03 - 06 - 2014, 02:34 PM | رقم المشاركة : ( 4431 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مشكلة الأعذار كثيرون يقدمون اعذارا يغطون بها خطاياهم حتى لا يلاموا ويغطون بها تقصيراتهم فى عمل الخير.. إنه خطأ قديم يرجع الى ابوينا آدم وحواء! حواء اعتذرت بان الحية أغرتها وكان يمكن الا تطيع الحية، فالعذر غير مقبول تماما مثل عذر آدم بأن المرآة اعطته وكان فى إمكانه ألا يسمع لها.. حقا.. ما اصدق عبارة: ان طريق جهنم مغروس بالاعذار! حتى الذى دفن وزنته فى التراب قدم لفعلته هذه عذرا هو اقبح من الذنب نفسه، فقال ان سيده ظالم يحصد من حيث لا يزرع!! وما اكثر الذين يعتذرون عن عدم الصلاة بأن ليس لديهم وقت! بينما يجدون وقتا للتسليات العديدة وللمقابلات، والحقيقة انه ليست لديهم رغبة..! وغالبية الذين لا يقدمون عشورهم للرب يقدمون بدلا منها اعذارا بان ليس لهم بينما الارملة التى دفعت الفلسين من اعوازها لم تقدم عذر. وكذلك ارملة صرفة صيدا التى قدمت زيتها ودقيقها لايليا النبى فى ايام المجاعة وهى فى مسيس الحاجة.. إن داود الطفل الصغير كانت امامه اعذارا كثيرة يمكنه ان يقدمها لو انه لم يشأ مقاتلة جليات..! انه لم يكن جنديا ولم يطالبه احد بهذا الامر، وكان صغير السن وقد سكت الكبار، وكان جليات جبارا ليس من السهل مصارعته.. الخ ولكن غيرة داود المتقدة لم تسمح بتقديم عذر واللص اليمين كانت امامه اعذار ضد الايمان لم يستخدمها! كيف يؤمن باله يراه مصلوبا؟ ويبدو عاجزا عن تخليص نفسه، وترن فى اذنيه تحقيرات الناس له وتحدياتهم. ومع ذلك لم يسمح اللص لنفسه ان يعتذر عن الايمان.. إن الخوف لم يكن عذرا يقدمه دانيال امام جب الاسود، ولا عذرا يقدمه الثلاثة فتية امام اتون النار.. ولا محبة الابن الوحيد امكنها ان تقف عذرا امام ابراهيم حينما امره الله ان يقدم هذ الابن محرقة وقد كان ابن الموعد الذى ولد له بعد عشرات السنوات!! واصحاب المفلوج كانت امامهم اعذار لو انهم ارادوا ولكنهم لم يعترفوا بالعقبات وصعدوا الى السقف ونقبوه وانزلوا المفلوج بالحبال. إن الذى ينتصر على العقبات فلا يعتذر بها، انما يدل على صدق نيته فى الداخل... اما ضعيف الهزيمة أو ضعيف النية، فيذكرنا بقول الكتاب: "قال الكسلان: الأسد في الطريق"! |
||||
03 - 06 - 2014, 02:36 PM | رقم المشاركة : ( 4432 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الطمع الأرشمندريت توما (بيطار) رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي – دوما أنا لست طمّاعاً. أُعطي ولا أظنّني متمسّكاً بمال. لي استقامتي في التعامل مع الناس. لا آكل حراماً. وأَعرف أنّ هناك موتاً في نهاية الدرب. هذه، أقلّه، صورتي عن نفسي. ومع ذلك أمرّ بخبرات خاصة جداً(!)، في قرارة نفسي، تجعلني أشعر بعدم الاستقامة، بأنّي كوّنت لذاتي قناعات لا تنسجم مع الواقع تماماً. لأقول الصدق ما أظنّ نفسي عليه ليس تماماً ما أنا عليه. لم يخطئ كلّياً مَن قال إنّ الإنسان حيوان ممثّل. في لحظات الحقّ أنا، أيضاً، أرى نفسي أنّي أُمثِّل قليلاً أو كثيراً. ولكن، طبعاً، أُبرِّر ذاتي بتواتر وأقول: "يا فلان كن واقعياً، لا تنظّر أكثر من اللزوم". بين هذا الشعور الذي ينتابني وذاك أخلص إلى أنّي لا أعرف نفسي تماماً. في كلّ حال نفسي غير مرتاحة لذا قرّرت أن أُلقي بأحمالي على ورق. دونكم دوّامتي... ودوّامتك أيضاً، بكلّ تأكيدّ! قال أحدهم مرّة: "بإمكانك أن تعرف كلّ شيء عن كلّ الناس إلاّ رصيدهم في المصرف". ضحكت لمّا سمعت هذا الكلام. كم هو صحيح ومخيف في آن معاً! تسعة وتسعون بالمائة من الناس هم كذلك. السرّيّة المصرفيّة ليست بالدرجة الأولى، في الحقيقة، لحماية مصالح الناس بل لحماية أطماع الناس. كيف أعرف أنّ الناس هم على هذه الشاكلة فعلاً؟ لأنّي بدأت أعرف الطبيعة البشريّة على حقيقتها. بدأت أعرف نفسي في العمق. هل لاحظتَ نفسك وأنت تعطي؟ ينتابك شيء من السرور؟ ولكن، ليس هذا السرور فقط، في الحقيقة، من أجل الذين تعطيهم. سرورك خليط. ما فيك له علاقة بالمجد الباطل، بسرورك بنفسك، بتطويبك لنفسك، بصورتك بين الناس، بأنّك بكلّ غرور وتواضع تطبّق الوصيّة الإلهيّة(!) يعجبك قول سِفر الأمثال: "مَن يرحم الفقير يقرض الربّ" (19: 17). تلفتك بخاصة لفظة "قرض". القصّة لا تخلو من التجارة. الله مدين لك إذاً! هذا يجعلك تشعر بأنّك وظّفت مالك في السوق المناسب. تعطي الله ليعطيك. تكسب الآخرة ولكن لا الآخرة فقط بل الدنيا أيضاً. ألم يقل السيّد إنّه يعطينا في هذا الدهر مائة ضعف وفي الدهر الآتي حياة أبديّة؟! هذا يبعث في نفسك الشعور بالأمان والطمأنينة أنّك تؤمّن على خيراتك دنيا وآخرة معاً. على أنّ ما يبقى في نفسك لجهة الكسب في هذا الدهر أكثر بكثير مما يبقى في نفسك لجهة الحياة الأبديّة. يهمّك العصفور باليد أوّلاً! لكن يزعجك قول كتابي آخر: "متى صنعت صدقة فلا تعرِّف شمالك ما تفعل يمينك لكي تكون صدقتك في الخفاء..." (مت 6: 3 – 4). السبح الباطل، فيك، يحبّ دائماً أن يكون له نصيب في ما تعطي، خصوصاً متى وُجدتَ بين الناس. وأنت تحبّ أن تعطي بين الناس. تتحرّك فيك الغيرة خاصة بينهم. هذا يجعلك تشعر بأنّك مبرَّر إن ظهرت. ولا بدّ لعطيّتك، والحال هذه، أن تظهر. السبح الباطل فيك يسكّن، في هذه الحال، انزعاجك أنّك ربما تخالف وصيّة اليد اليمنى واليد اليسرى. كيف؟ يستعين بآية كتابيّة أخرى. "فليضىء نوركم قدّام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجّدوا أباكم الذي في السموات" (مت 5: 16). أنت تفعل ما تفعله إذاً لمجد الله؟ هل هذا صحيح؟ في العمق العمق أنت تستفيد من الآية الكتابيّة لتَظهر أنت لا ليتمجّد ربّك. قلبك يقول ذلك وربّك يعرفه! كن صادقاً مع نفسك. أيّهما أَحَبُّ إلى قلبك؟ أن تعطي أم أن تأخذ؟ ما دام أنّ قلبك يرقص فرحاً عندما تربح، عندما تجمع، إذا ما أعطوك فحتّى لو قلت إنّك تفرح بالعطاء، عطائك أنت للناس، فأنت تبالغ، أنت تمثّل. لا زال العطاء إليك، بعدُ، في مستوى الكلام. مستحيل على الإنسان أن يحبّ الكسب وأن يحبّ العطاء سواء بسواء. إما أن يبتلع حبّك للكسب حبّك للعطاء أو يحدث العكس. يقعد قلبك إما في هذه الجهة وإما في تلك. إذا كان قلبك في الكسب فأنت تعطي لتكسب. أما إذا كان قلبك في العطاء فأنت تأخذ لتعطي. بين هذين الحدّين بون شاسع. الموضوع هو موضوع اتجاه قلب، حركة قلب. "حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضاً" (مت 6: 21). ما تشعر به، ما يحرّك أحشاءك، حقيقة، هو ما تكون أنت عليه. اعرف نفسك على حقيقتها وإلاّ عشت على التمويه. كذبت ويكذبون عليك. لا تكن كثير الكلام في موضوع العطاء. هذا لا ينفعك. يزيدك رسوخاً في أوهامك وخيالاتك. فقط إذا مِلتَ إلى العطاء من حاجتك كنت معطاء. فضلاتك لا يُفترض بها أن تعني لك عطاء. فقط إذا هربتَ من العطاء قدّام الناس كنت معطاء حقّاً. في الخفاء حتّى عن نفسك بمعنى. لا تسمح لأفكارك أن تشرد في ما أعطيت. انسَ أنّك أعطيت. كلّما مالت نفسك إلى الفقر كلّما كان ما تعطيه مما لديك أصيلاً. هنا صراع النفس. إذا لم يسعَ المرء إلى كسر حلقة الخوف على النفس فإنّ الطمع بحجة الخوف على النفس يأكل فيك الأخضر واليابس. حدّك، لكي تتخلّص من الطمع، أن تكون مكشوفاً بالكامل لعين الله ولعين نفسك. بشريّاً هذا أعظم الصراع وأعظم الجهاد. إذا قَوِيَ الإنسان، بنعمة الله، على شيطان الطمع قَوِيَ، بيسر، بنعمة الله، على كلّ شيطان آخر. مصدر القوّة بالنسبة لكلّ الأهواء هو الطمع. وحده الطمّاع قيل عنه إنّه عابد أوثان (أف 5: 5). ووحده المال اعتُبر إلهاً. محبّة المال اصل لكلّ الشرور. والعكس أيضاً صحيح: محبّة الفقر لأجل الله أصل لكلّ الخيرات والبركات. إذا لم يصل المرء إلى حدّ عشق العطاء كما يعشق الناس الأخذ في العالم فلا زال عطاؤه بعد مشبوهاً ومغروضاً وغير آمن. طالما هناك ذرّة طمع فينا فمهما كانت عجينة العطاء كبيرة فإنّ خميرة الطمع، في عين الله، تفسدها. لا مجال للمساومة. إما حبّ المال وإما حبّ الله. إما أن يطيح هذا ذاك وإما يُفسد الأوّل الثاني. العالَم قائم في الجيب الملآن والملكوت قائم في الجيب الفارغ. خطأٌ التصوّر أنّك لتُعمر الكنيسة أنت بحاجة إلى مال. الكنيسة التي تنشأ على المال كنيسة دهريّة: مؤسسات وبنايات وعقارات وأمجاد ناس باسم الله... وخواء روحيّ! لتُعمر الكنيسة أنت بحاجة إلى إيمان وفقر. ربّك، إذ ذاك، يعمل من خلالك والكنيسةُ التي تزدهر، تكون كنيسة المسيح، كنيسة الحياة الجديدة، كنيسة الفضيلة، كنيسة التوبة، كنيسة المحبّة، كنيسة الخلاص. وكلّ ما عدا ذلك يعطيك ربّك إيّاه ويزيد، مالاً أو غير مال، طالما كان للمنفعة ولمجد اسمه القدّوس. ألسنا فقراء ونُغني كثيرين(2 كو 6: 10)؟! أما يُفترَض أن نكون كذلك؟! |
||||
03 - 06 - 2014, 02:38 PM | رقم المشاركة : ( 4433 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الغش والخداع ما أكثر أنواع الغش والخداع. وعلى الانسان الحكيم أن يحترس منها جميعاً. وقد يُخدع بها البسطاء. وللأسف حتى العقلاء أحياناً ينخدعون إن بالغوا في ثقتهم بالآخرين، ولم يفحصوا، ولم يدققوا كما ينبغى. وبخاصة لأن كثيراً من الذين يخدعون الغير أذكياء، غير أنهم يستخدمون ذكاءهم في الخطيئة أو الشر. وسنحاول هنا أن نتحدث عن بعض أنواع الغش والخداع: 1- الغش في تقديم المعلومات: وذلك بأن يقدم الشخص مفهوماً مخالفاً للحقيقة: بأن يعرض أنصاف الحقائق، أو أجزاء من الحقائق، لأن ما يخفيه سيُظهر عكس ما يقول. أو يقدم أسباباً ثانوية أو تمرَضية بدلاً من الأسباب الأساسية. أو يذكر بيانات كاذبة لتصديقها إعتماداً على الجهل بحقيقة الموقف. أو يستخدم وسائل تكنولوجية حديثة في فبركة الأخبار أو فبركة الصور، وما أكثرها في هذه الأيام. أو أنه يخدع غير الدارسين بذكر معلومات يدعى نسبتها إلى مصادر لا يكون في مقدورهم الإطلاع عليها والتأكد منها. أو ينشر أخباراً بعناوين مثيرة، بينما من يدقق في قراءة المحتوى لا يجده يثبت ذلك. وما أكثر الطرق في الخداع بالمعلومات الخاطئة أو المبالغ فيها إلى حد بعيد، ولكنها تترك تأثيرها في من لا يتقن الفحص والعمل على تقصى الحقائق، أو من لا يجد وقتاً لذلك. 2- الجاسوسية هي لون آخر من الخداع: وذلك على مستوى الدول وليس مجرد الأفكار. ويعمل في هذا المجال أشخاص مدربون تدريباً دقيقاً، ولهم قدرة على التخفى، والظهور بغير حقيقتهم، والإدعاء بأنهم مواطنون مخلصون. ويعرفون كيف يندسّون في الأوساط التي يريدون كشفها للعدو، بحيث لا يلاحظهم أحد... وغالباً تمضى عليهم مدة طويلة دون أن تظهر حقيقتهم. وبالنسبة إلى البعض ربما لا تظهر حقيقتهم على الإطلاق إلا بعد رحيلهم أو فوات الفرصة. وهم أيضاً مزودون بأجهزة تساعد على اداء مهمتهم، سواء في التصنت أو التصوير أو طريقة إرسال المعلومات... 3- الغش عن طريق التزوير: هناك أشخاص لهم دراية عجيبة في تزوير الامضاءات، أو تزوير الأختام، أو تزوير الوثائق الهامة بوجه عام... وربما يستخدمون التزوير في حسابات البنوك، أو في الشهادات والبطاقات. أو قد يسرقون بطاقة شخص ويستخدمونها لشخص آخر. أو يقومون بتزوير شهادات يقدمونها إلى المحاكم لكسب قضية معينة. أو قد يكون التزوير لكسب المال، أو للأنتقام من شخص معين، أو الإيقاع به، وما إلى ذلك... 4- التزوير في العملية المالية، وفى المعاملات المالية: كأن يقوموا بتزوير ورقة مالية من فئة الجنيه، أو من فئة الدولار. ولا يستطيع كشف ذلك الا الخبراء المتخصصون أو من تعاملوا مع ذلك. ولكن عامة الشعب قد لا يستطيعون أن يفرقوا بين العملتين المزيفة والسليمة. ومن جهة التزوير في المعاملات المالية: من يحاول أن يقدم تقريراً مزوراً عن ذمته المالية، أو عن موقفه من الضرائب المطلوبة منه، أو موقفه من الجمارك... لكى يفلت من مطالبة الدولة له... 5- الغش في التجارة، وفى البيع والشراء: مثل الغش في المكاييل والموازين والمقاييس، أو الغش في نوع البضاعة، أو عرض بضاعة فاسدة كأنها بضاعة سليمة، أو الغش في الثمن، أو تقديم بضاعة يقولون إنها (مضروبة). أو شئ على أنه جديد بينما يكون قد سبق استعماله. أو الغش في بيع عقار يكون ملكاً لآخر، والشارى لا يدرى، أو يكون مرهوناً أو عليه ديون لم تدُفع.. ولعل من أخطر أنواع الغش، الغش في الأدوية وبخاصة التي تتوقف عليها حياة المريض، أو يتوقف عليها علاجه... 6- الغش في الزواج: كأن يتزوج شخص امرأة على أنها بكر، وهى ليست كذلك، أو قد فُضّ غشاء بكارتها وعولج ذلك شكلياً بطريقة الخداع. وهذا النوع من الغش يمكن أن يُحكم فيه قضائياً ببطلان الزواج. أو قد يقدم طالب الزواج شهادة (عدم موانع) تكون مزورة، أو يكون مرتبطاً بزيجات اخرى ويخفيها... أو مريض بمرض خطير ومعدى ويخفيه، أو مصاب بعجز جنسى كامل ويخفيه... مصدر المقال: موقع الأنبا تكلاهيمانوت. وهناك أنواع خداع اخرى قد لا تنكشف إلا بعد الزواج. هذا كله غير خداع آخر يحدث داخل نطاق الزيجة، ربما تكون من نتائجه ما يُسمى بالخيانة الزوجية... 7- الغش في المودة وفى الإخلاص: * ليست كل مودة يظهرها الإنسان لغيره تكون مودة خالصة نقية. فقد تكون أحياناً مظهرية وتكشفها الأحداث فيما بعد، أو لا تنكشف مختفية وراء ألوان من الرياء أو النفاق أو الخداع.. وفى كل ذلك لا يكون الشخص مخلصاً لمن يتظاهر بمحبته أو بالولاء له. ويظهر هذا أيضاً في تملق بعض الموظفين لرؤسائهم وللمسئولين عنهم في العمل أو في الهيئات التي ينضمون اليه * ومن أمثلة المودة الزائفة، ما يظهره شاب نحو فتاة من الحب، أو من رغبته في الزواج بها، حتى تطمئن اليه وتصّدمة ثم يتخلى عنها أخيراً بعد فترة من الخداع والكلام المعسول. ويكون ما أظهره من مودة أو حب، إلا لوناً من اللهو أو الشهرة وليس غير..! * ولعل أخطر نوع من المودة الزائفة، الذي يكون في حقيقته عدواً، وفى خداعِ يبدو كأنه صديق. وعنه قال الشاعر: ويا لرُبّ خدّاع من الناس تلاقيهِ يعيبُ السمّ في الأفعى وكل السمّ في فيهِ 8- هناك أيضاً الغش في الإمتحانات: وهذا أمر معروف ويحدث كثيراً بين تلاميذ المدارس. أما بالنسبة إلى الكليات الجامعية، فمن الصعب أن يكون هناك غش في الإمتحان الشفهى أو العملى. ولكن يمكن أن يحدث الغش في الامتحان التحريرى... هناك أنواع اخرى من الغش والخداع، ربما تظهر مثلاً في من يخدع الناس بالبر والتقوى وهو غير ذلك تماماً، أو من ينسب إلى نفسه معلومات تكون لغيره، كما يحدث في السرقات الفكرية أو الشعرية.. لكننى أكتفى بما قلته الآن بايجاز، فموضوع الغش والخداع واسع ومتفرع ومتنوع، مما لا يسمح به المجال. |
||||
03 - 06 - 2014, 02:42 PM | رقم المشاركة : ( 4434 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الحسد الحسد بمعناه اللغوي هو تمني زوال النعمة أو الخير من المحسود. وتحوّل هذه النعمة والخير إلي الحاسد وبهذا المعني يكون الحسد خطية مزدوجة: فتمني زوال النعمة عن المحسود خطية. لأنه ضد المحبة.. فالمحبة لا تفرح بالإثم. بل تفرح بالحق. والكتاب يقول : "لا تفرح بسقطة عدوك. ولا يبتهج قلبك إذا عثر". فكم بالأكثر إن كان الشخص الذي تتمني زوال النعمة عنه ليس عدواً. ولم يفعل بك شراً! كذلك تمني تحول تلك النعمة بدلا منه إلي الحاسد. يحمل خطية اخري. فهو شهوة خاطئة. لأنها رغبة في الارتفاع علي حطام الغير. لذلك فالحسد شر في كنهه وتفاصيله.. *** "لا تحسد أهل الشر. ولا تشتهِ أن تكون معهم". وهنا يرتبط الحاسد بشهوة الخطية. فيحسد الذين يرتكبونها. حين لا يكون بإمكانه أن يفعل مثلهم. وهذا يدل علي عدم نقاوة القلب. وبأن القلب توجد فيه محبة الخطية.ولا توجد فيه محبة الله التي تقي المؤمن من أن يحسد الأشرار علي شرهم. وقد يحسد البعض الأشرار لأنه يجدهم متنعمين في الحياة بلا مانع ولا عائق! وفي الواقع كثير من تمتعات الأشرار تكون إما بملاذ الجسد وشهواته. وهذه لا تدوم. ولها ردود فعل عكس ما يتمتعون به. وقد تجلب معها أحيانا الفقر أو المرض أو سوء السمعة.. *** كمن يستطيع إلي غرضه بالرشوة. أو بالكذب أو بالرياء والنفاق. أو بألوان من الحيلة والطرق الملتوية. مما لا يستطيع الابرار المتمسكون بالقيم والمبادئ السامية.. ولا شك أن ما يصل إليه كل هؤلاء هو أمر لا يباركه الله. وهو أيضاً متع أرضية قد تفقدهم أبديتهم.. وفي نفس الوقت ما أسرع زوالها.. انهم مثل الدخان الذي يرتفع عالياً فوق الأرض. وتتسع رقعته. وفي ارتفاعه واتساعه يضمحل ويتبدد.. هكذا ارتفاع الأشرار! وكم رأينا منهم اسماء لامعة ظهرت حيناً ثم انطفأت. وكما يقول الشاعر: ما طار طيرى وارتفع .. إلا كما طار وقع. *** هل النار التي هي تحت. في الموقد. تحسد الدخان الذي ارتفع عالياً إلي فوق؟! وهل الاستاذ الجامعي المتعمق في العلم. يحسد تلك الراقصة التي قد تحصل في يوم واحد علي أكثر من مرتب هذا الأستاذ في شهر؟! كلا. فالارتفاع أيضاً له موازينه وقيمه.. وهل الموسيقي الهادئة العميقة في لحنها. تحسد تلك الطبلة في صوتها العالي وما تحدثه من جلجلة وصخب؟! إن العمق قد لا يلفت الأنظار مثل المظهر... ومع ذلك له قيمته التي هي أقوي وأقيم من كل أصحاب المظاهر.. *** الشياطين يحسدون الأبرار علي برهم. بينما هؤلاء الشياطين قد فقدوا البر. وفسدت طبيعتهم. وبعد أن كانوا ملائكة صاروا شياطين.. وهم يحسدون البشر علي رضي الله عليهم. بينما صاروا هم موضع غضب الله الذي طردهم من السماء. ولم يعد لهم مكان فيها.. ويحسدون البشر أيضا علي ما هم فيه من بركة ومن نعمة. بينما هم في لعنة بسبب شرورهم وعنادهم. كذلك هم يحسدون البشر علي المصير الذي سيتمتعون به في النعيم الأبدي. في السماء الملائكية.. لذلك كله. هو - في حسده للبشر - يعمل علي إسقاطهم لكي يكون لهم نفس مصيره. ولا يتمتعون بنعيم قد فقده هو. ولا ببركة هو فقدها.. ولهذا فكلما سار الانسان في طريق الفضيلة. يحاول الشيطان بحسده أن يبعده عنها. وأن يغريه بطريق مضاد. ويصور له شرور الدنيا بأنها ملاذ ومتعة. فإن سرت في طريق الخير. ووجدت عقبات وعوائق تعترضك. ربما تكون هذه من حسد الشياطين وأحقادهم علي الأرض. *** بل يعمل علي إيذائهم. وحسده لهم ذو طابع معين. فهو يعمل علي حرمانهم من نعمة الله التي معهم. ولكنه لا يهدف مطلقاً إلي تحويل هذه النعمة إليه لأنه يعرف تماماً أن هذا مستحيل. لذلك فحسد الشيطان هو حسد هدّام. وأيضا هو حسد مخادع. فهو يحاول أن يقنع الإنسان بأنه يعمل لصالحه. وانه دائما يجلب له اللذة والبهجة والمتعة. وأنه يبذل كل حيله الشيطانية لكي يحقق له أغراضه. مما لا يحققه له القانون ولا تكفله له التقاليد فإذا انخدع به الإنسان. وسلّمه قيادة اموره. حينئذ يسقطه. ويفرح بسقطته. ويجعله واحداً من أعوانه.. *** ليس كل غيرة لوناً من الحسد. وليس كل غيرة ضد المحبة فهناك "الغيرة في الحسني" وهي إحدي الفضائل. إنها الغيرة التي تتحمس لفعل الخير. وتحاول أن تقلّد. حينما تسمع عن فضائل الأبرار. سواء الذين انتقلوا من هذا العالم. أو الذين مازالوا أحياء. فتغار منهم غيرة حارة لكي تتمثل بأعمالهم. لا أن تحسد الحسد الذي يتمني زوال النعمة من الغير. بل هذه الغيرة المقدسة تفرح بفضائل الآخرين. وتتخذهم قدوة وأحياناً هذه الغيرة تملك علي القلب. حينما تجد مجالاً ينبغي أن يُفعل فيه الخير. فتشعل القلب حماساً. وتدفع الإرادة لكي تعمل. ولولا هذه الغيرة ما قام المصلحون في شتي العصور. لتغيير أوضاع خاطئة. وإرساء أوضاع سليمة. ونحن كثيراً ما ندعو أبناءنا أن يغاروا من الناجحين والمتفوقين لكي يكونوا مثلهم.. *** والذي يحب الفضلاء. لا يحسدهم بل يقلدهم. وعموماً فإن كل من يحب إنساناً. يتمني أن تزيد نعمة الله عليه. لا أن تزول النعمة منه. ولهذا فإن المحبة لا تحسد.. إن أحببت إنساناً. فإنك تفضله علي نفسك. وهكذا لا يمكن أن تشتهي أن يتحول الخير منه إليك.. فالمحبة تبني ولا تهدم.. وهكذا فإن الأم التي تحب ابنتها. لا يمكن أن تحسدها علي زواج موفق. بل انها تسعد بسعادتها. وتكون في خدمتها في يوم فرحها: تبذل جهدها أن تكون ابنتها في أجمل صورة وأجمل زينة.. كذلك الأب أيضاً يفرح بنجاح ابنه. ولا يمكن أن يحسده علي نجاحه. بل يفخر بذلك. ويريده أن يزيد نجاحاً علي نجاح. إن حافظ ابراهيم لم يحسد أحمد شوقي لما أختير أميراً للشعراء. بل في الحفل الذي أقيم لذلك قال في فرح: أميرَ القوافي قد أتيت مبايعاً... وهذي وفود الشرق قد بايعت معي قال حافظ إبراهيم هذا. بينما كان هو وأحمد شوقي يعملان معاً في ميدان واحد هو الشعر. وكانت بينهما مطارحات شعرية كثيرة. ولكن لم تكن بينهما المنافسة التي تجلب الحسد. بل كانا صديقين.. *** بل كان ارتفاع الواحد منهم روحياً يشجع الآخرين ويقويهم. وكانوا يمجدون الله كلما برع أحدهم في حياة الفضيلة. ويشكرون الله بسببه. وتملكهم الغيرة المقدسة. فيفعلون مثلما يفعل. ويطلبون صلواته عنهم وبركته لهم. كذلك كان الأمر في عصور الاستشهاد. كانت هناك غيرة لنوال اكاليل الشهادة. ولم يكن هناك حسد. كانوا يفرحون كلما استطاع أحدهم أن يكمل جهاده ويقال الأمجاد. ويمجدون شجاعة الشهداء في أعمال بطولتهم. ويطوبونهم ويطلبون بركتهم.. *** هل الحسد يضرّ؟ وهل هناك ما يعرف باسم "ضربة عين" تؤذي؟! أولاً : الحسد يضرّ الحاسد. وليس المحسود: الحاسد تتعبه الغيرة المرّة. ومشاعر الحقد الأسود. ويتعبه شعوره بالنقص كلما قارن نفسه بالمحسود. ويقول الشاعر في ذلك: اصبر علي كيد الحسود.. فإن صبرك قاتلهْ فالنار تأكل بعضها.. إن لم تجد ما تأكلهْ وكذلك فإن الحاسد يتعبه فكره وسعيه في الاضرار بالمحسود. وقد لا يفلح في ذلك. ويزداد المحسود ارتفاعاً.. فيزداد هو غيظاً. وهذا طبيعي. لأن القلب الخالي من المحبة لابد أن يتعب... وقد يسعي الحاسد إلي التحرش بالمحسود وإهانته. فيقابله المحسود برقة ولطف. حسب سمو طبعه. فيتعب الحاسد من هذه الرقة ومن هذا اللطف. كما يتعبه فشله في إثارة المحسود. فتزداد فيه النار اشتعالاً!! *** أخوة يوسف الصديق حسدوه علي محبة أبيه له. وحسدوه علي أحلامه. فلم يضره حسدهم بشئ. ثم جاء دور المؤامرات التي تضر. فاحتالوا لكي يميتوه. ثم باعوه كعبد. ولكن الله كان مع يوسف. فتحولت كل الأمور إلي خيره. وكما قال هو فيما بعد لأخوته: "أنتم أردتم بي شراً. ولكن الله أراد بي خيراً".. اذن ينبغي ألا نخاف من الحسد. ولا من المؤامرات التي يدبرها الحاسدون. مؤمنين أن يد الله لا بد ستتدخل. وتحوّل الشر إلي خير. ولا تعطي مجالاً للحاسدين أن ينتصروا.. *** وللأسف. فإن بعض الناس يتداولون رواية هذه القصص الخيالية فيما بينهم. وكأنها حقيقة! وتمثل في داخلهم واقعاً وخوفاً..! منها ما يقال من أن شخصاً أراد أن يؤذي منافساً له. فاستأجر حاسداً مشهوراً من الذي له عين "تفلق الحجر".. وأوصاه بأن يضرب هذا المنافس عيناً ترديه أرضاً. ولما كان الحاسد لا يعرف ذلك المنافس. قال له الرجل الذي أستأجره: "سأريك إياه وأشير لك عليه". ووقف الاثنان في آخر الطريق. فلما ظهر ذلك المنافس في أول الطريق من بعيد. أشار إليه منافسه. وقال للحاسد: "انظر هوذا هذا الرجل القادم من بعيد. يلبس حلّة سمراء. ونظارة علي عينيه. وبيده حقيبة صغيرة. إنه هو".. وهنا قال له الحاسد: "هل نظرك قوي إلي هذه الدرجة التي رأيت فيها الرجل من ذلك البعد الكبير. بكل هذه التفاصيل؟!" ونظر إليه في تعجب. وإذا سحابة مرت علي عينيه فلم يعد يبصر!! انها قصة خيالية خرافية. يرويها البعض عن "قوة عين الحاسد"! *** ولو كان ضربة عين كما يتخيلون. لكان كل الناجحين والمتفوقين يخفون نجاحهم ونجاح أولادهم. لئلا تصيبهم أعين الحاسدين!! ثم ماذا عن النجاح الذي لا يمكن اخفاؤه. كأوائل الجامعات وأوائل الثانوية العامة. وأبطال الرياضة الذين ينالون الميداليات الذهبية. والعلماء الذين يحصلون علي جائزة الدولة التقديرية. وماذا أيضاً عن ملكات الجمال كل عام. والحائزين علي جائزة نوبل؟! هل تصيب كل هؤلاء أعين الحسّاد. فتلقيهم أرضا؟! كلا يا إخوتي. فضربة العين الضارة هي مجرد خرافة.. |
||||
03 - 06 - 2014, 02:44 PM | رقم المشاركة : ( 4435 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الغضب وحفظ الإساءة من كتاب الأبجدية الروحية للقديس ديمتريوس روستوف إن قول الرب لجليٌ وواضح، لكنه أيضاً رهيب: (( كلُ مَنْ يَغضب على أخيه باطلاً مُستوجِبَ الحكم)) (متى 22:5). لا تغضب أبداً على أي أحد (( حتى ولو كان قد أساء إليك ))، (( لأن غضب الإنسان لا يَصنَع بِرَّ الله )) (يعقوب 20:1). لهذا (( اغضبوا ولا تخطأوا. لا تَغرُبُ الشمسُ على غيظكم... ليرفع من بينكم كلُ مرارةٍ وسُخطٍ وغضبٍ وصياحٍ وتجديفٍ مع كلِّ خُبثٍ. وكونوا لطفاء بعضكم نحو بعضٍ شفوقين مُتسامحين كما سامحكم الله أيضاً في المسيح )) (أفسُس 26:4 ، 32:31) لا تغضب أبداً على أي إنسان ولا لأي سبب كان. إلا إن أراد أحدٌ أن يفصلك عن الله وعن محبته، لكن من لديه القدرة أن يظفر بهذا، إلَّمْ تكن تريده أنت ذاتك؟ (( أكفُف عن الغضب ودَع عنك السخط. لا تغتظ لئلا تأثم. لأن عمال الإثم سوف يُستأصلون. أما الذين ينتظرون الرب فإنهم يرثون الأرض )) (مزمور 8:36 - 9). أنقش على قلبك هذه الوصية الواضحة التي أعطاها الله بفم النبي، واطرح عنك بعيداً هوى الغضب، لا يوجد أي سببٍ في العالم يجعلك تغضب أو تسخط ما عدا الظروف التي يُهان فيها مجد الله ويُحتقر ناموسه، عندئذ يجب أن يرتبط الغضب بالتمييز كيلا تؤذي نفسك. ((أغضبوا ولا تُخطئوا)) (أفسُس 26:4 ). هذا ما أوصى به الرسول بحكمة الإنسان الغضوب أعمى ومجنون. لا يدري ماذا يقول وماذا يفعل. دائماً بعد ثورانه يندم بمرارة عن كلِّ ما فعله وما قاله من سخافة؛ لأن الغضب غير المُوروَّض يُشوش الذهن، ويقلق النفس، ويرهق العقل، ويبعد روحَ الله، ويترك الإنسان وحيداً خاوياً بين يدي الشيطان. من يُروِّض غضبه بسرعة يستطيع أن يضبط نفسه من الشرور. إن حدث مرَّةً وأغضبك أحدُهم، لا تقل شيئاً ابداً، بل اصمُت وارحل ولا تسمح للهيب الغضب أن يخرج منك. لأنه سيحرقُك مع المحيطين بك. وعندما يهدأ قلبك، قلْ، إن احتاج الأمر، كلمتَي محبة من أجل المنفعة والبناء. قولٌ واحدٌ وديعٌ وهادئ سيكون أكثر إثماراً وإقناعاً من آلاف الكلمات الغاضبة!... في النهاية، تذكر دوماً أنك لو كنت متواضعاً لما غضبت، فالغضب هو الابن المُصطفى للغرور، فحيث يظهر التواضع يتلاشى الغضب كالدخان. من غلات الغضب حفظ الإساءة الغضب وحفظ الإساءة حفظ الإساءة هي حفظ للغضب وشرُ مستمر، وسوُس النفس، ومسمارٌ مغروزٌ في النفس لا يتزعزع، فهو قاتل المحبة والصلاة والتوبة وكل الفضائل. إن أردت أن تنتصر على حفظ الإساءة فعليك أن تحارب هوى الغضب الذي يولدها. لكن إن أردت أن تقضي عليها فعليك عندئذٍ أولاً أن تجتهد لاقتناء المحبة والتواضع. وإلى ذلك الحين استعمل - كبلسم مهدئٍ للأعصاب - ذكر آلام الرب يسوع المسيح، لأن تذكر آلام السيد المسح الرهيبة وموته على الصليب ستلين نفسك الحافظة للإساءة لأنك ستشعر بخجل بالغ وأنت تفكر بتسامحه اللامتناهي. |
||||
03 - 06 - 2014, 03:04 PM | رقم المشاركة : ( 4436 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الذاتية وإنكار الذات لا تظنوا أيها الأخوة الأحباء أن عبادة الأصنام قد تلاشت من الأرض. فهناك صنم خطير يكاد يعبده الكل.. انه الذاتego.. كل إنسان مشغول بذاته، معجب بذاته، يضع ذاته في المرتبة الأولى من الأهمية. . أو في المرتبة الوحيدة من الأهمية.. يفكر في ذاته، ويعمل من أجل ذاته ، ويهمه أن تكبر هذه الذات، بل تصير أكبر من الكل، ويهمه أن تتمتع هذه الذات، بشكل اللذات، بأى ثمن، وبأى شكل. هذه هي الذاتية، أو التمركز حول الذات.. وفيها يختفى الكل، وتبقى الذات وحدها. فيها ينسى الإنسان غيره من الناس، أو يتجاهل الكل وتبقى ذاته في الصورة، وحدها.. ولا مانع من أن يضحى بالكل من أجل ذاته.. وأن يفكر هذا الإنسان في غيره، يكون تفكيره ثانوياً، في المرحلة التالية لذاته أو قد يكون تفكيراً سطحياً، أو تفكير عابراً.. وإن أحب ذلك الإنسان الغارق في الذاتية، فإنه يحب من أجل ذاته، ويكون من يحبه مجرد خادم للذاته.. هو لا يحب الغير من أجل الغير، وإنما يحب من يشبعه في ناحية ما... يحب مثلاً من يمدحه، أو من يقضى له حاجياته، أو من يشبع له شهواته أو من يحقق له رغبة معينة.. فهو في الحقيقة يحب ذاته لا غيره وما حبه لغيره سوى وسيلة يحقق بها محبته لذاته. لذلك لا مانع عند هذا الشخص أن يضحى بهذا الحب إذا اصطدم بذاته ورغباته. ولعل هذا يفسر لنا الصداقات التي تنحل بسرعة إذا ما اصطدمت بكرامة ذاتية أو غرض ذاتى.. ولعل هذا يفسر لنا أيضاً الزيجات التي تنتهى إلى الطلاق أو إلى الانفصال بينما يظن البعض أنها قد بدأت بحب، وبحب عنيف أو عميق.. قطعاً أن ذلك لم يكن حباً بمعناه الحقيقى لأن في الحب تضحية، وفيه احتمالا وبذلا وعذراً للآخرين. والمحبة كما قال الكتاب: "تحتمل كل شيء".. كان في محبتهم عنصر الذاتية، لذلك ضحوا بهذه المحبة على مذبح الذاتية أيضاً.. إن المحبة تصل إلى أعماقها حينما تتكلل بالبذل.. إن المحب الحقيقى هو الذي يضحى من أجل أحبائه بكل شيء، ولو أدى الأمر أن يضحى بذاته.. وكما قال الإنجيل: "ليس حب أعظم من هذا، أن يضع أحد نفسه عن أحبائه" أما المحبة التي تأخذ أكثر مما تعطى، فهى ليست محبة حقيقية، إنما محبة للذات. كذلك المحبة التي تحب لتأخذ.. إنها تحب ما تأخذه، ولا تحب من تأخذ منه. لذلك كانت محبة الله محبة كاملة مثالية، لأنها باستمرار تعطى دون أن تأخذ ولذلك أيضاً كانت محبة الأم لطفلها محبة حقيقية، لأنها باستمرار تعطى وباستمرار تبذل.. ولكن لعل إنساناً يسأل: ولماذا لا نحب ذواتنا؟ وأية خطيئة في ذلك؟ ومن من الناس لا يحب ذاته؟! إنها غريزة في النفس.. نعم، جميل منك أن تحب نفسك، ولكن تحبها محبة روحية تحب ذاتك من حيث أن تهتم بنقاوة هذه الذات وقداستها وحفظها بلا لوم أمام الله والناس.. و تحب ذاتك من حيث اهتمامك بمصيرها الأبدى ونجاتها من الدينونة الأخيرة حينما تقف أمام منبر الله العادل لتعطى حساباً عن أعمالها وعن أفكارها ونياتها ومشاعرها.. هذا هو الحب الحقيقى للذات.. الحب الذي يطهر الذات من أخطائها ومن نقائصها، ويلبسها ثوباً من السمو والكمال. وهناك شرط آخر لمحبة الذات الحقيقية، أن الإنسان في محبته لذاته يحب جميع الناس، ويكون مستعداً أن يضحى من أجلهم بكل ما يملك، ولو ضحى بذاته أيضاً... لا يجوز لك أن ترتفع على جماجم الآخرين، ولا أن تبنى سعادتك على شقائهم، أو راحتك على تعبهم.. ضع مصلحة الآخرين قبل مصلحتك، وفضل خيرهم على خيرك. ودرب ذاتك كيف تضحى من أجل الناس، سواء شعروا بهذه التضحية، أو لم يشعروا، وسواء شكروا عليها أو لم يشكروا... من هنا علمنا السيد المسيح فضيلة عظمى، وهى إنكار الذات.. وشرح لنا كيف أن الذي يحب أن يسير في طريق الرب، عليه أولاً أن ينكر ذاته. إن الشخص النبيل لا يزاحم الناس في طريق الحياة، بل يفسح لهم مجالاً لكي يعبروا، ولو سبقوه.. أنه يختفى لكي يظهر غيره، ويصمت لكي يتكلم غيره ويمدح غيره أكثر مما يمدح نفسه، ويعطى مكانه ومكانته لغيره ان كان بذلك يسعد نفسه من نفوس الناس.. إن الإنسان الكامل هو دائم التفكير في غيره، ومحبة غيره، وصالح غيره، وأبدية غيره، وقداسة غيره أما ذاته فيضعها أخر الكل، أو يضعها خادمة للكل.. إنه لا ينافس أحداً من الناس. طريق الله يسع الكل.. وهو يشعر بسعادة عميقة كلما أسعد إنساناً يجد سعادته في سعادته، وراحته، يجد فيهم ذاته الحقيقية. لا ذاته الشخصية.. إنه يفرح لأفراحهم، ولو كانت الآلام تحيطه من كل جهة.. وإن أصابهم ألم لا يستريح، وإن كانت وسائل الراحة تحت قدميه.. إنه شمعة تذوب لكي تضئ للآخرين.. لا تفكر في ذاتها إنها تنقرض، إنما تنشغل بالآخرين كيف يستنيرون.. وفى أنارتها للناس لا تفرح بأنها صارت نوراً إنما تفرح لأن الآخرين قد استناروا.. ذاتها لا وجود لها في أهدافها.. ولو فكرت في ذاتها، لما استطاعت أن تنير للناس.. إن أنجح الناس في المجتمع هم الأشخاص المنكرون لذواتهم وأكثر الناس فشلاً هم الأنانيون. إن انجح أدارى هو الذي يعطى فرصة لكل إنسان أن يعمل، ويشرف على الكل في عملهم، ويبدو هو كما لو كان لا يعمل شيئاً بينما يكون هو مركز العمل كله. وأكثر إنسان محبوب في العمل، هو الذي كلما نجح عمله، يتحدث عن مجهود فلان وفلان، وينسب النجاح إلى كثيرين غيره، ويختفى هو كأنه لم يعمل شيئاً.. وكأنه يفرح بنجاح غيره لا بنجاح نفسه... إن الناس يفرحون بمن يعطيهم فرصة، وبمن يقدرهم، وبمن يشيد بمجهودهم. أما الإنسان المتمركز حول ذاته، الذي يخفى الناس لكي يظهر هو، ويعطل كل الطاقات لكي يمجد طاقاته الخاصة، فإنه يفشل في كسب محبة الناس، وقد يفشل العمل كله بسببه... الإنسان المخلص يهمه أن ينجح العمل، على أى يد تعمله. أما الأنانى فيهمه أن يتم النجاح على يديه، ولو أدى الأمر إلى تعطيل العمل كله. إن ذاتيته هي العقبة الكؤود التي تعرقل كل نجاح. الإنسان المتمركز حول ذاته لا يفكر في راحة غيره، سواء كان راحة فرد أو راحة المجتمع كله. ربما لا يهتم بالصلح العام، ولا بالنظام العام، وإنما يرضيه فقط أن يجد طريقة.. لذلك فإن الأنانيين هم أكثر الناس كسراً للقوانين. الرجل الكامل ينكر ذاته في علاقته بالناس، وأيضاً في علاقته بالله.. وما أجمل قول المرتل في المزمور "ليس لنا يارب ليس لنا، ولكن لاسمك القدوس اعط مجداً" إنه يبحث عن مجد الله وعن ملكوت الله أولاً وأخيراً.. يهمه أن يطيع وصية الرب، ولو أدى به الأمر أن يغضب ذاته، أو يضغط على نفسه، أو يضحى براحته. إنه يبذل ذاته من أجل وصية الله.. حتى في صلاته، ينسى ذاته ويذكر الله.. إننى أتعجب إذ أجد كثيرين في صلواتهم متمركزين حول ذواتهم.. كل صلواتهم طلبات خاصة.. يزحمون الصلوات بطلباتهم ورغبتهم، وأيضاً بخطاياهم واعترافتهم.. أما الله وملكوته فلا يشغلهم في الصلاة.. ما أجمل ذلك المصلى الذي يقول في صلاته: (من أنا يارب، التراب والرماد، حتى أتحدث عن ذاتى وطلباتى في صلاتى. أريد أن أنسى نفسي وأذكرك أنت، أريد أن أسبح في جمالك غير المدرك، وفى كمالك غير المحدود.. أريد أن أتأمل في صفاتك الإلهية التي تبهرنى فأنس ذاتى.. وعندما أنسى نفسى، سأجدها فيك، في قلبك الكبير المحب.. هذا القلب الذي احبه من أعماقى، والذى أود أن أحيا عمرى كله وأبديتى أيضاً متأملاً في محبته، وحنوه، وعفوه، ورقته، وطول أناته واشفاقه على الخطاة الذين أولهم أنا).. |
||||
03 - 06 - 2014, 03:05 PM | رقم المشاركة : ( 4437 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مصيبة الحَسَد للقديس باسيليوس الكبير ليس في قلب الإنسان شهوة أسوأ من الحسد، فهو شيء لا يؤذي المحسود وحده، بل يقرض قلب الحاسد نفسه قرضا عميقًا، ويفعل فيه فعل الصدأ بالحديد. هو حزن تُحْدثه سعادة القريب. ودواعيه عند الحسود كثيرة: إن أخصب حقل جاره... او جمُل منظر داره... او كان سعيدًا مع أهله. كلّ هذه أمور توغر صدره وتزيد ألمه. فهو كالمسلوخ حيًا يؤلمه كل شيء. إن رأى شخصًا قويا ومعافًى، اغتمَّ، وإن قابل إنسانًا جميلًا، او آخر ذكيًا، جُرح، وإن علم أن أحدًا ناجح، أحسّ بما يُدمي قلبه. وأشقّ ما في هذه الداء انه مرض مخجل: ترى الحسود خافض البصر، كالح الوجه، يشكو ويُهزل، فتسأله عمّا به فيستحي أن يقول: إني حسود، أشعر بمرارة في نفسي، أتعذّب من سعادة صديقي ولا أطيق الآخرين، وأرى سعادة القريب سيفًا يمزّق أحشائي. هذا كان يجب أن يبوح به، ولكنه يفضّل الصمت، ويحتفظ بدائه الذي يضنيه ويفنيه. وما من طبيب ولا من دواءٍ يشفي هذا المريض، لأنّ ما يرجوه من عزاءٍ هو في خراب من يحسدهم. ولا حدّ لبغضه الا زوال نعمة قريبه. اذ ذاك ينهض ويُظهر له المودّة، حينما يراه باكيا. لا يعرف الفرح مع الفرحين بل يعرف البكاء مع الباكين. يتأسّف لوقوع النكبة، لا عطفًا على المنكوب، بل لكي يزيد إيلامها بذكر المفقود. |
||||
03 - 06 - 2014, 03:08 PM | رقم المشاركة : ( 4438 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ضد الزنى للقديس غريغوريوس النيصّي نقلها إلى العربية المطران أبيفانيوس زائد "أما الزاني فإنه يجرم إلى جسده" (كورنثوس الأولى 18:6). إن بوق مواعظ الرسل الهائل يخطر الجند بكثير من قوانين الفضائل ليبعد الناس عن خطر الإهمال مضيفاً إلى ذلك المرسوم الحربي الآتي: أهربوا من الزنى لأن كل خطيئة يفعلها الإنسان هي خارج الجسد أما الزاني فهو يجرم إلى جسده. ولهذا، فالقديس بولس الرسول الخبير بأساليب الحرب الروحية يقود جنوده ويدرّبهم على استعمال أنواع المهارة؛ فتارةً يحثهم على الثبات أثناء المعركة: "انهضوا إذن وشدّوا أحقاءَكم بالحق" (أفسس 14:6). وإن رسم بكلامه لك صورة الزنى فأدِرْ له ظهرَك واهرب منه حتى لا تلتقيه، لأن الزنى يصوب سهامه إلى العين رأساً. لذلك يجب أن تضع نصب عينيك قول قائد جنود المسيح: "اهربوا من الزنى لأن الزنى نقيصة يجب الفرار منها أكثر من سواها". وهكذا إذا أمعنّا النظر في أعمال الخطيئة نرى غالباً أن الربح ينال في الظاهر المعتدين. أما الزنى فلا يعرف هذا التقييم ولا يفصل الجسد عن العمل. الزنى يسبب الضرر للإثنين معاً لأنه يدنّس الزاني والزانية بالإتحاد بالزنى، فالذي يدنّس جسد غيره يدنس نفسه أيضاً. قد لا يموت القاتل حينما يقتل غيره أما الزاني فإنه يُعَد دنِساً أيضاً. اهربوا من الزنى يوصي الرسول المملوء حكمة. لأن كل خطيئة يفعلها الإنسان هي خارج جسده. أمّا الزاني فيجرم إلى جسده؛ وهو ليس كالقاتل الذي يجرم إلى جسد غيره فقط ويحافظ على جسده، ولا كالطماع والسارق وغيرهما الذين يقصدون الضرر بغيرهم ويحافظون على أجسادهم... يُقدِم السارق على السرقة ليغذّي جسده. أما الزاني فيسلب جسده ويضعفه ويدنّسه. إن مجد الآخرين يؤلِم الحسود. أما الزاني فيهدم جسده بيده. كلّ خطيئة عار لأنها تثلم شرف النفس. أما الزاني فهو عبد الخطيئة الأحمق، لأنه بإرادته يدفن نفسه ويجمع كوماً من الأقذار حوله. أفليس من العته أن يسير الإنسان بين الأقذار، وأن يدور حول ما يشينه وأن لا ينزع عنه الأطمار الوسخة البالية؟ إن الزاني يُفصل عن جسد الكنيسة المقدسة ويهدم نفسه بالفساد اليومي أي بملذات الخطيئة ويتعرّض للشيطان الذي طبع عليه نتانته وفساده. إن حالة الزاني الخارجية لا تقل رداءة عن حالته الداخلية فهو غمّ لوالديه وعار لأقربائه وسخرية لأهل البيت وموضوع للهزء أمام الجيران ومدعاة احتقار الجميع. إنهم يهربون منه ويطردونه إذا رام الزواج، وإذا تزوّج فهو زوج مشبوه. لذلك أوصى الرسول بالفرار من الزنى. إن كلمات الرسول تذكرنا فوراً بيوسف الفتى الضعيف الذي تمت له الغلبة والمجد بهربه من الزنى المصري. أمور كثيرة كانت تغويه. السن الذي يقوى فيه حب الملذات، وغواية السيدة الجميلة ومراودتها له. فما أعظم فضل العفاف! لقد حوّل السيدة إلى أمة للعبد. إن المغرِي على الزنى كان واقفاً بالمرصاد يجذب الرداء مع الزانية شاعراً بحيلتها، وغير عالم أنه داخل في العراك مع فتى ماهر مدرب عفيف قادر على التخلص من السقوط في شرك المكر والدهاء. الكتاب المقدس يقول: "وترك رداءه بيدها هارباً منها إلى الخارج". ماذا كانت نتيجة هذا الفجور المصري؟ إنها ترمي الذنب على يوسف إذ أسرعت إلى زوجها قائلة: "كيف جئتنا برجل عبراني ليتلاعب بنا وكان عندما رفعت صوتي وصرخت أنه ترك رداءه بجانبي وهرب خارجاً" (تكوين 13:39-15). هنا أيضاً يُفترى على يوسف العفيف بالرداء. نعم أيها الأخوة إن الجرم ثبت في بادىء الأمر على يوسف بسبب الرداء لأن المرأة اتهمته بالزنى حينما أخذت الرداء بيدها. وهنا يصحّ أن نتذكر كلام السيد المسيح : "وعلى لباسي يقترعون" (مز 19:21). فلو لم تظهر فضيلة العفاف في يوسف لقال اللائمون أن الحادثة هي عمل الصدفة العمياء. فلكي يتلافى الله هذه الأحاديث عن البار سمح بوقوعه في التجربة حتى تكون شهادة له وردعاً للمفترين. إذن لنكرهْ الأساليب التي تحبّب إلينا الزنى ولنبتعد عنها ولنغمض عيوننا عن ملذاته وفتنه وليكن العفاف حارساً لأجسادنا، ولتسدّ الطهارة أعضاءنا حتى تكون أجسادنا مسكناً للروح القدس، ولنكتب على صفحات القلب الحكم المعلِن مصير الخطأة الرهيب: "من يفسد هيكل الله يدمره الله" (1كورنثوس 7:3). |
||||
03 - 06 - 2014, 03:10 PM | رقم المشاركة : ( 4439 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أوّل جريمة في التاريخ كانت بدافع الحسد: قَتْل قايين هابيل. بعد ذلك صار الحسد المؤثِّر الأكبر في سلوك الإنسان. لذا قال الجامعة: "رأيت كل التّعب وكل فلاحِ عملٍ أنّه حَسَدُ الإنسان من قريبه" (جا 4: 4). وبين التخصيص والتعميم رأينا ما فعله إخوة يوسف بن يعقوب به أنّه كان من حسد (تك 37: 11). وكذا انحسد داثان وأبيرام من موسى وهرون فانفتحت الأرض وابتلعتهما ومَن وما لهما (مز 105: 16 – 18). والأبرز أنّ رؤساء الكهنة والكتبة والفرّيسيّين ومَن سايرهم أسلموا يسوع إلى الرومان حسداً (مت 27: 18). سفر الأمثال يصف قسوة الحسد بأنّها كنخر العظام (أم 14: 30) ولطبيعة الحسد العاصفة في النفس يتساءل كاتب سفر الأمثال: "مَن يقف قدّام الحسد" (أم 27: 4)؟ وفي أكثر من مكان في العهد الجديد يرد الكلام على الحسد في معرض الكلام على الرياء والخبث والخصام والقتل (1 بط 2: 1؛ تي 3: 3؛ 1 كو 3: 3؛ غلا 5: 21...). والحسد يأتي من عشق للذات لأنّ "المحبّة لا تحسد" (1 كو 13: 4) وتالياً من شهوة الإثم والرغبة في اقتناء ما للخطأة والآثمين. لذلك لا يكفّ الكتاب العزيز عن التنبيه: "لا يحسدنّ قلبُك الخاطئين" (أم 23: 17)، "ولا تحسد عمّال الإثم" (مز 36: 1) و"لا تحسد الظالم ولا تختر شيئاً من طرقه" (أم 3: 31) و"لا تحسد أهل الشرّ ولا تشتهِ أن تكون معهم" (أم 24: 1). أن يطلب المرء ما للصالحين وأن يغار لهم، فهذه غيرة في الحسنى وهي حسنة (غلا 4: 18). أما أن يبغض النور (يو 3: 20) ويكمن للبار لأنّه يضايقه (حك 2: 12) ويعمل على التخلّص منه لأنّه يقف في طريق مراميه الفاسدة فهذا حسد وشرّ وخبث ورياء. قليلون يعون أنّ الحسد حاكمٌ بأمره فيهم. يغلِّفونه بغير غلافه ويسمّونه بغير أسمائه. يتلبّسون بالعِلم والمنطق والموضوعية لتمويه ما في داخلهم. هذه حركة تلقائية فيهم. لا يعرفون حقيقة ما في أنفسهم ودوافعهم ونواياهم. الحسد طاقة سالبة تأخذ شكل حرارة داخلية تنبعث من القلب وتقبض على الأحشاء وتنتشر في النفس والجسد كتيّار كهربي وتحاصر العقل وتمسك بزمام الإنسان وتؤثّر في حركة الدم فتوجّه الفكر والتصرّف في اتجاه مناقضة الإنسان الآخر، موضوع الحسد. الحاسد، إذ ذاك، يوجّه عينه الداخلية إلى معاينة سيّئات المحسود منه. هذه تجعله مبرَّراً في عين نفسه وتبعث فيه نشوة فاسدة. أما حسنات مَن هو مقابله فلا يراها كحسنات أو هو يغضّ الطرف عنها أو يَسِمُها بِسِمَاتٍ ونوايا مُغْرِضة. وبسهولة يخترع على مَن هو، في العمق، غريماً له، سيئات شتى. هذه يتحرّك عقله ليستجمع معطيات متفرّقة لدعمها لا صلة لها بهذه السيئات. لكنّه يربطها بعضها بالبعض الآخر بحركة فكرية مبتدَعة فتَبرز وكأنّها سلسلة متراصة من البيّنات تؤكّد تفسير الحاسد لها. كل ذلك بخباثة عميقة ورياء راسخ. إذا ما سمع الحاسد غريمه يتكلّم استَنْفَرت قواه الداخلية للحال. ما يخطر بباله أو حتى ما يجاهر به يكون على هذا النحو: صوته منخفض، صوته مرتفع عنده لهجة عدائية، يستخف بعقول الناس لا يعرف العربية، ارتكب أخطاء نحوية طريقته وعظية، متشدّد، زمّيت فكره غير واضح أفكاره ينقصها الترابط، متفلسف! متفذلك! مَن يظنّ نفسه يكون؟! وإذا ما قرأ له شيئاً يشعر بالضيق والاختناق متى عَبَر بأفكار نيّرة أو كان أسلوب صاحبه سلساً لطيفاً. ويسعى إلى تهدئة نفسه في اضطرابها بالبحث عن العيوب الكتابية الأسلوبية والأخطاء اللغوية في ما يقرأ. ينتقد بسهولة. ويستلذّ النقض تحت ستار الدقة في الكتابة والفكر القويم. والحاسد، إن طرق مسمعه كلام فيه تعرّض لمَن يحسده، شعر بالانشراح. فكأنّه ينال مكافأة. والشخص الثالب يصير له، إذ ذاك، قريباً. أما إذا سمع كلاماً طيِّباً في شأن المحسود منه فإنّه ينزعج ويضطرب ويسعى إلى تشويه صورة غريمه أو يسكت على مضض إذا لم يكن الظرف مؤاتياً للكلام وهو متضايق مشوّش. ولأجل المفارقة، قد يسعى الحاسد إلى مصادقة المحسود منه ويتملّقه. يرغب في أن يكون قريباً منه ليطّلع على أسراره وخصوصياته. هذا يعطيه مادة أوفر للشماتة والتشهير به وتقديم نفسه فيما يقوله في شأنه كعارف وخبير. الحاسد يأكل نفسَه غيظاً وحمقاً. إذا ما قيل له عن غريمه إنّه مريض أولُ ما يتبادر إلى ذهنه القول: "بيستاهل"! "خلّي يتعلّم"! هذا لأنّه متكبّر، "شايف حاله"! إلغاء الحاسد مَن هو محسود منه يصير مطلباً. إلغاؤه، فكرياً، أول الأمر. اعتباره كأنّه غير موجود مع أنّ الحاسد يشعر بوجود غريمه ثقيلاً في نفسه. لا مانع لديه أن يساهم في تشويه صورته أو إفساد سمعته أو إلغائه من أفق الناس. ومتى استبدّ الحسد بنفس صاحبه يصير مستعداً لأن يرضى بالتخلّص منه أو حتى بالاشتراك في ذلك. المحسود منه للحاسد عدو. يعتبر نفسه في حال حرب معه. يوحي الحسد للحاسد بأنّ كرامته جريح. لذا تصرّفه حيال غريمه أدنى إلى الانتقام. ما يعانيه الحاسد يردّه إلى المحسود منه. هو السبب! كلّ مصيبتي منه! لا يهدأ له بال لا في ليل ولا في نهار إلاّ إذا أزعج غريمه وشوّه صورته. وإذا ما حلّت بغريمه مصيبة أو مَرِض مرضاً خطيراً فإنّه يشعر بأنّ السماء عينها تزكّيه. يجيِّر اللهَ لنفسه ولفكره ولموقفه. لو لم يكن صاحبه ملوماً لما حصل له ما حصل. أما بعد فإنّ في كل نفس حسداً. ليس أحد خالياً من هذا الداء. هذا من فعل السقوط، من عشق الإنسان لنفسه. والحسد يقوى أو يضعف بمقدار اقتبالنا له أو مقاومتنا إيّاه. ونحن مقاوموه باسترحام الله أولاً وبذكر حسنات غريمنا ثانياً وجعل سيئاتنا نصب أعيننا ثالثاً. فقط الله قادر أن ينجّينا من ضواري الحسد فينا بتعاوننا. طالما الإنسان مستكبر فلا يمكنه أن يعرف حقيقة ما يفعله الحسد فيه. عليه أن يتّضع، أن يعرف نفسه، أن يحسّ بخطاياه، أن يقرّ بأنّه تراب ورماد، ونعمة الله تسلّط الضوء على شناعة هذه الخطيئة الرهيبة فيه. وكلّما شعر المرء بالضيق مما في نفسه وبالقرف وانتظر، بصمت، خلاص إلهه، مثابراً على لوم ذاته وإدانة ما في نفسه وذِكْرِ الموت كلّما كان أدنى إلى الخلاص من وحش ولا أشرس... في نفسه! الأرشمندريت توما (بيطار) رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسي – دوما |
||||
03 - 06 - 2014, 03:18 PM | رقم المشاركة : ( 4440 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكذب هناك كذب على الصدق وكذب على الحقّ. الكذب على الصدق أن لا تصدق. أن تقول رأيت فلاناً وأنت لم تره. وأن تقول فعلت كذا وأنت لم تفعله.. أما الكذب على الحقّ فأن تقصد الإساءة والتضليل. أن تقول سمعت أنّ فلاناً سرق أو زنى. قد تكونُ سمعتَ ذلك فعلاً وقد لا تكون. قد تقول الصدق في ما تنقله وقد لا تقول. ولكنْ ليس هنا بيت القصيد. بيت القصيد أن نيّتك من جهة مَن تنقل الخبر بشأنه غير نقيّة. تقول ما تقوله عنه وقصدك أن تؤذيه في سمعته أن تضلّل الآخرين في شأنه. في مثل هذه الحال قد تكون صادقاً لكنك لا تكون في الحقّ. سيّان عندك، ساعتذاك، أن تقول الصدق أو أن تخترع كلاماً على سواك. ليس هذا ما يشغلك والحال هذه. ما يشغلك أنّك تريد به شرّاً لأنّك لا تحبّه. تكذب في شأنه عن انتقام أو عن حسد أو بقصد التضليل لأنّ هذا يرضي غروراً فيك. ما يجعل الكذب لديك فضيلة أو رذيلة ليس محدوداً بقولك الصدق أو عدمه بل بما تقصده في نفسك.يسوع، لما ساير التلميذَين في الطريق إلى عمواس تظاهر كأنّه منطلق إلى مكان أبعد. بتصرّفه، على هذا النحو، أرادهما أن يصرّا عليه أن يمكث معهما. أخفى قصده وقال غير ما في نيّته ولكنْ للخير. لذا لم يأتِ سيّئة. وأنت إن أردتَ أن تصلح ما بين اثنين، كل يقول شرّاً في صاحبه وقصدت أن تنقل لكل منهما عكس ما سمعتَه من رفيقه لتقرّب ما بينهما فإنّك تصنع حسناً. هذا قال عن ذاك إنّه يكرهه وأنت تقول له إنّه يحبّه. هذا يقول عن ذاك كلاماً جارحاً وأنت تقول له إنّ الكلام في شأنه طيِّب. فإذا غضضت عن السيّئات وقلتَ الطيِّبات، إذا ما أحسنت التقريب ما بينهما وجعلتهما ينسيان سوء التفاهم بينهما وأن ما يقال هو من محبّي السوء الذين ينقلون كلاماً مسيئاً ليباعدوا ما بين الصديق وصديقه فقد تكون في موقع مَن يمكن أن ينجح في إحداث مصالحة حقيقية ما بين الإثنين. فإذا ما قرنت ذلك بإعلام كل منهما أنّك لم تنقل رأيه في صاحبه بل ما كان يليق به أن يكون عليه فإنّك، إذ ذاك، تمتِّن علاقة ما بين شخصين كادت أن تتداعى. ربما أخفيت، ربما لم تنقل الكلام بصدق، ولكنّك رتّبت المشهد على نحو جعل قلب هذا ينعطف على قلب ذاك. وفي ذلك فضيلة لأنّه قيل "طوبى لصانعي السلام فإنّهم أبناء الله يدعون". وعلى عكس ذلك كثيرون يقولون الصدق ولكنْ في معرض الإساءة للغير وفي معرض التضليل.هؤلاء يكذبون على الحقّ ولو صدقوا. لذا لا تصدِّق مَن كان على عداوة بسواه. ولو أتاك بوقائع فإنّه يستعمل الوقائع باطلاً. وإذا ما خرجتْ من فيه كلمة صادقة أخرج معها كلمات كثيرةً كاذبة. هو فقط يستعمل الصدق لأنّه يوافق مراميه. لأنّه يريد أن يعطيك الانطباع بأنّه صادق ويتوخّى الحقّ في كل ما يقول. الشيطان هو سيّد الكاذبين على هذا الصعيد. يصدقك أحياناً ليكذبك، ليضلّلك. أهل السياسة والتجارة، بخاصة، في العالم، يتعاطون هذا المسرى. ذكاؤهم، بعامة، مركّز على الخداع. لا فرق لديهم أن يصدقوا أو أن يكذبوا. كلا الأمرين لديهم وسيلة الغرض منها الربح، تحقيق المكاسب تحريك الرأي العام في الاتجاه الذي يرغبون. لذلك أهل السياسة والاقتصاد يمكن أن يتحوّلوا ولكنْ لا بالضرورة، لأنّ ثمّة، ولو قلّةً، لها ضمير حيّ أقول يمكن أن يتحوّلوا إلى أبناء للشيطان. ميدان المال والسلطة هو الأمثل لعمل الشيطان. هناك مَن ينشغلون بمصير فرد أو جماعة صغيرة ويرومون أن يتسلّطوا عليها وهناك مَن ينشغلون بمصير أمّة أو أمم. إبليس يعمل هنا وهناك، على هذا الصعيد وعلى ذاك. لكن فنونه التضليلية تتفتّق بخاصة على صعيد مصير الأكثرين. لذا كان الكذب على الحقّ لدى بعض أهل السياسة والاقتصاد مرهفاً ذكياً خبيثاً. هؤلاء خبراء في الابتزاز والإرهاب كما هم خبراء في لعب دور الحمل. يهمّهم مظهرهم وصورة الناس عنهم. يعرفون جيداً أن يستغلوا الإعلام وأن يلعبوا على عواطف الناس. يعلمون أن يطلقوا الشعارات ويحرِّكوا الجماهير وأن يشوّهوا صورة خصومهم وسمعتهم. هؤلاء يصيرون أبناء الشيطان بامتياز. يصير لهم فكر الشيطان. يكونون في وضع يستطيع الشيطان معه أن يبثّهم فنوناً من الرياء والخباثة والضلال. كل هذا كذب على الحقّ. كل قوى الإنسان، في هكذا سياق، يتحوّل إلى أدوات للكذب ولا يعود لدى الأكثرين حدود أو محرّمات. هذا لأنّ المال يُسكر والسلطة تُسكر. ليس كهذين الأمرين يجعل الإنسان قريباً من تذوّق الألوهة بشرياً الألوهة المتمثّلة في السيطرة على حياة الشعوب ومصائرها. على أن بذرة الكذب على الحقّ كامنة في كل نفس.مَن كان عابداً لنفسه، لفكره، لهواه، فليس في الحقّ. وكذا مَن لم يكن محبّاً لله أولاً ولإخوته كنفسه. طالما الإنسان إلهُه نفسه وهواه عبادتُه فكل شيء لديه يصير مباحاً. إن لم يكن بذل النفس أساس سلّم الفضائل في مسرى العلاقة بالغير لديه فديدن الإنسان الرذائل. وأساس سلّم الرذائل هو مبدأ اللذّة. اللذّة تمسي الفضيلة لديه. همّه نشوة نفسه، أناه. أن يبدو عظيماً.. أن يقول الناس فيه حسناً. أن يكون الآخرون رهن بنانه. هنا تكمن الرؤية الداخلية لعاشق نفسه. الآخرون لديه أدوات برسم الاستعمال، لا فرق قلّة كانوا أم كثرة. الإحساس بالآخرين، إذ ذاك، يموت. يتحوّل الآخر لديه رقماً، حالةً، ملفّاً. أن يموتوا وأن يعيشوا سيّان لديه. المهم أن يحقّق حلمه، رؤيته. أن يدور الآخرون حوله حول ما يقول وما يفعل. لذا كان الكاذب على الحقّ قاتلاً أبداً. يلغي الآخرين بسهولة. وإن لم يلغهم في الفكر يلغيهم في الفعل. يتخلّص منهم بالدم البارد وفي إطار نظرية التضحية بالفرد خدمة للجماعة. يمتهن الكذب لدرجة أنّ كيانه كلّه يصير مشبعاً بالكذب. فيصير الكذب لديه هو الحقّ ويَسخر من الحقّ الحلال. يعتبره غباءً. لذا قيل الكذب ملح الرجال. كل هذه استعدادات كامنة في النفس الساقطة. فقط الظروف والوضعيات تنمي الكذب في النفس لتبلّغه منزلة رفيعة من الرياء والخباثة وتشييء الله والناس. أما بعد فالنقاوة هي أن تخرج من لولبية الكذب على الحقّ. حين تمسي عينك بسيطة، عينُك الداخلية، إذ ذاك تقيم في الحقّ. لذا فتّش عمّا في نفسك. رُمِ الخيرَ في كل ما تفعل. مظهرك لا يهمّ. إنسان القلب الخفيّ هو الأهم. هناك تلقى ربّك ناظراً. هناك تلقى الإنسان كلّه. بنقاوة القلب يتنقّى كل ما فيك. بذا تصدّق الحقّ، تصدّق الروحَ. المهم ألا تكذب على الله. الكذب على الحقّ كذب على الله. ومَن كذب على الله كان مصيره كحنانيا وسَفِّيرة اللذين اتفقا على تجربة روح الربّ فكانت النتيجة أن وقعا وماتا. خوف عظيم على جميع الكنيسة صار إثر ذلك. المهم أن يخاف كلٌّ الله، كلٌّ الحقّ. بدء الحكمة مخافة الله. هذه هي الدرب المفضية إلى الحكمة الحقّ التي تُعطَى من فوق للذين يتنقّون من الكذب على الحقّ. |
||||