منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05 - 06 - 2014, 03:24 PM   رقم المشاركة : ( 4471 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,338,641

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الوصايا العشر في الناموس المسيحي


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس غريغوريوس بالاماس

نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي
1. الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ

الرب، إلهك، هو رب واحد (تثنية 4:6)، وهو معروف كآب، وابن وروح قدس. الآب غير مولود. الابن مولود ككلمة الآب، من غير ابتداء سرمدي وبلا هوى. لقد سُمّي المسيح لأنّه مسح من ذاته الطبيعة البشرية التي أخذها منّا. يخرج الروح القدس من الآب، ليس بالولادة بل بالانبثاق. ربنا هو الإله الوحيد. إنّه الإله الحقيقي، الرب بثلاثة أقانيم، الذي لا ينقسم بالطبيعة ولا بالمشيئة ولا بالقوة، ولا بأي صفة من صفات الألوهة. أحبب فقط هذا الإله الثالوثي واعبده وحده، بكل فكرك وبكل قلبك وبكل قوتك. احفظ كلماته ووصاياه في قلبك، حتى تنفّذها وتدرسها وترددها في جلوسك، ومسيرك وفي سريرك وعندما تنهض. تذكّر الرب إلهك بلا انقطاع. ارهب منه وحده. لا تنسَه هو ولا وصاياه. وهكذا هو يعطيك قوة لتتمّ مشيئته، لأنّه لا يطلب منك أي شيء سوى أن تكون مكرّساً له وتحبّه وتسير على دروب وصاياه. إنّه فخرك وإلهك. عندما تعلم أنّ الملائك السماويين هم بلا هوى وغير منظورين، وأن الشيطان الذي سقط من السماء هو شرير جداً وذكي وقوي ومحنّك في خديعة الإنسان، لا تظنّ أنّ أياً منهم يساوي الله في الشرف. وعندما ترى أيضاً عظمة السماء وتعقيدها، لمعان الشمس، بهاء القمر، نقاوة النجوم الأخرى، سهولة تنشق الهواء، كثرة منتجات الأرض والبحر، لا تؤلّه أيّاً منها. إنّها كلّها خلائق الإله الواحد، وهي تخضع له وهو بكلمته خلقها كلّها من العدم. "لأَنَّهُ قَالَ فَكَانَ. هُوَ أَمَرَ فَصَارَ" (مزمور 9:33). إذاً وحده رب الكون وخالقه أنت تمجّد كإله. تعلّق به بمحبة وتُبْ إليه نهاراً وليلاً عن كل خطاياك الطوعية والكرهية، لأنّه طويل الأناة ورحيم جداً، صبور، وصانع بر إلى الأبد. لقد وعد الذي يحترمه ويعبده ويحبه ويحفظ وصاياه، وهو يعطي بحسب وعده، بالتمتّع بالملكوت السماوي الأزلي والحياة التي بلا ألم ولا موت والنور الذي لا يغرب. لكنّه أيضاً إله غيور وحاكم عادل ومنتقم رهيب. لقد هيّأ جحيماً أبدياً، ناراً لا تُطفأ، ألماً لا ينقطع، حزناً لا عزاء له، ومكاناً مظلماً ضيقاً للخائن الشرير الأول، أي الشيطان، وقد فرض كل هذا على غير التقي والذي لا يطيع وصاياه وينتهكها، ولكل الذين انخدعوا بالشيطان وتبعوه، ما أن ينكروا صانعهم بأعمالهم وكلماتهم وأفكارهم.
2. لا تصنع لك صنماً ولا ما يشبهه
"لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالاً مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ" (خروج 4:20). لأن كل هذه هي خلائق الإله الوحيد الذي في الأزمنة الأخيرة، بعد أن تجسّد في رحم بتولي، ظهر على الأرض وأقام بين البشر. وعندما تألّم ومات وقام لخلاص البشر، صعد بالجسد إلى السماء وجلس في الأعالي عن يمين الله. بجسده سوف يأتي أيضاً في مجد ليدين الأحياء والأموات. إذاً، من المحبة له، وهو الذي صار إنساناً لخلاصنا، اصنعْ له أيقونة. وعِبر الأيقونة، تذكرّه واعبده. من خلال الأيقونة، ارفع عقلك إلى جسد المخلَص المبجّل، الجالس في الأعالي عن يمين الآب. اصنع أيضاً أيقونات للقديسين، وأكرمهم أيضاً، ليس كآلهة، لأنّ هذا محرّم، بل بسبب علاقتك بهم، وميلك إليهم، والشرف الكبير المتوجب لهم، فيما فكرك سوف يمضي إليهم من خلال الأيقونة. هذا ما فعله موسى: لقد صنع أيقونات للشاروبيم ووضعها في قدس الأقداس، ليمجّد لا المخلوقات بل من خلالها خالق العالم، أي الله (خروج 18:25-19). وهكذا أيضاً لا تعبد أيقونات المسيح ولا القديسين، بل من خلالها اعبده هو الذي بعد أن خلقنا أولاً على صورته، ارتضى لاحقاً بسبب إحسانه الذي لا يوصف أن يتّخذ صورة بشرية ويصير موصوفاً بحسبها. أكرِمْ ليس فقط أيقونة السيد بل أيضاً رسم صليبه لأنّه رمزٌ كليّ القدرة وتذكار لانتصار المسيح على إبليس وكل الأجناد الشيطانية. لهذا السبب عندما يرون رسم إشارة الصليب يغلبهم الرعب ويهربون. حتى قبل الصلب، مجّد الأنبياء إشارة الصليب التي أنجزت معجزات عظيمة. وأيضاً عند المجيء الثاني لربنا يسوع المسيح الذي سُمِّر على الصليب والذي سوف يأتي ليدين الأحياء والأموات، سوف تتقدّمه الإشارة المرهوبة بقوة ولمعان شديد. مجّد الصليب اليوم حتى تحدّق إليه بشجاعة لاحقاً وتتمجّد معه. وقِّر أيضاً أيقونات القديسين لأنّهم صُلبوا مع السيد، راسماً على وجهك إشارة الصليب ومستحضراً إلى فكرك مشاركتهم في آلام المسيح. أكرِم أماكن إقامتهم وكل ذخيرة من عظامهم، لأنّ نعمة الله لم تنفصل عنها، بالتحديد كما أن الله الآب لم ينفصل عن جسد المسيح المكرَّم خلال موته المعطي الحياة. إذاً بالتصرّف هكذا وبتمجيد الذين مجّدوا الله، لأنّهم ظهروا بأعمالهم كاملين بمحبته، سوف تتمجّد معهم بالله وسوف تنشد مع داود: "أكرمتُ محبّيك يا ربّ".
3. لا تحلِف باسم الربّ باطلاً
لا تحلِف باسم الربّ باطلاً (خروج 7:20)، عن طريق القسم بشكل كاذب أو لأي سبب دنيوي آخر، أو خوفاً من أحد ما، أو من الخجل أو لربح خاص. إن الإخلال بقَسَم هو إنكار لله. إذاً لا تُقسِم أبداً. تجنَّب كليّاً القَسَم لأنّ من القّسَم يأتي الإخلال بالقَسَم الذي يغرَب الإنسان عن الله ويجعل الحانث بقسمه مخالفاً للناموس. إذا كنتَ دائماً تقول الحقيقة، سوف يصدّقك الناس وكأنّك تحلِف. وإذا صار صدفة أنّك أقسَمت، هو أمر ينبغي أن تصلّي كي لا يحدث، لكن بما أنّه أمر متّفق مع الشريعة الإلهية، نفّذه وكأنّه شرعي، لكن اعتبر نفسك مُلاماً لأنّك أقسَمت. بالإحسان والتضرّع والحزن وحرمان الجسد، التَمِسْ الرحمة من الله الذي أوصى بألاّ تُقسِم (متى 34:5). أمّا إذا أقسَمت على شيء غير قانوني انتبه ألاّ تنفّذ قَسَمَك لمجرّد أنّك أقسَمت، حتى لا يحسبك الربّ مع يهوذا قاتل النبي الذي قطع رأس السابق الكريم كي لا يكسر قسمه (متى 7:14-12). الأفضل لك أن تكسر ذلك القَسَم غير الشرعي واتّخذ لنفسك قانوناً بألاّ تقسم أبداً، وبأن تسعى إلى رحمة الله مستعملاً العقاقير المذكورة سابقاً وبجهاد أكثر مع دموع.
4. تذكّر يوم السبت لتقدسه
يُسَمّى أحد أيام الأسبوع الأحد، لأنّه مخصّص للرب الذي قام من الموت في ذلك اليوم مظهراً قيامة كل الناس ومثبتاً إياها (في المجيء الثاني) حين عندها سوف يتوقف كل عمل بشري. إذاً خصّص الأحد للرب (خروج 8:20). لا تَقُم بأي عمل أرضي غير ما هو ضروري. وكل الذين يعملون لك أو يعيشون معك فليرتاحوا حتى أنّكم جميعاً تمجّدون الذي اشترانا بموته ومن ثمّ قام مقيماً معه طبيعتنا البشرية. احفظ في فكرك الحياة الآتية، لكي تتأمّل بكل وصايا الرب وقوانينه وتتفحّص نفسك حتى إذا كنتَ قد انتهكت بعض الأشياء أو أهملتها، يمكنك أن تصحّح نفسك في كل شيء. في هذا اليوم أيضاً اذهَبْ إلى هيكل الرب واشترك في اجتماع العبادة وشارك بإيمان صافٍ وضمير نقي في جسد المسيح ودمه. ابدأ حياة أكثر قداسة، مجدداً نفسك ومهيئاً إياها لتقبّل خيرات الحياة الآتية. من أجل هذه الخيرات لا تسئ استعمال الأشياء والاهتمامات الأرضية في الأيام الأخرى أيضاً. يوم الأحد، كونك مكرَّساً لله، تحاشَ بشكل قاطع كلّ هذه الاهتمامات ما عدا الضرورية منها التي يستحيل عليك العيش من دونها. وهكذا، بما أنّ الرب ملجؤك عليك ألاّ تذهب إلى أي مكان، وألاّ تضرِم نار الأهواء ولا تحمل عبء الخطايا. إذاً، كرِّس "يوم السبت" (خروج 8:20)، أي الأحد، لله حافظاً إياه بامتناعك عن كل ما هو شرير. وإلى الآحاد عليك أن تضيف كل الأعياد الكبيرة قائماً بالأمور نفسها وممتنعاً عن كل ما تمتنع عنه يوم الأحد.
5. أكرِم أباك وأمّك
أكرِم أباك وأمّك (خروج 12:20)، لأنّ من خلالهما أتى بك الرب إلى الحياة، وهما بعد الله سبب وجودك. إذاً، بعد الله أحببهما وأكرمهما طالما، بالطبع، محبتك لهما تساهم في محبتك لله. إذا كانت لا تساهم، ابتعد عنهما مباشرةً. إلى هذا، إذا كانا عائقاً بالنسبة لك وخاصةً الإيمان الحقيقي الخلاصي لأنّ لهما إيمان آخر، ليس فقط عليك أن ترحل بل أيضاً أن تنكرهما مع كل مَن تجمعك به علاقة أو صداقة. عليك أن تنكر حتّى أعضاءك الشخصية وأهواءها وكلّ جسدك ومن خلال الجسد علاقتك بالأهواء لأن المسيح قال: "إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا. وَمَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا." (لوقا 26:14-27 وأنظر متى 37:10). هذه الإرشادات تتعلّق بوالديك الجسديين وأقربائك وأصدقائك. عليك أن تُكرِم وتحب مَن لهم نفس إيمانك ولا يمنعونك عن الخلاص. وإذا كان يتبغي بك أن تكرِم والديك الجسديين فكم بالأحرى عليك أن تكرِم وتحب آباءك الروحيين. لقد نقلوك من الحياة الجسدية البسيطة إلى حياة البِرّ الروحية. لقد منحوك استنارة المعرفة. لقد علّموك الحقّ. لقد أعطوك إعادة الولادة بحميم التجدد. لقد وضعوا فيك رجاء القيامة وعدم الموت والملكوت السماوي. لقد نقلوك من غير مستحق إلى مستحق للخيرات الأبدية، من الأرضي إلى السماوي، ومن الوقتي إلى الأبدي. لقد جعلوك ابناً وتلميذاً، لا لإنسان بل ليسوع المسيح الإله-الإنسان الذي منحك الروح القدس الذي يجعل الناس أبناء لله، والذي قال: "وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ" (متى 9:23-10). هكذا أنت مدين بكل شرف ومحبة لآبائك الروحيين، لأنّ الشرف الذي ترده لهم يذهب إلى المسيح وإلى الروح الكلي قدسه الذي جعلك ابناً لله، وإلى الآب السماوي الذي يعطي الحياة والوجود لكل الكائنات السماوية والأرضية. جاهد فوق هذا لأن يكون لك طوال حياتك أباً روحياً تعترف إليه بكل خطاياك وأفكارك الشهوانية وتأخذ منه الشفاء والحلّّ. لقد أُعطي الآباء الروحيون السلطة لأن يغفروا للنفوس أو ألاّ يغفروا. كلّ ما يتركوه غير محلول على الأرض سوف يكون بلا حلّ في السماء أيضاً. يحصلون على هذه النعمة والقوة من المسيح. لهذا السبب أنتَ سوف تطيعهم من دون مهاترة، حتى لا تقود نفسك إلى الهلاك. إذا كان، بحسب ناموس موسى، كلّ مَن ردّ كلام أهله يُقتَل، حتى ولو كانوا يتناقشون بأمور محرَّمة من ناموس الله، فكيف يكون ممكناً أن لا يطرد روحُ الله الإنسانَ الذي يرد كلام أبيه الروحي وكيف لهذا الإنسان ألاّ يخسر روحه؟ لهذا السبب، خذ نصيحتهم وأَطِعْهم إلى نهاية حياتك حتى تخلّص نفسك وتكون وارثاً للخيرات الأبدية التي لا تفنى.
6. لا تزنِ
لا تمارس الزنا (خروج 14:20) ولا الفسق حتى لا تصير عضواً للفاجرة بدلاً من عضو للمسيح فتُقطَع من الجسم الإلهي وتسقط من الميراث المقدّس وتُرمى في جهنّم. لأنّه، إذا كان بحسب شريعة موسى، ابنة الكاهن التي تُضبَط في الفسوق يجب إحراقها لأنّها عرّضَت أباها للعار، ألا ينبغي بالذي ألصق هذه النجاسة بجسد المسيح أن يُحرَق في النار الأبدية؟ ليس فقط يُحرَّم عليك أن تزني بل عليك أن تمارس البتولية، إذا أمكنك، وتكون خاصاً بالله بالكليّة وملتصقاً به بمحبة كاملة مقيماً بقربه طوال حياتك. جاهد دائماً وبدون ارتباك لأن تحيا حياة ترضي الله، متمتعاً منذ الآن بالحياة المقبِلة وعائشاً مثل ملاك على الأرض. البتولية هي ميزة الملائكة، وكلّ مَن يمارسها يصبح مثلهم، بقدر الإمكان، مع أنّه ذو جسد. إلى هذا، إنّه يصبح أكثر منهم، فهو يصير مشابهاً للآب الذي قبل الدهور وَلَد الابن بطريقة بتولية، كما أنّه يصير مشابهاً للابن البتولي الذي ولد قبل الدهور من الآب البتول وتجسّد في آخر الأزمنة من أم عذراء، وأيضاً هو يصير مشابهاً للروح القدس الذي خرج بطريقة لا تُوصَف من الآب وحده، ليس بالولادة بل بالانبثاق. إنّ مَن يختار البتولية الحقيقية، أي المتبتّل بالنفس والجسد، الذي يجمّل كل حواسه وفكره وعقله برونق البتولية، يتشبّه بالله ويتّحد به مقيماً معه زواجاً لا يفسد. إذا كنتَ لا تفضّل أن تحيا حياة بتولية، ولا أنتَ وعدتَ الرب بذلك، بإمكانك بحسب ناموس الرب أن تتخذ امرأة بالزواج. هي وحدها تساكن، وهي وحدها تتّخذ، هذا وهدفُك هو القداسة. بكل قوتك ابقَ بعيداً عن النساء. تكون قادراً على حفظ نفسك منهن إذا تلافيت المحادثات غير الضرورية معهن، إذا أدَرتَ عيني جسدك وعيني نفسك عنهن، بقدر الإمكان، وإذا لم تكن تجد لذة في سماع الكلمات الشهوانية ولم تّصِر معتاداً على التفرّس بالوجوه الجميلة. كلّ مَن ينظر إلى امرأة بشهوة كريهة يكون قد زنا بها ولهذا هو غير طاهر أمام المسيح الذي ينظر إلى القلوب. إلى هذا، من هذا النظر الشرير يمكن للإنسان التعيس أن ينتهي مرتَكباً خطيئة الدعارة بالجسد أيضاً. لكن لماذا أتحدّث فقط عن الفسق والزنا وكل النجاسة المرتبطة بالوظائف الطبيعية؟ فالإنسان يميل بشكل مخالف للقوانين إلى الأعمال البذيئة غير الطبيعية عندما يتفرّس بشكل فضولي في جمال الأجساد. إذاً، إذا قطعتَ الجذور المرّة من نفسك، فلن تجمع الثمار المميتة، بل سوف تجني الطهارة والقداسة التي تأتي معها، والتي بدونها لن ترى السيد.
7. لا تقتل
لا تقتل (خروج 13:20) حتى لا تكفّ عن كونك ابناً للذي أقام الموتى، وحتى لا تصير بأعمالك ولداً للذي كان منذ البداية قاتلاً للإنسان. يأتي القتل من العراك، والعراك من الشتم، والشتم من الغضب والغضب من الأذى أو الضرب أو السباب للآخر. لهذا السبب قال المسيح: "وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَلاَ تَمْنَعْهُ ثَوْبَكَ أَيْضًا" (لوقا 29:6). إذا ضربك أحدهم لا تردّ له الضربة. إذا شتمك أحدهم فلا ترد له الشتيمة. وهكذا سوف تنجو من خطيئة القتل، أنت والذي يؤذيك. إلى هذا، سوف تحصل على غفران خطاياك من الله لأنّه هو قال: "فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَّلاَتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ." (متى 14:6). في أي حال، إنّ مَن ينطق بالشر أو يقوم به سوف يُدان في النار الأبدية لأن المسيح قال أيضاً: "وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ" (متى 22:5). إذاً، إذا كنتَ قادراً على اقتلاع الشر وجذوره، مؤمِّناً لنفسك النعمة والبركة، مجِّد المسيح معلمنا وزميلنا في تحقيق الفضائل. من دونه، كما تعلمتَ لا نستطيع أن نقوم بأي عمل حسن. ومن ثم أيضاً، إذا كنتَ غير قادر على أن تبقى هادئاً من دون أن تغضب، وجّه اللوم لنفسك لأنك غضبت واطلب المغفرة من الله كما من الذي سمع الأذى أو تحمّله منك. كلّ مَن لا يحس بألم الندامة على خطاياه الصغيرة، سوف يقع من بعدها في خطايا كبيرة أيضاً.
8. لا تسرق
لا تسرق (خروج 15:20)، حتى أن الله الذي يعرف أعمالك السرية لا يرد لك العقاب أضعافاً. إنّه من الأفضل لك أن تعطي سرياً مما لك إلى المحتاجين، لكي تحصل من الله الذي يرى كلّ ما هو خفي، مئات الأضعاف مع الحياة الأبدية في العالم الآتي.
9. لا تشهد بالزور
"لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ" (خروج 16:20)، حتى لا تكون مشابهاً للشيطان الذي ذمّ الله أمام حواء، وصار ملعوناً لعمله هذا. إلى هذا، من الأفضل أن تغطي على خطيئة قريبك، إلا إذا كانت تؤذي آخرين، حتى تكون مشابهاً لسام ويافث وليس لحام، وهكذا تحصل على البركة. كان سام وحام ويافث أبناءً لنوح. وفي مرة شرب نوح خمراً كثيراً وسكِر وتعرّى. عندما رأى حام عورة أبيه أخبر أخويه بشكل هزلي. أمّا الأخوان فهما ليس فقط لم يضحكا من أبيهما بل مباشرة أخذا عباءة وسارا إلى الخلف حتى لا يريا عورة أبيهما وغطياه باحترام. عندما استيقظ نوح وعرف بما جرى، لعن حام، بينما بارك سام ويافث (تكوين 18:9-27).
10. لا تشتهِ ما لغيرك
ينبغي بك ألا تشتهي ما لقريبك، لا ممتلكات ولا مال ولا مجد ولا أي شيء آخر مما له (أنظر خروج 17:20)، لأن الشهوة عندما تنشأ في النفس، تلِد الخطيئة. والخطيئة عندما تكتمل تولّد الموت. إذا لم تشتهِ أشياء الآخرين، تبقى بعيداً عن الطمع وعن اغتصاب ما للغير. إنّه من الأفضل لك أن تعطي مما لك لمَن يسأل، وأن تحسِن على المحتاجين بقدر ما تستطيع. إذا أراد أحد ما أن يقترض منك لا ترفضه. إذا وجدت غرضاً ضائعاً ردّه إلى صاحبه حتى ولو كان عدوك. وهكذا، سوف تتصالح معه وتخزي الشر بالخير كما يأمرك المسيح. إذا حفظت كل هذه بكل قوتك وسلكت بحسب هذه الوصايا، سوف تخزن في نفسك كنز التقوى، ترضي الله، تنتفع منه ومن شعبه وتصير وارثاً للخيرات الأبدية التي نحصل عليها جميعنا بنعمة ربنا وإلهنا وخلصنا يسوع المسيح ومحبته للبشر. له المجد والإكرام والسجود مع أبيه الذي لا بدء له وروحه الكلي قدسه الصالح والمحيي، الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين. آمين.
 
قديم 07 - 06 - 2014, 08:31 AM   رقم المشاركة : ( 4472 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,338,641

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

دعوة الله العليا معلنة لنا في الثالوث القدوس

الطريق الصحيح لمعرفة الله

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إخوتي الأحباء في الرب
أردت اليوم أن أكتب ما سبق وكتبت من جهة الخبرة والإعلان حسب مقتدى القصد الأزلي الذي لله الحي الذي أراد أن يكشف سره لأحباءه الأخصاء الذين يؤمنون به، أي حبيبه الإنسان الذي خُلق ليدخل في شركة حيه معه، فهذه هي دعوة الله هي معرفته كإله حي وحضور مُحيي، ولكي ندخل في سره العظيم أشرق لنا في ملء الزمان بيسوع المسيح الذي أعلنه لنا لأن الله لم يراه أحد قط بل الابن الوحيد الذي في حضنه هو خبر لذلك مكتوب: [ لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح ] (2كو4: 6)، لذلك أرجوكم لا أنا بل محبة الله أن تدخلوا هذا الموضوع وقلوبكم تحمل شوق معرفة الله حسب إعلانه الخاص عن نفسه، تاركين شهوة معرفة العقل لحفظ المعلومات، بل انتبهوا بقلوبكم لهذا السر العظيم، أي الدخول في معرفة الله القدوس كشركة وحياة وليس معلومة وفكر ومجادلة...
+ دعوة الله وإعلانه عن نفسه خبرة وحياة شركة +
أحباء الله المدعوين دعوة عُليا مقدسة حسب تدبير الله السابق خالق الكل [ الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التي أُعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية (2تيموثاوس 1: 9) ]، فدعوة الرب لنا هي دعوة سماوية لحياة الشركة المقدسة بالمحبة في الثالوث القدوس كأبناء لله في الابن الوحيد الذي خلصنا [ ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة مولوداً تحت الناموس. ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني. ثم بما إنكم أبناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخا يا أبا الآب (غلاطية 4: 4 – 6 ) ]، ودعوة الله مصدرها الله نفسه، ومُعلنه لنا بالله نفسه، ومعطاة لنا بالله نفسه. [ إعلان واحد، عطية واحدة ونعمة واحدة من الآب بالابن في الروح القدس ] ( من رسالة القديس أثناسيوس الرسولي إلى سرابيون عن الروح القدس )

وعندما ننضم للمسيح يسوع بالمعمودية والتوبة والإيمان الحي، فإننا ننضم إلى الكنيسة جسد المسيح [ وأما انتم فجسد المسيح وأعضاؤه أفرادا (1كورنثوس 12: 27) ]، لكي نصبح مع الرب ومع الإخوة والأخوات الذين ولدوا من الله في المسيح جسداً واحداً وروحاً واحداً [ هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح وأعضاء بعضاً لبعض كل واحد للأخر (رومية 12: 5)؛ جسد واحد وروح واحد كما دعيتم أيضاً في رجاء دعوتكم الواحد (أفسس 4: 4) ]. وهنا نتعلم سرّ الثالوث القدوس، أي نتعلم ونفهم ونستوعب على مستوى الخبرة والحياة والممارسة الحية في واقعنا المُعاش...
ومن تذوق الإعلان الإلهي، ومن معرفتنا بالرب يسوع المسيح ابن الآب الوحيد، الذي عندما نقبل فيه التبني [ إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف بل أخذتم
روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب (رومية 8: 15) ]، ونسعى فيه وبه لإدراك الأسرار الإلهية، ننال - بتلقائية وبساطة - معرفة الثالوث القدوس من خلال الممارسة، أي المعرفة الحية الآتية من الشركة والتي ليست قاصرة علينا، ولا هي خاصة بفرد دون فرد آخر، بل بواسطة الشركة يتم التطهير من المعرفة الذاتية الشخصية النابعة من خوف الموت وسلطان الخطية، أي من الداء القديم حسب الطبيعة الساقطة التي لا تقدر أن تتعرف على الله الحي القدوس، فالمعرفة التي حسب الجسد والتي تتوقف على قدرات العقل البشري في التفكير والاستنتاج والتي يكون دائماً بعضها صحيح والبعض الآخر خطأ الذي ينبع من الفكر المتغرب عن محبة الله، وهي خطر كبير للغاية يهدد الشركة والمعرفة حسب قصد الله – لأنها حتماً تقود للانفرادية وطبيعتها الانقسام
لذلك كل من يسعى للانقسام داخل الكنيسة فهو لم يعرف بعد الله القدوس ولازال متغرباً عن محبة الله وبالتالي الكنيسة، فأي خادم أو أياً من كان وضعه أو رتبته في داخل الكنيسة يصنع خصومات وتحزبات وانشقاقات، أو يصنع فرقة بناء على رأي أو فكر شخصي أو فلسفة أو مجادلة أو يسعى للوشاية وحرمان الآخرين وعزلهم من الكنيسة، فهو غريب عن الله ولم يعرفه قط، بل لازال الله - بالنسبة لهؤلاء - هو الإله حبيس العقل، وهو بذلك أصبح وثن وتمثال مصنوع من الأفكار البشرية التي بحسب الإنسان وذكائه الخاص ليعبده ويشرك الناس في عبادته، لذلك يتم رفض الآخر الذي لم يشترك في عبادة هذا الإله صُنع الفكر حبيس العقل، وبذلك حقاً فأن هؤلاء لم يعرفوا الله الحقيقي من جهة الرؤيا والإعلان، بل يعرفون إلههم الخاص حسب معرفة عقلهم لذلك يحبسون إلههم في اعتقادهم حسب رأيهم الشخصي حتى لو كان كلامهم صحيح، فهم في الواقع لم يروا الله ولم يسمعوا صوته قط، بل ينقلون ما تعملوه من الناس وما يميلوا إليه من حيث الراحة النفسية أو المعتقد والطائفة والمعاجم والقواميس بدون رؤية ولا إعلان ولا شركة حقيقية !!!
فالله يُعرف بالاستعلان، أي هو من يُعلن ذاته في القلب بالروح وفي الذهن بالاستنارة، أي إشراق النعمة في العقل والقلب معاً، فيتعلم الإنسان من الله وسط الكنيسة التي تحيا بنفس ذات الروح عينه، روح التبني، حيث يحيا الكل حسب الدعوة التي دُعيَّ إليها [ فاطلب إليكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتم بها. بكل تواضع ووداعة وبطول أناة محتملين بعضكم بعضاً في المحبة. مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام. جسد واحد و روح واحد كما دُعيتم أيضاً في رجاء دعوتكم الواحد. رب واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة. إله وأب واحد للكل الذي على الكل وبالكل وفي كلكم. ] (أفسس 4: 1 – 6)
[ نحن نُعطى معرفة الثالوث باختبار المحبة الإلهية والتي تأتي من الشركة لكي تقوي الشركة، أي تبدأ منها وتعود إليها، لأنه لا محبة بلا شركة ولا معرفة طاهرة بدون المحبة؛ لأننا لا نعرف شيئاً معرفة حقيقية إلا إذا كانت لنا محبة ترتفع فوق الشهوة، ونتقدس بالروح القدس لكي تُفتح حواس الإنسان بالتقديس، فنرى بالمحبة كل شيء رؤية صحيحة كاملة ] (الأب صفرونيوس – الثالوث القدوس توحيد وشركة وحياة)

وسوف نتحدث - في الجزء الثاني - عن المحبة شركة تقود لمعرفة الثالوث
غنى نعمة الله تملأ قلوبكم فرح ومسرة آمين
 
قديم 07 - 06 - 2014, 08:39 AM   رقم المشاركة : ( 4473 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,338,641

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

حوار مع الله ببساطة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الابن : صباح الخير يا أحلى وأجمل وأطيب أب في الدنيا
الله : صباح الخير يا أغلى حاجة عندي يا من أحبه حتى نفسي
الابن : يا رب عامل ايه النهارده ؟ مبسوط والا لأ
الله : أنا مبسوط من أولادي اللي بيحبوني ونفسهم يتعرفوا بيا أكتر وأكتر ونفسي أي حد بعيد عني يرجع لحضني
الابن : انت ليه يا رب بتحب البشر بالكم الهائل ده من الحب دول بيهينوك كل يوم
الله : أصل دول أولادي وأنا خلقتهم على صورتي ومثالي علشان يفرحوا بيا
الابن : ما هم كل يوم غرقانين في الخطية وأوحالها
الله : أنا مستني رجوعهم ليا وباحتملهم وهافضل أحتملهم لأني أب
الابن : بس يا رب الخليقة دي كلها كتيرة جداً البشر والبهائم والحيوانات والوحوش وانت بتهتم بيها كلها ازاي؟!!!!!!!
الله : أنا اللي خلقت كل العالم وعلشان كده كل حاجة خلقتها مسئولة مني أن أعتني بيها وبعدين أنا إله عظيم وقدرتي غير محدودة
الابن : صحيح يا رب بس البشر بيخافوا ويقلقوا جداً من المستقبل ومن الماضي . هم ليه خايفين كده مع إن انت مهتم بيهم ؟
الله : اللي بيحبني مش ممكن يقلق أو يخاف لأني هاغفر له خطايا الماضي وميبقاش منها خوف لأن معليهاش دينونة ... والحاضر أنا ضامنه في إيدي واللي بيحبني ميخافش من المستقبل لأني ضابط الكل وكل حاجة تحت سلطاني وأنا مش ممكن أعمل حاجة تضر أولادي الابن : شكراً يا رب . لكن ليه رغم ده كله الناس ماشية مع الشيطان مع أنهم متأكدين أنه مش بيحبهم ؟
الله : انت عارف إن الإنسان جواه شهوات ورغبات وميول شريرة وللأسف هو مش فادر يتحكم في نفسه
الابن : طيب يبقى غصب عنه بيعمل الخطية
الله : بس أنا عطيته إراده لو هو عايز يمشي في طريق النور وكل حاجة محتاجها أنا موفرها له
الابن : طبعاً يا رب انت مش ممكن تكون مقصر في حق البشر لكن هم اللي بيبعدوا عنك كل يوم
الله : أنا بحب كل واحد منهم محبة خاصة ونفسي يرجعوا ويعيشوا معايا ولكن ..
الابن : لكن ايه يا رب ؟
الله : لكن فيه ناس بتقسي قلبها عليا وفيه ناس بتعصاني وفيه ناس بتجرحني وناس بتهينني وناس بتخلي اسمي في التراب ..لو كنت مكاني كان هيبقى شعورك ابه ؟
الابن : كنت هابقى حزين عليهم ولكن أنا ممكن كنت عاقبتهم ..يعني أي واحد يغلط هأموته
الله : ما هو أنا لو عملت كده مين هيعيش ..كلهم هيموتوا بسبب خطاباهم وعلشان أنا بحبهم باديهم فرصة جديدة
الابن : بس يا رب دول كل ما بتديهم فرصة بيفكروا إن العملية سايبة وإن مفيش حساب
الله : ما هو أنا بكلم كل واحد بطريقته وصوتي بيقى واضح مرة بخادم ومرة بكلمة توبيخ ومرة بمرض ومرة بموت أحد الأحباء وطرق كتيرة
الابن : للدرجة دي يا رب بتحبهم
الله : وأكتر كمان يا حبيبي
الابن طيب يا رب أنا هستأذن دلوقتي وهارجع تاني بعد ما أخلص شوية حاجات الله : اتفضل يا حبيبي بس متتأخرش عليا ...أنا مستنيك ...وأنا مبسوط من الشوية اللي قعدناهم مع بعض دول
الابن :دا أنا اللي مبسوط أكتر يا رب علشان انت بجلالك رضيت تقعد مع واحد زيي وأرجوك يا رب تحفظني وتدبر أموري حسب مشيئتك
الله : حاضر يا ابني .. اتفضل يا ابني روح لشغلك مش هاعطلك ..بس متنساش تكلم الناس عني
الابن : حاضر يا بابا من عينيا الاتنين
الله : سلام يا ابني
الابن : مع السلامة يا بابا ..... بااااااااااااااااااا
 
قديم 07 - 06 - 2014, 08:53 AM   رقم المشاركة : ( 4474 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,338,641

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القمص تادرس يعقوب ملطي


خلّصنا الرب بنفس الأسلحة التي أراد إبليس أن يهزمنا بها


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

. لنتعلم أيضًا عله أخرى. جاء المسيح ليعتمد ويقدس العماد. جاء لكي يصنع عجائب ويسير على مياه البحر. فإن كان قبل ظهوره في الجسد "البحر رآه فهرب... الأردن رجع إلى الخلف" (مز 114: 3)، أخذ المخلص جسدًا لكي يقدر البحر علي رؤياه ويستقبله الأردن بلا خوف. هذا سبب لمجيئه، هناك سبب آخر: وهو أنه خلال حواء العذراء سار الموت وخلال العذراء تصير الحياة. وكما أغوت الحيّة القديمة العذراء الأولى، جُعل جبرائيل البشارة الطيبة للثانية.

هجرت البشرية الرب وتخلت عنه وسجدت لصور بشرية منحوته، عبدت صورة الإنسان باطلًا على أنه الله، فصار الله إنسانًا حقيقيًا حتى ينزع الزيف بعيدًا.

استخدام إبليس الجسد كسلاح ضدنا، وقد عرف بولس ذلك فقال: "أرى ناموسًا آخر في أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني..." (رو 7: 23)، وبنفس الأسلحة التي أراد إبليس أن يهزمنا بها خلّصنا الرب. أخذ الرب شبهنا حتى يخلص البشر. أخذ مالنا حتى يهبنا نعمة أعظم تنقصنا، فتصير البشرية الآثمة مشاركة "فحيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جدًا" (رو 5: 20). لاق بالرب أن يتألم لأجلنا، لكن لو عرفه إبليس لما تجاسر أن يقترب إليه. "لأنهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد" (1 كو 2: 8). لذلك صار جسده طُعمًا للموت، وإذ صار موضع أمل للوحش أن يقبض على المخلص، قبض المخلص عليه. لأنه "يَبْلَعُ الموت إلى الأبد، ويمسح السيد الرب الدموع عن كل الوجوه" (إش 25: 8).
 
قديم 07 - 06 - 2014, 08:55 AM   رقم المشاركة : ( 4475 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,338,641

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

صليبـــــــــــك
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


صليبك موضع جدال منذ صلبك
لكنه أعجب معجزاتك الإلهية فلولاه لَما بطل الموت ولا انحلت الخطية الموضوع منقول من منتديات المسيحي الجريء

ولا انهدم الجحيم ولا انفتحت أبواب الفردوس....

صليبك هو إقتدارك ونصرتك التي أظهرتها أمام الخليقة كلها...
أطراف صليبك جمعت العلو والعمق والطول والعرض ما يُرى وما لا يُرى.

صليبك هو مجدك الذي به تمجدت وهو قمة خلاصنا ومصدر كل الخيرات وبواسطته صرنا مقبولين بعد أن كنا منبوذين ساقطين
صرنا عارفين للحق وارتفعنا من عمق الخطية إلى قمة الفضيلة....

صليبك هو ختم حمايتنا وضمانك وصنعتك التي بها لايمسنا مُبيد الكل
من صليبك فزعت الشياطين وهربت فارة

صليبك هو زينتنا وفخرنا لأنك ارتفعت عليه ليس تحت سقف ما يظللك بل سماء.

صليبك عالياً مرتفعاً أنرت به على الجالسين في الظلمة.
سال عليه دمك الذكي الكريم فطهر كل أدناس العالم....
ذبيحتك مسكونية أدخلت بها المؤمنين بك إلى الفردوس
حالما فتحت الفردوس المُغلق وأدخلت كل لص شاطر يغتصب الملكوت

صليبك هز أركان الطبيعة شقق الصخور وأخفى لمعان الشمس والنجوم
لأنك ضياء السماء والأرض كلها وهما مملؤتان من مجدك الأقدس

صليبك مزق الذنوب وفك النفوس من قيد الأثيم القبيح وربطنا بخيط محبتك ونجانا من اللعنة والعبوس فصار لنا مرساة الرجاء

صليبك هو العمود المبارك المثلث الغبطة الذي بسطت عليه جسدك لتعتق كل المائتين.
هو فخر المؤمنين وجمال الرسل ومعونة كل الذين يعاينون حياتهم معلقة تجاهه
ومنه ينبُع المشروب الإلهي.
إننا نرفعه رافعين أيادينا وسط أتون هذا العالم الحاضر باسطين أيادينا في جوف الحوت برسم آلامك الخلاصية متطلعين إلى نجاتنا من أفواه الأسود ومن الذين يريدون أن يقطعوننا من أرض الأحياء.

ولا زال صليبك

يُقاوم من الكارهين لإسمك (اصلبْه اصلبْه) الموضوع منقول من منتديات المسيحي الجريء

والذين كانوا أيضاً منذ ولادتك أتوا ليهلكوا الصبي
ولا زالوا إلى الآن كارهين كنيستك
ورافضين خلاصك الثمين
بينما صليبك هو فعل محبتك لهم وافتقادك للعالم
وهو ليس علامة سكون
لكنه علامة حركة ذراعك الأبدية المفتوحة كي تصطاد وتضم كل من يُقبل إلى دائرة خلاصك
لذا لم نَعُد نحمل صليبك فقط بل صليبك أيضاً يحملنا.

إن صليبك هو السيف القاطع لقرون الشيطان قوته غير مقهورة وعجائبه خلاصية من الضغطة والشدائد والدينونة
إنه قوة - (ديناموس)(دينامو) - ومصدر حياتنا وطاقتنا ونمونا وهو القوة الإلهية التي تسند غربتنا منذ ولا دتنا حتى رقادنا.

لقد أشرق نور صليبك عندما أظلمت الأرض فلا عتامة ولا ظلمة ولا ضبابية ولا كتمان ولا تضليل....
إنك لم تترك صليبك على الأرض بل أخذته وأصعدته معك إلى السماء لأنك ستُحضره معك في مجيئك الثاني ليضيء ثانية عندما تتزعزع قوات السموات في الدينونة.

ستأتي حاملاً صليبك المحيي ستحضره معك
وسيعرف الذين صلبوك و رفضوك
والذين كذّبوك (ما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّه لهم)
مقدار جحودهم وجهالاتهم وشرهم
وستنوح شعوب الأرض كلها عندما ترى جراحاتك وجنبك المفتوح وعندما ينظروا الذي طعنوه.
 
قديم 08 - 06 - 2014, 08:07 AM   رقم المشاركة : ( 4476 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,338,641

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الصوم و روحانيته

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصوم ليس مجرد فريضة جسدية..
بل إنه ليس مجرد الامتناع عن الطعام فترة زمنية ثم الانقطاع عن الاطعمة ذات الدسم الحيوانى، انما هناك عنصر روحى فيه..

اول عنصر روحى هو السيطرة على الارادة..

بنفس الارادة التى تحكمت فى الطعام يمكن ايضا السيطرة على الكلام، بالامتناع عن كل لفظ غير لائق، وكذلك السيطرة على الفكر وعلى المشاعر.

قال مار إسحق: "صوم اللسان خير من صوم الفم، وصوم القلب عن الشهوات خير من صوم الاثنين".


العنصر الثانى فى الصوم الروحى، هو التوبة:

ونلاحظ فى صوم اهل نينوى انهم لم يصوموا فقط وانما ايضا " رجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذى فى ايديهم " وان الرب نظر الى هذه التوبة اكثر مما نظر الى الصوم :
" فلما رأى الله اعمالهم، انهم رجعوا عن طريقم الرديئة، ندم الله على الشر الذى تكلم ان يصنعه بهم فلم يصنعه " (يونان 3:8 ? 10).

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وهكذا يصحب الصوم ايضا بالتذلل والانسحاق امام الله:
وهذا واضح فى صوم نينوى، اذ لبسوا المسوح وجلسوا على الرماد. كما هو واضح فى سفر يوئيل:
"قدسوا صوما، نادوا باعتكاف"


ليخرج العريس من مخدعه والعروس من حجلتها. ليبك الكهنة خدام الرب بين الرواق والمذبح ويقولوا: إشفق يا رب على شعبك" (يوئيل 2: 15 ? 17).

والصوم لا يقتصر على منع الجسد من غذائه وإنما يجب فيه من الناحية الايجابية تقديم غذاء للروح.

وهكذا يرتبط الصوم بالصلاة كما تذكر صلوات الكنيسة، وكما حدث فى كل الاصوام المشهورة فى الكتاب، كصوم نحميا وعزرا ودانيال واهل نينوى..

وكما تدل عليه عبارة " نادوا باعتكاف"..

انه فرصة روحية نذل فيه الجسد لتسمو الروح:

إذلال الجسد هو مجرد وسيلة. اما الغرض فهو سمو الروح فتأخذ فرصتها فى الصلاة والتأمل والقراءة وكل وسائط النعمة بعيدا عن معطلات الجسد..

ونلاحظ ان الصوم غير الروحى مرفوض من الله:

كما رفض صوم المرائين (مت 5)، وصوم الفريسى (لو 18: 9)،
والصوم الخاطىء فى سفر اشعياء (اش 58: 3 ? 7).

 
قديم 08 - 06 - 2014, 08:08 AM   رقم المشاركة : ( 4477 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,338,641

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الصوم القديس باسيليوس
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أولا: المقدّمة:


انْفُخُوا فِي رَأْسِ الشَّهْرِ بِالْبُوقِ عِنْدَ الْهِلاَلِ لِيَوْمِ عِيدِنَا(مز 81: 3).

هذا أمر نبوي. أما بالنسبة لنا، فإن مقاطع إشعيا التالية تنبئ بعيد الأيام المقبلة بصوت يفوق كل بوق من حيث قوته وكل آلة موسيقية من حيث خاصيّتها (اش 58) .

هذه الأقوال تدع جانباً الصوم اليهودي وتُظهر لنا الصوم الحقيقي على طريقته القويمة, عندما تصومون انظروا أن لا تكونوا في خصومة أو مشاجرة مع الناس الآخرين، بل اجعلوا حدّاً لكل ظلم طارئ.
أما الرب يسوع فيقول: مَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ(مت 6: 16)أَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ(مت 6: 17).
لأنه لا يكلّل أحد ولا يحوز على راية الظفر إن كان وجهه عابساً أو قاتماً.


لا تكونوا عابسين وأنتم تستعيدون صحتكم. فإنه لا بدّ لنا أن نتهلل لصحة نفسنا، ولا مجال للحزن بسبب تبدّل الطعام وكأننا نؤثر ملذّات البطن على منفعة نفسنا،
لأن الشبع يقف إحسانه عند حدود البطن، أما الربح الناتج عن الصوم فهو يَنفذ إلى النفس. كن فرحاً لأنك أعطيت من قبل طبيبك دواء ينـزع الخطايا.
لا تبدّل وجهك كما يفعل المراؤون. إن الوجه يتبدل عندما يظلم الداخل مع التظاهر الخارجي، وكأنه مخفي وراء ستار كاذب.

المرائي هو الذي يكون له على المسرح وجه آخر. يرتدي قناع السيّد وهو في الحقيقة عبد. يلبس قناع الملك وهو بالحقيقة من عامة الناس.

هكذا أيضاً في الحياة الحاضرة، كثيرون يتظاهرون وكأنهم على المسرح. يكونون على كل شيء في عمق القلب ويتظاهرون بوجه آخر أمام الناس. أما أنت فلا تبدّل وجهك. كما أنت هكذا أظهر للآخرين.

لا تبدّل مظهرك عابساً ساعياً وراء الشهرة عن طريق التظاهر بالصوم والإمساك، لأنه لا نفع للإحسان الذي يطبَّل له، ولا ثمر للصوم الذي يشهّر أمام الناس، أي كل ما يقوم به الإنسان بغية التظاهر أمام الآخرين لا ينفذ إلى الدهر ولا يتخطى حدّه مدح الناس.

أسرع بفرح إلى هبات الصوم. إنّه هبة قديمة العهد لا تعتق ولا تشيخ، بل تتجدد وتزهر على الدوام.

ثانيا: تاريخ الصوم:

ربما تظن أنني سأعيد قدم الصوم إلى مرحلة الناموس الموسمي. الصوم هو أقدم من ناموس موسى. ومع قليل من الصبر ستقتنع من كلامي هذا.
لا يخطر ببالك الظن بأن بداية الصوم تعود إلى يوم الكفّارة الذي حُدّد لإسرائيل في العاشر من الشهر السابع (لا 27:23).
هلمّ تقدم أكثر في التاريخ وأبحث عن قدمه. فإن نظام الصوم لم يبتكر في الأزمنة الحديثة. إن هذه الجوهرة هي من ميراث آبائنا. كل شيء يتميز بقدمه جدير بالاحترام والإجلال فاحترم إذاً وجهه الشاحب. الصوم هو من عمر الإنسانية نفسها. لقد شُرّع له في الفردوس.
إن آدم هو الذي تقبّل الوصية الأول للصوم
وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا(تك 2: 17).
العبارة لاَ تَأْكُلْ ما هي إلا شريعة صوم وإمساك.


لو أن حواء لم تأكل من ثمر العود لما كنّا بحاجة إلى الصوم الحاضر.
لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى(مت 9: 12). لقد ترتّب علينا كثير من الشرور بسبب خطايانا، فلنعالجها إذاً عن طريق التوبة.
لكن التوبة بدون صوم لا تأتي بثمر. مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ(تك 3: 17)
وسيكون شَوْكاً وَحَسَكاً تُنْبِتُ(تك 3: 18). لقدّ تسلّمت وصية التعرّف ضمن حدود ولم تعطَ أن تستسلم لملذات الجسد. حسابك لله يكون عن طريق الصوم. إن العيش في الفردوس يعكس صورة الصوم.
لا لأن الإنسان كان يتشبه بالملائكة عن طريق القناعة، بل أيضاً لأنه لم يكن ليعرف في الفردوس كل ما ابتكره الناس بعد ذلك من شرب خمر وذبائح حيوانية وكل ما يعكّر صفو ذهن الإنسان.


لقد طُردنا من الفردوس لأننا لم نصم. فلنصم إذاً حتى نعود إليه. ألم ترَ كيف أن الفقير لعازر دخل الفردوس عن طريق الصوم (لو 16).
لا تتشبّه بمعصية حواء وتتبع مشورة الحية. لا تتحجج بالمرض الجسدي. إن هذا التعلل لا يتوجّه إليَّ بل إلى ذلك الذي يعرف حقائق الأمور بالضبط.

تقول لي لا أستطيع أن أصوم، لكنك تقدر على إشباع البطن طيلة عمرك وعلى إجهاد جسدك بثقل المآكل التي تتناولها. إنني اعلم من جهتي أن الأطباء يصفون الصوم دواء للمرضى، لا كثرة المآكل.

كيف تقدر من جهة على إشباع البطن وتدّعي من جهة أخرى أنك لا تقدر على الصوم؟ ما هو الأسهل بالنسبة للبطن؟ أن تمضي الليل هادئاً، مع قليل من الطعام، أم أن تستلقي على الفراش مثقلاً بكثرة المآكل؟

أو قل بالأحرى أن تتقلب متنهداً ومواجهاً خطر القيء من كثرة الأطعمة؟ أو أنك تريد أن تقنعني أنه اسهل على البحارّة أن ينقذوا من الغرق مركباً مثقلاً بالحمولة من أن ينتشلوا مركباً قليل الحمولة وخفيفاً.

هذا لأن المركب الثقيل ما أن ترفعه الأمواج قليلاً حتى يشرف على الغرق، بينما يسهل على المركب الخفيف أن يتجاوز العاصفة لأنه لا يصعب عليه أن يرتفع فوق الأمواج وأن الأجساد التي تثقل بالأطعمة بصورة متواصلة معرّضة أكثر للأمراض إلا أننا عندما نتناول طعاماً خفيفاً متوازناً،
نتجنّب شرَّ المرض كما يتجنّب المركب الخفيف العاصفة وينجو? إلاّ إذا اعتبرت، حسب رأيك، أن الاستراحة أضمن من الركض و الهدوء أشدَّ من العراك.

فإذا صحَّ قولك هذا يكون أفضل للمرضى أن ينتفخوا بالمآكل بدل أن يكتفوا بالطعام الخفيف. طعام خفيف يسدّ حاجة كل حيّ للغذاء أفضل من مأكل كثير يثقله، لأنّه مع كثرة الأطعمة تتعكر عملية التغذية بدخول أمراض متنوعة.


ولكن لنتقدم في تاريخ الصوم ونتقصّ قدم تشريعه. كيف تقبّله القديسون جميعاً كميراث آبائي ومارسوه بدقّة مسلِّمين إياه من أب إلى ابنه إلى أن وصل إلينا بالتسلسل.
لم يُعرف الخمر في الفردوس (كما ذكرنا) ولا الذبائح الحيوانية ولا أكل اللحوم. لقد عرف اللحم والخمر بعد الطوفان لأنه أوصي عند ذلك

كُلُّ دَابَّةٍ حَيَّةٍ تَكُونُ لَكُمْ طَعَاماً كَالْعُشْبِ الأَخْضَرِ(تك 9: 3). عندما يئس البشر من بلوغ الكمال الروحي حينئذٍ سمحوا لأنفسهم بالتمتع بكل شيء.

والبرهان على أن البشر لم يعرفوا الخمر هو نوح كان يجهل استعمال الخمر: لم يرَ أحداً يستخدمه وهو لم يذقه هو شخصياً، لذلك حدث له ما حدث من أذى من جراء عدم احتياطه.
وَابْتَدَأَ نُوحٌ يَكُونُ فَلَّاحاً وَغَرَسَ كَرْماً. وَشَرِبَ مِنَ الْخَمْرِ فَسَكِرَ(تك 9: 20-21)،
لا لأنه كان سكيراً بل لعدم خبرته في شرب الخمر باعتدال. إن شرب الخمر بعيد عن مرحلة الفردوس بقدر ما يبتعد الصوم الشريف في قدم زمنه.


ونعلم أيضاً أن موسى لم يجرؤ على الاقتراب من جبل سيناء و الصعود إليه إلاّ بعد صوم طويل. لم تكن له الجرأة على الصعود إلى الجبل المدخّن ولا الشجاعة على الدخول في وسط الغمام الذي غطاه (خر 24: 18) لو لم يتسلّح بالصوم. عن طريق الصوم تسلّم الوصايا العشر التي دُفعت إليه على لوحين من حجر مكتوبين بإصبع الله (خر 34: 28)،

بينما في أسفل الجبل دفعت الشراهة الشعب إلى عبادة الأوثان، لأنه جَلَسَ الشَّعْبُ لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ ثُمَّ قَامُوا لِلَّعِبِ(خر 32: 6). البقاء على الجبل أربعين يوماً وابتهال عبد الله المؤمن، كل ذلك لم يجد نفعاً مقابل يوم واحد من السكر والعربدة. وبعبارة أخرى، إن لوحي الوصايا التي أتت عن طريق الصوم مكتوبة بإصبع الله حطمها السكر، لأن النبي موسى حكم أن الشعب المستسلم للسكر لم يكن يستحق استلام الوصايا الإلهية (خر 32: 19).

بالنسبة للشعب الذي عرف الله الحقيقي والصانع له العجائب، لحظة واحدة كانت كافية ليعود ويغرق في وثنية المصريين. فاجعلوا أمامكم إذاً الأمرين وقارنوا بينهما: أنظروا أن الصوم من جهة يقرّب الإنسان إلى الله، بينما التمتع من جهة أخرى يقضي على خلاص نفسه.


لكن لنتابع طريقنا ونتقدم في التاريخ. من الذي أضعف موقف عيسو وجعله عبداً لأخيه؟ أليس هو طعام تناوله وباع من أجله بكوريته لأخيه (تك 25: 31-34)
في المقابل، يُهدَ صموئيل لأمّه عن طريق الصلاة والصوم, ما الذي جعل شمشون الكبير لا يقهر، أليس هو الصوم الذي ساهم في الحبل به؟ لأن الملاك أوصى به لأمه قائلاً لها: وَالآنَ فَلاَ تَشْرَبِي خَمْراً وَلاَ مُسْكِراً وَلاَ تَأْكُلِي شَيْئاً نَجِساً, لأَنَّ الصَّبِيَّ يَكُونُ نَذِيراًلِلَّهِ مِنَ الْبَطْنِ إِلَى يَوْمِ مَوْتِهِ(قض 13: 7).


الصوم يولّد أنبياء، يجعل المشرّعين حكماء. هو كنـز صالح للنفس، وسكناه فيها ضمانة. هو سلاح المجاهدين ورياضة المتبارين. هو الذي يبعد التجارب ويحثّ على التقوى. يواكبه انتباه روحي متواصل. الصوم يولّد العفّة.

في الحروب يصنع الرجال، وفي السلم يعلّم الهدوء. يقدّس المكرّس لله، يجعل الكاهن يتقدم أكثر قي طريق الكمال، لأنه لا يمكن للكاهن بدون صوم أن يخدم العبادة الإلهية الحاضرة والسريّة فحسب بل حتى العبادة الناموسية التي لموسى أيضاً.

الصوم هو الذي أهّل إيليا لتلك الرؤية العظيمة، لأنه بعد أن طهّر نفسه بالصوم مدّة أربعين يوماً أهّل لرؤية الرب في مغارة حوريب بقدر ما يستطاع للناس أن يروا الله,

وقد أقام ابن الأرملة بعد صوم متغلباً هكذا على قوة الموت. من فمه، وبعد صوم طويل، خرج الصوت الذي حبس السماء معاقباً الشعب بسبب معصيته، وكان ذلك لمدة ثلاثة سنين وستة أشهر، لأنه إذ أراد أن يطرّي قلوب الشعب القاسية فضّل أن يحكم على نفسه معهم بالشقاء.
لذلك قال:حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ إِنَّهُ لاَ يَكُونُ طَلٌّ وَلاَ مَطَرٌ فِي هَذِهِ السِّنِينَ إِلاَّ عِنْدَ قَوْلِي(1مل 17: 1).
وفرض الصوم عن طريق الجوع الذي حلّ مع الجفاف من أجل تقويم الشعب الذي كان استسلم للملذات الجسدية واستفحل الضلال في عيشه.


وأيضاً كيف كانت حياة أليشع؟ بأية طريقة استضافته المرأة الشونمية؟ فكيف أطعم الأنبياء الذين استضافهم؟ ألم تقتصر ضيافته على بعض البقول البريّة وقليل من الطحينّ؟

لأنه عندما وضعت البقول خطأً في القدر تعرّض الآكلون للموت من جراء الأعشاب المسمَّمة. فجاءت بركة النبي الصوّام وأبطلت فعل السمّ (2مل 4: 38-44).


بكلمة واحدة، لدى فحص الأمور، تجد أن الصوم كان مرشداً لجميع القديسين سلوكهم وفقاً لوصايا الله.
هناك جسم طبيعي هو الأميانط (amiante) لا يحترق في النار ويبدو فيها وكأنه يصير فحماً، لكن عندما يُنشل منها ويغسل بالماء يزداد لمعاناً. وهكذا استبان مع أجسام الفتية الثلاثة لأنها كانت نقية.
لقد وُجدوا في لهيب الأتون وكأن أجسادهم من ذهب لا من لحم وعظام، وظهروا عند خروجهم أبهى مما كانوا عليه (دا 3). طبعاً برهنوا على أنهم أسمى من الذهب لأن النار لم تُشوّه مظهرهم بل حفظتهم بلا عيب.
فمن كان يستطيع أن يحتمل مثل هذا اللهيب الذي كان يوقد بالنفط والزفت والزرجون حتى ارتفع فوق الأتون تسعاً وأربعين ذراعاً وانتشر وأحرق الذين صادفهم حول الأتون من الكلدانيين؟

دخل الفتية الثلاثة الحريق بعد أن صاموا قبلاً فاستنشقوا اللهيب وكأنه نسيم عليل مندّي. لم تجسر النار على الاقتراب من شعر رأسهم لأنهم كانوا قد تغذوا بالصوم.


أما دانيال رجل الرغائب الذي طيلة ثلاثة أسابيع لم يأكل خبزاً ولا شرب خمراً، فقد علّم الأسود أيضاً أن تصوم عندما أُلقي في الجب. وكأن جسمه مصنوع من حجر أو من نحاس أو من مادة جامدة أخرى لم تقوى عليها الأسود بأسنانها. كما أن السقي يجعل الفولاذ أشد وأمتن، هكذا بطريقة مشابهة تقوّى جسم دانيال من جراء الصوم.

جعله لا يقهر أمام الأسود التي لم تجرؤ أمامه حتى على أن تفتح أفواهها (دا 6).


ثالثا: فضائل الصوم:

الصوم أخمد أجيج النار، الصوم سدَّ أفواه الأسود. الصوم يرفع الصلاة إلى السماء وكأنه يعطيها أجنحة تخوّلها الطيران إلى فوق.

الصوم يُعمر البيوت، يُعنى بالصحة كأم. هو مربٍّ للشباب ومزيّن للمتقدمين في السن. مرافق حسن للمسافرين وضمانة لكل من يساكنه. لا يشك الرجل بامرأته عندما يراها تصوم، كما لا تغار المرأة من رجلها عندما تراه يصوم بانتظام.

من الذي قضى على ثروته من جرّاء الصوم؟? لا ينقص شيء منها عن طريقه. هو يريح الطباخين قليلاً من العمل. تقتصر المائدة على الطعام القليل.

لقد أعطي السبت لليهود لِيَسْتَرِيحَ ثَوْرُكَ وَحِمَارُكَ وَيَتَنَفَّسَ ابْنُ أَمَتِكَ (خر 23: 12). ليكن الصوم فرصة استراحة سنوية للخدام من أتعابهم المتواصلة. يستريح الطباخ قليلاً من عمله. يأخذ مدبر المواد مأذونية.

لا يعود يسكب خمراً في كأسك، وتتوقف صناعة الحلويات المختلفة، من الدخان، من رائحة الشوي، من كل من يسرع هنا وهنا كمن أجل خدمة البطن وكأنه السيد الذي لا يكفيه شيء. كان من عادة جامعي الضرائب أن يريحوا الملزمين قليلاً في وقت من الأوقات من دفع الضريبة. فليعط بطنك استراحةً ما للفم، ويلجأ محبة منا إلى السكينة.

هو الذي لا ينفك يطالب بالمآكل وإن نسي اليوم يعطي غداً ما كان قد تناوله البارحة. عندما يمتلئ يتكلّم عن فلسفة الإمساك، وعندما يفرغ ينسى ما كان قد علّمه في وقت شبعه.


الصوم لا يعرف ما هو الدَّيْن?ابن الصوّام اليتيم لا تخنقه ديون والده ملتفة حول عنقه كالحيات. ومن جهة ثانية الصوم مناسبة للابتهاج. كما أن العطش يجعل الشرب مستحباً، كذلك الصوم المسبق يجعل المائدة مستحبة والطعام أشهى، لأنك إن أردت أن تجعل مائدتك لذيذة وشهية اعتمد الصوم الذي يخلق مثل هذا التبدّل.

أما أنت، الذي تتسلّط عليك شهوة التمتع بالأطعمة، فإنك تفقد بهذه الطريقة ملذاتها وتقضي على المتعة واللذة من جراء شهوتك وهو محبة اللذة.
لا شيء يُشتهى ويتمتع به المرء بصورة متواصلة ولا يزدري به في النهاية. كل شيء نادر مستحق التمتع به.هكذا شاء الخالق عن طريق التبدل في العيش أن يديم التمتع بما وهبنا من نِعم.

ألا ترى الشمس مستحبة أكثر بعد انتهاء الليل؟ والاستيقاظ بعد النوم، والصحة بعد المرض، والمائدة أيضاً بعد الصوم، أكان ذلك للأغنياء الذين تفيض عندهم المآكل أم للفقراء القانعين بالطعام القليل؟

أذهب في مثال ذلك الغني لأن التمتع بالمآكل طيلة حياته سلّمه إلى نار جهنّم (لو 16). لقد أدين لا لظلمه بل لأنه كان يعيش في التنعم الدائم.لذلك أخذ يحترق في نار الأتون.
والصوم يفيدنا،ليس فقط من أجل الحياة الأبدية، بل يفيد أيضاً، جسدنا البشري. إن الرفاهية الزائدة تجرّ سقطات لاحقة، لأن الجسم يتعب ولا يستطيع أن يحمل ثقل الأغذية الكثيرة. أحذر ألاّ تزدري اليوم بالماء حتى لا تشتهي فيما بعد على مثال الغني نقطة واحدة منه. لم يسكر أحد من الناس من شرب الماء ولا أصابه صداع بسببه، ولا تعبت رجلاه أو يداه منه أيضاً.


إن عسر الهضم الذي يرافق عادةً كثرة الطعام والشراب هو الذي يولّد أمراض الجسد الصعبة. وجه الصائم محتشم، لونه لا يحمّر بصورة فاقعة، بل يتزين بلون شاحب يعكس عفة صاحبه. عيناه هادئتان وكذلك مشيته. هو رصين الطلعة لا يستجلب الضحك. أقواله متّزنة وقلبه نقي. تذكّر القديسين القدماء الذين
طَافُوا فِي جُلُودِ غَنَمٍ وَجُلُودِ مِعْزَى مُعْتَازِينَ مَكْرُوبِينَ مُذَلِّينَ(عب 11: 37).
تمثّل بحياتهم إن ردت أن تشترك في نصيبهم.


رابعا: في العهد الجديد:

من الذي أراح لعازر في أحضان إبراهيم (لو 16)؟ أليس هو الصوم؟
حياة القديس يوحنا السابق كان صوماً مستمراً. لم يكن له لا سرير ولا مائدة طعام، لا أرض مفلوحة ولا حيوان يعلفه، لا قمح، لا رداء ولا شيء مما تحتاج إليه الحياة الحاضرة.
لذلك لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ(مت 11: 11) . وأيضاً الصوم هو الذي رفع بولس الرسول إلى السماء الثالثة (2 كو12).

يأتي في ذكره على تعداد أحزانه والافتخار بها. وعلى رأس ما أتيت على ذكره حتى الآن يأتي مثال ربنا يسوع المسيح نفسه، الذي عن طريق الصوم، حافظ على الجسد الذي أخذه من أجل خلاصنا.

بالصوم ردّ عنه هجمات الشيطان معلّماً إيانا بهذه الطريقة أن نهيئ أنفسنا وأن ندرّبها من أجل مواجهة التجارب.

لقد أخلى الرب ذاته وتنازل مقدماً هكذا فرصة لقاء مع الشيطان ومحاربته.
فإنه لم يكن بقدور العدو أن يقترب عن طريق أُخرى من السيد بما أنه إله، لو لم يتنازل إلى مصاف البشر
أَخْلَى نَفْسَهُ آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ(في 2: 7). وقد تناول طعاماً حتى بعد القيامة لكي يثبت بهذه الطريقة جسده القائم له طبيعة مادية (لو 24: 43).

أما أنت الذي تحشو بطنك بالمآكل، ألا تلاحظ رخاوتك من جراء ذلك، ألا تتفوه بكلمة عندما ترى ذهنك يجف بسبب فقدان الأقوال المحيية الخلاصية المغذية إيانا؟

أم تجهل أن من يتخذ حليفاً ينجح في التغلب على العدو؟ هكذا فإن الذي يضيف على جسده شحماً يقاوم الروح.

كم أن الذي يجعل للروح حليفاً مساعداً يسيطر على جسده. ذلك لأن الروح مناهض للجسد, حتى أنك إن أردت أن تقوّي ذهنك لجأت إلى الصوم من أجل إخضاع جسدك.

هذا ما يتفق مع كلام بولس الرسول الذي يقول:وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْماً فَيَوْماً(2كو 4: 16)،

أو لأَنِّي حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ(2كو 12: 10).


خامسا: وفي العهد القديم:

ألا تزدري بالمآكل التي بكثرتها تفسد؟ ألا ترغب في مائدة الملكوت التي يهيِّئها الصوم دائماً في الحياة الحاضرة؟
من الذي، عن طريق كثرة الطعام واستمرار التمتع الجسدي، نال مرةً موهبةً روحيَّة؟ لقد لجأ موسى إلى الصوم مرة ثانية من أجل تقبل الوصايا ثانية (خر 34: 28).
لو لم يصم أهل نينوى حتى مع بهائمهم لما نجوا من وعيد الخراب (يون 3: 5-10). من هم الذين تناثرت أعضاء أجسادهم وعظامهم في الصحراء؟

أليسوا هؤلاء الذين اشتهوا أكل اللحم؟ عندما قنعوا بالمن والماء الفائض من الصخرة انتصروا على المصريين وعبروا البحر على اليبس، ولم يكن فيما بينهم ذو علّة.
لكن ما أن اشتهوا اللحوم المطبوخة حتى عادوا إلى مصر ولم يروا أرض الميعاد.

ألا تخشى من التشبه بهم؟ ألا ترعبك شهواتك التي ربما تحرمك من الخيرات السماوية؟ النبي دانيال لم يكن ليشاهد مثل هذه الرؤى لو لم ينقِّ نفسه مسبقاً عن طريق الصوم (دا 1: 8-20).
إن كثرة الطعام تجرّ نوعاً من خيالات تشبه غيوماً سوداء تقطع استنارات الذهن بالروح القدس. إن كان للملائكة طعام فما هو إلا الخبز كما يقول النبي:
أَكَلَ الإِنْسَانُ خُبْزَ الْمَلاَئِكَةِ(مز 78: 25). لا اللحم، لا الخمر ولا شيء آخر يشتهيه ذوو محبة البطن.

الصوم سلاح أمام جنود الشياطين.
وَأَمَّا هَذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ(مت 17: 21). حسناته لا تعدّ. أما نتيجة الشراهة فهي الهلاك، لأن التمتع بالمأكل والسكر وما إليها تجرّ مباشرة كل نوع من أنواع الخلاعة التي تليق فقط بالبهائم.
فالسكر يولّد في النفس حب التمتع باللذات الجسدية والزنى?بينما الصوم، يساعد حتى الزوجين على نوع من الاتزان الجنسي ويحدّ من المبالغة في التمتع الجسدي، مما يساعد كثيراً على الاستمرار في حياة الصلاة.


سادسا: فضائله على صعيد أوسع:

لكن حسنات الصوم لا تقتصر على الابتعاد عن الأطعمة الشهية، لأن الصوم الحقيقي هو في الابتعاد عن كل شرّ.
الحد من كل عمل ظالم، الابتعاد عن كل ما يحزن الآخر بل إعانته في كل ما يحتاج إليه (اش 58: 6). لا تصوموا وأنتم في نزاع مع الآخرين.

أنت لا تأكل لحمً بل ترغب في مأكل لحم أخيك. تمتنع عن شرب الخمر، لكنك لا تقطع لسانك عن التجديف. تنتظر هبوط الليل لكي تفطر بينما تمضي النهار كلَّه في المحاكم.

الويل للسكارى من غير شرب الخمر. الغضب ما هو إلا سكر للنفس لأنه يُخرج الإنسان عن صوابه كما يفعل فيه الخمر. الحزن أيضاً نوع من السكر لأنه يُظلم الفكر.
والخوف أيضاً نوع آخر عندما لا يبرر مصدره. لذلك يقول لمزمور:
مِنْ خَوْفِ الْعَدُوِّ احْفَظْ حَيَاتِي(مز 64: 1). وبصورة عامة الأهواء النفسية المختلفة التي تسبب اضطراباً للذهن يمكن اعتبارها نوعاً من السكر.


انظر جيداً إلى الغاضب كيف يصبح من شدة غضبه كالسكران، لا يعود يسيطر على نفسه، لا يلاحظ حاله ويتجاهل وجود الآخرين.

كما في حرب ليلية يضرب عشوائيّاً. يتفوه بكلام غير لائق، يشتم، يضرب، يهدد، يحلف، يصرخ وكأنه على وشك الانفجار. تجنب مثل هذا النوع من السكر كما ولا تسكر أيضاً بالخمر.

لا تفضل شرب الخمر على الماء، حتى لا يسوقك السكر نفسه إلى الصوم. لا يمكن للسكر أن يكون مقدمة للصوم لمبارك كما أن الطمع لا يقود إلى العدالة. كذلك لا تستطيع عن طريق الخلاعة أن تصل إلى العفة وبصورة عامة عن طريق الرذيلة أن تصل إلى الفضيلة. الصوم له مدخل آخر. السكر يقود إلى الخلاعة، أما الخلاعة فهي تقوده إلى الصوم.

كما أن المتباري يتدرّب ويتروّض مسبقاً، كذلك الصائم يجب أن يتعفف من قبل. لا تخزّن خمراً في معدتك خلال أيام الفسحة الخمسة وكأنك تريد أن تعادل أيام الصوم وتضحك على صاحب الوصية.

إن تعبك سيذهب باطلاً مجهداً جسدك دون أن تعوّض له في أيام الإمساك. تخزن في جرّة مثقوبة، يتسرّب منها الخمر ويجري في طريقه، أما الخطيئة فتبقى وحدها في مكانها.
العبد يهرب من سيده عندما يضربه. وأنت تنوي البقاء مع الخمر وهو يضربك كل يوم على رأسك؟ إن افضل مقياس لشرب الخمر هو حاجة الجسد.
إن تخطيت هذا الحد يأتي وجع الرأس، تثاؤب، تستنشق رائحة الخمر المخلّل، كل شيء حولك يدور ويضطرب. السكر يقود إلى النوم الذي يشبه الموت أو الصحو الذي يشبه الحلم.
أتعلم يا ترى من هو مزمع أن يأتي وتتقبله؟ هو الذي وعدنا بقوله:
وَإِلَيْهِ نَأْتِي وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً(يو 14: 23).
لماذا إذاً تسرع عن طريق السكر وتوصد الباب أمام الرب؟ هو يطرد الروح القدس. كما أن الدخان يطرد النمل كذلك تهرب المواهب الروحية من السكر.


سابعا: الخلاصة:

الصوم حشمة المدينة، سكينة الأسواق، سلام العائلات وضمانة لموجوداتنا.
أتريد أن تتعرف إلى وقاره؟ قارن بين الليلة الحاضرة والنهار المقبل، تجد أن المدينة تتبدّل وتنتقل من السكينة الكليّة إلى الضجة والاضطراب.
أرجو أن يتشبه نهار غد باليوم الحاضر من حيث السكينة والوقار دون أن يفقد شيئاً من بهجته.
عسى أن يعطينا الرب الذي أهَّلنا للوصول إلى مثل هذا اليوم ما يهب عادة للمجاهدين الأشداء فإنه بمواظبتنا على الجهاد والصبر سوف يؤهِّلنا أن ندرك ذلك الذي يوزّع فيه الأكاليل،
أن نصل ههنا إلى أيام ذكر آلام الرب وفي الدهر الآتي إلى مجازاتنا حسناً على أعمالنا حسب حكم المسيح العادل الذي يليق له المجد إلى الأبد. آمين
 
قديم 08 - 06 - 2014, 08:11 AM   رقم المشاركة : ( 4478 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,338,641

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

صـوم اللسان

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ما أخطر أن يصوم الفم عن الطعام، بينما لا يصوم اللسان عن أخطاء الكلام وهي كثيرة ونتائجها سيئة جداً! فما هى تلك الأخطاء التي يجب أن يصوم اللسان عنها؟

من الأخطاء التي يجب أن يصوم عنها، جرح شعور الآخرين. ويشمل ذلك كلام السخرية بهم والتهكم والاستهزاء. وأيضاً أسلوب الكلام الجارح الموجع.

وكذلك كل كلمات الإحراج التي تُخجل الغير، وأيضاً كل كلام بقصد مضايقة السامع، مع الاستمرار في عدم مراعاة شعوره..

** ومن جرح الشعور بالأكثر، كلام الشماتة، فهو بمثابة وضع نار على جرح. إذ بدلاً من تعزية الناس في ضيقاتهم، تضاف إليهم آلام أشد بالشماتة.
وأحياناً يجرح اللسان شعور صديق بعتاب مُتعب..


** ومن أخطاء الكلام التي يجب أن يصوم اللسان عنها، كلام الإهانة، ويشمل طبعاً كل الشتائم بأنواعها.

فإن تحدَّث شخص عن غيره في غيبته، يُسمَّى ذلك اغتياباً، أما وإن نشر عيوب غيره أمام آخرين، فإنَّ ذلك يُسمَّى تشهيراً. وإن كان تشهيره هذا في مقال في الصحف، فإنه يُسمَّى سبَّاً علنياً وقذفاً مما يحاسب عليه القانون. ** والشتيمة قد تشمل إهانة إنسان في موقف مُعيَّن، أو أنها تطوِّق الإنسان كله. فهناك فرق بين أن يُقال عن شخص إنه كذب في الموقف الفلاني، وبين أن يُقال عنه إنه كذاب. فهذه العبارة الأخيرة تعني صفة لحياته كلها.


** ومن ضمن أساليب الشتيمة: التحقير والتصغير، أي التقليل من شأن الغير. كأن يُقال لأحد الرجال "يا ولد"!

ومن كلام الإهانة أيضاً ما يثار حول شخص من شكوك وظنون تسيء إلى سمعته وسط الناس، ومنها أيضاً الحديث عن الفضائح والخصوصيات..
وهذه كلها أخطاء يجب أن يتجنبها اللسان المُهذَّب. كما أنها تثير عداوات بينه وبين غيره. وقد تدعوهم إلى الرد عليه بالمثل. وكما يقول المَثَل: "من غربل الناس نخلوه".


** ومن أخطاء اللسان التي يجب أن يصوم عنها: الكذب بأنواعه الكثيرة، وأولها الكلام بعكس الحقيقة.

على أنه من الكذب أيضاً: المبالغة، فهيَ ليست صدقاً خالصاً. ومنها استخدام كلمة (كل أو جميع) بمعنى مُطلَق. كأن يُقال: "كل الناس رأيهم كذا"، أو "كل شعب البلدة الفلانية بخلاء"!

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

** وقد تدخل في نطاق الكذب، أنصاف الحقائق. ولهذا يُقال: "إن أنصاف الحقائق، ليس فيها إنصاف للحقائق". ولذلك فإنَّ الشاهد في المحكمة يُطلَب منه أن يقول الحق، كل الحق، ولا شيء غير الحق.
لهذا ينبغي الدقة في الكلام، لأنَّ هناك عبارات مُعيَّنة قد تعني مفهوماً غير المعنى المقصود!


** ومن أخطاء اللسان أيضاً: شهادة الزور، وكل الأحكام غير العادلة not fair ذلك لأنَّ مبرئ المذنب، ومُذنِّب البريء كلاهما ضد الحق. حتى لو احتج البعض بأنه يدافع غيره. فالمفروض أنه يدافع ولا يكذب.

** ومن أخطاء اللسان: طُرق اللف والدوران في جو من عدم الوضوح والصراحة في الحديث، مع شعور السامع بأن الحقيقة تائهة، وأنَّ المُتكلِّم يريد أن يخفيها..

** ومن أخطاء اللسان: الخداع والتضليل، وبخاصة من المساعدين مع رؤسائهم، وكم من الرؤساء أخطأوا نتيجة التضليل من الذين حولهم.

** ومن أخطاء اللسان: التملُّق والنفاق، ومدح السامع بما ليس فيه، وإشعاره بأن ما يفعله هو سليم وممتاز، مهما كان خطأً! ويشمل ذلك أيضاً الرياء، والحديث بمظهر يبدو حسناً وهو رديء! أو تبدو فيه الصداقة والإخلاص، على غير حقيقة الأمر! ويدخل في هذا النوع مَن يطلقون عليهم ذوي اللسانين، كشفَتيْن تقطران عسلاً، ومشاعرهما مُرَّة كالإفسنتين!

** من أخطاء اللسان أيضاً ويجب أن يصوم عنها، كل أخطائه التي هى ضد آداب الحديث والمناقشة، كأن يقطع حديث مَن يُكلِّمه، لكي يتحدَّث هو، أو مَن يأخذ الجلسة كلها لحسابه، دون أن يعطي فرصة لغيره أن يتكلَّم!

* كذلك كثرة الجدل الذي لا يوصِّل إلى نتيجة مع الإصرار على رأي واضح الخطأ، وما يسمى بالملاججة أو بالعامية (المقاوحة)!
وكذلك حب الانتصار في النقاش مع تحطيم الغير.


** ومن أخطاء اللسان أيضاً: الكلام الخارج عن حدود الأدب، الذي يخدش حياء العذارى وأهل العفة. مثل الحديث عن بعض أمور الجنس بطريقة مكشوفة!

* و كذلك من أخطاء اللسان، الفكاهات غير المؤدبة، والأغاني الهابطة، وعبارات المجون، وكلام الإغراء الذي يحاول به أحد الشبان أن يجتذب فتاة! وأيضاً كل كلام غير محتشم أو غير مهذَّب أو بأسلوب مُتدنِّي.

** ويدخل في هذا المجال، المزاح الرديء، مع خطأ تسميته مزاحاً. وأيضاً كل أسلوب يصدر عن المُتكلِّم بغير احترام لغيره، أو بغير لياقة، بعيداً عن الذوق السليم.

** ومن أخطاء اللسان أيضاً التي يجب أن يصوم عنها، إضاعة وقت الغير في حديث غير نافع أو هو من التافهات، مع الثرثرة وكثرة الكلام، وبخاصة مع شخص مسئول يحرص على وقته.

* وقد يلجأ البعض إلى التطويل بغير داعٍ، فما تكفيه كلمة أو جملة يقول فيه محاضرة. وقد تكون إطالته مُملَّة أو حافلة بكثرة الشروح والمقدمات، حتى يضجر السامع ويقول له "هات من الآخر"! ومثله مَن يكرر الكلام، وكأن مَن يخاطبه لم يسبق له سماع ما قاله!

* ومن أخطاء هذا النوع، الكلام بغير موعد؛ كمَن يُفاجئ شخصاً ويتحدَّث معه ويستمر في الحديث. ومن ذلك بعض المكالمات التليفونية التي تأتي فجأة دون حساب الوقت.

ويدخل في هذا المجال: الزيارات غير المحدودة النهاية، وما فيها من ضياع وقت. وقد قال الأستاذ مكرم عبيد لبعض من هؤلاء الضيوف: "أهلاً بكم وسهلاً. تأتون أهلاً، ولا تخرجون سهلاً"!

** أخيراً: إنَّ كل كلمة بطَّالة، وليست للبنيان أو للمنفعة يتكلَّم بها اللسان، سيعطى عنها حساباً أمام الله. لهذا فإن صوم اللسان عن الأباطيل، هو فضيلة يجب أن نحرص عليها ونُدرِّب أنفسنا عليها.
 
قديم 08 - 06 - 2014, 08:12 AM   رقم المشاركة : ( 4479 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,338,641

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أحد الصوم الرابع

مرقس 14:9-29

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




بقلم الأرشمندريت/ سلوان أونر - اليونان

رتبت الكنيسة في الأحد الرابع من الصوم أن نقرأ إنجيل شفاء الابن من الشياطين، لتقول لنا، في مسيرة الصوم هذه، أن الحرب ضد الشرير تحتاج إلى الصوم والصلاة والإيمان.

ورتبت أن نعيّد لتذكار القديس يوحنا السلمي، مؤلف كتاب "السلم إلى الله"، لتؤكد لنا أن محاربة الشرير والصعود إلى السماء يحتاج إلى وعي روحي لأدق تفاصيل الحياة الروحية والتي نتقدّم بها تدريجياً كسلّم، نهايته تكون في السماء مع الرب.


الشك، الإرادة الحسنة، الإيمان


أحضر الأب المتألم الحزين ابنه المسكون بشياطين كثيرة، في إنجيل اليوم، أمام السيد راجياً أن يشفيه، بعد أن فشل التلاميذ في فعل ذلك، لكن هل سيستطيع المعلّم مساعدته؟

كان قلبه مليئاً بالشك وعبّر عن ذلك بطريقة طلبه: "إن كنت تستطيع شيئاً فتحنن علينا وأعنّا" (22:9)


كان للأب رجاءٌ أن يُشفى ابنه على يد السيد الذي أجابه وقال:

"إن كنت تستطيع أن تؤمن كل شيء مستطاع عند المؤمن" (23:9). الموضوعان المطروحان، في إنجيل اليوم، نعيشهما نحن يومياً أي الشك والإيمان، الأب أراد أن يؤمن. لكن كيف يتحول الشك والاضطراب إلى إيمان حار؟

وهل تكفي رغبة الإنسان وميله الحسن ليصبح مؤمناً؟ كان للأب إرادة حسنة لشفاء ابنه أما إيمانه فكان غير كامل وضعيف وهذا باعترافه:

"أؤمن يا سيد فأعن عدم إيماني" (24:9).

نحن لدينا الرغبة والإرادة الحسنة ولكن إيماننا ضعيف، فما علينا سوى أن نتوجه للسيد، كما فعل الأب، ونقول له "أعن عدم إيماني" وهو سيفعل العجائب.

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

فعل النعمة


تلعب نعمة الله دورها عبر إرادة الإنسان الحسنة في أن يؤمن. فحيث هناك الضعف البشري هناك نعمة الله التي تحوله إلى قوة كبيرة تساعد لتجاوز كل ضعف ومرض.


تحول نعمة الله كل شيء إلى كما يريد الله في تحقيق قداسة الإنسان ليعود فيحيا أبدياً مع الله في الفردوس، فيتحول الحزن والألم إلى فرح، الضعف والخطيئة إلى قوة وقداسة، الاضطراب والعداوة إلى سلام وصداقة، الخوف والعار إلى شجاعة وجرأة

ولكن علينا أن نبادر ونطلب من الله في صلاتنا، كما فعل الأب في إنجيل اليوم، إذ أنه طلب المعونة الإلهية معترفاً بقلة إيمانه، والربُّ يستجيب ويجترح أعجوبته

هو أتى ليمنحنا الرجاء ويطرد عنّا الشك ويشفينا من كل ضعف أو موت.


الثقة بمعرفة الله لحاجاتنا


استجاب المسيح لطلب الأب بشكل إيجابي وشفى ابنه من تسلط الشيطان:

"امسكه يسوع بيده وأقامه فقام" (27:9)، هذه حال المسيح نحو البشرية دوماً، يهتم لخلاصها، يقدم لها ما هو مفيد وصالح وليس العكس. لكن في البداية على الإنسان أن يتوجه بكل مشاكله وأتعابه وأمراضه نحو السيد واثقاً أنه سيجد جواباً لها.

يعرف السيد الحاجات والأوليات في حياتنا اليومية وماذا يلزم لخلاصنا، ويعرف أين يجب أن يساعدنا ومتى، لكن هل نستطيع أن نعبِّر له عن ثقتنا به أن يفعل هو ما هو المناسب والذي يراه وليس الذي نراه نحن

ذلك أنّ الصحيح الذي نراه ليس بالضرورة مهماً وأساسياً وضرورياً في عين الله.


في أغلب الأحيان نضيع عند ترتيب حاجياتنا محاولين معرفة ما هو المهم منها، فنرتبك عند محاولة إعطاء الأولوية لبعض الأمور، فنقع في توافه الأمور وننسى الأساسيات فيتولد في حياتنا الاضطراب وعدم الاتزان

وبالعكس وجود الاتزان في حياتنا يدل على معرفتنا للأولويات الأساسية في حياتنا فنعرف ماذا نريد وماذا نفعل، كأن نرتب أولاً الأمور الروحية وكل ما له علاقة بالله، وثانياً الأشياء المادية التي تتعلق بحياتنا الأرضية.


الألم ورجاء الشفاء


أحبائي، الأب في إنجيل اليوم يعيش الألم وكلنا نتألم لأجله، لأن ألمه كان سيقوده إلى الشك وعدم الإيمان، ولكنه وسط كل ذلك وجد الرجاء الذي أراد أن يؤمن به، أي يسوع المسيح فشفى له ابنه.


الإنسان الذي يمر بحزن أو بألم ما، موتاً كان أو عدم توفيقٍ في أمور الحياة أو فقراً أو خسارة إنسان ما، ليس له سوى أن يثق بالله، فهو الصخرة التي يجب أن يستند عليها ويثق بها

عندها لا يبحث عن تطبيق إرادته بل إرادة الله، وهنا مفصل الموضوع برمّته. من يستطيع أن يطبق إرادة الله في حياته

هو الذي سيقوى إيمانه ويُشفى من كل مرض شيطاني.


أوضح إنجيل اليوم أن إرادة الله لنا هي الشفاء وغلبة الشيطان وكل شروره وأن نكون معافين صحيحين كما خلقنا في الفردوس فلنسعى طالبين هذا الأمر ومجاهدين كي يحققه الله لنا
 
قديم 08 - 06 - 2014, 08:14 AM   رقم المشاركة : ( 4480 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,338,641

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الـصـــــوم

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

قداسة البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص

تعريفه:
الصوم هو زهد اختياري، ودلالة على طاعة اللّه وشرائعه والعمل بفرائضه تعالى وذلك بالانقطاع الإرادي عن تناول أي طعام أو شراب مدة معينة من الزمن،
ثم تناول مأكولات خفيفة في مقدارها، خالية من الدسم، فيقتصر الصائم على أكل الحبوب، والبقول، والفواكه، وزيوت النبات ويمتنع عن أكل اللحوم ونتاج الحيوانات باستثناء السمك وسائر الحيوانات المائية، وعسل النحل، لأن النحل حيوان بغير شهوة. درجاته:
يقول العلامة ابن العبري (1286+): «الصوم درجات ثلاث فهو عام، وخاص، وخاص للغاية.
أما الصوم العام فهو أن يمتنع الإنسان قطعياً عن الأكل والشرب النهار كله، ويأكل الحبوب والبقول مساءً، أو يمسك عن أكل لحوم الحيوانات ومنتجاتها فقط وذلك نهاراً.
ولهذا الصوم قوانين... لأنه قد يمتنع الكثيرون عن الطعام عرضاً فلا يعدّون بين الصائمين. أما الصوم الخاص فهو صوم المتوحدين... والصوم الخاص للغاية، هو صوم الكاملين الذين يقرنون الصوم عن الطعام، وصوم الحواس، بصوم النفس عن الأفكار الرديئة.
والشرط الوحيد لهذا الصوم هو استئصال كل فكر دنيوي من أعماق القلب.
ولئن كان بلوغ هذه الدرجة صعباً جداً لكنه يسهل بالتمرين كما قيل: والنفس راغبة إذا رغّبتها: وإذا تُرَدّ إلى قليل تقنعُ.
القصد منه:
إن القصد من الصوم هو إضعاف قوة الجسد الشهوانية، وترويض الإرادة على ضبط نزواته، وإتاحة الفرصة الثمينة للروح لترتفع عن الأرضيات إلى السماويات فتتنقّى، وتتطهّر،
وتعبر عن محبتها للّه تعالى وتفضيلها الحياة الروحية على الجسدية، وبذلك تغلب الروح الجسد، وبهذا الصدد يقول الرسول بولس:
«وإنما أقول اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد، لأن الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد، وهذان يقاوم أحدهما الآخر، حتى تفعلون ما لا تريدون» (غل 5: 16و17)
وقوله أيضاً: «إن عشتم حسب الجسد فستموتون، ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون» (رو 8: 13)
ويقول صاحب المزامير: «أذللت بالصوم نفسي» (مز 35: 13) وإذلال النفس هو النوح الذي ذكره الرب وهو يصف الصوم لتلاميذ يوحنا بقوله:
«هل يستطيع بنو العرس أن ينوحوا ما دام العريس معهم» (مت 9: 15) وهذا الاذلال وذلك النوح هما أمر واحد وهو العلامة الواضحة للتوبة الحقيقية التي تعتبر الغاية المهمة من الصوم المقبول لدى اللّه، وأحد شروطه أيضاً.
فلا يصوم الجسد عن الطعام أو الشراب أو بعضه، فحسب، بل تصوم النفس أيضاً مع الجسد عن الخطية وتجنبان معاً أسبابها.
وهذا ما يُفهم من أمر الرب على لسان النبي يوئيل القائل: «ارجعوا إليّ بكل قلوبكم بالصوم والبكاء والنوح، مزّقوا قلوبكم لا ثيابكم وارجعوا إلى الرب إلهكم لأنه رؤوف ورحيم» (يؤ 2: 12).
الإعفاء من الصوم:
يفرض الصوم على المؤمنين البالغين والأصحاء، ويعفى منه الشيوخ، والأطفال، والرضع، والمرضى، والمرضعات، والمرأة النافس، والحامل، وإعفاء هؤلاء المؤمنين من الصوم ليس عن ترف بل عن ضرورة.
الصوم في أسفار العهد القديم من الكتاب المقدس
فرض اللّه تعالى على الإنسان الأول صوماً عندما أوصاه في جنة عدن قائلاً:
«من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً، وأما من شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت» (تك 2: 16و17).
وحيث أنّ الإنسان لم يحفظ وصية اللّه، وكسر فريضة الصيام، عاقبه اللّه، وطرده من جنته إلى أرض الشقاء. علماً بأن طعام الإنسان الأول كان في جنة عدن طعاماً صيامياً يقتصر على البقول والحبوب وثمار الأشجار ودليل ذلك قول اللّه لآدم وحواء:
«قد أعطيتكم كل بقل يبذر بذراً لكم يكون طعاماً» (تك 1: 29) وبعد الطوفان فقط سمح اللّه للإنسان بشخص نوح بأكل لحوم الحيوانات (تك 9: 3).
ومارس آباء العهد القديم، الأنبياء، والأبرار، والأتقياء، فريضة الصوم، تقرّباً إلى اللّه بالإيمان والأعمال الصالحة.
فقد جاء في الكتاب المقدس عن النبي موسى أنه قبل أن يتسلّم لوحَيْ الوصايا من يد اللّه، صام أربعين يوماً وأربعين ليلة، لم يأكل خبزاً ولم يشرب ماءً (خر 34: 28) وجاء عن النبي إيليا إنه إطاعة لأمر الرب
«أكل وشرب وسار بقوة تلك الأكلة أربعين نهاراً وأربعين ليلة إلى جبل اللّه حوريب» (1مل 19: 8).
وتجنّب النبي دانيال أكل اللحوم وشرب الخمر وهو يقول عن نفسه: «لم آكل لحماً ولم أشرب خمراً ولم يدخل في فمي طعام شهي» (دا 10: 2و3).
ومن قصة دانيال ورفاقه نعلم أيضاً أنهم اقتصروا على أكل القطاني، ورفضوا أطايب الملك (دا 1: 8 ـ 17) فكانوا مثالاً للصائمين الذين يقتصر طعامهم الصيامي على البذور والبقول والفواكه.
أما النبي حزقيال فقد أمره الرب قائلاً: «وخذ لنفسك قمحاً وشعيراً وفولاً وعدساً ودُخناً وكرسَنَّة (كمون) وضعها في وعاء واحد واصنعها لنفسك خبزاً كعدد الأيام التي تتكئ فيها على جنبك ثلاث مئة يوم وتسعين يوماً تأكله. وطعامُك الذي تأكله يكون بالوزن... وتشرب الماء بالكيل...» (خر 4: 9).


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة الصوم للتوبة:
ولما أنذر النبي يونان أهل نينوى بحسب أمر الرب قائلاً: «بعد أربعين يوماً تنقلب نينوى، آمن أهل نينوى باللّه ونادوا بصوم ولبسوا مسوحاً من كبيرهم إلى صغيرهم، وبلغ الأمر ملك نينوى فقام عن كرسيه وخلع رداءه عنه، وتغطى بمسح، وجلس على الرماد ونودي وقيل في نينوى عن أمر الملك وعُظمائه قائلاً:
لا تَذُقِ الناس ولا البهائم ولا البقر ولا الغنم شيئاً، لا ترع ولا تشرب ماء.
ولتغط بمسوح الناس والبهائم ويصرخوا إلى اللّه بشدة ويرجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذي في أيديهم. لعل اللّه يعود ويندم ويرجع عن حُمُوّ غضبه فلا نهلكُ. فلما رأى اللّه أعمالهم أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم اللّه على الشرّ الذي تكلّم أن يصنعه بهم فلم يصنعه» (يو 3: 1 ـ 10).



الأصوام القانونية:
وقد مارس بنو اسرائيل فريضة الصوم في كل أجيالهم، وخاصة بقصد التوبة والعودة إلى اللّه.
كما فرض اللّه عليهم، بوساطة أنبيائه وأوليائه، أصواماً في مناسبات شتى من ذلك ما جاء في سفر اللاويين، ما قال الرب:
«ويكون لكم فريضة دهرية أنكم في الشهر السابع في عاشر الشهر تُذلِّلون نفوسكم، وكل عمل لا تعملون، الوطنيُّ والغريب النازل في وسطكم لأنه في هذا اليوم يكفر عنكم لتطهيركم من جميع خطاياكم أمام الرب تَطهُرونَ» (لا 16: 29و30).
كما ورد في سفر النبي زكريا قول الرب: «إن صوم الشهر الرابع وصوم الخامس وصوم السابع وصوم العاشر يكون لبيت يهوذا ابتهاجاً وفرحاً وأعياداً طيبة فأحبوا الحق والسلام»(زك 8: 19). الصوم المقبول يقترن بالرحمة:
أما مفهوم الصوم المقبول لدى اللّه في العهد القديم، فيتضح من قول الرب على لسان النبي اشعيا القائل:
«أليس هذا صوماً أختاره حلّ قيود الشر، فكّ عقد النير، واطلاق المسحوقين أحراراً، وقطع كل نير، أليس أن تكسر للجائع خبزك، وأن تُدْخل المساكين التائهين إلى بيتك، إذا رأيت عرياناً تكسوه وأن لا تتغاضى عن لحمك»


(أش 58: 6و7). صوم يومين في الأسبوع:
وكان اليهودي النقي يصوم يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع كما يتّضح من مَثل الفريسي والعشار الذي ضربه الرب يسوع. (لو 18: 10 ـ 14).
الرؤساء يفرضون أصواماً:
كما أن رؤساء شعب العهد القديم كانوا بين حين وآخر في وقت الشدة، يفرضون على شعبهم أصواماً، كما فعل عزرا الذي قال:
«وناديت بصوم على نهر أهْوَالكي نتذلل أمام إلهنا لنطلب منه طريقاً مستقيمة لنا ولأطفالنا ولكل ما لنا... فصُمنا وطلبنا ذلك من إلهنا فاستجاب لنا» (عزرا 8: 21و23)
ويذكر الكتاب المقدس أنه قد فُرض صوم سبعة أيام على بني اسرائيل حِداداً على الملك شاول وبنيه (1صم 31: 13).


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الأصوام الخاصة:

وصام داود النبي وتذلل أمام الرب، علّه يحظى بشفاء ابنه (2صم 2: 21) وهكذا مثل داود كان يفعل الأفراد والجماعات بممارسة أصوام خاصة يفرضونها على أنفسهم باختيارهم بين الفينة والفينة ليرحمهم الرب ويخلّصهم من التجارب التي تطرأ عليهم. الصوم في المسيحية:
أما في العهد الجديد فقد سنّ الرب يسوع شريعة الصوم بصومه أربعين نهاراً وأربعين ليلة (مت 4: 2) «لم يأكل شيئاً في تلك الأيام، ولما تمّت جاع أخيراً» (لو 4: 1و2).
ولم يكن الرب يسوع بحاجة إلى صوم وإنما صام ليعلّمنا الصوم، وأعطانا هذه الفريضة مبيّناً لنا قوتها الروحية خاصة إذا قرنّاها بالصلاة، فيغدو الصوم مع الصلاة سلاحاً روحياً ماضياً، يفتك بعدونا الروحي إبليس وجنده، وقد كشف لنا الرب ذلك بقوله:
«وأما هذا الجنس فلا يخرج إلا بالصلاة والصوم» (مت 17: 21).
وفي معرض ردّه على سؤال تلاميذ يوحنا، الذين اعترضوا على عدم صوم تلاميذه، قال الرب: «هل يستطيع بنو العرس أن يصوموا والعريس معهم، ما دام العريس معهم لا يستطيعون أن يصوموا، ولكن ستأتي أيام حين يرفع العريس عنهم فحينئذ يصومون في تلك الأيام» (مت 9: 14و15 ولو 5: 35) واعتبر كلام الرب هذا تفويضاً منه إلى تلاميذه لتحديد مواعيد الصيام.
وبناء على هذا التفويض ابتدأ الرسل الأطهار، والتلاميذ الأبرار بالصوم بعد صعود الرب إلى السماء، فصاموا في مناسبات شتّى وبأساليب متنوعة ونقرأ عنهم في سفر أعمال الرسل ما يأتي:
«وبينما يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه فصاموا وصلّوا ووضعوا عليهما الأيادي ثم أطلقوهما» (أع 13: 2و3)
والرسول بولس يفتخر بحرصه على ممارسة فريضة الصوم بقوله: «في كل شيء نظير أنفسنا كخدام اللّه في أتعاب في أسهار في أصوام» (2كو 6: 5).
وإن الرب يسوع الذي فوّض إلى رسله القديسين ممارسة الصيام حين رُفع عنهم العريس السماوي، أي بعد صعوده له المجد إلى السماء، فوّض إليهم أيضاً بإلهام روحه القدوس، تقديس يوم الأحد بدلاً من السبت اليهودي، وانتخاب الأساقفة والقسوس والشمامسة وطريقة رسامتهم أي تكريسهم بوضع الأيدي عليهم، أي القيام بطقس رسامتهم الكهنوتية، كما أن روحه القدوس الذي حلّ عليهم يوم الخمسين ألهمهم بتنظيم الطقوس وخدمة أسراره المقدسة الضرورية لتدبير كنيسته.
وكان الرب قد بيّن كيفية الصوم المقبول عند اللّه، وهو يحذّر تلاميذه من الرياء والنفاق قائلاً:
«ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين، فإنهم يُغيِّرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين. الحق أقول لكم أنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتى صمت فادهن رأسك واغسل وجهك لكي لا تظهر للناس صائماً بل لأبيك الذي في الخفاء فأبوك الذي في الخفاء يجازيك علانية» (مت 6: 16 ـ 18) ولا يعني الرب بقوله «متى صمتم» أي لكم ملء الحرية في أن تتمسّكوا بفريضة الصوم أو ترفضوها، وإلا لكان قوله أيضاً «متى صليت» (مت 6: 5)
تعني أن لك الحرية أيضاً في أن تتمسّك بصلاة أو ترفضها، وأنه لا يجب أن تكون هناك أماكن للعبادة، ولا صلاة جمهورية، ولا دعوة لهذه الصلاة ولا مواعيد لها. فالمسيح وضع مبدأ الصوم والصلاة وفوّض إلى كنيسته تنظيم أوقاتهما وتعيين المواعيد المناسبة لما فيه صالح المؤمنين.
أما الأصوام الخاصة فيفرضها الإنسان على نفسه زيادة في التقوى تماماً كما يصلّي صلاته الفردية الخاصة.
أما كتبه الرسول بولس في رسالته إلى أهل الإيمان في كولوسي قائلاً:
«لا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت التي هي ظل الأمور العتيدة وأما الجسد فللمسيح. لا يخسركم أحد الجعالة راغباً في التواضع وعبادة الملائكة متداخلاً في ما لم ينظره مُنتفخاً باطلاً من قبل ذهنه الجسدي...»(كو 2: 16 ـ 18)
فالرسول بقوله هذا يحذّر المؤمنين من ظلال اليهود وفئة من المتنصرين منهم، الذين كانوا لا يزالون متمسّكين بالآراء اليهودية، فلم يعترفوا بقرارات مجمع أورشليم الأول المنعقد سنة 51 والذي قرر عدم الالتزام بالختان وغيره من المبادئ اليهودية، واكتفى بالنهي عن أكل ما ذبح للأصنام، والمخنوق والدم، والامتناع عن الزنا (أع 15: 20).
وإن الرسول بولس في معرض توصيته الزوجين على وجوب المحافظة على الحقوق الزوجية، بيّن لنا أن على الزوجين الامتناع عن المعاشرة الزوجية خلال أيام الصيام بقوله:
«لا يسلب أحدكم الآخر إلا أن يكون على موافقة إلى حين لكي تتفرغوا للصوم والصلاة، ثم تجتمعوا أيضاً معاً لكي لا يجرّبكم الشيطان لسبب عدم نزاهتكم» (1كو 7: 5).
ويعترض بعضهم على ممارسة الصوم بقوله إنه ضد أمر الرب القائل: «ما يدخل الفم لا ينجّس الإنسان بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الإنسان» (مت 15: 11) فمن الواضح أن الرب لا يعني بقوله هذا ألاّ نصوم، وهو الذي بيّن لنا كيفية الصوم المقبول لدى اللّه. إنما أراد بقوله تفنيد اعتراض الفريسيين على تلاميذه عندما وجدوهم يأكلون دون أن يغسلوا أيديهم حسب الغسلات الطقسية الفريسية التي كانوا يعتبرونها ضرورية لتنقية الإنسان قبل تناول الطعام، فمهما كانت يداه نظيفتين، عليه أن يمارس تلك الطقوس الشكلية ليعتبر نظيفاً.
كما كانت لهم طريقتهم الخاصة بغسل الطعام، فما لم تطبق كانوا يعتبرون الطعام غير طاهر. فدحض الرب يسوع آراءهم الباطلة، وبيّن لهم أهمية نقاوة القلب قائلاً: «ما يدخل الفم لا ينجس الإنسان بل ما يخرج من الفم هذا ينجّس الإنسان» (مت 15: 11) وهذا يعني أن ما يخرج من قلب الإنسان الخاطئ من أفكار أثيمة، وأقوال بذيئة وأعمال مشينة هي التي تنجّس الإنسان.
فالصوم إذن وضع إلهي، وترتيب سماوي، مارسه الرب يسوع بنفسه وعلّمنا أن نتمسّك به وفوّض إلى رسله الأطهار ليحددوا مواعيده وكيفية ممارسته ليكون خير وسيلة يعبّر بها المؤمنون عن إيمانهم بالرب وتمسّكهم بفرائضه وتفضيلهم الروح على الجسد والحياة الملائكية على العيشة المادية الدنيوية.
ترتيب الأصوام في العهد الجديد
سنّ الرب يسوع شريعة الصوم، وتسلّمه الرسل منه مبدأً روحياً. أما مناسباته، ومدته، وكيفيته فهي ضمن مسؤولية الكنيسة التي منحها الرب سلطاناً روحياً عندما قال لرسله الأطهار: «من يسمع منكم يسمع مني، والذي يرذلكم يرذلني، والذي يرذلني يرذل الذي أرسلني» (لو 10: 16). وقوله أيضاً:
«وإن أخطأ إليك أخوك فاذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما. إن سمع منك فقد ربحت أخاك وإن لم يسمع فخذ معك أيضاً واحداً أو اثنين لكي تقوم كل كلمة على فم شاهدين أو ثلاثة. وإن لم يسمع منهم فقل للكنيسة. وإن لم يسمع من الكنيسة فليكن عندك كالوثني والعشار. الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السماء وكل ما تحلّونه على الأرض يكون محلولاً في السماء» (مت 18: 15 ـ 18).
وقوله له المجد لمار بطرس هامة الرسل: «وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات. فكلّ ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السموات. وكل ما تحلّه على الأرض يكون محلولاً في السموات» (مت 16: 19)
بهذا السلطان الروحي الذي نالته الكنيسة من الرب، رتّبت الأصوام القانونية العامة، وألزمت الاكليروس والشعب التمسّك بها فصاروا تحت طائلة الخطية إذا لم يطيعوا أوامرها، لأن السماع منها هو السماع من الرب، والتمرّد على أوامرها يُعدّ تمرداً على الرب.
فمارس الإكليروس والشعب، منذ فجر المسيحية، الصوم الذي هو الانقطاع عن الطعام والشراب في مدة حددتها الكنيسة، وامتنعوا عن اللحوم ومنتجاتها عند الإفطار في أيام الصيام، واتّفقت كل الكنائس الرسولية في كل مكان في العالم على تقديس مبدأ الصوم واعتبرته دائماً، وضعاً إلهياً وفريضة مقدّسة.
صوم الفصح:
إن أول صوم وضعته الكنيسة هو صوم الفصح الذي يسمّى أيضاً صوم الآلام ، فيه ينقطع المؤمنون عن الطعام والشراب من عصر يوم الجمعة العظيمة ذكرى آلام الرب وصلبه وموته وإلى ما بعد نصف ليلة أحد القيامة
وذلك للمشاركة بالآلام المحيية، التي تحمّلها ربنا يسوع المسيح من أجل خلاص البشرية، ولنشاركه آلامه من أجلنا إتماماً لقول الرسول بولس:
«أم تجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته، فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما قام المسيح من بين الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضاً في جدّة الحياة. لأنه إن كنا قد صرنا متّحدين معه بشبه موته نصير أيضاً بقيامته» (رو 6: 3و4).
وكانت الكنيسة تمارس هذا الصوم وتحتفل بذكرى آلام الرب يسوع وموته وقيامته كل ثلاث وثلاثين سنة، ولما رأت أن الكثيرين يولدون ويموتون دون أن يحظوا بمشاهدة هذه الذكرى، احتفلت به سنوياً.
ومع تمادي الزمن أضيفت إلى هذا الصوم الأيام الأربعة السابقة له، فصار أسبوعاً كاملاً دعي أسبوع الآلام وكان يصام حتى العصر انقطاعاً عن الطعام والشراب ويفطر فيه على الخبز والماء المملح، ويصام في أيامنا أيضاً انقطاعاً عن الطعام إلى الظهر أو إلى العصر ثم يتناول الصائمون طعاماً صيامياً يقتصر على الحبوب والبقول والفواكه، وخالياً من اللحوم
ومنتجات الحيوانات وحتى الحلويات مشاركة بآلام الفادي الذي عند عطشه أعطوه خلاً ممزوجاً بمرارة.


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة الصوم الأربعيني (الكبير):
بوشر بالصوم الأربعيني في القرن الثالث للميلاد وألحق به في الربع الثاني من القرن الرابع صوم أسبوع الآلام الذي كان يصام قبل ذلك التاريخ بمدة طويلة. فصار الصوم الأربعيني سبعة أسابيع مع أسبوع الآلام.
وفرض الصوم الأربعيني تذكيراً للمؤمنين بجهاد الرب يسوع، وصومه في البرية، والرب الذي لا يحتاج إلى صوم استهل تدبيره الإلهي العلني بالجسد بالصوم فصام أربعين يوماً وأربعين ليلة وجاع أخيراً (مت 4: 2)
ليعلّمنا الصوم والجهاد الروحي ضد إبليس. وقد ظفر بإبليس المجرّب، وأعطانا أيضاً أن نغلبه باسم الرب، بل كشف لنا مرة سر النصر الروحي بقوله: «وأما هذا الجنس فلا يخرج إلا بالصلاة والصوم» (مت 17: 21).
وكان المؤمنون يصومون الصوم الأربعيني انقطاعاً عن الطعام والشراب حتى العصر، ثم يفطرون متناولين الطعام الصيامي المقتصر على الخبز والماء المملح والبقول والحبوب والفواكه والزيوت النباتية فقط. وكانوا خلاله خاصة يوزّعون الصدقات على الفقراء. بهذا الصدد يقول مار أفرام السرياني (373+) في القرن الرابع:
«صُمْ (أيها المؤمن) الصوم الأربعيني وتصدّق بخبزك على الجائع، وصلِّ سبع مرات يومياً كما تعلمت من (النبي داود) ابن يسّى».
ونصّت القوانين الكنسية على وجوب ممارسة المؤمنين كافة الصوم الأربعيني المقدس وحكمت على المخالفين من ذوي الرتب والدرجات الكهنوتية والعلمانيين بالعقوبات الكنسية الصارمة.


ويستثنى من الصوم الانقطاعي يوما السبت والأحد، ففيهما يُحتفل بالقداس الإلهي وبعد القداس يتناول الصائم طعاماً صيامياً. وفي هذا الصدد جاء في قوانين الرسل:
«كل من يصوم يوم الأحد أو السبت ما خلا سبت البشارة (النور)، إن كان إكليريكياً يُجرّد من رتبته، وإن كان علمانياً يُفْرز» وقال العلامة ابن العبري (1286+) في كتاب الحمامة (ب2ف6) الذي ألّفه لفائدة الرهبان والنسّاك الذين لا مرشد لهم: «يجب أن يحلّ الصوم في أيام السبوت والآحاد وذلك حفظاً للقوانين». وتقديساً ليوم الأحد لا تبدأ كنيستنا السريانية المقدسة أي صوم من الأصوام فيه، فإذا صادف ذلك فإكراماً ليوم الرب، نبدأ الصوم صباح يوم الإثنين، وينقص بذلك عدد أيام ذلك الصوم في تلك السنة يوماً واحداً.
ومنعت إقامة ولائم الأعراس في الصوم الأربعيني، بموجب قرار مجمع اللاذقية عام 364 كذلك منع ذلك المجمع الاحتفال فيه بالقداس الإلهي وبتذكار الشهداء إلاّ في يومي السبت والأحد ـ واستعيض عن القداس في أيام الصوم بطقس رشُم كُسُا رسم الكأس أو ما يسمّى بالقداس السابق تقديسه ـ الذي أدخله إلى كنيستنا في أوائل القرن السادس البطريرك مار سويريوس الكبير (538+).
فلا يحتفل بالقداس الإلهي في الصوم الأربعيني إلاّ أيام السبت والأحد ما خلا أربعاء نصف الصوم وجمعة الأربعين وخميس الفصح وسبت البشارة (النور) وإذا وقع عيد البشارة في الصوم فيحتفل فيه بالقداس الإلهي حتى لو صادف وقوعه في جمعة الآلام العظيمة ويتناول المؤمن بعد القداس الطعام الصيامي.
وبهذا الصدد نصّ القانون الخامس من الباب الأول الفصل الخامس من كتاب الهدايات لابن العبري ما يلي:
«إن الكنيسة تعيّد عيد البشارة في اليوم الذي يصادف وقوعه» وذلك كونه أساس الأعياد السيدية. وعليه فإننا لا نحوّل هذه الأعياد من يوم إلى يوم على الإطلاق. وإننا لا نتناول طعاماً صيامياً إكراماً للصوم في جمعة الصلبوت أو سبت البشارة (النور)
ونصلي الصلاة المفروضة وإذا وقع عيد دخول السيد المسيح إلى الهيكل في اثنين الصوم الكبير فيحتفل بالقداس الإلهي ولئن كان ذلك نادراً كما وقع عام 1915 وكما سيكون عام 2010 فإذا كان ذلك يجب أن يحتفل فيه بصلاة العيد وتقدّم فيه الذبيحة الإلهية صباحاً حسب العادة. وأما صلاة الصوم فتصلّى عند الظهر ثم يفطر المؤمن أي يحلّ صوم الإمساك عن الطعام. أما صلاة الغفران (شوبقونو) فتؤجل إلى صباح اليوم التالي.
وقد حرمت الكنيسة شرب الخمر وسائر المشروبات الروحية خلال أيام الأصوام.
إن الكنيسة المقدسة لا تبغي بتخصيص أيام للصوم، تمنع فيها تناول هذا الطعام أو ذاك، كون هذا الطعام محرّماً وذاك محللاً، في هذا اليوم أو ذاك.
بل هي تهدف إلى إخضاع إرادة المؤمن للّه تعالى بالعفة وممارسة الفضائل السامية، وخاصة فضيلة الطاعة لأوامر اللّه التي تصدر على لسان عبيده أحبار الكنيسة الذين منحهم سلطان الحلّ والربط ليشرّعوا القوانين، ويضعوا الأحكام والنظم لما فيه خير المؤمنين ولتمجيد اسم اللّه القدوس.
وحيث أن الكنيسة هي أم رؤوم، ومعلمة صالحة، لا تحمّل المؤمنين أعباء ثقيلة لا يستطيعون إلى حملها سبيلاً، متذكرة قول الرب: القائل:
«وويل لكم أنتم أيها الناموسيون لأنكم تُحمِّلون الناس أحمالاً عَسِرَة الحمل وأنتم لا تَمَسُّون الأحمال بإحدى أصابعكم» (لو 11: 46) فمن هذا المنطلق فسّح الطيب الذكر البطريرك الياس الثالث (1932+) في أكل السمك في أيام الصوم الأربعيني، وسمح لأبناء الكنيسة في أميركا أن يصوموا الأسبوعين الأول والأخير فقط من الصوم الأربعيني بالإضافة إلى أيام الأربعاء والجمعة. وفسّح لهم في الإفطار بقية أيامه.
وفسّح الطيب الذكر البطريرك أفرام الأول برصوم (1957+) في مثل هذا إجابة إلى ملتمس الكنيسة في الهند فضلاً عن تخفيفه الأصوام الأخرى للجميع وذلك عام 1946م وسمح الطيب الذكر البطريرك يعقوب الثالث (1980+) بصوم الأسبوعين الأول والأخير من الصوم الأربعيني فقط بالإضافة إلى أيام الأربعاء والجمعة للإكليروس والشعب، وفسّح لهم في استعمال جميع الأطعمة في بقية أيامه وذلك عام 1966 كما فسّح في إقامة الولائم والأعراس والعماد والقداس والتذكارات في جميع الأيام التي تتوسّط الأسبوعين المذكورين.
يأتي تفسيح أسلافنا البطاركة الميامين، للمؤمنين بتقليل أيام الصوم الأربعيني، من باب الرحمة بهم لئلا يكسروا الوصية ويكونوا موضع غضب اللّه تعالى ـ لا سمح اللّه ـ فمن استغلّ هذا التفسيح لا يخطئ ويعتبر في عداد مَن لم يكسر الوصية. أمّا من صام أيام الصوم الأربعيني وأسبوع الآلام كلها فيضاعف اللّه له الأجر.
وعلى ذوي الرتب والدرجات الكهنوتية الكبرى والصغرى، ما عدا الشيوخ فيهم والمرضى، أن يقيموا من أنفسهم قدوة صالحة للمؤمنين ليتمثّلوا بهم بحفظ أحكام الرب وشرائعه المقدسة، بالتزام فريضة الصوم الأربعيني المقدس وأسبوع الآلام المحيية، كما مارسها آباؤنا الأولون القديسون منقطعين عن الطعام والشراب من منتصف الليل حتى بُعيد منتصف النهار
وأن يتناولوا بعدئذ طعاماً صيامياً خالياً من الدسم «والزفر» وحبذا لو مارس المؤمنون كافة فريضة الصيام بهذه الطريقة المثلى.

صوم يومي الأربعاء والجمعة من كل أسبوع:

اتّخذت الكنيسة المقدسة منذ أواخر القرن الأول للميلاد صوم يومي الأربعاء والجمعة من كل أسبوع، بدلاً من صوم يومي الاثنين والخميس الذي مارسه الأتقياء من اليهود، كما يتبيّن ذلك من مثل الفريسي والعشار (لو 18: 12).
ويصوم المسيحيون يوم الأربعاء لأن فيه دبّر اليهود المؤامرة لإلقاء القبض على الرب يسوع وقتله. أما يوم الجمعة فيصومونه لأنه فيه صلب اليهود الرب يسوع فمات على الصليب لأجل خلاصنا.
وقد ورد ذكر هذا الصوم في الكتاب المسمى (تعليم الرسل) الذي يُعزى تأليفه إلى أواخر القرن الأول أو بدء الثاني للميلاد وفي تآليف بعض آباء القرون الأولى للميلاد كما توجب قوانين الرسل على جميع الإكليروس والشعب التمسك به تحت طائلة الحرمان والفرز.
وجرت العادة منذ أجيال سحيقة ألاّ تصوم الكنيسة أيام الأربعاء والجمعة الواقعة بين عيدي القيامة والعنصرة. وألاّ تصومهما أيضاً إذا وقع فيهما عيد سيدي أو مريمي أو عيد القديس شفيع الكنيسة المحلية أو تلك المنطقة. وجرت العادة في الأجيال المتأخرة السماح بعدم التمسّك بصوم أيام الأربعاء والجمعة الواقعة بين عيدي الميلاد والغطاس (الدنح).
كما أن المؤمنين في أبرشيات العراق لا يصومون أيام الجمعة الواقعة بين صوم نينوى والصوم الأربعيني المقدسة وهي: جمعة الكهنة وجمعة الموتى المؤمنين الغرباء، وجمعة الموتى المؤمنين كافة.
ونصوم الآن يومي الأربعاء والجمعة انقطاعاً عن الطعام حتى الظهر ثم نتناول الطعام الصيامي. أو نتناول الطعام الصيامي صباحاً وظهراً:
ويستحسن أن نقتصر على الطعام الصيامي يوماً كاملاً من المساء إلى المساء يومي الأربعاء والجمعة كما كان يفعل آباؤنا منذ فجر المسيحية.
صوم الميلاد:
يرتقي تاريخ وضع هذا الصوم إلى ما قبل القرن الرابع للميلاد، ونفهم ذلك من قراءاتنا ميامر مار أفرام السرياني (373+) وأناشيده التي نظمها في القرن الرابع.
ويمارس هذا الصوم استعداداً لاستقبال ذكرى ميلاد الرب يسوع بالجسد. وتذكاراً لما كنا عليه قبل الميلاد من العيش في حزن الخطية، وظلام الجهل، وعبودية إبليس، وتذلل الخليقة بانتظار الخلاص، فولد المخلص وفدانا بتجسّده.
فنصوم هذا الصوم لنتنقى نفساً وجسداً، فنستحق استقبال ذكرى ميلاد الفادي، كلمة اللّه المتجسّد، كما صام موسى قبل أن تسلّم كلمة اللّه المكتوبة أي شريعة العهد القديم.
وكان عدد أيام هذا الصوم قديماً أربعين يوماً فخففته الكنيسة إلى خمسة وعشرين يوماً ثم في عام 1946 وبموجب قرار مجمع حمص خفّفه الطيب الذكر البطريرك أفرام الأول برصوم إلى عشرة أيام بدؤها اليوم الخامس عشر من شهر كانون الأول ونهايتها يوم عيد الميلاد المجيد الواقع في 25 كانون الأول.
صوم الرسل:
سمي كذلك من باب تسمية الشيء باسم واضعه. فالصوم يصام للّه وحده، ويصام هذا الصوم اقتداء بالرسل (عب 13: 7) الذين صاموه إتماماً لقول الرب يسوع: «ستأتي أيام حين يرفع العريس من بينهم فحينئذ يصومون» (مت 9: 15)
فبعد صعود الرب يسوع إلى السماء، وحلول الروح القدس على التلاميذ، ابتدأوا بالصوم وبهذا الصدد جاء في سفر أعمال الرسل ما يأتي: «وبينما هم يخدمون الرب ويصومون» (أع 13: 2)
وكانت مدة هذا الصوم تطول وتقصر بالنسبة إلى الحساب الشرقي لعيد الفصح، فكان يبدأ في اليوم التالي لعيد العنصرة وينتهي في يوم عيد هامتي الرسل مار بطرس ومار بولس. وقد خففته الكنيسة عبر الأجيال وصارت مدته الآن ثلاثة أيام تبدأ في السادس والعشرين من شهر حزيران وتنتهي بعيد هامتي الرسل مار بطرس ومار بولس في 29 منه وذلك بموجب قرار مجمع حمص عام 1946م.
صوم العذراء:
نستقبل بهذا الصوم عيد انتقال السيدة العذراء إلى السماء. ويصام اقتداء بها، أو تمثّلاً بالرسل الأطهار الذين صاموه عند نياحتها. وكانت مدة هذا الصوم خمسة عشر يوماً وبموجب قرار مجمع حمص سنة 1946 أصبح خمسة أيام تبدأ في العاشر من شهر آب وتنتهي في عيد انتقال العذراء في الخامس عشر منه.
وقد أصدر الخالد الأثر البطريرك أفرام الأول برصوم منشوره البطريركي في 7 كانون الأول من عام 1946 ألغى بموجبه عدد أيام الصيامات القديمة للميلاد، والعذراء والرسل المذكورة في كتاب الهدايات لابن العبري ووضع الحدود الجديدة التي رسمها فصار قانوناً يعمل به.
صوم نينوى:
سمي كذلك لأن أهل نينوى كانوا أول من صامه طلباً لرحمة اللّه ومغفرته واقتداء بأهل مدينة نينوى في الأجيال الساحقة الذين سمعوا بإنذار اللّه الذي جاءهم على لسان النبي يونان، فصاموا جميعاً الإنسان والحيوان، الكبير والصغير استعطافاً للّه
فرجع الرب عن حمو غضبه وندم على الشر الذي كان مزمعاً أن يصنعه بهم (يون 3).
ويرتقي تاريخ هذا الصوم في كنيستنا إلى ما قبل القرن الرابع للميلاد، ونستدل على ذلك من ميامر مار أفرام السرياني (373+) وأناشيده. وكان عدد أيام هذا الصوم قديماً ستة،
أما الآن فهو ثلاثة أيام فقط تبدأ صباح الاثنين الثالث قبل الصوم الكبير وكان قد أهمل عبر الأجيال، ويذكر مار ديونيسيوس ابن الصليبي (1171+) أن مار ماروثا التكريتي (649+) هو الذي فرضه على كنيسة المشرق في منطقة نينوى أولاً، ويقول ابن العبري نقلاً عن الآخرين أن تثبيت هذا الصوم جرى بسبب شدة طرأت على الكنيسة في الحيرة فصام أهلها ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ مواصلين الصلاة إتماماً لوصية أسقفهم فنجاهم اللّه من تلك التجربة.
وعن السريان أخذ الأرمن هذا الصوم ويدعونه «سورب سركيس». كما أخذه الأقباط على عهد الأنبا أبرام السرياني بطريرك الاسكندرية الثاني والستين. وهذا الصوم محبوب جداً لدى السريان ويطوي بعض المؤمنين أيامه الثلاثة دون طعام أو شراب ثم يتناولون القربان المقدس في اليوم الثالث ويفطرون على الطعام الصيامي حتى صباح الخميس.
أما بقية المؤمنين فينقطعون عن الطعام حتى الظهر أو العصر ويتناولون طعام الصيام. ويقترن الصوم بالصلاة التي تتلى بلحن الصيام الأربعيني. وإذا صادف فيه وقوع عيد دخول السيد المسيح إلى الهيكل الذي نحتفل به في 2 شباط عادة، فيحب أن نحتفل به بصلاة العيد ثم نقدم الذبيحة الإلهية صباحاً حسب العادة أما صلاة الصوم فتتلى عند الظهر ويحلّ صوم الإمساك عن الطعام بعد القداس ثم تناول الطعام الصيامي
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 12:45 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025