعطاء الشريعة ? الوصايا العشر- لموسى على جبل سيناء.


العنصرة في العهد الجديد - حلول الروح القدس
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اما العنصرة في المسيحية فاخذت معناها منذ البدء ففي سفر اعمال الرسل: "ولما اتى اليوم الخمسون، كانوا مجتمعين كلهم في مكان واحد، فانطلق من السماء بغتة دويّ كريح عاصفة، فملأ جوانب البيت الذي كانوا فيه، وظهرت لهم ألسنة كأنها من نار قد انقسمت فوقف على كل منهم لسان، فامتلأوا جميعا من الروح القدس" (2: 1- 4). فالعنصرة في المسيحية هي عيد حلول الروح القدس الذي " يُرسلُه الآب باسمي وهو يعلّمكم جميع الاشياء ويذكّركم جميع ما قلته لكم " (يوحنا 14: 26).

فالعنصرة القديمة (عند اليهود) كانت عيد اعطاء الوصايا اي عيد شريعة الحرف، اما العنصرة المسيحية فهي اعطاء شريعة الروح:"....فقد حُللنا من الشريعة واصبحنا نعمل في نظام الروح الجديد، لا في نظام الحرف القديم" (رومية 7: 6).
يورد لوقا في بدء كتاب اعمال الرسل خبر ارتفاع الرب القائم الى السموات، وذلك بعد أن أمضى مع تلاميذه اربعين يوما يُكلّمهم عن ملكوت الله. ويتابع فيشير الى أن جماعة التلاميذ انتظرت، حسب الوصية، طيلة الايام العشرة المتبقية معمودية الروح وهي تصلي.

وفي اليوم الخمسين "يوم اكتمال سر المسيح"، يحدث في العلية ما كان التلاميذ ينتظرونه. يعبّر الكاتب عن الحدث باستعماله تعابير غريبة وانما معروفة في العهد القديم: "دويّ كريح عاصفة" (2:2)، "ألسنة كانها من نار قد انقسمت..." (2: 3)، "الصوت" (2: 6). لا شكّ أن هذه الصور تذكّر القارئ بحدث سيناء حيث كان صوت الله يخرج قديما، فيشير الكاتب بإيرادها الى اننا امام سيناء جديد، وأن هذا الشعب الذي اجتمع كله معا "في مكان واحد"، كما كان بنو اسرائيل على سفح الجبل، سيخرج منه صوت الله الى العالم. هذه العلامات الدالة على عالم الله تعلن أن الشخص الذي وعدهم يسوع به ودعاهم الى انتظاره في اورشليم (لوقا 24: 49؛ اعمال 1: 4) قد جاء، وها هو يملأ الجميع (2: 4). وفي ما تكلم لوقا عن ظواهر محسوسة للحدث الذي لا يوصف أشار الى أن المجتمعين "ابتدأوا يتكلّمون بألسنةٍ أخرى".
التكلمُ بالألسنة موهبةٌ شاعت في الكنيسة الاولى (اعمال 10: 46، 19: 6). الرسول بولس تَوسَّع في الحديث عنها ما بين الإصحاحين 12 و14 من رسالته الاولى الى اهل كورنثوس، فشدّد على تنوّع المواهب التي يعطيها الروح الواحد "لأجل الخير العام". غير انه في كل مرة كان يعدّد المواهب، كان يضع موهبة التكلم بالألسنة في آخر القائمة (راجع 12: 10، 14: 26)، وذلك لأن هذه الموهبة تحتاج الى موهبة أخرى لتكون بنّاءة في الكنيسة هي موهبة "تفسير الألسن"، لأن الذي يتكلم بألسنة "يقول بروحه أشياء خفية" ولا يعمل للبناء إن لم يوجد مَنْ يترجمه.
يستوقفنا، في عودتنا الى حدث العنصرة، سؤال أساس هو :هل إن ما أورده لوقا، في اعمال 2:4، هو اياه ما تكلم بولس عنه في رسالته الاولى الى كورنثوس، أم اننا، في العنصرة، امام معجزة خاصة يفسرها فهم السامعين؟ لا شك أن حدث العنصرة أعطى الكنيسةَ الموهبةَ الكاملةَ (موهبة الروح القدس)، وانطلاقا منه يمكننا أن نقدّر أن المعجزة التي برزت في ذلك اليوم، أِْعني موهبة التكلم بالبشرى الجديدة، تختلف عن موهبة "التكلم بالألسنة" التي تحتاج الى "تفسير" التي تكلم عنها بولس، وذلك أن الناس الذين خاطبهم الرسل في العنصرة: فهموا مباشرة (2: 11) بلا تفسير من أحد. بيد أن الحدث - وهذا من أهم معانيه - يوحي بأن العنصرة عالجت بلبلة الألسنة في بابل وتشتّت الأمم (تكوين 11: 1-9)، فبينما مُنِعَ الناس في بابل، بسبب كبريائهم، من التفاهم، وما كان الواحد يستطيع أن يسمع صوت قريبه، أعطت العنصرة كل واحد أن يسمع الرسل "في لغته الخاصة" (2: 6)، وذلك أن الروح الإلهي أعاد وحدة البشرية التي تفكّكت قديما، وهذا ما تشير اليه احدى ترانيم العيد: "عندما انحدر العليُّ مبلبلا الألسنة كان للأمم مُقسما، ولما وزّع الألسنة النارية دعا الكل الى اتحاد واحد...". من المفيد أن نذكر أن القديس يوحنا الذهبي الفم اعتبر أن موهبة التكلم بالألسنة - دون أن يعطي تفسيراً لها - وُضعت "بتصرفنا لفترة ما" (راجع: 1كورنثوس:13: 8)، وفي ما يؤكد أن هذه الموهبة "يمكنها أن تَحتبس من دون إلحاق اي ضرر بالكرازة"، يشهد بأننا "اليوم- اي، في انطاكية، في اواخر القرن الرابع - لا نقع على أثر لموهبة... الألسنة" (راجع: في أن الله لا يمكن إدراكه، العظة الاولى).
كانت النظرة اليهودية تقول إن عدد شعوب الارض سبعون نوعا، الشعوب المسمّاة في كتاب أعمال الرسل (2: 9-11) انها حضرت المعجزة تدل بطريقة ما على البعد الشامل والتاريخي لحدث العنصرة، فالناس كلهم هنا يشهدون لمجيء الروح ويسمعون كلمة الله. المعنى الجوهري للعنصرة يجعل الكنيسة مسؤولة عن خلاص العالم كله مما يفرض عليها جهدا رسوليا متواصلا، لذلك ما كانت دعوتها أن تبقى في اورشليم، وإنما أن تكرز بإنجيل القائم من بين الاموات ابتداء من اورشليم والى أقاصي الارض (اعمال 1: 8)، وهذا تستطيعه دائما إن بقيت مملوكة الروح القادر على شيء.


العنصرة هي تحقيق وعود الله، اعطاء الروح القدس الى البشرية:
1- ليسيروا في فرائض الرب، وليصبح كل انسان نبيا يتكلم بكلمة الرب:" وأجعل روحي في احشائكم وأجعلكم تسيرون على فرائضي وتحفظون احكامي وتعملون بها" (حزقيال 36: 27)، "وسيكون بعد هذه اني افيض روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم....." (يوئيل 3: 1).
2- لتوحيد جميع الامم في عبادة الله: "...فينادون بمجدي بين الامم ويأتون بجميع اخوتكم من جميع الامم تقدمة للرب...." (اشعيا 66: 19 - 20)، وهذا ما فعله الرسل بعد العنصرة فبدأوا يجوبون المسكونة معلنين البشارة الى كل الامم، عاملين بقول السيد قبل صعوده الى السماء:
" الروح القدس ينزل عليكم فتنالون قوة وتكونون لي شهودا في اورشليم وكل اليهودية والسامرة، حتى اقاصي الارض" (اعمال الرسل 1: 8).
فالعنصرة عيد تأسيس الكنيسة. فالمسيح اسسها على الصليب، والروح القدس جمعها ووحّدها، وهو يربط بينها وبين المسيح. فالروح القدس هو فيض النعمة على المؤمنين ليقوم كل واحد منهم بالمهمة التي اعطيت له لبنيان جسد المسيح:" هذا كله يعمله الروح الواحد نفسه موزعا على كل واحد ما يوافقه كما يشاء"
(1 كورنثوس 12:11).


العنصرة - ميلاد الكنيسة
ليست العنصرة حدثا تاريخيا حدث مرة في الزمن وانتهى. بل هي تجدد دائم، لان عمل الروح القدس كان منذ بدء الخليقة وهو سيبقى الى انتهاء الدهر. وتجلى عمل الروح في الكنيسة التي بقيت صامدة بالرغم من كل الاضطهادات والهرطقات التي حلت بها، فالروح في وسطها ولهذا في لن تتزعزع ابداً.
عيد العنصرة هو عيد "موهبة الروح المعطاة للكنيسة باعتبارها العطية الخالدة" التي نجدد قبولنا اياها في اليوم الخمسين للفصح، وفي كل يوم، ليعمق وعينا لحضور الرب القائم بيننا وفينا الى الابد ولمسؤوليتنا عن إعلان هذا الحضور المخلّص.
حلّ الروح القدس على التلاميذ جهارًا بصوت مسموع ومنظر أخاذ، ودخل وملأ الطبيعة البشرية فجدد خلقتها وقواها ورفع من مستواها الروحي بشكل عملي إعجازي فائق، أدهش الذين عاينوا حوادث ذلك اليوم العظيم الخالد....
في يوم الخمسين حدث فعل خلقي جديد في طبيعة الإنسان، ظهرت مفاعيله في سلوك التلاميذ وفي إمكانياتهم وفي لغتهم وفي مفهوماتهم وفي علمهم الأمر الذي حيّر رؤساء الكهنة والحكام، ولكن لم يقتصر هذا التغيير المفاجئ الشديد على التلاميذ، بل المدهش حقًا أنه انتقل إلى كل من آمن واعتمد و َقبِل وضع اليد، حتى فهم جيدًا أن حلول الروح القدس على التلاميذ كان عم ً لا تكميليًا لأعمال الخليقة الأولى . لذلك نرى أن يوم الخمسين أصبح مرتبطًا باليوم السادس من سفر التكوين ارتباطًا جوهريًا من حيث خلقة الإنسان . فالعنصرة من هذا الوجه ميلاد جديد للتلاميذ في طبيعة جديدة خلقها المسيح من جسده بموته وقيامته وعمل الروح القدس.
وحينما نتأمل في الوضع الذي كمل فيه هذا العمل الخلقي الجديد نندهش إذ نجد أنه لم يتم بصورة فردية كخلقة آدم الأول، بل كان التلاميذ مجتمعين معًا "مع النساء ومريم أم يسوع " في حالة خشوع وصلاة، إذن فطبيعة الإنسان استقبلت خلقتها الروحية الجديدة على صورة كنيسة!!!
هذا معناه أن ميلاد الإنسان الجديد محصور في ميلاد الكنيسة، وطبيعة الإنسان الجديدة لا بدّ وأن تشمل في صميم جوهرها ارتباطًا حيًا وصلة وثيقة بالكنيسة... لا توجد فردية في الخليقة الجديدة!!

نحن نأخذ طبيعة الإنسان الجديد من الكنيسة، وليس يمكن لأحد أن يولد من الماء والروح ويصير خليقة جديدة في المسيح يسوع خارج الكنيسة.
العنصرة إذن عيد الكنيسة، هو ذكرى ميلادها...
العنصرة عيد الحياة بالروح للذين يعيشون حقًا في المسيح..
 
قديم 09 - 06 - 2014, 02:35 PM   رقم المشاركة : ( 4537 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

العنصرة،
و حلول الروح القدس



وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




<h1 class="rtecenter"> عندما أعطى الربّ تلاميذه القوة ليولدوا من جديد في حياة الله، قال لهم:"اذهبوا و تلمذوا كلّ الأمم معمدين إياهم باسم الآب و الابن و الروح القدس."


</h1> <h1 class="rtecenter"> لقد وعد الربّ من خلال أنبيائه بأنه سيسكب هذا الروح في الأزمنة الأخيرة على عبيده و إمائه فيتنبؤون. و هكذا فقد نزل الروح القدس و حلّ على ابن الله، الذي صار ابن الإنسان، و به أصبح مألوفاً أنّ يستقر الروح القدس في الجنس البشري و يسكن في خليقة الله، في البشر، ليعمل مشيئة الآب بينهم و ليحوّل الإنسان القديم فيهم إلى إنسان جديد في المسيح.


</h1>

يخبرنا القديس لوقا بأنه في يوم العنصرة بعد صعود الربّ، حلّ الروح القدس على التلاميذ معطياً القوة ليمنح الحياة الجديدة لكلّ الشعوب و يفتح العهد الجديد. لذلك فقد رتلوا لله ترنيمة شكر بتناغم و بجميع اللغات. لأنّ الروح قد وحّد الأقوام المتناثرة و قدّم للآب الثمار الأولى من جميع الأمم.


<h1 class="rtecenter"> لذلك فقد وعد الربّ بأن يرسل لنا روحه القدوس ليجعلنا لائقين و مناسبين لأهداف الله. فكما أنّ الدقيق الجاف لا يمكن أن يتجمع ليصبح عجينة تتحول إلى رغيف خبز بدون ماء، كذلك نحن الذين نشبه أغصاناً يابسة لا نستطيع أن نثمر ثمار الحياة دون أن يهطل المطر من السماء ليروي إرادتنا.


</h1> فأجسادنا قد نالت بواسطة مياه المعمودية الوحدة التي تقود إلى النجاة من الفساد، أما نفوسنا قد نالتها بواسطة الروح.



حلّ روح الله على الربّ يسوع، "روح الحكمة و الفهم، روح المشورة و القوة، روح العِلم و التقوى، روح مخافة الله". و قد أعطى هذا الروح عينه ثانية للكنيسة، مرسلاً المعزي إلى جميع الأمم من السماء ليكون لنا معيناً و معزياً و حامياً من هجمات الشرير. لأنّ الربّ قد أودع عبده الذي وقع بين أيدي اللصوص لحماية الروح القدس، و أشفق عليه فضمّد جراحه، و أعطاه قطعتان نقديتان ملكيتان مختومتان بصورة الروح القدس و نقش الآب و الابن. فعلينا أن نقبلهما و أن نجعل النقود و الوزنات التي أودعها الربّ لدينا تثمر و تتضاعف من أجله.




 
قديم 09 - 06 - 2014, 02:44 PM   رقم المشاركة : ( 4538 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

العنصرة أو ولادة شعب جديد في التقليد السرياني
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إذا كان كل شيء قد تمّ في المسيح، وإذا كان التاريخ البشري قد استعيد فيه، إلاّ أن العمل ما زال هنا في مدى زمني لبشريّة يجب أن تتحرّر لكي تصبح قيامةُ المسيح قيامتَها.
لقد قدّم لنا المسيح ملء حياة الله، ولكنّه لم يفرضها علينا. فيبقى إذن أن يأخذ كل إنسان هذه الحياة التي تتفجّر من القبر، بقرار حرّ. هنا يتحدّد موقع العنصرة التي ينظر إليها التقليد السرياني نظرة خاصة جدًا، وإن ربطها رباطًا حميمًا بسر الفصح. وهذا الارتباط لا يقلّل من قيمة العنصرة ولا من دورها. بل عكس ذلك. فنحن هنا في منعطف جديد وحازم يطبع بطابعه العميق تاريخ الكون وخلاصه. إنه نقطة انطلاق في حقبة يدخل فيها البشر دخولاً حرًا، بواسطة نشاط الروح الذي يفاض عليهم، في المسيح القائم من الموت، ليكوّنوا معه جسدًا واحدًا. إن هذه الطريقة في النظر إلى العنصرة لم تكن في البدء واضحة في تفكير المسيحية الأولى وتعابيرها. ونشير على المستوى التاريخيّ وإن بشكل عاجل، إلى أن لفظة عنصرة التي نجدها في العهد الجديد (أع 2: 10؛ 20: 16؛ 1 كور 16: 8) ليست خاصّة بالمسيحية. فقد دلّت على عيد يهوديّ يُحتفل به خمسين يومًا بعد الفصح. أما موضوع هذا العبد فقط تطوّر مع الزمن.

كان في البدء احتفالاً زراعيًا. كان عيد الحصاد الذي فيه يسيطر مناخ الفرح والشكر. وكان الشعب يقدّم للربّ بواكير الغلال (خر 23: 16؛ عد 28: 26؛ لا 23: 16 ي). وقد سُمّي أيضًا عيد الأسابيع (خر 34: 22)، لأنه يقع بعد الفصح بسبعة أسابيع.


بعد ذلك، صار وقتًا يتذكّرون فيه واقعًا تاريخيًا هو العهد الذي عُقد بعد الخروج من مصر (ساعة عيّدوا الفصح) بخمسين يومًا (خر 19: 1- 16). لاشكّ في أن العنصرة صارت تذكّرًا للعهد في القرن الثاني ق م، تذكّرًا للوقت الذي فيه أعطيت الشريعة. وسوف تعمّم في بداية المسيحيّة كما تقول الشهادات الرابينيّة ونصوص قمران.
على المستوى المسيحيّ، يجب أن ننتظر نهاية القرن الثاني وبداية الثالث لنجد شهادات متعلّقة بالعنصرة كعيد مسيحيّ. هي في ذلك الوقت، شأنها شأن العيد اليهودي، عيد فرح وبهجة. ولكن ما كانت تدوم يومًا أو يومين كما في عيد الحصاد لدى اليهود، بل تمتدّ على حقبة سبعة أسابيع تتبع الفصح. أما مضمونها فهو كل السرّ الفصحيّ الذي يتلخّص بشكل خاصّ في انتصار المسيح على الشر وصعوده وتمجيده.


نحن هنا في خط بواكير الحصاد، أمام بواكير بشريّة افتداها الكلمة. وصورة البواكير هذه يطبّقها ايريناوس على الجماعة الفتيّة التي كوّنها الروح يوم العنصرة وقدّمها باكورة للآب. وطبّقها أيضًا أوريجانس (185- 254) على الروح الذي ناله الرسل. وبعد ذلك الوقت بقليل، سيطبّقها أوسابيوس القيصري (265- 340) على الجماعة المسيحية الأولى التي وُلدت بحلول الروح، فأدخلها المسيح إلى الله كتقدمة خاصة.

وسيتحدّث أوسابيوس في "حياة قسطنطين" (4: 64). ومثله "تعليم الرسل" الذي هو منحول وُلد في الرها في القرن الثالث أو الرابع، عن تيّار جديد وُلد في ذلك الوقت فاعتبر الصعود والعنصرة كفيض للروح يُحتفل بهما في وقت واحد، في اليوم الخمسين. هذا الواقع الذي يُعتبر خروجًا على مطلع سفر الأعمال الذي يحدّد موقع الصعود أربعين يومًا بعد القيامة، قد يكون رجع إلى أف 4: 7- 12 الذي يقدّم عطيّة الروح التي تحقّق الوحدة الكنسيّة في تنوّع الدعوات والمواهب والخدم التي يثيرها في الجماعة الفتيّة، كثمرة مباشرة لارتفاع المخلّص عن يمين الله.

في هذا الإطار، يبدو أن بداية هذه الظاهرة الجديدة قد وُلدت متأثّرة بمواسم الحجّ في فلسطين وأورشليم، حيث أراد المؤمنون أن يتذكّروا أحداث حياة المسيح التاريخيّة في الزمان والمكان اللذين فيهما حصلت. هذا ما تتحدّث عنه أتيرية في "يوميّات سفرها". وهكذا ارتبط يوم الفصح بالقيامة. واليوم الاربعون بالصعود، وإن عُيّد في اليوم الخمسين.


غير أن يوم الخمسين سوف يرتبط بشكل نهائي بحدث العنصرة وحلول الروح في العالم ودخوله في صيرورة البشر "ليجدّد الانسان على الأرض من أجل الله" كما قال ايريناوس في "البرهان الرسولي" (رقم 6). وهنا أيضًا يرتبط فيض الروح في تقليد الآباء، بالعهد وعطيّة الشريعة في سيناء. وكل هذا بتأثير من العالم الرابيني الذي جعل من عيد الأسابيع عيد عطيّة الشريعة والوحي. وإن التقليد السريانيّ سوف يشدّد بشكل خاص على التوازي بين العيد اليهوديّ والعيد المسيحيّ.
وهكذا بدت العنصرة في المسيحيّة الأولى، حقبة من سبعة أسابيع تتبع عيد الفصح وتوافق عيد الحصاد كما في التوراة. أما مضمونها فالسرّ الفصحيّ كله. وبعد القرن الرابع، صارت تدلّ بشكل خاص على اليوم الخمسين. وصار مضمونها حلول الروح كمقابل لعطيّة الشريعة في سيناء. بعد أن صار عيد العنصرة، عيد حلول الروح، احتفالاً كبيرًا في المسيحيّة، بدأ الآباء يتأمّلون في العيد بشكل خاص، ويتعرّفون إلى شخص البارقليط، كما إلى تدخّله وعمله في العالم وفي تاريخ البشر بشكل حاسم جدًا. ولكن من الواضح أن هذا التفكير والشرح اللاهوتيّ، هما إظهار على مستوى الكلمة والطقس لواقع أول عاشته جماعة المسيح الجديدة واختبرته. وواقع العنصرة الحيّ هذا الذي هو في أصل الواقع الكنسيّ، يسبق فكر الكنيسة وتعابيرها. فهي التي تشرف على رؤية لوقا، إبن أنطاكية، حين صوّر في سفر الأعمال بداية المسيحيّة وامتدادها في الزمان وفي المكان. لهذا، سنحاول أن نكتشف قدر المستطاع ما حدث يوم العنصرة. أن نكتشف العنصر الجديد في هذا الحدث الذي كان له تأثير حاسم في حياة الكون.
إن الجديد الجذريّ في حدث العنصرة هو نزول أقنوم الروح القدس إلى عالمنا. في العهد القديم وفي زمن التجسّد (ما عدا في ما يخصّ المسيح وأمه) كانت تصل مواهب الروح وأعماله إلى العالم، وما كان يُعطى هو بذاته.


إن موسى بركيفا (813- 903) الذي هو أحد علماء السريان العظام في اللاهوت والليتورجيا، يشدّد على الطابع الشخصيّ لنزول الروح في العنصرة. طُرح عليه سؤال: "هل نال الرسل الروح القدس شخصيًا، أم نالوا فاعليته"؟


فأجاب:
"لقد نال الرسل شخص الروح. وبما أن الروح هو أعظم من عطاياه، فما ناله الرسل أعظم ممّا ناله الأنبياء. وأن يكون الرسل قد نالوا شخص الروح نعرفه بما يلي: كما أعطي المسيح في أقنومه للعالم، كذلك أعطي الروح للرسل. ومن كلمات ربنا الذي قال: "إن كنت لا أنطلق لا يأتيكم البارقليط. ولكن إن انطلقت أرسله لكم" (يو 16: 17). وهذه الكلمة أيضًا: "أرسل لكم بارقليطًا آخر يبقى معكم إلى الأبد" (يو 14: 16)، أي شخصًا آخر.


فلفظة "آخر" تدلّ على "الشخص" لا على العمل. ثم: "روح الحقّ الذي ينبثق من الآب" (يو 14: 17؛ 26:15). أي ينبثق في ما يخصّ الطبيعة، ويعطيه الابن شخصيًا. وبعد ذلك: "هو الذي لا يستطيع العالم أن يقبله" (يو 14: 17). لقد نال العالم بعض المرات وبشكل مجتزئ عمله. ناله الأنبياء والكهنة والملوك والذين مُسحوا.

وأخيرًا: "ذاك الذي لم يعرفه العالم" (14: 17). أي ذاك الذي ما عُرف عملُه فقط. إذن، شخص الروح القدس بالذات قد أعطي للرسل. قبل الصليب نال الرسل من المسيح نعمة الروح وعطيّته، شأنهم شأن الأنبياء. ولكن بعد الصليب نالوا شخص الروح عينه حين غفروا الذنوب والخطايا، حين ربطوا وحلّوا في السماء والأرض، وهذا ما لم يقدر الأنبياء أن يفعلوه.

قبل الصليب كان الرسل يشفون أمراض الجسد. وبعد الصليب شفوا أمراض النفس".
ينتج ممّا سبق أن العنصر الجديد في العنصرة هو تدخّل الروح ونزوله الشخصيّ إلى العالم على مثال نزول الابن. لاشكّ في أن بركيفا كاتب متأخّر. ولكنه في الواقع صدى لتقليد قديم. فقد كان إيريناوس يشدّد على تدخّل البارقليط فقال في البرهان الرسولي (رقم 6) إن تعليم الايمان المسيحيّ الذي هو قاعدة البناء وأساس الخلاص يتضمّن "كبند ثالث: الروح القدس الذي به تنبَّأ الأنبياء... والذي في نهاية الأزمنة أفيض بشكل جديد على بشريّتنا لكي يجدّد الانسان على الأرض من أجل الله".


أما أوريجانس الذي يعارض في عظته حول سفر اللاويين بين "ظلّ" العهد القديم وواقع الانجيل وحقيقته، فيصف مجيء الروح في الكنيسة يوم العنصرة على أنه تجديد لم يُرَ مثله من قبل. فالروح هو هنا.


و"حضوره ينقّي من كل نجاسة ويمنح غفران الخطايا". هنا نقارب عبارة أوريجانس هذه مع البرهان الأخير الذي يقدّمه موسى بركيفا ليؤكّد أن الرسل نالوا بعد الصليب شخص الروح، لا فاعليّته فقط. فسلطان غفران الخطايا أو ربطها لا يتمّ إلاّ بفضل الروح الذي يفعل شخصيًا في الرسل. وهذا الحضور الشخصي ينقّي الآثام ويمحوها.
ويتوسّع يوحنا الذهبيّ الفم في عظاته، في مجيء الروح يوم العنصرة مجيئًا جذريًا وأصيلاً. وهذا المجيء يختلف كل الاختلاف عن عطيّة الروح للأنبياء وأبرار الشريعة القديمة. غير أن الذهبيّ الفم لم يميّز بين شخص الروح وفعله.


أما كيرلس الاسكندراني الذي يحتلّ مكانة هامة في الكنيسة السريانيّة، فيستشّف هذه المسألة ويشدّد على الوجهة الشخصيّة لحضور الروح في المؤمنين. وهذا ما لم يتمّ في الملهمين السابقين.

إليك ما يقول في عرض شرحه يو 7: 30 الذي يتحدّث عن الروح الذي ما أعطي بعد لأن المسيح لم يكن بعد قد مُجّد:
"كان في الأنبياء القديسين استنارةٌ غنيّة جدًا من الروح القدس، تجعلهم جديرين بأن يروا المستقبل ويعرفوا الأشياء. ولكن في مؤمني المسيح، لم تكن هناك فقط استنارة الروح القدس، بل الروح القدس نفسه الذي يقيم ويسكن فينا. فنحن لا لنخاف من أن نؤكّد هذا الأمر".
وهكذا نكون أمام واقع جديد وخارق هو مجيء البارقليط بيننا. وقد وعت الكنيسة هذا المجيء منذ ولادتها. لهذا، ما توقّفت عن اعلانه ولم تتوقّف ولن تتوقّف على ما تقول الليتورجيا السريانيّة في صباح العنصرة:


"الروح الحيّ والقدوس، الذي هو مساو في القدرة للآب والابن، نزل اليوم في العليّة وعلّم الرسل". وقال النصّ في صباح اليوم عينه: "واحد من الأقانيم الالهية، الروح القدس، نزل في العليّة وحلّ على الرسل. رأوه بشكل ألسنة من نار. علّمهم وأدّب غلاظتهم".
وبما أن لهذا الحدث طابعه الأصيل ودوره في التدبير المسيحي، ما اكتفت الكنيسة بأن تحتفل به في صلاة الفرض التي تتلوها في عيد العنصرة.


بل كرّست له باكرًا خدمة ليتورجيّة خاصة تسمّى "السجدة"، وهي تتمّ في الساعة الثالثة التي تقدّس نزول الروح هذا. إن تزمين حدث العنصرة نجده عند غريغوريوس النيصي، وهو في خطّ ليتورجيّة أورشليم. فبحسب إتيرية، كانوا يحتفلون في صباح العنصرة بمجيء الروح، باجتماع في كنيسة صهيون، حيث أكلوا العشاء السري، وحلّ الروح، وذلك في الساعة الثالثة.

كانوا يقرأون مقطعًا من سفر الأعمال حول نزول الروح. إذن، هذه الخدمة الليتورجيّة هي تذكّر حدث العنصرة. ونحن لا نكتفي بالعودة إلى حدث من الماضي، بل بتأوين هو في الساعة الحاضرة الوقت السامي والمميّز الذي فيه تجدّد الكنيسة اتحادها بالبارقليط الذي يعطي ذاته لها.

ويقينها بفيض الروح فيها هو كبير بحيث تحني ركبتها ويلامس وجهها الأرض معارضة العادة الليتورجية التي تتمّ فيها الصلاة وقوفًا. فبحسب هذا النشيد الذي يلي ويفسّر الفعلة الرمزية، لا تستطيع أن تحتمل مجيء البارقليط الذي يحلّ عليها:
"لهذا وحتى يوم العنصرة، لا نسجد إلى الأرض في صلواتنا، وتجاه أعدائنا ننشد ونقول مع المرتّل الالهي داود: هم عثروا وسقطوا ونحن قمنا وانتصبنا. ولكن حين كشف الروح القدس عن نفسه، بحسب رضى الله، وظهر لنا في ألسنة من نار، نجثو على ركبتنا، لأننا لا نستطيع أن نتحمّل منظره".
فهذا المقطع الذي نقرأه عند ساويروس الانطاكي، والذي نجد صداه عند موسى بركيفا يربط السجود رباطًا وثيقًا بمجيء الروح إلى العالم، ويقدّمه على أنه فعلة طوعيّة بها تدرك الجماعة المسيحيّة إدراكًا عميقًا الحضورَ الشخصي والشبهَ المحسوس للروح في وسطها.
وهذا الادراك الكنسي يجد أساسه وسنده واندفاعه في تبديل جذريّ وفي مختلف المعجزات التي أجراها الروح ساعة جاء وسط البشر. وهذه المعجزات العديدة تعلن بداية جديدة تستعيد بدايات العهد القديم ومراحله المميّزة وتتجاوزها فتدلّ على أنها تختلف اختلافًا جذريًا عمّا في العهد القديم. ثم إن هذه المعجزات على اختلافها وتنوّعها، تلتقي بشكل عجيب لتكوّن الواقع العظيم، واقع العنصرة:


العهد الجديد، الشعب المسيحاوي الجديد، الكنيسة التي هي امتداد سرّ المسيح القائم من الموت وتأوينه وظهوره تجاه الآب. وكل هذا يتمّ بفعل الروح.



 
قديم 09 - 06 - 2014, 02:46 PM   رقم المشاركة : ( 4539 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

عيد حلول الروح القدس


العنصرة

"ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معـًا بنفس واحدة"

( أعمال الرسل 2 : 1 )

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


الاب عمار بهنام باهينا .. السويد

تحتفل الكنيسة المقدسة بعيد عظيم من أعز أعيادها وهو عيد العنصرة أو عيد حلول الروح القدس

العنصرة تعني التجمع والوحدة ، وكان شعب العهد القديم يحتفل في هذا العيد خمسين يوم بعد عيد الفصح اليهودي وكان يسمى عيد الاسابيع او عيد الخمسين ( البنتوكستي ) كلمة يونانية تعني خمسين يوما ،اي ذكرى استلام موسى الوصايا في جبل سيناء بعد خمسين يوماً من الفصح (خروج 19، 1). وكانوا يحيون فيه تذكار عمود النار الذي قادهم في البرية ، وتذكار الماء الذي خرج من الصخرة على يد موسى بسكب الماء.

عشرة أيام كاملة هي مابين الصعود والعنصرة لم يبرح التلاميذ أورشليم تنفيذاً لوصية ربنا يسوع المسيح حينما قال لهم ( وهاأنا أرسل لكم ما وعد به أبي فاقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا قوة من الأعالي) لو 24 : 49

" ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معاً بنفس واحدة فصار بغتة من السماء صوت ريح عاصفة وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار واستقرت على كل واحد منهم وامتلأ الجميع من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا" ( أع 2 : 1 ـ4) .

يصف لنا لوقا الإنجيلي في اعمال الرسل حلول الروح القدس على جماعة التلاميذ مع مريم العذراء وهم مجتمعون في العلية. وتذكرنا الريح والنار والعلية وكل ما حدث بصورة جبل سيناء عند استلام موسى للوصايا وإقامة "العهد" مع الشعب في البرية. إنه الروح القدس ينزل الآن ليعطي العهد الجديد للتلاميذ ويحوّلهم من "جماعة" إلى "كنيسة"



صوت ريح عاصفة

الريح تشيرإلى القوة الروحية الخلاقة " كانت الأرض خربة و خالية و على وجة الغمر ظلمة و روح الله يرف على وجه المياة" تك2:1


ألسنة من نار


النار تشير إلى عمل التطهير الذي للروح القدس (اش6:6،7) فقد حل الله على جبل سيناء بالنار (خر18:19)

أما فى هذا اليوم فحل على التلاميذ بالنار



التكلم بألسنة

هو تصويب لما حدث قديماً عند برج بابل حيث بلبل الرب لسان الأشرار حتى لا يعرف الواحد لغة الأخر ولكن بالروح القدس بلبل ألسنة التلاميذ ليسطيعوا أن يكرزوا ببشارة الملكوت فى العالم أجمع لكي يجمعوا العالم ليكونوا واحداً لله الأب فى المسيح يسوع بالروح القدس

حلول الروح القدس

لكي يصير الأنسان هيكلا لروح الله وتجديد الطبيعة التى أفسدت بالخطية فى العهد القدي فكان حلول الروح القدس على التلاميذ بمثابة معمودية لهم معمودية الروح القدس ونار

لا تقلّ تلك العلامات التي رافقت حلول الروح القدس قوةً وغرابة عن العلامات التي بقيت مع الرسل

ورافقتهم بعد حلول الروح عليهم. فلقد بدأوا يتكلمون ويعظون الناس، وكان الجميع يفهمون كما بلغاتهم الخاصة، وهؤلاء التلاميذ ما هم إلا صيادون وبسطاء غير متعلمين. لقد انقلبت هذه الجماعة الخائفة إلى كنيسة مبشّرة!

الآن بعد حلول الروح القدس فهموا منْ هم! وما هي رسالتهم؟ وفهموا معنى كل ماحدث! لقد علّموا ووعظوا وعمّدوا وبدأوا يكسرون الخبز، بالإضافة إلى كل العجائب والقوى والأشفية التي رافقت رسالتهم.

وكما امتلأ رسل المسيح بالروح القدس هكذا نحن كلنا مدعوون للامتلاء بالروح القدس على لسان معلمنا بولس الرسول القائل " لا تسكروا بالخمر الذى فيه الخلاعة بل امتلئوا بالروح " ( أف 8:5 ).

الروح القدس أيضا يرشد ويعلم ويذكر كقول الرب يسوع " وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق. ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم" (يو26:14)

وحينما يعمل الروح القدس في نفس الإنسان تنمو وتزدهر وتأتي بثمار حلوة روحانية كثيرة كما قال مار بولس الرسول في رسالته إلي كنيسة غلاطيه : " وأما ثمر الروح فهو محبة . فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح ، ايمان ، وداعة ، تعفف ".

 
قديم 09 - 06 - 2014, 02:47 PM   رقم المشاركة : ( 4540 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,860

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

المعزي

المتروبوليت بولس يازجي

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



نعيد في عيد العنصرة لحلول الروح القدس على التلاميذ. ويدعو الإنجيل، وخاصةً عند يوحنا، الروحَ القدس بالمعزي وروح الحق. وبهذا يشرح الكثير من عمل الروحح القدس يُغادر يسوع تلاميذه عند الصعود، ولكنه قبل ذلك يعدهم أنه لن يتركهم يتامى، بل سيرسل لهم "معزياً آخر".
حين كان يسوع مع تلاميذه كان يحفظهم في العالم من العالم. ولكن الآن الخير لنا أن ينطلق ويرسل لنا معزياً وعاضداً آخر هو الروح القدس (يوحنا 14: 16).

"في العالم سيكون لنا ضيق" لأنه لو كنا من العالم لأحب العالمُ شاكلته وما يشبهه. لكن حقيقة الإيمان وطبيعة حياة المؤمن تخالفان روح العالم.

وذبيحة يسوع وصلبه هما الشاهدان على هذا الصراع بين منهجية العالم ومنهجية الإيمان. كان يسوع شهيد هذه المعركة ومثال بذلك لكل مؤمن.

لا شك أن هذا الصراع هو بين الدنيا والأسمى، بين الخير والشر، بين الإيمان والإلحاد، بين الله والشيطان، بين رغبات الإنسان الخيرة ونزواته الغريبة. ولكن ألوان وأشكال وساحات هذا الصراع تتبدل في الزمان والمكان.

والسؤال لدى المؤمن ليس عند شكل الصراع بمقدار ما هو السؤال عن وجود المعزّي والمحامي والعاضد، في زمن ليس يسوعُ حاضراً فيه بالجسد. لقد صرخ يسوع وهو مع تلاميذه، في لحظات الخوف والشدة: "ثقوا لقد غلبتُ العالم". هذه كلمة معزية جداً، إن المعلم قد "غلب" وهذه هي غلبتنا به.

الروح القدس هو المعزي اللاحق (الآخر) بعد صعود يسوع إلى السماوات. إنه يأخذ مكان يسوع، أو يجعل يسوع حاضراً بيننا كما كان بين تلاميذه. كما أن يسوع والآب واحد، بالروح القدس نصير نحن ويسوع واحداً.

إنه الروح الذي يشدّدنا ويذكّرنا بكل ما قاله يسوع (يوحنا14: 26) وبذلك يجعل صلتنا بيسوع وثيقة؛ ولذلك هو المعزي الذي نستدعيه كل حين.

والروح القدس هو معزي لأنه مؤيّدٌ على الحق، إنه روح الحق، الذي يرشدنا إلى الحقيقة كلها (يوحنا16: 13). إنه المضاد لأبي الكذب (الشيطان) والشاهد عليه وعلى أعماله في العالم (يوحنا17: 16). إن أساس التعزية في الصراع لدى المؤمن بين النور والظلمة هو أن يكون المؤمن بالنور وفي الحقيقة.

لذلك إننا نعرف أن لا غلبة لنا إلا بروح الحق، هذا المعزّي. "بدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئاً"، بحسب كلمات يسوع. والآن "بدون الروح القدس لا نستطيع أن نعمل شيئاً صالحاً". لأن الروح يقيمنا في الحق، والروح يعزينا، وبالروح تصير غلبتنا على العالم.

"إعرفوا الحق والحق يحرركم"، هذه كلمات تعني تماماً: "حيث روح الله هناك الحرية". من أقام في الحق يتحرر من الخوف؛ من كل خوف. فمن أقام في البِرّ لم يعد يخاف حتى الموت. ومن أقام الروح عنده تحرر من خوف العالم ووثق أنه بالروح مع يسوع سيغلب العالم.

لكن هذا الروح القدس لا يستطيع العالم أن يتقبّله (يوحنا17:14)، لأنه روح الحق. فالظلمة لا تتقبل النور لأن أعمالها توبخ منه. فمن لا يقيم في الحق ويترفع عن الكذب لا يقيم الروح عنده.

إن أكبر خطيئة في الكنيسة هي الكذب ولقد كان عقابها في سفر أعمال الرسل (موت سفيرة وحنانيا) دليلاً على هولها وحجم شرّها.



الخطيئة تجاه أي شيء تُغفر، إلا تجاه الروح القدس:

"من جدّف على الابن يُغفر له أما من جدّف على الروح القدس فلا يُغفر له".

تبدو هذه الآية كاللغز لكن مفتاح فهمها، كما يشرحها القديس الذهبي الفم، هو ان الروح القدس هو روح الحق. لهذا يقول يسوع إذن للفريسيين والكتبة والمعلمين: إذا جدّف الناس العامّيون على الابن ولم يعترفوا بألوهية ابن الله المتجسد، ولم يألف الناس أن يتجسد الله، فهذه خطيئة تُغفر.

أما أنتم العاملون بالناموس وقد أدركتم بحق اكتمال النبوءات وعرفتم ألوهية الابن، فإن تجديفكم الآن لم يعد خطيئة عن جهل، بل هو خطيئة عن معرفة، خطيئة ليست ضد ابن الله ولكن ضد الحق، وهذه الخطيئة هي من حب الشرّ وليس من حب الخير. والشرير بالأصل لا يطلب المصالحة ولا ينتظر الغفران.

من يقيم في الكذب ضعيف، لأن الروح القدس لا يقيم معه. ثقوا بالروح سنغلب كل كذب أمامنا، بالروح سيُغلب روح العالم الذي لا يحب الحق. بالروح ستسقط كل الأقنعة عن كل الأشياء. فلا يبقى بوجود الروح رياء ولا تغوي الخديعة الإنسان الذي في الحق. بالروح سنصرخ ليذهب العالم ولتأتِ النعمة. بالروح سنصرخ ونحن في العالم "أبّا أيها الآب"، وهذه غلبتنا أننا في العالم لكننا أبناء الله.

أيها الملك السماوي المعزي، يا روح الحق، هلمّ اسكن فينا وطهّرنا من كل كذب الدنس، وحررنا أيها الصالح من كل خوف نفوسنا".
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 09:47 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024