05 - 06 - 2014, 02:48 PM | رقم المشاركة : ( 4451 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بقلم: الأب د. أنطون فرنسيس
"لا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً ..." تثنية 11:5 1) ما تمنع عنه الوصية الثانية: "لا تنطق باسم الرب إلهك باطلاً" (تثنية 11:5) يوجد ارتباط عميق بين الاسم والشخص. فعندما أذكر اسم الله، فأنا أتحدث عن ذات الله. لذلك فالوصية الثانية ترتبط ارتباطاً كاملاً بالوصية الأولى الأساسية، وتفرع منها وتكملها. فالله الواحد الأحد، يستحق ويقتضي كل إكرام وتقديس. وكما سبق وقلنا، الوصايا هي كلمة الله. والجواب عليها موقف كياني يقوم على الفضائل الثلاث: الإيمان والرجاء والمحبة. - بالإيمان: أدرك وأعيش القيمة المطلقة لله في حياتي، فيكون له التكريم الأسمى. - بالرجاء: أعيش الثقة في شخص الله، وأحترم اسمه ووجوده. - بالمحبة: يدفعني الحب أن أتلفظ باسم المحبوب باحترام، ولا أستعمله بطريقة خاطئة قد تسيء إليه. تحذرنا هذه الوصية من أن نستخدم اسم الله لخدمة أغراضنا الشخصية، بدلاً من تقديسه. ويقوم الخطر في التعود على استخدام اسم الله بطريقة غير واعية. فنتخذه شاهداً وضامناً لصدقنا ولكلامنا، أياً كان. فإذا أقسمت باسم الله على شيء باطل، أجعل الله شريكاً في خطئي. وهنا يقوم شر الحلفان، بأن يخطئ الشخص في حق اله والقريب والذات. تمنع الوصية الحلفان باسم الله باطلاً. وذلك إذا كان الاستشهاد باسم الله: 1- على كلام كاذب وغير صادق وغير صحيح. وللأسف كثيراً ما نلتجئ إلى الكذب خوفاً من كلام الناس، أو من المساءلة أو العقاب. 2- على كلام غير هام، أو تافه، أو مشكوك فيه وغير أكيد. 3- بدون احترام، أو بدون مناسبة كبيرة الأهمية. ويستخدم بعض الناس القدسيات في الحلفان. فيحلفون مثلاً بالمسيح الحي- بالقربان- بالكنيسة- بالهيكل...الخ، لكي يحملوا السامعين على التصديق. وهذا كله من نفس نوع الحلفان باسم الله. لأنه يستخدم القدسيات المرتبطة بذات الله، أو بما يمسه عن قرب، من أجل مصلحة شخصية. متى يجوز القسم (الحلفان)؟ يكون القسم (الحلفان) جائزاً، في الضرورة ولموضوع هام جداً. وفي الكتاب المقدس، خصوصاً عند الأنبياء، نجد آيات كثيرة يقسم فيها الله بذاته، لإعلان قرار هام، في موقف خطير. وفي القسم الجائز، يجب أن تتوافر ثلاث صفات: 1- الحق: أي أن يكون الموضوع حقيقياً وصحيحاً. 2- الإدراك (الحكم): أن يتمّ بعد إدراك الموضوع والتأكد منه، وأن يكون الموضوع خطيراً، أو له أهمية كبيرة. 3- العدل: أن يكون الموضوع صالحاً ولائقاً. هكذا مثلاً، يجوز القسَم لجل الشهادة الحق. حين تتوفر الصفات الثلاث المذكورة: 1- الحق: صدق الكلام وحقيقة الموضوع. ويكون استخدام اسم الله تعبيراً عن إيماني، بأن الله هو أساس كيان ومرجع كل سلطة. وهنا يظهر الارتباط بالوصية الأولى. لأني أتخذ الله شاهداً على صدق كلامي، في أمر كبير الأهمية. 2- الإدراك (الحكم):أن يكون الشخص المطلوب منه القسم واعياً بالموضوع، وبمدى أهميته، وبمدى تأثيره، سواء على المستوى الشخصي أو الجماعي. 3- العدل: أن يكون الموضوع لائقاً وصالحاً. ويمكن أن يكون القسم بالحق والعدل، حتى في أمور تتعلق بالشخص نفسه. مَن له الحق أن يطلب القسم؟ يجوز القسم، عندما يطلبه أو يفرضه مَن له الحق في ذلك. ويرجع هذا الحق إلى السلطات الكنسية... ولابد أن يكون الموضوع هاماً، أو أن تتطلب الإجراءات الرسمية ذلك، للأهمية. ويعني القسم هنا أن الله شاهد على كل ما أقوله، وطرف في هذا الأمر، لأني أجعله ضامناً لصدق ما أقول. المسيح وكمال الوصية يوصينا السيد المسيح: "أما أنا فأقول لكم: لا تحلفوا مطلقاً، لا بالسماء لأنها عرش الله، ولا بالأرض لأنها موطئ قدميه، ولا بأورشليم لأنها مدينة الملك العظيم. ولا تحلف برأسك، لأنك لا تقدر أن تجعل شعرة واحدة منه بيضاء أو سوداء. فليكن كلامكم: "نعم" أو "لا". وما زاد على ذلك، فهو من الشرير" (مت34:5-37). بهذه الوصية يرتفع بنا المسيح من الحرفية إلى الجوهر والروح. إنه يمنع أيضاً عن القسم بالأمور الشخصية الخاصة مثل الرأس... إنه يعلمنا ويطلب منا أن تكون كلمتنا صادقة صريحة، وأن تكون كلمة نعم بالفعل نعم، وكلمة لا بالحق لا. يريدنا السيد المسيح أن تكون لدينا شخصية روحية عميقة وواعية. ندرك الموضوع الذي نرفضه بكلمة لا، أو نقبله بكلمة نعم. وهذا ما يتحقق لنا بالفضائل الثلاث. فإذا عاش المسيحي بموجب الإيمان والرجاء والمحبة، وكان ممتلئاً بروحها، استغنى عن القسم نهائياً وصارت حياته وكلامه وأعماله كلها حق وصدق وأمانة وعدل. نحن في احتياج إلى تعميق الإيمان وإلى تثبيت الرجاء، وإلى تقوية المحبة داخلنا، لكي نعيش الصدق في المجتمع، دون خلل في باطننا. فإذا عشنا في الحق والصدق، ما احتجنا أن نلفظ اسم الله. من كل ذلك يظهر كيف يرتبط عدم القسم بالوصية الأولى: "أنا هو الرب إلهك". فالله هو أساس حياتنا وكياننا. فإذا ذكرت اسمه، يكون فقط للتسبيح والحمد والتمجيد، بكل تقديس وتكريم. |
||||
05 - 06 - 2014, 02:50 PM | رقم المشاركة : ( 4452 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وصـايا الله العشر احفظْ يومَ الربّ إنّ الله قد خلق السماء والأرض وما فيها في ستّة أيّام وفي اليوم السابع استراح من عمله. وأخرج شعبه من مصر وحرّرهم من عبوديّة الفراعنة في اليوم السابع أيضاً. لذلك أمر بحفظ هذا اليوم تذكيراً براحته من أعمال الخلق العظيمة، بتحريره شعبه من عبوديّة الفراعنة. فالإنسان، إذاً، يتذكّر في يوم الربّ، قدرةَ الله العظيمة التي أوجدت المخلوقات، ويتذكّر راحة الله أي فرحه وابتهاجه بما صنع، ويتذكّر الحرية التي أراد الله أن يمتّعه بها ليكون فرحاً مبتهجاً. الوصيّة الثالثة من وصايا الله العشر تذكّرنا بقداسة يوم السبت: "وفي اليوم السابع السبت، عطلة مقدّس للربّ" (خر31/15). فالكتاب المقدّس يذكر عمل الخلق في هذا الصدد: " لأنّ الربّ في ستّة أيام خلق السماوات والأرض والبحر وجميع ما فيها وفي اليوم السابع استراح، ولذلك بارك الربّ يوم السبت وقدّسه (خر 20/11) خصّ الله شعبه بيوم السبت لكي يحفظوه عهداً أبدياً. يوم السبت هو محفوظ للربّ لمدحه على أعمال خلقه وخلاصه. يروي لنا الإنجيل أحداثاً كثيرة أتُّهم فيها يسوع بخرق حرمة السبت، ولكنّ يسوع لم يكن يتوانى في تقديس هذا اليوم. فقد أعطى بسلطانٍ مفهوم السبت الصحيح: "إنّ السبت جعل للإنسان، وما جعل الإنسان للسبت" (متى 27/2) وقد أفهم الفريسيين بسؤاله: "أَعَمَلُ الصالحات يحلّ في السبت أم عمل السيّئات، وتخليص نفس أم إهلاكها؟" (مر 3 / 4). يوم السبت هو يوم رحمة الله وعزّه، فابن الإنسان سيّد السبت" (مر 2/28). يوم الربّ في العهد الجديد قام يسوع من بين الأموات: "في أوّ ل يوم من الأسبوع" (متى 28/1). أوّل يوم قيامة المسيح يذكّرنا بأوّل خليقة بعد يوم السبت، نعني الخليقة الجديدة المكرّسة بقيامة المسيح. وقد أصبح لأجل المسيحيين الأوّل لكلّ الأعياد، يوم الربّ. يتميّز يوم الأحد عن يوم السبت إذ نذكره لقيامة الربّ يسوع من القبر، لأنّ قيامة الربّ يسوع تتضمّن معاني السبت بنوع أسمى وأكمل. فسيّدنا يسوع المسيح بموته وقيامته خلقنا خلقاً جديداً وحرّرنا من عبوديّة الخطيئة. فعمل الخلق لم يكلّف الله ما كلّفه عمل الفداء. وتحريره إيّانا من الخطيئة أعظم بكثير من تحرير شعبه من عبوديّة الفراعنة. الاحتفال بالقدّاس الإلهي إنّ الاحتفال يوم الأحد بالقدّاس الإلهي هو قلب حياة الكنيسة النابض. "يوم الأحد، حسب التقليد الرسولي، إذ يحتفل بسرّ قيامة المسيح، يجب أن يحافظ عليه في الكنيسـة جمعاء كوصيّة يوم عيد" (قانون 246). ولذا، يقوم المسيحي بفروض العبادة الواجبة على الخليقة نحو خالقها الذي خلقها وافتداها وحرّرها. أمّا فروض العبادة فهي حضور القدّاس وسماع كلام الله وممارسة الأمور الدينية والأعمال التقوية والخيرية، ومطالعة الكتب الدينية التي تفقّهنا بالدين وتعمّقنا في الفضيلة ومحبّة الله. وفي العهد القديم تشكّى الله من شعبه قائلاً: "إنّ سبوتكم وأعيادكم أصبحت ممقوتةً فما ذلك إلاّ لأنّ الشعب كان يمضي هذه الأيام في أفراح مادّية دون مبالاة بالأمور الروحية، كما يفعل اليوم بعض المسيحيين إذ يمضون أيّام الآحاد والأعياد في الملاهي والمنتديات والأفراح الدنيوية ومنها المحرّمة، دون أن يفكّروا في المشاركة في القدّاس وفي الاهتمام بأمر نفوسهم، وكثيراً ما تكون أيّام الآحاد لفعل الخطايا والابتعاد عن الله! عمَّ ينهانا الله في يوم الأحد وبماذا يسمح لنا؟ ينهانا الله بهذه الوصيّة عن العمل وهو نوعان: عقلي وجسمي. فالعمل العقلي هو الذي يعمل فيه العقل أكثر من الجسم، وهو مسموح يوم الأحد. أمّا العمل الجسمي فهو الذي يعمل فيه الجسم أكثر من العقل وهو غير مسموح به يوم الأحد إلاّ للضرورة. بعض الأعمال تعتبر عقلية ولو عمل فيها الجسم مثل عمل التصوير، وبعض الأعمال لا تعتبر جسمية ولو عمل فيها الجسم كثيراً مثل الألعاب الرياضية. أمّا الكتابة والقراءة والدرس والقيام بالأشغال المنـزلية الضرورية كإعداد الطعام وتنظيف البيت وترتيبه، وعرض بضاعة أو أمتعة كثيرة الأنواع وقد صارت عادة في بعض البلدان يوم الأحد لعدم إمكانية اجتماع الناس في غير أيّام الآحاد، وبعض المهن مثل الحلاقة والتزيين.. هذه كلّها مسموح بها. ونظراً إلى الاختراعات الحديثة في عصرنا يصعب تحديد العمل الجسمي أي العمل الذي يتعب فيه الجسم أكثر من العقل. مثلاً: "مراقبة آلة تعمل دون أن تحتاج من المراقب إلى أيّ تعب سوى الانتباه". فإذا كان عمل المراقب ضرورياً لمصلحة عامّة يسمح له بالعمل كيفما اعتبر عمله جسمياً كان أم عقلياً. وأيضاً، نظراً إلى حركة العمل في عصرنا كعمل عامل الهاتف وعامل القطار وعامل الفندق وغيرهم من العمّال الذين يؤمّنون مصلحة عامّة فإنه يسمح لهم بالعمل يوم الأحد، سواء اعتبر عملهم جسمياً أم عقلياً، لأنّ الضرورة تقضي بالعمل العامّ. لكن، على هؤلاء أن يهتمّوا بخلاص نفوسهم من حضور قدّاس وإتمام صلوات في وقت راحتهم ولذلك فقد سهّلت الكنيسة القدّاس المسائي و الصوم القرباني. قدسيّة يوم الأحد إنّ وصيّة الكنيسة تحدّد شرعية الربّ وتحقّقها "يوم الأحد وأيّام الأعياد المأمورة، على المؤمنين الاشتراك في ذبيحة القدّاس " (قانون 881/1) "إنّ الذي يحضر القدّاس يوم العيد أم في مساء قبل يوم العيد يكون قد وفّى وجوب حضور القدّاس" (قانون 881/2). إنّ قدّاس يوم الأحد يؤسّس ممارسات الشعائر الدينية ويثبّتها ولذا، فالمؤمنون مجبرون أن يحضروا القدّاس في الأيّام المفروضة إلاّ في حالة المرض أو الإعفاء من قبل الرئيس الروحي (قانون 881/1) وكلّ من يخالف هذه الوصيّة يرتكب خطيئة كبيرة. إنّ الاشتراك في الاحتفال الجماعي في الذبيحة الإلهية هو شهادة لاتّباعنا وإخلاصنا للمسيح ولكنيسته. بهذا العمل يحقّق المؤمنون شركتهم في الإيمان والمحبّة. إنّهم يشهدون معاً لقداسة الله ولرجائهم في الخلاص. إنّهم يتقوّون بعضهم مع بعض بقيادة الروح القدس. في احترام الحرّية الدينية ومصلحة الجميع يجب على المسيحيين أن يعرّفوا للجميع بأنّ أيّام الآحاد والأعياد الكنسية هي أيّام عطل شرعية. يجب أن يعطوا للجميع مثلاً جماعياً للصلاة، وللاحترام والفرح في الدفاع عن تقاليدهم كفريضة ثمينة للحياة الروحية. إذا كانت قوانين البلد تفرض العمل يوم الأحد أو ثمّة سبب آخر، لنعشْ هذا اليوم مثل يوم خلاصنا الذي يشركنا في "حفلة عيد" في "جماعة الأبكار المكتوبة أسماؤهم في السماوات" (عب 12/22 – 23). المراجع -كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية. -"المسيحية في أخلاقيتها" (التعليم المسيحي للبالغين) سلسلة الفكر المسيحي بين الأمس واليوم، رقم 19 – منشورات المكتبة البولسية – لبنان – 1999. -"يوم الربّ" رسالة رسولية لقداسة البابا يوحنا بولس الثاني – الفاتيكان 1998، طُبعت باللغة العربية – جلّ الديب – المركز الكاثوليكي للإعلام – لبنان. |
||||
05 - 06 - 2014, 02:51 PM | رقم المشاركة : ( 4453 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لاهوت أدبي: الوصية الثالثة بقلم: الأب د. أنطون فرنسيس "اليوم السابع للرب إلهك..." تث 14:5 1) ما تأمر به الوصية الثالثة: "احفظ يوم السبت وقدسه" (تث 14:5). كانت الوصية في العهد القديم تأمر بحفظ يوم السبت وتقديسه لأنه يوم الرب: "واليوم السابع سبت للرب إلهك، فلا تصنع فيه عملاً، وأنت وابنك وابنتك، وخادمك وخادمتك، وثورك وحمارك، وجميع بهائمك، ونزيلك الذي في داخل مدنك، لكي يستريح خادمك وخادمتك مثلك" (تث 14:5). أما أسباب تقديس ذلك اليوم للرب، فهي: 1. (خر11:20): "لأن الرب، في ستة أيام خلق السموات والأرض والبحر وجميع ما فيها. وفي اليوم السابع استراح. ولذلك بارك الرب يوم السبت وكرسه". 2. (تث15:5): وأذكر أنك كنت عبداً في أرض مصر، فأخرجك الرب من هناك، بيد قديرة وذراع ممدودة. وهو لذلك أمرك بأن تحفظ يوم السبت". تقديس السبت هو إذن تعبير احتفالي جماعي عن الإيمان الأساسي. هو إقرار عملي بأن الكيان والحياة ومقوماتها كلها من الله خالقنا. وهو احتفال وحمد وتمجيد، وعرفان دائم بالجميل لله مخلصنا. ارتباط الوصية الثالثة بالوصية الأولي الأساسية إن الله هو مبدأ كياني وكل كياني تدور الوصية الأولى حول هذه الحقيقة الإيمانية الأساسية. عندما خلق الله الإنسان، أعطاه سلطاناً على سائر المخلوقات والكائنات، وطلب منه أن يُخضع الأرض، ويستثمرها خير استثمار لصالحه (تك28:1، 15:2و20). العمل إذن من ضمن الوزنات التي أنعم بها الله على الإنسان، ليشاركه في الخلق والاهتمام بالكون. كان على الإنسان أن يستثمر هذه الوزنة، بطاعة الإيمان والرجاء والمحبة. وكان دور الوصية الثالثة أن تجعل جوابه يزداد باستمرار عمقاً وسمواً بتقديس يوم الرب. فبعد العمل طوال الأسبوع يكون اليوم السابع راحة في الله. أي يقوم فيه الإنسان بمراجعة ذاته عن حياته طوال الأسبوع. وبمقدار ما يكون أميناً في هذا اللقاء مع الله، بمقدار ما يمتلئ به ويقوم برسالته كوكيل وشاهد له، فيمتلئ بالسلام الباطني. وفي هذا تكون الراحة الحقيقية الباطنية. وفي الحياة المسيحية اليوم، لا يكتمل تقديس يوم الرب بالاشتراك في القداس فحسب بل يلزم تقديس اليوم كله من خلال مراجعة جميع أعمال الأسبوع الماضي في ضوء دعوة الله للمسيحي. لذلك تلزم أن تكون الشهادة لله بالحياة، وسط العمل والتعاملات، ففي هذا اليوم يعيش المسيحي بأكمل صورة طاعته للوصية الأولى: "أنا هو الرب إلهك". فيجدد حبه ووعوده لله ويتذكر أمانة الله معه، وإهماله هو في بعض المواقف طوال الأسبوع. إن تقديس يوم الرب يكون بالانفتاح على الله للامتلاء منه، لأن الإنسان محتاج إلى هذا الامتلاء، ليواصل شهادته للرب طوال الأسبوع المقبل. مفاهيم وممارسات خاطئة للوصية الثالثة. 1. الفريسية أو الحرفية الشكلية: وهي المطالبة والاكتفاء بالتنفيذ الحرفي، بالامتناع عن أي عمل في يوم الرب حتى إذا كان فعل الخير. وهذا ما كان يتمسك به الفريسيون. لذلك ثاروا على السيد المسيح، عندما كان يصنع خيراً يوم السبت. واجههم المسيح بحزم، وحاول أن يرفع ضمائرهم إلى روح الشريعة: "أيحل في السبت عمل الخير أم عمل الشر؟ إنقاذ نفس أم إهلاكها؟" (مت4:3). أراد أن يفهمهم أن عمل الخير ليس من الأعمال العادية. إنه يرتبط بالوصية الأولى والأساسية فهو إقرار الإيمان وشهادة عملية بمكانة الله الأولى، والله محبة. وأعلن المسيح كمال الشريعة بقوله: "الله جعل السبت للإنسان، وما الإنسان للسبت" (مر27:2). وهنا يوضح يسوع كرامة وعظمة الإنسان، صورة الله ومثاله. يبقى يوم الرب مكرساً ومخصصاً لله. ويقدسه الإنسان بعمل الخير. فالرحمة قبل الذبيحة (مت8:12) "والإنسان كم هو أفضل من الخروف. لذلك يحل عمل الخير في السبت" (مت8:12). يقدس الإنسان يوم الرب، عندما يرجع إلى ذاته، وينفتح على الله، المبدأ الأول، وعلى القريب ليكون له شاهداً على حب الله. 2. المادية العصرية: وفي العصر الحديث، اتجه التقديس إلى الراحة الجسدية الأسبوعية، ولو ليوم واحد في أسبوع العمل، حتى يستطيع الشخص أن يواصل عمله بنشاط في الأسبوع المقبل. ونحن لسنا ضد هذا المفهوم والتنظيم. وإنما للأسف، يتمسك ويكتفي أغلبية الناس بالراحة الجسدية وحدها، متغاضين عن حياتهم الروحية. فيصبح هنا اليوم يوم كسل وخمول أو ترفيه عالمي، أو رياضة جسمية، وأحياناً فرصة لملذات شريرة... بينما كان يجب أن يكون فرصة لمراجعة الذات، ولأعمال مقدسة، تربطنا أطول وقت بالرب وفي عبادة الرب احتفالياً وجماعياً، وفي أعمال الرحمة والمشاركة مع الآخرين في أعمال المحبة. كيف أتصرف في ظروف المجتمع الحالي؟ قد تفرض عليّ ظروفي الواقعية، أن أذهب إلى العمل يوم الأحد. كيف أقدس إذن يوم الرب؟ أقدس يوم الرب بأن أقدم عملي لله. وأعمله بروح جديدة، بروح مختلفة عن الأيام الماضية. أقدم فيه شهادة حقيقية من خلال العمل لله. يجب أن يتحول كل يوم إلى يوم الرب. وهنا يتقدس يوم الرب هذا بالعمل. يجب أن أعيش كل يوم، كما لو كان يوم أحد، يوم الرب. وهكذا أقدس كل أيام الأسبوع، وأجعلها شهادة حقيقية أمام الآخرين لله. أما إذا قصرنا يوم الرب على يوم الأحد فسوف نقع في الحرفية والفتور الروحي. وإنما يجب أن يكون ليوم الرب صبغة خاصة دائماً لأنه يوم الرجوع والارتباط الخاص بمبدأ وغاية الكيان، الأول والآخر. وهو يوم الاحتفال بالله مخلصنا لذلك غيرت المسيحية السبت إلى الأحد، الذي في تم خلاصنا بقيامة المسيح. ويمكن استثمار وقت الراحة، لإعطاء دفعة للآخرين، وتثبيتهم في الإيمان والرجاء والمحبة. وما أجمل وأنفع أن تجتمع العائلة معاً لتعميق حياة أفرادها الروحية، وتمجيد الله معاً. بهذا يتعمق الإيمان والرجاء والمحبة، ويزداد الارتباط بالوصية الأولى والأساسية. وهي، مع الوصية الثانية والثالثة، تزيد علاقة المسيحي بالله. فبقدر ما يعيش بروح الوصايا والفضائل، بمقدار ما يمتلئ بالله، ويكون شاهداً صالحاً لحبه. |
||||
05 - 06 - 2014, 02:52 PM | رقم المشاركة : ( 4454 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تذكر يوم السبت لتقدسه القديس غريغوريوس بالاماس يُسَمّى أحد أيام الأسبوع الأحد، لأنّه مخصّص للرب الذي قام من الموت في ذلك اليوم مظهراً قيامة كل الناس ومثبتاً إياها (في المجيء الثاني) حين عندها سوف يتوقف كل عمل بشري. إذاً خصّص الأحد للرب (خروج 8:20). لا تَقُم بأي عمل أرضي غير ما هو ضروري. وكل الذين يعملون لك أو يعيشون معك فليرتاحوا حتى أنّكم جميعاً تمجّدون الذي اشترانا بموته ومن ثمّ قام مقيماً معه طبيعتنا البشرية. احفظ في فكرك الحياة الآتية، لكي تتأمّل بكل وصايا الرب وقوانينه وتتفحّص نفسك حتى إذا كنتَ قد انتهكت بعض الأشياء أو أهملتها، يمكنك أن تصحّح نفسك في كل شيء. في هذا اليوم أيضاً اذهَبْ إلى هيكل الرب واشترك في اجتماع العبادة وشارك بإيمان صافٍ وضمير نقي في جسد المسيح ودمه. ابدأ حياة أكثر قداسة، مجدداً نفسك ومهيئاً إياها لتقبّل خيرات الحياة الآتية. من أجل هذه الخيرات لا تسئ استعمال الأشياء والاهتمامات الأرضية في الأيام الأخرى أيضاً. يوم الأحد، كونك مكرَّساً لله، تحاشَ بشكل قاطع كلّ هذه الاهتمامات ما عدا الضرورية منها التي يستحيل عليك العيش من دونها. وهكذا، بما أنّ الرب ملجؤك عليك ألاّ تذهب إلى أي مكان، وألاّ تضرِم نار الأهواء ولا تحمل عبء الخطايا. إذاً، كرِّس “يوم السبت” (خروج 8:20)، أي الأحد، لله حافظاً إياه بامتناعك عن كل ما هو شرير. وإلى الآحاد عليك أن تضيف كل الأعياد الكبيرة قائماً بالأمور نفسها وممتنعاً عن كل ما تمتنع عنه يوم الأحد. |
||||
05 - 06 - 2014, 02:54 PM | رقم المشاركة : ( 4455 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أكرم أباك و أمك لكي يطول عمرك ــ المقدمــــة في الأرض التي يعطيك الرب ألهك الله في العهد القديم كرّم الوالدين كل التكريم منذ بدء الخليقة وخلق أول أنسان على صورته وأسلمه جنة عدن ليستمتع بها ومنحه سلطان على جميع الخلائق الأخرى من النباتات والحيوانات وتأكيدا لهذه المحبة خلق له شريكا ليكون عونا له وبذلك تأسست أول عائلة على الكرة الأرضية مؤلفة من آدم الرجل و حوآء المرأة . غير أن هذه العائلة الحديثة فشلت في أول تجربة مرت بها عندما لم تحافظ على الوعد الذي قطعته للرب في عدم التقرب من الشجرة التي في وسط الجنة والأكل من ثمارها بتحريض من الشيطان في هيئة حيّة مما سبب في غضب الرب منهم وطردهم من جنة عدن ليواجهوا الحياة الصعبة على الأرض . كما أنهم أيضا فشلوا في تنشأة عائلة متماسكة حيث حدثت أول جريمة قتل على الأرض بقتل قايين أخاه هابيل , وبالرغم من ذلك ولكون الله كله محبة وغفران فقد شائت أرادته أن تستمر الحياة على الأرض فساعدها على التغلب على الصعوبات التي واجهتهم وكان راعيا وحافظا لها لتتكاثر ويكون لهم أبناء ملئوا الأرض . أما عبارة ( لكي يطول عمرك في الأرض ) فلا أعتقد أن القصد منها أن تطول سنين عمرك على الأرض بقدر ما يقصد منها أن تطول الأيام التي تعيشها وأنت في سعادة وفرح ونعمة على الأرض. 2 من هم الأب و الأم حسب المفهوم المسيحي في العهد الجديد ؟ الأب والأم هما أنسانان , رجل واحد و أمرأة واحدة , جمعهما الرب برباط مقدس و وحّدهـما لدرجة أنه أعتبرهما واحدا وليس أثنان وسمّى هذا الرباط المقدس بالزواج , و أعتبره سرّا من أسرار الكنيسة السبعة (( المعمودية ـ الميرون ـ التوبة ـ القربان المقدس ـ مسحة المرضى ـ درجة الكهنوت ـ والزواج )) ذلك لأن هذا الزواج هو وعد من كلا الطرفين , الرجل و المرأة أمام مذبح الرب و يقوم بمراسيمه الكاهن ويشهد عليه جماعة المؤمنين . ليكون أعلانا ببدء تأسيس بيت مسيحي تسكنه عائلة مسيحية مؤمنة بتعاليم الرب وكنيسته المباركة وليضعا نفسيهما تحت تصرف الرب ليساهما في تدبير الرب بديمومة الحياة على الأرض وأنجاب الأبناء لمحبته و عبادته اللذين خلقوا لهذه الغاية .. 3 الوالدين و التزاماتهما يؤكـد الكتاب المقدس ( العهد الجديد ) على أهمية رعاية الآباء لأبنائهم وذك كما جاء في رسالة رسول الأمم القديس بولس الرسول الى أهل آفـسـس عندما قال ( و أنتم أيها الآباء , لا تغيظوا أبنائكم , بل ربوهم بتأديب الرب ونصحه ) آفـسـس 6 : 4 حيث أنه للوالدين الدور الأول في تربية أولادهم و توجيههم وزرع التربية و الأيمان المسيحي في نفوسهم وقلوبهم وعقولهم كما علمنا الرب في كتابه المقدس وذلك منذ صغرهم وقبل أختلاطهم بالمجتمع والمدرسة . فالطفل يقلد والديه في كل شيىء فأذا كانوا مداومين على الصلاة , فالأبناء سيلتزمون كذلك بهذه العادة الحميدة . وأذا كان تعامل الوالدين مع بعضهما البعض بالود والمحبة , فالأبناء أيضا سيكتسبون هذه العادة منهما ويتعاملون مع بعضهم البعض ومع أصدقائهم في المدرسة والمجتمع بالود والمحبة . وأذا كان الوالدين بعيدون عن الكذب والنفاق والكبرياء والنميمة والتكلم عن الناس في غيابهم فأن الأولاد كذلك سيكتسبون هذه الصفات الحميدة . و أذا كان تعامل الآباء مع آبائهم وأمهاتهم ( الجد و الجدة ) تعاملا حسنا وكما أوصى الرب . فأن الأولاد أيضا سيكتسبون هذه العادة و سيحترمون والديهم في المستقبل في كبرهم . وكذلك على الوالدين الأستمرار في واجباتهم تجاه أولادهم بعد خروجهم الى المجتمع وأختلاطهم بأنواع متباينة من التربيات سواء من أولاد في سنهم أثناء الدراسة أو من أناس في مختلف طبقات المجتمع وعليه فعلى ألوالدين متابعة أولادهم في المدرسة بأتصال وثيق مع معلميهم و مدرسيهم وكذلك مراقبتهم في أختيار أصدقائهم وأبعادهم عن أصدقاء السوء وتشجيعهم على مصادقة ذوي التربية القويمة والأخلاق السليمة . كل ذلك بأسلوب تربوي يعتمد على الأقناع والحوار والنصح الهاديء بعيدا عن الزجر والعنف والدكتاتورية. 4 الأبناء وألتزاماتهم تتمحور الوصية الرابعة من وصايا الله العشرة حول ضرورة أكرام الأبناء لآبائهم ونصها ( أكرم أباك و أمك لكي يطول عمرك في الأرض التي يعطيك الرب ألهك ) * و جاء في الكتاب المقدس ( العهد القديم ) في سفر الأمثال عدة تأكيدات حول نفس الأمر. *** أسمعوا أيها البنون تأديب الأب , و أصغوا لأجل معرفة الفهم ( أمثال 1 - 4 ) *** أسمع يا أبني تأديب أبيك , و لا ترفض شريعة أمك ( أمثال 1 - 8 ) *** من يحب التأديب يحب المعرفة , و من يبغض التوبيخ فهو بليد ( أمثال 1 - 2 1 ) وفي العهد الجديد يؤكد القديس بولس الرسول في الفصل السادس من رسالته الى أهل آفسس على طاعة الأبناء الى الوالدين عندما يقول ( أيها الأبناء , أطيعوا والديكم في الرب , فذلك عدل (( أكرم أباك و أمك )) تلك أول وصية يرتبط بها وعد وهو (( لتنال السّعادة و يطول عمرك في الأرض )) آفسـس 6 : 1 - 3 . لذلك يحـمـّل الرب الأبناء ألتزامات كثيرة تجاه الوالدين والكتاب المقدس يزخر بأمثال عديدة و وصايا ألهية تلزم الأبناء بأكرام و طاعة الآباء والعمل لأكرامهم ويسفّــه ويحتقر الأبناء العاصين والذين لا يقدمون الأكرام لوالديهم كما ورد في سفر التكوين وغضب نوح على أبنه حام ولعنه أياه لأنه أستهزأ بعورة أبيه , كما يورد أيضا مثالا على الطاعة التي أبداها أسحق لأبيه أبراهيم وهو يأخذه ليقدمه ذبيحة للرب كما أمر الرب كأمتحان لأبراهيم وكذلك لطاعة أسحق لأبيه دون مناقشة . وكذلك أولاد يعقوب العشرة وأستمرارهم بطاعة و أكرام أبيهم بالرغم من معرفتهم أن أبيهم يعقوب يفضل ولديه , يوسف و بنيامين عليهم جميعا. 5 ماذا أذا قصّر الوالدين في ألتزاماتهم في جميع المجتمعات تبرز حالات كثيرة لأهمال وتقصير الوالدين تجاه أبنائهم أما لظروف أجتماعية أو تربوية أو دينية أو ثقافية مما يسبب خللا في توفير التربية الصالحة للأولاد قد يؤدي ذلك في سلوكية غير قويمة لدى الأولاد . فهل يعني ذلك أن ينتقم الأولاد من والديهم لأنهم قصروا في واجباتهم تجاههم ؟ أن الرب لم يعط هكذا صلآحية للأبناء في وصيته أعلاه ولم يذكر من هم الآباء المستحقين الأكرام و الآباء المستحقين أن يهملوا في شيخوختهم نتيجة لأهمالهم في تربية أولادهم . بل أكد على أكرام الأب والأم مهما كانت الظروف بل على الأولاد أن يطبقوا وصية الرب بالأكرام أما محاسبة المقصر فهي من سلطة الرب وحده فالله وحده له السلطة على غفران الذنوب أو معاقبة المسيء . والأبناء اللذين لا يكرمون آبائهم فأنهم بذلك يخالفون أحدى وصايا الرب وسوف يكونون خاضعين للعقوبة . أما الأبناء اللذين يطبقون وصية الرب فيكرمون أبائهم أو أمهاتهم فأنهم بذلك ينالون أستحسانا من الرب . ويكون الأستحسان والأجر أضعافا مضاعفة للأبنـاء اللذين يكرمون والديهم بالرغم من تقصيرهم تجاه الأبناء . فالمسيحي الحقيقي هو الذي يقابل الشر بالأحسان والأعتداء بالغفران والكره بالمحبة. 6 الخاتمـــــة نستخلص مما ورد أعلاه مبادىء مهمة أكد عليها الكتاب المقدس بعهديه ( القديم و الجديد ) أهمها : ـ أ - أكرام الوالدين هو أمر من الرب لا يمكن فيه الأجتهاد أو التأويل. ب - لا يجوز للأبناء محاسبة الوالدين , فالحساب والثواب هو من الرب وحده. ج ? كل ما يقوم به الأبناء لوالديهم من أكرام أو أهمال فسوف يسري عليهم مستقبلا . مثال من واقع الحياة (1 ) كان لأب أبن وحيد , أعتنى و تعب في تربيته , فكبر الولد وتزوج و سكن الأب مع أبنه في نفس البيت أذ لم يكن له أي مكان آخر للسكن . كبر الأب و سا ء ت صحته , أذ أصيب بمرض عصبي ادى الى أن ترتجف يداه ورأسه يهتز من شدة المرض , فكان كثيرا ما يقع الطعام منه وهو يحاول أن يضعه في فمه , و أحيانا أذا مـــــا أرتجفت يداه كثيرا وقع منه الصحن على الأرض منكسرا . فأتفق الأبن و زوجته أن يجلسوا الأب في زاوية من المطبخ منفردا , بينما هما مع أبنهما الصغير يأكلان على الطاولة الكبيرة , و صنع لأبيه صحن من الخشب ليأكل فيه حتى أذا ما وقع من يده على الأرض لا ينكسر .لم يعترض الأب على ذلك ولكن كان حزينا في داخله . مرت الأيام و ذات يوم بينما الولد الصغير يلعب , وجد قطعة من الخشب فأخذ يلعب بها محاولا أن يصنع منها شيئا , فسأله والديه ماذا تريد أن منها ؟ فأجابهما , أحاول أن أصنع منها صحنا أقدمه لكم عندما أكبر . لدى سماعهما ما قاله أبنهما الصغير , أخذ الأبن وزوجته يبكيان وأتجها نحو الأب المسن و بكل رفق أخذاه من زاوية المطبخ , و أجلساه معهما على نفس المائدة ليأكلا سويــة . |
||||
05 - 06 - 2014, 02:56 PM | رقم المشاركة : ( 4456 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أكرم أباك وأمك مقدّمةيا معلم، ماذا أعمل…؟ ( متى 16:19 ) يا معلم، ماذا اعمل من صالح لأنال الحياة الأبدية؟ فقال له: " لماذا تسألني عن الصالح؟ إنّما الصالح واحد. فإذا أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا". قال له: " أيّ وصايا؟ فقال يسوع: "لا تقتل، لا تزنِ، لا تسرق، لا تشهد بالزور. أكرم أباك وأمّك". وأخيراً لخّص يسوع تلك الوصايا على نحو إيجابي: "أحبب قريبك حُبّك لنفسِكَ". لقد أعاد يسوع الوصايا العشر ولكنّه أظهر قوّة الروح القدس العاملة في حرفها. عندما يُطرح على يسوع السؤال: " ما هي الوصيّة الكبرى في الشريعة "( متى 36:22) يجيب يسوع: أحبب الربّ إلهك بكل قلبك وكلّ نفسك وكلّ ذهنك. تلك هي الوصيّة الكبرى والأولى. والثانية مثلها: أحبب قريبك حبّك لنفسِكَ. بهاتين الوصيّتين ترتبط الشريعة كلّها والأنبياء.(متى 37:22-40) فالوصايا العشر يجب أن تُشرح في ضوء هذه الوصيّة المزدوجة الواحدة، وصيّة المحبّة كمال الشريعة. فالمحبّة لا تصنع بالقريب شرّاً. فالمحبّة إذاً "كمال الشريعة "(رومة 10:13). الوصايا العشر في الكتاب المقدّس تعني كلمة " الوصايا العشر حرفياً " كلمات عشر" ( خروج 28:34)، (تث 13:4 ، 4:10) هذه الكلمات العشر أوصى بها الله إلى شعبه في الجبل المقدّس. لقد كتبها " بإصبعه " بخلاف الفرائض الأخرى التي كتبها موسى. إنّها كلمات الله بوجه ممتاز نقلت إلينا في سفر الخروج، وفي سفر تثنية الاشتراع. ولكن معناها الكامل إنما كشف عنه في العهد الجديد بيسوع المسيح. تفهّم الوصايا العشر أولاً في قرينة الخروج، الذي هو حدث الله التحريري الكبير وسط العهد القديم. وسواءً اتخذت صيغة فرائض سلبية ناهية أو صيغة وصايا إيجابية مثل: "أكرم أباك وأمّك" "كالكلمات العشر" تبين شروط حياة محررة من عبودية الخطيئة. الوصايا العشر هي طريق الحياة. وحدة الوصايا العشر تؤلّف الوصايا العشر كلاً لا يتجزّأ. وكلّ " كلمة" ترجع إلى كل واحدة أخرى وإليها جميعاً، وهي مترابطة بعضها ببعض واللوحان ينير أحدهما الآخر، وهما يؤلفان وحدة عضوية. ومخالفة أي وصية مخالفة لها كلّها. فلا يمكن إكرام الآخرين دون مباركة الله خالقهم ولا تمكن عبادة الله دون محبة جميع الناس خلائقه. إن الوصايا العشر توحّد حياة الإنسان اللاهوتية وحياته الاجتماعية. أكرم أباك وأمّك لكي يطول عمرك في الأرض التي يعطيك الربّ إلهك ( سفر الخروج 12:20). إن الله قد منحنا الوجود بواسطة والدينا وأشركهما بسلطانه علينا وأقامهما نوّاباً ووكلاء عنه يهتمّوا بأمورنا ويدرّبونا على حفظ وصاياه الإلهية، ويهدونا طريق السعادة السماوية. لذلك يأمرنا الله قائلاً: " أكرم أباك وأمّك بكلّ قبلك ولا تنسَ مخاض أمّك، أذكرْ أنّك بهما كُوّنت فماذا تجزيهما مكافأةً عمّا جعلا لك" (سي 28:7-30). فمن كرّم الوكيل فكأنّه كرّم الذي وكّله. فإذا كرّمنا والدينا نكون كرّمنا الله الذي وكّلهما علينا. معنى الوصيّة إنّ أوّل لوح من لوحي الوصايا العشر خاص بعلاقة الإنسان مع الله الذي يكشف ذاته للإنسان إلهاً أوحد، ويكشف اسمه للشعب، ويتجلى إله التحرير، ويُبرمُ عهداً صادقاً على الشعب الذي يتوجّب عليه أن يوليه ثقته ويكرّم اسمه ويحفظ السبت كعلامة للعهد الجديد والتحرير. واللوح الثاني من لوحي الوصايا العشر يوسّع نظرة العلاقة مع الله إلى علاقة الناس فيما بينهم وفي الحياة المشتركة وتبدأ العلاقة بالوصية التي تطلب إكرام الوالدين. إنّ الوصيّة الرابعة توحّد بين إجلال الله والإكرام الواجب للوالدين. لكنّها لا تساوي بينهما، وذلك يتطابق أيضاً مع المعنى الأصلي للوصيّة الرابعة التي تُستعمل في الكلام على احترام الوالدين اللفظة نفسها التي هي لإجلال الله. ففي العبريّة " الإجلال " يعني التسليم بأهمّية الشخص الخاصة به، واعتباره ذو أهمّية. ويعني ذلك في علاقة الإنسان بالله إعطاء الله الأهمّية التي تخصّه، والاعتراف بألوهيّته. وفي علاقة الأولاد بالوالدين، ذلك يعني إعطاء الوالدين الأهمّية التي تخصّ بهما في وصفهما كوالدين وإكرامهما أيضاً كأب وأمّ. أمّا لدى شعب الله في العهد القديم، فتقدم العلاقة بين إجلال الله والإكرام الواجب للوالدين، وبخاصّة الأب، على أنّ الوالدين مُلزمان بأن ينقلا للجيل اللاحق تعاليم تاريخ الله مع شعبه. فكان ينبغي أن يُحترم الوالدان احترام من أُوكل إليه أن يصون حيّة في الضمائر صنائع الله الباهرة ومسيرته مع الشعب نحو المصير الموعود. وفي العهد القديم لم يكن احترام الوالدين واعتبارهما صاحبي أهمّية يعني فقط احترامهما كأب وأمّ، بل كذلك النظر إليهما كناقلي الإيمان والوعد بالأرض. وعندما كان الجيل الجديد يحترم الوالدين من خلال هذا " القرب من الله " كلّ يشهد بذلك أنّه يحترم الله ذاته. والوصيّة الرابعة تقرن إلى تكريم الوالدين هذا وعداً بالبركة: " لكي تطول أيّامك وتصيب خيراً في الأرض التي يعطيك الربّ إلهك (تثنية الاشتراع 16:5 ، خروج 20-12). لقد ذكّر يسوع نفسه بقوّة وصيّة الله هذه. فقد قال موسى " اكرم أباك وأمّك " و " من لعن أباه وأمّه، فليمت موتاً "(مرقس 10:17). فالوصيّة الرابعة تتوجّه بوضوح إلى الأولاد في علاقتهم بأبيهم وأمّهم، لأنّه هذه العلاقة هي الأهمّ. وتعني أيضاً بعلاقة القرابة مع أعضاء الجماعة العائلية. وتقتضي بـتأدية الإكرام والمحبّة والاعتراف بالجميل للجدود والأقدمين. وتمتد أخيراً إلى واجبات التلاميذ تجاه المعلم والعاملين تجاه ربّ العمل، والمرؤوسين تجاه رؤسائهم، والمواطنين تجاه وطنهم، ومن يديرونه ويحكمونه. وتقتضي هذه الوصيّة وتتناول ضمناً واجبات الوالدين والأوصياء، والمعلمين، والرؤساء والقضاة والحكّام، وكلّ الذين يمارسون سلطة على الآخرين أو على جماعة من الأشخاص ( ت م ك 2199) وهكذا تصبح الوصيّة الرابعة أحد أسس تعليم الكنيسة الاجتماعي، كما ينوّه بذلك كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية ( ت م ك 2198 ) وتطرح علينا مسألة أن نعرف اليوم كيف يجب أن ننظر إلى الأسرة والجماعة الكنسية وكلّ الذين يمارسون سلطة شرعية على الآخرين. واجبات الإنسان العائلية 1-واجبات الأولاد لوالديهم: "وكان خاضعاً لهما" (لوقا 51:2). يظهر الاحترام بالبنوي بالطواعية والطاعة الحقيقيتين. "إرعَ يا بنيّ وصيّة أبيك ولا ترفض شريعة أمّك (…). هما يهديانك في سيرك ويحافظان عليك في رقادك، وإذا استيقضت، فهما يحدّثانك" (أم 20:6-22). "الابن الحكيم يسمع تأديب أبيه، وأمّا الساخر فلا يسمع التوبيخ"(أم 1:13). (ت م ك 2216). على الأولاد، بحكم الحنو البنوي أن يحترموا والديهم وأن يحبّوهم ويطيعوهم. ويقوم بواجب الاحترام هذا من يكنّ لوالديه الاعتبار الباطني ويعبّر لهما عنه في تصرّفاته الخارجية منهما ويخالفه وبالتالي يخطأ من احتقرهما ووجه إليهما كلاماً مهيناً أو وقف منهما موقفاً يذلّهما أو يسبّب ضرراً لهما أو يستحي بهما أو ينكرهما لرقة حالهما… والمحبّة يجب أن تكون في العواطف والعمل وعليه قد خالف واجب محبّة الوالدين من أبغضهم أو دعى عليهم، أو عاملهم بما يجرحهم أو يسبّب لهم كرباً أو أهمل الصلاة لأجلهم أو مساعدتهم في حياتهم الروحية والزمنية. 2-واجبات الوالدين لأولادهم: على الوالدين أن يحبّوا أولادهم، وهذا أوّل واجباتهم وأساسها وعنه تصدر جميع الواجبات الأخرى. وعليهم أن يحافظوا على حياتهم وصحتهم ونموّهم. والتربية حقّ طبيعي من حقوق الوالدين وليس لأحد أن يحرمهم إيّاها وهي أيضاً من واجباتهم. فعليهم أن يعلّموا أولادهم العلوم والثقافات وأن يعوّدوهم، من الصغر، على العمل والنشاط. وأن يراعوا قبل كلّ شيء خيرهم الأدبي والديني فيعطوهم المثل الصالح ويؤدّبوهم ويسهروا على سلوكهم ويربّوهم تربية مسيحية صالحة. كما على الأهل الذين يفوّضون إلى أساتذة ومربّين بعض سلطانهم الوالدي لتربية أولادهم أن يبيّنوا لأولادهم أنّه هناك واجبات عليهم تجاه أساتذتهم تشبه في بعض النقاط ما بين الوالدين والأولاد من واجبات متبادلة. فعلى الأولاد أن يحترموا أساتذتهم ويحبّوهم ويسمعوا لهم في كلّ ما يتعلّق بالدروس والآداب. وعلى الأساتذة بحكم فضيلتي العدل والمحبّة أن يعلّموا الأولاد التعليم الموافق وأن يربّوهم تربيةً صالحة. 3- واجبات الزوجين المتبادلة من الواجبات الزوجية ما يقع على عاتق الزوجين معاً ومنها ما يقع على عاتق الزوج، ومنها ما يقع على عاتق الزوجة. فعلى الزوجين أن يتبادلا المحبّة والمساعدة والواجب الزوجي والأمانة الزوجية وأن يحافظا على وحدة الحياة المشتركة. من واجبات الزوج الرئيسية أن يهتمّ بإدارة البيت والعائلة وتدبير القوت والكسوة والسكن لها وهو يخطأ إذا لم يضمن للزوجة والأولاد حياة لائقة. وعلى الزوجة بصفتها رفيقة لزوجها أن تهتمّ بإدارة البيت تحت سلطته. وتخطأ إن أهملت الأشغال البيتية، أو أنفقت المال المشترك بإسراف غير معهود وأهملت تربية أولادها والاهتمام بإدارة منـزلها. الحياة المسيحية في الأسرة 1- الأسرة مكان حفاوة وإيمان : إنّ كلّ ما يختصّ بالشخص البشري وعلاقاته الشخصية اليوم، هو على وجه العموم، موضوع تقدير كبير. والأسرة والحياة العائلية تفيدان أيضاً من هذا التقدير. فالأجيال الجديدة ترى في الأسرة مكاناً أصيلاً لاختيار بذل التضحية والحفاوة والمحبّة والفرح. فالولد يكتسب في الأسرة بالنسبة إلى الحياة تلك الثقة الأساسية التي تمكّن الإنسان من اكتشاف نفسه وبذل ذاته والذي لم يختبر الثقة ليس بإمكانه أن يثق بدوره، ويكون من الصعب عليه أن يركن إلى آخرين. ولا شيء يحلّ البيئة العائلية وما توفّره من خبرة في هذا الموضوع: فالأولاد يحتاجون إلى عائلة، في حضنها يقومون مع إخوتهم وأخواتهم وهم مغمورون بعطف والديهم، بالتدريب على تصرّفات اجتماعية لا غنى عنها في نضوجهم. وعندما ينعدم أمان الأٍسرة، تتعرّض علاقة الأولاد بيئتهم الحياتية لخطر الانفصام. وفي وسط الأسرة يُربّى الأولاد على التأثّر بالقيم والقدوات وبالوهن والخطأ، وبآراء مختلفة ومنازعات، كلّها عوامل نمو ونضوج. كما أنّ مثل الوالدين يتيح لهم اكتشاف التعابير الحسّية للمحبّة وتقاسم الأعباء. ونوع العلاقة بين الوالدين يُسهم في تكييف موقف الأولاد من الجنس والحبّ والإخلاص و الثقة. وفشل زواج الوالدين يؤثّر أكثر من أي خطأ آخر على موقف الأولاد من الحياة. 2-الأسرة مكان تربية وتثقيف تتطلّب وظيفة الأهل أن يتعرّفوا إلى ما في الحياة من علاقات ويدركوا ما عهد له إليهم من قيم وأنظمة للحياة. وفي ارتباطهم بمؤسسات تربوية وتثقيفية أخرى، يحقّ لها كما يجب عليها، أن تربّي الأولاد والشباب من أجل تأهيلهم لكي ينهضوا بأعبائهم في الأسرة والمجتمع والكنيسة. 3-الأسرة كنيسة منزليّة منذ العصور الأولى، تولي الكنيسة أهمّية كبرى للكرازة المتعلّقة بالأسرة المسيحية. فها هو القديس يوحنا الذهبي الفم، منذ أواخر القرن الرابع، يدعو الأسرة" كنيسة "، كما تصف، اليوم أيضاً، وثائق الكنسيّة الأسرة المسيحية " بالكنيسة المنزلية" (ك11)، أو" بمعهد الكنيسة البيتي "(ر ع 11) أو " بالكنيسة المصغّرة " ( ش ع 49). إنّها، بنوع خاصّ صورة وتحقيق " للوحدة التي تربط المؤمنين بالمسيح، وتجمعهم بعضهم إلى بعض، في وحدة كنيسة الله "(ش ع 21). فالكنيسة الشاملة والكنيسة المنزلية مرتبطتان ارتباطاً وثيقاً إحداهما بالأخرى، وتقوم بين الاثنتين علاقة تنشيط وإخصاب متبادلين. وللكنيسة رسالة، بالنسبة إلى كلّ البشر بما في ذلك الأسرة. فالكنيسة تتيح لها أن تكون متحدة مع يسوع المسيح، وتمنحها توجيهاً مسيحياً: - الكنيسة، بإعلان كلمة الله، تكشف للأسرة ما هي، وما يجب أن تكون، وفقاً لتصميم الربّ. - والكنيسة، بالاحتفال بالأسرار، تُغني الأسرة وتثبّتُها بنعمة المسيح، كي تصيرَ مقدّسة، من أجل مجد الله. - وتعيش الأسرة المسيحية اتّحادها بالله في الاحتفال بالأسرار وفي الصلاة المشتركة. فعليها أن تتّصل باستمرار بجذورها الدينية. فهذه قد أعطيت لها بالمعمودية والتثبيت وهي تحدّد وتنعش في الاحتفال بالإفخارستيّا وفي قبول سرّ المصالحة. كما تقع مسؤولية خاصّة على الأسرة، في ما يخصّ التحضير لهذه الأسرار وقبولها، ومواكبة الأولاد والشباب في ممارستهم للأسرار وتعميقها فيهم. وكثيراً ما تأخذ مجموعات أسرية على عاتقها التحضير لسرّ التثبيت أو يكون لآباء وأمّهات نشاط في التعليم المسيحي. ومن المهمّ أيضاً لحياة الأسرة أن تواكب الأزمنة المختلفة للسنة الليترجية. فالعادات المترسّخة تعمّق الإيمان وتقوّيه. - وعلى الأسرة المسيحية أن تشهد لإيمانها. والزوجان يدعمُ أحدهما الآخر في الإيمان وينقلانه إلى أبنائهما، لا بالكلمات، في أوّل الأمر، بل بالعيش بمقتضى الإنجيل وتفعيله في حياة الأسرة. إنّ الأسرة التي تعي هذه الرسالة يعطي كلّ أعضائها بعضهم بعضاً شهادة الإنجيل. فالوالدان ينقلان هذه الشهادة إلى الأولاد، ويمكنهما أن يتلقّياها بدورهما، منهم إنجيلياً حيّاً. وهكذا تغدو الأسرة أيضاً مبشّرة بالنسبة إلى أسر أخرى وغلى البيئة التي تحيا فيها ( إ إ 71). تتوجّب مهمّة الكرازة هذه أيضاً على الأسر المبنيّة على الزواج الديني المختلط. وعليها تقع مهمّة السعي في اتّجاه الوحدة في الإيمان. ولذا تحتاج الأسرة إلى النصح والرعاية من قبل رعاة يعلّمونها الإيمان ويبشّرونها برسالة الكنيسة الأخلاقية. إلاّ أنّ الأسر نفسها بإمكانها أن تتعاون وتتبادل النصح، من خلال مجموعات أُسر أو أصدقاء، كما في وسط الرعيّة. وذلك ضروريّ خصوصاً " حيث الكفر المنتشر أو النزعة الدنيوية الطاغية يحولان، عملياً، دون نموّ ديني حقيقي " ( ش ع 52). وفي هكذا مواقف، غالباً ما تكون الكنيسة المنزلية المكان الوحيد حيث يُلقّن الأولاد والشبّان الإيمان ويختبرون حياة الإيمان. على الأسرة المسيحية أن تكون مستعدّة لخدمة المحبّة لدى القريب. فدعوتها إلى الشهادة لمحبّة يسوع المسيح تتكفّل بها الأسرة بصورة مُقنعة، عندما تحتفي بالقريب، وتعتني بالمرضى والمسنين، وتمارس أعمال الرحمة. على الأسرة المسيحية أن تحيا بمقتضى الشريعة الجديدة، شريعة المحبّة، أن تكون مستعدّة لاستقبال جميع الناس واحترامهم ومساعدتهم. عليه أن توقّر كلّ إنسان في كرامته كشخص وكابن لله. - الأسرة هي حيّز حياتيّ، يمكن أن تكون حيّة فيه، باسم يسوع المسيح، تلك الوحدة التي تجعله حاضراً في وسطنا (رَ:متى 20:18). وبهذا بالذات تصير كنيسة منـزلية مرئيّة وفاعلة. من حياة الأسرة يمكن للكنيسة ويجب عليها أن تكتسب المقاييس التي تُظهرها هي نفسها "أسرة الله". عليها أن تتّسم ببُعد بيتي وعائليّ، وتسعى إلى نمط حياة أكثر إنسانية وأخوّة. إنّ للأسرة المسيحية أهمّية يتعذّر استبدالها، بالنسبة إلى الكنيسة. فهي، ك " كنيسة منزلية " تُسهم بإيمانها وصلاتها وتصرّفها، في وسط الجماعة الكنسيّة والكنيسة الشاملة وفي الوقت عينه تُشعّ في العالم. واجبات الإنسان الوطنية 1- واجبات السلطة المدنية على السلطة المدنية واجب رئيسي وهو أن تسعى للخير العام، فتستعمل كل قواها لإبعاد الشرّ عن المواطنين وتشجيع الخير، وحماية الدين والآداب، وتوزيع الحقوق والواجبات بالعدل والإنصاف وتطبيق القوانين دون محاباة، وتقليد الوظائف الرسمية من هو أهل لها فقط. 2- واجبات المواطنين على المواطنين أن يحبّوا وطنهم إذ أنّهم مدينون له بالحماية ونموّ المنافع المشتركة المتوارثة عن الجدود، فيعملوا في سبيل حلول الوئام بين أبنائه. وعليهم أيضاً احترام السلطة. وأن يخلصوا لها وأن يخضعوا للقوانين بوجه عام. هكذا يوضح لنا القديس بولس سرّ الطاعة كما يبزغ في كل ضمير مستقيم، إذ يكتب إلى الرومانيين: " ليخضع كل امرئ للسلطات التي بأيديها الأمر، فلا سلطة إلا من عند الله، والسلطات القائمة هو الذي أقامها. فمن عارض السلطة قاوم النظام الذي أراده الله. والمقاومون يجلبون الحكم على أنفسهم. فلا خوف من الرؤساء عندما يفعل الخير، بل عندما يفعل الشرّ. أتريد ألاّ تخاف السلطة؟ إفعل الخير تنل ثناءها، فإنّها في خدمة الله في سبيل خيرك. ولكن خفْ إذا فعلت الشرّ، فإنّها لم تتقلّد السيف عبثاً، لأنّها في خدمة الله كما تنتقم لغضبه من فاعل الشرّ. ولذلك لا بدّ من الخضوع، لا خوفاً من الغضب فقط، بل مراعاة للضمير أيضاً " (رومة 13/1-5). هكذا يعتبر القديس بولس أن " الخضوع للسلطات" هو عمل " صالح" بالتالي من الضروري أن نخضع " بدافع ضميري". خاتمة الوصايا العشر تعبّر عن واجبات الإنسان الأساسية تجاه الله وتجاه قريبه. فهي تبيّن في مضمونها الأوّلي واجبات خطيرة. إنّها في جوهرها لا تقبل التغيير، وإلزامها ثابت أبداً وفي كلّ مكان. وليس في استطاعة أحدٍ أن يعفي منها. لقد حفر الله الوصايا العشر في قلب كلّ كائنٍ بشريّ. وعلى المسيحيين واجب شكر خاصّ لمن تقبّلوا منهم عطيّة الإيمان، ونعمة المعمودية والحياة في الكنيسة. وقد يتعلّق الأمر بالوالدين، أو بآخرين من أعضاء الأسرة، أو بالجدود، أو الرعاة، أو بمعلّمي الدين أو بمعلّمين آخرين وأصدقاء. " أيّها لأبنـاء، أطيعوا والديكم في الربّ، فذلك عدل. أكرم أباك وأمّـــك". (أفسس 6/1-2). المراجع - التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية - الخلقية نؤمن- منشورات معهد الليترجية في جامعة الروح القدس – لبنان 1993 - مختصر اللاهوت الأدبي الكاثوليكي –منشورات الرابطة الكهنوتية – لبنان 1980 - رسالة الأسرة المسيحية في عالم اليوم – قداسة البابا يوحنّا بولس الثاني – الفاتيكان 1981 - اثبات العقائد الدينية – الأب ميخائيل صافي بيروت 1996 عن موقع القديسة تريزا: جمعية التعليم المسيحي بحلب |
||||
05 - 06 - 2014, 02:57 PM | رقم المشاركة : ( 4457 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بقلم: الأب د. أنطون فرنسيس "أكرم أباك وأمك ..." ( تث 16:5) وصايا عن العلاقة مع الغير في شخصه تنعكس علاقتنا بالله على علاقتنا بالغير وتوجهها. ومن الوصية الرابعة تبدأ الوصايا عن العلاقة بالغير. وتنظم المجموعة الأولى منها العلاقة مع شخص القريب. وتشمل: الوصية الرابعة- والخامسة والثامنة- والسادسة والتاسعة. أما المجموعة الثانية فتنظم العلاقة بممتلكات الغير، وتشمل الوصية السابعة والعاشرة. الارتباط بالوصية الأولى الأساسية: ترتبط الوصية الرابعة بالوصية الأولى والأساسية. فهي إقرار إيماني بأن الله هو وحده الخالق، الذي أعطى قوة نقل الحياة للإنسان، عن طريق الوالدين. هنا تظهر أهمية ومكانة الأب والأم، وواجب محبتهما واحترامهما. الحياة هي إذن عطية ونعمة من الله، ينقلها الوالدان للأبناء. يمثل الوالدان إذن حضور الله للأبناء. وفي علاقة الحب بين الوالدين، المؤسسة على الله، ينال الأبناء الكثير من الكيان والخير الشخصي: الاسم- المواهب الوراثية- التربية والصفات المكتسبة...إلخ. 1) ما تأمر به الوصية الرابعة: "أكرم أباك وأمك" (تث 14:5) تأمر الوصية بإكرام الوالدين والإكرام ينبع من الحب، فالحب هو أول إكرام للوالدين، ويلزم احترامهما وطاعتهما، ولكن الإكرام لا يعن العبادة... لذلك تأتي طاعة الله قبل طاعة البشر حتى ولو كانا الوالدين: "يجب أن نطيع الله لا الناس" (أعمال 29:5). ويكون إكرام الوالدين بتقدير دورهما ورسالتهما، والتضحيات العديدة التي يقدمونها لأجلنا، منذ ميلادنا ومدى الحياة. فلا مثيل لما يقدمه الأب والأم من تضحيات. وتنتج عن هذه الوصية واجبات مزدوجة: 1- واجبات الأبناء نحو والديهم. 2- واجبات الوالدين نحو أبنائهم. واجبات الأبناء نحو والديهم: 1- الاحترام: يجب أن يكون احترام الوالدين احتراماً باطنياً قلبياً. يلزم أن احترم وأقدر دورهما ورسالتهما فهما سبب وجودي البشري في الحياة. ويجب أن أعبر عن هذا الاحترام في معاملاتي الخارجية. وهذا الاحترام واجب في جميع الحالات، سواء كان الوالدان فقراء أم أغنياء، متعلمين أم أميين. ويجب أن يظهر بالأخص في حالة المرض والشيخوخة والإعاقة، وفي الضيق والألم. وبقدر ما أعيش البعد الباطني والروحي للوصايا في علاقة شخصية مع الله بقدر ما أكون عاملاً بكلمة الله لا سامعاً لها فقط. 2- الحب: صحيح أنه يجب علينا أن نحب كل إنسان. ولكن يجب أن تكون للوالدين محبة خاصة. ويجب أن نترجم هذا الحب بطريقة عملية. حب الأبناء لوالديهم جواب على حب الوالدين لأبنائهم. الوالدون هم الوحيدون الذين يتمنون أن يكون أولادهم أفضل منهم. أما الإخوة فكثيراً ما يتصارعون للحصول على أفضل المراكز وأغناها. ونترجم حبنا للوالدين عملياً بالإكرام، والخدمة، والمساعدة المادية. حقاً إنهم ينتظرون منا الحب قبل المال. ولكن العواطف والكلام لا تكفي. ويجب أن نشعرهم أن مساعدتنا لهم، إنما هي تعبير عن عرفاننا بالجميل نحوهم. 3- الطاعة: يستخدم البعض ما يقوله الكتاب استخداماً خاطئاً : "يجب أن نطيع الله لا الناس " (أعمال 29:5) فلا يراعون احترام الوالدين، وطاعتهما، والاهتمام بهما، بحجة الاهتمام أولاً بأمور الله والدين والكنيسة. لذلك حارب المسيح تعليم الفريسيين الخاطئ في تفسير الوصية الرابعة. فوبخهم قائلاً: "لما تخالفون أنتم وصية الله من أجل تقاليدكم؟ قال الله: أكرم أباك وأمك، ومن لعن أباه أو أمه فموتاً يموت. وأما أنتم فتقولون: من كان عنده ما يساعد به أباه أو أمه، وقال لهما: هذا تقدمة لله ، فلا يلزمه أن يكرم أباه أو أمـــه. وهكذا أبطلتـم كــلام الله من أجل تقاليدكم" (متى 3:15-6). وهكذا يرتفع المسيح إلى روح الوصية. ومنه ينبع الاحترام، والسلوك العملي الصحيح، النابع من الحب، والظاهر في الاحترام، والطاعة، والمساعدة. كما يقدم لنا الإنجيل يسوع نفسه مثالاً لطاعة الوالدين: "ورجع يسوع معهما إلى الناصرة.وكان مطيعاً لهما" (لوقا 51:2). والطاعة للوالدين واجبة. لما لهما أيضاً من حكمة وخبرة في الحياة. فهذه لا يمكن اكتسابها بالدراسة النظرية فقط، إنما بالمعايشة الإنسانية. لننال تربية مسيحية فاضلة، يجب أن نطيع الوالدين، حتى وإن كانوا متشددين ويجب أن نحترم هذا التشدد، لأنه لأجل صالحنا ولمنفعتنا. لأن هدف الوالدين هو أن نكون صالحين وناجحين وسعداء، بل أن نكون أفضل منهم . فلا يجب اتهامهم بأنهم غير عصريين . بل علينا أن نرى البعد الإيجابي في نصائحهم وتعاليمهم... ويوصي بولس الرسول: "أيها الأبناء، أطيعوا والديكم في الرب ، فهذا عين الصواب ، أكرم أباك وأمك " (أفسس 1:6-2). والطاعة للوالدين لا تلغي الشخصية الذاتية الإنسانية والروحية. وهذه بدورها لا تعني الانفصال عن الوالدين، أو الرفض والتمرد... الشخصية الذاتية هي أن أعرف مشروع الله لي، وأسعى لتحقيقه، بمعونة الوالدين والمربين والمرشدين الروحيين، حتى أصبح شاهداً لله. ومن خلال مسيرة النضج النفسي والروحي تتكون الشخصية الناضجة المستقلة القادرة على اتخاذ قرارات حرة وصحيحة. فلكل شخص الحق في تحديد مسيرته الخاصة: الدراسة، المهنة، شريك (ة) الحياة أو تكريس الحياة كاملة للرب. وذلك عن طريق اختيار حر، واعٍ ومسئول. ومتى كانت الشخصية ناضجة وواعية يمكن للشخص أن يقنع والديه باختياره الصحيح، بطريقة تحفظ لهما كرامتهما، ولا تجرح مشاعرهما. وتوجد مواقف تتطلب أن نطيع فيها الله لا الوالدين. ويخبرنا الإنجيل أن يسوع، الذي كان طائعاً لوالديه، أجابهما عندما وجداه في الهيكل: "أما تعرفان أنه يجب أن أكون فيما بعد لأبي؟" (لوقا 49:2)... هكذا مثلاً إذا كان الأمر يتعلق بجوابي على دعوة الله الخاصة لي، للكهنوت أو الرهبنة أو التكريس الكامل، أو الزواج هذه كلها دعوات من الله. فيجب أن أحترم الله، وأطيعه، وأنفذ ما يريده لي، حتى إذا لم يكن الأهل موافقين وعملياً نادراً ما تحدث مثل هذه الحالة. ولا أستطيع أن أقررها باطمئنان الضمير، إلا بالصلاة واستشارة مرشد روحي حكيم. واجبات الوالدين نحو أبنائهم يوصي بولس الرسول الوالدين قائلاً: "وأنتم أيها الآباء، لا تثيروا غضب أبنائكم، بل ربوهم حسب وصايا الرب وتأديبه" (أفسس 4:6). وتلخص واجبات الوالدين في الحب والتربية. 1- التربية: الأولاد أهم وأثمن وزنة أعطاها الله للوالدين. فيجب عليهم أن يبذلوا كل جهد وتضحية، لتربح هذه الوزنة ما يريده لها الله. على الوالدين أن يربوا أولادهم أولاً بالمثل الصالح، وليس بالكلام. وفي اشتراك الأب والأم في تربية الأبناء، يلزم الحزم لا القسوة. لأن الحزم المؤسس على الحب، يضمن تربية صالحة. 2- الحب: حب الوالدين للأبناء، صورة وامتداد لحب الله لهم. وأساس هذا الحب هو إدراك أنهما شركاء الله في نقل الحياة للطفل ، ويمثل الطفل بدوره حضور المسيح وسط الأسرة. الحب هو أساس وسبب كل تضحيات الأهل لأبنائهم. إنما لابد أن يكون حباً تربوياً، أي حكيماً وحازماً، يهدف إلى بناء شخصية إنسانية وروحية صحيحة وقوية. وبالتالي يلزم تجنب القساوة أو التراخي. فبالحب وحده يشعر الأبناء بمكانتهم لدى والديهم، فيطيعونهما، ويبادلونهما حباً بحب. ممارسات خاطئة للوصية الرابعة. يؤدي الفهم الخاطئ لهذه الوصية إلى ممارسات خاطئة، كالانقيادية وصراع الأجيال. 1- الانقيادية: يوجد من يسلم ذاته لوالديه تسليماً مطلقاً، دون أن يعمل على أن يكوّن لنفسه شخصية حرة مستقلة وواعية. مثل هذا الشخص لا يعرف أن يأخذ قرار يخص حياته مثل اختيار شريك (ة) الحياة، أو تقرير أي أمر حتى في التعامل مع شريك (ة) الحياة. والنتيجة أنه لا يكون على مستوى المسئولية. هذا الانقياد الأعمى تفسير وممارسة خاطئة للوصية الرابعة. 2- صراع الأجيال: وهناك دائماً مشكلة صراع الأجيال، أي الوالدين والأبناء. لكل منهم عقلية، وعادات وتقاليد، وأفكار مختلفة، حتى في مبادئ وأسلوب التعامل والتربية . وكثيراً ما نسمع عن المشاكل الناتجة من اختلاف التفكير بين الآباء والأبناء. على الأبناء هنا أن يعيشوا روح الوصية، في إيمان ورجاء ومحبة، للانفتاح على كل ما عند الوالدين من أمور واعتبارات إيجابية. وبذلك يمكن للأبناء أن يراعوا دائماً الاحترام والطاعة لوالديهم، عن إكرام وحب. توجد حكمة صينية عظيمة تقول : " إن لم أستطع أن أكون جسراً بين أبي وولدي ، فسأكون حفرة تبتلع خبرة أبي وشباب ولدي " . وهذا يجعلنا نفكر بطريقة جديدة في الاستعداد للمستقبل، ونتساءل: هل سيعاني أولادنا ما نعانيه نحن؟ وماذا أعمل في تربية أولادي لأمنع ذلك؟ الوصية الرابعة تدعونا أن نكون جسراً قوياً لبناء مستقبل أفضل ، لأبنائنا ، ولملكوت الله . هكذا نكون رسلاً وشهوداً حقيقيين ، في الوسط الذي نعيش فيه. |
||||
05 - 06 - 2014, 02:58 PM | رقم المشاركة : ( 4458 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وصـايا الله العشر: الوصية الرابعة بقلم: الأب أوغسطينوس كوسا أكرم أباك وأمك يا معلم، ماذا أعمل…؟ ( متى 16:19 ) يا معلم، ماذا اعمل من صالح لأنال الحياة الأبدية؟ فقال له: " لماذا تسألني عن الصالح؟ إنّما الصالح واحد. فإذا أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا". قال له: " أيّ وصايا؟ فقال يسوع: "لا تقتل، لا تزنِ، لا تسرق، لا تشهد بالزور. أكرم أباك وأمّك". وأخيراً لخّص يسوع تلك الوصايا على نحو إيجابي: "أحبب قريبك حُبّك لنفسِكَ". لقد أعاد يسوع الوصايا العشر ولكنّه أظهر قوّة الروح القدس العاملة في حرفها. عندما يُطرح على يسوع السؤال: " ما هي الوصيّة الكبرى في الشريعة "( متى 36:22) يجيب يسوع: أحبب الربّ إلهك بكل قلبك وكلّ نفسك وكلّ ذهنك. تلك هي الوصيّة الكبرى والأولى. والثانية مثلها: أحبب قريبك حبّك لنفسِكَ. بهاتين الوصيّتين ترتبط الشريعة كلّها والأنبياء.(متى 37:22-40) فالوصايا العشر يجب أن تُشرح في ضوء هذه الوصيّة المزدوجة الواحدة، وصيّة المحبّة كمال الشريعة. فالمحبّة لا تصنع بالقريب شرّاً. فالمحبّة إذاً "كمال الشريعة "(رومة 10:13). الوصايا العشر في الكتاب المقدّس تعني كلمة " الوصايا العشر حرفياً " كلمات عشر" ( خروج 28:34)، (تث 13:4 ، 4:10) هذه الكلمات العشر أوصى بها الله إلى شعبه في الجبل المقدّس. لقد كتبها " بإصبعه " بخلاف الفرائض الأخرى التي كتبها موسى. إنّها كلمات الله بوجه ممتاز نقلت إلينا في سفر الخروج، وفي سفر تثنية الاشتراع. ولكن معناها الكامل إنما كشف عنه في العهد الجديد بيسوع المسيح. تفهّم الوصايا العشر أولاً في قرينة الخروج، الذي هو حدث الله التحريري الكبير وسط العهد القديم. وسواءً اتخذت صيغة فرائض سلبية ناهية أو صيغة وصايا إيجابية مثل: "أكرم أباك وأمّك" "كالكلمات العشر" تبين شروط حياة محررة من عبودية الخطيئة. الوصايا العشر هي طريق الحياة. وحدة الوصايا العشر تؤلّف الوصايا العشر كلاً لا يتجزّأ. وكلّ " كلمة" ترجع إلى كل واحدة أخرى وإليها جميعاً، وهي مترابطة بعضها ببعض واللوحان ينير أحدهما الآخر، وهما يؤلفان وحدة عضوية. ومخالفة أي وصية مخالفة لها كلّها. فلا يمكن إكرام الآخرين دون مباركة الله خالقهم ولا تمكن عبادة الله دون محبة جميع الناس خلائقه. إن الوصايا العشر توحّد حياة الإنسان اللاهوتية وحياته الاجتماعية. أكرم أباك وأمّك لكي يطول عمرك في الأرض التي يعطيك الربّ إلهك ( سفر الخروج 12:20). إن الله قد منحنا الوجود بواسطة والدينا وأشركهما بسلطانه علينا وأقامهما نوّاباً ووكلاء عنه يهتمّوا بأمورنا ويدرّبونا على حفظ وصاياه الإلهية، ويهدونا طريق السعادة السماوية. لذلك يأمرنا الله قائلاً: " أكرم أباك وأمّك بكلّ قبلك ولا تنسَ مخاض أمّك، أذكرْ أنّك بهما كُوّنت فماذا تجزيهما مكافأةً عمّا جعلا لك" (سي 28:7-30). فمن كرّم الوكيل فكأنّه كرّم الذي وكّله. فإذا كرّمنا والدينا نكون كرّمنا الله الذي وكّلهما علينا. معنى الوصيّة إنّ أوّل لوح من لوحي الوصايا العشر خاص بعلاقة الإنسان مع الله الذي يكشف ذاته للإنسان إلهاً أوحد، ويكشف اسمه للشعب، ويتجلى إله التحرير، ويُبرمُ عهداً صادقاً على الشعب الذي يتوجّب عليه أن يوليه ثقته ويكرّم اسمه ويحفظ السبت كعلامة للعهد الجديد والتحرير. واللوح الثاني من لوحي الوصايا العشر يوسّع نظرة العلاقة مع الله إلى علاقة الناس فيما بينهم وفي الحياة المشتركة وتبدأ العلاقة بالوصية التي تطلب إكرام الوالدين. إنّ الوصيّة الرابعة توحّد بين إجلال الله والإكرام الواجب للوالدين. لكنّها لا تساوي بينهما، وذلك يتطابق أيضاً مع المعنى الأصلي للوصيّة الرابعة التي تُستعمل في الكلام على احترام الوالدين اللفظة نفسها التي هي لإجلال الله. ففي العبريّة " الإجلال " يعني التسليم بأهمّية الشخص الخاصة به، واعتباره ذو أهمّية. ويعني ذلك في علاقة الإنسان بالله إعطاء الله الأهمّية التي تخصّه، والاعتراف بألوهيّته. وفي علاقة الأولاد بالوالدين، ذلك يعني إعطاء الوالدين الأهمّية التي تخصّ بهما في وصفهما كوالدين وإكرامهما أيضاً كأب وأمّ. أمّا لدى شعب الله في العهد القديم، فتقدم العلاقة بين إجلال الله والإكرام الواجب للوالدين، وبخاصّة الأب، على أنّ الوالدين مُلزمان بأن ينقلا للجيل اللاحق تعاليم تاريخ الله مع شعبه. فكان ينبغي أن يُحترم الوالدان احترام من أُوكل إليه أن يصون حيّة في الضمائر صنائع الله الباهرة ومسيرته مع الشعب نحو المصير الموعود. وفي العهد القديم لم يكن احترام الوالدين واعتبارهما صاحبي أهمّية يعني فقط احترامهما كأب وأمّ، بل كذلك النظر إليهما كناقلي الإيمان والوعد بالأرض. وعندما كان الجيل الجديد يحترم الوالدين من خلال هذا " القرب من الله " كلّ يشهد بذلك أنّه يحترم الله ذاته. والوصيّة الرابعة تقرن إلى تكريم الوالدين هذا وعداً بالبركة: " لكي تطول أيّامك وتصيب خيراً في الأرض التي يعطيك الربّ إلهك (تثنية الاشتراع 16:5 ، خروج 20-12). لقد ذكّر يسوع نفسه بقوّة وصيّة الله هذه. فقد قال موسى " اكرم أباك وأمّك " و " من لعن أباه وأمّه، فليمت موتاً "(مرقس 10:17). فالوصيّة الرابعة تتوجّه بوضوح إلى الأولاد في علاقتهم بأبيهم وأمّهم، لأنّه هذه العلاقة هي الأهمّ. وتعني أيضاً بعلاقة القرابة مع أعضاء الجماعة العائلية. وتقتضي بـتأدية الإكرام والمحبّة والاعتراف بالجميل للجدود والأقدمين. وتمتد أخيراً إلى واجبات التلاميذ تجاه المعلم والعاملين تجاه ربّ العمل، والمرؤوسين تجاه رؤسائهم، والمواطنين تجاه وطنهم، ومن يديرونه ويحكمونه. وتقتضي هذه الوصيّة وتتناول ضمناً واجبات الوالدين والأوصياء، والمعلمين، والرؤساء والقضاة والحكّام، وكلّ الذين يمارسون سلطة على الآخرين أو على جماعة من الأشخاص ( ت م ك 2199) وهكذا تصبح الوصيّة الرابعة أحد أسس تعليم الكنيسة الاجتماعي، كما ينوّه بذلك كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية ( ت م ك 2198 ) وتطرح علينا مسألة أن نعرف اليوم كيف يجب أن ننظر إلى الأسرة والجماعة الكنسية وكلّ الذين يمارسون سلطة شرعية على الآخرين. واجبات الإنسان العائلية 1-واجبات الأولاد لوالديهم: "وكان خاضعاً لهما" (لوقا 51:2). يظهر الاحترام بالبنوي بالطواعية والطاعة الحقيقيتين. "إرعَ يا بنيّ وصيّة أبيك ولا ترفض شريعة أمّك (…). هما يهديانك في سيرك ويحافظان عليك في رقادك، وإذا استيقضت، فهما يحدّثانك" (أم 20:6-22). "الابن الحكيم يسمع تأديب أبيه، وأمّا الساخر فلا يسمع التوبيخ"(أم 1:13). (ت م ك 2216). على الأولاد، بحكم الحنو البنوي أن يحترموا والديهم وأن يحبّوهم ويطيعوهم. ويقوم بواجب الاحترام هذا من يكنّ لوالديه الاعتبار الباطني ويعبّر لهما عنه في تصرّفاته الخارجية منهما ويخالفه وبالتالي يخطأ من احتقرهما ووجه إليهما كلاماً مهيناً أو وقف منهما موقفاً يذلّهما أو يسبّب ضرراً لهما أو يستحي بهما أو ينكرهما لرقة حالهما… والمحبّة يجب أن تكون في العواطف والعمل وعليه قد خالف واجب محبّة الوالدين من أبغضهم أو دعى عليهم، أو عاملهم بما يجرحهم أو يسبّب لهم كرباً أو أهمل الصلاة لأجلهم أو مساعدتهم في حياتهم الروحية والزمنية. 2-واجبات الوالدين لأولادهم: على الوالدين أن يحبّوا أولادهم، وهذا أوّل واجباتهم وأساسها وعنه تصدر جميع الواجبات الأخرى. وعليهم أن يحافظوا على حياتهم وصحتهم ونموّهم. والتربية حقّ طبيعي من حقوق الوالدين وليس لأحد أن يحرمهم إيّاها وهي أيضاً من واجباتهم. فعليهم أن يعلّموا أولادهم العلوم والثقافات وأن يعوّدوهم، من الصغر، على العمل والنشاط. وأن يراعوا قبل كلّ شيء خيرهم الأدبي والديني فيعطوهم المثل الصالح ويؤدّبوهم ويسهروا على سلوكهم ويربّوهم تربية مسيحية صالحة. كما على الأهل الذين يفوّضون إلى أساتذة ومربّين بعض سلطانهم الوالدي لتربية أولادهم أن يبيّنوا لأولادهم أنّه هناك واجبات عليهم تجاه أساتذتهم تشبه في بعض النقاط ما بين الوالدين والأولاد من واجبات متبادلة. فعلى الأولاد أن يحترموا أساتذتهم ويحبّوهم ويسمعوا لهم في كلّ ما يتعلّق بالدروس والآداب. وعلى الأساتذة بحكم فضيلتي العدل والمحبّة أن يعلّموا الأولاد التعليم الموافق وأن يربّوهم تربيةً صالحة. 3- واجبات الزوجين المتبادلة من الواجبات الزوجية ما يقع على عاتق الزوجين معاً ومنها ما يقع على عاتق الزوج، ومنها ما يقع على عاتق الزوجة. فعلى الزوجين أن يتبادلا المحبّة والمساعدة والواجب الزوجي والأمانة الزوجية وأن يحافظا على وحدة الحياة المشتركة. من واجبات الزوج الرئيسية أن يهتمّ بإدارة البيت والعائلة وتدبير القوت والكسوة والسكن لها وهو يخطأ إذا لم يضمن للزوجة والأولاد حياة لائقة. وعلى الزوجة بصفتها رفيقة لزوجها أن تهتمّ بإدارة البيت تحت سلطته. وتخطأ إن أهملت الأشغال البيتية، أو أنفقت المال المشترك بإسراف غير معهود وأهملت تربية أولادها والاهتمام بإدارة منـزلها. الحياة المسيحية في الأسرة 1- الأسرة مكان حفاوة وإيمان : إنّ كلّ ما يختصّ بالشخص البشري وعلاقاته الشخصية اليوم، هو على وجه العموم، موضوع تقدير كبير. والأسرة والحياة العائلية تفيدان أيضاً من هذا التقدير. فالأجيال الجديدة ترى في الأسرة مكاناً أصيلاً لاختيار بذل التضحية والحفاوة والمحبّة والفرح. فالولد يكتسب في الأسرة بالنسبة إلى الحياة تلك الثقة الأساسية التي تمكّن الإنسان من اكتشاف نفسه وبذل ذاته والذي لم يختبر الثقة ليس بإمكانه أن يثق بدوره، ويكون من الصعب عليه أن يركن إلى آخرين. ولا شيء يحلّ البيئة العائلية وما توفّره من خبرة في هذا الموضوع: فالأولاد يحتاجون إلى عائلة، في حضنها يقومون مع إخوتهم وأخواتهم وهم مغمورون بعطف والديهم، بالتدريب على تصرّفات اجتماعية لا غنى عنها في نضوجهم. وعندما ينعدم أمان الأٍسرة، تتعرّض علاقة الأولاد بيئتهم الحياتية لخطر الانفصام. وفي وسط الأسرة يُربّى الأولاد على التأثّر بالقيم والقدوات وبالوهن والخطأ، وبآراء مختلفة ومنازعات، كلّها عوامل نمو ونضوج. كما أنّ مثل الوالدين يتيح لهم اكتشاف التعابير الحسّية للمحبّة وتقاسم الأعباء. ونوع العلاقة بين الوالدين يُسهم في تكييف موقف الأولاد من الجنس والحبّ والإخلاص و الثقة. وفشل زواج الوالدين يؤثّر أكثر من أي خطأ آخر على موقف الأولاد من الحياة. 2-الأسرة مكان تربية وتثقيف تتطلّب وظيفة الأهل أن يتعرّفوا إلى ما في الحياة من علاقات ويدركوا ما عهد له إليهم من قيم وأنظمة للحياة. وفي ارتباطهم بمؤسسات تربوية وتثقيفية أخرى، يحقّ لها كما يجب عليها، أن تربّي الأولاد والشباب من أجل تأهيلهم لكي ينهضوا بأعبائهم في الأسرة والمجتمع والكنيسة. 3-الأسرة كنيسة منزليّة منذ العصور الأولى، تولي الكنيسة أهمّية كبرى للكرازة المتعلّقة بالأسرة المسيحية. فها هو القديس يوحنا الذهبي الفم، منذ أواخر القرن الرابع، يدعو الأسرة" كنيسة "، كما تصف، اليوم أيضاً، وثائق الكنسيّة الأسرة المسيحية " بالكنيسة المنزلية" (ك11)، أو" بمعهد الكنيسة البيتي "(ر ع 11) أو " بالكنيسة المصغّرة " ( ش ع 49). إنّها، بنوع خاصّ صورة وتحقيق " للوحدة التي تربط المؤمنين بالمسيح، وتجمعهم بعضهم إلى بعض، في وحدة كنيسة الله "(ش ع 21). فالكنيسة الشاملة والكنيسة المنزلية مرتبطتان ارتباطاً وثيقاً إحداهما بالأخرى، وتقوم بين الاثنتين علاقة تنشيط وإخصاب متبادلين. وللكنيسة رسالة، بالنسبة إلى كلّ البشر بما في ذلك الأسرة. فالكنيسة تتيح لها أن تكون متحدة مع يسوع المسيح، وتمنحها توجيهاً مسيحياً: - الكنيسة، بإعلان كلمة الله، تكشف للأسرة ما هي، وما يجب أن تكون، وفقاً لتصميم الربّ. - والكنيسة، بالاحتفال بالأسرار، تُغني الأسرة وتثبّتُها بنعمة المسيح، كي تصيرَ مقدّسة، من أجل مجد الله. - وتعيش الأسرة المسيحية اتّحادها بالله في الاحتفال بالأسرار وفي الصلاة المشتركة. فعليها أن تتّصل باستمرار بجذورها الدينية. فهذه قد أعطيت لها بالمعمودية والتثبيت وهي تحدّد وتنعش في الاحتفال بالإفخارستيّا وفي قبول سرّ المصالحة. كما تقع مسؤولية خاصّة على الأسرة، في ما يخصّ التحضير لهذه الأسرار وقبولها، ومواكبة الأولاد والشباب في ممارستهم للأسرار وتعميقها فيهم. وكثيراً ما تأخذ مجموعات أسرية على عاتقها التحضير لسرّ التثبيت أو يكون لآباء وأمّهات نشاط في التعليم المسيحي. ومن المهمّ أيضاً لحياة الأسرة أن تواكب الأزمنة المختلفة للسنة الليترجية. فالعادات المترسّخة تعمّق الإيمان وتقوّيه. - وعلى الأسرة المسيحية أن تشهد لإيمانها. والزوجان يدعمُ أحدهما الآخر في الإيمان وينقلانه إلى أبنائهما، لا بالكلمات، في أوّل الأمر، بل بالعيش بمقتضى الإنجيل وتفعيله في حياة الأسرة. إنّ الأسرة التي تعي هذه الرسالة يعطي كلّ أعضائها بعضهم بعضاً شهادة الإنجيل. فالوالدان ينقلان هذه الشهادة إلى الأولاد، ويمكنهما أن يتلقّياها بدورهما، منهم إنجيلياً حيّاً. وهكذا تغدو الأسرة أيضاً مبشّرة بالنسبة إلى أسر أخرى وغلى البيئة التي تحيا فيها ( إ إ 71). تتوجّب مهمّة الكرازة هذه أيضاً على الأسر المبنيّة على الزواج الديني المختلط. وعليها تقع مهمّة السعي في اتّجاه الوحدة في الإيمان. ولذا تحتاج الأسرة إلى النصح والرعاية من قبل رعاة يعلّمونها الإيمان ويبشّرونها برسالة الكنيسة الأخلاقية. إلاّ أنّ الأسر نفسها بإمكانها أن تتعاون وتتبادل النصح، من خلال مجموعات أُسر أو أصدقاء، كما في وسط الرعيّة. وذلك ضروريّ خصوصاً " حيث الكفر المنتشر أو النزعة الدنيوية الطاغية يحولان، عملياً، دون نموّ ديني حقيقي " ( ش ع 52). وفي هكذا مواقف، غالباً ما تكون الكنيسة المنزلية المكان الوحيد حيث يُلقّن الأولاد والشبّان الإيمان ويختبرون حياة الإيمان. على الأسرة المسيحية أن تكون مستعدّة لخدمة المحبّة لدى القريب. فدعوتها إلى الشهادة لمحبّة يسوع المسيح تتكفّل بها الأسرة بصورة مُقنعة، عندما تحتفي بالقريب، وتعتني بالمرضى والمسنين، وتمارس أعمال الرحمة. على الأسرة المسيحية أن تحيا بمقتضى الشريعة الجديدة، شريعة المحبّة، أن تكون مستعدّة لاستقبال جميع الناس واحترامهم ومساعدتهم. عليه أن توقّر كلّ إنسان في كرامته كشخص وكابن لله. - الأسرة هي حيّز حياتيّ، يمكن أن تكون حيّة فيه، باسم يسوع المسيح، تلك الوحدة التي تجعله حاضراً في وسطنا (رَ:متى 20:18). وبهذا بالذات تصير كنيسة منـزلية مرئيّة وفاعلة. من حياة الأسرة يمكن للكنيسة ويجب عليها أن تكتسب المقاييس التي تُظهرها هي نفسها "أسرة الله". عليها أن تتّسم ببُعد بيتي وعائليّ، وتسعى إلى نمط حياة أكثر إنسانية وأخوّة. إنّ للأسرة المسيحية أهمّية يتعذّر استبدالها، بالنسبة إلى الكنيسة. فهي، ك " كنيسة منزلية " تُسهم بإيمانها وصلاتها وتصرّفها، في وسط الجماعة الكنسيّة والكنيسة الشاملة وفي الوقت عينه تُشعّ في العالم. واجبات الإنسان الوطنية 1- واجبات السلطة المدنية على السلطة المدنية واجب رئيسي وهو أن تسعى للخير العام، فتستعمل كل قواها لإبعاد الشرّ عن المواطنين وتشجيع الخير، وحماية الدين والآداب، وتوزيع الحقوق والواجبات بالعدل والإنصاف وتطبيق القوانين دون محاباة، وتقليد الوظائف الرسمية من هو أهل لها فقط. 2- واجبات المواطنين على المواطنين أن يحبّوا وطنهم إذ أنّهم مدينون له بالحماية ونموّ المنافع المشتركة المتوارثة عن الجدود، فيعملوا في سبيل حلول الوئام بين أبنائه. وعليهم أيضاً احترام السلطة. وأن يخلصوا لها وأن يخضعوا للقوانين بوجه عام. هكذا يوضح لنا القديس بولس سرّ الطاعة كما يبزغ في كل ضمير مستقيم، إذ يكتب إلى الرومانيين: " ليخضع كل امرئ للسلطات التي بأيديها الأمر، فلا سلطة إلا من عند الله، والسلطات القائمة هو الذي أقامها. فمن عارض السلطة قاوم النظام الذي أراده الله. والمقاومون يجلبون الحكم على أنفسهم. فلا خوف من الرؤساء عندما يفعل الخير، بل عندما يفعل الشرّ. أتريد ألاّ تخاف السلطة؟ إفعل الخير تنل ثناءها، فإنّها في خدمة الله في سبيل خيرك. ولكن خفْ إذا فعلت الشرّ، فإنّها لم تتقلّد السيف عبثاً، لأنّها في خدمة الله كما تنتقم لغضبه من فاعل الشرّ. ولذلك لا بدّ من الخضوع، لا خوفاً من الغضب فقط، بل مراعاة للضمير أيضاً " (رومة 13/1-5). هكذا يعتبر القديس بولس أن " الخضوع للسلطات" هو عمل " صالح" بالتالي من الضروري أن نخضع " بدافع ضميري". خاتمة الوصايا العشر تعبّر عن واجبات الإنسان الأساسية تجاه الله وتجاه قريبه. فهي تبيّن في مضمونها الأوّلي واجبات خطيرة. إنّها في جوهرها لا تقبل التغيير، وإلزامها ثابت أبداً وفي كلّ مكان. وليس في استطاعة أحدٍ أن يعفي منها. لقد حفر الله الوصايا العشر في قلب كلّ كائنٍ بشريّ. وعلى المسيحيين واجب شكر خاصّ لمن تقبّلوا منهم عطيّة الإيمان، ونعمة المعمودية والحياة في الكنيسة. وقد يتعلّق الأمر بالوالدين، أو بآخرين من أعضاء الأسرة، أو بالجدود، أو الرعاة، أو بمعلّمي الدين أو بمعلّمين آخرين وأصدقاء. " أيّها لأبنـاء، أطيعوا والديكم في الربّ، فذلك عدل. أكرم أباك وأمّـــك". (أفسس 6/1-2). المراجع - التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية - الخلقية نؤمن- منشورات معهد الليترجية في جامعة الروح القدس – لبنان 1993 - مختصر اللاهوت الأدبي الكاثوليكي –منشورات الرابطة الكهنوتية – لبنان 1980 - رسالة الأسرة المسيحية في عالم اليوم – قداسة البابا يوحنّا بولس الثاني – الفاتيكان 1981 - اثبات العقائد الدينية – الأب ميخائيل صافي بيروت 1996 |
||||
05 - 06 - 2014, 03:00 PM | رقم المشاركة : ( 4459 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وصـايا الله العشر: السادسة والتاسعة لا تزن - لا تشته امرأة قريبك يريد الله منا أن نحفظ الأمانة في الحب والزواج مقـدمة "الله محبة. وهو يحيا في ذاته سر اتحاد ومحبة. والله بخلقه إنسانية الرجل والمرأة على صورته قد وضع فيها الدعوة إلى المحبة والاتحاد وبالتالي الإمكانية والمسؤولية المناسبتين" (ش.ع11). يؤثر الجنس في جميع وجوه الشخص البشري ضمن وحدة جسده ونفسه. وهذا يتعلق خصوصاً بالانفعالات العاطفية، بإمكانية الحب والإنجاب وبوجه عام بإمكانية عقد روابط اتحاد بالآخرين وبوعود إلى كل من الرجل والمرأة أن يعترف بهويته الجنسية ويتقبلها. فالخلاف والتكامل موجهان إلى خير الزواج وتفتح الحياة العيلية. وإن الله بخلقه الكائن البشري مح الكرامة الشخصية على حد سواء للرجل والمرأة وكل من الجنسين هو صورة لقدرة الله وحنانه بكرامة متساوية. وجاء يسوع ليعيد الخلق إلى صفاء أصوله وفي عظته على الجبل يشرح فكر الله: "سمعتم أنه قيل لا تزنِ. أما أنا فأقول لكم: إن كل من نظر إلى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه" (متى5/27-28). لقد فهم تقاليد الكنيسة أن الوصية السادسة تتناول كل وجوه الجنس البشري. 1- الاستمرارية والتحول في فهم الجنس والزواج إن الوصيتين السادسة (لا تزن) والتاسعة (لا تشته امرأة قريبك)، توجهان انتباهنا إلى الحدود والأطر التي خارجاً عنها لا يثبت النظام الأخلاقي للجنس وللعلاقة بين الرجل والمرأة والمقصود منها مواقف وطرق سلوك تستند إلى الزواج على أنه مؤسسة ضمن المجتمع للوصيتين معنى عميق بالنسبة للتوجه الأخلاقي لكلا الجنسين وفي العهد الجديد ثبت النظام الذي وضعه الله. ففي الزواج ينعم الرجل والمرأة بالكرامة عينها أمام الله وفيه هما متحدان بالأمانة ويختبران معاً نعمة الله ومعونته. ورباط الحب والأمانة المتبادل يقصي كل علاقة جنسية وكل تصرف في ميدان الجنس لا يتطابقان مع الأهداف الشاملة للحياة الجنسية الإنسانية. هذه الرؤية المسيحية تتعرض في مجتمعنا إلى انتقادات شتى، فالزواج لم يعد مرجع الحياة المشتركة بين الرجل والمرأة. (فهناك العلاقة الجنسية قبل الزواج، وزواج التجربة، والزواج من دون شهادة زوجية.) إلى حد أننا نصادف مواقف رافضة لتوجيهات الكنيسة الأخلاقية الجنسية والزوجية، ويرفض البعض تعليم الكنيسة الأخلاقي بسبب ما اتسم به في الماضي من تركيز على الوصية السادسة فروحانية المحبة والرحمة كانت في أغلب الأحيان غائبة. وتقوم مهمة الكنيسة اليوم أن تعلن تعليماً عن العلاقة بين الزوجين تستوحيه من روح الإنجيل، تظهر فيه الأخلاق الجنسية والزوجية أخلاقاً صالحة للإنسان، عليها أن تساعده على اكتشاف القيم المحفورة في معنى الجنس الإنساني؛ والتي يتم التعبير عنها فيه. 2- معنى الجنس الإنساني 1 - المعنى الشخصي للجنس: يحمل الإنسان السمة الجنسية في كل ذاته جسماً ونفساً. ولكي يكون الإنسان ذاته، ينبغي له أن يقبل بالسمة الجنسية التي تطبع كيانه الفردي. فالجنس حقيقته مكوّنة الإنسان في كليته الرجل والمرأة موجهان إحداهما للآخر، يحب أحدهما الآخر وبجعلهما الحب واحداً، إذ أن الرجل والمرأة يلتقيان كشخصين في الحب؛ إن تكوين هذه العلاقة ونضجها يعبر عنهما بطريقة جسدية، وينبغي للرجل والمرأة أن يعطياها شكلاً ذا معنى. والخط يكمن في أن يكتفي الإنسان بذاته فيهُمل ما هو شخصي وما هو علاقة بالآخر. في الجنس سعادة واكتمال، ولكن فيه أيضاً سلطان الشهوة والأنانية المدمرة والشعور بالذنب والتعسف الذي تعانيه المرأة من قيل الرجل ويعانيه الرجل من قِبل المرأة، والاستغلال الشائك والإساءات الجنسية. من هنا أهمية أن ينظم الإنسان حياته الجنسية الخاصة على قاعدة المحبة (محبة الله والقريب والذات)؛ وعلى احترام الدائرة الجنسية الحميمة لدى الذات ولدى الآخر. الكائن نفسه وحده قادر على معرفة الحشمة والشعور بها. ومن أجل تنظيم صحيح للجنس لابد من قدرة على التمييز بين الخير والشر وتيقظ الروح؛ وتنظيم الحياة الجنسية بطريقة شخصية هو ثقة الإنسان بذاته وبوضعه الجسدي. وما نعرفه عن كرامة الحياة الجنسية وقيمتها، عن عطيتها ومهمتها، عن السعادة التي تمنحها وعن وهنها، إنما ينجم كله عن اختبارنا وتفكيرنا. في الإيمان بالله، نرى في الحياة الجنسية أن الإنسانية هبة وعطية من حب الله. 2- الحب والأمانة إلى الأبد والزواج الذي لا يُفسح: ما من أحد يستطيع العيش من دون حب، فالإنسان يبقى أمام ذاته كائناً غامضاً، وحياته لا معنى لها إن لم يتجلّ له الحب. والإنسان يعبر عن الحب بالانجذاب بالإعجاب والفرح والكرامة وأخيراً بالنَعَم التي نقولها للآخر الذي نحبه من أجل ذاته. ويكتمل الحب الزوجي في الأمانة مدى الحياة. ففيها يتحقق العطف والالتزام والتضامن فإذا تحقق العيش لهذه الأمانة، يساعد الزواج على رؤية تجلي محبة الله. إن يسوع قد بشرّ وطالب بحب يشمل الإنسان كله وتكون قاعدته محبة الله. ويتضمن مطلب المحبة الأساسي الذي تحد عنه يسوع، الحب الجنسي أيضاً؛ وإن لم يتكلم عن الحب الجنسي بوجه صريح؛ إلا أننا يمكننا افتراضه من خلال تقديره الكبير للزواج، ويربطه يسوع بعمل الخلق الذي قام به الآب. في عرف الإيمان الكاثوليكي. الزواج المبني على السر هو عهد يُظهر بطريقة خاصة حب يسوع المسيح لكنيسته. لذا لا يُفهم الزواج ولا يُعاش كسِرّ إلا من خلال هذا السر وحده. إنه طريقة لاتباع المسيح. تؤكد الكنيسة طابع السر الذي لا ينحل ورسالته التي ترينا في الخليقة التي بدأت مع يسوع إن الدعوة إلى الأمانة في الجماعة الزوجية لا تتجزأ ولا تنقطع تفسح في المجال لإمكانية حياة يشهد فيها الأزواج بأمانة أحدهم للآخر لأمانة المسيح لكنيسته. الزواج المسيحي سر يتم فيه الاتحاد الزوجي، لا يُفسد لا من قبل الأزواج أنفسهم (لا انحلالية الزواج الداخلية) ولا أن يُلغى من قبل أي سلطان مهما كان (لا انحلالية الزواج الخارجية) كل فشل في الزواج هو أليم للمعنيين به ويخلف وراءه جروحا وعواقب اجتماعية وخيمة. هناك أزواج تركهم شريكهم والبعض الآخر أبعدتهم الحياة فلم يعد ممكناً المصالحة. ويتضح للبعض الآخر أن الزواج الذي عقداه لم يكن زواجاً صحيحاً? ومنهم ابتعد كلياً عن الكنيسة، ومنهم من طلّق وتزوج زواجاً مدنياً. وبحسب النظام السائد في الكنيسة لا يمكن أن يُقبل لتناول الأسرار هؤلاء المطلقون. والكنيسة على بينة من ألم الكثيرين من الأشخاص وتتألم معهم، وتسعى من خلال الخدمة الراعوية واللاهوت إلى مساعدتهم بطريقة تتوافق مع وصية يسوع حول الأمانة النهائية في الزواج. إن الزنى قد عُدّ في الكنيسة منذ البداية طعناً خطيراً بنـزاهة الزواج الأخلاقية، وقد أدرجه التقليد المسيحي ضمن الخطايا الجسيمة مع الجحود والقتل، ويكون للزنى في أغلب الأحيان قصة خلفية: فقدان الحوار? إدارة غير كافية للصراعات? تهامل في انتباه الواحد للآخر، عدم الاكتفاء الجنسي داخل الزواج? موقف المحيط من الجنس والأمانة الزوجية? تنافر عيلي? ضغوطات اجتماعية ومهنية. إن الزوج الذي يكتشف الآخر قد زنى، يشعر غالياً بإهانة جسيمة وبضربة للأمانة الزوجية? من هذا المنطلق يكون الزنى خطأ جسيماً ضد الحب والأمانة الزوجية وضد رباط الزواج وضد سر حب المسيح. منذ البداية رفضت الكنيسة الحرية الجنسية ومعاشرة المومسات والخيانة الزوجية، على أنها أعمال محظورة أخلاقياً، بل هي ظلم حقيقي فالأمانة في الزواج تتعارض مع ما يسمى "بالزواج المنفتح" الذي يقر به الزوجان أحدهما للآخر بحق إقامة علاقات جنسية خارج الزواج فحرية كهذه هي علاقة احتقار لكرامة الشخص البشري تؤدي إلى إذلال متبادل وفسخ للزواج. ففي الزواج الأسراري يحصل الأزواج المسيحيون على قوة الثبات في عهدهم وأمانتهم في عهد محفور في محبة الله لكنيسته وأمانته لها. 3 - المساواة في الحقوق، الشراكة والمؤسسة: الحب يوحد الشريكين ويضعهما في المرتبة ذاتها ويقرّ لهما بالقيمة ذاتها تكتمل رؤية الزواج كمؤسسة هدفها الإنجاب وتربية الأجيال. إلا أن هذا الاعتراف بأن المرأة تنعم بالمرتبة نفسها والقيمة نفسها وخصوصاً بالحقوق نفسها، لم يفرض ذاته بعد في العالم كله. لقد أوضح المسيح بتصرفه كرامة المرأة وقيمتها المساوية للرجل وفي تصريحاته عن الزواج ولا سيما في كلامه عن تحريم الطلاق كان أول موقف واضح من كرامة المرأة. ويشدد على أن المرأة ليست ملكاً يخص الرجل وأن الرجل ملزم بالأمانة على غرار المرأة. وبهذا أثبت مطلباً أخلاقياً يرمي إلى تحقيق مطلب الحب في العلاقات بين الزوجين. إن مثل حب المسيح للكنيسة وخدمته لها كان من شأنه أن يبدّل موقف الرجل من المرأة، ليصير حباً يعطي ذاته بدلاً من ممارسة سلطة تحمل طابع الزعامة الأبوية، لا شك أن الفكرة السامية عن الزواج الموسعة في رسالة أفسس (5/21?) مثالاً يتعّذر بلوغه في هذا العالم، إلا أنها تكشف رؤية تدل على أن الحب والأمانة ممكنان في الزواج. إن المرأة حتى اليوم لا تنعم دوماً بهذا الاعتبار وهذا الاحترام اللذين هما حق لهاز للرجل والمرأة القيمة نفسها إلا أنهما لا يتماهيان. فكل من يظن أن المساواة في القيمة ينتج عنها أنه يجب على المرأة أن تشبه الرجل في كل شيء، يجعل خطأ من الرجل مقياساً للإنسانية. الإنسانية الحقيقية تقتضي أن يكون الرجل رجلاً كلياً والمرأة امرأة كلياً، وأن يكمل أحدهما الآخر. الجماعة الزوجية تدرك اليوم كشكل إنساني للزواج، أن الزواج بين شريكين يعيشه الزوجان كمكان خاص للاهتمام الشخصي والآخر والثقة والأمانة منفتح على كل مسؤول للحياة. ويتطلب الزواج اليوم "الكثير من قدرة الأزواج على الحب ومن نزاهتهم الواحد تجاه الآخر، ومن قدرتهم على النضج خلال المراحل المختلفة من الحياة الإنسانية، ومن استعداهم لحل صراعاتهم" إن الصعوبات والصراعات داخل الزواج يعود سببها جزئياً إلى ظروف حياتية موضوعية؛ وجزئياً إلى أخطاء ذاتية في التقويم وكثيراً ما يكون سببها أيضاً تصرفات هي نتيجة الخطيئة، فالطلاق يجر وراءه آلاماً عن الأولاد إذ يبقون "أولاد مطلقين"؛ وجروحات عند الشريكين. ماذا يقول الاختبار الإنساني والإيمان المسيحي ؟ * إنّ جماعة الحياة الزوجية بين الرجل والمرأة هي الجماعة الأكثر وداً بين البشر، تتضمن العفوية والانفعال والثبات والديمومة. وفي القبول المتبادل يتبادل الزوجان قبول الحياة معاً والزواج والعيلة والأولاد معاً في السراء والضراء. * الوعد الزوجي الصريح هو فعل التزام يقوم به الشريكان. وهو يحرر من كل تصرف اعتباطي ومن كل المواقف المتقلبة، ولا يني يشير إلى ما يوحدهما. * الجماعة الحميمة المكونة من الشريكين هي دوماً جماعة مسؤولة أمام المجتمع، لذلك فالوعد العلني هو على نحو ما تثبيت لصدق إرادة الارتباط ارتباطاً دائماً؛ ويتضمن هذا الوعد العلاقات الشخصية العامة إنه حماية واعتراف، مساندة وشهادة. ودون هذا الوعد العلني الثقة تضحي في خطر دائم. * النظم الناجمة عن المؤسسة لا تنفي وجود الصراعات والأزمات في العلاقات بين الشريكين، إنها تمثل تحريضاً ودعوة للزوجين كي يبقيا أمينين للرضى وأن يسند الواحد الآخر. والزوجان بارتباط أحدهما بالآخر، يتخلّيان عن الامتيازات التي يعتقدان أنهما يمتلكانها، فيساعد أحدهما الآخر، ضمن مسؤولية مشتركة أمام الله. وهكذا يستطيع الزواج المسيحي أن يكون المكان الحي لتوافق الزوجين، ومهما تكن الصعوبات التي تواجه الزواج، غير أنه يبقى منفتحاً على حياة مشتركة في الإيمان والرجاء والمحبة. 3- أسئلة حول الجنس قبل الزواج وبعده 1 - الانتعاش الشخصي للحياة الجنسية الخاصة إن مهمة تنظيم الحياة الجنسية الخاصة في انتعاش الشخص هي مسيرة تمتد على طول الحياة وتتضمن هذه المسيرة جهوداً ومصاعب من بينها، نشهد أشكالاً من السلوك الجنسي لا تتطابق مع المعنى الكامل للحياة الجنسية الإنسانية. وأحد هذه الأشكال الاستنماء (العادة السرية). تلاحظ الإثارة الجنسية، من وقت لآخر، منذ الطفولة الأولى وليس لها أية علاقة بالموقف الجنسي غير الطبيعي، ومن ثم لا ينبغي أن تكون موضوع تهديد أو عقاب من قبل الوالدين أو المربين. في المراهقة قد يستسلم البعض للنزوة الجنسية وبعض الأحيان تقود الحشرية إلى اختبار القوة الجنسية الناشئة، والعزلة والفشل والإثارة من محيط مشبع بالجنس والرغبة في الاكتمال كلها فرص للاستمناء. هذه الحالات تدل على أن صهر الحياة الجنسية في الشخصية لم ينجح كلياً بعد. فقد يعبر الاستنماء عن نقص في النضج أو علاقة نرجسية مع الذات وقد يؤدي إلى تصرف أخلاقي شاذ. من الممكن أن يلجأ البالغون إلى الاستمناء من جراء ظروف خارجية كالمرض والعزلة وغياب الشريك وهذا أيضاً تعبير عن انطواء عن الذات. لمعرفة ما إذا كان الاستمناء يشكل ذنباً وهو إلى أي حد هو ذنب، يجب النظر إلى درجة الوعي والحرية التي يتضمنها كل مرة. المسألة الحاسمة هي أن نعرف إن كان هناك إرادة تسعى إلى تربية الحياة الجنسية أم أننا أمام انطواء مذنب على الذات. 2 - العلاقات الجنسية قبل الزواج كل طرق اللقاءات بين الجنسين (مدرسة، عمل، لعب، رقص، عطل?) يحتل عامل الفتنة والتوتر الجنسيين محلاً كبيراً وقد تقود هذه اللقاءات إلى علاقات جنسية وتعلم الكنيسة الكاثوليكية بالانسجام مع التقليد المسيحي، إن الزواج هو الموضع المناسب للتعبير عن الجنس والاندماج الجنسي. إن الفترة التي تسبق الزواج ينبغي للأشخاص أن يبحثوا عما إذا كان باستطاعتهم أن يتفقوا معاً عن مفاهيمهم ومصالحهم الحياتية، ويجب على كل منهما أن يتمكّنا من استرجاع حريته إذا تبين له أن الشروط من أجل زواج ناجح غير متوفرة كثيراً ما نسمع بأن على المرء أن يجرب قبل الزواج إذا كان يتفق مع الآخر من الناحية الجنسية هذا المفهوم يجهل أن الزواج نفسه ونجاح الحياة الجنسية في الزواج يشكلان مسيرة فيها الفرح والحزن العسر والإخفاق? إن امتحان الحياة الجنسية لا يعطي أية ضمانة و لا أي يقين من نجاح الزواج في المستقبل. فإن العلاقات الجنسية المبكرة من شأنها أن تقود إلى أن يخدع الواحد الآخر في علاقاتهما الحقيقية بحيث أن خيبتهما تكون أكبر في الزواج. من المهم أن يفهم اللذان يحب إحداهما الآخر أن الطريق التي تقود إلى الزواج ويعيشاها كمسيرة بالغة الأهمية على الصعيد الإنساني والأخلاقي والديني تفترض أشكالا كثيرة من اللقاءات. قبل الشركة الجنسية الكاملة هناك طيف واسع من العلاقات الجنسية تتفرع فيها كثافة التعبير وأشكاله متعددة. إلا أن الحدود الضرورية يمكن احترامها إلا ضمن جهد رصين في السيطرة على الذات وفي احترام الشريك. 3 - المساكنة خارج الزواج تظهر المساكنة بأشكال مختلفة: العيش معاً لفترة من الزمن العيش مع تفكير في زواج لاحق، المساكنة كبدل عن الزواج، فهؤلاء يرفضون الزواج كمؤسسة، وهناك حوافز مختلفة للمساكنة فالبعض يخافون من الارتباط والبعض الآخر بسبب الطلاق المتزايد أو من ضعف ثقتهم بالزواج وتأثراً بالرأي القائل بعدم ضرورة وثيقة الزواج للعيش معاً. من الناحية الموضوعية ينقص هذه المساكنات الحياتية عناصر ثلاثة: * العزم والقدرة على اتخاذ قرار واضح. * شهادة المجتمع لقصدهما الارتباط في الأمانة ارتباطاً دائماً. * حماية الجماعة القانونية التي لابد منها للجماعة الزوجية والمجتمع أضف إلى ذلك أنه قد يشعر شخص ما بالخيبة، إذا فهم أن الآخر لا يقاسمه حياته إلا طالما كان ذلك مفيداً له. فالمسيحيون الذين يعيشون في المساكنة خارج الزواج ويرفضون الزواج من حيث المبدأ يستخفون بمعناه الديني ويحرمون مساكنتهم من عطية نعمة السر التي تُمنح في الزواج. ولا تستطيع الكنيسة أن توافق على مثل هذه المساكنات بيد أنها تريد أن تبقى في حوار مع الأشخاص الذين يعيشون المساكنات خارج الزواج وأن تحافظ على الرباط معهم؛ وعلى الكهنة أن يجتهدوا بفطنة ورزانة في الحفاظ على الاتصال معهم وأن يسعوا إلى معرفة أسباب اختيارهم وأن يحثوهم قدر المستطاع على تنظيم وضعهم. كما ينبغي لتربية الشبان الدينية والأخلاقية أن تنقل إليهم معنى الأمانة هذا، الذي من دونه لا وجود للحرية الحقيقية. 4 - العلاقات اللواطيّة اللواط ظاهرة متشعبة الأبعاد فهناك اللواط المرتبط بالتطور عندما تحدث أعمال لواطية في سن المراهقة، ويعد لواطاً مرتبطاً بالظروف، يزول متى صارت التصالات مع شركاء من الجنس الآخر ممكنة. وهناك تصرف لواطي هو الحياة الجنسية المزدوجة مع شركاء من الجنس نفسه وهناك أخيراً اللواط الحصري الحقيقي المبني على ميل عميق يحمل الشخص اللواطي وبصورة دائمة إلى أشخاص من ذات الجنس؛ يصل هذا اللواط الكامل إلى العيش المشترك في المساكنة التي تدوم بعض الوقت. ومهما يكن، فمن الناحية الأخلاقية، ليست مسؤولية الشخص اللواطي عن أفعاله اللواطية أقل من مسؤولية الشخص الذي يميل إلى الجنس الآخر. وبالمقارنة مع الميل إلى الجنس الآخر. يتضمن اللواط بعض الحدود. فالأفعال اللواطية تقصي من حيث المبدأ الانسجام الحقيقي لثنائية الجنسية وإنجاب أي نسل؛ من هنا يشعر اللواطي بميله كأنه شخص مختلف. من المهم لهؤلاء الأشخاص، على الصعيد الأخلاقي، أن يجتهدوا أن لا يقعوا فريسة حياتهم الجنسية، وأن يوجهوها نحو قيم وأهداف إنسانية وأن يحترموا كرامتهم كأشخاص وأن يتجنبوا أن يكون مسلكهم سبب عثرة أو إغراء للآخرين. والجميع مدعوون، في المجتمع، إلى التحلي بروح التفهم حيال الأشخاص الذين عندهم استعدادات لواطية. 5 - إباحية الجنس وتصويره إن تسليم الجسد إلى البغاء وتصوير تصرفات غير محتشمة في الإباحية هي من أقدم أشكال الانحراف الجنسي, البغاء هو إقامة خدمة جنسية لقاء أجر. يُوهب الجسد من دون أي تعبير عن الحب ومن دون السعي إلى علاقة إنسانية أكثر عمقاً. قد ينجم البغاء عن الفقر أو عن تبعية مشينة أو عن عدم الشعور بالأمان والطمأنينة؛ والبغاء يسيء إلى كرامة الشخص بذاته ويذل الوقت عينه شريكه الجنسي، في البغاء تتحد الأجساد منفصلة عما ينبغي أن تعبر عنه أي الحب والأمانة فلذلك البغاء هو عمل لا أخلاقي ومناقض للاحترام المسيحي للجسد. الإباحية تعني وصف الوقائع الفاحشة أو تصويرها وهذا منافي للقيم الإنسانية المقبولة عامة. وتضحي المرأة فيها موضوع إغراء للرجل، حيث لا يُعار الاعتبار إلا للشباب والصحة والجمال الخارجي والقوة الجنسية. وغالباً ما تعرض صور ومشاهد تنتهك حرمة الدائرة الحميمة من حياة الإنسان إن خطر الإباحية يكمن في نقل مفهوم للكائن الإنساني يحتقر كرامة الإنسان ومسؤوليته. وهذه تهدد الشباب بوجه خاص. خاتمة لا تتطلب أخلاقية الحياة الجنسية مراعاة عدد من القواعد الأخلاقية وحسب بل تفترض اعتباراً للذات وللآخر يحترم كيان الإنسان. المقصود في كل هذا هو أن يعي الإنسان مسؤوليته ويكون على استعداد لمراقبة ذاته والثبات والأمانة. يعلم المسيحي أنه بحاجة إلى المجتمع والكنيسة ليزوّداه بمرجع للقيم والتوجيهات التي يمكنها أن تساعده على تكوين حكم شخصي. وفق ذلك كله، يعرف الصلاة وقدرة نعمة الله ليعطي حياته، بوجه مسؤول شكلاً في مجال الجنس. المرجع: ملاحظة: هذه الحديث هو النص المضغوط للفصل السادس من كتاب المسيحية في أخلاقياتها" للذهاب إلى أبعد: العودة إلى الكتاب وإلى كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية |
||||
05 - 06 - 2014, 03:01 PM | رقم المشاركة : ( 4460 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بقلم: الأب د. أنطون فرنسيس
"لا تزن... لا تشته زوجة أحد" (تث 18:5و21) الارتباط بالوصية الأولي: تأمر الوصية السادسة: "لا تزن" (تث 18:5). وتأمر الوصية التاسعة: "لا تشته امرأة قريبك" (تث21:5). ننطلق كالمعتاد من الوصية الأولى الأساسية: "أنا هو الرب إلهك". الله محبة. وفي محبته، خلق الإنسان على صورته ومثاله، فأعطاه العقل والقلب والإرادة، للفهم والحب والحية. وفي هذا تقوم صورة الله أساسياً. والهدف من الوصية السادسة والتاسعة، هو عدم تشويه صورة الله داخل الإنسان، بما يمس نقاء الحب والحرية. وكما صنع المسيح باقي الوصايا، رفعنا هنا أيضاً إلى روح وكمال الشريعة فأوصى: "سمعتم أنه قيل لأبائكم: لا تزن. أما أنا فأقول لكم: من نظر إلى امرأة فاشتهاها، زنى بها في قلبه" (مت27:5-28)... ليست كل نظرة خطيئة، وإنما كل نظرة قائمة على الشهوة خطيئة. لا يقف المسيح عند الفعل الخارجي وحده. إنه يقودنا إلى باطن القلب حيث بداية ومنطلق الخير والشر فيطلب تطهير القلب. ومتى كان الينبوع صافياً كانت المياه صافية والأعمال طاهرة نقية. فالباطن هو الذي يقود ويدفع إلى العمل الخارجي، الذي يأتي من نوعه. فمتى كان الباطن نقياً، سوف أحكم على ما أراه أنه من الله ويمجد الله. أما الشهوة واللذة الشريرة فتشوهان الكرامة والحب والحرية داخل الإنسان، فيفقد الثقة في العلاقة مع الآخر. بالوصايا لا يريد الله أن يقيّد حرية الإنسان، بل أن يحقق له التمتع الحقيقي بالحرية والحب، اللذان أوجدهما الله دخل الإنسان. ولكن عندما تتشوه المبادئ الإنسانية السامية داخل الشخص، يفقد العلاقة الصحيحة مع الله والقريب. الطاقة الجنسية وارتباطها بالحب الطاقة الجنسية نعمة من الله: يعلن كتاب التكوين: "خلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلق البشر، ذكراً وأنثى خلقهم. وباركهم الله، فقال لهم: انموا واكثروا واملأوا الأرض" (تك27:1-28). كانت عطية الحياة عطية من حب الله للبشر. ودعا الله الإنسان أن يشاركه في هبة الحياة عن طريق النمو والتكاثر. نقل الحياة البشرية هو إذن عطية حب، وأعظم نعمة من الله. الطاقة الجنسية طاقة حب: وفي رواية أخرى عن الخلق، يقول كتاب التكوين: "وقال الرب الإله: لا يحسن أن يكون آدم وحده، فأصنع له مثيلاً يعينه" (تك18:2). اهتمام الله بالإنسان وبسعادته، دليل حب خاص له... ويكمل الكتاب: "فأوقع الرب الإله آدم في نوم عميق، وفيما هو نائم، أخذ إحدى أضلاعه وسد مكانها بلحم. وبنى الرب الإله امرأة من الضلع التي أخذها من آدم، فجاء بها إلى آدم. فقال آدم: هذه الآن عظم من عظامي، ولحم من لحمي، هذه تسمى امرأة، فهي من امرئ أُخذت. لذلك يترك الرجل أباه وأمه، ويتحد بامرأته، فيصيران جسداً واحداً" (تك21:2-24). كما أشرك الله الإنسان في الحب على صورته ، أشركه أيضاً في عطية الحب. الحب الذي أوجده الله داخل الإنسان، يجب أن ينطلق إلى الآخر. من فيض حب الله للإنسان، أوجد لآدم معينة نظيرة، ليتبادلا الحب بطريقة تمجد الله، وتشاركه في نقل الحياة. الطاقة الجنسية هي إذن طاقة حب وعطاء كامل للآخر. وهذا ما يعبر عنه الكتاب، عندما يقول آدم عن حواء: "هذه لحم من لحمي، وعظم من عظمي" (تك 21:2-24). الشهوة والزنى: عندما يستخدم الإنسان الطاقة الجنسية استخدماً خاطئاً يشوه ويبدد النعمة العظيمة، التي منحها الله له. وهذا ما يحدث في الشهوات الشريرة، وكل أنواع الملذات الجسدية الفاسدة. الزنى وأشكاله هو استخدام الآخر، لتحقيق متعة جسدية شخصية خاطئة فاسدة وشريرة. وهذا العمل شرير من 3 نواحي، فهو: 1- ضد ترتيب الله الخالق، ويدنس ويشوه عطية الحياة الإلهية. 2- ضد الإنسان الآخر، وضد كرامته الأساسية، لأنه ضد الحب الصحيح الكريم. 3- ضد الشخص ذاته، لأنه يهدم صورة الله داخله، ويدنس الجسد الذي صار عضواً للمسيح وهيكله للروح القدس. وهذا ما يعلنه بولس الرسول بقوة ووضوح: "جسد الإنسان ما هو للزنى، بل هو للرب، والرب للجسد... أما تعرفون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح؟ فهل أخذ أعضاء المسيح وأجعل منها أعضاء امرأة زانية؟... اهربوا من الزنى. فكل خطيئة يرتكبها الإنسان هي خارجة عن جسده، ولكن الزاني يزني إلى جسده. ألا تعرفون أن أجسادكم هي هيكل الروح القدس ، الذي فيكم هبة من الله ؟ " (1كور 12:6-20). لذلك ينذر بولس بشدة: "لا تخدعوا أنفسكم، فلا الزناة... ولا الفاسقون ولا الفجار، ولا المبتلون بالشذوذ الجنسي، ولا السكيرون... يرثون ملكوت الله" (1كور 9:6-10). الحب عطاء وبذل للتكامل: الحب هو القيمة الروحية السامية، التي تمنع الإنسان عن العلاقات الخاطئة وغير السليمة مع المحبوب . الحب ينقي الطاقة الجنسية باطنياً، وينطلق إلى الشخص الآخر ليلتقي به ككل في شموليته لا ليتمتع بجسده فقط، وهكذا لا يحكمه الميل الغريزي، بل تدفعه طاقة العطاء، التي تعطي العلاقة الجسدية قيمتها العظمى، ومعناها الحقيقي وتحقق هدفها الصحيح. هكذا يكون التقاء الطرفين مشاركة كاملة في الشمولية الشخصية، من جميع النواحي. من أجل اكتمال متبادل. اجتماعياً، لا يتصرف أي طرف بما يجرح أو يشوه صورة الطرف الآخر. والحب يساعدني أن أنطلق تجاه الآخر قانونياً، أي رسمياً أمام الآخرين. وروحياً، انظر إلى الطرف الآخر في شموليته، وليس لمظهره أو للإعتبارات المادية والمالية، أتجه إليه بصفته شخصاً مثلي لا من أجل الجنس وحده. العفة: الحب يجعلني أدخر طاقتي، لكي أعيش العطاء في دعوتي الخاصة. وهذا يختلف كل الاختلاف عن الكبت، الذي يولّد بالضرورة الانفجار. أما الحب فيعطيني الأساس والدافع، لأعيش عفيفاً، حسب مقتضيات دعوتي الخاصة، بما فيها الزواج. ومن هنا أكون سعيداً في العطاء، الذي أمجد به الله، ينبوع كل عطاء. والعفة لا تعني الهروب من واقع الجنس. بل النضج النفسي والروحي. من الطبيعي أن أدرك الجنس أتكلم عنه متى لزم، أعرف وأبيّن قيمته ، وأواجه مشاكله، بتعقل واتزان وكرامة وحشمة. لا نخاف من التجارب الجنسية. فمجرد ظهورها أو ورودها بالفكر، ليس خطيئة. الخطيئة في التوقف عندها وقبولها. علينا مقاومتها بالوسائل الروحية، وبالاعتماد على رحمة ونعمة الله. وهنا نرجع إلى الفضائل الثلاثة، التي يقوم عليها تحقيق كل ذلك. بالإيمان، أذكر الله الخالق، ولاأنسى أبداً أن الإنسان على صورته . وبالرجاء ، أعيش الثقة في نعمة الله ، أثناء التجارب التي تواجهني . وبالمحبة ، أتجاوب مع دعوة الحب التي يوجهها الله لي، لكي أمجده في جسدي وفي اخوتي. |
||||